المحاكم والمجالس القضائية
موضوع بعنوان :أركان جريمة خيانة الأمانة
الكاتب :آفاق المستقبل


شرح أركان جريمة خيانة الأمانة تتطلب عملية إثبات جريمة خيانة الأمانة توافر الركن المادي و الركن المعنوي و الركن الشرعي

أولا الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة عبر المشرع الجزائري في المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري عن الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة بقوله :
"كل من اختلس أو بدد بسوء نية أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراقا مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت التزاما أو إبراء لم تكن قد سلمت إليه إلا على سبيل الإجازة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو لأداء عمل بأجر أو بغير أجر بشرط ردها أو تقديمها أو لاستعمالها أو
لاستخدامها في عمل معين وذلك إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها يعد مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة ويعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 500 إلى 20.000 دج.
ويجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 وبالمنع من الإقامة وذلك لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر.
وكل ذلك دون الإخلال بما نصت عليه المادتين 158 و 159 المتعلقتان بسرقة النقود والأوراق التجارية والمستندات والاستيلاء عليها من المستودعات العمومية."

- و قد عبر المشرع بلفظي " اختلس أو بدد " إلى الفعل الذي تقوم به الجريمة، و أشار إلى موضوع خيانة الأمانة بأنه " أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراق مالية أو مخالصات أو أية
محررات أخرى " حيث بين من خلال نفس المادة بأن المال المنقول الذي يقع عليه الفعل الإجرامي يشترط فيه أن يكون مسلما للجاني بمقتضى عقد من عقود الأمانة المذكورة في النص.
و لذا سنتناول الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة في ثلاثة فروع و هي:
1 - الاختلاس و التبديد.
2 - محل الجريمة.
3 - تسليم الشيء.


الفرع الأول : الاختلاس و التبديد:
نتعرض من خلال هذا الفرع لصور الفعل المادي –الاختلاس و التبديد- التي حددها المشرع الجزائري في المادة 376 ق ع لكن قبل هذا يتعين الإشارة أولا إلى النظرية العامة للفعل الذي تقوم به جريمة خيانة الأمانة و ما يخرج عن نطاق الفعل الإجرامي [b]لهذه الجريمة.

الفعل الذي تقوم به جريمة خيانة الأمانة يتخذ صورتين، فقد يكون اختلاس أو تبديد، إلا أنهما يجتمعان في إطار نظرية عامة جوهرها فكرة " تغيير المتهم نوع حيازته " فالمتهم كان يحوز الشيء المملوك لغيره حيازة ناقصة يعترف فيها بحقوق المجني عليه و [b]يسلم له بسلطاته على الشيء، و يقر بأن ذلك الشيء موجود في حيازته بصورة مؤقتة كي يؤدي عليه أو بواسطته عملا معينا بتصريح من المجني عليه، و لكنه وجه إرادته إلى تغيير نوع حيازته إلى حيازة كاملة، فأنكر حقوق المجني عليه و جحد سلطاته على [b]الشيء، و قرر الاحتفاظ به لنفسه، سالكا إزاءه مسلك المالك. فجوهر الفعل الذي تقوم به خيانة الأمانة هو " إرادة تغيير نوع الحيازة من ناقصة إلى كاملة "

وتتمثل صور الفعل الإجرامي في خيانة الأمانة:
أولا – الاختلاس :
يتحقق الاختلاس بتغيير حيازة الشيء من حيازة مؤقتة و ناقصة إلى حيازة كاملة و دائمة بنية التملك دون سند قانوني. و قد استخدم المشرع لفظ "الاختلاس" في جريمتي السرقة و خيانة الأمانة و في جرائم أخرى، إلا أن مدلول الاختلاس في جريمة السرقة يختلف عنه في خيانة الأمانة.
فالاختلاس في السرقة هو نقل الشيء من حيازة مالكه أو حائزه إلى الحيازة الكاملة المطلقة للجاني دون رضاء المجني عليه، أما في جريمة خيانة الأمانة فإن الشيء يكون بين يدي الجاني بموجب عقد من عقود الأمانة فينقل إليه الحيازة الناقصة على الشيء، و يكون الاختلاس بذلك، كل فعل يعبر به الأمين عن إضافته الشيء إلى ملكه دون أن . يخرجه من حيازته 1

أبرز صور الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة:
- من أبرز صور الاختلاس أن ينكر المتهم وجود الشيء في حيازته كي يتخلص من التزامه برده و يحتفظ به لنفسه، و سواء في ذلك أن ينكر أنه سبق أن تسلم شيئا، و قد يصطحب ذلك بإنكار وجود العقد الذي يربط بينه و بين المجني عليه، و أن يعترف بوجود هذا العقد و لكن ينكر أنه تسلم شيئا بناء عليه، و يدخل في هذا المدلول أن يدعي أن الشيء قد هلك أو سرق كي يتخلص من التزامه برده.
- ومن أهم صور الاختلاس كذلك أن يصدر عن المتهم فعل يكشف عن نظرته إلى الشيء على أنه ملكه. مثال ذلك أن يؤتمن شخص على قطعة من القماش فيصنع لنفسه منها رداء، أو يستلم جهاز ما بغرض تصليحه فيرفض رده أو يعرضه للبيع، أو يؤتمن على سند فيطالب لنفسه بالحق الثابت به.
بعض التطبيقات العملية للاختلاس في جريمة خيانة الأمانة رفع أحد الورثة دعوى بإسمه شخصيا بناء على سند سلم إليه ليرفع بناء عليه دعوى بإسم الورثة جميعا و احتجاز المتهم العقد لنفسه بدون مقتضى و بغير أن يزعم لنفسه حقا في احتباسه.
وعلى هذا يمكننا أن نخلص إلى أن جريمة خيانة الأمانة تتحقق بكل فعل يدل على أن الأمين أعتبر المال الذي أؤتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف المالك، و لا يشترط لتحققها خروج المال بالفعل من حيازة الأمين –التبديد- بناء على التصرف الذي أوقعه.

ثانيا – التبديد :
التبديد يتحقق بفعل يخرج به الأمين الشيء الذي أؤتمن عليه من حيازته باستهلاكه أو [b]بالتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو المقايضة أو الرهن، مما يفقد المجني عليه الأمل في [b]استرداده، أو على الأقل يضعف إلى حد بعيد هذا الأمل. و هذا الفعل يكشف بجلاء عن [b]نية تغيير الحيازة

و التبديد قد يكون بتصرف قانوني كأن يبيع الأمين الشيء أؤتمن عليه أو يهبه إلى الغير أو يرهنه أو ينشىء عليه حق انتفاع. كما قد يتحقق التبديد بالتصرف المادي، سواء [b]كان تصرفا كليا أو جزئيا، لأن التصرف المادي في الشيء يكشف بجلاء عن إرادة تغيير [b]الحيازة و يعني التصرف الكلي إعدام الكيان المادي للشيء بحيث يختفي بالنسبة للمجني [b]عليه أو يصير غير صالح للغرض المعد له حسب تخصصه.
أما التصرف المادي الجزئي فيعني إدخال التعديل على الكيان المادي للشيء على نحو يؤدي إلى تشويهه و تغيير معالمه بحيث تنقص قيمته أو على الأقل تقل منفعته.
مثل الميكانيكي الذي يبيع السيارة المسلمة له للإصلاح، و كذا الموثق الذي يتخلى عن [b]الوثائق التي استلمها بصفته هذه.

و من أهم التطبيقات العملية للتبديد
- أن يؤتمن شخص على حيوان فيقتله، أو على كتب فيحرقها أو يتلفها، أو على بعض المواد الغذائية فيستهلكها (تصرف مادي كلي). وقد يؤتمن شخص على لوحة فنية فيمحو [b]توقيع من قام برسمها ليقلل بذلك من قيمتها، أو يؤتمن على كتاب فينزع منه بعض [b]صفحاته أو يؤتمن على سلعة فيضيف لها مادة ما تقلل من صلاحيتها و هذه تصرفات [b]مادية جزئية.
و في جميع الحالات نلاحظ بأن التبديد يتضمن الاختلاس و يزيد عليه، ذلك أن إخراج الشيء من حيازة الأمين نهائيا يعني أمرين:
-الأول أن الأمين قد غير حيازته [b]للشيء من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة، أي أن نية التملك قد توافرت عنه و هذا [b]هو الاختلاس،
- أما الأمر الثاني فهو أن الأمين قد تصرف في الشيء تصرف المالك في [b]ملكه بما يحول دون إمكان رده إلى صاحبه و هذا هو التبديد.


الفرع الثاني : محل الجريمة:
تفترض جريمة خيانة الأمانة أن يقع الفعل على منقول ذا قيمة مالية، و هذا واضح [b]في الأمثلة التي وردت في المادة ( 376 ) من قانون العقوبات و هي " أوراقا تجارية أو [b]نقودا أو بضائع أو أوراقا مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت أي [b]التزام أو إبراء....." و هي أمثلة لم يوردها المشرع على سبيل الحصر بدليل أنه أضاف[b]" أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت أي التزام أو إبراء "، بحيث نلاحظ بأن المشرع [b]لم يحدد الشروط المتطلبة في موضوع خيانة الأمانة، و إنما ذكر أمثلة لها، و من هذه [b]الأمثلة تستخلص الشروط التي يتطلبها المشرع فيه. و يقول المشرع في نفس المادة [b]" ذلك إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها....." الأمر الذي مفاده أن [b]المشرع يشترط في المال المنقول أن يكون مملوكا لغير المتهم.


1- يجب أن يكون موضوع خيانة الأمانة مالا ماديا:
يجب أن يكون موضوع خيانة الأمانة (محل الجريمة) ذو قيمة مادية و هذا الشرط تشترك فيه جريمة خيانة الأمانة مع جريمتي السرقة و النصب، فهذه الجرائم الثلاث يجمع بينها جامع وقوعها على نفس النوع من المال.
و المال هو كل شيء محلا لحق عيني و على وجه التحديد حق الملكية، و قد نصت [b]المادة 682 من القانون المدني على أنه " كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو [b]بحكم القانون يصلح أن يكون محلا للحقوق المالية ". و الأشياء التي تخرج عن التعامل [b]هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها، أما الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم [b]القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق.
و يلاحظ أنه تستوي صورة مادة الشيء، فلا تفرقة بين الأجسام الصلبة أو الغازات و السوائل فجميعها تصلح موضوعا لجريمة خيانة الأمانة. كما تصلح القوى و الطاقة، و [b]بصفة خاصة القوى الكهربائية موضوعا لجريمة خيانة الأمانة، و على ذلك إذا أودعت [b]لدى شخص بطارية مشحونة بالكهرباء فإستهلك جزء منها دون أن يكون مصرحا له بذلك [b]يرتكب جريمة خيانة الأمانة.
و لا ترد جريمة خيانة الأمانة على الحقوق. و إن كانت الأوراق المثبتة لها تصلح محلا للجريمة أيا كانت هذه الأوراق و مدى نصيبها من الصحة.

2- قيمة المال و مقداره:
يفهم من الأمثلة المذكورة في نص المادة 376 ق ع ج أنه من الواجب أن يكون للشيء المنقول قيمة مادية، فتبديد خطاب مثلا لا يتضمن التزاما أو إبراء لا يعد خيانة [b]أمانة حتى و لو كانت قيمته اعتبارية. و على العكس من هذا نجد بأن القانون المصري [b]يساوي بين قيمة الشيء و مقداره، أي يستوي أن يكون للمال صفة مادية أو أن تكون [b]قيمته معنوية فحسب.

3- يتساوى أن تكون حيازة المال مشروعة أم غير مشروعة:
يتساوى أن تكون حيازة المجني عليه للمال بسبب مشروع أم غير مشروع. فإذا ثبت للشيء صفة المال المنقول و سلم للجاني بعقد من عقود الأمانة، صلح أن يكون موضوعا [b]لجريمة خيانة الأمانة، و لو كانت حيازته بالنسبة للمجني عليه غير مشروعة. فمن يبدد [b]سلاحا يحمله صاحبه بدون رخصة أو مادة مخدرة أؤتمن عليها يعد خائنا للأمانة.

4- يجب أن يكون موضوع خيانة الأمانة منقولا:
يجب أن يكون الشيء موضوع خيانة الأمانة منقولا، و إن لم ينص المشرع على ذلك صراحة في المادة 376 من قانون العقوبات، و لكن هذا الشرط يستفاد ضمنيا من [b]أمرين: أولهما أن الأشياء التي ذكرتها المادة المذكورة على سبيل المثال كلها من [b]المنقولات و هذا من خلال قول المشرع " أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراقا [b]مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت أي التزام أو إبراء....."

- و ثانيهما أن أحكام السرقة و النصب و خيانة الأمانة لم يقصد بها سوى حماية المنقولات التي هي أكثر عرضة للضياع من العقارات، و هذا المعنى أظهر في حالة خيانة الأمانة [b]منه في حالتي السرقة و النصب، أما مالك العقار فهو في غير حاجة إلى الحماية التي [b]يسديها نص جريمة خيانة الأمانة بإعتبار أن له تتبع ماله الذي لا يمكن إخفاؤه عنه، و له كذلك إبطال التصرفات التي ترد عليه.
و التمييز بين المنقول و العقار هو من موضوعات القانون المدني و قد عرف العقار من خلال المادة 683 " كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف [b]فهو عقار..." و يستخلص من ذلك أن " كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول..."
- و مقتضى ذلك أن المنقول في اصطلاح القانون المدني كل شيء يمكن نقله من حيزه دون تلف، و قد بين بعد ذلك المشرع من خلال الفقرة الثانية من نفس المادة بأن "...المنقول [b]الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله يعتبر [b]عقارا بالتخصيص" إلا أن قانون العقوبات يتبنى فكرة أبسط في تحديد المنقول: فيعتبر [b]منقولا كل مال يمكن تغيير موضعه، أي يمكن رفعه من موضعه و جعله في موضع [b]آخر، سواء أصابه تلف بذلك أو لم يصبه، و لا يحول دون اعتبار المال منقولا، إن قابليته [b]للانتقال لم تتحقق له إلا بفعل المتهم الذي نقله من موضعه الذي كان ثابتا مستقرا فيه، و [b]يعني ذلك أن كون المال جزءا من عقار لا يحول دون اعتباره منقولا إذا تحقق انفصاله [b]عنه لأي سبب، فصار بذلك قابلا للحركة و الانتقال من موضع لآخر. فالأرض عقار بطبيعته، و هي على هذا النحو لا تصلح موضوعا للتبديد، و لكن الأتربة و الرمال و [b]المعادن و الأحجار التي تستخرج من الأرض تعتبر منقولات و تصلح موضوعا لجريمة [b]خيانة الأمانة، و النبات عقار بطبيعته مادامت جذوره ممتدة في باطن الأرض و لكن إذا [b]انفصل منه شيء، كثماره مثلا، فإنه يعتبر منقولا و يصلح موضوعا لخيانة الأمانة سواء [b]انفصل تلقائيا لنضوجه أو بتأثير الرياح أو بفعل شخص آخر.
أما العقارات فلا تكون محلا لخيانة الأمانة فلا يعد خائنا للأمانة المستأجر الذي لم يرفع يده عن الأرض بعد انقضاء مدة الإيجار في حين يعد منقولات في نظر القانون [b]الجزائي العقارات بالتخصيص كالجرارات مثلا و العقارات بحكم الاتصال إذا فصلت عن [b]المال الثابت كالأبواب و النوافذ.

و يصلح موضوعا لخيانة الأمانة أيضا كل سند يثبت حقا عينيا عقاريا.

- و قد نتساءل و نقول هل يصلح الإنسان أن يكون موضوعا لخيانة الأمانة ؟
و الإجابة أن الإنسان لا يصلح ليكون موضوعا لجريمة خيانة الأمانة، إذ أن صفة المال منتفية عنه، فالإنسان يصلح أن يكون صاحب الحق العيني و لكن لا يصلح أن يكون موضوعه. و يترتب على عدم صلاحية الإنسان موضوعا لخيانة الأمانة أن حقوقه [b]المرتبطة بشخصه كحريته أو عرضه أو شرفه لا تصلح موضوعا لخيانة الأمانة، إلا أن [b]نفي صفة المال على جسم الإنسان لا ينفي أن أعضائه الصناعية، كالشعر المستعار أو [b]الأسنان الصناعية أو الساق المعدنية صالحة لأن تكون موضوعا لخيانة الأمانة.

5- ينبغي أن يكون موضوع جريمة خيانة الأمانة مملوكا للغير:
يشترط أن يكون المال المنقول موضوع خيانة الأمانة مملوكا لغير المتهم، و هذا الشرط مستخلص من كون خيانة الأمانة إعتداء على حق الملكية، و هذا الاعتداء لا ينسب إلى المتهم ما لم يثبت أن المال الذي إنصب عليه فعله مملوكا لشخص سواه، أما إذا كان [b]مملوكا له أو غير مملوكا لأحد فهذا الاعتداء غير متصور. و قد أشار المشرع إلى هذا [b]الشرط ضمنيا بتطلبه أن يرتكب الفعل "...إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو [b]حائزيها و ذلك إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها...".
لهذا لا يمكن أن يعتبر خائنا للأمانة ذلك الشخص الذي تسلم شيئا بناء على عقد بيع أو مقايضة أو قرض ثم تصرف فيه حتى و لو أخل ببنود العقد.

الفرع الثالث - تسليم الشيء:
تفترض خيانة الأمانة تسلم الشيء و لا ترتكب الجريمة [b]إذا لم يحصل التسليم، و هكذا لا يعد مرتكبا لخيانة الأمانة المستأجر الذي يبيع القش الناتج [b]من الزراعة مع أنه ملزم باستعماله في تسميد الأرض لا لسبب إلا لأنه لم يستلم القش من [b]المؤجر.

و لكن لا يشترط أن يحصل التسليم بحركة مادية ينتقل بها الشيء يدا بيد من الضحية للمتهم فقد يحصل التسليم من شخص آخر كالوكيل أو الخادم أو موظف البريد.

و يجب أن يتم التسليم على سبيل الحيازة المؤقتة و يكون المسلم له ملزما برد أو تقديم الأشياء التي تسلمها إلى صاحبها، كما يتبين ذلك من طبيعة العقود التي وردت في [b]المادة 376 و كلها عقود أمانة و يشترط أن يتم التسليم بناء على عقد من عقود الأمانة [b]الواردة في المادة 376 على سبيل الحصر لذلك كان من الضروري إثراء هذا البحث [b]بالتعرض لهذه العقود بالدراسة المفصلة.

1- عقد الإيجار
[b]و الإيجار الذي يعنينا في خيانة الأمانة هو إيجار الأشياء، و على وجه الخصوص [b]إيجار المنقولات المادية. و المتعاقد الذي يتصور إرتكابه جريمة خيانة الأمانة هو [b]المستأجر.

و إلتزامات المستأجر المتولدة عن عقد الإيجار هي:
- الإلتزام بدفع الأجرة.
- الإلتزام بإستعمال العين المؤجرة فيما أعدت له.
- الإلتزام بالمحافظة على العين المؤجرة.
- الإلتزام بردها عينا. و هذا الأخير يهمنا في مجال خيانة الأمانة، و على ذلك فالمستأجر الذي يختلس أو يبدد المال المؤجر له يرتكب جريمة خيانة الأمانة.
متى يرتكب المستأجر جريمة خيانة الأمانة [b]إذا أخل المستأجر بإلتزاماته المترتبة على عقد الإيجار –و أيا كانت هذه الإلتزامات- [b]فإنه لا يرتكب جريمة خيانة الأمانة، و لكنه يرتكبها حين يستغل وجود الشيء في حيازته [b]الناقصة لكي يستولي عليه مدعيا ملكيته له أو على الأقل سالكا إزاءه مسلك المالك، و [b]يتخذ ذلك في العمل صورة إخلاله بإلتزامه برد الشيء المؤجر عينا. أما إذا أخل [b]المستأجر بأي إلتزام يفرضه عليه عقد الإيجار مثل امتناعه عن دفع الأجرة، أو استعمال [b]العين المؤجرة في غير ما أعدت له أو أهمل في المحافظة عليها حتى أصابتها أضرار أو [b]هلكت، فهو لا يرتكب خيانة الأمانة.

2- عقد الوديعة
مدلول الوديعة في خيانة الأمانة هو ذات مدلولها في القانون المدني و قد عرفت [b]المادة 590 من القانون المدني في قولها "الوديعة عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقولا [b]إلى المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدة و على أن يرده عينا "

إلتزامات المودع عنده و أثر تخلفها:
هناك إلتزامات ثلاث على عاتق المودع عنده هي:
-1 الالتزام بتسلم الشيء
-2 الإلتزام بحفظه
-3 الإلتزام برده عينا
و هذا الإلزام الأخير هو أهم الإلتزامات في تطبيق أحكام جريمة خيانة الأمانة ، ذلك [b]أن إرتكاب المودع عنده هذه الجريمة يتخذ صورة رفضه رد الشيء عينا.

و إذا تخلف أحد الإلتزامات الثلاث سالفة الذكر لم نكن بصدد عقد وديعة، و لم يكن بالتالي محل لإرتكاب خيانة الأمانة إستنادا إلى وجوده، فإذا لم يكن قد صدر تسليم من [b]صاحب الحق على الشيء لشخص آخر، فلا قيام لجريمة خيانة الأمانة بإستيلائه على ذلك [b]الشيء، و تطبيقا لذلك فإذا نسى ضيفا شيئا في بيت مضيفه فاستولى الأخير عليه، فهو لا [b]يسأل عن جريمة خيانة الأمانة و لكنه يسأل عن جريمة سرقة، و لا يشترط أن يكون [b]التسليم حقيقيا فيكفي أن يكون التسليم حكميا أو اعتباريا.

و أهم أمثلة للتسليم الحكمي أن يبقى المبيع في حيازة البائع على الرغم من انتقال ملكيته –بناء على عقد البيع- إلى المشتري، إذن يعتبر بقاؤه في حيازته على سبيل [b]الوديعة.

صور إرتكاب جريمة خيانة الأمانة في حالة الوديعة:
يفترض عقد الوديعة أن المودع عنده قد تسلم مالا من المودع و إلتزم بالمحافظة [b]عليه و رده عينا. و يرتكب المودع عنده جريمة خيانة الأمانة إذا استغل وجود الشيء في [b]حيازته، فاستولى عليه، معتديا على ملكية المودع، و جاحدا حقوقه عليه. و يتخذ فعل[b] المودع عنده صورة رفض رد الشيء دون مبرر قانوني، أو صورة تخصيصه لغرض [b]يتنافى مع حق المودع، كما لو سلم المودع عنده السند المودع لديه إلى خصم المودع.

- و على ذلك فإن جريمة المودع عنده لا تقوم بإخلاله بأي إلتزام تولد عن عقد الوديعة، و إنما تقوم إذا اتخذ إخلاله صورة الإعتداء على ملكية الشيء بإستلائه عليه، أما إذا إقتصر سلوكه على مجرد التقصير في المحافظة عليه، و لو أدى إلى هلاكه، أو استعمله أو سمح [b]لغيره بإستعماله أو تأخر في رده، فهو لا يسأل عن جريمة خيانة الأمانة [b]و جدير بالذكر أن المودع عنده لا يرتكب جريمة خيانة الأمانة إذا رفض الرد و كان [b]لرفضه المبرر القانوني، كما لو كان له حق حبس الشيء، لأن له في ذمة المودع دينا بناء [b]على الوديعة، كما لو أنفق على الشيء المودع لديه مصروفات أو أصيب بضرر من [b]جراء الوديعة، أو كان يستحق أجرا عنها. و له كذلك أن يمتنع عن رد الشيء إذا وقع [b]عليه حجز أو رفعت دعوى بإستحقاقه .
و يعتبر وجود المبرر القانوني بمثابة سبب [b]إباحة في صورة استعمال الحق، فيحول دون قيام الجريمة تطبيقا لنص المادة 39 من [b]قانون العقوبات. و لكن لا يجوز للمودع عنده أن يمتنع عن الرد محتجا بالمقاصة بين [b]إلتزامه بالرد و بين دين له في ذمة المودع، لأن المادة 299 من القانون المدني أسقطت [b]لمقاصة "... إذا كان أحد الدينين شيئا مودعا أو معارا للاستعمال و كان مطلوبا رده "


3- عقد الوكالة
و هو عقد يفوض بمقتضاه شخص (الموكل) شخص آخر (الوكيل) للقيام بعمل شيء [b]لحساب الموكل و بإسمه (المادة 571 قانون مدني).
و قد تكون الوكالة بأجر أو مجانا، تعاقدية أو بحكم القانون، صريحة أو ضمنية، و [b]ليس الغرض من النص على الوكالة معاقبة الوكيل على كل ما يصدر منه من التصرفات [b]إضرارا بالموكل و إنما الغرض معاقبة الوكيل إذا اختلس أو بدد الأموال التي استلمها[b]على ذمة الموكل.
- و هكذا فإذا كلف الوكيل ببيع أو شراء سلعة لحساب موكله فيبيع الشيء أو يشتري [b]السلع بأزيد أو أقل من ثمن المثل فإنه لا يعد مرتكبا لخيانة الأمانة، أما إذا تسلم الوكيل [b]نقودا لشراء شيء معين أو بيعه فيشتريه بثمن أقل و يحتفظ بباقي المبلغ فإنه يعد مرتكبا [b]لخيانة الأمانة لأنه اختلس الفرق بين ما تسلمه و ما أشترى به.
و يعد مختلسا الشريك إذا اختلس شيئا من رأسمال الشركة المسلمة له بصفته هذه لأن مال الشركة إنما سلم إليه بصفته وكيلا عن باقي الشركاء، كما يعد مبددا المحاسب الذي [b]يخصم مبلغا من أجور العمال و يختلسها لنفسه.

4 – عقد الرهن
و المقصود هو رهن الحيازة و يتمثل في قيام المدين بوضع المنقول المملوك له في [b]حيازة دائنه أو شخص آخر متفق عليه و ذلك تأمينا للدين (المادة 948 قانون مدني).
فإذا قام الدائن بالتصرف في المنقول المرهون لديه و بدده أم اختلسه يعد مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة، إذ يتعين عليه الاحتفاظ بالمنقول و رده للمدين في الوقت المتفق [b]عليه إذا ما وفى بالدين أما إذا لم يفي بتعهداته فيمكن للدائن في هذه الحالة التصرف في [b]المنقول بالبيع لقبض مبلغ الدين من ثمن البيع.
هل يجوز رهن شيك ؟ مبدئيا لا لأن الشيك أداة وفاء و ليس أداة قرض، و حتى إذا ما قبل الشيك على سبيل الرهن فلا جريمة إذا كما قدم الشيء للوفاء قبل الوقت المتفق [b]عليه.

5– عارية الاستعمال :
و هو عقد يلتزم بمقتضاه المعير بأن يسلم المستعير شيئا غير قابل للاستهلاك [b]ليستعمله بدون عوض لمدة معينة أو في غرض معين على أن يرده بعد الاستعمال (المادة [b]538 قانون مدني)، و هذا الحكم ينطبق على من يحتفظ بسيارة وظيفية بدون وجه حق بعد انتهاء عقد العمل.
- غير أن الشيء القابل للاستهلاك لا يصلح لعارية الاستعمال، و من هذا القبيل النقود، فلا يرتكب الجريمة من استعار مبلغا ماليا لشراء سيارة و امتنع فيما بعد عن رد ذلك [b]المبلغ.
و إذا كان موضوع عارية الاستعمال شيئا غير قابل للاستهلاك فلا يشترط أن يكون الشيء كذلك بطبيعته و إنما يكفي أن تنصرف إرادة المتعاقدين إلى رد الشيء بذاته و لو[b]كان مثليا، و من هذا القبيل النقود المتداولة النادرة النوع التي يساعيرها شخص لعرضها [b]في معرض.


6– عقد القيام بعمل :
و يقصد به من يتسلم شيئا للقيام بعمل مادي لمصلحة مالك الشيء أو غيره، و قد يكون العمل بمقابل فيكون العقد عقد مقاولة أو عقد عمل كالميكانيكي الذي يتسلم السيارة [b]لإصلاحها.
و قد يكون العمل بدون مقابل كالصديق الذي يتطوع لإصلاح سيارة صديقه، و في الحالتين يقع العامل الأجير أو المتبرع تحت طائلة المادة " 376 " من قانون العقوبات
[b]الجزائري إذا اختلس الشيء الذي أؤتمن عليه سواء اختلس الشيء كله أو جزء منه فقط.

- كما يرتكب خيانة الأمانة الناقل الذي يمتنع عن تسليم الشيء المسلم له في إطار عقد نقل (عقد القيام بعمل بأجرة)، و من تم لا يجوز له التحجج بحق الاحتجاز.

7 – مسألة العقود المركبة :
ظهرت أشكال حديثة للعقود، و هي العقود المركبة التي يثار التساؤل بشأنها حول ما [b]إذا كانت عقود أمانة. فما هي هذه العقود؟
(الأمر رقم 96 ): المؤرخ في 6 -1 -1996 عقد الاعتماد الإيجاري شبيه بعقد الاعتماد و لكنه يختلف عنه في حقيقة الأمر، و هو عقد إيجار مصحوب بوعد [b]بيع أحادي الجانب لصالح المستأجر (يبقى العتاد ملكا لصاحبه).

ثانيا : الركن المعنوي
يمثل الركن المعنوي الرابطة النفسية بين الفاعل والفعل الذي وقع من حيث موقف الفاعل من النتيجة المحظورة قانوناً وهل كان يريدها ويرغب تحقيقها أم لم يكن يريدها ، وفي حالة عدم انصراف إرادته إلى تحقيق تلك النتيجة أو هل كان سيقبلها بعد وقوعها أم لا وأن كان يقبلها فهل كان يتوقع حصولها .
المنظم يعاقب على الجرائم المقصودة وقد يعاقب عليها أيضا ولو كانت غير مقصودة قد يعاقب في القليل النادر على الجرائم المادية التي تقوم على ادني ركن معنوي الركن المعنوي يعني قيام القصد الجنائي بمعني قيام الأمين بخيانة الأمانة مع علمه بأن يخالف النظام ويعرضه لعقوبة أي توافر العلم والإدارة لخيانة الأمانة.
[b]-
خيانة الأمانة من الجرائم العمدية التي يتطلب فيها القانون وجود قصد عام يتمثل في اتجاه إرادة المتهم و انصرافها لارتكاب الجريمة بكامل أركانها عن علم و إدراك.
و إلى جانب القصد العام يشترط قصد خاص يتمثل في نية المتهم في التملك و حرمان مالك المال الحقيقي منه، و قد عبر المشرع عن ذلك بقوله: "بسوء النية"، أما مجرد التأخر في رد الشيء المؤجر فقد قضي بشأنه في فرنسا بأنه لا يشكل بالضرورة اختلاسا أو تبديدا.
-والركن المعنوي لجريمة خيانة الأمانة يعني تعمد الجاني تغير حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة أي التصرف في الأمانة التي بين يديه كما لو كان ملكاً له ، مع علمه بأن حيازته لها حيازة ناقصة مؤقتة بناء على ضرر محقق أو محتمل فلتحقق الركن المعنوي يجب أن تتوافر ما يلي :
1-أن يكون الأمين وقت تصرفه عالماً وقت حيازته للشئ المؤتمن عليه حيازة مؤقتة بناء على عقد من عقود الأمانة.
2- أن يقصد الأمين من تصرفه تغير الحيازة من ناقصة إلى كاملة، أي أن يتصرف في الشئ المؤتمن عليه كأنه ملكا خالصا له.
3-علم الأمين بأن تصرفه يترتب عليه ضرر محقق أو محتمل ولا يشترط أن ينصرف إرادته إلى أحداث ضرر بل يكفي أن يكون الضرر بطبيعته محتملاً ولو لم يقصد ولم يتوقعه فقصد الأضرار غير لازم.

3- الركن الشرعي : لفرع الأول: العقوبات:
أ-العقوبات الأصلية:
تعاقب المادة 376 من ق ع ج على جريمة خيانة الأمانة بالحبس [b]من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة مالية من 500 إلى 20000 دج.

ب-العقوبات التكميلية:
و هي نفس العقوبات المقررة في جريمة السرقة و تتمثل في الحرمان من الحقوق الوطنية و المنع من الإقامة لمدة سنة 01 على الأقل و خمس 05 سنوات على الأكثر، و هي عقوبات جوازية.
و تجدر الإشارة إلى أنه لا يتصور الشروع في خيانة الأمانة.

الفرع الثاني: الظروف المشددة و الأعذار المخففة:
أ-الظروف المشددة: نص القانون على أربعة ظروف مشددة لجريمة خيانة الأمانة و هي:
ظرف خاص بصفة الجاني: إذا كان الجاني سمسارا أو وسيطا أو مستشارا محترفا أو محرر العقود عندما يتعلق الأمر بثمن الشراء أو البيع أو حوالة إيجار: يرفع الحد الأقصى
لعقوبتي الحبس و الغرامة فيصبح الحبس من ( 03 ) أشهر إلى ( 10 ) سنوات و الغرامة من 500 إلى 200000 دج (المادة 378 ق ع ج).
- و تكون العقوبة السجن من( 10 ) إلى ( 20 ) سنة عندما يتعلق الأمر بالأمين العمومي الذي يبدد الوثائق المودعة لديه في مستودع عمومي (المادة 158 ق ع ج).

ظرف خاص بالوسائل المستعملة:
إذا لجأ الجاني إلى الجمهور، يرفع الحد الأقصى  للعقوبة لتصبح الحبس من ( 03 ) أشهر إلى ( 10 ) سنوات و غرامة من 500 إلى [b]200000 دج [b]المادة 178
ظرف خاص بصفة المجني عليه:
إذا كان المجني عليه الدولة أو إحدى المؤسسات التابعة لها:
تكون عقوبة الحبس من سنتين إلى ( 10 ) سنوات (المادة 182 مكرر).


ب-الأعذار القانونية:
نصت المادة 377 على الأعذار القانونية و أحالت إلى المادتين368 و 369 المتعلقتين بالإعفاءات و القيود الخاصة بمباشرة الدعوى العمومي المقررة [b]لجريمة السرقة و تطبيقا لذلك لا يعاقب على جريمة النصب التي تتم من الأصول إضرارا [b]بفروعهم و من الفروع إضرارا بأصولهم و من أحد الزوجين إضرار بالزوج الآخر، و[b]تشترط شكوى الطرف المضرور بالنسبة للجريمة التي تقع بين الأقارب و الحواشي و [b]أصهار لغاية الدرجة الرابعة.

خاتمة :
أوجه التشابه و الاختلاف بين خيانة الأمانة السرقة والنصب.

تتمثل خيانة الأمانة في الاختلاس أو التبديد غشا لأشياء مسلمة للفاعل مع التزامه بالرد أو التقديم أو استعمالها أو استخدامها في عمل معين.
- ويوجد ثمة توازن بين الجرائم الثلاث فالسرقة تتمثل بالقبض عن غش لشئ مملوك للغير أي تملك الشئ ضد إرادة الحائز الشرعي بينما تفترض خيانة الأمانة خلافا لذلك أن يضع الجانح يده بطريقة شرعية على الشئ فهم لم يستعمل لا القوة و لا الحيلة ليستولي عليه وعلى ذلك فان خيانة الأمانة تمثل إجراما أقل خطورة من السرقة لكون الجانح يثبت ضعفه أكثر من إثباته للإصرار أو التحدي في التنفيذ فالمالك ينسب إليه عدم الحذر في اختياره لمتعامل معه خائن وقد استنتج المشرع من هذه أنه يجب أن تكون العقوبة أقل جسامة من عقوبة السرقة.

- من جهة أخرى تختلف خيانة الأمانة عن النصب لكون التسليم للشئ تم عن إرادة صحيحة من المالك وليس تبعا لإحدى الوسائل الاحتيالية المعاقب عليها في المادة372 فالتسليم في خيانة الأمانة سابق للغش و لا صلة بينهما وهذا أيضا فان تصرف الخائن أقل خطورة من تصرف النصاب.

- وبغض النظر عن هذه الاختلافات الواقعية من جهة القانون و الإجرام فالسرقة والنصب وخيانة الأمانة يجمع بينهم كونهم جرائم تتمثل في الاستحواذ عن غش لملكية الغير وعلى ذلك نص المشرع على تطبيق بعض القواعد القانونية عليهم معا ومثال ذلك المادتان 368 و369 المتعلقتان بالأعذار المعفية والقيود الواردة على تحريك الدعوى العمومية في بعض الحالات وكذا القواعد المتعلقة بالعود في الجرائم.

المصدر المحاكم والمجالس القضائية