المحاكم والمجالس القضائية
موضوع بعنوان :العقوبات المقررة للشخص المعنوي
الكاتب :درع العدل الجزائري


شرح :
في فقرتها الأولى على عقوبة الغرامة كذلك ، وأضافت الفقرة الثانية منها إمكانية الحكم بمصادرة الشئ الذي إستعمل في إرتكاب الجريمة ، دون أن يبين طبيعة عقوبة المصادرة في هذه الحالة واكتفى فقط ببيان أنها عقوبة جوازية ، وهو ما يجعلنا نميل إلى القول بأن العقوبة الأصلية في مواد المخالفات هي الغرامة أيضا ، و طالما أن المشرع لم يبين كيفية تنفيذ عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص المعنوي فهي تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها قانونا ، ولكن يطرح التساؤل إذا ما إمتنع الشخص المعنوي عن تنفيذها وطالما أنه لا يمكن أن يحكم عليه بالإكراه البدني ، فما مصير الغرامة المحكوم بها لاسيما إذا تم إفلاس الشخص المعنوي ولم يعد من الممكن التنفيذ عليه وفقا للطرق العادية ؟

العقوبات التكميلية :
تتعلق هذه العقوبات دائما بالجنايات والجنح فقط وتتمثل حسب المـــادة 18 مكــرر فقرة2 فيما يلي :
-حل الشخص الاعتباري : أي وقف نشاطه وهي العقوبة التي يعتبرها الكثير من الفقهاء بمثابة عقوبة الإعدام بالنسبة للشخص المعنوي
-غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز 5 سنوات أي وقف نشاط المؤسسة او احد فروعها مؤقتا لمدة لا تتعدى 5 سنوات .
-الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 5 سنوات .
- المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو إجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز 5 سنوات .
-مصادرة الشئ الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها .
-نشر وتعليق حكم الإدانة .
-الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة لا تتجاوز 5 سنوات وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته .
ولكن ما يلاحظ على هذه العقوبات حتى بعد أن حدد المشرع طبيعتها بجعلها عقوبات تكميلية هو غموضها بحيث لم يبين طبيعة نظامها أي ما إذا كانت إجبارية أم جوازية ، وإن كان ما يظهر من صياغة المادة هو أنها إجبارية وجوازية في ذات الوقت لأنه يجوز للقاضي أن يختار واحدة أو أكثر منها بحسب طبيعة الجريمة المرتكبة وما يراه مناسبا وهو أيضا ملزم بذلك بحيث لا يمكنه أن لا يحكم بأي واحدة منها ، كما نلاحظ أيضا أن المشرع لم يبين كيفية تطبيق هذه العقوبات مما يجعلها بدون جدوى.

-إذن يمكن أن نستخلص مما سبق بأن المشرع قد قسم العقوبات المقررة للشخص المعنوي في الجنايات والجنح إلى عقوبات أصلية وأخرى تكميلية ،أما في المخالفات فقد نص على عقوبة الغرامة التي نميل إلى القول بأنها عقوبة أصلية إلى جانب عقوبة المصادرة كعقوبة جوازية وهو ما يدفعنا إلى القول بأن المشرع حتى بعد التعديل الأخير لقانون العقوبات الذي وسع من خلاله دائرة التجريم والعقاب بالنسبة للشخص المعنوي أين أصبح يسأل تقريبا عن كل الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات ما عدا تلك المتعلقة بالإعتداء على الأشخاص ، وكذلك الأمر بالنسبة لأغلب الجرائم المنصوص عليها في القوانين الخاصة كقانون مكافحة التهريب ، وقانون الوقاية من المخدرات .....، إلا أنه بالرغم من ذلك لازالت العقوبات المقررة للشخص المعنوي مشوبة بالعديد من النقائص منها انه لم يبين طبيعة العقوبات المقررة في المخالفات صراحة وهو ما نرجو استدراكه .

سلم العقوبات المقررة للشخص المعنوي
بالرجوع إلى المواد 18 مكرر ، 18 مكرر1 ، 18 مكرر2 من ق.ع يتبين لنا بأن المشرع قد وضع سلما عاما لعقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي سواء في الجنايات أو الجنح أو المخالفات حيث نصت المادة 18 مكرر من ق.ع في فقرتها الأولى والمتعلقة بالجنايات والجنح على الغرامة التي تساوي من مرة إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة ، وهو نفس ما نصت عليه المادة 18 مكرر1 من ق.ع المتعلقة بالمخالفات ونلاحظ بذلك بأن المشرع قد ربط عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي بعقوبة الغرامة المقررة في حالة ارتكاب الجريمة من طرف شخص طبيعي ، وهذا يعني حسب رأينا الخاص بأن المشرع قد اعتمد ضمنيا سلم العقوبات الأصلية الذي أقره للشخص الطبيعي فيما يخص الغرامة أي أن المعيار الذي اعتمده هو طبيعة وجسامة الجريمة المرتكبة ، بحيث تحدد عقوبة الغرامة للشخص المعنوي المدان من أجل ارتكاب جناية بتلك المنصوص عليها إذا ارتكب الجناية شخص طبيعي وكذلك الأمر بالنسبة للجنح والمخالفات وهو ما يؤكد وجود تدرج في تحديد سلم العقوبات المقررة للشخص المعنوي بحسب جسامة الجريمة ، وإن كان الظاهر غير ذلك ، وإن كان هذا السلم مرتبط بسلم تحديد الغرامات للشخص الطبيعي وهي المسألة التي كانت تطرح إشكالا قبل تعديل قانون العقوبات في 20/12/2006 حيث كان السؤال المطروح كيف يقدر القاضي مقدار الغرامة في الحالات التي لا ينص فيها القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي لا سيما في الجنايات والجنح مع قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي طبقا للمادة 51 مكرر من ق.ع ؟

وقد أجابت على هذا السؤال المادة 18 مكرر2 من ق.ع
نص المادة 18 مكرر 2 : (جديدة)
عندما لا ينص القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للأشخاص الطبيعيين سواء في الجنايات أو الجنح، وقامت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي طبقا لأحكام المادة 51 مكرر، فإن الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي يكون كالآتي :
- 2.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد،
- 1.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت،
- 500.000 دج بالنسبة للجنحة.

شرح :
بعد صدور القانون رقم 06/23 وذلك بنصها على أن الحد الأقصى للغرامة الذي اعتمد عليه المشرع لحساب حدي الغرامة المقررة للشخص المعنوي يكون كالآتي :
2.000.000 -دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
1.000.000 -دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت .
500.000 -دج بالنسبة للجنحة .

أي في هذه الأحوال تحسب الغرامة ويكون حدها الأدنى مرة من الحد المبين في المادة 18 مكــــرر 2 من ق.ع
أي 2.000.000 دج وحدها الأقصى هو 5 مرات من هذا الحد أي 10.000.000 دج في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد مثلا .
وفي كل الأحوال يكون القاضي من الناحية العملية ملزم بالقيام بعمليات حسابية معقدة لتحديد الغرامة المقررة للشخص المعنوي لاسيما في الحالة التي تكون فيها مرتبطة بعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي حيث يكون عليه أولا تحديد الغرامة المقررة لهذا الأخير بعد رفع مبالغها وفقا المادة 467 مكرر من ق.ع ثم تحديدها بالنسبة للشخص المعنوي بناءا على ذلك ، ولكن في الواقع هذه المسألة تتطلب أخذ ها بعين الإعتبار عند طبع قانون العقوبات وفقا للتعديلات الأخيرة التي طرأت عليه بموجب القانون رقم 06/23 ، وذلك بتكريس هذه الغرامات في النصوص التي تجرم الأفعال وتعاقب عليها في حد ذاتها .