logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





look/images/icons/i1.gif بحث حول جريمة خيانة الأمانة
  29-11-2014 09:05 مساءً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1154
المشاركات : 315
الجنس :
قوة السمعة : 180
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص
الفصل الثاني - الجرائم الملحقة بجريمة خيانة الأمانة
و يتعلق الأمر بالجرائم الآتي ذكرها التي ن تناولها في ثلاثة مطالب : خيانة الأمانة في الأوراق الموقعة على بياض، سرقة المستندات المقدمة إلى المحكمة أو الامتناع عن إعادة تقديمها، استغلال القصر.
المبحث الأول - خيانة الأمانة في الأوراق الموقعة على بياض:
و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 381 من قانون العقوبات.
و الواقع أن خيانة الأمانة في الأوراق الموقعة على بياض على النحو المبين في المادة 381 لا تخرج عن أن تكون تزويرا ماديا بطريق اصطناع السند أو المحرر.
المطلب الأول - أركان الجريمة:
يتطلب قيام هذه الجريمة توافر الشروط الآتية: وجود ورقة موقعة على بياض، تسليم الورقة إلى الجاني على سبيل الأمانة، فعل الحيانة، سوء القصد.
أ-ورقة موقعة على بياض:
لا يشترط لتحقيق الجريمة أن تكون الورقة خالية بالمرة من كل كتابة فوق الإمضاء، بل تتحقق الجريمة أيضا بملء بعض الفراغ، الذي ترك قصدا لملئه فيما بعد، بكتابة يترتب عليها حصول ضرر لصاحب التوقيع. و لكن يشترط أن يكون الفراغ قد ترك ليملأ فيما بعد، أما إذا انتهز الجاني فرصة فراغ بين السطور أو في أواخرها، لم يقصد تركه ليملأ فيما بعد، فملأه بكتابة ضارة، فمثل هذا الفعل يعد تزويرا.
و من جهة أخرى، لا تعد ورقة موقعا عليها على بياض بمفهوم المادة 381 توقيع شخص على ورقة دون أن يقصد ملء ما فوق التوقيع فيما بعد ببيانات معينة، كتوقيع شخص على دفتر أحد هواة جمع الإمضاءات.
ب-تسليم الورقة على سبيل الأمانة:
يشترط لقيام الجريمة أن تكون الورقة الموقعة على بياض قد سلمت إلى الجاني من قبل صاحب التوقيع.
و الأصل أن يكون التسليم يدا بيد، أما إذا كان الجاني قد تحصل على الورقة من شخص آخر فإن ملء الورقة في هذه الحالة يعد تزويرا.
كما قضي بأن اختطاف الورقة الممضاة على بياض يعد تزويرا في محرر عرفي، و هو نفس الحكم الذي طبق على اختلاس الورقة الموقعة على بياض.
و يشترط كذلك أن يكون تسليم الورقة على سبيل الأمانة، أما إذا كانت قد سلمت على سبيل الحيازة العارضة أو على سبيل الحيازة النهائية فإن المستلم لا يرتكب هذه الجريمة و إنما يرتكب بملئه الفراغ جريمة تزوير، كما سبق القول، و لكن إذا روعي أن تسليم الورقة كان على سبيل الأمانة فإنه لا يحول دون تطبيق المادة 381 أن يكون الجاني قد تسلم الورقة بناء على طرق احتيالية و تسليم الورقة واقعة مادية تثبت بكافة طرق الإثبات.
ج-فعل الخيانة:
هو الركن المادي في الجريمة بينته المادة 381 بقولها "خان أمانتها بأن حرر عليها زورا التزاما أو إبراء منه أو أي تصرف آخر يمكن أن يعرض شخص الموقع أو ذمته المالية للضرر" .
و في هذا ما يدل بوضوح على أن النص يتناول بالعقاب كل من يكتب فوق التوقيع كتابة يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو لماله أو يكون من شأنها الإضرار به سواء كان هذا الضرر ماديا أو أدبيا، محققا أو محتملا فقط، كما هي الحال تماما بالنسبة إلى ركن الضرر في جريمة التزوير، مع فارق واحد هو أن الضرر أو احتماله هنا يجب أن يكون واقعا على صاحب التوقيع ذاته لا على غيره.
د-القصد الجنائي :
يتوفر القصد الجنائي بعلم الجاني أن ما يكتبه فوق التوقيع يخالف ما عهد إليه به، و أن هذه الكتابة تضر بصاحب التوقيع أو من شأنها الإضرار به.
و لا يشترط أن يكون العلم بالضرر واقعيا أو فعليا بل يكفي أن يكون علما فرضيا،و يجب أن يكون القصد الجنائي متوفرا وقت التحرير.
المطلب الثاني - العقوبات:
أ-العقوبات الأصلية:
تعاقب المادة 381 على خيانة الأمانة في الأوراق الموقعة على بياض بالحبس من سنة على الأقل إى خمس سنوات على الأكثر و بغرامة مالية من 1.000 دج إلى 50.000 دج.
و في الحالة التي لا تكون الورقة الموقعة على بياض قد عهد بها إلى الجاني تتخذ ضده الإجراءات الجزائية بوصفه مزورا و يعاقب بالعقوبات المقررة للتزوير.

- مسألة استعمال الورقة بعد ملئها: لم ينص القانون على عقوبة استعمال الورقة بعد ملئها، و قد جرى القضاء الفرنسي على خيانة الأمانة في الورقة الموقعة على بياض لا تتكون فقط من اصطناع الكتابة فوق الإمضاء، و إنما تتكون أيضا من استعمال هذه الكتابة المصطنعة، و استعمال الورقة يجدد الجريمة، و يترتب على ذلك أن سريان تقادم الجريمة يبدأ من يوم آخر استعمال للورقة.

كما قضي في مصر بأن من يستعمل الورقة مع العلم بحقيقتها يعاقب و لو لم يشترك في اصطناعها، و قد علق الأستاذ محمود محمود مصطفى على هذا القضاء بقوله أنه "
يخالف قاعدة – لا جريمة و لا عقوبة بغير نص – فالمشرع لم ينص على عقوبة الاستعمال و لذلك فإن الاستعمال لا عقاب عليه.
ب-العقوبات التكميلية:
يجوز الحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية، كما هي محصورة في المادة 08 ، و بالمنع من الإقامة، و ذلك من سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر.
المبحث الثاني - سرقة السندات المقدمة للمحكمة أو الامتناع عن إعادة تقديمها:
و هي الجريمة المنصوص و المعاقب عليها في المادة 382 ق ع، و تعد هذه الجريمة جريمة من نوع خاص، و لولا النص عليها صراحة أمكن معاقبة مالك الورقة إذا اختلسها بعد تقديمها للمحكمة، و قد أريد بالنص عليها إلزام الخصوم سلوك سبيل الذمة و الأمانة في الخصومات القضائية و التنبيه أن السندات و الأوراق التي يقدمها كل منهم للمحكمة تصبح حقا شائعا للفريقين يسوغ للخصم الآخر أن يعتمد عليها في إثبات حقوقه.
المطلب الأول - أركان الجريمة:
تقوم الجريمة بتوافر الأركان الآتية: أن يكون محل الاختلاس سندا أو ورقة، أن تكون هذه الورقة قد قدمت أو سلمت للمحكمة حال التحقيق في قضية بها، اختلاس الورقة، القصد الجنائي.
أ-محل الجريمة:
يجب أن يكون محل الجريمة سندا أو ورقة أو مذكرة، و تشمل هذه العبارات جميع الأوراق التي يتداولها الخصوم أثناء نظر القضية بما فيها الشهادات الطبية و تقارير الخبراء، و إلى غير ذلك.
و قد قضي في مصر بأن هذه الجريمة تنطبق على من يسرق من ملف دعوى مذكرة، تتضمن دفاعه هن نفسه، قدمها للمحكمة ثم سرقها ليبدلها بغيرها.
و يجب أن تكون للورقة فائدة، و النص ينطبق مهما كانت ضآلة هذه الفائدة، غير أنه لا ينطبق إذا كان المودع شيئا آخر غير الأوراق.
ب-تقديم الورقة للمحكمة:
يجب أن يكون الجاني قد قدم الورقة أو سلمها للمحكمة، فيكفي أن تكون الورقة قدمت للمحكمة و لو لم تودع ملف القضية، فإذا امتنع بعد ذلك مقدمها عن تقديمها للمحكمة عند طلبها كان مرتكبا للجريمة.
و يرى الفقهاء الفرنسيون في تعليل ذلك أن الورقة التي تقدم مرة للمحكمة تصبح حقا شائعا لطرفي الخصومة، فإذا بقيت بعد ذلك في يد من قدمها فإنها تبقى معه على سبيل الأمانة، و لهذا كان لوضع المادة 382 في باب خيانة الأمانة ما يبرره.
و يجب أن تقدم الورقة للمحكمة بمناسبة خصومة، و لكن لا يشترط أن تقم الورقة أثناء الجلسة للقاضي يدا بيد، فيصح تقديمها لكتابة الضبط أو للقاضي في غير الجلسة، و سواء كانت المحكمة جزائية أو مدنية أو تجارية أو محكمة إدارية.
و يسري النص على اختلاس الأوراق التي تسلم للشرطة أو للنيابة أو قاضي التحقيق أو السلطات الإدارية، فالنص صريح في وجوب تقديم الورقة في منازعة إدارية أو قضائية.
ج-الفعل المادي: يأخذ الفعل المادي صورتين:
الاختلاس و الامتناع عن إعادة التقديم.
-1 الاختلاس:
و يصد به استيلاء الجاني على الورقة بعد أن خرجت من حيازته و يجب أن يقع الاختلاس من مقدم الورقة، فإذا وقع من الخصم الآخر أو من شخص أجنبي فافعل يعد سرقة عادية إذا توافرت شروطها، و إذا وقع الاختلاس من الموظف المكلف بحفظ أوراق القضية فإنه يعاقب حسب الحالة بناء على نص المادة 120 أو المادة 379 من قانون العقوبات.
-2 الامتناع عن إعادة تقديم الورقة:
و يقصد به الحالة التي يقدم فيها الجاني ورقة أو سندا إلى المحكمة فتردها له بعد الإطلاع عليها أو إطلاع خصومه عليها، و عندما تطلب منه إعادة تقديمها يمتنع عن ذلك.
د-القصد الجنائي:
يتوفر القصد الجنائي بانصراف قصد الجاني إلى إبعاد الورقة من ملف الدعوى و حرمان الخصم الآخر من الاستفادة بها، فينتفي القصد الجنائي لديه إذا قصد بالاختلاس أو الامتناع عن إعادة تقديم الورقة مجرد الانتفاع بالورقة ثم ردها ثانية، أو كان يعتقد أن الورقة لا فائدة منها.
المطلب الثاني - العقوبات:
تعاقب المادة 382 ق ع على هذه الجريمة بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة مالية من 100 دج إلى 1.000 دج.
و كانت المادة 409 من قانون العقوبات الفرنسي قبل إصلاحه، تنص على أن الذي يتولى الفصل في هذه الجريمة هو نفس المحكمة القائمة أمامها الدعوى التي قدمت فيها الورقة المختلسة، فالجريمة في القانون الفرنسي شبيهة بجرائم الجلسات.
غير أن المشرع الجزائري لم يأخذ بهذا الحكم، و مع ذلك يجوز للمحكمة، طبقا للقواعد العامة، أن تحرك الدعوى و تحكم فيها إذا وقعت السرقة في الجلسة عملا بأحكام المواد 567 إلى 571 من قانون الإجراءات الجزائية، و هذا قاصر على المحاكم الجزائية دون المحاكم الأخرى.
المبحث الثالث – جريمة استغلال القصر:
و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 380 ق ع. و ضعت المادة 380 في القسم الخاص بخيانة الأمانة للصلة التي تربطها بهذه الجريمة، فجريمة انتهاز احتياج القاصر التي تنص عليها هذه المادة تنم عن غش و خداع، كما فيها معنى الإخلال بالثقة المودعة لدى الجاني.
و يقصد بهذه الجريمة حماية القاصر من شر من يستغلون ضعفه و احتياجه، و تأتي هذه الحماية لتدعيم حماية القانون المدني الذي جعل مثل هذا الفعل سببا من أسباب بطلان التعاقد.
المطلب الأول - أركان الجريمة:
تتكون هذه الجريمة من ركن مادي و ركن معنوي.
أ-الركن المادي:
يتكون هذا الركن من العناصر الآتية: أن يكون المجني عليه قاصرا، قيام المجني عليه بتصرف يشغل ذمته المالية، استغلال احتياج أو ضعف أو هوى نفس المجني عليه، الإضرار بالقاصر.
-1 المجني عليه قاصر: يجب أن يكون المجني عليه قاصرا، و القاصر هنا هو كل شخص ذكرا كان أم أنثى، لم يبلغ سن الرشد كما هي محددة في المادة 40 من القانون المدني، أي 19 سنة.
و لا يحمي نص المادة 380 سوى القصر دون غيرهم من العاجزين كالمحجور عليهم لسفه أو عته أو جنون.
-2 التصرف الذي يشغل الذمة المالية للقاصر: و يقصد به أساسا سندات الدين التي يحررها المجني عليه على نفسه للجاني أو لغيره بمبلغ من النقود أو بشيء من المنقولات، و السندات التي يقرض بها المجني عليه الجاني أو غيره النقود أو المنقولات، و كذلك السندات التي يحررها القاصر على نفسه بما يفيد التخالص من دين له في ذمة الغير، و السندات التي بمقتضاها يحول لغيره ورقة تجارية ككمبيالة أو سند تحت الإذن أو سهم في شركة، و ما إلى ذلك من السندات الملزمة للقاصر و الضارة بمصلحته المالية.
و ما يلاحظ هنا هو أن المشرع الجزائري لم يحصر هذه التصرفات بل وسع منها لتشمل كل التصرفات التي تشغل الذمة المالية للقاصر.
و هكذا، و على سبيل، تطبق المادة 380 على التاجر الذي ينتهز فرصة احتياج القاصر أو ضعفه أو عدم خبرته و يبيعه عقارا أو منقولا بثمن يزيد كثيرا عن ثمن المثل و يحصل منه بذلك على سند أو شيك بالثمن، كما تطبق على المرأة التي تنتهز ضعف قاصر أو هوى نفسه و تحصل منه على هدية لا تتفق مع ثروته.
-3 الاستغلال: يجب أن يكون الجاني قد استغل احتياج القاصر أو ميله أو هوى نفسه أوعدم خبرته، فإذا لم يكن المجني عليه وقت التسليم أو التعاقد واقعا تحت تأثير شيء من
ذلك أو ثبت أن المتهم لم يستغل الضعف أو الاحتياج أو عدم الخبرة لفائدته فلا جريمة، و لقاضي الموضوع مطلق السلطة في تقدير ذلك.
و قد قضى في فرنسا بأن لا دخل لعلم المجني عليه بالاستغلال، و لا دخل لرضائه عنه في قيام الجريمة، ذلك أن القانون يرمي من حلال هذا التجريم حماية المصلحة العامة.
و يشترط لقيام الجريمة حصول المجني عليه على فائدة و قد غبر القانون عن ذلك بقوله: "و اختلس منه" و الأصح هو "و تحصل منه على" .
-4 الضرر: و هو عنصر أساسي في الجريمة و قد نص عليه القانون صراحخة في المادة 380 ق ع، فلا جريمة إذا لم يحصل للقاصر أي ضرر.
و لتقدير الضرر ينظر إلى وقت التعاقد، فلا يؤثر على قيام الجريمة ما قد يطأ بعد ذلك مما يؤدي إلى محو الضرر أو غنم للقاصر، كرد الجاني ما اقترضه أو إبراؤه القاصر مما عاد عليه بربح.
كذلك لا تنتفي الجريمة بكون القاصر في إمكانه أن يطلب إبطال التعهد، فاحتمال عدم المطالبة بذلك يجعل الضرر محتملا وقت ارتكاب الجريمة، و في هذا ما يكفي لتوافر شرط الضرر.
ب-القصد الجنائي:
يتوفر القصد الجنائي متى أقدم الجاني على الفعل عالما بظروفه قاصدا الحصول على فائدة غير مشروعة لنفسه أو لغيره، و هذا يقتضي أن يكون الفاعل عالما بسن المجني عليه أو بأنه لم يبلغ سن الرشد. و لكن القانون يفترض في هذه الجريمة علم المتهم بسن المجني عليه الحقيقية، و لا يسقط هذا الافتراض إلا إذا أثبت المتهم أنه سلك كل سبيل لمعرفة السن الحقيقية و أن أسبابا أو ظروفا استثنائية هي التي حالت دون ذلك.
المطلب الثاني - العقوبات:
تعاقب المادة 380 على الجريمة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 دج إلى 10.000 دج .
و تشدد العقوبة على المربي فتكون العقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات و الغرامة من 1.000 دج إلى 15.000 دج إذا كان المجني عليه موضوعا تحت رعاية الجاني أو رقابته أو سلطته.
و في جميع الحالات يجوز أن يحكم أيضا على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية، كما هي محصورة في نص المادة 8 ق ع، و بالمنع من الإقامة، و ذلك لمدة سنة على الأقل و خمس سنوات على الأكثر.
- أما الشروع، فلا عقاب عليه لعدم النص عليه في المادة 380
المبحث الرابع – التمييز بين جريمة خيانة الأمانة و جريمة السرقة:
04 1982 لعام - إن المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري المعدلة بالقانون رقم 82 عرفت فعل السرقة بأنه إختلاس شيء مملوك للغير. و ذلك حين نصت على أن
" كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا...".
و معنى ذلك أن السارق في جريمة السرقة يقوم من تلقاء نفسه بالاستيلاء على مال الغير خلسة بقصد تملكه. و بدون علم و لا موافقة مالكه. على عكس جريمة خيانة الأمانة
التي تقوم على اختلاس مال الغير خلسة. و إنما تنشأ و تقوم نتيجة لقيام عقد من عقود الائتمان المحددة في القانون على سبيل الحصر. و تبعا لتسليم سابق للمال من المؤمن إلى المؤتمن طواعية و برضاء تام قبل نشوء الجريمة. و ذلك بغرض حفظ هذا المال أو إستعماله. أو بقصد استصلاحه و رده أو لغير ذلك من الأسباب.
و يظهر الفرق أو التمييز بين وقائع جريمة السرقة و جريمة خيانة الأمانة جليا و واضحا في كون المال محل الجريمة في السرقة يختلس و ينتزع من مالكه أو حائزه خفية أوعنوة. و كون المال موضوع الجريمة في خيانة الأمانة يسلم تسليما حقيقيا من الضحية إلى المتهم وفقا لعقد من العقود الائتمانية الوارد ذكرها في القانون. و هو ما يجع فعل السرقة جريمة معاقب عليها بمجرد ثبوت اختلاس مال الغير أو انتزاعه عنوة. و أنه لا يجعل من تسليم المال جريمة خيانة الأمانة إلا بعد ثبوت خيانة الأمين لأمانته و تحويل أو تبديد المال المسلم إليه وفقا لأحد عقود الائتمان المذكورة في المادة 376 من قانون العقوبات على سبيل الحصر.
و خلاصة القول في مجال التمييز بين جريمة السرقة و جريمة خيانة الأمانة هو أن السرقة تتمثل في نزع مال الغير و الاستيلاء عليه خلسة أو عنوة و بطرق العنف بقصد تملكه و نقل حيازته الكاملة من صاحبه إلى سارقه. و إن خيانة الأمانة تتمثل في تسليم المال أو الشيء من مالكه أو حائزه إلى المتهم طواعية و بكل رضاء. بقصد حفظه أو الانتفاع به مؤقتا ضمن حيازة ناقصة ثم استرجاعه، فإذا بالمؤتمن يقوم بالتصرف فيه بتبديده أو استهلاكه أو بتحويل ملكيته عمدا.
و بهذا المعنى أحذت محكمة النقض الفرنسية في قضية تدعى قضية بورناط حيث قالت: أنه لا سرقة إذا كان الشيء قد سلمه الضحية إلى المتهم برضائه أو اختياريا.
و إنما السرقة هي أن يختلس المتهم الشيء اختلاسا. أي من صاحبه و يأخذه أخذا دون رضاه و دون علمه. 1
1- خيانة الأمانة في التشريعات العربية- الأستاذ حسن البغال ص 66
خاتمة
بالنظر إلى كل ما تقدم ذكره في هذا الموضوع نجد أن المشرع أعتبر جريمة خيانة الأمانة من قبيل الجرائم الواقعة على الأموال، حيث تمثلت أركانها في الركن المادي و ما ينطوي عليه من صور الفعل الإجرامي المتمثلة في الاختلاس و التبديد ثم محل الجريمة و تسليم الشيء على أساس عقد من عقود الأمانة، و الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي العام القائم على العلم و الإرادة و الركن الشرعي المتمثل في النصوص القانونية التي تجرم الفعل و تحدد له عقوبة تتناسب مع جسامته و هي في الأصل عبارة تتمثل في الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة مالية من 500 إلى 20000 دج و يجوز أن يحرم الجاني من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية و المنع من الإقامة لمدة سنة على الأقل و خمس ( 05 ) سنوات على الأكثر.
غير أنه و كما فعل في المرات السابقة فقد أقر المشرع ظروف مشددة تصل العقوبة بتوفرها إلى الحبس لمدة عشر ( 10 ) سنوات و الغرامة المالية 200.000 دج و بالرغم من اجتهاد المشرع في مجال القضاء على الثغرات القانونية بتعديل النصوص القانونية بما يتناسب مع تفشي الجريمة داخل المجتمع و ذلك بتشديد العقوبات في جرائم الأموال، إلا أن واقعنا المعاش يثبت عدم تمكن المشرع من ردع الجريمة إذ نلاحظ أن جرائم الأموال و من بينها جريمة خيانة الأمانة، في ارتفاع مستمر، و لأن العبث بالائتمان الخاص أمر يهدد العلاقات الخاصة و يقضي على روح التعامل بين الناس في ثقة و اطمئنان.
فالمصلحة الاجتماعية في حماية هذا الائتمان أصبحت جوهرية و تدعو إلى ضرورة دق ناقوس الخطر و قيام المشرع بإجراءات قانونية ايجابية تدفعنا خطوة إلى الأمام في طريق الإصلاح و الإحساس بخطورة تفشي جرائم الأموال بصفة عامة و جريمة خيانة الأمانة بصفة خاصة، حيث أصبحت من السلوكيات اليومية و العادية داخل المجتمع، و من هنا لا بد من الإصلاح و إعادة هيكلة جهاز العدالة خصوصا و إدراج رقابة للتقليل من هذه الجرائم.
المراجع
1) القرآن الكريم.
2) صحيح مسلم.
3) قانون العقوبات الجزائري-الطبعة الخامسة عن الديوان الوطني للأشغال التربوية 2007
4) القانون المدني الجزائري-الطبعة الرابعة عن الديوان الوطني للأشغال التربوية 2005
5) جرائم التزوير و خيانة الأمانة و استعمال المزور للأستاذ عبد العزيز سعد –دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع- طبعة 2006
6) جريمة خيانة الأمانة و الجرائم الملحقة بها للأستاذ عدلي خليل-دار الكتب القانونية-طبعة 2000
7) البراءة و الإدانة في جرائم النصب و خيانة الأمانة و الشيك بدون رصيد للأستاذ إبراهيم سيد أحمد .. –مكتبة كوميت- طبعة 2001
8) جرائم خيانة الأمانة للأستاذ عبد الحميد المنشاوي –دار الفكر الجامعي الاسكندرية- طبعة 2005
9) جرائم الاحتيال و النصب و خيانة الأمانة و الشيك و ألعاب القمار للأستاذ عبد الحكيم فودة – دار محمود للنشر و التوزيع- طبعة 2005
10) جريمة خيانة الأمانة في ضوء القضاء و الفقه –منشأ المعارف الاسكندرية- طبعة 2003
11) الوجيز في القانون الجزائي الخاص الجزء الأول للدكتور أحسن بوسقيعة -دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – طبعة 2006



الساعة الآن 11:52 AM