المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t1293
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

الخبرة القضائية في القانون الجزائري
litounia 03-02-2013 07:42 مساءً
مهنة الخبرة القضائية
حسب التشريع الجزائري

تعريف الخبير القضائي
تنظيم مهنة الخبير القضائي
إجراءات تعيين الخبير القضائي

نبذة تاريخية:
ضرورة في بلوغ الحقيقة و تحقيق العدالة اقتضى من جهاز القضاء تكليف أشخاص مختصين لإبداء رأي تقني في مسألة معروضة، و يكون هذا الرأي في غالبيته أساس الحكم أمام القضاء العادي أو الإداري.
أن الدولة و منذ الاستقلال أولت أهمية لدور الخبير كعون القضاء فقد نظم قانون الإجراءات المدنية القديم الصادر في 1966/06/08 موضوع الخبرة في الباب الثالث من إجراءات التحقيق في الدعوى أمام المحكمة و وردت في مواده من 47 إلى المادة 55 مكرر
أما في المواد الجزائية فقد نظم قانون الإجراءات الجزائية الصادر في 1966/06/08 المعدل و المتمم و الساري المفعول موضوع الخبرة في القسم التاسع من الفصل الأول من الباب الثالث المتعلق بجهات التحقيق و وردت في المواد من 143 إلى المادة 156
وبنفس تاريخ صدور قانون الإجراءات المدنية و الجزائية أي 1966/06/08 صدر قرار عن وزير العدل يحدد بموجبه كيفية التسجيل أو الشطب من قائمة الخبراء القضائيين، و تم إلغاءه ضمنا بالمرسوم التنفيذي 95/310 المؤرخ في 1995/10/10 المحدد لشروط التسجيل في قوائم الخبراء القضائيين و كيفيته كما يحدد حقوقهم و واجباتهم و أن هذا المرسوم لا يختلف في مجمله عن محتوى قرار وزير العدل الصادر في 1966 باستثناء ما أحدث في المرسوم من جواز تسجيل أشخاص معنوية كخبراء قضائيين.
أما قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الساري المفعول منذ 24 افريل 2009 فان المشرع نظم موضوع الخبرة القضائية في القسم الثامن من الفصل الثامن من إجراءات التحقيق في مواده من 125 إلى المادة 145
والملاحظ أن محتوى المواد القانونية التي تحكم الخبير الواردة في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد هي تدوين لمسائل كانت معمول بها ميدانيا في ظل التقنين الإجراءات المدنية السابق بما فيه من اجتهادات للمحكمة العليا فيما يتعلق بضبط تعريف مهمة الخبير القضائي و هو ما أكدته حاليا المادة 125 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
إن دور الخبرة القضائية في حسم النزاع القائم بين الأشخاص و نهايتها بالمصادقة على تقرير الخبير بموجب أحكام قضائية تحوز قوة الشيء المقضي فيه، قد تقلب موازين الحق إن لم نضبطها و نحسن استعمال هذه الوسيلة التي تنير الحق أو تنسفه و بالتالي كانا من واجبنا في هذا البحث أن نطرح التساؤلات التالية :
- هل الخبراء القضائيين المعينين مختصين فعلا في المسائل المعروضة عليهم؟
- هل النائب العام و جمعية القضاة مؤهلين لاختيار الخبراء ؟
- هل يحسن قضاة الحكم أو التحقيق اختيار الخبير المناسب في المكان المناسب للمنازعة المناسبة ؟
- هل يجوز ممارسة الخبير القضائي المعتمد لمهامه بهذه الصفة خارج حالات التعيين من الجهات القضائية ؟
للجواب عن هذه الأسئلة و غيرها اقتضى منا البحث عن الخبرة القضائية على ضوء قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد و المرسوم 95 / 310 المؤرخ في 1995/101/10 المحدد لشروط التسجيل في قوائم الخبراء القضائيين و كيفياته، كما يحدد حقوقهم و واجباتهم .
تعريف الخبير القضائي:
الخبير القضائي هو شخص طبيعي أو معنوي معتمد من المجالس القضائية و المعين من طرف القاضي بغية منح رأي تقني أو علمي لواقعة مادية.
ويظهر من التعريف السابق المستنبط من المادة 125 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و المرسوم 310/95
أن الخبرة القضائية تخص رأي تقني أو علمي أولا و مقصورة على واقعة مادية ثانية، بينما الأصح في نظرنا أن الخبرة تتعلق برأي تقني الذي هو أدق و مميز عن الرأي العلمي العام، إذ أن الرأي العلمي يشمل جميع التخصصات بما فيهم القانون لهذا نرى أن المشرع الفرنسي في المواد من 232 إلى 284 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي تكلم صراحة و خاطب التقني و ليس العلمي لان التقني أدق و أما العلمي فهو عام يشمل جميع العلوم و بالتالي نرى ضرورة تعديل التعريف الوارد في المادة 125 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية بحذف عبارة علمي
كما نرى من جهة ثانية أن المشرع الجزائري في المادة 125 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية عند تعريفه للخبرة قد أخطأ لما تكلم عن محل الخبرة القضائية و وصفها بأنها واقعة مادية في حين أن هناك قضايا تطرح على المحاكم و يعين فيها خبير يفحص فيها واقعة غير مادية كتعيين طبيب نفساني في قضايا الحجر المطروحة على قسم شؤون الأسرة على مستوى المحاكم.
وبتالي نرى حذف كلمة مادية
وقد تفادى المشرع الجزائري الوقوع في هذه الأخطاء في الموضوع الجزائي، ففي المادة 143 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية لا نجد تعريف للخبرة القضائية، لكن أكد في مواده 143, 146 , 149, 152, 155, 156 أن الخبرة القضائية تتعلق بالنظر في مسألة تقنية
technique الذي تم ترجمتها إلي العربية فوردت كلمة فني و الأدق تقني لتعلقه بالعلوم الدقيقة.
تنظيم مهنة الخبير القضائي:
تعيين الخبير القضائي:
لا يتم تسجيل الخبير القضائي في قائمة الخبراء إلا بعد مرور ملف طلب تسجيل الشخص الطبيعي أو المعنوي المراحل التالية :
-1شروط قبول طلب تسجيل الشخص الطبيعي:
حدد المرسوم 310/95 المتعلق بالخبراء القضائيين في مادته 11 شروط قبول طلب ممارسة الخبرة القضائية و هي:
أ‌ أن يكون طالب الاعتماد ذو جنسية جزائرية و يستوي أن تكون أصلية أو مكتسبة كما يجوز قبول خبراء من جنسية أجنبية بشرط وجود اتفاقية دولية ثنائية أو متعددة الإطراف تسمح بذلك
ب‌ أن تكون له شهادة جامعية أو تأهيل مهني في الاختصاص المراد العمل فيه، فلا يثار إشكال في الشهادات الجامعية لكن قد يصعب أو يستحيل للنيابة العامة و هم أشخاص درسوا و عملوا في القانون أن نكلفهم بدراسة ملفات تحتوي على شهادات مهنية لتخصصات تقنية متعددة و معقدة، فكيف يمكن لقضاة المجلس أن يتمكنوا من فحص و اختيار خبراء حاصلين على شهادات من مؤسسات عامة أو خاصة تثبت كفاءتهم في تخصص معين ؟
وعليه نرى استبعاد التأهيل المهني لاعتبار أن الجزائر حاليا يخرج من جامعاتها الآلاف من التقنيين منذ سنوات و لهم من الخبرة ما يؤهلهم لطلب التسجيل في قائمة الخبراء القضائيين بدلا من فتح باب التأهيل المهني الذي أضحي في واقعنا هي قاعدة دخل منها كل من هب و دب .
ونرى من جهة أخري أنه من التناقض أن تقر القوانين التي تحكم المنظمات المهنية (الموثقين،المحضرين،المحامين،الأطباء،الصيادلة،المهندسين المعماريين.) شرط حصول المعني المراد تسجيله في المهنة على شهادة جامعية فقط بينما نجد أن المرسوم المنظم لمهنة الخبير القضائي - و ما اخطر ما يقوم به - يجيز للأشخاص الحاملين على تأهيل مهني دون شهادة جامعية طلب تسجيل في قائمة الخبراء القضائيين لهذا نجد الكثير منهم لم يحصلوا علي شهادات جامعية و قد لا نستغرب إذا وجدنا من بينهم من لم يدرس حتى في الثانوية فيعتمد كخبير على أساس شهادات تثبت عمله في ميدان معين فيقوم بعمل أو يعطي رأي تقني يكون أساس الحكم الذي يقضي في الحقوق ؟
وعليه و تحقيقا للعدالة و إنصافا لحقوق الأشخاص أن نختار المتحصل على شهادة جامعية ( ليسانس أو مهندس دولة) و أن نلغي شرط التأهيل المهني تماشيا مع التشريع الخاص بالمهن المقننة.
ج أن لا يكون طالب التسجيل في قائمة الخبراء قد تعرض لعقوبة نهائية لارتكابه وقائع مخلة بالآداب العامة و الشرف .
د أن لا يكون طالب التسجيل قد حكم علية بالإفلاس و التسوية القضائية نتيجة ممارسة أعمال تجارية.
ه أن لا يكون ممن عزلوا بصفتهم ضابط عمومي كالموثق أو محاميا شطب اسمه أو موظف عزل بسبب ارتكاب وقائع مخلة بالآداب العامة و الشرف.
م أن لا يكون محل منع بموجب حكم قضائي من ممارسة المهنة المتخصص فيها .
ن أن يكون له خبرة سبع سنوات في اختصاص التقني المراد التسجيل فيه.
ي أن يكون معتمد من طرف السلطة و هي الوزارة في بعض الحالات أو الهيئة التنظيمية كالنقابات المهنية التابعة للاختصاص المراد التسجيل فيه.

والملاحظ بالنسبة للشرط ج و هـ المتعلق بعدم تعرض المرشح لقائمة الخبراء لحكم جزائي متعلق بالآداب العامة و الشرف فهو شرط ضيق جدا و لا يكفي بل نرى و جوب اشتراط عدم تعرض الخبير لأي حكم إدانة في مادة الجنح أو الجنايات المعاقب عليها بقانون العقوبات أو بالقوانين الخاصة ذلك أن الخبير القضائي يبت في مسالة تقنية يتوقف عليها الحكم في منازعة قضائية، فيخشى أن يرجح طرف عن طرف أخر و يكون من المغامرة تعيين شخص قد تعرض مثلا للحكم في قضايا الرشوة أو جرائم الأموال الأخرى و التي لا محالة يتعرض لها الخبير عند أداء مهامه.
كما نعتبر أن إدراج الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من المرسوم 310/95 مهنة المحامين آو الضباط العموميين لا محل له باعتبارهم ممن دارسوا القانون و عملوا فيه بينما الخبراء هم تقنيون و بالتالي لا نرى مجال لإقحام هذه المهن و استبداله بعدم تعرض المرشح لقائمة الخبراء للشطب من القائمة المعتمدة من طرف الهيئة الوصية على اختصاصه
-2 شروط قبول طلب تسجيل الشخص المعنوي :
أجاز المرسوم 310/95 للشخص المعنوي التقدم بطلب التسجيل في قائمة الخبراء و اشترط في المسيرين الاجتماعيين الشروط التي يلتزم بها الشخص الطبيعي و المحددة في الفقرة ج و د و هـ أي عدم التعرض لعقوبة مخلة بالشرف و الآداب و أن لا يكون قد تعرض لإفلاس و تسوية قضائية، أن لا يكون ضابط عمومي أو محاسبا أو موظفا خلع أو عزل أو شطب اسمه مع إضافة شرط إقامة الشخص المعنوي أو احد فروعه في دائرة اختصاص المجلس القضائي و لا نرى أي مبرر معقول لتقليص شروط بالنسبة للمسيرين للشخص المعنوي مقارنة بالشخص الطبيعي لاسيما حصوله على شهادة جامعية و اعتماده من طرف الهيئة الوصية بل يتضارب مع القوانين التي تنظم المهن إذ لا يعقل لشخص طبيعي لم يتحصل علي شهادة جامعية في الهندسة المعمارية مثلا أو رفض اعتماده كمهندس معماري من طرف المنظمة المهنية ثم يقبل كخبير قضائي إذا تقدم كمسير اجتماعي لشركة تجارية و يصدق القول عند تقليص الخبرة بخمس سنوات بدل من سبع سنوات بل ما نراه ضروري اشتراط نفس الشروط الملزمة للشخص الطبيعي و تعميمها على كل موظف معين من الشخص المعنوي مكلف بإعداد الخبرة باعتبار أن أعمال الخبرة شخصية طبقا للمادة 12 من ذات المرسوم .
تعيين خبير غير مقيد في القائمة :
تعين خبير غير مقيد أمام القاضي المدني و الإداري:
أنه بالرجوع إلى الشريعة العامة في إجراءات التقاضي نرى أن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية أعطى للقاضي صلاحية تعيين خبير من بين المقيدين في قائمة الخبراء المعتمدين من طرف المجلس القضائي أو الاستعانة بالخبراء الغير مقيدين بشرط أداءهم اليمين أمام القاضي الذي عينهم مع إيداع محضر أداء اليمين بملف القضية طبقا للمادة 131 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فمقصد المشرع هو تحقيق العدالة فقط إذ انه في واقعنا، نجد خبراء و أساتذة من تخصص معين في الطب مثلا يشهد لهم الوطني و الأجنبي بالكفاءة و الأمانة لكنهم غير مقيدين بجدول الخبراء القضائيين لأسباب تخصهم، فالقاضي الذي يريد تحقيق العدالة بكافة معانيها أن يعين هذا الخبير الغير مقيد و قد طالعتنا الصحف الوطنية سنة 2009، استعانة الغرفة الجزائية لمجلس قضاء قسنطينة بأستاذ الدكتور في جراحة طب الأطفال في قضية ضحايا الخطأ الطبي في عملية الختان .
لكن بالرجوع للمرسوم التنفيذي 310/95 المؤرخ في 1995/10/11 فإن الفقرة الأخيرة من المادة 2 منه تخالف تماما ما ورد في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية إذ منعت القاضي من اللجوء إلى الخبير الغير مقيد في قائمة الخبراء القضائيين إلا في حالة الضرورة و نعقب على ذلك بما يلي :
شكلا : أن النص التنظيمي صادر في ضل قانون الإجراءات القديم و الذي كان يعتبر صراحة في مادته 431 أن اللجوء إلى الخبير الغير مقيد في القائمة إجراء استثنائي و عليه يكون نص المادة 131 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد الصادر في 2008/04/24 قد ألغى ضمنيا نص المادة 2 من المرسوم 310/95 .
موضوعا : أن مسالة كيفية اللجوء إلى الخبير هي من إجراءات التحقيق التي تدخل في صميم العمل القضائي و انه لا يمكن لنص تنظيمي أن يتدخل لإقرار أحكام إجرائية و إن فعل فقد تجاوز حدود اختصاصه بالتشريع،إذ يتقيد النص التنظيمي المعني على تحديد شروط تعيين الخبير القضائي و تحديد حقوقه و واجباته مع إجراءات تأديبه.
تعين خبير غير مقيد أمام القاضي الجزائي:
بينما نجد قانون الإجراءات الجزائية قيد قاض التحقيق و قاضي الحكم باللجوء استثناءا للخبير الغير مقيد في جدول المعتمد لدى مجلس قضاء بصريح الفقرة الثالثة من المادة 144 من قانون الإجراءات الجزائية و ألزمت القاضي بتسبيب لجوءه إلى تعيين خبير غير مقيد و من الأسباب الشائعة انعدام وجود خبير في القائمة المعتمدة متخصص في المسالة التقنية المعروضة على القاضي .
ويخضع الخبير المختار خارج الجدول إلى أداء اليمين أمام القاضي الذي عينه و يحرر محضر لذلك طبقا للفقرة الرابعة من المادة 145 من قانون الإجراءات الجزائية و يودعه بملف القضية .
إجراءات تعيين الخبير القضائي:
يتقدم المرشح لتسجيل في قائمة الخبراء القضائيين طلبه إلى النائب العام للمجلس القضائي مع إرفاقه بالوثائق الذي تثبت استجابته للشروط المحددة في المادة 4 من المرسوم 310/95 إذا كان شخص طبيعي، و للشروط المحددة في المادة 5 من المرسوم 310/95 إذا كان شخص معنوي مع تحديد التخصص المراد العمل فيه و إثبات الوسائل المادية إذا كان لذلك مفاد، فيقوم النائب العام بفتح تحقيق إداري حول المرشح ينفذه أعوان الأمن.
للشخص الطبيعي أن يقدم الطلب أمام النائب العام بمجلس القضاء و يشترط تقديم الطلب أما المجلس القضائي لموطن إقامته المعتاد، أما الشخص المعنوي فهو ملزم بتقديم الطلب أمام النائب العام للمجلس القضائي الذي يوجد فيه مقره أو احد فروع تخصص الشخص المعنوي المقدم الطلب عليه.
يحيل النائب العام الملف أو الملفات على رئيس المجلس القضائي الذي يستدعى الجمعية العامة لقضاة العاملين على مستوى المجلس و المحاكم التابعين له و إعداد قائمة الخبراء حسب التخصص في اجل شهرين على الأقل قبل نهاية السنة القضائية ( أي شهرين قبل 31 جويلية من كل سنة )
إن سكوت النص التنظيمي على تحديد دور جمعية القضاة، فنرى أن استدعاء أي جمعية هو من اجل اتخاذ قرارات بالأغلبية فينطبق عليها أحكام الجمعيات العامة و بالتالي فلجمعية القضاة الحق في قبول أو رفض بعض الملفات التي يطرح أمامها .

وبعد ضبط قائمة الخبراء من طرف الجمعية العامة لقضاة المجلس يتم إرسال القائمة إلى وزير العدل ليوافق عليها طبقا للمادة 2 و المادة 8 من المرسوم التنفيذي 310/95 بمعنى أخر أن لوزير العدل حق رفض بعض أو كل قائمة معدة من طرف الجمعية العامة لقضاة المجلس، و نرى أن إعطاء صلاحية الموافقة لوزير العدل هي من بين الصور الرسمية التي تؤكد تدخل الهيئة الإدارية في أعمال السلطة القضائية .
وبعد موافقة وزير العدل على القائمة يؤدي الخبراء القضائيين اليمين حسب الصيغة الواردة في المادة 145 من قانون الإجراءات الجزائية وهي
اقسم بالله العظيم بأن أقوم بأداء مهمتي كخبير على خير وجه وبكل إخلاص و أن ابدي رأي بكل نزاهة و استقلال.
ويتم إعداد محضر أداء اليمين يوقعه كل خبير و الكاتب و رئيس المجلس القضائي و لا يجدد أداء اليمين مادام الخبير لم تنهى مهامه لعارض و يحفظ المحضر في أرشيف المجلس القضائي كما يؤدي اليمين الخبير الغير مقيد بالجدول أمام القاضي الذي عينه و يوقع على المحضر الخبير مع القاضي و يحفظ في ملف القضية طبقا للمادة 131 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية مع الإشارة أن الخبير الغير مقيد ملزم بأداء اليمين في كل قضية عين فيها.
حقوق و واجبات الخبير القضائي:
حقوق الخبير القضائي:
يضمن القانون للخبير القضائي حقوق لأداء مهامه دون أي مضايقة أو تأثير و من الحقوق المقررة للخبير القضائي هي:
- يقوم النائب العام بحماية و مساعدة الخبير القضائي متى طلب منه ذلك .
- يحق للخبير رفض أداء الخبرة حسب الأسباب المذكورة في المادة 11 من الرسوم التنفيذي 310/95 و طبقا للمادة 132 من قانون إجراءات المدنية و الإدارية .
- يتقاضى الخبير الأتعاب و المصاريف بعد انجاز الخبرة و يتم تحددها من طرف القاضي الذي عينه.
- معاقبة كل من يهين أو يتعدى على الخبير القضائي أثناء ممارسة مهامه طبقا للمواد 144 و 148 من قانون العقوبات.
واجبات الخبير القضائي :
يقع على الخبير القضائي جملة من الالتزامات القانونية التي تترتب عن مخالفتها عقوبة إدارية دون نسيان حق كل ذي مصلحة متابعة الخبير أمام القضاء الجزائي أو المدني و من الواجبات المقررة عليه قانونا:
- قيام الخبير بأعمال الخبرة بنفسه فلا يجوز تكليف غيره للقيام بها مهما كانت الظروف و هو المسؤول عن ما توصل إليه من نتائج طبقا للمادة 12 من المرسوم التنفيذي 310/95 و قد ورد استثناء علي هذه القاعدة في المادة الجزائية دون المنازعة المدنية و الإدارية، فقد أجازت فعلا المادة 149 من قانون الإجراءات الجزائية، أن يستعين الخبير بعد موافقة القاضي الذي عينه بتقنين (فنيين) ليس من تخصصه للاستنارة بهم و يحلف هؤلاء التقنيون (الفنيون) اليمين و يحرروا تقريرا عن عملهم يرفق بتقرير الخبير.
- حفظ الوثائق التي أسندت إليه بمناسبة الخبرة و إرفاقها بتقرير الخبرة طبقا للمادة 13 من المرسوم التنفيذي 310/95 .
يمنع على الخبير تلقي مكافئة أو أتعاب من الأطراف مباشرة بل له أن يطلب من القاضي الذي عينه التسبيق إن وجد مبرر لذلك، و إن تلقي الخبير مكافئة من أطراف النزاع أو من الغير يترتب عنه بطلان الخبرة و شطب اسمه من قائمة الخبراء طبقا للمادة 140 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية .
- حفظ سر ما اطلع عليه أثناء تأدية مهامه تحت طائلة تطبيق المادة 302 من قانون العقوبات .
- إبداء آراء صائبة و مطابقة للحقيقة .
- عدم الانحياز إلى احد الأطراف .
- عدم المزايدة المادية أو المعنوية مع أطراف الخصومة قصد تغيير نتائجه الموضوعية .
- استعمال صفة الخبير العقاري في أغراض إشهار تجاري تعسفي.
- إخطار الجهة القضائية بانتهاء اجل الممنوح قبل إعداد الخبرة .
- الاستجابة لطلب الخصوم أمام جهات التقاضي لتقديم توضيحات .
- إخطار الجهة القضائية بتصالح الخصوم بموجب تقرير يعده لذلك (المادة 142 من قانون الإجراءات المدنية).
- رد في ظرف 48 ساعة جميع الأشياء و الأوراق و الوثائق التي عهد بها إليه تحت طائلة عقوبات تأديبية قد تصل إلى شطب أسمائهم من قائمة الخبراء مع الإشارة أن هذا الالتزام يقع على الخبير المعين أمام القضاء الجزائي طبقا للمادة 148 من قانون الإجراءات الجزائية.
- أن يتصلوا بقاضي التحقيق أو قاضي الحكم في المادة الجزائية فقط ليطلعوه عن تطور الإعمال التي قاموا بها ليمكنوا القضاة من اتخاذ كل إجراء يرونه لازما لإظهار الأدلة .
الأخطاء المهنية للخبير القضائي و عقوباتها و إجراءات المتابعة:
العقوبات الإدارية :
نظم المرسوم 310/95 الصادر في 1995/101/10 المتعلق بالخبراء القضائيين في الفصل الرابع تحت عنوان إجراءات تأديبية و إن كان محتوى المواد تتعلق بالعقوبات الإدارية دون أدني تفصيل للإجراءات التأديبية كما فعل المشرع الفرنسي في المرسوم رقم 2004/1463 المؤرخ في 2004/12/23 المتعلق بالخبراء القضائيين.
والملاحظ أن العقوبات الإدارية لا تعفي من متابعة الخبير من طرف النائب العام المكلف برقابته قانونا و أن لكل شخص صاحب صفة و مصلحة حق متابعة الخبير أمام المحاكم المدنية أو الجزائية .
وقد حددت المادة 19 من المرسوم 310/95 العقوبات الإدارية على سبيل الحصر و هي :
- الإنذار .
- التوبيخ .
- التوقيف المؤقت لمدة لا تتجاوز 3 سنوات .
- الشطب النهائي .
الأخطاء المهنية للخبير القضائي :
إن العقوبات المنصوص عليها في المرسوم 310/95 لم يحدد لها الأخطاء التي تنطبق عليها أو كيفية تطبيق العقوبة المناسبة لكل فعل بل أن الأمر ترك للسلطة التقديرية المكلفة بإقرار أو اقتراح العقوبة و هو رئيس المجلس القضائي .
فذكرت الأخطاء المهنية على سبيل المثال في المادة 20 من المرسوم 310/95 و هي:
الانحياز إلى احد أطراف الخصومة أو التظاهر بالانحياز:
وهو قيام الخبير بعمله بصفة غير موضوعية و الانحياز قد يكون كلي بإقرار باطل بدلا من الحق و قد يكون جزئي كالإنقاص من حق المقرر في نتائج العمل التقني و الغالب في الواقع أن مصدره نفوذ أو رشوة يقترحها المدعي بالحق و قد يكون المدعى عليه فإذا رفض أحدهم قدم نتائج تنسف حق المدعي بصفة كلية أو جزئية .
والانحياز مسألة متعلقة في غالب الأحيان بما تتوصل إليه نتائج الخبرة فيمكن إثبات الانحياز عن طريق خبراء آخرون.
المزايدة المعنوية أو المادية لتغيير نتائج الخبرة :
وهو كل نطق أو فعل صادر من الخبير يرمي من وراءه إلى تلقي منفعة من احد أطراف النزاع لتغيير حقائق النتيجة التي توصلت إليها الخبرة.
إن فعل المزايدة قد يشبه فعل الانحياز في النتيجة (تغيير الحق أو حتى إقراره) و الوسيلة ( تلقي الخبير منفعة مادية أو معنوية) و يختلف عنه في محركها ففي المزايدة تكون بإرادة الخبير.
استعمال صفة الخبير في غرض إشهار تجاري :
والمراد في المرسوم 310/95 أنه لا يجوز للخبير القضائي أن يستعمل صفته للإشهار تعسفيا و يفهم ضمنا أنه يجوز للخبير القضائي استعمال الإشهار التجاري لصفته وفي رأينا أنه خروج عن الغاية و عن الإطار القانوني المقرر من المشرع في الخبرة القضائية، ذلك أن الخبير القضائي هي صفة يمنحها جهاز القضاء للعمل في مجاله و خدمته متى طلب منه ذلك فهو عون القضاء و أن قائمة الخبراء بحوزة القضاة العاملين فلما الإشهار؟؟ و لا يفسر هذا النص إلا أنه تبييض لما هو في الواقع السلبي لثقافة المجتمع بقدوم بعض الخبراء للعمل خارج إطار القضاء و أصبح الأشخاص يكلفون الخبراء بصفتهم خبراء قضائيين للقيام بالخبرة خارج تعيين القاضي و شاهدنا من قدم تقرير الخبرة لخبراء قضائيين في ملف الدعوي و منهم من احتج بها أمام الإدارات العمومية أو البنوك و تم لسوء الحظ إقرار حقوق بناءا عليها .
وعليه نري من الضرورة إلغاء الفقرة الرابعة من المادة 20 من المرسوم 310/95 تحقيقا للعدل و العدالة مع إدراج مادة تمنع الخبراء الفضائيين من استعمال هذه الصفة خارج التعيين و المهام المحددة من طرف قضاة الحكم أو التحقيق.
عدم إخطار الجهة القضائية بانقضاء اجل الخبرة:
من الشروط الواجبة قانونا على القاضي عند تعيينه للخبير أن يحدد له اجل لإعداد الخبرة تسري من تاريخ تبليغه بالحكم المتضمن الخبرة فإذا انتهى الأجل قبل انجاز الخبرة دون إخبار الخبير القاضي الذي عينه لأجل تمديد الأجل، يكون الخبير في هذه الحالة قد اخل بواجباته و يتقرر في حقه إحدى العقوبات المذكورة سابقا .
رفض الخبير انجاز الخبرة:
ويفهم مخالفة لهذا الخطأ المهني للخبير انه لا يجوز للخبير المعين رفض أداء الخبرة بعد قبولها و يقع نفس الحكم عن عدم انجازها في الأجل طبقا للفقرة 2 من المادة 132 من قانون إجراءات المدنية و الإدارية التي تقرر حق الإطراف في مطالبة الخبير بتعويض التأخير أمام القضاء المدني مع طلب استبداله .
كما أشارت المادة 148 من قانون الإجراءات الجزائية، أن للقاضي ( التحقيق أو الحكم ) استبدال الخبير في حال عدم إيداع التقرير خلال الأجل الممنوح له
والملاحظ أن في القضايا الجزائية قد تصل عقوبة الإخلال في انجاز الخبرة أو عدم تقديمها خلال الأجل إلى شطب الخبير من قائمة الخبراء طبقا للمادة 148 من قانون الإجراءات الجزائية .
وقد تصطدم تطبيق الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 20 من المرسوم التنفيذي 310/95، بالفقرة 2 من المادة 132 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و المادة 148 من قانون الإجراءات الجزائية ذلك أن الخبير الذي قبل مهمته و رفض انجازها أو لم ينجزها خلال الأجل يصبح في حكم من اخل بواجباته في التشريع (قانون الإجراءات المدنية و الجزائية) و بالتالي يتعرض للعقوبات التي قد تؤدي لشطبه حسب قانون الإجراءات الجزائية بينما نص المادة 20 من المرسوم 310/95 فهي لا تقرر العقوبة إلا بتوفر شرطان أوله إنذار الخبير و الثاني، عدم توفر للخبير سبب شرعي منعه من انجاز الخبرة.
وإن تناقض الحكم التنظيمي مع الحكم التشريعي وجب الأخذ بهذا الأخير لعلوه من جهة كما أسلفنا و أن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد صدر في 2008/04/24 أي بعد صدور المرسوم 310/95 و يكون بالتالي النص التشريعي قد ألغى ضمنا النص التنظيمي و بالتالي يستبعد تطبيق الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 20 من المرسوم 310/95 و من جهة أخرى، كما لا نرى مبرر لاشتراط الاعذار بعد فوات الأجل لكون أن الخبير في القضية هو موظف مكلف بتحقيق خدمة مرفق عمومي وهو القضاء وأن قبوله المهمة ترتب مسؤوليته عن إخلاله بالالتزام المتضمن الانجاز خلال الأجل.
عدم حضور الخبير أمام الجهة القضائية التي عينته:
للكلام عن هذا الخطأ يجب التمييز بين حالتين حالة يكون فيها الخبير معين من طرف القضاء الجزائي و حالة أين يعين الخبير من طرف القضاء المدني أو الإداري
الخبير المعين أمام القضاء المدني أو الإداري :
إذا تبين للقاضي المدني أو الإداري أن تقرير الخبرة غير وافي أو غير واضح له أن يستدعي الخبير لطلب ما ينقص الخبرة أو توضيح المسائل التقنية و إن عدم استجابة الخبير لاستدعاء القاضي الذي عينه لتقديم توضيحات، يشكل خطا مهني حسب الفقرة الأخيرة من المادة 20 من المرسوم 310/95 و يظهر أن علاقة الخبير بالقاضي علاقة حاجة تتجسد بالاستدعاء الرسمي للخبير .
الخبير المعين أمام القضاء الجزائي :
نظرا لطبيعة موضوع القضاء الجزائي و ارتباطه بالنظام العام و حق المجتمع و القضاء من التثبت في شخصية المتهم لعقابه فقد فرض المشرع على الخبير أن يكون باتصال دائم بقاضي التحقيق أو قاض الحكم الذي عينه إذ يحيطه علما بتطور أعمال الخبرة ليتخذ أي إجراء لازم للوصول إلى الحقيقة و بالتالي أن انقطاع الخبير بعد قبوله المهمة من الاتصال بالقاضي و إخباره بتطور أعماله يعد إخلالا بواجبه طبقا للفقرة 2 من المادة 148 من قانون الإجراءات الجزائية فالفرق واضح بين الخبير المعين من طرف القاضي المدني الذي لا يكون على اتصال دائم به و تقوم مسؤوليته عند عدم استجابته لاستدعاء القاضي قصد توضيح مسالة أو استكمال ما نقص، بينما الخبير المعين من القاضي الجزائي تكون مسؤوليته قائمة بمجرد انقطاعه أثناء قيامه بأعمال التحقيق عن الاتصال بالقاضي الذي عينه ليخبره عن مجريات أعماله، فالهدف من الاستدعاء في الخبرة المدنية أو الإدارية هو توضيح مسألة أو استكمال خبرة قائمة أما الهدف من الجزائي هو تمكين القاضي الجزائي من اتخاذ أي إجراء يفيد في الكشف عن الحقيقة فهو اتصال دائم أثناء العمل و قبل إعداد تقرير الخبرة وينتهي بإيداعها ما لم يطلب منه توضيح.
الإجراءات التأديبية :
إن المرسوم التنظيمي رقم 310/95 المتعلق بالخبرة القضائية لم يفصل بما فيه الكفاية في الإجراءات التأديبية و اكتفي بسرد مادتين فقط بخلاف ما تم النقل عنه من القانون الفرنسي هذا الأخير نظم إجراءات تأديب الخبراء من المادة 24 إلى المادة 32 من المرسوم 04/1463 المؤرخ في 2004/12/23 المتعلق بالخبراء القضائيين و أن تفصيل الإجراءات التأديبية و جعلها من اختصاص القضاء هو حماية و ضمانة تشريعية لحقوق الخبراء،
عند دراستنا للمادة 21 و22 من المرسوم 310/95 يتضح أن الخبير القضائي يتابع من قبل النائب العام للمجلس الذي اعتمده أو عينه وهذا بناءا على شكوى من احد الأطراف أو أن النائب العام يحرك الملف التأديبي تلقائيا بناءا على قرائن تدل على إخلال الخبير القضائي بالتزاماته و تتحقق الحالة الأخيرة عندما يكون الخبير معين في قضايا نجد فيها النيابة العامة طرف أصلي أو طرف منظم .
يتم إحالة الملف التأديبي بسعي من النائب العام على رئيس المجلس القضائي الذي يصدر عقوبة الإنذار أو التوبيخ بعدما يستدعى الخبير و يسمع أقواله و يتثبت من ارتكابه لخطأ
أما إذا ثبت لرئيس المجلس أن الوقائع المنسوبة للخبير القضائي يستوجب تطبيق عقوبة التوقيف عن مهامه بصفة مؤقتة لا تزيد عن 3 سنوات أو عقوبة الشطب النهائي من قائمة الخبراء فيتم إرسال تقريره بهذا الشأن إلى وزير العدل الذي يصدر مقرر بذلك. و نرى أن منح سلطة عقوبة الخبير القضائي لوزير العدل هي صورة أخرى من تدخل الإدارة في عمل السلطة القضائية.
كما لا يكفي أن يكون تقرير عقوبة خطيرة كالشطب مثلا بناءا على تقرير رئيس المجلس القضائي لوحده فقد تحدث الأخطاء و قد فعل حسن المشرع الفرنسي لما منح سلطة إقرار العقوبة إلى الجمعية العامة لقضاة مقر محكمة الاستئناف أو محكمة النقض في اجتماعها التأديبي و للخبير حق الدفاع عن نفسه و الاطلاع على الملف في جلسة علنية بحضور محامي كما له حق الطعن في القرارات التأديبية أمام محكمة الاستئنافية أو محكمة النقض حسب الحالة طبقا للمادة 25 و 29 من المرسوم الفرنسي رقم 04/1463 المؤرخ في 2004/12/23.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved