المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t2134
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

تدابير الأمن
درع العدل الجزائري 26-12-2014 11:11 صباحاً
تدابير الأمن وفق القانون الجزائري
مقدمة ظهرت تفسيرات جديدة ومتنوعة للسلوك الإجرامي وبعد ظهور عدة دراسات بدأ الخلاف يدب بين أهل القانون والمتخصصين في السلوك الإجرامي خول العقاب فانقسموا إلى قسمين الفريق الأول راح يدعو إلى إصلاح المجرمين بدل عقابهم ,أما الفريق الثاني فيرى المجرمون الذين لا ينفعهم الإصلاح فيجوز عقابهم حينئذ أو عزلهم عن المجتمع حماية له منهم.
- كما يعد تدبير الأمن مقارنا بالعقوبة حديث النشأة.وقليلة هي التشريعات العقابية التي أخذت بتدابير الأمن كنظام عقابي ومن هذه التشريعات نذكر قانون العقوبات الايطالي لسنة 1889 الذي مازال ساريا وكل من قوانين ألمانيا واليونان الدانمرك.
وفي العالم العربي أخذت به تشريعات لبنان و سوريا والعراق إضافة إلى الجزائر.
ومن خلال كل ما سبق أن القانون يهدف إلى من ناحية تطبيق العقاب إلى مجازاة الجاني عن جريمته أما تدابير الأمن فلأجل الوقاية منها.
لم تعد العقوبة بمفهومها وشروطها تطرق كل طوائف المجرمين خاصة المرض بالعاهات لعقلية والنفسية الأمر الذي إستدعى البحث عن وسيلة أخرى تحمي المجتمع من خطر الجريمة فظهرت التدابير الجنائية كجزاء بديل يحل محل العقوبة مهمتها مكافحة مواطن الخطورة الإجرامية بالمتعلقة بالشخص أو الشئ.

التعريف بالتدابير الأمنية :
هي مجموعة من الإجراءات العلاجية يرصدها المشروع يستعملها القاضي لمواجهة الأشخاص ذو الخطورة الإجرامية أو الأشياء الخطيرة بذاتها ويوقعها على الجاني قهرا ، كما عرفها البعض بأنها معاملة فردية قهرية ينص عليها القانون لحماية المجتمع من الخطورة الإجرامية المنطوية في الشخص أو الشئ.
خصائص التدابير الأمنية :
إن الخطورة الإجرامية التي تعني حالة الشخص النفسية أو العقلية إذا تركت بدون علاج وكذا الأشياء الخطرة في ذاتها إذا لم تحرز ستشكل خطرا على المجتمع ومن حق هذا المجتمع أن يحمي نفسه من جميع مظاهر الإجرام و مصادره حتى يقضي على الخطورة الإجرامية التي لا تنطبق عليها شروط العقوبة بمفهومها التقليدي من حيث المادة المحددة وأهلية المجرم لهذا فخصائص التدابير تغطي هذا النقص في العقوبة .
1- تجريد التدابير من الركن المعنوي :
مبدئيا لا يوقع الجزاء العقوبة إلا على الذي توفر فيه شروط المسؤولية الجنائية لكن التدابير توقع على كامل الأهلية كما ينزل على عديم الأهلية الجنائية المجنون والصغير وهذه يؤدي إلى عدم العمل بمبدأ المسؤولية الأخلاقية التي تفترض وجود القصد الجنائي لدى المجرم بحيث يحاسب على أساسها لم اقترفه بعكس التدابير الذي يواجه الخطورة التي من المحتمل أن يرتكب صاحبها جريمة مستقبلا فالمجتمع يستعمل التدابير ضد الشخص الخطر حتى يمنع وقوع جريمة منه.
2-عدم تحديد مدة التدابير :
العقوبة حتى تكون عادلة يجب أن تحدد مدتها لأن المجرم يحاسب بقدر جسامة جريمته الواقعة أما التدابير فإنه يوقع لتفادي خطر جريمة ظهرت ملاحمها في الشخص فعلاج خطر لا يمكن التنبأ بها سلفا ، إنها ستزول في وقت معين بتاريخه لأن العلاج قد يطول لد شخص وقد يقتصر عند آخر إلا أنه نظرا لعدم المساس بمبدأ شرعية العقاب الذي يحتم وجود حد أدنى وأقصى العقوبة وإلا فهي وحشية لأنها تجعل الشخص في خوف دائم لهذا نزعت بعض التشريعات إلى الحد الأدنى للتدبير وتشريعات أخرى وضعت الحد الأقصى للتدابير ومنها المشرع الجزائري الذي إشترط في التدابير أن لا يزيد عن 10 سنوات.
3- إمكانية مراجعة للتدبير :
العقوبة التي ينطق بها القاضي لا يجوز أن يتراجع عنها إما التدبير فيما أنه ينزل قصد علاج الجاني الذي ظهرت فيه الخطورة الإجرامية فإن القاضي لا يستطيع أن يقطع في الأمل نهائيا وقت الحكم بالتدبير بأنه الوحيد لمعالجة الخطورة المظاهرة أمامه بل يوصف لها تدبير قد يقضي عليها ولكن ما المحتمل أن لا يصل إلى جذورها المنطوية في نفسية المجرم مما يستدعي إبدال تدبير آخر أشد من الأول أو أقل منه حتى يلاحق تطور الحالة النفسية الخطرة للوقوف على مسبباتها وحينئذ العمل على رصد تدبير يتلائم معها وعليه يجب أن بما للقاضي حرية مراجعة التدبير الذي حكم به أول الأمر لإستبداله بآخر وهكذا تبقى المراجعة مستمرة حتى يتم تأهيل المجرم بتخليصه من الخطورة الكامنة فيه والتي إذا بقيمة تضره والمجتمع.
شروط تطبيق التدابير الأمنية :
يشترط في العقوبة حتى توقع على المجرم أن يرتكب الجريمة مكتملة بعناصرها الشرعي والمادي والمعنوي وأن يخضع قانونا لتحمل المسؤولية الجنائية أما التدبير فنظرا لخلوه من الركن المعنوي للجريمة يشترط لتطبيقه كجزاء جنائي شرطين أساسيين.
1)-وجود جريمة سابقة :
حتى ينزل التدبير على المجرم الذي ظهرت فيه الخطورة الإجرامية وللاستدلال على وجودها يجب أن يكون المجرم قد ارتكب جريمة مسبقا أو أن توصف بأنها على قدر من الجسامة أعني بالمفهوم القانوني أن يحكم عليه في الماضي باقترافه جناية أو جنحة وعند ظهور علامات وتصرفات تؤكد أنه إذا لم يحرس سير تركب جريمة أخرى من النوع الأول أو خلافها وعليه يتحتم أن يواجهه المجتمع بالتهذيب أو الإصلاح بواسطة تدبير يتلاءم وحالته الخطرة والتمسك بشرط توافر الجريمة المسابقة من جانب المتهم حتى لا تتعرض الحريات الفردية للتقيد بلا سبب شرعي حرصا على حماية أصل الإنسان البراءة.
2)-ثبوت الخطورة الإجرامية :
مبدأ توقيع العقوبة هو توافر الخطأ في جانب المجرم ومن هنا فإن الأشخاص الذين لا ينسب إليهم الخطأ كالمجانين والصغار فلا عقاب عليهم لكن نظرا لكونهم يشكلون الخطر الأكبر الذي يهدد أمن المجتمع فوسيلة دفاع المجتمع ضد خطر هؤلاء الأشخاص وغيرهم ممن لا يمكن أن يتشخص الخطأ في جانبهم هي لكن حالتهم النفسية واضطراب مداركهم العقلية ينذر بأنها إذا لم تحاط لعلاج سيعمدون في وقت لاحق إلى اقتراف جرائم لأن الخطورة الإجرامية حالة نفسية كاملة في الشخص بمفرده وهي من مصادر الإجرام في المستقبل القريب إذا لم يقضي عليها بأسلوب تهذيبي حتى ، يتخلص منها الإنسان المريض بها.
أنواع التدابير الأمنية :
من حيث المبدأ بحسب المحل الذي ينزل عليه نوعان شخصية وعينية .
1-التدابير الشخصية :
وهي التي رصدها المشرع لتوقع على الأشخاص بحسب حالة كل شخص ومدى تحكم الخطورة الإجرامية فيه ، وقد نص عليها المشرع الجزائري في المواد 19-21-22-23-24 عقوبات.
أقسام التدابير الشخصية :
أ)-الحجز القضائي في مؤسسة نفسية : ويتخذ هذا التدابير ضد المجرمين المصابين بخلل في قواهم العقلية فيودعون بمصلحة الأمراض العقلية كما ينطبق هذا التدبير على المعتادين بممارسة الفجور ودعارة.
ب)-الوضع القضائي في مؤسسة علاجية : وينزل هذا التدبير على شخص مصاب بإدمان ناتج عن تعاطي مخدرات كالحشيش أو العقاقير المنومة أو الكحول فيضعون تحت العلاج الطبي لتلخيصهم من هذه الآفة المكتسبة وفي بعض الحالات بعد شفاء المدمن يصدر أموال للشرطة بمنعه من إرتياد الخمارات وأماكن اللهو حتى يستمر علاجه بالرعاية الخارجية.
ج)-المنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن : وهذا التدبير يحكم به ضد شخص إرتكب جريمة بمسائل يخشى إلى إستعمالها أن يقترف الجريمة نفسها وعليه يجب إبعادها عنها لأنها يتواجدها بجانبه تسهل له طريق الإجرام مرة ثانية.
د)-إسقاط السلطة الأبوية : وهذا التدبير ينزل على الشخص الذي إرتكب جريمة في حق أحد فروعه وخاصة إذا كانت له سلطة عليهم مرة أخرى أن يستغلها في تحريضهم على إتباع طريق الإجرام ومن هنا يجوز أن يشمل الإسقاط كل حقوق السلطة الأبوية أو يعضها يراعي في هذا المقام أن الفروع إذا وصلوا سن الرشد الجنائي يتكفلون بأنفسهم تسيير شؤونهم المعنوية والمادية.
وتنقسم التدابير الشخصية من حيث مراتبها إلى خمسة أقسام :
1)-قضائية.
2)-تأديبية.
3)-علاجية.
4)-وقائية.
5)-قمعية.
2)-التدابير العينية :
وقد رصد لها المشرع الجزائري المادتان 25 ،26 عقوبات والتدابير العينية تنصب على أشياء مادية إستعملت في الجريمة وأنها بذاتها تعتبر جريمة كالمخدرات والنقود المزيفة والشخص الاعتباري الذي يحيذ عن عمله الشرعي فيلحقه تدبير عيني بغلقه أو تعطيل عمله ، وقد أطلق المشرع على التدابير العينية مفهومان المصادرة وإغلاق المؤسسة.
1)- المصادرة : وهي تعني ضم الأشياء المادية إلى ملك الدولة غير أنه يجب عدم الخلط بين المصادرة كعقوبة تكميلية وقد سبقت الإشارة إليها سابقا إذا كانت الأموال قد استخدمت في جناية أو جنحة أو تحصلت منها أو سيقبضها الجاني على شكل هدية أو مكافأة فتعبير المصادرة هنا عقوبة.
أما مصادرة الأموال على أساس أنها تدبير فهي الأشياء التي ضبطت على اعتبار أن صناعتها أو حملها أو حيازتها أو بيعها يعد جريمة لان مباعدتها عن الجرم تقطع وسائل إجرامه مثل مصادرة المكاييل والمقاييس المغشوشة أو المخدرات أو النقد المزيفة.
2)-إغلاق المؤسسة : وهو تدبير يرمي إلى تعطيل نشاط الأشخاص الإعتبارية التي يكشف على أنها تقوم بأعمال غير مشروعة أو تزود محلات أخرى بإمكانيات لا يسمح إستخدامها فيها شرعا غلق الشركة أو أنها لدار القمار وبنن الدعارة أو إلغاء جريد ما أو دار نشر للكتاب
تدابيــــر الأمن في قانون العقوبات الجزائري
لقد عرف قانون العقوبات الجزائري التدابير أسوة مع غيره من القوانين الوضعية الحديثة التي عرفت بدورها هذه التدابير فقد نص عليها في مادته الأولى ليكسبها الشرعية و قد بين أهدافها في مادته الرابعة بنصه{ إن لتدابير الأمن هدف وقائي وهي إما شخصية أو أمنية } ثم فصل القانون أنواعها في المادة 19 القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 تدابير الأمن هي:
1/ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية.
2/ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية .
و بالإضافة إلى هذه التدابير التي تطبق على الكبار البالغين هناك التدابير الموجــــودة و المنصوص عليها في المادة 444 القانون رقم82-03 المؤرخ في 13/02/1982 { لا يجوز في مواد الجنايات و الجنح أن تتخذ في ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامن عشر إلا تدابير أو أكثر من تدابير الحماية و التهذيب الأتي بيانها:
- تسليمه لوليه أو لوصيه أو لشخص جدير بالثقة
- تطبيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت الرقابة
- وضعه في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو للتكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض
- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة غير انه يجوز أيضا أن يتخذ في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره 13 سنة تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإصلاحية}.
و يتعين في جميع الأحوال أن يكون الحكم بالتدبير المذكورة أنفا لمدة معينة لا تجوز أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني.
و كذلك منصوص المواد 445و المادة 446 ق ا ج.
الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية
بينت المادة 21 قانون العقوبات مفهوم الحجز القضائي بنصها{ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية هو وضع الشخص بنــاء على أمر أو حكم أو قرار قضائي في مؤسسة مهيأة لهذا الغـرض بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت ارتكابه للجريمة أو اعتــراه بعـد ارتكابها}، يمكن أن يصدر الأمر بالحجز القضائي بموجب أي أمر أو حكم أو قرار بإدانة المتهم والعفو عنه أو ببراءته أو بانتفاء وجه الدعوة غير انه في الحالتين الأخيرتين يجب أن تكون مشاركته في الوقائع المادية ثابتة ، يجب إثبات الخلل العقلـي في الحكم الصادر بالحجز القضائي بعد الفحص الطبي يخضع الشخص الموضوع في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية لنظام الاستشفـــاء الإجباري المنصوص عليها في التشريع الجاري العمل به غير أن النائب العام يبقى مختصا في ما يتعلق بمآل الدعوى العمومية التزاما بالقواعد العامة في المؤسسة الجنائية التي تقيد المسؤولية على وجود إرادة صحيحة يمكن أن يعتمد منها قانونا فان من أصابه خلل في قواعده العقلية لا يمكن محاكمته على الجريمة التي اقترفها إذا كان الخلل وضع عند ارتكابها ، ذلك أن الخلل في هذه الحالة يعد مانعا للمسؤولية تطبيقا للمبادئ التي توجب أن تكون الإرادة صحيحة لإرادة مجنون أو غير عاقل لا يدرك سير المحاكمات ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه ، و قد يصيب المرء خللا في قواه العقلية بعد ارتكابه للجريمة و أثناء سير الأعمـال الإجرائية و في هذه الحالة يتوجب وقف الإجراءات سواء ما تعلق الأمر منها برفع الدعــــوى أو بالمحاكمة أسوة بما سبق و اشرنا إليـــه من وجوب وقف محاكمة من اقترف الجريمة إذا كان مختلا وقت ارتكابها.
و أخيرا فانه لا يجوز الاستمرار في تنفيذ العقوبة المحكوم بها على الجاني الذي أصابه الخلل العقلي و ذلك لأنه لا يصبح عاجزا عن فهم و إدراك مضمون العقاب.
و امتناع المسؤولية في مثل هذه الحالات تعود إلى نص المادة 47 ق ع { لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة و ذلك دون الإخلال بأحكام الفقــرة 02 المادة 21}.
و ربط المادة 21 عقوبات بالمادة 47 عقوبات تعني أننا توسعنا في معنى الجنون وطبقناه بمعنى كل خلل عقلي ، فأصبح ذلك الخلل العقلي مانع للمسؤولية.
و قد جرى العمل في إطلاق سراح المتهم المصاب بمرض عقلي لامتناع مسؤوليته الأمر الذي كان يحمل بعض النتائج السيئة على المتهم نفسه أو على المجتمع في بعض الحالات و قد حاولت بعض التشريعات الحديثة و منها التشريع الجزائري أن تتجنب مثل هــذه النتائج و ذلك بإعطاء السلطات القضائية الحق بحجز المجرمين المصابيـن بخلل عقلـي و إخضاعهم لتدابير الأمن تنفذ في أماكن معدة لذلك في محاولة لعلاج المتهــم و حفاظا على امن المجتمع و سلامته.
الفرع الأول: مضمون هذا التدبير و شروط تطبيقه
1- مضمون التدبير: الوضع في مؤسسة عقابية هو تدبير علاجي ينفذ في مؤسسات مختصة بالعــلاج و يعني ذلك أن فكـــرة السجن مستبعدة تماما لأن الهـدف هو علاج الجاني، و نشير إلى أن التدبير غير محدد المدة وقد أحسن المشرع بنصــه على ذلك لأننا لا نستطيع أن نحدد سلفا متى تنتهي خطورة الجاني ، فإطلاق سراح الجــاني مرتبط بشفائه من المرض الذي كان سببا في إنزال التدابيـــر ومن الطبيعي أن يستمر التدبير مطبقا حتى يشفى المحكوم عليه.
2- شروط تطبيق هذا التدبير: لا ينزل هذا التدبير بكل مجرم مجنون تلقائيا بعد العفو عنه أو براءته أو لأي سبب آخر بل لا بد من توافر شروط :
- الجريمة السابقة : يشترط أن يكون للمحكوم قد قام بجريمة قبل إنـزال التدابير بـــه و يستدل هذا الشرط من نص المادة 21 قانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 الذي اشترط أن يكون الخلل قائما وقت ارتكاب الجريمة أو اعتراه بعد ارتكابها و أضافت نص المادة { يمكن أن يصدر الأمر بالحجز القضائي بموجب أي أمر حكــم أو قرار أو بإدانة المتهم أو العفو عنه أو براءته أو بانتفاء وجه الدعوى غيـر انه في الحالتين الأخيرتين يجب أن تكون مشاركته في الوقائع المادية ثابتة}.
و أضافت نص المادة في الفقرة الأخيرة { يخضع الشخص الموضوع في مؤسســـة استشفائية للأمراض العقلية لنظام الاستشفاء الإجباري المنصوص عليــه في التشريع الجاري المعمول به غير أن النائب العام يبقى مختصا فيما يتعلق بمآل الدعوى العمومية}. و لم يشترط القانون جسامة معينة في الجريمة لتطبيق التدابير نعني ذلك أن أي جريمة جناية أو جنحة أو مخالفة تكون صالحة لتطبيق التدابير.
- الخطورة الإجرامية : يشتـرط القانون ضمنيا أن يكون الجاني ذا خطورة إجرامية لكي تطبق عليه تدابير الأمن ، إذ لا يطبق التدبير على جميع من برأ أو اعفي عنهم فالمادة 311 إجراءات جزائية تنص على { إذا اعفي المتهم من العقاب أو برئ أفرج عنه في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر دون الإخلال بتطبيق أي تدبير امن مناسب تقرره المحكمة ، و لا يجوز أن يعاد أخذ شخص قد برئ قانونا أو اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى ولو صيغت بتكليف مختلف }.
فالأصل أن يفرج عن من اعفي عنه أو برئ و يطبق التدبير بناء على أي أمر مــن المحكمة بالرغم من الإعفاء و البراءة ، لسبب آخر و هو الخطورة الإجرامية التي يمثلها المتهم.
الفرع الثاني: ضمانات عدم التعسف في تطبيق هذا التدبير
1.وجوب الفحص الطبي : بما أن الخلل العقلي أمر طبي لا يستطيع القاضي أن يدركه أو يتأكد منه إلا بعد الاستشارة الطبية و قد تنبه المشرع إلى هذه الحقيقة فأوجب إثبـات الخلل في الحكم الصادر بالحجز بعد الفحص الطبي من المادة 21{ يجب إثبــات الخلل العقلي في الحكم الصادر بالحجز القضائي بعد الفحص الطبي}.
2.التدخل القضائي : و هــذا بناء على قرار قضائي و تعد هذه الضمانات من أهــم الضمانات باعتبار أن القضاء هو الحارس الطبيعي للحريات الفردية.
3.ضرورة ثبوت ارتكاب الجريمة : و عملا على احترام مبدأ الشرعيـــة فقد اوجب القانون أن يكون المتهم مرتكبا للجريمة و اوجب أن تكون مشاركته أكيــدة في الوقائع المادية عند الحكم بالبراءة أو بعد عدم وجود وجه لإقامة الدعوى.
4.المراجعة المستمرة للتدبير : يجوز النظر في التدبير على أساس تطور حالة الخطورة لصاحب الشأن و هذا ما أشارت إليه المادة 22 من القانون رقم06-23 المؤرخة في 20/12/2006 في فقرتها الثالثة :{ يجوز مراجعة الوضع القضائي في مؤسسة علاجية بالنظر إلى تطور الخطورة الإجرامية للمعني وفقا للاجراءت و الكيفيات المنصوص عليها في التشريع و التنظيم المعمول به.
و خلاصة القول أن الحجز القضائي هو تدبير يراد به مواجهة الخطورة الإجرامية للمجرمين المختلين عقليا تأمر به السلطات القضائية بناء على نتائج الفحوص الطبية.
الوضع القضائي في مؤسسة علاجية
لقد أثار الكثير من علماء الأجرام إلى وجود علاقة قويـة بين الإدمان علــى الكحـول و المخدرات و بين ارتكاب الجريمة و هو ما فسروه إلى تحول شخصية الفرد إلى شخصية عدوانية بسبب الأمراض العصبية النفسية الشذوذ النفسي و الفســاد الأخلاقي و هذا نتيجة الإدمان.
و أثار العلماء الإجرام إلى أن العقوبة لا تجدي نفعا في مواجهة المدمنين لأن العقوبة لا تستأصل المرض بل يجب أن يواجه بتدبير علاجي يكون قادرا على إبطال مفعول الإدمان و نص قانون العقوبات الجزائري في مادته 22 المعدلة لمواجهة المدمنين و التي جاءت كما يلي:{ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية هو وضع شخص مصاب بالإدمان الاعتيادي ناتج عن تعاطي مواد كحولية أو مخدرات أو مؤثرات عقلية تحت الملاحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض و ذلك بناء على أمر أو حكم أو قرار قضائي صادر من الجهة المحال إليها الشخص إذا بدا أن السلوك الإجرامي مرتبط بهذا الإدمان}.
يمكن أن يصدر الأمر بالوضع القضائي طبقا للشروط المحددة في المادة 21 الفقرة 02.
الفرع الأول: شروط إنزال هذا التدبير العلاجي
ا-أن يكون الجاني مدمنا : الإدمان حالة تبدأ كعادة لتقوى هذه العادة و يشتد تأثيرها على الشخص على نحو حاد إلى درجة يصعب الرجوع عنها أو التخلص من تأثيرها.
و لم يعرف القانون الإدمان بل ولم يقرنه بمدلول طبي معين و أشارة المادة 22 إلى الإدمان فوصفته بأنه { إدمان اعتيادي ناتج عن تعاطي المواد الكحوليـــة أو مخدرات أو مؤشرات عقلية }.
ب-ارتكاب الجريمة : هو شرط يستفاد من نص المادة 22 التي توجب بأن يكون التدبير ناتج على حكم قضائي صادر من الجهة المحال إليها الجاني و تبرير هذا الشرط يعود إلى وجوب التمسك بمبدأ الشرعية من جهة و اعتباره دليلا على خطورة الفاعل و تفاقم مرضه الذي أخذ يعبر عنه بالجريمة من جهة أخرى.
ج-الخطورة الإجرامية : لا ينزل التدبير إلا لمواجهة خطورة إجرامية يمثلها الجاني فإذا ثبت أن الجريمة المرتكبة أو الجريمة التي يخشى من ارتكابها مستقبلا لا علاقة لها بهذا الإدمان فلا موجب للتدبير.
الفرع الثاني : طبيعة هذا التدبير
التدبير المتخذ في مواجهة المدمنين هو تدبير علاجي و ينفذ في أماكن معدة خاصة لذلك أي في مؤسسات خاصة للعلاج و يقتضي في هذه الحالة أن يتعاون المحكوم عليه مع المشرفين على المؤسسة العلاجية وهو ما يستدعي أن يكون نظام المعيشة في المؤسسة قائمة على أسس سليمة تجعل المحكوم عليه يتجاوب مع العلاج الطبي و تتقوى عزيمته على تجاوز محنته و الابتعاد على تناول المخدرات أو شرب الخمر أو الأقراص المهلوسة من جديد.
و لم يحدد القانون مدة التدابير على نحو مطلق و حسن الفعل ، فهو يواجه مرض لا يستطيع أن يحدد سلفا المدة الواجبة انقضاؤها للقول بشفاء المدمن ، و يعني ذلك أن التدبير ينتهي عند شفاء المدمن من مرضه حيث يعود للسلطة القضائية المشرفة على تنفيذ التدبير أمر تقديره بناء على التقارير الطبية بهذا الشأن.
تدابيــــر الخاصــــة بالأحداث
لقد فرقت التشريعات الحديثة بين معاملة المجرمين البالغين و بين معاملة الأحداث بحيث تفرد المجرمين الأحداث أحكاما خاصة و جزاآت مناسبة تقوم أساسا على وجوب تطبق التدابير الملائمة لشخصية الحدث الجانح املآ في مساعدته و تهذيبه فقد اتضح أن العقوبـة و حتى المخفف منها إنما هي وباء على الحدث غير فعالة ومضارها عليه أكثر من نفعها له و عليه فقد اتجهت القوانين الحديثة إلى السعي لإنزال التدابير الملائمة بالحدث الجانح.
و قد اخذ المشرع الجزائري بهذه النظرة الحديثة لمعاملة الأحداث فحدد في المادة 49 المفهوم العام للمسؤولية الجنائية للأحداث على النحو التالي: { لا توقع على القصر الذي لم يكمل 13 سنة إلا تدابير الحماية أو التربية و مع ذلك فانه في مواد المخالفات لا يكون محل إلا للتوبيخ ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 إلى 18 سنة إما تدابير الحماية أو التربية أو العقوبات المخففة}.
و تطبقا لهذه المفاهيم الخاصة بمسؤولية الأحداث بينت المواد 442-494 من قانون الاجراآت الجزائية الأحكام الخاصة بالأحداث الجانحين و ذلك بعد أن فصل المشرع القضاء الخاص بالأحداث عن قضاء البالغين ، و قد جاءت في الأحكام التمهيدية لهذه الأحكام نوع التدابير التي يمكن اتخاذها قبل الحدث أللذي لم يكمل سن 13 من عمره في المادة 444 من قانون الاجراآت الجزائية كالآتي:{ لا يجوز في مواد الجنايات أو الجنح إن يتخذ ضد الحدث الذي لم يبلغ 18 سنة إلا تدابير أو أكثر من تدابير الحماية و التهذيب الأتي بيانها:
ا- تسليمه لوالديه أو لوصيه أو لشخص جدير بالثقة
ب- تطيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة
ج- وضعه في منطقة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو للتكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض
د- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك
و- وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعدة
ت- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة غير انه يجوز أن يتخذ كذلك في شأن الحدث الذي تجاوز عمره 13 سنة تدبير يرمي لوضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإسلامية}.
وأجاز المشرع لجهة الحكم في المادة 445 "ا ج " بصفة استثنائية أن تستبدل أو تستكمل التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بعقوبة الغرامة أو الحبس المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العقوبات { إذا قضي بان يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 سنة إلى 18 سنة لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عليه تكون كالأتي:
ا- إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فانه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة.
ب- إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فانه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا}.
و هكذا يكون المشرع قد استجاب للنظريات العلمية التي تقول بوجوب إبعاد المجرم الحدث عن العقاب التقليدي إذ جعل التدبر هي أصل معالجة الأحداث و قد التزم المشرع بالأحكام العامــة لنظريـة التدابير في تطبيق تدابيـر الأمن هذه على الأحداث فهي غيـر محددة المدة و يمكن تعديلها ، أو إبدالها أو إلغاؤها و لا يكون للطعن فيهــا أو الاستئناف أو المعارضـة اثر على تنفيذها و هذا ما أشارت إليـه المواد 474-488 من "ق ا ج".
المادة 474 { يعقد قسم الأحداث في المجلس القضائي وفقا للأشكال المقررة في المواد 468 من هذا القانون ، تطبق على الاستئناف أوامر قاضي الأحداث و أحكام قسم الأحداث القواعد المقررة في مواد الاستئناف في هذا القانون ، و لا يكون للطعن فيها بالنقد اثر موقف لتنفيذها إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الجزائية التي يقضي بها تطبيقا للمادة 50 ق ع}.
المادة 488 { الأحكام الصادرة في شان المسائل العارضة أو الدعاوي التغير في التدبير أو بخصوص الإفراج تحت المراقبة أو الإيداع أو الحضانة يجوز شمولها بالنفاذ المعجل رغم المعارضة و الاستئناف و يرفع الاستئناف إلى غرفة الأحداث بالمجلس القضائي }.
طبيعة هذا التدبير:
إن التدابير المخصصة للأحداث ذات طابع تهذيبي إذ ينظر إلى العوامـل الاجتماعية و البيئة على أنها الدافع الأساسي في انحراف الحدث وقد يعود انحراف الحدث إلى مرض عضوي أو نفسي مما يجعلنا نبحث عن التدبيـــر العلاجي المناسب و يعني ذلك وجوب حصر التدابير النازلة بالأحداث في التدابير العلاجيـة و التهذيبية و تهدف هذه التدابير إلى مساعدة الحدث و تقويمه و تهيئته للحياة العاديــة.
خاتمة :
من خلال دراستنا لمبدأ الشرعية حددنا مفهومه و نتائجه وبينا أن غرضه هو الحفاظ على المجتمع من المجرمين و من تعسف السلطة التي تقرر الأفعال المجرمة و ما يقابلها من عقوبات فهو الأساس الذي يقوم عليه قانون العقوبات الحديث و ضمان من ضمانــات حقوق الإنسان فيعتبر اعتداء صارخ على حقوق الإنسان أي عقوبة تتخذ على فعل لــم يجرمه النص أو تقرر عقوبة لا يحتويها نص تجريم.
لكن العقوبة وحدها لم و لن تكفي لحماية المجتمع ، فتدابير الأمن تكمل العقوبة فتعمــل على حماية المجتمع من الخطر الذي يهدده ،ونظرا لخصوصياتها فلا يجب أن تحاصـر بمبدأ الشرعية بطريقة جامدة بل يجب حين إخضاع التدابير بمبدأ الشرعية أن يوافـــق خصوصياتها و يحدد لها إطار قانوني خاص.
إن كلا من العقوبات وتدابير الأمن تشكل حاجزا للردع من الجرائم بشتى أنواعها,فهي تتطور حسب تغير المجتمع إلا أن العقوبات اشد صرامة من تدابير الأمن بالرغم من أنهما يصدران من جهة واحدة بشكل آمر .فالعقوبات جاءت متنوعة وملمة لجميع الجرائم ,على عكس تدابير الأمن في ناقصة ولم تتطرق إلى مسائل تدابير أخرى مثل تعليق رخصة السياقة ,سحب جواز السفر ,منع الأجنبي دخول التراب الوطني ,سحب رخصة استغلال محل مخصص للجمهور فبالرغم من كل هذا امتاز التشريع الجزائري بكونه قنن تدابير الأمن ودونها في قانون العقوبات .فمن حيث المادة الأولى من قانون العقوبات سوت بين العقوبات وتدابير الأمن من حيث الخضوع لمبدأ الشرعية.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved