logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





13-04-2013 02:07 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 15-02-2013
رقم العضوية : 109
المشاركات : 36
الجنس :
تاريخ الميلاد : 5-4-1984
الدعوات : 1
قوة السمعة : 30
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : إداري

السلام عليـــــــكم

تسوية المنازعات الضريبية الناشئة عن اتفاقيات تجنب
الازدواج الضريبي الدولي أمام المحاكم الوطنية
للأستاذين
- عكاكة فاطمة الزهراء
- خضراوي الهادي

مقدمة :
الأصل أن الضريبة تربط على الممول الأجنبي المقيم في الدولة شأنه في ذلك شأن الممول الوطني، فالدولة تستند في فرض الضريبة على الأجانب إلى ما لها من سيادة ضريبية على إقليمها La souveraineté fiscale تتمثل في سلطتها المطلقة والكاملة والعليا على جميع ما يوجد على إقليمها من أموال أو أشخاص وما يتم مباشرته فيه من أنشطة اقتصادية بيد أن السيادة الضريبية للدولة تتقيد بحدود إقليمها ولا يجوز مباشرة هذه السيادة خارج حدودها الإقليمية إلا بموجب اتفاقيات دولية وتتمثل السيادة الضريبية للدولة في إنشاء الضرائب وفرضها ثم تطبيقها في شأن الخاضعين لها عن طريق الإدارة المختصة، وسلطة الإدارة المختصة التي تباشرها على الإقليم الخاضع للسيادة الضريبية للدولة هي سلطة مطلقة، بحيث يطبق القانون الضريبي الوطني واستبعاد تطبيق أي قانون ضريبي أجنبي ما لم يحل إلى ذلك صراحة القانون الوطني.
والجدير بالذكر أن المشاكل الضريبية الدولية التي تنشأ نتيجة ربط الضريبة على الممول الأجنبي سواء أكانت تتعلق بالازدواج الضريبي أو التجنب الضريبي والوسائل الممكنة لحلها تعتبر من الموضوعات المهمة خاصة بعد التقلبات الاقتصادية التي شهدها العالم، وانهيار المعسكر الشرقي وفشل النظم الاشتراكية وتوجه مشرعنا الجزائري نحو اقتصاد السوق وتحرير السوق الخارجية و تشجيعا للاستثمارات الأجنبية فأمام هذه الظروف والمستجدات الداخلية والخارجية حاول المشرع الجزائري مسايرة ذلك بإبرام عدة اتفاقيات دولية لتجنب الازدواج الضريبي.
انطلاقا من هذا فإن دراستنا لهذا الموضوع يتطلب منا أن نقسمه إلى فصلين نخصص الأول لتحديد ماهية المنازعة الضريبة الدولية، أم الفصل الثاني فتناول فيه وسائل المنازعة الضريبة الناشئة عن اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي الدولي، ثم نختم هذه الدراسة بخاتمة تتضمن أهم النتائج والتوصيات التي يمكن الأخذ بها مستقبلا.

1- ماهية المنازعة الضريبية الدولية:
الأصل في القانون الضريبي هو حق مصلحة الضرائب في تحصيل الضرائب المستحقة لما يتمتع به القانون الضريبي من قوة قانونية في تحديد الضريبة وربطها بشرط ان تنتفي كل مبالغة أو إسراف، يقابله حق الممول في الاعتراض والطعن على تقدير وربط الضريبة، وفقا للإجراءات الضريبية التي تعني بتنظيم الروابط القانونية بين مصلحة الضرائب و الممول<sup>(1)</sup>، وعلى هذا الأساس يمكن أن نعرف المنازعة الضريبية الداخلية بأنها كل خلاف يثور بين الإدارة الضريبة والغير بمناسبة قيامها بوظائفها التي كفلها لها قانون الضريبة وهي أول الطريق الذي يسلكه صاحب الحق في المطالبة بحقه أمام الجهة المختصة بنظر هذه المنازعة<sup>(2).</sup>
فالمنازعة الضريبية الداخلية بهذا المعنى تختلف عن المنازعة الضريبية الدولية سواء من حيث شروطها أو من حيث كيفية تسويتها، لذا فإن المنازعة الضريبية الدولية تعرف بأنها "المنازعة التي يتنازع فيها شخص أجنبي ذو صفة مع الإدارة الضريبية حول خلاف ضريبي يكون المرجع فيه لاتفاقية ضريبية دولية تتيح لدولة هذا الشخص الحق في المعاونة أو المشاركة في الفصل في هذه المنازعة".

يتضح لنا من هذا التعريف أن المنازعة الضريبية الدولية يجب أن تتوافر فيها الشروط التالية:
1.أن يكون أحد طرفي المنازعة شخصا أجنبيا، فلا تعد المنازعة دولية إذا كان الخصم فيها ممولا وطنيا (كالمواطن الجزائري حين ينازع مصلحة الضرائب الجزائرية)، حيث يكون مرجع النزاع في هذه الحالة هو القوانين الضريبية الداخلية.
كما يجب ان يكون الشخص الأجنبي ذو صفة، بمعنى انه الشخص الذي تعنيه الاتفاقية، وقد يكون شخص طبيعي أو اعتباري مقيما في الدولة المتعاقدة الأخرى ويزاول نشاطا، أو يحقق دخلا أو إيرادا في الدولة المتعاقدة محل النزاع.
فلا يكفي إذن أن يكون الشخص أجنبيا حين يقال أن المنازعة الضريبية دولية، إذ قد يكون هذا الشخص ينتمي إلى دولة لم تبرم معها الدولة اتفاقية ضريبية، ومن ثم يسري بشأنه ما يسري على المواطنين كما يجب أن يكون الشخص الأجنبي ذا صفة في رفع المنازعة بمعنى ينبغي تحقق المصلحة في رفع المنازعة، كأن يتضرر شخصيا من ممارسات الإدارة الضريبية وتفسيرها للاتفاقية على نحو يخضعه للضريبة على خلاف ما تقرره الاتفاقية.

2. أن يكون الطرف الأخر في المنازعة إدارة ضريبية في أحد الدولتين المتعاقدتين فالمنازعة الضريبية كما بينا سابقا هي منازعة تكون الإدارة الضريبية طرفا رئيسيا فيها ومن ثم فلا تعتبر المنازعة دولية تطبق عليها الاتفاقية إذا كانت بين شخص أجنبي مقيم في دولة من دولتي التعاقد، ولكنه ينازع إدارة ضريبية في دولة ثالثة، كما لا تعد منازعة ضريبية دولية تلك التي تقوم بين شخصين أجنبيين ولو كان مقيمين في الدولة إذا كان موضوع النزاع غير ضريبي، كالنزاع بين أجنبيين على ملكية مال معين.

3. أن يكون موضوع المنازعة خلاف في تطبيق اتفاقية ضريبية، الاتفاقية الضريبية عقد بين دولتين ذات سيادة تختص بفرض الضريبة أو الإعفاء منها في دولة الإقامة أو دولة المصدر، فالغرض الرئيسي من الاتفاقية هو تجنب الازدواج الضريبي الدولي الذي نعني به خضوع ممول واحد لضريبيين متماثلتين تفرضهما دولتان مختلفتان على نفس الوعاء وخلال ذات السنة الضريبية وينشأ نتيجة الخضوع للسيادة الضريبية لأكثر من دولة واحدة.
ولكي تكون للاتفاقية الثنائية قوتها التنفيذية يجب ان يوافق عليها البرلمان بغرفتيه صراحة<sup>(3) </sup>وتصبح بالتالي قانونا كغيرها من القوانين الداخلية للدولة المتعاقدة بل أنها تسمو على القانون بعد المصادقة عليها من قبل رئيس الجمهورية<sup>(4)</sup>.
وتشمل الاتفاقيات التي تعقد في هذا الشأن الضرائب على الدخل أو على رأس المال سواء أكان مباشرة أم غير مباشرة.

وتسترشد الدول عادة عند إبرام مثل هذه الاتفاقيات الثنائية بما يلي:<sup>(5)</sup>
- النموذج الذي أعدته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بباريس سنة 1963 لتجنب الازدواج الضريبي على الدخل ورأس المال وتعديلاته في السنوات 1977، 1992، 1996.
- النموذج الخاص بتلافي ازدواج الضرائب على التركات و الهبات.
- النموذج الخاص بالاتفاقيات التي تبرم بين الدول المتقدمة والدول النامية.
- النموذج الخاص بتلافي الازدواج الضريبي الذي أعدته الأمم المتحدة يلاحظ بصفة أساسية ان هذا النوع من الاتفاقيات الدولية إنما يهدف بصفة أساسية إلى توزيع العبء الضريبي فيما بين ممولي الدول الأطراف في الاتفاقية، وذلك بهدف تجنب الازدواج الضريبي، كما يلاحظ أن تطبيق هذا النوع من الاتفاقيات يتطلب التعاون فيما بين الإدارات الضريبية التابعة للدول المتعاقدة عن طريق تبادل المعلومات اللازمة لتطبيق الاتفاقية أو التشريعات الداخلية المتعلقة بالضرائب التي تطبق عليها الاتفاقية مع المحافظة على سرية هذه المعلومات ويشترط ان لا يترتب على هذا التبادل أية مخالفة للتشريعات الوطنية، وقد يتم تبادل المعلومات بناء على طلب من الدولة حول ممول معين أوحالة محددة أو يتم التبادل تلقائيا بمجرد قيام أحد رعايا دولة بتصرفات تخضع للضريبة في إقليم الدولة الأخرى.

2- أسباب المنازعة الضريبية الدولية:
يرجع عدد من الشراح أسباب المنازعة الضريبية إلى سببين رئيسيين هما، أسباب تشريعية أو قانونية وأسباب إدارية.
ومن أهم الأسباب التشريعية أو القانونية تعقيد القانون الضريبي، حيث تتميز النظم الضريبية المعاصرة بشدة تعقيدها، فكل ضريبة ترسانة مليئة باللوائح والقرارات والتعليمات التي يستعص على الخبراء متابعتها، فما بال المكلفين بالضريبة الذين يشتكون من ارتفاع سعر الضريبة لا لشيء إلا بسبب عدم اطلاعهم على النصوص الضريبية ونقص وعيهم الضريبي الذي من خلاله ينظرون إلى الضريبة على أنها عبء ثقيل لا بد من التخلص منه بكل الطرق متناسين بأن الضريبة من أهدافها الرئيسية تغطية نفقات الدولة المختلفة، فالدولة لا تستطيع أن تقوم بمهامها إلا بالاعتماد على الإيرادات التي تحصل عليها ومن بينها الضريبة التي تعول عليها كثيرا.

كما أن التعقيد في المصطلحات المستخدمة في المجال الضريبي تعد من الأسباب التي يترتب عليها المنازعة ذلك أن ما لاحظه الباحثون أن اللغة المستخدمة في القانون الضريبي تتضمن العديد من المصطلحات التي تصعب على الرجل العادي فهمها، كما يصعب على المتخصص أحيانا تعيين معنى محدد لها، لتعارضها أو اختلافها مع مدلول هذه المصطلحات في قوانين أخرى، وترتيبا على ذلك قد يتضرر الممول شخصيا من ممارسات الإدارة الضريبية وتفسيرها للاتفاقية على نحو تخضعه للضريبة، ويكون السبب الرئيسي في قيامها اختلاف الدول (الإدارة الضريبية) في تفسير المصطلحات و العبارات الواردة في الاتفاقية المتضمن تجنب الازدواج الضريبي، ومن المعلوم أن العديد من اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي تنص على تعريف لبعض المصطلحات الواردة بها(مثل الشخص، الشركة، النقل الدولي وغيرها..)، وذلك لاستخدامها في تفسير وتطبيق الاتفاقية لمنع الخلاف بين الدولتين المتعاقدتين على تبني مفهوم لا يتبناه الطرف الآخر.
هذا على الجانب التشريعي والقانوني، أما عن الأسباب الإدارية التي تؤدي إلى المنازعات الضريبية، فمن أهمها زيادة السلطة التقديرية الواسعة التي تمنحها القوانين الضريبية إلى الإدارة الضريبية<sup>(6)</sup> إذ يترك للإدارة قدر من الحرية في التصرف وهي تباشر اختصاصها، بحيث يكون لها الحق في ان تقرر بمحض إرادتها.
مدى سلامة تدخلها لممارسة عمل معين أو الوسائل المناسبة له، والوقت الملائم لذلك، كأن تقوم على تفسير اتفاقية خاصة بتجنب الازدواج الضريبي على نحو يضر بمصالح الممول كأن تخضعه للضريبة وتلزمه بدفعها في حين انه غير ملزم بها، مما يترتب عليه نشوء منازعة ضريبية، يتطلب النظر فيها إتباع المراحل التي حددها القانون.

3- وسائل إنهاء و تسوية المنازعة الضريبية الدولية:
قد تقوم إحدى الدولتين المتعاقدتين أو كلتاهما باتخاذ إجراء يترتب عليه إخضاع الشخص للضريبة على نحو مخالف لأحكام اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الدولي، ومثل هذه الحالة تتبع إجراءات معينة لتسوية المنازعة الضريبية، وذلك بإتباع إحدى الوسيلتين التاليتين.
أ ). إجراءات التسوية الودية: la procédure amiable
تعتبر هذه الإجراءات بمثابة ضمانة للممول، إذ بمقتضاها يعرض الممول المنازعة إما على السلطة المختصة بالدولة المقيم بها إذا كان الإجراء المتخذ يتمثل في إخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو بالإخطار بوجوب أداء الضريبة وإما على السلطة المختصة بالدولة التي يتمتع بجنسيتها.
وإجراءات التسوية الودية تستقل تماما عن إجراءات المنازعة والطعون الضريبية التي يتضمنها التشريع الداخلي للدولة المتعاقدة، ويمكن للممول أن يتقدم بطلب لإتباع إجراءات التسوية الودية في الوقت نفسه الذي يتقدم فيه بالطعن الضريبي وفقا للتشريع الداخلي، ولكن الإدارة الضريبية تعمل على وقف الفصل في الطعن الضريبي الداخلي لحين الانتهاء من إجراءات التسوية الودية وتمر إجراءات التسوية الودية بمرحلتين:
المرحلة الأولى: فيها يتقدم الممول بطلب إلى السلطة المختصة سواء في دولة الإقامة أو في الدولة التي يتمتع بجنسيتها، ويقدم الطلب خلال المدة التي تنص عليها الاتفاقية وهي ثلاث سنوات<sup>(7)</sup>، ولكن الدول قد تتفق على مدد أقل أو لا تحدد أية مدة وفي هذه الحالة الأخيرة تطبق المدة المنصوص عليها في التشريع الداخلي<sup>(8)</sup>، وتبدأ المدة من تاريخ إخطار الممول بالإجراء الذي ترتب عليه إخضاعه للضريبة على نحو مخالف لأحكام الاتفاقية، ويجب أن يرفق الممول بالطلب المستندات المؤيدة لما جاء به وتتمتع السلطة المختصة بالدولة المقدم إليها طلب التسوية بسلطة تقديرية كاملة في قبول الطلب أو رفضه.
المرحلة الثانية: تبدأ هذه المرحلة في حالة تقرير قبول طلب الممول من قبل الدولة المقدم إليها، فهذه الأخيرة تقوم بالاتفاق مع الدولة المتعاقدة الأخرى لتسوية المنازعة، وعادة ما تنص الاتفاقيات على تشكيل كان مشتركة تضم ممثلين عن السلطات المختصة في الدولتين المتعاقدتين، وقد أخذت بهذا الاتجاه معظم الاتفاقيات الثنائية لتجنب الازدواج الضريبي، حيث نصت على إجراءات الاتفاق المشترك كوسيلة لحل المنازعات المتعلقة بتطبيق هذه الاتفاقيات لتتيح هذه الإجراءات المجال للمناقشة حول المنازعة بين السلطتين المختصتين بتطبيق الاتفاقية.
وعلى هذا فهذه الطريقة تهدف إلى توفير آلية خاصة لحل المنازعات الضريبية الناشئة عن تطبيق الاتفاقيات الدولية ولإتاحة الفرصة للدولتين المتعاقدتين للوصول إلى تفسير مقبول أو طريقة لتطبيق الاتفاقية.
وتعقد اللجان المشتركة اجتماعات سنوية، ويمكن لها استدعاء الممول لتقديم أية بيانات أو معلومات تكميلية و الاتفاق الذي يتم التوصل إليه يتم إثباته في محضر اجتماع اللجنة المشتركة.

وقد أثير التساؤل عن مدى اعتبار التفسير الذي تتفق عليه الدولتان معاً؟
يذهب رأي إلى أن هذا التفسير لا يلزم المحاكم التي تختص بالنظر في الدعاوى المتعلقة بتطبيق الاتفاقية ومن الدول التي أخذت بهذا الرأي بلجيكا وألمانيا واليابان والسويد وهولندا<sup>(10)</sup> حيث تقرر المحاكم في هذه الدول أنها حرة في إتباع ما تراه متفقا مع التفسير الصحيح لتطبيق الاتفاقية.
ويرى فريق آخر الاعتداد بالتفسير الذي اتفقت عليه السلطات المختصة في دولتين تطبيق الاتفاقية.

ويميز بعض الكتاب بين القرارات التي تتفق عليها الدولتان المتعاقدتان وذلك بالتفرقة بين نوعين من القرارات:
- النوع الأول يخص القرارات المتعلقة بحالة معينة، وهذا النوع لا تلزم به المحاكم عند عرض النزاع عليها.
- النوع الثاني يخص القرارات التي تتعلق بحالات عامة وهذا النوع يلتزم به المحاكم مما يجعل هذه القرارات بمثابة نصوص ملحقة بالاتفاقية تستمد قوتها من نصوص الاتفاقية ذاتها ولا يجوز للمحاكم الخروج عنها.
إلا أن هذه الاتفاقيات التي تتم بين الدولتين المتعاقدتين لا يحول دون أن يلجأ الممول لإقامة دعوى المنازعة الضريبية أمام المحكمة المختصة وبإتباع الإجراءات المقررة في قانون الدولة المقام أمامها الدعوى<sup>(11)</sup>.

ب ). الفصل في المنازعات الضريبية الناشئة عن اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي الدولي عن طريق المحاكم الوطنية المختصة
يختص القضاء الوطني بالفصل في المنازعات الضريبية التي يقيمها الممول في حالة قيام إحدى الدولتين أو كلتاهما باتخاذ إجراء يترتب عليه إخضاعه للضريبة على نحو مخالف لأحكام اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الدولي، ويتولى القضاء تفسير وتطبيق الاتفاقية عند نظر دعوى المنازعة الضريبية المقامة أمامه.
وطبقا للمادة 132 من الدستور الجزائري لسنة 1996 فإن المعاهدات الدولية، ومن بينها اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي الدولي تسمو فوق القانون " المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور، تسمو على القانون "
ويقع على الممول عبء إثبات خضوعه لأحكام الاتفاقية كما يقع عليه عبء إثبات أنه مقيم في الدولة المتعاقدة الأخرى التي أبرمت معها الجزائر الاتفاقية، ويكون له إثبات الإقامة بكافة طرق الإثبات.
وبالنسبة للتكييف La qualification سواء لأنواع الدخل المنصوص عليها في الاتفاقية أو غيرها من الوقائع، فإن الاتفاقية تحدد القانون الواجب التطبيق وهو بصفة أساسية القانون الوطني.
وقد يتم التكييف وفقا للقانون الأجنبي وذلك استثناء من المبدأ العام الذي يقضي أن يتم التكييف وفقا للقانون الوطني، ومن هذه الاستثناءات ما هو منصوص عليه في نموذج الاتفاقية<sup>(12)</sup>، وتشمل تعريف العقار الذي يجب أن يتم طبقا لقانون موقع العقار<sup>(13)</sup> وتعريف التوزيعات les dividendes والذي يجب أن يتم طبقا لقانون الشركة التي قامت بالتوزيع، وكذلك تعريف المقيم والذي يجب أن يتم طبقا لقانون دولة الإقامة<sup>(14)</sup>.
تجدر الإشارة أنه بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية الجزائري نجد بأنه حدد لنا الإجراءات الواجب إتباعها أمام الغرفة الإدارية على مستوى المجالس القضائية بوصفها صاحبة الاختصاص بالنظر في المنازعات الضريبية<sup>(15)</sup>.
و أن الدعوى المرفوعة أمام هذه الجهة لا يترتب عليها أثر الموقف<sup>(16)</sup> وبالتالي فهي لا تحول دون تنفيذ القرار المطعون فيه وعلى هذا فإن الهدف من رفع الدعوى أمام الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي هو العمل على إصلاح الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة أثناء تحديد وعاء الضريبة أو عند تسويتها، ويدخل في هذه الطلبات.
- طلبات إلغاء الضريبة أو تخفيضها وهذه الطلبات تقدم إلى المحكمة الإدارية بصفتها قاضي الضريبة.
وحتى تكون الدعوى مقبولة فإنه يتعين أن تتوافر فيها جملة من الشروط سواء من حيث الشكل أو من حيث الأساس فبالإضافة إلى الشروط العامة التي يجب أن تتوافر في المدعي لرفع الدعوى و المتمثلة في التمتع بالأهلية القانونية للتقاضي وأن يثبت وجود مصلحة له<sup>(17) </sup>" لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائزا لصفة وأهلية التقاضي وله مصلحة في ذلك ".
ويقرر القاضي من تلقاء نفسه انعدام الصفة أو الأهلية كما يقرر من تلقاء نفسه عدم وجود إذن برفع الدعوى إذا كان هذا الإذن لازما ".

بالإضافة إلى ذلك فإن الفقه و القضاء الإداريين اتفقوا على اعتبار ما يلي شروطا أساسية لقبول الدعوى<sup>(18)</sup>.
شرط التظلم الإداري المسبق:
هذا الشرط يجد أساسه القانوني في المواد من 70 إلى 73 من قانون الإجراءات الجبائية فيما يتعلق بالوعاء الضريبي ومن المواد 74، 145، إلى 156 فيما يخص منازعات التحصيل و إجراءات المتابعة.
وبوجه عام فالمشرع الضريبي الجزائري ألزم الممول حتى تقبل دعواه أمام الجهات القضائية أن يرفع تظلمه الإداري أمام الجهة مصدرة القرار لعلها تراجع نفسها ويتدارك أخطائها إن وجدت<sup>(19)</sup>.
وهذا الإجراء تترتب عليه عدة فوائد أهمها.
- تفادي الإجراءات القضائية الطويلة و المعقدة.
- يتضمن حماية للممول حتى لا يتحمل المصاريف القضائية.
- يتضمن ربح للوقت و الجهد و المصاريف.
- يخفف العبء على الجهات القضائية التي تعاني من كثرة القضايا المرفوعة أمامها من قبل الممولين.

الشرط المتعلق بالميعاد:
يترتب على عدم تقديم الدعوى خلال الميعاد الذي حدده القانون عدم قبول الدعوى لذا يتعين على الممول أن يرفع دعواه خلال مدة أربعة أشهر من يوم استلامه للقرار المتخذ من قبل الإدارة الضريبية "ترفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية في أجل(4) أشهر ابتداء من يوم استلام الإشعار الذي يبلغ بموجبه المدير الولائي للضرائب المكلف بالضريبة القرار المتخذ بشأن شكواه سواء تم هذا التبليغ قبل أو بعد انتهاء الآجال المحددة في المواد76-2 و76-3 و77 من قانون الإجراءات الجبائية "

- الشروط المتعلقة بشكل العريضة ومحتواها:
إضافة إلى الشروط السابق ذكرها فإن المشرع الضريبي الجزائري اشترط أن تحرر الطلبات المرفوعة أمام الغرفة الإدارية على مستوى المجلس القضائي على ورق مدموغ، كما يشترط في العريضة أن تكون موقعة من طرف صاحبها أو من له وكالة قانونية لمحام مقيد في نقابة المحامين " يجب تحرير الدعوى على ورق مدموغ وتوقيعها من قبل صاحبها عند هذه الدعوى من قبل وكيل طبقا لأحكام المادة 75 أعلاه "<sup>(21)</sup> .
ويجب أن تتضمن العريضة المقدمة إلى الغرفة الإدارية عرضا موجزا للوقائع التي تتصل بالنزاع والأدلة التي تثبت صحة ادعاءات المدعي فضلا عن البيانات العامة المتعلقة باسم المكلف ومحل إقامته وموضوع الطلب واسم من يوجه إليه الطلب ومحل إقامته وصفته " يجب أن تتضمن كل دعوى عرضا صريحا للوسائل، وإذا جاء على إثر قرار صادر عن مدير الضرائب بالولاية فيجب أن يرفع بالإشعار المتضمن تبليغ القرار المعترض عليه "<sup>(22)</sup>.
بعد توافر الشروط السالفة الذكر فإن الدعوى المرفوعة أمام الغرفة الإدارية على مستوى القضائي تخضع لإجراءات التحقيق المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والتي تتم تحت إشراف رئيس الغرفة الادارية الذي يتعين عليه التأكد من إخطار الخصوم ويعمل على احترام المواعيد و الإجراءات المعمول بها و التي تتوج في النهاية بصدور قرار قابل للطعن فيه بالاستئناف أمام مجلس الدولة باعتباره درجة من درجات التقاضي.
هذا بشكل عام أهم الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الناظرة في الدعوى المتعلقة بالمنازعة الضريبية و المرفوعة إليها من قبل الممول الذي تضرر شخصيا من ممارسات الإدارة الضريبية وتفسيرها للاتفاقية على نحو يخضعه للضريبة على خلاف ما تقرره الاتفاقية.

خــاتمة:
خلصت دراسة موضوع تسوية المنازعات الضريبية الناشئة عن اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي الدولي أمام المحاكم الوطنية على النحو السابق إلى أن المنازعة الضريبية هي المنازعة الناشئة عن العملية الضريبية و القواعد القانونية الموضوعية للفصل فيها سواء من الناحية الموضوعية أو الإجرائية وتتحلل العملية الضريبية إلى ثلاثة وسائل لتحقيق هذا الهدف وأن تكون الوسائل مرتبطة بالهدف وغير قابلة للانفصال عنه وتعتبر المنازعة الضريبية من المنازعات الإدارية سواء بالنظر إلى أطرافها أو موضوعها وأن القانون الواجب التطبيق مفصل فيها هو القانون الضريبي باعتباره أحد فروع القانون العام ولذلك فالأصل أن ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها المحاكم الإدارية(الغرفة الإدارية على مستوى المجالس القضائية ومجلس الدولة) بيد أنه وخروجا عن هذا الأصل فقد ينظر في هذا النوع من المنازعات طبقا لقانون موقع العقار وكذلك الأمر بالنسبة للتوزيعات التي تقوم بها الشركة فإنها تتم طبقا لقانون الشركة التي قامت بالتوزيع غير أن هذا الطريق الذي يختاره الممول لتسوية خلافاته مع الإدارة الضريبية قد يسبقه إجراء آخر يتمثل في التسوية الودية، وكما رأينا سابقا فإن هذا الإجراء يستقل تماما عن إجراءات المنازعة الضريبية والطعون الضريبية التي يتضمنها القانون الضريبي الداخلي للدولة المتعاقدة، ويمكن للممول أن يتقدم بطلب لإتباع إجراءات التسوية الودية في الوقت نفسه الذي يتقدم بالطعن الضريبي لحين الانتهاء من إجراءات التسوية الودية، إلا أننا نرى أنه كان من الضروري ألا يقبل أصلا طلب الطعن الضريبي المرفوع وفقا للقانون الضريبي ما دام أن الممول لجأ إلى طريق التسوية الودية، فالممول من حقه أن يختار إحدى الطريقتين لا أن يتقدم بتظلم أمام الإدارة الضريبة وفي نفس الوقت يقدم طلب تسوية ودية إلى السلطة المختصة سواء في دولة الإقامة أو في الدولة التي يتمتع بجنسيتها، كما أننا نرى بأن لجوء الممول إلى طريق الطعن الضريبي الداخلي أفضل من اختيار إجراءات التسوية الودية ذلك أن الاتفاقيات الضريبية لا تتضمن إجراءات محددة ولا توقيتات زمنية ملزمة للدولة المتعاقدة لضمان فعالية وسرعة البت في المنازعة، إضافة إلى ذلك أن الاتفاقية لا تجبر الدولة على إيجاد حل قاطع للمنازعة، وإنما كل ما تلتزم به أنها تسعى جاهدة لحلها، وهذا بعكس الإجراءات المتبعة وفقا للقانون الضريبي الداخلي فهي محددة ومطبوعة بطريقة تحقق مصالح كل من طرفي المنازعة الضريبية.

قـائمة المـراجع و الهوامـش:

  1. إبراهيم المنجي، الطعن بالنقض، الطبعة الأولى، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2006، ص08.</li>
- طاهيري حسين المنازعات الضريبية، القبة، الجزائر، دار الخلدونية للنشر و التوزيع، 2005 .
- محي محمد سعد، العلاقة القانونية بين الممول والإدارة الضريبية(دراسة تحليلية مقارنة)، الطبعة الأولى، القاهرة، مكتبة و مطبعة الإشعاع الفنية القاهرة ، 2000 ، ص 25.

  1. رمضان صديق، إنهاء المنازعة الضريبية الناشئة عن تطبيق القوانين الضريبية و الاتفاقيات الدولية(دراسة مقارنة)، القاهرة، دار النهضة العربي، 2006.</li>
- محمد عباس محرزي، اقتصاديات المالية العامة، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2005، ص 23.
- العيد صالحي، الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجنائية، الجزائر، دار هومة، 2006.
- عبد الباسط وفا، فض المنازعات الضرائب على الدخل بالطريق الإداري، القاهرة، دار النهضة العربية، 2001.

  1. المادة 131 من دستور 1996 الجزائري.</li>
  2. المادة 132 من دستور 1996 الجزائري.</li>
  3. محمد أحمد عبد الرؤوف محمد، المنازعة الضريبية في التشريع المصري المقارن، رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1998.</li>
  4. رمضان محمد بطيح، الرقابة على أداء الجهاز الإداري، القاهرة، دار النهضة العربية، ص 100وما بعدها.</li>
  5. المادة 25 من نموذج اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الدولي(منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية).</li>
  6. أنظر المادة 72 فقرة2 من قانون الإجراءات الجنائية.</li>
  7. رمضان صديق، نفس المرجع السابق، ص185.</li>
  8. أنظر المادة 82 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجنائية.</li>
  9. أنظر المواد 6، 10، 4 من نموذج الاتفاقية( منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية).</li>
  10. أنظر المادة 18 فقرة4 من القانون المدني الجزائري.</li>
  11. محمد أحمد عبد الرؤوف محمد، نفس المرجع السابق، ص351.</li>
  12. أنظر المادة 154 من القانون الجنائية.</li>
  13. الأصل أن المحاكم الإدارية التي تم استخدامها بموجب القانون رقم 98/02 المؤرخ في 30/05/1998 هي المختصة بهذا النوع من الدعاوي إلا أنه لم يتم تنصيبها إلى غاية اليوم، وخول قانونا للغرفة الإدارية على مستوى المجالس القضائية للنظر في المنازعة الضريبية إلى غاية تنصيب هذه المحاكم.</li>
  14. أنظر المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية.</li>
  15. أمزيان عزيز المنازعات الجنائية في التشريع الجزائري، عين مليلة، الجزائر، دار الهدى، 2005، ص66.</li>
  16. حسين فريحة، الإجراءات الإدارية والقضائية لمنازعات الضرائب المباشرة في الجزائر، الجزائر، منشورات دحلب، 1994، 89.</li>
  17. أنظر المادة 82 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجنائية.</li>
  18. أنظر المادة 83 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجنائية.</li>
  19. أنظر المادة 83 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجنائية</li>

look/images/icons/i1.gif تسوية المنازعات الضريبية الدولية أمام المحاكم الجزائرية
  16-01-2015 06:24 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-01-2015
رقم العضوية : 1603
المشاركات : 1
الجنس :
تاريخ الميلاد : 22-12-1965
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : إداري
شكرا لكم على هذا البحث القيم .............///////////////////******************yes

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
تسوية ، المنازعات ، الضريبية ، الدولية ، أمام ، المحاكم ، الجزائرية ،









الساعة الآن 08:24 AM