logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





06-05-2013 04:37 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 26-03-2013
رقم العضوية : 148
المشاركات : 94
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 50
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب

بســـــــم الله الرحمن الرحيم

مجموعة مسائل أسـاسـية فى مجـال العلاقات التجارة الدولية

1 ـ محل العلاقة التجارية الدولية .
2 ـ دور النظام التشريعي في مجال العلاقة التجارية الدولية .
3 ـ الوسائل التقنية لحــل منازعات العلاقات التجارية الدولية .
و ننبه من البدايـة بأننا سنتناول هذه العناصر بإيجاز و تركيز نظرا لطبيعة الدراسة وما يقتضيه التكوين عن بعد .


أولا : محل العلاقة التجارية الدولية
إنّ محل العلاقة التجارية الدولية مرتكز أساسا حول البيوع الدولية ، كما أنّ الإستثمار الدولي يلعب دورا إطاريا في هذا السياق , و عليه سنتناول هـتين المسألتين حسب الترتيب التالي :

1 ـ البيوع الدولية :
إنّ البيوع الدولية هي الإنعكاس المباشر لحركه التجارة الدولية التي تقوم على عملية التصدير والإستيراد , و نتناول في مسألة البيوع الدولية مايلي :

أ ـ تعريف عقد البيع الدولي :
إنّ عقد البيع الدولي لا يختلف عن عقد البيع في القانون الداخلي أو الوطني , فهو من جهة يعتبـر عقدا كسائر العقود , و من ناحية أخرى فإنّ محله يتضمن بيعا لمنتوج معين قد يكون طبيعيا أو صناعيا , و يقابله من حيث المصطلح عقد الشراء , إلاّ أن الإستعمال الدارج هو إستعـمال مصطلح عقد الـبيع الذي لا يتحقـق إلاّ بقيام عملية الشراء.
و يوصف العقد بأنه دوليا إذا وقع في شأن أحكامه تنازعا بين القوانين الدولية , من حيث أهلية المتعاقدين , وشروط التعاقد , و موضوع العقد, و القواعد التي تحكم شكله و موضوعه , فإذا لم يظـهر هذا التنازع بين القوانين الدولية في شأن العقد التجـاري فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصنف في إطارالعقود الدولية بل يعتبر عقدا تجاريا و طنيا محضا.
و كما سبق و أن أشرنا فان سبب ظهور التنازع بين القوانين في العلاقة التجارية الدولية هو وجود العنصر الأجنبي في هذه العلاقة سواء على مستوى أطراف العلاقة القانونية أو على مستوى بسبب العلاقة أو في مستوى محل العلاقة القانونية , و لا يشترط توافر العنصر الأجنبي في كل هذه النواحي مجتمعة بل يكفي أن يبرز العنصر الأجنبي في جانب واحد من هذه الجوانب .
و عليه فإنّ البيع الدولي هو البيع الذي لا تحكمه قواعد قانونية واحدة على سبيل الدوام بل تناعت بشأنه قواعد متعددة , و استقر الأمر على تطبيق أحد هذه القوانين المتنازعة عليه , و هو ما يميز البيع التجاري الدولي عن البيع التجاري الوطني .


ب ـ الإلتزامات المالية في عقد البيع الدولي

إنّ الإلتزامات المالية الناتجة عن عقد البيع الدولي تترتب بمجرد إنبرام العقد , بحيث تصبح حقا مكتسبا لمن تقررت الإلتزامات لصالحه , و تصبح إلتزاما مدنيا على من ترتبت عليه , و قد أشارت المادة 10 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري إلى أنه يجوزللجزائري أن يكلف أي أجنبي للحضور أمام المحاكم الجزائرية بشأن إلتزامات مالية قد أبرمها مع جزائري سواءا كان الإلتزام قد وقع في الجزائر أو وقع في الخارج.
و مما لا شك فيه أنّ المتعاقدين في عقد البيع الدولي قد يلجؤون إلى جهات ضامنة للوفاء بالإلتزام مثل البنوك الإستثمارية أو العادية , كما قد يلجؤون إلى شركات التأمين لتغطية مخاطر التعاقد , و في تلك الحالة فإنّ العلاقة القائمة بين هذه الجهات الأخيرة لا تحكمها نفس القواعد القانونية التي تحكم عقد البيع الدولي , بل تترتب وفقا لقواعد القانون بالنسبة لعلاقة تلك الجهات بالمستفيذ من خدماتها , فيكون بالنسبة إليها في وضع تنظيمي يخضع فيه إلى القواعد العامة دون تنـازع في القوانين.


جـ ـ تنفيذ عقد البيع الدولي :
إنّ تنفيذ عقد البيع الدولي يقع أساسا على عاتق البائع بحيث يلتزم بتنفيذ العقد المتفق عليه مع المشترى , فإنّ امتنع عن التنفيذ أو تماطل فيه فإنه يجوز للمشتري أن يفسخ التعاقد لإخلال البائع ببنود العقد , كما أن له أن يلزم البائع بالقيام بالتنفيذ بطريق التعويض , و هذا ماستقر عليه الوضع القانوني بشأن تنفيذ الإلتزامات التعاقدية , ويعتبر عامل الوقت عاملا أساسيا في تنفيذ عقود التجارة الدولية يقع على البائع الإلتزام بها , لأنه لا فائدة من تسليم المبيع بعد فوات أوانه , لأنّ ذلك قد يلحق خسائر معتبرة بالمشتري , فمثلا لو اتفقت شركة سعودية في موسم الحج مع مورد معين لتوريد سلعة في مـوسم الحج فإن التأخر عن هذا الموسم يعتبر إخلالا خطيرا ببنود العقد , وهو ما يقال أيضـا بشأن توريد البذور و بعض المنتجات في أوقات محددة ، فإنّ أي إخلال بعامل زمن التنفيذ فإنه يرتب المسؤولية المدنية على الجانب المقصر.
و يلجأ الطرف المتضرر إمّا إلى التحكيم أو إلى القضاء بشأن جبر ضرره الحاصل من جراء الإمتناع عن التنفيذ أو التأخر في تنفيذه , و تختص محاكم الجهة التي يقع بدائرتها التنفيذ في نظر تلك المنازعات المثـارة بشأن الإخـلال بالتنفيذ.


2 ـ الإستثمارات التجارية الدولية :
إنّ مجالات الإستثمار عديدة فيمكن أن تكون في المجال الصناعي أو الزراعي أو السياحي كما يمكن أن يكون الإستثمار منصبا على المسائل التجارية .
و يعتبر الإستثمار تجاريا إذا انصب على نشاط تجاري كإتخاذ صورة الوسيط بين البائع و المشتري أو دور المصدر أو دور الناقل أو دور المرّوج , و قد برز في العقد الأخير النشاط الإستثماري التجاري واضطلعت به مؤسسات متخصصة في شتى المجالات لجأت إلى بسط شبكة متكاملة في أكبر عدد ممكن من الأسواق التجارية العالمية ، و أضحى لهذه المؤسسات سمعة تجارية تدعو إلى الثقة في التعامل معها , و تلعب دورا تشجيعيا في مجال التبادل التجاري الدوري و حركة تنتقل رؤوس الأموال و السلع و الخدمات تحت إشراف مؤسسات متخصصة لهذه العملية .
وقد سعت الجزائر إلى ترقية الإستثمار الوطني و الدولي بموجب قوانين الإستثمار التي أوردت العديد من التشريعات للمستثمرين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية من النشاط لإدراكها بأنّ الإستثمار يلعب دورا حيويا في تحريك دواليب الإقتصاد الوطني و خلق مناصب شغل عديدة للعاملين و التقنتيين و الإطارات المتخصصة ، و هذا ما يشكل هدفا من أهداف التنمية و الإنفتاح الإقتصادي و التجاري على العالم .


ثانيا : دور النظام التشريعي في مجال العلاقة التجارية الدولية
قبل كل شيء لا بد من الاشارة إلى أنه ليس هناك سلطة تشريعية دولية على غرار الهيئات التشريعية الوطنية , وقد إعتبرنا أنّ المعاهدة الدولية و التي هي اسمى من القانون الداخلي تعد بمثابة تشريع دولي إتفاقي تنتج مراكز قانونية و تنظيمية بين مجموع الدول الموقعة لها .
و من ثم فإنّ دور التشريع يقتصر على تلك القوانين الوطنية التي تصدر على صعيد كافة الدول بغرض تنظيم شتى مجالات النشاط الوطني بما في ذلك النشاط التجاري الموجه للإستغلا ل الداخلي أو المعد للتعامل الدولي , وفي هذا السياق لا يمكننا تصنيف كل القوانين على صعيد واحد وإعتبارها متكاملة و متجانسة , بل إنّ الإختلاف و التفاوت قائم حتما بينها نتيجة عدة إعتبارات تختلف من دولة لأخرى , إذ لا زال هناك من الدول من تحتكر التجارة الخارجية , وهناك الإقتصاد الموجه , وهناك الإيديولوجيات المختلفة , وغيرها من التنظيمات المتباينة التي تنتج بالضرورة عدم الإنسجام على مستوى التشريعات الصادرة عن شتى الهيئات التشريعية بمراعاة ما يعاضدها من إيديولوجيات أو أنماط إقتصادية و تجارية تختلف بإختلاف المبادئ التي تقوم عليها ، و على هذا الأساس فإنّ التشريع يكون مرآة عاكسة لكل تلك المسائل و التناقضات الملاحظة واقعيا .
و كنتيجة لما سبق يمكن القول بأنّ النظام التشريعي يلعب دورا حاسما في مجال العلاقات التجارية الدولية إذ كلما تبنى مبادئ تخدم الرواج و الإنتعاش و التيسير كلما إزدهرت العلاقة التجارية الدولية ، و كلما ضيق من حرية النشاط كلما خابت مظاهر الرواج التجاري و تقلصت الأنشطة التجارية , وتبعا له تضاء لت العقود التجارية الوطنية و الدولية على حد سواء.
و في هذا السياق تبرز ترسانة من التشريعات التي تتحكم بشكل مباشر في مصير العلاقات التجارية الدولية أهمها:


1 ـ قانون الجمارك :
و يقصد بقانون الجمارك تلك النصوص القانونية الصادرة من الهيئة التشريعية لتنظيم حركة تنقل الأموال و السلع و البضائع من دولة لأخرى و ذلك مثل قانون الجمارك الجزائري الصادر وفقا للقانون رقم 70-79بتاريخ 1979/07/21المعدل و المتمم , الذي ينظم حماية الحدود الوطنية من التدفق اللامشروع للسلع و البضائع و المنتجات المحضورة , فنجد مثلا أنّ القانون المذكور قد أوكل في مادته الثالثة لادارة الجمارك مهمة إحصاء التجارة الخارجية الجزائرية , وأشـار في المادة الرابعة إلى أنّ القانون يشمل جميع البضائع المستوردة و المصدرة و كذا البضائع ذات المنشأ الجزائري و الموضوعة تحت نظام جمركي. و قد خصص بابين كاملين بدءا من المادة 115 إلى المادة 203 للنظام الإقتصادي الجمركي و إستيراد وتصدير الأشياء والأمتعة , فالنظام الذي يرسيه قانون الجمارك والقوانين المكملة له و كذا المراسيم التطبيقية هي التي تحدد إمكانية التعامل التجاري و إنسيابيته من وإلى داخل إقليم الدولة , فهناك المنع الذي يواجه بعض السلع و البضائع لأسباب إستراتيجية كما هو الشأن مثلا في المادة 8التي تنص " تعتبر ممارسة غير مشروعة عند الإستيراد كل استيراد لمنتوج يكون موضوع إغراق أو دعم بحيث يلحق عند عرضه للإستهلاك أو يهدد بإلحاق أضرار هامة لمنتوج وطني مماثل أو يعطل بصفة ملموسة إنشاء أو تنمية إنتاج وطني مماثل « ، فهذا النص و ما شابهه هو الذي يرسم سياسة الدولة في مجال العلاقات التجارية الدولية حماية لبعض القيم الوطنية بما فيها حماية السوق الوطنية , أو إعطاء احتكارالوضع الأمثل للإنتاج الوطني , حتى لا يسوده الإغراق من قبل منتوج أجنبي مستورد ، و هو مايلقي عبئا على المتعاملين فى ضرورة تقصى تلك المجالات المسموح قانونا بالتعامل فيها و تلك المجالات المحضورة أو التي يرد عليها قيدا تشريعيا .
و لعل التعريفة الجمركية و التي حددت المادة 6 من قانون الجمارك مجالات سيرانها حسب المدونة الاصلية و البنود الفرعية و التي تتحكم بشكل حاسم و مباشر في عملية التصدير والإستراد في مجال العلاقات التجارية الدولية ، و نظرا لأهمية التعريفة الجمركية فقد أولتها العديد من التشريعات أهمية خاصة لدرجة أنّ العديد من الدول قد أبرمت معاهدات خاصة فيما بينها قصد توحيد نظام التعريفة الجمركية , كما هو الشأن مثلا في دول السوق الأوروبية المشتركة التي أفضت إلى بروز الإتحاد الأوروبي في المجال الإقتصادي .
و قد تضمنت إتفاقيات جامعة الدول العربية بعض النصوص المتعلقة بالتعريفة الجمركية قصد توحيد نظامها إلا أن بنود تلك المعاهدات ظلت حبرا على ورق فطغت التشريعات الداخلية على تنظيم مصير الحياة التجارية العربية و أثرت عليها بكيفية سلبيـة تدعو لكل الأسف .


2 - قانون الضرائب :
قانون الضرائب هو الذي يحدد حقوق الدولة ومن خلال الخزينة العمومية في النشاط الإقتصادي بشكل عام و التجاري بشكل خاص ، و يشمل عدة فروع أو عدة أنماط من الضريبة فهناك الضريبة المباشرة و الضريبة غير المباشرة , وهناك الضريبة على النشاط و الضريبة على الربح , وهناك الضريبة على القيمة المضافة و كلها تشكل صورا عن مجالات فرض الضريبة أو كما يسمى ( وعاء الضريبة) .
وبكل تأكيد فإنّ النظام الضريبي يختلف من دولة لأخرى تبعا لإختلاف التشريع الضريبي الذي قد يلعب دور المشجع و المحفز للنشاط التجاري , و قد يقدم علىعكس ذلك , فيضع أعباء لا يقبل المتعاملون تحملها, فكلما منح قانون الضرائب تسهيلات و إمتيازات إلاّ وفهم منه بأنّ التشريع يشجع التبادل التجاري , ويساعد على الإنتعاش الإقتصادي , وكلما سادته التحكمية و الجزافية و المغالاة و اللامبالاة كلما أحجم المستثمرون التجاريون في إبراز نشاطهم إلى النور , وساد السوق الداخلية فوضى النشاط التجاري , و أبرمت العقود في غياب كل الضمانات القانونية , فتصبح التجارة كلها عقودا شفوية , ويصبح الرصيف معرضا لها , وتنصب الأسواق وتختفي دون ضابط أو معيار , وتسود المضاربة اللامشروعة , وتظهر السلع المقلدة والمزيفة التي لا يعرف لها منشأ , وتضحى الحياة التجارية غابة يحكمها قانون العصابات و التكتلات التي تستند إلى قانونها الشخصي.
و قد لا يدرك البعض بأنّ لقانون الضرائب هذا الدور الخطير في رسم معالم الحياة التجارية الوطنية و لكنها هي الحقيقة المسجلة في أغلب الدول التي يسودها نظام تشريعي ضريبي لا يدرس معطيات السوق الوطنية و لا يهمه إلاّ فرض الضريبة بشكل أعمى , وهو في الأخير يخسر موارده , وعكس ذلك التشريع الضريبي الواضح و الذي يشجع المبادرات و يفرض نسبا معقولة من الضريبة على الأنشطة بحيث تتعدد روافده و تمتلئ خزائن الدولة من الدخل المحدود المنتـظم والمتواصـل ، و عليه يمكن القول بأنّ قانون الضرائب إنما يشكل أيضا دورا حاسما في مجال تشجيع العلاقة التجارية بشكل قانوني و منـظم .


3 - قانون الإستثمار : ( قانون 12-93 المؤرخ في 1993/10/05)
إنّ ثالث قانون يتحكم بشكل حاسم في مسار العلاقة التجارية الدولية هو قانون الإستثمار الذي ينظم مجالات الإستثمار داخل الدولة هذه المجالات التي قد تكون صناعية أو فلاحية أو تجارية أو سياحية أو غيرها , مما تحتاج كل دولة حسب نموذجها و طبيعتها .
و يقوم هذا القانون بتحديد مجالات الإستثمار , إلى جانب تحديد حقوق و واجبات المستثمرين في الدولة بحيث يمكنهم من كل الضمانات القانونية برعاية نشاط المستثمر وأمواله طالما إلتزم المستثمرون بالقوانين التنظمية في مجال الإستثمار ، و هذا القانون قد يحمل معه مجموعة من التشجيعات مثل إعداد الأرضية القاعدية من طرف الدولة بتهيئة مكان للإستثمار و بنائه و تزويده بالمرافق الضرورية , ومثل الإعفاءات الضريبية لسنوات معينة قد تمتد إلى 5 أو 10 سنوات , وضمان مساعدة البنوك للنشاط الإستثماري إلى غير ذلك من التسهيلات التي يمنحها قانون الإستثمار للمستثمرين الوطنيين أو الأجانب على قدر المساواة , كما هو الشأن مثلا في قانون الإستثمار المصري و قانون ترقية الإستثمار الجزائري .
و أهم ما يوليه المستثمرون من الإهتمام هو ضمان عدم تأميم المشروع الإستثماري , خاصة في دول العالم الثالث والدول ذات النظام الإشتراكي أصلا , لدرجة أنّ بعض المستثمرين في بعض دول العالم الثالث قد اشترطوا ضرورة النص على عدم تأميم رأس المال الأجنبي ضمن بنود الدسـتور و ليس على مستوى قانون الإستثمار .
و لكنه يجب علينا أن نسجل هنا بأنه يجب أن لا يكرس قانون الإستثمارنظام الامتيازات وتقديم التنازلات أمام ضغط المستثمرين و إلاّ إنقلبت العملية الإستثمارية إلى إحتـلال إقتصـادي داخل الدولة الواقع فيها الاستثمار , ولابـد من مراعاة الإبقاء على القطاعات الحيوية في الدولة في منـأى عن المنافـسة الإستثمارية تحسبا للتبعية الإقتصادية , لأنّ الإسـتـثـمار سـيـف ذو حـديـن , سيتوجب تنفيذه بكل وعي و تبصر وإلاّ إنقلب إلى العكس و أصبح سيفا متسلطا على عاتق الدولة الواقع بها الإستثمار أو المانحة له.


4 ـ القوانين الغير مباشرة:
إلى جانب قانون الجمارك ـ الضرائب ـ الإستثمارـ التي تلعب دورا حاسما في العلاقة التجارية فإنّ هناك مجموعة أخرى من القوانين تشكل خلفية غير مباشرة لتشجيع العلاقات التجارية الدولية من بينها القانون التجاري الوطني , والقانون المدني في الجانب المتعلق بتنازع القوانين الدولية , وقانون الإجراءات المدنية , هذه القوانين لا يمكن إهمال دورها في مجال العلاقة التجارية الدولية فهي تشكل ضمانات ثانوية لنجاح و رواج العلاقة التجارية الـدولـية .
فالملاحظ مثلا أنه ليس هناك أي معنى لانتعاش العلاقة التجارية الدولية في الوقت الذي يسود فيه الجمود و التحجر قواعد القانون التجاري الوطني , فهو يصيب العلاقة التجارية الدولية بالإنسداد في منفذ التصريف كما أنه قد تصاب العلاقة التجارية الدولية بالاحباط والإخفاق إذا لم تصادف وسائل قانونية لحل التنازع بين القوانين الدولية في حالة حدوثه مثلا على مستوى الخلاف الناشئ عند إبرام العقد التجاري الدولي أو عند تنفيذه أو ما ترتب عن هذا العقد من إلتزامات متقابلة عند كلا طرفي العلاقة التجارية الدولية .
و من ناحية أخرى فإنّ قانون الإجراءات المدنية من شأنه أن يساهم في إيجاد الضمان العملي برعاية القضاء الوطني في كل دولة لمنازعات العلاقات التجارية الدولية بسن قواعد للإختصاص و مراعاة سرعة الفصل في منازعات العلاقات التجارية الدولية , وكل إجحام أو تباطئ في الفصل في تلك المنازعات يكون له دور جد سلبي في تشجيع العلاقة التجارية الدولية .


ثالثا : الوسائل التقنية لحل منازعات العلاقة التجارية الدولية .

من المعلوم أنه قد نشأ عن العلاقات التجارية الدولية منازعات بين أطراف هذه العلاقة لسبب أو لآخر سواءا في مرحلة إنشاء العلاقة أو في طور سريانها أو عند نتنفيذها و ما يتبع ذلك من إشكالات أو عدم تطابق في المواصفات المتفق عليها ، و من تم كان لابد من البحث عن الوسائل القانونية لإنهاء النزاع القائم بين الأطراف .
و على مستوى القانون بإعتباره أدات تقنية لمواجهة هذه المنازعات نلاحظ أنه قد نص على وسيلتين قانونيتين يمكن بموجبها إيجاد الحلول القانونية بمنازعات العلاقات التجارية الدولية تتمثل في الأتي :


1 ـ اللجوء إلى التحكيم :
إنّ التحكيم وسيلة قديمة لحل المنازعات بين الأفراد و هو مسألة معترف بها سواء على مستوى القانون الدولي العام أو القانون الدولي الخاص أو قواعد القانون الوطني

أ ـ أهميـة التحكيم في العلاقــات التجارية الدولية
تقوم العلاقات التجارية الدولية على السرعة والائتمان في تقديم السلع والخدمات و مما يجعل لعامل الوقت أهمية خاصة , ولذلك فان منازعات هذا النوع من العلاقات القانونية يستوجب فصله بأقصى سرعة ممكنة حتى تعود دواليب النشاط التجارى إلى نشاطها المعتاد في أقل وقت ممكن وتلبية مايترتب على ذلك من التزامات تعاقدية قد تغطى احتياجات ومتطلبات شعوب دول كثيرة , ولعل أفضل طريق يوفر السرعة والنجاعة انما يتمثل في التحكيم , ولذلك فقد حرص المجتمع الدولى على تنظيم قواعد التحكيم بصفة عامة والتحكيم التجارى الدولى على وجه خاص وهو مابرز من خـلال الاتفاقية المبرمة في مونتيفيديو بالارجواى في 08/01/ 1889 باعتماد التحكيم كوسيلة لانهاء المنازعات , وتوالت الجهود الدولية باعتمـاد شروط التحكيم في اطار عصبة الامم المتحدة وفقا لبروتوكيل التحكيم المعتمد في جنيف في 24/ 09 /1923 الذى يقر وبشكل صريح انعقاد التحكيم التجارى الدولى بين الدول الموقعة والمنظمة إليه , والذى أقـرحرية أطراف التحكيم بتشكيل هيئة التحكيم وتنظيم اجراءاته مع التعهد بتنفيذ قرارات التحكيم بين الدول المنظمة للبروتوكول , وقد تـوج هذا البروتوكول بابرام اتفاقية التحكيم في 26/12/1927 بجنيف لتأكيد أهمية التحكيم وتنفيذ قراراته التى لاتخالف النظام العام في بلد التنفيذ مع التأكيد على عدم جواز طرح موضوع النزاع على الهيئات القضائية بعد صدور قرار التحكيم .

وأمام عدم رضا غـرفة التجارة الدولية على الجهود المبذولة فقد تقدمت بمشروع اتفاقية إلى هيئة الامم المتحدة لازالة بعض العوائق التى تعترض سبيل التحكيم والقيود القانونية التى قد تؤثر في سـلاسـته , مما دعى إلى عقد مؤتمر دولى تحت غطاء الامم المتحدة في نيويورك أسفر عن اتفاقية نيويورك لتنفيذ قرارات التحكيم في 10/06/1958 , وقد انظمت الجزائر لتلك الاتفاقية سنة 1988 , ثم ملبثت الجهود الدولية بتكريس نظام التحكيم التجارى الدولى فأبرمت الدول الاوروبية مجتمعة اتفاقية التحكيم التجارى الدولى في 21/04/1961 بجنيف ركزت بشكل أكثر على اجراءات التحكيم ومبطلات القرارات التحكيمية والجهة المخول لها ذلك , وبايعـاز من لجنة القانون التجارى الدولى بهيئة الامم المتحدة فقد دعت الهيئة الدول الاعضاء إلى تطوير قوانينها الداخلية بشأن التحكيم مما أسفر عن اعتماد قواعد التحكيم التجارى الدولى من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة في 15/12/1976 وتواصلت جهود الامم المتحدة إلى غاية صدور القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى في 21/06/1985 .
أما على المستوى العربى فقد حرصت الدول العربية في اطار جامعة الدول العربية بعد أزمة استثمار النفط العربى الشهيرة سنة 1973 إلى ابرام اتفاقية 10/06/1974 التى دخلت حيز التنفيذ في 20/08/1976 والتى عكفت على تنظيم التحكيم في مجال استثمار النفط العربى من الشركات المستثمرة في مجاله .وقد تلى هذه الاتفاقية اتفاقية تشجيع وحماية استثمار رؤوس الاموال العربية داخل الدول العربية سنة 1985 ونصت على اللجوء إلى التحكيم العربى بشأنها أو إلى محكمة الاستثمار العربية , وبناء على اقتراح من الجزائر فقد ابرم اتفاق عـمان للتحكيم التجارى العربى في 14/04/ 1987 في اطاراجتماع وزراء العدل العرب تم الاتفاق فيه على انشاء هيئة عربية للتحكيم التجارى الدولى .


ب ـ مـوضـوع الـتـحـكـيـم التجـارى الدولـى
لقد أجاز القانون اللجوءإلى التحكيم في كل حق يملك صاحبه مطلق التصرف فيه بإستثناء ما ورد حصرا في المادة 442 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على مايلي { يجوز لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها , و لا يجوز التحكيم في الإلتزام بالنفقة و لا في حقوق الإرث و الحقوق المتعلقة بالمسكن و الملبس و لا في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الاشخاص وأهليتهم } فالنص يجيز بشكل صريح للأشخاص الطبيعيين اللجوء إلى التحكيم بإستثناء ما ورد حصرا في القانون , كما وقد أجاز القانون للهيئات العامة اللجوء إلى التحكيم في العلاقات التجارية الدولية وعندئدن فإنه قد يلجأ إلى هيئات وطنية أو دولية , و قد عرفت المادة 458 مكرر التحكيم الدولي بقولها « يعتبر دوليا بمفهوم هذا الفصل التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بالمصالح التجارية الدولية و الذي يكون فيه مقر أو موطن أحد الطرفين على الأقل في الخارج « . فيكون إذن معيار التحكيم الدولي هو مقر أو موطن أى واحد من طرفى المنازعة في الخارج .
و سواء كان التحكيم وطنيا في العلاقة التجارية الدولية أو دوليا فإنه يكون واجب التنفيذ
ومما سبق يتضح بجلاء وبحكم القانون أنه يجوز اللجوء للتحكيم لفض منازعات العلاقات التجارية الدولية حتى من قبل الهيئات العامة .


ج ـ تعييـن هـيـئـة الـتحـكـيم
أن تعيين هيئة التحكيم منـوط أسـاس بأطراف العلاقة القـانونية فاليهم وحدهم يعود الحق في تعيين هيئة التحكيم التى ستتولى الفصل في النزاع المثار بين طرفى العلاقة القانونية على اعتبار أن التحكيم وسيلة رضائية لحل التنازع بين الطرفين .
والاتفاق على اللجوء للتحكيم وتحديد الهبئة التحكيمية قد يتم عند تحرير العقد أو الاتفاقية أى بشكل مسبق على نشوء المنازعة , كما أنه ليس هناك مايمنع الاطراف من الاتفاق اللاحق على التحكيم بعد بروز النزاع وتعيين الهيئة التحكيمية تبعا لذلك تطبيقا لمبدأ سـلطان الارادة في مجال التصرفات القانونية خاصة ,انه كما اسلفنا فان هذه الوسيلة رضـائية بين طرفى العلاقة القانونية .
و في حالة عدم إتفاقهم يجوز للطرف المعني أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة القيام بهذا التعيين (المادة 458مكرر 2من قانون الإجراءات المدنية ) وذلك اذا كان التحكيم الدولى قد تم في الجزائر, أو كان القانون الجزائرى هو المطبق اجرائيا .
والمهم أنه في كل الاحوال يستوجب الاتفاق المسبق أو اللاحق على اللجوء للتحكيم بين أطراف العلاقة التجارية الدولية , والا فان الاختصاص يؤول في ذلك بحكم القانون إلى الجهات القضائية المختصة.
وهيئة التحكيم قد تكون أفرادا طبيعيين وفى هذه الحالة فانه يستحب أن يكون تشكيل عددهم فرديا لضمان عدم تعادل الاصوات فيكون العدد 1 أو 3 أو5 وهكذا خاصة عند عدم الاتفاق بأن صوت رئيس الهيئة التحكيمية يكون مرجحا لتعادل الاصوات , أما اذا تم الاتفاق على ذلك فان العدد ليس محل اعتبار , كما أن التحكيم قد يتم من طرف هيئات تحكيمية متخصصـة في مجال التجارة الدولية هذه الهيئات التى تتمتع بالخبرة اللازمة لحل كل منازعات العلاقات التجارية الدولية سواء أكان أطرافها أفرادا عاديين أو شركات أو دولا مختلفة .


د ـ الـتـحـكـيم في القـانـون الجـزائرى
لقد كان النص على القواعد الخاصة بالتحكيم في القانون الجزائرى جد محتشمة عند صـدور قانون الاجراءات المدنية الجزائرى بالامر 66 ـ 154الصادر في 08/ 06/ 1966 , وما لبث المشرع الا أن عدل قواعد التحكيم وفقا للامر 71 ـ 80 , ومع ذلك فقد ظل التحكيم في الجزائر لايرقى إلى الدرجة المطلوبة والغاية المنشودة من جعل التحكيم وسيلة ناجعة لحل النزاعات بشكل حقيقى بين طرفى العلاقة القانونية , مما دعى بالمشرع إلى اجراء التعديل الهام على قواعد التحكيم سنة 1993 وفقا للمرسوم التشريعى رقم 93/09 المؤرخ في 25 /04/ 1993 حيث أدخل تعديلا هـاما على نظام التحكيم في الجزائرفتناول اجراءات التحكيم في المواد من 442 إلى 451 و كما تناول تنفيذ احكام التحكيم في المواد من 452 إلى 454 , وتطرق إلى طرق الطعن في قرارات التحكيم في المواد من 455 إلى 458 وافرد قسما خاصا بالتحكيم التجارى الدولى في المواد 458 مكرر والمادة 458مكرر 1 , وتناول التحكيم الدولى في المواد 458 مكرر2 إلى 458 مكرر 16 , وفى شأن الاعتراف بقرارات التحكيم الدولى أورد المواد من 458 مكرر 17 إلى 458 مكرر 28 , وبذلك فقد غطى المشرع أهم متطلبات التحكيم في المجالات المختلفة بما فيها التحكيم في العلاقات التجارية الدولية .
فقد نص المشرع في المادة 458 مكرر على أنه {{ يعتبر دوليا بمفهوم هذا الفصل التحكيم الذى يخص النزاعات المتعلقة بمصـالح التجـــارة الدولية والذى يكون فيه مقرأو موطن أحد الطرفين على الاقـل في الخارج }} . ونص في المادة 458 مكرر 1 على انه {{ تسـرى اتفاقية التحكيم على النزاعات المستقبلية والقائمة .يجب من حيث الشكل , وتحت طائلة البطلان , أن تبرم اتفاقية التحكيم بموجب عقد كتابى .تعتبر صحيحة من حيث الموضوع اذا استجابت للشروط التى يضعها اما القانون الذى اتفقت الاطراف على اختياره , واما القانون المنظم لموضوع النزاع , لاسيما القانون المطبق على العقد الاسـاسى , واما القانون الجزائرى . لايمكن الاحتجاج بعد صحة اتفاقية التحكيم , بسبب أن العقد الاسـاسى قد يكون غير صحيح }} .


ه ـ اسـتـئناف قـرار التـحـكيم
لقد أجاز المشرع الجزائرى استئناف قرارات التحكيم من طرف الطرف المتضرر من قرار التحكيم
أمام الهيئات القضائية فى دائرة اختصاص الجهة التى وقع فيها التحكيم وذلك خلال الشهر الذى يقع فيه تبليغ القرار التحكيمى { 30 يوم من التبليغ } , ويتم ذلك أمام المجلس القضائى في الجهة التى وقع فيها التحكيم , على أن يؤسـس الطعن في القرار التحكيمى على احدى الأوجه الواردة في المادة 458 مكرر 23 من قانون الاجراءات المدنية والمتمثلة فيما يلى :
ـ إذا تمسكت محكمة التحكيم خطأ بإختصاصها أو بعدم اختصاصها .
ـ إذا فصلت محكمة التحكيم بدون إتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضت مدتها .
ـ إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفين للقانون .
ـ إذا فصلت محكمة التحكيم دون الإمتثال للمهمة المسندة إليها .
ـ إذا فصلت محكمة التحكيم زيادة على المطلوب أو لم تفصل في وجه من وجوه الطلب .
ـ إذا لم يراع مبدأ حضور الأطراف .
ـ إذا لم تسبب محكمة التحكيم أو لم تسبب بما فيه الكفاية أو إذا وجد تضارب في الأسباب .
ـ إذا كان الإعتراف أو التنفيذ مخالف للنظام العام الدولي .
وبالتالي فإنه لا يجوز أن يبنى استئناف قرار التحكيم إلا على إحدى الوجوه الواردة أعلاه وهذا ما يخالف فيه قرار التحكيم الأحكام القضائية التي يجوز إستئنافها دون حصر لأسباب الاستئناف , مع أن هذه الأخيرة قد تشترك مع قرار التحكيم في العديد من أسباب الإستئناف , إلا أن إستئناف الحكم القضائي أعم من إستئناف قرار التحكيم ولا يعتبر ذلك عيبا بل هو ميزة قصد الإسراع في تنفيذ قرارات التحكيم إذا لم يوجد سبب جدي وجوهري لإستئنافه .


و ـ تـنفـيذ قـرارات التـحـكـيم
اذا تم التحكيم وفقا للشكل القانونى المطلوب فان قوته الثبوتية لاتقـل عن أحكام القضــاء , وبالتالى فهى تتمتع بذات الحجية القانونية في اتجاه أطراف العلاقة القانونية و كما أنها تكون واجبة النفاذ سـواء صدرت تلك القرارات هنا في الجزائر أو وصدرت في أى دولة أجنبية , وعلى كل الاحوال فان القرارات التحكيمية انما تكتسى القوة التنفيذية بموجب الصيغة التنفيذية التى تمنحها الجهة القضائية في دائرة اختصـاص محل التنفيذ شأنها في ذلك شـأن الاحكام القضائية الاجنبية اذ يستوجب عرضها على محكمة مقر المجلس للحصول على الصيغة التنفيذية في دائرة اختصاص المجلس القضائى الجزائرى وفقا للمادة 325 من قانون الاجراءات , الاأن الصيغة التنفيذية لقرارات التحكيم تمنح من محكمة دائرة وقوع التحكيم أومحكمة محل التنفيذ .
فقد نص القانون في المادة 458 مكرر 17 على انه {{ يتم الاعتراف في الجزائر بالقرارات التحكيمية الدولية اذا اثبت المتسك بها وجودها , وكان هذا الاعتراف غير مخالف للنظام العـام الدولى .
وبنفس الشروط تعتبر قابلة للتنفيذ في الجزائر , من لد ن رئيس المحكمة التى صدرت هذه القرارات في دائرة اختصاصها أو من رئيس محكمة محل التنفيذ اذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا خارج تراب الجمهورية }} . وهذا مايوجد التشابه الكبير بين تنفيذ أحكام المحاكم وقرارات التحكيم التجارية الدولية .


2 ـ اللجوء إلى القضاء .
إن اللجوء إلى القضاء لإنهاء منازعات العلاقات التجارية الدولية رهين بعدم إتفاق أطراف العلاقة التجارية على عدم اللجوء للتحكيم أو رفض أحد الطرفين ذلك مما يجعل المتضرر يلجا إلى ساحات القضاء لإجبار خصمه لإنهاء الخصومة وعلى هذا فإن اللجوء إلى القضاء هو وسيلة غير إتفاقية لإنهاء الخصومة عكس ما هو سائد في التحكيم .

يتحدد إختصاص القضائي في مجال العلاقات التجارية الدولية بمراعات القواعد العامة لإختصاص القضاء الوطني المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية في المواد 41 و 42 من قانون الاجراءات المدنية والإدارية فبمقتضى المادة 41 على أن " كل أجنبي حتى ولـو لم يكن مقيما في الجزائر يجوز أن يكلف بالحضور امام المحاكم الجزائرية لتنفيذ الإلتزامات التي تعاقد عليها في الجزائر مع جزائري .

كما يجوز أيضا أن يقدم إلى المحاكم الجزائرية بشأن عقود ابرمها في بلد أجنبي مع جزائريبين .
وتنص المادة 42 قانون إجراءات مدنية و إدارية على انه " يجوز تقديم كل جزائري للجيهات القضائية الجزائرية بشأن إلتزامات تعاقد عليها في بلد اجنبي حتى ولو كان مع أجنبي " .
فهذين النصين صريحين في إعطاء الإختصاص للمحاكم الجزائرية بشأن منازعات يكون فيها طرف جزائري بصفته مدعى أو مدعى عليه مع الإشارة أن القانون الجزائري قد حاول حماية المواطن الجزائري في العلاقات الدولية فاجاز له أن يدعى امام القضاء الجزائري على أي أجنبي سواء كان مقيما في الجزائر أو في الخارج اذا كان موضوع العلاقة التجارية قد وقع في الجزائر أو في الخارج وهو الأمر الذي تفرد فيه المشرع الجزائري والمشرع الفرنسي إذ لا وجود لهذه الصورة من الإختصاص في باقي التشريعات الأخرى بما في ذلك التشريعات العربية .
وبعد تحديد اختصاص المحاكم الوطنية في مجال العلاقات التجارية الدولية فإن القاضي ملزم بأن يجرى تكييفا للعلاقة القانونية وفقا لقانونه الوطني حسب ما أكدت المادة 9 من القانون المدني بقولها " يكون القانون الجزائري هو المرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق
وبذلك فإن عملية التكليف تدور وجودا وعدما مع مسألة الإختصاص القضائي فكلما كان القاضي الجزائري مختصا كلما أجرى التكييف بناء على قانونه الوطني .
وعند الإنتهاء من اظفاء الصفة القانونية على المنازعة فإن القاضي الوطني يلجأ إلى إسنادها وفق قواعد الإسناد الوطنية في قانونه الوطني وهي محددة في القانون الجزائري من المادة 10 إل المادة 24 من القانون المدني الجزائري .

وتوصف القاعدة القانونية بأنها إسنادية إذا توفرت فيها ثلاث عناصر هي :
- الفكرة المسندة
ـ ضابط الإسناد
ـ القانون المسند إليه
, وتشمل الفكرة المسندة مجموع المسائل القانونية التي تندرج في خانات كبرى بحسب تصنيفات قواعد الإسناد , ويتمثل ضابط الاسنـاد في المعيار المحدد من طرف المشرع من خلال مركز ثقل العلاقة القانونية كمؤشر للمنازعة , أما القانون المسند إليه فهو القانون الذي فضله المشرع وارتأى بأنه الأكثر عدلا لحكم العلاقة بعد مفاضلته مع القوانين المتنازعة .

وحتى تحقق هذه القواعد التي توصف بالاسنادية الغاية المرجوة منها فإنه يستوجب ان تشمل مجموعة من الخصائص فيستوجب أن تكون قواعد شكلية وليست موضوعية وقواعد غير مباشرة لحل النزاع وقواعد مجردة بغض النظر عن أطراف العلاقة وتتسم بكونها قواعد مزدوجةفيمكن أن تشير إلى تطبيق القانون الوطني كما قد تشير إلى تطبيق القانون الاجنبى على العلاقة التجارية الدولية .
وحينما ينتهي القاضي الوطني من تحديد قاعدة الإسناد الواجبة التطبيق فإنه يشرع في تطبيق القانون المسند إليه والذي كما أشرنا قد يتمثل في القانون الوطني أو في القانون الأجنبي ولا إشكال إذا كان القانون المطبق هو القانون الوطني أما إذا كان قانونا أجنبيا فإنه يقع على القاضي عبء البحث عنه بكل وسيلة متاحة له في تلك المنازعة وعند الحصول عليه فإن يقوم بتطبيقه مثل القانون الوطني تماما فيلجأ إلى القواعد الموضوعية فيه بشكل مباشر تفاديا للوقوع فيما يدعىالإحالة القانونية حتى لا يظل القاضي يدور في حلقة مفرغة إذا واجهته حالة الإحالة المتعددة الدرجات .
وتجدر الإشارة بأن القاضي الوطني يقوم بدور المراقب لتطبيق القانون الأجنبي أمام القضاء الوطني بحيث يقع عليه إستبعاد هذا القانون من دائرة التطبيق كلما لمس أن هناك تحايلا على القانون من طرف المتخاصمين بعدم تمكينهم من إتمام ذلك التحايل وفقا لأحكام قضائية وهو مايطلق سلطته التقديرية التي يتبينها من خلال بعض الملابسات التي قد تبدو له من وقائع القضية المطروحة أمامه.
كما أن القاضي يقوم يدور الرقيب الصارم فيما يتعلق بمسائل النظام العام أو الأداب العامة فكلما كان القانون الأجنبي الواجب تطبيقه مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة فإن القاضي الوطني يستبعد ذلك القانون لصالح التشريع الوطني وينتهى الامر باصدار حكم قضائى في منازعة العلاقة التجارية الدولية هذا الحكم يكون واجب التنفيذ على الإقليم الوطني كما أنه ينفذ خارج إقليم الدولة التي صدر فيها بتزويده بالصيغة التنفيذية من قبل السلطات القضائية في دولة التنفيذ ، و قد أشارت المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية بأنّ محكمة مقر المجلس القضائي هي التي تزود الأحكام الاجنبية بهذه الصيغة إذا ما أريد تنفيذ حكم قضائي متعلق بالعلاقات التجارية الدولية مثلا في الإقليم الجزائري .

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
أطر ، عامة ، العلاقات ، التجارية ، الدولية ،









الساعة الآن 10:04 AM