logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





24-10-2015 03:13 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1156
المشاركات : 303
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 260
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : كاتب

بحث حول الضبط الاداري
المبحث الأول : ماهية الضبـط الإداري و سلطاته المطلب الأول : مفهوم الضبط الإداري، خصائصه و أنواعه
المطلب الثاني : تمييز الضبط الإداري عن أنواع الضبط الأخرى
المطلب الثالث: سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المركزي
المطلب الرابع : سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المحلي
المبحث الثاني : وســــائل و حـــــدود سلطـــة الضبط الإداري
المطلب الأول : وســائل الضبط الإداري المادية و البشــرية
المطلب الثاني : وسائل الضبط الإداري القانونية
المطلب الثالث : حدود سلطة الضبط الإداري
خاتمة


مقدمة :
إن الحقوق و الحريات اليوم أضحت مسألة تخص جميع أعضاء المجتمع الدولي ، و قد صدرت من أجلها الكثير من المواثيق الدولية ، و عقدت المؤتمرات ، و أنشأت الهيئات ، و عدلت الدساتير.
و إن كان من حق الفرد اليوم أن ينعم ببعض الحريات ، فإن تمتعه بها لا يتم بصفة مطلقة ، و دون ضوابط ، فأي حرية وأي حق إدا ما أطلق إستعماله لصاحبه إنقلب دون شك إلى فوضى، و أثر دلك على حقوق و حريات الآخرين ، فالتقيد بالنظام ، و الإلتزام بالضوابط التي تحدثها القوانين و الأنظمة هي التي تميز الحرية عن الفوضى و هدا الإلتزام يعد سلوكا حضاريا و مظهرا من مظاهر التمدن، و لا شيء في علم القانون إسمه المطلق.
و لكي لا يساء إستعمال الحرية تعين أن تضبط من قبل السلطة العامة وفقا للكيفية التى رسمها القانون و بالضمانات التي قررها و هدا ما يسمى بالضبط الإداري .
فما هو إدا مفهوم الضبط الإداري ؟ و ما هي القواعد القانونية التي يتشكل منها النظام القانوني الساري عليه؟

ملاحظة :
- غالبا ما تكون المقدمة من إنتاج الطالب و عادة لا يتم فيها الإقتباس ،إلا أنني هنا أعجبتني فقرة للدكتور: عمار بوضياف ، الوجيزفي القانون الإداري فقمت بإدراجها في المقدمة التي بين أيديكم ، بإستثناء طرح الإشكالية فهي منى.

المبحث الأول: ماهية الضبط الإداري و سلطاته
لكي يتم تحديد ماهية الضبط الإداري ، لا بد لنا من معرفة مفهومه ، و بيان خصائصه و أنواعه ، و تمييزه عن أنواع الضبط الأخرى المشابهة له، كما يجب معرفة السلطات و الهيئات الإدارية المركزية و اللامركزية التي تتمتع بصلاحية ممارسة الضبط الإداري.
المطلب الأول : مفهوم الضبط الإداري، خصائصه و أنواعه :
إن الضبط لغة عبارة مستمدة من كلمة ضبط يضبط ضبطا ،أي بمعنى لزمه و قهره و قوي عليه ، و حبسه ،فالضبط لغة تعني حبس الشيء ، و يقابلها بالفرنسية كلمة policé التي تعني ما لان و إستكان ، و ما لانت آدابه و أخلاقه و هي مستمدة من كلمة poli أوpolicé، كما أن للضبط معنى واسع في اللغة القانونية القديمة ، حيث كان يعني كل إجراء تتخده الدولة لأجل تحقيق أهداف المجتمع السياسي ، و بدلك فالبوليس معناه التنظيم ، و الدولة المنظمة يطلق عليها الدولة المنضبطة l'état policé ، و قد ترجم المشرع الجزائري هده الكلمة بكلمة شرطة ، و الشرطة لغة مستمدة من كلمة "شرط" بفتح الراء ، أي علم أو وضع علامة على الشيء، و الشرطة أبتكرت في العصر العباسي حيث أسست الدولة آنداك هيئة مكلفة بحفظ النظام و الأمن في الأسواق و الأماكن العمومية ، و كان رجال هده الهيئة يحملون شارات أو علامات في أدرعهم تميزهم عن باقي المواطنين العاديين ، و بعد تطور الدولة أصبح هؤلاء المكلفين بحفظ النظام يحملون لباسا أو بدلات خاصة بهم ، و يطلق عليهم آنداك الضابط أو الضبطية .
لكن للضبط الإداري معنى أضيق ، و هو مجموع الأنشطة الإدارية التي تقوم بها الإدارة.
الفرع الأول : تعريف الضبط الإداري :
يمكن إعطاء تعريفات كثيرة و متنوعة للضبط الإداري ، و من زوايا متعددة غير أن الفقه ركز كثيرا على معيارين للتعريف بالضبط ، و هما المعيار العضوي و المعيار الموضوعي:-
المعيار العضوي:
يعني الضبط الإداري أنه مجموعة الأجهزة و الهيئات التي تتولى القيام بالتصرفات و الإجراءات التي تهدف إلى المحافظة على النظام العام ، و يجرى الحديث حينئد عن الهيئات التي تتكفل بعملية الضبط ، و عن أعوان الضبط و الأشخاص المكلفين بتنفيد الأنظمة و حفظ النظام.
المعيار الموضوعي (المادي) :
من منطلق هدا المعيار يمكن تعريف الضبط الإداري على أنه مجموعة الإجراءات و التدابير التي تقوم بها الهيئات العامة حفاظا على النظام العام ، أو أن الضبط يكمن في إحدى نشاطات السلطات الإدارية و هدا المعنى هو الأهم في القانون الإداري، و يمثل هدا النشاط مجموع التدخلات التي تجسد في شكل تنظيمات تهدف من جهة إلى رفع القيود على حرية الأفراد لممارستهم لبعض النشاطات ، و من جهة أخرى إلى حماية النظام العمومي .
الفرع الثاني : خصائص و مجالات الضبط الإداري :
1- خصــائص الضبط الإداري : للضبط الإداري خصائص و صفات يمكن حصرها فيما يلي
الضبط الإداري نشاط تباشره الإدارة (السلطة التنفيدية) ، و لا تمارسه جهات أخرى سواء كانت تشريعية أو قضائية .
الصفة الإنفرادية : الضبط الإداري إجراء تباشره السلطة الإدارية بمفردها و الهدف منه المحافظة على النظام العام ، و ما على الأفراد إلا الخضوع و الإمتثال لجملة الإجراءات التي تفرضها الإدارة طبعا وفقا لما يحدده القانون و تحت رقابة السلطة القضائية .
الإجراءات التي تفرضها الإدارة لا تخضع للمساومة و لا للإتفاق.
الصفة الوقائية : يتسم الضبط الإداري بالطابع الوقائي فهو يدرأ المخاطر على الأفراد ، فعندما تبادر الإدارة إلى سحب رخصة الصيد ، أو رخصة السياقة من أحد الأفراد فلأنها قدرت أن هناك خطر يترتب على إستمرارية إحتفاظ المعني بهده الرخصة ، أو تغلق الإدارة محلا ، او تعاين بئرا معينا فعملها هدا إجراء وقائي لحماية الأفراد من كل خطر يداهمهم أيا كان مصدره .
الصفة التقديرية :
- للإدارة سلطة تقديرية في ممارسة الإجراءات الضبطية ،فعندما تقدر أن عملا ما سينتج عنه خطر تعين عليها التدخل قبل وقوعه بغرض المحافظة على النظام العام .
-إن مجال الضبط الإداري محدود بتحقيق النظام العام و لا يتجاوزه.
2- مجالات الضبــط الإداري:
لم يعد الضبط الإداري يقتصر على مجالات معينة بالمفهوم التقليدي (الثلاثي) للنظام العام (أمن عام ، صحة عامة ، سكينة عامة ) ، بل و نظرا لإزدياد تدخل الدولة في مختلف الميادين و القطاعات إتسع مجال الضبط إلى مظاهر و أوجه كثيرة و متنوعة لا غنى للأفراد عنها ، فهناك ضبط يتعلق بالأمن الصناعي و حماية المنشآت الصناعية خاصة من حيث نقل المواد دات الخطورة على الأفراد أو على البيئة ، و هناك ضبط يتعلق بالآثار و حماية المواقع التاريخية ، و هناك ضبط يتعلق بالحدائق و الميادين و الشوارع العامة ، و القاعات و الملاعب ، و ضبط يتعلق بممارسة بعض الأنشطة التجارية كإستغلال المناجم و المحاجر ، و ضبط يتعلق بممارسة الأنشطة السياسية و عقد الإجتماعات الحزبية ، و التظاهرات العامة ، و ضبط يتعلق بالمجال العقاري ، و ضبط في المجال الصحي ، و الصيد ، ...إلخ.
كما أن سعة مجال الضبط يؤدي إلى تعدد قوانين الضبط بين نص دستوري و قانوني ، و نص تنظيمي.
من أمثلة النص الدستوري :
- ما تعلق بحالتي الطوارئ و الحصار المواد 91 ، 92 من الدستور.
- الحالة الإستثنائية المادة 93.
- حالة الحرب المواد 95، 96 .
من أمثلة قوانين الضبط :
- القانون رقم 89-28 المؤرخ في 31-12-1989 المتعلق بالإجتماعات و المظاهرات العمومية.
- القانون رقم 90-08 المؤرخ في 07-04-1990 المتضمن قانون البلدية.


- القانون رقم 90-09 المؤرخ في 07-04-1990 المتضمن قانون الولاية.
من أمثلة النصوص التنظيمية :
- المرسوم التنفيدي رقم 91-53 المؤرخ في 23-02-1991 المتعلق بالشروط الصحية عند عرض الأغدية الإستهلاكية.
- المرسوم التنفيدي رقم 95-363 المؤرخ في 111-12-1995 المتضمن كيفية التفتيش البيطري للحيوانات الحية و المنتوجات الحيوانية المخصصة للإستهلاك البشري .
القرارات الوزارية :
-قرار 30-12-1999 المتعلق بايداع أسلحة الصيد (وزارة الداخلية).
- قرار 12-12-1999 المتعلق بشرطة العمران و حماية البيئة.
الفرع الثالث: أنواع و أهداف الضبط الإداري :
قد نستخلص من التعاريف السابقة للضبط الإداري ، و مجالاته على أنه مجموعة من الإجراءات التي تتخدها السلطات الإدارية المختصة و مساهمتها في إقامة النظام العام عن طريق إتخاد التنظيمات اللازمة ، منها ما يتعلق بالنظام العام و هدا ما يسمى بالضبط الإداري العام ، و منها ما يتعلق ببعض المجالات الخاصة تسمى بالضبط الإداري الخاص.
1 الضبط الإداري العام :
و هو مجموعة الإختصاصات التي تمنح للسلطات الإدارية بهدف ممارستها بصورة عامة و في كل المجالات ، و على جميع النشاطات للحفاظ على النظام العام من أمن عام و صحة عامة و سكينة عامة .
2 الضبط الإداري الخاص :
و هي مجموعة من الإختصاصات التي تمنح للسلطات الإدارية تمارسها في نشاط و مجال معين و محدد من أنواع نشاطات الأشخاص ، و دالك إما يخص مكانا بداته أو نشاطا بداته ، مثلما تفرضه السلطة العامة من إجراءات في مجال تنقل الأشخاص (شرطة الأجانب ، شرطة الرحل) ، كأن تفرض رخصا للتنقل في بعض المناطق ، أو حظر تنقلهم في مواقيت محددة ، أو أن تفرض الإدارة قيودا لتنظيم حركة المرور بغلق شارع معين أو تتخد إجراءات معينة لممارسة الأفراد حق الإجتماع العام أو إقامة الحفلات ليلا...إلخ .
فكل حرية عامة تمس في ممارستها حرية الآخرين أو حقوقهم يجوز للإدارة تقييدها بالطرق التي حققها القانون ، فليس من حق الفرد تحت عنوان الحريات العامة أن يبادر بمباشرة عمل الصيد بصفة مطلقة ، فمن حق السلطة العامة أن تفرض قيودا تتعلق بإستعمال سلاح الصيد أو أنواع الحيوانات المرخص لإصطيادها ، أو المكان المخصص لممارسة الصيد .
3 أهــداف الضبـــط الإداري :
يقصد بالضبط الإداري المحافظة على النظام العام ، كما دكرنا سابقا بعناصره الثلاثة" الأمن العام ، الصحة العامة ، و السكينة العامة .
الأمن العام :
- و يعني إتخاد الإجراءات الإدارية الكفيلة بحماية أرواح الناس و ممتلكاتهم و ضمان الأمن العام للأفراد في الظروف العادية و الظروف الإستثنائية .
الصحة العامة :
- و تعني إتخاد التدابير الوقائية التي من شأنها منع إنتشار الأوبئة و الأمراض المعدية ، كالسهر على مراقبة المواد الغدائية و الإستهلاكية المعروضة للبيع و مراقبة نقاط المياه الصالحة للشرب و تطهيرها و معالجتها .
السكينة العامة :
- و تعني إتخاد التدابير و الإجراءات التي توفر للسكان الطمأنينة و الراحة و الهدوء في الطريق العام و الأماكن العامة و دلك بالحد من مصادر الضوضاء و الإزعاج و القلق لدى الأفراد مثل: مكبرات الصوت خاصة ليلا و منبهات السيارات ، و الباعة المتجولين ، ....
الآداب العامة :
- و يقصد بها المحافظة على الأخلاق العامة و الآداب العامة و العادات و التقاليد المتعارف عليها في بلد معين ، و منع التعدي على الشرف و الإخلال بالحياء ، إلخ ....
المطلب الثاني : تمييز الضبط الإداري عن أنواع الضبط الأخرى
يمكن تمييز الضبط الإداري عن أنواع الضبط الأخرى و لو أنه غالبا ما يجري الخلط بين بعض أنواع الضبط خاصة بين الضبط افداري و الضبط القضائي لسبب قيام نفس الأجهزة بممارسة أي منهما ، إلا أن هناك فرقا بين أهداف كل منهما و كدلك الأجهزة المختصة لممارستها لدلك يمكن أن نميز الضبط الإداري عن صور الضبط الأخرى كالضبط التشريعي و الضبط القضائي فيما يلي :
الفرع الأول : الضبط الإداري و الضبط التشريعي :
كما عرفنا فيما سبق أن الضبط الإداري هو مختلف التدابير و الإجراءات الإدارية التي ترمي إلى الحفاظ على النظام العام و حمايته من الإختلال و هي طرق وقائية ،و يمارس الضبط الإداري من طرف هيئات و أجهزة إدارية تنتمي إلى السلطة التنفيدية (الإدارة العامة).
بينما الضبط التشريعي يقصد به مجموع القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية و التي تحدد و تضبط و تبين كيفية ممارسة الحريات الواردة في الدستور كما تنص المادة 139 الفقرة 01 من الدستور " يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور و كدلك في المجالات التالية :
حقوق الأشخاص و واجباتهم الأساسية ،لا سيما نظام الحريات العمومية و حماية الحريات الفردية ،و واجبات المواطنين".
و بناءا عليه تدخل المشرع (البرلمان) و سن القانون رقم 90-11 المؤرخ في 04-12-1990 المتعلق بالجمعيات و وضع شروط و إجراءات لممارسة النشاط الجمعوي و هو ضبط تشريعي .
كدلك نصت المادة 53 من الدستور على حق إنشاء الجمعيات و تحديد شروط و كيفيات إنشائها .
كما نصت المادة 70 من الدستور على حق الإضراب و ممارسته في إطار القانون و تدخل البرلمان لممارسة الضبط التشريعي من خلال القانون رقم 90-02 المؤرخ في 06-02-1990 المتعلق بممارسة حق الإضراب و وضع قيودا و شروطا لممارسته "ضمان القدر الأدنى من الخدمة".
لدا يتبين لنا بأن الهدف من الضبط الإداري و الضبط التشريعي واحد و هو المحافظة على النظام العام ، كما يحدث تداخل بينهما عندما تبادر السلطة التشريعية بسن القوانين و تشريعات ضبطية تتولى السلطة التنفيدية ممثلة في الإدارة بتنفيده ، و فرض قيود على الأفراد بالكيفية المحددة في التشريع.
الفرع الثاني : الضبط الإداري و الضبط القضائي
كما تطرقنا إليه سابقا أن الضبط الإداري عبارة عن إجراءات و طرق وقائية تتضمن مراقبة نشاط الأفراد و توجيهه على نحو يكفل المحافظة على النظام العام و وقايته ، و هو من إختصاص أجهزة ، و هيئات و أشخاص تنتمي إلى السلطة التنفيدية سواء بالإدارة المركزية أو اللامركزية.
بينما الضبط القضائي عبارة عن إجراءات و طرق علاجية تتمثل في البحث و التحري عن الجرائم و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ، ما دام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي ، كما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 12 ق.إ.ج.
إن الضبط القضائي يتخد و يباشر بعد وقوع الجريمة أو المخالفة و ليس قبلها ، تباشره فئة معينة منحها القانون صفة الضبطية القضائية و خولها مهمة القيام ببعض الإجراءات كضباط الدرك و ضباط الشرطة ، و رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، و الوالي ،...
و رغم الفرق الواضح بين الضبط الإداري و الضبط القضائي إلا أن هناك تقارب بينهما في حالات محددة كممارسة وظيفتين في دات الوقت أي الضبطية الإدارية ، و الضبطية القضائية ، مثلما هو الشأن بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالى ، فالأول يقوم بإتخاد الإجراءات الوقائية اللازمة في مجالات الأمن العام ، الصحة العامة ، أو السكينة العامة ، و هي صفة الضبطية الإدارية هدا من جهة ، و يمكنه إتخاد الإجراءات القانونية عند وقوع الفعل أو حدوث جريمة ما عبر تراب البلدية ، و هي صفة الضبطية القضائية.
أما الوالى فممارسته للضبط القضائي لا تكون إلا بصورة إستثنائية و دلك في حالة المساس بأمن الدولة على مستوى تراب الولاية.
المطلب الثالث : سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المركزي
تكمن سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المركزي في رئيس الجمهورية ، و الوزير الأول(رئيس الحكومة)، و الوزراء ، و ستتم دراسة دلك كل على حدى فيما يلي :
الفرع الأول : رئيس الجمهورية
لقد إعترفت مختلف الدساتير لرئيس الجمهورية بممارسة مهام الضبط الإداري ، فمن صلاحياته الحفاظ على كيان الدولة و أمنها و سلامتها و إتخاد التدابير المناسبة و الإجراءات الكفيلة لدرء الخطر الدي يهدد أمن و إستقرار البلاد ، ويمكن الإشارة إلى السلطات القانونية المخولة لرئيس الجمهورية في إعلان حالات الحصار ، الطوارئ ، الحالة الإستثنائية ، و حالة الحرب ، و يتم دلك بموجب إصدار مراسيم رئاسية لأنها من أعمال السيادة ، و هي كما يلي :
1 حالة الحصار ، و حالة الطوارئ :
و نص عليها الدستور في المادة 97 منه، و لم يميز بين حالة الحصار و حالة الطوارئ ، إلا أنه يمكن القول أن في حالة الطوارئ يكون تقييدا أوسع للحريات العامة بهدف الحفاظ على النظام العام ، بينما يتم نقل العديد من سلطات الهيئات و الأجهزة المدنية إلى الهيئات العسكرية في حالة الحصار .
يعود سبب إعلان هاتين الحالتين إلى قيام الضرورة الملحة بفعل حوادث و وقائع تهدد أمن الدولة و يعود تقرير مدى وجودها إلى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية .
لصحة إعلان حالتي الحصار و الطوارئ لا بد من إجتماع المجلس الأعلى للأمن برئاسة رئيس الجمهورية المادة 99 من الدستور لمناقشة الوضع مع إستشارة رؤساء المؤسسات و الهيئات الدستورية (غرفتي البرلمان ، الحكومة ، المجلس الدستوري ) ، و قد جعل الدستور المدة لهاتين الحالتين محددة و مؤقتة تبين في المرسوم الرئاسي المعلن لكل منهما .
2- الحالة الإستثنائية :
في حالة تزايد الخطر على أمن الدولة و أصبح النظام العام مهددا يلجأ رئيس الجمهورية إلى إعلان الحالة الإستثنائية طبقا للمادة 98 من الدستور ، و يمكن إعلان الحالة الإستثنائية عند وشوك قيام خطر داهم يهدد الدولة في هيئاتها و إستقلالها أو سلامة ترابها ، و ترجع السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية .
و لصحة إعلان الحالة الإستثنائية الدي يكون بمرسوم رئاسي ، يجب التقيد و الإلتزام بمجموعة من الإجراءات ضمانا للحريات العامة و هي :
إستشارة كل من ر ئيس المجلس الشعبي الوطني ، و رئيس مجلس الأمة و المجلس الدستوري ، كما يعقد إجتماع تحت رئاسة رئيس الجمهورية يتكون من المجلس الأعلى للأمن ، و مجلس الوزراء ، ثم يجتمع البرلمان ، أما مدة الحالة الإستثنائية فهي غير محددة بفترة معينة خلافا لحالتي الحصار و الطوارئ.
و يمكن لرئيس الجمهورية إنهائها و رفعها بموجب مرسوم رئاسي مع اللجوء إلى الإجراءات نفسها المتبعة لدى إعلانها تطبيقا لقاعدة توازي الأشكال.
3 - حالة الحرب :
إدا زادت الخطورة على أمن الدولة أو وقع عدوان فعلى على البلاد يعلن رئيس الجمهورية حالة الحرب وفقا للمادة 100 من الدستور .
يستند إعلان الحرب إلى وجود عدوان خارجي على البلاد سواء وقع فعلا أو يوشك أن يقع ، و هدا تطبيقا لقواعد القانون الدولي .
و قد نص الدستور على ضرورة التقيد بمجموعة من الترتيبات و الإجراءات التي تسبق الإعلان عن حالة الحرب و تتمثل في:
- إجتماع مجلس الوزراء ، الإستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ، إستشارة كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني ، و رئيس مجلس الأمة ، و إجتماع البرلمان ، كما يوجه رئيس الجمهورية خطابا للأمة يعلمها بحالة الحرب.
يؤدي إعلان الحرب إلى ترتب نتائج رئيسية هي :
- توقيف العمل بالدستور .
- تولي رئيس الجمهورية جميع السلطات .
- تمديد العهدة الرئاسية إلى غاية نهاية الحرب في حالة إنتهائها,.
و يخول رئيس الجمهورية السلطات و الإختصاصات التي تمكنه من إتخاد التدابير الكفيلة باستتباب الأمن و الحفاظ على كيان الدولة و سلامتها و بكل ما ينجم عنها من تقييد لحريات الأفراد .
الفرع الثاني : الوزير الأول ( رئيس الحكومة)
يتمتع الوزير الأول (رئيس الحكومة) بالسلطة التنظيمية وفقا للمادة 112 من الدستور .
كما نصت المادة 109من الدستور على أن "ينفّذ الوزير الأول وينسق مخطط العمل الّذي صادق عليه المجلس الشّعبيّ الوطنيّ ".
كما يعتبر الوزير الأول من سلطات الضبط الإداري العامة ، بموجب المراسيم التنفيدية ، و التي تضبط و تحدد طرق و كيفيات ممارسة الحريات العامة في مختلف المجالات ، و بدلك فالسلطة التنظيمية للوزير الأول مرتبطة بالسلطة التشريعية .
الفرع الثالث : الوزراء
الأصل أنه ليس للوزراء حق ممارسة مهام الضبط الإداري العام ، غير أن القانون يجيز للوزراء ممارسة بعض أنواع الضبط بحكم مركزهم و طبيعة القطاعات التي يشرفون عليها و هو ما يسمى بالضبط الإداري الخاص.
- فالوزير مخول لإتخاد التدابير و القرارات التي من شأنها الحفاظ على النظام في قطاع وزارته .
فوزير الثقافة مخول بموجب صلاحياته إتخاد القرارات المتعلقة بحماية الآثار و المتاحف ، و وزير الفلاحة يصدر قرارات و إجراءات تمنع صيد نوع معين من الحيوانات أو تنظيم أوقات أو أماكن الصيد ، كما يتمتع وزير الصحة بصلاحيات معتبرة في مجال الصحة العمومية .
أما وزير الداخلية تتميز سلطته في مجال الضبط الإداري عن باقي أعضاء الحكومة ، حيث تخوله النصوص القانونية إتخاد القرارات التي من شأنها الحفاظ على الأمن العام على المستوى الوطني ، و إحترام الحريات العامة ، كما يجوز له إصدار تعليماته للمديرية العامة للأمن الوطني ، و للولاة في مجال الضبطية الإدارية بغرض السهر على تنفيدها كل فيما يتعلق بإختصاصه .
المطلب الرابع : سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المحلي
من خلال ما تبين لنا من التشريع الجزائري أن الهيئات و السلطات التي تمارس إختصاص الضبط الإداري على المستوى المحلي تنحصر في الوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي ، و هي كما يلي:
الفرع الأول : الـوالي
كما ورد في نص المادة 96 من قانون الولاية رقم 90-09 المؤرخ في 07-04-1990 على أن : " الوالي مسؤول عن المحافظة على النظام و الأمن و السلامة و السكينة العامة " ، و بغرض مساعدته على القيام بمهامه في مجال الضبط على المستوى الولائي وضع القانون تحت تصرفه مصالح الأمن طبقا للمواد 97 و 98 من قانون الولاية.
تتوسع صلاحيات الوالي في مجال الضبط الإداري أثناء الحالات الإستثنائية إد بإمكانه تسخير تشكيلات الشرطة و الدرك المتمركزة في إقليم الولاية طبقا للمادة 99 من قانون الولاية ، أو تسخير الأشخاص و الممتلكات طبقا للمادة 101 من قانون الولاية لمواجهة كل تهديد يمس بالنظام العام على مستوى الولاية .
و قد إعترف قانون البلدية بموجب المادة 81 منه للوالي بممارسة سلطة الحلول بالنسبة لجميع بلديات الولاية أو جزء منها عندما لا تقوم السلطات البلدية بدلك خاصة في الحالات الإستعجالية حيث يحل الوالى محل رئيس المجلس الشعبي البلدي و يتخد كل الإجراءات لضمان حماية الأشخاص و الممتلكات.
الفرع الثاني: رئيس المجلس الشعبي البلدي
طبقا لقانون البلدية 90-08 المؤرخ في 07-04-1990 يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي بإعتباره ممثلا للدولة جملة من الصلاحيات دات العلاقة بالمحافظة على النظام العام طبقا للمواد 67 و 68 من قانون البلدية .
و قد جاءت المادة 75 من قانون البلدية لتوضح بالتفصيل سلطات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الضبط كما يلي :
" يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أحكام المادة السابقة و إحتراما لحقوق المواطنين و حرياتهم على الخصوص ما يأتي:-
- المحافظة على النظام العام و سلامة الأشخاص و الأملاك.
- المحافظة على حسن النظام في جميع الأماكن العمومية التي يجري فيها تجمع الأشخاص.
- المعاقبة على كل مساس بالراحة و كل الأعمال المخلة.
- السهر على نظافة العمارات و سهولة السير في الشوارع و الساحات و الطرق العمومية .
- إتخاد الإحتياطات و التدابير الضرورية لمكافحة الأمراض المعدية و الوقاية منها .
- القضاء على الحيوانات المؤدية و المضرة.
- السهر على النظافة للمواد الإستهلاكية المعروضة للبيع .
- تأمين نظام الجنائز و المقابر طبقا للعادات و تبعا لمختلف الشعائر الدينية و العمل فورا على أن يكفن و يدفن بصفة مرضية كل شخص متوفي دون تمييز من حيث الدين و المعتقدات .
- السهر على إحترام المقاييس و التعليمات في مجال التعمير ".
يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي صلاحياته تحت سلطة الوالي كما نصت عليه المادة 69 من قانون البلدية كما يمكن للوالي الحلول محل رئيس البلدية ( كما دكرنا في الفرع الأول) عندما لا تقوم السلطات البلدية بإتخاد الإجراءات الخاصة للحفاظ على الأمن و السلامة العموميين حسب المواد 81 و 82 من قانون البلدية .
و لقد مكن قانون البلدية رئيس المجلس الشعبي البلدي من الإستعانة بالشرطة البلدية بغرض أداء مهامه أو بطلب تدخل كل من قوات الشرطة أو الدرك المختصة إقليميا للتحكم خاصة في المسائل الأمنية
المبحث الثاني : وسائل و حـدود سلطـة الضبط الإداري
بما أن الضبط الإداري يعني مجموعة قرارات صادرة عن السلطة العامة تهدف إلى تقييد حريات الأفراد بما يحقق النظام العام داخل المجتمع ، فإن هده السلطات تتمتع بوسائل مختلفة لإستعمالها للحفاظ على هدا النظام العام ، كما أن تلك القيود التي تضعها السلطة العامة على الحريات يجب أن تخضع إلى ضوابط و حدود تمنع من التعسف في ممارستها كما نص عليها الدستور في المادة 35 منه.
المطلب الأول : وسائل الضبط الإداري المادية و البشـرية
تتمثل وســـــائل الضبط الإداري المادية و البشرية فيما يلى :
الفرع الأول : الوسائل الماديـة
يقصد بالوسائل المادية كل الإمكانيات و الوسائل المتاحة للإدارة بغرض ممارسة صلاحياتها من سيارات الشرطة ، و طائرات ، و مخابر ، و على العموم كل آلة أو عتاد يمكن للإدارة من ممارسة مهامها في مجال الضبط.
الفرع الثاني : الوسائل البشرية
يوضع تحت تصرف سلطات الضبط الإداري المركزية منها أو المحلية أعوان و هيئات لتنفيد لوائح ، و قرارات الضبط الصادرة عن تلك السلطات و تطبيقها في الميدان.
إن الشرطة البلدية و أفراد الشرطة و الدرك الوطني الوسيلة البشرية التي يستعملها و يستعين بها رئيس البلدية في مجال الضبط الإداري العام كما نصت عليها المادة 74 من قانون البلدية كما يلي:
" يعتمد رئيس المجلس الشعبي البلدى لممارسة صلاحياته الخاصة بالأمن على هيئة شرطة البلدية التى تحدد صلاحياتها و قواعد تنظيمها و تسييرها و كدا قواعد عملها عن طريق التنظيم.
و يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدى طلب تدخل قوات الشرطة أو الدرك المختصة إقليميا عند الحاجة حسب الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم".
كما تعتبر شرطة العمران التابعة لجهاز الأمن الوطني وسيلة في الحفاظ على النظام العام في مجال البناء و التعمير.
مثلما تشكل مصالح الشرطة العامة و الدرك الوطني الوسيلة البشرية الأساسية لسلطات الضبط الأخرى خاصة المركزية ،بينما يمكن تدخل قوات الجيش في الحالات الإستثنائية خاصة.
المطلب الثاني : وسائل الضبط الإداري القانونية
قد لا تتم ممارسة إجراءات الضبط من جانب الإدارة إلا وفقا لما حدده القانون ، فرئيس الجمهورية يستند في ممارسته لصلاحياته في مجال الضبط على الدستور ، نفس الشيء بالنسبة للوزير الأول ، أما الوزراء يستندون إلى النصوص التنظيمية في ممارسة بعض الإجراءات و إصدار القرارات ، بالنسبة للوالى يباشر إجراءات الضبط وفق قانون الولاية ، أما رئيس المجلس الشعبي البلدى يمارس صلاحياته من منطلق نصوص قانون البلدية ، و كل هده السلطات تلجأ إلى وسائل قانونية يمكن حصرها في إصدار لوائح الضبط أو الفرارات التنظيمية ، إصدار الأوامر الفردية ، أو اللجوء إلى إستخدام القوة المادية (التنفيد المباشرالجبري).
الفرع الأول : لوائح الضبط أو القرارات التنظيمية
تعتبر لوائح الضبط من أبرز المظاهر لممارسة الضبط الإداري ، و دلك بإصدار تصرفات قانونية عامة و مجردة تقيد بها بعض النشاط الفردى و تضبط بمقتضاها حريات الأفراد و تتخد جزاءات على مخالفتها تحقيقا للنظام العام .
إن لوائح الضبط عبارة عن قرارات إدارية تنظيمية يتعلق موضوعها بمركز قانوني عام ، مثل : اللوائح الخاصة بتنظيم المرور ، أو مراقبة الأغدية ، اللوائح الخاصة بالصحة العمومية ، ...
1 - الحظر أو المنع :
و يعني أن تتضمن اللائحة حظرا للنهي عن إجراء معين أوعن ممارسة نشاط معين ن و لا يكون شاملا و مطلقا لأن في طلب غلغاء الحريات الفردية يكون غير مشروع ، و تكون اللائحة معرضة للإلغاء عند الطعن فيها أمام القضاء الإداري .
فالحظر يكون جزئيا و بدلك لا يصل إلى حد إلغاء الحريات و الهدف منه هو تحقيق قصد عام يعود بالنفع على جميع الأفراد في المجتمع ، مثل: الحظر الدى يقضي بعدم توقف السيارات في أماكن معينة أو أوقات معينة أو إستعمال المنبهات في أحياء معينة ،...
2 - الترخيص (الإدن المسبق) :
يمكن السماح للأفراد بممارسة حرياتهم بشرط حصولهم غلى موافقة و إدن مسبق من طرف الإدارة ، و إلا كان دلك مخالفا للقانون ، و مثاله: ضرورة الحصول على ترخيص من طرف الوالى للقيام بمظاهرة عمومية طبقا للقانون ، أو فرض على حامل السلاح إستصدار رخصة من السلطة المختصة ، أو طلب دخول منطقة معينة في الحالات الإستثنائية .
3 - الإخطار المسبق :
و هو إخطار الإدارة مسبقا لكي تكون على علم مسبق بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن ممارسة الأفراد لنشاط معين ، و الإخطار لا تشترطه الإدارة إلا إدا نص عليه القانون .
4 - تنظيم النشاط :
قد لا تتضمن لوائح الضبط على حظر و منع أو طلب رخصة أو إخطار مسبق ، و إنما تكتفي الإدارة بتنظيم النشاط بوضع إشارات لتحديد سرعة السيارات في الطرق العامة ، أو وضع شروط لإستغلال مقهى أنترنيت مثلا ، ...
ال فرع الثاني : القرارات و الأوامر الفردية
قد تلجأ السلطة الإدارية في ممارسة سلطات الضبط الإداري عن طريق إصدار قرارات فردية في شكل أوامر و هي القرارات التي تصدرها الإدارة تمس فردا محددا بداته أو مجموعة من الأفراد محددين بدواتهم مثل : الأمر الصادر من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدى لهدم منزل آيل للسقوط (المادة 71 من قانون البلدية) ، أو الأمر الصادر لمنع عرض فيلم أو مسرحية لإحتمال إخلالها بالنظام و الأمن العام ، أو المنع من الإقامة لإعتبارات أمنية، ....
الفرع الثالث : إستخدام القوة المادية ( التنفيد المباشر الجبري)
الأصـل هو إمتثال الأفراد لقرارات الإدارة و خضوعهم إليها ، إلا أنه و في حالات معينة و إستثنائية ، فهيئات الضبط الإداري مخول لها باللجــوء إلى التنفيد المباشر و إستخدام القوة المادية لمنع إخلال أو محاولة الإخلال بالنظام العام دون إشتراط حصولها على إدن مسبق من جهة القضاء.
لدلك فإن سلطة التنفيد المباشر تسمح بإستعمال القوة لتنفيد و تطبيق قراراتها ن و خاصة عند إمتناع الأفراد عن الإنصياع و الخضوع لها كما جاء في المادة 97 من قانون العقوبات الفقرة الأخيرة.
كما أن القوة لا تستخدم إلا في حالة الضرورة و الإستعجال ، و من صور هدا الإجراء ، فض التجمهر و التظاهر في الأماكن العامة ، و كل نشاط يؤدى إلى المساس بالنظام العام .
المطلب الثالث : حدود سلطة الضبط الإداري
القاعدة العامة أن الأفراد يتمتعون بالحريات العامة التي كفلها لهم الدستور غير أنه و في مواضيع معينة ترد على هده الحريات قيودا تفرضها مصلحة المجتمع ، و لما كان الأصل هو التمتع بالحرية و الإستثناء هو القيد وجب أن تخضع هده القيود إلى ضوابط و حدود لمنع التعسف في إستعمالها ، و في هدا السياق نص الدستور الجزائري على ضمان الحريات في نص المادة 35 منه على أن : " يعاقب القانون كل المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات ، و على كل ما يمس سلامة الإنسان البدنية و المعنوية "، و يقضي الأمر الحديث عن حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية و الظروف الإستثنائية ، و كيف نميز بينهما :
الفرع الأول : الظروف العادية
في ظل الظروف العادية تخضع قرارات سلطات الضبط الإداري إلى قيدين هما إحترام بعض المبادئ الأساسية و خضوعها لرقابة القضاء.
1- إحترام المبادئ الأساسية :
- يجب أن تتقيد أعمال و قرارات سلطات الضبط الإداري بمبدأ المشروعية و إحترام النظام القانوني السائد في الدولة و عليه فإن كل إجراء يترتب عليه المساس بالحريات الفردية ينبغي تبريره ، و عدم التعسف في مباشرة الضبط و الخروج عن القانون ، و الإدعاء بالمحافظة على النظام العام، كما نصت عليه المادة 22 من الدستور على أن : " يعاقب القانون على التعسف في إستعمال السلطة".
- القاعدة العامة هي الحرية لدلك يحظر على سلطات الضبط المنع المطلق و الشامل لممارسة الحريات العامة.
- يجب على سلطات الضبط الإداري أن تلجأ إلى إتخاد القرارات المناسبة و الملائمة و إقامة توازن بين ممارسة الحريات العامة و الحفاظ على النظام العام.
- يجب أن تكون الضوابط التي تفرضها الإدارة على الأفراد واحدة بالنسبة للجميع ، و عدم الخروج عن مبدأ المساواة أمام القانون ، و إلا تعرضت الإدارة للمسؤولية.
2 - خضوع إجراءات الضبط للرقابة القضائية :
حتى لا تسئ الإدارة إستعمال سلطتها و ضمانا للحريات الفردية فإن أعمال و قرارات سلطات الضبط الإداري تخضع للرقابة القضائية رجوعا إلى المادة 139 من الدستور التي تنص على : " تحمي السلطة القضائية المجتمع و الحريات ، و تضمن للجميع و لكل واحد المحافظة على حقوقهم الأساسية ".
رقابة القضاء الإداري :
- تخضع القرارات التنظيمية (لوائح البوليس) و القرارات الفردية الصادرة عن مختلف سلطات الضبط الإداري إلى رقابة القضاء الإداري ، حيث يمكن الطعن فيها قضائيا أمامه برفع دعوى الإلغاء ، أو دعوى التعويض ، أو دعوى فحص المشروعية.
- يمارس القضاء الإداري رقابته على قرارات الضبط الإداري من حيث السبب: أي وجود حالات قانونية أو مادية تشكل تهديدا للنظام العام ، أما من حيث الغاية: أي السعي فقط إلى الحفاظ على النظام العام و إلا أصيبت هده القرارات بعيب و تؤول إلى البطلان و الإلغاء.
رقابة القضاء العادي :
بناءا على المادة 25 من الدستور كما ذكرناها سابقا حول التعسف في إستعمال السلطة ، بحيث ان كل مخالفة للتشريع من طرف سلطات الضبط الإداري عند ممارستها لصلاحياتها تنجم عنها توقيع الجزاء و قد تترتب عن دلك المسؤولية المدنية في حالة تصرفات و أعمال ألحقت أضرارا بأحد الأشخاص كما نصت عليه المادة 47 من القانون المدني .
او المسؤولية الجنائية في حالة الإعتداء على حريات الأفراد من طرف هده السلطات كما نصت عليه المادة 107 من قانون العقوبات .
لكن القضاء العادي ليس له سلطة إلغاء اللوائح الغير مشروعة فهي مخولة فقط للقضاء الإداري.
الفرع الثاني : الظروف الإستثنائية
قد يكون المجتمع عرضة لظروف إستثنائية و في ظلها تزداد سلطة الإدارة حسب الحالة المعلنة ( حصار، طوارئ ، حالة إستثنائية ، حرب ) فتتسع سلطات الضبط الإداري لمواجهة هده الظروف ، و هناك نصوص تشريعية أو دستورية تمنح سلطات الضبط الإداري للهيئات لإبعاد هده الأخطار كما في المادة 93 من الدستور كما دكرناها سابقا ، و تؤدي كل هده النصوص و النظريات التي إبتدعها القضاء لإضفاء المشروعية على بعض أعمال الإدارة لمواجهة الأزمات .
لكن على الرغم من قيام كل الحالات و الظروف الإستثنائية إلا أن رقابة القضاء تبقى قائمة على تصرفات و قرارات سلطات الضبط تحقيقا لمبدأ المشروعية و يكون بدلك القضاء ملجأ حصينا لحماية الحريات و ركنا متينا لإقامة دولة القانون.
خاتمة
الضبط الإداري نعني به حق السلطات الإدارية المختصة في تنظيم نشاط الأفراد بما تفرضه من قيود وضوابط بهدف المحافظة على النظام العام في المجتمع، و يترتب على ذلك بالضرورة تقييد حريات الأفراد على هدى من أحكام القانون و تتخذ قرارات الضبط الإداري شكل القرارات التنظيمية (أنظمة الضبط) أو القرارات الفردية أو استخدام وسائل التنفيذ الجبري و تنظيم الحريات الفردية لا ينشأ عن الضبط الإداري فحسب بل فالأصل أن تجد الحريات الفردية مصدرها في الدستور الذي نص عليها بشكل عام كالحرية الشخصية، و حرية العمل، و حرية إبداء الرأي و غيرها .

المراجع:
1- محمد الصغير بعلي ، القانون الإداري - التنظيم الإداري ، النشاط الإداري ، دار العلوم ، الجزائر ، دون طبعة ، 2004.
2- عمار بوضياف ،الوجيز في القانون الإداري ، دار جسور ، الجزائر ، الطبعة الثانية، 2007.
3- حسين طاهري ، القانون الإداري و المؤسسات الإدارية - التنظيم الإداري ، النشاط الإداري ، دراسة مقارنة ، دار الخلدونية ، الجزائر ، الطبعة الأولى ، 2007.
4- أحمد محيو ، محاضرات في المؤسسات الإدارية ، ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر .

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الضبط ، الاداري ،









الساعة الآن 01:34 PM