logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





06-01-2016 08:48 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 13-08-2015
رقم العضوية : 1926
المشاركات : 306
الجنس :
تاريخ الميلاد : 3-4-1988
الدعوات : 4
قوة السمعة : 150
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب

بحث حول إثبات العقد الإلكتروني
خطة
مقدمة
المبحث الأول : الكتابة في الشكل الإلكتروني وحجيتها في الإثبات
المطلب الأول : تحديد مفهوم الكتابة في الشكل الإلكتروني
المطلب الثاني : القـوة الثبوتية للكتابة في الشكل الإلكتروني
المبحث الثاني: التوقيع الإلكتروني
المطلب الأول: تحديد مفهوم التوقيع الإلكتروني
المطلب الثاني : حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات
خاتمة


مقدمة :
قد أدى الانتشار المتنامي لهذه الظاهرة إلى شيوع ما يسمى بالعقود الإلكترونية، هذه الأخيرة باتت اليوم تطرح مجموعة من الإشكالات القانونية، لا سيما الشق المتعلق بالإثبات، وذلك بالنظر لتعقد العلاقات الناجمة عن مثل هذا النوع من العقود، واختلاف الوسيط المادي الذي يتم من خلاله تحرير العقد وتدوين بنوده. ففي مثل هذا النوع من التعاقد تثور مجموعة من الأسئلة الهامشية والمحورية في نفس الوقت من قبيل مدى اعتبار ما يتم تدوينه على الدعامات غير الورقية، هو من قبيل الكتابة المعتد بها في الإثبات، ومدى حجية هذه الكتابة، ويزداد الوضع تعقيدا فيما لو أراد أطراف العقد التمسك بالمحرر الالكتروني كدليل كتابي كامل، كما يطرح التوقيع الإلكتروني باعتباره وليد مثل هذا النوع من المعاملات بدوره مجموعة من المشكلات.
وفي ظل غياب تشريع ينظم المعاملات الإلكترونية وسبل إثباتها، فليس للباحث يد من ضرورة التنقيب والبحث في طلب القواعد العامة المضمنة في قانون الالتزامات والعقود

إن التطور التقني لوسائل الإتصال الحديثة وتقنيات المعلومات أتاح التعامل بنوع جديد من الدعامات، وخلق نوعا جديدا من الكتابة والتوقيع اللذين أصبحا يتمان إلكترونيا، حيث يتم تبادل رسائل البيانات وإبرام العقود عبر شبكات اتصالات، وتحميلها على دعامات غير ورقية داخل أجهزة الكمبيوتر وخارجها مصحوبة
بتوقيع إلكتروني لصاحب الرسالة عن طريق التشفير، مما جعل الكتابة الخطية بصورتها التقليدية ليست هي الوسيلة الوحيد في الإثبات بل أصبح يعتد أيضا بالكتابات التي تكون على دعامات غير ورقية مادامت هذه التقنيات تسمح بحفظ الكتابة وقراءتها، وهذا ما كرسه المشرع الجزائري من خلال تعديل قواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني، من خلال القانون رقم 05-10.

المبحث الأول: الكتابة في الشكل الإلكتروني وحجيتها في الإثبات
نتطرق في هذا المطلب إلى تحديد مفهوم الكتبة في الشكل الإلكتروني ثم دراسة القوة الثبوتية لهذه الكتابة.

المطلب الأول : تحديد مفهوم الكتابة في الشكل الإلكتروني
نتعرض أولا إلى التعريف الجديد للكتابة الذي جاء به القانون المدني ثم نتطرق ثانيا إلى خصائص هذا التعريف.
الفرع الأول : تعريف الكتابة
لقد أورد المشرع في المادة 323 مكرر من القانون المدني تعريفا للكتابة بالنص على أنها: " ينتج الإثبات بالكتابة من تسلسل حروف وأوصاف وأرقام وأية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها، وكذا طرق إرسالها".
فالمقصود بالكتابة في الشكل الإلكتروني حسب هذا النص، ذلك التسلسل في الحروف أو الأوصاف أو الأرقام أو أية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم، المكتوبة على دعامة إلكترونية ومهما كانت طرق إرسالها، ومثال ذلك تلك المعلومات والبيانات التي تحتويها الأقراص الصلبة أو المرنة، أو تلك التي يتم كتابتها بواسطة الكمبيوتر وإرسالها أو نشرها على شبكة الأنترنيت.

- الملاحظ أن نص المادة 323 مكرر من القانون المدني، يعتبر أول نص عرف من خلاله المشرع الكتابة التي يمكن استعمالها كوسيلة إثبات للتصرفات القانونية بصفة عامة، والتصرفات الإلكترونية بصفة خاصة، وذلك لتفادي الجدل الذي قد يثور حول الإعتراف بالكتابة الإلكترونية كدليل إثبات، كون الكتابة بمفهومها " التقليدي " كان مرتبطا بشكل وثيق بالدعامة المادية أو الورقة، إلى درجة عدم إمكانية الفصل بينهما، وبالتالي لم يكن القانون يعترف بالكتابة المدونة على دعامة إلكترونية إفتراضية، والتي لا تترك أثرا ماديا مدونا له نفس الأثر المكتوب على الورق في الإثبات.

الفرع الثاني : خصائص التعريف الجديد للكتابة
- إن مفهوم الكتابة الذي جاءت به المادة 323 مكرر قابل للتوسع، ذلك أن صياغتها بالنص على أنـه " يتنتج الاثبات بالكتابة من تسلسل حروف أو أرقام أوأية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها" يفهم منه أن المشرع يعتد لإثبات التصرفات القانونية بأية دعامة كانت عليها الكتابة سواء كانت على الورق أو على القرص المضغوط أو على القرص المرن، ويتسع المفهوم إلى كل الدعائم التي يمكن أن تفرز عنها التطورات التكنولوجية في المستقبل، وهذا المبدأ الذي أخذ به المشرع الجزائري في عدم التفرقة بين الدعامات الالكترونية سماه الفقيه Caprioli بـ:« Principe de neutralité technique et de non discrimination à l’encontre d’un support ou d’un média ».

- ويعتد المشرع أيضا
في مفهوم الكتابة بأية وسيلة من وسائل نقلها، فيشمل بذلك تعريف الكتابة في الشكل الإلكتروني التي تكون منقولة عن طريق اليد، والتي تكون منقولة على شبكات الإتصال المختلفة.
- إشتراط المشرع أن تكون هذه الكتابة مفهومة signification intelligible وبالتالي يجب أن تكون هذه الأحرف أو الأشكال أو الإشارات أو الرموز أو الأرقام لها دلالة قابلة للإدراك وللقراءة، والمقصود بذلك أنه لو كان هذا التتابع للعلامات أو الرموز، وبمعنى آخر هذا المحتوى المعلوماتي للكتابة المعبر عنها في الشكل الإلكتروني مشفرا بحيث لا يمكن إدراك معاينته من قبل الإنسان بل من قبل الحاسوب فقط فإن هذه الكتابة لا تصح لتكون دليل إثبات، لأنه لا يمكن للقاضي إدراك محتواها في حالة النزاع.

من خلال هذه الخصائص يتضح أن هذا المفهوم الجديد للكتابة كما يقول الأستاذ كمال العياري " أدخلت مسحة من التطور على مفهوم الكتابة مما آل إلى التخلي عن التعريف التقليدي المرتكز على المفهوم الورقي والمادي، فالإعتراف بالكتابة في الشكل الالكتروني قد أدى في الحقيقة إلى تقويض ثنائية المحتوى والوعــــاء (contenu – support) التي كانت تشكل إحدى أهم خصائص الكتابة التقليدية، ولكن الفصل بين مضمون الكتابة والشكل الذي ترد فيه يثير مسألة الثقة في هذا النوع من الكتابة، ويصيب قيمتها القانونية بالنقصان" ، فالكتابة في الشكل الإلكتروني على خلاف الكتابة التقليدية معرضة للتبديل وللتحوير اللاحق مما يمس قوتها الثبوتية، الشيء الذي جعل المشرع يحيطها بعدة ضمانات نتطرق اليها ضمن الفرع الثاني المخصص للقوة الثبوتية للكتابة في الشكل الالكتروني.


المطلب الثاني : القـوة الثبوتية للكتابة في الشكل الإلكتروني نصت المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني على أنه: "يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق، بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها".
لقد أسس المشرع من خلال هذا النص مبدأ التعادل الوظيفي بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الدعامة الورقية.

غير أنه لم يأخذ به على إطلاقه بل قيده بشرطين هما :
- إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي صدرت عنه هذه الكتابة.
- أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها.
وفي هذا الفرع سنتناول بالدراسة المبدأ الذي جاء به المشرع الجزائري ضمن الفقرة الأولى، والشروط المقيدة له في
الفقرة الثانية؛

الفرع الأول: مبدأ التعادل الوظيفي بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الورق
لقد اعترفت المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني بالكتابة الإلكترونية في إثبات التصرفات والعقود من جهة، وجعلتها معادلة في حجيتها للوثيقة المخطوطة على دعامة ورقية، أي لهما نفس الأثر والفعالية من حيث حجية وصحة الإثبات، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد حول نوع الكتابة التي يمكن أن تعادل في حجيتها الكتابة في الشكل الإلكتروني؟، وبعنى آخر هل يمكن إثبات التصرفات والعقود التي يتطلب القانون في إثباتها الكتابة الرسمية بالكتابة في الشكل الإلكتروني؟.

إن موقع المادة 323 مكرر من القانون المدني المقابلة لنص المادة 1316-1 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بتعريف الكتابة الواردة ضمن الباب المخصص بإثبات الإلتزام وتحديدا في الفصل الأول الخاص بالإثبات بالكتابة قد أثار جدلا فقهيا، خاصة في فرنسا عما إذا كانت الكتابة في صورتها الحديثة في الشكل الإلكتروني، تعادل في حجيتها حجية الكتابة الرسمية، وبالتالي يمكن من خلالها إثبات عكس التصرفات والعقود المثبتة بكتابة رسمية.

فقد انقسم الفقه حول هذه المسألة إلى فريقين، ذهب جانب منه في تفسير أحكام هذه المادة إلى أن نطاقها يتسع ليشمل الكتابة التي تكون في الشكل الرسمي، نظرا لعمومية تعريف الكتابة الواردة بنص المـادة 1316 من القانون المدني الفرنسي، المقابلة للمادة 323 مكرر من القانون المدني، وموقعها ضمن قواعد الإثبات في مقدمة الفصل الخاص بالإثبات بالكتابة من جهة أخرى، وبالتالي بإمكانها معادلة الكتابة الرسمية في الإثـبـات .

بينما ذهب الفريق الثاني للقول بأن هذا التدخل التشريعي يجب أن يحصر مجال إعماله في العقود العرفية، وبالتالي فإن الكتابة التي تكون في الشكل الإلكتروني لا يمكن لها أن تكون إلا عرفية، كون المشرع أراد حماية رضا المتعاقدين لما اشترط إثبات بعض العقود بالكتابة الرسمية التي يشترط لصحتها حضور الضابط العمومي وتوقيعها، وهذا الأخير هو الذي يمنحها رسميتها، والذي لا يمكن حضوره إذا ما تعلق الأمر بالكتابة في الشكل الإلكتروني .

وإننا نميل إلى الرأي الثاني في عدم قابلية إثبات التصرفات والعقود التي يشترط فيها المشرع لإثباتها الكتابة الرسمية، كون المادة 324 من القانون المدني تشترط حضور الضابط العمومي والحضور المادي لأطراف العقد أمامه لصحته، ويقول في هذا الشأن الأستاذ العياري " في الحقيقة يعود هذا الإحتراز إلى أن المشرع مازال محتفظا ببعض الخشية إزاء هذه المعاملات ولا يروم ضمن منظومة لم تستكمل بعد فترة التجربة" وتطبيقا لذلك فإن الأحكام المتعلقة بالكتابة العرفية هي التي تطبق على الكتابة التي تكون في الشكل الإلكتروني، لذا يمكن إثبات العقود والتصرفات القانونية التي تفوق قيمتها مائة ألف دينار بالكتابة المبرمة في الشكل الإلكتروني، تطبيقا لنص المادة 333 من القانون المدني من جهة، ولا يمكن معارضة الكتابة في الشكل الإلكتروني بشهادة الشهود تطبيقا من جهة أخرى، غير أن اليمين الحاسمة قد تقوض الدليل الثابت بالكتابة في الشكل العرفي.

الفرع الثاني : شروط قبول الكتابة في الشكل الإلكتروني كدليل إثبات
وضع المشرع شرطين لقبول الكتابة في الشكل الالكتروني للإثبات، وهما، امكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها، وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها، وسبب وضع المشرع لهذين الشرطين يرجع الى طبيعة المحيط الذي تتم فيه المعاملات الإلكترونية كونه محيط إفتراضي وليس محسوس virtuel et dématérialisé،مما يفرض عوائق ناتجة عن طبيعة المحيط نفسه
وهي :
- صعوبة التعرف على هوية الطرف الآخر في العلاقات العقدية.
- اصطدام استخراج الكتابة في الشكل الإلكتروني من ذاكرة الحامل ببعض العوائق التقنية.
- امكانية تعرض الكتابة الإلكترونية للتغيير من دون أن يترك هذا التبديل أثرا محسوسا.

وسنتطرق للشرطين المذكورين أعلاه فيما يلي :
أولا: إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها
إن التعاقد الإلكتروني، لاسيما الذي يتم عن طريق الأنترنيت يثير مسألة هامة تتعلق بإمكانية تأكد المتعاقد من هوية المتعاقد معه، أي توثقه من أن الشخص الذي يخاطبه هو فعلا ذلك الذي قدم له إسمه وعنوان بريده الإلكتروني، وغير ذلك من المعلومات، وقد يمتد هذا الإشكال في حالة المنازعة حول حجية هذا العقد، فما الذي يضمن للقاضي أن الوثيقة الإلكترونية المقدمة له كدليل إثبات صادرة أو متعلقة بذلك الشخص أو ذاك، وتعد هذه الإشكاليات من بين أهم الإشكاليات التي تواجه العقود الالكترونية.
في هذا المجال حاول المختصين إيجاد بعض الحلول التقنية لهذه الإشكالية باستعمال وسائل تعريف الشخصية عبر كلمة السر أو الأرقام السرية، و كذا وسائل التشفير أو ما يعرف بوسيلة المفتاح العام والمفتاح الخاص، ووسائل التعريف البيولوجية للمستخدم، كبصمات الأصابع المنقولة رقميا أو تناظريا وسمات الصوت أو حدقات العين أو غيرها.
وهي وسائل أريد منها ضمان تأكيد الإتصال من جهة وإثبات هوية الشخص الذي أصدر الوثيقة الإلكترونية من جهة أخرى، لكن تأكد بعد تجربتها أن لكل منها ثغرات أمنية ولذلك تعد غير كافية.

وهذا ما استدعى اللجوء إلى فكرة الشخص الوسيط بالعلاقة العقدية أو ما يسمى سلطات الموثوقية Autorités de certification أو Prestataire de service de certification électronique
وهي عبارة عن شركات ناشطة في ميدان خدمات التقنية تقدم شهادات تتضمن تأكيدا بأن الطلب أو الجواب قد صدر من الموقع المعني وتحدد تاريخ صدور الطلب أو الجواب، وحتى تضمن هذه الجهات تأكيد شخصية المخاطب، تستعمل تقنيات التعرف على الشخص بدءا بكلمة السر وانتهاء بتقنيات التشفير.
وقد أخذت معظم التشريعات التي اعترفت بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني في الإثبات بهذه الوسيلة للتأكد من هوية الشخص الذي صدر منه الإيجاب او القبول، ومنها القانون الفرنسي الذي أنشأ ما يسمى بهيئة خدمات التصديق de service de certification prestataire ، وكذلك القانون التونسي الذي أنشأ ما يسمى بجهات المصادقة وسماها الوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية .
وبالرجوع إلى القانون الجزائري، نجده لم يحدد إلى يومنا هذا كيفيات تطبيق هذا الشرط المقرر بالمادة 323 مكرر من القانون المدني المتعلق بكيفيات التأكد من هوية الشخص الذي صدرت منه الكتابة في الشكل الإلكتروني أو الوثيقة الإلكترونية، وفي انتظار صدور المرسوم التنفيذي الذي يحدد كيفيات تطبيق هذه المادة، فإن تطبيقها يبقى معلقا، كونه يصعب على القاضي التثبت من هوية من صدرت عنه الكتابة، لذا يبقى إنشاء مثل هذه الهيئات أفضل حل لهذا المشكل في الوقت الحاضر .

ثانيا: أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها
مع تطور التقنيات الإلكترونية وتحركها المستمر أصبح من الصعب ضمان الوجود المستمر للوسائط الإلكترونية اللازمة لقراءة السند الإلكتروني المنظم منذ مدة وفقا لتقنيات قديمة، كما أن السندات الإلكترونية هي عمليا معرضة للتلف بعد مدة، حتى ولو حفظت في شروط ملائمة وهنا وجه الإختلاف بين السند المادى والسند الإلكتروني، فالأول يمكن إعادة إنشاؤه من الأصل عند تغيب الورقة، بينما التغيب يمحي السند الإلكتروني كليا، فمشكلة الحفظ تساوى فيها السند الإلكتروني والسند الرسمي، ولذلك أوجب المشرع ضرورة حفظ الوثيقة الإلكترونية من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد الذين يتعاملون بها أو من كان لهم حقوق ثابتة بها.

ويمكن حفظ الوثيقة الإلكترونية على حامل إلكتروني، ويسمى الوسيط أيضا، وهو وسيلة قابلة لتخزين وحفظ واسترجاع المعلومات بطريقة إلكترونية كأن تحفظ في ذاكرة الحاسب الآلي نفسه في أسطواناته الصلبة Disques Durs أو على الموقع في شبكة الأنترنيت أو على شبكة داخلية تخص صاحب الشأن، وقد تتمثل في قرص مدمج CD-ROM أو قرص مرن Disquette informatique، أو قرص فيديو رقمي DVD .
وفي كل الأحوال يجب أن يكون الحامل الإلكتروني من الوسائط المتاحة حاليا أو التي يكشف عنها العلم مستقبلا، فنص المادة 323 مكرر يحتمل توسيع مجال الدعائم الإلكترونية ووسائط جديدة تعد بمثابة الحامل الإلكتروني، كما سبقت الإشارة إلى ذلك عند تعريف الكتابة في الشكل الإلكتروني.
ويتعين حسب الفقه أن يتوافر في الحامل الإلكتروني الذي تحفظ عليه الوثيقة الإلكترونية خصائص معينة تتعلق بهذه الرسالة أو الوثيقة وهي:
- إمكانية الإطلاع على الوثيقة الإلكترونية طيلة مدة صلاحيتها وذلك أن هذه الوثيقة تماما كالوثيقة المكتوبة، لها فترة صلاحية،
وطالما فقدت هذه الصلاحية يكون من المتعذر استرجاع البيانات المدونة بها والإستفادة منها، وهذا ما يقتضي أن يكون للحامل صفة القابلية للاستمرار.
- حفظ الوثيقة الإلكترونية في شكلها
النهائي طوال مدة صلاحيتها، بحيث يمكن الرجوع دائما لهذا الشكل النهائي عند الحاجة إليها.
- يتعين كذلك حفظ المعلومات المتعلقة بالجهة التي صدرت عنها الوثيقة الإلكترونية سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وكذلك الجهة المرسلة إليها.
- حفظ المعلومات المتعلقة بتاريخ ومكان إرسال الوثيقة واستقبالها، وذلك لأن هذه المعلومات ترتب آثارا قانونية في حق طرفي الرسالة أو الوثيقة متى تعلقت بعقد من العقود الإلكترونية، إذ يمكن عن طريق هذه البيانات تحديد مكان وزمان انعقاد العقد، وما إذا كان طرفا العقد قد جمعهما مجلس عقد واحد أم لا، والتوصل إلى معلومات تتعلق بسداد الثمن أو الأجرة وكيفية ذلك ومكانه، ولاشك أن كل هذه الأمور من العناصر الجوهرية في التعاقد بالطريق الإلكتروني، لأن الهدف النهائي هو الحفاظ على حقوق الأطراف وحقوق كل من له علاقة بهذه الوثيقة.
وفي القانون المقارن نلاحظ أن المشرع التونسي قد فرض التزامات إضافية تتعلق بحفظ الوثيقة الإلكترونية وهي:
- التزام المرسل بحفظ الوثيقة الإلكترونية في ذات الشكل الذي أرسلها به، حتى تكون حجة عليه متى تعلق حق للغير بهذه الوثيقة، فإذا ادعى خلاف ذلك، كانت الصورة المسلمة إليه، حجة عليه وحجة للطرف الآخر الذي يتمسك ضده بهذه الوثيقة الإلكترونية.
ونشير في الأخير إلى أن تخزين أدلة الإثبات في الآلات و عبر المواقع المؤقتة التي يمكن أن لا تتمتع بصفة الدوام والاستقرار جعل الفقيه Caprioli يقترح إنشاء جهات ثالثة تضمن سلامة الوثائق الالكترونية من التبديد والتحريف أو يسمى بـ" Tiers Archiveur أو Service d’archivage " ،
فتخزين المعلومات في الكومبيوتر الخاص بأحد المتعاقدين يمكن أن يعرضها للتبديل أو التحريف كون هذا الجهاز يخضع لإرادة و إشراف وتوجيهات مستعمليه ، وإذا كان هذا الكمبيوتر يؤدي مهمته تنفيذا للتعليمات ولإيعاز الشخص الذي يخزنها فإنه يقال بأن هذه المعلومات التي سوف تقدم كدليل إثبات يمكن أن تكون من صنع هذا المستعمل، فهي إذن صادرة عنه وبالتالي لا يجوز له أن يحتج بها كدليل إثبات، تطبيقا لمبدأ عدم جواز إصطناع الشخص دليلا لنفسه، ومن هنا تظهر
القيمة القانونية لوجود الوسيط لحفظ هذه الوثائق.

الفرع الثالث : التنازع بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الورق في الإثبات
لم تكن تثار مسألة تنازع أدلة الإثبات قبل تعديل القانون المدني بموجب الأمر 05-10 ، الذي اعترف بموجبه المشرع بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني في إثبات العقود والتصرفات القانونية التي توازي في قيمتها القانونية حجية الكتابة الورقية، وذلك لسبب بسيط هو أن قانون الإثبات لم يكن يعترف قبل هذا التاريخ إلا بالكتابة التي تكون على دعامة ورقية أو مادية، كما أشرنا إليه أعلاه.
وبالتالي لم يكن من الممكن تصور حدوث تنازع بين أدلة الإثبات الكتابية فيما بينها، فلكل منها قوتها الثبوتية ودرجتها المحددة قانونا، فكانت المحررات الرسمية الأقوى ثم الكتابة العرفية المعدة للإثبات فالمحررات العرفية غير المعدة للإثبات.
لكن وبظهور الوسائط التقنية الجديدة التي تختلف في طبيعتها عن الوثائق الكتابية، وتوازيها في نفس الوقت في قوتها الثبوتية أصبح من الممكن حدوث التنازع فيما بينها، وبات الأمر ضروريا بالنسبة للمشرع الفصل في هذا التنازع ، فلو وقع نزاع حول تنفيذ عقد أو تصرف قانوني ما سواء كان مبرما بطريقة تقليدية وتمسك أحد الأطراف بالوثيقة الورقية بينما تمسك الآخر بالوثيقة الإلكترونية المعدة للإثبات، فأي الدليلين يرجح القاضي ؟

لم يتطرق المشرع لمسألة تنازع أدلة الإثبات عندما قام بتعديل القانون المدني وأدخل الكتابة في الشكل الإلكتروني كدليل إثبات، وهذا عكس القانون الفرنسي الذي عالج هذه النقطة بمناسبة تعديله للقانون المدني بموجب القانون 230-2000 المؤرخ في 13 مارس 2000 المتعلق بإصلاح قانون الإثبات لتكنولوجيات المعلومات والتوقيع الإلكتروني، وتحديدا في المادة 1316-2 التي تنص على انه: "عندما لا ينص القانون على قواعد مخالفة أو عندما لا يكون هناك اتفاق متكافئ في إثبات الإلتزامات والحقوق بين الأطراف يبت القاضي في النزاعات القائمة حول الإثبات بالكتابة عبر تحديد السند الأكثر مصداقية، أيا كانت دعامته، وذلك عن طريق استخدام كافة الطرق المتوفرة لديه".
وما يمكن ملاحظته حول هذا الحل التشريعي الذي اعتمده المشرع الفرنسي أنه :
- أعطى للقاضي سلطتين، الأولى صلاحية البت بالنزاعات القائمة حول وسائل الإثبات وتحديد السند الأكثر مصداقية، والثانية هي سلطة تقديرية واسعة في عملية التحديد، فهو الذي يرجح واسطة إثبات دون أخرى، بمعزل عن الدعامة ورقية كانت أو إلكترونية، وذلك باستخدام الطرق المتوفرة لديه.
- إمكانية وضع اتفاقات بين المتعاقدين تخالف قواعد الإثبات الموجهة للقاضي، وبالتالي الإعتراف بأن هذه القواعد يمكن الإتفاق على خلافها .
وهذه القواعد التي جاء بها القانون الفرنسي يمكن الإستعانة بها في الجزائر كونها لا تخرج عن القواعد العامة المتعلقة بالإثبات، فالقاضي الجزائري في غياب النص الذي يفصل في تنازع أدلة الإثبات بإمكانه استعمال سلطته التقديرية لترجيح أحد الأدلة على غيرها، كما في حالة ما إذا عرض عليه محرران عرفيان ورقيان، إلا إذا اتفق طرفا العقد على ترجيح إحدى الوثائق على الأخرى، كأن يتفقا على ترجيح وثيقة إلكترونية على الوثيقة الخطية، وهذا الإتفاق جائز لأن قواعد الإثبات الموضوعية ليست من النظام العام ، وفي هذا يقول الأستاذ يحي بكوش: " تبقى القواعد الموضوعية الخاصة يالإثبات التي تمس بالحقوق الخاصة خاضعة لإرادة الخصوم يتصرفون فيها طبقا لرغباتهم" .
وفي واقع الأمر فإنه يصعب على القاضي ترجيح الوثيقة الإلكترونية على الوثيقة الورقية لسببين :
1- أولهما نفسي، فالقاضي الذي تعود على الوسائل الورقية والتوقيع باليد في إثبات العقود والتصرفات، سيكون منحازا عفويا إلى الوسيلة التي تعودها، فيكون في الأمر قرينة هي ترجيح المستند الورقي حتى إثبات العكس، وقد يصعب أخذ القاضي به للسبب نفسه.
2- ثانيهما واقعي، هو أن معرفة القاضي متصلة بالقانون وليس بالآلة أو بالتقنية، وهي متميزة وفي غاية الدقة في هذا المجال المتطور، مما سيلغي واقع التوازن الوظيفي بين الوسائل الإلكترونية والتقليدية في الإثبات، التي أقرها المشرع في المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني .


المبحث الثاني : التوقيــــــــــــع الإلكتروني لا تعد الكتابة سواء كانت في الشكل الإلكتروني أو على دعامة مادية دليلا كاملا في الإثبات إلا إذا كانت موقعة، فالتوقيع هو العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي المعد أصلا للإثبات، وهو شرط أساسي لصحة الوثيقة سواء كانت إلكترونية أو ورقية.
لذا نص المشرع في المادة 327 فقرة 2 من القانون المدني على أنه: " يعتبر العقد العرفي صادرا ممن كتبه أو وقعه أو وضع عليه بصمة أصبعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه، أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار ويكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أن الخط أو الإمضاء أو البصمة هو لمن تلقوا منه هذا الحق.
ويعتد بالتوقيع الإلكتروني وفق الشروط المذكورة في المادة 323 مكرر 1 أعلاه".
وبذلك يكون المشرع قد اعترف صراحة بالتوقيع الإلكتروني استكمالا باعترافه بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني، وذلك تماشيا مع إفرازات عهد المعلومات الذي أدخل وسائل حديثة في إبرام العقود والتوقيع عليها إلكترونيا.
وسوف يتم التطرق في هذا المطلب إلى تحديد مفهوم التوقيع الالكتروني في فرع أول، ثم دراسة حجيته في الإثبات ضمن الفرع الثاني.


المطلب الأول: تحديد مفهوم التوقيع الإلكتروني في هذا الفرع، نتطرق إلى تعريف التوقيع الإلكتروني وبيان الخصائص التي تميزه عن التوقيع العادي ثم بيان أنواعه في النقاط التالية :

الفرع الأول : تعريف التوقيع الإلكتروني
لم يعرف المشرع التوقيع الإلكتروني، غير أنه بالرجوع إلى التعريفات التي تم اعتمادها من قبل القوانين المقارنة والفقه ، والتي نجدها اهتمت إما بالوسائل التي يتم بها التوقيع وإما بالوظائف والأدوار التي يضطلع بها التوقيع، ومنها من يجمع بين الوظائف والأدوار في نفس الوقت.
فلجنة التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة عرفته بأنه " مجموعــة أرقام تمثل توقيعا على رسالة معينة "، يتحقق هذا التوقيع من خلال اتباع بعض الإجراءات الحسابية المرتبطة بمفتاح رقمي خاص بالشخص المرسل، ومن ثمة فإنه بالضغط على هذه الأرقام الخاصة بمستخدم الأنترنيت، يتكون التوقيع الإلكتروني، ويمكن أن يتم تحديد هذه الأرقام الخاصة من خلال اتفاقيات جماعية لمستخدمي الأنترنيت في المعاملات التجارية أو من خلال عقد مبرم بين الطرفين يحدد الرقم السري الخاص بكليهما، بحيث أن اقتران الرسالة المرسلة بهذه الأرقام، يستطيع الشخص أن يحدد شخصية المتعاقد الذي أرسل الرسالة، وهذا يعني إمكانية تعدد التوقيع الإلكتروني، بتعدد المعاملات التي يقوم بها الشخص.
وعرفه المشرع الفرنسي في المادة 1316-4 من القانون المدني بأنه: "التوقيع الضروري لإكمال التصرف القانوني، والتعريف بهوية صاحبه، والمعبر عن رضا الأطراف بالإلتزامات الناشئه عنه" .
كما أوردت التعليمة الأوربية المؤرخة في 13 ديسمبر 1999 في المادة 2 منه تعريفا للتوقيع الإلكتروني بأنه عبارة عن : "معلومات أو معطيات
في شكل إلكتروني، ترتبط أو تتصل منطقيا بمعطيات إلكترونية أخرى وتستخدم كوسيلة لإقرارها" .
ومن التعاريف التي اقترحها الفقهاء التعريف القائل بأن التوقيع الإلكتروني هو: "اتباع مجموعة من الإجراءات أو الوسائل التقنية التي يتاح استخدامها عن طريق الرمز أو الأرقام أو الشفرات ، بقصد إخراج علامة مميزة لصاحب الرسالة التي نقلت إلكترونيا" .

الفرع الثاني : خصائص التوقيع الإلكتروني
كما هو واضح من خلال هذه التعاريف فإن التوقيع الإلكتروني يتميز عن التوقيع التقليدي من خلال خصائصه التي نوردها فيما يلي:
- إن التوقيع الإلكتروني، وعلى العكس من التوقيع الكتابي لا يقتصر على الإمضاء أو بصمة الأصابع بل يشمل صورا لا يمكن حصرها منها الحروف والأرقام والصور والرموز والإشارات وحتى الأصوات، كل ذلك بشرط أن يكون لها طابع فردي، يسمح بتمييز الشخص صاحب التوقيع وتحديد هويته، وإظهار رغبته في إقرار العمل القانوني والرضا بمضمونه، فالتوقيع الإلكتروني على رسالة ما أو وثيقـة هو عبارة عن بيانات متجزئة من الرسالة ذاتها (جزء صغير من البيانات) يجرى تشفيرهوإرساله مع الرسالة، بحيث يتم التوثق من صحة صدور الرسالة من الشخص عند فك التشفير، وانطباق محتوى التوقيع على الرسالة .
- إن التوقيع الإلكتروني يتميز بأنه لا يتم عبر وسيط مادي، أي دعامة ورقية، بحيث تذيل به الكتابة، كما هو الحال بالنسبة للتوقيع الكتابي، وإنما يتم كليا أو جزئيا عبر وسيط إلكتروني من خلال أجهزة الكمبيوتر، أو عبر الأنترنيت، بحيث يكون بإمكان أطراف العقد الإتصال ببعضهم البعض والإطلاع على وثائق العقد، والتفاوض بشأن شروطه وإفراغ هذا العقد في محررات إلكترونية، وأخيرا التوقيع عليها إلكترونيا.
- لزوم تدخل طرف ثالث Tiers de confiance الذي يقوم بدور الوسيط بين أطراف العقد، حيث استلزمت ضرورة الأمن القانوني وجوب استخدام تقنية آمنة في التوقيع الإلكتروني تسمح بالتعرف على شخصية الموقع ، وسوف يتم تفصيل هذه الخاصية عند معالجة حجية التوقيع الإلكتروني.

الفرع الثالث : أنواع التواقيع الإلكترونية
للتوقيع الإلكتروني صورتان شائعتان إحداهما التوقيع الرقمي وآخر بيومتري.
أولا: التوقيع الرقمي La signature numérique.
يطلق عليه أيضا إسم التوقيع الكودي Key based signature، تقوم هذه التقنية بتزويد الوثيقة
الإلكترونية بتوقيع مشفر يمكنه تحديد الشخص الذي قام بتوقيعها والوقت الذي قام فيه بتوقيعها، ومعلومات أخرى خاصة بصاحب التوقيع.
ثم يسجل التوقيع الرقمي بشكل رسمي عند جهات تعرف بسلطات التوثيق Autorités de certification ،ويتم هذا التوقيع بوجود مفتاحان، مفتاح العام وهو معروف للكافة،ومفتاح خاص يتوفر فقط لدى الشخص الذي أنشاه ويمكن بهذه الطريقة لأي شخص يملك المفتاح العام أن يرسل الرسائل المشفرة، ولكن لا يستطيع أن يفك شفرة الرسالة الا الشخص الذي لديه المفتاح الخاص، ويستخدم هذا النظام خاصة في التعاملات البنكية وأوضح مثال على ذلك بطاقة الإئتمان التي تتضمن رقما سريا لا يعرفه إلا الزبون، الذي يدخل بطاقته في آلة السحب، عندما يطلب الإستعلام عن حسابه أو يبدي رغبته في صرف جزء من رصيده.

ويمكن تلخيص مزايا هذا التوقيع في الآتي :
- أنه يؤدي إلى إقرار المعلومات التي يتضمنها السند أو التي يهدف إليها صاحب التوقيع.
- يسمح بإبرام العقود عن بعد، وذلك دون حضور المتعاقدين جسديا في ذات المكان، الأمر الذي يساعد في ضمان وتنمية التجارة الإلكترونية.
- هو وسيلة مأمونة لتحديد هوية الشخص الذي قام بالتوقيع.
أما أكبر سلبية من سلبيات التوقيع الرقمي فتتمثل في أن احتمال تعرض الرقم السري أو الكودي للسرقة أو الضياع أو التقليد، مما يجعل صاحبه ملزما بسرية رقمه، وفي حالة تسرب الرقم للآخرين فيعد هو المسؤول عن الآثار المترتبة على ذلك طالما أنه لم يراعي قواعد الحيطة والحذر، إلا إذا قام بالإبلاغ عن سرقته أو فقدانه إلى سلطات التوثيق أو البنك.

ثانيا: التوقيع البيومتري Signature biométriques.
يعتمد التوقيع البيومتري على تحديد نمط خاص تتحرك به يد الشخص الموقع أثناء التوقيع، إذ يتم توصيل قلم إلكتروني بجهاز كمبيوتر، ويقوم الشخص بالتوقيع باستخدام هذا القلم الذي يسجل حركات يد الشخص أثناء التوقيع كسمة مميزة له اخذا في الاعتبار بأن لكل شخص سلوك معين أثناء التوقيع .
ويتم التحقق من صحة هذا التوقيع، عن طريق قيام نفس البرنامج، الذي تم التوقيع بواسطته، بفك رموز الشفرة البيومترية، ومقارنة المعلومات مع التوقيع المخزن، ثم إرسالها إلى برنامج كمبيوتر الذي يعطي الإشارة فيما إن كان التوقيع صحيحا أم لا .

المطلب الثاني : حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات
نص المشرع في المادة 327 فقرة 2 على أنه: " يعتد بالتوقيع الإلكتروني وفقا للشروط المذكورة في المادة 323 مكرر 1 أعلاه "، ويكون بذلك المشرع قد سوى في الحجية بين التوقيع التقليدي والتوقيع الإلكتروني، وهو ما يسمى بالتعادل الوظيفي بين التوقيع التقليدي والتوقيع الإلكتروني، أي أن التوقيع الالكتروني يمكن أن يقوم بذات الوظائف التي يقوم بها التوقيع الخطي من حيث تحديد هوية صاحبه و إقراره بمضمون التعامل الذي استخدم هذا التوقيع في إنجازه.

في نفس الوقت أحال المشرع على الشروط المنصوص عليها في المادة 323 مكرر 1 للإعتداد بهذا التوقيع وهي :
- إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدره.
- أن يكون معدا ومحفوظا في ظروف تضمن سلامته.
فكما سبقت الإشارة إليه أعلاه فإنه يصعب تحقق هذين الشرطين إلا بوجود جهات وسيطة تصادق على صحة هذا التوقيع، وضمان أن صدوره كان من الشخص المنسوب إليه، وتأكيد أنه لم يحدث أي تحريف أو تعديل فيه.
وفي غياب نص تنظيمي للمسألة، تظل مشكلة تحديد الشخص الذي يصدر عنه هذا التوقيع قائمة في كيفية تعيين المتعاقد حتى مع وجود التوقيع الإلكتروني، وفي هذا الصدد تظهر أهمية تحديد هذا التوقيع من خلال شخص آخر يسمى بهيئة الإقرار Autorité certificatrice، والتي تقدم خدمة التصديق prestataire de service de certification،
أو الغير الموثق Tiers certificateur ou Authentificateur، وهذا يعني ضرورة إنشاء هذه الوظيفة بالنسبة للمعاملات التي تتم من خلال شبكة الأنترنيت، وهذه الجهة الموثقة أو هذا الشخص المصدق يجب أن يقدم وثيقة إلى مستخدم الأنترنيت في إبرام العقود تتضمن اسمه، عنوانه، وإذا كان شخص معنوي يتم تحديد سلطاته، ورقمه السري، وهذه الشهادة تحمل التوقيع الإلكتروني للجهة الصادرة عنها، وهذا من شأنه أن يؤكد العلاقة بين الشخص والرسالة الإلكترونية الصادرة عنه، وإن بث الرسالة مقترنة بهذه الإجراءات المكونة للتوقيع الإلكتروني يؤكد نسبتها لشخص محدد من جهة، وأنه لم يحدث تلاعب أو تحريف أوتعديل في الرسالة من جهة أخرى، وهذا من شأنه إضفاء نوع من الثقة في التعامل الذي يتم من خلال شبكة الأنترنيت، إذ يضمن للمستقبل سلامة المعلومات المرسلة من الطرف الآخر كما صدرت عنه تماما دون تحريف ناتج عن تدخل شخص آخر على الشبكة، وفي سبيل إضفاء الثقة على هذه الوسيلة يجب على هذه الهيئة أن تخلق لديها نظاما رقميا خاصا بالتوقيع الإلكتروني بما يمنع الخلط بين مستخدمي الأنترنيت وكذلك خلق أرشيف إلكتروني، يتضمن التوقيعات الإلكترونية الصادرة عنها .

هذا وقد أبدت أغلب التشريعات التي اعترفت بالتوقيع الإلكتروني في إثبات التصرفات القانونية مجموعة من الضوابط الصارمة، وتدخلت الدولة في هذا الخصوص بإنشاء هيئة عامة يناط بها مهمة التوثيق بما يؤدي إلى نوع من التنظيم الرسمي لاستخدام الأنترنيت في المعاملات التجارية وإبرام العقود بصفة عامة، وبالتالي إضفاء نوع من الثقة على التعامل الذي يتم عبر شبكة الأنترنيت .
أما في الجزائر، وبسبب غياب إطار منظم لهذه الوظيفة، فلأطراف العقد الحرية في اختيار النظام الإلكتروني الذي يضمن للإمضاء موثوقيته، وذلك بإنشاء الجهة الموثقة باتفاق مستخدمي الأنترنيت في تعاملاتهم، ومن ثمة تكون هذه الهيئة خاصة.

خاتمة :
التعاقد الإلكتروني من المسائل التنظيمية التي تخضع لإرادة الطرفين، وغالبًا ما يتم الاتِّفاقُ على اللجوءِ إلى التحكيم الإلكتروني، وغالبًا ما تكون الكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني من أبرز وسائل إثبات التعاقد الإلكتروني، فظهر في التطبيق العملي ما يؤدي إلى الاعتراف بحجية الوثائق الإلكترونية، وصحة التوقيع الإلكتروني، وهذا لا يُخالِفُ أحكام الفقه الإسلامي كما أن التعاقد التجاري الإلكتروني بضوابطه الشرعية يعتبر صحيحًا في ميزان الشرع الإسلامي.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
إثبات ، العقد ، الإلكتروني ،









الساعة الآن 09:50 PM