logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





06-05-2018 01:44 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 455
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب

بحث حول الرقابة القضائية
في القانون الجزائري

المبحث الأول : ماهية الرقابة القضائية
المطلب الأول: مفهوم الرقابة القضائية و تمييزها عن غيرها من الأنظمة الشبيهة بها
المطلب الثاني : مضمون الرقابة القضائية
المبحث الثاني : إجراءات الرقابة القضائية
المطلب الأول : الجهات المختصة بإصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية
المطلب الثاني : مدة الرقابة القضائية و نهايتها
المطلب الثالث : الرقابة على أمر الوضع تحت الرقابة القضائية
خاتمة

مقدمة
عرف القانون الجزائري تطورات عديدة في مختلف المجالات محاولا بذلك مواكبة التطورات التي تحدث في العالم، و متأثرا بالأفكار المطروحة حول التوسيع من دائرة الحريات و تعزيز حقوق الإنسان.
و قانون الإجراءات الجزائية باعتباره دستور الحريات كما يطلق عليه البعض لم يكن بمنأى عن هذا التطور الذي حصل في القوانين، فأدخلت إصلاحات متعددة في أحكامه تصب كلها في الاتجاه الذي يحاول الحفاظ على مصالح المجتمع من جهة، و مصالح الفرد من جهة أخرى.
و نظرا لهذه الأفكار الجديدة و التي تضغط بقوة على القوانين ظهرت فكرة استحداث بدائل للحبس المؤقت-الذي يعد إجراء يمس بحرية الفرد- شريطة أن تكون أقل حدة و أكثر ليونة، و نتيجة لذلك تبنى المشرع نظام أطلق عليه "الرقابة القضائية"، و الذي سوف نتعرض له من خلال دراستنا لما يلي:
- ماهية الرقابة القضائية.
- إجراءات الرقابة القضائية.
المبحث الأول : ماهية الرقابة القضائية :
نتطرق في هذا المطلب إلى كل من مفهوم الرقابة القضائية و تمييزها على الأنظمة الشبيهة به و مضمونها.
المطلب الأول : مفهومها و تمييزها عن غيرها من الأنظمة الشبيهة بها:
الفرع الأول : مفهوم الرقابة القضائية :
1– تعريف الرقابة القضائية :
لمعرفة مصطلح الرقابة القضائية معرفة دقيقة يجب أن نتناول تعريفها لغة و فقها و قانونا.
أ – لغــة :
يشتق مصطلح الرقابة من فعل راقب، يراقب، مراقبة.
راقب الشيء أي حرسه, و يقال راقب الله في أمره أي خافه.
ب – فقهـا :
لقد نشط الفقه الجنائي في تعريف الرقابة القضائية فوردت عدة تعاريف مختلفة منها:
عرفها الفقه الفرنسي بأنها:" نظام يفرض بموجبه بعض الالتزامات على المتهم يجب مراعاتها".
ونلاحظ أن هذا التعريف جاء ناقص و نعتقد أنه سيكون أشمل لو جاء بالصيغة التالية:" الرقابة القضائية نظام إجرائي بديل عن الحبس المؤقت يفرض بموجبه قاضي التحقيق التزاما أو أكثر على المتهم ضمانا له أو لمصلحة التحقيق."
كما عرفها البعض الآخر بأنها:" إجراء وسط بين الحبس المؤقت و إطلاق السراح خلال إجراءات التحقيق و هدف هذا النظام إعطاء المتهم أقصى حد من الحرية تتوافق مع ضرورة الوصول للكشف عن الحقيقة و للحفاظ على النظام العام و يظل المتهم الموضوع تحت الرقابة القضائية على أن تفرض عليه بعض القيود في تنقلاته و حياته الخاصة "
و قد وجه لهذا التعريف عدة انتقادات من بينها أنه جاء طويل جدا و بعبارات غير دقيقة كما أنه لم يكتف بتعريف الرقابة القضائية بل تطرق إلى أهدافها.
و عرفها البعض الآخر كما يلي:" تعد الرقابة القضائية إجراء وسطا بين إطلاق الحرية و الحبس الاحتياطي حيث يطلق سراح المتهم لكي يخضع لبعض الواجبات التي تكفل و ضعه تحت تصرف القضاء فهي نوع من التدابير الاحترازية."
غير أنه ما يؤخذ على هذا التعريف أنه جعل إجراء الرقابة القضائية طريق من طرق الحصول على الإفراج، إذ أننا نتصور الخاضع للرقابة القضائية في هذه الحالة هو المحبوس حبسا مؤقتا، لكن في حقيقة الأمر أن المتهم الذي يسلط عليه نظام الوضع تحت الرقابة القضائية ليس بالضرورة أن يكون موجودا في الحبس المؤقت ثم يطلق سراحه بل قد يكون مطلق السراح منذ بداية مثوله أمام قاضي التحقيق تم يقرر هذا الأخير إخضاعه لهذا النظام هذا من جهة.
و من جهة أخرى أن هذا التعريف اعتبر الوضع تحت الرقابة القضائية نوع من التدابير الاحترازية و هذا غير صحيح لأن هذه الأخيرة نوع من الإجراءات التي يصدر بها حكم نهائي.
و نلاحظ أن المشرع استعمل مصطلح تدبير أمن وليس تدبير احتراز و تدبير الأمن يعد الصورة الثانية للجزاء، يهدف إلى تجنيب المجتمع خطورة إجرامية في شخص مرتكب الجريمة، و بذلك يكون لكليهما نفس الهدف و هو إصلاح الفرد الخاضع لهما.
كما أن إجراء الوضع تحت الرقابة القضائية هو إجراء يوجه ضد شخص لم يثبت في حقه ارتكاب الجريمة، بل هو مجرد متهم ينتظر صدور حكم القضاء الذي قد يكن بالإدانة أو البراءة.
و من خلال ما سبق طرحه يمكن استخلاص التعريف التالي للرقابة القضائية المتمثل فيما يلي: "الوضع تحت الرقابة القضائية إجراء بديل للحبس المؤقت بموجبه تفرض على المتهم مجموعة من الالتزامات تحد من حريته ".
و خلاصة القول، أن الوضع تحت الرقابة القضائية نظام أصلي مستقل أنشأه القانون بهدف حماية الحقوق الفردية للأشخاص و تعزيز الضمانات القانونية للأفراد المتهمين أثناء التحقيق و ذلك بتجنيبهم نظام الحبس المؤقت و مساوئه.
ج – قانونـــا :
لم يتضمن قانون الإجراءات الجزائية في ثنايا نصوصه أي تعريف لإجراء الرقابة القضائية و هذا ما يمكن استخلاصه من المواد 125 مكرر1 و125 مكرر2 و 125 مكرر3 من هذا القانون، و هذا ليس جديدا على المشرع فقد درج على تفادي حشو نصوصه بالتعريفات فاتحا بذلك المجال للفقه كي ينشط في هذا الشأن كعادته، هذا من جهة. و من جهة أخرى فقد اقتفى أثار المشرع الفرنسي حيث لم يعرف هذا الأخير إجراء الرقابة القضائية.
2- الطبيعة القانونية للرقابة القضائية :
من أجل التخفيف من مساوئ الحبس المؤقت، كان على المشرع إيجاد أنظمة أخرى تحل محله تتماشى مع ما تنادي به الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، من احترام الحريات الفردية و صيانة حقوق و كرامة الأشخاص، كما أن من أهداف القضاء المحافظة على الأمن العام و ذلك في إطار المشروعية، و أن على كل مواطن احترام حرية الآخرين و لا يتابع أحد أو يحبس إلا في الحالات المحددة في القانون.
و تبعا لكل هذا فقد أوجد المشرع نظام الرقابة القضائية التي تشتمل على مجموعة من الالتزامات يفرضها قاضي التحقيق بدلا من حبسه، و في نفس الوقت يضمن السير الحسن للتحقيق.
فالرقابة القضائية هي ذات طبيعة إجرائية و تعتبر نظاما وسطا بين كل من الحبس المؤقت و الإفراج، و الهدف منها تجسيد قرينة البراءة التي يتمتع بها المتهم طوال إجراءات التحقيق هذا من جهة، و من جهة أخرى السعي للكشف عن الحقيقة.
الفرع الثاني : تمييز الرقابة القضائية عن غيرها من الأنظمة الشبيهة بها :
تقتضي منا دراسة الرقابة القضائية التطرق إلى تمييزها عن غيرها من الأنظمة المشابهة لها نظرا لكونها قد تلتقي معها في العديد من النقاط، مما يؤدي إلى الخلط بينهم، و هذا ما يجعلنا نتناول هذه الأنظمة مع توضيح نقاط التشابه و الاختلاف.
و الأنظمة التي يمكن أن تتداخل مع نظام الرقابة القضائية لا تخرج عن اثنان هما نظام الوضع رهن الإرجاء و نظام الوضع تحت رقابة البوليس.
أولا- الرقابة القضائية و نظام الوضع رهن الإرجاء :
يعتبر نظام الوضع رهن الإرجاء من الأنظمة حديثة النشأة التي جاء بها المشرع نتيجة الأوضاع الأمنية الخطيرة التي مرت بها الجزائر، إذ أراد إحداث نقلة نوعية فأوجد القانون رقــم 99-08 المؤرخ في 13-07- 1999 المتعلق بالوئام المدني, و قد عرفه في المادة 6 منه كما يلي:
"يتمثل الوضع رهن الإرجاء في التأجيل المؤقت للمتابعات خلال فقرة معنية بغرض التأكد من الاستقامة الكاملة للشخص الخاضع لها ".
و قد حددت المادة 7 منه القانون الأشخاص الذين يخضعون لهذا النوع من الإجراء.
و برجوعنا لنص المادة 11 من نفس القانون التي تنص:".....يجوز للجنة الإرجاء المذكورة في المادة 14 من القانون إرفاق قرارها بتدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادتين 8 و98 و المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية ".
من خلال نص المادة نلاحظ أن الشخص الموضوع رهن الإرجاء يخضع إلى التزامات الرقابة القضائية المنصوص عليها في المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية.
و بالتالي نقول أن نظام الوضع رهن الإرجاء قد إحتوى نظام الرقابة القضائية.
و بالرغم من ذلك فإن كلا النظامين يختلفان عن بعضهما كون أن نظام الوضع رهن الإرجاء حدد تطبيقه لفترة زمنية محددة و هي 6 أشهر ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون، كما أنه يطبق على جرائم معينة و هي الجرائم التي نصت عليها المادة 87 مكرر من قانون العقوبات،و يخص أشخاص معينين من طرف لجنة تسمى لجنة الإرجاء التي يترأسها و كيل الجمهورية على مستوى المحكمة .
في حين أن نظام الرقابة القضائية يطبق على جميع المتهمين دون تحديد لتاريخ وقف العمل به كما أنه إجراء تستعمله جهات التحقيق و الحكم.
ثانيا – الرقابة القضائية و نظام الوضع تحت رقابة البوليس :
الوضع تحت رقابة البوليس هو نظام يهدف إلى إلزام المتهم الخضوع لبعض القيود على حريته منها: عدم مغادرته لأماكن معينة أو منعه من التردد على بعض الأماكن المحددة.
ويعد هذا النظام بديلا لحجز المتهم عن تقديم الكفالة المالية للحصول على الإفراج و ليس بديلا لإجراء الحبس المؤقت.
و هنا يظهر الفرق جليا، فإذا عجز الفرد المحبوس مؤقتا عن تقديم الكفالة المالية مقابل الإفراج عليه فإن هذا العجز المادي يمكن لجهات التحقيق أن تقرر وضعه تحت مراقبة البوليس.
كما أن نظام الوضع تحت مراقبة الشرطة يعد أحد التزامات الرقابة القضائية.
و نلاحظ أن نظام الوضع تحت مراقبة البوليس غير معمول به في التشريع الجزائري كنظام قائم بذاته، بل أن المشرع الجزائري نص في المادة 125 مكرر1 فقرة 3على ما يلي: "... المثول دوريا أمام المصالح و السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق ".
وبهذا يتضح أن المشرع الجزائري اعتبر الوضع تحت رقابة البوليس إحدى الالتزامات المقررة للوضع تحت الرقابة القضائية.
المطلب الثاني : مضمون الرقابة القضائية :
نتطرق في هذا الفرع إلى كل من شروط الرقابة القضائية و التزاماتها.
الفرع الأول : شروط تطبيق الرقابة القضائية :
تصدر الرقابة القضائية وفق شروط موضوعية و أخرى شكلية:
أولا - الشروط الموضوعية
بالرجوع إلى نص المادتين 123 و 125 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية نستخلص أن للرقابة القضائية شرطين هما:
– كفاية التزامات الرقابة القضائية لحسن سير التحقيق.
– إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضت لعقوبة الحبس أو عقوبة أشد.
و سنتعرض لهذين الشرطين بشيء من التفصيل:
كفاية التزامات الرقابة القضائية لحسن سير التحقيق :
نصت المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: "...لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية ....."
يفهم من نص المادة بمفهوم المخالفة أنه حينما تكون التزامات الرقابة القضائية كافية فلا مجال لإعمال سلطة قاضي التحقيق في الحبس المؤقت, باعتبار هذا الأخير غالبا ما يحقق مصلحة المتهم خلافا للرقابة القضائية التي تحقق مصلحتي التحقيق و المتهم في آن واحد, و من ثمة فهي أولى بالتطبيق من الحبس المؤقت الذي يبقى استثناء من القاعدة, و إن كان القضاء قد توسع فيه إلى أن انقلب أصله الاستثنائي إلى قاعدة عامة لعدة مبررات, منها مثلا: مصلحة التحقيق, عدم هروب المتهم من العقوبة, الخوف من التأثير على الشهود أو العبث بالأدلة....
و هي مبررات مرنة مما جعل القضاء يتوسع في استعمالها, الأمر الذي أدى بالمشرع إلى إيجاد نظام الرقابة القضائية كوسيلة للحد من اللجوء إلى الحبس المؤقت أو المبالغة فيه, إذ يمكن لهذا النظام تحقيق نفس الأهداف التي سيحققها حبس المتهم مؤقتا تماشيا مع قرينة البراءة التي يتمتع بها المتهم قبل الحكم النهائي ضده, و عليه يستلزم على قاضي التحقيق حين يمثل أمامه أحد المتهمين أن لا يسارع في إيداعه الحبس المؤقت قبل التأكد من إمكانية كفاية التزامات الرقابة القضائية لحسن سير التحقيق الجزائي.
إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضت لعقوبة الحبس أو عقوبة أشد :
نصت المادة 125 مكرر1 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: "يمكن قاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضت إلى عقوبة الحبس أو عقوبة أشد".
يستفاد من نص المادة أنه لكي يستطيع قاضي التحقيق أو جهات الحكم المحال إليها الملف اللجوء إلى استعمال الرقابة القضائية, يجب أن تكون التهمة الموجهة للشخص المراد إخضاعه لهذا الإجراء عقوبتها الحبس أو عقوبة أشد.
و في هذا الصدد يثور التساؤل فيما إذا كانت الغرامة هي العقوبة المقررة للجريمة, فهل يمكن في هذه الحالة أن يوضع المتهم المرتكب لمخالفة أو جنحة معاقب عليها بالغرامة فقط تحت نظام الرقابة القضائية ؟
الإجابة تكمن في أنه إذا تبين أن الواقعة المتابع بها المتهم تشكل جنحة أو مخالفة معاقب عليها بالغرامة, فلا يكون المتهم خاضعا لنظام الرقابة القضائية[5] و هو ما تؤكده المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية التي حصرت العقوبة في الحبس أو عقوبة أشد مستبعدة بذلك الغرامة. الإشكال يظهر أيضا في استعمال المشرع لعبارة "الحبس" و ذلك دون تطرق منه إلى تحديد مدته, و هو ما يقودنا إلى القول بإمكانية تطبيق الرقابة القضائية في مواد المخالفات على اعتبار أن الحبس من العقوبات المقررة فيها, و ذلك اعتمادا على نص المادة 5 فقرة 3 من قانون العقوبات التي تنص على أن: " العقوبات الأصلية في مادة المخالفات هي :
– الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر......."

فهل يمكن تطبيق الرقابة القضائية في مواد المخالفات ؟
ذهب الفقه إلى استبعاد تطبيق الرقابة القضائية في مواد المخالفات نظرا لبساطتها و تطبيقها على الجنح والجنايات.
و قد كان على المشرع أن يستبعد صراحة تطبيق الرقابة القضائية على مرتكبي المخالفات إزالة للغموض الذي جاء في نص المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية, إذ كان عليه حسب رأينا إضافة عبارة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس أو الغرامة.
كما يطرح التساؤل حول إمكانية اللجوء إلى الرقابة القضائية في حالة الجنحة أو الجناية المتلبس بها؟
في رأينا, الرقابة القضائية هي إجراء يتسم بالمرونة و الليونة و يتلاءم مع كل الأوضاع إلى غاية تنفيذ الحكم, وعليه فإنه يمكن استعمالها في حالة الجريمة المتلبس بها باعتبار أن مجال تطبيقها واسع جدا يمتد إلى كل الحالات التي يتعرض فيها المتهم لتهمة عقوبتها الحبس أو عقوبة أشد, و هذا لحسن سير التحقيق.
ثانيا - الشروط الشكلية :
تنص المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي:"...يمكن قاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية....تلزم الرقابة القضائية المتهم أن يخضع بقرار من قاضي التحقيق إلى التزام أو عدة التزامات...".
يستشف من نص هذه المادة بأن المشرع لم يحدد أي شكل خاص لأمر الوضع تحت الرقابة القضائية، و بالتالي فشأنه شأن كل الأوامر القضائية, التي يجب أن تشتمل على اسم المتهم و لقبه و مهنته و محل إقامته و التهمة المنسوبة إليه و تاريخ إصداره و إمضاء المحقق و خاتمه, كما ينبغي أن يؤشر على الأمر و كيل الجمهورية و أن يرسل بمعرفته.
و يمكن استخلاص الشروط الشكلية التالية:
– أن يصدر أمر الوضع على صفة أمر.
– تسبيب أمر الوضع تحت الرقابة القضائية.
– استشارة وكيل الجمهورية عند طلب المتهم وضعه تحت الرقابة القضائية.
أ- أن بصدر أمر الوضع على صفة أمر :
لقد نص المشرع في المادة السالفة الذكر أن الوضع تحت الرقابة القضائية يتم بموجب قرار "décision" في حين أن قاضي التحقيق يصدر أوامر و ليس قرارات, و في رأينا يرجع ذلك إلى سوء ترجمة نص المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية, إذ أن النص الفرنسي قصد كلمة قرار بالمعنى الأدبي و ليس المعنى القانوني وهذا ناتج عن عدم التدقيق في استعمال المصطلحات.
ب- تسبيب أمر الوضع تحت الرقابة القضائية :
هل يشترط التسبيب في أمر الوضع تحت الرقابة القضائية؟
و للإجابة عن هذا التساؤل نتعرض لما يلي:
- في ظل القانون 86-05 :
بالرجوع إلى أحكام هذا القانون الذي أنشأ إجراء الرقابة القضائية, نجد أنها اشترطت التسبيب في الأمر بالوضع تحت الرقابة القضائية, و هو ما ورد في المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت على أنه:" يجوز لقاضي التحقيق بأمر مسبب وضع المتهم تحت الرقابة القضائية..".
طبقا لهذا النص, يكون قاضي التحقيق ملزما ببيان الأسباب و الدوافع التي جعلته يلجأ إلى هذا الإجراء, باعتبار أن التسبيب أحد الضمانات الشكلية التي أوجبها القانون, فيجب حينئذ أن تكون هذه الأسباب منسجمة مع ضرورات التحقيق.
– في ظل القانون 90-24 :
إن أحكام المادة 125 مكرر 1 من هذا القانون لم تلزم قاضي التحقيق بتسبيب أمره بالوضع تحت الرقابة القضائية، رغم أنه أجاز المشرع للمتهم أو لوكيله الطعن بالاستئناف في نص المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها ما يلي:" للمتهم أو وكيله الحق في رفع الاستئناف أمام غرفة الاتهام بالمجلس القضائي عن الأوامر المنصوص عليها في المواد..... 125 مكرر1 و 125 مكرر2.....".
فما غاية المشرع من عدم ذكر هذا شرط التسبيب؟.
في رأينا هذا يرجع لسببين هما :
- رغبة المشرع في إعطاء أكبر قسط من الحرية لقاضي التحقيق في اللجوء لاستعمال سلطته في إصدار الأمر بالوضع تحت الرقابة القضائية, و عدم تقييده بهذا الإجراء الشكلي ألا و هو التسبيب, الذي قد يؤثر عليه سلبا حيث يجعله يتردد في اتخاذه.
- التقليل من حدة الحبس المؤقت باعتبار الرقابة القضائية بديل له، و ذلك من أجل الحفاظ على حريات الأشخاص و تكريس مبدأ قرينة البراءة.
غير أن المشرع قد اشترط التسبيب في الأمر المتضمن تعديل التزامات الرقابة القضائية بالزيادة أو النقصان ،و هذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 125 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية .
ج- استشارة وكيل الجمهورية عند طلب المتهم وضعه تحت الرقابة القضائية :
حتى يتسنى دراسة هذا الشرط، يجب التفرقة بين القانون رقم 90-24 و القانون رقم 01-08 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية.
- في ظل القانون رقم 90-24 :
تنص المادة 125 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: " يأمر قاضي التحقيق بوضع تحت الرقابة القضائية سواء تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة وكيل الجمهورية".
تشترط المادة المذكورة أعلاه ضرورة استشارة وكيل الجمهورية أثناء إقدام قاضي التحقيق على إصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية في حالة طلب المتهم من هذا الأخير إخضاعه لهذا الإجراء.
و من غير المنطقي أن يسعى المتهم إلى إخضاعه لإجراء الرقابة القضائية إذا كان في حالة إفراج، و بالتالي لا يمكن تصور توافر هذا الشرط إلا إذا كان المتهم محبوسا مؤقتا و قدم طلبا لقاضي التحقيق للإفراج عنه فيرفض ذلك وعندها يقدم طلب وضعه تحت الرقابة القضائية.
تعد استشارة وكيل الجمهورية ضرورية غير أن قاضي التحقيق غير ملزم بإتباع رأيه، فهذا الشرط شكلي الهدف منه إطلاع وكيل الجمهورية طبقا للقواعد العامة عن كل التصرفات التي لها أثر على سير التحقيق.
في رأينا, أن عدم إلزامية هذا الرأي يوضح رغبة المشرع في منح استقلالية لقاضي التحقيق لتوسيع العمل بالرقابة القضائية.
- في ظل القانون رقم 01-08 :
لقد نصت المادة 125 مكرر 2 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: " يأمر قاضي التحقيق برفع la main levé" " الرقابة القضائية سواء تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة وكيل الجمهورية " .
يستشف من نص المادة أعلاه أن المشرع الجزائري إثر تعديله الأخير لقانون الإجراءات الجزائية أورد عبارة "رفع" بدلا من عبارة "وضع" والتي جاءت في قانون رقم 90-24، مما يجعل هذا الشرط الشكلي الذي مفاده ضرورة استشارة وكيل الجمهورية عند طلب المتهم بوضعه تحت الرقابة مستبعد. لاحظنا أن في النص العربي أورد المشرع في القانون رقم 90-24 عبارة " بوضع" أما في النص الفرنسي جاء بعبارة la main levé" " التي تعني " رفع اليد"، فهاتين العبارتين لا تؤديان نفس المعنى، و بما أن الدستور رجح النص العربي على النص الفرنسي لكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية، فإن النص العربي هو الذي جرى العمل به إلى غاية تعديله بموجب القانون رقم 01-08.
و في الأخير نرى بأن المشرع لم يبق إلا على شرط شكلي واحد للوضع تحت الرقابة القضائية وهو صدور هذا الأمر من أهل الاختصاص، أما شرطي استشارة وكيل الجمهورية و التسبيب فلم يبق لهما أثر في تعديل 2001.
الفرع الثاني : التزامات الرقابة القضائية :
بعد أن يتحقق القاضي المختص من توافر الشروط الموضوعية السابق ذكرها, يصدر أمرا بإخضاع المتهم لنظام الرقابة القضائية المتضمن عددا من الالتزامات القانونية الواجب احترامها, و التي حصرها المشرع في نص المادة 125مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية.
و بالرجوع إلى أحكام التشريع الجزائري في هذا الصدد, نجد أنه عند فرضه لهذه الالتزامات مر بمرحلتين أساسيتين هما
-المرحلة الأولى :
تتمثل في إنشاء نظام الرقابة القضائية لأول مرة بمقتضى أحكام القانون رقم 86-05 المؤرخ في 04 مارس 1986, حيث جاءت أحكامه خالية من النص على التزامات الرقابة القضائية و اكتفت المادة 425 مكرر 2 بما يلي: " ..........تفرض هذه الرقابة على المتهم الخضوع إلى كل التدابير الأمنية أو الوقائية التي يراها قاضي التحقيق
ضرورية........ " و قد عد هذا النص بغموضه خطرا كبيرا يهدد الحريات الفردية و حقوق الدفاع, نظرا للسلطة الواسعة التي منحها للقضاة و التي تؤدي إلى تعسف ملحوظ يؤثر بشكل أو بآخر عليها, و يعد هذا فراغ قانوني في مجال الالتزامات أراد بعض الفقهاء استدراكه إذ اقترحوا أن يستعين قاضي التحقيق بالالتزامات التي يفرضها نظام الإفراج المشروط وخاصة منه المواد 185-186-187 من قانون إصلاح السجون و تطبيقها على الرقابة القضائية [6].
- المرحلة الثانية :
تميزت بصدور القانون رقم 90-24 المؤرخ في 18 أوت 1990 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية, بحيث حدد بموجب نص المادة 125 مكرر1 منه التزامات الرقابة القضائية التي يخضع لها المتهم و عددها ثمانية و هي كما يلي:
"......تلزم الرقابة القضائية المتهم أن يخضع بقرار من قاضي التحقيق إلى التزام أو عدة التزاما و هي كالتالي:
– عدم مغادرة الحدود الإقليمية التي حددها قاضي التحقيق إلا بإذن هذا الأخير.
– عدم الذهاب إلى بعض الأماكن المحددة من طرف قاضي التحقيق.
- المثول دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق.
– تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني, أو ممارسة مهنة أو نشاط يخضع إلى ترخيص إما إلى أمانة الضبط أو مصلحة أمن يعينها قاضي التحقيق مقابل وصل.
– عدم القيام ببعض النشاطات المهنية عندما ترتكب الجريمة إثر ممارسة أو بمناسبة ممارسة هذه النشاطات و عندما يخشى من ارتكاب جريمة جديدة.
- الامتناع عن رؤية الأشخاص الذين يعينهم قاضي التحقيق أو الاجتماع ببعضهم.
- الخضوع إلى بعض إجراءات فحص علاجي حتى و إن كان بالمستشفى لاسيما بغرض إزالة التسمم.
- إيداع نماذج الصكوك لدى أمانة الضبط و عدم استعمالها إلا بترخيص من قاضي التحقيق.
يمكن قاضي التحقيق عن طريق قرار مسبب أن يضيف أو يعدل التزاما من الالتزامات المنصوص عليها في الفقرة السابقة ".
و بتحليل طبيعة هذه الالتزامات نجد أنها نوعين, نوع يتضمن فرض القيام ببعض الأعمال على المتهم و هو ما يسمى بالالتزامات الايجابية و نوع يفرض على المتهم عدم القيام ببعض الأعمال الأخرى و هو ما يعرف بالالتزامات السلبية والتي نتعرض لها فيما يلي:
1- الالتزامات الايجابية :
نصت المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على هذه الالتزامات في بنودها 3 و 4 و 7 كما يلي:
أ– مثول المتهم دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق :
و هو ما نص عليه البند الثالث من المادة المذكورة أعلاه, و يقتضي هذا الالتزام أن يمثل المتهم الموضوع تحت الرقابة القضائية أمام الهيئات و الجهات التي يعينها قاضي التحقيق في أمر الوضع, و الهدف منه بقاء المتهم تحت تصرف العدالة و ضمان عدم هروبه أثناء إجراءات التحقيق, و ما يلاحظ أن المشرع لم يحدد صراحة هذه الجهات مثل نظيره الفرنسي إلا أنها عادة ما تكون أمين الضبط بالمحكمة أو أمانة النيابة العامة أو مصالح الشرطة أو الدرك[7].
عمليا يعتبر هذا الالتزام الأكثر شيوعا, و يتجسد هذا المثول بالإمضاء في سجل خاص موجود على مستوى أمانة التحقيق, [8]حيث يثبت المتهم حضوره بموجب هذا الإجراء في الأوقات المعينة لذلك, ويبلغ قاضي التحقيق بكل تخلف عن الحضور أو الغياب الكلي.
ب– تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني أو ممارسة مهنة أو نشاط يخضع إلى ترخيص :
مفاد هذا الالتزام في شقه الأول هو سحب جواز السفر من المتهم لمنعه من الهروب خارج التراب الوطني, و هو من أخطر الالتزامات التي يخضع لها المتهم لما يشكله من قيد على حرية التنقل[9] ,
وقد اعتبر بعض الشراح هذا الالتزام متعارضا مع حرية الشخص في الدخول إلى التراب الوطني والخروج منه[10] , بما أنه ما يزال يتمتع بحقوقه المدنية و السياسية مادامت لم تثبت إدانته بعد, كما اعتبر القضاء الفرنسي هذا الالتزام غير كاف للحيلولة دون هروب المتهم[11].
أما الشق الثاني من البند الرابع يتضمن تسليم كافة الوثائق التي تسمح بممارسة مهنة أو نشاط يخضع إلى ترخيص, و الغرض من هذا الالتزام غامض و يحتمل قراءتين :
- فإما أن يكون هدف هذا الإجراء وقائيا و هو منع المتهم من استعمال البطاقات المذكورة فقط.
- و إما أن يكون الهدف منه منع ممارسة مهنة وفي هذه الحالة يكون هذا الالتزام متداخلا مع ما ورد في البند الخامس بعنوان الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية[12].
و في رأينا كان من الأجدر أن يقتصر هذا الالتزام على سحب جواز السفر فقط باعتبار أنه يمكن للمتهم من الهروب خارج الوطن, أما باقي الوثائق المتعلقة بالهوية فإن سحبها منه يشكل عائقا صعبا في حياته اليومية, فضلا على أنه يضعه في موضع الريبة و الشك أمام المجتمع وهو لازال شخصا بريئا.
و على خلاف الالتزام السالف الذكر, حدد المشرع هذه المرة الجهة التي تسلم إليها وثائق السفر و هي: كتابة الضبط أو مصالح الأمن التي يعينها قاضي التحقيق[13] مقابل وصل, ويرى البعض أن هذا الأخير يجب أن يكون خاليا من أية إشارة خاصة باتهامه و أن يصرح فيه بأن له نفس قيمة وثائق الهوية[14].
ج– الخضوع إلى فحص طبي لاسيما بغرض إزالة التسمم :
وفقا للبند السابع من المادة السالفة الذكر, يجوز لقاضي التحقيق إخضاع المتهم لفحوصات طبية أو لعلاج معين, قصد تخليصه من الأمراض ولو اقتضى الأمر إدخاله إلى المستشفى, خاصة إذا كان الهدف من ذلك إزالة التسمم في حالة الإدمان على الكحول أو المخدرات.
إن هذا الالتزام يمكن من إزالة الخطورة الإجرامية الكامنة في المتهم عن طريق إخضاعه لبرنامج علاجي محدد الهدف منه إعادة إدماجه في المجتمع.
يتكفل قاضي التحقيق باختيار المؤسسة الإستشفائية, كما يجوز له أن يمنح حرية الخيار للمتهم بغرض التأثير إيجابا على نفسيته, لكن المشكل المطروح عمليا هو عدم توفر المراكز المتخصصة لإزالة التسمم في جميع ولايات الوطن, بل يقتصر ذلك على المدن الكبرى التي بدورها تواجهها مشكلة نقص الإمكانيات و الإطارات المتخصصة, و هذا ما يجعل هذا الالتزام يفرغ من محتواه ويعجز عن تحقيق الفائدة منه.
2- الالتزامات السلبية :
وردت هذه الالتزامات في البنود: 1 و2 و5 و6 و8 من المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية و تتمثل فيما يلي:
أ– عدم مغادرة حدود إقليمية معينة :
نصت الفقرة 1 من المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على هذا الالتزام: " عدم مغادرة الحدود الإقليمية التي حددها قاضي التحقيق إلا بإذن هذا الأخير ", وقد شرع هذا الالتزام من أجل عدم هروب المتهم و بقاءه تحت تصرف العدالة, إذ عليه ألا يبارح الأماكن التي بينها له قاضي التحقيق في أمره المتعلق بالوضع تحت الرقابة القضائية, و إذا دعت الضرورة المستعجلة وجوب مغادرته فعليه أن يحصل على إذن بذلك من قاضي التحقيق.
يعد هذا الالتزام الأكثر شيوعا في الاستعمال التطبيقي للرقابة القضائية نظرا لما يحققه من أهداف يتطلبها سير التحقيق و الدعوى الجزائية بصفة عامة.
ب- عدم الذهاب إلى أماكن محددة :
يجوز لقاضي التحقيق منع المتهم من الذهاب إلى أماكن محددة طبقا لما نص عليه البند الثاني من المادة المذكورة أعلاه, هذا بهدف المحافظة على آثار وأدلة الجريمة و عدم طمس معالمها من جهة و من جهة أخرى الحيلولة دون ارتكاب جرائم جديدة من خلال التردد على أماكن مشبوهة مثل الحانات ومحلات لعب القمار وغيرها.
ج- الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية :
نص البند الخامس من المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على هذا الالتزام بقوله:" عدم القيام ببعض النشاطات المهنية عندما ترتكب الجريمة اثر ممارسة أو بمناسبة ممارسة هذه النشاطات و عندما يخشى من ارتكاب جريمة جديدة ".
من خلال تحليل هذه المادة يتضح أن المشرع منح لقاضي التحقيق سلطة منع المتهم الموضوع تحت الرقابة القضائية من ممارسة نشاطه المهني, و ذلك إذا ما ارتكبت الجريمة بسبب الوظيفة أو أثناء ممارستها خوفا من ارتكاب جرائم جدد في هذا الوسط المهني.
إن هذا الالتزام يهدف إلى منع العودة للجريمة, إذا ما ترك المتهم في محيطه المهني بسبب تأثير بعض الأشخاص الذين وقعت الجريمة بسببهم أو باستعمال وسائل المهنة أثناء الممارسة, و هذا ما قضت به الغرفة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية في قرار لها بتاريخ 14-03-1978 إذ أيدت غرفة الاتهام عندما رفضت رفع اليد عن إجراء المنع بممارسة أي نشاط له صلة بصناعة المتفجرات أو منتجات تدخل في تركيبها, لأن الجريمة المتابع من أجلها المتهم تشكل جرائم قتل و جروح غير عمدية ناتجة عن حوادث خطيرة و متعاقبة من مصنع صناعة المتفجرات الذي يديره المتهم الذي يشغل منصب المدير الفني لمصنع الذخيرة.[15]
و يجب على قاضي التحقيق إذا ما قضى بهذا الالتزام أن يثبت العلاقة بين النشاطات المهنية المحظورة و الجريمة المترتبة عنها المتابعات, و هذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية في قرار لها صادر بتاريخ 19 فيفري 1973.[16]
د- عدم الاتصال بالغير :
لقد نص البند السادس من المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية: " الامتناع عن رؤية الأشخاص الذين يعينهم قاضي التحقيق أو الاجتماع ببعضهم", ويهدف هذا الإجراء أساسا إلى منع المتهم من الاتصال بشركائه في الجريمة وكدا بالشهود[17]
و يثير هذا الالتزام صعوبة من الناحية العملية خاصة في المدن الكبرى أين يكثر الازدحام و معه يصعب التأكد من تنفيذه و عدم مخالفته, وقد أقر الاجتهاد القضائي أنه تطبيقا لهذا الالتزام يمكن لقاضي التحقيق منع المتهم من حضور الاجتماعات السياسية بما فيها تلك التي يعقدها الحزب الذي ينتمي إليه.[18]
هـ– الامتناع عن إصدار شيكات :
وفقا للبند الثامن من المادة السالفة الذكر يمنع على المتهم استعمال الشيكات التي بحوزته و القيام بعملية السحب إلا بإشراف من قاضي التحقيق, و يتم ذلك بإيداع نماذج الصكوك لدى أمانة ضبط المحكمة, و يهدف هذا الالتزام إلى منع المتهم من التصرف في أمواله حفاظا على عدم إعساره و لتفادي إصدار شيك بدون رصيد.[19]
وقد أضافت اللائحة الملحقة بقانون الإجراءات الجنائية الفرنسي المستوحى منه قانون الإجراءات الجزائية الجزائري أنه على قاضي التحقيق الذي يأمر بهذا الالتزام إخطار فرع البنك الذي يحتفظ فيه المتهم بحساباته, أو المؤسسة التي يقوم هذا الأخير بإدارتها, أو الشخص الذي يدير المتهم أعماله[20], و نرى في ذلك تعميم للفائدة و حسن تطبيق للرقابة القضائية.
و ما يلاحظ على الالتزامات المذكورة هو أنها لم تتضمن مجموعة من الالتزامات الأخرى التي وردت في التشريعات المقارنة لاسيما منها الفرنسي, نذكر منها على وجه الخصوص: حظر مغادرة محل الإقامة أو المسكن, الامتناع عن حمل السلاح و حيازته, الامتناع عن السياقة, رغم ما لهذه الالتزامات من أهمية عملية و ما تحققه من أغراض قانونية.[21]
و من خلال دراستنا لمجمل الالتزامات التي وضعها المشرع في نص المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية, يتبين لنا أنه على قاضي التحقيق عند إصداره لأمر الوضع تحت نظام الرقابة القضائية مقيدا بذلك حرية المتهم بالتزام أو أكثر وخاصة السلبية منها أن يبحث عن الصلة بين كل من الجريمة و المنع, لكن لم تنص صراحة على وجوب تبيانه في فحوى أمره, و بذلك فأن المشرع الجزائري قد منح سلطة تقديرية واسعة لقاضي التحقيق فيما يخص اختيار الالتزام الذي يراه مناسبا للمتهم و يمكن تأويل نيته بالرغبة في تشجيع تطبيق الرقابة القضائية على الأشخاص المتهمين بدلا من إيداعهم الحبس المؤقت.
ضوابط اختيار الالتزامات :
يتمتع قاضي التحقيق بسلطة تقديرية واسعة في مجال اختيار الالتزام الذي يراه مناسبا للمتهم الذي اخضع لإجراء الرقابة القضائية, دون أن يملك إخضاعه لالتزامات لم ينص عليها القانون و هذا احتراما لمبدأ الشرعية الجنائية.
وقد استنبط الفقه بعض الضوابط أو المعايير التي يسترشد بها قاضي التحقيق أثناء اختياره للالتزام الذي سوف يطبقه على المتهم, و أغلبها مستوحاة من طبيعة وخطورة الجريمة المرتكبة و كذا شخصية المتهم و ظروفه كما يلي:
1– شخصية المتهم :
تعتبر شخصية المتهم العامل الأساسي الذي يرتكز عليه قاضي التحقيق أثناء اختياره للالتزامات التي يراها مناسبة للمتهم, و عليه وجب الإلمام بجميع جوانبها منها التكوين الثقافي و العلمي و النفسي و الإنتماء الأسري و الاجتماعي و الوسط المهني و الوضع المادي.
ويستعين قاضي التحقيق في ذلك بمحاضر الضبطية القضائية وإجراءات التحقيق و البحث الاجتماعي الذي قد يجرى حول المتهم.
ويرى بعض فقهاء القانون الجنائي, أنه من باب أولى الإطلاع على المتهم و أحواله المتعددة لإخضاعه للالتزام الملائم الذي قد يساهم في تقديم مساعدة أكيدة له تمكنه من إعادة إدماجه في المجتمع من جهة, و من جهة أخرى تسهل عملية الرقابة على سلوكه.
2–الجريمة المرتكبة :
تفيد طبيعة الجرم المرتكب في تعيين الالتزام المناسب الذي يكون من شأنه تفادي تكرار وقوع الفعل حسب ما تقتضيه مصلحة التحقيق, فإذا كانت الوقائع تشكل جريمة إصدار شيك بدون رصيد يمكن للقاضي أن يسحب من المتهم دفتر الشيكات و يطلب من البنك عدم تسليمه نسخة للوقوف دون قيامه بالفعل مرة أخرى في انتظار محاكمته.
3 – الوسط الاجتماعي :
يعتبر الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه المتهم من بين العوامل الأساسية التي يستعين بها قاضي التحقيق في اختيار الالتزام المناسب له, و هذا نظرا لما له من تأثير على سلوك الفرد سواء بالسلب أو الإيجاب, فالإنسان ابن بيئة.
4– دوافع ارتكاب الجريمة :
لقد أثبتت الدراسات الاجتماعية و النفسية أن للجرائم المرتكبة بواعث و أسباب متنوعة, فمنها الأسباب العاطفية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية و غيرها.
إن معرفة هذه البواعث و الدوافع يسهل كثيرا من عمل قاضي التحقيق في اختيار التزامات الرقابة القضائية, التي تحقق الأهداف المرجوة منها سواء كانت أهداف وقائية و علاجية أو رقابية.
و مما سبق, يتضح أن تقيد قاضي التحقيق بهذه الضوابط و المعايير يعد ضروريا في اختياره للالتزام المناسب للمتهم و خاصة في العصر الحالي لضمان نجاعة الالتزامات المفروضة و تقليص دائرة الإجرام, مع التذكير أن الحرية التي منحت للقاضي في اختيار الالتزامات يحكمها ضابطين أساسيين هما:
- ألا تمس هذه الالتزامات بالكرامة الإنسانية.
- ألا تمس بمبدأ الشرعية.
إن موضوع اختيار الالتزامات من طرف قاضي التحقيق يفرض إعادة النظر في تكوين القضاة الجنائيين, حتى تتوافق مع النظرة الحديثة التي ترى ضرورة للفحص العلمي لشخصية الجاني و المتهم, و لهذا يتوجب إيجاد قضاة متخصصين لديهم إلمام بمعطيات العلوم الإنسانية كعلم النفس و علم العقاب و علم الإجرام و علم الأمراض العقلية الجنائي و غيرها.[22]
- تعديل التزامات الرقابة القضائية و جزاء مخالفتها :
يحدد القاضي الالتزام أو الالتزامات المفروضة في كل قضية على حدا مستندا في ذلك إلى عدة معايير, فإذا تبين له عدم كفاية الالتزام أو عدم ملاءمته أو لاحظ عدم تقيد المتهم به يمكنه تعديله أو إضافة التزامات أخرى, كما يمكنه حبس المتهم مؤقتا و هذا ما سوف نتعرض له بالتفصيل:
1 – تعديل التزامات الرقابة القضائية :
تنص المادة 125 مكرر1 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية: " يمكن قاضي التحقيق عن طريق قرار مسبب أن يضيف أو يعدل التزاما من الالتزامات المنصوص عليها في الفترة السابقة ".
لقد منح المشرع الجزائري لقاضي التحقيق سلطة وصلاحية تعديل الالتزامات المفروضة على المتهم بموجب أحكام الرقابة القضائية, و يكون ذلك إما بحذف التزامات أو إضافة البعض منها دون الإخلال بمبدأ الشرعية, و علة ذلك هي ظهور معطيات جديدة حول سلوك المتهم التي تستدعي تعديل الالتزامات الخاضع لها, سواء بعدم فعالية بعضها مما يؤدي إلى إلغائها أو بضرورة فرض أخرى إضافية لم يتضمنها أمر الوضع, و هذا كله بغرض جعل نظام الرقابة القضائية أكثر فعالية.
وقد أوجب قانون الإجراءات الجزائية على قاضي التحقيق إذا ما قرر تعديل الالتزامات المفروضة على المتهم أن يسبب قراره فيبين الأسباب التي دفعته لإجراء مثل هذا التعديل, و بهذا الشرط يجعل قضاه التحقيق يتحققون جيدا من جدوى الالتزام المقرر اللجوء إليه, و يمكن لهم في هذه المسالة الاستعانة بالهيئات و الأشخاص المؤهلة لمراقبة المتهم طيلة خضوعه لإجراء الرقابة القضائية, حيث يقدم هؤلاء تقارير دورية عن سلوك المتهم و مدى تجاوبه مع الالتزامات التي ألزمه بها قاضي التحقيق.[23]
بموجب نص المادة 125 مكرر1 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية فإن قاضي التحقيق وحده يتمتع بسلطة تقديرية في تعديل الالتزام, عكس المشرع الفرنسي الذي يمنح إمكانية طلب التعديل من طرف المتهم أو محاميه أو من النيابة العامة,[24] في حين أنه منح قاضي التحقيق مطلق السلطة في اتخاذ مثل هذا القرار إذ لم يلزمه بتسبيبه على خلاف المشرع الجزائري.
و في إعتقادنا أن الرأي الصائب هو ما دهب إليه المشرع الجزائري إذ بمنحه سلطة تقديرية واسعة لقاضي التحقيق دون تمكين الأطراف الأخرى من طلبه, راجع إلى وضع ثقة كبيرة في تقديره و نظرته الموضوعية للقضية و في نفس الوقت إلزامه بتسبيب قراره لتمكين مراقبته.
إن إجراء التعديل يهدف إلى البحث عن أفضل الوسائل التي تؤدي إلى علاج المتهم أو وقايته, و هنا تبرز التزامات الرقابة القضائية كإجراء يهدف للمساعدة التربوية و الاجتماعية و كذا إلى الحفاظ على الأمن العام و حماية مصالح المجتمع.[25]
2 – مخالفة المتهم لالتزامات الرقابة القضائية :
يقتضي بقاء المتهم خاضعا لإجراء الرقابة القضائية أن يلتزم بالقيود المفروضة عليه من طرف قاضي التحقيق, فإن قام بمخالفتها فيمكن أن تكون عواقبها وخيمة, و في هذا الصدد نصت المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل بقانون رقم 01-08"...لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية:.......
– عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها"
و ما يلاحظ على هذه المادة أن المشرع تفطن للخطأ اللغوي الذي كان موجودا في المادة 123 المعدلة بالقانون رقم 90-24 التي أوردت عبارة: ".... الواجبات المترتبة عن الإجراءات الرقابية القضائية المحددة لها."
كما أنه كان من الأجدر أن يكون هذا النص ضمن المواد المتعلقة بالرقابة القضائية كما كان ذلك في ظل القانون رقم 86-05[26] و ليس المادة 123 التي تتعلق بتنظيم إجراء الحبس المؤقت.
و ما يمكن استنتاجه من هذه المادة, أن المتهم إذا خالف طواعية التزامات الرقابة القضائية فإن قاضي التحقيق يستطيع إيداعه الحبس المؤقت كجزاء له إلا إذا أثبت المتهم أن هناك أسباب قاهرة اضطرته لذلك, في هذه الحالة فإن قاضي التحقيق يملك سلطة تقديرية في إعفاءه من الجزاء.
و مع ذلك يجب الإشارة أن قانون الإجراءات الجزائية قبل تعديله بموجب القانون رقم 90-24 كان أكثر تعبيرا و صراحة, إذ نص على عنصر العمد في مخالفة الالتزامات و بذلك حدد معيار يستند عليه القاضي في تقديره.
و السؤال الذي يطرح نفسه: من هي الجهات التي يعهد لها تطبيق الرقابة القضائية حتى تحقق فعاليتها, هذا ما سوف نتعرض له فيما يلي:
الجهات المشرفة على تنفيذ الرقابة القضائية :
إن قاضي التحقيق لا يستطيع بمفرده مراقبة سلوك المتهم, و تقييم مدى خضوعه للالتزامات التي فرضها عليه أو مخالفته لها خاصة تلك المتعلقة بفرض قيود على التنقل أو الاتصال ببعض الأفراد, خصوصا في المدن و الضواحي الكبرى التي تكثر فيها السكان و المارة و لهذا من المفروض أن يندب لذلك أشخاص أو هيئات تنحصر مهمتهم في متابعة تنفيذ المتهم لالتزامات الرقابة القضائية, مع منحهم الإمكانيات المادية و غيرها للقيام بهذه المهمة التي تساهم في استئصال مظاهر الإجرام من المجتمع و تساعد الأشخاص على الاندماج الاجتماعي, و يقومون بتقديم التقارير الدورية لقاضي التحقيق عن سيرة المتهم طيلة مدة الرقابة القضائية و على أساسها يقوم بتعديل الالتزامات المفروضة عليه.
و يقترح الفقه أن تقوم بمهمة الإشراف على الرقابة القضائية الهيئات الآتية :
- قلم كتاب المحكمة.
- رجال الشرطة و الدرك.
- سكرتارية النيابة العامة.
- الأشخاص و الهيئات التي تتخصص في رعاية الأشخاص المنحرفين.
فبالنسبة للشرطة و الدرك فقد نص عليهم قانون الإجراءات الجزائية, إذ يقع عليهم واجب المساهمة في الرقابة القضائية من خلال مراقبة مثول المتهم أمامهم دوريا.
و هنا يمكن الاستفادة من تجربة الرقابة القضائية الاجتماعية التربوية في فرنسا, و التي أوجدت العديد من الهيئات المتمثلة في الجمعيات التي تختص في العمل الاجتماعي, و منها أساسا رعاية المتهمين الموضوعين تحت الرقابة القضائية مكونة من أشخاص مؤهلين لهذا العمل من مختلف التخصصات, سواء الأطباء النفسانيين أو المتخصصين في علم الاجتماع و هو ما يطلق عليهم باسم: " المراقبين القضائيين ".[27]
بإطلاعنا على أحكام قانون الإجراءات الجزائية الخاصة بالرقابة القضائية, تبين لنا أن المشرع لم يتعرض للجهات المكلفة بالإشراف على تنفيذ التزامات الرقابة القضائية, حيث جاء في البند الثالث من المادة 125 مكرر1:"المثول دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق", فهذا البند جاء عام و بالتالي فإن تعيين هذه الجهات يخضع للسلطة التقديرية لقاضي التحقيق.
و في الأخير فإننا ندعو المشرع الجزائري للإقتداء بالتشريعات المقارنة و القيام بإنشاء الجمعيات مع التكفل بها ماديا, إذ أن الجزائر تتوفر على طاقة بشرية معتبرة في هذا المجال الاجتماعي من مختصين في علم النفس التربوي و أطباء نفسانيين و اجتماعيين و غيرهم, مع إخضاع عمل هذه الجمعيات لرقابة الجهاز القضائي بتوفير فرص التكوين و التدريب لأعضائها حتى يؤدوا عملهم بإتقان في مراقبة و مساعدة المتهمين الذين يخضعون لنظام الرقابة القضائية.

المبحث الثاني : إجراءات الرقابة القضائية :
نتطرق في هذا المطلب إلى كل من الجهات المختصة بإصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية, و مدتها و كذا الرقابة عليها.
المطلب الأول : الجهات المختصة بإصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية :
لقد نظم قانون الإجراءات الجزائية الاختصاص حسب تدرج سير الدعوى الجزائية في أحكام المواد 125 مكرر2 و 125 مكرر3, و بين الجهات المؤهلة و المختصة التي يمكن لها إصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية و طبقا لهذه النصوص فإن الجهات المختصة بإصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية تتمثل في كل من قاضي التحقيق, غرفة الاتهام, قضاء الحكم.
الفرع الأول : قاضي التحقيق :
يعتبر قاضي التحقيق الجهة المختصة بإصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية, فهو الذي يتولى فرض الالتزامات المنصوص عليها قانونا على المتهم و هذا ما نصت عليه المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية : "يمكن قاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضت لعقوبة الحبس أو عقوبة أشد ....".
يستشف من نص المادة بأن المشرع منح سلطة تقديرية واسعة لقاضي التحقيق في مجال إصدار أمر بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية, إذا تبين له من ظروف الملف و ملابساته و شخصية الفاعل و نوع الجريمة المرتكبة أن الحبس المؤقت ليس ضروري لحسن سير إجراءات التحقيق, لأنه غالبا ما يكون أدرى بملف القضية و أقرب إلى شخص المتهم.
غير أن هذه السلطة التقديرية ليست على إطلاقها, فتخضع للشروط التي حددها قانون الإجراءات الجزائية, ومنها أن تكون الجريمة المرتكبة معاقب عليها بالحبس أو عقوبة أشد, فلا يمكن أن تطبق الرقابة القضائية إذا كانت العقوبة غرامة مالية فقط, أو كانت الجريمة المرتكبة مخالفة.
كما يختص قاضي التحقيق بالوضع تحت الرقابة القضائية إما من تلقاء نفسه, أو بطلب من وكيل الجمهورية, أو بناء على طلب من المتهم, غير أن الحالة الأخيرة لا يمكن تصورها إلا عندما يكون المتهم محبوسا مؤقتا و يقدم طلبا بنفسه أو بواسطة محاميه من أجل الإفراج عنه فلا يستجاب لطلبه, فهنا لم يبق أمامه إلا باب واحد هو طلب وضعه تحت الرقابة القضائية.
الفرع الثاني : غرفة الاتهام :
باعتبار غرفة الاتهام جهة ثانية للتحقيق، لها سلطة مراقبة أعمال قاضي التحقيق, حيث يمكنها طلب إجراء تحقيق تكميلي, أو إعادة التحقيق في جوانب معينة من القضية، كما أنها تعتبر جهة استئناف بالنسبة للطعون التي ترد ضد أوامر قاضي التحقيق .[28]
و تختص غرفة الاتهام بالنظر في الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية، وذلك في حالة طلب وكيل الجمهورية أو المتهم أو وكيله وضعه تحت الرقابة القضائية إذا رفض قاضي التحقيق ذلك أو لم يفصل فيه خلال أجل خمسة عشر (15 ) يوما من يوم تقديمه، في أجل عشرين (20) يوما من تاريخ رفع الطلب أمامها للفصل فيه وهذا وفقا لما نصت عليه المادة 125 مكرر 2 من قانون الإجراءات الجزائية.
و ما تجدر ملاحظته، أن المشرع لم يضع نص يحدد فيه جزاء مخالفة غرفة الاتهام لأجل عشرين (20) يوما كما هو عليه الحال في موضوع الحبس المؤقت أين يتعين عليها إصدار قرارها في أجل لا يتأخر عن عشرين (20) يوما من تاريخ استئناف الأوامر المنصوص عليها في المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي.
و هذا يعد هذا إغفالا من المشرع يتعين تداركه، و بما أنه لا يجوز القياس إطلاقا في المواد الجزائية فلا يمكن تطبيق نص المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية لتعلقها بالحبس المؤقت لا بالرقابة القضائية، و عليه نرى أنه في هذه الحالة لا يمكن رفع الرقابة القضائية تلقائيا.
وإذا فصلت غرفة الاتهام في الطلب المتعلق بالرقابة القضائية، فهل تكتفي بإصدار قرار الوضع دون تحديد الالتزامات التي تفرض على عاتق المتهم أو تترك ذلك لقاضي التحقيق، أو أنها تحدد الالتزامات التي يخضع لها المتهم ثم تحيل الملف لقاضي التحقيق للتنفيذ ؟
المشرع لم يجب عن هذا التساؤل و في غياب النصوص التي توضح ذلك, فإنه بالرجوع إلى القرارات الصادرة عن المجالس القضائية تجدها متدبدبة في الرأي إذ أنه في قرار لغرفة الاتهام لمجلس قضاء المسيلة المؤرخ في 22-10-1991 قضى بالإفراج عن المتهم و تكليف قاضي التحقيق بوضعه تحت الرقابة القضائية و تحديد له الالتزامات التي يتعين فرضها عليه, أما مجلس قضاء باتنة في قرار صادر عن غرفة الاتهام بتاريخ 11-09-2001 تحت رقم 637-2001 قضى بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية مع تحديد الالتزامات المفروضة عليه.[29]
كما يمكن لغرفة الاتهام تعديل الالتزامات التي وضعها قاضي التحقيق سواء بالزيادة أو بالنقصان
و تجدر الإشارة بأن القرارات الصادرة عن غرفة الاتهام و المتعلقة بالرقابة القضائية لا يمكن الطعن فيها بالنقض طبقا لنص المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية.
الفرع الثالث : قضاء الحكم :
تنص المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي:"... و في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية.
وفي حالة ما إذا أجلت الحكم في القضية إلى جلسة أخرى أو أمرت بتكملة التحقيق، يمكن هذه الأخيرة إبقاء المتهم أو الأمر بوضعه تحت الرقابة القضائية ".
يجيز المشرع وفقا لنص هذه المادة في فقرتها الأولى لهيئة المحكمة أن يكون لها دور في مجال الرقابة القضائية، و يكون ذلك في حالة إحالة المتهم أمامها للحكم عليه فإن كان موضوعا تحت الرقابة القضائية من قبل لها أن تبقيه أو تغير ذلك بتعديل الالتزامات المفروضة عليه وذلك حسب التطورات التي تلاحظها على شخصية المتهم و الدعوى المرفوعة أمامه.
كما يؤول الاختصاص للمحكمة في ميدان الرقابة القضائية حسب الفقرة الثانية من نفس المادة إذا لم تفصل هذه الأخيرة في القضية و قررت تأجيلها إلى تاريخ آخر أو رأت أن تأمر بإجراء تحقيق تكميلي في جوانب معينة، فيمكنها أن تبقي المتهم تحت الرقابة القضائية إذا أحيل و هو خاضع لهذا الإجراء أو تأمر بوضعه تحت الرقابة القضائية، و هنا تتمتع المحكمة بنفس الصلاحيات والاختصاصات التي يمارسها قاضي التحقيق إذ عليها قبل فرض أي التزام على المتهم أن تراعي الضوابط الضرورية لذلك.
ولذلك يرى بعض الشراح أن إسناد سلطة إصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية للمحكمة لا جدوى منه، لأن قاضي التحقيق قد اختبر المتهم فلو كانت هناك ضرورة لفرض عليه التزامات الرقابة القضائية لقام بذلك، و من ثمة يستحسن حسب هذا الرأي أن يستبعد الأمر بالرقابة القضائية من مجال اختصاصات المحكمة,[30] هذا ما لاحظناه من الناحية العملية إذ نادرا ما تلجأ المحكمة إلى هذا الإجراء.
المطلب الثاني : مدة الرقابة القضائية و نهايتها :
بعد تطرقنا إلى الجهات المخولة لها إصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية, سنتناول موضوع دخول هذا الأمر حيز التنفيذ و سريانه إلى غاية انتهائه, ففي هذا الصدد نصت المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:" تدخل الرقابة القضائية حيز التطبيق ابتداء من التاريخ المحدد في القرار الصادر عن جهة التحقيق, و تنتهي بإجراء قضائي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى و في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم, تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية.
و في حالة ما إذا أجلت الحكم في القضية إلى جلسة أخرى أو أمرت بتكملة التحقيق يمكن هذه الأخيرة إبقاء المتهم أو الأمر بوضعه تحت الرقابة القضائية."
فعلى ضوء هذا النص, سندرس أولا مدة الرقابة القضائية, و ثانيا انتهائها.
الفرع الأول : مدة الرقابة القضائية :
من خلال أحكام المادة 125 مكرر3 السالفة الذكر, و بالخصوص ما جاء في فقرتها الأولى التي نصت على أنه: " تدخل الرقابة القضائية حيز التطبيق ابتداء من التاريخ المحدد في القرار الصادر عن جهة التحقيق..".
فإنه يتبين لنا أن المشرع الجزائري لم يضع مدة محددة لإجراء الرقابة القضائية, و إنما اكتفى بالنص على كونها تسرى من التاريخ المحدد في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق.
و عمليا فإن هذا الأمر يبلغ شفاهة للمتهم من طرف قاضي التحقيق حيث يفترض أن يكون المتهم ماثلا أمامه سواء بواسطة استدعاء أو بموجب أمر ضبط و إحضار.[31]
ومبدئيا تدوم الرقابة القضائية مدة سير التحقيق, فيمكن لقاضي التحقيق رفعها تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة هذا الأخير وفقا لأحكام المادة 125 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية, غير أنه يمكن أن تستمر في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم إلى غاية رفعها من قبل هذه الأخيرة.
كذلك في حالة تأجيل الحكم في القضية أو إذا أمرت جهة الحكم بإجراء تحقيق تكميلي فإنه يمكن لهذه الأخيرة إما إبقاء المتهم أو وضعه تحت الرقابة القضائية طبقا للفقرة الثانية من المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية.
و بالتالي نستخلص أن الرقابة القضائية تسري ابتداء من التاريخ الوارد في الأمر بالوضع الصادر عن قاضي التحقيق إلى غاية مثول المتهم أمام جهة الحكم.
إذا لم يقم برفعها قاضي التحقيق يرجع ذلك إلى جهة الحكم التي لها إمكانية الأمر بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية في حالة تأجيل الحكم في القضية إلى جلسة و الأمر بإجراء تحقيق تكميلي.
و تجدر الإشارة أن المشرع لم يغير من موقفه فيما يخص عدم تحديد مدة الرقابة القضائية عند تعديله لقانون الإجراءات الجزائية, إذ أجاز لقاضي التحقيق رفع الرقابة القضائية في أي وقت سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم, وهذا ما يدفع بنا إلى القول أن المشرع تعمد ذلك على خلاف ما هو عليه الحال في الحبس المؤقت[32], بغية عدم تقييد قاضي التحقيق بمهلة معينة قد تؤدي لو فرضت عليه في آخر المطاف إلى عرقلة حسن سير التحقيق.
الفرع الثاني : انتهاء الرقابة القضائية :
من خلال الأحكام الواردة في المادتين 123 و 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية, يتبين لنا أن الرقابة القضائية تنتهي إما بصدور أمر بانتفاء وجه الدعوى أو برفعها من قبل جهة الحكم, أو باستبدالها بالحبس المؤقت, إلا أن الحال لم يكن كذلك في ظل القانون رقم 86-05 الذي نص في المادتين 125 مكرر1 و 125 مكرر3 منه على انتهاء الرقابة القضائية برفع اليد عنها أو استبدالها بالحبس المؤقت.
و عليه فإننا سنتطرق إلى انتهاء الرقابة القضائية في ظل القانونين رقم 86-05 و القانون رقـم 90-24.
1– في ظل القانون رقم 86-05 :
كما سبق الإشارة إليه, فإن القانون رقم 86-05 في أحكامه لم يحدد أية مدة للرقابة القضائية, حيث يمكن أن تستمر خلال إجراءات التحقيق إذا استدعت الضرورة ذلك وفقا لما ورد في المادة 125 مكرر2 من القانون السالف الذكر التي نصت على أنه:" لا يؤمر بالرقابة القضائية إلا لضرورة التحقيق...".
غير أنه بالرجوع لأحكام المادة 125 مكرر1 و المادة 125 مكرر3 من هذا القانون, يتبين لنا أن الرقابة القضائية تنتهي إما برفع اليد أو استبدالها بالحبس المؤقت.
أ– رفع اليد عن الرقابة القضائية :
طبقا لنص المادة 125 مكرر1 من القانون رقم 86-05, فإن الرقابة القضائية تنتهي بموجب أمر برفع اليد عنها الصادر من قاضي التحقيق, في أي وقت من إجراءات التحقيق إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من وكيل الجمهورية أو طلب من المتهم.
وبالتالي لقاضي التحقيق سلطة رفع اليد عن الرقابة القضائية إذا رأى أنها أصبحت غير ضرورية لحسن سير التحقيق, خاصة في حالة ما إذا أظهر المتهم جديته في تنفيذ الالتزامات المفروضة عليه أو أن الاستمرار في تنفيذها أصبح لا مفاد منه ولا يؤدي الغرض.
و إلى جانب حالة رفع اليد عن الرقابة القضائية من قبل قاضي التحقيق تلقائيا, فإن المادة المذكورة أعلاه تسمح برفع اليد عن الرقابة القضائية بناء على طلب من وكيل الجمهورية أو المتهم, لكن ما نلاحظه أن هذه المادة لم تنص على أجل لتقديم طلب رفع اليد و لا على أجل محدد لفصل قاضي التحقيق في هذا الطلب[33] .
كذلك نلاحظ أن المشرع اغفل عن وضع نص صريح في حالة رفض قاضي التحقيق الاستجابة لطلب وكيل الجمهورية أو المتهم الرامي إلى رفع اليد عن الرقابة القضائية.
ب– استبدال الرقابة القضائية بالحبس المؤقت :
نصت المادة 125 مكرر3 من القانون رقم 86-05 على أنه:" إذا تهرب المتهم عمدا من التزامات الرقابة القضائية, يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر ضده أمرا قصد حبسه احتياطيا و ذلك طبقا لنص المادة 125."
فطبقا لهذا النص تنتهي الرقابة القضائية إذا ما خالف المتهم عمدا الالتزامات التي حددها له قاضي التحقيق في الأمر بالوضع تحت الرقابة القضائية, ففي هذه الحالة يجوز لهذا الأخير وضع المتهم رهن الحبس المؤقت[34] كجزاء مخالفته للالتزامات المفروضة عليه.
ونظرا للنقائص الواردة في القانون رقم 86-05 فيما يخص أحكام الرقابة القضائية, فإن المشرع قام بتعديله بموجب القانون رقم 90-24 حيث جاء بالمادة 125 مكرر3 فيما يتعلق بانتهاء الرقابة القضائية, وهذا ما سنتناوله فيما يلي:
2– في ظل القانون رقم 90-24 :
تنص المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: ".........و تنتهي بإجراء قضائي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى و في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعينة.......".
فمن خلال هذه المادة يتضح أن الرقابة القضائية تنتهي إما بصدور أمر بانتقاء وجه الدعوى أو برفعها من قبل جهة الحكم المحال إليها المتهم.
كذلك بالرجوع إلى نص المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية فإن الرقابة القضائية قد تنتهي باستبدالها بالحبس المؤقت.
أ– صدور أمر بألا وجه للمتابعة :
تنتهي الرقابة القضائية وجوبا في حالة إصدار قاضي التحقيق أمر بانتفاء وجه الدعوى, حيث نصت المادة 125 مكرر 3 السالفة الذكر على أنه:"...و تنتهي بإجراء قضائي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى.....", فإذا امتثل المتهم أمام قاضي التحقيق مؤديا لالتزامات الرقابة القضائية المفروضة عليه و تبين من خلال إجراءات التحقيق أن الوقائع لا تشكل جناية أو جنحة أو مخالفة يعاقب عليها القانون أو في حالة عدم توصل قاضي التحقيق إلى وجود دلائل كافية و متماسكة أو أن مرتكب الجريمة بقي مجهول أو أن ركن من أركان الجريمة لم يتوفر أو وجد سبب من أسباب الإباحة[35] فإن قاضي التحقيق ليس له إلا إصدار أمر بانتفاء وجه الدعوى وهذا الإجراء يضع حدا لمفعول الرقابة القضائية نظرا لعدم وجود أي سبب للاستمرار فيها.
ب– رفع اليد من قبل جهة الحكم :
نصت المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: ".... تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية.......... "و عليه يمكن لجهة الحكم رفع الرقابة القضائية عن المتهم المحال أمامها لمحاكمته, و بعبارة أخرى يمكن لجهة الحكم أن تبقى المتهم تحت الرقابة القضائية و يستمر في تطبيقها إلى غاية رفعها في الوقت الذي تراه مناسبا.
غير أن التساؤل الذي يثور في هذه الحالة, يتمثل فيما إذا كان أمر الإحالة على محكمة الجنح أو إرسال مستندات القضية إلى النائب العام يضع حدا لأمر الوضع تحت الرقابة القضائية الصادر عن قاضي التحقيق؟
فطبقا لما ورد في الفقرة الأولى من المادة 125 مكرر3 السالفة الذكر, فإنها تبقى قائمة إلى غاية رفعها من قبل جهة الحكم, و يفهم من ذلك أنه في حالة وضع المتهم تحت الرقابة القضائية بموجب أمر من قاضي التحقيق و لم يقم هذا الأخير برفعها, فإنها تبقى قائمة إلى غاية مثول المتهم أمام جهة الحكم و رفعها من قبل هذه الأخيرة, و بالتالي تستنتج أن أمر الإحالة على محكمة الجنح أو إرسال مستندات القضية إلى النائب العام لا ينهي الرقابة القضائية.
كذلك في حالة صدور حكم يقضي ببراءة المتهم الموجود تحت الرقابة القضائية أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة دون أن ترفعها جهة الحكم, فهل يعد ذلك الحكم كافيا لوضع حدا لهذه الرقابة؟ و في حالة الطعن بالاستئناف أو بالنقض في هذا الحكم فهل تبقى قائمة بفعل الأثر الموقف للاستئناف إلى غاية الفصل في ذلك الطعن ؟
بتمعن نصوص قانون الإجراءات الجزائية نجد أنه لم يتضمن جوابا صريحا لهذا التساؤل و يعد ذلك إغفالا من المشرع لابد من تداركه في المستقبل, ورغم أنه أشار فيما يخص الحبس المؤقت في المادة 365 من نفس القانون على أنه:" يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر", إلا أنه لا يجوز القياس على أحكام هذه المادة للقول أن الرقابة القضائية تنتهي فور صدور الحكم الذي يقضي بالبراءة أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة, لأن القياس غير جائز في المواد الجزائية, بالإضافة إلى أن المادة 425 من نفس القانون التي تنص على أنه: " يوقف تنفيذ الحكم أثناء مهل الاستئناف و أثناء دعوى الاستئناف مع مراعاة أحكام المواد.........و 365 و....." استثنت من قاعدة الأثر الموقف للاستئناف ما ورد بالمادة 365 على سبيل الحصر.
وعدم ذكر الرقابة القضائية في المادتين 365 و 425 من قانون الإجراءات الجزائية حسب الدكتور أحسن بوسقيعة يعود إلى سهو نتيجة تسرعه في إعداد القوانين, حيث أن هذا الأخير أحدث نظام الرقابة القضائية اثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقـــم 86- 05 وذلك بإضافة المواد 125 مكرر و 125 مكرر1 و 125 مكرر2 و 125 مكر 3, دون تعديل المادتين 365 و425 من نفس القانون بالنص عليها إلى جانب الحبس المؤقت, و ما يلاحظ في هذا الصدد أن المشرع لم يتدارك هذا الإغفال في التعديل الوارد بموجب القانون رقم 01-08.[36]
و ما تجدر الإشارة إليه, أنه نظرا لعدم وجود نص صريح يفصل في مسألة عدم رفع الرقابة القضائية من قبل جهة الحكم في حالة قضائها ببراءة المتهم أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة, فإن بعض القضاة أخذوا باجتهاد المحكمة العليا, حيث صدر قرار بتاريخ جاء فيه أنه يستفاد من المادة 125 مكرر 3 من قانون الإجراءات الجزائية أنه تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن تفصل بغير ذلك الجهة القضائية المحالة عليها الدعوى, و لما تبين من القرار المطعون فيه بالنقض أن محكمة الجنايات لما فصلت في الدعوى بإدانة المتهم بعقوبة سنتين مع وقف التنفيذ, فإن هذا ينهي تلقائيا الرقابة و يعد الحكم سندا في تنفيذ رفع الرقابة القضائية, و بالتالي فإن القرار المطعون فيه كان صائبا فيما قضى.[37]
ج– استبدال الرقابة القضائية بالحبس المؤقت :
تنتهي الرقابة القضائية بوضع المتهم رهن الحبس المؤقت في حالة ما خالف هذا الأخير عمدا التزامات المفروضة عليه, و هذا ما يمكن استخلاصه من المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت على أنه: ".....لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقي عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية:.....
– عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها"
و ما نلاحظه أن المشرع أبقى استبدال الرقابة القضائية بالحبس المؤقت رغم التعديلات التي عرفها قانون الإجراءات الجزائية, حيث حافظ على هذا الإجراء الذي أقرته المادة 125 مكرر 3 من القانون رقم 86-05, لكن أورد في المواد التي تنظم الرقابة القضائية بينما المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية جاءت ضمن المواد المنظمة للحبس المؤقت.
و من خلال ما سبق ذكره, يتبين لنا أن هناك نقص في الأحكام المتعلقة بانتهاء الرقابة القضائية خاصة في ظل القانون رقم 86-05, لذا جاء تعديله بموجب القانون رقم 90-24 , إلا أن هذا الأخير لم يتدارك كل النقائص التي تشوب هذه الأحكام لذا يتعين تعديلها بما يتماشى مع المنطق.
المطلب الثالث : الرقابة على أمر الوضع تحت الرقابة القضائية :
منح المشرع لقاضي التحقيق سلطان واسعة في مجال القرارات المتعلقة الحريات الفردية بصفة عامة و في ميدان الرقابة القضائية بصفة خاصة، و الدليل على ذلك تلك السلطة التقديرية التي يتمتع بها أثناء اتخاذ أمر الوضع تحت الرقابة القضائية، أو تعديل التزاماتها أو رفع اليد أو غيرها، و خوفا من تحول دلك إلى سلطة تحكمية تخضع للعواطف و النزوات و ضع المشرع بعض القيود تتمثل في إقرار الرقابة على أعمال قاضي التحقيق حتى يجعلها أكثر اتزانا و عدلا.
و يمكن حصر صور ممارسة هذه الرقابة في طلب رفعها و استئناف أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بها, و سنتعرض لهاتين الصورتين بالتفصيل، ثم نتناول رقابة المحكمة العليا قبل و بعد تعديل 2001.
الفرع الأول : طلب رفع الرقابة القضائية :
تنص المادة 125 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:" يأمر قاضي التحقيق برفع الرقابة القضائية سواء تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة وكيل الجمهورية".
وعليه فإن قاضي التحقيق إذا تبين له بعد إصداره لأمر الوضع تحت الرقابة القضائية أن ذلك لم يعد ضروريا لحسن سير التحقيق، أمر برفع هذا الإجراء تلقائيا.[38]
و لوكيل الجمهورية حق تقديم طلب رفع الرقابة القضائية إذا كانت شروطها و مبرراتها قد زالت[39]، و حسب المادة 125 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية يملك المتهم الحق في المطالبة برفع الرقابة القضائية أمام قاضي التحقيق مصدر الأمر.
و تجدر الإشارة إلى أن القانون لم يحدد شكل الطلب، و بالتالي يمكن تقديمه في أي شكل سوء كتابيا أمام أمانة ضبط التحقيق أو شفاهة أمام قاضي التحقيق[40].
و في هذه الحالة يجب على قاضي التحقيق حسب نفس المادة عدم الفصل في طلب المتهم إلا بعد استشارة وكيل الجمهورية لإبداء رأيه، و هذا الشرط يعد شرطا شكليا، الهدف منه إطلاع وكيل الجمهورية طبقا للقواعد العامة على كل التصرفات التي لها أثر على سير التحقيق.
و نصت المادة 125 مكرر2 في فقرتها الثانية و الثالثة من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي:"....يفصل قاضي التحقيق في طلب المتهم بأمر مسبب في أجل خمسة عشر (15) يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب.
و إذا لم يفصل قاضي التحقيق في هذا الأجل، يمكن للمتهم أو وكيل الجمهورية أن يلتجئ مباشرة إلى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في أجل عشرين (20) يوما من تاريخ رفع القضية إليها...."
يستخلص من هذه الفقرة أن قاضي التحقيق يفصل في طلب رفع الرقابة القضائية بأمر مسبب في أجل 15 يوما من تقديم الطلب، و هذا حرصا من المشرع على حماية حرية المتهم التي تقيدها الالتزامات المفروضة عليه في أمر الوضع تحت الرقابة القضائية، كما أن إلزام قاضي التحقيق بتسبيب أمره الفاصل في موضوع الطلب يحد من التعسف في لجوئه لمثل هذا الإجراء إذا لم يكن ضروريا لحسن سير التحقيق.
و قد نصت نفس المادة على أنه إذا لم يفصل قاضي التحقيق في أجل 15 يوما من تقديم الطلب، يمكن للمتهم و وكيل الجمهورية اللجوء مباشرة إلى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في ميعاد 20 يوما بعد ما كانت تفصل في ميعاد 30 يوم قبل تعديل 2001، و هذا يبين حرص المشرع على حماية المتهم، و ما تقصير آجال الفصل إلا ضمانة أخرى له.
و الملاحظ أن المشرع لم يرتب أي جزاء على تجاوز غرفة الاتهام لهذا الأجل.[41]
و تضيف المادة 125 مكرر2 الفقرة الأخيرة: "... في كل الأحوال، لا يجوز تجديد طلب رفع الرقابة القضائية المقدم من المتهم أو من محاميه إلا بانتهاء مهلة شهر من تاريخ رفض الطلب السابق."، و بمفهوم المخالفة أن وكيل الجمهورية لا يتقيد بهذه المهلة، فله تقديم طلبه المتعلق بالرقابة القضائية في أي وقت.
الفرع الثاني : استئناف الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية :
يجيز القانون استئناف الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق المتعلقة برفع الرقابة القضائية و وضع المتهم فيها و كذا تعديل التزاماتها.
1- أمر قاضي التحقيق المتعلق برفع الرقابة القضائية :
نصت المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية أنه يجوز لكل من وكيل الجمهورية استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق خلال ثلاثة (3) أيام من تاريخ صدورها.
يحق الاستئناف أيضا للنائب العام و يجب أن يبلغ استئنافه للخصوم خلال عشرين (20) يوما التالية لصدور أمر قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 171 من نفس القانون.
و إن كانت صلاحية النيابة العامة في استئناف أمر قاضي التحقيق المتعلق برفض رفع الرقابة القضائية لا تطرح إشكالا كون أن القانون أجاز لها صراحة استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق، على خلاف المتهم الذي لم بكن له قبل تعديل 2001 هذا الحق لعدم وروده في نص المادة 172 الفقرة الأولى من نفس القانون.
وقد ارجع الدكتور أحسن بوسقيعة عدم ورود الأمر المتعلق برفض رفع الرقابة القضائية ضمن الأوامر المحددة في المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية التي تجيز للمتهم استئنافها إلى سهو المشرع استنادا لسببين هما:
- أولهما أنه لا يعقل أن يعترف المشرع للنيابة العامة بحق استئناف لأمر القاضي برفض رفع الرقابة القضائية عن المتهم و ذلك عملا بأحكام المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية و ينكر ذلك على المتهم الأولى بحق استئنافه.
- ثانيهما مستمد من القانون المقارن إذ أجاز المشرع الفرنسي في المادة 186 من قانون الإجراءات الجزائية و تقابلها المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري للمتهم استئناف أمر قاضي التحقيق برفض طلبه الرامي إلى رفع الرقابة القضائية عنه علما أن أحكام هذا الأخير متطابقة مع القانون الفرنسي بخصوص الرقابة القضائية.
و انتهى الأستاذ بوسقيعة إلى مناشدة المشرع الجزائري لتدارك هذا السهو بالتنصيص في المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية على الأمر المنصوص عليه في المادة 125 مكرر2 المتضمن رفض طلب المتهم برفع الرقابة القضائية عنه ضمن الأوامر التي يجوز للمتهم استئنافها و هذا ما استدركه المشرع بتعديله لقانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 01-08.[42]
و يرفع استئناف المتهم بعريضة تودع لدى قلم كتاب المحكمة في ظرف ثلاثة (3) أيام من تبليغ الأمر إليه طبقا للمادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية.
أما المدعي المدني فلا يجوز له استئناف أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بالرقابة القضائية حسب المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية و حسنا ما فعل المشرع كون أن المدعي المدني لا مصلحة له في استئناف هذه الأوامر.
وبذلك منح المشرع صراحة لكل من النيابة العامة و المتهم صلاحية استئناف الأمر برفض رفع الرقابة القضائية.
2- أمر قاضي التحقيق المتعلق بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية :
إن أمر الوضع تحت الرقابة القضائية المنصوص عليه في المادة 125 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية، و على خلاف أمر الوضع في الحبس المؤقت الذي لم يخضعه لأي قيد عند تطبيقه، إذ أن المشرع لم يشترط أي شرط عدا ما تعلق بوصف الجريمة و هي أن تكون جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس، مستبعدا بذلك الجنح المعاقب عليها بغرامة فقط و المخالفات.
و السؤال المطروح ما مدى قابلية أمر الوضع تحت الرقابة القضائية أو الرافض له للاستئناف ؟ و هل يصدر بموجب أمر مسبب أم لا ؟
يرى البعض أن الأمر المتعلق بالوضع تحت الرقابة القضائية – أمر الوضع تحت الرقابة القضائية أو الأمر الرافض له - هو أمر قضائي يجوز استئنافه أمام غرفة الاتهام مستندين في ذلك لنص المادتين 170و171 من قانون الإجراءات الجزائية، اللتان تجيزان لوكيل الجمهورية والنائب العام استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق، بل و أكثر من ذلك فهم يستدلون بالمادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية التي تجير صراحة للمتهم استئناف الأمر المنصوص عليه في المادة 125 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية، و هذه الأخيرة تتناول أمر الوضع تحت الرقابة القضائية وكذا أمر المتعلق بتعديل التزاماتها و ما يفهم من هذه المادة أن الأمر المتعلق بالوضع تحت الرقابة القضائية قابل للاستئناف.
أما الرأي الآخر، فيرى أن قاضي التحقيق يقرر الرقابة القضائية بموجب أمر بسيط مجرد من أي طابع قضائي يكون غير قابل للاستئناف.[43]
وإذا ما تعمقنا في هذا الرأي نجده يستند في موقفه إلى أنه يوجد في المادة ما يلزم قاضي التحقيق بتسبيب أمر الوضع تحت الرقابة القضائية، على خلاف ما كان سائدا في القانون رقم 86-05[44]و هذا راجع أساسا لهدف المشرع في تشجيع قضاة التحقيق على اتخاذ مثل هذا الإجراء و للحد من التعسف في للجوء للحبس المؤقت.
و الملاحظ عمليا أن قضاة التحقيق يسببون أمرهم المتعلق بالوضع تحت الرقابة القضائية، كما يتم استئناف هذا الأمر سواء من قبل المتهم و نادرا ما يحدث ذلك من قبل النيابة العامة.
3– الأمر المتعلق بتعديل التزامات الرقابة القضائية :
تجيز المادة 125 مكرر 1 في فقرتها الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية لقاضي التحقيق إضافة وتعديل التزام من الالتزامات المفروضة على المتهم بموجب أمر مسبب.
لكل من النيابة العامة و المتهم حق استئنافه، و تفصل فيه غرفة الاتهام في مهلة عشرين(20) يوما من تاريخ رفعه إليها طبقا لنص المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية.
الفرع الثالث : عدم قابلية الطعن بالنقض في الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية :
لا يجوز للمتهم أو وكيل الجمهورية أن يطعن بالنقض أمام المحكمة العليا في قرار غرفة الاتهام المتعلق بالرقابة القضائية، و هذا طبقا لنص المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص أنه:" يجوز الطعن بطريق النقض أمام المحكمة العليا:
في قرارات غرفة الاتهام ماعدا ما يتعلق منها بالحبس المؤقت و الرقابة القضائية...".
و إن كان هذا النص واضح ولا يطرح أي إشكال فإن الحال قبل تعديل 2001 كان على خلاف ذلك، حيث لم تكن المادة 495 السالفة الذكر تستثني أمر الرقابة القضائية من أوامر غرفة الاتهام القابلة للطعن بالنقض، بل اكتفت فقط بذكر الأمر المتعلق بالحبس المؤقت[45]، و لأنه من المستقر عليه أن القياس غير جائز في المواد الجزائية لتعارض ذلك مع مبدأ الشرعية[46]، فيمكن القول نظريا أن الطعن بالنقض كان جائزا في قرارات الرقابة القضائية مع ترجيح أن المشرع سهى عن منع ذلك على خلاف الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت ، و حسنا ما فعل في تعديل2001 عندما أضاف أمر الرقابة القضائية ضمن الأوامر غير القابلة للطعن بالنقض .
خاتمة
الرقابة القضائية إستحدثها المشرع للتخفيف من مساوئ الحبس المؤقت ،و هي إجراء لايسلب المتهم حريته ،و الرقابة القضائية يمكن تكييفها على أنها تدابير تحوطيةأو أمنية الغرض منها الإبقاء على المتهم تحت تصرف القضاء و مراقبته م 123/2إج .و قد قرر القانون أنه لا يمكن الأمر بالحبس المؤقت إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية .
يأمر قاضي التحقيق من تلقاء نفسه برفع الرقابة القضائية،أو يرفعها بناء على طلب من النيابة العامة أو المتهم ،فإذا كان بطلب منالمتهم يلتزم قاضي التحقيق بالبت في الطلب بأمر مسبب في أجل أقصاه 15 يوما وإلا جاز لوكيل الجمهورية و المتهم رفع الأمر لغرفة الاتهام التي يجب عليهاالفصل في أجل 30 يوما من تاريخ رفع الأمر لها 125مكرر2 إج . و نشير أنه يجوز تجديد طلب رفع الرقابة القضائية من المتهم بعد مضي شهر من يوم رفض الطلب الأول م 125مكرر2 إج .
- كما أن الرقابة القضائية تنتهي بأي إجراء قضائي،بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى ،أو الحكم بالبراءة أو الحكم بالعقوبة مع وقف التنفيذ .

الهوامش


د. بوكحيل الأخضر, المرجع السابق, ص 379. [1]
محمد احمد حامد, التدابير الإحترازية في الشريعة الإسلامية و القانون الوضعي, ص 22. [2]
د. أحسن بوسقيعة, المرجع السابق, ص 231 و ما بعدها. [3]
د. محمد محدة, المرجع السابق, ص 427. [4]
د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 127. [5]
[6] Talbi halima, l’instruction en procédure pénale et les droits de défense, thèse de doctorat, paris II, mars 1990, p-666
د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 386. [7]
تكون أمانة التحقيق هي الماسكة لسجل الإمضاءات بدلا من مصالح الشرطة أو الدرك حفاظا على سرية الإجراءات و لحسن تطبيقها. [8]
د.أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 128. [9]
المادة 44 من الدستور الجزائري سنة 1996 , ص 12. [10]
[11] paris 11-10-9, j c p 1992 IV N° 506, cité par stefani, levasseur, bouloc opcit, p 550.
د. أحسن بوسقيعة ,نفس المرجع.. [12]
د. أحسن بوسقيعة , نفس المرجع. [13]
د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 389-390. [14]
[15] CRIM, 14 Mars 1978, Bull N° 96 ibid, p551.
د. اللأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 394. [16]
د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق. [17]
[18] CRIM, 10 Mai 1972, BULL N° 166.
د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 129. [19]
د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 394 [20]
د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 130. [21]
[22] Jean Pradel, Droit Pénal comparé, Dallez 1995, P514 – 515
[23] Talbi halima, opcit, p 676.
المادة 138 فقرة 4 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي. [24]
[25] - Talbi, opcit, p 275 et 676 .
المادة 125 مكرر من قانون 86-05 تنص: " إذا تهرب المتهم عمدا من التزامات الرقابة القضائية, يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر ضده أمرا قصد حبسه احتياطيا " [26]
د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 413. [27]
مولاي بغدادي ملياني, شرح قانون الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري, المؤسسة الوطنية للكتاب, سنة 1992, ص 297. [28]
علي بولحية بن بوخميس،المرجع السابق،ص.43 [29].
بن شورى عبد القادر، المرجع السابق،ص.15 [30] .
علي بولحية بن بوخميس , المرجع السابق , ص 47. [31]
انظر المواد 124 و 125 و 125-1 و 125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية [32]
هذه المسألة تداركها المشرع الجزائري في التعديل الوارد في سنة 2001. [33]
العبارة الأصح في ظل قانون رقم 86-05 هي الحبس الاحتياطي. [34]
جديدي معراج , المرجع السابق , ص 54. [35]
راجع د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 131-132-133. [36]
عبد الله أوهايبية, المرجع السابق, ص 403 و 404. [37]
د عبد الله أوهايبية، المرجع السابق ،ص.403 [38] .
د علي بولحية، المرجع السابق ،ص.39 [39] .
.د علي بولحية ، المرجع السابق ،ص.45 [40].
[41] د.د علي بولحية ، المرجع السابق ،ص.42.
د أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق، ص.134 [42] .
د. أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق،ص.127 [43].
المادة 125 مكرر1 :" يجوز لقاضي التحقيق بأمر مسبب وضع المتهم تحت الرقابة القضائية..." [44]
[45] د. علي بولحية، المرجع السابق،ص.43.
[46] د.د مامون محمد سلامة ،حدود سلطة القاضي الجتائي في تطبيق القانون ،دار الفكر العربي ،ص.42.

look/images/icons/i1.gif بحث الرقابة القضائية
  18-06-2019 09:24 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-12-2018
رقم العضوية : 24865
المشاركات : 1
الجنس :
تاريخ الميلاد : 18-11-1970
قوة السمعة : 10
المستوي : دكتوراه
الوظــيفة : كاتب
ما شاء الله .. بحث جيد لك كل الشكر

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
بحث ، الرقابة ، القضائية ،









الساعة الآن 05:36 AM