logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





21-07-2012 02:22 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 28-01-2012
رقم العضوية : 3
المشاركات : 333
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 160
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

تعريف المنهجية و مناهج البحث العلمي
تعريف فلسفة العلوم و الإبستومولوجيا
اللإيبستمولوجيا و أهمية التفكير الإيبستمولوجي


الباب الأول : مدخل لمسألة المنهج و منهجية البحث العلمي
إنّ من أهم المشاكل التي تعاني منها العلوم : ملاحظة تدني المستوى الإنسانية ... هو التدريب على البحث العلمي بشقه النظري و التطبيقي و الذي يتوج في مرحاة الأولى بمذكرة تخرج ... التي كثر الحديث عن قيمتها العلمية و البيداغوجية خاصة بعدما لوحظ من تدني مستوى الإعداد

فحين يعتبر " البحث العلمي من ضروريات هذا العصر ، فهو المحرك لكل تقدم في كافة المجالات ... و لم تصل الدول الصناعية إلى ما وصلت إليه الأفضل تشجيعها و سهرها الدائم على تطوير البحث العلمي ، و إذا كانت هذه هي مكانة البحث العلمي في تقدم العلوم و المعرفة ، فإنّ " المنهجية تعتبر محرك البحث العلمي ذاته "
السؤال : كيف ندخل الطلبة لمنهجية البحث العلمي ؟ ما أهمية المنهجية و علاقتها مع المعرفة العلمية ؟ .
الفصل الأول : مشكل المعرفة العلمية
إنّ المشكل الأساسي في هذا الموضوع هو مشكل المعرفة العلمية و شروط إنتاجه عامة و هو يتطلب تغطية الجانب الخاص بفلسفة البحث أي الفكر السائد و المتبع في شتى الأبحاث العلمية ، و هذا ما يمثل الموضوع الأساسي للمنهجية أو علم المناهج أو علم العلوم ، وكما كانت تدعى في القديم " نظرية المعرفة " و هي من إختصاص الفلسفة المنطقيين بينما تسمية الإيبستمولجية تطلق على تفكير العلماء الباحثين على مناهج و نتائج أبحاثهم .
المبحث الأول : تعريف فلسفة العلوم و الإبستومولوجيا
في البداية قد كان هذان المصطلحين متداخلين ، إذا أنّ موضوع المعرفة و دراسة تطور العلوم كان هذان المصطلحين متداخلين ، إذن موضوع المعرفة و دراسة تطور العلوم كان من إختصاص الفلاسفة أمّا في بعد مع إنفصال العلوم عن الفلسفة ، أدى هذا الإنفصال إلى بعض الغموض الذي أصبح يكتنف هذه المصطلحات ، ما هو المعنى الجديد لكل واحد منهما ؟.
المطلب الأول : النظرية العامة للمعرفة
إنّ هذه الأخيرة تهتم بدراسة عامة لمشكل المعرفة العلمية و le sujet et l'objet de la recherche- العلاقة التي تربط بين الباحث و موضوع بحثه و هذا بطريقة مجردة و عامة ، و قد ظلت قائمة على التساؤل recherche
لمن تعود الأولوية للشخص العارف - الفكر الروح - و قد إنتهى إلى ترويج المنهج الصوري أمّا المذهب المادي فركز على الشيء ـ و المادة ـ و طور المنهج الجدلي ، أمّا فلسفة العلوم فتهدف إلى تفكير شامل يتضمن كل العلوم و تطورها و كون أنّ العلماء الباحثين أصبحوا هم بذات يتسألون عن مناهجهم و مساعيهم العلمية - فبذلك فهم يطراحون مشاكل فلسفية و يستعملون مصطلحات فلسفية ، و إنه هذا هو الوقع الذي يعبر عليه مصطلح الإيببستمولوجيا .

المطلب الثاني : اللإيبستمولوجيا و أهمية التفكير الإيبستمولوجي
1 ـ تعريف الإيبستمولوجيا :
إنّ مصطلح الإيبستمولوجيا أكثر دقة لأنها لا تهتم بالمبادىء العامة و تطور العلوم بالدراسة النقدية للمادي و الفرضيات و نتائج العلوم المختلفة من حيث تهدف إلى تحديد صحت المنطق المستعمل و مداها الموضوعي
نفس المرجع ص 5.

إذا فالإبستمولوجيا هي دراسة نقدية تأتي فيما بعد تكوين النظريات وتتساءل عن صحة العلوم معتبررة أياها كواقع قابل للملاحظة و الوصف و التحليل و لهذا لما نريد أن نبحث عن فلسفة أو منهجية علم معين فنستعمل كلمة إيبستمولوجيا ذلك العلم ، و بالتالي و في مجال الحقوق أو القانون سنفصل إستعمال عبارة إيبستمولوجية القانون بدل فلسفة المعرفة العلمية للقانون لأنّ الأولى تهتم بالمناهج العلمية المستخدمة في علم القانون، أمّا الثانية فهي تهتم بعرض التيارات و المذاهب الفلسفية الواردة في مجال القانون ما فائدة و أهمية التفكير الإيبستمولوجي ؟ .
2 ـ لمعرفة أهمية و ضرورة التفكير الإبستمولوجي يجب أن نتطرق للمشكل من أساسه ، أي نلاحظ في حياتنا اليومية أنّ هناك إنتاج نظري متعدد و متنوع من طرف البشر و الذي يتبلور في خطب كثيرة تهدف إلى فهم و تفسير الظواهر التي تحيط به و تجعل الإتصالات الإجتماعية ممكنة و لذلك يجب علينا أن ندرك ماهية هذه الخطب
إنّ كل خطاب يبدو كأنه مجموعة متماسكة من الإثباتات تفرض وجود منطق و نظام و إمكانيات إعادة إنتاجه و تطوره حسب قوانين خاصة به، ومن ميزات الخطاب : أنه مجرد و يقدم في شكل مفاهيم و تصوراتناتجة عن طرف الإستدلال كلها مبنية على التجريد ، وخاصة الفكر المجرد أنه لإخضاع لجاذبية الملموس ، و يرتقي إلى مستوى يسمح للبشر أن يسيطر على الأقل ذهنيا على الأحداث و الظواهر التي تحيط بهم ، و أنه ينفرد به الإنسان دون سواه كونه يعيش في مجتمع و هو إنتاج متعدد و غزير و متداخل و المثال على ذلك هناك خطاب ديني خطاب فلسفي ، خطاب إقتصادي ، أخلاقي ... إلى غير ذلك ، و إذا أعتبرنا أنّ كل خطاب من هذه الخطب خاص بقطاع معين من الحياة الإجتماعية فإننا نقع في خطأ فادحالأنّ هذه الخطب متداخلة في بعضها البعض و لكل وحد منها نوايا للسيطرة و الهيمنة على الخطب الأخرى كونه يقدم تصورا و تفسيرا شاملا للحياة الإجتماعية و الظواهر ، أنّ هذه الملاحظة تبدو أساسية بالنسبة لبقية الحديث الذي يهمنا أمام هذه الخطب ، أين و كيف نستطيع أن نكشف بأنه حقيقيا علمي أو يتصف بميزات لإنتاج العلمي أي أنه قابل للتحقيق و البهان ؟ و يمكن أن يصيغ هذا السؤال بالكيفية التالية : ما هي صفات الخطاب العلمي و ما هي ميزات المسعى العلمي ؟
3 ـ صفات المسعى و الخطاب العلمي :
إنّ المسعى العلمي يعتبر بأنه بالدرجة الأولى مسعى نقدي قائم على منهجية علمية لأنّ كل تفسير علمي لظاهرة ما يقوم على المبدأ التالي و هو أن فهم و تفسير الظواهر غير معطى أو تلقائي و ناتج عن الملاحظة البسيطة و أنّ المعرفة الحقيقية أو إكتشاف الواقع تفرض تحريات تذهب إلى ما وراء الظواهر كونها تهدف إلى معرفة ماهية الشيء و لذا لا يمكن لأي علم أن يقوم إلاّ إذا تخلى عن الملاحظة الحية البسيطة التي يقوم بها أحد لأنّ التفسير الذي يأتي تلقائيا ـ طبيعيا ـ ليس بعلم و أنّ المعرفة العلمية تكون دائما معرفة مبنية بالعقل أي قائمة على تصورات نظرية التي تحدد و توجه الملاحظة و تفرض طريقة أو طرق التحقيق و الإثبات
و لذا لمّا نجد مثلا في الدراسات القانونية نفس التفسيرات التي نجدها عند الإنسان العادي من حقنا أن نشك في صحة هذه التفسيرات التي تتنافى مع المسعى العلمي الذي يفرض إقتراب نقدي للظواهر و تصورها في حركيتها و تداخلها و تفاعلها.

أ ـ الفكر النقدي :
فهو الفكر الذي يتطلع إلى الوصول إلى حقيقة الأشياء و الظواهر أي إلى وجهها المخفي و إستخراج كل ما تخفيه هذه الأشياء و الظواهر لأنّ المعرفة العلمية لا تهدف أساسا لوصف ما هو ظاهر بل هي عملية إظهار ما هو مخفي و إجاد التركيب الباطني للشيء أو الموضوع أو الظاهر و أنّ الموقف العلمي النقدي يفرض علينا عدم تقبل ( كل ما تسوقها إلينا الإيديولوجيات و التخلي عن كل الأفكار المسبقة التي تؤثر على طريقتنا لفهم الأشياء و الظواهر لأنّ في مجال البحث العلمي لا يوجد مسعى ثاني إلاّ هذا المسعى كونه يسمح بالوصول إلى تصور الواقع تصورا مختلفا كل الإختلاف عن التصورات العامة التي تقوم على الحس العام.
ب ـ إقتراب الواقع في تصور حركي و جدلي :
إنّ ضرورة التصور الجدلي يعود إلى وعي العلماء بأنّ المعرفة العلمية تتغير و تتحول بدون هوادة كون نظام المعرفة مرتبط بالتاريخ فهو غير محدود و في تطور مستمر ، و العلم يبدو كلغز متجدد لأنّ كل حل جديد يأتي بمشكل جديد فإن شأنّ العلم شأن كل إنتاج بشري فهو غير مكتمل و خاضع لمبادىء التطور الجدلي ، و هذا يعني أنّ كل إثبات أو نظرية علمية قابل مبدئيا للمراجعة و التعديل ، لا يوجد حكم علمي الذي يمكن أن نفول عنه بأنه لن يصحح يوما ما .
إنّ المسعى العلمي هو مسعى حواري ناتج عن عملية ذهاب و إياب دائم بين الملموس و المجرد ، بين الموضوع و الفكر ليس هناك مقولة ذهنية لا تمس بشيء للتجربة و ليس هناك حس غير منبثق من التجربة .
ففي البداية سنحاول أن نعرف ما هو القانون و DROIT ART بعد ذلك التطرق إلى مسألة التمييز بين القانون كفن و المناهج الخاصة بكل واحد منهما ، المطلب DROIT SCIENCE القانون كعلم .
الأول : تعريف القانون
إ نّ لمصطلح القانون معاني كثيرة فهو تارة مجموع القواعد الضابطة للسلوك و العلاقات بين البشر في المجتمع و التي تؤدي مخلفاتها إلى تسليط الجزء أو فرض إحترامها بالقوة عند الحاجة ، و تارة أخرى علم من العلوم التي تلقن في كليات الحقوق ، و في نفس الوقت فهو يدل على معرفة هذه القواعد و هو أخيرا يحمل معنى فلسفي و هو الحق و هو العدل و الأهم يكمن في رأينا هل يمكن لنا أن نعتبر القانون أو معرفتنا للقانون كمعرفة علمية ؟
القانون يمثل في أنين واحد علم و فن فهو علم أي فرع من فروع علم الإجتماع كونه محاولة تهدف إستنتاج من ملاحظة الواقائع الإجتماعية الحاجات القانونية للفرد و المجتمع فهو فن يتجسد في تطبيقات معارف علمية مكتسبة مسبقا من أجل إعداد قوانين ملائمة.
هذا هو دور المشرع ـ من جهة و من جهة ثانية تطبيق القواعد القانونية في الحياة الإجتماعية ـ و هذا هو دور القاضي ـ و الفقه الذي يعلق عليها القانون كعام يغترض اللّجوء إلى المناهج البحث العلمي أمّا القانون كفن في حاجة لمناهج التفسير و التؤيل .

الفصل الثاني : تعريف المنهجية و مناهج البحث العلمي
المطلب الأول : تعريف المنهجية
إنّ كلمة أو علم المناهج أستخدمت لأول مرة على يد الفيلسوف كانت عندما قسم المنطق إلى قسمين و هما مذهب المبادىء و هو الذي يبحث في الشروط و الطرق الصحيحة للحصول على المعرفة
و علم المناهج الذي يهتم بتحديد الشكل العام لكل علم و بتحديد الطريقة التي يتشكل و يتكون بها أي علم من العلوم فعلم المناهج هو إذا العلم الذي يبحث في مناهج البحث العلمي و الطرق العلمية التي يكتشفها و يستخدمها العلماء و الباحثون من أجل الوصول إلى الحقيقة .
المنهجية فرع من فروع الإيبستمولوجيا ( علم المعرفة ) تختص بدراسة المناهج أو الطرق التي تسمح بالوصول إلى معرفة علمية للأشياء و الظواهر أمّا المنهج فهو مجمل الإجراءات و العمليات الذهنية التي يقوم بها الباحث لإظهار حقيقة الأشياء أو الظواهر التي يدرسها و يمكن أيضا أن نعتبر بأنّ المنهج هو موقف أمام الموضوع و نتحدث في هذه الحالة مثلا على المنهج التجريبي و المنهج الطبي ، و إنّ كلمة المنهج تعني أيضا اللّجوء إلى أنماط تحليلية خاصة بفروع علمية مميزة .

تعريف المناهج و أنواعها :
يتكون علم المنهجية من عناصر كثيرة ومن بينها
ـ المناهج الفلسفية العامة : المنهج الميتافيزيقي و المنهج الجدلي
ـ المناهج المنطقية المشتركة : مثل منهج الإستنباط و الإستقراء

ـ المناهج العلمية الجزئية الخلصة و هي تختلف من علم لآخر ففي علم القانون مثلا هناك منهج المقارن و المنهج الشكلي و المنهج الوضعي و الجدلي ... إلى غير ذلك .


المطلب الثاني : منهجية البحث العلمي
إنّ الفيلسوف الفرنسي " قاستون باشلار " قد عرف البحث العلمي بصفة وجيزة جدا منتزع من الأحكام " منتزع و مبني و محقق "
كمايلي : " إنّ الواقع العلمي المسبقة و الشائعة ، ومبني بالعقل أي نظري و محقق أي أنه مؤكد بالبرهان و الدليل و بهذه الكيفية فهو يعرف ماهية و غاية العلم و الخصائص و الإجراءات الوجب إتباعها في البحث العلمي و أخيرا التطرق غلى مفهوم البحث العلمي .

العلم هو المعرفة المنهجية لقانون الطبيعة و كل علم يمثل معرفة لجملة خاصة من هذه القوانين الخاصة بعدد محدد من الظواهر و قد عرف أيضا بأنه " المعرفة المنسقة التي تنشأ عن الملاحظة و الدراسة و التجريب ... و التي تقوم بفرض تحديد طبيعة و أسس و أصول ما تمّ دراسته
العلم هو فرع من فروع المعرفة خصوصا ذلك المتعلق بتنسيق ترسيخ الحقائق و المبادىء
" المناهج بواسطة التجارب و الفروض إنّ أغلب المحاولات الهادفة إلى تحديد معنى العلم تدور حول الفكرة " : إنّ العلم جزء من المعرفة يتضمن الحقائق والمبادىء و القوانين و النظريات و المعلومات الثابتة و المنسقة و الطرق و المناهج العلمية الموثوق بها لمعرفة و إكتشاف الحقيقة " بصورة قاطعة و يقينية .


المطلب الثالث : العلم و المعرفة
إنّ مجال المعرفة أأوسع من العلم ذلك إنّ المعرفة تشمل كل الرصيد الواسع من المعارف و العلوم التي إستطاع الإنسان ككائن مفكر أن يجمعه عبر تاريخ الإنسانية : وهناك ثلاثة أنواع أساسية للمعرفة .
1 المعرفة الحسية : وهي مجموعة المعارف و المعلومات التي تعرف عليها الإنسان حسيا فقط بواسطة الملاحظات البسيطة و المباشرة و العفوية عن طريق حواسه ... و من أمثلة المعرفة الحسية معرفة تعاقب
2 المعرفة الفلسفية التأملية : و هي مجموع المعارف و المعلومات التي يتحصل عليها الإنسان بواسطة أساليب التفكير و التأمل الفلسفي لمعرفة الأسباب ـ الحتميات البعيدة للظواهر و الأشياء و الأمور ، مثل التفكير و التأمل في أسباب الحياة و الموت و خلق الوجود و الكون المعرفة العلمية
3 التجريبية : و هي المعرفة التي تتحقق على أساس الملاحظات العلمية المنظمة و المقصودة للظواهر و الأشياء و الأمور ووضع الفروض و إستخراج و إكتشاف النظريات العامة و القوانين العلمية الثابتة و المنسقة القادرةعلى تفسير الظواهر و الأشياء " ... و الأمورعلميا و التنبؤ بما يحدث و التحكم في الظواهر و الأشياء في خلاصة القول نستخلص يأنّ المعرفة أشمل و أوسع من العلم و العلم جزء و فرع من المعرفة حيث ينطبق مصطلح العلم على المعرفة العلمية التجريبية فقط ، ولا ينطوي على المعرفة الحسية و المعرفة الفلسفية التأملية .

المطلب الرابع : وظائف و أهداف العلم
إنّ هدف العلم و وظيفة العلم الأساسية و الأصلية هي إكتشاف النظام السائد في هذا الكون و فهم قوانين الطبيعة و الحصول على الطرق اللازمة للسيطرة على قوى الطبيعة و التحكم فيها ، و ذلك عن طريق زيادة قدرة الإنسان على تفسير الأحداث و الظواهر و التنبؤ بها و ضبطها و يمكن أن نستخلص من هذه الغاية الأصلية و الأساسية للعلم وظائف ثلاث.
أولا : غاية و وظيفة الإكتشاف و التفسير :
إنّ الغاية و الوظيفة الأولى للعلم تتمثل في إكتشاف القوانين العلمية العامة و الشاملة للظواهر و الأحداث المتشابهة و المترابطة و المتناسقة و ذلك عن طريق تصنيف و تحليل الظواهر و الأحداث بواسطة مختلف الفرضيات العلمية ، والقيام بتجارب علمية تمكننا من الوصول إلى مختلف القوانين العلمية الموضوعية عامة كانت و شاملة لتفسير هذه الظواهر و الوقائع و الأحداث .
ثانيا : غاية و وظيفة الضبط و التحكم
إنّ من أهم وظائف العلم الضبط و التحكم العلمي في الظواهر و الأحداث من أجل السيطرة عليها و توجيهها و إستغلال النتائج لخدمة الإنسانية
ثالثا : غاية و وظيفة التنبؤ
و تتعلق هذه الغاية بالتعرف على طرق و سير الأحداث و الظواهر الطبيعية و الإجتماعية بهدف التأثير عليها أو تجنب إثارها على الإنسانية و الأمثلة على ذلك تتمثل في التنبىء بمواعد الخسوف و الكسوف ، تطور الأحوال الجوية ، معرفة تقلب الرىء العام سياسيا و إجتماعيا و غير ذلك من الأمور التي يمكن التوقع و التنبىء العلمي بحتميتها و ذلك لأخذ الإحتياطات و الإجراءات العلمية لتفادي الأثار الإجابية .

المبحث الثاني : مفهوم البحث العلمي
إنّ البحث العلمي " هو وسيلة للإستعلام و الإستقصاء المنظم و الدقيق الذي يقوم به الباحث بفرض إكتشاف معلومات أو علاقات جديدة بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح أو تحقيق المعلومات الموجودة فعلا على أن يتبع في هذا الفحص و الإستعلام الدقيق ، خطوات لمنهج العلمي ... " .
و إختيار الطريقة و الأدوات اللازمة للبحث و جمع البيانات .


الفصل الثاني : مفهوم المنهج و علم المناهج
المبحث 1 ـ مفهوم المنهج
المطلب 1ـ تعريف المنهج :
المنهج في اللّغة العربية هو الطريق و هو مشتق من فعل نهج أي سلك و ينطوي أيضا على معنى إصطلاحي يدل على التتابع أمّا في اليونانية فكان في البداية يعني الدراسة ، البحث النظر المعرفة ، كما يعني الطريق ... و لا يتحدد معناه الإصطلاحي ، إلاّ في بداية القرن السابع عشر حيث أصبح يدل على " طائفة من القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلى الحقيقة في العلم " .
و قد وردت تعريفات عديدة
بشأنه و فيما يلي البعض منهاز
نفس المرجع ص 18ـ10


الباب الثاني : " منهجية البحث العلمي "
يجب علينا في البداية أن نحدد معنى منهجية البحث العلمي كصيرورة الإستقراء و تفسير الواقع أي كعملية أو نشاط فكري يختلف عن مسألة المناهج المنطقية ثمّ ماذا يجب علينا أن نفهم من مصطلح البحث العلمي في العلوم الإجتماعية عموما و الحقوقيت خاصة . ثمذ بعد ذلك تحديد مضمون المنهجية كأسلوب تنظيم و تصوير شامل لأجزاء البحث العلمي و الإلتزام بتنفيذها مرحلة تلو الأخرى .
إنّ المنهجية بمفهومها الواسع ممكن الأن تفهم كفلسفة البحث العلمي أو الفكر السائد و المتبع في الأبحاث العلمية ، و الغاية من تعريف الطالب بالمنهجية كأسلوب عام تهدف إلى تجنبه من الوقوع في الأخطاء " التي يقع فيها عادة " الباحث المبتدىء و بهذا المعنى المنهجية العامة للبحث العلمي تقوم على ثلاثة مبادىء أساسية هي :
1ـ مبدأ القطيعة مع الأحكام ( الأفكار ) المسبقة .
2ـ مبدأ بناء أو إختيار إطار نظري يهيكل البحث .
3ـ مبدأ التحقيق .
و إنّ هذه المبادىء تتجسد في سبع مراحل :
1 ـ مرحلة تحديد القضية أو سؤال الإنطلاق
2 ـ مرحلة القراءة و المقابلات الإستقرائية
3 ـ مرحلة وضع أو تحديد إشكالية البحث
4 ـ مرحلة بناء أو إدراج البحث في إطار نموذج تحليلي معروف
5 ـ مرحلة جمع و تصنيف المعلومات
6 ـ تحليل المعلومات ووضع خطة الصياغة النهائية
7 ـ الخلاصة .


الفصل الأول : منهجية البحث و البحث العلمي
المبحث الأول : تعريف منهجية البحث :

إنّ عملية إنجاز أو إعداد بحث علمي تشبه إلى حدّ كبير عملية البحث أو التنقيب عن النفط فالحفر أو في أي أرض كانت بل نجاح برنامج العثور على النفط التنقيب لا يتم ، يتوقف على إتباع خطة أو مسعى معين ( دراسة نوعية الحقول تحد سد تقنيات البحث ثمّ يأتي في الأخير التنقيب ) و إنّ هذه العملية تفترض مساهمة كفاءات شتى ( مهندسون في علم الأرض ، مهندسون في تقنيات ( الحفر ، وتقنيين منفذين للخطة أو العمل و لا يحق لنا أن ننتظر من رئيس المشروع أن يكون متمكنا من كل التقنيات المستعملة و إنما دوره الحقيقي يتوقف على مدى قدرته في تصور المشروع في التنقيب عن النفط ، فعلى الباحث أن يكون له تصور واضح لما يبحث فيه ( تحديد موضوع البحث ، وضع خطة منهجية عمل و هذه الأخيرة لا تتمثل في التقنيات الممكن إتباعها بل ألية ذهنية لإستظهار و لإستقراء الواقع أو الموضوع كتصور شامل لأبعاد البحث و لهذا فإنّ الباحث لما يتلقى صعوبات كبيرة التي تكاد أن تجهض مشروع بحثه فالسبب لا يعود لعدم نجاعة التقنيات المستعملة بل لعدم تمكينه من تحديد و إتباع منهجية تشمل كل أجزاء البحث و الغريب في الأمر أن هناك مؤلفات كثيرة تزعم تلقن منهجية بمفهومها الواسع أي كتصور شامل لمتطلبات البحث كونها تكتفي في غالب الحالات بعرض أو سرد التقنيات و المناهج بمنعزل عن أي تفكير نظري في التحكم في صيرورة و تصور البحث .
و إنّ هذه المحاولة منا تهدف إلى تقديم هذه المنهجية العامة أو خطوات المسعى العلمي أي كطريقة إعداد البحث العلمي لكل من يطمح إلى أدنى تكوين ممكن في مجال البحث و القيام بعمل أو إنجاز مذكرة بأكثر حظ ممكن للتوفيق أو النجاح و إنّ قضية التكوين في مجال البحث تهدف إلى تنمية قدرات الطالب في وضع و تحديد تصور شامل لبحثه ثمّ القيام بتنفيذ هذه الخطة مرحلة بمرحلة .

المبحث الثاني : المشكل المنهجي في البحث .
إنّ الإنطلاق في البحث أو أي عمل آخر بتعريض دائما لنفسر المشكل أي أنّ موضوع البحث يظل غامضا بحيث ندرك ماذا نريد أن نبحث فيه و لا نعلم كيف نبدأ البحث .
إننا نأمل أن نعمل كيف نبدأ البحث إننا نأمل أن العمل يكون مفيدا و ينتهي بتقديم إقتراحات ملموسة مع الشعور في نفس الوقت بالياس أو الخيبة قبل البداية فيه . وهكذا عموما تنطلق جل الأعمال الطلبة و حتى الباحثين في مجال العلوم الإجتماعية ، ومع ذلك لا يجب أن تقلقنا هذه الفوضى البدائية ، بالعكس فإنها تدل على أن الفكر السليم لا يتقبل أن يتغدى بالبديهيات و الأحكام المسبقة من أجل ذلك يجب أن نتفادى الوقوع فيما يسمى بالروب إلى الأمام و الذي يأخذ إشكالا عديدة و من بينها الأشكال التالية :
ـ الشغف الشديد لقراءة الكتب و المراجع .
ـ عدم الإهتمام بوضع الفرضيات .
ـ اللجوء إلى إستعمال المصطلحات المعقدة و المضللة .
و هذا ما سنوضحه كمايلي :
1 ـ فيما يخص الشغف الشديد لقراءة الكتب :
إنّ هذه الصيغة من صيغ الهروب إلى الأمام تمثل في عملية حشو الدماغ أو الذاكرة بمعلومات و معطيات عديدة مع أمل الوصول أو العثور على الفكرة أمل الوصول أو العثور على الفكرة نيرة التي تسمح لنا بتحديد موضوع البحث الذي نحن بصدد البحث فيه و إنّ هذا المقف يؤدي لا محالة إلى اليأس لأنّ كثرة المعلومات الغير المرتبة تضلل التفكير و لهذا يجب علينا أن نعود قليلا إلى الوراء و نركز على عملية التفكير الصحيح و الجاد في القضية ، بدل الحشو المفرط للذاكرة و إنّ القيام بالقراءة المتأنية للنصوص قليلة و مختارة بعناية أكثر فائدة وتجنب الباحث في الوقوع في هذا النوع من صيغ الهروب إلى الأمام بحيث أنّ أغلبية الطلبة أو الباحثين يتخلوا عن أبحاثهم بسبب عدم إنطلاقهم الحسن و تجدر بنا الإشارة هنا أن نؤكد بأنّ قانون بذل أقل جهد ممكن قاعدة أساسية حتى في مجال البحث العلمي و هو ( هذا القانون يفرض تتبع أقصر سبيل ممكن للوصول إلى أحسن نتيجة ، وهذا يلزمنا أن لا نقوم بعمل مهم بدون أن نفكر أو نحدد بدقة ما نحن بصدد البحث عنه و الطريقة التي يجب إتباعها .
و في الخلاصة أن على الطالب أن يتنجب عملية الحشو التي تعيق العمل الحسن للفكر مع ترتيب المعلومات حتى يعمل هذا الأخير بطريقة منظمة و مبدعة ، و الغاية من هذا أن لا ينشغل الطالب بتكديس المعلومات بل أن يلقي كل إهتمامه على تحديد التصور الشامل لعمله .

2 ـ عدم الإهتمام بوضع الفرضيات :
إنّ عدم الإهتمام بوضع أو تحديد الفرضية أو الفرضيات ( أي كإجابة مؤقتة للسؤال ) يمثل السبب الرئيسي في فشل البحث بدون أن نعلم ماذا نحن بصدد البحث فيه و طبيعة المعلومات التي نريد جمعها .
و هذا يفرض علينا أن نهتم بتحديد مشروع البحث بدقة .

3 إستعمال المصطلحات المعقدة و المضللة :
إنّ الباحثين المبتدئين يتميزون بهذا الميل أو الظاهرة كونهم مندهشين أو متأثرين بمركزهم كجامعيين جدد و ما يعتقدونه فيما تخص مفهوم البحث العلمي و هذا لإخفاء ضعفهم ، الشيء الذي يفسر لجوئهم لإستعمال العبارات المعقدة و غير المفهومة ، عاملين بالفكرة بأنذ كل ما هو معقد فهو علم .
و هناك خاصيتان تميز مشاريعهم أي طموح كبير و غموض تام ، فهم يختارون مواضيع ضخمة صعبة المنال . وإنّ هذه المشاريع تقدم في شكل خطاب غامض و رنان يدل على عدم وجود مشروع بحث واضح و مفيد أسلوب البساطة و المطلوب من هؤولاء الباحثين إعتماد الوضوح مع تعريف ككل العبارات المستعملة و شرح كل الجمل التي تعبر عن مشروع بحثهم .
و إنّ الوعي بهذه المشكلة يسمح للباحث أن يدرك بأنّ البحث ليس إلاّ محاولة للكشف عن الحقيقة ، ليس كحقيقة بمعناها المطلق و إنما كحقيقة نسبية قابلة للتعميق مع مداومة التساؤل فيها.
و بعد تقديم هذه الصيغ للهروب إلى الأمام سنحاول أن نتعرض إلى كيفية الإنطلاق الحسن لكل بحث و المراحل التي يجب إتباعها .

الفصل 2 ـ مراحل إعداد البحث العلمي .
إنّ مشكل المعرفة العلمية يطرح نفسه بنفس الكيفية بالنسبة للظواهر الإجتماعية أو الطبيعية في كلتا الحالتين الفرضيات .
تتحقق من خلال المعطيات الناتجة عن الملاحظة أو التجربة إذن يجب على كل بحث ( باحث ) أن يتمثل إلى بعض المبادىء المشتركة ، و أنّ تقديم تسلسل المسعى العلمي يقوم على إحترام مبادىء أساسية و هي القطيعة و البناء ، و التحقيق تتمثل في و بهذا المفهوم أن المسعى العلمي طريقة للتقدم نحو هدف و أنّ عرض المسعى العلمي يتمثل في وصف المبادىء الأساسية الواجب إستعمالها في أي عمل علمي ، و في هذا الإطار يجب أن نؤكد على أن المناهج الخاصة لا تمثل إلاّ وسائل أو طرق جزئية في خدمة المسعى العلمي في تصوره الشامل و يجب أن تتلاءم هذه التقنيات الخاصة مع مجالات البحث ، و أنّ هذه الملاءمة لا تمنع الباحث أن يظل وفيا للمبادىء الأساسية للمسعى العلمي .
و إذ نركزهنا بصفة خاصة على المسعى و ليس على المناهج الخاصة فهذا يعود إلى إعتقادنا بأنه يمكن لنا أن ننتهج هذه الطريقةللقيام بأي بحث علمي ، و بهذا الصدد يجب أن نتساءل عن ماهية المبادىء العامة التي يجب مراعاتها في أي بحث .
إنّ الفيلسوف الفرنسي جاستون باشلار قد عرف البحث العلمي بصفة وجيزة جدّا كمايلي " إنّ الواقع العلمي منتزع و مبني و محقق " أي منتزع من الأحكام المسبقة ، ومبني على الفكر أو العقل ، و محقق في الواقع و هكذا يظهر المسعى العلمي كأنه مسار قائم على ثلاثة أعمال معرفية متسلسلة و المتمثلة في القطيعة و البنية و التحقيق .
المطلب الاول : الأعمال الثلاثة للمسعى العلمي :
لفهم التماثل الموجود بين مراحل البحث و الأعمال المعرفية الثلاثة ، يجب علينا أن نفسر المبادىء المتضمنة في هذه الأعمال الثلاثة و المنطق الذي يربط بينهما .
ـ مبدأ القطيعة : تجدلر الإشارة بنا هنا إلى أنّ المعارف التي نحملها مفخخة لأنّ أفكارنا مشحونة بالمظاهر التلقائية و الأحكام المسبقة مع الميل إلى تفضيل بعض التصورات على التصورات الأخرى و إذا إعتقدنا بأنه يمكن لنا أن نبني على الرمل أي على أفكار غير مؤكدة فهذا خطأ ، و لهذا نفهم ضرورة إدخال القطيعة مع هذا النوع من المعلومات ، وهذه الأخيرة تفرض علينا التخلي عن الأحكام المسبقة و البديهات الخاطئة و التي تعيق معرفة الحقيقة و إنّ القطيعة تعتبر كاول عمل مؤسس للمسعى العلمي أ, المعرفة العلمية .
مبدأ البنية : لا يمكن لنا أن نقوم بإدخال القطيعة إلاّ من خلال تصور نظري مسبق الذي يعبر عن المنطق الذي يعتقد الباحث بأنه هو الذي يتحكم في الظاهرة . وبفضل هذه البنية الذهنية فيمكن للباحث أن يحدد الإجراءات التي يجب القيام بها و النتائج التي يتوقع الوصول إليها من خلال الملاحظة لأنّ بدون البنية النظرية لا يمكن أن يكون التحقيق ممكنا.
مبدأ التحقيق :
إنّ كل إقتراح لا يمكن له أن يتميز بالصفة العلمية إلاّ إذا كان قابل للتحقيق و إنّ هذا المبدأ يتطلب المواجهة مع الواقع و هذه تتمثل بالتجربة أو التحقيق .
المراحل السبعة للمسعى العلمي :
إنه لا يمكن الفصل بين الأعمال الثلاثة للمسعى العلمي فهي متتالية و تفرض بعضها البعض ، فالقطيعة مثلا لا تحقق فقط في بداية البحث بل تكتمل في البنية و أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تكون هي الأخرى إلاّ بعد القيام بتنفيذ المراحل الخاصة بالقطيعة بينما التحقيق لا يمكن إلاّ بنجاعة البنية .

و إنّ هذه الأعمال الثلاثة للمسعى العلمي تتجسد من خلال تسلسل إجراءات مختلفة طيلة إنجاز البحث و المتمثلة في سبع مراحل و بالرغم من أنّ المخطط التالي يفصل هذه المراحل ، و لكن في الواقع فهي مترابطة و متداخلة و تفرض بعضها البعض .
المرحلة 1 : تحديد القضية القطيعة
المرحلة 2 : الإستكثاف
الإشكالية 3 : المرحلة
المرحلة 4 : البنية النظرية المرجعية البنية
المرحلة 5 : الملاحظة التحقيق
المرحلة 6 : تحليل المعطيات
المرحلة 7 : تقديم النتائج

إنّ المشكل الأول الذي يعيشه الباحث يتمثل بكل بساطة في معرفة الكيفية الحسنة لإنطلاق عمله لأنه ليس من السهل أن يتوصل المرء تلقائيا إلى ترجمة ما هو إهتمام أو إنشغال غامض بقضية ما أو موضوع ما في شكل مشروع بحث عملي دقيق ، و الخشية من الإنطلاق السيء تجعل أن الباحث يظل يدور في حلقة مفرغة أو يلجأ إلى صيغة من صيغ الهروب إلى الأمام التي تحدثنا عنها سابقا ، أو التخلي نهائيا عن مشروعه .
و سنحاول طيلة هذه المرحلة أن نعرف الطالب بأنّ هناك حل آخر للخروج من هذه المشكلة .
إنّ الصعوبة في الإنطلاق ناتجة في غالب الأحيان من الشغف الشديد و التسرع بالإلمام بكل جوانب الموضوع و تقديمه في شكل مشروع بحث مرضي .
و هنا يمكن أن نذكر بأنّ البحث هو شيء يبحث فيه و يبحث عن نفسه فهو صيرورة نحو معرفة أحسن أو أكمل و يجب أن يقبل هكذا مع كل ما يتضمن من تردد و شكوك و عدم التأكد.
و هناك من يعيش هذا الواقع في شكل قلق مشل ، وهناك من يعتبره كظاهرة عادية و محفزة ، و لذا يجب على الباحث أن يختار بسرعة أولي يكون قدر المستطاع واضحا حتى ينطلق العمل بدون خيط هادىء أو دال تردد في وضع أو إختيار الخيط الدال الأولي حتى و لو بدى له بأنه بسيط أو ناتج عن تفكير غير كاف و حتى لو يغير الإتجاه طيلة البحث أو الطريق و المهم أن يعتبر هذا الإنطلاق ما هو إلاّ مؤقت يمكن أن يصحح أو يعمق حتى الوصول إلى النتيجة النهائية .
و السؤال القائم يكمن فيما يتمثل هذا الخيط الهادىء ، وما هي المعايير التي يجب الإمتثال لها حتى يؤدي الوظيفة المنتظرة منه ، فهو يأتي في شكل مشروع سؤال إنطلاقي الذي يجب أن يراعي بعض الشروط .

المطلب الثاني : مشروع سؤال الإنطلاق
إنّ أفضل طريقة لمعالجة موضوع ما تتمثل في صيغته التالية و التي أعطت ثمارها مع التجربة ، والتي تفرض على الباحث أن يحاول أن يعبر عن مشروع بحثه في شكل سؤال إنطلاقي ، و الذي يحاول من خلاله أن يحدد بأكثر دقة ممكنة فيما يبحث فيه ، أو كاف ، أن يوضحه أو يستوعبه و لكي تؤدي هذه العملية وظيفتها بأحسن صورة فهي تستوجب مراعاة بعض القواعد أو المعايير التي سنحددها شيئا . و لفهم الطبيعة و مداها الحقيقي لهذه العملية يجب أن نشير هنا أنّ أشهر المؤلفين أو الباحثين لا يترددون في التعبير عن مشاريعهم في شكل أسئلة بسيطة وواضحة حتى لو كانت هذه الأخيرة مبنية على تفكير نظري عميق .
و المثال على ذلك السؤال التالي " ما الذي يجعل بعض الناس يترددون في زياراتهم للمتاحف عكس الأغلبية التي لا تفعل ذلك ؟ " .
1ـ صفات السؤال الحسن :
إنّ تقديم مشروع بحث في شكل سؤال الإنطلاق لا يمكن أن يكون مفيدا إلاّ إذا كان هنا السؤال مصاغ بطريقة حسنة ، و هذا ليس بالأمر السهل ، لأنه يجب أن يراعي هذا السؤال بعض الشروط التي سنوضحها من خلال تقديم بعض الأمثلة مع الذكر بأنّ الهدف الأساسي للسؤال هوانه يرغم الباحث لكي يوضح نواياه و حدود و آفاق بحثه و بهذا المعنى تتضح لنا الفكرة التي ترى بانّ وضع السؤال يمثل الأداة الأولى لإدخال ما يسمى بالقطيعة مع الأحكام المسبقة و الإعتقادات الشائعة و غير المؤكدة و يمكن أن نحصر الصفات المنتظرة من السؤال في ثلاثة عبارات
هي : الوضوح ، الواقعية ، النجاعة .1 ـ صفات الوضوح :
تمثل صفة الوضوح في التحديد و الدقة ، و أن لا يكون مبهما و أن يكون عملي . وسنقدم مثال عن سؤال غير واضح : ما هي آثار الإصلاحات على حياة المواطن الجزائري ؟ فهذا السؤال يبدو غامضا وواسعا جدّا في الحقيقة عن أي آثار نتحدث هل هي آثار إقتصادية أو إجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو غير ذلك ، و عن حياة المواطن هل هي حياته المهنية أو العائلية أو الثقافية أو غير ذلك و يمكن لنا أن نمد قائمة التأويلات الممكنة لهذا السؤال الذي لا يوضح لنا النوايا الحقيقية لصاحبه و لذا نفهم ضرورة صياغة السؤال بكيفية دقيقة و محددة بحيث لا يكون معناه غامض ، ومنه فمن الضروري تحديد و حتى تعريف العبارات الواردة في صياغته .
و هناك وسيلة بسيطة للتأكد من أنّ السؤال واضح ، و ذلك بعرضه على بعض الأشخاص مع الإمتناع عن أي تعليق أو تقديم المعنى ، حتى يفصح كل شخص عن فهمه الخاص للسؤال . فيصبح هذا الأخير واضحا و محدد إذا كانت كل التفسيرات تصب في إتجاه واحد و مطابقته لنية صاحبه و أنّ تركيزنا هذا عن ضرورة دقة ووضوح السؤال لا يعني بأنه يجب أن يكون ضيقا أو محدود المجال ، بل يمكن أن يكون واسعا و مفتوحا لأنّ السؤال الغامض المبهم .( فهو السؤال الذي يدل بصدق عن ماذا نبحث فيه و نحاول توصيله ) للآخرين ، أي أنّ قدرتنا لمعالجته تتوقف على وضوحه.
صفة الواقعية :إنّ صفة الواقعية تتعلق بإمكانية الأداء أو القيام بإنجاز البحث مع الأخذ بعين الإعتبار القدرات و الموارد التي تتوفر للباحث في معالجة موضوعه ، و سنأخذ مثال عن سؤال صعب المعالجة : هل للقادة الغرب تصور و موقف موحد أمام قضية الغزو الثقافي الغربي و الياباني ؟ فإنّ معالجة سؤال مثل هذا يتطلب بدون شك سنين طويلة و ميزانية معتبرة و مراسلين أكفاء ، فإذا لم تتوفر للباحث هذه الإمكانيات فيستحسن أن يتخلى عنه و لذا يجب على الباحث قبل أن يصيغ سؤاله أن يتأكد من معارفه و موارده الزمنية و المالية و المرجعية الضرورية لمعالجة السؤال أو الموضوع .
و في الأخير فنقول بأنه يجب على السؤال أن يكون موضوعيا أي واقعيا بمعنى أن يكون متناسبا مع الموارد المتوفرة عند الباحث .

صفة النجاعة :
إنّ صفة النجاعة تدل أولا و قبل كل شيء على أهداف و نوايا الباحث أي ( فهم ما هو موجود بغية توضيحه إستخلاص بعض القواعد العامة التي تتحكم في الظاهرة ، أو دراسة تنبؤته فلا يصح للباحث العلمي أن يكون ذو طلبع أخلاقي أو فلسفي أو إيديولوجي أي أنه مبني على حكم كسبق و أفكار شائعة

تعريف : إنّ لكلمة المقارنة تعني لغويّا المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر بهدف تقرير أوجه الشبه و الإختلاف فيما بينها .أمّا إصطلاحيّا فالمقارنة هي أحد الأساليب المنطقية الأساسية لمعرفة الواقع الموضوعي . وينبغي تمييز المقارنة لمنهج منطقي عن التحليل المقارن الذي هو أحد المناهج الفرعية المستخدمة في البحث العلمي و هو أسلوب للتعميم النظري و يعتبر منهجا جزئيا عند تطبيقه على ميدان محدد في العلوم مثل التحليل الإقتصادي المقارن و القانون المقارن أو التشريع المقارن .
تبدأ معرفة أي موضوع بتميزه عن الموضوعات الأخرى و بتجديد أوجه الشبه و الإختلاف بينه و بين الموضوعات الأخرى و التي هي من طراز واحد و يمكن القول بأنّ عملية المعرفة في جانب مهم من جوانبها هي عملية يقع فيها التشابه و الإختلاف في وحدة وثيقة مثال نحن نعرف ماذا يعني إلقاءا مقارنة بالأخلاق و ذلك على أساس تبيان أوجه الشبه و الإختلاف فيما بينهما .
إنّ مغزى المنهج المقارن يصبح أكثر و ضوحا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن المقارنة تستخدم من قبل النّاس في جميع أوجه نشاط النّاس .

أنواع المقارنة : تنقسم المقارنة إلى نوعين :
1 ـ مقارنة إعتياديّة : و هي مقايسة بين ظاهرتين أو أكثر من واحد تكون كقاعدة أوجه الشبه بينهما أكثر من أوجه الإختلاف ، و غالبا ما تكون أوجه الشبه تدور حول الظاهرتين المقارنتين . أمّا الإختلاف فغالبا ما يدور حول شكل الظاهرتين المقارنتين : مثل مقارنة الأنظمة السياسية البرجوازيّة بعضها بالبعض الآخر.

2 ـ مقارنة مغايرة : و هي مقارنة بين ظاهرتين أو أكثر من واحد تكون أوجه التشابه بينهما أقل من أوجه الإختلاف ، فغالبا ما نمس جوهر الظاهرتين المقارنتين مثال :
مقارنة النظام السياسي USA بالنظام السياسي URSS مثل هذه المقارنة تعتبر مقارنة مغايرة و أنّ التشابه بينهما يمس الإختلاف الجوهر .

قواعد وشروط : إنّ الحصول على إستنتاجات صحيحة بإستخدام منهج المقارنة يشترط الإلتزام بعدد من الضوابط و القواعد أهمها :
1 ـ أن تقارن يعني أن تتبع فقط أثر المفاهيم من الخط الواحد أي ليس تعكس موضوعات و ظواهر و أشياء من صنف واحد للواقع الموضوعي و لا يجوز مطلقا مقارنة ما يقارن مثلا : مقارنة حركة الميكانيكة مع حركة الأحياء ، أو القانون مع الحجر .
إنّ طرق هذه القاعدة للمقارنة في المحاجية أو البحث العلمي يؤدي إلى نتائج غير دقيقة و بالتالي خاطئة .

2 ـ أن تقارن يعني أن تلاحظ أو تجد شيئا مشتركا بين الظواهر و الموضوعات المقارنة إنّ المنهج المقارن يستلزم هذا الشيء المشترك بين الموضوعات المقارنة و هذا الشيء ممكن أن يكون علامة أو خاصية أو رابطة ما .
إنّ طرق هذه القاعدة ينفي المقارنة و يشوش الفكر ، ولكن ينبغي ملاحظة أنّ هذه القاعدة تبدوا واضحة أكثر بالنسبة للمقارنة الإعتيّادية .
أمّا المقارنة المغايرة فتستلزم أن تلاحظ أن تفتش عن الشيء المختلف جوهريا بين الموضوعات المقارنة .

3 ـ أن تقارن يعني أن تقارن و تميز الموضوعات بتلك العلائم التي تنطوي على مغزى جوهر هام مثلا عن مقارنة القوانين يجب التركيز على جوهرها أولا ثمّ أشكالها ثانيا .

4 ـ أن تقارن يعني أن تعتمد دائما المبدأ التاريخي فلا يجوز مثلا مقارنة USA المعاصرة مع دولة الفراعنة على الرغم من أنهما معا يشكلان ظاهرة واحدة و هي ظاهرة الدولة .

5 ـ أن تقارن ينبغي أن تحدد غرض المقارنة أي ما الذي تستهدفه من المقارنة و إلى ماذا تريد أن تصل مثال : تقارن نظرية معينة أو لغرض تفضيل نظام على آخر أو لغرض توحيد القانون عن نطاق إقليمي مثلا .

6 ـ أن تقارن ينبغي أن تستخدم مقولات و مصطلحات الموضوع بطريقة سلمية و توظيفها صحيحا . ففي إطار القانون مثلا : لا تستطيع أن تبحث مما لم تعرف بصورة دقيقة مصطلحات و مقولات القانون مثلا : نظام القانون فرع القانون مؤسسة - الأهلية - الإلتزامات.

7 ـ عندما نقارن يجب أن تكون معلوماتنا حول موضوعات المقارنة واسعة و عميقة . مثال : لايستطيع الباحث أن يقارن بين النظام القانون أنجلووني و نظام القانون الجرماني الإيطالي دون أن يكون قد درس دراسة شاملة و إطلع بصورة عميقة و هكذا بالنسبة للنظم و الموضوعات الأخرى .

look/images/icons/i1.gif محاضرات في المنهجية جزء 3
  30-03-2020 02:44 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 08-08-2012
رقم العضوية : 45
المشاركات : 87
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 20
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص
تعريف فلسفة العلوم و الإبستومولوجيا معلومة جديدة شكرا لك

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
محاضرات ، المنهجية ، جزء ،









الساعة الآن 10:41 AM