logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





look/images/icons/i1.gif حجية الاثبات بالمحررات وفق القانون المدني الجزائري
  02-05-2020 04:38 صباحاً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 09-03-2016
رقم العضوية : 4922
المشاركات : 165
الجنس :
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : متربص
المبحـث الثالـث : حجيـة الإثبـات بالكتابـة الإلكترونيــة
لقـد أمكن إستغـلال وسائـل تقنيـة المعلومـات في إبـرام العقـود المختلفـة و تبـادل البيانات التي تتصـل بالذمـة الماليـة و أتيـح بفضـل ذلك إلى التعاقـد الفـوري بين شخصيـن غائبيـن مكانـا و إجـراء مختلـف التصـرفات القانونيـة .
فبتـطور وسائل الإتصال و ظهور الحاسوب الذي دخل في مختلف نواحي الحياة المختلفة و بعد ربطه بالهاتف برزت الشبكة الإلكترونية ( الأنترنيت ) التي أحدثت ثورة هائلة في مجالات الحياة المختلفة و ظهر ما يسمى بالتجارة الإلكترونية كنمط جديـد من أنماط التعامـل التجاري لا في ميدان البيـع و الشـراء فقط و إنما في مياديـن التعاقـد كافـة كعقـود التأمين و الخدمات و غيرها ، مما جعل الدول تعمل على البحث عن إيجاد طرق لفرض حماية على المعاملات التي تبرم و تنعقد في إيطارها و هذا ما أخذ به المشرع الجزائري من خلال تعديله للقانون المدنـي بموجب القانون رقم 05/10 المؤرخ في 2005.06.20 ، في المواد 323 مكرر و 323 مكرر1 و327 منه المسألـة التي سنتناولها في المطلبين التاليين من إقرار المشرع لحجيـة الكتابـة الإلكترونيـة في الإثبـات و شروطهـا
المطلـب الأول : الكتابــة الإلكترونيـــة
مع تزايد الإعتماد يوما بعد يوم على وسائل تقنيـة المعلومات في إدارة و تنفيـذ الأعمال المختلفة ومع حمى التوجـه نحو عالم الرقميات كبديل لعالم المحسوسات ، عالم البيانات و الملفات المخزنـة في أنظمـة المعلومات كبديل للبيانات المحررة على الورق و حوافظ الملفات التقليديـة ، يزداد الإهتمام بمدى حجيـة و قوة وسائل التخزيـن التقني للمعلومات في الإثبـات و مدى حجيـة مستخرجات الحاسوب و مدى إمكان النظام القانونـي للإثبات إستيعـاب هذه الأنماط المستجدة من وسائل إثبـات التصرفات التعاقديـة .
فالتطور التكنولوجي خاصة في مجال التجارة الإلكترونية فرض ضرورة البحث في إمكانية توفير الحماية القانونية لما يتم إبرامه من صفقات بالوسائل الإلكترونية الحديثة فإبرام صفقات عبر الأنترنيت جعل من التشريعات الحديثة تقبل صراحة الأدلة الموجودة على دعامات إلكترونية كدليل قانونـي كامل في الإثبات .
و إتجهـت النظم القانونيـة و القضائيـة و الفقهيـة بوجـه عام إلى قبـول وسائـل الإثبـات التي توفـر من حيـث طبيعتهـا الموثوقيـة في إثبـات الواقعـة و صلاحيـة للدليـل محل الإحتجـاج و تحقـق فـوق ذلك وظيفـة إمكان حفظ المعلومات لغايـات المراجعـة عند التنـازع .
و حسب تحليل أحد الفقهاء العرب فإن " التعاقد بالأنترنيت و غيره من الوسائل الحديثة لا يختلف في شيء عن التعاقد بالرسالة في الفقه الإسلامي أو كما يسمى في الفقه الوضعي التقليدي بالتعاقد بين غائبين _ وسيلة نقل الإيجاب و القبول" .
لقـد جرى العـرف و إستقـر العمـل على تدويـن المحـررات الرسميـة و العرفيـة على الأوراق و بالحـروف الخاصـة بلغـة المتعاقديـن أو اللغـة التي يعتمدانها لتحريـر العقـد ، فإن اللجـوء إلى تدويـن المحـررات على وسائـط إلكترونيـة من خلال ومضـات كهربائيـة و تحويلهـا إلى اللغـة التي يفهمهـا الحاسوب الآلي يثيـر التساؤل عن مدى إعتبـار المحـرر الإلكترونـي من قبيـل الكتابـة .
و حتى يمكن الإحتجاج بمضمون المحـرر المكتـوب في مواجهـة الأخريـن فإن هذا الأخير يجب أن يكون مقـروءا و مفهومـا للشخص الذي يـراد الإحتجاج عليه بـه .
أما إذا رجعنـا إلى المحرر الإلكتروني و كما قلنـا فيتم تدوينها على هذه الوسائط بلغة الآلـة التي لا يمكن أن يراها الإنسـان بشكل مباشـر و لا بد له من إيصال المعلومات في الحاسوب الذي يتم دعمـه ببرامـج لها القدرة على ترجمـة لغـة الآلـة إلى لغـة مقـروءة للإنسان .
فالكتابة عموما وسيلة يتم توظيفها لإعداد الدليل على وجود التصرف القانونـي و تحديد مضمونه بما يمكن الأطراف من الرجوع إليه في حالة نشوب خلاف فإذا ما نظر إلى المحررات الإلكترونية نجدها مدونة على الوسائط بلغة الآلة التي لا يمكن أن يقرأها الإنسان بشكل مباشر إلا عن طريق جهاز الحاسب (1) .
و هنا تثار مشكلة حول طبيعة المستخرج من الحاسب الإلكتروني بواسطة الطابعة و الذي يحتوي على النص المطبوع لمحتوى السند ، حيث أن السند المطبوع لا تتوافر فيه صفة الأصل و ليس إلا مجرد صورة تولدت عن البيانات الرقمية فهذه المستندات المستخرجة بواسطة طابع الحاسب ليست إلا مجرد صورة للمستند الإلكتروني و لا تعد محررا بالمعنى القانوني و بالتالي فلا تتاح فكرة إنشاء السند القانوني أو الكتابي المتعارف عليه و هناك رأي لا يرى وجه الإختلاف في الأداة المستخدمة و الوسيط كوسيلة للإثبات إذ تتم الكتابة التقليدية من خلال القلم بشتى أشكاله كالحبر الجاف أو السائل أو الرصاص و على وسيط ورقي كما هو مألوف أو شائع في المعاملات المدنية القانونية في حين تتم الكتابة الإلكترونيـة عن طريـق الآلـة
_________
(1)العقد الإلكترونـي – سمير عبد السميع الأودن – منشأة المعارف . ص 154 .
الطابعة في جهاز الكمبيوتر و هو الوسيط الإلكتروني الذي يؤدي وظيفته الكتابية بشكل أكثر وضوحا في القراءة و الفهم وسرعة الحفظ والإسترجاع مقارنة بالكتابة التقليدية .(1)
كما يرى البعض من الفقهاء أن المستندات المعلوماتية لا تعد مبدأ ثبوت بالكتابة و ذلك راجع لأن الآلة بشكلها الإلكتروني لا يخرج عنها من حيث المبدأ أية مستندات أو نسخ أصلية يمكن تمييزها عن النسخ المستنسخة عنها لأنها تعتبر تكرارا تام للأصل يمكن نسخها بعدد غير محدود .
و لقد تبنت العديد من التشريعات النظام الإلكتروني في المعاملات المدنية بصفة عامة ، فصدر قانون نموذجي عام 1996 من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي يتعلق بالتجارة الإلكترونية UNCITRAL و قد حددت هذه اللجنة مجموعة من المبادىء القانونية التي تنطبق على التجارة الإلكترونية و ذلك على سبيل إسترشاد الدول بهذه المبادىء عند وضع تشريعاتها الداخلية .
و تجدر الإشارة إلى أنه في التشريعات العربية نجد التشريع التونسي يعترف بالوثيقة المعلوماتية كدليل إثبات و ذلك بصدور قانون 57/2000 المؤرخ في 13 جوان 2000.
و كذلك بصدور القانون 30/2000 قام المشرع الفرنسي بتعديل القانون المدني أين تناول الكتابة الإلكترونية و أعطى لها نفس الحجية الكتابة الورقية من خلال نص المادة 1316-3 :
" l'ecrit sur support electronique a la meme force probante que l'ecrit sur support papier "
فالمشرع الفرنسي قد تبنى تعريفا موسعا للإثبات عن طريق الكتابة ليشمل صلاحية كل أشكال الكتابة للإثبات و بناءا على ذلك فإن هذا التوسع يشمل الشكل الإلكتروني أو ما يسمى بالكتابة الإلكترونية فالكتابة تعبر عن الفكر والقول في حين أن المحرر هو محل هذا التعبير، فالمستند الإلكتروني يتميز بأنه ينطوي على 03 عناصر :
1-أن يتضمن تعبير عن المعاني و الأفكار الإنسانية المترابطة .
2-أن يكون هذا التعبير له قيمة قانونية .
3-أن يتصف هذا المستند بالصفة الإلكترونية .
أما الصفة الإلكترونية للمستند تعني أن العمليات المختلفة التي تتصل به مثل كتابته أو حفظه أو إسترجاعه أو نقله أو نسخه تتصل بتقنية تحتوي على ما هو كهربائي أو رقمي أو بصري أو غيرها (1)
و المستنـد هو الدليل الذي يستند إليه عند حدوث أو قيام نزاع بين المتعاقديـن . و يتماثل المستند
___________________
(1)سمير عبد السميع الأودن ـ المرجع السابـق ـ ص 156 .
(2)العقد الإلكتروني ـ سمير عبد السميع أودن ـ منشأة المعارف .ص 159 .طبعة 2005 .
الإلكتروني و المحرر في أن كل منها ينطوي على مجموعة من الرموز التي تعبر عن مجموعة مترابطة من الأفكار و المعاني الإنسانية .
و يختلف في أن فكرة المحرر ترتبط بتسطير محتواه في صورة ورقية أما المستند الإلكتروني فإنه يدخل في نظام تشغيل إلكتروني يمكن من خلاله الإطلاع عليه و الوصول إلى محتواه و لا يمكن أن يتم ذلك بمجرد الرؤية المجردة التي تتوافر في المحرر (1).
و لقد تم منح المحرر الإلكتروني حجية قانونية في الإثبات بناء على إتفاقات أطراف المحرر و ذلك حتى قبل وجود نصوص تشريعية صريحة في هذا المجال . كان الأطراف يتفقون على منح المحرر الإلكتروني القيمة القانونية للمحرر العرفي بقوته في الإثبات ، إلا أنه يجب مراعاة أن مثل هذه الإتفاقات في مجال ما يبرم من صفقات بالوسائل الإلكترونية الحديثة تؤدي إلى منح المحرر الإلكتروني حجيـة تفوق ما قرره المشرع من حجيـة للمحرر العرفـي .
و يؤكد وجهـة النظـر هذه أن المشرع خول المدعى عليـه سلطة إنكار خطـه أو توقيعـه أو بصمة يده ليدحض المحرر العرفـي غير أنه على عكس من ذلك فإن المتعاقد في صفقـة إلكترونية لا يستطيع أن يتمتع بهذه السلطة حيـث أن المحرر الإلكتروني لم يحرر بخطـه و لم يحمل توقيعه التقليدي (2) .
و يضيف الدكتور حسن عبد الباسط جميعي أن وجود مثل هذا الإتفاق يقلب عبىء الإثبات الذي يفرضه المشرع ، خصوصا أمام صعوبة الإثبات ، فيجعل للمحرر الإلكتروني حجية مطلقة . و معنى ذلك أنه يجعل لهذا المحرر حجية مساوية لحجية المحرر الرسمي في الإثبات القانوني .(3)
و لذلك فإن أمان الأنظمـة المعلوماتية تشكل محورا رئيسيـا و تعد محلا لنقاش مستمر ، و يبقى دائمـا نقطـة ضعف التعاملات ، فيرى البعض أن الإثبات الإلكترونـي أصبح اليوم مقبولا و له حجيـة من الناحيـة القانونية إلا أنه لايضمن الأمان بشكل تام من إمكانيـة الغش .
و لذلك فإن الحجيـة القانونيـة للكتابة الإلكترونيـة تتوقف بشكل رئيسي على عمليـة حفظ هذه الكتابـة بما يكفل ضمان الحفاظ على نفس محتواهـا .
و يلاحظ أن عمليـة الحفظ يكون لهـا دور هام في مجال الإثبات ، فيجب أن تبقى المعلومات المحفوظـة كما هي طوال مدة التقادم التي يخضع لهـا التصرف المحفوظ ، لذلك يجب أن يتم حفظ المعلومات و المعطيات على دعامات إلكترونية ضد التلف أو التعديل أو أي صورة من صور الهلاك قد تتعرض القاضي
___________
(1) سمير عبد السميع أودن ـ المرجع السابـق ـ ص160 .
(2)سعيد السيد قنديل ـ التوقيع الإلكتروني ـ ص 43 .
(3)التوقيع الإلكتروني ( ماهيته ، صوره ، حجيته في الإثبات بين التداول و الإقتباس ) – الدكتور سعيد السيد قنديل . دار الجامعة الجديدة الطبعة الثانية 2006 . ص 43 .
بعض الصعوبات المتعلقـة بتنازع الحجـج ، فما هو الحل في صورة التضارب بين وثيقـة ورقيـة و وثيقـة إلكترونيـة أو في صورة التنازع بين وثيقتيـن إلكترونيتيـن ؟
لقد سكت المشرع بالرغم من أهميـة هذه الإشكاليـة من الناحيـة التطبيقيـة خلافـا للمشرع الفرنسي الذي نص في صلب المادة 2/1316 أن القاضي يبـت في تنازع الحجـج الكتابيـة بأن يحـدد بكل الوسائل الوثيقـة الأكثر مصداقيـة مهما كان شكلهـا .
Le juge regle les conflits de preuve litterale en determinant par tous moyens le titre le plus vraisemblable quel que soit le support
المطلـب الثانـي : شـروط حجيــة المحرر الإلكترونـــي .
إن التطـرق إلى مسألـة حجيـة الكتابـة الإلكترونيـة تقتضي بالضرورة الخوض في مبـدأ التسويـة بين الكتابـة الإلكترونية و الكتابـة الورقيـة من حيث الحجيـة إذ أن هذه التسويـة هي وحدها الكفيلة بزرع الثقـة في هذا الصنـف من الوثائـق بما يؤمن إقبـال المستعمليـن عليه و تنميـة للإقتصاد المادي .
و لا شك أن التسويـة من حيث الحجيـة يقتضي أن يوفـر هذا الأخير نفس الضمانات التي يوفرها الأول و هو ما سعى إليه المشرع من خلال بيـان شروط حجيـة الوثيقـة الإلكترونيـة .
فبالإضافـة إلى إشتراط كون المحرر الكتابـي مقروءا يشترط أيضـا للإعتـداد بالكتابـة في الإثبـات أن يتم التدويـن على وسيـط يسمـح بثبـات الكتابـة عليـه و إستمرارهـا بحيـث يمكن الرجـوع إلى المحرر كلما كان ذلك لازمـا لمراجعـة بنـود العقـد أو لعرضـه على القضـاء عند حدوث خلاف بين أطرافـه .
و عليه يتضـح بعد الرجوع إلى نص المادة 323 مكرر 1 من القانون المدنـي بعد التعديل الطارىء عليه بموجب قانون 05- 10 المؤرخ في 2005.09.26 و التي تنص " يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق ، بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها و أن تكون معدة و محفوظة في ظروف تضمن سلامتهـا " أن المشرع الجزائري حدد شرطين للإعتداد بالمحرر الإلكتروني في إثبات التصرفات المبرمـة بين الأفراد .
فإذن تعد شروط حجيـة المحرر الإلكترونـي فـي :
1- حفظ المحرر الإلكترونـي .
2- أن تكون مدعمـة بإمضاء إلكترونـي لتحديد هوية صدره .
الفـرع الأول : حـفـظ المحرر الإلكترونـي .
لا بد من أن نلاحظ و منذ أول وهلـة أنه رغمـا عن كون عنصر الحفظ هو عنصر خارجي عن المحرر الإلكترونـي فإن المشرع قد جعل منه أحد عناصر تعريفهـا الأساسيـة و شرطـا من شروط حجيتهـا و إن شرط حفظ ذلك المحرر يثيـر عدة ملاحظات تتعلق بوسيلـة الحفظ و وثوقهـا و بمدة الحفظ .
إن وسائل الحفـظ تتعـدد نذكر منهـا :
القرص الليـن ( Disquette ) ، القرص الصلـب ( Disque dur ) ، القرص المضغوط
( CD ou compact disk )و في هذا المجال تجدر الملاحظـة أنه ما دام الأمر يتعلق بحفظ المحرر الإلكتروني فإن وسيلة الحفظ يجب أن تكون من نفس طبيعة المعلومة المراد حفظهـا .
و على العموم و مهمـا كانت الوسيلة المستعملة لحفظ المحرر الإلكتروني فإن النص يشترط أن تؤمن تلك الوسيلة إمكانية قراءة المحرر و الرجوع إليهـا عند الحاجـة للإستخراج نسخة منهـا قصد الإدلاء بها لدى من له النظر أو الإستظهار بها في نزاع قضائي و هذا الجانب هو عنصر مشترك بين حفظ المحرر الإلكتروني و حفظ الوثائق العاديـة .
و لعل أهم هدف للحفظ هو تأمين سلامة المحرر الإلكتروني من كل تحريف أو تغييـر أو إتلاف عفوي أو قصدي ، إذ أن المخاطر و لو نتيجة لخطأ غير مقصود في إستعمال جهاز الإعلام لذلك فإن الوسيلة الحفظ يجب أن تؤمن بقاء المحرر على شكلهـا النهائي و تحميهـا من الأخطار السالفة الذكر و لم يتعرض المشرع إلى تحديد مدة الحفظ المحرر الإلكتروني و قد يكمن الحل في القياس على الحلول المعتمدة بالنسبة للوثائق الكتابية .
فإذا كانت الوسائط الورقيـة بحكم تكوينهـا المادي تسمح بتحقيـق هذه الشروط فإن إستخدام الوسائط الإلكترونيـة يثيـر التساؤل عن مدة تحقـق هذا الشرط فيهـا حتى يمكن إعتبارهـا من قبيـل المحررات الكتابيـة و في هذا الصدد فإن الخصائص الماديـة للوسيط الإلكترونـي قد تمثل عقبـة في سبيل تحقـق هذا الشرط . ذلك أن التكوين المادي و الميكانيكي للشرائح الممغنطـة و أقراص التسجيل المستخدمـة في التعاقد عن طريق الأنترنيت تتميـز بقدر من الحساسيـة بما يعرضهـا للتلف السريع عند إختلاف قوة التيار الكهربائـي أو الإختلاف الشديد في درجـة الحرارة .
و هي بذلك تعـد أقل قدرة من الأوراق على الإحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلـة . و مع ذلك فإن هذه الصعوبـة الفنيـة قد أمكن التغلب عليهـا بإستخدام أجهزة و وسائط أكثر قدرة و بالتالي يمكنهـا الإحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلـة ربما تفوق قدرة الأوراق العاديـة التي تتأثر هي الأخرى بعوامل الزمن و قد تتآكل بفعل الرطوبـة نتيجـة لسوء التخزيـن .
و يجب أيضـا حتى يعتـد به كدليل كتابـي في الإثبات أن لا تكون هذه الكتابـة قابلـة للتعديل إلا بإتلاف المحـرر أو ترك أثر مادي عليـه .
و يترتب على هذا الإختلاف المادي بين الأوراق و الوسائط الإلكترونيـة أن المحرر الإلكتروني يفتقد بحسب الأصل على شرط من أهم الشروط التي تتصل بوظيفـة المحرر الكتابـي في الإثبات و التي تهدف إلى تحقيـق الثقـة في البيانات المدونـة في المحرر .
و مع ذلك فإن التطور التكنولوجي قد أدى إلى حل هذه المشكلـة أيضـا عن طريق إستخدام برامج حاسب آلي بتحويل النص الذي يمكن التعديل فيـه إلى صورة ثابتـة لا يمكن التدخل فيهـا أو تعديلهـا و يعرف هذا النظام بإسم ( ** Image Processing ) .
الفـرع الثانـي : التوقيـع الإلكترونـي
على الصعيد العالمي كان للجنة اليونسترال في الأمم المتحدة وقفـة مبكرة حيث أنجزت القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية لعام 1996 الذي عالج من بين ما عالج مسائل التواقيع الإلكترونية و قـرر وجـوب النص على قبول التوقيع الإلكترونـي كوسيلة للتعاقـد .
يعد تحديـد هويـة الشخص من الأمـور المهمـة في عالم الإلكترونيـات و خاصـة في مجـال الصـراف الآلي و الشبكـات المفتوحـة مثل الأنترنيـت خاصـة التي تحتـاج إلى وسيلـة يتم بها التأكـد من هويـة المتعاقـد عبر الأنترنيـت ، حتى نقطـع الطـرق على المنتحليـن و على من هم دون سـن الأهليـة القانونيـة .
لم يحدد قانون اليونسترال معنى معينـا للتوقيع الإلكترونـي أو معيـارا معينـا لمسائلة الإجرائيـة و إكتفى بالمبادىء العامة القائمـة على فكرة إيجـاد وسيلة تكنولوجية تحقـق نفس المفهوم و الغرض الذي تحققـه التواقيع العاديـة.
و يمكن القـول أن التوقيـع الإلكترونـي قـادر على تحديـد هويـة الشخص الموقـع و ربما بصورة ممتـازة تفـوق قـدرة التوقيـع العادي .
و يفترض القانون أن مجـرد وضـع الشخص توقيعـه على مستنـد ما فإنه قد أقـر بما فيه أو علـم بمضمونـه ، و قام بالتالي بوضـع توقيعـه عليه معبـرا بذلك عن موافقتـه بما ورد في السنـد .
إن ظهور التوقيع الإلكتروني كمصطلح جديـد يقتضـي منا محاولـة بيـان المقصـود بهذا المصطلح و قد بذلـت جهود كبيـرة لبيـان ذلك من قبل بعض المنظمات الدوليـة المتخصصـة في هذا المجال و كذلك من قبل الكثيـر من القوانيـن الدوليـة و الوطنيـة و من قبل الفقـه ، و كما أن للتوقيع العادي صورا فإن للتوقيع الإلكترونـي صورا و أشكالا مختلفـة .
إن التوقيع الإلكترونـي يتفوق على التوقيع التقليدي بالنظـر إلى أن إستيفاء من شخصية صاحب التوقيع يتم بشكل روتينـي في كل مرة يتم فيها إستخدام الرقم السري أو المفتاح الخاص و بالتالي فإنه لا بالنسبـة للمحررات الموقعة بخط اليـد .
مجال للإنتظـار حتى يحدث النزاع للبحث في مدى صحة التوقيع كما هو الشأن في أغلب الأحوال
و قد عرفـت قانون التجارة الإلكترونيـة المصري التوقيع الإلكتروني في المادة الأولى كما يلي : " التوقيع الإلكتروني ، حروف أو أرقام أو رموز ، أو إشارات لها طابع متفـرد تسمح بتحديـد شخص صاحـب التوقيع و تميـزه عن غيـره " .(1)
أما تعريف الفقـه له هو " هو الذي يقوم على مجموعة من الإجراءات و الوسائل الذي يتيـح إستخدامها عن طريق الرموز أو الأرقام إخراج رسالة إلكترونيـة تتضمن علامـة مميـزة لصاحـب الرسالة المنقولـة إلكترونيـا يجري تشفيرها بإستخدام خوارزم المفاتيح واحد معلن و الآخر خاص بصاحب الرسالـة " (2).
و هناك أيضا تعريف أخـر للتوقيع الإلكتروني حيث قيل بأنه " مجموعـة من الإجراءات التقنيـة التي تسمح بتحديـد شخصيـة من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبتـه " .
والحديـث عن التوقيـع الإلكتروني لا يعنـي الحديـث عن توقيـع يأخـذ صورة واحـدة فكما أن التوقيـع التقليدي قد يظهـر على عـدة أشكـال فإن للتوقيـع الإلكتروني أيضا عدة أشكـال أو صور يجمـع بينهما قيامها على الوسائـط الإلكترونيـة و إستخدام تقنيـات حديثـة تستطيـع أن تحـول بعض الصفـات المميـزة للشخص و الأرقام و الحروف إلى بيانـات ينفـرد هو بإستعمالها من أجل توقيـع مستنـدات و عقـود إلكترونيـة.
و نذكر مثالا أنواعـه التي تتمثل في :
التوقيـع الرقمـي أو الكودي و هو عبـارة عن عدة أرقـام يتم تركيبهـا لتكون في النهايـة كود يتم التوقيع به و يستخدم هذا في التعاملات البنكيـة و المراسلات الإلكترونيـة التي تتم بين التجـار أو بين الشركـات وبعضهـا مثل بطاقـة الإئتمـان .
التوقيـع البيومتري و يقوم على أساس التحقـق من شخصيـة المتعامل بالإعتماد على الصفات
_______________
(1)حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات ( دراسة مقارنة) ـ علاء محمد نصيرات ـ دار الثقافة للنشر و التوزيع سنة2005 ص 28 .
(2) علاء محمد نصيرات ـ المرجع السابـق ـ ص 30 .
الجسمانيـة للأفراد مثل البصمة الشخصية ، مسح العين البشرية ، خواص اليد البشرية ، التحقـق من نبـرة الصوت ، و يتم التأكـد من شخصيـة المتعامل عن طريـق إدخال المعلومات للحاسب .
التوقيـع بالقلم الإلكترونـي يقوم هنا مرسل الرسالـة بكتابة توقيعه الشخصي بإستخدام قلم إلكتروني خاص على شاشـة الحاسب الآلي ، عن طريـق برنامج معيـن ، و يقوم هذا البرنامج بإلتقاط التوقيـع و التحقـق منه .و لكن يحتاج هذا النظام إلى جهاز حاسب آلي بمواصفات خاصة .
و يجـب أن يتمتـع التوقيـع الإلكتروني بالشروط الآزم توافرهـا في التوقيـع حتى يستطيـع تحقيـق وظائفـه و هذه الشروط هي :
1ـ أن يكون التوقيـع علامـة مميـزة للشخص .
2ـ أن يكون التوقيـع واضحـا و مستمـرا .
و الإمضاء كان يدويـا أو إلكترونيـا يلعب دوريـن و هما :
ـ التعريف بالموقع .
ـ التعبيـر عن إرادة المتعاقـد في المصادقـة على فحو الوثيقـة و يضاف إلى هذيـن الهدفيـن التقليديـن هدف يختص به الإمضاء الإلكتروني و هو ضمان سلامـة فحوى الوثيقـة من كل تغييـر .
و قد عرفـه المشرع الفرنسي في نص المادة 1316 /4 من القانون المدني على أنه :
La signature necessaire a la perfection d'un acte juridique identifie celui qui l'appose . elle manifeste le consentement des parties aux obligations qui decoulent de cet acte.
و في الأخيـر نقول أن حجيـة المحرر الإلكترونـي لا تقل عن حجيـة المحرر العرفـي بحيـث يتعيـن على القاضي أن يأخـذ بالمحرر الإلكترونـي المعروف عليه بما يأخـذ به المحرر العادي .
الخاتمــــــــة
إن المشرع الجزائـري و نظـرا للأهميـة من الناحيـة العمليـة للإثبـات كونـه مرتبـط بقاعـدة عدم جـواز إقتضـاء الشخـص حقـه بنفسـه نظـم الإثبـات بالكتابـة و حـدد حجيتهـا و مـدى الإعتـداد بهـا حيـن الفصـل فـي المنازعـات الطارئـة بين الأطـراف ، بل و أكثـر من ذلـك حثهـم على إبـرام تعاقـداتهم على الشكـل الكتابـي نظـرا لما توفـره من إئتمـان و ثقـة و ضمـان .
و حتى أنـه قد سايـر التطـور العلمـي و التكنولوجـي و ظهـور التعاقـد عبر وسائـل متطـورة و ذلك بتعديلـه للقانـون المدنـي بموجب القانون 05-10 المؤرخ فـي 2005.06.20 ، و أخـذ بالكتابـة فـي الشكـل الإلكترونـي وإعتـد بحجيتهـا فـي إثبـات التصرفـات المبرمـة بين الأفـراد كحجيـة الإثبـات على الورق .
و فـي الأخيـر نقـول أن المحـررات هي مجموعـة المعلومـات و البيانـات المدونـة على دعامـة ماديـة يسهـل قراءتهـا مباشـرة عن طريـق الإنسـان أو بإستخـدام آلـة مخصصـة لذلك .
ولكـل درجتهـا فـي الإثبـات حسـب قوتهـا من رسميـة إلى عرفيـة و إلكترونيـة



الساعة الآن 10:11 AM