المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t2125
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

الأهلية الجنائية و المدنية و التجارية
درع العدل الجزائري 23-12-2014 08:47 مساءً
السلام عليكم
الأهلية الجنائية و المدنية و التجارية
مقدمة :
مما لا شك فيه هو أن كل شخص مسؤول أمام القانون عن تصرفاته و عن طرق كسب حقوقه الشرعية و القانونية، و من دون شك أن لكل إنسان تصرفات نافعة له و تصرفات ضارة له، لذا بدا من الضروري معرفة متى يكون الشخص مسؤول عن كل تصرفاته أكانت ضارة أو نافعة؟ و متى تكون تصرفات الشخص صحيحة؟ و متى تكون التصرفات باطلة؟ كل هذه الأجوبة سوف نتطرق إلى معرفتها من خلال تعرضنا إلى موضوع الأهلية و أنواعها و عوارضها.

المبحث الأول : الأهلية الجنائية :
هي صلاحية الشخص على إكتساب الحقوق وتحمل إلتزامات و مباشرة الأعمال القانونية التي تكسبه حقا أو تحمله إلتزاما تتحقق الجريمة بتوافر أركانها العامة بالإضافة إلى توافر عناصرها الخاصة ، وسواء ارتكبت في شكل محاولة أو جريمة تامة، من قبل شخص واحد،أو من قبل عدة أشخاص (مساهمين، مشاركين أو فاعلين معنويين)، إلا أن المسؤولية عن هذه الجريمة لا يكفي لقيامها مجرد تحقق هذه الجريمة من الناحية القانونية، بل لا بد أن يكون مرتكب هذه الجريمة مميزا ومدركا للفعل أو الامتناع الذي يصدر منه، و أن يكون كذلك كامل الإرادة،
أي مختارا لها غير مكره على إتيانها، ولكن إذا فقد الإنسان إدراكه أو كان غير مميزا،أو انتفت (مساءلته) إرادته،فإن مساءلته لا تقوم كلية، أما إذا نقص عنده الإدراك أو التمييز فإن مسئوليته لا تنتفي وإنما تكون ناقصة .
والمسؤولية الجنائية لا تلحق إلا الذي ارتكب شخصيا الوقائع المكونة للجريمة أو شارك فيها، وهوما يعرف بمبدأ شخصية المسؤولية الجنائية. يقول عز وجل:"لا تزر وازرة وزر أخرى"صدق الله العظيم. ويقول سبحانه وتعالى:"كل نفس بما كسبت رهينة"صدق الله العظيم

تكون الأهلية منعدمة في حالتين :
أ‌- الجنون وصغر السن


ولقد نصت المادة 47 : لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت إرتكاب الجريمة وذلك دون الإخلال بأحكام الفقرة 2 من المادة 21 .

ويشمل الجنون بمفهومه العام :
العته : هو توقيف نمو القدرة الذهنية والعقلية حيث يتصرف كأنه طفل صغير.

الصرع : EPILEPSIE : هي نوبات يفقد فيها المرء رشده.

اليقضة النومية : SOMNAMBULISME : يقوم المصاب بها من نومه ويأتي أفعالا لا يشعر بها.

في حين لا يدخل ضمن هذا المفهوم التنويم المغناطيسي HYPNOSE ، وإلا إذا ثبت منومه HYPNOTISEUR أنه قد سلب حريته وقت ارتكاب العمل الإجرامي.
لا يدخل كذلك السكر وتناول المخدرات ضمن موانع المسؤولية بسبب فقدان الوعي.

بل يعد السكر وتأثير المخدرات من الظروف المشددة للجريمة كما هو الحال في جرائم القتل أو الجروح الخطأ(المادة 290 ق.ع والمادة 66 القانون رقم 01-14 المؤرخ في 19-08-2001 المتعلق بتنظيم حركة المرور)
مثال : السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير مخدر تعد في حد ذاتها جنحة معاقب عليها (المادة 67 من القانون رقم 01-14 بنسبة الكحول في الدم 0.01% .



آثار الجنون : يترتب على المجنون انعدام المسؤولية ويعفى الجاني من العقوبة ولا تتخذ بشأنه إ لا تدابير علاجية كتمثل في وضعه في مؤسسة نفسية متخصصة.

وللإعفاء من المسؤولية يجب توافر شرطين مجتمعين :
1- يجب أن يكون الجنون معاصرا لارتكاب الجريمة و هذا ما نفهمه من نص المادة 47 ق.ع.ج بعبارة "وقت ارتكاب الجريمة".
- في حالة ما إذا طرأ الجنون قبل صدور الحكم يوقف رفع الدعوى على المتهم وتوقف المحاكمة حتى يعود إليه الرشد.
لكن الوقف لا يشمل كامل الإجراءات مثل إجراءات التحقيق التي يراها القاضي لازمة ومستعجلة التي لا تتصل بالشخص المتهم.

- وإذا طرأ الجنون بعد صدور حكم يقضي بالعقوبة المقيدة للجريح ، وجب تأجيل تنفيذ العقوبة حتى يبرأ ، في هذه الحالة يوضع المتهم في مؤسسة مختصة في الأمراض العقلية.

2- يجب ان يكون الجنون تاما : يكون الاضطراب العقلي من الجسامة بحيث يعدم الشعور والاختيار كليا والمسألة ترجع لتقدير القاضي.

ب)- صغر السن :
تنص المادة 49 : لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشرة إلا تدابير الحماية أو التربية.
ومع ذلك فإنه في مواد المخالفات لا يكون محلا إلا للتوبيخ.
ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة

- وتضيف الفقرة الثالثة 49 على أنه يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 سنة إلا لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة.

ويفهم من نص المادة 49 أن القاصر الذي لا يكمل 13 سنة لا يعاقب جزائيا، غير أن إنعدام المسؤولية لا تحول دون متابعته وتقديمه لمحكمة الأحداث لتأمر بأخذ تدابير الحماية والتربية.

المبحث الثاني : أهلية الأشخاص المدنية

المطلب الأول : أهلية الأشخاص المعنوية .
الفرع الأول : أهلية الأشخاص المعنوية العامة .
تبـدأ أهليـة الأشخاص المعنويـة العامة كالولايـة و البلدية بتاريخ صدور قرار إنشائها في الجريدة الرسمية.

الفرع الثاني: أهلية الأشخاص المعنوية الخاصة .
تبدأ أهلية الأشخاص المعنوية الخاصة كالشركات و المؤسسات و التعاونيات بتاريخ صدور قرار اعتمادها رسميا.
هنا يجب التذكير أنه هناك استثناء بحيث يمكن لشخصية معنوية خاصة ممارسة حق الطعن في عدم اعتمادها أو رفع دعوى أمام الجهات القضائية المختصة للطعن في قرار إلغاء اعتمادها.

المطلب الثاني : أهلية الأشخاص الطبيعية(أنواع الأهلية)

الفرع الأول : أهلية الوجوب .
هي صلاحية الشخص في اكتساب الحقوق و التحمل بالالتزامات و تبدأ ناقصة محدودة بالنسبة إلى الجنين في بطن أمه ثم تصير كاملة بتمام ولادته حيا و تلازمه طوال حياته و ليس لها علاقة لا بالعقل و لا بالرشد.

الفرع الثاني : أهلية الأداء
تعريفها : هي التي تجعل الشخص صالحا للممارسة الأعمال و كامل التصرفات التي يقرها القانون و لها ارتباط وثيق بالعقل و الرشد
مراحلها : تمر بمراحل تدريجيـة فهي تنمـو و تتـدرج حسب نمو العقل و الإدراك فتكون منعدمـة عند الشخـص في بداية حياتـه أي في مرحلـة عدم التمييـز و تصبح موجـودة لكـن ناقصة في سن التمييز( 13 سنة حسب المادة 42 ق م ج) و سرعان ما تصبح كاملة في سن الرشد (19 سنة حسب المادة 40 ق م ج. (

-مرحلة عديم الأهلية " التمييز ":
تبدأ هذه المرحلة منذ الحمل و تستمر بعد ولادته حتى بلوغله سن التمييز 07 سنوات بالنسبة للشريعة الإسلامية و بالنسبة للقانون الجزائري ( 13 سنة حسب المادة 42 ق م ج) في هذه المرحلة لا يجوز للشخص أن يقوم بأي تصرف قانون أو إبرام أي عقد من العقود و لو كان عقد انتفاع كقبول هبة، و بالتالي فان جميع تصرفاته تكون بطلة بطلان مطلق.

- مرحلة ناقص الأهلية :
تبد هذه المرحلة في الشريعة الإسلامية من وقت بلوغ الشخص 07 سنوات من عمره إلى غاية البلوغ.
أما في القانون المدني الجزائري فتبدأ من بلوغ الشخص 13 سنة إلى غاية 19 سنة كاملة إن القانون الجزائري و حتى الشريعة الإسلامية لم يتعرضوا إلى حكم تصرفات ناقص الأهلية في هذه المرحلة و لكن فقهاء الشريعة الإسلامية و القانون الوضعي فرقوا بين تصرفات الصبي المميز على النحو التالي:
· تصرفات نافعة نفعا محضا: تعتبر تصرفات الصبي المميز صحيحة نافذة متى كانت تؤدي إلى اغتنائه دون المساس بمصالحه المادية و الأدبية كقبول هدية بغير عوض.
· تصرفات ضارة ضررا محضا: تعتبر تصرفات الصبي المميز باطلة و غير نافذة متى كانت تؤدي افتقاره دون أن يستفيد منها كأن يبرم عقد قرض أو إلزامه بوصية أو وقف .
· تصرفات دائرة بين النفع و الضرر: هناك تصرفات دائرة بين الضرر و النفع،

-مرحلة سن الرشد :
طبقا للمادة 40 من القانون المدني الجزائري فإن بلوغ سن 19 سنة كاملة و كان سليم العقل أعتبر راشد و بالتالي فهو أهل لإبرام مطلق التصرفات التي تكسبه حقوق و تحمله التزامات تجاه الطرف الآخر.

شروط كمال الاهلية
1بلوغ سن الرشد :
تحدده التشريعات كل حسب ما تراه مناسبا في الجزائر حدد المشرع سن الرشد بـ 19 سنة كاملة وقد جاء النص عليها في المادة 40 من القانون المدني الجزائري في فقرتها الثانية "... وسن الرشد تسعة عشر سنة كاملة "

2التمتع بكامل القوى العقلية :
قد يبلغ الشخص سن الرشد ولكن اهليته لا تكتمل بل يجب التاكد من سلامته وتمتعه بكامل قواه العقلية فقد تصيب الانسان في بعض الاوقات عوارض تجعله غير قادر على اتيان التصرفات القانونية لذلك فان شرط تمتع الشخص بقواه العقلية جوهري لاكتمال الاهلية وقد نصت على هذا الشرط المادة 40 من القانون المدني الجزائري .

3عدم الحجر :
قد يحجر على الانسان سواء قضائيا او قانونيا مما يجعله غير مكتمل الاهلية لذلك فعدم الحجر ايضا يعتبر شرطا لكمال الاهلية هذه الشروط ذكرتها المادة 40 من القانون المدني الجزائري في فقرتها الاولى التي تنص على " كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الاهلية لمباشرة حقوقه المدنية ...."


المبحث الثالث : الأهلية التجارية ومدى توافرها في الشخص الإعتباري :
المطلب الأول : تعريف الأهلية التجارية :
إن احتراف أي شخص للتجارة لا يعني بالضرورة أن هذا الشخص قد أصبح تاجرا أي أنه إكتسب الصفة التجارية ، وحتى يكون كذلك يجب أن تكون لديه الأهلية اللازمة إلى جانب إحترافه لعمل تجاري ما .
والمقصود بالأهلية هو صلاحية الشخص لإصدار إرادة صحيحة تترتب عليها آثارها القانونية وبعبارة أخرى فالأهلية هي صلاحية الشخص لإصدار عمل قانوني على الوجه المعتمد به شرعا .
إن الأهلية ترتبط بالقدرة على التمييز فحيث ينعدم التمييز تنعدم الأهلية وحيث ينقص التمييز تنقص الأهلية "1" ، وبما أن الأعمال التجارية مرتبطة بتصرفات الشخص فإنه يتوجب على هذا الأخير إذا احترف التجارة أن تكون لديه الأهلية اللازمة لترتيب الآثار القانونية على التصرفات التي يقبل على القيام بها .
إن ما يمكن ملاحظته أن القانون التجاري الجزائري لم يتعرض للأهلية بشكل مفصل وإقتصر فيما نص عليه عل الأهلية .
القاصر المأذون له بممارسة التجارة وهو ما يعرف بالقاصر المرشد وقد نصت على ذلك المادة 5 من القانون التجاري ، إضافة إلى ذلك فقد نصت المادتين 7 و 8 من نفس القانون على أهلية المرأة المتزوجة ، وفيما عدا هاته الحالات فإنه يتم الرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني .
إن الحديث عن الأهلية يقوم بطبيعة الحال إلى الحديث عن أهلية الشخص الطبيعي وأهلية الشخص الاعتباري .
وبالنسبة لأهلية الشخص الطبيعي فسنتناولها بالتفصيل من خلال المبحث الثاني ، ويبقى هنا أن نشير إلى أهلية الشخص الإعتباري التي سنوضحها في المطلب الثاني من هذا المبحث .

المطلب الثاني : أهلية الشخص الإعتباري :
تقضي المادة الخمسون من القانون المدني الجزائري بأن يكون للشخص المعنوي في الحدود يعينها عقد إنشائه أو التي يقررها القانون، وعلى ذلك فإن الشخص الاعتباري يتمتع بالأهلية اللازمة لمباشرة الأعمال المدنية و الأعمال التجارية .
و متى احترف الشخص الإعتباري الأعمال التجارية، عد تاجرا مع ملاحظة أن أهلية الشخص الإعتباري محددة بالأعمال اللازمة لتحقيق أغراضه و الموضحة بسند إنشاءه فإذا كان العقد التأسيسي للشركة نص على أن الغرض من قيامها تجارة المنتوجات فلا يجوز أن تتجاوز هذا الغرض، فإذا غيرت الشركة نشاطها وجب عليها اتخاذ إجراءات تعديل العقد التأسيسي و النص فيه على نشاطها الجديد.

1- عالية سمير أمول ، القانون التجاري .

المبحث الرابع : القواعد المتعلقة بالأهلية التجارية :

المطلب الأول : الراشد و القاصر :
أولا :
بالنسبة للراشد فإن التقنين التجاري الجزائري أصلا لم يحدد سن الرشد التجاري و لهذا وجب الرجوع و تطبيق القواعد العامة الواردة في التقنين المدني الجزائري خاصة و أن التقنين التجاري هو نابع من التقنين المدني أصلا ، فقد حددت المادة الأربعين من القانون المدني سن الرشد التجاري بتسعة عشر سنة (19 سنة ) كاملة وعلى ذلك فإنه لا يجوز بحسب الأصل لمن يبلغ سن الرشد المذكور أن يحترف التجارة و يزاولها و أعماله التجارية التي يقوم بها صحيحة كلها طالما أن أهليته كاملة و لم تصب بأي عارض من عوارض الأهلية من سفه أو جنون أو غفلة أو عته و إلا امتنع عليه مباشرة التجارة ، و قد ذكرت المادة الخامسة من القانون التجاري بأن هناك سن الترشيد و المحدد بـ : 18 سنة ففي هذه الحالة لا يمكن له مباشرة أعماله التجارية إلا بإذن من الأب أو الأم أو مجلس العائلة و هذا المجلس لم يحدد القانون التجاري أحكامه الخاصة "2"

ثانيا : الأجنبي :
تتضح الأهلية التجارية لأجنبي من خلال إجابتنا على التساؤل الثاني :
هل يجوز لكل شخص أجنبي ممارسة التجارة على التراب الوطني ؟
الملاحظ بالنسبة للمشرع الجزائري أنه متى بلغ الشخص سن 19 سنة و كان عاقلا و راشدا فإن لهذا الشخص الحرية الكاملة في القيام بالأعمال التجارية المختلفة على التراب الوطني هذا بغض النظر عما إذا كان هذا الشخص مواطنا جزائريا أو أجنبيا .
إن هذه المساواة التي أقامها المشرع الجزائري بين الوطنيين والأجانب تعطي لكل أجنبي الحق في مباشرة الأعمال التجارية على التراب الوطني ولو كان بالنسبة لقانون دولته يعتبر في هذه ليس ناقص الأهلية .
وهو ما تقضي به قواعد القانون المدني ويتضح ذلك من نص المادة 6 منه حيث نصت على أنه: " تسري القوانين المتعلقة بالأهلية على جميع الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها " .
أيضا ما نصت عليه المادة 9 من نفس القانون وقد وضحت المعيار المعمول به في حالة تنازع القوانين ولمعرفة القانون الواجب التطبيق فإنه يؤخذ القانون الجزائري كمرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها .
أما في المادة 10 من القانون المدني وتحديدا في الفقرة 1 حيث تنص على " تسري القوانين المتعلقة بالحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم على الجزائريين ولو كانوا مقيمين في بلد أجنبية " يتضح من هذا النص أن سريان القوانين التي تضبط الحالة المدنية للأشخاص وكذا أهليتهم يمتد إلى الأجنبي المتواجدين فيه وبمفهوم المخالفة لهذه الفقرة فإنه تطبق هذه القوانين على الأجانب المقيمين في الجزائر .

2- نادية فضيل . القانون التجاري الجزائري / ص 3

إذا كانت الفقرة 1 من المادة 10 تعتبر أصلا عاما فإن بهذا الأصل استثناء نصت عليه الفقرة 2 من نفس المادة والتي يتضح من مفهومها أنه بالنسبة للتصرفات المالية المبرمة في الجزائر والتي أنتجت أثارها فيها فإن التصرفات التي تترتب على الأجنبي الذي يتعامل معه أشخاص جزائريين تعتبر تصرفاته هذه تصرفات صحيحة ولو كان ناقص الأهلية كأن يكون الأجنبي معتوها مثلا " 3 "

ثالثا : الممنوعون من مباشرة التجارة :
هناك بعض الطوائف كالموظفين العموميين والمحامين والأطباء، تنظمهم قوانين خاصة ، لاعتبارات وطنية تقتضيها المصلحة العامة، فعلى الرغم من بلوغ أفراد هذه الطوائف سن الرشد وليس بهم عارض من عوارض الأهلية ، فيحظر القانون مباشرتهم التجارة، وقد يكون الحظر مطلقا أي شاملا كل أنواع التجارة ، وقد يكون الحظر مقيدا .
فما هو الحكم بالنسبة لأفراد هذه الطوائف، إذا احترف أحدهم التجارة على الرغم من الحظر الوارد في القانون ؟
يكتسب الشخص صفة التاجر ، متى احترف التجارة، وتظل أعماله التجارية صحيحة ، ويلتزم بجميع التزامات التجار ، أما جزاء مخالفة هذا المنع فينحصر في فرض العقوبات التأديبية التي ينص عليها قانون المهنة الذي يخضع له الشخص المخالف ، والسبب في صحة الأعمال التجارية لأفراد هذه الطوائف إذا احترفوها يرجع إلى حماية جمهور المتعامل معهم ، فضلا عن أن الحظر في هذه الحالة مقرر للمصلحة العامة وليس للمصلحة الموظف ذاته، وعلى ذلك فإنه يخضع لأحكام القانون التجاري وبما تتضمنه من قواعد صارمة .
وفي نفس الوقت يخضع للعقوبات التأديبية، التي تنص عليها القوانين واللوائح ، وذلك بخلاف حالة منع القاصر أو المحجور عليه ، حيث أن الحظر فرضه القانون لحمايته وأمواله الشخصية ، فلو احترف القاصر أو المحجور عليه التجارة ، فإنه لا يكتسب وصف التاجر ولا تطبق عليه أحكام القانون التجاري .

رابعا القاصر :
لقد نصت على ذلك المادة الخامسة من القانون التجاري الجزائري على أنه (( لا يجوز للقاصر المرشد ذكر أم أنثى البالغ من العمر ثمانية عشر سنة كاملة و الذي يريد مزاولة التجارة، أن يبدأ في العمليات التجارية ، كما لا يمكن إعتبارة راشد بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية :
- إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة مصدق عليه من المحكمة أو استحال عليه مباشرتها أو في حالة انعدام الأب أو الأم ))
أي أن الشخص الذي يبلغ سن 18 سنة سواء كان ذكر أو أنثى و يريد القيام بالتجارة أن يطلب الإذن من الأب أولا فإذا كان والده متوفيا أو غائبا عن البلاد أو به عارض من عوارض الأهلية ( كالعته و الجنون و السفه والغفلة ) أو به مانع كما لو كان سجينا، فلابد له من الحصول على الإذن من مجلي العائلة وبعد أن يحصل القاصر على الإذن لمباشرة التجارة سواء من أبيه أو أمه أو مجلس العائلة، لابد من إتخاذ إجراءات التصديق عليه من المحكمة المختصة ، واشتراط القانون وجوب تقديم هذا الإذن مرفقا بطلب التسجيل في السجل التجاري (المادة الخامسة فقرة ثالثة)
وقد جاء نص المادة الخامسة من القانون التجاري ، مطلقا دون قيد، حيث تطلب الإذن للقاصر من الأب أو الأم أو مجلس العائلة والتصديق عليه من المحكمة إلا أن المادة السادسة نصت على أنه :
" يجوز للتجار القصر المرخص لهم طبقا للأحكام الواردة في المادة الخامسة، أن يرتبوا التزاما أو رهنا على عقاراتهم ، غير أن التصرف في هذه الأموال سواء كان إختياريا أو جبريا لا يمكن أن يتم إلا باتباع أشكال الإجراءات المتعلقة ببيع أموال القصر أو عديمي الأهلية " وهذا يبين لنا أن :

3- المواد 6 – 9 – 10 من القانون المدني الجزائري .

- للأب أو الأم أو مجلس العائلة حسب الأحوال ، سلطة تقدير منح الإذن للقاصر البالغ من العمر ثمان عشر سنة، ولهم رفضه ولهم أن يقيدوه بقيود،لأنه على علم بمصلحة القاصر"4"

- يجوز أن يكون الإذن للقاصر بمباشرة التجارة ، مطلقا بالنسبة للاتجار في الأموال المنقولة وحتى صدر الإذن للقاصر وصدقت عليه المحكمة ، يصبح القاصر كامل الأهلية في حدود ما أذن له فيه فتصبح أعماله ويمتنع الطعن فيها فيما بعد لإبطالها ويكسب باحترافها وصف التاجر، وأعماله لا تكون صحيحة إلا متى كانت داخل حدود الإذن .
فمتى جاوزه وقام بتصرفات لم يؤذن فيها كانت أعماله تلك قابلة للإبطال، ولكنه إذا كسب وصف التاجر لسبب الأعمال المأذون بها فإن تجاوز حدود الإذن لا يخلع عنه هذا الوصف وإن جاز له التمسك بإبطال الأعمال الخارجة عن حدود الإذن.

- بالنسبة للأموال العقارية ، فقد حضر المشرع على القاصر المأذون له في التجارة التصرف في هذه الأموال ، إلا باتباع الإجراءات المتعلقة ببيع أمول القصر أو عديمي الأهلية ، وذلك ضمانا من المشرع ليكفل به وحماية أموال القاصر . غير أنه يجوز للقاصر أن يرتب إلتزاما أو رهنا على العقارات التي يملكها " 5 "

المطلب الثاني : المرأة المتزوجة والمحجور عليه :
1-المرأة المتزوجة :
إن للمرأة المتزوجة في القانون الجزائري الأهلية الكاملة لمباشرة التجارة، وذلك دون قيد شأنها شأن الرجل تماما، وهذا ما نصت عليه المادة الثامنة من القانون التجاري الجزائري بقولها :
" تلتزم المرأة التاجرة شخصيا بالأعمال التي يقوم بها لحاجيات تجارتها، ويكون للعقود بعرض التي تتصرف بمقتضاها في أموالها الشخصية لحاجات تجارتها كامل الأثر بالنسبة للغير " . فقد تعرض التقنيين الجزائري من خلال المادة 8 للمرأة التي تمارس التجارة وإعتبرها أهلا لتحمل المسؤولية المترتبة على ممارسة هذه المهنة بحيث ألقى على عاتقها تحمل الإلتزامات التجارية شخصيا بدلا من إلقاء العبء على زوجها أو الحصول على إذن منه ، هذا وقد سوت الشريعة الإسلامية بين المرأة والرجل فيما يتعلق بالأهلية سواء كانت المرأة متزوجة أولا غير أن بعض التشريعات اللاتينية لا تجيز للمرأة المتزوجة وإن كانت بالغة ورشيدة مزاولة مهنة التجارة إلا بعد الحصول على إذن من زوجها ، لذلك يجب الرجوع إلى قانون الأحوال الشخصية للمرأة المتزوجة بقصد معرفة ما إذا كان يسمح لها بإلاتجار أولا .

- وقد نص المشرع الجزائري في المادة السابعة منه على :
" تعقيبا على المادة الثامنة " : (لا يعتبر زوج التاجر تاجرا إذا كان يمارس نشاطا تجاريا تابعا لنشاط زوجه ولا يعتبر تاجر إلا إذا كان يمارس نشاطا تجاريا منفصلا) " 6 " .
مقتضى هذا النص أنه إذا كان أحد الزوجين (سواء الزوجة أو الزوج) يمارس نشاطا تابعا لنشاط زوجه بحيث لا يستقل بمفرده في هذا النشاط فلا يعد في نظر القانون تاجرا إلا إذا مارسه بشكل مستقل ومنفصل .

4- المادة السادسة من القانون التجاري الجزائري .
5- أحمد محرز القانون التجاري الجزائري ص 128 – 129
6- المادتين 7 و 8 من القانون التجاري الجزائري

-أما إذا قام أحد الزوجين بمساعدة زوجه أو بالعمل لحسابه في متجره فذلك أمر لا يكسبه صفة التاجر وإنما تكسبه صفة العامل الذي يخضع لقانون العمل ويتمتع بالحقوق التي يقررها قانون العمل من حماية للأجور وتطبيق نظام الضمان الاجتماعي عليها " 7 " .

2 - المحجور عليه :
قد تطرأ على الشخص البالغ سن الرشد عوارض تجعله عديم الأهلية أو نقصها وعوارض الأهلية كما نعلم هي الجنون والعته والسفه والغفلة ، ويترتب على الجنون والعته وقوع الحجر دون حاجة لصدور قرار من القاضي بذلك ، أما السفه فلا يؤدي إلى الحجر إلا بصدور قرار من القاضي بإلقاء الحجر على السفيه .
ولا يكون المحجور عليه للجنون أو العته أو السفه أهلا للاتجار ، وتعد أعماله باطلة أو قابلة للإبطال طبقا للقواعد العامة ، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بعدم أهلية المحكوم عليه الموضوع تحت الحجر القانوني، ولا يمكن للمحجور عليه أن يحصل على إذن لمزاولة التجارة عكس القاصر" 8 " .
-وكإضافة وتوضيح فإن حكم التصرفات الصادرة من قبل المجنون والمعتوه قبل الحجر ورد في حالتين :
1- إذا كانت حالة المجنون هذه أو العته غير شائعة وقت التعاقد فبمعنى أن الناس ليسوا على علم بذلك فيعتبر كامل الأهلية وتصرفاته صحيحة .
2- أما إذا كانت الحالة شائعة وقت التعاقد فهنا تكون باطلة بطلان مطلق رغم صدورها قبل الحجر .
أما حكم التصرفات هذه الصادرة بعد الحجر فإن الحجر يكون بناء على طلب أحد الأقارب أو ممن له مصلحة أو من النيابة العامة، وبعد توقيع الحجر تكون كل تصرفات المجنون أو المعتوه باطلة، ويمكن دفع الحجر بناء على طلب المحجور عليه إذا زالت أسبابه .
- أما فيما يخص حكم التصرفات الصادرة من قبل السفيه وذو الغفلة فحكمها قبل توقيع الحجر تعد قابلة للإبطال لأن السفه أو الغفلة لا يذهبان بالإدراك و التمييز .
- أما حكمها بعد توقيع الحجر فتأخذ تصرفاتها حكم تصرفات ناقص الأهلية بسب صغر السن، فإذا كانت ضارة بهما ضررا محصنا تكون باطلة وإذا كانت نافعة نفعا محصنا فهي صحيحة وأما بين النفع والضرر فتكون قابلة للإبطال لأنهما ليسا أمراض تصيب العقل ولا تذهب الإدراك "9"

إستنتاج :
مما سبق ذكره وتم تفصيله يتضح أنه حتى يكتسب الشخص الصفة التجارية يجب أولا أن يقوم هذا الشخص بممارسة الأعمال التجارية إضافة إلى ذلك أن تتوافر لديه الأفعلية التجارية ووقوفا عند هذا الشرط الأخير فسواء كان الشخص طبيعيا أو معنويا يجب أن يكون أهلا لاحتراف العمل التجاري والقواعد المنظمة للأهلية التجارية نصت عليها بعض المواد في كل من القانون المدني والقانون التجاري .
وترتيبا على ذلك فبالنسبة لأهلية القاصر مثلا نصت عليها المادة 5 من قانون التجاري أما بالنسبة لأهلية المرأة المتزوجة فقد نصت عليها المادتين 7 و 8 من القانون التجاري .
وفيما عدا الحالات المذكورة في القانون التجاري يتم الرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني على اعتبار أن القانون التجاري هو فرع من القانون المدني، وأن هذا الأخير هو الأصل العام


المبحث الخامس : عوارض الأهلية .
المطلب الأول : العوارض المعدمة للأهلية .
الفرع الأول: الجنون
هو مرض يصيب الشخص بحيث يؤدي إلى عدم إدراكه و لا تمييزه و هو أنواع عديدة.

الفرع الثاني : العته
هو مرض يصيب الشخص فيحدث خللا في عقله و لكنه لا يكون مصحوب باضطراب أي إصابة هادئة هنا بدا من الضروري إلى التفرقة بين نظرة المشرع الجزائري إلى تصرفاته التي اعتبرها باطلة حكمها حكم الصبي الغير مميز ( م 48 ق م ج )، و بين نظرة الشريعة الإسلامية التي قسمته إلى حالتين حالة الجنون المطلق فتصرفاته تعتبر باطلة أما كان هذا المرض يعتريه أحيانا فهنا تبطل تصرفاته المجرات في حالة الجنون و تجاز التصرفات التي يجريها في حالة إفاقته.

الفرع الثالث : المحكوم عليه بعقوبة مقررة جناية و هو ينفذها
يعتبر المدان بعقوبة المقررة للجنايات في قانون العقوبات رغم تمتعه بالعقل و الإدراك عديم الأهلية لأن المشرع الجزائري حجر عليه و منعه من التصرف في أمواله خلال مدة عقوبته و كل تصرف في هذه الفترة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا باستثناء حقوقه الشخصية اللصيقة به كحق إقراره النسب أو إنكاره.

المطلب الثاني: العوارض المنقصة للأهلية
الفرع الأول: السفه
هو طيش نشأ مع شخص أو أصيب به في فترة من حياته فيجعله يبذر أمواله و يضيعها في موضعها و في غير موضعها و بالتالي تعتبر تصرفاته تبذير و إسراف.

الفرع الثاني : الغفلة
هي صفة توجد في الشخص أو تحل به نتيجة انعزاله الكلي أو الجزئي عما يجري في المجتمع فتجعله جاهلا للأمور في الحياة العملية بحيث لا يعرف كيف يحتاط في معاملاته و حكمها حكم ناقص الأهلية ( م 43 ق م ج ) حيث اشترط الفقهاء في إطلاق هذا الحكم عليهم أن يكون صدر قرار بالحجر من قبل القضاء للتأكد من وجود إحدى العريضتين.

الفرع الثالث : المصاب بعاهتين
إذا اجتمعت عاهتين من العاهات التالية ( الصم البكم و العمى ) في شخص و تعذر عليه التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له مساعدا قضائيا يساعده في تصرفاته التي تقضيها مصلحته و كل تصرف يقوم به من دون مساعد يكون في حكم تصرفات ناقص الأهلية ( م 80 ق م ج.(

خاتمــة
فضلنا في الختام أن نوضح العلاقة بين الأهليتين حيث تختلف أهلية الوجوب عن أهلية الأداء ، فكل منهما تقوم على أساس مغاير للأساس الذي تقوم عليه الأخرى مما يمكن معه فصل أهلية الوجوب عن أهلية الأداء فصلاً تاماً ، فأهلية الأداء يفترض لذات قيامها توافر أهلية الوجوب والعكس غير صحيح، فمن الممكن أن تتوافر في الشخص أهلية وجوب كاملة في نفس الوقت يكون فيه معدوم أهلية الأداء كما في الشخص غير المميز مثلاً .
كما تختلف أهلية الوجوب عن أهلية الأداء من حيث المناط, فمناط أهلية الوجوب الحياة وهي تثبت لكل إنسان بمجرد ولادته حياً بغض النظر عن كونه عاقلاً أو غير عاقل صغيراً أم كبيراً, ولا يوجد على هذه الأهلية عوارض ، بينما مناط أهلية الأداء التمييز "العقل" ويوجد على هذه الأهلية عوارض فقد يكون الشخص عديم الأهلية بالرغم من تمتعه بالحياة كحالة المجنون والصبي غير المميز . والخلاصة ... هي أن الأهلية نوعان:
- أهلية وجوب تثبت للإنسان من وقت ولادته حياً وتبقى معه إلى حين وفاته, أي أنه يكتسب الشخصية القانونية بمجرد ميلاده وتظل لصيقة به حتى مماته، والمقصود بالشخصية القانونية هي تلك التي تعطيه الصلاحية لأن يكتسب الحقوق وأن يتحمل بالالتزامات.
- وأهلية أداء تكتسب في وقت لاحق وتمر بعدة مراحل, كما أن الإنسان قد يصاب بعدة عوارض تنقص من أهليته أو تعدمها، مما يترتب على ذلك تعيين القانون لشخص يباشر عنه التصرفات.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved