المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t3437
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

مبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص في القانون الجزائري
أمازيغ 03-05-2018 07:26 مساءً
مبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص
وفق القانون الجزائري

تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم و العقوبات
تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على تدابير الأمن


المادة 04 قانون العقوبات الجزائري "لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن إلا بغير قانون"

مقدمة
لا يعتبر الفعل أو الترك جريمة إلا إذا كان قد تم النهي عن هذا الفعل أو أمرت به التشريعات الجزائية وذلك لأنه على المشرع أن يبين باسم الهيئة الاجتماعية التي يمثلها ما هي الأمور المعاقب عليها والتي تشكل خطراَ على النظام العام وهذه القاعدة لم تكن معروفة في العصور القديمة حيث كان بوسع القضاء أن يعاقبوا على الأفعال التي لم ينص عليها القانون ويطبقوا عليها ما يرونه مناسباً من العقوبات وفق ما جرى به العرف أو قررته الأوامر، أما في التشريعات المعاصرة فالعقوبات قانونية بمعنى أنه لا يجوز العقاب إلا على ألفعال التي ينص القانون على تجريمها ولا يجوز تطبيق عقوبة غير المنصوص عليها.


تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري
ينطبق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم والعقوبات وتدابير الأمن التي تطبق على شخص معين ، ويتعين على السلطات الثلاث مراعاة هذا المبدأ.

تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم و العقوبات
أولا : تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم
مهما كانت الأفعال خطيرة على كيانات المجتمع فليس كلها مخالفة للنظام العام ، تعرض مرتكبيها للعقوبة، بل لا تستوجب العقاب إلا الأفعال التي نص عليها المشرع بنص صريح ،إذ يجب أن تكون الجريمة محددة وان يكون التجريم واضح .
1 ـ يجب أن تكون الجريمة محددة :
يقتضي مبدأ الشرعية أن يحدد القانون أركان الجريمة وهكذا فبمقتضى القانون وتحديدا قانون العقوبات تجرم الاعتداءات على الغير كما يجرم القانون ويعاقب كذلك على ملكية الغير ، ولا تشكل جريمة أعمالا غير منصوص عليها في القانون مثل(الكذب ما لم يشكل شهادة زور).
2 ـ يجب أن يكون التجريم دقيقا:
يجب أن يكتفي المشرع بالنص على أن عملا ما معاقب عليه بل عليه أن يبن الظروف التي يكون فيها معرضا للعقاب ، وهكذا على سبيل المثال : فعل السرقة التي تنص عليها المادة 350 ق ع ج في اختلاس شيء مملوك للغير بصفة التملك ، ومن ثم لا تقوم السرقة إذا لم يحصل الاختلاس ، وإنما مجرد حيازة أو إذا تم ،لاختلاس بدون نية التملك الشيء المختلس

غير انه من الممكن أن ألا يكون التجريم دقيق كل الدقة فقد يكتفي المشرع بالتنصيص على أن عملا ما معاقب عليه دون بيان العناصر المكونة له ومن هذا القبيل:
ـ جرائم الخصاء المادة 274 قانون العقوبات الجزائري.
ـ جرائم المخلة بالحياء المادة 333 قانون العقوبات الجزائري.
ـ جرائم هنك العرض المادة336 قانون العقوبات الجزائري.
في هذه الحالة وأمام صمت المشرع يتولى القضاء استخلاص أركان الجريمة دون ان يكون في ذلك مساس للتجريم.
3 ـ التفسير الضيق للنص الجزائي:
وضعت قاعدة التفسير الضيق للنص الجزائي لصالح المتهم، فالا يسوغ استعمالها ضده فإذا كان القاضي ملزما بالتفسير الضيق للنص الجزائي التي هي في غير صالح المتهم ، ومن هذا القبيل النصوص التي تحدد العقوبات ، فليس ثمة ما يمنع القاضي من تفسير القوانين الجزائية التي هي في صالح المتهم تفسيرا واسعا.
ـ ويدخل ضمن الأحكام الجزائية التي هي ف ي صالح المتهم النصوص القانونية التي تحدد أسباب الإباحة وموانع المسؤولية ، وكذلك النصوص المتعلقة بالشكل والإجراءات الذي جاء بها المشرع ضمانا لحريات الفرد وحقوق الدفاع ، ومن هذا القبيل ما تضمنه المواد من 100 إلى 105 ق إ ج من إجراءات يتعين على القاضي التحقيق احترامها.
ـ مدى تطبيق القاعدة: إذا كان النص واضحا فليس للقاضي تفسيره بل عليه تطبيقه عملا بمبدأ "لا اجتهاد مع صراحة النص ".
في أن التفسير الضيق( للنص الجزائي يمنع على القاضي التوسع في تطبيقه للنص على حالات لم يشير المشرع بمعنى آخر فان التفسير بطريقة القياس غير بائن في المواد الجزائية.
ـ إذا كان النص غامضا ويحتمل عدة تفسيرات يتعين على القاضي أن يعطي النص معناه الحقيقي متحريا قصد المشرع ومعتمدا في ذلك على المعطيات المنطقية واللغوية والإطار الوارد فيه النص.
ويمكن للقاضي في هذا الإطار الاستعانة بالأعمال التمهيدية للبرلمان بالرجوع إلى تقرير اللجنة المختصة والمناقشة التي دارت بالبرلمان.
فإذا لم يتمكن بلوغ قصد المشرع يتعين عليه تفسير النص باختيار المعنى الذي يؤدي إلى الإباحة وليس غالى التجريم وذلك انسجاما مع مبدأ لا جريمة إلا بقانون.

ثانيا:تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على العقوبات.
مثلما لا جريمة إلا بنص فلا عقوبة إلا بنص والقاعدتان مكملتان وملازمتان لبعضهما البعض ، إذ أنه من الضروري أن يكون المرء على دراية ليس فقط بالفعل المجرم بل يجب أيضا أن يعلم بالعقوبة التي يتعرض إليها لو أتى الفعل المجرم ، و بالتالي يتعين على المشرع أن يتولى بنفسه التخصيص على عقوبة معينة لكل تجريم.

ـ وإذا كان من الجائز أن يفوض المشرع السلطة التنفيذية رسم بعض التجريمات دون وضع العقوبات فهذا الأمر جائز في المخالفات فحسب أما في مواد الجنايات والجنح فإن المادة 7/122 من الدستور تحظر ذلك حيث حصرت تحديد الجنايات و الجنح والعقوبات التي تطبق عليها في مجال اختصاص المشرع.

ـ ومن جهة آخرى لا يجوز للقاضي أن ينطق بغير ما نص عليه القانون بعقوبات في نطاق ممارسته القانون من حدود غير أنه مكن الجائز أن يقضي القاضي بعقوبة تفوق الحد الأقصى المقرر قانونا يحدث هذا عند توافر شروط العود المادة54ـ مكرر ، كما يجوز له أيضا أن ينزل عن الحد الأدنى المقرر قانونا إذا تحصل المتهم على ظروف التخفيف المادة 53 ق ع ج .

تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على تدابير الأمن.
يقضي مبدأ الشريعة الجزائية أن التدابير لا تطبق على من هم في وضع سليم وإنما على الذين هم في وضع خطير يقتضي تطبيقها عليهم لذلك يتعين على المشرع أن يتعرف على العناصر الأساسية لحالة الخطورة،وهكذا وتفاديا لأي تعسف يجب أن تتضمن حالة الخطورة ركنا ماديا بحيث يكون اعتقاد باحتمال ارتكاب الجريمة لاحقا مبنيا على وقائع مسبقة ومحددة بدقة و يمكن التأكد منها لكي يستطيع القاضي أن يؤسس حكمه وقد تستخلص خطورة الجريمة من أسباب ذاتية كالإدمان على الكحول والمخدرات والخلل العقلي وقد تتجلى في مظهر خارجي بأدلة يمكن معاينتها بصفة علمية.

ولم يخرج المشرع الجزائري عن القواعد المذكورة حيث لم ينص على تطبيق تدابير الأمن قبل ارتكاب الجريمة غير ما نص عليه الأمر72/03 المؤرخ في10/02/1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقين وهكذا أجازت المادة02 من الأمر رقم72/03 يسمح لقضاة الأحداث المختصين محليا الأمر بتطبيق تدابير الأمن الخاصة بالحماية والمساعدة التربوية على القصر الذين لم يصلوا سن الرشد 19 سنة كاملة قبل ارتكاب الجريمة ويتم ذلك بناءا على عريضة يرفعها والد القاصر أو والدته أو من أسندت إليه الحاضنة أو وكيل الجمهورية.

وبوجه عام عمل مجتمع الجزائري على تجريم الحالة الخطيرة وهكذا على سبيل المثال اشترطت المادة 22ق ع ج للحكم بالوضع في مؤسسة علاجية أن تكون الصفة الإجرامية للمدمن على الكحول أو المخدرات مرتبطة بهذا الإدمان اشترطت المادة24 ق ع ج للحكم سقوط السلطة الأبوية أن يكون سلوك المحكوم عليه يعرض أولاده القصر لخطر مادي أو معنوي كما يقضي بمبدأ الشرعية الجزائية من ناحية أخرى أن يكون الفرد على دراية مسبقة بنوع تدابير الأمن الذي يعرضه إليه تصرفه وأن يكون تدبير الأمن موقوف على معاينة مسبقة لحالة الخطورة أي احتمال قوي لارتكاب جريمة مسبقة ، كمالا يجوز للقاضي على سبيل المثال الحكم بالمنع من ممارسة مهنة معينة في غير الحالات التي يجيز فيها المشرع مثل هذ ا التعبير

خاتمة
أن مبدأ لا جريمة ولا عقوبة ألا بنص قانوني هو من المبادئ العريقة في التشريعات المقارنة وقد أخذت به معظم الدول لا بل جميعها ونصت عليه في قوانينها وتشريعاتها الجزائية لكون هذا المبدأ يشكل ركيزة أساسية للحرية الشخصية حيث أنه والأصل في التصرفات الإباحة المطلقة للأفعال التي لا تخالف النظام العام والعرف وهذا المبدأ في وقتنا المعاصر شكل القاعدة الأساسية في النظام القانوني في أي هيئة اجتماعية وأن الاستثناء من الأصل هو التجريم على مجموعة من الأفعال أو الترك والذي يمس بمصالح الأشخاص أو الأموال والممتلكات أو الهيئة الاجتماعية ككل، وجاء هذا المبدأ ليجسد روح العدالة ويبن لكافة الأفراد حدود حريتهم وحدود العقاب على مخالفة تلك الحرية وحدد العقاب لكل فعل أو ترك لفعل مخالف لنصوص تلك القوانين فأضحت لكل جريمة عقوبة ولا عقوبة بدون نص.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved