المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t4196
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

بحث حول الرقابة الوصائية
كوكب العدل 27-02-2021 04:42 مساءً
بحث حول الرقابة الوصائية وفق
القانون 11-10 متعلق بالبلدية
المبحث الأول مفهوم الرقابة أو الوصاية الإدارية في نظام اللامركزية الإدارية
المطلب الأول : المقصود بالرقابة (الوصاية) الإدارية و تمييزها عن السلطة الرئاسية
الفرع الأول : المقصود بالرقابة الوصاية
الفرع الثاني : التمييز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية
المطلب الثاني : مظاهر الوصاية الإدارية التي تمارسها الهيئات المركزية على الهيئات المحلية
المبحث الثاني : الرقابة الوصاية على البلدية في التشريع الجزائري (قانون البلدية 11-10)
المطلب الأول : الرقابة على الاستقلالية العضوية
الفرع الأول : الرقابة على أعضاء المجلس الشعبي البلدي
الفرع الثاني : الرقابة على رئيس المجلس الشعبي البلدي
المطلب الثاني : الرقابة على الاستقلالية الوظيفية
الفرع الأول : الرقابة على أعمال المجلس الشعبي البلدي
الفرع الثاني : الرقابة على اختصاصات رئيس المجلس الشعبي البلدي
الخاتمة

مقدمة
تلعب الرقابة على الإدارة العامة دورا مهما في احترام مبدأ المشروعية وسيادة القانون، ذلك أن النظام الرقابي يعمل على تحسس مواطن الخطأ، ومن ثم تجنبها وتفاديها في الوقت المناسب.
وإذا كان دستور 1976 قد جعل من الرقابة وظيفة متميزة بجانب الوظائف الأساسية الأخرى (الوظيفة التنفيذية، التشريعية،القضائية....الخ)، تتمثل أهم صور الرقابة على الإدارة العامة في :
الرقابة السياسية، الرقابة القضائية، الرقابة التشريعية (البرلمانية) وأخيرا الرقابة الإدارية و هي رقابة داخلية،ذاتية و تمارس بواسطة قرارات إدارية تستلزم توافر الأركان والمقومات القانونية اللازمة.
و تتخذ الرقابة الإدارية على أعمال الإدارة مظهرين هما: الرقابة الرئاسية و الرقابة الوصائية ،و يقصد بهذه الأخيرة مجموع السلطات التي يقررها القانون للهيئات المركزية على أشخاص الهيئات اللامركزية وأعمالهم لغرض حماية المصلحة العامة وضمان احترام مبدأ الشرعية.
فما مدى سعة أو ضيق هاته الرقابة الممارسة على الهيئات المحلية ؟ و ما مدى كثافتها أو خفتها ؟
المبحث الأول : مفهوم الرقابة أو الوصاية الإدارية في نظام اللامركزية الإدارية :
لتحديد مفهوم الرقابة الوصائية، يجب تمييز هذا الشكل من الرقابة بشكل آخر وهو الرقابة الرئاسية (التسلسلية)،باعتبار أن الأولى هي من سمات اللامركزية الإدارية، بينما الثانية تتميز بها المركزية الإدارية بصورتيها -التركيز وعدم التركيز الإداري- ، إن السلطة الرئاسية في نظام المركزية الإدارية تعتبر أساس هذا النظام الذي لا يقوم بدونها، فهي تمارس بصورة آلية أو تلقائية، ولا تستبعد إلا بنص قانوني أما بالنسبة للهيئات المحلية فالأصل أنها مستقلة إداريا وماليا عن الهيئات أو السلطات المركزية ، وهذا يعني انفصالا كليا عن هذه الأخيرة، بل تمارس السلطات المركزية استثناء من المبدأ العام رقابة إدارية تحدث بموجب القانون الذي يحدد شروطها وكيفيتها، وهذا من أجل ضمان عدم خروج هذه الهيئات المحلية ، بدعوى أنها مستقلة عن مبدأ المشروعية . و عليه سنبين في هذا المبحث ماذا يقصد بالرقابة أو الوصاية الإدارية و تمييزها عن السلطة الرئاسي(المطلب الأول) ثم مظاهر الوصاية الإدارية (المطلب الثاني).
المطلب الأول : المقصود بالرقابة (الوصاية) الإدارية و تمييزها عن السلطة الرئاسية :
الفرع الأول : المقصود بالرقابة الوصاية :
يقصد بها مجموع السلطات التي يقررها القانون للهيئات المركزية على أشخاص الهيئات المحلية وأعمالهم لغرض حماية المصلحة العامة وضمان احترام مبدأ الشرعية، إن نظام الوصاية الإدارية لا يقيد من حرية الهيئات المحلية في القيام بأعمالها أو اتخاذها للقرارات التي تراها مناسبة لخدمة مواطنيها، بل هو الضمان من أجل أن تعمل هذه الهيئات في الحدود التي رسمها القانون، وهذا ضمانا لحقوق الأفراد ، ووحدة الدولة.
رغم أن مصطلح الوصاية من أصل مدني، إلا أن له في المجال الإداري مفهوم خاص يختلف اختلافا كبيرا عن مفهومه السائد في القانون الخاص، مع التذكير بأن هذا المصطلح مستعمل في فرنسا ولا يراد به وصاية الولي على القاصر أو ناقص ألأهلية بمفهوم القانون المدني بل تعني وصاية السلطات المركزية على السلطات المحلية، و التي يراد منها فرض رقابة قانونية على الهيئات المحلية أو الإقليمية من أجل حماية المصلحة العامة و احترام مبدأ المشروعية.
الفرع الثاني : التمييز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية :
تختلف الرقابة الإدارية عن السلطة الرئاسية من عدة جوانب أبرزها :
1-تمتاز الرقابة الإدارية بأنها رقابة مشروعية حيث يتم تحديد أهدافها وإجراءاتها ووسائلها والسلطات المختصة بها بواسطة التشريعات المنظمة لها مثل: قانون الولاية ، وقانون البلدية تطبيقا لقاعدة « لا وصاية بدون نص» في حين أن السلطة الرئاسية تكون تلقائية أو آلية ولا تحتاج للنص علبها بقانون لأنها من متطلبات النظام الإداري المركزي الذي يعتمد على علاقة التبعية بين الرئيس و المرؤوس والذي تخول بموجبها سلطات للرئيس على المرؤوس يمارسها الرئيس على المرؤوس دون الحاجة للنص عليها بقانون.
2- إن السلطة الرئاسية هي رقابة سابقة ولاحقة تخول للرئيس سلطة الإشراف و التوجيه وإصدار الأوامر والتعديل والحلول بالنسبة لأعمال المرؤوس كما تخول له الرقابة على شخص المرؤوس فهي رقابة واسعة وشاملة، بينما الوصاية الإدارية هي رقابة لاحقة وهي رقابة مشروعية فقط ولا تهدف إلا لتحقيق المصلحة العامة لا غير.
3- ملزم بطاعة رئيسه وتنفيذ أوامره و هذا ما أقره القضاء الفرنسي. وخلاف ذلك يجوز للهيئة المحلية أن تطعن قضائيا في قرار الجهات المركزية.
4-تفرض السلطة الرئاسية أن يسأل الرئيس عن أعمال المرؤوس، بينما لا تتحمل سلطة الوصاية أية مسؤولية بشأن الأعمال الصادرة عن الهيئات المحلية المستقلة.
المطلب الثاني : مظاهر الوصاية الإدارية التي تمارسها الهيئات المركزية على الهيئات المحلية :
تتجلي مظاهر الرقابة الوصائية في مجالات ثلاث: رقابة على الأشخاص و رقابة على الهيئة و رقابة على الأعمال.
1-الرقابة على الأشخاص :
تملك السلطات المركزية المختصة أو ممثليهم على المستوي المحلي بالنسبة للمنتخبين صلاحية وقفهم أو إقصائهم من المجالس الشعبية المحلية المنتخبة وفقا للكيفيات و الإجراءات المحددة قانونا.
2-الرقابة على الهيئة :
إذا كان إنشاء وحل الهيئات المحلية من اختصاص القانون حيث يتم عادة بموجب قانون صادر من السلطة التشريعية، فإن ذات القانون يخول السلطات الإدارية المركزية حل هذه الهيئات وتجريد الأعضاء من صفتهم( كمنتخبين).
ونظرا لخطورة هذا الإجراء (الحل) فقد تم ضبطه من حيث الجهة المختصة بممارسته وتبيان حالاته وإجراءاته.
3- الرقابة على الأعمال :
وتتمثل في المصادقة و الإلغاء والحلول.
ا- المصادقة :
تنص قوانين الإدارة المحلية إخضاع بعض قراراتها لتزكية السلطة المركزية، وقد أطلق على هذا الإجراء المصادقة وهذا بهدف مراقبة مدى مشروعيتها و ملاءمتها،وفقا للأوضاع والإجراءات و الكيفيات التي يحددها القانون ضمانا لاستقلال الإدارة اللامركزية .
والمصادقة تكون ضمنية أو صريحة وفق ما ينص عليه القانون، ونكون أمام مصادقة صريحة عندما تلجا الجهة الوصية إلي إصدار قرار صريح تفصح فيه صراحة عن تزكيتها لقرار صادر عن الجهة التابعة لها وصائيا، أما المصادقة الضمنية فتكون عندما تلتزم سلطة الإشراف الصمت إزاء العمل أو
القرار المعروض عليها، وقد اعتبرت المحكمة العليا في الجزائر أن للقرار الضمني نفس أثار القرار الصريح .
ورغم تصديق السلطة الوصية، تبقي الهيئة اللامركزية متحملة لكامل المسؤولية المترتبة عن أعمالها وقراراتها،كما يمكن للهيئات المحلية الصادرة عنها هذه الأعمال الرجوع والتخلي عن تلك القرارات المصادق عليها إذا ما قدرت ذلك وفقا لما تملكه الإدارة من سلطة تقديرية في جانب الملائمة .
ب-الإلغاء:
ويتمثل في السلطة التي يمنحها القانون للهيئات المركزية في إبطال القرارات الصادرة عن الهيئات المحلية والمشوبة بعيب عدم المشروعية وهذا في حالات معينة حددها وحصرها القانون وهذا لا يحدث الاصطدام المتكرر بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية مما يعطل تحقيق الحاجات العامة للجمهور والإخلال بالمصلحة العامة .
ج- الحلول :
يقصد به حلول السلطة المركزية (سلطة الوصاية) محل السلطة اللامركزية في اتخاذ القرارات التي تؤمن وتضمن سير المرافق العامة بانتظام واطراد من أجل تحقيق المصلحة العامة.
ويتضح من هذا التعريف أن هذا الإجراء خطير لأنه يمس مساسا صارخا باستقلالية الهيئات المحلية لذا وجب تقييده من حيث الاختصاص والإجراءات ومن حيث الموضوع أي لا يستخدم هذا الإجراء إلا في حالات نادرة ،وهذا للتوفيق بين ما تتطلبه الهيئات المحلية من استقلال وبين متطلبات المصلحة العامة.التي يجب أن تبقى بمعزل عن الخلافات المحلية.
- لا حلول إلا إذا ما ألزم القانون الإدارة المحلية بالقيام بعمل معين ، كما هو الحال بالنسبة للنفقات الإلزامية . كما يجب تأمين المصالح المحلية ضد كل تقاعس قد يحدث من جانب السلطات المحلية خاصة إذا تعلق الأمر بمسائل تمس النظام والأمن العموميين،لذا وجب على السلطة الوصية أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن أداء عمل معين رعاية للمصلحة العامة وهذا باستخدام الحلول ضمن الأشكال التي حددها القانون .
المبحث الثاني: الرقابة الوصاية على البلدية في التشريع الجزائري (قانون البلدية 11-10) :
سنتطرق في هذا المبحث إلى دراسة مدى تجسيد المشرع لفكرة الرقابة الوصائية في قانون البلدية الجديد.
المطلب الأول : الرقابة على الاستقلالية العضوية :
الفرع الأول : الرقابة على أعضاء المجلس الشعبي البلدي:
يجب التذكير أن موظفي البلدية يخضعون للسلطة الرئاسية(السلمية) لرئيس المجلس الشعبي البلدي كما تنص المادة 65 من القانون البلدية 90-08، بكل ما يترتب عن ذلك من نتائج ، أما القانون الجديد فلم يتطرق إلى هاته النقطة.
أما بالنسبة لأعضاء المجلس( المنتخبين البلديين) فهم يخضعون إلى الوصاية من طرف الجهة الوصية (الولاية) ممثلة في شخص الوالي وتأخذ هذه الوصاية (الرقابة) الإدارية الصور التالية: التوقيف، الإقصاء، و الاستقالة التلقائية.
بالنسبة للتوقيف فباستقرارنا لنصوص المواد المتعلقة بهذه الحالات نجد أن الرقابة الوصائية غير ممارسة على أعضاء المجلس الشعبي البلدي.
حيث أن المادة 43 من القانون11-10 حددت حالات توقيف أعضاء المجلس الشعبي البلدي على سبيل الحصر ولم تتركها مفتوحة مقارنة بقانون البلدية 90-08 و قانون الولاية رقم 90-09،
وتتمثل هاته الحالات في :
- المتابعة القضائية بسبب جناية أو جنحة لها صلة بالمال العام ولأسباب مخلة بالشرف.
- وجود المنتخب تحت تدابير قضائية لا تمكنه من الاستمرار في ممارسة عهدته الانتخابية بصفة صحيحة.
بالنسبة للإقصاء نصت عليه المادة 44 و حسب هذه المادة يقصى بقوة القانون كل عضو يكون محل إدانة جزائية نهائية للأسباب السابقة ذكرها في التوقيف، ويقوم الوالي بإثبات الإقصاء بموجب قرار وبالتالي فالإقصاء يعتبر بمثابة عقوبة.
ومنه:لا توجد رقابة وصائية على أعضاء المجلس الشعبي البلدي و الأحكام الواردة في المواد 43-44 جاءت في إطار تنظيم و حماية مصالح المواطنين فقط .
الفرع الثاني : الرقابة على رئيس المجلس الشعبي البلدي :
ليست هناك رقابة رئاسة ، أو وصائية و إنما هناك نوع من التشديد في أحكام القانون الجديد مقارنة بالقانون القديم ،ويفسر ذلك بوجود تسيب في ظل قانون 90-08 الأمر الذي جعل المشرع
يتدارك الوضع في القانون الحالي.
و المواد الموجودة تشكل نوع من الحماية للعهدة الانتخابية (إنكار التمثيل ) و كذلك حماية لسير و استمرارية البلدية و مصالح المواطنين ككل.
المطلب الثاني : الرقابة على الاستقلالية الوظيفية :
الفرع الأول : الرقابة على أعمال المجلس الشعبي البلدي :
نصت المادة 56 على أن مداولات المجلس الشعبي البلدي تعتبر قابلة للتنفيذ بعد 21 يوما من تاريخ إيداعها بالولاية ماعدا (باستثناء ) المداولات المنصوص عليها في المادة 57-59-60 ،مما يعني أن الأصل في المداولات المجلس الشعبي البلدي النفاذ بعد 21 يوما ماعدا المداولات المستثنات بموجب القانون الوارد في (المواد 57-59-60) ، و نفاذ هاته المداولات دليلا على شرعيتها ،ونحن نعلم أن هدف الرقابة الوصائية هو الحفاظ على الشرعية مما يعني أن مداولات المجلس الشعبي البلدي كأصل لا تخضع للرقابة الوصاية لكن كاستثناء تمارس عليها هاته الرقابة، و ذلك في الحالات التالية:
- المداولات المنصوص عليها في المادة 57
- المداولات المنصوص عليها في المادة 59
- المداولات المنصوص عليها في المادة 60
الفرع الثاني : الرقابة على اختصاصات رئيس المجلس الشعبي البلدي.
حسب المادة 101 للوالي الحلول محل رئيس المجلس الشعبي البلدي، و ذلك باعتبار كلا منهما ممثلا للدولة ،و منه تعتبر الرقابة الممارسة من قبله رقابة رئاسية و ليست وصائية.
و بالتالي رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار ممارسته لمهامه القانونية لا يخضع إلى الرقابة الوصائية ، و السلطات الممارسة عليه من قبل الجهات المركزية ما هي إلا ضمانة قانونية أوجدها المشرع لحماية و ضمان حسن سير شؤون المواطنين .
الخاتمة :
و في الأخير و من خلال الدراسة السابقة يمكن القول أن كل من المجلس الشعبي البلدي و رئيس المجلس مستقلان عضويا و وظيفيا.
و بالتالي فمجال الرقابة الوصائية في قانون البلدية الجديد رقم :11-10 المؤرخ في 3 جويلية 2011 ضيق ووسائل ممارستها قليلة، ماعدا وسيلتي المصادقة و الحلول الممنوحتان للوالي وذلك في إطار حماية العهدة الانتخابية و مصالح المواطنين ، وكذا ضمان حسن سير الإدارة.

المراجع :
أولا: الكتب :
1- عمار بوضياف،الوجيز في القانون الإداري،المحمدية، الجزائر،دار جسور للنشر والتوزيع،الطبعة الثانية،2007.
2- فريدة قصير مزياني،مبادئ القانون الإداري الجزائري،باتنة، الجزائر،2003.
3-محمد الصغير بعلي،القانون الإداري، التنظيم الإداري،عنابة، الجزائر،دار العلوم للنشر والتوزيع.
4- ناصر لباد ، القانون الإداري، التنظيم الإداري،قالمة، الجزائر،مطبعة قالمة،2001.
ثانيا : القوانين :
1-قانون رقم:90-08 المؤرخ في 7 أفريل 1990 جريدة رسمية رقم:15.
2- قانون رقم:11-10 المؤرخ في 3 جويلية 2011 جريدة رسمية رقم :37.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved