المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t4393
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

التعليق على المادة 140 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري
بحر العلوم المتواصل 07-06-2021 05:49 مساءً
تحليل نص المادة 140 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري
ضمان الدولة للأضرار الجسمانية في اطار القواعد العامة
أولا التحليل الشكلي لنص المادة 140 مكرر 1 ق م

ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 140 مكرر 1 ق م
أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 140 مكرر 1: { إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني ولم تكن للمتضرر يد فيه، تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر. }
موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 140 مكرر 1) في الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم .بالقانون 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
و قد جاء في ا لكتاب الثاني منه الإلتزامات و العقود ، من الباب الاول وعنوانه مصادر الالتزام ، الفصل الثاني وعنوانه العقد ،القسم الثاني وعنوانه شروط العقد.
البناء المطبعي :
المشرع قد حاول إجمال المعنى في نص المادة 140 مكرر 1 من القانون المدني حيث جعلها تتألف من فقرة واحدة .
يبدأ من " إذا انعدم " وينتهي عند " الضرر " ،.
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت المادة 140 مكرر 1 من القانون المدني محملة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع ضمان الدولة للأضرار الجسمانية في اطار القواعد العامة و كمثال على ذلك نشير إلى :
" انعدم المسؤول " ، " الضرر الجسماني" ، " تتكفل الدولة " وغيرها من المصطلحات التي تفيد ضمان الدولة للأضرار الجسمانية في اطار القواعد العامة.
البناء المنطقي :
نلاحظ نص المادة 140 مكرر 1 بدأت بعبارة " إذا إنعدم "وهنا يقصد إنعدام المسؤول المدني عن الضرر الجسماني ثم المشر يوضح بعبارة " تتكفل الدولة " و المقصود هو تكفل الدولة بتعويض الضحايا عن الاضرار الجسيمة عندما يتعذر ( ينعدم ) وجود المسؤول المدني المتسبب فيه .
- نلاحظ أن المشرع في المادة 140 مكرر 1 ق م اتبع أسلوبا إخباريا .
ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 140 مكرر 1 ق م يتضح أن المشرع قد كرس ضمان أكثر فعالية لضحايا الأضرار الجسمانية، من خلال منحهم إمكانية الحصول على التعويض في حالة استحالة الحصول عليه في إطار المسؤولية المدنية، لانعدام المسؤول عن الضرر الجسماني، وذلك من خلال إقراره لمبدأ عام يقضي بتكفل الدولة بالتعويض عن الضرر الجسماني .
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 140 مكرر 1 ق م يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ماهي مبادئ و أحكام ضمان الدولة للتعويض في إطار القواعد العامة ؟
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : مفهوم ضمان الدولة للضرر الجسماني في اطار القواعد العامة
المطلب الأول : الطبيعة القانونية لضمان الدولة للضرر الجسماني
المطلب الثاني: أساس ضمان الدولة للتعويض عن الضرر الجسماني
المبحث الثاني : تطبيق ضمان الدولة للتعويض وفق القواعد العامة
المطلب الأول : شروط ضمان الدولة للتعويض وفقا للقواعد العامة
المطلب الثاني : إجراءات تعوض الدولة عن الضرر الجسماني وفق القواعد العامة
خاتمة

مقدمة :
من المفروض أن قيام المسؤولية المدنية تقتضي حدوث ضررا بسبب خطأ صدر من لغير، يلزم المسؤول بتعويض المتضرر تعويضا عادلا عما لحقه من أضرار وكغيره من الأنظمة القانونية شهد نظام المسؤولية المدنية تطورا ملحوظا تماشيا مع المعطيات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية المتجددة.
فبعد أن كان أساس المسؤولية هو الخطأ الواجب الإثبات، ظهرت فكرة الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس, ثم الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس كأسس للمسؤولية، بعدها ظهرت المسؤولية من دون خطا.
ثم وبالموازاة مع نظام المسؤولية المدنية، ظهرت نظما خاصة بالتعويض، تجاوز المشرع من خلالها نصوصا خاصة بتعويض الضحايا الذين لم يتمكنوا من الحصول على التعويض، من خلال قواعد المسؤولية المدنية.
وقد تزايد المستفيدون من التعويض بموجب هذه النصوص الخاصة في زمننا الحالي، كما أصبحت هذه النصوص الخاصة تزاحم نظام المسؤولية المدنية في تعويض الضحايا، الأمر الذي جعل المشرع ينقل جوهر هذه النصوص الخصة إلى نطاق القواعد العامة من خلال المادة ( 140 مكرر 1 ) من القانون المدني ويعتبر هذا الحكم خروجا عن القواعد العامة للمسؤولية المنملة في الخطأ والضرر ولعلاقة السببية بينهما.
ويتميز نظام المسؤولية المدنية عن النظام الخاص بالتعويض من حيث الغرض الذي يهدف إليه كل نظام، فالمقصود من نظام المسؤولية هو تحديد شروط التعويض من جهة، وتحديد الشخص المسؤول الذي يتحمل الدين من جهة أخرى، أما الغرض من نظام التعويض الذي يعتبر الأضرار مجرد أخطار اجتماعية يتحملها المجتمع هو تحديد النطاق الذي يتحمل فيه المجتمع بالتعويض.

المبحث الأول : مفهوم ضمان الدولة للضرر الجسماني في اطار القواعد العامة
من خلال نص المادة 140 مكرر1 من القانون المدني، يتبين لنا أن دور الدولة في إطار القواعد العامة - في مجال التعويض عن الضرر الجسماني لم يعد يقتصر على تنظيم قواعده وشروطه من خلال تنظيمها لقواعد المسؤولية المدنية، بل أصبح يتعدى ذلك ليشمل تكفلها بالتعويض وضمان هذا النوع من الضرر بصفة مباشرة في بعض الحالات التي حددها نص هذه المادة. وبما أن المشرع اتبع منهجا ومنطقا مغايرا لمنهج المسؤولية.
المطلب الأول : الطبيعة القانونية لضمان الدولة للضرر الجسماني
يكون تدخل الدولة لضمان التعويض وفق القواعد العامة ضمانا مباشرا احتياطيا ومن ثم يكرس هذا النوع من الضمان نظاما وسطا بين نظام المسؤولية المدنية من جهة، ونظام التعويض التلقائي
الفرع الأول : الطبيعة الاحتياطية لضمان الدولة للضرر الجسماني
يكون ضمان الدولة للتعويض عن الأضرار الجسمانية وفقا للقواعد العامة، وتطبيقا لأحكام المادة 140 مكرر1 سالفة الذكر، ضمانا احتياطيا وليس أساسيا، وهذا ما يمكن استنتاجه من نص هذه المادة، ويقصد بالصفة أو الطبيعة الاحتياطية لضمان الدولة للتعويض عن الضرر الجسماني، أنه لا يمكن اللجوء إلى تطبيق هذا النص إلا في الحالات التي يستحيل فيها تطبيق قواعد وأحكام نظام المسؤولية المدنية، على أن تكون هذه الاستحالة راجعة إلى انعدام المسؤول عن الضرر الجسماني.
بذلك يمكن القول بأن الضمان الأصلي للأضرار الجسمانية في الشريعة العامة أو القواعد العامة يتمثل في نظام المسؤولية المدنية، حيث يمكن مطالبة
المسؤول بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه بفعله أو بفعل من هو تحت مسؤولية، بينما يكون تطبيق النظام المكرس في المادة 140 مكررا بصفة استثنائية واحتياطية عند استحالة تطبيق أحكام المسؤولية، بشرط أن تكون هذه الاستحالة راجعة إلى غياب المسؤول عن الضرر.
ولعل ما يؤكد أكثر على الطبيعة الاحتياطية لضمان الدولة للتعويض عن الضرر الجسماني وفق القواعد العامة، هو استبعاد أحكام هذا الضمان الواردة في المادة 140 مكرر1 من التطبيق، ولو كان المسؤول عن الضرر مجهولا، متى كان مصدر الضرر خطرا اجتماعيا يخضع في التعويض عنه لنصوص تشريعية
خاصة ، ذلك أن أحكام هذه المادة تدخل ضمن القواعد العامة، ومن المعلوم أن الخاص يقيد العام.
بالتالي فإنه لا يمكن للضحية مطالبة الدولة بالتعويض وتنفيذ التزامها بضمان الأضرار الجسمانية إلا إذا استحال الحصول على التعويض بالاعتماد على قواعد المسؤولية المدنية مع استحالة الحصول عليه بالاعتماد على أنظمة يعني أن المسؤولية المدنية تشكل الضمان الرئيسي للأضرار الجسمانية وفق القواعد العامة والنظام الرئيسي الذي يستند عليه حق الضحية في التعويض، أما تدخل الدولة فلا يكون إلا بصفة احتياطية في حالة تعذر الوصول إلى المسؤول.
الفرع الثاني : ضمان الدولة للضرر الجسماني :
نظام تعويض وسطي بين المسؤولية والتلقائية كان من المفروض على المشرع الجزائري أنه كلما كان هناك عائق يحول دون إمكانية تطبيق قواعد المسؤولية المدنية لتمكين الضحية من الحصول على التعويض، أن يعالج هذه الحالة في إطار نظام التعويض التلقائي، إلا أنه ومن خلال إدراجه لأحكام المادة 140 مكرر1 من القانون المدني، يكون قد قام باستحداث منطق مغاير واقرار نظام تعويض فريد من نوعه يستمد أحكامه من النظامين السابقين في الحقيقة لم نكن نتصور إلى وقت قريب - المطالبة بالتعويض في إطار القواعد العامة خارج نطاق أحكام المسؤولية المدنية .
حيث أن قيام المشرع بتكريس التعويض بعيدا عن نظام هذه المسؤولية، إنما يدل على إدراكه لقصور فكرة الخطأ، ونظام المسؤولية المدنية عن ضمان حق الضحية في التعويض، كما يدل على رغبة المشرع في تجديد وتحديث منطق ومبادئ القانون المدني في مجال التعويض عن الأضرار الجسمانية، ومنح الحق في التعويض بعدا أخر خارج إطار المسؤولية المدنية.
كما أن هذا النص لا يدخل ضمن نظام التعويض التلقائي، كما هو الحال بالنسبة للتعويض عن الأضرار الجسمانية الناتجة عن حوادث المرور أو حوادث العمل أو حوادث المظاهرات والأعمال الإرهابية، كون شروط المطالبة بضمان الدولة للتعويض وفق القواعد العامة تندرج ضمن فئة من الأحكام القانونية غير المألوفة في إطار أنظمة التعويض المعروفة في القانون الجزائري وهي نظام التعويض التلقائي ونظام المسؤولية المدنية.
وما إعفاء الدولة من التزامها بالتعويض بسبب تدخل الضحية في إحداث الضرر إلا دليل إضافي على عدم دخول أحكام ضمان الدولة للضرر الجسماني ضمن أنظمة التعويض التلقائية.
بالتالي، فإن نظام التعويض لم يعد ينحصر في القواعد العامة للمسؤولية المدنية أو أنظمة التعويض التلقائي، بل هناك نظام آخر يمكن الضحية الحصول على التعويض، متى كان تطبيق أحكام المسؤولية المدنية مستحيلا، ولم تتكفل بهذا الضرر آليات التعويض التلقائي والمتمثلة عادة في صناديق التعويض والضمان أو شركات التأمين أو هيئات الضمان الاجتماعي أو الخزينة العمومية .
المطلب الثاني: أساس ضمان الدولة للتعويض عن الضرر الجسماني
تندرج أحكام ضمان الدولة للتعويض عن الضرر الجسماني في إطار القواعد العامة، والتي نصت عليها المادة 140 مكرر1 من القانون المدني، ضمن الحركية التي تشهدها مختلف أنظمة التعويض نحو ترجيح جسماني وفي كل الضحية، وضمان حقها في التعويض عما لحقها من ضرر الحالات، ويتجسد ذلك من خلال تكريس الحق في السلامة الجسدية كأساس
ضمان الدولة للضرر يستند إليه حق الضحية في التعويض والاستفادة من الجسماني. وكنتيجة منطقية لذلك، فإن هذا الضمان يقتصر على الضرر الجسماني دون غيره من أنواع الضرر الأخرى.
الفرع الأول : تكريس الحق في السلامة الجسدية كأساس لضمان الدولة للتعويض
إن انشغال المجتمع بتعويض الضحايا وتمكينهم من الحصول على تعويض فعلي عن الأضرار الجسمانية وفي جميع الحالات، يعني حتما أن هذا النظام يتجاهل تماما الشخص المتسبب في الضرر، فليس هناك علاقة قانونية أيا كانت بين سلوك الشخص المتسبب في الضرر والاستفادة من التعويض ،خمن البديهي أن يختلف أساس ضمان الدولة للتعويض عن الضرر الجسماني، عن الأساس القانوني الذي يقوم عليه الحق في التعويض في إطار المسؤولية المدنية .
تستجيب في هذا المجال أحكام المادة 140 مكرر1 لمبدأ العدالة، حيث تقوم الدولة بضمان الضرر الجسماني تحت شعار العدالة الاجتماعية، ومن لضرورة حماية حق الضحية في سلامتها الجسدية ، وتحمل في معناها تجسيدا لحق الفرد في حماية سلامته الجسدية كما هو وارد في الدستور بتكريس مبدأ عدم جواز الاعتداء على الشخص البشري .
بهذا تكون هذه المادة ذات أهمية بالغة، ليس فقط كونها أول نص كرس الحق في السلامة الجسدية في القانون المدني الجزائري، بل يتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك، حيث أنها كرست أساسا قانونيا يستند إليه الحق في التعويض، بعيدا عن مبادئ المسؤولية المدنية، ألا وهو الحق في السلامة الجسدية.
ويقصد بالحق في السلامة الجسدية، ذلك الحق الذي يتمتع به الإنسان بأن يحتفظ بتكامل جسده وإن يبقى محتفظا بمختلف الوظائف الحيوية فيه، والتي تسمح له بمواصلة الحياة على نحو طبيعي، والاحتفاظ بمستواه الصحي، وأن يتحرر من أي ألام بدنية أو نفسية ،حيث تعتبر السلامة الجسدية بمفهومها الواسع من أهم الحقوق الجوهرية للإنسان إن لمتكن أسماها، وهو حق كرسته معظم التشريعات والدساتير على مر العصور يقتضي عدم جواز المساس بجسم الإنسان أو الاعتداء على كيانه الجسدي والمعنوي، في أي ظرف من الظروف وتحت أي مبرر كان.
حيث أصبح الحق في السلامة الجسدية ،في بداية القرن الواحد والعشرين، مهددا بفعل الأخطار الناتجة عن الأخطاء والانحرافات العلمية واستعمال التكنولوجيا الحديثة، فصار الزاما وضع قواعد ومبادئ قانونية لحماية الشخص البشري، بالخصوص إذا ما تعلق الأمر بالمساس بتكامله الجسدي.
الفرع الثاني : اقتصار ضمان الدولة على الضرر الجسماني
نصت المادة 140 مكرر1 من القانون المدني، صراحة على أن ضمان الدولة للتعويض وفق القواعد العامة يقتصر على ضمان الضرر الجسماني دون غيره من أنواع الضرر الأخرى، أي يستبعد من حيز ضمان الدولة التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية، ويظهر ذلك جليا من خلال استعمال المشرع لعبارة: « إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني... تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر».
الملاحظ عند قراءة فحوى نص هذه المادة في نسخته باللغة الفرنسية أن المصطلح المستعمل corporels Dommages جاء بصيغة الجمع عكس النص العربي الذي جاء بصيغة المفرد «الضرر الجسماني»، كما أنه من المعلوم أن الضرر الجسدي ليس على طبيعة أو درجة واحدة، بل هو متعدد تنتج عن الضرر الجسماني عدة أضرار أخرى تشكل عناصر العناصر، حيث هذا الضرر، منها من تكون ذات طبيعة مادية وأخرى ذات طبيعة معنوية، فهنا يطرح التساؤل حول ما إذا ينحصر ضمان الدولة على الضرر الجسماني أو يشمل كل عناصره ؟
حيث أن الضرر الجسماني الناتج عن المساس بالحق في التكامل الجسدي واحد، بينما تكون عناصره القابلة للتعويض متعددة ومختلفة، مما يستوجب التمييز بين الضرر الجسدي في حد ذاته من جهة، وعناصره التي تكون قابلة للتعويض من جهة أخرى، هذا بهدف تفعيل أكثر لمبدا ضمان الدولة للتعويض وفق ما جاء في نص المادة 140 مكرر 1.
كما أن الضرر الجسماني يتمثل في الواقعة المادية الإصابة أو الوفاة،
بينما تشكل عناصره التي تكون قابلة للتعويض النتيجة القانونية لحدوث هذه الواقعة، مما يعني أن عناصر الضرر الجسماني القابلة للتعويض، هي عبارة عن الترجمة القانونية للواقعة المادية المتمثلة في الضرر الجسماني.
بالتالي نرى أن المقصود بضمان الدولة للضرر الجسماني وفق ما جاء في نص المادة 140 مكرر 1 يشمل على ضمان مختلف عناصره، سواء كانت ذات طبيعة مادية أم ذات طبيعة معنوية، وأن التعويض عن الضرر الجسماني يتم بالتعويض عن مختلف العناصر المشكلة له، لذا نرى أنه من الأجدر على المشرع لو استعمل عبارة «... تتكفل الدولة بالتعويض عن عناصر هذا الضرر» بدلا من عبارة «... تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر». تعتبر عناصر الضرر الجسماني ذات طابع مادي، متى كان تأثيرها واضحا على الذمة المالية للضحية، وتتمثل غالبا في الخسارة اللاحقة نتيجة تكبد الضحية لمصاريف ما كانت لتنفقها لولا تعرضها لضرر جسماني، مثل المصاريف الطبية والصيدلانية...، وكذا الكسب الفائت نتيجة توقف الضحية عن العمل وفقدان الأجر، وقد تكون تلك العناصر ذات طابع معنوي متى كان تأثيرها يقتصر على الذمة المعنوية للضحية مثل الضرر الجمالي وضرر التألم وضرر الحرمان من مباهج الحياة"
بينما تتمثل الأضرار المستبعدة من مجال ضمان الدولة وفق المادة 140 مكرر1 في تلك الأضرار التي لا تربطها علاقة بالضرر الجسماني، أي تلك الأضرار الناتجة عن المساس بحقوق أخرى للضحية غير حقها في السلامة الجسدية ، كالأضرار التي تلحق بالضحية في مملكاتها كتلف السيارة.

المبحث الثاني : تطبيق ضمان الدولة للتعويض وفق القواعد العامة
نص المشرع الجزائري في المادة 140 مكرر1 من التقنين المدني، على الشروط الواجب توفرها من أجل تمكين الضحية من مطالبة الدولة بتنفيذ التزامها بضمان الضرر الجسماني وفق القواعد العامة والتعويض عنه وفي نفس الوقت لم ينص على كيفية مطالبة الدولة بالتعويض ولا على الاجراءات الواجب اتباعها من طرف الضحية بغية الحصول على التعويض
المطلب الأول : شروط ضمان الدولة للتعويض وفقا للقواعد العامة
بالإضافة إلى وجوب تعرض الضحية لضرر جسماني كون ضمان الدولة يقتصر على ضمان هذا النوع من الضرر، فإن تنفيذ التزام الدولة بضمان الضرر الجسماني مرهون بغياب المسؤول عنه وعدم تدخل الضحية في احداثه .
الفرع الأول : شرط انعدام المسؤول عن الضرر
يعتبر شرط انعدام المسؤول عن الضرر الجسماني، شرطا أساسيا وهاما من أجل قيام التزام الدولة بضمان الضرر الجسماني في إطار القواعد العامة، وهذا الشرط نص عليه المشرع صراحة في نص المادة 140 مكرر1 من القانون المدني ، من خلال استعماله لعبارة: « إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني...»، فما هي الحالات التي يمكن فيها اعتبار المسؤول عن الضرر الجسماني منعدما ؟
يمكن تصور انعدام المسؤول في حالتين، حالات الانعدام القانوني ومثلها حالة ما إذا كان مرتكب الفعل الضار عديم التمييز كالقاصر أو المعاق ذهنيا ولم يكن هناك من يسأل عن الأفعال الضارة التي تصدر عن هذا القاصر غير المميز. حالات الانعدام المادي كبقاء المسؤول عن الضرر مجهولا أو تعذر الوصول إليه، وكذلك الحالة التي يعود فيها الضرر الجسماني إلى قوة قاهرة ، ونذكر أيضا ضمن حالات انعدام المسؤول مجموعة الأضرار التي تتسبب فيها الأشياء التي تكون من غير حارس ، وكلها حالات يستحيل معها تطبيق قواعد المسؤولية المدنية، يمكن إدراجها ضمن نطاق ضمان الدولة.
لكن يمكن في هذا المجال إثارة مسألة وجود المسؤول مع تمكنه من نفي المسؤولية في جانبه، كذلك وجود المسؤول مع عجز ذمته المالية، فهل يشمل معنى الانعدام على هاتين الحالتين أم أنه يقتصر على الحالات الأولى فقط؟ يمكن للمسؤول أن ينفي المسؤولية في جانبه بإثبات السبب الأجنبي كالقوة القاهرة أو خطا الغير أو خطا الضحية ، كما يمكن اعتبار مخاطر التطور التكنولوجي سبب من أسباب الإعفاء من المسؤولية، خاصة مخاطر التطور المتعلقة بالنشاط الطبي وتلك المتعلقة بالمنتوج، لأن هذه المخاطر غالبا ما تكون غير معروفة، والجهل بها أمر مسلم به نظرا لتعقيدها والمستوى المعرفي السائد في المجتمع.
فإن كان الأمر لا يطرح أي إشكال بالنسبة لحالة تمكن المسؤول من نفي المسؤولية عنه بسبب فعل الضحية، إذ يعتبر تدخل الضحية في إحداث الضرر سبب لإعفاء الدولة من الضمان بصريح نص المادة 140 مكرر1 من القانون المدني، كما لا يثير أي إشكال بالنسبة لحالات نفي المسؤولية بفعل الغير، حيث يمكن للضحية مطالبة هذا الغير بمسؤوليته المدنية، فهل من المعقول أن تبقى ضحية الضرر الجسماني من دون تعويض في الحالات الأخرى؟
كما تبقى الضحية من دون تعويض في حالة عجز الذمة المالية للمسؤول عن الضرر، خاصة وأن العبارات الواردة في نص المادة 140 مكرر1 تنص صراحة على انعدام المسؤول، وأن عدم الملاءمة المالية لهذا الأخير لا تعني انعدامه، بالتالي فإن هذه الحالة تستبعد من مجال تطبيق ضمان الدولة للتعويض عن الأضرار الجسمانية في إطار القواعد العامة.
في هذا الشأن يرى البعض أنه : " بالنظر إلى الهدف المراد تحقيقه من خلال إدراج المشرع لنص المادة 140 مكرر1 هو ضمان حق الفرد في سلامته الجسدية، وكذا حصولها على التعويض من طرف الدولة متى استحال ذلك بتطبيق قواعد المسؤولية المدنية".
بالتالي يجب إدراج حالة عدم الملاءمة المالية للمسؤول، وكذلك حالات تمكن المتسبب في الضرر من نفي المسؤولية في جانبه، ضمن حالات الانعدام التي تستوجب تدخل الدولة لضمانها، وتبقى الحالة الوحيدة التي يسقط فيها التزام الدولة بضمان الضرر الجسماني هي خطأ الضحية.
وفي حالة ظهور المسؤول الذي كان في حكم الانعدام، وكانت الدولة قد قامت بتعويض الضحية، فإنه لا يحق للأخيرة مطالبة المسؤول بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه، وذلك تطبيقا لمبدأ عدم جواز الجمع بين تعويضين عن الضرر الواحد، ومن ثم يحق للدولة الرجوع على المسؤول بمبلغ التعويض وتحل محل الضحية في حقوقها.
هذا ويقع عبء إثبات حالة انعدام المسؤول على عاتق ضحية الضرر الجسماني، فكيف يمكنه ذلك؟
لعل أفضل وسيلة هي الحصول على حكم قضائي، جنائي أو مدني، يقضي بأنه لا يمكن اسناد المسؤولية عن الضرر الجسماني إلى أي شخص، وهذا ما يعقد أكثر من حالة الضحية ، بجعل من ويستغرق مدة زمنية طويلة، وهو أمر يتناقض حصولها على التعويض أمرا مكلفا الضحية في الضمان وحاجتها للتكفل السريع بالضرر الجسماني الذي لحق بها.
الفرع الثاني : عدم تدخل الضحية في إحداث الضرر
إن ضمان الدولة للضرر الجسماني وفقا للقواعد العامة مرهون بعدم تدخل الضحية في إحداث ذلك الضرر، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 140 مكرر1 من خلال عبارة «...ولم تكن للمتضرر يد فيه...».فهل يقصد المشرع من هذه العبارة خطأ الضحية أم أي تدخل مهما كان نوعه ولو لم ينطوي سلوك الضحية على خطأ؟ وهل تدخل الضحية في إحداث الضرر يعتبر سببا مطلقا لإعفاء الضحية من التعويض أم هو نسبي؟
لا تجيب أحكام المادة المذكورة أعلاه على نوع تدخل الضحية في إحداث الضرر الجسماني الذي يعفي الدولة من التزامها بالضمان، ولم تنص على إمكانية تقسيم المسؤولية كما هو معمول به في إطار قواعد المسؤولية المدنية ، وعلى امكانية الإنقاص من قيمة التعويض بقدر مساهمة الضحية في إحداث الضرر.
ومن الضروري تفسير عبارة «...ولم تكن للمتضرر يد فيه...» بسقوط حق الضحية في ضمان الدولة بسبب تدخله في إحداث الضرر بصفة عمدية، وحتى في الحالات التي فيها الأمر كذلك، وتصاب فيها بعجز دائم بنسبة كبيرة فيجب تعويضها، كما في حالة وفاة الضحية فإنه ينبغي تعويض ذوي الحقوق، بشرط أن يكونوا بحاجة إلى ذلك خاصة إذا كانت الضحية هي من تعولهم. فمثل هذا التفسير يجعل من نص المادة 140 مكرر1 منسجما مع التشريعات الخاصة بتعويض الأضرار الجسمانية من جهة، ومن جهة أخرى من شأنه أن يحقق الأمن الاقتصادي للضحية ، ومن ثم المساهمة في تحقيق الهدف المراد من إدراج نص هذه المادة، وهو ضمان التعويض عن الضرر الجسماني في كل الحالات.
و من ثم فإن خطأ الضحية الذي من شأنه إسقاط حقها في الضمان يلعب دورا عقابيا، وهذا ما يتنافى مع المنطق العام الذي انتهجه المشرع في مجال التعويض، والذي يميل إلى ترجيح مصلحة الضحية دون أي اعتبار لخطئها. كما أنه من المؤسف إحياء الوظيفة الأخلاقية للمسؤولية المدنية من خلال نص المادة 140 مكرر1 واقصاء شريحة واسعة من الضحايا من حقها في التعويض كما يمكن اعتبار ذلك تراجع لمنح الحق في التعويض عن الأضرار الجسمانية بالمقارنة مع نظام التعويض عن حوادث العمل الذي لا يعتد تماما بخطأ الضحية، وكذا نظام التعويض عن الأضرار الجسمانية الناتجة عن حوادث المرور أين لا يأخذ بخطأ الضحية إلا في حدود ضيقة.
المطلب الثاني : إجراءات تعوض الدولة عن الضرر الجسماني وفق القواعد العامة
يخص كيفية تطبيق أحكام ضمان الدولة للضرر الجسماني في أما فيما إطار القواعد العامة وتجسيده في أرض الواقع، فإن ذلك يشمل على العديد من مواضع الغموض والإبهام، خاصة وأن المشرع لم ينص في المادة 140 مكرر1 التي من خلالها كرس هذا المبدأ، على الإجراءات الواجب اتخاذها من طرف الضحية من أجل مطالبة الدولة بتنفيذ التزامها بهذا الضمان، ولا على الجهة أو الهيئة المكلفة بالتعويض كما لم ينص على طريقة تقييم الضرر الجسماني ولا على كيفية تقدير مبلغ التعويض عنه .
الفرع الأول : إجراءات مطالبة الدولة بالتعويض
لم ينص المشرع في المادة 140 مكرر1 من القانون المدني على الإجراءات الواجب اتباعها من طرف الضحية من أجل حصولها على التعويض الذي تقدمه الدولة، هذا ما يدفعنا إلى القول أنه من الطبيعي اللجوء إلى القضاء من أجل ذلك ، وترفع الدعوى القضائية من أجل تكفل الدولة بالتعويض أمام المحكمة الإدارية المختصة بالنظر في كل الدعاوى التي تكون الدولة طرفا فيها حسب قانون الإجراءات المدنية والإدارية ويتم تمثيل الدولة في دعوى التعويض من طرف وزير المالية حسب نص المادة 52 من القانون المدني والتي تنص على: «يمثل وزير المالية الدولة في حالة المشاركة المباشرة في العلاقات التابعة للقانون المدني، وذلك مع مراعاة الأحكام الخاصة المطبقة على المؤسسات ذات الطابع الإداري».
أما بالنسبة لنطاق تطبيق مبدا ضمان الدولة للضرر الجسماني من حيث الأشخاص، فإنه يحق بحكم المادة 140 مكرر1 للضحية المباشرة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل مطالبة الدولة بالتعويض، كما يحق ذلك لورثة الضحية المتوفاة مباشرة بسبب تعرضها لضرر جسماني أو بعد ذلك إذا لم تحصل على التعويض قبل وفاتها بحكم انتقال حق التعويض إلى الورثة من المؤكد أن اتخاذ الإجراءات القضائية من أجل مطالبة الدولة بتنفيذ التزامها بضمان الضرر الجسماني، يثقل كاهل الضحية وبتطلب إجراءات طويلة ومعقدة، ما يتنافى مع مبدأ الضمان المنشود من خلال إدراج نص هذه المادة، مما يستوجب تدخل المشرع وذلك بمنح الضحايا للتعويض المستحق في أحسن الحالات وأقصر الآجال وباتباع نهج التسوية الودية، كما تتطلب مصلحة الضحية أن يتم هذا الضمان عبر صندوق للضمان .
الفرع الثاني : تقدير التعويض عن الضرر الجسماني
بالنسبة لمسألة تقدير التعويض عن الضرر الجسماني فإن المادة 140 مكرر1 من القانون المدني لم تتطرق إليها، مما يدفعنا إلى التساؤل حول القواعد الواجب تطبيقها في هذا الشأن، بمعنى هل تطبق القواعد العامة في تقدير الضرر المعمول بها في إطار المسؤولية المدنية، فيتم تقييم الضرر تقييما كعليا، ومن ثم يترك المجال مفتوحا أمام السلطة التقديرية للقاضي، أم يقيم بصفة جزافية كما هو معمول به في التشريعات الخاصة مثل التعويض عن حوادث العمل وكذا التعويض عن حوادث المرور؟
يمكن أن نجد الإجابة عن هذا التساؤل في نص المادة 182 من القانون المدني الجزائري والتي تنص على أنه: « إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو في القانون فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ...». بالتالي، يخضع تقدير التعويض للسلطة التقديرية للقاضي، على أن يراعي في ذلك الظروف المحيطة بالضحية، ويجب أن يشمل على ما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة، جراء تعرضها لضرر جسماني.
لكن منح السلطة التقديرية للقاضي في تحديد مبلغ التعويض، من شأنه أن يرتب اختلافات وتضاربات في الأحكام الصادرة في هذا الشأن، لاسيما فيما يتعلق بعناصر الضرر الجسماني القابلة للتعويض، وكذا المبالغ المحكوم بها كتعويض بصدد نفس الضرر، وهذا ما يتنافى مع خصوصية الضرر الجسماني ، وعليه فإنه يجب التضييق من السلطة التقديرية للقاضي وحصر دوره في إقرار حق الضحية في التعويض وضمان الدولة، متى توفرت شروط تطبيق المادة 140 مكرر 1 من القانون المدني، وكذا الرقابة على عناصر الحكم بالتعويض.

خاتمة :
أراد المشرع الجزائري من خلال استحداثه للمادة 140 مكرر1 من القانون المدني تكريس ضمان أكثر فعالية لضحايا الأضرار الجسمانية، من خلال منحهم إمكانية الحصول على التعويض في حالة استحالة الحصول عليه في إطار المسؤولية المدنية، لانعدام المسؤول عن الضرر، وذلك من خلال إقراره لمبدأ عام يقضي بتكفل الدولة بالتعويض عن الضرر الجسماني متى كان المسؤول عنه منعدما، كما يعتبر الحكم الذي تضمنته هذه المادة وسيلة فعالة بيد القضاة تمكنهم من توفير حماية إضافية لضحايا الضرر الجسماني وفي كل الحلات التي تكون عليها الضحية.
غير أن نص المادة المذكورة، يشوبه الكثير من الغموض سواء من حيث غموض العبارات المستعملة وصعوبة تفسير شروط تكفل الدولة بالتعويض، أو من حيث الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل مطالبة الدولة بتنفيذ التزامها بضمان الضرر الجسماني. كما أن هذا الغموض لا يتوقف عند هذا الحد، بل يشمل على الجهة المكلفة بدفع التعويض وحتى طريقة تقييم الضرر الجسماني وتحديد مبلغ التعويض.
كل هذا يدفع بنا إلى القول بضرورة تدارك المشرع لمجموع النقائص وإزالة مواضع الغموض التي تحيط بالمادة 140 مكرر1 من القانون المدني والتي من شأنها إعاقة تفعيل مبدأ ضمان الدولة للضرر الجسماني في إطار القواعد العامة، ويكون ذلك إما عن طريق إصدار نصوص تتضمن كيفيات تفعيل وتطبيق هذه المادة، أو استحداث نصوص قانونية جديدة تضاف إلى هذه المادة عن طريق تعديل وتتميم أحكام القانون المدني.
يمكن استخلاص ما يأتي :
- إن سبب سن نظام التعويض عن الأضرار في حال انعدام المسؤول هو تزايد الأخطار التي أصبحت تشكل تهديدا للأمن والاستقرار في المجتمع، حيث أصبح النظام التقليدي للتعويض عاجز عن حماية الضحايا، إما لأسباب مادية كأن يكون المسئول مجهولا أو لأسباب قانونية كانتفاء ركن من أركان المسؤولية.
- إن صعوبة إثبات لخطأ جعل العديد من الضحايا من دون تعويض، لأن معظم الأضرار الجسمانية في عصرنا الحالي سببها فعل الشيء وليس فعل الإنسان، وأمام هذه العقبات قد ترك نظام المسؤولية العديد من الضحايا من دون تعويض، وإذا كان من الطبيعي أن يتدخل المشرع لوضع تشريعات خاصة للتعويض عن ضحايا الأخطار الاجتماعية، فلأولى به سن قاعدة عامة لهذا الغرض، يترجمها في نص المادة 140مكرر 1.
- إن التشريعات الخاصة التي وضعها المشرع لمواجهة الأخطار الاجتماعية تضمن حلولا استثنائية لضمن الأضرار الجسمانية تختلف تماما عن طريقة القواعد العامة، لكن وبنص المشرع للمادة 140مكرر 1 من ق.م يكون قد جعل القواعد لعامة أكثر مواكبة لهذه التشريعات الخاصة.
- من خلال نص المادة 140 مكرر 1 نلاحظ لن المشرع قد سعى إلى التوفيق بين حق المتضرر في التعويض من جهة ويبن إشكالية عدم وجود مسؤول يتولى هذا التعويض من جهة أخرى، فألقى على عاتق الدولة مهمة التكفل بالتعويض لكن جعله تعويضا مخففا بحيث يقتصر على الضرر الجسماني دون غيره، باعتباره الحد الأدنى المستحق للتعويض.
- إذا كانت بعضا النصوص الخاصة قد حددت آليات تعويض الضحايا، فإن المادة 140مكرر1 لم تحدد اليات خاصة لتطبيقها بحيث لم يحدد إجراءات خاصة لمطالبة المتضرر بالتعويض وحينئذ وبالرجوع إلى القواعد العامة فإن الخزينة العامة هي مصدر التعويض، في ظل عدم وجود صناديق خاصة، كما أن الإجراءات المتبعة من قبل المتضرر هي نفسها إجراءات دعوى القضاء الكامل.
- إن نص المادة 140 مكرر 1 يعد قاعدة عامة لتعويض المتضرر عند انعدام المسؤول، إلا أنه وفي ظل وجود نصوص خاصة تنظم موضوعات تصل بمضمونها، فإن هذه الأخيرة هي الأولى بالتطبيق فيما يخص تلك مجالات.


المراجـع :
1- القوانين :
- الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005. 2- الكتب :
- د علي فيلالي : " الالتزامات الفعل المستحق للتعويض"، الطبعة الثانية، موفر للنشر، الجزائر، 2007.
- د محمدي فريدة زواوي مدخل العلوم القانونية (نظرية القانون ) الدوان الوطني للمطبوعات الجامعية مطبعة الرغاية سنة 2000.
- د عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام، مصادر الالتزام، الجزء الأول، منشأة المعارف الإسكندرية، 2004.

-د خليل أحمد حسن قدادة، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري، مصادر الالتزام، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2010.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved