المحاكم والمجالس القضائية
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.tribunaldz.com/forum/t795
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

الإشكالية العلمية
lalla 19-07-2012 03:47 مساءً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


تعريف الإشكالية.
كلمة إشكالية وردت على صيغة المصدر الصناعي و هي على صيغة إفعالية ( خلافا للمشكلة التي وردت على اسم فاعل)

فالإشكالية La problématique هي على وجه العموم المعضلة الفلسفية أو المسألة التي تثير نتائجها الشكوك و تحمل على الارتياب و المخاطرة، ويرى بعض الفرنسيين أنها جملة من المسائل التي يطرحها العالم أو الفيلسوف طرحا يكون مقبولا بالنظر إلى وسائله و إلى موضوع انشغاله و تصوره أما على وجه الخصوص فهي القضية التي يمكن فيها الإقرار بالإثبات أو بالنفي على حد سواء أو تحتمل النفي و الإثبات معا.

و الإشكالية أعم من المشكلة و أشمل و أكبر لأن المشكلة هي القضية أو المسألة بعينها التي وقع فيها اللبس أما الإشكالية فهي مجموع المشكلات التي يثيرها علم ما أو فلسفة ما في ميدان معين.
أما لالاند فيعرف الإشكالية بأنها سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة لكن الذي يتحدث لا يؤكدها صراحة.
فكل مجموعة من المسائل أو القضايا أو المشكلات في حقل معين تتعلق بإشكالية محددة.

مراحل و شروط صياغة الإشكالية.

1- مراحل صياغتها:

عرض و تحليل ونقد: تتمثل هذه المرحلة في استغلال القراءات و المقابلات الاستطلاعية و مواجهة مختلف جوانب المشكلة المدروسة.

اختيار النظرية: في هذه المرحلة يختار الباحث المقارنة النظرية التي تبدو له أنها أكتر ملائمة مع موضوع بحثه، و إنما يحاول طرح نظرية جديدة تتجاوز المقارنات القائمة و يتم الوصول إلى ذلك من خلال مواجهة المقاربات النظرية بعضها ببعض و تحديد نقاط الاختلاف و الاتفاق بينهما و القيام بالتحليل المنطقي لهما.

توضيح الإطار المفاهمي الذي يميز هذه الإشكالية: و معناه التوضيح و الوصف الدقيق للإطار النظري الذي يندرج ضمنه المسعى الشخصي للباحث أي تحديد المفاهيم الأساسية و الارتباطات الموجودة فيما بينها.


2- شروط صياغة الإشكالية:

- أن تكون كل أسئلة الإشكالية صياغتها واضحة و غير مبهمة.
- أن تجمع كل أسئلة الإشكالية على شكل سؤال واحد.
- أن تصاغ على شكل علاقة بين متغيرين أو أكثر.
- أن تحدد إطارها الزمني و المكاني و الموضوعي.
- أن يتم صياغتها على شكل فرض.
- أن تترتب الأفكار ترتيبا منطقيا.
- أن نستفيد من المعلومات السابقة.
- أن تأخذ بعين الاعتبار وحدة البحث.

كيفية كتابة الإشكالية.

يجب على الباحث أن يعرف الإشكالية و يحللها تحليلا مترابطا بأسلوب جيد و مركز و معبرا عن وجود مشكلة لها تاركا التساؤلات الإشكالية في أخر هذا التحليل الإنشائي.

و لكتابة و تحليل الإشكالية لدينا مرحلتين:
1- التحليل: يرتكز البحث على ضرورة تحليل العناصر الأساسية و الفرعية لإشكالية البحث و ذلك بعد تحديد موضوع الدراسة تحديدا واضحا و دقيقا.
2- مدخل التساؤل: يتم في وضع أسئلة تتضمنها الإشكالية و يجب أن تكون هذه الأسئلة محددة و حاسمة و أساسية و ملائمة للدراسة.

العلاقة بين الإشكالية و المشكلة.

المشكلة هي انطباع عام حول الظاهرة المدروسة.

أما الإشكالية فهي الدراسة النظرية للمشكلة.
هناك علاقة بنائية وظيفية بين الإشكالية و المشكلة، فالإشكالية هي العناصر المكونة للمشكلة و لا يمكن أن نتصور إشكالية دون مشكلة و تعتبر المشكلة الأعصر من الإشكالية.

أوجه التشابه:

رغم أن المشكلة تخالف الإشكالية في كثير من النقاط إلا أن ذلك ليس مانعا من وجود أوجه للتشابه سواء في الوظيفة أو في الغاية فكلاهما يبحثان عن الحقيقة.
- كما أن كل من المشكلة و الإشكالية صادر من القلق و الإثارة اتجاه ظاهرة ما، بمعنى أخر لا وجود للمشكلة أو الإشكالية من غير وجود قلق لدى الإنسان، و هي تشعر الإنسان بالمسؤولية و من ثم التحرك الذهني أو السلوكي بمحاولة إيجاد الحلول المناسبة التي تطرحها المشكلة و الإشكالية بطريقة استفهامية.
- كلاهما ناتج عن الإرادة و الحافز اتجاه عوائق ما.
- كما أنهما غامضتان و مبهمتان ليستا في متناول إلا فئة معينة من الناس و هم المفكرون و الفلاسفة و العلماء و الخبراء.
** و العلاقة بين المشكلة و الإشكالية هي علاقة الجزء من الكل أو علاقة التداخل و هي أيضا علاقة المجموعة بعناصرها.


نسبة الترابط: و من هذا التحليل نستنتج أنه رغم وجود اختلافات كثيرة بين المشكلة و الإشكالية إلا أن هذا التباين لا يفصل بينهما بل هما مترابطتان إذ لا وجود لإشكالية بدون مشكلة فالعلاقة بينهما كعلاقة الإنسان بالحياة، فالإشكالية التي ليس لها حل يعبر عنها بجملة من المشكلات.


الفرق بين الإشكالية و المشكلة.

إن البحث المستمر عن المعرفة سواء كانت علمية أو فلسفية أو اجتماعية تطرح تساؤلات تحتاج إلى حل و ما التساؤل -في الحقيقة- سوى تعبير عن وضعية غامضة تستفز عقل الإنسان بمعناه الخاص، أي الفلاسفة و المفكرين ة العلماء الذين يحملون هموم هذا العالم و يعانون من الحوادث التي يثيرها الوجود المادي و الإنساني. هذه الوضعيات المقلقة للعقل و الشعور بها يسميها تارة إشكالية و تارة أخرى مشكلة فما الفرق بينهما؟ أو بعبارة أخرى إذا كانت الإشكالية غير المشكلة فما حدود الاختلاف بينهما؟

أوجه الاختلاف:
إذا كانت المشكلة قضية جزئية تعبر عن أمر منغلق يمكن حله فيحصل حوله الاتفاق لأنه حل مقنع، فإن الإشكالية قضية أكثر اتساعا و شمولية تكون الحلول فيها غير مقنعة لأنها تقبل أكثر من رأي و من ثم يبقى حلها مفتوحا للبحث و النظر العقلي، و يكون التعبير عنها بسؤال كلي و يفهم من هذا الفرق أن المشكلة هي تعبير عن تساؤل مؤقت سرعان ما يزول بجواب مقنع يزيل الغموض، بينما الإشكالية هي تعبير عن سؤال دائم ينصب على قضايا صعبة لا يظهر فيها وجه الحقن فقد تكون صادقة إلا أنهى لا يقطع بصدقها.
فالسؤال العلمي مثلا يثير مشكلة و الإجابة عنه مقنعة و نهائية و محل اتفاق عند جميع العلماء، فإذا تساءل نيوتن عن سر اتجاه الأجسام نحو الأرض فإن القول بأن الجاذبية هي السبب في ذلك و هذا محل قبول جميع المفكرين و العلماء.
لكن إذا تساءلنا عن حقيقة السقوط في حد ذاته فإن الاختلاف في الأجوبة هو الصفة البارزة، حيث يراها البعض في قدرة العقل على اكتشافها في حين يرجعها البعض الأخر إلى التجربة الحسية، و يذهب آخرون إلى تفسيرها بالأثر النافع الذي تتركه الفكرة.
أما السؤال الفلسفي عن مشكلة إذا أحدث فينا اضطرابا و دهشة و عبر عن موضوع واحد يمكن حلها، أما إذا أحدث فينا قلقا أو إحراجا و عبر عن مشكلتين أو أكثر و أفضى إلى أراء متباينة فيكون قد عبر عن إشكالية، فكأن الفرق بين المشكلة و الإشكالية هو فرق بين الدهشة و الإحراج.

الخـــــــاتمـة:

من خلال ما سبق عرضه نستنتج أن علاقة المشكلة بالإشكالية علاقة تكامل و تناغم و انسجام لأن العلاقة بينهما علاقة الجزء بالكل فهناك علاقة تضمن شمولي كبير بينهما، إلا أنهما يختلفان ويشتبهان أيضا، فيختلفان لأن كل واحدة منهما تتعلق بشيء معين فالإشكالية تختص بالقضايا النفسية و الاجتماعية و الدينية بحيث ليس لها مدخل و لا مخرج و مجالها الشك و الارتياب و الإشكالية هي اضطراب لدى الإنسان من زاوية الإحراج، أما المشكلة فهي تتعلق بأشياء الطبيعة و ما ورائها و هي عبارة عن تساؤل مؤقت يستدرك جواب مقنعا و هي تسعى للبحث عن الحقيقة و
مجالها مغلق.
و بالرغم من التباين الواسع بين المشكلة و الإشكالية إلا أن هناك اتفاق و التقاء بينهما من حيث أن كلاهما يبحث عن الحقيقة و كلاهما نابع من القلق و الإثارة تجاه غموض ما و هناك بالإضافة إلى هذا الالتقاء المتبادل بينهما ما يسمى الإرادة و الحافز اتجاه البحث عن اليقين فكلاهما يطرح على شكل علامة استفهام.
هذا الاتفاق و الاختلاف بين المشكلة والإشكالية يمكننا من معرفة الفرق بينهما الذي يظهر من خلال صياغتهما و خصائصهما و كيفية كتابتهما.
المحاكم والمجالس القضائية

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved