logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






مداخلة الأستاذ محمد الشريف
رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين
إصـلاح العدالة مطلب شعبي منذ الاستقلال لحرمان الشعب من العدل طيلة فتـرة الاستعمار وإقامـة التنظيـم القضائـي على أســاس التمييـز الطبقـــي.
و لأن إقامة العدل في دولة ما هو القضاء على التمييز بين طبقات المجتمع، و هو بذلك القضاء على الاستغلال و النفوذ و الحقرة و تعسف سلطة الإدارة، و بصفة عامة محاربة كــل الآفـات الاجتماعية و السلوكيـــة.

وإذا كان رقي الدول يقاس بمدى احترامها لحقوق الإنسان و إقامة العدل هو معيارها فإن بناء الدولة الجزائرية الحديثة عموده الفقري هو القضاء،هذا الجهاز الذي أريد له أن يبقى مهمشا و إصلاحه بقي شعارا من دون تجسيد، إلى أن جاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليضع العدالة من أولوياته، فأنشأ اللجنـة الوطنية لإصلاح العدالة، و أجرى تغييرات في التنظيم القضائـي و هيكله، و قربه من المواطن وعرج في خطاباته على موضوع التنفيذ القضائي الـذي يبقـى الشغل الشاغل للأسرة القضائية بصفة عامـة و المواطــن بصفــة خاصـة.

و عليـه فإنــه لا يمكن تصور إصلاح العدالة بدون إصلاح مهنة التنفيذ القضائي و القوانين المرتبطة به ( كقانون الإجراءات المدنيـة والقانـون المنظـم للمهنـة و غيرهمـا). وحرص السيد رئيس الجمهورية كل الحرص على موضوع التنفيذ و قال لا فائدة في حكــم عادل إن لم يعيد الحق إلى أصحابه فالإقرار بالحق إن لم يسترد يبقـى من دون جـــدوى و ينعكس سلبا على مصداقية الدولة و مؤسساتها. فالدولة عليها أن تسهر على تنفيذ لأحكـام القضائية بكل قوة و حزم، و التكفل بوضع ميكانزمات الإصلاح و الإسراع فيه تماشيا و المخطـط الخماسي المتعلق بتحديث الدولة الجزائرية و إلحاقها بالأمم الأخرى. و فـي هـذا المقام لابـد أن نعرج على تطـور هـذه المهنة في بلادنـــا.

فقبـل الاستقلال كانت مهنة المحضر القضائي مستقلة و ينظمها قانون 1945 الفرنسـي. و بعد حصول الجزائر على الاستقلال، و نظرا للتوجه الاشتراكي للدولة الجزائرية آنذاك أصبح المنفذون الأحـرار موظفـون بمصالـح التنفيـذ و التبليـغ بكـل محكمـة. و في 08 جانفي 1991 صدر أول قانون ينظم مهنة المحضر القضائي المستقلة و أعطى صفة الضابط العمومي للمحضر القضائي الذي يقوم بتبليغ المحررات و الإعلانات القضائية و تنفيـذ الأحكام القضائية، و يتولـى تسييـر مكتـب عمومـي لحسابـه الخاص و تحت مسؤوليتـه بإشراف الغرفـة الوطنيـة و الغـرف الجهويـة الثـلاث.


و تميزت السنوات الأولى من عمـر المهنـة بمـا يلـي :
- انعــدام التكويـن و التربـص بالنسبــة للمحضريــن الجــدد.
- عــدم تنظيــم نــدوات علميــــة تكوينيــة و توجيهيــة.
- اختــلاف طــرق التنفيــذ علـى مستــوى المحاكــم بالجمهوريــة.
- غمـوض النصـوص التنظيمية التي تحكم المهنة و خاصة منها مرسوم الأتعاب.
- صعوبــة تنفيـذ الأحكـام فـي ظـل ظـروف أمنيـة جــد صعبــة.

و لسد حاجيات المحاكم من المحضرين، نظمت وزارة العـدل مسابقـة وطنيـة ثانيـــــة من دون معالجة النقائص و استخلاص النتائج و الدروس من الفترة الأولى، و عدم لعب المجلس الأعلى لدوره المنوط به و الذي لم ينعقد سوى مرة واحدة في خلال 13 سنة من عمر المهنة و لـم نسجـل فـي كـل هــذه الفتــرة ســوى:

1 - مراجعـة سطحية جـدا و متأخـرة لمرسـوم أتعـاب تجاوزته، التغييـرات و الزيـادات المتلاحقة فـي كـل شــيء (الأجـور- المعيشـة - الإيجـار- الرسـوم- الضرائـب).
2- صدور قـرار 13/10/1999، يحـدد عـدد المكاتب العمومية للمحضرين و مقراتهـا.

و أمام هـذه الوضعيـة كـان لابد و أن تضطلـع الـوزارة و الغرفـة الوطنيـة بدورهمـا. حيث وصلت نسبة التنفيذ إلى أقل من 30 % مما أثر سلبا على مصداقية الأحكـام و التقليل من شأنهـا و من هبــة الدولــة.
و أمام معانـاة المحضريـن و احتجاجـات المواطنيـن و تراكم الأحكام غير المنفذة،التفـت المسؤولون في الدولة وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية بموضـوع التنفيـذ القضائـي لمـا لـه مـن ارتبـاط يومـي بالوطـن و المواطـن و بالملاحـظ الأجنبــي.
فكان لابد من التدخل و اتخاذ الإجراءات المستعجلة، فقامت الوزارة و الغرفة الوطنية بمراجعة النصوص التي تنظم و تحكم المهنـة و تفعيل دور الغرف الجهوية و الغرفة الوطنية في القيام بالمهام المنوط بها، كالتأديب و التفتيش و التوجيه و تنظيم الندوات العلمية الجهويـة و الوطنيـة و الدولية و المشاركة الفعالة في نشاطات الاتحاد الدولي و تنظيماته و اللقاءات المغاربيــــة و المشاركة في لجان مراجعة النصوص القانونية المرتبطة بالمهنة كقانون الإجراءات المدنية.
و إذا كان الجميع معني بإصـلاح العدالـة، فإن مساهمة المحضر القضائـي و دوره كبيريـن في إنجاح هذا الإصلاح من أجل عدالة قوية بقوانينها و رجالها، إن على المحضـر واجـب و دور يقـوم بهمـا لإنجـاح إصلاح العدالـة الشامـل، و يتمثـل هـذا الـدور فـي :


أولا : ترقية المهنة و تنمية المعارف العلمية و الثقافية للمحضر و انتقاء ذو التفوق الدراسـي من خريجي الجامعات، يتبعه مباشرة تكوين تخصصي نظري و تطبيقي لمدة سنتين.
ثانيا : الإلمام بلغتين أجنبيتين على الأقـل، استعدادا لدخول العولمة القانونية أو عالمـــية القوانيــن و عولمــــة المهنـــة.
ثالثا : المعرفة و الإحاطة بتكنولوجيا الاتصال (الإعلام الآلي و أنترنيت ...الخ) للتواصل داخل المهنـة و خارجهـا، و هـذا من أجـل تبادل المعلومات و سرعة التبليغ عن بعد عبر وسائل الاتصال الحديثة ( البريد الإلكتروني – الفاكس، الصور و الصوت ...).
فالمحضر القضائي من واجبه أن يساير التحــول التجـاري و الاقتصادي في البلاد و التفتح على سياسة اقتصاد السوق و جلب الاستثمار الأجنبي، فهو أداة من أدوات التحول و ضمانــة أكيدة في استرجاع الأموال إلى أصحابها- بكل الطرق القانونية. و تدعيما لهذا التوجه، نظمـت الغرفة الوطنية ندوة دولية تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية، تمحورت حـول دور المحضر القضائـي كضمانـة لتشجيـع المستثمر الأجنبـي و دخول رأسمال أجنبي.
كمساهمـة منها في التعريف بالإصلاحات التـي تقـوم بهـا الجزائـر و محو أثار الإرهاب

رابعـا : المحافظـــة على مبــدأ الحيــاد:
فالمحضر لا يخضع إلا للقانون و منطوق الحكم أو القرار الذي ينفذه، فهو لا يمثل طالب التنفيذ إلا بالقدر الذي يخوله القانون في استرجاع حقه الذي أقره القضاء.
فالمحضـر هو وكيلا عن الدولة في تنفيذ الأحكام القضائية في جانبها المدني بموجب التنازل لــه عـن جــزء من سلطتهـا في هــذا المجــال.

خامســـا : الاستقلاليـــة في التنفيــذ:
إن الهدف من تحرير المهنة هو استقلاليتها، فالمحضر أثناء قيامـه بواجبـه في التنفـيـذ لا يتوقف إلا بأوامر القضاء المكتوبة، و هي الجهة الوحيدة التي أقرت الحق، وهي الجهـــة الوحيدة التي لها حق تأويل و تفسير الأحكام التي أصدرتها هذه الاستقلالية مستمـــــدة من استقلالية القضــاء.

سادســا : أخلاقيـــات المهنـــة :
المحضر القضائي هو عيون و أذان و إرادة العدالـة فهـو الحاضر الساهر على حسن سيـر إجراءات التنفيذ و إثبات الحالات و التبليغات و التنفيذ، من لحظة انطلاق الخصومة إلى غايـة الفصل فيها و تنفيذها و في كل هذه المراحل فإن للمهنة أخلاقيات يجب أن يتحلى بها كالنزاهة و السر المهني و الائتمان و الوفاء بالوعد و الانضباط في العمل،

و في كل الأحوال يجب إن يسلك سلـوك المحضـر الشريـف. وإذا كان من واجب المحضر أن يرقي معارفه العلمية و التكنولوجية و الإلمام باللغات الحيـة و كذا تجسيد المحافظة على الحياد و الاستقلالية و الالتزام بأخلاقيات المهنة فإن هذا المجهـود لا يأتي بثماره إلا بمساهمة الدولة و تدعيمها،
و يتمثـل ذلــك فــي :

أولا : إعداد منظومة قانونية متكاملة و شاملة: تراعي تجربة أكثر من عشرة سنوات من عمر المهنة من سلبيات و إيجابيات و تأدية عمله. فحماية المحضر واجبة على الدولة، فلا تنفيذ بدون حماية و لا حماية بدون هيبة المحضر المستمدة من هيبة الدولة و أن مسألة المحضـر يجب أن تحكمها ضوابط كتلك التي يتمتع بها القاضي أو أي موظـف سامـي في الدولـــة
ثانيا: توفير الحماية القانونية و الجسدية: أثناء الممارسة، الرفـع من شـان المهنـة و عـدم الاستهانة بهـا، فقـوة المحضر من قـوة الدولـة و ضعفـه من ضعفهـــا.
ثالثا : تحسين الظروف المادية: بتنظيم مكافأة عادلة و كريمة مقابل أتعـاب يبذلهـا المحضـر في ظروف جد صعبة، يتفـق الجميـع على صعوبتهـا و خطورتهـــا.
رابعا : توفير فرص التكوين و الرسكلة للمحضرين و أعوان المحضرين: و تقديـم الدعم المالي للقيام بذلك. و بهذه المناسبة، فإن الغرفة الوطنية أبرمت اتفاقية مع المدرسة الوطنيـــــة للإجراءات الفرنسية لتكوين 30 محضرا مكونا بفرنسا و تآطير المدرسة الوطنية لتكويــن المحضرين و أعوانهم و تأسيس مجلة للمحضر القضائي متخصصة في طرق و إجـــراءات التنفيــــذ.
خامسا : إنشاء نوادي للفكر القانوني: و تبادل المعلومات و التجارب و تنظيم ندوات وطنية و دولية.
سادسا : إعطاء المحضر القضائي مزيدا من الحرية و المبادرة: في تنفيذ الأحكام القضائيــةو اختيـــار الوسيلة الكفيلة لاستعادة الحق إلى أصحابه، و من بينها تسهيل إجراءات الحجز و السرعة في توقيعه بموجـب محاضـر حجـز مستمدة قوتها من السند القضائي التنفيـذي النهائي – و كذلك الحصول على أية معلومـة تتعلـق بأمـوال المديـن أينمـا وجــدت.
و في الأخير، فإن هذا التصور لمساهمة المحضر القضائي في إصلاح العدالة يبقى بدون جدوى إن لم يتم التنسيق مع القضاة و المحامين و الموثقين و محافظي البيع و كتاب الضبط في توحيد الهدف المشترك، وهو العمل و التكامل، كل في حدود اختصاص هو العمل على ترقيـة العدالـة الجزائرية لما فيه صالح المواطن بصفة عامة و المتقاضي بصفة خاصة في ظل الاحتــرام المتبادل لكل دور، بعيـدا عن الحسابات الضيقة المبنيـة على المصلحة الذاتية لكل مهنـة على حســـاب المصلحـــة العلـيـــا للوطــــن.
و في الأخير، نحي المحضر القضائي الجزائري الذي تولى مسؤولية التنفيذ في أحلك الظروف التي عاشتها الجزائر من تاريخها.
هذا المحضر الذي حافظ على استمرارية تنفيذ أحكام القضاء في عشرية الإرهـاب السـوداء من أجل أن تبقى الدولة الجزائريـة واقفة بمؤسساتها، مقدما النفس فداء للجزائر في حربهاضـد الإرهـاب الغـادر في فترة اضمحلت فيها الدولة الجزائرية لولا سياسة الوئام الوطني بقيــادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التـي أنقـذت العبـاد و البــلاد.
و بهذه المناسبة، أرحم على أرواح الزملاء الذين سقطوا غدرا على يد الإرهابيين و كل أفـراد الشعب و قوات الأمن من جيش و شرطة و درك و حرس بلدي، الذيـن قدمـوا أرواحهم دفاعـا عــــن الوطـــــن.
و في الأخير، أتمنى لندوتنا هذه النجاح و التوفيق و الخروج بتوصيات تخدم العدالة الجزائرية و تسهــم فـــي إصلاحهــــا و عصرنتهــــا.


تحيا الجزائـر، المجـد و الخلـود للشهـداء الأبـرار.
و السـلام عليكـم و رحمة الله تعالـى و بركاتـه.
رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين

الأستـاذ شريـف محمــد

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
مساهمة ، المحضر ، القضائي ، برنامج ، إصلاح ، العدالة ،

« لا يوجد| لا يوجد»








الساعة الآن 07:05 AM