logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





01-12-2014 01:27 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1156
المشاركات : 303
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 260
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : كاتب

السلام عليـــــــكم

بحث حول الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق

خطة
مقدمة
المبحث الأول: شـروط الادعاء المدني وميادينه
المطلب الأول : شروط الإفدّعاء المدني
المطلب الثاني : ميادين الإدعاء المدني

المبحث الثاني : التحقيق في الإدعاء المدني وعوارضه
المطلب الأول: التحقــــــــيق في الادعاء المدنـــي
المطلب الثاني : ميادين الإدعاء المدني
الـمبحــث الثـــالـث: آثـار الادعاء المدني
المطلب الأول : الحقوق المترتبة للمدعي المدني
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على صفة المدعي المدني
المبحث الرابع : دعوى التعويض
الــــــمطلب الأول: شروط دعوى التعويض وأطرافها
المطلب الثاني :إجراءات رفع دعوى التعويض والحكم فيها
خاتمة

مقدمة
إن الجريمة هي عبارة عن فعل غير مشروع يقرر له القانون عقابا وليس هذا الفعل مجرد جريمة يعاقب عليها القانون فحسب، ويسأل عنها الجاني فقط ،بل قد يكون فعلا ضارا بالغير ويستوجب لمرتكبه عقابا مدنيا أيضا أساسه التعويض.
وبالتالي يتولد عن الجريمة حقّـان :
1- حق عام يتمثل في سلطة الدولة في عقاب المجرم.
2- وحق خاص يتمثل في حق الضحية في التعويض.
والأصل العام أن الدعوى الجزائية من اختصاص القضاء الجزائي، والدعوى المدنية من اختصاص القضاء المدني.
غير أن المشرع خوّل للمضرور إقامة دعواه المدنية أمام نفس القضاء الجزائي إذا كان هذا الأخير ينظر في دعوى جزائية تولدت عنها أضرار للغير وذلك لجملة من الأسباب منها :
مبدأ توحيد الأدلة والسرعة والفعالية للإجراءات،وكذلك كون القاضي الجزائي أكثر إطلاعا على ظروف الدعوى من الوجهتين الجزائية والتعويضية ،فيسهل عليه تقدير التعويض المدني بما يتناسب مع ما وقع للضحية من أضرار وما ارتكبه الجاني من أخطاء.
ولقد خوّل القانون للمضرور من الجريمة حق الإدعاء مدنيا والتدخل بصفته طرفا في الدعوى في أي مرحلة كانت عليها سواء أمام قاضي التحقيق أو جهات الحكم.
و لذلك فإن الإدعاء المدني يعتبر مبدأ عام متفق عليه في جميع الشرائع المعاصرة مع بعض الاختلافات في التطبيق من حيث الشمولية والتحديد.
أما بالنسبة للقانون الجزائري فقد أخذ المشرع الجزائري بقاعدة الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق كمبدأ عام وشامل يطبق في جميع أنواع الجرائم ، واستثناءا لذلك فقد أجازه أمام المحكمة بمقتضى المادة: 337 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية لكن بشروط محددة ومقيدة .
والإشكال المطروح هو ما المقصود بالإدعاء المدني ، و ما هي الإجراءات المتبعة لممارسته أمام قاضي التحقيق ؟
وهذا ما سنتطرق إليه من خلال مذكرتنا الموسومة بـ » إجراءات الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق « وفق الخطة المعتمدة:

المبحـــــث الأول: شـــــــروط الادعاء المدنــــــــــي وميادينه :
المطلب الأول : شروط الإفدّعاء المدني :
تعريــــــف :إن المقصود بالإدعاء المدني هو المبادرة الشخصية من طرف المدعي المدني في تقديم شكواه أمام قاضي التحقيق بغرض تحريك الدعوى العمومية من أجل القيام بالمتابعة الجزائية والحصول على التعويض لما ارتكبه الجاني من أضرار، وبالتالي فهو مبدأ عام يمكن لكل شخص استعماله دون قيد. غير أن ممارسته تستدعي توافر شروط شكلية وأخرى موضوعية.
الفرع الأول : الشروط الشكلية :
أولا:
تقديم الشكوى:من حيث المبدأ أن الإدعاء المدني غير خاضع لأي صيغة أو شكلية معينة لكنه مع ذلك يشترط فيه وجود شكوى مقدمة من الشخص المتضرر أمام قاضي التحقيق تطبيقا لمقتضيات المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية ،وتعتبر الشكوى الأساس في الادعاء المدني حيث يتقدم بها المشتكي مباشرة أمام قاضي التحقيق بصفته متضرر من الجريمة قصد تحريك الدعوى العمومية وتوجيه الاتهام للمشتكي منه بمقتضاها يقوم القاضي المختص بالتحقيق في الدعوى موضوع الشكوى بعد عرضها على السيد وكيل الجمهورية لإبداء رأيه طبقا للفقرة 01 من المادة 73 من ق.إ. ج والتي تنص على مايلي:"يأمر قاضي التحقيق بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية في أجل خمسة أيام وذلك لإبداء رأيه , ويجب على وكيل الجمهورية أن يبدى طلباته في أجل خمسة أيام من يوم التبليغ حيث تكون النيابة العامة تبعا لها بالانضمام لمسعى المدعي المدني في تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها رغم إرادتها وفي هذا النوع من المتابعات فإن المدعي المدني يكون مسؤولا شخصيا عن سوء إدعائه في حالة عدم ثبوت التهمة .
وعليه فإن القانون "لم يحدد شكل هذه الشكوى فيجوز تقديمها شفهيا أو كتابيا من طرف المتضرر من الجريمة ذاته أو من طرف محاميه أو وكيله الخاص"1
كما يشترط فيها أن تكون محتوية على الوقائع موضوع الاتهام ولا يشترط تحديد التهمة أو ذكر المواد القانونية المطبقة وذلك حتى يسهل لقاضي التحقيق معرفة إرادة المشتكي وتحديد التهمة المناسبة كما يمكن على أساسها للنيابة العامة تقديم طلباتها طبقا للقانون.
كما أن القانون لا يشترط في المشتكي منه أن يكون محددا بالذات بل يكفي إن يكون معروفا بصفاته كما يمكن أن يكون مجهولا وفي هذه الحالة يجوز للنيابة العامة توجيه طلباتها بالمتابعة ضد شخص معلوم أو مجهول تطبيقا للفقرة 02 المادة 73 من ق.إ.ج
كما يشترط فى الشكوى المصحوبة بالإدعاء المدني أن تكون صادرة من الشخص المتضرر من فعل يوصف بالجريمة معاقب عليها في قانون العقوبات و بالنسبة للقاصر وفاقد الأهلية والأشخاص الاعتبارية فان الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني ترفع من الولي أو الوصي أو الممثل القانوني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الأستاذ / بغدادي الجيلالي التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية .

ملاحــــظـة : طريقة إيداع الشكوى لدى قاضي التحقيق :
1-إذا كانت المحكمة تحتوي على قاضي واحد فهنا المسألة لا تطرح إي إشكال باعتبار أن الشكوى تقدم إلى قاضي التحقيق بالمحكمة بعد استفاء الشروط الشكلية والموضوعية.
2-إذا كانت المحكمة تحتوي على عدة قضاة للتحقيق ،وهنا تثار مسألة تحديد القاضي المختص،ففي هذه الحالة فإن الضرورة العملية تقتضي أن تقدم الشكوى بداية إلى عميد قضاة التحقيق وعادة هو القاضي الأقدم فيعمل على دراستها بعد استفاء الإجراءات القانونية المعتادة.

ثـــــانيا: إيداع الكفالة :
نصت عليها المادة 75 ق.إ.ج. وهو عبارة عن مبلغ يودع بكتابة ضبط المحكمة بعدما يحدده قاضي التحقيق المختص مقابل وصلا ،ويتم إيداعه بالخزينة العمومية في انتظار الفصل النهائي في الدعوى ،وهو مبلغا ضامنا للمصاريف القضائية التي تبقى محفوظة إلى حين الفصل في القضية بقرار نهائي فإذا انتهت القضية (الدعوى) بالإدانة،تحمل المصاريف القضائية على المتهم ويسترد المدعي المدني مبلغ الكفالة.أما إذا خسر دعواه من خلال قرار أن لا وجه المتابعة أو يحكم بالبراءة يلتزم بالمصاريف القضائية التي يغطيها مبلغ الكفالة الذي أودع على سبيل الضمان.وفي جميع الأحوال يجب على الجهة القضائية الناظرة في الدعوى أن تفصل في موضوع الكفالة سواء بالاسترداد أو المصادرة حسب الحالات،فإذ لم يفصل فيه يمكن للمدعي المدني طلب استردادها بمقتضى طلب يرفع إلى آخر جهة قضائية فصلت في الدعوى.
كما يجوز إعفاء المدعي المدني من مبلغ الكفالة عملا بنص المادة 75 من ق.إ.ج. إذا حصل على المساعدة القضائية والتي تمنح حسب الإجراءات المقررة في الأمر 71 -57 المؤرخ في:
سنة :1971 المعدل والمتمم بالقانون رقم:01-06 الصادر بتاريخ :22/05/2001 المتضمن المساعدة القضائية.
كما أن الإدارات العمومية معفية من دفع مبلغ الكفالة بقوة القانون ، ما عدا هذين الحالتين فإن الكفالة شرطا أساسيا بدونها يكون الإدعاء المدني غير مقبول شكلا.
أما بالنسبة لمقدار الكفالة فإن ق.ا.ج لم يتعرض إلى هذه المسألة تماما بل ترك ذلك لقاضي التحقيق حسب طبيعة القضية و ظروفها و الإجراءات التي تستلزمها.
- و لما كان النص القانوني يحدد الكفالة طبقا لسلطة التقديرية للقاضي أدى بصاحب الادعاء المدني إلى التخلي عن هذه الطريقة كإجراء من إجراءات التقاضي و رفع دعوى أمام القضاء و عليه كان من الواجب تدخل المشرع بتحديد قيمة الكفالة و جعلها تنحصر في حدود المصاريف القضائية التي يقررها قانون الرسم القضائي في إطار القوانين الجنائية .

ثـــــالثا: اختيار الموطن :
و يقصد به ذلك العنوان الذي يختاره الشخص المشتكي بدائرة المحكمة التي يمارس بها قاضي التحقيق أعماله حتى يكون بمثابة وسيلة اتصال تربطه به و عن طريقها يتم الاتصال و استقبال المراسلات و الحصول على المعلومات و التوضيحات التي قد يحتاج إليها قاضي التحقيق و العكس صحيح بالنسبة للمدعي المدني و اختيار الموطن بالنسبة للمدعي المدني عملا بأحكام المادة 76 ق.إ.ج "على كل مدع مدني لا تكون إقامته بدائرة اختصاص المحكمة التي يجري فيها التحقيق أن يعين موطنا مختارا بموجب تصريح لدى قاضي التحقيق .
فإذا لم يعين موطنا فلا يجوز للمدعي المدني أن يعارض في عدم تبليغه الإجراءات الواجب تبليغه إياها بحسب نصوص القانون " قد يدون في العريضة كما يمكنه تحديد موطنا لا حق أثناء سير الدعوى بتصريح منه لدى قاضي التحقيق يختاره لدى محامية أو احد أقاربه أو أصدقائه كما يجوز له اختيار موطن لدى المحضر القضائي و العبرة من تحديد الموطن تتمثل في حق الاستئناف أو تقديم الملاحظات بشأن إجراء متخذ في القضية و عليه لا يمكن للمدعي المدني الاحتجاج بعدم التبليغ غير أن هذا لا يحول دون التبليغ المدعي المدني في موطنه المعتاد حسب الإجراءات العادية ذلك لتفادي المسؤولية التي قد تقع على قاضي التحقيق في حالة بعد المسافة أو صعوبة الاتصال

الفـرع الــــــــثاني: الــــــشروط المـــــــــوضوعيــــــــة :
أولا : قيام الجريمة :
لما كان الغرض من الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني هو إقامة الدعوى المدنية التي تقوم على كاهل الدعوى العمومية فقد يشترط لقبول هذا الادعاء وجود جريمة قائمة بأركانها تكون مصدر الضرر مع وجود علاقة مباشرة بين الجريمة والضرر الذي أصاب المشتكي شخصيا ومباشرة.
ولما كانت الجريمة هي أساس الإدعاء المدني وشرطا لقبوله فإنه يترتب على انقضاء الدعوى العمومية أو توقف المتابعة جزاء عدم قبول الإدعاء أو رفضه حسب الأحوال بالرغم من وجود الضرر 1

ثــانيا : وجود الضرر :
القاعدة في الضرر انه لا يجوز لأحد أن يدعي مدنيا ما لم يكن حائزا على صفة الشخص المتضرر من عمل مصدره الجريمة ، ويعرف الفقهاء الضرر بأنه الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه الشخصية أو المالية أو في مصلحة يحميها القانون ويشترط في الضرر أن يكون شخصيا ومباشرو حقيقا بالمفهوم الوارد في المادة 02 الفقرة الأولى مــن : ق.إ. ج والتي تنص على أنه" يتعلق الحق في الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة أو مخالفة من كل
ما أصابهم شخصيا ضرر مباشر تسبب عن جريمة "و لا يكفي الاحتمال وقوع الضرر إنما يجب أن يكون حالا أو أن يكون تحققه في المستقبل مؤكدا كالجرح الذي يترتب عليه عجز يمنع صاحبه
للمزاولة عمله لمدة معينة وكفقد البصر نتيجة إصابته في إحدى العينين مثلا كما نص له قانون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأستاذ :عي جروه، [الموسوعة في الإجراءات الجزائية]المجلد الثاني في التحقيق ص (60-61).
الإجراءات الجزائية على أن الدعوى تكون مقبولة عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادية أو أدبية أو جثمانية ،ويقصد بالتضرر من الجريمة المجني عليه أي الشخص الذي وقعت عليه الجريمة.
أو ذوي الحقوق سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو أشخاص معنوية وينبغي أيضا أن لا يكون الضرر مبنيا على سبب غير مشروع أو مخالف للأخلاق فلا يحق للخليلة أن تطالب بالتعويض عما أصابها من ضرر ناتج عن وفاة خليلها في حادث كما لا يحق للمستفيد من الشيك الذي قبله مع علمه بأنه بدون رصيد أن يطالب بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء جريمة سحب الشيك دون مقابل 1

ثـــــــــــالثا: عدم حصول متابعة قضائية سابقة :
لقبول الادعاء المدني يشترط عدم وجود متابعة قضائية سابقة من شانها أن تجعل الدعوى العمومية منتهية بقرار نهائي سواء أكان بالبراءة أو بالإدانة وفي هذه الحالة يصبح الادعاء المدني غير جائز ضد الأشخاص الذين شملهم القرار القضائي حتى ولو كانت الدعوى العمومية ضد مجهول . أما إذا كانت الدعوى العمومية مازالت مطروحة أمام القضاء فهناك حالتين :
-إذا كانت الدعوى منظورة أمام جهة التحقيق جاز للمدعي المدني التدخل بادعائه أمام قاضي التحقيق طبقا للمادة 72 من ق.إ.ج أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إلى جهة الحكم أمكن للمدعي المدني أن يتدخل بصفته طرفا مدنيا أمام المحكمة المختصة طبقا للمادة 240 من ق.إ.ج "يحصل الإدعاء المدني إما أمام قاضي التحقيق طبقا للمادة 72 من هذا القانون وإما بتقرير لدى قلم الكتاب قبل الجلسة إما أثناء الجلسة بتقرير يثبته الكاتب أو بإبدائه في مذكرات "(2).
يلاحظ من هذا أن ترجمة النص الفرنسي للعربي فيه بعض الخلط في المصطلحات ذلك أن النص الفرنسي يقصد بالإدعاء المدني أمام المحكمة التأسيس كطرف مدني في حين النص العربي يقصد به الادعاء المدني أمام المحكمة .
-أما إذا كانت الدعوى قد انتهت بقرار لا وجه للمتابعة أو رفض الادعاء المدني وصار هذا القرار نهائي فهناك حالين:
- إذا كان الادعاء المدني مرفوض شكلا جاز للمدعي المدني تصحيح الإجراء الفاسد وإعادة الادعاء من جديد أمام قاضي التحقيق.
- أما إذا كان سبب القرار موضوعيا كحالة انقضاء الدعوى العمومية مثلا فان هذا الأمر حكمه حكم أمر انتفاء وجه الدعوى ومن ثمة لا يجوز للمدعى المدني إقامة ادعائه مرة أخرى حتى لو كان ذلك بناءا على ظهور أدلة جديدة حيث تبقى هذه الأخيرة حقا للنيابة العامة وحدها تطبيقا لأحكام المادة 175 من ق.إ.ج والمتعلقة بالتحقيق في حالة ظهور أدلة جديدة 3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأستاذ جيلا لي بغدادي التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية الطبعة الأولى 1999.
(2) المادة 240 قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 175 من قانون الإجراءات الجزائية.

وهناك حالتين:
- حالة ما إذا مارس وكيل الجمهورية هذا الحق أمكن للمدعي المدني أن ..يتدخل كطرف مدني في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حيث يكون تدخله هذا بصفته ضحية من اجل طلب التعويض وليس بصفته طرفا محركا للدعوى العمومية بمفهوم الادعاء المدني .
- حالة ما إذا رأت النيابة العامة عدم ملائمة المتابعة وقررت حفظ الإجراءات فإن القرار لا يمنع المدعي المدني من تحريك الدعوى العمومية بإرادته الخاصة أمام قاضى التحقيق وذلك بتقديم شكوى مصحوبة بالادعاء المدني .

المطلب الثاني : ميادين الإدعاء المدني :
من حيث المبدأ أن الإدعاء المدني هو حق مقرر لصاحبه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وفي جميع القضايا الجزائية التي يوجد فيها شخص متضرر سواء كان ذلك الضرر ماديا أو معنويا.
وطبقا للمادة :72 من ق.إ.ج.فإن المدعي المدني هو الذي يقوم بتحريك الدعوى العمومية بصفته متضررا من الفعل الإجرامي الذي أصاب مصلحة شخصية تأثر بها المجتمع والمتضرر، وعلى العموم فإن قانون الإجراءات الجزائية حين أقر مبدأ الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق كان يقصد به الإدعاء أمام الجهة القضائية المختصة بالقانون العام دون الجهات القضائية الخاصة والمحاكم الاستثنائية التي تحكمها نصوص خاصة لا مجال فيها لتطبيق هذا المبدأ 1

الـــفرع الأول : "الجرائم المرتكبة من طرف الجناة الأحداث والأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية أو القضايا التي تتبع فيها إجراءات خاصة " :
أولا : الجرائم المرتكبة من طرف الأحداث :
ففي هذه الحالة المبدأ يقتضي أن يكون الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق المختص بالتحقيق في قضايا الأحداث وهذا تطبيقا لنص المادة 475 الفقرة 03 من ق.إ.ج " أما المدعي المدني الذي يقوم بدور المبادرة إلي تحريك الدعوى العمومية فلا يجوز له الادعاء مدنيا إلا أمام قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بمقر قسم الأحداث التي يقيم بدائرتها الحدث " .

ثـــــانيا: الجرائم المرتكبة من طرف الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية والبرلمانية أو القضايا التي تتبع فيها إجراءات خاصة :
فبالنسبة للجرائم المرتكبة من طرف الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية و البرلمانية أو القضايا التي تتبع فيها إجراءات خاصة فإنه يمكن الادعاء مدنيا أمام قاضي التحقيق المختص بجرائم القانون العام غير انه لا يجوز البدء في إجراءات التحقيق إلى بعد اتخاذ التدابير اللازمة لرفع الحصانة القضائية أو البرلمانية حسب الإجراءات التي يقررها القانون .
و بناءا عليه فإن قدمت أمام قاضي التحقيق شكوى مصحوبة بالادعاء المدني في قضية ضد قاضي أو نائب أو عضو في الحكومة تستدعي إتباع إجراءات خاصة سواء من حيث المتابعة أو التحقيق وجب على قاضي المعني قبل البدء في التحقيق عرض الشكوى على وكيل الجمهورية ليتسنى له اتخاذ ما هو لازم من إجراءات و لا يشرع في التحقيق إلا بعد استنفاذ الإجراءات المقررة قانونا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأستاذ :علي جروه الموسوعة في الإجراءات الجزائية،[المجلد الثاني في التحقيق ص (72-73)].
"تطبيقا لنص المادة 72 من ق. إ. ج التي تبيح للمضرور تحريك الدعوى العمومية سواء كان الضرر ناتج عن جناية أو جنحة فإن هذا لا يعني الحرية المطلقة للمضرور في إدعاء شكوى مصحوبة بالادعاء المدني.

الــفرع الثاني : الجرائم ذات الموانع القانونية :
هناك بعض الجرائم التي تحتوي على موانع قانونية مصرح بها بنص قانوني حيث تقسم هذه الموانع إلى عدة أقسام :
أولا :
الموانع الناشئة عن كون الجناية أو الجنحة ارتكبت خارج الإقليم الجزائري حيث أن المشرع خول للنيابة العامة وحدها حق المتابعة طبقا لنص المادة 587 ق. إ. ج (تجرى المتابعة بناءا على طلب النيابة العامة لمحل إقامة المتهم أو مكان آخر محل إقامة معروف له أو مكان القبض عليه.

ثــــانيا :
الموانع الناشئة من أن الجريمة قد صدر فيها أمر أو قرار نهائي بأن لأوجه للمتابعة حيث أن القانون منح للنيابة العامة وحدها حق الملاحقة فيها بناءا على الأدلة الجديدة مادة: 175[فقرة( 3)] من : ق . إ ج .
ثــالـثا :
الموانع الناشئة عن ضرورة وجود إذن من السلطة المختصة كما هو الحال بالنسبة للنواب و القضاة و الولاة و مأموري الضبط القضائي طبقا للمادة(573 و577 )ق.إ.ج و الموانع الناشئة عن صفة الفاعل كالسرقة بين الأزواج أو بين الأصول أو الفروع لأن المادة 368 من قانون العقوبات لا تعاقب عليها جزائيا و إنما تحول الحق في التعويض فقط 1
رابـعا : الموانع الناشئة عن قيام سبب من أسباب الإباحة وفقا لأحكام مادة 39 و40 ق . إ . ج و لقد عبر المشروع عن هذه الموانع كلها و جمعها في المادة 73 فقرة 2 من ق . إ . ج بقوله ما لم تكن الوقائع لأسباب تمس الدعوى العمومية نفسها غير جائز قانونا متابعتها أو كانت الوقائع على فرض ثبوتها لا تقبل أي وصف جزائي" 2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)قانون الإجراءات الجزائية ،المواد: (587 -175-573-577-73 فقرة 3).
(2)قانون العقوبات الجزائري:المواد39-40

المبحث الثاني : التحقيق في الإدعاء المدني وعوارضه :
المطلب الأول: التحقــــــــيق في الادعاء المدنـــي :
الفـــرع الأول: الاختصاص في الادعــــــــــــاء المدني :
طبقا لنص المادة 40 من ق إ ج والناصة على "يتحدد اختصا ص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة احد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها أو بمحل القبض على احد هؤلاء الأشخاص حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر ويجوز تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبيض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف "(1)
يستخلص من هذا أن الاختصاص المحلي للادعاء المدني مرتبط باختصاص قاضي التحقيق وعليه فان أي شكوى مصحوبة بادعاء مدني يجب أن يتم حصول التحقيق فيها أمام قاضي التحقيق المختص وعليه فمتى عرضت عليه وقائع تدخل في اختصاصه فهو ملزم بالتحقيق فيها .
وعليه فتقديم الشكوى إلى الضبطية القضائية أو النيابة العامة يعد من قيبل التبليغات كما لا يقبل الادعاء المدني الذي يقع أمام محقق غير مختص قانونا بنظر الدعوى فلا يجوز الادعاء مدنيا أمام القاضي العسكري لأن القضاء العسكري لا يبت إلا في الدعوى العمومية ولأن تحريك هذه الدعوى خوله المشرع لوزير الدفاع الوطني من جهة أخرى وفقا لأحكام المادتين 24 و68 من قانون القضاء العسكري "(2) وإما إذا تبين له فيما بعد بأنه غير مختص جاز له إصدار أمر بعدم الاختصاص كما يمكنه إصدار أمر بالتخلي إذا كانت وقائع موضوع الشكوى يتم فيها التحقيق من طرف جهة أخرى مختصة حتى ولو كان هو المختص عملا بمبدأ الدعوى الجنائية .
وعند تلقي قاضي التحقيق الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني فإنها تعرض على السيد وكيل الجمهورية الذي من حقه إبداء طلباته في ظرف05 أيام من تاريخ عرض الشكوى التي يفترض حصول إحدى الحالات الثلاثة فيها:
- إذا اخذ قاضي التحقيق برأي وكيل الجمهورية حسب طلباته فان الأمر هنا لا يحتاج إلى تعليق لانعدام النزاع. إذا طلب وكيل الجمهورية عدم إجراء التحقيق لأسباب يراها تمس الدعوى العمومية أو لوجود مانع قانوني ولم يأخذ بها قاضي التحقيق كان على هذا الأخير تبعا لهذه الحالة استصدار أمر بمواصلة التحقيق في الشكوى فيبقى لوكيل الجمهورية المنازعة فيه عن طريق الاستئناف طبقا للمادة 170 ق إج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المادة 40 قانون الإجراءات الجزائية .
الأستاذ جيلا لي بغدادي التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية.
- إذا طلب وكيل الجمهورية المتابعة و إجراء التحقيق في القضية غير أن قاضي التحقيق قرر عدم قبول الادعاء المدني أو رفض إجراء التحقيق ترتب على هذا القرار حق المنازعة لكل من المدعى المدني و النيابة العامة عن طريق الاستئناف. و في كل هذه الحالات يجب أن يكون أمر القاضي التحقيق مسببا تسبيبا كافيا و إلا كان مشوبا بعيب البطلان.
و لكن هل يجوز لقاضي التحقيق اتهام أشخاص خارج الشكوى دون طلبات جديدة من وكيل الجمهورية؟
طبقا للمبدأ العام في التحقيق بالنسبة لقضايا الادعاء المدني فإن قاضي التحقيق يخطر بالوقائع و ليس بالأشخاص و من ثمة فقد يجوز له اتهام كل شخص له علاقة بالوقائع المخطر بها في طار التحقيق فإذا لم يتوصل إلى اكتشاف أي احد من المتهمين اصدر قاضي التحقيق أمر بانتفاء وجه الدعوى في الحال . أما في حالة ما إذا ظهرت أدلة جديدة أثناء التحقيق و لم يشر إليها قي الشكوى أو طلبات النيابة العامة فهنا يتعين على قاضي التحقيق عرض ملف الدعوى من جديد على وكيل الجمهورية مع المستندات الجديدة ليتسنى له تقديم طلباته بشأنها و في هذه الحالة لا يسأل المدعي المدني و لا يتحمل مسؤولية تبعية الاتهامات التي جاءت بناءا على وقائع جديدة.

الـــــــــــفرع الثاني : الإدعـــاء المدني أثناء التحقيق :
القاعدة أنه يجوز لكل شخص متضرر من جريمة الإدعاء مدنيا أمام قاضي التحقيق طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة :72 من: ق.إ.ج ،وإذا كانت الدعوى العمومية قد حركت من قبل النيابة العامة أو مدعي مدني آخر في كل وقت أثناء سير التحقيق ففي هذه الحالة يعتبر الطرف المتدخل أثناء سير التحقيق طرفا منضما في الدعوى التي أقامها المدعي الأول حيث ترتب آثارها بالنسبة لهما جميعا. غير أن المدعي المدني الجديد المتدخل أثناء سير التحقيق لا يكون في هذه الحالة معينا بالشروط والالتزامات التي تقررها قاعدة الإدعاء المدني خاصة منها ما يتعلق بدفع الكفالة أو تقديم الشكوى وعرضها على النيابة العامة متى كانت الوقائع محل الاتهام هي نفسها في كلا الإدعاءين وهذا تطبيقا لأحكام المادة :74 من :ق.إ.ج.التي تجيز الإدعاء مدنيا في أي وقت أثناء سير التحقيق دون أن يبلغ هذا الإدعاء إلى باقي أطراف الدعوى الآخرين.
ويستخلص من هذا أنه بإمكان كل شخص متضرر من جريمة سبق إخطار قاضي التحقيق بها في إطار شكوى مصحوبة بإدعاء مدني من طرف شخص آخر أن يتدخل أمام قاضي التحقيق بصفته مدعيا في حدود الدعوى المدنية التي ترتب حق التعويض شأنه في ذلك شأن المتدخل في الدعوى المقامة من قبل النيابة العامة حسب الحالات العادية دون دفع المصاريف.
إن الحكمة من إعطاء المدعي المدني حق التدخل أثناء سير التحقيق طبقا لأحكام المادة :74 من ق.إ.ج.هو تحقيق فائدتين أساسيتين أولهما إعطاء فرصة للمتضرر من نفس الوقائع ممارسة دعواه المدنية بصفته طرفا منضما في الدعوى العمومية بأخف الإجراءات ودون مصاريف. وثانيهما إعطاء فعالية وتدعيما للدعوى العمومية بما يأتيه المدعي الجديد من دلائل ضد المتهم والكشف عن الحقيقة.لكن إذا جاء المتدخل الجديد بوقائع جديدة لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق أثناء الإدعاء الأول كان على هذا الأخير غير مختص بنظرها إلا إذا عرضت عليه في شكل إدعاء مدني أصلي بالشروط المنصوص عليها في المادتين :73- 74 من :ق.إ.ج.
وفي جميع الأحوال إن الإدعاء المدني المقدم أثناء سير التحقيق لا يتطلب تبليغه إلى أطراف الدعوى الآخرين، وهم المتهم والنيابة أو المدعي المدني الأصلي باعتبار الأمر هنا يخص نفس الوقائع لم يأت فيها المدعي المدني باتهام جديد.ومع ذلك فقد يجوز لكل طرف في الدعوى الاعتراض على الإدعاء المدني الجديد سواء من حيث الصفة والحق في الإدعاء أو الحق المدعى به أو من حيث الاختصاص،ويكون ذلك بموجب عريضة تودع لدى قاضي التحقيق الذي يبت فيها بقرار مسبب بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية، كما يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر رفض الإدعاء المدني أو عدم اختصاصه إذا رأى سببا لذلك بنفس الأوضاع. 1
أما بالنسبة لشكلية التدخل أثناء سير التحقيق فلم يحدد قانون الإجراءات الجزائية شكلية معينة للتدخل أثناء سير التحقيق في إطار أحكام المادة 74 من :ق.إ.ج. غير أن علة وجوده تفترض بساطة إجراءاته ،وهنا ينبغي التنبيه إلى أن التدخل في القضايا الجزائية يختلف عنه في القضايا المدنية. فمن الناحية القانونية ينبغي أن يكون التدخل أثناء سير الدعوى قبل غلق إجراءات التحقيق وإحالة الدعوى على جهة الحكم أو صدور أمر ينهي الدعوى العمومية.
ومن الناحية العملية فإن الإدعاء المدني أثناء سير التحقيق يجرى عن طريق شكوى تودع لدى القاضي المكلف بالتحقيق في القضية بشرط أم تكون متعلقة بنفس الوقائع التي سبق له أن أفخطر بها بغض النظر عن الأشخاص المتهمين.

المــــــطلب الثاني : عوارض الادعاء المدني :
إن الهدف النهائي من الإدعاء المدني هو الوصول إلى تحقيق نتيجة و ذلك بجبر الضرر عن طريق التعويض الذي يدخل في اختصاص جهة الحكم.
أما بالنسبة لدور التحقيق فهو البحث واكتشاف عناصر الجريمة وإيجاد الدليل لإقامة الدعوى العمومية التي يكون لها تأثيرا على الدعوى المدنية سواءا سلبيا أو إيجابيا وذلك بما يطرأ على الإدعاء المدني من عوارض سابقة وأخرى لاحقة
الــفرع الأول :العوارض السابقة على الادعاء المدني :
هي حالات قانونية تطرأ على الادعاء المدني قي شكله فتجعله منتهيا في مهده الأول دون الحاجة إلى التحقيق في الموضوع و منها حالة الأمر برفض إجراء التحقيق في الادعاء المدني و عدم قبوله أو عدم الاختصاص و كلها عوارض سابقة على الادعاء المدني يفصل قاضي التحقيق قبل التصدي للموضوع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأستاذ:علي جروه ،الموسوعة في الإجراءات الجزائية،المجلد الثاني في التحقيق ص(69-70).
أولا : قرار رفض التحقيق :
وهو أمر يصدره قاضي التحقيق يقرر بمقتضاه الامتناع عن القيام بإجراء التحقيق في الشكوى محل الادعاء المدني بعد إخطاره قانونا بالرغم من توافر الشروط الشكلية غير انه لأسباب قانونية تخص الدعوى نفسها مثل عدم توافر شرط من شروطها , حصول تقادم , صدور العفو الشامل , انعدام الوصف الجنائي للأفعال محل الادعاء. "انعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة لدى الشاكي ".
هذه الأسباب تجعل التحقيق فيها غير ممكن فيقرر القاضي الامتناع عن مباشرة التحقيق إما من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب النيابة العامة فيصدر إما أمر بانقضاء الدعوى العمومية أو أمرا
بالاّ وجه للمتابعة.

كما يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر رفض إجراءات التحقيق على الحال وهذا عندما يكون المانع مؤقتا والحقيقة أن رفض الدعوى في الحال شبيه بالرفض الشكلي غير أنهما يختلفان من حيث الآثار وذلك أن الرفض في الشكل قد يكون له حجته في بعض الحالات التي يكون فيها الحكم منهيا للدعوى مثل حالة رفض الاستئناف شكلا لعدم قيام الطعن في الميعاد القانوني لكن في الحالات التي يكون ليس له اثر على الدعوى مثل حالة الرفض شكلا لعدم استفاء إجراء من إجراءات التي يتطلبها القانون كحالة عدم رفع الحصانة القضائية قبل تقديم الشكوى مثلا فان هذا يتطلب توقيف التحقيق مؤقتا لتصحيح الإجراءات ثم إعادة الدعوى في شكلها الصحيح . لذلك كان القضاء قد أوجد هذا الإجراء العملي الذي طبق في المسائل الجزائية والمدنية على حد سواء ومنهما حالة رفض إجراء التحقيق ورفض الدعوى على الحال أو انتفاء وجه الدعوى على الحال معناه توقيف مواصلة إجراء الدعوى إلى حين التوصل إلى اكتشاف الجاني مثلا . ومن الناحية القانونية فان قرار رفض التحقيق هو قرار قضائي كباقي القرارات القضائية الأخرى يتعين أن يكون مسببا تسبيبا كافيا وأن يبلغ إلى كل من النيابة العامة والمدعي المدني وهو قابل للطعن بطريق الاستئناف أمام غرفة الاتهام . "وفي حالة ما إذا فتح تحقيق ولم يتوصل قاضي التحقيق إلى أي نتيجة كما لو فتح التحقيق بناء على شكوى مع ادعاء مدني ضد شخص مسمى ولم يتمكن التحقيق من تحديد الهوية , فلقاضي التحقيق أن يصدر أمر بانتفاء وجه الدعوى وليس أمر برفض التحقيق 1

ثانيا: أمر عدم قبول الادعاء المدني :
هو الأمر الذي يقرر بمقتضاه قاضي التحقيق رفض الادعاء المدني لأسباب شكلية إذا ما قدم الادعاء في شكل مخالف لقاعدة جوهرية في الإجراءات التي ينص عليها القانون أو لأسباب تمس الدعوى نفسها أو كان مخالف لقواعد الاختصاص المشتركة بين الدعوى المدنية والدعوى الجزائية كحالة كون الادعاء المدني جاء من شخص عديم الأهلية في غياب ممثله القانوني أو لكون الوقائع موضوع الادعاء المدني ليس لها صلة بالضرر المدعي به أو كون الفعل الجنائي لا يرتب حق التعويض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور أحسن بوسقيعة التحقيق القضائي ص124 قرار المحكمة العليا الغرفة الجنائية المجلة القضائية العدد 3 مؤرخ في 26/10/1998 ملف رقم 204343.
ومن ابرز الحالات التي تستدعي فيها إصدار أمر بعدم قبول الادعاء المدني حالة انعدام المصلحة العامة وحالة عدم ارتباط الدعوى الجزائية بالدعوى المدنية وحالات سقوط الدعوى العمومية وانعدام الوصف الجنائي للفعل موضوع الشكوى وفي حالة عدم حضور المدعي المدني أمام قاضي التحقيق لسماعه باعتباره مشتكيا ومحركا لدعوى العمومية فان هذا التخلف يجعل من المدعي المدني متخليا عن ادعائه وهذا يؤدي حتما إلى رفض الادعاء المدني .
" ومن الجائز أيضا أن يصدر قاضي التحقيق أمر بعدم قبول الشكوى مع الادعاء المدني لعدم استيفائها الشروط الشكلية المطلوبة قانونا كما في حالة عدم إيداع المدعي المدني لدى كتابة الضبط المبلغ المقدر لزومه لمصاريف الدعوى المادة 75 ق.إ.ج "1
وعلى أية حال فان أمر عدم قبول الادعاء المدني يختلف حسب الحالات فمثلا إذا كان عدم قبول الادعاء المدني سببه عارض شكلي ظهر من البداية أي قبل عرض الشكوى على السيد وكيل الجمهورية لإبداء طلباته فان هذا العارض يجعل من قاضي التحقيق غير مؤهل للتحقيق في القضية مادام لا توجد متابعة أصلا وهذه الحالة تتطلب إصدار الأمر بعدم قبول الادعاء المدني . أما إذا ظهر السبب بعد تقديم النيابة العامة لطلباتها فيصبح بذلك قاضي التحقيق مختص بالتحقيق في الادعاء المدني وفي هذه الحالة قد يحدث النزاع لذا أوجب المشرع في المادة 74 على قاضى التحقيق حتى في حالة انعدام المنازعة من أحد الأطراف أن يقرر من تلقاء نفسه حالة النزاع ويفصل فيه بقرار مسبب برفض التحقيق.
ملاحظـــة : إجراءات ونماذج عن تسجيل هذا الأمر بواسطة التطبيقة القضائية أنظر الملاحق.

ثـــالثا : أمر عدم الاختصاص :
لقد سبق القول انه لقبول الادعاء المدني يجب توافر شرط اختصاص قاضي التحقيق طبقا للمادة 72 من ق.إ.ج والاختصاص في هذه الحالة يعتبر من النظام العام يتعين علي القاضي إن يثيره من تلقاء نفسه لذا وجب على قاضي التحقيق أن يتحقق من توافر هذا الشرط عند تلقيه الشكوى وقبل الأمر بإيداع الكفالة .
كما يمكن لوكيل الجمهورية التأكد من توفر الاختصاص المحلي عندما تعرض عليه الشكوى من طرف قاضي التحقيق فإذا تبين له عدم الاختصاص قدم طلباته من البداية بعدم قبول الادعاء المدني قبل اتخاذ القرار بالمتابعة.
" أما في حالة عدم الاختصاص النوعي فإذا عرض على قاضي التحقيق العادي قضية تخص جريمتي التحريض على الفرار من الجيش و إخفاء الهارب التي هي من اختصاص القضاء العسكري تعين على قاضي التحقيق العادي إصدار أمر بعدم الاختصاص " 2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الدكتور أحسن بوسقيعة التحقيق القضائي ص (125).
(2)الأستاذ جيلا لي بغدادي التحقيق دراسة مقارنو نظرية وتطبيقية الطبعة الأولى سنة 1999 ص (164).
لكن في حالة ما إذا ظهرت حالة عدم الاختصاص لاحقا فهذا يؤدي إلى التنازل عن القضية لفائدة قاضي التحقيق المختص وذلك بمقتضى أمر بالتخلي وذلك بعد اخذ رأي وكيل الجمهورية طبقا للمادة 77 من ق .إ.ج الناصة على " إذا لم يكن قاضي التحقيق مختصا طبقا لنص المادة 40اصدر بعد سماع طلبات النيابة العامة أمر بإحالة المدعي المدني إلى الجهة القضائية التي يراها مختصة بقبول الادعاء المدني "1
ويلاحظ في هذا الصدد أن أمر بالتخلي يعد أمرا ولائيا غير خاضع لأي طعن إداري أو قضائي باعتباره لا يمس أصل الدعوى ولا حقوق الأطراف وإنما يحيلهم إلى جهة أخرى مختصة وبذلك يكون هذا الأمر بمثابة أمر الإحالة على جهة الحكم للفصل في الدعوى.

الــفرع الثاني : العوارض اللاحقة على الادعاء المدني :
يقصد بها تلك الأسباب التي تطرأ على الادعاء المدني أثناء سير إجراءات التحقيق عند نهايته وينجر عنها رفض الادعاء المدني أوعدم قبوله إلا انه من الناحية العملية فان رفض التحقيق لا يكون إلا بسبب العوارض السابقة ومن الحالات التي يمكن أن تجسد هذه العوارض اللاحقة هي :
أولا : أسباب عدم الاختصاص المؤدية إلى رفض التحقيق :
إن أسباب عدم الاختصاص المؤدية إلى رفض التحقيق تكون حين يكتشف قاضي التحقيق عدم الاختصاص أثناء التحقيق كحالة كون الجريمة ارتكبت خارج دائرة الاختصاص مثلا فهذا يؤدي إلى إصدار أمر بالتخلي عن القضية لفائدة قاضي التحقيق المختص إقليميا .
ثـانيا : عدم قبول تدخل المدعي المدني أثناء التحقيق :
كذلك حالة المدعي المدني المتدخل أثناء سير التحقيق يعتبر عارض من عوارض الادعاء ففي حالة إذا كانت الوقائع مختلفة فهذا يؤدي إلى عدم قبول تدخله الأمر الذي يتطلب منه تقديم شكوى جديدة أصلية امام قاضي التحقيق

حجية قرارات قاضي التحقيق :
يصدر قاضي التحقيق العديد من الأوامر القضائية التي منها ما يكون فاصلا في الموضوع ومنها ما يكون فاصلا في الشكل .
فبالنسبة للأوامر الفاصلة في موضوع الحق فقد يكون لها حجيتها بعد تبليغها وصيرورتها نهائيا حيث تكتسب قوة الشيء المقضي فيه ومن ثمة لا يجوز الرجوع إلى ما فصل فيه بصفة نهائية ما عدا الحالة التي تقتضي أعادة التحقيق لظهور أدلة جديدة.
أما إذا كان الأمر قد فصل في مسألة شكلية دون التعرض للموضوع مثل حالة رفض إجراء التحقيق بسبب عارض إجرائي وقتي كحالة انعدام الشكوى أو عدم إيداع الكفالة أو عدم رفع الحصانة القضائية على الشخص الملاحق مثلا فان هذا الأمر ليس منهيا للدعوى حيث تنتهي آثاره بزوال العارض الإجرائي الذي يمكن تصحيحه في كل وقت وإعادة الدعوى من جديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المادة 77 قانون الإجراءات الجزائية.

الـمبحــث الثـــالـث: آثـار الادعاء المدني :
المطلب الأول : الحقوق المترتبة للمدعي المدني :
يكون للإدعاء المدني آثار فنية وأخرى قانونية يرتب لصاحبه امتيازات عدة حيث يخول له معالجة القضية بأسرع الطرق وأنجع الوسائل وتحريك الدعوى العمومية ومتابعة إجراءاتها كما يخول له إقامة الدعوى المدنية متزامنة مع الدعوى العمومية المؤدية إلى الحفاظ على مصالحه بصفته ضحية الحادثة . كما أن الإدعاء المدني يعطي لصاحبه امتيازا بمقتضاه يصبح طرفا مدنيا وفي نفس الوقت طرفا متابعا بصفته سلطة الاتهام لا بصفته شاهد وقائع كما هو الحال في المتابعات العادية. وبالتالي يصبح المدعي المدني في مركز ممتاز بالنسبة للدعوى وله الحق في مراقبة سير إجراءات التحقيق وحق الاعتراض والمنازعة عند الاقتضاء، وفي سبيل تحقيق ذلك فهو يتمتع بحق الإطلاع والإبلاغ و التدخل والاستئناف عند الاقتضاء

الفــرع الأول : حق المدعي المدني في الاطلاع والإبلاغ
بمقتضي أحكام المادة 105 ق.إ. ج . والتي تنص على ما يلي: "لا يجوز سماع المتهم أو المدعي المدني أو إجراء مواجهة بينهما إلا بحضور محاميه أو بعد دعوته قانونا ما لم يتنازل صراحة عن ذلك. يستدعى المحامي بكتاب موصي عليه يرسل إليه يومين على الأقل قبل استجواب المتهم أو سماع الطرف المدني حسب الحالة.
يمكن أيضا استدعاء محامي الأطراف شفاهة ويثبت ذلك بمحضر ويجب أن يوضع ملف الإجراءات تحت طلب محامي المتهم قبل كل استجواب بأربعة وعشرون ساعة على الأقل كما يجب أن يوضع تحت طلب محامي المدعي المدني قبل سماع أقواله بأربعة وعشرين ساعة على الأقل " يتبين لنا أن للمدعي المدني حق الاطلاع على سير الإجراءات الخاصة بالتحقيق عن طريق دفاعه وبذلك فهو غير خاضع لسرية التحقيق المنصوص عليها في المادة 11 من نفس القانون كما له حق إبلاغه بالأوامر الصادرة في قضيته وإحاطته علما بها في الآجال المحددة قانونا طبق لنص المادة 168 ق.إ.ج تحت طائلة البطلان . كما يكون للمدعي المدني حق أخطاره بأوامر التي يصدرها في طلبات الاسترداد وطلبات الإفراج كما يخطر بجلسات غرفة الاتهام وقراراتها مع حقه في الطعن فيها.

الفرع الثــــاني : الحق في التدخل أثناء سير التحقيق :
طبقا لأحكام المادة (71) ق.إ ج الناصة على "يجوز لوكيل الجمهورية أو المتهم أو الطرف المدني لحسن سير العدالة طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق لفائدة قاضي آخر من قضاة التحقيق .
يرفع طلب التنحية بعريضة مسببة إلى رئيس غرفة الاتهام و يبلغ إلى القاضي المعني يجوز تقديم ملاحظاته الكتابية. يصدر رئيس غرفة الاتهام قراره في ظرف ثلاثين (30) يوما من تاريخ إيداع الطلب بعد استطلاع رأي النائب العام ويكون هذا القرار غير قابل لأي طعن ".(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المواد: (71.105) من قانون الإجراءات الجزائية .
ومن اجل المحافظة على مصير الدعوى العمومية و البحث فيها من أجل إظهار الحقيقة و في سبيل هذا المطلب فالمدعي المدني له حق طلب تنحية قاضي التحقيق و ذالك لحسن سير العدالة كما يجوز له طلب تنحية القاضي الذي يفصل في الدعوى العمومية طبقا لأحكام المادة 557 ق . إ . ج "يجوز طلب من جانب المتهم أو كل خصم في الدعوى " و كذا طلب إجراء تحقيق تكميلي عند الاقتضاء أمام غرفة الاتهام طبق لمقتضيات المادة 186 من ق . إ . ج "يجوز لغرفة الاتهام بناءا على طلب النائب العام أو احد الخصوم أو حتى من تلقاء نفسها أن تأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلية التي تراها لازمة كما يجوز لها أيضا بعد استطلاع رأي النيابة العامة أن تأمر بالإفراج عن المتهم ".
من جهة أخرى له الحق في طلب ندب الخبراء أثناء التحقيق أو المحاكمة و إبداء الملاحظات المكتوبة و الشفهية بشأن الخبرة طبقا لإحكام المادة 151من ق. إ .ج (كما يمكنه طلب إجراء الأبحاث و سماع الأشخاص أو الاستعانة بكل شخص قادر على إعطاء معلومات ذات طابع فني تطبيقا لأحكام المادة 152 من ق. إ . ج (يجوز لأطراف الخصومة أثناء إجراء أعمال الخبرة أن يطلبوا إلى الجهة القضائية التي أمرت بها أن تكلف الخبراء بإجراء أبحاث معنية أو سماع أي شخص معين باسمه قد يكون قادرا على مدهم المعلومات ذات الطابع الفني .

الفرع الثـالث : حق المدعي المدني في الاستئناف و الطعن :
لقد خول القانون للمدعي المدني حقوقا يمكنه ممارستها بصدد الدعوى الناجمة عن ادعائه وهي حق الاعتراض واستئناف بعض الإجراءات المضرة بمصالحه منها على الخصوص أوامر قاضي التحقيق المؤثرة على حقوقه المدنية حتى ولو كانت لها صلة بالدعوى العمومية وفي سبيل تحقيق هذا الغرض ،أجاز قانون الإجراءات الجزائية في المادة 173) للمدعي المدني رفع الاستئناف ضد الأمر القاضي برفض إجراء التحقيق، أو رفض الإدعاء أو عدم قبوله ،وكذلك الحال بالنسبة للأمر القاضي بانتفاء وجه الدعوى وقرار عدم الاختصاص بنظرها في الجانب الموضوعي .
وبخصوص الطعن بالنقض فقد أجاز القانون للمدعي المدني الطعن أمام المحكمة العليا في جميع الأوامر السابقة الذكر ما عدا حالة أمر انتفاء وجه الدعوى الذي لا يجوز فيه الطعن إلا مع النيابة العامة تطبيقا لأحكام المادة: (497) من:ق.إ.ج.
يرفع استئناف المدعي المدني أمام غرفة الاتهام في ظرف ثلاثة أيام كاملة من يوم تبليغه الأمر في موطنه المختار وذلك بواسطة عريضة مكتوبة تودع لدى غرفة التحقيق أو كتابة الضبط بالمحكمة أين تسجل وتحول في الحال إلى قاضي التحقيق المختص تطبيقا للمادة : (173) من ق .إ.ج ، كما يمكنه تقديم مذكرة كتابية امام غرفة الاتهام تدعيما لاستئنافه يوضح فيها وجهة نظره حول القضية وتقديم الملاحظات الشفهية أثناء جلساتها عند الاقتضاء عملا بأحكام المادتين 18- 184) وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية .
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن تدخل المدعي المدني بخصوص الدعوى العمومية هو منحصر في حدود المحافظة على حقوقه المدنية وليس الإساءة لحالة المتهم ، لذلك كان قانون الإجراءات الجزائية قد استثنى حق المدعي المدني في استئناف أوامر الإفراج وتكييف الوقائع وإحالة الدعوى باعتبار هذه الإجراءات تبقى بقاء الدعوى العمومية تختص بها النيابة العامة وحدها .(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأستاذ :عي جروه ،{الموسوعة في قانون الإجراءات الجزائية ، المجلد الثاني في التحقيق ص (86-87)}.

المطلب الثاني: الآثار المترتبة على صفة المدعي المدني :
قد يكون لصفة المدعي المدني تأثيرا على الدعوى العمومية وقد يحصل العكس أحيانا من ذلك أن ارتباط تحريك الدعوى العمومية بالإدعاء المدني يجعل ممارسة الدعويين في وقت واحد وأمام جهة قضائية واحدة ، وهذا الارتباط له تأثير متبادل ، حيث لا يمكن للمدعي المدني الاستمرار في دعواه المدنية إذا توقفت الدعوى العمومية كما يترتب عن زوال انعدام هذه الصفة توقف المتابعة في حالة كون تحريك الدعوى العمومية متوقف على شرط الشكوى مثل جريمة الزنا حيث يترتب على انعدام صفة الزوج توقف المتابعة .
من جهة أخرى فإن تنازل المدعي عن الشكوى لا يؤثر من حيث المبدأ على سير الدعوى العمومية بعد إقامتها ، غير أنه يحدث عكس ذلك في حالة تخلي المدعي المدني عن متابعة الشكوى من البداية قبل عرضها على السيد وكيل الجمهورية كما يكون الحال كذلك إذا لم يدفع المدعي المدني مبلغ الكفالة حيث يؤدي ذلك إلى توقف الإدعاء المدني وعدم قبوله .
إن تقديم المدعي المدني طلبا بالتنازل عن ادعائه وعدم حضوره إجراءات التحقيق من البداية يجعله في المتخلي عن ادعائه وفي هذه الحالة تسري عليه أحكام الشهود من حيث الاستجواب والتزام الحضور ما لم تكن الجريمة محل المتابعة من الجرائم التي تتوقف على شرط الشكوى التي تنتهي فيها الدعوى العمومية بالمصالحة تطبيقا لمقتضيات المادة (06) من ق .إ.ج .

الـفـــــرع الأول: ضياع الحق في استرجاع مبلغ الكفالة :
المبدأ في الكفالة أنها تضمن مصاريف الدعوى التي أقامها المدعي المدني على غيره وبذلك فهي تمثل المصاريف القضائية المستحقة للدولة لكنه إذا نجم عن الادعاء المدني قيام التهمة وثبوت الإدانة في جانب المدعى عليه فانه يحكم عليه بالمصاريف القضائية وجوبا وفي هذه الحالة يكون من حق المدعي استرجاع مبلغ الكفالة الذي كان قد أودعه لدى كتابة الضبط بأمر من قاضي التحقيق أوجهة الحكم.
لكن إذا كان المدعي المدني إذا خسر الدعوى سواء كانت قد انتهت بأمر لا وجه للمتابعة أو حكم البراءة مثلا فانه وحده يتحمل مصاريف الدعوى وبذلك تحل الكفالة محل المصاريف القضائية حيث يحكم بمصادرتها قضائيا لصالح الخزينة العمومية.
كذلك في حالة تنازل المدعي المدني عن ادعائه حيث يلزم بالمصاريف وذلك تطبيقا لنص المادة 163 ق إ.ج التي توجب على قاضي التحقيق تصفية المصاريف القضائية وإلزام المدعي المدني بها إن وجد في القضية مدعي مدني, غير انه يجوز له إعفاء المدعي المدني حسن النية من المصاريف كلها أو جزء منها بقرار مسبب.
وعليه متى أصدر قاضي التحقيق أمر بالا وجه للمتابعة في موضوع الادعاء المدني وجب على قاضي التحقيق أن يقرر في نفس الأمر بإلزام المدعي المدني بالمصاريف القضائية بعد تحديد مقدارها والأمر بمصادرة مبلغ الكفالة لصالح الخزينة العامة , كما يمكنه أن يعفيه من هذه المصاريف جزئيا أو كليا إذا تبين له انه كان على حسن النية في ادعائه وبذلك يأمر برد مبلغ الكفالة كليا أو جزئيا حسب الحالة بقرار مسبب.

لكن ما هو مصير الكفالة في حالة توقف الادعاء المدني بسبب صدور أمر من قاضي التحقيق برفض الادعاء أو رفض إجراء التحقيق أو عدم الاختصاص ؟
فبخصوص هذا الأشكال وأمام سكوت المشرع الجزائري وانعدام المرجع القضائي يمكن اعتماد حل هذه المعضلة فإن المنطق القانوني يقتضي إتباع إحدى الحلين:
- حالة كون الرفض جاء بسبب خطأ من المدعي المدني كحالة التخلي عن الادعاء أو كون الوقائع المدعى بها ليس لها علاقة بالدعوى الجزائية أو وجود مانع قانوني يحول دون قيام الدعوى المدنية وفي هذه الحالة فان المدعي المدني بخطئه هذا يفقد حقه في استرجاع مبلغ الكفالة .
- حالة كون سبب الرفض راجع إلى خطأ من طرف قاضي التحقيق نفسه فهنا يقتضي تطبيق مبدأ العدالة الذي يقضي بإرجاع الكفالة إلى المدعي المدني و هذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي حيث اعتبر الأمر بعدم الاختصاص الصادر من قاضي التحقيق بعد قبوله للادعاء المدني بعد خطأ منه ناجما عن تهاونه في مراقبة اختصاصه من البداية الأمر الذي يترتب عنه استرجاع مبلغ الكفالة لصاحبها.

الفرع الثاني : مسؤولية التعويض :
إذا آلت الدعوى التي يقيمها المدعي المدني إلى نتيجة سلبية وذلك بسبب عدم ثبوت الوقائع موضوع الإدعاء ، وصدور أمر بألاّ وجه للمتابعة أو حكم بالبراءة لصالح المتهم كان لهذا الأخير الحق في متابعة المدعي المدني جزائيا من أجل تهمة الوشاية الكاذبة طبقا لنص المادة جراءات الإدعاء المدني أمام قاضي frown.gif300) من قانون العقوبات .
كما له الحق أيضا في مطالبة التعويض سواء أمام المحكمة المدنية أو المحكمة الجزائية وذلك عن طريق دعوى التعويض طبقا لأحكام المادة 78) من : قانون الإجراءات الجزائية.


المبحث الرابع: دعوى التعويض :
دعوى التعويض هي تلك الدعوى التي يرفعها المدعي عليه المتضرر من إدعاء إقامة مدعي مدني ضده في إطار شكوى أمام قاضي التحقيق تطبيقا لأحكام المادة 72 ق. إ . ج . يتهمه فيه بارتكابه فعل يوصف بالجريمة ثم يتبين من خلال التحقيق أن هذا الاتهام غير صحيح فيقرر قاضي التحقيق إنهاء الدعوى بأمر لأوجه للمتابعة مما يسمح للمدعى عليه المتهم في هذه الحالة طلب حق التعويض من المدعي الذي أساء استعمال حقه في الادعاء و هذه الدعوى تتحقق وفق شروط شكلية و أخرى موضوعية .

الــــــمطلب الأول: شروط دعوى التعويض وأطرافها :
الــفــــــــرع الأول: الشروط الشكلية :
أولا : ميعاد رفع الدعوى :
بمقتضى نص المادة 78 من قانون . إ. ج فإن دعوى التعويض ينبغي رفعها أمام المحكمة الجزائية في ميعاد ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر بأن لأوجه للمتابعة في صورته النهائية و يعني به انقضاء مواعيد الاستئناف بالنسبة لجميع أطراف الدعوى بما في ذلك النيابة العامة وهي تلك المواعيد المقررة في المواد 170-171-173) من قانون الإجراءات الجزائية .
وبذلك تكون دعوى التعويض وقتيه تتقادم بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار النهائي ذلك التقادم الذي يمس الدعوى وحدها دون الحق الذي ترتبه حيث يبقى لصاحبه حق المطالبة به أمام المحكمة المدنية على أساس قاعدة الخطأ و الضرر المقرر في المادة 124 من القانون المدني
و في هذه الحالة فإن الدعوى تخضع للتقادم المدني.
ومن جهة أخرى فإن دعوى التعويض المدني هي دعوى مدنية ذات طابع مزدوج، مدنية من حيث الموضوع و جزائية من حيث الإجراءات التي تتخذ بشأنها و هذا الطابع المميز لا يمنع صاحبه من متابعة المدعي المدني جزائيا عن تهمة الوشاية الكاذبة المنصوص عليها في المادة 300) من قانون العقوبات متى توفرت شروطها القانونية.

ثـــــانيا : الإخــتصـــــاص :
من حيث الاختصاص فقد أراد المشرع أن يخضع دعوى التعويض لإجراءات خاصة بحسب خصوصيتها التي أرادها أن تكون بمثابة دعوى استعجاليه تمارس عن طريق إجراءات خاصة . كما أعطى لها طابعا مميزا عند ما أجاز لطالب التعويض إقامة دعواه أمام المحكمة الجزائية التي أجرى في دائرتها التحقيق في القضية و هي المحكمة المختصة بالفصل في طلب التعويض دون سواها .
من جهة أخرى فإن الاختصاص المحلي للمحكمة يقوم على أساس الموطن المختار الذي حدده المدعي المدني بمقر دائرة المحكمة التي يعمل بها قاضي التحقيق و هي المختصة بنظر
في الدعوى. حتى و لو كان للمدعي موطنا آخر خارج دائرة المحكمة, و هذا يعد خروجا عن قاعدة الاختصاص في المواد الجزائية.
وعليه فإن دعوى التعويض التي ترفع على أنقاض الادعاء المدني وذلك بعد صدور أمر بألا وجه للمتابعة لا تختلف من حيث الشكل والجوهر عن دعوى التعويض التي تأتي على إثر حكم البراءة في حالة الإدعاء المدني أمام المحكمة طبقا لأحكام المادة 366) من: ق.إ.ج.

الفـــــــرع الثــــاني: الشروط الموضوعية :
إن دعوى التعويض الناجمة عن سو استعمال الإدعاء المدني لا تعني الحكم بالتعويض تلقائيا بمجرد رفعها من المدعي بل يتعين توافر شروط موضوعية بثبوت هذا الحق وهو نصت عليه المادة 78) من ق.إ.ج.
أولا : شـكـوى الإدعاء المدني :
لقيام دعوى التعويض لا بد من وجود شكوى مصحوبة بادعاء مدني صادر من شخص معلوم قام بتحريك الدعوى العمومية أمام قاضي التحقيق طبقا لأحكام المادة: (72) من:ق.إ.ج.
وفي هذا الإطار فإن الشكاوى العادية و البلاغات التي يتقدم بها أصحابها إلى النيابة العامة أو إلى ضباط الشرطة القضائية بغرض التبليغ عن وقوع جريمة أو أي اعتداء وقع عليهم من شخص معين يتولى على إثرها وكيل الجمهورية تحريك الدعوى العمومية ، ولو تدخل بعد ذلك المشتكي أمام قاضي التحقيق أو المحكمة بصفته مدعيا مدنيا .
إن دعوى التعويض بمفهوم المادة 78 ق. إ.ج دعوى شاملة تخول لكل الأشخاص الواردة أسمائهم في شكوى الادعاء المدني بصفتهم متهمين حق طلب التعويض عن كل الأضرار المادية و المعنوية. غير أن الدعوى المقدمة ضد مجهول لا يفتح مجال لدعوى التعويض.
من جهة أخرى فإن دعوى التعويض تكون غير جائزة و غير مقبولة إذا كان الشخص الذي استفاد بأمر بالأوجه للمتابعة قد سلك الطريق المدني للمطالبة بالتعويض على نفس الضرر حيث تطبق في هذه الحالة قاعدة الاختيار.

ثـــــــــانيا : قــيام تحقيق قضائي :
لكي تتحقق دعوى التعويض المنصوص عليه في المادة 78 ق. إ . ج. يجب توفر شرط قيام تحقيق قضائي الذي جاء بناءا على شكوى مصحوبة بالادعاء المدني أمام السيد قاضي التحقيق صادر عن شخص معلوم يدعى فيه انه تعرض لفعل يوصف بالجريمة من قبل المشتكي منه.و يقصد بقيام تحقيق قضائي هو سماع الطرف المشتكي منه بصفته متهما و بذلك تخرج التحقيقات الأولية التي تقوم بها الشرطة القضائية و التحقيقات المفتوحة في إطار النيابة القضائية و كذلك التحقيق التكميلي الذي تأمر به غرفة الاتهام بخصوص الوقائع الجديدة التي لم ترد في شكوى الادعاء المدني .

و من جهة أخرى فلا مجال لدعوى التعويض إذا كان التحقيق القضائي الذي قد انتهى برفض الإدعاء المدني أو عدم قبوله أو الأمر بعدم الاختصاص لكن يجب التميز بين الأمر القاضي بانتقاء وجه الدعوى الذي يأتي عادة على اثر عدم التوصل إلى اكتشاف الجريمة أو لوجود مانع قانوني يحول دون إقامة الدعوى العمومية و بين الأمر القاضي بالأوجه للمتابعة الذي يصدر في حالة عدم وجود الجريمة أصلا أو عدم ثبوتها و من ثمة فإنه يكون منتجا لدعوى التعويض المدني.
لكن لا مجال للقول بدعوى التعويض إذا كان التحقيق القضائي مفتوحا ضد مجهول حتى و لو جاء ذلك بناءا على شكوى مصحوبة بادعاء مدني ,لذلك يستحسن في شكوى المصحوبة بالادعاء المدني إن تكون مرفوعة دائما ضد مجهول حتى يتفادى المدعي عواقب ادعائه و بعض من مسؤولية المتابعة و دعوى التعويض ما لم يكن المدعي حائز على دلائل كافية تحقق النتيجة من ادعائه.

ثــــــــــــــالثا: صـدور قرار نهائي ينهي المتابعة :
المبدأ العام في دعوى التعويض أنها تبنى على عدم قيام ما يثبت ادعاءات المدعي المدني وهذا يجعلها مرتبطة بالقرار الذي يصدر في الدعوى العمومية في مهدها الأول عندما تنتهي إلى نتيجة سلبية أثناء التحقيق ويعني به عدم قيام الواقعة المدعى بها أصلا أو عدو ثبوتها على الأقل وهذا ما يعبر عنها قانونا بقرار لا وجه للمتابعة أو انتفاء وجه الدعوى الذي يصدره قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام على إثر إدعاء مدني غير صحيح في وقائعه.
و يشترط في القرار الذي تقام عليه دعوى التعويض أن يكون قرار قطعيا غير قابل لأي طعن و أن يكون عاما و شاملا لجميع الوقائع موضوع الاتهام و عليه إذا صدر قرار بالأوجه للمتابعة بصفة جزئية فلا مجال لدعوى التعويض حتى و لو تبعه وصف جديد آو تغيير في أوجه الاتهام أو في حالة المتهمين.

و لكن السؤال الذي يبقى مطروح على أي أساس تقوم دعوى التعويض أو ما هو الخطأ الذي تقوم عليه دعوى التعويض؟
للإجابة على هذه الأسئلة يجب أولا التعرف على مفهوم الخطأ في دعوى التعويض
الأصل في دعوى التعويض أنها تقوم على قاعدة الخطأ و الضرر المنصوص عليه في المادة 124 من القانون المدني التي تقرر المسؤولية عن الأضرار التي يتسبب فيها الشخص للغير يلتزم على أساسها بالتعويض . وبذلك تتلاقى الدعوى المدنية مع دعوى التعويض من حيث الهدف وهو جبر الضرر إلا أنهما يختلفان من حيث الإجراءات ومن حيث إثبات الضرر الذي تفأسس عليه دعوى التعويض الذي هو الأمر الصادر عن قاضي التحقيق بألا وجه للمتابعة حيث يعتبر هذا الأمر دليل الخطأ الوحيد الذي يمكن اعتماده في الدعوى وعلى أساسه يحكم بالتعويض ما لم يثبت أن الضرر يعود إلى سبب آخر غير الوقائع موضوع الاتهام لأنه في هذه الحالة يكون إثبات الخطأ على عاتق المدعى عليه .

- أما بالنسبة للحالة التي يتنازل فيها المدعي المدني عن إدعائه بعد تقديم الشكوى ومع ذلك تستمر النيابة العامة في المتابعة الجزائية التي تؤدي في الأخير إلى صدور الأمر بألا وجه للمتابعة ففي هذه الفرضية ينبغي التفرقة بين ثلاث حالات:
أ/- حالة كون المدعي المدني ترك إدعائه قبل عرض الشكوى وكيل الجمهورية وهذا يعني أن المدعي قد تراجع عن إقامة إدعائه من تلقاء نفسه وبالتالي فلا مسؤولية عليه.
ب/- حالة الشكوى قد عرضت على وكيل الجمهورية الذي قدم طلباته بالمتابعة حيث يصبح التنازل عن الشكوى لايؤثر على سير الدعوى العمومية التي قد تنتهي بإدانة المتهم . وهنا فإن القضاء يعتبر هذا التنازل من صاحبه عدولا اختياريا غير أنه لا يرفع عنه مسؤولية التعويض.
ج/- حالة كون المدعي المدني تابع إدعائه إلى النهاية مع صدور أمر بألا وجه للمتابعة أو حكم البراءة وفي هذه الحالة تكون مسؤولية المدعي المدني كاملة يلتزم على أساسها بالتعويض افتراضيا بمجرد صدور القرار أو الحكم المنهي للدعوى

الفــــرع الثــــالــث : أطـــراف دعوى التعويض :
أولا : الـــــمــــدعـي :
بالنسبة للمدعي فهو ذلك الشخص المتضرر من الادعاء المدني المستفيد من قرار عدم المتابعة الذي ورد اسمه في الشكوى حيث صار متهما ثم ثبتت براءته المفترضة بصدور أمر ألا وجه للمتابعة من قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام سواء كان المتهم بالغا أو قاصرا أو عديم الأهلية الذي يمكنه ممارسة دعوى التعويض بواسطة ممثله القانوني .
إن دعوى التعويض لايمكن حصرها في المتابعات التي تقام ضد شخص معلوم بل تجوز أيضا ممارستها في حالة الادعاء المدني ضد مجهول إذا ورد في الشكوى أسماء أشخاص كانوا محل متابعة لاحقا بناءا على اتهام موجه لهم من قاضي التحقيق في نفس الوقائع حيث يمكن لكل شخص كان محل متابعة بصفته متهما إقامة دعوى التعويض ضد المشتكي إذا صدر لصالحه أمر بالا وجه للمتابعة.

لكن ما حكم الشكوى التي يشير فيها إلى أشخاص بصفاتهم لا بأسمائهم ؟
الاتجاه الغالب في الفقه والذي يؤيده القضاء أن الأشخاص المشار إليهم في الشكوى بصفتهم أو بعلامات مميزة يعتبرون في حكم المشتكى وعليه فإذا أشير في الشكوى إلى شخص بصفته أو بإحدى العلامات المميزة له كالإشارة إلى المشبوه فيه بأنه يقيم في مكان ما أو تحديدا لوظيفته فإن كل هذه الصفات تدخل في حكم التشخيص الذي تقوم معه الشبهة .
و مع ذلك فإن هذا التحديد الوارد في النص القانوني لا يلغي القاعدة العامة المقررة في القانون المدني التي تجيز نقل الحق إلى الخلف العام و الخلف الخاص من ذوي الحقوق والدائنين الذين يمكن لهم الحلول للمطالبة بالتعويض في حالة وفاة صاحب الحق الأصلي في حالات خاصة.

ثــــــــانيا : المـــــدعــى عــليه :
إن المدعى عليه في دعوى التعويض هو ذلك الشخص الذي تقدم بالشكوى بصفته متضررا من جريمة امام قاضي التحقيق سواء كان هذا الشخص طبيعيا أو معنويا حيث يمكن ممارسة التعويض ضده إذا كانت الشكوى قدمت باسمه أو لصالحه ،ولما كان الشخص المعنوي ليس له إرادة فعلية فان إرادة ممثله تحل محله حيث تعتبر الشكوى صادرة عنه متى كانت لصالحه وهذا ما استقر عليه الفقه وأكده القضاء في عدة أحكام له حينما قضي برفض دعوى التعويض،التي رفعها صاحبها على رئيس المؤسسة بصفة شخصية .
وبالنسبة للورثة فانه يمكن ممارسة دعوى التعويض ضدهم في حالة الوفاة في حدود التركة أو بما يعود عليهم بالمنفعة حسب الحالات والأوضاع.
بالنسبة لمسؤولية القصر وعديمي الأهلية فتطبق في ذلك أحكام القانون المدني بوجه عام.
وفي جميع الأحوال تبقى دعوى التعويض مدنية تتصل بالذمة المالية للمدعي عليه تخضع لقواعد القانون المدني غير انه كحالة استثنائية تطبيق الحكام الإكراه البدني في مجال التنفيذ وهذا تطبيقا لمقتضيات المادة 599 من ق إ ج .

المطلب الثاني :إجراءات رفع دعوى التعويض والحكم فيها :
الفـــرع الأول : إجراءات رفع دعوى التعويض :
ترفع الدعوى التعويض المدني أمام المحكمة الجزائية طبقا لنص المادة 78 ق. إ . ج عن طريق التكليف بالحضور و قد استعمل مصطلح التكليف بالحضور أمام محكمة الجنح و هو يقصد به تلك الإجراءات المقررة في باب التكليف المباشر المنصوص عليها في المادة337 ق . إ . ج.إلا أن المشرع لم ينص صراحة على شكلية معينة لرفع هذه الدعوى إلا انه من المنطق القانوني و التطبيقات العملية تقتضي أن ترفع الدعوى في شكل عريضة مكتوبة و معللة بوقائعها و أسبابها مع بيان الأطراف وصيفاتهم و موطنهم مع ضرورة تقديم الأمر الصادر عن قاضي التحقيق القاضي بالأوجه للمتابعة الذي يكون الأساس في دعوى التعويض و تودع هذه العريضة لدى كتابة ضبط المحكمة دون حاجة إلى موافقة النيابة التي تكون بدورها ملزمة بجدولة القضية و تحديد تاريخ الجلسة بعد إحضار ملف التحقيق الذي تفصل المحكمة على أساسه في القضية دون مصاريف.

الـــــــــفرع الثاني: الحكم في دعوى التعويض :
نصت المادة 78الفقرة الثالثة من ق إ ج تجرى المرافعات في غرفة المشورة ويسمع أطراف الدعوى ومحاموهم والنيابة العامة ويصدر الحكم في جلسة علنية.
وبمفهوم النص فان الجلسة المخصصة للنظر في دعوى التعويض يجب أن تكون سرية تنعقد في غرفة المداولات حفاظا على مصلحة الأطراف غير انه يشترط في الدعوى أن تكون منظورة أمام محكمة الجنح في إطار جلسة. عامة أو خاصة تستدعى إليها الأطراف بصفة قانونية تفصل المحكمة في دعوى التعويض اعتمادا على ملف التحقيق الذي صدر فيه الأمر بالا وجه للمتابعة الذي تتولى النيابة العامة إحضاره عند جدولة القضية فإذا لم يحضر ملف أمرت المحكمة بإحضاره في الحال لنفس الجلسة أو في جلسة لاحقة بعد التأجيل .
و في جميع الأحوال يجب أن تعطى الكلمة للمدعي والمدعى عليه و محاميهما عملا بحق الدفاع وكذلك النيابة العامة بصفتها طرفا ملاحظا تبدي رأيها لصالح القانون وليس بصفتها خصما في الدعوى لذا فانه لا يترتب عن عدم حضورها عند النطق بالحكم أي أثر قانوني غير أن حضورها في الجلسة يعد من الأشكال الجوهرية لصحة تشكيل المحكمة طبقا لأحكام المادة 340 ويصدر الحكم في جلسة علنية وإلا كان باطلا .
ولما كان الهدف من دعوى التعويض هو جبر الضرر والحصول على التعويض فإنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالعقوبة الجزائية وإنما تفصل في دعوى التعويض الذي يشمل الضرر المادي والمعنوي على أن يراعي في ذلك ضخامة الضرر وآثاره على الشخص وعائلته ومكانته الاجتماعية حاضرا ومستقبلا وكذلك المصاريف التي أنفقها المتضرر بسبب الإدعاء المدني ودعوى التعويض ويرجع في كل هذا لقاعدة تقدير الضرر.

الــــــــفرع الثـــــالث: نــشـر الـحـكـم :
يعتبر إجراء نشر الحكم من الوسائل الأكثر فعالية لجبر الضرر المعنوي وهو الأهم وإعادة الاعتبار للشخص المتضرر من الإدعاء الذي يكون قد أتهم كذبا حيث يكون نشر الحكم في هذه الحالة بمثابة الإعلان للعامة وإطلاعهم بعدم صحة هذا الإدعاء ومعرفة الحقيقة بإبعاد الفضيحة التي أثارتها شكوى المدعي المدني في مواجهة المشتكى منه والتي تعد بمثابة بلاغ كاذب يستدعي التشهير به علنا. لهذا كان قانون الإجراءات الجزائية في المادة 78 الفقرة الثالثة من : ق.إ.ج. قد اقر مبدأ نشر الحكم وأجاز للمحكمة أن تأمر بمقتضى الحكم الفاصل في دعوى التعويض نشر نص الحكم كليا أو جزئيا على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو عدة صحف محلية أو وطنية تعينها المحكمة مع تحديد السعر الأقصى لكل نشرية وهذا كله من أجل إصلاح الضرر ورفع الإساءة وتحسين سمعة الشخص الذي تضرر بفعل الادعاء الكاذب .

- من جهة أخرى فان عملية النشر يمكن أن يكون لها أثر فعال في مواجهة المشتكي الذي يثبت عليه كذبه وسوء نيته حيث يصبح محل إدانة جماعية في نظر العامة وهذا يؤدي حتما إلى انقلاب المجتمع عليه في غضبه وسخطه حيث يعد ذلك في حد ذاته عقابا اجتماعيا .
وإذا كان المشرع قد أجاز إمكانية نشر الحكم بغرض التكذيب ورد الاعتبار للشخص المتضرر من الادعاء المدني فهو لم يجعل ذلك أمرا حتميا بل أخضعه للسلطة التقديرية للمحكمة التي تفصل في موضوع النشر الذي يكون بناءا على طلب المدعي كما يجوز للمحكمة أن تقرره من تلقاء نفسها عند الاقتضاء ويترتب على هذا النتائج القانونية الآتية :
- إن دعوى التعويض تكون ضد كل شخص قدم الشكوى بصفته مدعيا أصليا أو متدخلا أثناء سير التحقيق إذا كان المدعى عليه قد سمع من طرف قاضي التحقيق بصفته متهما حتى ولو لم يسمع فيها المشتكى مع انتهاء الدعوى بأمر ألا وجه للمتابعة وهذا يؤدي حتما إلى اعتبار كل الأطراف المدعية والمتدخلة و متضامنة في حكم التعويض ونشر الحكم .
- إن قرار نشر الحكم يخضع من حيث المبدأ للسلطة التقديرية للمحكمة الفاصلة في دعوى التعويض غير انه في حالة رفض الطلب وجب تعليل القرار وإلا كان باطلا.
-على المحكمة الاستجابة لطلب المدعي الرامي إلى تحديد الجريدة التي تنشر فيها الحكم وان تمكنه من طلباته بشأنها غير انه لا يجوز الأمر بنشر التحقيقات القضائية وما جاء فيها من اعترافات وشهادات حتى ولو وردت ضمن حيثيات الحكم.

خاتمة
لقد تبين لنا مما سبق التطرق إليه في هذا الموضوع أن كل جريمة ترتكب قد ينشأ عنها ضرر يبيح للسلطات العامة أن تتدخل طالبة من القضاء توقيع العقوبة المقررة لها ، باعتبارها ممثل الحق العام وطرف أصلي في تحريك الدعوى العمومية.
ووقوع هذه الجريمة ينشأ عنه أحيانا ضررا يصيب أحد الأفراد من المجتمع فينشأ حينئذف لهذا الشخص المضرور إقامة دعوى يطلب فيها التعويض عن الضرر الذي أصابه.
وهذا الحق يباشره المتضرر عن طريق الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق .
وقد نص عليه المشرع الجزائري في المواد : (77،76،75،74،73،72،78 ) من قانون الإجراءات الجزائية ، كما تضمنته العديد من المؤلفات القانونية .
ولهذا فإن الإدعاء المدني يعتبر طريق استثنائي أجاز القانون من خلاله لكل شخص يرى أنه متضرر من جريمة ما تحريك الدعوى العمومية عن طريق تقديم شكوى مصحوبة بادعاء مدني أمام قاضي التحقيق ، ويجوز كذلك الإدعاء مدنيا في أي وقت أثناء سير التحقيق وتجوز المنازعة في طلب الإدعاء المدني من جانب النيابة العامة أو المتهم أو أي طرف آخر، ويلزم على قاضي التحقيق الفصل في هذه المنازعة.
- ولقد أقر المشرع الجزائري حقوقا للمدعي المدني كحق الإطلاع على الملف وحق الإبلاغ و الاستئناف والطعن وأضفى عليها طابع السرعة والفعالية في الإجراءات.
كما أنه قد أقر للمدعى عليه أيضا الحق في ممارسة دعوى التعويض في حالة خسارة المدعى المدني لدعواه أو عند صدور أمر بألا للمتابعة أو حكم بالبراءة لصالحه.
وعليه فإن نظام الإدعاء المدني قائم بذاته ومعمول به في التشريع الجزائري وفي الجانب العملي والتطبيقي رغم بعض السلبيات التي تعترضه كترك السلطة التقديرية لقاضي التحقيق في تحديد مبلغ الكفالة وهو أمر يؤدي في بعض الأحيان بالمدعي المدني إلى ترك هذا الطريق والتخلي عنه كإجراء من إجراءات التقاضي .
إلا أن المشرع الجزائري لا زال يسعى إلى إجراء تحسينات في القانون وإيجاد حل لبعض الإشكالات القانونية و التطبيقية من خلال التعديلات التي يجريها في كل مرة.
وإعطاء كافة المؤهلات والإمكانيات لقاضي التحقيق كما أخصه أيضا بسلطات واسعة في مجال التحقيق القضائي.

المراجع

1- قانون العقوبات الجزائرى
2- قانون الاجراءات الجزائية الجزائرى
3-التحقيق -دراسة مقارنة نظرية و تطبيقية الاستاذ جيلالى البغدادى.
4 - الموسوعة فى الاجراءات الجزائية . (المجلد الثانى فى التحقيق الفضائى للاستاذ على جروة ).
5-اوامر التحقيق المستانفة امام غرفة الاتهام (مع اجتهاد المحكمة العليا )الاستاذ ابراهيم بلعليات .
6- le juge dinstruction Maitre /aissa daoudi.
7- مجموعة من المجلات القضائية .
8- الاجتهاد القضائى للغرفة الجنائية عدد خاص 2003.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
بحث ، الإدعاء ، المدني ، أمام ، قاضي ، التحقيق ،









الساعة الآن 06:21 AM