logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





06-01-2015 09:21 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 28-12-2014
رقم العضوية : 1558
المشاركات : 310
الجنس :
تاريخ الميلاد : 7-1-1985
الدعوات : 2
قوة السمعة : 140
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

السلام عليــــكم

ضمانات المتهم أمام محكمة الجنايات

مقدمـة :
يهدف قانون الإجراءات الجزائية إلى تحقيق التوازن بين مصلحة المتهم في ضمان حريته من جهة وحق المجتمع في الدفاع عن نفسه من جهة أخرى، وليتحقق هذا الهدف أتاح المشرع الجزائري أبوابا عدة بداية من مرحلة جمع الأدلة لتأتي بعدها مرحلة الاتهام ثم التحقيق وأخيرا مرحلة المحاكمة، هذه المرحلة التي تعد أهم مراحل الدعوى العمومية ومن خلالها يتم النطق بالحكم سواء بالإدانة أو البراءة، وبما أن العقوبات في مواد الجنايات تعتبر أشد العقوبات لأنها تطبق على مرتكبي أخطر الجرائم وأشدها جسامة لذلك خصصت محكمة الجنايات للفصل في مثل هذه القضايا.
إن الدارس لموضوع محكمة الجنايات في التشريع الجزائري يواجه صعوبة في الإحاطة بكل قواعد الإجراءات التي تخضع لها هذه المحكمة وذلك نظرا لخطورة وأهمية هذه المحكمة والعقوبات التي قد تسلط على المتهم في حالة الحكم عليه بالإدانة كما تظهر الأهمية البالغة في إجراءات سير هذه الدعوى أمام هذه المحكمة وتميزها عن إجراءات الجهات القضائية الجزائية الأخرى شكلا ومضمونا، كما يفترض أن المشرع قد منح فيها ضمانات أكبر للمتهم الماثل أمام هذه المحكمة.

فإلى أي مدى تضمن حقوق المتهم أمام محكمة الجنايات؟

الجانب النظري

المبحث الأول: الاجراءات التحضيرية لدورة محكمة الجنايات
المطلب الأول: الإجراءات الخاصة بالمتهم
بعد صدور قرار غرفة الاتهام بإحالة المتهم أمام محكمة الجنايات هناك إجراءات خاصة بالمتهم المتمثلة في تبليغ قرار الإحالة وارسال الملف وأدلة الإثبات بالإضافة إلى القيام باستجواب المتهم مع منحه حق اختيار وتعيين محامي للدفاع عليه وهذا ما سنتطرق إليه كما يلي:

الفرع الأول: تبليغ قرار الإحالة ونقل المتهم والملف وأدلة الإثبات
أولا: تبليغ قرار الإحالة للمتهم :
يبلغ المتهم شخصيا بقرار الإحالة بواسطة مدير السجن ويترك له نسخة من القرار وان لم يكن المتهم محبوسا فان التبليغ سيكون وفقا للشروط المنصوص عليها في المواد من 439 الى 441 من قانون الإجراءات الجزائية، والمفهوم من هذا أن قرار إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات للفصل في موضوع التهمة المنسوبة يجب أن يبلغ إليه بواسطة إدارة السجن إذا كان في الحبس الإحتياطي أو محتجزا على ذمة التحقيق ويقوم بهذا الإجراء كتاب الضبط على مستوى المؤسسة العقابية تحت إشراف كل من النائب العام أو مدير المؤسسة العقابية حيث يتم تحرير محضر التبليغ يوقعه كل من المبلغ والمبلغ به، أما اذا لم يكن المتهم محبوسا بالمؤسسة العقابية فإن تبليغ قرار الإحالة إليه يكون عبر طرق التبليغ العادية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية في نص المادة 439 منه كل ذلك قصد تمكين المتهم من الإطلاع عليه وإعداد دفوعه أو الطعن فيه اذا رأى أنه معيب أو به أخطاء في الواقع أما اذا لم يبلغ إطلاقا فمن حقه أن يثير ذلك أمام محكمة الجنايات بحجة تجاوز قاعدة جوهرية وعلى هذا الأساس فإن عدم التبليغ يمكن أ ن يحتج به أمام محكمة الجنايات كواحد من الدفوع العارضة المتعلقة بالإجراءات التحضيرية وذلك قبل بداية المرافعات وتحت ذريعة عدم القبول استنادا إلى ما نصت عليه المادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية .
ثانيا: نقل المتهم : بعد تبليغ المتهم بقرار الإحالة
الذي أصبح نهائيا لعدم الطعن فيه أو فوات أجل الطعن أو لرفض الطعن من المحكمة العليا ينقل المتهم المحبوس إلى مقر انعقاد جلسة محكمة الجنايات من طرف وكيل الجمهورية للمحكمة التي أجرى فيها التحقيق دون أن يحدد المشرع أي أجل معين لنقل المتهم ولكن التأخير في ذلك قد يؤدي إلى تأجيل القضية إذا ترتب عنه المساس بحقوق الدفاع دون أن يشكل ذلك سببا للبطلان، وإذا كان المتهم المتابع بجناية في حالة إفراج أو لم يكن قد حبس مؤقتا أثناء سير التحقيق فيجب أن يقدم نفسه للسجن بمقر محكمة الجنايات في موعد لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة، أما إذا لم يتقدم المتهم الحر أو الهارب في اليوم المحدد أمام رئيس المحكمة لاستجوابه بغير عذر مشروع رغم تكليفه بالحضور تكليفا صحيحا بالطريق الإداري بمعرفة قلم كتاب المحكمة الجنائية فينفذ ضده الأمر بالقبض الجسدي وتتخذ إجراءات التخلف عن الحضور طبقا للمادتين 269 و317 قانون الإجراءات الجزائية، وإذا ألغت المحكمة العليا قرار محكمة الجنايات وأحالت القضية والأطراف على محكمة جنايات أخرى فيجب نقل المتهم إلى المؤسسة العقابية التي تقع فيها محكمة الجنايات التي أحيلت عليها القضية في أجل كافي لتمكينه من تحضير دفاعه.
ثالثا: ارسال الملف وأدلة الإثبات:
تنص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه بعد النطق بقرار غرفة الإتهام القاضي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات يرسل النائب العام ملف الدعوى وأدلة الاثبات إلى كتابة ضبط مقر محكمة الجنايات والملاحظة التي يمكن الاشارة اليها بشأن صياغة هذه المادة هو أنه كان من المفروض أن تنص على ارسال الملف وأدلة الاثبات إلى كتابة الضبط عندما يصبح قرار الإحالة نهائي كما أنها لم تحدد أجلا لذلك مع أنه من المستحسن تحديد هذا الأجل لتسهيل مهمة الدفاع .

الفرع الثاني : استجواب المتهم
تنص المادتين 270 و271 من قانون الإجراءات الجزائية أن رئيس محكمة الجنايات أو أحد مساعديه من القضاة المفوضين يقوم باستجواب المتهم قبل افتتاح المناقشات بثمانية أيام على الأقل وهذه المهلة شرعت لتمكين المتهم من تحضير دفاعه لذا فإن عدم احترامها يترتب عنه بطلان الإجراءات اللاحقة، كما يترتب البطلان كذلك إذا كان التاريخ المذكور في محضر الاستجواب لا يسمح من التأكد من ذلك في وثائق أخرى وتضيف الفقرة الأخيرة من المادة 271 قانون الإجراءات الجزائية أنه يجوز للمتهم ووكيله التنازل عن هذه المهلة لكن محكمة النقض الفرنسية اشترطت أن يكون هذا التنازل صريحا لكي يكون صحيحا وأن يكون من المتهم ومحاميه معا وأن يثبت من أي ورقة من أوراق الملف كمحضر الاستجواب مثلا أو محضر تشكيل المحلفين والمرافعات، ويعتبر الاستجواب الأولي للمتهم الذي يتم في غياب الدفاع من أهم الإجراءات السابقة لمناقشتها في محكمة الجنايات لأنه بفضله يتأكد رئيس الجلسة ما إذا كانت القضية مهيأة للفصل فيها أم لا وانطلاقا منه يبدأ المتهم في ممارسة حقوق دفاعه ولقد اعتبرته المحكمة العليا من الإجراءات الجوهرية غير أنها قررت أنه إذا أجري فلا يعاد من جديد إذا أجلت القضية إلى دورة أخرى أو أن القاضي الذي قام به عوض مثلا.
ويجري الاستجواب الأولي عادة في كتابة ضبط المؤسسة العقابية لمقر محكمة الجنايات دون أن يترتب أي بطلان إذا أجري في مكان آخر غير مقر محكمة الجنايات ما دام أن قانون الإجراءات الجزئية لم يحدد المكان الذي يجري فيه، وإذا كان المتهم غير محبوس فان المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية تنص أنه يستدعي إداريا إلى كتابة ضبط محكمة الجنايات لاستجوابه وإذا لم يمثل في اليوم المحدد بغير عذر مشروع ينفذ ضده الأمر بالقبض الجسدي.
وينصب موضوع الاستجواب حسب ما نصت عليه المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية على ثلاث نقاط تتمثل فيما يلي يستجوب الرئيس المتهم عن هويته ويتأكد من أن المتهم قد بلغ بقرار الإحالة فان لم يكن قد بلغ به يسلم له نسخة من هذا القرار ويدعوه لاختيار محامي أو يعين له محامي تلقائيا.

الفرع الثالث : تبليغ المتهم بقائمة المحلفين وأسماء الشهود
تعتبر شهادة الشهود من أهم أدلة الإثبات أمام محكمة الجنايات بغض النظر عن الجهة التي سيدلون بشهادتهم لصالحها، وتكون الشهادة بما سمعوا ورأوا وذلك نفيا أو اثباتا لواقعة معينة، وعليه فإذا كانت رغبة النيابة العامة في تقديم عدد من الشهود لأجل تدعيم إتهامها وتقوية حجتها أو كان للضحية المدعي المدني عدد من الشهود يريد تقديمهم للمحكمة لسماعهم قصد إثبات ضرره الناتج عن الأفعال الجرمية الناجمة عن المتهم، فيقدم كل من الطرفين قائمة شهوده إلى المتهم في مدة لا تقل عن ثلاثة أيام قبل افتتاح جلسة المرافعات، وفي حالة تعدد المتهمين وجب تقديم إلى كل واحد منهم قائمة خاصة به.
وفي حالة عدم احترام المهلة المسموح بها المقدرة بثلاثة أيام قبل بدأ جلسة المرافعات كان بإمكان المتهم ومحاميه اثارة هذه النقطة أمام محكمة الجنايات قبل مباشرة إجراءات المرافعات في الموضوع تحت طائلة عدم القبول، غير أنه وفي عدم الدفع ببطلان هذا الإجراء ووفقا للمادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه لا يمكن إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا ويجعله وجها من أوجه الطعن بالنقض.

الفرع الرابع : وضع ملف القضية تحت تصرف محامي المتهم قيل الجلسة
تعتبر الجزائر من البلدان العربية التي قلدت الأسلوب الفرنسي الأنجلوسكسوني في الأخذ بنظام المحلفين واشراك أشخاص من عامة الناس وأفراد الشعب في المساهمة مع القضاة المحترفين في ممارسة العمل القضائي وإصدار الأحكام بشأن الجرائم التي توصف قانونا بأنها جنايات، وذلك عند توفر شروط معينة وتبعا لإجراءات محددة.
وقد تناولت المادة 261 من قانون الإجراءات الجزائية معظم الشروط التي يتطلب القانون توفرها في الشخص ليكون مع قائمة المحلفين حيث تنص المادتين 264، و265 من قانون الإجراءات الجزائية على كيفية تسجيل مواطني مدينة مقر محكمة الجنايات في قائمة الكشف السنوية للمحلفين التي تجري عليها القرعة لاستخراج محلفي الدورة، وتعد قائمتين سنويتين الأولى تتضمن المحلفين الأصليين والثانية المحلفين الإضافيين.
والملاحظ أن المشرع لم يبين كيفية اختيار محلفي القائمة السنوية فيمكن بالتالي لأعضاء لجنة الاختيار ، أن يختاروا من يريدوا ، وبعد اعداد قائمة المحلفين يبلغ المتهم بها.

المطلب الثاني : كيفية الطعن في صحة الإجراءات التحضيرية
الفرع الأول : تخلف أحد الإجراءات المطلوبة
إن إغفال بعض الإجراءات التحضيرية قد يؤدي إلى التأثير في الحكم الصادر من حيث عدالته كما قد يؤدي إلى التأثير على سير المحاكمة بصفة عامة، فبإغفال هذه الإجراءات قد يمس حق من حقوق المتهم سواء في إعداد دفوعه مثل تبليغ قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام في آجاله المحددة أو تعلق الأمر بتبليغه قائمة المحلفين وقائمة الشهود أو استجوابه قبل جلسة المرافعات وتعيين محامي للدفاع عنه، فإن إغفال أي إجراء من الإجراءات التحضيرية كتابيا عن طريق إيداع مذكرة واحدة قبل الشروع في مناقشة الموضوع وإلا كان الدفع غير مقبول.

الفرع الثاني: الدفع بعدم صحة الإجراءات
- إذا رأى المتهم أن إجراء من الإجراءات التحضيرية غير صحيح وأراد ممارسة حقه في الدفع بعدم صحة هذه الإجراءات وجب عليه تقديم مذكرة كتابية واحدة قبل البدء في مناقشة الموضوع، تتضمن نوع الإجراء المعين والضرر الذي لحقه جراء هذا العيب في الإجراء.
-ويشترط في ممارسة المتهم أو محاميه لحقه في الطعن بعدم صحة إحدى هذه الإجراءات أن يقدم طلبه مباشرة عند افتتاح الجلسة، وقبل الشروع في مناقشة القضية، أما إذا شرع في مناقشة الموضوع أصبح الطلب دون جدوى وفي حالة تقديم الدفع في آجاله المحددة وجب على المحكمة الفصل فيه خلال الجلسة نفسها بعد استطلاع رأي النيابة العامة، على أن لا يكون للمحلفين رأي في المناقشة ولا في اتخاذ القرار وينبغي على المحكمة عدم الخلط بين هذا الفصل والموضوع الأساسي محل الدعوى، شأنها في ذلك شأن الدعاوي المتعلقة بالاختصاص أو بالتقادم أو بانتفاء وجه الدعوى، حيث في هذه الحالات وما يشابهها لا يجوز للمحكمة أن تضم الدفع إلى الموضوع بل يتعين عليها الفصل فيه بحكم خاص مسبب.

الفرع الثالث : آثار الطعن في صحة الإجراءات
إذا توفرت كل الشروط المطلوبة بالدفع في صحة الإجراءات التحضيرية السالف ذكرها وكان سليما يتوجب على المحكمة قبوله، فإذا قبلته وظل المتهم أو محاميه متمسكا به قررت الفصل في موضوع الدعوى في جلسة لاحقة يمكن قبلها تصحيح الإجراء محل النزاع ثم العودة إلى متابعة إجراءات المحاكمة بقصد الفصل في الموضوع.
- أما إذا كان الطلب غير سليم لسبب من الأسباب كأن يثار بعد الدخول في مناقشة الموضوع الأصلي، أو لم يتعلق أساسا بالإجراءات التحضيرية، وقررت عدم القبول كان لازما عليها إصدار حكم مسبب بذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة، ثم تبدأ مباشرة في المرافعات بشأن الموضوع الأصلي.
- وعليه فإن الإجراءات التحضيرية هي إجراءات جوهرية وأساسية، قد يؤدي تجاوزها قصدا أو سهوا إلى تأجيل الموضوع محل النظر، إذ يتوقف الفصل في الموضوع الأصلي على الفصل في الدفع بعدم صحة الإجراءات التحضيرية.

المبحث الثاني : ضمانات حياد القاضي أثناء المحاكمة
هي المرحلة الأهم في مسار الدعوي الجزائية لان فيها يتم تقرير إسناد التهمة للمتهم أو يقرر عدم إسنادها لذلك فقد أولى المشرع لهذه المرحلة أهمية خاصة، وأحاطها بقواعد وشكليات معينة يجب مراعاتها واحترامها تحت طائلة البطلان، والهدف من تشديد المشرع على هذه القواعد الإجرائية هو الوصول إلى الحقيقة مع الحفاظ على التوازن بين حماية حقوق الدفاع من جهة، وصيانة قرينة البراءة من جهة ثانية، وضمان حق المجتمع في اقتصاص الحق العام من الجاني من جهة ثالثة، والسعي إلى حسن سير العدالة من جهة أخرى.
واشتراط هذه القواعد الإجرائية هو في حد ذاته تطبيق لمبدأ سيادة القانون وهي قواعد يمكن إرجاعها وتأصيلها إلى فكرتين عامتين تهيمنان على كل إجراءات المحاكمة الجزائية العادلة وهما:
مبدأ الشرعية : أي سيادة القانون على الحاكم والمحكوم خلال كل مراحل الدعوى الجزائية.
مبدأ قرينة البراءة : حيث تنص المادة 45 من دستور 96 على" كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت الجهة النظامية إدانته مع كل الضمانات التي يطبقها القانون"، وهذا المبدأ تنتج عنه قاعدتان أساسيتان هما: تفسير الشك لصالح المتهم، ووقوع عبء الإثبات على النيابة العامة. وأيا كان الأمر فالمشرع قد أحاط هذه المرحلة بضمانات هامة جدا، سواء منها ما تتعلق بقواعد انعقاد المحكمة أو بقواعد المرافعات وتكريس حقوق الدفاع.

المطلب الأول : الضمانات المتعلقة بقواعد انعقاد المحكمة
هي مجموع الدعامات والمبادئ العامة التي كرستها معظم التشريعات الحديثة ومن بينها التشريع الجزائري، والتي من أهمها أن يحاكم المتهم من طرف سلطة قضائية مستقلة ومختصة بنظر الدعوى، وأن تكون هذه الهيئة مشكلة تشكيلة قانونية صحيحة، وهي أساسيات لا يمكن بأي حال التنازل عنها كونها من النظام العام وهي:

الفرع الأول: سلطة قضائية مستقلة
يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات من أهم ضمانات المحاكمة العادلة، ويقصد به استقلال سلطة الحكم عن سلطة التحقيق وهذا حسب المادة 38 ق.إ.ج، وهذا أيضا مبدأ من النظام العام، بمعنى لا يجوز للقاضي الذي قام بإجراءات التحقيق في دعوى ما الاشتراك في تشكيلة محكمة الجنايات إذا كانت نفس القضية المعروضة أمامها للمحكمة قد سبق له التحقيق فيها كما لا يجوز لعضو في غرفة الاتهام أن يشترك في محكمة الجنايات إن كانت القضية عرضت عليها أثناء وجوده عضوا فيها.

الفرع الثاني : ضمانة تشكيلة الجهة القضائية
يعتبر تنظيم الجهات القضائية من النظام العام، ومنه تنظيم الجهات القضائية الجزائية، سواء قضاء الجنح والمخالفات بدرجتين أو قضاء الأحداث بدرجتين أو محكمة الجنايات وعدم قانونية التشكيلة هو من النظام العام، كما لا يجوز أن يكون ضمن تشكيلة الدرجة الثانية قاضي كان قد شارك في تشكيلة الدرجة الأولى، فهذا مخالف لمبدأ التقاضي على درجتين وأن ممثل النيابة وكاتب الضبط يعتبران جزءا من التشكيلة، وتعتبر التشكيلة غير موافقة للقانون إذا تمت الجلسات أو النطق بالحكم في غياب أحدهما حسب المادة 29 ق.إ.ج.
ويجب أن تكون الجهة المعنية مؤهلة للنظر والفصل في الدعوى الجزائية، وهي مسألة يجب على القاضي الوقوف عندها قبل التطرق لموضوع الدعوى وتكون المحكمة مختصة إقليميا حسب المادة 329 ق.إ.ج (الاختصاص النوعي) وذلك حسب طبيعة الجرم أو الأشخاص (جنايات، جنح، مخالفات، أحداث(.

الفرع الثالث : ممارسة حق الرد
بالنسبة لرد المحلفين: وهو رد تنحيهم عن المساهمة في هيئة الحكم بمحكمة الجنايات حيث يمكن القول أن القانون في المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية منح وأعطى المتهم واحدة من أهم ضمانات الدفاع أمام محكمة الجنايات بحيث أعطاه حق طلب رد وتنحية ثلاثة من المحلفين عند استخراج أسمائهم من صندوق القرعة بعد المناداة على محلفي جلسة الحكم مباشرة، على أن يمارس هذا الحق مباشرة أو بواسطة محاميه، وقد جرت العادة على أن يتولى المحامون ممارسة هذا الحق نيابة عن موكليهم.
إذا كان القانون لا يطلب من المتهم أو محاميه بيان أسباب رد المحلفين فإن الأسباب الحقيقية لرد المحلفين كثيرا ما تكون مبنية على عدم كفاءتهم أو لقساوتهم وأحيانا تكون مبنية على المجهول بحيث يستعمل حق الرد لمجرد الرد.
بالنسبة لرد القضاة: أي قضاة هيئة محكمة الجنايات فإن نص المادة 554 من قانون الإجراءات الجزائية جاء عاما وشاملا لكل قضاة الحكم حيث جاء فيه أنه يجوز طلب رد أي قاضي من قضاة الحكم لأسباب وحالات ورد ذكرها حصرا ضمن تسعة بنود، إذ أنه إذا توفرت لدى المتهم ومحاميه أو أي خصم في الدعوى أحد أو بعض الأسباب أو الحالات المشار إليها في المادة 554 فإنه يجوز له تقديم طلب برد القاضي المعني على أن يكون هذا الطلب كتابيا قبل الشروع في مناقشة الموضوع، ويجب تحت طائلة البطلان أن يتضمن الطلب اسم ولقب وصفة القاضي موضوع الطلب، وأن يشتمل على الأوجه والأسباب القانونية المبررة للطلب، كما يجب أن يكون مرفقا بكل الوثائق والمستندات المدعمة للطلب، وأن يوقع عليه من الطالب شخصيا ويوجه إلى رئيس المجلس القضائي مباشرة.
ويتميز رد المحلفين عن رد القضاة بأن الأول يكون شفاهة أثناء إجراء عملية القرعة والثاني لا يكون إلا كتابة وقبل الشروع في مناقشة موضوع التهمة، ومن جهة أخرى فإن رد المحلفين لا يتطلب أن يكون مسببا في خلاف طلب رد القضاة فإنه يجب أن يكون مسببا بأن يشتمل على سبب أو حالة واحدة أو أكثر من الأسباب والحالات المنصوص عليها القانون.

المطلب الثاني : الضمانات المتعلقة بقواعد المرافعات وحقوق الدفاع
هذه المرحلة تقوم على مقومات واجبة الاحترام وأغلبها ومن النظام العام يترتب على إغفالها أو عدم مراعاتها بطلان إجراءات المحاكمة، وبالنتيجة بطلان الحكم الصادر في موضوع الدعوى وهذه الضمانات هي:
الفرع الأول: العلنية والتدوين
تقوم مرحلة التحقيق النهائي على أشكال جوهرية يجب احترامها تحت طائلة بطلان إجراءات المحاكمة، من بينها علانية المرافعات على عكس مرحلة التحقيق التي تتسم بالسرية تطبيقا للمادة 11 ق.إ.ج.
وقد نصت المادة 285 ق.إ.ج على مبدأ علانية الجلسات بالنسبة لمحكمة الجنايات ونصت المادتان 342 و430 ق.إ.ج على مبدأ العلانية بالنسبة لمحكمة الجنح والغرفة الجزائية، ويقصد بالعلانية فتح مجال حضور المحاكمة لكافة الناس لحضور الجلسة، إلا أنه يجوز استثناء أن تقرر المحكمة انعقاد الجلسة في سرية إذا اقتضت ذلك دواعي النظام العام والآداب العامة على أن يحضرها الخصوم ووكلائهم، كذلك نصت المادتان 461 و463 ق.إ.ج استثناء نصيا على مبدأ العلانية وتتعلق بسرية المرافعات أمام جهات الحكم الخاصة بالأحداث، وهدف العلانية هو تحقيق الردع في أوساط المجتمع حيث يلقى المجرم جزاءه على مرأى الجمهور فيطمئن لان العدالة تطبق أمام ناظريه. والتدوين يعني قيام كاتب الجلسة بتحرير محضر الجلسة في المحكمة تحت إشراف رئيس المحكمة ويشتمل المحضر على تاريخ الجلسة وبيان ما إذا كانت الجلسة سرية أو علنية وأسماء القضاة والكاتب وممثل النيابة والأطراف والشهود وكامل الإجراءات وهذا حسب المادة 380 ق.إ.ج.

الفرع الثاني : وجاهية إجراءات المحاكمة
ونعني بها ضرورة حضور الأطراف والخصوم أمام القاضي في أثناء المحاكمة حيث يقوم في أساسه على تبادل البراهين والحجج بين الخصوم ومناقشتها في معرض الجلسة، وهي التي يؤسس عليها قاضي الحكم حكمه، وهذه الوجاهية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان كل خصم خاصة المتهم قد مكن من حضور جلسات المحاكمة، وهذا التمكين لا يكون إلا بصحة استدعائه قانونا بواسطة التكليف بالحضور الذي تقوم بتبليغه النيابة العامة محترمة كل الشروط الشكلية في ذلك التي نصت المادة عليها المواد 440 و337 مكرر والبيانات التي نصت عليها المواد 334 و439 ق.إ.ج.

الفرع الثالث : شفاهية المرافعات وضمانات استجواب المتهم
يعد من المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها أثناء مرحلة المحاكمة، خلافا للمحاكمات المدنية التي تتسم بالكتابة، ومبدأ الشفاهية هو الذي يمكن القاضي من تكوين قناعته بناء على ما تمت مناقشته من أدلة في معرض الجلسة، واستيفاء الدليل من تصريحات الأطراف أمامه فلا يكتفي خلال مرحلة المحاكمة بالتحقيقات الابتدائية التي أجريت بشأن الدعوى وإنما يجب على قاضي الحكم أن يعتمد بصفة أساسية على التحقيقات التي يجريها في الجلسة ما لم يجز له القانون غير ذلك، وفي هذا الشأن يقوم بـ:
أ- التأكد من هوية المتهم
حسب المادة 343 ق.إ.ج التي تنص على أن يتحقق الرئيس من هوية المتهم ويعرفه بالإجراء الذي رفعت بموجبه الدعوى للمحكمة كما يتحقق عند الاقتضاء من حضور أو غياب المسؤول عن الحقوق المدنية والمدعي المدني والشهود.
ب- الاستجواب وتوجيه الأسئلة
ونميز بين الاستجواب وتوجيه الأسئلة.
-الاستجواب:
حسب المادتين 224 و300 ق.إ.ج يقوم الرئيس باستجواب المتهم قبل سماع الشهود وتلقي أقواله ويعرف الاستجواب بانه إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى الوصول إلى حقيقة التهمة من المتهم نفسه، إما باعتراف منه بصحة التهمة المنسوبة إليه أو بدفاعه بنفي التهمة عنه وبهذا المعنى فالاستجواب يحقق وظيفتين أساسيتين:
-إثبات شخصية المتهم ومناقشته تفصيليا في الاتهام الموجه إليه،
-تحقيق دفاع المتهم.
أما بالنسبة لالتزام الصمت أثناء الاستجواب، فنميز بين حالتين: صمت طبيعي وصمت متعمد، ويكون طبيعيا إذا كان أصم وأبكم فهنا يعين له القاضي خبير، أما إذا تعمد المتهم الصمت فهذا لا يعني أنه مدان، فقد يكون هنا صمت المتهم لأسباب عديدة، فإذا رفض المتهم الإجابة عن التهمة الموجهة إليه فلا يجوز لقاضي الموضوع أن يتخذ بعض وسائل الإكراه كحمل المتهم على الكلام وإلا ترتب على ذلك بطلان الاستجواب والحكم المبني عليه، وعليه فإن الصمت لا يعتبر اعترافا لان هذا الصمت لا يعتبر صراحة إقرارا بالواقعة الإجرامية المنسوبة إليه، بل هو في حقيقته ليس إلا استعمالا لحق قرره له القانون ومع ذلك فإن مثل هذا الصمت يتخذ كقرينة ضد المتهم على ارتكابه الجريمة لان المحكمة ليس لها من حل لهذه القضية إلا هذا الأسلوب.
كما أن الاعتراف الذي يعول عليه في مجال الإثبات الجنائي أثناء الاستجواب، يجب أن يكون صادرا عن إرادة حرة وواعية وهذا يقتضي أن يكون المتهم على علم بما تم في الدعوى ومدركا معنى ما يقر به ومتمتعا بحرية الاختيار ولذلك يجب استبعاد وسائل التأثير المختلفة كحمل المتهم على الاعتراف. والإكراه نوعان مادي ومعنوي، ومن صور الإكراه المادي: العنف، الاستجواب المطول، استخدام كلاب البوليس، أما الإكراه المعنوي: الوعد، التهديد، تحليف المتهم اليمين، استعمال الحيلة والخداع .

-توجيه الأسئلة :
حسب المادة 224 ق.إ.ج التي تجيز للنيابة العامة توجيه الأسئلة للمتهم كما تجيز ذلك للمدعي المدني والدفاع عن طريق الرئيس فهنا أثناء التحقيق في الجلسة فالنيابة العامة توجه أسئلة للمتهم مباشرة بعد أن يأذن لها الرئيس أما المدعي المدني والدفاع فيوجهون الأسئلة عن طريق الرئيس، وعليه فالاستجواب هو الذي يقوم به رئيس الجلسة وذلك من خلال طرح أسئلة على المتهم أما الأسئلة فهي التي توجه من النيابة العامة مباشرة والمدعي المدني أو الدفاع عن طريق الرئيس.

الفرع الرابع : احترام حقوق الدفاع
يعتبر هذا الحق أول حق من حقوق المتهم فهو الذي يملك حق اختيار محامي أو عدة محامين بكل حرية في أي وقت قبل أو أثناء الاستجواب الأولي أو حتى بعده كما يمكنه أن يغير المحامي متى شاء ولكن يجب أن يكون له محامي واحد على الأقل وهو حق لا يمكن له التنازل عنه لأنه يعتبر حقا دستوريا وهذا ما جاء به دستور 1996 في مادته 151 ويعين المحامي بطريقتين فإنما أن يكون اختياره من طرف المتهم أو يكون تعيينه تلقائيا.
1- الاختيار من طرف المتهم:
تنص المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أن الرئيس يطلب من المتهم اختيار محام للدفاع عنه وإذا تم هذا الاختيار يذكر المتهم اسم المحامي أو المحامين الذين اختارهم لتسجيلهم في المحضر دون أن يشترط المشرع شروط معينة في المحامي الذي سوف يساعد المتهم أمام محكمة الجنايات والمادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية تسمح للمتهم حتى أن يعهد بالدفاع عنه لأحد أقاربه أو أصدقائه بصفة استثنائية بعد ترخيصه من الرئيس الذي له السلطة التقديرية في ذلك.
2- التعيين التلقائي :
تنص الماد ة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إذا لم يختار المتهم محاميا عين له الرئيس من تلقاء نفسه محاميا وكذا إذا لم يرخص الرئيس المتهم بالاستعانة بأحد أصدقائه أو أقاربه للدفاع عنه، ولا يمكن للمتهم أن يلزم الرئيس أن يعين له محامي معين لكن هذا التعيين يصبح كأن لم يكن إذا اختار المتهم محامي فيما بعد، وإذا أجاب المتهم أثناء الاستجواب أنه اختار محامي ورفض الإدلاء باسمه فان الرئيس يعين له محامي تلقائيا وإذا دافع عنه هذا المحامي أثناء محاكمته دون أن يظهر من أوراق الملف أن المتهم قد ذكر اسمه فيما بعد فإن تمسك المتهم بغياب المحامي الذي اختاره غير مؤسس.
كما يجب أن تكون هناك حرية اتصال بين المتهم ومحاميه وهذا ما نصت عليه المادة 272 من قانون الإجراءات الجزائية على أن للمتهم أن يتصل بحرية بمحاميه وكل عرقلة تحد من هذه الحرية يترتب عنها بطلان الإجراءات بالإضافة إلى أن المادة 272 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أن لمحامي المتهم أن يطلع على جميع أوراق ملف الدعوى في مكان وجودها دون أن يترتب على ذلك تأخر في سير الإجراءات وان الملف يوضع تحت تصرف المحامي قبل الجلسة بخمسة أيام على الأقل.


ثانيا : الجانب التطبيقي

المبحث الأول : نظام سير المحاكمة والقيام بالمرافعات
تعرف محكمة الجنايات عند رجال القانون بأنها محكمة إجراءات، ذلك لان هيئة المحكمة من قضاة ونيابة ملزمون بالإطلاع الواسع بوقائع القضية، وعلى معرفة تامة بالقواعد الإجرائية التي تفرض عليهم احترام حقوق هيئة الدفاع، كل هذا من أجل ضمان سلامة الأحكام الصادرة عن المحكمة وإنصافها.
المطلب الأول : سير المحاكمة قبل المرافعات
تنعقد محكمة الجنايات في المكان واليوم والساعة المعينين لافتتاح الدورة وتفتح بدخول الرئيس والقاضيين المحترفين قاعة الجلسات والجلوس في المكان المخصص لهما فيما يجلس ممثل النيابة العامة على يمين المحكمة وكاتب الضبط على يسارها ثم يعلن الرئيس افتتاح الجلسة ويساق المتهم طليقا من كل قيد إلى المكان المخصص لهذا الغرض بالقاعة ويكون حضور محامي المتهم وجوبيا (المادة 292 من قانون الإجراءات الجزائية)، وفي حال غياب المحامي ستوقف الجلسة بأمر من الرئيس إلى حين حضوره، فإذا حضر استأنفت الجلسة وهذا ما لا يوجد في محكمة الجنح والمخالفات، وإذا لم يحضر المتهم رغم إعلانه قانونيا ودون سبب مشروع وجه إليه الرئيس بواسطة القوة العمومية إنذارا بالحضور فإذا رفض، جاز للرئيس أن يأمر إما بإحضاره جبرا عنه أو باتخاذ إجراءات المرافعات بصرف النظر عن تخلفه وفي هذه الحالة الأخيرة تعتبر جميع الأحكام المنطوق بها في غيبته حضوريا ويبلغ بها مع الحكم الصادر في الموضوع (م 294 من قانون الإجراءات الجزائية) وبعد أخذ المتهم لمكانه في القاعة، يطلب الرئيس من كاتب الجلسة أن ينادي على المحلفين المقيدين في القائمة المعدة لهذا الغرض وفقا (المادة 266) ويفصل الرئيس والقضاة أعضاء المحكمة في أمر المحلفين المتخلفين عن الحضور وفقا للمادة 280 الفقرة 03 وإذا تبين وجود من بين المحلفين الحاضرين من لم يستوف الشروط التي تتطلبها المادة 261 من قانون الإجراءات الجزائية أو من يكونوا في حالة عدم الأهلية أو التعارض...، أمر الرئيس والقضاة أعضاء المحكمة بشطب أسمائهم من الكشف( المادة 281) ويكون الفصل في تلك المسائل بحكم مسبب بعد سماع أقوال النيابة.
ثم يبلغ الرئيس المتهم بأنه ستجري القرعة لسحب أسماء المحلفين الذين سيشكلون المحكمة ويخطره أن له أو لمحاميه الحق في رد ثلاثة محلفين عند استخراج الأسماء من صندوق القرعة وللنيابة العامة الحق في رد المحلفين وفي حالة تعدد المتهمين يتم الاتفاق بينهم أو بين محاميهم لمباشرة حقهم في الرد وفي حالة اتفاقهم يباشرون منفردين حق الرد حسب الترتيب المعين في القرعة دون أن يمكنهم مباشرة أكثر من رد واحد دفعة واحدة، ودون أن يتعدى عدد المردودين ما هو مقرر لمتهم واحد وبعد ذلك يوجه للرئيس الدعوى للمحلفين المختارين من القرعة للجلوس في الأماكن المعدة لهم ويعلن عن اكتمال تشكيلة المحكمة (3قضاة ومحلفين) بعد أن يدعوا المحلفين الاثنين للوقوف لحلف اليمين أمام المحكمة وبعد رفع اليد اليمنى وقراءة صيغة اليمين عليهم المنصوص عليها (المادة 284) وبعد ذلك تقوم المحكمة بمتابعة إجراءات المحاكمة.

ويجوز لها أن تعقد الجلسة سرية إذا ما كان في علانيتها خطر على النظام العام والآداب (المادة 285) كما تقرر ما إذا تتم متابعة إجراءات المحاكمة أو تأمر بتأجيلها إن تبين أنها غير مهيأة للفصل فيها. (المادة 303)، وبعد ذلك إن تقرر متابعة إجراءاتها فيجب مواصلتها إلى أن تنتهي القضية بحكم (المادة 285 الفقرة الأخيرة) ثم يطلب رئيس المحكمة من كاتب الجلسة أن ينادي على المدعي المدني والشهود ويخطرهم بالانسحاب إلى القاعة المخصصة لهم (المادة 298) ثم يطلب الرئيس من كاتب الجلسة تلاوة قرار الإحالة وبعد تلاوته يبدأ في استجواب المتهم وإذا أراد المتهم أو الدفاع إبداء أوجه المنازعة في صحة الإجراءات التحضيرية فعليه أن يودع مذكرة وحيدة قبل المرافعة في الموضوع وإلا قضى بعدم قبولها، وتفصل فيها المحكمة بدون مشاركة المحلفين بعد سماع ممثل النيابة العامة (المادة 298) وبعد استجواب المتهم يقدم أدلة الإثبات إن وجدت فيما توجه أسئلة المساعدين من القضاة والمحلفين عن طريق الرئيس ثم يفتح المجال للنيابة العامة بتوجيه الأسئلة مباشرة على المتهم كما يجوز لمحامي المتهم توجيه الأسئلة إليه أو إلى باقي المتهمين عن طريق الرئيس (المادة 287) وبعد انتهاء مرحلة الاستجواب يأمر الرئيس بإحضار الشهود واحدا بعد الآخر لسماع أقوالهم بعد أدائهم اليمين القانونية وبينما يجوز لممثل النيابة العامة توجيه الأسئلة مباشرة للشهود، يجوز للمتهم والمدعي المدني أو محاميهم توجيه الأسئلة لهم بواسطة الرئيس (المادة 288/ف1) وبعد ذلك يتم عرض تقارير الخبراء فإن كان الخبير حاضرا كلفه الرئيس بعرض نتائج أبحاثه وفتح المجال بعد ذلك للأطراف ومحاميهم لتوجيه الأسئلة للخبير ثم يتلو الرئيس نتائج الخبرة العقلية والبحث الاجتماعي للمتهم ويتم سماع المدعي المدني ومحاميه (م.304/ف1(.

ووفقا لأحكام المادة 304 قانون الإجراءات الجزائية فإنه متى انتهى التحقيق بالجلسة سمعت أقوال الطرف أو محاميه وتبدي النيابة طلباتها ويعرض المحامي والمتهم أوجه الدفاع، ويسمح للمدعي المدني والنيابة العامة بالرد، ولكن الكلمة الأخيرة للمتهم ومحاميه دائما.

- استجواب المتهم :
يعرض رئيس الجلسة ملخصا عن وقائع التهمة على المتهم بعد التحقق من هويته ثم يستمع إلى تصريحاته عن الأوضاع والظروف التي وقعت فيها الجريمة والوسائل المستعملة في ارتكابها، يتخلل هذا التصريح استجواب لرئيس المحكمة من حين لآخر كما يتبين من الدوافع والأسباب التي أدت به إلى ارتكابها مستشهدا بأدلة الإثبات المقدمة ضده والحجج التي تثبت إسنادها إليه، حيث ليس بإمكان أي أحد سواء من هيئة المحكمة أو هيئة الدفاع أن يقاطع رئيس المحكمة عن الاستجواب والتحقيق مع المتهم، وعلى عكس ذلك فإنه عند انتهاء الرئيس من إجراء تحقيقه واستجوابه للمتهم، يجوز لهيئة الدفاع أو ممثل النيابة العامة طرح ما يشاءون من الأسئلة الجدية والمفيدة قصد إخبار الحقيقة أو لحماية مصالح أطراف الدعوى على أن تمر أسئلة هيئة الدفاع والمحلفون وقضاة المحكمة على رئيس الجلسة والتي يحيلها بدوره إلى المتهم، بينما خول القانون لوكيل النيابة العامة حرية توجيه السؤال مباشرة إلى المتهم.

- سماع شهادة الشهود وتصريح الخبراء :
بعد الانتهاء من سماع تصريحات المتهم والتحقيق معه فيما يخص الوقائع الجرمية في ظروف ارتكابها وملابساتها، يأمر رئيس محكمة الجنايات كاتب الضبط بالمناداة على الشهود قصد إحضارهم إلى الجلسة واحدا واحدا وذلك لسماع أقوالهم حول الوقائع المنسوبة للمتهم أو المتهمين ويتعين على الرئيس معرفة درجة القرابة أو علاقة التبعية بين الشاهد والمتهم، ثم يطلب منه أداء اليمين القانونية فيقسم بالله أن لا يقول إلا الحق دون خوف أو حقد، وبعد ذلك يطلب منه رئيس المحكمة الإدلاء بشهادته أمام هيئة المحكمة حسب ما رأى أو سمع عن وقائع الجريمة وحسب علمه بعلاقة الجريمة والمتهم من حيث الإسناد، وعن كيفية وقوعها وما استعمله المتهم من وسائل في تحقيق النتيجة، ويلتزم كل من النيابة العامة والقضاة والدفاع بعدم مقاطعة الشاهد أثناء الإدلاء بشهادته كما لهم الحق في توجيه ما يرونه من الأسئلة التي من شأنها أن تزيد القضية وضوحا كما لهم أن يعقبوا على أقوال الشاهد إذا كان فيها تناقض، ويبقى الرئيس دائما هو الذي يستقبل الأسئلة ثم يحيلها إلى المتهم إلا الأسئلة التي تطرحها النيابة العامة على الشاهد فتكون مباشرة حيث استثناها القانون عن بقية الأطراف ومهما يكن فإن السلطة التقديرية للرئيس تمنحه تقييم الأسئلة من حيث اللزوم والجدية فيحيل بعضها ولا يحيل الآخر، كما له أن يلفت انتباه وكيل النيابة العامة إذا ما أراد هذا الأخير أن يمارس نوعا من الضغوط على الشاهد، أو يطرح أسئلة بعيدة عن الموضوع، وتجدر الإشارة أن الشهود الذين لهم علاقة بالمتهم لا يوجه لهم اليمين بل تسمع أقوالهم على سبيل الاستدلال.

- سماع أقوال الضحية:
عادة ما يكون الاستماع إلى الضحية قبل السماع للشهود في محكمة الجنايات حيث يدلي بتصريحاته المتعلقة بالوقائع، المكان والزمان، والكيفية التي وقعت بها الجناية ويتم هذا بحضور المتهم وممثل النيابة اللذان يسمح لهما بطرح بعض الأسئلة المتعلقة بالقضية عن طريق رئيس المحكمة الذي تبقى له سلطة تقييم الأسئلة من حيث قبولها أو رفضها وتصريحات الضحية غالبا ما تكون مدعمة لادعاءات النيابة العامة من حيث توجيه الاتهام وإثبات الجريمة ضد المتهم.
-والملاحظ أن الضحية عند سماع أقواله لم يفصل في صفته القانونية هل هو شاهد أو مدعي مدني خاصة وأنه يصبح طرفا في الدعوى المدنية التي تخصص لها جلسة منفصلة عن جلسة الفصل في الدعوى الجزائية، وجرت العادة على منح المحكمة للضحية فرصة التعرض إلى عناصر الدعوى العمومية قبل سماع الشهود، ثم تمنحه صفة الإدعاء مدنيا قبل مرافعة النيابة العامة، لذلك سيظل اللبس بشأن صفة الضحية قائما فيما إذا سوف يقبل ادعاؤه مدنيا رغم أنه سبق وأن قدم شهادته ضد المتهم، خاصة وأنه قد سبق للضحية أن أعلن لقاضي التحقيق أنه يرغب في الإدعاء مدنيا في طلب التعويض الذي يزعم أنه لحقه جراء الضرر الناتج عن الجريمة فهل يجوز للمحكمة ساع شهادته خلال جلسة مناقشة الدعوى العمومية، وهنا التعارض قائم مع نص المادة 243 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن الشخص الذي يدعي مدنيا لا يجوز سماعه كشاهد.

المطلب الثاني : مرحلة المرافعات
- مرافعة النيابة العامة: يختلف دور النيابة العامة في محكمة الجنايات عن دورها أمام محكمة الجنح والمخالفات اختلافا كبيرا ذلك بسبب كثرة الإجراءات وتعددها في محكمة الجنايات، وأن حكم المحكمة فيها لا يسبب لأنه مبني على الاقتناع الذاتي للقضاة والمحلفين ويعتبر دور النيابة العامة مهم جدا، لأن القانون خول لها مسؤولية تحريك الدعوى العمومية، وكذا تمثيل المجتمع والدفاع عن مصالحه ومكاسبه، أضف إلى ذلك أن القانون حمل ممثل النيابة تقديم أدلة الإثبات وأدلة نسب التهمة إلى المتهم، ويقابلها في ذلك القرينة الدستورية القائلة بأن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، لذلك ومن أجل تجنب وضعه في موضع حرج وفي موقف الخصم الضعيف الذي لا يستطيع إثبات وجوده وجب عليه الإطلاع الجيد على ملف القضية ومتابعة سير إجراءات الدعوى، والتأكد من قوة وسائل الإثبات وصحتها.
وتعطى الكلمة لممثل النيابة العامة بعد استجواب المتهم وبعد سماع شهادة الشهود وتكون المرافعة بشأن الدعوى العامة من حيث توافر أركانها العامة المادية والمعنوية والقانونية، وتحاول دائما دعم الأدلة واستغلال كل ما يمكن أن يثقل كاهل المتهم سواء من شهادة الشهود أو أقوال المدعي المدني أو من أدلة الإثبات الموجودة بالملف ومحاضر التحقيق وينتهي تدخل النيابة العامة باقتراح العقوبة وفقا لمواد القانون والعقوبات المتابع بها المتهم، وفي حالة تعدد المتهمين في قضية واحدة تطلب تطبيق العقوبة لكل واحد منهم حسب ما نسب إليه من أفعال.

-سماع دفاع المتهم :
سماع المتهم أمام محكمة الجنايات هو أمر وجوبي ولا يجوز محاكمة الجاني دون محام يقف إلى جانبه يساعده ويتولى الدفاع عنه ولهذا فإن القانون قد كلف رئيس محكمة الجنايات بموجب المادة 271 أن يقوم باستجواب المتهم قبل جلسة المرافعة بثمانية أيام على الأقل وأن يطلب منه اختيار محامي لمساعدته في الدفاع عن نفسه ضد التهمة الموجهة إليه، وإن لم يختر بسبب فقره أو عجزه فانه يجب على رئيس المحكمة أن يعين له محاميا من تلقاء نفسه، وغالبا ما يتم اختيار المحامي من المحامين المقيمين بمقر محكمة الجنايات حتى يسهل عليه الاتصال بالمتهم في الوقت المناسب ويسهل عليه الإطلاع على الملف خلال الوقت الكافي وذلك أن إصدار حكم اثر إجراءات محاكمة لم يحضرها محامي تجعله حكما باطلا و يمكن نقضه وإلغاؤه.

-سماع تعليقات النيابة والدفاع :
لقد نصت المادة 304 على أنه متى انتهى التحقيق بالجلسة سمعت أقوال المدعي المدني أو محاميه وتقدم النيابة العامة طلباتها ثم يعرض المحامي والمتهم أوجه الدفاع ويسمح للمدعي المدني والنيابة بالرد ولكن للمتهم ومحاميه دائما الكلمة الأخيرة.
ومن تحليل أحكام هذه المادة نستطيع أن نفهم أن القانون رتب إجراءات المرافعة بحيث قرر الشروع باستجواب المتهم والتحقيق معه ومتى انتهى التحقيق يأتي دور المدعي المدني ومحاميه إن وجد فيدلي بتصريحاته وطلباته ثم يأتي دور النيابة العامة فترافع في موضوع الدعوى الجزائية.
وأخيرا يأتي دور محامي المتهم فيقدم مرافعاته ودفوعه ولكن وقبل إعطاء الكلمة للمتهم باعتبار أن الكلمة الأخيرة تكون دائما بحكم القانون له فإنه يجوز لكل من المدعي المدني وممثل النيابة العامة أن يعقب على كلام محامي المتهم وأن يرد أو يعلق على ما اثاره أثناء مرافعته كما يجوز للنيابة أن تتناول الكلمة للتعقيب على ما ورد في دفاع المحامي مع الملاحظة أن كل ذلك يكون تحت رقابة رئيس المحكمة الذي يتمتع بسلطة تسيير الجلسة.

-سماع المتهم ومحاميه في كلمة أخيرة :
لقد حددت المادة 304 السالف ذكرها بأن يكون المتهم هو آخر المتدخلين وهو صاحب الكلمة الأخيرة والغرض من ذلك هو ضمان حق المتهم في ممارسة حق دفاعه، وتأتي كلمة المتهم أو المتهمين واحدا تلو الآخر بطلب من الرئيس: هل لديك ما تضيف لدفاعك؟ فيجيب كل واحد على هذا السؤال حسب معرفته ومدى التأثير الذي تركته المرافعة وإجراء المحاكمة في نفسه.
ونشير أن تجاهل المحكمة لحق المتهم في الكلمة الأخيرة لسبب أو لآخر كأن تكون مثلا ناتجة عن استفزازات الضحية، أو الدوافع الوحشية للمتهم التي جعلته يقوم بالجريمة من شأنها تعرض قرار المحكمة بصفة عامة للنقض وكمثال على ذلك ما صدر عن المحكمة العليا في القضية رقم 63270 حيث نقض بموجبه حكما صادرا عن محكمة الجنايات بمجلس الشلف جاء فيه ــ حيث أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى أن الكلمة الأخيرة كانت للمتهم ــ حيث أن هذا الإغفال يشكل خرقا لقاعدة جوهرية ومسا بحقوق الدفاع فإن ذلك ينجر عنه النقض.

المطلب الثالث : مرحلة ما بعد انتهاء المرافعات
إن التحضير للفصل في الدعوى يتطلب إجراءات تقوم بها المحكمة قبل الانتقال إلى غرفة المداولة بالإضافة إلى الإجراءات التي تتم أثناء فترة المداولة وتتعلق بإعادة مناقشة الوقائع ومدى مطابقة النصوص المطبقة بشأنها تمهيدا للفصل فيها.
الفرع الأول : إقفال باب المرافعة
يقرر الرئيس إقفال باب المرافعات، ويقوم هو شخصيا أو يكلف أحدا من القضاة بقراءة الأسئلة التي ستطرح للمناقشة والتصويت في قاعة مداولة محكمة الجنايات ولا يطرح هنا في الجلسة السؤال المتعلق بالظروف المخففة وإلا كان قد أظهر اتجاه نيته بإدانة المتهم وتستخرج هذه الأسئلة من منطوق قرار الإحالة، ويمكن أن يقدم الرئيس أسئلة احتياطية يطرحها هو تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من الدفاع وذلك بعد مناقشتها.
- وتتم صياغة الأسئلة حسب ما هو مبين من أحكام المادة 305 لكل واقعة سؤال ولكل ظرف مشدد سؤال، ولكل عذر قانوني وقع التمسك به سؤالا مستقلا ومتميزا ، وإذا كان الظرف المشدد غير مأخوذا من قرار الإحالة وجب على المحكمة طرحه مسبقا للمناقشة وسماع الدفاع وطلبات النيابة حتى ولو انسحبت المحكمة للمداولة ومهما يكن من أمر فإنه لا ينبغي أن يتضمن السؤال الواحد واقعتين أو ظرفين متميزين ولا يمكن أن يتصف بالغموض إذ يتعذر على أعضاء المحكمة فهمه والإجابة عليه بالنفي أو بالإيجاب.
وبعد قراءة الأسئلة يتلو الرئيس قبل مغادرة قاعة الجلسة التعليمة الموجهة لأعضاء المحكمة من المحلفين والقضاة المعينين والمنصوص عليها في أحكام المادة 307 باعتبار أن أعضاء محكمة الجنايات يؤسسون حكمهم على اقتناعاتهم الشخصية، وعلى اثر ذلك يأمر الرئيس العون المكلف بالمحافظة على النظام بإخراج المتهم من قاعة الجلسات وبحراسة المنافذ المؤدية إلى غرفة المداولات ومنع كل واحد الدخول إلا بإذن من الرئيس ويعلن هذا الأخير عن رفع الجلسة وانسحاب المحكمة للمداولة.

الفرع الثاني : إجراءات المداولة بشأن الدعوى الجزائية
قبل انسحاب المحكمة إلى المداولة يأمر الرئيس بنقل الملف لوضعه تحت تصرف أعضائها حيث يخول لهم القانون الإطلاع على كل وثيقة أو أي دليل آخر بأوراق القضية ويتداول أعضاء المحكمة في كل واقعة ويصوتون بالاقتراع السري على كل سؤال بالنفي أو الإيجاب وبنفس الطريقة عن كل سؤال يتعلق بالظروف المشددة وتصدر جميع الأحكام بالأغلبية حسب أحكام المادة 309 ف2 فإذا قررت هذه الأغلبية بأن المتهم غير مدان لعدم ثبوت ركن من أركان الجريمة أو لانقضاء الدعوى العمومية لسبب من الأسباب فيكون الحكم بالبراءة أو بإعفاء المتهم من العقاب إذا كان هناك عذر قانوني، وفي حالة ثبوت الإدانة من خلال الإجابة على الأسئلة تتداول المحكمة من جديد وبنفس الطريقة في تحديد العقوبة، وذلك بعد طرح الرئيس السؤال حول الظروف المخففة والإجابة عليه بالإيجاب، ويكون لها دور فعال في تحديد العقوبة لصالح المتهم.

المبحث الثاني : كيفية النطق بالحكم في الدعوى الجزائية
المطلب الأول: إحضار المتهم وتلاوة الأسئلة والأجوبة
بعد الانتهاء من إجراءات المداولات والاتفاق على الحكم المناسب وتدوينه في ورقة الأسئلة تعود هيئة المحكمة إلى قاعة الجلسات, وبعد جلوسهم في المنصة الخاصة بهم يأمر رئيس المحكمة باستمرار الجلسة كما يأمر المكلف بحفظ النظام بإحضار المتهم إلى قاعة الجلسات, وعندما يعود يخبره بأنه سوف يبدأ بتلاوة الأجوبة عن الأسئلة التي توصلت إليها المحكمة بعد المداولات, ثم يبدأ في تلاوة الأسئلة والأجوبة التي اقترحت لها.

المطلب الثاني : النطق بالحكم في الدعوى العمومية
بعد المداولة في الجانب الجزائي تستأنف الجلسة ويتلو الرئيس بصورة علانية الإجابات عن جميع الأسئلة التي طرحت على هيئة المحكمة التي تمت عليها الإجابة بالأغلبية بنعم أو لا، ثم يصرح بالعقوبة مع ذكر النصوص القانونية في حالة الإدانة أو بالبراءة, وفي هذه الأخيرة يجب أن تكون الأسئلة المطروحة والإجابة المعطاة عنها سائغة منطقيا ومقبولة قانونيا بحيث إذا أجاب أعضاء المحكمة بالنفي وبأغلبية الأصوات على الأسئلة التي طرحت عليهم وقضوا ببراءة المتهم فلا يصبح للنيابة العامة أن تطعن بالنقض في حكمهم على أساس أن الوقائع ثابتة لأن ذلك يعتبر مجادلة في الموضوع وفي اقتناع المحكمة, ويفرج عن المتهم في الحين ما لم يكن محبوسا لسبب آخر, وينبه المتهم المدان أن له مدة ثمانية أيام للطعن في الحكم الصادر ضده وهذا ما نصت عليه المادة 313 قانون الإجراءات الجزائية، وتنتهي بذلك الدعوى العمومية وترفع الجلسة، وبعد أن تفصل المحكمة في الدعوى العمومية بإدانة المتهم يطلب الرئيس من المحلفين الانسحاب من التشكيلة طبقا لما جاء في المادة 316 قانون الإجراءات الجزائية، فإذا ثبت أن المحكمة فصلت في مسألة مدنية بحضور المساعدين المحلفين فإن حكم المحكمة يكون باطلا وتفتح الجلسة للنظر في الطلبات المدنية.

خـــاتــمــة :
لقد أجمع أهل الاختصاص في ميدان القانون من قضاة ومحامين أن محكمة الجنايات هي محكمة إجراءات بالمعنى الكامل، إذ تتطلب من هيئة المحكمة أن يكونوا ملمين إلماما كبيرا بالقواعد الجزائية التي تضمن احترام حقوق المتهم ومراعاة تطبيق القانون تطبيقا سليما بقصد الخروج بأحكام عادلة، ولكن مع هذا هناك بعض النقائص التي تتعلق بهذه المحكمة، وأهم هذه النقائص تتمثل في أن الضمانات التي منحها المشرع للمتهم غير كافية مقارنة بالضمانات التي منحها للمتهم الماثل أمام محكمتي الجنح والمخالفات والتي تصدر عقوبات أقل بكثير من عقوبات محكمة الجنايات، كما أن هذه العقوبة هي الأكبر على الإطلاق، لذلك يرى جمع كبير من رجال القضاء والفقهاء ضرورة منح حق الاستئناف لحكم محكمة الجنايات حتى يتسنى إخضاع مبدأ العقوبة إلى التدرج، وليس كما هو معمول به حاليا نهائية الحكم.
كما أن أحكام محكمة الجنايات ينظر إليها بالاقتناع الشخصي لأعضاء المحكمة وهذا ما يتعارض مع المادة 144 من الدستور الجزائري التي تنص على وجوب تسبيب الأحكام القضائية، كما يتناقض مع المادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن "الأسباب هي أساس الحكم" فلماذا منح المشرع هذا الحق للمتهم المماثل أمام محكمتي الجنح والمخالفات ولم يمنحه للمتهم الماثل أمام محكمة الجنايات. وأيضا فقد أصبح من الضروري العناية بتكوين القضاة حيث أن تخصصهم أصبح مهما، وذلك ليسهل على القاضي فهم كل المشاكل داخل فرع معين من فروع القضاء.


- مختصر الإجراءات أمام محكمة الجنايات
-الإجراءات التحضيرية قبل الجلسة بثمانية أيام :
1-استجواب المتهم حول هويته.
2-التأكد من تبليغه بقرار غرفة الاتهام.
3-اختيار محامي أو تعيين محامي تلقائيا.
4-إعداد المحضر حول الإجراءات السالفة الذكر وتوقيعه من الرئيس والكاتب والمتهم.
- الإجراءات المتبعة في الجلسة :
01-الدخول إلى قاعة الجلسات.
02-إدخال المتهم إلى قاعة الجلسات .
03-المناداة على المحلفين الرسميين والمحلفين الإضافيين.
04-سحب القرعة لاختيار المحلفين اللذين يشكلون محكمة الجنايات مع حق المتهم في رد ثلاث محلفين والنيابة في رد محلفين اثنين.
05-أداء اليمين بالنسبة للمحلفين, وتتشكل المحكمة بعد هذه اليمين بصفة رسمية.
06-تقرير علانية الجلسة أو سريتها.
07-المناداة على الشهود والفصل في مسألة الشهود الغائبين.
08-وضع الشهود في القاعة المخصصة لهم.
09-قراءة قرار غرفة الاتهام.
10-تقديم محامي المتهم الدفوع الرامية إلى منازعة الإجراءات التحضيرية بمقال واحد وفصل محكمة الجنايات في هذه الدفوع دون المحلفين.
11-استجواب المتهم .
12-طرح الأسئلة من النيابة العامة ومحامي الأطراف.
13-سماع الشهود بعد أداء اليمين أو إعفائهم.
14-سماع الخبير عند الاقتضاء وتقديم الأطراف لملاحظاتهم.
15-إعطاء الكلمة إلى الطرف المدني.
16-مرافعة النيابة العامة.
17-مرافعة دفاع المتهم.
18-غلق باب المناقشة وقراءة الأسئلة.
19-قراءة التعليمة الواردة في المادة 307 من ق.إ.ج.
20-إخراج المتهم من قاعة الجلسات وأمر المكلف بالأمن بحراسة قاعدة المداولات ونقل مستندات الملف.
21-انسحاب محكمة الجنايات للمداولة، وبعد المداولة تستأنف الجلسة.
22-إحضار المتهم.
23-قراءة الأجوبة عن الأسئلة المطروحة والنطق بالحكم.
24-إخبار المتهم المحكوم عليه بحقه في الطعن بالنقض ضد الحكم في مهلة ثمانية أيام.
25-رفع الجلسة.
26-انسحاب المحلفين للفصل في الدعوة المدنية من القضاء وحدهم.
27- تقديم الطرف المدني طلباته، إعطاء النيابة العامة رأيها، ثم دفاع المتهم.
28- التصريح بالحكم المدني بعد المداولة وإنذار المحكوم عليه بحقه في الطعن بالنقض ضد الحكم في مهلة ثمانية أيام.




المراجع
النصوص القانونية :
- دستور سنة 1996.
-قانون الإجراءات الجزائية، وفقا للتعديلات الأخيرة: 22.06 في 20/12/2006.
-القانون المدني قانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
-المؤلفات:
- أحمد شوقي الشلقاني، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر 1995. - جيلالي بغدادي، التحقيق، دراسة مقارنة نظرية وتطبيقه، ط1، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 1999.
- سليمان بارش، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار الشهاب للطباعة والنشر، باتنة ، 1986.
- محمد حزيط، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 2006.
- محمد صبحي، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، ط3، 1992.
- نظير فرج مينا، الموجز في الإجراءات الجزائية الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط2، 1992.

look/images/icons/i1.gif ضمانات المتهم أمام محكمة الجنايات
  06-01-2015 02:40 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 14-01-2012
رقم العضوية : 1
المشاركات : 850
الدولة : الجــــزائر
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 570
موقعي : زيارة موقعي
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب
موضوع جميل شكرا لك علي المساهمة به

look/images/icons/i1.gif ضمانات المتهم أمام محكمة الجنايات
  25-06-2015 05:36 صباحاً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1155
المشاركات : 7
الجنس :
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : إداري
جزاك الله خيرا علي العمل

look/images/icons/i1.gif ضمانات المتهم أمام محكمة الجنايات
  11-08-2015 07:08 صباحاً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 04-01-2013
رقم العضوية : 97
المشاركات : 83
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 30
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص
موضوع مهم شكرا جزيلا لك

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
ضمانات ، المتهم ، أمام ، محكمة ، الجنايات ،









الساعة الآن 09:05 PM