logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





22-12-2015 11:18 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-12-2014
رقم العضوية : 1381
المشاركات : 184
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 50
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

الحماية و العقوبات المقررة للموضف العام في الجزائر 

مقدمة :
ان المشرع الجزائري أولى اهتماما كبيرا بالموظف العام , ومن في حكمه ويظهر ذلك جليا لكل متصفح لقانون العقوبات , حيث كفل له حماية خاصة حتى يضمن له سلامته وبالتالي يؤدي المهام المنوطة به على أكمل وجه . فاعتبر كل مساس أو اعتداء عليه هو اعتداء على الوظيفة وبالتالي على الإدارة.
فجرم ذلك الفعل ورتب عليه عقوبات تأخذ في العديد من الحالات وصف الجناية من جهة , ومن جهة أخرى جرم المشرع العديد من الأفعال التي قد يرتكبها الموظف أثناء ممارسته لمهامه أو بمناسبتها والتي قد تمس بنزاهة الوظيفة وسمعتها أولا وبالمواطن المتعامل مع الإدارة ثانيا.
وتأسيسا لما سبق ذكره عن أهمية الوظيفة والموظف , تظهر لنا أهمية هذا الموضوع الذي حاولنا من خلاله التطرق الى أهم الجرائم التي قد يرتكبها الموظف سواء اثناء قيامه بعمله أو بمناسبة ادائه .
و سوف نحاول من خلل هذا الموضوع تسليط الضوء على أهم الجرائم التي قد ترتكب على الموظف والعقوبات المقررة لذلك . فهل هذه العقوبات كافية لردع كل من تسول له نفسه للاعتداء على الموظف أثناء تأدية عمله أو بمناسبة ادائه فما هي العقوبة والجزاء المخصص من المشرع لردع مثل هذه الجرائم لفرض احترام الوظيفة وتقديسها ؟ وما هو الأساس الذي استند عليه المشرع لتحديد مثل هذه العقوبات ؟وهل هذه العقوبات كافية أو كفيلة لضمان حماية والطمأنينة في نفس الموظف ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها سوف نحاول الإجابة عنها من خلال بحثنا هذا .
ولأجل ذلك سنركن في دراستنا هذه إلى المنهج التحليلي , والاستدلالي مع الاعتماد من حين إلى آخر على أسلوب البحث المقارن لما للمقارنة من أهمية كبرى لا سيما في مثل هذه البحوث لتدارك النقائص , هذا الأمر جعلنا نقترح خطة أكاديمية لتحليل الموضوع ودراسته مكونة من فصلين :
الفصل الأول: تطرقنا فيه إلى الجرائم التي تقع من الموظف وفيه تطرقنا لكل جريمة والعقوبة المحددة لها وسبب تشديدها
أما الفصل الثاني : فخصصناه للجرائم التي تقع على الموظف سواء أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة آدائها والعقوبة المقررة لذلك.

المبحث الأول : جنايات وجنح ضد الدستور

المطلب الأول : الاعتداء على الحريات وتواطؤ الموظفين
الفرع الأول : الاعتداء على الحريات
يعد موضوع الحريات والاعتداء عليها من المواضيع القديمة الجديدة التي أثارت ومازالت تثير العديد من الإشكاليات من حيث كيفية ضمانها والحفاظ عليها من تعسف السلطات لذلك حاول المشرع الجزائري توفير بعض الضمانات لممارستها وحدد عقوبات لكل من سولت له نفسه الاعتداء على هذا الحق المشروع ومن قبيل هذه الضمانات نجد المادة 107 من قانون العقوبات الجنائية والتي تعاقب كل موظف يأمر بعمل تحكمي أو ماس بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية للمواطن أو اكثر ويأخذ الاعتداء على الحريات الأشكال الآتي :
أ-الأمر بعمل تحكمي أو ماس بالحرية الشخصية أو بحق من الحقوق الوطنية
وهو ما نصت عليه المادة 107 من قانون العقوبات وحددت عقوبتها بالسجن المؤقت من خمس إلى عشرة سنوات لكل موظف يأمر بعمل ماس بالحرية الشخصية  للفرد أو بحق من الحقوق الوطنية
ب-التجاوز عن حجز غير قانوني أو تعسفي
وهي جناية منصوص عليها في المادة 109 وتعني الموظفين ورجال القوة العمومية ومندوبي السلطة العمومية والمكلفين بالشرطة لإدارية أو القضائية الذين يرفضون أو يهملون الاستجابة إلى طلب يرمي إلى ضبط واقعة حجز غير قانوني وتحكمي في أي مكان كان ولا يثبتون أنهم أطلعوا السلطة الرئاسية عن ذلك وعقوبتها السجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات.

الفرع الثاني : تواطؤ الموظفين
ويأخذ الإشكال الآتية :
أ-اتخاذ إجراءات مخالفة للقوتين بعد تدبيرها
وهي جنحة منصوص عليها في المادة 112 وعقوبتها الحبس من شهر إلى ستة اشهر
ب- اتخاذ إجراءات بعد تدبيرها ضد تنفيذ القوانين أو أوامر الحكومة
وهي جناية منصوص عليها في المادة 113 وعقوبتها السجن المؤقت من خمس إلى عشرة سنوات وإذا كان تدبير هذه الإجراءات تم بين سلطات مدنية وهيئات عسكرية أو رؤسائها ,يعاقب المحرضون عليها بالسجن المؤقت من عشرة سنوات إلى عشرين سنة أما باقي الجناة فيعاقبون بالسجن من خمس إلى عشر سنوات.
ج- تقديم استقالة بعد تدبيرها :
وهي جنحة منصوص عليها في المادة 115 تعفي القضاة والموظفين الذين يقررون بعد التشاور فيما بينهم تقديم استقالتهم بغرض منع أو وقف قيام القضاء بمهمته أو سير مصلحة عمومية وعقوبتها الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات .
وإذا كان اشتراط التشاور فيما بين الموظفين (أو التداول) يضيق لا محال من مجال تطبيق النص فإن جانبا من الفقه يرى أخذ عبارة " التشاور " بمفهوم الاتفاق مقدم على الاستقالة .

المطلب الثاني : تجاوز الموظفين لحدود اختصاصهم :
تعتبر فكرة الاختصاص حجر الزاوية التي يقوم عليها القانون العام الحديث . حيث تباشر كل السلطات العامة في الدولة اختصاصات محدودة بواسطة الدستور أو القانون أو اللوائح .
والاختصاص هو صلاحية قانونية لموظف معين , أو جهة إدارية محددة في اتخاذ قرار إداري ما تعبيرا عن إرادة الإدارة . وتتحدد هذه الصلاحية بموجب أحكام القانون أو وفقا لمبادئه العامة وذلك في حالة تخلي القانون بمعناه الضيقعن تنظيم اختصاص إداري محدد ولم يعهد به إلى جهة إدارية أو موظف معين,اذ يتولى الاختصاص في مثل هذه الأحوال الجهة أو الموظف الذي يتفق هذا الاختصاص بطبيعته مع واجباته الوظيفية " وقد عرف بعض الفقه ركن الاختصاص بأنه " الأهلية أو المقدرة القانونية الثانية لجهة الإدارة أو للأشخاص التابعين لها في إصدار قرارات محددة من حيث موضوعها ونطاق تنفيذها المكاني والزماني .
اما التعريف المستقر عليه فقها لعيب عدم الاختصاص في دعوى الالغاء هو :" عدم القدرة قانونا على مباشرة عمل قانوني حيث جعله المشرع من اختصاص سلطة اخرى طبقا للقواعد المنظمة للاختصاص فهو عيب عضوي ويعني عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من اختصاص هيئة أو فرد آخر
وعيب الاختصاص قد يقع في صورة ايجابية (الاختصاص الايجابي ) وقد يقع في صورة سلبية (الاختصاص السلبي )  .
وتجاوز الاختصاص هي جناية منصوص ومعاقب عليها في المواد 116 الى المادة 118 وتأخذ الأشكال الآتية :

الفرع الأول : التدخل في أعمال الوظيفة التشريعية :
ويكون هذا التدخل بإصدار قرارات تتضمن نصوص تشريعية يمنع وقف تنفيذ قانون أو اكثر أو بالمداولة لمعرفة ما إذا كانت القوانين ستنتشر أو تنفذ.
فهذا التدخل يعتبر اعتداء على الاختصاص وخرق لمبدأ الفصل بين السلطات إذ أن الأصل العام انه لا يجوز لسلطة إدارية دنيا إصدار قرار تدخل في اختصاص سلطة إدارية أعلى منها إلا بناء على تفويض صحيح ويقع باطلا " كل قرار يخالف تلك القاعدة .
ويلاحظ أن سبب الإلغاء هذه القرارات أنها مشوبة بعيب عدم الاختصاص الموضوعي حيث أصدرته سلطة مرؤوسة في موضوع يدخل ضمن الاختصاصات المقررة للسلطة الرئاسية .
ويجد هذا المبدأ تبريره في ضرورة احترام قاعدة التدرج في السلم الوظيفي , والتي بموجبها يتعين على كل سلطة احترام اختصاصات المنوطة بالسلطات الأخرى التي تعلوها في هذا السلم.
والمشرع الجزائري قرر في نص المادة 116 ف/1 والمادة 117 عقوبة بالسجن من 5 إلى 10 سنوات لكل قاضي أو ضابط شرطة قضائية أو والي أو رئيس دائرة أو رئيس مجلس شعبي بلدي وغيرهم من رجال الإدارة الذين يتدخلون في اعمال الوظيفة التشريعية أو يتخذون قرارات عامة أو تدابير ترمي الى اصدار اية أوامر او نواه الى المحاكم أو الى المجالس.

الفرع الثاني : التدخل في أعمال السلطات الإدارية :
ونصت المادة 116 ف/2 على عقوبة السجن من 5 الى 10 سنوات لكل قاض أو ضابط شرطة قضائية يتجاوز حدود سلطته بالتدخل في القضايا الخاصة بالسلطات الادارية سواء باصدار قرارات في هذه المسائل أو بمنع تنفيذ الأوامر الصادرة او الذين يصرون بعد ان يكونوا قد أذنوا أو أمروا بدعوة رجال الادارة بمناسبة قيامهم بمهام وظائفهم على تنفيذ أحكامهم أو أوامرهم بالرغم من تقرير إلغائها.

الفرع الثالث : التدخل في أعمال السلطات القضائية :
تنص المادة 118 على غرامة لا تقل عن 500دج ولا تتجاوز 3.000دج لكل رجال الإدارة الذين يتجاوزن الوظائف القضائية بتقريرهم الاختصاص بالحقوق والمصالح التي تدخل في اختصاص المحاكم ثم بقيامهم بعد اعتراض الأطراف أو واحد منهم , ورغم هذا الاعتراض بالفصل في الدعوى قبل أن تصدر السلطة العليا قرارها فيها بالفصل .


المبحث الثاني : جنايات وجنح ضد السلامة العمومية
المطلب الأول : تحويل وإحداث الضرر بالمال العام
الفرع الأول : جريمة تحويل المال العام :
وهو الفعل المنصوص عليه في المادة 119 ق ع.
I-أركان الجريمة :
تقوم الجريمة على ركن مادي وركن معنوي بالإضافة إلى ركن مفترض
أولا لركن المفترض : صفة الجاني :
يجب أن يكون الفاعل قاضيا أو موظفا أو ضابطا عموميا أو شخصا يتولى وظيفة أو وكالة في إحدى الهيئات أو المؤسسات المنصوص عليها في المادة 119 ق.ع
ا-القاضي : المقصود هنا حسب التعبير الفرنسي « Magistrat » وهو مصطلح أوسع من « Juge »بحيث يشمل علاوة على القضاة بعض الموظفين الذين يتمتعون بقسط من السلطة العمومية وتخولهم وظائفهم صلاحية البت في طلبات المواطنين مثل الولاة ورؤساء البلديات وتبعا لذلك يشمل هذا المصطلح :
-القضاة التابعين لنظام القضاة العادي : ويشمل قضاة الحكم والنيابة للمحكمة العليا والمجالس القضائية والمحاكم وكذا القضاة العاملين في الإدارة المركزية لوزارة العدل.
-القضاة التابعين لنظام القضاء الإداري : ويتعلق الأمر بقضاة مجلس الدولة والمحاكم الإدارية .
-قضاة مجلس المحاسبة: ويشمل هذا السلك قضاة الحكم والمحتسبين

ب-الموظف :
يستمد تعريف الموظف من القانون الإداري وتحديدا من القانون الأساسي للوظيفة العمومية , حيث تعرفه المادة الأولى منه كالآتي :" هم الأشخاص المعينون في عمل دائم والمصنفون في درجة , بحسب السلم الإداري المركزي للدولة سواء في المصالح الخارجية التابعة لها أو في الهيئات المحلية وكذلك المؤسسات والهيئات العامة بموجب نماذج محددة بمرسوم" وتعريف الموظف على هذا النحو ينطبق على القضاة رغم أن المادة المذكورة في فقرتها الأخيرة . استثنتهم واستثنت معهم رجال الدين ورجال القوات المسلحة في الجيش الوطني الشعبي , وأهم العناصر الأساسية التي يقوم عليها تعريف الموظف هي :
ب1-صدور أداة قانونية يلحق بمقتضاها الشخص في الخدمة سواء تأخذ هذه الأداة شكل مرسوم رئاسي و تنفيذي او شكل قرار وزاري او ولائي او في شكل مقرر صادر عن سلطة إدارية .
ب2-القيام بعمل دائم حيث يشغل الشخص وظيفته باستمرار ولا تنفك هذه الرابطة إلا بوفاة أو استقالة أو العزل إما إذا كانت هذه العلاقة عارضة فإنها تندرج في مجالات القانون الخاص.
ب3-المساهمة بالعمل في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد الأشخاص التابعين للقانون العام .
وهذا المفهوم للموظف طبق كما هو معروف في القانون الإداري في مجال القانون الجزائري لكن نظرا لضيق هذا المفهوم عمد الاجتهاد القضائي في فرنسا إلى توسيعه والمشرع الجزائري كرس هذا الاجتهاد في المادة 119 من القانون العقوبات الصادرة في 08/06/1966 التي جاءت على النحو الآتي:" يعد موظفا في نظر القانون الجنائي كل شخص تحت أي تسمية وفي نطاق أي إجراء ،يتولى ولو مؤقتا وظيفته أو وكالة بأجر أو بدون أجر ويساهم بهذه الصفة في خدمة الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة أو مرفق ذي منفعة عامة ".

ج-الضابط العمومي :
هو شخص يتولى وظيفته بمقتضى قرار من السلطات العمومية ويمارسها لحسابه الخاص ويدخل ضمن هذا التعريف على وجه الخصوص الموثق والمحضر القضائي ومحافظ البيع ......الخ والموظف العمومي أضيف إلى قائمة الأشخاص الخاضعين بحكم المادة 119 إثر تعديل هذا النص بموجب القانون رقم 88-01 المؤرخ في 12/01/1988 تماشيا مع التوجهات الاقتصادية الجديدة وتحرير وظائف التوثيق وتنفيذ الاحكام والبيع في المزاد العلني .

د-الشبيه بالموظف :
وهو كل شخص يتمتع ولو بنصيب قليل من الاختصاص في خدمة الدولة أو أي مرفق عام وهو حسب نص المادة 119 من قانون العقوبات "..كل شخص تحت أي تسمية وفي نطاق أي إجراء يتولى ولو مؤقتا وظيفة أو وكالة باجر أو بدون اجر ويساهم بهذه الصفة في خدمة الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات الخاضعة للقانون العام ".
إذا إلى جانب الموظف ظهر صنف من الأشخاص يخضع لحكم المادة 119 ق ع والذي نعت في بادئ الأمر ب " الشبيه بالموظف" ثم تطور الى نسبته الى مؤسسات معنية .
ومفهوم الشبيه بالموظف عرف تطورات عديدة تزامنت مع التطورات التي حصلت في الجزائر في المجالين الاقتصادي والسياسي  .
وخلاصة القول يخضع لحكم المادة 119 ق ع في صياغتها وفي ظل المستجدات على مستوى تنظيم وهيكلة الاقتصاد الوطني الأشخاص الآتي بيانهم :
-القاضي
-الموظف
-من يتولى وظيفة أو وكالة في خدمة الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات الخاضعة للقانون العام  .

ثانيا-الركن المادي :
ويتمثل في اختلاس او تبديد أو حجز بدون وجه حق أو سرق أموال عامة أو خاصة أو أوراق سلمت للجاني بمقتضى وظيفته أو بسببها .
والركن المادي يتكون من 3 عناصر :
- السلوك المجرم
- محل الجريمة
- تسليم المال أو تواجده بمقتضى الوظيفة أو بسببها

ا-السلوك المجرم : يتمثل في الاختلاس أو التبديد أو الحجز بدون وجه حق أو السرقة .
أ1-الاختلاس :
يتحقق بنقل الشيء أو نزعه في حيازة المجني عليه وادخاله في في حيازة الجاني بدون علم المجني عليه وبغير رضاه.
أ2-التبديد : يتمثل في التصرف بالمال على نحو كلي أو جزئي باتفاقه أو افنائه , والتبديد كما عرفناه , يتضمن بالضرورة اختلاس الشيء فهو تصرف لاحق للاختلاس.
ومجرد استعمال الشيء لا يعد تبديدا اذا ورد على مجرد المنفعة فقط.
ا3-الاحتجاز بدون وجه حق : الركن المادي للجريمة لا يتوفر بالاستيلاء على المال أو تبديده فحسب , بل يتحقق أيضا باحتجاز المال بدون وجه حق.
ويلاحظ هنا أن المشرع وسع مجال التجريم والهدف من وراء ذلك هو الحفاظ على المال العام .
أ4-السرقة : ويقصد بها الاستيلاء على مال الغير بنية تملكه

ب-محل الجريمة :
ان الشيء الملاحظ على المادة 119 قانون عقوبات أنها جاءت عامة وواسعة حيث يشكل كل مال سلم إلى الأمين بسبب وظيفته أو بمقتضاها محلا للجريمة , سواء كان للمال قيمة مالية واقتصادية أو كانت قيمة اعتبارية فقط , بل وقد يكون شيئا يقوم مقامه أو وثيقة أو سند أو عقد أو مال منقول .
ب1-المال : سواء كانت ورقية أو معدنية وقد يكون المال محل الجريمة من الأموال العامة التي ترجع ملكيتها للدولة أو من الأموال الخاصة كالمال المودع من قبل الزبائن لدى كتابة الضبط وأموال المتقاضين المودعة بين يدي المحضر وودائع الزبائن لدى الموثق كما يكون محل الجريمة شيئا يقوم مقام المال ومن هذا القبيل الشيكات
ب2-الوثيقة أو السند أو العقد: يتعلق الأمر هنا بمحررات قد تكون لها قيمة اقتصادية مثل سندات الملكية وقد تكون لها قيمة إعتبارية مثل عقود الحالة المدنية .
ب3-المال المنقول : ويقصد به أي شيء منقول ذا قيمة مالية ومن هذا القبيل الأثاث والسيارات والمصوغات من الذهب.....

ج-تسليم المال أو تواجده بمقتضى الوظيفة أو سببها :
يشترط لقيام الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في المادة 119 أن يكون المال أو السند محل الجريمة قد وجد بين يدي الموظف بسبب وظيفته أو بمقتضاها ،أو بمعنى أخر أن تتوافر صلة السببية بين حيازة الموظف للمال وبين وظيفته ،والجاني قد يتسلم المال بموجب قوانين الوظيفة أو اللوائح التي تنظمها كالمحاسب في شركة وكاتب الضبط في المحكمة ،وقد يكون بسبب وظيفته كالعون المكلف بحفظ أدوات الإقناع .
أما إذا كانت حيازة الموظف للمال لا صلة لها بوظيفته فإنه لا يرتكب جريمة التحويل إنما جريمة السرقة أو خيانة الأمانة حسب الأحوال .

ثالثا : الركن المعنوي :
حتى تقوم هذه الجريمة ينبغي توفر القصد الجنائي بحيث يكون الجاني على علم بأن المال الذي بين يديه هو ملك للدولة أو بإحدى مؤسساتها أو ملك لأحد الخواص ومع ذلك تتجه إرادته إلى حجزه أو اختلاسه أو تبديده أو سرقته .
كما يتطلب توفر القصد الخاص إلى جانب القصد العام والمتمثل في صورة الاختلاس والتبديد والسرقة .
ففي هذه الصور يتطلب القصد الجنائي اتجاه نية الموظف إلى تملك الشيء الذي بحوزته فإذا غاب هذا القصد الخاص ،أي نية التملك لا تقوم جريمة الاختلاس أو التبديد أو السرقة ومن هذا القبيل من سيتولى على المال لمجرد استعماله ثم رده ولمجرد الانتفاع به ولا يتصور الشروع في هذه الجريمة فإما أن تقع كاملة وإما أن لا تقع وهو الأمر الذي جعل المشرع لا ينص على المحاولة .


II-قمع الجريمة
أولا –المتابعة
لا تخضع المتابعة في هذا النوع من الجرائم الى أي اجراءات خاصة , ولقد اشارة الفقرة الثالثة من المادة 119 في صياغتها الجديدة الى المتابعة وعلقت تحريكها (الدعوى العمومية ) عندما يتعلق الأمر بالمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو المؤسسات ذات راس المال المختلط على شكوى من أجهزة المؤسسة المعنية المنصوص عليها في القانون التجاري وفي القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية للدولة.
أما عن مصير الدعوى في حالة سحب الشكوى فنص المادة 119 لم يتطرق الى هذه المسألة وفي غياب نص صريح نعود الى القواعد العامة وهي محددة في المادة 6 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت فقرتها الثالثة على ما يأتي :" تنقضي الدعوى العمومية في حالة سحب الشكوى اذا كانت هذه شرطا لازما للمتابعة".
وما دامت شكوى أجهزة المؤسسة المعنية شرطا لازما للمتابعة على أساس المادة 119 عندما يتعلق الأمر بالمؤسسات العمومية الاقتصادية فالأصل ان سحب هذه الشكوى يضع حدا للمتابعة .
ثانيا -الجزاء
ا-العقوبات الأصلية : يلاحظ أن المشرع الجزائري تدرج في تحديد العقوبة حسب القيمة المادية للمال موضوع الجريمة .
فتكون الجريمة جنحة أو جناية حسب الأشياء المختلسة او المبددة أو المحتجزة أو المسروقة بحيث تكون العقوبات جنحة اذا كانت قيمة المال محل الجريمة اقل من 5.000.000 دج وتكون جنائية اذا ما عادلت هذا المبلغ او تجاوزته.
1-تكون الجريمة جنحة اذ كانت قيمة الأشياء محل الجريمة اقل من 5.000.000 دج وتكون العقوبات على النحو الاتي :
- الحبس من سنة الى 5 سنوات اذا كانت قيمة محل الجريمة اقل من 1.000.000دج
- الحبس من سنتين الى 10 سنوات اذا كانت هذه القيمة تعادل او تفوق مبلغ 1.000.000 دج وتقل عن 5.000.000 دج.
2-تكون الجريمة جناية اذا كانت قيمة الأشياء محل الجريمة تعادل أو تفوق 5.000.000دج وتكون العقوبة على النحو الاتي :
- السجن المؤقت من 10 لى 20 سنة اذا كانت القيمة تعادل أو تفوق 5.000.000 وتقل عن 10.000.000دج.
- السجن المؤبد اذا كانت القيمة تعادل مبلغ 10.000.000 دج او تفوقه وعلاوة على الحبس او السجن يعاقب الجاني في كل الأحوال سواء كانت الجريمة جناية أو جنحة بغرامة من 50.000دج إلى 2.000.000دج وهي عقوبة استحدثها القانون رقم 01.09.

ثالثا- العقوبات التكميلية
أضاف القانون رقم 90-15 المؤرخ في 14/07/1990 المعدل والمتمم لقانون العقوبات عقوبات تكميلية تتمثل في مصادرة الأشياء التي استعملت أو كانت تستعمل في تنفيذ الجريمة التي تحصلت منها وكذلك الهبات أو المنافع الأخرى التي استعملت لمكافأة مرتكب الجريمة وكل ذلك مع الاحتفاظ بحقوق الغير حسب النية (م 15 مكرر ق ع).

الفرع الثاني : إحداث الضرر بالمال العام
هذه الجريمة تأخذ صورتين وهما:
-الإهمال المتسبب في ضرر مادي (المادة 119 مكرر )
-التعسف في استعمال المال العام (المادة 119 مكرر)
أولا : الإهمال المتسبب في ضرر مادي :
نصت عليه المادة 119 مكرر التي حلت محل المادة 422 مكرر الملغاة بموجب القانون رقم 01-09
أ –أركان الجريمة
1-صفة الجاني :
يجب أن يكون الجاني قاضيا أو موظفا أو ظابطا عموما أو شخصا ممن أشارت إليهم المادة 119 وتبعا لذلك يخضع الاهمال الواضح في التسيير المرتكب من قبل مسيري المؤسسات العمومية الاقتصادية إلى أحكام القانون التجاري التى ترتب عليه تعوضات مدنية ليس لا على اساس الخطأ في التسيير(المادة 715 مكرر 23) وكانت المادة 422 قبل إلغائها بموجب القانون رقم 01-09 لا تشترط صفة معينة في الجاني
2-الركن المادي :
يتكون من أربعة عناصر وهي :
- السلوك المجرم : يتمثل في إهمال الواضح
- محل الجريمة : وهو المال العام أو الخاص
- النتيجة : إحداث ضرر مادي
- العلاقة السببية بين السلوك والضرر الناجم عنه
الإهمال: يأخذ معنى الترك واللامبالاة وكلها تصرفات سلبية وهي صورة من صور جرائم الامتناع وقد اشترط المشرع أن يكون هذا الاهمال واضحا أي بينا.
محل الجريمة: يشترط أن يكون محل الجريمة إما مالا عاما تابعا لدولة أو الجماعات المحلية و المؤسسات والهيأت الخاضعة للقانون العام وإما مالا خاصا.
وقد يأخذ هذا المحل (المال ) عدة صور فقد يكون نقودا وقد يكون شيئا يقوم مقام النقود كالشيكات والاسهم وقد يكون وثيقة أو سندا أو عقدا ، والغالب أن يكون شيئا منقولا له قيمة مادية كالمنتجات الصناعية والفلاحية والآلات والأدوات بمختلف أصنافها وأنواعها .
ويشترط ان تكون هذه الأموال قد وضعت تحت يد الجاني سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها
النتيجة : هي إحداث ضرر مادي بمال الغير وذلك بالتسبب في سرقته أو اختلاسه ،أي استلاء الغير عليه ،أو التسبب في ضياعه |أي فقدانه تماما.
- العلاقة السببية بين الإهمال والضرر : حتى تقوم الجريمة لابد أن تكون هناك علاقة سببية حقيقية بين سلوك الجاني المجرم المتمثل في الإهمال وحدوث سرقة المال أو اختلاسه أو تلفه أو ضياعه اما اذا تعرض المال للسرقة او الاختلاس أو التلف أو الضياع لأسباب أخرى غير الإهمال فلا تقوم الجريمة كما لا تقوم الجريمة اذا لم تنجم أية خسارة مادية من جراء فعل الإهمال.

3-الركن المعنوي :
جريمة الإهمال جريمة غير قصدية تقوم على الخطأ الذي يتوفر بمجرد حصول ضررا بفعل اهمال الجاني فلا يشترط فيها توافر قصد جنائي ولانية الإضرار.
والمشرع في نص المادة 119 مكرر ربط بين الجريمة والإهمال ولم يشترط المشرع أن يكون الإهمال بالغا ولا أن يكون الضرر هاما , كما تجدر الإشارة أن المشرع في هذه المادة وسع محل الجريمة فلم يعد مقتصرا على المال العام بل امتد ليشمل المال الخاص .

ب- قمع الجريمة :
لا تخضع المتابعة في هذا النوع من الجرائم الى أي اجراء خاصة لكن الفقرة الثالثة من المادة 119 ق ع في صياغتها الجديد أشارة إلى تعليق تحريك الدعوى العمومية هذا عندما يتعلق الأمر بالمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو المؤسسات ذات رأس المال المختلط على شكوى من أجهزة المؤسسة المعنية المنصوص عليها في القانون التجاري وفي القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية للدولة.
وتجدر الإشارة في هذا المجال أن نص المشروع المعدل لقانون العقوبات حصر لزم الشكوى في هذه الجريمة دون سواها بنصه في الفقرة الثانية للمادة 119 مكرر على أن :" لا تتخذ إجراءات المتابعة بالنسبة للمؤسسة العمومية الاقتصادية إلا بناءا على شكوى هيئات الرقابة ".
ولقد برر ذلك في عرض الأسباب على أساس :" أن الجرائم المنصوص إليها في المادة 119 مكرر مرتبطة مباشرة بأعمال التسيير التي لا يمكن تقديرها إلا من طرف هيئات الرقابة والأطراف المؤهلة(المالكة للرأسمال ) على مستوى المؤسسة العمومية الاقتصادية, وأن مثل هذه الجرائم تستدعي تمييز الأركان المادية للتصرفات المجرمة عن غيرها من أعمال التسيير العادية من جهة, ولا يأتي ذلك الا بسعي من طرف أجهزة الرقابة والأطراف المؤهلة عن طريق رفع شكوى ".
أضيف بان " الممارسة القضائية كثيرا ما أثبتت أن المتابعة الجزائية في مثل هذه الحالات تتخذ في غياب شكوى هيئات الرقابة للمؤسسة العمومية الاقتصادية أو الجهة المؤهلة لذلك , وهو الأمر الذي جعل القضاء عرضة للانتقادات بحلوله محل الأطراف المعنية مباشرة برفع الشكوى وبحماية أموال المؤسسات العمومية الاقتصادية".
وهو تبرير جدير بالتقدير باعتبار أن جريمة الإهمال في التسيير هي الجريمة التي تحتاج أكثر من غيرها إلى تعليق المتابعة على شكوى أجهزة المؤسسة .

ج –العقوبات
المادة 119 مكرر تعاقب على هذا الفعل بالحبس من 6 اشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 50.000 إلى 200.000دج .

ثانيا –التعسف في استعمال المال العام
منصوص عليها في المادة 119 مكرر1 التي حلت محل المادة 422 مكرر الملغاة بموجب القانون رقم 01-09.
I-أركان الجريمة :
تقوم الجريمة على الاركان التالية :
ا-الركن المفترض : محل الجريمة
يجب أن يكون مالا عاما تابعا للدولة أو الجماعات المحلية أو الهيئات الخاضعة للقانون العام , تثار الإشكالية هنا في المال التابع للمؤسسات العمومية الاقتصادية والمؤسسات ذات رأس المال المختلط خاصة و أن المادة 119ف/2 لم تذكر هذا النوع من المؤسسات والمال لا ينحصر في المنقولات بل يتسع ليشمل المنقول والعقار , فقد يكون المال محل الجريمة منقولا بطبيعته كأجهزة الاعلام الالي والمركبات , وقد يكون عقارا بالتخصيص كالآلات الفلاحية والصناعية , كما قد يكون المال عقارا كالبنايات والمصانع والمحلات ...الخ
ب-الركن المادي : يتمثل في
استعمال المال في غير محله : فإما أن يستعمل المال العام من طرف الجاني لأغراضه الشخصية أو لفائدة الغير فاما عن الاستعمال للغرض الشخصي فينتفع الجاني من المال كاستعماله ورق المؤسسة وجهاز الإعلام الآلي لتحرير وطبع محرر خاص او استعمال سيارة الخدمة خارج أوقات العمل .
اما الاستعمال لفائدة الغير فيكون مثلا كصنع آلة لصالح الغير أو يسلم المال للغير لينتفع به . والجريمة تقوم حتى بمجرد استعمال المال بطريقة غير شرعية وبذلك لا يشترط الاستيلاء.
ج-الركن المعنوي :
جريمة التعسف في استعمال المال العام , جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام الذي يقتضي العلم والإرادة ( ).
د-قمع الجريمة :
1-المتابعة : لا توجد أية إجراءات خاصة للمتبعة في هذه الجريمة
2- العقوبة : تعاقب المادة 119 مكرر1على الجريمة بالحبس من سنة الى5 سنوات وبغرامة من 50.000 الى 500.000 دج.


المطلب الثاني : الرشوة وما يتصل بها
الفرع الأول : جريمة الرشوة
الرشوة في مفهومها الأصلي عبارة من اتجار موظف في أعمال وظيفته عن طريق الاتفاق مع صاحب الحاجة أو التفاهم معه على قبول ماعرض الأخير من فائدة أو عطية نظير أداء ،أو امتناع عن أداء عمل يدخل في نطاق وظيفته أو دائرة اختصاصه  ،إذا الرشوة بوجه عام إتجار بالوظيفة وإخلال بواجب النزاهة الذي يتوجب على كل من يتولى وظيفة عمومية أو يؤدي خدمة عمومية التحلي به.
وبناء على ذلك فإن الرشوة جريمة خاصة " بالموظف العام " على أساس أن تمنعه بسلطات الوظيفة يعطيه وحده قدرة الإنجاز فيها ، وبالتالي فإن هيبة الوظيفة ومقتضيات حسن سيرها تمنعانه من طلب الرشوة أو قبول الوعد بها باعتبارها صورتين أصليتين للإتجار بالوظيفة العامة .
ولقد اختلفت التشريعات في تجريمها للرشوة ، وهي عموما تأخذ بأحد النظامين : نظام ثنائية الرشوة ونظام وحدة الرشوة .
فأما نظام وحدة الرشوة فلا يرى فيها إلا جريمة واحدة يرتكبها الموظف العام باعتباره الفاعل الأصلي له أم الراشي فهو مجرد شريك متى توافرت شروط الاشتراك في شأنه ويأخذ بهذا النظام القانون المصري واللبناني .
أما نظام ثنائية الرشوة ، فيقوم على أن الرشوة تشمل جريمتين متميزتين : الاول سلبية من جانب الموظف العام ومن في حكمه وقد اصطلح على تسميتها "الرشوة السلبية " والثانية إجابية من جانب صاحب المصلحة وقد اصطلح على تسميتها "الرشوة الاجابية "والجريمتان مستقلتان عن بعضهما في التجريم والعقاب .
والجزائر على غرار القانون الفرنسي تأخذ بهذا النظام .
وتأسيسا لما سبق بيانه فستكون دراستنا لهذه الجريمة منصبة فقط على جريمة الرشوة السلبية لانه مايهمنا في موضوعنا هذا هو الموظف والعقوبات المسلطة عليه وهذا لايمنع طبعا من الاشارة من حين الى اخر الى الشق الايجابي.
الرشوة السلبية ** جريمة المرتشي **
وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه في المادتين 127 و128 من قانون العقوبات

أولا –أركان الجريمة
يستنتج من المادتين 126 و127 من قانون عقوبات الجزائري أن اركان جريمة المرتشي ثلاثة:
صفة المرتشي :
وهو الموظف العام ومن في حكمه طلب او قبول عطية او هدية او اية منفعة اخرى
ان يكون الغرض من العطية او الهدية عمل المرتشي على اداء عمل يدخل في اختصاصه او خارجا عنها ومن شأن وظيفته ان تسهل اداء.
صفة الجاني :
جريمة الرشوة كما قلنا من جرائم ذوي الصفة الخاصة ،أي تلك الجرائم التي يلزم لقيامها صفة خاصة ،والصفة المتصلة هنا هي كون المرتشي موظفا عاما مختصا بالعمل الذي تلقي المقابل من اجل القيام به ، وعلى ذلك تفترض جريمة الرشوة الصفة العمومية في مرتكبها .
إذا صفة الجاني هو عنصر مفترض إذ يشترط المشرع الجزائري في المرتشي ان يكون :
إما موظف عمومي او من في حكمه،او خبير أو محكما او طبيبا او من شابهه وهذا حسب نص المادة 126
واما عاملا او مستخدما (المادة 127)

ب-الركن المادي: ويتحقق هذا الركن اما :
بطلب الجاني او قبوله عطية او وعد او تلقي هبة او هدية أو أية منفعة أخرى نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه. اذا الركن المادي نشاط يتمثل في سلوك اجرامي حدد المشرع صوره وموضوعه وهو نشاط يستهدف عادة تحقيق غرض معين.
ويتحلل هذا الركن (الركن المادي ) الى ثلاثة عناصر اساسية وهي النشاط الاجرامي ومحل هذا النشاط أو الغرض من الرشوة.
ج-النشاط الاجرامي :ويتمثل في احدى الصورتين :
1-الطلب :
هو تعبير يصدر عن الارادة المنفردة للموظف أو من شابه او المستخدم يطلب فيه مقابلا لأداء وظيفته أو خدمته ( ).
اذا الطلب يتحقق بمبادرة من الموظف هذه المبادرة تعبر عن ارادته الحقيقية في الحصول على مقابل نظير قيامه باداء العمل الوظيفي أو الامتناع عن آدائه  , وجريمة الرشوة تتحقق تامة بمجرد الطلب من جانب صاحب المصلحة , فالرشوة هي سلوك الموظف , ومن ثم تتحقق كاملة بصرف النظر عن موقف صاحب المصلحة .
وعلة الاكتفاء بمجرد الطلب لقيام جريمة الرشوة تامة ان الموظف بهذا الطلب قد عرض العمل الوظيفي كسلعة للانجاز فيها فاخل بنزاهة الوظيفة والثقة في الدولة التي عهدت اليه القيام بأعبائه ومن ثم لم يعد هناك فرق بين العرض للاتجار والاتجار الفعلي , اذا ان علة تجريم الرشوة متوافرة في الحالتين بالقدر ذاته , والطلب قد يكون شفاهة أو كتابة , كما قد يكون صراحة او ضمنيا.
ويستوي ان يطلب الجاني المقابل لنفسه او لغيره وعلى ذلك فالموظف الذي يطلب الرشوة لزميل له يعد فاعلا أصليا للرشوة وليس شريك فيها
ويخضع اثبات طلب الموظف للوعد او العطية لقواعد الاثبات في المسائل الجنائية , وبصفة خاصة يجوز اثبات صدور الطلب من الموظف بطرق الاثبات كافة , ومنها شهادة الشهود والقرائن , ايا كانت قيمة هذا الطلب.
2-القبول :
يفترض القبول كصورة للركن المادي في جريمة الرشوة ان هناك ايجابا صدر من صاحب المصلحة , يتضمن عرض الوعد بالرشوة , اذا ما أتم الموظف العمل او الامتناع المطلوب منه.
ويتمثل سلوك الموظف في هذه الصورة في قبول الوعد الصادر , ما يشترط ان يكون عرض صاحب الحاجة جديا ولو في ظاهره فقط , كذلك يشترط ان يكون قبول الموظف جديا و حقيقيا ويستوي في القبول أن يكون شفويا أو مكتوبا بالقول أو بالاشارة صريحا أو ضمنيا , كما تتحقق الجريمة في صورة القبول سواء كان موضوعه هبة أو هدية تسلمها الجاني بالفعل أو وعدا بالحصول على الفائدة فيما بعد.
وتتم الجريمة في صورتي القبول والطلب بصرف النظر عن النتيجة , ومن ثم لا يهم ان امتنع الجاني بمحض ارادته عن الوفاء بوعده او اذا حالت دون ذلك ظروف مستقلة عن ارادته .
3-مسألة الشروع في جريمة الرشوة :
ان مسألة الشروع في هذه الجريمة يستحيل تصوره (خاصة في صورة القبول )فإما أن تكون الجريمة تامة وأما أن تكون في مرحلة التحضير والإعداد .
أما في صورة الطلب فيمكن تصوره , حيث يتحقق بوصوله الى علم صاحب الحاجة.
فاذا صدر الطلب عن الموظف وحال دون وصوله الى صاحب الحاجة سبب من الأسباب لا دخل لارادة الموظف فيه فان جريمة الرشوة تقف عند مرحلة الشروع.
د-محل النشاط الاجرامي :
ويقصد به الموضوع الذي ينصب عليه نشاط المرتشي ويتمثل حسب المادتين 126 و 127 قانون العقوبات في " عطية أو وعد بها أو هبة أو هدية أو أية منفعة أخرى يستفيد بها المرتشي " وبهذه العبارة الأخيرة يكون المشرع قد توسع في تحديد المنفعة التي تأخذ عدة صور نوردها فيما يأتي قبل التطرق للمستفيد منها .
1-المنفعة : سواء كانت مادية أو معنوية.
*/المنفعة المادية : أمثلتها عديدة فقد تكون ملا عينا كمصوغ من الذهب أو ساعة أو سيارة أو ملبس أو أثاث وقد تكون نقدا أو شيكا أو كمبيالة أو فتح اعتماد مالي لمصلحة المرتشي أو سدد دين في ذمته ...الخ.
*/المنفعة المعنوية :كأن تكون في الحالة التي يصير فيها وضع المرتشي افضل من ذي قبل نتيجة لسعي الراشي مثل حصول الموظف المرتشي على ترقية أو السعي في ترقيته أو بإعارته أي شيء يستفيد منه ويرده بعد ذلك إلى الراشي بعد استعماله طويل الأجل كإعارته سيارة مثلا.
كما قد تكون المنفعة صريحة وضمنية (مستترة )( ) , وقد تكون المنفعة في صورة تعاقد مع الراشي شروط في صالح المرتشي ( ), كما يستوي أن تكون المنفعة مشروعة أو غير مشروعة في ذاتها فيجوز أن تكون موادا مخدرة أو أشياء مسروقة أو شيكا بدون رصيد.
2-الشخص الذي يتلقى المنفعة :
الأصل أن تقدم المنفعة إلى الموظف المرتشي نفسه نظير قيامه بأداء الخدمة للراشي صاحب المصلحة ومع ذلك فمن الجائز ان تقدم الرشوة إلى شخص غير الموظف.
فقد يعين الموظف المرتشي شخصا آخر تقدم اليه المنفعة قد يكون صديقا أو قريبا وقد لا يعلم هذا الشخص بسبب تقديم المنفعة وجميع الأحول لا يجوز للموظف المرتشي ان يدفع بأنه لم يطلب أو يقبل الرشوة لنفسه فسواء في نظر القانون أن يطلبها أو يقبلها لنفسه فسواء في نظر القانون ان يطلبها أو يقبلها لنفسه أو لغيره.
هـ-القصد الجنائي :
الرشوة جريمة من الجرائم القصدية تقتضي لقيامها توافر القصد الذي يتكون من عنصري العلم و الإرادة فيجب ان يعلم المرتشي بتوافر جميع أركان الجريمة فيعلم أنه موظف عام أو ممن في حكمه أو خبير او مستخدم وأنه مختص بالعمل المطلوب منه و أن يعمل بذلك عند الطلب أو القبول بالمنفعة المقدمة له وفي حالة انتفاء العلم ينتفي القصد الجنائي.
ويجب أن تتجه ارادة الموظف الى الطلب او القبول وينتفي القصد الجنائي حين يدس صاحب الحاجة مبلغا من المال في يد الموظف أو في ملابسه او في مكتبة فيسارع على الفور الى رفض هذا المبلغ واعادته أو تبليغ السلطات عنه.
والقصد العام , على النحو السابق بيانه يكفي لقيام الجريمة اما القصد الخاص فهو غير مطلوب ذلك ان نية الإتجار بالوظيفة او استغلالها تدخل في عنصر العلم الذي هو احد عناصر القصد الجنائي .

ثانيا : قمع الجريمة
1-العقوبات الأصلية :
المشرع الجزائري يميز من حيث العقوبات الأصلية حسب صفة الجاني ونصيبه من السلطة العمومية على النحو الآتي:
أ-تكون الجريمة جنحة في حالتين :
-اذا كان المرتشي عاملا او مستخدما وتكون العقوبة الحبس من سنة الى 5 سنوات وغرامة من 500 الى 5000 دج حسب نص المادة 127.
-اذا كان المرتشي ينتمي الى احدى الفئات المنصوص عليها في المادة 126 :" موظف او منتخب , خبير أو محكم , عضو محلف او عضو في جهة قضائية , طبيب او من شابهه " , وتكون العقوبة الحبس من سنتين الى 10 سنوات وغرامة من 500 الى 5000 دج حسب المادة 127.
ب-تكون الجريمة جناية في حالتين :
-اذاكان المرتشي كاتب ضبط بجهة قضائية : تكون العقوبة السجن المؤقت من 5 الى 10 سنوات وغرامة من 3.000 الى 30.000دج وذلك حسب نص المادة 126 مكرر الفقرة الثانية .
-اذا كان المرتشي قاضيا تكون العقوبة السجن المؤقت من 5 سنوات الى 20 سنة و غرامة من 3000 الى 30.000 دج حسب نص المادة 126 مكرر فقرة الأولى .

2-العقوبات التكميلية :
وتتمثل هذه العقوبة في الحرمان من الحقوق الوطنية والمصادرة الخاصة حسب نص المادة 133 والمادة 134 قانون عقوبات جزائري.
أ-الحرمان من الحقوق الوطنية :
وهي عقوبة جوازية تطبيقها محصور في الجنح ويكون الحرمان من حق أو أكثر لمدة سنة الى 5سنوات.
ب-المصادرة الخاصة :
وهي عقوبة إجبارية تتمثل في مصادرة الأشياء التي حصل عليها الراشي على سبيل الرشوة.

3-الظروف المشددة :تشتد العقوبة في حالتين :
أ-اذا كان الغرض من الرشوة أداء فعل يصفة القانون جناية وفي هذا الحالة تطبق على الرشوة العقوبة ذاتها المقررة لهذه الجناية (المادة 130).
ب-اذا ترتب على رشوة القاضي او محلف أو عضو هيئة قضائية صدور حكم بعقوبة جنائية ضد أحد المتهمين , وفي هذه الحالة تطبق هذه العقوبة على مرتكب الرشوة (المادة 131).





الفرع الثاني : جريمة استغلال النفوذ:
جريمة استغلال النفوذ صورة من صور الرشوة وهي قريبة جدا بجريمة الرشوة السلبية ( ), نص المشرع الجزائري عليها في المادة 128 ق ع مع الإشارة في هذا الصدد أن المشرع لم يقدم تعريفا لهذه الجريمة بل اكتفى بذكر الأعمال التي تشكلها.
أولا : أركان الجريمة :
جريمة استغلال النفوذ كغيرها من الجرائم الأخرى تقوم على الركن المادي وركن المعنوي (القصد الجنائي).
أ-الركن المادي :
يتحقق هذا الركن في الجريمة اما بطلب الجاني او أخذه عطية أو قبوله وعد سواء كان لنفسه أو لغيره باستعمال مركزة في الحصول أو محاولة الحصول على ميزة او فائدة من المنصوص عليها في المادة 128 ق العقوبات الجزائري, وعلى هذا فالركن المادي في جريمة استغلال النفوذ متعدد العناصر ( ), وعليه يتحلل هذا الركن الى ثلاثة عناصر اساسية .
1-الطلب :
ويقصد به التعبير عن الإرادة المنفردة والذي يصدر من الجاني والذي يطلب فيه مقابل لأداء خدمته والطلب يفي لقيام الجريمة من توفرت باقي الأركان حتى ولو لم يصدر قبول من صاحب الحاجة أو المصلحة بل حتى ولو رفض صاحب المصلحة الطلب وسارع بإبلاغ السلطات العمومية , فالطلب الذي لا يصادف قبولا لا يعد شروعا في الجريمة بل يكفي لتمامها (جريمة تامة ) والسبب يرجع الى أن الطلب في حد ذاته يكشف عن معنى الاتجار بالنفوذ و الطلب قد يكون شفاهة أو كتابة كما قد يكون صراحة او ضمنا ويستوي في هذا المجال أن يكون للجاني نفوذا حقيقيا اولا يكون له نفوذا على الإطلاق انما أوهم صاحب المصلحة بذلك فالمشرع ساوى بين الحالتين.
2-القبول :
يفترض القبول من جانب المستغل لنفوذه وهنا يكون غرض من صاحب يعبر فيه عن ارادته وتعهده بتقديم الهدية أو المنفعة اذا ما قضي له مصلحته. ويشترط ان يكون عرض صاحب الحاجة جديا ولو في ظاهره فقط كما لو كان العارض لا يقصد بعرضه حمل صاحب النفوذ القيام بالمطلوب بل قصد أن يسهل للسلطات العمومية ضبط الموظف متلبسا بالجريمة اما اذا انتفا العرض الجدي في الظاهرة فلا تقوم الجريمة حتى ولو قبل صاحب النفوذ مثل هذا العرض كان يعد صاحب الحاجة صاحب النفوذ بإعطائه كل ما يملك لقاء قيامه بعمل معين لصالحه فلظاهر هنا هو ان العرض أشبه بالهزل منه بالجد وتتحقق الجريمة بصورة القبول سواء كان موضوعه هبة أو هدية تسلمها الجاني بالفعل او الوعد بالحصول على الفائدة فيما بعد .
3-التلقي أو الأخذ :
صورة عادية لجريمة استغلال النفوذ حيث يستلم المستغل لنفوذه الشيء أو الهبة وتتم الجريمة بمجرد التسليم.

ب-القصد الجنائي :
جريمة استغلال النفوذ جريمة عمدية (قصدية ) تقتضي لقيامها توفر القصد لجنائي , والقصد المتطلب لقيامها هو القصد العام الذي يتحقق بالعلم الذي يتحقق بالعلم والإرادة.
1-العلم :
ويتوفر العلم اذا كان المتهم يعلم بوجود النفوذ الحقيقي أو كذب الادعاء بالنفوذ ويعلم بنوعية المزية التي يعد صاحب المصلحة بالحصول عليها ويعلم أيضا أنها من سلطة عامة وطنية أما في حالة ما اذا انتفى العلم ينتفي بالضرورة القصد الجنائي . وتطبيقا لذلك اذا اعتقد صاحب النفوذ ان الهدية المقدمة اليه كانت بغرض بريء وليس مقابل لعمل ينتظره صاحب الحاجة منه.
2-الارادة :
ينبغي ان تتجه ارادة الجاني الى طلب او أخذ العطية أو قبول الوعد بها . وفقا للمعنى الذي سبق تحديده لكل منهما وتطبيقا لذلك لا تتوافر الارادة , ومن ثم ينتفي القصد الجنائي حين يدس صاحب الحاجة مبلغا من المال في يد الموظف أو في ملابسه أو مكتبه ويسرع على الفور الى رفض هذا المبلغ واعادته , كذلك لا يتوفر القصد ايضا في حالة ما اذا تظاهر صاحب النفوذ باتجاه الرادة لديه الى قبول العرض الذي يقدمه صاحب الحاجة قاصد في الحقيقة اليقاع به و العمل على ضبطه متلبسا من قبل السلطات العمومية أما عن عبء اثبات توافر القصد الجنائي بعنصرية يقع على سلطة الاتهام تطبيقا للقواعد العامة واذا توافر القصد الجنائي فل عبرة بنية المتهم تجاه ما وعد به صاحب المصلحة.

ثانيا: الآثار و النتائج المترتبة عن جريمة استغلال النفوذ :
يتمخض عن هذه الجريمة العديد من الآثار التي يمكن إيراد أهمها في ما يلي:
1-الإخلال بالثقة:
فعلة تجريم استغلال النفوذ هي ما يمثله فعل الجاني من إخلال بالثقة في الوظيفة العمة إذ يوحي بأن السلطات العمة تتصرف وفقا للقانون إنما تحت سطوة ما يمارسه أصحاب النفوذ من تأثير.
2-الإخلال بمبدأ مساواة المواطنين امام المرفق العام:
من المتعارف عليه أن الأفراد متساوون امام القانون و هو مبدأ عام و الذي بات يمثل اليوم حقا من حقوق الإنسان و حق دستوري اعلنت عنه مختلف الدساتير لكن هذا المبدأ قد يتعرض إلى ضغط من طرف فئة تملك نفوذ فيحدث خلل فيه سواء كان هذا لخلل هو إخلال بمبدا مساواة المنتفعين من خدمات المرفق أو إخلال بمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة او الإخلال بمبدأ المساواة أمام القضاء.
أ- اخلال بمبدأ مساواة المنتفعين من خدمات المرفق:
الأصل العام : معاملة المرفق العام لكل المنتفعين معاملة واحدة دون تفصيل لفئة عن أخرى وهو امتداد للمبدأ العام مساواة الأفراد امام القانون .
لكن قد يحدث أن يميز المرفق في معاملة فئة خاصة على حساب فئة اخرى وهذا بسبب النفوذ والمركز الذي يشغله الشخص فيستفيد من خدمات خاصة خاصة لم يستفيد غيره منها , وبذلك تنتهك قاعدة المساواة أمام القانون الذي يمثل اليوم حق من حقوق الانسان .
ب-اخلال بمبدا المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة :
يترتب عن المبدا العام " المساواة أمام القانون " حق الأفراد في الالتحاق بالوظائف العامة و لا يجوز من حيث الأصل فرض شروط تتعلق بالجنس او اللون أو العقيدة , للاستفادة من وظيفة معينة.
لكن كثيرا ما يستغل الجاني مركزه و نفوذه ليضغط على أحد الجهات لتعيين احد اقاربه او معارفه من اجل الحصول على منفعة شخصية فيهز بذلك بمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة.
ج-اخلال بمبدا المساواة أمام القضاء :
المساواة امام القضاء من المبادئ الدستورية الهامة حيث يتساوى الجميع أمام هذه الهيئة التي لا تفرق بين غنى وفقير فدورها تطبق القانون رفض النزعات وتجسيد العدل والمساواة .
لكن قد يحدث أن يستغل الجاني مركزه ونفوذه ليزعزع كيان هذا الجهاز ويضغط على احد رجال القضاء لتحقيق مصلحة يبتغيها .

3-الاثراء الغير مشروع لصاحب النفوذ والسلطة :
ان استخدام الجاني لنفوذه وسلطته كسلعة يتجر فيها يزيد مركزه المالي بغير حق مشروع لذلك نجد المشرع خلق كجزاء وعقوبة لهذه الجريمة مصادرة لأموال الخاصة للمستغل لنفوذه وهذا ما سنتناوله بشيء من التوضيح عند التطرق الى العقوبات التكميلية.

ثالثا : قمع الجريمة :
1-العقوبات الأصلية :
تعاقب المادة 128 على جريمة استغلال النفوذ بعقوبة جنحة وهي الحبس من سنة الى 5 سنوات وغرامة من 500 الى 5000 دج.
2-العقوبات التكميلية : تتمثل في :
أ-الحرمان من الحقوق الوطنية :
حيث يحرم الجاني المحكوم عليه بعقوبة جنحة من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 114 ق عقوبات لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر  .
ب-المصادرة الخاصة للمستغل لنفوذه:
عقوبة اجبارية تتمثل في مصادرة الأشياء التي سلمها صاحب المصلحة أو الحاجة لأن المستغل لنفوذه هو في حكم المرتشي وما يدفع اليه بهذه الصفة يدفع على سبيل الرشوة الحكمية ,والعقوبة المقررة للجاني هنا تطبق سواء أدت الجريمة الى النتيجة المرجوة او خاب أثرها.

3-الظروف المشدة للعقوبة :
تغلط وتشدد العقوبة في حالتين أي شرطين :
1-بالنظر الى صفة الجاني :
فاذا كان المستغل لنفوذه قاضيا أو ذا ولاية نيابة (منتخب) فلعقوبة تضاعف وهذا ما وضحته المادة 128 من قانون العقوبات الجزائري في شرطها الخير بقولها " ...اذا كان الجاني قاضيا لا موظفا او ذا وكلة نيابية تضاعف العقوبات المقررة "
2-اذا كان الغرض من استغلل النفوذ أداء فعل يصفه القانون جنانة :
اذا كان الغرض من استغلال النفوذ هو أداء عمل أو فعل بصفة القانون جناية في هذه الحالة تطبق على الجريمة العقوبة ذاتها والمقررة لهذه الجناية وهذا ما نصت عليه المادة 130 من قانون العقوبات الجزائري .

الفرع الثالث : الغدر وما في حكمه
I-الغدر
وهو فعل منصوص عليه في المادة 121 من قانون العقوبات ،وتقوم هذه الجريمة على الالركان الاتية :
1-الركن المفترض وهو صفة الجاني
صفة الجاني :
حيث تقتضي لتقوم مثل هذه الجريمة ان يكون الجاني موظفا أو قاضيا او ضابطا عموما ،كما اشترط المشرع أن يكون الجاني ممن لهم شأن في تحصيل الرسوم أو الحقوق أو الغرامات .
وسواء كان الموظف أو القاضي مشرفا على التحصيل أو مكلفا تحت مسؤوليته ، فالمهم هو أن يكون لوظيفته صلة بالتحصيل .
2-الركن المادي : ويتحقق هذا الركن بالأفعال الآتية :
الطلب : وهو التعبير صراحة أو ضمنا عن إرادة الجاني في الحصول على المال
التلقي : ويقصد بها الحصول على المال سواء كان ذلك بناء على طلب أو غير طلب .

ج- المطالبة : وهو الجهد المبذول من الجاني (نشاط مادي) للحصول على المال
د- إصدار أمر للمرؤوسين بتحصيل ما هو غير مستحق
ويشترط في المال الذي ينصب عليه الطلب أو المطالبة أو الذي يتلقاه الجاني أو يصدر أمرا بشأنه مما يمكن تحصيله كالرسوم والحقوق والغرامات ، وأن يكون هذا المال غير مستحق الأداء أو يتجاوز ماهو مستحق ،وتقديم هذا المبلغ على أساس أنه مستحق قانونا وإلا كان الفعل إرشاء موظف ومن القبيل ذلك عون الجمارك المكلف بالتحصيل الرسوم الجمركية الذي يطلب من المكلف بأداء الرسم مبلغا يفوق ماهو مطلوب بأدائه أو قاضي النيابة العامة الذي يكلف المحكوم عليه بسداد غرامة يتجاوز مبلغها ماقضي به .
-ولا يشترط القانون أن يحقق الجاني لنفسه أو لغيره ربحا ما فتقوم الجريمة سواء تم تحصيل المال لنفسه أو للخزينة العامة أو لأية جهة أخرى.
وتقوم الجريمة سواء دفع المجني عليه المال برضاه او بدون رضاه وسواء كان المبلغ المحصل كبيرا أو بسيطا.
نستخلص مما سبق أن جريمة الغدر تتميز عن الرشوة في سند التحصيل فالموظف في الحالتين يطلب أو يأخذ ماليس مستحق ولكن في الغدر يكون ذلك على أساس أم المال المطلوب من قبل الرسوم أو الضرائب والحقوق أما في الرشوة فسند الإعطاء هو الهبة .

القصد الجنائي :
تقتضي هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام المتمثل في علم الجاني بأن المبلغ المطلوب أو المتحصل عليه غير مستحق أو انه يتجاوز ماهو مستحق في حالة انتقاء العلم تزول الجريمة كما لو كان الفاعل يجهل أن المال غير مستحق أو أخطاء في تقدير المال المستحق .
والقانون لا يميز بين ما إذا كان الجاني طلب المال الغير مستحق لصالحه أو لفائدة الخزينة العمومية .

4-قمع الجريمة :
تعاقب المادة 121 على هذه الجريمة وهي جنحة بالحبس من سنتين إلى عشرة سنوات وغرامة من 500 إلى 10000 دج
كما يجوز الحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية المنصوص عليها في المادة 8 من قانون العقوبات (المادة 125 و 14 قانون العقوبات).

II- مافي حكم العذر
أولا : تحصيل ضرائب غير مستحقة أو الإعفاء منها
وهو فعل منصوص ومعاقب عليه بالمادة 122 قانون العقوبات و أركان هذه الجريمة ثلاثة وهي :
1- الركن المفترض: وتتمثل في :
صفة الجاني :حيث اشترط المشروع في هذه الجريمة أن يكون الفاعل صاحب سلطة عمومية أي يتمتع سلطة إصدار القرار في مجال المالية العمومية للدولة .
كما يطبق النص على الموظفين المكلفين بوضع جداول الضرائب أو بتحصيلها .
2- الركن المادي :وتأخذ الجريمة صورتين .
أ- تحصيل ماهو غير مستحق للدولة :
والركن المادي في هذه الصورة في إصدار صاحب السلطة العمومية أمرا إلى مرؤوسه بتحصيل ضريبة مباشرة أو غير مباشرة غير منصوص عليها قانونا كما يقوم الركن المادي للجريمة في حق الموظف الذي يحضر لتحصيل الضرائب فيعد جداولها وكذا في حق من يقوم بالتنفيذ أي بتحصيل الضريبة.
ب- الأعفاء من أداء ماهو مستحق للدولة :
يتمثل الركن المادي في هذه الصورة في الافعال الاتية :
منح اعفاء من أداء كل الضرائب أو الرسوم أو الغرمات بدون وجه حق أو التنازل عن جزء منها
تسليم منتجات لمؤسسات الدولة مجانا وهنا الامر يتعلق بتبديد أموال الدولة
3-القصد الجنائي :
هذه الجريمة مثل الجرائم الأخرى تقتضي قصدا جنائيا عاما يتمثل في علم الموظف بأنه يسعى الى تحصيل ضرائب غير مستحقة للدولة أو بأنه يتناول عن مال مستحق للدولة ولا تقوم الجريمة اذا تصرف الفاعل عن جهل أو خطأ.
4-قمع الجريمة :
المادة 122 تعاقب بنفس العقوبة المقررة لجنحة الغدر أي الحبس من سنتين الى 10 سنوات وغرامة من 500 الى 10.000 دج كما يجوز علاوة على ذلك الحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية المنصوص عليها في المادة 8 ق ع .(المادة 125-14 ق ع ).

ثانيا : أخذ فائدة غير شرعية من الصفقات
هو فعل منصوص ومعاقب عليه في المادة 123 ق ع .
تتمثل هذه الجريمة في تدخل الموظف في صفقة تخضع لادارته أو لاشرافه للحصول على فائدة منها متاجرا بذلك بوظيفته وتعتبر هذه الجريمة مظهرا من مظاهر الرشوة .الهدف من تجريمها حماية نزاهة الوظيفة لعمومية , والشيء الذي ينبغي الاشارة اليه في هذا المجال أن هذه الجريمة لم تعرف بعد طريقها الى التطبيق في الجزائر ( ).
1-أركان الجريمة : تستلزم الجريمة توفر ركنين
-الركن المادي : يتمثل في الحصول على فائدة
الركن المعنوي : يتمثل في القصد الجنائي

أ-صفة الجاني :
تستوجب هذه الجريمة أن يكون الجاني موظفا مكلفا بالإدارة أو الإشراف على العقود أو المزايدات والمناقصات أو المقاولات أو المؤسسات كما تقتضي الجريمة أن يكون العمل داخلا في اختصاص الموظف وقت ارتكاب الفعل , فل تقوم الجريمة اذا تجاوز الموظف اختصاصه أو أقحم نفسه في عمل لا يدخل في اختصاصه ولو حصل على فائدة من ورائه.
كما تصدق الجريمة على الموظف حتى بعد انهاء أعمال وظيفته وذلك خلل خمس سنوات التالية لتاريخ انتهاء توليه أعمال وظيفته , بحيث يحظر عليه خلال الفترة المذكورة اخذ او تلقي فائدة في أي عملية كانت تخضع لإدارته أو لإشرافه (م 124).
ولا تهم هنا طريقة إنهاء العمل , سواء كانت عطلة أو إحالة على الاستيداع أو إحالة على التقاعد أو استقالة أو إقالة أو عزلا.
وهذا الخطر يعني بالدرجة الأولى المؤسسة الخاصة التي كانت في وقت ما , خلل مدة الخمس سنوات خاضعة سلطته في الإشراف والرقابة التي يمارسها بسبب وظيفته هذا من جهة ومن جهة أخرى يشمل الخطر المؤسسة التي أبرم معها الجاني باسم الدولة صفقات أو عقودا وكذا تلك التي أبرمت مع أي كان صفقات أو عقودا أدلى الجاني برأيه في شأنها.
وهذا الحظر لا يعني الا المؤسسات التي أشرف عليها لفاعل شخصيا أو راقبها , بحكم وظيفته ومن ثم يفلت من العقاب من كان ينتمي إلى مصلحة كنت مكلفة جماعيا بالإشراف على مؤسسة ومراقبتها .
كما يفلت من العقاب الموظف السابق الذي يأخذ فائدة في مؤسسة خارج دائرة اختصاص المصلحة التي كان يعمل بها , حتى وان كانت هذه المؤسسة تخضع لإشراف ومراقبة المصلحة التي عمل بها سابقا.

ب-الركن المادي :
يتمثل هذا الركن في حصول لجاني على منفعة أو فائدة ثمنا لدوره في إبرام الصفقة أو في تنفيذها.
والطريقة التي تحقق بها المنفعة أو الفائدة لا تهم سواء تتحقق مباشرة بقبض مبلغ من المال ولحصول على أسهم في شركة أو بمجرد وعد.
كما انها قد تتحقق بعقد صوري كأن يبرم الجاني عقدا مع مؤسسة مملوكة له وتحمل اسم غيره.
وقد يحصل على الفائدة عن طريق شخص آخر مثل شريكه أو زوجته أو أحد أبنائه أو أي شخص آخر يتفق معه لارساء المزايدة عليه.
وهذه الفائدة تكون مقابل لقيام الجاني بعمل لفائدة المتعامل الاقتصادي المتعاقد مع المؤسسة التي تخضع لإدارته أو لاشرافه.
اذا الجريمة تتحقق بتدخل الموظف في الأعمال التي هو مكلف بادارتها أو الاشراف عليها هذا التدخل يجلب له منفعة خاصة له أو للغير و القانون لا يشترط الاضرار بمصلحة الدولة أو باحدى المؤسسات التابعة لها , فالضرر ليس عنصرا من عناصر الركن المادي للجريمة , كما أنه لا يهم ان حقق الفاعل ربحا أم لا , ولا يهم أيضا ان نفذ الاتفاق أم لا .
وهكذا قضى بقيام الجريمة في حق الموظف الذي أخذ فائدة في عقد هو مكلف بالاشراف حتى وان لم يعد بأي ربح شخصي أو أنه لم يستلم لربح الناتج عنه الا بعد تمام العملية.

ج – القصد الجنائي :
يتمثل في اتجاه ارادة الجاني الى الحصول على منفعة مع العلم بكل عناصر الجريمة.
ويقتضي ذلك أن يكون الفاعل عالما وقت ارتكاب الجريمة بصفته كموظف مكلف بدارة العقود أو المؤسسات المعنية أو الاشراف عليها.
والجريمة تقوم بمجرد مخالفة الموظف عمدا الحظر المنصوص عليه في المادة 123 ولا يلزم لذلك قصدا جنائيا خاصا يتمثل في النية التدليسية.

2-قمع الجريمة :
المادة 123 تعاقب على هذه الجريمة وهي جنحة بالحبس من سنة الى 5 سنوات وغرامة من 500 الى 5.000 دج.
ويجوز علاوة على ذلك الحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية المنصوص عليها في المادة 8 ق ع (المادة 125 و 14 ق ع ).

الفرع الرابع : الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية :
الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية تاخذ ثلاث صور هي :
1-ابرام عقد او صفقة أو التأشير عليه أو مراجعته خرقا للأحكام التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل بغرض أعطاء امتيازات غير مبررة للغير , وهي جنحة المحاباة.
2-استغلال النفوذ للحصول على منفعة أو فائدة عند ابرام عقد او صفقة مع الدولة أو احدى الهيئات التابعة لها .
3-قبض اجرة أو فائدة بمناسبة تحضير أو اجراء مفاوضات قصد ابرام أو تنفيذ صفقة أو عقد باسم الدولة أو احدى الهيئات التابعة لها.
وكانت هذه الأعمال , قبل تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 01-09 المؤرخ في 21-06-2001 .منصوصا عليها في المادتين 423و 423 ف2

أولا: جنحة المحاباة
وهو الفعل المنصوص عليه في المادة 128مكرر ف1 ق.ع والشيء الملاحظ على هذا النص أنه حصر التجريم في عدم مراعاة الاجراءات ولا تتعدى بذلك لكل ما من شانه أن يمكن الغير من الحصول على مزايا غير مبررة , كما هو الحال بالنسبة للمترشح للفوز بصفقة عمومية الذي يستفيد من معلومات امتيازية يجلبها له المتعامل العمومي ليمكنه من اقتراح عرض يتلاءم بقدر أوفر مع المشرع  , مما يخلق لنا عدم مساواة في معاملة المترشحين.
أ-مجال تطبيق الجنحة :
مجال تطبيق هذه الجنحة محصور في عمليات معينة وعلى فئة من المتعاملين تم تحديدها في المرسوم الرئاسي رقم 02-250 المؤرخ في 24-07-2002 المتعلق بالصفقات العمومية والمتمثلة فيما يلي :
ا1-العمليات المعينة : يتعلق الأمر بالعقود والاتفاقيات والصفقات العمومية وملحقاتها .
*-العقد :عبارة عامة وفضفاضة تتسع لتشمل باقي الصور الأخرى , والأمر هنا يتعلق بالعقود ذات الطابع التجاري التي يمكن تعريفها بأنها :" اتفاق بين طرفين أو أكثر يلتزم بمقتضاه أحد الأطراف بأداء عمل أو الامتناع عن أدائه "
*الاتفاقية : لايخرج مفهومها عن مفهوم العقد.
*الصفقة : هي عقود مكتوبة تبرم قصد انجاز الأشغال أو اقتناء المواد أو الخدمات أو انجاز الدراسات لحساب المصلحة المتعاقدة .
كما تجدر الاشارة الى أن كل عقد أو طلب يقل مبلغه عن أربعة ملايين دينار(4.000.000دج)أو ياويه لا يقتضي وجوبا ابرام صفقة وهذا حسب نص المادة 5 من المرسوم .الرئاسي رقم 02-250 المتعلق بالصفقات العمومية .
*الملحق : عرفتها المادة 90 من المرسوم الرئاسي رقم 02-250 المتعلق بالصفقات العمومية بانه " وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة " ويبرم في جميع الحالات اذا كان هدفه زيادة الخدمات أو تقليلها أو تعديل بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة الأصلية "
لكن الشيء الذي ينبغي الاشارة اليه أن الملحق لا يمكن أن يعدل موضوع الصفقة جوهريا . والمادة 89 من المرسوم المذكور اوضحت امكانية لجوء المصلحة المتعاقدة الى ابرام ملاحق للصفقة.
ا2-المتعاملون المعنيون بهذه الجنحة : جنحة المحاباة تطبق على الصفقات التي تبرمها الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية التي تخضع للقانون العام أو تؤشر عليها او ترجعها .
ب-أركان الجريمة :
تقوم هذه الجريمة كباقي الجرائم الأخرى على أركان تتمثل فيما يلي:
-صفة الجاني, الركن المادي و القصد الجنائي.
ب1: صفة الجاني:
و هو ركن مفترض, يشترط القانون ن يكون الجاني يعمل لصالح الدولة أو الجماعة المحلية أو إحدى الهيئات المشار إليها في المادة 119 من قانون العقوبات أي أن يكون موظفا أو ممن في حكمه أو وكيلا للهيئات للمذكورة.
ب2: الركن المعنوي:
يتحقق بإبرام الجاني عقد اتفاقية أو صفقة أو ملحق أو تأشيرة أو مراجعته بدون مراعاة الأحكام الشرعية أو التنظيمية الجاري بها العمل و الغرض من ذلك إعطاء امتيازات غير مبررة للغير.
و هذا الركن يتكون من عنصرين أساسيين و هما: النشاط الإجرامي و الغرض منه.
- النشاط الإجرامي :
أو السلوك الإجرامي و يتمثل في القيام بأحد الأعمال الثلاثة : إبرام, أو التأشير أو مراجعة عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق بطريقة غير شرعية .
الغرض من النشاط الاجرامي :
-يجب أن يكون الغرض من السلوك أو النشاط الاجرامي افادة الغير بامتيازات غير مبررة ويشترط أن يكون الغير هو المستفيد من هذا النشاط فاذا استفاد منه الجاني جاز ن يكون الفعل رشوة .
ب3-الركن المعنوي :
جنحة المحاباة جريمة قصدية تتطلب توافر القصد العام والقصد الخاص المتمثل في اعطاء امتيازات للغير مع العلم بأنها غير مبررة ولابد من ابراز عنصر القصد في الحكم ويمكن استخلصه من اعتراف المتهمين بأنهم تجاوزوا الإجراءات بإرادتهم المحضة .
ولا يؤخذ بعين الاعتبار في هذه الجريمة الباعث إلى مخالفة الأحكام التشريعية أو التنظيمية.

ج-الجزاء :
تخضع هذه الجريمة لنفس الجزاء المقررة للرشوة
*العقوبات الأصلية : تعاقب المادة 128 مكرر ف1 على هذا الفعل بالحبس من سنتين الى عشر سنوات وبغرامة من 5.00.000دج الى 5.000.000دج.
*العقوبات التكميلية : تتمثل في الحرمان من الحقوق الوطنية (المادة 134 ) والمصادرة الخاصة (المادة 133).
1-الحرمان من الحقوق الوطنية :عقوبة جوازية تتمثل في الحرمان من حق او أكثر لمدة سنة الى 5 سنوات
2-المصادرة الخاصة : عقوبة اجبارية تتمثل في مصادرة الأشياء التي تسلمها المستفيد من الجريمة وتطبق هذه العقوبات سواء على الجريمة التامة أو الشروع في ارتكابها .

ثانيا : الإستفادة غير الشرعية من نفوذ أعوان الدولة
وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه في المادة 128 مكرر ف 2 ق.ع
1-اركان الجريمة :
أ-صفة الجاني :
المدة 128 مكرر ف2 أشارت الى التاجر أو الصناعي أو صاحب حرفة أو المقاول من القطاع لخاص و أضافت اليهم " بصفة عامة كل شخص طبيعي وبهذه الإضافة يكون المشرع قد عدل عن اشتراط صفة معينة في الجاني فكل ما هو مطلوب أن يكون الجاني شخصا طبيعيا ومن القطاع الخاص وبذلك يكن المشرع قد استبعد الأشخاص الذين يعملون في الدولة أو في القطاع العام بوجه عام . كما أنه حرص على استبعاد مسؤولية الشخص المعنوي وكأنه أقرها في حين أن قانون العقوبات لم يدرجها بعد ضمن أحكامه.
ب-الركن المادي
يتحقق بابرام الجاني عقد أو صفقة مع الدولة أو إحدى الهيئات التابعة لها ويستفيد من سلطته أو تأثير اعوان هذه الهيئات للحصول على منفعة تتمثل في الزيادة في السعار التي يطبقها الجاني عادة أو تعديل لصالحه في نوعيه المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التمويل .
ويتحلل الركن المادي الى عنصرين أساسيين هما : النشاط الاجرامي والغرض منه.
ب1-النشاط الاجرامي : يتمثل في استغلال سلطة او تأثير أعوان الدولة أو الهيئات الخاضعة للقانون العام بمنسبة ابرام عقد أو صفقة مع الدولة أو احدى الهيئات الخاضعة للقانون العام.
والمقصود بالأعوان هنا هم أصحاب السلطة أو النفوذ في الهيئة المعنية , ومن ثم فالأمر يتعلق برئيس او مدير الهيئة او بمسؤولي المصالح المعنية بابرام العقد أو بتنفيذ بنوده.
وهكذا فاذا كان العقد أو الصفقة قد ابرمت مع بلدية على سبيل المثال يكون رئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابه والأمين العام للبلدية ورؤساء المصالح الفنية التابعة للبلدية كرئيس مصلحة التجهيزات ورئيس مصلحة الأشغال ...الخ هم المعنيون بهذه الجريمة .
ب2-الغرض من استغلال سلطة أعوان الهيئات العمومية أو تأثيرها ( )
على الجاني استغلال سلطة الأعوان أو تأثيرهم من أجل :
-الزيادة في الأسعار
-التعديل في نوعية المواد
-التعديل في نوعية الخدمة
-التعديل في آجال التسليم أو التموين
ج-الركن المعنوي
تتطلب الجريمة توافر القصد الجنائي العام والمتمثل في العلم بنفوذ اعوان الدولة وارادة استغلال هذا النفوذ لفائدته وكذا القصد الخاص المتمثل في نية الحصول على امتيازات أنها غير مبررة
د-الجزاء
تطبق على هذا الفعل نفس العقوبات المقررة لجنحة المحاباة سواء كانت عقوبات أصلية أ تكميلية , كما تطبق العقوبات سواء حصل الجاني فعلا على الامتيازات أو لم يحصل عليها كما لو خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن ارادة الجاني والمادة 128 مكرر في فقرتها الأخيرة تعاقب على الشروع وارتكاب الجريمة بالعقوبة ذاتها المقررة للجريمة التامة .

ثالثا : قبض فائدة من الصفقات العمومية
فعل منصوص ومعاقب عليه في لمادة 128 مكرر 1
I-أركان الجريمة
أ-صفة الجاني :
أن القانون ل يشترط صفة معنية في الجاني لكن من خلال صيغة النص وظروف ارتكاب الجريمة يفهم أن الجاني من الأشخاص المخولين قانونا برام العقود والصفقات باسم الدولة أو الهيئات الخاضعة للقانون العام وهم مسؤولو المؤسسات المعينة أو أن يكون على الأقل من المفوضين من قبلهم سواء كانوا يعملون داخل المؤسسة أو خارجها (الوكلاء).
ب-الركن المادي :
يتحقق اما بقبض أو محاولة القبض الأجرة او فائدة بمناسبة تحضير أو اجراء مفاوضات قصد ابرام أو تنفيذ عقد باسم الدولة او احدى الهيئات الخاضعة للقانون العام.
وهذا الركن يتحلل الى عنصرين هما
-النشاط الاجرامي : ويتمثل في قبض أو محاولة قبض أجرة او فائدة
-الأجرة أو الفائدة : المشرع لم يحدد طبيعتها وهي عموما لا تختلف عن المنفعة أو الفائدة التي يقبضها المرتشي لقاء ادائه عملا أو الامتناع عن أدائه وقد تكون الأجرة أو الفائدة ذات طبيعة مادية او معنوية .
فالأصل في الأجرة أو الفائدة أن تكون مادية , كما قد تكون مالا عينا وقد تكون نقودا أو شيكا أو فتح اعتماد لمصلحة الجاني .
كما قد تكون الأجرة أو الفائدة ذات طبيعة معنوية
-المستفيد: من خلال نص المادة 128 مكرر 1 يفهم أن الأجرة أو الفائدة تقدم الى الجاني نفسه او الى شخص غيره مباشرة او بطريقة غير مباشرة.
-المناسبة : هذه الجريمة تستوجب أن تتم بمناسبة تحضير أو جراء مفاوضات قصد ابرام أو تنفيذ صفقة او عقد أو ملحق باسم الدولة أو احدى الهيئات الخاضعة للقانون العام.
ج-القصد الجنائي : هذه الجريمة قصدية تتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي العام المتمثل في العلم بقبض الأجرة أو الفائدة مع العلم بأنها غير مبررة وغير مشروعة.
د-الجزاء : المادة 128مكرر1 تعاقب على هذه الجريمة بالسجن المؤقت من 5 الى 20 سنة وبغرامة من 100.000الى 5.000.000دج
وبالنسبة للشروع في الجريمة تطبق نفس العقوبة سواء قبض الجاني الأجرة او الفائدة أو حاول قبضها وخاب أثرها لسبب خارج عن اردته.

المطلب الثالث : الجرائم الأخرى
الفرع الأول :جريمة التزوير
ان التزوير من الجرائم المهمة التي تقع بصورة ملفتة للانتباه من حيث تزايدها من ناحية ومن حيث أنها تهدر الثقة العامة في المحررات والأوراق الثبوتية وتهدر الثقة في الموظف والادارة .وبذلك تخل بالضمان اليقين والاستقرار في المعاملات وسائر مظاهر الحياة القانونية في المجتمع , ونتيجة لذلك قرر المشرع الجزائري للمحافظة على هذه الثقة عقوبات وجزاءات تردع كل من يحاول المساس بهذه الثقة.
فما هي العقوبة أو الجزاء المترتب على ارتكاب جريمة التزوير ؟ وما هي صور التزير ؟ وما هي العقوبة الموقعة على الموظف عند اتلافه للوثائق والسندات التي تكون في عهدته ؟
التزوير في مدلوله العام يعني تغيير الحقيقة أيا كانت وسيلته بالقول أم بالكتابة فهو في جوهره كذب , وفي مرماه اغتيال لعقيدة الغير  .
وجرائم التزوير وردت بأنواعها في المواد 197 الى 241 ق ع ولقد قسمها المشرع الجزائري الى أربع مجموعات أساسية :
-تزوير النقود وما يتصل بها (الصور من 197 الى 204)
-تقليد ختام الدولة والدمغات والطوابع والعلامات ( المواد من 214 الى 229).
-شهادة الزور وما شابهها ( المواد من 232 الى 241).
وما يهمنا في بحثنا هذا هو جرائم التي يقوم بها الموظف وبذلك سوف نتناول جريمة تزوير المحررات المنصوص عليها في المادة 214 والتي تحضى فئة الموظفين والقضاة وكل قائم بوظيفة اثناء تأدية وظيفته باحدى طرق التزوير المادي أو المعنوي اذا يقتضي لتطبيق العقوبات المقررة في المادتين 214و 215 توافر شرطين أن يكون للجاني صفة معينة وأن ترتكب الجريمة بمناسبة اثناء ممارسة الوظيفة.
1-صفة الفاعل :
يجب ان يكون الجاني قاضيا و ضابطا عموميا .
2-مناسبة التزوير
يجب أن يكون التزوير بالاضافة الى شرط صفة الفاعل قد وقع اثناء تادية الموظف ومن شابه وظيفته , ذلك أن العقوبة الشديدة المقررة لهذه الحالة ليست صفة الجاني انما اساءة استعمال الموظف لوظيفته ولقد ورد هذا الشرط صراحة في الماديتين 214 و 215 ق ع بل أن التزوير المعنوي المنصوص عليه في المادة 215 لا يتصور الا مع توافر هذا الشرط ذلك أن التزوير المعنوي يقع أثناء تحرير المحرر ولكي يكون المحرر رسميا هنا يجب أن يقوم بتحريره موظف مختص , فالفاعل الأصلي في التزوير المعنوي في محرر رسمي لا يكون الا الموظف المختص أما غيره فلا يرتكب التزوير انما يصح أن يكون شريكا فيه اما التزوير المادي من الموظف المختص فانه يحصل في النادر اثناء تحرير المحرر على غفلة من اصحاب الشأن , وفي الغالب بعد تحرير المحرر بالمحو أو الاضافة , وقد يكون بالاصطناع وفي كل الأحوال يجب أن يكون فيما هو من شؤون وظيفته . فاذا ارتكب موظف عمومي في بيان ليس من اختصاصه ادراجه فانه يعاقب بالعقوبة المقررة في المادة 216 لمن يرتكب من احاد الناس في محرر رسمي.
فالعبرة بصفة الجاني وقت ارتكاب التزوير , لا تتوفر هذه الصفة الا اذا توافرت فيه كل الشروط اللازمة لمباشرة عمله.
3-العقوبات
تعاقب المادة 214 والمادة 215 من ق ع الجزائري على جريمة تزوير المحررات العمومية من طرف القاضي أو موظف أو ضابط عمومي بعقوبة السجن المؤبد

الفرع الثاني: إتلاف أو إزالة وثائق و السندات كانت في عهدة الموظف بصفته هذه أو سلمت له بسبب وظيفته
نصت على هذه الجريمة المادة 120 من ق العقوبات الجزائري و سوف نحاول التطرق لهذه الجريمة من خلال أركانها.
أولا: أركان الجريمة
تقوم هذه الجريمة كغيرها من الجرائم الأخرى على الركن المادي و الركن المعنوي(القصد الجنائي) بالإضافة إلى الصفة الخاصة للجاني.

أ-الصفة الخاصة للجاني :
يتعين أن يكون مرتكب الجريمة حسب نص المادة 120 ق.ع. موظف أو ضابط عمومي أو قاضي, و المشرع لم يتطلب أن تكون هذه المستندات في عهدة الموظف بصفته هذه أو سلمت له بسبب وظيفته, و يتعين هنا فقط توفر الصفة وقت ارتكاب الفعل و لا يهم أن تزول عنه بعد ارتكابه أو تظل ثابتة له. فإذا وقع الإتلاف أو إزالة للوثائق أو السندات من غير موظف لا تربطه بالمال الصلة التي أشارت إليها المادة 120 انتفت الصفة.
ب- الركن المادي :
يتحقق هذا الركن للجريمة إما بإتلاف أو إزالة بطرق الغش للوثائق أو السندات. إذا يتحقق هذا الركن بسلوك يأتيه الجاني على موضوع معين.
أما الموضوع الذي يرد عليه السلوك فهو السندات أو الوثائق أو عقودا أو أموالا منقولة و يتضح لنا من خلال المادة أن المشرع حدد و حصر الموضوع الذي يمكن أن يقع عليه سلوك الجاني و يشترط في المال الذي يقع عليه سلوك الموظف أن يكون مملوكا للجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو مملوكا للغير أي لفرد عادي أو لجهة غير التي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم عمله متى كان معهودا بهذا المال إلى إحدى هاتين الجهتين.
كما ينبغي أن يتخذ سلوك الموظف إحدى الصور التالية: الإتلاف, الإزالة.
فأما الإتلاف فهو الإنقاص من صلاحية المال للاستعمال و جعل الوثائق و السندات دون قيمة. أما الإزالة فهي إخفاء للوثائق و السندات.
ج-الركن المعنوي :
جريمة إتلاف أو إزالة الوثائق أو السندات المنصوص عليها في المادة 120 ق.ع. جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي, و القصد المتطلب لقيامها هو القصد العام الذي فترض علم المتهم بصفته و بأن الوثائق أو السندات أو المال الذي أتلفه مملوك للجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو مملوك للغير و معهود به إلى تلك الجهة كما يتطلب توافر القصد كذلك اتجاه إرادة الموظف إلى إتيان فعل الإتلاف أو الإزالة, فإذا تخلف العلم أو انتفت الإرادة لا تقوم الجريمة لانتفاء القصد الجنائي لدى المتهم.

ثانيا: العقوبة
الجريمة جنحة حدد لها المشرع عقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات و غرامة مالية تقدر بـ 500 إلى 5000 د.ج

الفرع الثالث : إفشاء الأسرار
إن الموظف العام هو ممثل سلطة الدولة الذي تأتمنه على أداء الخدمات العامة للمواطنين و الذي تأتمنه أيضا في ذات الوقت على أسرارها من معلومات لا يجب إذاعتها و نشرها لعموم الناس.
و من ثم يلتزم الموظف بواجب عدم إفشاء أسرار أعمال وظيفته و ما تتضمنه من وثائق و معلومات قد تتسم بالأهمية و الخطورة و السرية.
بالتالي خرق هذا الواجب عرض الموظف للمساءلة التأديبية الجنائية( ), كما أنه يؤدي إلى مسؤولية الموظف و الإدارة معا من الناحية المدنية( )
و المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي و المصري نص على هذه الجريمة في المادة 301 ق.ع. و فيما يلي نتناول أركانها ثم المتابعة و الجزاء.
أولا: أركان الجريمة
جريمة إفشاء السر المهني المنصوص و المعاقب عليها في المادة 301 تقوم بتوافر ثلاثة أركان هي:
-صفة من أأتمن على السر
-إفشاء السر
-القصد الجنائي
1-صفة من أأتمن على السر :
المشرع لم يشأ حصر طائفة معينة من الأمناء على الأسرار و اكتفى فقط بذكر بعض منهم و هم: الأطباء و الجراحون و الصيادلة و القابلات, ثم أردف بقوله:" أو جميع الأشخاص المؤتمنين بحكم الوقع أو المهنة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة على أسرار أدلي بها إليهم" تاركا بذلك للقاء مهمة تعيينهم.
ومما سبق نستنتج أن السر المهني يكون عموما سرا وظيفيا فالمادة 301 تقصد أولئك الذين تتطلب وظيفتهم أو مهنتهم ثقة الجمهور بكيفية تجعل القانون يطبع أعمالهم بطابع السرية و الكتمان غير أن من الصعب القول أن هذا الموظف أو ذاك ملزم بحفظ السر المهن, و القانون الخاص بكل وظيفة أو مهنة هو الذي يوضح ذلك.
و بذلك يأتي نص المادة 301 على الأشخاص الآتي بيانهم:
الأطباء و الجراحون و الصيادلة و القابلات.
الموظفون العموميون, و هم ملزمون بوجه عام بكتمان السر المهني, لا سيما أولئك الذين يمارسون وظائف عالية في الدولة.القضاة و كتاب الضبط.
كل شخص مساهم في إجراءات التحري و التحقيق و يقصد بهم كتاب قضاة التحقيق و ضباط و أعوان الشرطة القضائية و الخبراء و قضاة التحقيق.
بعض المهن الأخرى نذكر منها على سبيل المثال:
-المحامون-الموثقون-المحضرون-محافظو البيع بالمزايدة- الخبراء المحاسبون و محافظو الحسابات و المحاسبون المعتمدون-الوكلاء المتصرفون القضائيون- المترجمون الرسميون.
هذا بالإضافة إلى بعض الوظائف المؤقتة : حيث أشارت المادة 301 إلى الوظائف المؤقتة منها وظيفة المحلفين في المحاكم الجنائية أو قسم الأحداث أو القسم العمالي بالمحاكم و هذه الطائفة لا تسأل إلا على الأسرار التي تصل إلى عملهم بمقتضى مهنتهم.
2-إفشاء الأسرار :
لم يرد في القانون تعريف لسر المهنة ذلك أن تحديد السر مسألة نسبية تختلف باختلاف الظروف فما يعتبر سرا بالنسبة لشخص قد لا يعتبر كذلك بالنسبة لآخر, و ما يعتبر سرا في ظروف معينة قد لا يعتبر في أخرى.
و بوجه عام يعد سرا كل ما يعرفه الأمين أثناء أو بمناسبة ممارسة وظيفته أو مهنته و كان في إفشائه حرج لغيره.
و لا يشترط أن يكون السر قد أدلي به إلى الأمين و لا أن يكون قد ألقي إليه على أنه سر و طلب منه كتمانه , كما أنه يعد سرا كل أمر وصل إلى علم الأمين و لو لم يدل به أحد إليه كما لو وصل إليه صدفة أو عن طريق الحدس أو التنبؤ أو عن طريق الخبرة الفنية.
أما الإفشاء فيقصد به إطلاع الغير على السر بأي طريقة كانت سواء بالكتابة أو شفاهة أو بالإشارة, كما لا يشترط أن يكون الإفشاء بالسر كاملا بل يكفي جزء من السر, كما لا يشترط أن يكون الإفشاء علنيا بل يكفي أن يكون إلى شخص واحد.
3-القصد الجنائي :
لا تقوم الجريمة إلا إذا تعمد الفاعل الإفشاء فلا توجد إذا حصل الإفشاء عن إهمال أو عدم احتياط.
و يكفي مجرد الإفشاء مع العلم بموضوعه لتوافر القصد إذ لا يشترط القانون نية خاصة أو نية الإضرار بالغير, و واجب كتمان السر يتعارض مع واجب أداء الشهادة أمام ضابط الشرطة القضائية المكلف بطريق الإنابة القضائية أو أمام قاضي التحقيق أو أمام المحكمة و القانون يدعم هذا الواجب أيضا بالجزاء ف المواد 97 و 98 و 140 و 223 من قانون الإجراءات الجزائية.
و هكذا آثر المشرع واجب الكتمان على واجب مساعدة السلطات القضائية في استظهار الحقيقة( ) و قد تكون الحكمة من هذا المنع هي أنه لو سمحنا لكل موظف بالإدلاء بالتصريحات و البيانات لأدى ذلك إلى قلق و اضطراب عام في سياسة الدولة و طريقة مواجهة المشاكل العامة نظرا لأن كل موظف سيعرض الأمور من وجهة نظره مع تحريف في المعلومات

لكن قد يباح إفشاء السر المهني في حالات و هي:
-التصريحات الإدارية, أعمال الخبرة, الإدلاء بالشهادة أمام القضاء, التبليغ عن الجرائم,تفتيش المنازل أو المكاتب, رضاء صاحب السر بإفشائه.
ثانيا: المتابعة و الجزاء
المتابعة:إفشاء السر المهني جنحة لا تختلف عن باقي جرائم الاعتبار من حيث متابعتها حيث تشترط شكوى المجني عليه للمتابعة و لا تخضع لأي إجراء خاص.
الجزاء: تعاقب المادة 301 ق.ع. على جنحة إفشاء السر المهني بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و بغرامة من 500 إلى 5000 د.ج.
و لا يعاقب القانون إلى على الجريمة التامة و من ثم فلا عقوبة على الشروع.

الفرع الرابع: إساءة استعمال و ممارسة السلطة
سوف نحاول كخطوة أولى التطرق إلى إساءة استعمال السلطة من خلال تقسيمها إلى درجتين في الدرجة الأولى نتطرق إلى إساءة استعمال السلطة ضد الأفراد و في الدرجة الثانية نتطرق إلى إساءة استعمال السلطة ضد الشيء العمومي.
أما في الخطوة الثانية نتطرق إلى ممارسة السلطة العمومية و التي قسمناها بدورها إلى قسمين في القسم الأول نتناول ممارسة السلطة قبل توليها و القسم الثاني نتناول فيه الاستمرار في العمل بطريقة غير شرعية.

أولا: إساءة استعمال السلطة
و تقسم إلى درجتين:
الدرجة الأولى : إساءة استعمال السلطة ضد الأفراد: و تأخذ الصور الآتية :
أ-انتهاك حرمة منزل مواطن :
و هي جنحة منصوص عليها في المادة 135 و تعني كل موظف في السلك الإداري أو القضائي و كل ضابط شرطة و كل قائد أو احد رجال القوة العمومية الذي يدخل بصفته المذكورة منزل احد المواطنين بغير رصاه و في غير الحالات المقررة في القانون. و بغير الإجراءات المنصوص عليها فيه.
فحرمة المسكن تعبر عن حق الإنسان في أن يحيا حياته الشخصية داخل مسكنه دون مضايقة أو إزعاج من أحد( ), و لهذا فإنه لا يجوز أن يقتحم أحد مسكن فرد من الأفراد, أو أن يقوم بتفتيشه أو انتهاك حرمته إلا طبقا لقانون و الحالات المحددة قانونا فحرمة المسكن هي من بين الحقوق المدسترة .
و عقوبة انتهاك حرمة المنزل أو المسكن حددتها المادة 135 بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 3000 د.ج دون الإخلال بتطبيق المادة 107 التي تحكم الأمر بعمل تحكمي أو ماس بالحرية الشخصية للفرد إذا توافرت أركان هذه الجريمة.

ب-نكران العدالة :
هي جنحة منصوص عليها في المادة 136 و تعني كل قاض أو موظف إداري يمتنع بأية حجة كانت عن الفصل فيما يجب عليه أن يقضي فيه بين الأطراف بعد أن يكون قد طلب إليه ذلك و يصر على امتناعه بعد التنبيه عليه أو أمره بذلك من رؤسائه.
فالقاضي مهمته الفصل في المنازعات و فض الخلاف بين الأطراف و بامتناعه عن ذلك يعد نكران للعدالة و عقوبتها غرامة مالية من 750 إلى 3000 د.ج و الحرمان من ممارسة الوظائف العمومية من 5 إلى 20 سنة.
ج-فض أو اختلاس رسائل موجهة إلى البريد:
لقد نصت المادة 39 من دستور 1996 على سرية المراسلات و الاتصالات الخاصة بين الأشخاص سواء كانت خطابات أو طرود او اتصالات تلفونية.
و المشرع الجزائري اعتبر انتهاك هذه السرية جنحة في المادة 137 فكل موظف و كل عون من أعوان الدولة و كل مستخدم أو مندوب عن مصلحة البريد يقوم بفض أو اختلاس أو إتلاف رسائل مسلمة إلى البريد أو يسهل فضها واختلاسها أو إتلافها يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 1000 د.ج
كما يعاقب بنفس العقوبة كل مستخدم أو مندوب في مصلحة البرق فضلا عن ذلك يحرم من كافة الوظائف أو الخدمات العمومية من خمس إلى عشر سنوات.

د-تسخير أموال منقولة أو عقارية بطريقة غير شرعية
و هي جنحة منصوص عليها في المادة 137 مكرر و تعني كل موظف أو ضابط عمومي سخر أموالا منقولة أو عقارية خارج نطاق الحالات و الشروط المحددة قانونا و عقوبتها الحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من 10000 إلى 100000 د.ج.

الدرجة الثانية: إساءة استعمال السلطة ضد الشيء العمومي
و تأخذ شكلين:
أ-الموظف أو القاضي الذي يطلب تدخل القوة العمومية أو يستعملها ضد تنفيذ قانون او تحصيل الضرائب أو تنفيذ حكم قضائي:
حيث اعتبرها المشرع الجزائري جنحة و نص عليها في المادة 138 و خص لها عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات.
ب-الموظف العمومي الذي يستغل سلطته لوقف تنفيذ حكم قضائي أو يمتنع أو يتعرض أو يعرقل تنفيذه:
فالأصل أن مهمة الموظف المصلحة العامة و تنفيذ الأحكام و أي عمل من شأنه أن يوقف الأحكام القضائية أو يعرقلها يعرضه إلى عقوبة الحبس من ستة اشهر إلى ثلاث سنوات و غرامة من 5000 إلى 50000 د.ج.

ثانيا: ممارسة السلطة العمومية: و تنقسم إلى قسمين
1-ممارسة السلطة (أعمال الوظيفة) قبل توليها:
و هي جنحة منصوص عليها في المادة 141 و تخص هذه الجنحة كل موظف أو ضابط عمومي يبدأ في ممارسة أعمال وظيفته قبل أن يؤدي بفعله اليمين المطلوبة لها. و عقوبتها من 500 إلى 1000 د.ج
- الاستمرار في العمل بطريقة غير شرعية :
فالأصل العام أن بداية ممارسة السلطة أو أعمال الوظيفة تكون بقرار التعيين أو التثبت و تنتهي علاقة الموظف بعمله بمجرد صدور قرارا العزل أو التوقيف.
إذا استمرار القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي في ممارسة أعمال وظيفته و بعد استلامه التبليغ الرسمي بالقرار المتعلق بعزله أو فصله أو إيقافه يشكل جنحة و يعاقب عليها حسب نص المادة 142 بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 1000 د.ج.
كما تطبق نفس العقوبة على كل موظف منتخب أو مؤقت ستمر في ممارسة أعمال وظيفته بعد انتهائها قانونا.
كما يجوز علاوة على ذلك معاقبة الجاني بالحرمان من مباشرة أية خدمة عمومية أو مهمة عمومية لمدة عشر سنوات على الأكثر.

الفصل الثاني : الجرائم التي تقع على الموظف
لقد قرر المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي حماية خاصة للموظف العام .من كل أشكال الاعتداء التي يمكن أن تقع عليه وهو يمارس مهامه أو بمناسبة ممارستا فحدد لها عقوبات وجزاءات تردع كل من تسول له نفسه المساس بكرمته.
فما هي أهم هذه الضمانات لممارسة مهامه ؟ و ماهي العقوبات المقررة في حالة الاعتداء عليه؟ وما هي الجرائم التي يمكن ان ترتكب عليه ؟
كل هذه الأسئلة وغريها سوف نحاول التطرق الى الاجابة عنها من خلل مبحثين :
لمبحث الأول نتطرق فيه لجريمة الاهانة وصورها والعقوبات المحددة لها والمبحث الثاني نتناول فيه جريمة الاعتداء واشكالها والجزاءات المترتبة عنها .

المبحث الأول : إهانة الموظف و هو الفصل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 144 ق.ع
المطلب الأول : اركان الجريمة
تعاقب المادة 144 ككل من أهن قاضيا او موظفا او قائدا او ضابطا عمومي او أحد رجال القوة العمومية بالقول او الإشارة أو التهديد أو إرسال او تسليم أي شيء إليهم أو بالكتابة و بالرسم غير العلنيين أثناء تأدية وظائفهم او بمناسبة تأديتها و ذلك قصد المساس بشرفهم أو باعتبارهم أو بالاحترام الواجب لسلطتهم من خلال هذا لنص نستخلص أركان الجريمة و هي: صفة الضحية, الوسيلة المستعملة, القصد الجنائي.

الفرع الاول : صفة المجني عليه: يجب ان يكون المجني عليه:
1- قاضيا: سواء كان ينتمي إلى النظام العادي أو النظام الإداري بل و حتى بل و حتى إذا كان ينتمي إلى المجلس الدستوري أو إلى مجلس المحاسبة.
2- موظفا: و يقصد بالموظفين حسب المادة الأولى من الامر 66-133 مؤرخ في 2 يونيو 1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة الملغى الأشخاص المعنيين في وظيفة دائمة الذين رسموا في درجة التسلسل في الإدارات المركزية التابعة للدولة: و المصالح الخارجية التابعة لهذه الإدارات و الجماعات المحلية و كذلك المؤسسات و الهيئات العمومية ....."
3- أو ضابطا عموميا كالموثق او المحضر.
4- او قائدا كضباط الشرطة القضائية و ضباط الجيش
5- أو أحد رجال القوة العمومية كاعوان الشرطة و الدرك
6- أو عضوا محلفا إذا وقعت الإهانة في جلسة هيئة قضائية و قد يكون المحلف في محكمة جنائية أو في قم الأحداث أو في القسم العمالي للمحكمة و منذ تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 1-09 المؤرخ في 26-06-2001 أضاف المشرع إلى قائمة المحميين من الإهانة
-رئيس الجمهورية
-البرلمان أو إحدى غرفتيه, المجالس القضائية و المحاكم, الجيش الوطني الشعبي و الهيئات العمومية بوجه عام.
الفرع الثاني: الوسائل المستعملة في الجريمة(الإهانة)
منذ تعديل ق العقوبات بموجب قانون 26-06-2001 صبحت الوسيلة تختلف حسب صفة الشخص أو الهيئة المحمية
و عموما يمكن حصر هذه الوسائل فيما يلي:
1-الكلام: مهما كانت وسيلة التعبير, و من هذا القبيل اللغو, و القول و العياط و الاستقباح بالضمير.
و تقتضي الإهانة بالكلام أن يكون الكلام موجها الشخص المستهدف, و هكذا قضي في فرنسا بأن القانون لا يعاقب على الإهانة الموجهة إلى قاضي بالقول إلا إذ كان الكلام موجها إلى القاضي نفسه أو كان موجها إلى غيره و وصل إلى علم القاضي بإدارة القاضي.
2-الإشارة: و مثال ذلك الإشارة باليدين فوق الرأس إلى أذني الحمار.
3-الكتابة: و يشترط فيها أن لا تكون علانية و إلا تحول الفعل إلى قذف أو سب حسب الحالة.
4-التهديد: يكون عدة إما بالقول أو بالكتابة و بالإشارة.
5-إرسال أو تسليم شيء كمن يرسل او يسلم غيره طردا به كفن أو قاذورات
6-الرسم: و يشترط فيه على غرار الكتابة أن لا يكن علنيا و إلا تحول الفعل إلى قذف كما نصت المادتان 147 و 145 على وسائل أخرى ترتكب بها الإهانة تتمثل في:
1-قيام أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العمومية بجريمة وهمية أو بتقريره أمام السلطة القضائية بأنه مرتكب جريمة لم يرتكبها و لم يشتر في ارتكابها.
2-الأفعال و الأقوال و الكتابات العلنية التي يكون الغرض منها التأثير على أحكام القضاة طالما أنم الدعوى لم يفصل فيها نهائيا أو التقليل من شان الاحكام القضائية و التي يكون من طبيعتها المساس بسلطة القضاء و استقلاله.
بالإضافة إلى صور أخرى منصوص عليها في المادتين 144 و 146. مثل الإهانة التي تتم بأليات بث الصوت أو الصورة او أية وسيلة الكترونية أو معلوماتية و إعلامية اخرى.
مناسبة الإهانة : يجب ن تصدر الإهانة أناء تأدية الوظيفة أو بمناسبة تأديتها.
أ-أثناء تأدية الوظيفة: و لا يهم إذا كان المجني عليه يؤدي الوظيفة بطريقة غير شرعية, كما لو كان ان الموظف محل توقيف عن العمل و يؤدي وظيفته دون اداء اليمين في حالة ما إذا كانت الوظيفة تقتضي ذلك.
ب-بمناسبة تأدية الوظيفة: تصدق الإهانة الموجهة إلى عون لأمن أو رجل الدرك الوطني الذي يكون مرتديا بذلته النظامية حتى خارج أوقات العمل, كما تصدق الإهانة الموجهة إلى الموظف بوجه عام عندما ترتكب و هو في طريقه إلى عمله أو عند مغادرته مكان لعمل. و إذا كانت الإهانة موجهة لعضو محلف, يشترط أن ترتكب في حلبة المحكمة أو مجلس قضائي(المادة 144-2)
و إذا كانت الإهانة موجهة إلى رئيس الجمهورية أو إلى البرلمان إو المجالس القضائية و المحاكم, و الجيش الوطني الشعبي أو الهيئات العمومية بوجه عام يفقد شرط المناسبة من أهميته باعتبار أن هذه الهيئات تؤدي وظيفتها على الدوام

الفرع الثالث : القصد الجنائي :
الإهانة من الجرائم العمدية التي تتطلب لقيامها توافر القصد العام و القصد الخاص.
أ-القصد العام : يتوفر بعلم الجاني صفة الضحية واستهدافها اعتبارا لتلك الصفة فلا تقوم الاهانة اذا كن الجاني يجهل صفة الضحية.
ب-لقصد الخاص : ويتمثل اساسا في نية الجاني بالمساس بشرف او اعتبار أو باحترام المجني عليه .
*فأما المساس بالشرف : فهو الفعل المخالف للنزاهة و الاخلاص وان كان هذا الفعل يقع تحت طائلة القانون الجزائي أو لا يقع ومن هذا القبيل الادعاء بأن شخصا معينا اعطى رشوة للحصول على الاعفاء من الخدمة الوطنية أو أن التاجر الفلاني يغش في بضاعته أو في الميزان.
*أما الفعل الماس بالاعتبار : فهو الفعل الذي يمس قيمة الانسان عند نفسه او يحط من كرامته أو شخصيته عن الغير , وهو بوجه عام كل ما يوجب احتقار الغير أي كل ما يحط من قدر المسند اليه وكرامته في نظر الغير.
ومن هذا القبيل الادعاء بأن المحامي أهمل الدفاع عن موكله في جناية لأنه ندب للدفاع عنه في اطار المساعدة القضائية , او أن طبيبا أهمل في معالجة مريض لنه لم يدفع له أجرا يرضيه.
والواقع أن القضاء لا يميز بين الفعل الماس بالشرف والفعل الماس بالاعتبار فيستعملها مترادفين( ) .
*أما الاحترام الواجب , فيتعلق بما تكتسبه الوظائف العمومية من هيبة تستوجب الاحترام.

المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
تخضع جريمة الاهانة , من حيث الجزاء للعقوبات الآتي بيانها :
الفرع الأول : العقوبات الأصلية
لم يكن القانون ا لجزائري الى غاية تعديله بموجب القانون 01-09 يفرق من حيث الجزاء بين المجني عليهم , فالعقوبة كانت واحدة مهما كانت صفة الضحية وهي الحبس من شهرين الى سنتين وغرامة من 1.000دج الى 500.000دج.
غير أنه اثر تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤرخ في 26 يونيو 2001 والذي بمقتضاه أضاف المشرع الى الأشخاص المحميين من الاهانة رئيس الجمهورية والبرلمان أو أحد غرفتيه والمجالس القضائية والمحاكم والجيش الوطني الشعبي أو أية هيئة عمومية , اصبحت العقوبة تختلف بحسب صفة المجني عليه.
فاذا كانت الاهانة موجهة الى قاض أو موظف أو ضابط عمومي أو قائد أو أحد رجال القوة العمومية كانت العقوبة بالحبس من شهرين الى سنتين وغرامة تقدر ما بين 1.000 الى 500.000دج أو احدى هاتين العقوبتين (المادة 144 ف1).
واذا كانت الاهانة موجهة الى قاض أو محلف في لسة محاكمة ترفع عقوبة الحبس في حدها الأدنى الى سنة (المادة 144 ف2).
وتطبق نفس العقوبات على الأفعال المنصوص عليها في المادتين 145 و 147 وهي قيام أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العمومية بجريمة يعلم بعدم وقوعها أو تقديم دليل كاذبا كتعلق بجريمة وهمية أو تقريره امام السلطة القضائية بأنه مرتكب جريمة لم يرتكبها أو لم يشترك في ارتكابها.
كذلك قيام أحد الأشخاص بالأفعال الآتية أقوال وأفعال وكتابات علنية الغرض منها التأثير على أحكام القضاة طالما أن الدعوى لم يفصل فيها نهائيا.
-الأفعال والأقوال والكتابات العلنية التي يكون الغرض منها التقليل من شأن الأحكام القضائية والتي يكون من طبيعته لمساس بسلطة القضاء أو استقلاله.
-إما إذا كانت الإهانة موجهة إلى الأشخاص والهيئات المذكورين في المادتين 144 مكرر و146 فتكون العقوبة نفسها المطبقة على الإهانة الموجهة إلى البرلمان أو إحدى غرفتيه والمجالس القضائية والمحاكم والجيش الوطني الشعبي وهيئة نظامية أو أي هيئة عمومية أخرى(المادة 146) وهي عقوبة الحبس من 3 أشهر إلى سنة وغرامة من 50000 دج إلى250000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين .
-إما إذا كانت الإهانة قد ارتكبت بواسطة نشريه ، يخضع الجزاء عندما ترتكب الجريمة بواسطة نشرية للأحكام الخاصة المقررة لجريمتى القذف والسب سواء من حيث المساءلة الجزائية لمدير النشرية ورئيس تحريرها أو من حيث رفع عقوبة الغرامة لتصبح من 500.000الى 2500.000دج (المواد 144 مكرر –144مكرر1 –146) أو من حيث المسؤولية الجزائية النشرية.
هذا ولقد وسع المشرع الجزائري الحماية من الاهانة فجاء بنص المادة 440 ليعاقب الاهانة الموجهة الى مواطن مكلف باعباء خدمة عمومية ****ل التفليسة مثلا اثناء قيامه بأعباء وظيفته أو بمناسبة قيامه بها و هي مخالفة عقوبتها الحبس من 1 ايام الى شهرين وبغرامة من 100 الى 1.000 دج أو احدى هاتين العقوبتين.

الفرع الثاني : العقوبات التكميلية
يجوز لجهة الحكم , في صورة الاهانة الموجهة للأشخاص المذكورين في المادة 144 الأمر بنشر الحكم وتعليقه بالشروط التي يحددها , ويكون النشر على نفقة المحكوم عليه على ان لا تتجاوز هذه المصاريف الحد الأقصى للغرامة المقررة جزاءا للجنحة أي 500.000دج.

الفرع الثالث : تشديد العقوبة
ترفع العقوبة السالبة للحرية في صورة الاهانة الموجهة الى الأشخاص المذكورين في المادة 144 في حالة التعدي بالعنف أو القوة على أحد القضاة او أحد الموظفين أو القواد أو رجال القوة العمومية أو الضابط العموميين في مباشرة اعمالهم وظائفهم أو بمناسبة مباشرتها فتصبح العقوبة الحبس من سنتين الى 5 سنوات.
وهذا ما سوف نراه في المبحث الثاني عند التطرق الى جريمة الاعتداء والتعدي على الموظف.


المبحث الثاني : التعدي على الموظف
إن الشيء الذي يشد الانتباه أن المشرع الجزائري جمع بين جريمة الاهانة والتعدي على الموظف في قسم واحد (القسم الأول من الفصل الخامس .فهل معنى ذلك أن الاهانة والتعدي هما شيء واحد ؟ واذا كانت الاهانة تختلف عن الاهانة فما المغزى من جمعهما معا ؟
بعد ما أن تطرقنا في المبحث الأول الى جريمة اهانة الموظف و أركانها والعقوبات الموقعة على مرتكبها , سوف نحاول في هذا المبحث كذلك أن نتطرق الى أركان الجريمة (جريمة التعدي ) وعقوبتها حتى يتضح لنا الاختلاف بينها وبين جريمة الاهانة.

المطلب الأول : أركان الجريمة :
جريمة التعدي (العتداء ) من جرائم العنف نص عليها المشرع الجزائري في المادة 148 ق ع ج
والتعدي يقصد به : تلك الأعمال المادية التي و ان كانت لا تصيب جسم الضحية مباشرة فانها تسبب له انزعاجا او رعبا شديد من شأنه ن يؤدي الى اضطراب في قواه الجسدية او العقلية , ومن هذا القبيل اطلاق عيار ناري لاحداث الرعب في نفس شخص , وتهديد شخص بمسدس أو سكين أو بمذراة أو بعصا , والبصق في وجه شخص أو قذفه بالماء , وارسال الشخص ظرفا يحتوي على قاذورات أو رسائل تحتوي على صور لأكفان( ).

الفرع الأول : صفة الجني عليه
المشرع الجزائري في المادة 148 من ق ع جزائري اشترط لقيام جريمة التعدي صفة للمجني عليه وهي نفسها المشترطة لقيام جريمة الاهانة المنصوص عليها في المادة 144 ق ع ج والتي سبق بيانها في الفرع الأول من المبحث الأول لجريمة الاهانة والمتمثلة أساسا في أن يكون المجني عليه قاضيا أو موظفا أو ظابطا عموميا أو قائدا أو أحد رجال القوة العمومية أو عضوا محلفا.

الفرع الثاني : صور التعدي
يأخذ التعدي العديد من الصور و الأشكال تتمثل أهمها فيما يلي :
1-ضرب والجرح
أ-الضرب: يراد بالضرب كل تأثيرا على جسم الانسان ولا يشترط أن يحدث جرحا أو يتخلف عنه أثر أو يستوجب علاجا.
وهكذا قضت المحكمة العليا بأن " فعل الضرب معاقب عليه وفي حد ذاته أيا كانت النتيجة المترتبة عليه , لذلك يعتبر مخالفا للقانون ويستوجب النقض قرار غرفته الاتهام التي بعد أن تأكدت من أن المتهم قام بايذاء الضحية قضت بانتفاء وجه الدعوى ( ).
ب-الجرح : يراد به كل قطع أو تمزيق في الجسم أو في أنسجة , ويتميز الجرح عن الضرب بأن يترك أثرا في الجسم ويتخل ضمن الجرح , الرضوض والقطوع , والتمزيق والعض والكسر والحروق.
ولا فرق بين الجروح الظاهرية والجروح الباطنية مثل ضرب امرأة حامل يؤدي الى اجهاض , والجرح قد يحصل بفعل شيء مادي قد يكون سلاحا ناريا أو عصا او حجر.
ولا يشترط في أن يكون الضرب على درجة من الجسامة فقد يقع بقبضة اليد أو الرجل أو الكف وقد يقع ايضا باداة مادية .
كما قد تدخل ضمن اعمال التعدي دفع الشخص الى أن يسقط على الأرض , و جلب الشعر , او لمس امرأة على وجهها , جلب شخص من أذنيه , ولوي ذراع شخص ... كذلك يدخل التهديد ( ), ضمن الاعتداء سواء كان التهديد باستخدام سلح ناري او سلاح ابيض أو بعصا و تهديد بالكلام ...الى غير ذلك.
مناسبة التعدي :
قد يقع التعدي على الموظف أثناء تأدية الوظيفة وفي مكان الوظيفة او بمناسبة تأديتها .
أثناء تأدية الوظيفة :
يقصد بها لاعتداء على المجني عليه وفي مكان وخلل قيامه بوظيفة ويستوي في ذلك ان كان الموظف يؤدي وظيفته بطريقة غير شرعية , أو محل توقيف عن العمل أو موظف مؤقت أو متعاقد .
ب-بمناسبة تأدية الوظيفة
يصدق التعدي حى على الموظف أو عون لأمن او رجل الدرك الوطني الذي يكون مرتديا بدلته النظامية خارج اوقات العمل او هو في طرقه الى عمله او عند مغادرته مكان العمل .

الفرع الثالث : القصد الجنائي :
تشترط جريمة الضرب والجرح العمد أو ممارسة عمل من أعمال العنف أو التعدي القصد العام والقصد الخاص.
ويتوفر ذلك من ارتكب الجاني فعله عن ارادة وعلم بان هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم الضحية أو بصحته أو ايلامه أو ازعاج قد يؤدي الى اضطراب في قوى الضحية الجسدية أو العقلية , ولا يهم اذا كانت نية الفاعل محدودة بشخص معين فمن يلقي حجرا على مجموعة من الأشخاص ويصيب احدهم يعد مرتكبا للجريمة ولا تأثير ايضا للغلط في شخص الضحية أو في شخصيتها , كما لا دخل للباعث ولا تاثير له على قيام المسؤولية .

المطلب الثاني : قمع الجريمة
الفرع الأول : العقوبات الأصلية
تعاقب المادة 148 ق ع جزائري على جريمة الاعتداء بالعنف على أحد القضاة أو الموظفين أو القواد أو رجال القوة العمومية او الضباط العموميين بعقوبة جنحية وهي الحبس من سنتين الى 5 سنوات.
وتشتد العقوبة الجنحية لهذه الجريمة في حالة ما اذا :
-ترتب عن العنف اسالة دماء او جرح او مرض أو وقع عن سبق اصرار او ترصد وضد احد القضاة او العضاء المحلفين في جلسة محكمة او مجلس قضائي (م 148 /ف2) فتكون العقوبة هي السجن لمؤقت من خمس سنوات الى عشر سنوات.

الفرع الثاني : العقوبات التكميلية :
تتمثل في امكانية (جوازية )حرمان لجاني المحكوم عليه بالحبس من مباشرة الحقوق الوطنية لمدة سنة على الأقل و 5 سنوات على الأكثر والتي تبدأ من اليوم الذي تنفذ فيه العقوبة والحكم عليه بالمنع والاقامة من سنتين الى 5 سنوات (م 148/ ف2).

الفرع الثالث: تشديد العقوبة :
تشتد لعقوبة لهذه الجريمة لتاخذ وصف جناية في حالة ما اذا :
1-ترتب عن العنف تشويه أو بتر احد الأعضاء أو عجز عن استعماله , أو فقد النظر أو فقدان ابصار احدى العينين او اية عاهة مستديمة ( ) فتكون العقوبة في هذه الحالة السجن المؤقت من عشر الى عشرين سنة (م 148 ف3).
2-في حالة ما اذا أدى العنف لى الموت وكان قصد الفاعل هو احداثه تكون العقوبة الاعدام (م 148 ف 5)
3-في حالة اعمال العنف المفضية الى الوفاة دون قصد احداثها : وفي هذه الحالة لا يشترط أن يحصل الموت عقب الاصابة مباشرة فقد يحدث بعد الاصابة بزمن طال او قصر ولكن يشترط وجود الرابطة السببية الضرب والوفاة.
فمن يثبت ان الضرب الذي وقع من المتهم هو السبب الأول المحرك لعوامل أخرى متنوعة تعاونت على احداث وفاة الضحية كالحالة الصحية او الشيخوخة قامت مسؤولية الفاعل.
وللخبرة الطبية في هذه الحالة دور أساسي اذا يشترط في هذه الحالة توافر رابطة سببية بين الضرب الذي أوقع ه الجاني على الضحية ووفاة هذه الأخيرة.
وفي هذه الحالة تكون العقوبة السجن المؤبد (م 148 ف 4).

المراجع :
أولا: الكتب
1-د: أحسن بوقسيعة,الوجيز في القانون الجنائي الخاص, الجزء الأول,دار هومه ط 2003 الجزائر.
2- د: أحسن بوقسيعة,الوجيز في القانون الجنائي الخاص, الجزء الثاني,دار هومه ط 2003 الجزائر.
3-د: زكي أبو عامر, قانون العقوبات, القسم الخاص, الدار الجامعية للطباعة و النشر, بيروت ط 1984.
4-د: عمار بوضياف, الوجيز في القانون الإداري, دار الريحانة الجزائر 1999.
5-د: عبد الله أوهايبيا, محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري, ألقيت على طلبة السنة الثانية حقوق السنة الجامعية 2001-2002 جامعة الجزائر كلية الحقوق.
6-د: عبد الله عبد الغني بسيوني, النظم السياسية, دراسة لنظرية الدولة و الحكومة و الحقوق و الحريات العامة في الفكر الإسلامي و الفكر الأوروبي, الطبعة الرابعة 2002, منشأة المعارف بالاسكندرية.
7-د: عبد العزيز عبد المنعم خليفة, أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة, الطبعة الأولى 2002, دار الفكر الجامعي, الاسكندرية.
8-د: فتوح عبد الله الشاذلي, شرح قانون العقوبات, القسم الخاص, الكتاب الأول لجرائم المضرة بالمصلحة العامة 2001, دار المطبوعات الجامعية, الاسكندرية.
9-د: مصطفى أبو زيد فهمي, النظم الدستوري للجمهورية العربية المتحدة, دار المعارف 1965.
10-د: محمد صبحي نجم, قانون العقوبات, القسم الخاص, الجرائم المخلة بالمصلحة العامة و الثقة العامة و الجرائم الواقعة على الأموال وملحقاتها, مطبعة دار الثقافة للنشر و التوزيع, الطبعة الأولى 2001.
11-د: محمد رفعت عبد الوهاب, حسين عثمان محمود, مبادئ القانون الإداري, ط 2001, دار المطبوعات الجامعية الاسكندرية.
12-د: محمد الطماوي سليمان, الوجيز في القانون الإداري, دراسة مقارنة, ط1986, مطبعة عين شمس, مصر.
13-محمد الطالب يعقوبي, قانون العقوبات, مع التعديلات التي أدخلت عليه, 1999, قصر الكتاب, البليدة.

ثانيا:النصوص الرسمية
أ-الدستور
-دستور الجمهورية الجزائرية لسنة 1963
- دستور الجمهورية الجزائرية لسنة 1976
- دستور الجمهورية الجزائرية لسنة 1989
-دستور الجمهورية الجزائرية لسنة 1996
ب-النصوص التشريعية(القوانين العضوية, القوانين, الأوامر)
1-الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 02 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العامة.
2-الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون الجراءات الجزائية.
3-المر رقم 66-156 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم بالقانون 01-09 المؤرخ في 26 جوان 2001.
4-المر رقم 67-90 المؤرخ في 17 جوان 1967 المتضمن قانون الصفقات العامة.
5-الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26-09-1975 المتضمن القانون التجاري.
6- القانون المؤرخ في 12-07-1989 المتضمن تنظيم مهنة التوثيق.
7- القانون المؤرخ في 12-12-1989 المتضمن القانون الأساسي للقضاء.
8- قانون رقم 91-03 المؤرخ في 08-01-1991 المتضمن تنظيم مهنة المحضرون.
9- قانون رقم 91-04 المؤرخ في 08-01-1991 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة.
10-الأمر المؤرخ في 10-01-1996 الخاص بمحافظي البيع بالمزايدة.
11- الأمر المؤرخ في 09-07-1996 المتضمن تنظيم مهنة الوكلاء المتصرفون القضائيون.
ج-النصوص التنظيمية(أهم المراسيم)
1-المرسوم رقم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 المتضمن صفقات المتعامل العمومي.
2-المرسوم التنفيذي المؤرخ في 25-07-1990 الخاص بالذين يمارسون وظائف عليا في الدولة.
3-المرسوم المؤرخ في 28-07-1990 المتضمن القانون الأساسي لكتاب الضبط.
4-المرسوم التنفيذي رقم 91-434 المؤرخ في 09 نوفمبر 1991 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية.  [/p]

 

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الموضف ، العام ، الحماية ، العقوبة ، المقرر ، الجزائر ،









الساعة الآن 11:47 PM