logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





08-01-2016 11:34 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-12-2014
رقم العضوية : 1381
المشاركات : 184
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 50
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

جريمة الزنا في القانون الجزائري
دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون

مقدمة
المبحث الأول: جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
المطلب الثاني : أركان جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
المبحث الثاني : أدلة الإثبات على جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
المطلب الأول : الشهادة
المطلب الثاني : اقرار
المطلب الثالث : القرائن
المبحث الثالث : عقوبة جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
المطلب الأول : عقوبة البكر وعقوبة المحصن
المطلب الثاني : الإحصان وشروطه
المبحث الرابع : جريمة الزنا في القانون الوضعي
المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون الوضعي
المطلب الثاني : أركان جريمة الزنا
المبحث الخامس : أدلة الإثبات على جريمة الزنا في القانون الوضعي
المطلب الأول : إثبات الجريمة
المطلب الثاني : شكوى الزوج المضرور
المبحث السادس : عقوبة جريمة الزناوالفاحشة بين ذوي المحارم
المطلب الأول: عقوبة جريمة الزنا
المطلب الثاني: الفاحشة بين ذوي المحارم (أركانها وعقوبتها)
خاتمـة

مقدمة
إن التعارض بين الحقوق وجد في المجتمع منذ الأزل , وهذا راجع الى الروابط الأجتماعية و الأقتصادية و السياسية بين الأفراد ,فالأنانية الفردية وجدت منذ بدئ الخليقة ولهذا لابد أن تحدها وتنظمها القواعد التي تفرضها السلطة العامة وأن تتدخل هذه الأخيرة لتحد من تمادي الأفراد أو اساءتهم للآخرين عند استعمال حقهم حتى يتجه المجتمع نحو التقدم في ظل النظام و الأمن والسكينة وهذا بوضغ قوانين تحدد الجزاء لكل فعل أو جريمة يراهاالمجتمع مضرة بأفراده ,فالجريمة اذن هي اتيان مجرم معاقب على فعله,أوترك فعل مجرم الترك معاقب على تركه ,أو هي فعل أو ترك ما نصت الشريعة على تحريمه والعقاب علبه و الفعل والترك لا يعتبر جريمة الآ اذا تقررت عليه عقوبة .
وتتفق الشريعة تمام الآتفاق مع القوانين الوضعية الحديثة في تعريف الجريمة بحيث تعرف هذه القوانين الجريمة بانها عمل غير مشروع يحرمه القانون أو امتناع عن عمل يقضي به القانون .ولا يعتبر الفعل أو الترك جريمة في نظر القانون الا اذا كان معاقبا عليه وفق التشريع الجنائي ,وتتفق الشريعة الأسلامية مع القوانين الوضعية في أن الغرض من تقرير الجرائم و العقاب عليها هو حفظ مصلحة الجماعة و صيانة نظامها و ضمان بقاءها وتختلف القوانين الوضعية عن الشريعة من جهة, اذ تعتبر هذه الأخيرة الأخلآق الفاضلة أولى الدعائم التي يقوم عليها المجتمع ولهذا فهي تحرص على حماية هذه الأخلآق وتتشدد في حمايتها بحيث تكاد تعاقب على كل الأفعال التي تمس بالأخلأق ,
أما القوانين الوضعية فتكاد تهمل المسائل الأخلاقية اهمالا تاما ولا تعنى بها اذا اصاب ضررها المباشر الأفراد أو الأمن أو النظام العام فلا تعاقب القوانين الوضعية على مثلا الزنا_والتي هي موضوع دراستنا في هذا البحث_ الا اذا أكره أحد الطرفين الآخر أو كان الزنا بغير رضاه رضاء تاما , لان الزنا في هاتين الحالتين يمس ضرره المباشر الأفراد , كما يمس الأمن العام ,أما الشريعة فتعاقب على الزنا في كل الأحوال والصور لأنها تعتبر الزنا جريمة تمس الأخلاق واذا فسدت الأخلاق فقد فسدت الجماعة وأصابها الانحلال و أصبحت الاباحية هي القاعدة والأخلاق الفاضلة هي الاستثناء ولعل أشد ما تواجهه البلاد الغربية من أزمات اجتماعية وسياسية يرجع الى اباحة الزنا, فقد قل النسل في بعض الدول قلة ظاهرة تنذر بفناء هذه الدول أو توقف نموها وهذا راجع أولا وأخيرا الى امتناع الكثيرين عن الزواج والى العقم الذي انتشر بين الأزواج, ولا يمتنع الرجل عن الزواج الا لأنه يستطيع أن ينال من المرأة ما يشاء في غير حاجة الى الزواج, وقد ادى شيوع الزنا الى مقاومة الحمل من جهة وانتشار الأمرض من جهة أخرى, ولهذا فالزنا من أخطر الجرئم الاجتماعية وأن مصلحة الجماعة تقتضي تحريمه في كل الصور,ولقد كانت البلاد الاسلامية على العموم أكثر البلاد اقبالا على الزواج وبعدا عن الاباحية ولكن اباحة الزنا على الطريقة الأوربية نفل اليها نفس الأمراض التي يشكو منها المجتمع الأوروبي و انحط مستوى الأخلاق والآداب العامة.
والاشكال الذي نحن بصدد طرحه في موضوعنا هذا
_ماهي نظرة كل من الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي الى جريمة الزنا؟
_ماهي الطرائق المعتمدة في اثبات جريمة الزنا في كل من الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي؟
_ماهو القانون الأصلح لمحاربة هذه الجريمة و الحد منها ولماذا؟

المبحث الأول : جريمة الزنا في الشريعة الاسلامية
تعد جريمة الزنامن جرائم الحدود السبع وهي القذف,شرب الخمر,السرقة,الحرابة,الردة,البغي و أخيرا الزنا .والحدلغة هو المنع واصطلاحا هو العقوبة المقدرة حقا لله تعالى وهذا يعني أنها مقدرة لصالح الجماعة وحماية نظامها واوالفقهاء حينما ينسبون العقوبة لله تعالى فيقولون أنها حق لله و يعنون بذلك أنها لاتقبل الاسقاط لا من الأفراد ولا من الاالجماعاتوعلى هذا الأساس تعاقب الشريعة الاسلامية على الزنا باعتباره ماسا بكيان الجماعة وسلامتها اذ أنه اعتداء ششديد على نظام الأسرة وهي الأساس التي تقوم عليه الجماعة و الشريعة الاسلامية شديدة الحرص على بقاء الجماعة ممتماسكة وقوية.
المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في الشريع الاسلامية
يعرف الزنا عند الماكيين بأنه وطء مكلف فرج آدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمدا .
ويعرفه الحنفين بأنه وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك و شبهة الملك. ويعرفه الشافعيون بأنه ايلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من الشبهة مشتهى طبعا. ويعرفه الحنابلة بأنه فعل الفاحشة في قبل أو دبر.
ويتبين لنا من هذه التعاريف أن الفقهاء يختلفون في تعريف الزنا,ولكنهم مع هذا الاختلاف يتفقون في أن الزنا
هو الوطء المحرم المتعمد وعلى هذا الأساس فهم متفقون على أن لجريمة الزنا ركنين أولهما الوطء المحرم و ثانيهما تعمد الوطء أو القصد الجنائي(1).
المطلب الثاني : أركان جريمة الزنا
وسنتناول أثناء الحديث على هذه الأركان أوجه الاختلاف بين الفقهاء .
الركن الأول : الوطء المحرم
1- الوطء المعتبرزنا هو الوطء في الفرج, بحيث يكون الذكر في الفرج كالميل في المكحلة و الوشاء في البئر, يكفي لاعتبار الوطء زنا أن تغيب الحشفة على الأقل في الفرج أو مثلها ان لم يكن للذكر حشفة و لايشترط على الرأي الراجح أن يكون الرجل منتشرا.
ويعتبر الوطء زنا ولو كان هناك حائل بين الذكر والفرج ما دام هذا الحائل خفيفا لا يمنع الحس و اللذة و القاعدة أن الوطء المعتبر زنا هو الذي يحدث في غير ملك (2).
2- الوطء في الدبر ويستوي عند مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة أن يكون الوطء المحرم في فبل أو دبر من أنثى أو رجل , حجتهم في التسوية أن الوطء في الدبر مشارك للزنا في المعنى الذي يستدعي الحد وهو الوطء المحرم ,فهو داخلتحت الزنا دلالة فضلا عن أن القرآن سوى بينهما فقال تعالى و الخطاب موجه الى قوم لوط "انكم تأتون الفاحشة" وقال "انكم تأتون الرجال شهوة من دون النساء" وقال"و اللذان يأتيانها منكم آذوهما".فجعل
ـــــــــــــــــــــــ
(1) عبد القادر عودة- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني ص 349
(2) نفس المرجع ص.350
الوطء في الدبر فاحشة و الوطء في القبل فاحشة فسمى أحدهما بما سمى به الآخر ,وروى ابو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "اذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان,واذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان ". ويرى أبو حنيفة أن الوطء في الدبر لا يعتبر زنا سواء كان الموطوء ذكرا أم أنثى ,وحجته أن الاتيان في القبل يسمى زنا و الاتيان في الدبر يسمى لواطا واختلاف الأسامي دليل على اختلاف المعاني ,ولو كان اللواط زنا لما اختلف اصحاب الرسول في شأنه,فضلا عن أن الزنا يؤدي الى اشتباه الأنساب وتضييع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط كما أن العقوبة تشرع دائما لما يغلب وجوده و الزنا وحده هو الغلب لأن الشهوة المركبة في الرجل تدعو اليه أما اللواط فليس في طبيعة المحل ما يدعو اليه,
3- وطء الأموات يرى الامام أحمد و الشافعي أن هذا الفعل يعتبر زنا يجب فيه الحد اذا لم يكن بين الزوجين لأنه وطء محرم بل هو أعظم من الزنا وأكثر ويرى الامام مالك أن من أتى ميتة في قبلها أو دبرها حال كونها غير زوج له فانه يعتبر زانيا و يعاقب بعقوبة الزنا بخلاف من وطء زوجته الميتة فانه لاحد عليه.
4 - وطء العاقل لصغيرة أو مجنونة يرى الامام مالك أن الوطئ يحد لاتيان المجنونة الكبيرة ويحد كذلك لاتيان الصغيرة المجنونة أو غير المجنونة كلما أمكنه وطؤها ,ويرى ابو حنيفة وأصحابه أن العاقل البالغ اذا زنى بمجنونة أو صغيرة وجب عليه الحد و للشافعي نفس الرأي في هذا الشأن. كما للامام أحمد نفس الرأي .
5 - وطء المحارم وطء المحارم زنا يجب فيه الحد .فاذا تزوج شخص ذات محرم منه فالنكاح باطل اتفاقا, فان وطئها فعليه الحد في قول مالك و الشافعي وأحمد ولكن أبى حنيفة يرى أن من تزوج امرأة لا يحل له نكاحها كأمه أو ابنته أو عمته أو خاته فوطئها لم يجب عليه الحد و لو اعترف بأنه يعلم أنها محرمة عليه وانما يعاقب على فعلته بعقوبة تعزيرية.
6 - الوطء في نكاح باطل وهو نكاح يجمع على بطلانه كنكاح خامسة أو متزوجة أو معتدة أو نكاح المطلقة ثلاثا قبل أن تنكح زوجا آخر اذا وطىء فيه فهو زنا موجب للحد, ولا عبرة بوجود العقد ولا أثر له, وبذلك قال مالك و الشافعي وأحمد ولكن أبى حنيفة يرى أن وجود العقد شبهة تدرأ وجوب الحد و من ثم فعقوبة الوطء عنده هي التعزير.
7 - الوطء بالاكراه ومن المتفق عليه أنه لاحد على مكرهة على زنا لقوله تعالى"وقد فل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه " ولقوله " فمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا اثم عليه "ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "عفى لأمتي عن الخطأ و النسيان زاستكرهوا عليه " و لأن الاكراه يعتبر شبهة للقائلين بالشبهة . و الحدود تدرأ بالشبهات ، وواذا اكره الرجل على الزنا فعليه الحد وهذا الرأي هو عند الامام مالك والشافعي وأحمد وحجتهم في ذلك أن المرأة تكره لن وظيفتها التمكين اما الرجل لا يكره مادام ينتشر, لن الانتشار دليل الطواعية. ومقتضى هذا الرأي اذا لم يكن انتشارا وثبت الاكراه فلا حد و الرأي الراجح في هذه المذاهب جميعا أنه لاحد على الرجل اذا أكره لن الاكراه يتساوى أمامه الرجل والمرأة و اذا مكنت الورأة مكرها من نفسها دون ان يقع عليها الاكراه فعليها الحد دونه, لأن فعلها زنا, و لنها ليست مكرهة, وهذا مسلم به في جميع المذاهب.
8 - الرضاء بالوطء الرضاء بالوطء لا يعبر شبهة باتفاق, فمن وطئ امرأة أجدنبية أباحت نفسها له فهو زان, ولو كان ذلك باذن وليها أو زوجها لن الزنا لايستباح بالبذل و الاباحة وليس لحد أن يحل ما حرم الله, فان أحلت امرأة نفسها فاحلالها نفسها باطل وفعلها زنا محض و لو أن امرأة دلست نفسها أو غيرها لجنبي فوطئها وهو يظن أنها امرأته فلا حد على الرجل و المرأة الموطوءةة زانية , اما المدلسة فلا تعتبر زانية وعليها التعزير.
9 - الزواج الاحق و الزواج الاحق بالمزنى بها شبهة تدرأ الحد في رواية ابي يوسف عن أبي حنيفة, فمن زنا بامرأة ثم تزوجها فلا يحد طبقا لهذه الرواية, وفي رواية الحسن ومحمد أن الزواج العارض بعد الزنا لايعتبر شبهة لأن الوطء وقع زنا محضا لمصادفته محلا غير مملوك للواطئ, ولإن الزواج ليس له أثر رجعي فلا يمتد أثره لوقت الوطئ والروية الأخيرة تتفق مع مايراه جمهور الفقهاء فهم يرون أن من زنا في المرأة ثم تزوجها فلا أثر لزواجه على الجريمة التي أرتكبها وولا على العقوبة المقررة لها لإن الحد قد وجب بالزنا السابق فلا يسقطه الزواج اللاحق.
وطـء من وجب عليه القصاص : ومن وجب له القصاص على إمرأة فوطأها وجب عليه الحد ، ولا يعتبر إستحقاقه القصاص عليها شبهة تدرأ الحد لأن حق القصاص إذا أباح له قتلها فإنه لا يبيح له فرجها أو الإستمتاع بها .
العجز عن إدعاء الشبهة : يرى أبو حنيفة أن عجز الجاني عن إدعاء الشبهة يعتبر بذاته شبهة دارئة للحد ، فالزاني الأخرس والزانية الخرساء لا يحدان ولو ثبت الزنا ضدهما بشهادة الشهود ، لإنهما يعجزان عن ىإدعاء الشبهة .
وكذلك المجنون الذي زنا حال افاقته بل يذهب ابو حنيفة الى أن الأخرس لا يحد باقراره اذا أقركتابة أو اشارة , لأن الاقرار المعتبر عنده هو الاقرار بالخطاب و العبارة دون الكتابة و الاشارة ويرى مالك والشافعي و أحمد أن عجز الجاني عن ادعاء الشبهة لا يعتبر شبهة ويحد الأخرس و المجنون اذا ثبت الزنا بالبينة, وكذلك يقبلون ااقرار الأخرس ولو بالكتابة واقراره بالاشارة كلما امكن فهم اشارته دون شك فيها
12- انكار أحد الزانيين يرى ابو حنيفة أن انكار أحد الزانيين يعتبر شبهة اذا أقر الآخر ولم يكن دليل غير الاقرار, فلا يعاقب المنكر لأنه لا دليل عليه الا اقرار المتهم الآخر والاقرار حجة قاصرة على المقر, ولا يحد المقر لأننا صدقنا المنكر في انكاره, فصار المقر محكوما بكذبه, و تعليل ذلك أن الحد انتفى في حق المنكر بدليل موجب للنفي عنه فأورث شيهة الانتفاء في حق المقر, اذ الزنا فعل واجد لايقع الا من شخصين فان تمكنت فيه الشبهة نفذت الى طرفيه,وهذا لأن المقر بالزنا ما أقر بالزنا مطلقا وانما أقر بالزنا مع آخر منكر فاذا درأ الشرع عن هذا الأخير عين ما أقر به المقر فيندرئ الفعل عن المقر ضرورة. ولكن أبو يوسف ومحمد يريان ما يراه مالك و الشافعي و أحمد من أن المقر يحد باقراره, ولا يؤثر على عقوبته انكار الطرف الآخر,لأن الاقرار حجة في حق المقر, وعدم ثبوت الزنا في حق المنكر لا يورث شبهة العدم في حق المقر ,
13- إدعاء أحد الطرفين الزوجية اذا أقر أحد الطرفين بالزنا. فادعى الطرف الآخر الزوجية, فيرى ابو حنيفة زأحمد أن لايحد منهما لأن دعوى النكاح تحتمل الصدق وبتقدير صدق مدعي النكاح منهما يكون ادعاء النكاح شبهة. ويسقط الحد لاحتنمال صدق دعوى النكاح ويرى مالك والشافعي حد المقر ما لم يثبت الزوجية, واذا ضبط رجل يطأ امرأة فادعى الرجل والمرأة الزوجية, فالقول قولهما على ما يرى جمهور الفقهاء ما لم يشهد الشهود بزناهما, الا أنت مالكا يوجب عليهما أن يثبت الزوجية, فاذا شهد الشهود بزناهما فلا يسقط ادعاء الزوجية الحد الا اذا أقاما البينة على النكاح, لأن الشهادة بالزنا تنفي كونهما متزوجين فلا تبطل بمجرد قولهما, ويرى البعض اسقاط الحد اذا لم يع_لم كونها أجنبية عنه لأن ما ادعياه محتمل فلا يكون ذلك شبهة.
14- بقاء البكارة ان عدم زوال البكارة يعتبر شبهة في حق المشهود عليها بالزنا عند ابي حنيفة والشافعي وأحمد فاذا شهد أربعة على امرأة بالزنا, وشهد تقاة من التساء بانها عذراء فلا حد عليها للشبهة ولا حد على الشهود ولكن مالكا يرى الحد على المرأة, لأن المثبت مقدم عنده على النافي و لأن من المحتمل أن يحصل الوطءدون أن يترتب عنه ازالة البكارة .
الركن الثاني : تعمد الوطء
يشترط في جريمة الزنا أن يتوفر لدى الزاني أو الزانية نية العمد أو القصد الجنائي, ويعتبر القصد الجنائي متوفرا اذا ارتكب الفعل وهو يعلم أنه يطأ امرأة محرمة عليه, أو اذا مكنت الزانية من نفسها وهي تعلم أن من يطأها رجل محرم عليها فان أتى أحدهما الفعل متعمدا و هو لا يعلم بالتحريم فلا حد عليه كمن زفت اليه غير زوجته فوطئها على أنها زوجته, أوكمن كمن زفت الى غير زوجها فمكنته من نفسها على أنه زوجها,وكمن وجد في فراشه امرأة فوطئها على أنها زوجته, او كمن وجدت في فراشها رجلا فمكنته معتقدة انه زوجها. وكمن تزوجت ولها زوج آخر كتمته عن هذا الأخير فلا مسؤولية على الزوج الأخير مادام لايعلم بالزواج الأول. وكمن مكنت مطلقها طلاقا بائنا وهي لاتعلم لاتعلم أنه طلقه. ويشترط أن يعاصر القصد الجنائي اتيان الفعل المحرم, فمن قصد أن يزني بامرأة فتصادف أن وجدها في فراشه فأتاها على أنها امرأته لا يعتبر زانيا لانعدام القصد الجنائي وقت الفعل كذلك لو قصد اتين امرأة أجنبية فأخطأها و أتى امرأته فلا يعتبر زانيا ولو كان يعتقد أنه يأتي الأجنبية لأن الوطء الذي حدث غير محرم. و الأصل في الشريعة الاسلامية أنه لايحتج في دار الاسلام بجهل الأحكام فلا يقبل من أحد أن يحتج بجهل تحريم الزنا, و بالتالي انعدام القصد الجنائي, و لكن الفقهاء يبيحون استثناء الاحتجاج بجهل الأحكام بمن لم تيسر له ظروفه العلم بالأحكام كمسلم حديث العهد بالاسلام لم ينشأ في دار الاسلام وتحتمل ظروفه أن يجهل التحريم, أو كمجنون أفاق وزنا قبل أن يعلم بتحريم الزنا ففي هاتين الحالتين و أمثالهما يكون جهل الأحكام علة لنعدام القصد الجنائي.
و اذا ادعى الجاني الجهل بفساد نوع من أنواع النكاح أو ببطلانه مما يعتبر أن الوطء فيه زنا, فيرى البعض أن لايقبل احتجاجه بجهل الحكم, لأن فتح هذا الباب يؤدي لاسقا الحد, و لن المفروض في كل فرد أن يعلم ما حرم عليه ويرى البعض قبول الاحتجاج لأن معرفة الحكم تحتاج لفقه و تخفى على غير أهل العلم, و أصحاب هذا الرأي الأخير يجعلون الجهل بالحكم شبهة تدرأ الحد عن الجاني و لا تعفيه من عقوبة التعزير, و مما يؤثر من قضاء الصحابة في هذا الباب أن امرأة تزوجت في عدتها في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما عرض عليه الأمر قال:هل علمتما ؟ فقالا: لا. فقال: لو علمتما لرجمتكما, فجعلهما أسوطا ثم فرق بينهما.
وأتت امرأة الى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت ان زوجي زنا بجارتي. فقال الزوج صدقت هي ومالها لي حل, فدرأ علي عن الرجل الحد بادعاء الجهالة, و يلاحظ أن هناك فرقا بين قول الاحتجاج بجهل تحريم الزن وقبول الاحتجاج بجهل فساد النكاح أو بطلانه, فقبول الاحتجاج الأول يؤدي الى اعفاء الجاني من العقوبة على أساس انعدام القصد الجنائي, وفبول الاحتجاج الثاني عند من يقبله لا يعدم القصد الجنائي وانما يقوم الاحتجاج شبهة تؤدي الى درء الحد و لا تمنع من عقوبة التعزير.

المبحث الثاني : أدلة الاثبات على جريمة الزنا في الشريعة الاسلا مية .
لا تثبت جريمة الزنا المعاقب عليها بالحد الا بأدلة خاصة وهي: الشهادة, الاقرار, القرائن. وسنتكلم عن هذه الأدلة وحدا تلوى الآخر مع ملاحظة أن الاثبات بالقرئن مختلف عليه.
المطلب الأول: الشــــــهادة
- من المتفق عليه أن الزنا لا يثبت الا بشهادة أربعة شهود, و هذا اجماع لا خلاف فيه بين أهل العلم لقوله تعالى :"و اللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليه أربعة منكم" و قوله :"و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" وقوله:"لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون"ولقد جاءت السنة مؤكدة لنصوص القرآن, و من ذلك أن سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت ان وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم. و للشهادة شروط يجب أن تتوفر في الشهود وهذه الشروط معينة بعضها عام يجب توفره في كل شهادة وبعضها خاص يجب توفره في الشهادة على الزنا .
الشروط العامة للشهادة : وهذه الشروط هي :
أولا : البلوغ :
يشترط في الشهد أن يكون بالغا،وذلك لقوله تعالى :"واستشهدوا شاهدين من رجالكم، فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهادة"
ثانيا : العقل :
يشترط في الشاهد أن يكون عاقلا, و العاقل من عرف الواجب عقلا, الضروري وغيره,و الممكن و الممتنع, وما يضره وما ينفعه غالبا, فلا تقبل شهادة لا مجنون ولا معتوه, وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:" رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ, وعن النائم حتى يستيقظ, وعن المجنون حتى يفيق"
ثالثا : الحفظ :
ويشترط في الشاهد أن يكون قادرا على حفظ الشهادة, وفهم ما وقع بصره عليه, مأمونا على ما يقول., فان كان مغفلا لم تقبل شهادته. ويلحق بالغفة الغلط وكثرة النسيان, ولكن تقبل الشهادة ممن يقل منه الغلط, لأن أحدا لا ينفك من الغلط.
رابعا : الكلام :
يشترط في الشاهد أن يكون قادرا على الكلام فان كان أخرس فقد اختلف في قبول شهادته ففي مذهب مالك يقبلون بشهعادة الأخرس اذا عرفت اشارته وفي مذهب أحمد عكس ذلك الا اذا كان يستطيع الكتابة فأدى الشهادة بخطه, وفي مذهب أبي حنيفة لا تقبل شهادة الأخرس سواء كانت بالاشارة أو بالكتابة وفي مذهب الشافعي خلاف على قبول شهادة الأخرس, منهم من قال تقبل لأن اشارته كعبارة الناطقفي نكاحه وطلاقه فكذلك في الشهادةومنهم من قال لاتقبل لأن اشارته أقيمت مقام العبارة في موضع الضرورة, وقد قبلت في النكاح والطلاق للضرورة لأنهما لايستفيدان الا من جهته, و لاضرورة تدعو لقبول اشارته في الشهادة لأنها تصح من غيره بالنطق ومن ثم لا تجوز اشارته.
خامسا : الرؤية :
يشترط في الشاهد أن يرى ما يشهد به, فان كان الشاهد أعمى فقد اختلف في قبول شهادته, فالحنفين لا يقبلون شهادة الأعمى, لأن أداء الشهادة يحتاج لأن يشير الشاهد الى الشخص المشهود عليه, و لأن الأعمى لا يميز الا بالنغمة وفي تمييزه شبهة زهم لايقبلون شهادة من كان أعمى وقت أداء الشهادة ولو كان بصيرا وقت تحمل الشهادة و الأصل في مذهب أبي حنيفة أن شهادة الأعمى لا تقبل سواء فيما كانت طريقة الرؤية, وما كان طريقه السماع والشهرة والتسامع, و يقبل المالكيون شهادة الأعمى في الأقوال, و لو كان قد تحملها بعد العمى مادام فطنا لا تشتبه عليه الأصوات ويتيقن المشهود له والمشهود عليه فان شك في شيئ من ذلك لم تجز شهادته . أما شهادة الأعمى في المرئيات فلا تقبل الا اذا كان تحملها وهو بصير ثم عمي وهو يتيقن عين المشهود له أو يعرفه باسمه ونسبه ويجيز الشافعيون شهادة الأعمى فيما يثبت بالاستفاضة والموةت لأن طريق العلم به السماع , والأعمى كالبصير في السماع ولا يجيزون أن يكون شاهدا فب الأفعال كالقتل والنصب لأن طريقة العلم بها البصر, و لاشاهدا في الأموال كالبيع والاقرار والنكاح والكلاق اذا كان المشهود عليه خارجا عن يده لأن شهادته تقوم على الصوت وحده, والصوت يشبه الصوت. أما اذا كان المشهود عليه في يده كرجل أقر ويد الأعمى على رأسه و شهد بيده ولم يفارقه فتقبل الشهادة لأنها عن علم ويقين, وفي مذهب أحمد يجيزون شهادة الأعمى كلما تيقن الصوت أي أنهم يجيزون شهادته في الأقوال مطلقا. أما في الأفعال فيجيزون شهادته في كل ما تحمله قبل العمى اذا عرف المشبوه عليه باسمه ونسبه.
سادسا : العدالة :
لا خلاف في اشتراط العدالة في سائر الشهادات فيجب أن يكون الشاهد عدلا لقوله تعالى :"وأشهدوا ذوي عدل منكم " وقوله:"ان جاءكم فلسق بنبأ فتبينوا"فأمر جل شأنه بقبول شهادة العدل و بالتوقف في نبأ الفاسق, والشهادة نبأ فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمرعلى أخيه, و لا تجوز شهادة القانع لأهل البيت." وفي رواية أخرى :" لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه". و العدالة كما يعرفها المالكيون على أنها المحافظة الدينية على اجتناب الكبائر وتوقي الصغائر وأداء الأمانة و حسن المعاملة, و ليست العدالة أن يمحص النسان الطاعة حتى لا تشوبها معصية اذ ذلك متعذر لا يقدر عليه الا الأولياء والصديقون, ويعرف الحنفيون العدالة على أنها الاستقامة على أمر الاسلام واعتدال العقل ومعارضة الهوى, وليس لكمالها حد يدرك, فيكتفي لقبولها بادنى حدودها و هو رجحان جهة الدين على الهوى والعقل والشهوة, وعندهم العدل هو من لم يطعن في بطن ولا فرج, وهو من يكون مجتنبا للكبائر غير مصر على الصغائر فمن تجنب الكبائر والصغائر فهو عدل, ومن تجنب الكبائر وفعل الصغائر وكان ذلك نادرا في أفعاله لم يفسق ولم ترد شهادنه لأنه لم يوجد من يمحص الطاعة ولايخلطها بالمعصية, وان كان ذلك غالبا في أفعاله فسق وردت شهادته لأنه من استجاز الكثار من الصغائر استجاز أن يشهد بالزور, فالحكم معلق على الغالب من أفعاله, ويعرف الحنابلة على أنها استواء أحوال الشخص في دينه واعتدال أقواله وأفعاله, ويعتبر لها شيئان:
أولهما :
الصلاح في الدين وهو من مجه أداء الفرائض بسننها الراتبة, فلا تقبل الشهادة لمن داوم على تركها لفسقه, و من وجه اجتناب آخر المحرم فلا يرتكبكبيرة ولا يدمن على صغيرة.
وثانيهما :
استعمال المروءة و هو الاتيان بما يجمله ويزينه وترك ما يدنسه ويشينه.
سابعا : الاسلام :
يشترط في الشاهد أن يكون مسلما,فلا تقبل شهادة غير المسلم سواء كانت الشهادة على مسلم أو غير مسلم وهذا هو الأصل الذي يسلم به جميع الفقهاء, وهو مأخوذ من قوله تعالى:"واستشهدوا شهيدين من رجالكم". وقوله."وأشهدوا ذوي عدل منكم3. ولكن هذا الأصل المتفق عليه له استثناءات مختلف عليها فيرى الحنابلة قبول شهادة الذميين على مثلهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض ولأنهم من أهل الولاية على أنفسهم و أولادهم, فيكونون من أهل الشهادة على جنسهم, و لا يقبل المالكيون والشافعيون شهادة غير المسلمين, وهذا ينفق مع الرواية المشهورة في مذهب أحمد و الرواية المعمول بها.
الشروط الخاصة للشهادة : وهذه الشروط الخاصة هي :
أولا : الذكورة :
يشترط جمهور الفقهاء في الشهود أن يكونوا رجالا كلهم, ولا يقبلون في الزنا شهادة النساء, ذلك أن النصوص قاطعة في أن عدد الشهود لا يقل عن أربعة وأن شهادة الرجل تعادل شهادة امرأتين 3فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى3 واذا كان لفظ الأربعة اسم لعدد الشهود فان ذلك يقتضي الاكتفء بشهادة أربعة, ولا شك في أن اذا كان بعضهم نساء لايكتفي بهم اذ أقل ما يجزىء في الحالة خمسة على فرض أن فيهم امرأة واحدة, وهذا مخالف لنص.
هل يصح أن يكون الزوج شاهدا؟ : لا يجيز مالك وأحمد والشافعي أن يكون الزوج أحد الشهود على زوجته الزانية, لأن الزوج يقذف الزوجت بالزنا, أو لأنه متهم بدعواه أن الزوجة خائنة, ويرى ابو أبو حنيفة أن يكون الزوج أحد الشهود الأربعة, وأنه غير متهم في شهادته لأن التهمة مما توجب جر نفع, و الزوج ملحق على نفسه بهذه الشهادة لحوق العار وخلو الفراش خصوصا اذا كان له منها أولاد صغار,
ثانيا : الأصالة :
يشترط أبو حنيفة الأصالة في الشهود, أي أن يكونوا شهدوا الحادثة بأنفسهم فلا تقبل عنده شهادة الشاهد على الشاهد أي الشهادة السماعية, والعلة في منع الشهادة على الشهادة قيام الشبهة في صحة الشهادة المنقولة, ذلك أن الاحتياط واجب في الحدود و أن الحدود تدرأ بالشبهات فلا تقبل الشهادة للشبهة في صحتها, و الأصل عند الشافعي أن الشهادة على الشهادة تجوز في حقوق الآدميين و فيما لا يسقط بالشبهة من حقوق الله تعالى لأن الحاجة تدعو لذلك عند تعذر شهادة الأصل كالوفاة و المرض والغيبة, أما الحدود المقررة حقا لله تعالى وحد الزنا وحد السرقة وقطع الطريق فانه لايجوز فيها الشهادة على الشهادة لأن حدود الله مبنية على الدرء والاسقلط فلا تثبت الا بما يؤكدها ويوثقها. و القاعدة عند الشافعي أن ما يثبت بالشهادة على الشهادة لا يثبت بكتاب القاضي الا القاضي, لأن الكتاب لا يثبت الا بتحمل القاضي الذي كتبه الشهادة فكان حكمه حكم الشهادة على الشهادة, ويرى أحمد أن الشهادة على الشهادة لا تقبل الا في حق يقبل فيه كتاب القاضي, وترد فيما ترد فيه و لا يقبل كتاب القاضي في حد من حدود الله عند أحمد كالزنا.
و لا يشترط مالك الأصالة في الشهود, فتجوز عنده الشهادة على الشهادة في الحدود وغير الحدود كما يقبل كتاب القاضي الى القاضي في الحدود غير الحدود و القاعدة عند جمهور الفقهاء أن الشهادة على الشهادة لا يجوز الحكم بها الا عند تعذر حضور الشهود الأصلاء كأن يموت الشاهد الأصيل, أو يمرض مرضا يمنعه من الانتقال, أو أن يكون غائبا ومجهول المكان فاذا كان حضور الأصيل ممكنا لم تقبل الشهادة على الشهادة, لأن شهادة الأصل أقوى.
ثالثا : أن لا يتقادم الحد :
يشترط أبو حنيفة لقبول الشهادة أن لا يتقادم حادث الزنا ويحتج لفكرة التقادم لأن الشاهد طبقا لقواعد الشريعة مخير اذا شهد الحادث بين أداء الشهادة حسبة لله تعالى لقوله تعالى ."و أقيموا الشهادة لله".وبين أن يتستر على الحادثة لقوله صلى الله عليه وسلم." من ستر على أخيه المسلم ستر الله عليه يوم الآخرة". فاذا سكت الشاهد عن الحادث حتى قدم العهد دل بذلك على اختيار جهة الستر, فاذا شهد بعد ذلك فهو دليل بأن الضغينة هي التي حملته على الشهادة ومثل هذا لا تقبل شهادته للتهمة و الضغينة, أما مالك والشافعي فلا يعترفان بالتقادم ويقبلان الشهادة المتأخرة و الاقرار بجريمة قديمة و لا ي ردونهما لقدمهما, و في مذهب أحمد رأيان أحدهما يتفق مع أبي حنيفة و الثاني يتفق مع رأي مالك والشافعي وهو الرأي المعمول به في المدهب.
رابعا : أن تكون الشهادة في مجلس واحد :
يشترط عند مالك وأبي حنيفة وأحمد أن يتقدم الشهود بشهادتهم في مجلس قضائي واحد, و ليس من الضروري عند أحمد أن يأتي الشهود مجتمعينقيصح أن يأتوا متفرقين مادام مجلس القضاء منعقدا, فاذا انقضى المجلس فلا تقبل شهادة المتأخر منهم وأعتبر من أدى الشهادة قاذفا مادام أن عددهم أقل من أربعة, أما مالك وأبو حنيفة فيشترطان تجمع الشهود عند بدأ الشهادة, فأن جاءوا متفرقين ليشهدوا واحدا بعد الآخر لا تقبل شهادتهم و يحدون وان كثروا, فالشرط اذن اجتماعهم في مجلس واحد وقت أداء الشهادة. ولا يشترط الشافعيون هذا الشرط ويستوي عندهم أن يأتي الشهود متفرقين أو مجتمعين وأن تؤدى الشهادة في مجلس واحد أو أكثر وحجتهم أن الله تعالى قال " تعالى :لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء". فذكر الشهود ولم يذكر المجلس, وقال تعالى:"فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت". ولأن كل شهادة مقبولة, تقبل ان أتفقت ولو تفرقت في مجلس كسائر الشهادات.
خامسا : أن يكون عدد الشهود أربعة :
اذا شهد على الزنا أقل من أربعة شهود لم تقبل شهادتهم وحدا حد القذف عند مالك وأبي حنيفة لقوله تعالى :"و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة". و الرأي الراجح في مذهب الشافعي وأحمد يتفق مع رأي مالك وابي حنيفة.
و اذا ما تبين أن الشهود الأربعة ليس لكلهم أو بعضهم أهلية الشهادة كأن كان أحدهم فاسقا أو محدودا في قذف, فيرى مالك سقوط الشهادة, وعلى الشهود جميعا الحد لأنها شهادة لم تكتمل, هذا اذا تبين انعدم الأهلية قبل الحكم أما اذا تم ذلك بعد الحكم فلا حد على واحد منهملأن الشهادة تمت باجتهاد القاضي ويرى أبو حنيفة حد الشهود ساء تبين انعدام الأهلية قبل الحكم أو بعد الحكم وقبل التنفيذ, أما اذا كان العلم بانعدم الأهلية بعد التنفيذ فان كان الحد جلدا فكذلك يحد الشهودوان كان الحد رجما فلا يحد الشهود لأنه تبين أن كلامهم وقع قذفا, ومن قذف حيا ثم مات المقذوف سقط الحد فتكون الدية في بيت المال اذ يعتبر الخطأ حاصلا من القاضي. وعند الشافعي أنه اذا شهد أربعة بالونا فرد الحاكم شهادة أحدهم فان كان الرد بسبب ظاهر بأن كان أحدهم عبدا أو كافرا أو متظاهرا بالفسق كان الأمر كما لو لم يتم العدد, وان كان الرد بسبب خفي كالفسق الباطن فحكمه حكم ما لو نقص العدد لأن عدم العدالة كعدم الوجود, وفي مذهب أحمد ان كان الشهود غير مرضيين كلهم أو أحدهم فعليهم الحد لأنها شهادة لم تكمل فوجب الحد على الشهود كما لو كانوا ثلاثة,
المـــــــــطلب الثاني : الإقـــــــرار:
تثبت الزنا أيضا باقرار الزاني ويشترط أبو حنيفة وأحمد أن يقر الزاني بالزنتا أربع مرات قياسا على اشنراط الشهود الأربعة و لما رواه أبو هريرة : لأتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو في المسجد فقال يارسول الله فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال يارسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أبك جنون"قال: لا. قال:"أحصنت" قال نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أرجموه". ولو وجب الحد بإقرار مرة واحدة لم يعرض عنه رسول الله لأنه لا يجوز ترك حد وجب لله.
أما مالك والشافعي فمن رأيهما الإكتفاء بالإقرار مرة واحدة لأن الإقرار إخبار و الإخبار لا يزيد بالتكرار, ويشترط أبو حنيفة أن تكون الأقارير الأربعة في مجالس مختلفة للمقر نفسه ولو حدثت في مجلس واحد للقاضي, ويستوي عند أحمد أن تكون الأقارير في مجلس واحد أو مجالس متفرقة فإذا أقر أربعة مرات في مجلس واحد أو في مجالس متفرقة فالإقرار صحيح.
ويشترط لقبول الإقرار أن يكون مفصلا مبينا لحقيقة الفعل بحيث تزول كل شبهة في الإقرار خصوصا وأن الزنا يعبر به عما يوجب الحد كالوطء خارج الفرج والأصل في الإستفصال والتبيين هو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم, ويترتب عن هذا الزاني إذا أقر فلا يؤخذ إقراره قصية مسلمة وعلى القاضي أن يتحقق من صحة إقراره ليتحقق أولا من صحة عقله كما فعل الرسول مع الرجل الذي يقر له بالزنا فقال له أبك خبل أم بك جنون ؟ وبعث لقومه يسألهم عن حاله, فإذا عرف القاضي ان الزاني صحيح العقل سأله عن ماهية الزنا وكيفيته وعن مكانه وعن المزني بها وعن زمان فإبين ذلك كله على وجه يجعله مسؤولا جنائيا سأله أمحصن هو أم لا؟ فإن إعترف بالإحصان سأله عن ماهيته .
و سؤال المقر عن زمان الزنا ليس المقصود منه التقادم وإنما إحتمال أن يكون قد وقع الزنا قبل البلوغ والإقرار على قوته حجة قاصرة على نفس المقر لا تتعداه إلى غيره فمن أقر أنه زنا بإمرأة أخذ بإعترافه أما الورأة إن أنكرت فلا مسؤؤلية عليها وإن إعترفت أخذت بإعترافها لا بإعتراف الرجل وعلى هذا جرت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فقد روى أبو داوود عن سهل بن سعدأن رجلا جاء الرسول فأقر عنده أنه زنا بإمرأة سماها له فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلده الحد وتركها وهذا الرأي أخذ به مالك والشافعي وأحمد ولكن أيا حنيفة يرى أن لايحد الرجل المقر لأن الزنا فعل واحد يتم بهما فإن تمكنت فيه شبهة تعدت إلى طرفيه وهذا لأنه ما أقر بالزنا مطلقا إنما أقر بالزنا بفلانة وقد درأ الشرع عن فلانة وهو عين ما أقر به فيندرئ عنه ضرورة بخلاف ما لو اطلق فقال زنيت فإنه وإن أحتمل كذبه لكن لا موجب شرعي يدفعه و بخلاف ما لو كانت غائبة لأن الزنا لم ينتفي في حقها بدليــل يوجب النفي.
أثر التقادم على الإقرار : لاأثر للتقادم على الإقرار بالزنا عندما يقول بالتفادم لأن اثر التقادم على الشهادة بني على تمكن التهمة والضغينة أما الإقرارفلا تهمة فيه لأن المرء لايهتم فيها يقر على نفسه.
التحايل على الإقرار : لا يصح للقاضي أن يحتال للحصول على الإقرار وليس له أن يشجع المقر على الإقرار. ولابأس من أن يظهر الكراهة للإقرار كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الرجل الذي أقر بالزنا حيث أعرض عنه عند إقراره.
الرجوع عن الإقرار : يصح الرجوع عن الإقرار قبل القضاء و بعد القضاء ويصح قبل الإمضاء وأثناء الإمضاء فإذا رجع أثناء اإمضاء أوقف تنفيذ العقوبة, والرجوع عن الإقرار قد يكون صريحا كأن يكذب نفسه في إقراره وقد يكون دلالة كهرب المرجوم أثناء الرجم أو الجلد فإذا هرب لم يأخذ ثانية للتنفيذ لأن الهرب دلالة عن الرجوع والرجوع مسقط للحد ويعتبر مالك وأبوحنيفة و أحمد مجرد الهرب وقت التنفيذ رجوعا دون الحاجة إلى تصريح بالرجوع , أما الشافعية فيرون أن الهرب ذاته ليس رجوعا وأنه يقتضي الكف عنه لإحتمال أنه قصد الرجوع فإذا كف فرجع سقط الحد(1) وإذا لم يرجع تختم تنفيذ الحكم وفي مذهب الشافعي يرون أنه إذا ثبت الحد بالبينة ثم أقر المشهود عليه وبعد ذلك عدل عن إقراره, فإن عدوله لايسقط الحد الثابت بالبينة وإلا كان الإقرار ذريعة لإسقاط العقوبات. أما إذا أقر بالزنا أولا ثم قامت بينة بزناه ثم رجع عن إقراره فهناك أراء مختلفة فالبعض يرى أن الرجوع لا يسقط الحد لبقاء حجة البينة كما لو شهد لو شهد عليه ثمانية مثلا فردت شهادة أربعة و البعض يرى سقوط الحد بالرجوع لأن لاأثر للبينة مع الإقرار وقد بطل الإقرار بالرجوع والبعض يرى أن العبرة بالدليل الذي أستند عليه الحكم فإن كان الحكم قد أستند على البينة والإقرار معا أو على البينة وحدها فإن الرجوع لا يسقط الحد. أما إذا أستند الحكم على الإقرار وحده فإن الرجوع يسقط الحد (2).
المـــــطلب الثالث : القرائـــــــــــن
القرينة المعتبرة في الزنا هو ظهور الحمل في إمرأة غير متوجة أو لا يعرف لها زوج ويلحق بغير المتزوجة من تزوجت بصبي لم يبلغ الحلم, ومن تزوجت بالغا فولدت لأقل من ستة أشهر والأصل في إعتبار قرينة الحمل دليلا على الزنا قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفعلهم فعمر رضي الله عنه يقول: الرجم على كل من زنا من الرجال زالنساء إذا كان محصنا إذا أقامت بينة أو كان الحبل أو الإعتراف .
ــــــــــــــــــــــ
(1)عبد القادر عودة- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني ص 438
(2)،(3) نفس المرجع ص.439 - 440

وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه أتى بإمرأة ولدت لستة أشهر كاملة فرأى عثمان أن ترجم فقال علي ليس لك عليها سبيل قال الله تعالى:"وحمله وفصاله ثلاثون شهرا". وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال :ياأيها الناس إن الزنا زنيان . زنا سر وزنا علانية فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون أول من يرمي(3), وزنا العلانية أن يظهر الحبل والإعتراف.
هذا قول الصحابة ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فيكون إجماعا. والحمل ليس قرينة قاطعة على الزنا بل هوقرينة تقبل الدليل العكسي فيجوز الإثبات أن الحمل حدث من غير زنا و يجب درأ الحد عن الحامل كلما قامت الشبهة في حصول الزنا أو حصوله طوعا فإذا كان هناك إحتمال بإن الحمل كان نتيجة وطء بالإكراه أو وقع خطأ وجب درأ الحد وإذا كان هناك إحتمال بإن الحمل حدث بدون إيلاج لبقاء البكارة إمتنع الحد.إذ قد تحمل المرأة من غير إيلاج بأن يدخل ماء الرجل في فرجها إما بجعلها أو بجعل غيرها أو نتيجة وطء خارج الفرج ويرى أبوحنيفة والشافعي وأحمد أنه إذا لم يكن دليل على الزنا غير الحمل فإدعت المرأة أنها أكرهت أو وطئت بشبهة فلا حد عليها أيضا, فإذا لم تدعي إكراها ولا وطء بشبهة فلا حد عليها أيضا مالم تعترف بالزنا لأن الحد أصلا لايجب إلا ببينة أو بإقرار(1).
ــــــــــــــــــــــ
(1)، عبد القادر عودة- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني ص 441

المبحث الثالث : عقوبة جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام الحبس في البيوت, و الإذاء بالتعبير أو الضرب, و الأصل في ذلك قوله تعالى:"واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكمفإستشهدوات عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا, و اللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا و أصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما".(1)
و من المتفق عليه أن هذين النصين نسخا بقوله:"الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"(2). و يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"خذو عهني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, و الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة"(3). و قد إستقر الحكم بعد ذلك على جلد غير المحصن و تغريبه مع خلاف في التغريب وعلى رجم المحصن دون جلده مع خلاف في الجلد, وإذا كان الشارع قد فرق في العقوبة المحصن وغير المحصن, فذلك لأن المحصن ‘ذا زنا بعد أن توفرت مواقع الزنا لديه كان زناه في غاية القبح و وجب أن تكون عقوبته في غاية الشدة, و نخلص مما سبق إلى أن عقوبة الزنا نوعان: عقوبة البكر وعقوبة المحصن.
المطلب الأول : عقوبة البكر وعقوبة المحصن
عقوبة البكـــــــــــــــــر :
إذا زنا البكر سواء كان رجلا أو إمرأة عوقب بعقوبتين أولهما الجلد, والثانية التغريب. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد من مائة وتغريب عام". ويلاحظ أن الشريعة تفرق بين عقوبة الأحرار وعقوبة الرقاء في الزنا, فتخفف عقوبة الرقيق وتشدد عقوبة الأحرار مراعية في ذلك ظروف كل منهما, و لكننا لن نتعرض , إلا للعوقبة المقررة للأحرار ناظرين في ذلك إلى أن الرق ألغي في كل العالم وأن لا حاجة تدعو إلى بيان غقوبة الرقيق .
ــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء آية :15 و 16
(2) سورة النور آية 2
(3) حديث رواه مسلم ، أبو داود والترميذي

عقوبة الجلـــــــــــــــــد :
إذا زنا البكر عوقب بالجلد مائة جلدة (1), لقواه تعالى:"الزانية والزاني فاجلدوهما مائة جلدة ". سورة النور الآية الثانية, ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا, البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام"رواه مسلم وأبو داوود والترميذي.
التــــــــــــــــــــغريب :
إذا زنا البكر جلد مائة جلدة وغرب عاما, والتغريب هو العقوبة الثانية للزاني, و لكن الفقهاء يختلفون في وجوبها فأبوحنيفة وأصحابه يرون أن التغريب ليس واجبا, ولكنهم يجيزون للإمام أن يجمع بين الجلد والتغريب إن راى في ذلك مصلحة, فعقوبة التغريب ليست حدا عندهم كالجلد و إنما هي عقوبة تعزيرية, ويرى مالك والشافعي وأحمد وجوب الجمع بين الجلد والتغريب ويعتبرون التغريب حدا كالجلد وحجتهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور سابقا. وما روي عن عمر وعلي أنهما جلدا وغربا ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة فصار عملهما إجماعا.
ويرى مالك أن التغريب جعل للرجل دون المرأة, لأن المرأة تحتاج إلى حفظ وصيانة, وأن الأمر ى يخلوا إن غربت ومعها محرم أو أن تغرب دون محرم, لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم". و لأن تغريبها بغير محرم إغراء لها بالفجور, وإن غربت بمحرم أفضى إلى تغريب من ليس بزان ومن لا ذنب لهو إن كلفت بحمل أجرته ففي ذلك زيادة على عقوبتها بما لم يرد به الشرع, و بما لا يمكن أن يحدث مثله للرجل. و يرى الشافعي وأحمد أن التغريب عقوبة واجبة على كل من الرجل والمرأى(2).
ماهية التغريب : يرى مالك وأبو حنيفة أن التغريب يعني الحبس, و عليه يجب حبس المغرب في البلد الذي يغرب إليه مدة لا تزيد عن سنة, وهذا يعني أن التغريب هو الحبس في بلد غير البلد الذي وقعت فيه الجريمة. ويرى أحمد والشافعي أن التغريب معناه النفي من البلد الذي حدثت فيه الجريمة إلى بلد آخر على أن يراقب المغرب بحيث يحفظ بالمراقبة في البلد الذي نفي إليه. و لا يحبس فيه, إذن فالتغريب هنا هو الوضع تحت المراقبة في بلد آخر, و المقصود من المراقبة هو منع الزاني من العودة إلى بلده قبل إنتهاء المدة.
عقوبة المحصـــــــن :
لقد شددت الشريعة العقوبة على الجاني المحصن و قررت له عقوبة الجلد و الرجم, ومعنى الرجم القتل رميا بالحجارة وما أشبهه, لأن اإحصان يسد الباب على الجريمة و لأن الشريعة لم تجعل له بعد الإحصان سبيلا الى الجريمة, فلم تجعل الزواج أبديا كي لا يقع في الخطيئة أحد الزوجين إذا فسد مابينهما, و أباحت للمرأة أن تطلب الطلاق للغيبة و المرض والضرر و الإعسار وأباحت للزوج الطلاق في كل وقت, و أحلت له أن يتزوج من النساء ما طاب له مثنى وثلاث ورباع على أن يعدل بينهن, وبهذا تكون الشريعة قد فتحت أبواب الحلال وأغلقت دونه أبواب الحرام, وأخذت المحصن بعقوبة الإستئصال التي لا يصلح غيرها لمن إستعصى على الإصلاح,
ــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) عبد القادر عودة- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني ص 379-380-381

الرجــــــــــــم :
هي عقوبة معترف بها من طرف جميع الفقهاء, و هو قتل الزاني المحصن رميا بالحجارة وما أشبهها والأصل في الرجم هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله إذا فالرجم سنة قولية وفعلية في وقت واحد.
الجلـــــــــــــد :
هو العقوبة الثانية للزاني المحصن طبقا للنصوص"خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا, البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة "رواه مسلم وأبو داوود و الترميذي. لكن الفقهاء إختلفوا ما إذا كانتعقوبة المحصن هي الرجم وحده أو هي الرجم والجلد معا. و يستدل القائلون بالجلد مع الرجم أن القرآن جعل عقوبة الجلد أساسية للزنا, وذلك قوله تعالى:" الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة "سورة النور الآية (2).ثم جاءت السنة بالرجم في حق الثيب والتغريب في حق البكر فوجب الجمع بينهما.
المطلب الثاني : الإحصــــــــان وشروطه
الإحصان هو شرط الرجم فإذا إنعدم إمتنع الرجم, وللإحصان في نفس الوقت مجموعة شروط تكون هيئة واحدة أو مجموعة أجزاء لعلة واحدة, وكل واحد من هذه المجموعة يعتبر بذاته شرطا أو علة لوجوب الرجم.
معنى الإحصــــــان :
الإحصان لغة معناه الدخول في الحصن أو المنع لقوله تعالى :"لتحصنكم من بأسكم ". ويقال أحصن إذا دخل في الحصن وللإحصان في القرآن أكثر من معنى فقد جاء بمعنى التزويج في قوله تعالى:"والمحصنات من النساء إلى ما ملكت أيمانكم"ز النساء الآية 24وجاء بمعنى الحرية في قوله تعالى:"و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ". النساء الآية 25.وقوله:"أحل لكم الطيبات وطعام أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم, والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".المائدة الآية 5, وإحصان الرجم شرعا هو إجتماع صفات إعتبرها الشارع لوجوب الرجم, أو هي مجموعة من الشروط إذا توفرت في الزاني كان عقابه الرجم بدلا من الجلد.
شـــروط الإحصــان :
إتفق الفقهاء على بعض شروط الإحصان في جريمة الزنا, وإختلفوا فعلى بعض الآخر وسنبين فيما يلي شروط الإحصان سواء منها ما أختلف عليه أو أتفق فيه.
1- الوطء في النكاح الصحيسح :
يشرط لقيام الإحصان أن يكون هناك وطء في نكاح صحيح وأن يكون الوطء في القبل لقوله عليه السلام:"والثيب بالثيب الجلد والرجم ".
والثيابة تحصل بالوطء في القبل (‍‍‍‍‍‍‍1). ويشترط في النكاح أن يكون صحيحا فإذا كان فاسدا فالوطء فيه لايحصن كما يرى جمهور الفقهاء, ويشترط إذا كان الوطء في نكاح صحيح أن لا يكون وطئا محرما كالوطء في الحيض والإحرام, فإن الوطء الذي يحرمه الشارع لا يحصن ولو كان في نكاح صحيح.
2 - البلوغ والعقل :
وهما شرطا الأهلية للعقوبة, كما أنهما لازمان في كل جريمة ويجب توفرهما في المحصن وغير المحصن زقت إرتكاب الجريمة طبقا للقواعد العامة, إلا أنهما إشترطا أيضا في الإحصان لأن إشتراطهما وقت إرتكاب الجريمة لا يغني عن إشتراطهما في الإحصان, فيشترط إذا أن يكون الوطء الذي يحصن حاصلا من بالغ عاقل, فإذا حصل الوطء من صبي أو مجنون ثم بلغ وعقل بعد الوطء لم يكن بالوطء السابق محصنا وإذا زنا عوقب على أنه غير محصن(2).
ويرى بعض أصحاب الشافعي ورأيهم هو المرجوح في المذهب أن الواطئ يصير محصنا بالوطء قبل البلوغ وأثناء الجنون, فلو بلغ أو أفاق فزنا رجم دون الحاجة إلى حصول وطء جديد بعد البلوغ والإفاقة و حجتهم أن الوطء قبل البلوغ وأثناء الجنون وطء مباح, فيجب أن ينبت به الإحصان لأنه إذا صح النكاح قبل البلوغ وأثناء الجنون فإن الوطء يصح تبعا له, ويرد على ذلك بأن الرجم عقوبة الثيب ولو أعتبرت الثيوبة حاصلة بالوطء قبل البلوغ وأثناء الجنون لوجب رجم الصغير والمجنون, وهذا ما لا يقول به أحد كذلك فإن هناك فرق بين الإحصان والإحلال و كل إحلال لا يترتب عليه إحصان, كما أن الإحصان شرط عقوبة الرجم و لو كان الإحلال يقوم مقام الإحصان لما كان ثمة ما يدعوا لإشتراط الإحصان(3).
3 - وجود الكمال في الطرفين حال الوطء :
ينبغي أن تتوفر شروط الإحصان في الواطئ و الموطوءة حال الوطء الذي يترتب عليه الإحصان, فيطأ مثلا الرجل العاقل إمرأة عاقلة , فإذا لم تتوفر هذه الشروط في أحدهما فهما معا غير محصنين . فإذا كان الجاني متزوجا و دخل بزوجته في نكاح صحيح و لكنها مجنونة أو صغيرة , فالجاني غير محصن ولو كان هو نفسه عاقلا وبالغا, وهذا رأي أبي حنيفة وأحمد. ولكن مالك لا يشترط توفر شروط الإحصان في الزوجين لإحصانهما معا، وعنده يكفي أن تتوفر شروط الإحصان في أحد الزوجين ليكون محصنا بغض النظر ما إذا كان الزوج الآخر تتوفر فيه الشروط أم لا. فشرط تحصين الذكر أن تتوفر فيه شروط الإحصان مع إطاقة الموطوءته له ولو كانت مجنونة أو صغيرة, وتتحصن الأنثى عند مالك بتوفر الإحصان فيها وببلوغ واطئها ولو كان مجنونا, وفي مذهب الشافعي رأيان أحدهما يتفق مع رأي أبي حنيفة وأحمد, وثانيهما يتفق مع مذهب مالك.
ــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) ، (3) عبد القادر عودة- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني ص 390-391
4 -الإســــــــــــــلام :
يرى مالك وأبو حنيفة الإسلام شرطا من شروط الإحصان وحجتهما حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما إستشاره حذيفة في الزواج كتابية "دعها فإنها لا تحصنك" و لكن أحمد و الشافعي لا يرين الإسلام شرطا من شروط الإحصان, وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين, و لو لمم يكن الإسلام شرطا في الإحصان لما رجمهما, فضلا عن أن الأديان عامة تحرم الزنا كما يحرمه الإسلام . و يترتب على هذا الخلاف أن المسلم المتزوج من كتابية إذا زنا لا يرجم في رأي أبي حنيفة لأنه لا يعتبر محصنا, إذا الكتابية لا تحصن المسلم, وكان يجب أن يكون هذا هو الحكم عند مالك لولا أنه لا يشترط الكمال في الزوجين ومن ثم فإن الكتابية في رأيه تحصن المسلم, فإذا زنا المسلم المتزوج من كتابية رجم عند مالك, كما يرجم عند الشافعي وأحمد لأنهم لا يعتبرون الإسلام شرطا من شروط الإحصان (1).
ــــــــــــــــــــــ
(1) عبد القادر عودة- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني ص 379-380-381

المبحث الرابع : جريمة الزنا في القانون الوضعي
إن القوانين الوضعية لا تعتبر كل وطء محرم زنا وأغلب يعاقب بصفة خاصة على الزنا الحاصل من الزوجين فقط كالقانون المصري والقانون الفرنسي و القانون التونسي والمغربي , و لا تعتبر ما عدا ذلك زنا و إنما تعتبره هتك عرض , وقد توسطت غالبية التشريعات العربية التي لم تأخذ بالشريعة الاسلامية في هذا الباب , بما فيها الجزائر بين مذهبين , مذهب تجريم الزنا والعقاب عليه في كل الاحوال ومذهب عدم العقاب على الزنا وهو مذهب التشريعات الاوروبية وهكذا لم يعاقب القانون الجزائري على كل وطء في غير حلال و إنما قصر العقاب على الفعل الذي يحصل من شخص متزوج على إعتبار أن فيه انتهاك لحرمة الزوج الآخر و لا يجيز المتابعة الا بناء على شكوى الزوج المضرور .
المطلب الاول : تعريف جريمة الزنا في القانون الوضعي
يعرف الزنا في القانون الوضعي على أنه وطء فعلي بالطريق الطبيعي بإيلاج عضو التذكير في فرج الانثى شريطة ان يقع الوطء وعلاقة الزواج قائمة فعلا بالاضافة الى العلم و الادارة . وتختلق جريمة الزنا عن جريمة الإغتصاب المنصوص والمعاقب عليها بنص المادة 336 ق ع ج والتي عبر عنها المشرع الجزائري بلفظ " هتك العرض " , كما أن المشرع الجزائري لم يعرف الاغتصاب ولم يحد أركانه ويستشف من أحكام القضاء الجزائري أنه موافقة رجل لامراة دون رضاها .
المطلب الثاني : أركان جريمة الزنا في القانون الوضعي
تتطلب الجريمة الزنا توافر الشروط التالية : وقوع الوطء , حال قيام الزوجية , بقصد جنائي
1- الــــوطء :
لا تقوم الجريمة الا بحصول الوطء ، فعلا بالطريق الطبيعي أي بإيلاج عضو التذكير في فرج الانثى , وبذلك تشترك جريمة الزنا مع جناية الاغتصاب في هذا الشرط و لا تقوم الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفاحشة الاخرى التي يرتكبها أحد الزوجين مع غيره مثل القبلات و الملامسات الجنسية ........الخ .
2- قيــــام الزوجية :
يشترط أن يقع الوطء و علاقة الزواج قائمة فعلا .
وهكذا قضت المحكمة العليا بقيام جريمة الزنا في حق الزوجية التي تزوجت مع رجل آخر بالفاتحة دون أن تنتظر الفصل في القضية المنشورة بينها و بين زوجها الاول كما قضت بقيام الزنا في حق الزوجة التي ابرمت عقد زواج مع رجل أخر قبل أن يصبح حكم الطلاق بينها و بين زوجها الاول نهائيا , ولا ترتكب جريمة الزنا اذا وقع الوطء قبل عقد الزواج ولو حصل أثناء الخطبة . ( 1 )
ــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور : أحسن بوسقيعة / الوجيز في القانون الجنائي الخاص – الجزء الاول – طبعة 2003 – ص – ( 131 )

ويشترط أن يكون الزواج بعقد و أن يكون العقد صحيحا , وهكذا قضي في مصر بعدم قيام جريمة الزنا إذا كان العقد باطلا .و إذا دفع المتهم أو شريكه أنه مطلق أو أنه لم يكن متزوجا أصلا أو أن زواجه باطل أو فاسد , جاز لمحكمة أن توقف الدعوى الجزائية الى غاية الفصل في الدعوى أمام القاضي الاحوال الشخصية
وتثير مسالة اثبات الزواج اشكالات عديدة نظرا لإنعدام الانسجام التشريعي الجزائري في هذا المجال , وهكذا نصت المادة 22 من قانون الاسرة على أن الزواج يثبت بشهادة مستخرجة من سجلات الزواج لبلدية مكان الزواج , وأضافت نفس المادة في الفقرة الثانية أن الزواج يكون صحيحا اذا توفرت فيه الشروط الشرعية للزواج ويمكن تثبيته بحكم قضائي ولقد طرحت مسالة اثبات الزواج على المحكمة العليا فلم تتخذ موقفا ثابتا بشانها ولكن الاتجاه الغالب هو ان يتم الاثبات بتقديم شهادة الزواج وتبعا لذلك قضت المحكمة العليا , كما أسلفنا , بقيام جريمة الزنا في حق الزوجة التي تزوجت مع رجل آخر بالفاتحة دون أن تنتظر الفصل , في القضية المنشورة بينها وبين زوجها الاول , وكذا الزوجة التي ابرمت عقد الزواج مع رجل آخر قبل أن يصبح حكم الطلاق بينها وبين زوجها الاول نهائيا .
3- الركـــــــن المعنوي :
تتطلب جريمة الزنا توافر القصد الجنائي الذي يختلف مضمونه . باختلاف مركز المتهم و صفته .
يتوفر اقصد الجنائي لدى الفاعل الاصلي متى ارتكب الفعل عن إرادة و عن علم بانه متزوج و أنه يواصل شخصا غير زوجه وتبعا لذلك لا تقوم جريمة الزنا لانعدام القصد الجنائي اذا ثبت ان الوطء قد حصل بدون رضا الزوج كما لو تم بالعنف أو التهديد أو نتيجة للخديعة أو المبالغة كأن يتسلل رجل الى مخدع امراة فتسلم له ظنا منها انه زوجها , وبالمقابل تقوم جريمة الاغتصاب في حق من واقع المراة بدون رضاها , ويثار التساؤل بشان الزوج الذي يتحجج بجهله ان كان مقيدا بعقد الزواج , كما لو إعتقد أنه مطلق أو أن الزوج الغائب قد مات , فهل يؤخذ بمثل هذا الجهل كنسب لغنتفاء القصد الجنائي ؟ الاصل ان يكون الجواب بالنفي على اساس الا عذر يجهل القانون ذلك ان الرابطة الزوجية تظل قائمة مالم تنحل بالطلاق نهائي يقيد على هامش عقد الزواج أو تنفصم بحكم موت المفقود طبقا للاجراءات المقررة في قانون الاسرة , اما بالنسبة للشريك فيشترط فيه العلم بان خليله أو ( خليلته ) متزوجا ( أو متزوجة ) ، فإن كان يجهل الرابطة الزوجية وقت إتيان الفعل , فإن القصد الجنائي يكون منتفيا .
ومن ناحية اخرى , تستوجب جريمة الزنا أن ياتي الزوج على فعله بحرية وارادة فلا تقوم الجريمة اذا كانت الزوجة ضحية إغتصاب كما لا يعاقب الشريك اذا قام الدليل على ان يجهل اذا كانت خليلته متزوجة . وللنيابة العامة إثبات علم الشريك بأن خليلته متزوجة .( 1 )
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نفس المرجع ( ص ) 131 – 132

البحث الخامس : أدلة الاثبات على جريمة الزنا في القانون الوضعي
تخضع متابعة الجاني في جريمة الزنا لقيدين وهما : اثبات الجريمة باحدى الطرائق الواردة حصرا في المادة : 341 ق ع ج وشكوى الزوج المضرور .
1- إثبات الجــــــــريمة :
لا يجوز اثبات جريمة الزنا الا باحدى الوسائل الثلاث التي وردت على سبيل الحصر في المادة 341 ق ع ج وهي :محضر إثبات بالجنحة محرره ضابط من ضباط الشرطة القضائية :
يشترط ان يعاين الجنحة ضابط من ضباط الشرطة القضائية حسب ماهي معرفة في المادة 15 من قانون الاجراءات الجزائية او تشمل : رؤساء المجالس الشعبية البلدية وضباط الدرك الوطني ومحافظي الشرطة وضباط الشرطة وضباط الجيش التابعين للمصالح العسكرية للامن ......الخ , وان تكون الجنحة ملتبسا بها و التلبس بالجنحة معرف في المادة 41 من قانون الاجراءات الجزائية .
و توصف الجنحة بانها في حالة تلبس اذا كانت مرتكبة في الحال او عقب ارتكابها كما تعتبر الجنحة متلبسا بها اذا كان الشخص المشتبه في ارتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو وجدت آثار أو دلائل تدعوا الى افتراض مساهمته في الجنحة .
وتتسم صفة التلبس كل جنحة وقعت ولو في غير الظروف المذكورة أعلاه اذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها.
إقرار وارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم :
يجب أن يكون الاقرار واضحا دون لبس أو غموض ويتناول مضمونه ذكر علاقات جنسيــــــــة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) نفس المرجع ( ص ) 134

الإقرار القضـــائي :
ويقصد به الاعتراف أمام القضاء و أما الاعتراف أمام الشرطة القضائية فلا يعتد به و الاعتراف أمام القضاء يشمل الاعتراف أمام قاضي التحقيق في محضر الاستجواب الاول اما الاعتراف أمام وكيل الجمهورية فلا يعتد به الا اذا تم في محضر رسمي يوقع عليه النتهن و كاتب النيابة فضلا عن وكيل الجمهورية وعدا هذه الوسائل الثلاثة لا تقبل أية وسلة اخرى لإثبات الزنا مثل الشهادة .
وتبعا لذلك قضت المحكمة العليا في عدة مناسبات بنقض قرارات ادانت المتهمين بالزنا , استنادا الى رائن غير منصوص عليها في المادة 341 ق ع غير أن تقديم الدليل على قيام الجنحة باحدى الوسائل المذكورة في المادة 341 ق ع لا يمنع القاضي من استعمال سلطته في تقدير الدليل , وهكذا اقضت المحكمة العليا بان الاقرار القضائي في مجال الزنا شأنه شأن أي إقرار يخضع للسلطة التقديريةلقضاة الموضوع وفق مقتضات المادة 213 ق إ ج .
2- شكوى الزوج المضرور :
لا تتم المتابعة الا بناءا على شكوى الزوج المضرور فإذا كان الزوج هو الفاعل الاصلي لا تتم المتابعة الا بناءا على شكوى زوجته ، واذا كانت الزوجة هي الفعل الاصلي لا تتم المتابعة الا بناءا على شكوى زوجها .
واذا كان المتهمان كلاهما متزوج , تصح المتابعة بناءا على شكوى أحد الزوجين و يكون كلاهما فاعلا أصليا .
وطالما أن المشرع جعل جنحة الزنا جريمة ذات طابع خاص تهم الزوج المضرور دون سواه فلا تصح المتابعة اذا اصدرت الشكوى عن والد الزوج المضرور أو أخيه أو أخته أو أي قريب ى خر , كما لايجوز للنيابة العامة أن تباشر المتابعة القضائية من تلقاء نفسها ، غير أنه يجوز للزوج المضرو ر أن يوكل غيره لتقديم الشكوى على أن تكون الوكالة خاصة بهذا الموضوع دون سواه .كما يجوز للزوج المضرور أن يقد شكواه بعريضة اذا كان مسافرا .يجب أن تكون الشكوى ممضاة من طرف الشاكي أو من قبل وكيل معتمدا أو مفوض(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نفس المرجع ( ص ) ( 134 – 135 – 136 )

لا تخضع الشكوى الى أية إجراءات شكلية معنية اذ يكفي أن يفصح الزوج المضرور عن نيته في تسليط العقوبة على الجاني .
يتصرف وكيل الجمهورية في الشكوى من أجل جريمة الزنا مثل باقي الجرائم فله ملائمة المتابعة ولــه إختيار طريق المتابعة ( تلبس , تحقيق , إستدعاء مباشر ) , له كامل السلطة في إستعمال طرق الطعن عند صدور الحكم أو القرار القضائي ولوكيل الجمهورية أن يتابع الشريك اذا لم تشمله شكوى الزوج المضرور
آثار سحب الشكوى :
مادامت المتابعة الجزائية معلقة على شكوى فإن سحب هذه الشكوى يضع حدا للمتابعة ضد الفاعل الاصلي و شريكه , وهذا عملا بحكم المادة 339 ق ع التي نصت في فقرتها الاخيرة على أن صفح الزوج المضرور يضع حدا لكل متابعة .
ويتفق هذا الحكم مع القواعد العامة التي تحكم الدعوى العمومية حيث جاء في الفقرة الثالثة من قانون الاجراءات الجزائية أن الدعى العمومية تتقضى في حالة سحب الشكوى اذا كانت هذه شرطا لازما للمتابعة.
وقبل تعديل النص المادة 339 بموجب القانون رقم 82 – 04 المؤرخ في 13 / 02 / 1982 كان صفح الزوج المضرور جائزا حتى بعد صدور حكم نهائي و يؤدي الى وقف آثار العقوبة المحكوم بها كما كان لصفح الزوج المضرور أثر نسبي ينحصر في زوجة ولا ينصرف أثره الى الشريك .
آثار وفاة الزوج المذنب :
لا يجوز متابعة الشريك اذا توفي الزوج المذنب قبل تقديم الشكوى وتتوقف المتابعة اذا وافته المنية بعد تقديم الشكوى .
آثار وفاة الزوج المضرورة :
انتقى القضاء الفرنسي , بعد تردد , إلى ان وفاة الزوج المضرور بعد تقديمه الشكوى لا تؤثر فب المتابعة التي تظل قائمة , على أساس ان الجريمة تعني المجمع كله و تخص النظام العام , وهذا يتفق و قيم مجتمعنا .
آثار الطلاق :
لا تقبل الشكوى بعد الطلاق من أجل و قائع سابقة عن الحكم بالطلاق ذلك أن الشاكي لم يعد له صفة الزوج أو الزوجة التي تتطلبها المادة 337 ق إ ج ولكن الشكوى المقدمة قبل الطلاق تستمر الى مابعد الحكم بالطلاق ( 1 ) .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نفس المرجع ( ص ) 136 - 137

المبحث السادس : عقوبة جريمة الزنا و الفاحشة بين ذوي المحارم في القانون الوضعي
المطلب الاول : عقوبة جريمة الزنا
تعاقب المادة 339 من قانون العقوبات على الزنا بالحبس من سنة الى سنتين دون التمييز بين الزوجة والزوج مرنكب الجريمة . وتطبق نفس العقوبة على الشريك .
ولم يكن الامر كذلك قبل تعديل قانون العقوبات بموجب قانون 13 / 2 / 1982 حيث كان الزوج يعاقب بعقوبة أخف من عقوبة الزوجة فكان الزوج يعاقب بالحبس من 06 أشهر الى سنة في حين تعاقب الزوجة بالحبس من سنة الى سنتين .
ومادام القانون يشترط في الزنا الاتصال الجنسي , فلا عقاب على الشروع .
واذا كان المشرع الجزائري قد سوى بين زنا الزوجة وزنا الزوج من كافة الاوجه , فان المشرع المصري قد فرق بينهما من عدة وجوه .
من حيث شوط الجريمة , لا تقوم الجريمة في حق الزوج الا إذا وقع منه الزنا في منزل الزوجية بينما ترتكب الزوجة الزنا في أي مكان .
من حيث المتابعة , للزوج ان يعفو عن زوجته بعد الحكم النهائي عليها , أما الزوجة فلا يجوز لها التنازل عن الشكوى قبل أن يسبق الحكم نهائيا وباتا .
من حيث العقوبة , تعاقب الزوجة على الزنا بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين , بينما يعاقب الزوج بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر(1)
المطلب الثاني : الفاحشة بين ذوي المحارم مع تبيان أركانها وعقوبتها
الفاحشة بين ذوي المحارم هو الفعل المنصوص والمعاقب عليه في المادة 337 مكرر
1- أركان الجريمة :
عرفت المادة 337 مكرر الفاحشة بين ذوي المحارم على النحو التالي هي العلاقات الجنسية التي ترتكب بين
- الاقارب من الفروع أو الاصول
- الاخوة والاخوات الاشقاء , من الاب أو الام
- بين شخص وابن احد اخوته او اخواته من الاب والام او مع أحد فروعه .
- الام أو ألاب والزوج أو الزوجة و الارمل أو أرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه.
- والد الزوج أو الزوجة أو زوج الام أو زوجة الاب وفروع الزوج الاخر .
- من أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نفس المرجع ( ص ) 137 – 138

2- ومن هذا التعريف نستخلص أن الفاحشة تقوم على ثلاثة أركان وهي :
- قيام علاقات جنسية بالرضا : لا تقتصر العلاقات الجنسة على الوطء الطبيعي الذي يحصل بايلاج عضو التذكير في فرج الانثى , وانما تشتمل كل ايلاج جنسي وان كان غير طبيعي مثل الايلاج بالدبر , كما تتسع لكل اتصال جنسي آخر . ولا يهم ان كان الجاني ذكرا او انثى ومن ثم تشمل العلاقات الجنسة اللواط والمساحقة .
- ويشترط ان تتم العلاقات الجنسية برضا الطرفين , فان انتفى الرضا تحول الفعل , حسب الحالة الى اغتصاب او فعل مخل بالحياء مع استعمال العنف .
- وينتفي الرضا اذا كان الفاعل قاصرا غير مميز , أي اذا لم يبلغ سن السادسة عشرة , ومن ثم يعد الفعل , حسب الحالة اغتصابا على القاصر أو فعلا مخلا بالحياء مع ظروف مشددة .( 1 ) ،
3- القـــــــــرابة العائلية :
يشترط ان تتم العلاقات الجنسية بين المحارم , كما هي معرفة في الشربعة الاسلامية , أي ان يتم الاتصال الجنسي بين الفروع والاصول , او الاخوة والاخوات الاشقاء من الاب والام , او بين شخص وابن احد اخواته او اخوته من الاب والام او مع احد فروعه او الام او الاب و الزوج أوالزوجة و الارمل أو ارملة ابنه او مع احد آخر من فروعه , أو والد الزوح او الزوجة ا و زوج الام أو زوجة الاب وفروع الزوج الاخر . او من أشخاص يكون احدهم زوجا الاخ او الاخت
ويتعلق الامر اساسا بالمحرمين شرعا بالقرابة وبالمصاهرة , والمقصود بالمحرم هنا هو المحرم بالنسب . ويثار التساؤل بشأن الرضاع :
فهل يحرم من الرضاع مايحرم بالنسب ؟ قياسا على الزواج , يكون الجواب بنعم مع جصر التحريم في الطفل الرضيع وحده دون اخوته واخواته , وهذا عملا بحكم المادة 28 من قانون الاسرة التي نصت على ماياتي :

" يعد الطفل الرضيع وحده دون اخوته واخواته ولدا للمرضعة وزوجها واخا لجميع اولادها , وسري التحريم عليه وعلى فروعه "
ـــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ، نفس المرجع ( ص ) - 140

القصــــد الجنائي :
يجب ان يكون الجاني قد أتى الفاحشة عن وعي وهو على دراية بالقرابة العائلية على النحو المبين اعلاه , فاذا ثبت جهله انتفت الجريمة ، وتثار مسالة القصد الجنائي بحدة عندما يتعلق الامر بالمحرم من الرضاع .
وعلى أي حال , يفترض العلم بالقرابة العائلية مالم يثبت العكس , أي أن عبء الاثبات يقع على عاتق المتهم الذي يتعين عليه إقامة الدليل على جهله بالقرابة العائلية ، وقد يكون أحد المتهمين عالما بهذه القرابة والاخر يجهلها , ففي هذه الحالة تقوم الجريمة في حق الاول وتنفي في حق الثاني . (1)
العقــــــــــــوبة :
تكون الجريمة اما جناية واما جنحة حسب درجة القرابة .
وهكذا تكون الجريمة جناية في حالتين : الاقارب من الفروع او الاصول و الاخوة والاخوات الاشقاء من الاب والام .
ففي كلتا الحالتين تطبق على الجاني عقوبة السجن من عشر الى عشرين سنة .
وتكون الجريمة جنحة في الحالات الاخرى , تطبق عليها عقوبة الحبس من خمس الى عشر سنوات في الحالات رقم 3 و 4 و 5 , وتطبق عليها عقوبة الحبس من سنتين الى خمس سنوات في الحالة رقم 06.
وفي جميع الاحوال اذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصر يبلغ من العمر 18 سنة فان العقوبة المفروضة على الشخص القاصر ويتضمن الحكم المقضي به ضد الاب والام فقدان حق الابوة او الوصاية الشرعية . ( 2 )
ــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) (2) نفس المرجع ( ص ") 140

خاتمة :
تمتاز عقوبة الحد عن غيرها من العقوبات بأنها لاتقبل عفوا ولا صلحا ولا ابراء ولا تخفيضا ولا استبدالا , و هذا هو التكييف الفقهاء للحد وهو تكييف ليس بعيدا نظرة شراح القوانين الوضعية للعقوبة فهم يعتبرونها حق الجماعة لأن المصلحة العامة تستوجبها وقد يظن ان الاختلاف واع في الاساس لا في المعاني ولكن الواقع ان الخلاف فيهما معا فالحد يختلف عن العقوبة في القوانين الوضعية بانه لايقبل العفو ولا الاستبدال والعقوبة فب القوانين الوضعية تقبلهما ولعل اعتبار الحد حقا لله هو الذي منع قبول العفو والاستبدال لان الافراد والجماعة ليس لهم العفو كما هو حق الله وليس لهم تبديل ما امر به الله ولو كان الحد حق الجماعة لأمكن أن يعفو عنه ممثل الجماعة أو يستبدل به غره على أن في الشريعة نوعا من العقوبات وهو العقوبات التقديرية شرع للمصلحة العامة ويعتبر حق الجماعة , و لممثل الجماعة أن يعفو عنه و أن يستبدل به غيره من عقوبات التعازيز وهذا النوع من من العقوبة هو الذي يتفق تمام الاتفاق في التكييف مع العقوبات المقررة في القوانين الوضعية .
ولقد وضعت عقوبة الجلد على أساس محاربة الدوافع التي تدعوا للجريمة بالدوافع التي تصرف عن الجريمة . وهذا هو الذي يهدينا اليه التامل و التفكير في الجريمة وعقوبتها فالدافع الذي يدعوا الزاني للزنا هو اشتهاء اللذة و الاستمتاع بالنشوة التي تصحبها والدافع الذي يصرف الانسان عن اللذة هو الالم و لايمكن ان يستمتع الانسان بنشوة اللذة اذا تذوق مس العذاب , و أي شيء يحقق الالم ويذيق مس العذاب أكثر من الجلد مائة جلد ة ! .
فالشريعة عندما وضعت عقوبة الجلد للزنا لم تضعها اعتباطا , وانما وضعتها على أساس من طبيعة الانسان وفهم لنفسيته وعقليته , والشريعة حينما قررت عقوبة الجلد للزنا دفعت العوامل النفسية التي تدعو للزنا بعوامل نفسية مضاد ة تصرف عن الزنا , فاذا تغلبت العوامل الداعية على العوامل الصارفة وارتكب الزاني جريمته مرة كان فيما يصيبه من ألم العقوبة وعذابها وما ينسيه اللذة ويحمله على عدم التفكير فيها .
وتعاقب القوانين الوضعية على الزنا بالحبس وهو عقوبة لا تؤلم الزاني إيلاما يحمله على هجر اللذة التي يتوقعها من وراء الجريمة , ولا تثير فيه من العوامل النفسية المضادة ما يصرف العوامل النفسية الداعية الى الجريمة أو يكبتها .
وقد أدت عقوبة الحبس الى إشاعة الفساد و الفاحشة , وأكثر الناس الذين يستمسكون عن الزنا لا تصرفهم
عنه العقوبة وانما يمسكهم عنه الدين أو الاخلاق الفاضلة التي لم يعرفها أهل الارض القاطبة الا عن طريق الدين .
وتمتاز الشريعة الاسلامية بأنها حين جعلت الجلد عقوبة للزنا قد حاربت الجريمة في النفس قبل أن تحاربها في الحس , وعالجتها بالعلاج الوحيد الذي لا ينفعها غيره , أما العقوبة التي قررها القانون فإنها لا تمس دواعي الجريمة في نفس المجرم ولا مسه اذا الحبس علاج عن صلح لأية جريمة اخرى فهو لايصلح مجال لجريمة الزنا كما تعاقب الشريعة الزاني الغير المحصن بالتغريب عاما بعد جلده , ويرى القائلون بالتغريب أن يغرب الزاني من بلده الذي زنا فيه الى بلد آخر داخل حدود دار الاسلام على ان لاتقل المسافة بين بلدين عن مسافة القصر .
والتغريب يعتبر عقوبة تكميلية بالنسبة لعقوبة الجلد والحكمة منه هو التمهيد لنسيان الجريمة بأسرع ما يمكن , وهذا يقتضي غبعاد المجرم عن مسرح الجريمة , أما بقاؤه بين ظهرا في الجماعة فإنه يحيى ذكرى الجريمة ويحول دون نسيانها بسهولة .
والثانية ان ابعاد المجرم عن مسرح الجريمة يجذبه مضايقات كثيرة لابد أن يلقاها اذا لم يبعد , وقد تصل هذه المضايقات الى حد قطع الرزق وقد لاتزيد على حد المهانة و التحفيز فالابعاد يهيء للجاني ان يحيا من جديد حياة كريمة .
أما بخصوص عقوبة الرجم الخاصة بالزاني المحصن رجلا كان أو امراة , ومعنى الرجم القتل رميا بالحجارة , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم امر بها وأجمع اصحابه من بعده عليها ومن الاحاديث المشهورة في هذا الباب " لا يحل دم امريء مسلم الا باحدى ثلاث : كفر بعد الايمان , وزنا بعد إحصان , وقتل نفس بغير نفس " ويستكثر البعض منا اليوم عقوبة الرجم على الزاني المحصن وهو قول يقولونه بافواههم و لاتؤمن به قلوبهم , ولو أن احد هؤلاء وجد امراته او ابنته تزني واستطاع ان يقتلها ومن يزني بها لما تاخر عن ذلك , والشريعة الاسلامية قد سارت في هذه المسالة كما سارت في كل احكامها على ادق المقاييس واعدلها فالزاني المحصن هو قبل كل شيء مثل شيء لغيره من الرجال والنساء المحصنين وليس للمثل السيء في الشريعة الاسلامية حق البقاء , والشريعة الاسلامية بعد ذلك تقوم على الفضيلة المطلقة وتحرص على الاخلاق و الاعراض والانساب من التلوث و الاختلاط , وهي توجب على الانسان ان يجاهد شهوته و لايستجيب لها الا من طريق الحلال و هو الزواج .
فهل رضي الناس حكم القانون ؟ انهم لم يرضوه ولن يرضوه بل انهم حينما رفضوا حكم القانون القائم مرغمين اقبلوا على عقوبةالشريعة المعطلة مختارين فهم يقتصون من الزاني محصنا و غير محصن بالقتل وهم ينفذون القتل بوسائل لا يبلغ الرجم بعض ما يصحبها من العذاب , فهم يغرقون الزاني و يحرقونه ويقطعون أوصاله ويهشمون عظامه ويمثلون به أشنع تمثيل و اقلهم جرأة على القتل يكتفي بالسم يدسه لمن اوجب عليه الموت زناه لبلغت نصف جرائم القتل جميعا , فاذا كان هذا هو الواقع فما الذي نخشاه من عقوبة الرجم .؟
ان الاخذ بها لن يكون الا اعترافا بالواقع , والاعتراف بالواقع شجاعة و فضيلة , ولا أظننا بالرغم مما وصلنا إليه من تدهور نكرة الاقرار بالحق او نخشى الاعتراف بالواقع المحسوس .
- فعقوبة الشريعة العادلة الرادعة قد خلفت وراءها مجتمعا صالحا يقوم على الاخلاق الفاضلة وعقوبة القانون الهيئة على الافراد المضيعة للجماعة قد تركت وراءها مجتمعا فاسدا منحلا تسيره الاهواء وتحكمه الشهوات .

المراجع :
- التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي – الجزء الثاني – لدكتور : عبد القادر عودة
- الوجيز في القانون الجنائي الخاص - الجزء الأول – طبعة 2003 – لدكتور : أحسن بوسقيعة

look/images/icons/i1.gif جريمة الزنا وفق القانون الجزائري
  30-05-2021 03:50 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-05-2021
رقم العضوية : 27973
المشاركات : 1
الدولة : الجزائر
الجنس :
تاريخ الميلاد : 15-10-1977
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : إداري
مشكوريييييييييييييييييييين

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
جريمة ، الزنا ، وفق ، القانون ، الجزائري ،









الساعة الآن 10:23 AM