الفصل الثاتي : رد الإعتبار الجزائي.
رد الإعتبار الجزائي هو الأداة التي تسمح للمحكوم عليه بعقوبة جزائية التخلص من هذه العقوبة و استعادة مركزه في المجتمع كمواطن سوي و بالتالي الإستفادة من كل الحقوق و المزايا التي يرتبها القانون لهذا الأخير , و قد تناوله المشرع الجزائري في الباب السادس من الكتاب السادس من قانون الإجراءات الجزائية تحت عنوان: "في رد الاعتبار للمحكوم عليهم " و ينقسم رد الإعتبار الجزائي إلي قسمين: رد اعتبار قانوني و رد اعتبار قضائي يشتركان في أنهما يشملان الأحكام الصادرة عن جهات قضائية جزائرية فقط, و سنحاول التطرق لكل واحد منهما في مبحث مستقل .
المبحث الأول : رد الإعتبار القانوني
تناولته المادتان 677 و 678 من قانون الإجراءات الجزائية إضافة إلى نص المادة 676 من نفس القانون و الذي يتحدث عن رد الإعتبار بصفة عامة , و من خلال هذه النصوص سنحاول التطرق إلى شروط رد الإعتبار القانوني في مطلب أول و إلى آثاره في مطلب ثان .
المطلب الأول : شروط رد الإعتبار القانوني
بالرجوع إلى نص المادتين 677 و 678 من ق ا ج يمكن تصنيق هذه الشروط إلى صنفين: شروط المتعلقة بالعقوبة و شروط متعلقة بسلوك المعني سنتطرق إلى كل صنف في فرع مستقل .
الفرع الأول : الشروط المتعلقة بالعقوبة
تختلف هذه الشروط باختلاف طبيعة العقوبة فيما إذا كانت نافذة أو موقوفة النفاذ
1) بالنسبة للعقوبة النافذة : العقوبة النافذة قد تكون سالبة للحرية و قد تكون غرامة .
2) فيما يختص بالحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته ستة شهور بعد مهلة عشر سنوات اعتبارا من انتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم.
3) فيما يختص بالحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي تتجاوز مدته السنتين أوبعقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة بعد مهلة خمس عشرة سنة تحتسب كما تقدم الذكر في الفقرة السابقة.
4) فيما يختص بالعقوبة الوحيدة بعقوبة الحبس لمدة تزيد على سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنتين بعد مضي مهلة عشرين سنة تحتسب بالطريقة نفسها" .
من خلال فقرات هذه المادة نستنج أن المشرع يشترط فيما يخص العقوبة السالبة للحرية أن تكون حبسا "emprisonnement " و أن يتم تنفيذ هذه العقوبة أو أن تتقادم إضافة إلى ضرورة مرور مهلة معينة تتحدد مدتها تبعا لمدة الحبس المحكوم بها من جهة و تبعا لكون الحكم المراد رد الإعتبار بخصوصه صدر مرة واحدة أو أنه صدرت عدة أحكام من جهة أخرى, و سنتحدث عن هذه الشروط تباعا :
أ-1) ضرورة كون العقوبة السالبة للحرية حبسا:
و الحبس هو عقوبة أصلية في مادة المخالفات و الجنح طبقا لنص المادة 05 من قانون العقوبات و أدنى مدة للحبس حسب هذه المادة هي يوم واحد و أقصى مدة له هي خمس سنوات ماعدا الحالات التي يقررفيهاالمشرع حدودا أخرى و بذلك استبعد هذا الأخير عقوبة السجن وبالتالي فالعبرة هي باللفظ المستعمل في الحكم المقرر للعقوبة السالبة للحرية مع مراعاة المدة المشترطة في رد الإعتبار .
أ-2) ضرورة تنفيذ عقوبة الحبس :
تنفيذ هذه العقوبة يقتضي أن يوضع المعني في المؤسسة العقابية و يقضي الفترة المحددة له, و لا يبدأ حساب المدة المشترط مرورها في رد الإعتبار إلا من اليوم الذي يخرج فيه المعني من المؤسسة العقابية, و الأصل في تنفيذ الأحكام السالبة للحرية أن يتم فور صيرورة الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به و لا يجوز تأجيل تنفيذه إلا في حالات معينة حصرتها المادة 16 من الأمر 72/02 المؤرخ في 10/02/1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين ومن هذه الحالات: حدوث وفاة في عائلة المحكوم عليه أو ثبوت مشاركته في امتحان هام بالنسبة لمستقبله.... كما تحسب- بالنسبة لتنفيذ العقوبة- مدة السنةب 12 شهرا الشهر وب 30 يوما و اليوم ب 24 ساعة و هذا حسب المادة 12من الأمر72-02 المذكور أعلاه, و إذا لم تنفذ عقوبة الحبس فإنه يجب أن تكون قد تقادمت.
و تتقادم العقوبة في مادة المخالفات بمرور سنتين كاملتين من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار نهائيا و هذا حسب المادة 615 ق ا ج , كما تتقادم الجنح بمرور خمس سنوات كاملة من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار نهائيا طبقا للمادة 614 من ق ا ج, و العقوبات التي تتقادم هي العقوبات التي تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا كعقوبة الحبس حيث تطبق عليها فكرة التقادم إذا أفلت المحكوم عليه من قبضة العدالة , أما العقوبات التي لا تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا كالحرمان من الحقوق الوطنية فإنها لا تكون محلا للتقادم و لا تسقط إلا بالعفو الشامل أو رد الإعتبار و لا يبدأ حساب ميعاد التقادم إلا بعد استنفاذ طرق الطعن المتمثلة في المعارضة ,الاستئناف و الطعن بالنقض أو بفوات المواعيد المقررة لها.
و تنقطع مدة تقادم العقوبة بالقبض على المتهم أو إتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ ضده , و تجدر الإشارة إلى أن تقادم العقوبة سواء كانت غرامة أو حبسا يحرم المعني من الإستفادة من رد الإعتبار القضائي و هذا خلافا لرد الإعتبار القانوني .
أ-3) ضرورة مرور مهلة معينة :
إن طول هذه المهلة يتحدد تبعا لمدة الحبس المحكوم بها من جهة و تبعا لكون الشخص محل رد الإعتبار القانوني قد صدر عليه حكم مرة واحدة أو عدة أحكام و سنحاول تحديد هذه المدة كما ذكرتها المادة 677/4,3,2 من ق اج كما يلي:
- بخصوص الحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته ستة أشهر: فهنا يجب أن تمر مهلة عشر سنوات اعتبارا من إنتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم كما تم شرحه أعلاه أي في حالة الحكم على المعني بعقوبة الحبس مرة واحدة فقط وكانت مدة هذا الحبس لا تتجاوز ستة أشهر فإنه يجب أن تمر عشر سنوات ابتداء من تاريخ خروج المعني من المؤسسة العقابية أو اعتبارا من تقادم عقوبة الحبس , وقد يتبادر سؤال للذهن هل عقوبة الحبس ستة أشهر بالضبط تدخل ضمن هذه الحالة أولا ؟ لكن بالرجوع إلى عبارة "لا تتجاوز" فإنه يفهم منها أنها تدخل ضمن هذه الحالة.
بخصوص الحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة بعد مهلة خمس عشرة سنة تحسب كما تقدم ذكره في الفترة السابقة, يفهم من هذه الفقرة أنه إذا كانت عقوبة الحبس وحيدة وتراوحت مدتها بين أكثر من ستة أشهر و سنتين كحد أقصى أو إذا كانت عدة عقوبات بالحبس و لكن لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة فإنه يجب مرور خمس عشرة سنة كاملة تحسب بنفس الطريقة المذكورة أعلاه .
- بخصوص الحكم بالعقوبة الوحيدة بالحبس لمدة تزيد عن سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنتين بعد مضي عشرين سنة تحسب كما سبق شرحه : ففي هذه الحالة يجب أن تمر عشرين سنة كاملة سواء كان الحكم بعقوبة الحبس مرة واحدة تزيد مدته عن سنتين أو كان الأمر متعلقا بعقوبات متعددة تتراوح مدتها بين أكتر من سنة و بين سنتين كحد أقصى, و بالتالي فإن رد الإعتبار القانوني بخصوص العقوبات المتعددة التي يتجاوز مجموعها سنتين حبسا مستبعد و هو أمر منطقي كون المادة 678-04 لم تتحدث عن المدة المشترط مرورها في حالة تجاوز مجموع عقوبات الحبس المتعددة السنتين .
ب- إذا كانت العقوبة غرامة :
الغرامة عقوبة أصلية طبقا للمادة "05" من قانون العقوبات و تكون في الجنح و المخالفات دون الجنايات و كون الغرامة عقوبة أصلية في المواد الجزائية فهي بذلك شخصية لا توقع إلا على من تمت إدانته جزائيا و يجب أن تفرض بناء على حكم قضائي , كما أن الحكم المتضمن للغرامة يمكن أن يعتبر سابقة في العود , كما يجب أن يحدد مبلغها تحديدا دقيقا , و باعتبار الغرامة عقوبة أصلية فإنه
يجب تنفيذها سواء تنفيذا عينيا أي تسديدها أو تنفيذها من خلال الإكراه البدني , وإذا لم تنفذ فإنه يشترط أن تكون قد تقادمت و هذا حسب المادة 677-01 و التي تنص :
"...1) فيما يختص بعقوبة الغرامة بعد مهلة خمس سنوات اعتبار من يوم سداد الغرامة أو إنتهاء الإكراه البدني أو مضى أجل التقادم ", و بالتالي فالشروط المطلوبة لرد الإعتبار القانوني بخصوص عقوبة الغرامة تقتضي أن يتم تسديد هذه الغرامة أو مرور مدة الإكراه البدني أو تقادمها إضافة إلى ضرورة مرور خمس سنوات يبدأ حسابها من تاريخ التسديد أو إنتهاء الإكراه البدني أو التقادم .
ب-1) تسديد الغرامة :
الأصل أن تنفيذ عقوبة الغرامة يكوم عينيا بمجرد صيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به طبقا للمادة 597/02 من ق ا ج و يتم ذلك من خلال تسديدها لدى مصالح الضرائب و التي تسلم للمعني وصلا يثبت ذلك, غير أنه و حسب المادة 598 من ق ا ج و إذا لم تكن أموال المحكوم عليه كافية لتغطية المصاريف و الغرامة أو رد ما يلزم رده خصص المبلغ الموجود لديه فعلا حسب ترتيب الأولوية الأتي:
-المصاريف القضائية .
-رد ما يلزم رده .
-التعويضات المدنية .
-الغرامة .
و في هذه الحالة يبدأ حساب مدة الخمس سنوات المشترطة ابتداء من تاريخ تسديد الغرامة , و إذا لم يقم المحكوم عليه بالوفاء بمبلغ الغرامة فإنه يلجأ إلى إكراهه بدنيا وذلك ما سنبينه فيما يلي :
-2ب) الإكراه البدني :
تناولته المواد من 597 إلى 611 من قانون الإجراءات الجزائية تحت عنوان " في الإكراه البدني " و الإكراه البدني معناه حبس المحكوم عليه بعقوبة مالية لمدة من الزمن و يتم بأمر من وكيل الجمهورية, و تنص المادة 599 من ق ا ج: " ويجوز تنفيذ الأحكام الصادرة بالإدانة و برد ما يلزم رده والتعويضات المدنية و المصاريف بطريق الإكراه البدني و ذلك بقطع النظرعن المتابعات على الأموال حسب ما هو منصوص عليه المادة 597. ويتحقق تنفيذ هذا الإكراه البدني بحبس المحكوم عليه المدين و لا يسقط الإكراه البدني بحال من الأحوال الالتزام الذي يجوز أن تتخذ بشأنه متابعات لاحقة بطرق التنفيذ العادية "يفهم من أن هذه المادة أن قضاء المحكوم عليه مدة معينة من الحبس تنفيذا للإكراه البدني لا يعفيه البتة من الالتزامات المالية التي يمكن للدائنين بها متابعة المحكوم عليه بشأنها و مطالبتهم إياه تسديدها .
و تنص المادة 600 فقرة 1) ق ا ج: " يتعين على كل جهة قضائية جزائية حينما تصدر حكما بعقوبة غرامة أو رد ما يلزم رده أو تقضي بتعويض مدني أو مصاريف أن تحدد مدة الإكراه البدني " و بذلك فمن غير الممكن إبقاء المكره بدنيا مدة غير محددة في الحبس , و هذه المدة تتحدد حسب مقدار الغرامة المحكوم بها كما يلي :
- من يومين إلى عشر أيام إذ لم يتجاوز مقدار الغرامة أو الأحكام المالية الأخرى 100 د ج .
- من عشرة أيام إلى عشرين يوما إذا كان مقدارها يزيد على 100 د ج و لا يتجاوز 250 د ج.
- من عشرين إلى أربعين يوما إذا زاد على 250 دينارا و لم يتجاوز 500 د ج.
- من أربعين إلى ستين يوما إذا زاد عن 500 دينار و لم يتجاوز 1000 د ج.
- من شهرين إلى أربعة شهور إذا زاد عن 1000 دينار و لم يتجاوز ألفي دينار .
- من أربعة إلى ثمانية شهور إذا زاد عن ألفي دينار و لم يتجاوز أربعة آلاف دينار .
- من ثمانية أشهر إلى سنة واحدة إذا زاد عن أربعة آلاف دينار و لم يتجاوز ثمانية آلاف دينار .
- من سنة واحدة إلى سنتين إذا زاد عن ثمانية آلاف دينار .
و في قضايا المخالفات لا يجوز أن تتجاوز مدة الإكراه البدني شهرين.
كما تنص المادة 603 /01 من ق ا ج على أنه :" يوقف تنفيذ الإكراه البدني لصالح المحكوم عليهم الذين يثبتون لدى النيابة عسرهم المالي بأن يقدموا خصيصا لذلك شهادة فقر يسلمها رئيس المجلس الشعبي البلدي أو شهادة الإعفاء من الضريبة يسلمها لهم مأمور الضرائب البلدة التي يقيمون فيها ".
و هنا يطرح تساؤل حول التاريخ الذي يبدأ منه حساب مهلة الخمس سنوات هل من تاريخ توقيف الإكراه البدني أو من تاريخ إنتهاء المدة التي كان من المفروض على المحكوم عليه قضاءها في الحبس , لكن بالرجوع إلى عبارة :" اعتبارا من يوم سداد الغرامة أو إنتهاء الإكرام البدني ". فإنه يمكن القول بأن حساب المدة يبدأ من تاريخ توقيف الإكراه البدني لأن توقيفه يعتبر بمثابة انتهاء له .
و تنص المادة 604/01 و02 من ق ا ج على أنه :" لا يجوز القبض على المحكوم عليه بالإكراه البدني و حبسه إلا بعد:
1- أن يوجه إليه تنبيه بالوفاء و يظل بغير جدوى لمدة تزيد عن عشرة أيام .
2- أن يقدم من طرف الخصومة المتابع له طلب بحبسه ..."
و كذلك يجب - قبل توجيه بالوفاء إليه - أن يبلغ بحكم الإدانة و إذا لم يتم تبليغه به فإنه يجب أن يتضمن التنبيه بالوفاء مستخرجا من الحكم .
و إذا لم يسدد المحكوم عليه مبلغ الغرامة أو لم ينفذ عليه بطريق الإكراه البدني فإنه يشترط أن تكون عقوبة الغرامة قد تقادمت حتى يستفيد من رد الإعتبار القانوني .
ب-3) تقادم عقوبة الغرامة :
بالرجوع إلى نص المادتين 614 و 615 من قانون الإجراءات الجزائية نجد بأن عقوبة الغرامة في مواد الجنح تتقادم بمرور 5 سنوات كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصبح حكم أو قرار الإدانة نهائيا، كما أن عقوبة الغرامة في مواد المخالفات تتقادم بمضي سنتين كاملتين من يوم صيرورة الحكم أو القرار نهائيا , و بذلك في هذه الحالة فإن مدة الخمس سنوات المشترطة يبدأ حسابها من يوم إنتهاء مدة تقادم عقوبة الغرامة حسب المدد التي ذكرتاها أعلاه .
و قد تكون العقوبة مركبة أي الحبس و الغرامة معا ففي هذه الحالة من أين يبدأ حساب المهلة المشترطة لرد الإعتبار القانوني هل من تاريخ الإفراج عن المحكوم عليه أم من تاريخ تسديده الغرامة ؟ و قانون الإجراءات الجزائية لم يتحدث من هذه الحالة و لكن يرى البعض أن العبرة تكون بتاريخ الإفراج على المحكوم عليه و هذا لا يعني إعفائه من تسديد الغرامة المفروضة عليه.
وتجدر الإشارة إلى أنه و حسب المادة 677 ق ا ج فإن العقوبات التي صدر أمر بإدماجها تعد بمثابة عقوبة واحدة في مجال تطبيق الأحكام السابقة و هذا يسري على عقوبة الحبس و الغرامة معا و ذلك تطبيقا للمواد 35/02 ,36 , 37 و 38 من قانون العقوبات، كما تجدر الملاحظة إلى أن الإعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريق العفو أي " La Grâce " يقوم مهام تنفيذها الكلي أو الجزائي و هذا كذلك ينطبق على عقوبة الحبس و الغرامة معا و هذا إستنادا إلى المادة 677 الفقرة الأخيرة .
في الأخير و بخصوص عقوبة يمكننا تلخيص الشروط المتعلقة بها و المتمثلة في : مرور مهلة خمس سنوات يبدأ حسابها سواء من يوم تسديد الغرامة أو إنتهاء مدة الإكراه البدني أو من يوم تقادمها .
2 ) بالنسبة للعقوبة موقوفة النفاذ :
تنص المادة 678 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه :"يرد الإعتبار بقوة القانون لكل محكوم عليه بعقوبة الحبس أو الغرامة مع إيقاف التنفيذ، و ذلك بعد إنتهاء فترة إختيار خمس سنوات إذا لم يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ و تبدأ هذه المهلة من يوم ضيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي "
من خلال هذا النص يمكن استخراج شروط رد الإعتبار القانوني بالنسبة للعقوبة موقوفة النفاذ و هي :
- صدور حكم بالحبس أو الغرامة موقوف النفاذ.
- مرور الفترة التجريبية المقدرة بخمس سنوات.
- و عدم حصول إلغاء لإيقاف التنفيذ.
أ- صدور حكم بالحبس أو الغرامة موقوفة النفاذ :
ما يمكن الإشارة إليه في البداية هو أن العقوبة الموقوفة النفاذ لا يمكن الحكم بها إلا إذا لم يكن المعني قد سبق الحكم عليه بعقوبة الحبس لجناية أو جنحة من جرائم قانون العام و هذا حسب المادة 592 من ق ا ج , و بذلك فإن عقوبة المخالفات حتى لو كانت بالحبس لا تحول دون إفادة المحكوم عليه بوقف التنفيذ , و نفس الشيء يقال على الغرامة المحكوم بها وحدها في جنحة , كما أن الجرائم العسكرية و السياسية لا تؤخذ بعين الإعتبار( ) ، و يشترط في العقوبة موقوفة التنفيذ و التي تكون محلا لرد الإعتبار القانوني أن تكون حبسا أو غرامة .
ب -مرور الفترة التجريبية المقدرة بخمس سنوات :
يجب أن تمر خمس سنوات كاملة من تاريخ صيرورة حكم الإدانة نهائيا و هذا دون أن يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ .
ج- عدم حصول إلغاء لإيقاف التنفيذ :
تنص المادة 593 ق ا ج:" إذا لم يصدر ضد المحكوم عليه بعد ذلك خلال مهلة خمس سنوات من تاريخ الحكم الصادر من المحكمة أو المجلس حكم بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها لإرتكاب جناية أو جنحة اعتبر الحكم بإدانته غير ذي أثر .
و في الحالة العكسية تنفذ أولا العقوبة الصادر بها الحكم الأول دون أن تلتبس بالعقوبة الثانية".
هذا النص يتحدث عن الحالات التي يتم فيها إلغاء وقف النفاذ و هي صدور حكم جديد بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها لإرتكاب جناية أوجنحة لكنه لم يوضح بدقة إجراءات إلغاء وقف النفاذ , فهل يحصل هذا الإلغاء بقوة القانون أو يتطلب صدور حكم بخصوصه ؟لقد أجابت المحكمة العليا عن هذا التساؤل في إحدى قراراتها و أهم ما جاء فيه:
" إن إلغاء وقف التنفيذ في هذه الحالة يؤدي إلى التنفيذ المتوالي للعقوبة الأولى و الثانية مع الملاحظة و أن سقوط الحق في وقف التنفيذ يتم بقوة القانون دون حاجة لصدور أمر لهذا العرض من طرف القاضي الذي وقعت أمامه المتابعة الثانية و ليس ملزما بإصدار أمر بذلك "، ومما جاء فيه كذلك :
"... وحيث متى كان ذلك فإنه يتعين على النيابة العامة و على النيابة وحدها أن تبادر بتنفيذ العقوبة التي تم إلغاؤها على الشكل المنوه عنه أعلاه ..."
من خلال هذا القرار يمكن القول بأن إلغاء وقف التنفيذ يكون بقوة القانون دون حاجة إلى صدور أي حكم يقضي بإلغائه كما أن النيابة هي التي تسعى إلى تنفيذ العقوبة الأولى لأن ذلك يدخل ضمن صلاحياتها.
الفرع الثاني : الشروط المتعلقة بسلوك المعني
تنص المادة 677 /01 من قانون الإجراءات الجزائية :" يعتبر رد الإعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه الذي لم يصدر عليه خلال المهل الأتي بيانها حكم جديد بعقوبة الحبس أو عقوبة أخرى أكثر منها جسامة لارتكاب جناية أو جنحة ".
كما تنص المادة 678 /01 من نفس القانون :"يرد الإعتبار بقوة القانون لكل محكوم عليه بعقوبة الحبس أو الغرامة مع إيقاف التنفيذ و ذلك بعد إنتهاء فترة اختبار خمس سنوات إذا لم يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ " من خلال هذين النصين نلاحظ أن المشرع الجزائري اشترط حتى يتمتع الشخص برد الإعتبار بقوة القانون ألا يرتكب هذا الأخير خلال المدد التي سبق ذكرها أي جريمة يترتب عليها صدور حكم بعقوبة الحبس أو عقوبة أكثر منها جسامة لارتكاب جناية أو جنحة، أي بعبارة أخرى فإن المشرع إشترط حسن سلوك المعني خلال تلك المدد الطويلة نسبيا، و ما يمكن إستنتاجه من المادة 677 فقرة 1 من ق ا ج هو :
1- أن ارتكاب المعني خلال المدة المشترط مرورها لمخالفة سواء كان معاقبا عليها بعقوبة الحبس أو الغرامة أو هما معا لا يحرمه من الإستفادة من رد الإعتبار القانوني.
2- أن ارتكاب المعني خلال المدة المشترط مرورها لجنحة تم عقابه عليها بالغرامة فقط لا يحرمه من الإستفادة من رد الإعتبار القانوني .
3- استبعاد العقوبات التكميلية و تدابير الأمن التي يتضمنها الحكم الجديد
4- استبعاد الجرائم العسكرية و السياسية و هذا بالنسبة للعقوبة الموقوفة التنفيذ لأن لأن المشرع في المادة 592 من ق ا ج في صياغتها الفرنسية - و هي الأسلم بإعتبارها النص الأصلي - ينص على اشتراط عدم صدور حكم جديد على المعني يقضي بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها لإرتكاب جناية أو جنحة من القانون العام : غير هذا النوع من الجرائم غير مستبعد في العقوبة النافذة .
و قد يطرح تساؤل بخصوص عبارة حكم جديد الواردة في نص المادة 677/01 ق ا ج - و التي تخص العقوبة النافذة هل يقصد به الحكم بمفهومه الضيق أم بمفهومـه الواسع أي الحكـم و القـرار سواء كان صـادرا عن المجلس أو المحكمة العليا ؟ هذا من جهة و من جهة أخرى هل صدور حكم جديد ابتدائي على المعني خلال المدة المشترطة لرد الإعتبار القانوني و صيرورته نهائيا بعد فواتها يحرم المعني من الإستفادة من رد الإعتبار القانوني أم لا ؟
و حسب رأينا فإن المقصود بالحكم في التساؤل الأول هو الحكم بمفهومه الواسع ذاك أنه إذا تم قصره على الحكم بمفهومه الضيق فقط فنكون أمام أمر غير مستصاغ لأنه من باب أو لى أن يشمل القرار مادام الحكم مشمولا .
أما بخصوص التساؤل الثاني فإن الإجابة عليه تعتمد على مدى اعتبار أن الحكم الجديد يجب أن يكون نهائيا أو لا , و في رأينا يجب أن يكون هذا الحكم نهائيا لأن هذا أمر منطقي كما أنه يكون قي صالح المحكوم عليه خاصة و أن المدد المطلوبة في رد الإعتيار القانوني طويلة نسبيا.
و بهذا يشترط أن تمر على الحكم الجديد مواعيد المعارضة إذا صدر غيابيا
وكذا مواعيد الاستئناف و الطعن بالنقض , و بالنتيجة فإن صدور حكم جديد ابتدائي على المعني خلال المدة المشترطة لرد الإعتبار القانوني و صيرورته نهائيا بعد مرورها لا يحرمه من الاستفادة من رد الإعتبار القانوني مادام لم يكن نهائيا قبل فواتها.
المطلب الثاني : أثار رد الإعتبار القانوني
المقصود بآثار رد الإعتبار القانوني هي النتائج التي تترتب عليه أو بالأحرى الفائدة التي يجنيها المحكوم عليه و يمكن تقسيم هذه الآثار إلى نوعين :
آثار على الأشخاص وآثار على صحيفة السوابق القضائية و سنتطرق في كل فرع مستقل:
الفرع الأول : آثار رد الإعتبار القانوني على الأشخاص
تنص المادة 676 / 02 من قانون الإجراءات الجزائية على : و يمحو رد الإعتبار في المستقبل كل أثار الإدانة العادلة و ما نجم عنها من حرمان الأهليات يستخلص من هذه الفقرة أن آثار رد الإعتبار تكون بالنسبة للمستقبل لا الماضي
و بالتالي فليس له أثر رجعي , و بذاك فإن حدث وأن تم عزل شخص من وظيفته بسبب الحكم محل رد الإعتبار فإن ذلك الشخص لا يستطيع التحجج برد الإعتبار للمطالبة بإعادته إلى منصبه السابق ، غير أنه يمكنه الإستناد عليه لتولي وظيفة ما و هذا ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها الصادرة بتاريخ 14 أكتوبر 1971 كما أن سقوط أثار الحكم بالإدانة بالنسبة للعقوبات الأصلية يؤدي إلى سقوط العقوبات التبعية و التكميلية الناتجة عنه و العقوبات التبعية هي التي تترتب على عقوبة أصلية و لا يصدر الحكم بها و إنما تطبق بقوة القانون و هي متعلقة بالجنايات فقط و تتمثل في الحجر القانوني و الحرمان من الحقوق الوطنية و هذا حسب المادتين 04/03 و 06 من قانون العقوبات، في حين العقوبات التكميلية هي التي لا يحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية و يجب أن تذكر في الحكم و هي :
- تحديد الإقامة.
- المنع من الإقامة.
- الحرمان من مباشرة بعض الحقوق.
- المصادرة الجزائية للأموال.
- حل الشخصي الإعتباري.
- ونشر الحكم.
و قد نصت عليها المادتان 04 / 04 و المادة 09 من قانون العقوبات .
و العقوبة التي شملها رد الإعتبار القانوني لا تحول دون تطبيق نظام وفق التنفيذ
و هذا ما يستشف من المادة 692 فقرة 2 من ق إ ج : و في هذه الحالة لاينوه عن العقوبة في القسيمتين 02 و03 من صحيفة السوابق القضائية .
و من المعلوم أن صحيفة السوابق القضائية رقم "02" يستعين بها القضاة في منح نظام وفق التنفيذ من عدمه.
و رد الإعتبار القانوني لا يؤدي إلي سقوط الحكم محل رد الإعتبار كما لا يؤدي إلى سقوط الجريمة كونها حدثت بالفعل و هي واقع لا يمكن تغيره
كما أن رد الإعتبار القانوني للمحكوم عليه يجعل من الحكم محل رد الإعتبار كأن لم يكن و بالتالي لا يؤخذ بعين الإعتبار لتطبيق قواعد العودالمنصوص عليها بالمواد من54 إلى 59 من قانون العقوبات .
الفرع الثاني : آثار رد الإعتبار القانوني على صحيفة السوابق القضائية
تنص المادة 692 /01 و 02 على أنه : « ينوه عن الحكم الصادر برد الإعتبار على هامش الأحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية .
و في هذه الحالة لا ينوه عن العقوبة في القسيمتين 02 و 03 من صحيفة السوابق القضائية.
ما يلاحظ أن الصياغة العربية لهذه المادة قي فقرتها الأولى مخالفة للصياغة الفرنسية.
و هذه الصياغة أوضح من صياغة النص العربي كما أنها الأقرب إلى الواقع و بالتالي يمكن الأخذ بها باعتبار النص الفرنسي هو النص الأصلي .
وتتمثل آثار رد الاعتبار القانوني على صحيفة السوابق القضائية في أنه يتم التأشير على القسيمة رقم "01" للمعني بأنه قد رد إعتباره القانوني مع ذكر تاريخ التأشيرو إمضاء أمين الضبط المكلف بمصلحة السوابق القضائية ، كما أنه و بمجرد رد الاعتبارالقانوني فإنه لا يتم ذكر العقوبة محل رد الاعتبار وهذا في القسيمتين 02 و03 و في عديد من المجالس القضائية فإن التأشير برد الاعتبار القانوني لا يتم على القسيمة رقم"01"
و إنما يتم على سجل رد الاعتبار القانوني و القضائي الممسوك على مستوى مصلحة السوابق القضائية ثم توضع البطاقة (B1) قي حافظة خاصة مع جميع البطاقات(B1) للأشخاص الذين تم رد اعتبارهم .
وتجدر الملاحظة إلى أنه إلى جانب عملية التأشير المذكورة أعلاه فإنه و بعد إنشاء المركز الوطني لصحيفة السوابق القضائية فإن التأشير على رد الاعتبار أصبح يتم كذلك على مستوى جهاز الإعلام الآلي إلا أن هذا التأشير بخصوص رد الاعتبار القانوني يتطلب نوعا من الوقت لأن البيانات المستعملة في النظام القديم لا تسمح بذلك هذا و قد عملت المدرية العامة للعصرنة و التنظيم و المناهج بوزارة العدل على تثبيت تشغيل المركز الوطني لصحيفة السوابق القضائية و لذلك الغرض أرسلت بالارسالية رقم 50 بتاريخ 08/02/2004 إلى السادة النواب العامين ومما جاء فيها بخصوص رد الاعتبار القانوني : كل خانات بطاقات صحيفة السوابق القضائية رقم 01 يجب أن تملأ بصفة سليمة و لكي يمكن استغلال جميع أقسام ( Modules) النظام الجديد و لا سيما المتعلق برد الاعتبار بقوة القانون ، كما أعدت المديرية العامة للعصرنة.
و التنظيم المناهج دليلا لتطبيق البرنامج الخاص بصحيفة السوابق القضائية تم إنجازه في جويلية 2004 و مما جاء فيه بخصوص رد الاعتبار القانوني : فيما يخص فعالية هذا الزر فإنه في الوقت الحالي لا يمكنك استعماله (أي زر رد الاعتبار بقوة القانون) ذلك أن هذه العملية تتطلب أن تكون الحقول الآتية الذكر مملوءة بالمعلومات تاريخ الحكم ,تاريخ الخروج من الحبس , طبيعة العقوبة , تسديد الغرامة , نوع الغرامة , [الدفع , الإكراه البدني ] و بما أنك لم تكن تستعمل هذه الحقول من قبل سواء بعدم ملئها أو أنها لم تكن موجودة أصلا في النظام القديم ,لذلك فإنك لن تتمكن من إستعمال هذا الزر إلا بعد مدة معينة، أي بعد أن تكون قد استعملت هذه الحقول في تحصيلك للمخالفات في النظام الجديد.
و في إنتظار ذلك فإن آليات رد الاعتبار بقوة القانون يتم إعمالها عند تحقيق الآجال التقادم القانوني .
و حتى يتسني فهم آثار رد الاعتبار بطريقة جيدة لا بأس أن نذكر أنواع قسائم السوابق القضائية و ما تتضمنه كل قسيمة :
هذه الأنواع تناولتها المواد من 618 إلى 645 من ق ا ج كما يلي :
1- القسيمة رقم 01 :
تناولتها المواد من 618 إلى 629 من ق إ ج وهي تتضمن :
- أحكام الإدانة الحضورية أو الغيابية غير المطعون فيها بالعارضة المحكوم بها في جناية أو جنحة حتى و لو موقوفة النفاذ.
- الأحكام الحضورية أو الغيابية غير المطعونة فيما بالمعارضة الصادرة في المخالفات إذا كانت العقوبة تزيد عن الحبس لمدة 10 أيام أو 400 د ج غرامة حتى و لو كانت موقوفة النفاذ .
- الأحكام الصادرة في حق الأحداث المجرمين .
- القرارات التأديبية الصادرة من السلطات القضائية أو السلطات الإدارية إذا ترتب عليها أو نص فيها عن التجريد من الأهليات .
- الأحكام المقررة لشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .
- إجراءات الأبعاد المتخذة ضد الأجانب .
* إن كل حكم صاد ر بالإدانة و كل قرار تأديبي يكون محلا لقسيمة B1 مستقلة .
* هذه القسيمة أمين ضبط محكمة الإدانة ويؤشر عليها النائب العام أو وكيل الجمهورية بالنسبة للأحكام أما القرارات التأديبية فيحرر القسيمة (B1) الخاصة بها أمين ضبط محكمة ميلاد المعني.
* هذه القسيمة يؤشر فيها برد الاعتبار القانوني أو القضائي.
* نرسل نسخة طبق الأصل منها إلى وزارة الداخلية للعلم بها .
* تنشأ بمجرد صيرورة الحكم نهائيا إذا صدر حضوريا و بعد مرور 15 يوما من تبليغه إذا صدر غيابيا و بمجرد صدوره من محكمة الجنايات إذا صدر غيابيا .
* هذه القسيمة تبقى من متضمنة العقوبة حتى بعد رد الاعتبار.
2 - القسيمة رقم 02 :
تناولتها المادتان 630 و 631 من ق إ ج و تتضمن نفس البيانات التي تتضمنها القسيمةرقم01 غير أنها تسلم إلى :
- أعضاء النيابة.
- قضاة التحقيق.
- وزير الداخلية .
- رؤساء المحاكم لضمها إلى قضايا الإفلاس و التسوية القضائية .
- السلطات العسكرية.
- مصلحة الرقابة التربوية بالنسبة للموضوعين تحت إشرافها .
- المصالح العامة للدولة التي تتلقى طلبات الالتحاق بالوظائف العامة أو عروض المناقصات عن الأشغال العامة أو التوريدات للسلطات العامة .
- السلطات العامة التي تباشر الإجراءات التأديبية أو التي يطلب إليها التصريح بمنشآت تعليمية خاصة.
* هذه القسيمة لا تتضمن الأحكام الصادرة ضد الأحداث إلا إذا كانت موجهة للسلطات القضائية فقط.
* يوقع عليها أمين الضبط الذي حررها و يؤشر عليها النائب العام أو القاضي المكلف بمصلحة السوابق القضائية المركزية .
* بعد رد الاعتبار للمحكوم عليه فإن العقوبة محل رد الاعتبار لا تذكر في هذه القسيمة .
3- القسيمة رقم 03 :
تناولتها المواد من 632 إلى 645 من ق ا ج و تتضمن :
- الأحكام القاضية بعقوبة نافذة مقيدة للحرية الصادرة من جهة قضائية جزائرية و لم يمحها رد الاعتبار سواء كان قانونيا أو قضائيا و هي تخص الجنايات و الجنح فقط .
* و لا يمكن أن يطلبها إلا المعني بها فقط و لا تسلم إلى الغير إطلاقا .
* يوقع عليها أمين ضبط المحكمة التي حررتها و يؤشر عليها النائب العام أو القاضي المكلف بمصلحة السوابق القضائية المركزية .
*بعد رد الاعتبار سواء القانوني أو القضائي فإنه لا ينوه عن العقوبة محل رد الإعتبار قي هذه القسيمة .
المبحث الثاني : رد الاعتبار القضـــــــــائي
يمكننا تعريف رد الاعتبار القضائي على أنه :
" إزالة حكم الإدانة بالنسبة إلى المستقبل على وجه تنقصي معه جميع آثاره وذلك بناء على طلب من المحكوم عليه الذي يصبح ابتداء من رد اعتباره بموجب حكم من المحكمة في مركز من لم تسبق إدانته ".
ومعنى ذلك أن من يحصل على رد اعتباره عموما يجتاز مرحلتين الأولى سابقة على رد الاعتبار و يكون فيها الحكم قائما منتجا لأثاره، أما المرحلة الثانية فهي لاحقة على رد الاعتبار و فيها يزول حكم الإدانة و تنتهي جميع أثاره.
هذا و بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، نجد أن المشرع الجزائري قد نظم رد الاعتبار القضائي في المواد 679 إلى 693 منه، و هو ما سنتطرق إليه.
المطلب الأول : شروط رد الاعتبار القضائي.
بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، نجد أن لرد الاعتبار القضائي شروطا منها ما هو زمني و منها ما هو متعلق بتنفيذ العقوبة و كذلك بالطلب.
غير انه و بالرجوع إلى القانون المقارن و تحديدا القانون المصري, نجده يتطلب توافر الشروط التالية : ( المواد 537 و 538 و 538 و 540 و 541 من قانون الإجراءات الجنائية المصري).
1- تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو انقضائها بالتقادم و هذا خلافا للمشرع الجزائري الذي لم يشترط سوى استنفاذ العقوبة ، وعليه فإذا انقضت العقوبة بالتقادم فلا يجوز للمحكوم عليه أن يحصل على رد الاعتبار القضائي إلا استثناء وهذا ما نصت عليه المادة 682 فقرة 3 ق.إ.ج التي جاء فيها :
" و فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 فلا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي " , و هي الحالة المتعلقة بالمحكوم عليه الذي أدى خدمات جليلة للبلاد مخاطرا فيها بحياته. ولكن يطرح السؤال بالنسبة لرد الاعتبار القانوني ، نظرا لان المادة السابقة حصرت المنع في رد الاعتبار القضائي فقط، فهل يجوز إذا للذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القانوني ؟ .
بالرجوع إلى المادتين 677 و 678 من ق.إ.ج المتعلقتين برد الاعتبار القانوني لا نجد ما يمنع صراحة و على غرار رد الاعتبار القضائي, من تقادمت عقوبته أن يحصل على رد الاعتبار القانوني و بما انه لا استثناء أو حظر إلا بنص، فإنه يستنتج أنه يجوز رد اعتبار المحكوم عليه قانونا حتى و لو انقضت العقوبة بالتقادم، كما أن أقصى مدة مقررة لتقادم العقوبة في الجنايات وهي 20 سنة (المادة 613 ق .إ.ج) موافقة لأقصى مدة مقررة لرد الاعتبار قانونا و هي 20 سنة (المادة 677/4 ق. إ. ج) مما يستنتج معه أن من تتقادم عقوبته في الجنايات يرد له اعتباره قانونيا.
ضف إلى ذلك أن المادة 677 السالفة الذكر تحدد ميعاد حساب رد الاعتبار القانوني من تاريخ مضي من أجل التقادم، و عليه يجوز لمن تقادمت عقوبته الحصول على الاعتبار القانوني ،هذا و قد صدر قرار عن المحكمة العليا بخصوص هذا الموضوع جاء فيه ما يلي :" لا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي، و القرار المطعون فيه الذي قضى برد الاعتبار للمطعون ضده رغم تقادم العقوبات و عدم توافر شروطه، قد اخطأ في تطبيق القانون".
كما انه و في القانون الجزائري و خلافا للقانون المصري , لا يرد الاعتبار القضائي لمن صدر بحقه عفو شامل و هذا بنص المادة 679 ق إ ج التي جاء فيها ما يلي :
" يتعين أن يشمل طلب رد الاعتبار مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل ".
غير انه يطرح تساؤل بالنسبة للعفو عن العقوبة، فهل يجوز لمن استفاد من العفو عن العقوبة أن يطلب رد اعتباره قضاءا ؟ , إن المادة السالفة الذكر استثنت العفو الشامل فقط و لم تنص على العفو عن العقوبة، و عليه قد يفسر ذلك على أنه إجازة لطلب رد الاعتبار القضائي لمن استفاد من العفو عن العقوبة خاصة و انه يتعين تفسير النص الجزائي الإجرائي الذي هو في غير صالح المتهم تفسيرا ضيقا، هذا و ننتظر تدخل المشرع الجزائري ليوضح موقفه بخصوص هذه النقطة.
2- كما يشترط المشرع المصري كذلك مضي فترة التجربة و قد عبر عنها المشرع الجزائري بفترة الاختبار في المادة 682/2 ق.إ.ج وهي مرور مدة زمنية معينة لطلب رد الاعتبار القضائي و للتأكد من حسن سيرة المحكوم عليه.
3- و كذلك اشترط المشرع المصري الوفاء بالالتزامات المالية الناشئة عن الجريمة، و عليه فإن شروط رد الاعتبار القضائي في التشريع الجزائري هي :
الفرع الأول : الشــــــــــــــرط الزمني
فرق المشرع الجزائري من حيث الشرط الزمني بين حالة المحكوم عليه بعقوبة جنائية و المحكوم عليه بعقوبة جنحية من جهة، وبين المبتدئ و العائد من جهة أخرى:
1- فإذا كان المحكوم عليه مبتدئا و كانت العقوبة جنائية، يجوز له تقديم طلب رد الاعتبار من القضاء بعد مضي خمس سنوات و تبدأ هذه المهلة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه و من يوم سداد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بها( المادة 681/2 ق.إ.ج).
2- أما إذا كان المحكوم عليه مبتدئا و كانت العقوبة جنحية، فلا يجوز تقديم طلب رد الاعتبار قبل انقضاء مهلة ثلاث سنوات ، تحسب هذه المدة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية، و من يوم سداد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بها ( المادة 681/1 ق.إ.ج).
3- أما إذا كان المحكوم عليه في حالة عود، فلا يجوز له تقديم طلبه إلا بعد مضي مدة ست سنوات على الأقل تبدأ من يوم الإفراج عنه، و نفس الحكم ينطبق على من صدر عليه حكم بعقوبة جديدة بعد رد اعتباره، غير أن المدة ترتفع إلى عشر سنوات إذا كانت العقوبة الجديدة جناية ( المادة 681/1 ق.إ.ج).
4- أما بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ، فقد قرر الاجتهاد القضائي في فرنسا بان سريان الشرط الزمني يبدأ من تاريخ انتهاء فترة الاختبار المحددة بخمس سنوات، على أساس أن الحكم لا يعد منفذا إلا بانقضاء تلك الفترة ولم نعثر على أي موقف بخصوص هذه المسألة في قرارات المحكمة العليا بالجزائر.
هذا و تجدر الإشارة أن العبرة في حساب المواعيد المتعلقة برد الاعتبار القضائي تكون بنوع العقوبة لا بنوع الواقعة، فرد الاعتبار عن عقوبة الحبس يستلزم له مضي ثلاث سنوات فقط من يوم تنفيذها و لو كان الحكم قد صدر في جناية بسبب توافر ظروف قضائية مخففه أو عذر قانوني.
و هذا ما أشارت إليه الحكمة العليا في احدد قراراتها : " ...من المقرر قانونا أن المهلة التي يجوز فيها للمحكوم عليه تقديم طلب رد الاعتبار تتحدد بنوع العقوبة الصادرة عليه لا بنوع الجريمة المسندة إليه، و من ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير مؤسس يستوجب رفضه و لما كان من الثابت -في قضية الحال أن المطعون ضده المحكوم عليه بعام واحد حبسا قدم طلب رد الاعتبار بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من يوم الإفراج عليه، فإن قرار غرفة الاتهام القاضي بقبول طلب رد الاعتبار طبق صحيح و متى كان ذلك استوجب رفض الطعن."
و في هذا الإطار نسجل القرار الصادر عن غرفة الاتهام بمجلس قضاء تيارت بتاريخ 27/09/2004 الذي جاء فيه ما يلي : " ... حيث أن المدعو بوخديجة خالد تقدم بطلب رد الاعتبار ضد العقوبات التي سلطت عليه بتاريخ 23/01/2002 بشهرين حبس غير نافذة ,عن تهمة الجروح العمدية و الصادرة من طرف محكمة تيارت.
في الشكل / حيث يتبين من دراسة مستندات الملف و لا سيما شهادة السوابق القضائية بطاقة رقم 2 لطالب رد الاعتبار بوخديجة خالد انه صدر ضده حكم من محكمة تيارت بتاريخ 23/01/2002 بشهرين حبس غير نافذة.
- حيث و بذلك لا يجوز تقديم طلب رد الاعتبار قبل انقضاء مهلة ثلاث سنوات طبقا للمادة 681 من قانون الإجراءات الجزائية
- حيث أنه في هذه الحالة يجب عدم قبول الطلب شكلا "
الفرع الثاني : الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة
يجب على المحكوم عليه أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية والغرامة والتعويضات التي يكون قد حكم بها عليه و هذا ما نصت عليه المادة 683/1 ق. إ. ج التي جاء فيها ما يلي : " يتعين على المحكوم عليه فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية أو إعفاؤه من أداء ما ذكر".
و عليه فلا يكفي توافر الشرط الزمني ، بل يجب أن يثبت المحكوم عليه قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المحكوم بها عليه, و هذا ما نص عليه قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه: " لا يكفي لقبول رد الاعتبار القضائي تقديم الطلب في الفترة الزمنية المحددة قانونا، بل يجب على الطالب مراعاة جميع الإجراءات الشكلية ومن بينها تسديد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية .
و القرار المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لما قضى برفض الطلب رغم استيفاء الطالب الشروط القانونية "
إذا ينبغي على المحكوم عليه حتى يقبل طلبه في رد الاعتبار القضائي أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية أو إعفائه من أداء ما ذكر.
وإن المحكوم عليه يثبت ذلك عن طريق وصل الدفع و ليس شهادة عدم الإخضاع الصادرة عن إدارة الضرائب مثلا وهذا ما أكده القرار الصادر عن المحكمة العليا والذي جاء فيه ما يلي "إن غرفة الاتهام أخطأت لما اعتمدت على شهادة عدم الإخضاع الصادرة عن إدارة الضرائب للتصريح برد الاعتبار و التي لا يمكنها أن تحل محل وصل الدفع الذي يثبت سداد الغرامة المحكوم بها كما أنها أخطأت عند عدم مراعاتها للمهلة القانونية و عدم ردها على دفوع النيابة العامة".
هذا و يجوز للمحكوم عليه الذي يطلب رد اعتباره قضاءا, أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية بأي وثيقة أخرى غير وصل الدفع و التي لها الصبغة الرسمية كنسخة وصل مطابقة للأصل موقع عليها من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي يشهد ضمنها القائم بالتنفيذ أن المحكوم عليه قد قدم مبلغ التعويض للطرف المدني، وهذا ما بينه القرار الصادر عن المحكمة العليا و الذي جاء فيه ما يلي:" يتعين على طالب رد الاعتبار أن يثبت قيامه بتسديد المصاريف القضائية المدنية ، ومتى قدمت نسخة وصل يثبت تسديد التعويضات المدنية لها صبغتها الرسمية في طلب رد الاعتبار فهي سليمة و استوفى بذلك الطالب الشروط الشكلية ، يعد القضاء لرد الاعتبار تطبيقا سليما للقانون"
أما إذا لم يستطع المحكوم عليه إثبات ذلك تعين, عليه أن يثبت انه قد قضى مدة الإكراه البدني أو أن الطرف المتضرر قد أعفاه من التنفيذ بهذه الوسيلة ( المادة 683 فقرة 2 ق إ ج).
هذا و تجدر الإشارة انه لا يكفي لقبول رد الاعتبار تقديم الطلب في الفترة الزمنية المحددة قانونا، بل يجب على الطالب أن يراعي جميع الإجراءات الشكلية و من بينها تسديد المصاريف القضائية ثلاث سنوات على الأقل قبل تقديم الطلب. ( قرار رقم 37 صادر يوم 4 فبراير 1986عن الغرفة الجنائية الثانية).
أما إذا كان محكوما عليه لإفلاس بطريق التدليس فعليه أن يثبت أنه قام بالوفاء بديون التفليسة أصلا, فضلا عن الفوائد والمصاريف أو ما يثبت إبراءه من ذلك، و هذا ما نصت عليه المادة المادة 683 فقرة 2 ق.إ.ج، وعليه يطرح السؤال بالنسبة للإفلاس بالتقصير، فهل من أفلس بالتقصير و ليس بالتدليس غير ملزم بان يثبت قيامه بالوفاء بديون التفليسة و الفوائد و المصاريف ؟
هذا ما نميل إليه لان المادة السالفة الذكر نصت فقط على الإفلاس بالتدليس دون التقصير ، غير أن المحكوم عليه إذا اثبت عجزه عن أداء المصاريف القضائية جاز له أن يسترد اعتباره حتى في حالة عدم دفع هذه المصاريف أو جزء منها و هذا ما نصت عليه المادة 683 فقرة 4 ق. إ. ج.
ويثبت المحكوم عليه عجزه عن طريق إثبات إعساره ,كأن يقدم شهادة العوز أو شهادة الاحتياج التي تقدمها البلدية مثلا ليمكنه طلب رد الاعتبار القضائي رغم عدم دفع المصاريف القضائية و ذلك دون التعويضات المدنية و الغرامة التي يبقى ملزما بها.
أما إذا كان الحكم بالإدانة يقضي بالأداء على وجه التضامن، حدد المجلس القضائي مقدار جزء المصاريف و التعويض المدني و أصل الدين الذي يتعين على طالب رد الاعتبار أن يؤديه و هذا ما نصت ليه المادة 683/5 ق إ ج , غير أن هذه الفقرة تطرح السؤال حول تطبيقها عمليا, فلنفرض أن حكم الإدانة قد صدر على مستوى محكمة أول درجة و قد قضى بالأداء على وجه التضامن، فهنا المجلس القضائي هو المختص في تحديد جزء المصاريف و التعويض المدني وأصل الدين الذي يتعين على المحكوم عليه الوفاء به فأي غرفة مختصة في تحديد هذا المقدار ؟
إننا نستبعد غرفة الاتهام بداءة لأنها مختصة في الفصل في طلب رد الاعتبار بعد استيفاء الطالب كامل الشروط بما فيها الشرط السالف الذكر في الفقرة السابقة .
و بعد طرح ذلك السؤال على قضاء محكمة و مجلس قضاء تيارت كانت الإجابة.
بأن الغرفة الجزائية هي المختصة بالفصل في تحديد هذا المقدار، ولكن يبقى السؤال بالنسبة للحكم بالإدانة الذي يقضي بالأداء على وجه التضامن و الصادر عن محكمة الجنايات، فمن هي الجهة المختصة في المجلس القضائي في تحديد هذا المقدار؟, أم أنّ محكمة الجنايات نفسها هي التي تحدده ؟ أم أنّ الغرفة الجزائية هي المختصة كذلك؟.
وإذا لم يمكن العثور على الطرف المتضرر أو امتنع عن استلام المبلغ المستحق الأداء أودع المبلغ الخزينة ( المادة 683 / 6 ق. إ. ح).
هذا وحسب المادتين 682 فقىة 3 و684 من ق .إ. ج, فإنه لا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي إلا في حالة ما إذا أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبلاد, مخاطرا في سبيلها بحياته وفي هذه الحالة لا يتقيد طلبه برد الاعتبار بأي شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة.
إذا فيجب على المحكوم عليه أن يكون قد نقد العقوبة تنفيذ كاملا مع دفعه كل الأعباء المترتبة عنها حتى يستفيد من رد الاعتبار قضاءا، غير أن ذلك قد يثير بعض التساؤل، فنحن نعلم أن العقوبات إما أن تكون أصيلة أو تبعية أو تكميلية وهذه لا جدال في أنها مشمولة برد الاعتبار عموما رغم بعض الخلاف الفقهي غير أنه يثور التساؤل بالنسبة لتدابير الأمن, سواءا الشخصية أو العينية فهل هي كذلك يجوز فيها طلب رد الاعتبار أم لا ؟ سواء كان قضائيا أو قانونيا؟.
تتردد التشريعات الوضعية في تطبيق رد الاعتبار على التدابيرالاحترازية فمنها ما لم يذكر شيئا عن التدابير الاحترازية مكتفية بتحديد نطاق هذا النظام في آثار العقوبات الناتجة عن جناية أو جنحة،وهو ما ذهب إليه قانون الإجراءات الجزائية الجزائري (المواد من 676 إلى 693) وقانون الإجراءات الجنائية المصري (المواد من 531 إلى 553) وقانون العقوبات الأسباني المادة ).
وفى قانون العقوبات المجري, يتناول رد الاعتبار الآثار المترتبة على الحكم فيما يتعلق بالمنع من المشاركة في الشؤون العامة أو ممارسة مهنه أو الطرد (المادة 163 فقرة 1)، أما قانون العقوبات الإيطالي فقد نص على أن رد الاعتبار يزيل كل العقوبات التبعية وكل الآثار الجنائية الأخرى ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (المادة 179)، وتضيف الفقرة الرابعة من نفس القانون على انه لا يمنح رد الاعتبار عند ما يكون المحكوم عليه خاضعا لتدبير احترازي فيما عدا حالة طرد الأجنبي أو المصادرة إذا كان هذا التدبير لم يبلغ بعد.
وإن التشريع اللبناني أوضح هذه التشريعات, إذ نص في المادة 161 منه على ما يلي: " إعادة الاعتبار تبطل للمستقبل مفاعيل جميع الأحكام الصادرة وتسقط العقوبات الفرعية أو الإضافية والتدابير الاحترازية وما ينجم عنها من فقدان أهلية ".
فمن المنطق أن الحكم برد الاعتبار يتناول كل الآثار المترتبة عن الإدانة (المادة 676 فقرة 2 ق. ا. ح) بما في ذلك التدابير الاحترازية، فرد الاعتبار هو حكم بزوال الخطورة الإجرامية ولا مبرر لتدابير احترازي مع زوال الخطورة الإجرامية وليس في القوانين التي استعرضناها ,ما يتنافى مع هذه النتيجة ولكن متى يكون التدبير الاحترازي أثار من أثار الحكم الجنائي؟.
لا يتصور ذلك بالنسبة للتدبير الشخصي الذي ينزل بسب خطورة الفاعل، فلا يطلق سراح المحكوم عليه إلا بعد التأكد من زوال خطورته، إذن فكيف يطبق رد الاعتبار على هذه الطائفة من التدابير؟، هذا ما دفع بعض الشراح إلى القول بعدم إمكانية تطبيق نظام رد الاعتبار على التدابير الاحترازية .
ولكن هنالك بعض التدابير التي يمكن أن تكون أثرا من أثار الحكم الجزائي وهى التدابير يمكن أن يكون موضوعها الحرمان من بعض الحقوق، كالوصاية وسقوط السلطة الأبوية والقوامة والمنع من ممارسة مهنة أو عمل, فهي تدابير يختلط مفهومها في بعض القوانين بالعقوبات التبعية لذلك يمكن تطبيق رد الاعتبار عليها.
ويرى ليفاسير أنه من المبـالغ القول بأن نظام رد الاعتبار ليس له أي تأثير على التدابير الاحترازية إذ هو مناسبة لإعادة فحص الخطورة الإجرامية لدى الجاني.
وفي الحقيقة فإنه وللفصل في هذا الأمر, يجب على المشرع الجزائري أن يتدخل في هذه النقطة وأن ينص صراحة على أن التدابير الاحترازية- تدابير الأمن حسب المشرع الجزائري-, يشملها رد الاعتبار سواء كان قضائيا أو قانونيا وعلى التعديل الجديد المزمع إجراؤه في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري أن يتطرق لهذه النقطة.
الفرع الثالث : الشروط المتعلقة بالطلب
حتى يقبل الطلب المتضمن رد الاعتبار القضائي, يتعين أن تتوافر فيه بعض الشروط تحت طائلة عدم قبوله شكلا وهي:
1. يجب أن يقدم الطلب من قبل المحكوم عليه ,الذي صدر حكم يقضي بإدانته فإذا كان محجورا عليه فمن نائبه القانوني ،وفي حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لزوجة أو أصوله أو فروعه تتبع الطلب ,بل إن لهم أيضا أن يقوموا بتقديم الطلب ,ولكن في مهلة سنة اعتبارا من تاريخ وفاة المحكوم عليه وهذا ما نصت عليه المادة 680 ق. إ. ج.
2. يجب أن يتضمن الطلب المتضمن رد الاعتبار القضائي, مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل وهذا طبقا لنص المادة 679 ق إ ج, ذلك أن طلب رد الاعتبار لا يتجزأ فإذا كان لطالب رد الاعتبار سوابق متعددة في جرائم القانون العام ، فلا يجوز رد إعتباره في أي حكم منها دون الآخر، بل إذا قام مانع من رد الاعتبار بالنسبة لحكم منها ،وجب رفض الطلب, لأن رد الاعتبار معناه عدّ المحكوم عليه تقي السيرة حسن الخلق ,فلا يصح الحكم بإعادة الاعتبار إلى المحكوم عليه بالنسبة لبعض الأحكام دون البعض الآخر.
وهذا ما يعبر عنه الفقه بمبدأ عدم قابلية رد الاعتبار القضائي للتجزئة فإذا تعددت الأحكام التي صدرت ضد طالب رد الاعتبار ,فلا يجوز رد اعتباره عن بعضها دون البعض الآخر، و نتيجة لذلك فإنه إذا لم تكن شروط رد الاعتبار متوافرة بالنسبة لأحد هذه الأحكام فلا يجوز رد اعتباره عما عداه منها، وعلة هذا المبدأ أن رد الاعتبار يعني جدارة المحكوم عليه باسترداد مكانته في المجتمع كمواطن شريف، وهذه الجدارة تقدر بالنظر إلى شخصيته في مجموعها ككل لا يتجزأ، فإذا كانت غير جديرة برد الاعتبار في أحد جوانبها فمعنى ذلك أنها غير جديرة به على الإطلاق.
وعليه طبقا لأحكام المادة 679 من قانون الإجراءات الجزائية يجب أن يشمل طلب رد الاعتبار مجموع العقوبات التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل.
وبما أن المشرع قد استعمل عبارة " يجب " في النص القانوني فإن الطلب الذي لا يشمل على جميع العقوبات المحكوم بها على الطالب يكون غير مقبول.( قرار صادر يوم 28 جوان 1988 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 50325).
3- يجب أن يتضمن طلب رد الاعتبار تاريخ الحكم بالإدانة والأماكن التي أقام فيها المحكوم عليه, منذ تاريخ الإفراج عنه وهذا ما نصت عليه المادة 685 ق.إ. ج, و يهدف ذلك إلى التأكيد من تحسن سيرة المحكوم عليه وجدارته برد الاعتبار القضائي وذلك بإجراء تحقيق اجتماعي في الأماكن التي أقام فيها المحكوم عليه منذ تاريخ الإفراج عنه.
وإن الشروط السالفة الذكر يجب توفرها في طلب الاعتبار القضائي وهذا ما أكده قرار المحكمة العليا والذي جاء فيه:" لا يكفي لقبول رد الاعتبار القضائي تقديم الطلب في الفترة الزمنية المحددة قانونا بل يجب على الطالب مراعاة جميع الإجراءات الشكلية".(3)
هذا وتجب الإشارة نه وطبقا لنص المادة 691 من ق إ ج فإنه لا يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد حتى ولو في الحالة المنصوص عليها في المادة 684 قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض.
وهذا ما أشار إليه قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي: " من المقرر قانونا أنه لا يجوز تقديم طلب رد اعتبار جديد قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبار من تاريخ رفض الطلب الأول والقرار المطعون فيه لم يناقش الخطأ المادي الوارد في القرار الأول - الذي رفض الطلب بحجة عدم استيفاء المدة القانونية المحددة و اكتفى بقبول بطلب رد الاعتبار دون توضيح أساس ذلك, مما يشكل تناقضا بين القرارين ويترتب على غرفة الاتهام أن تفصل في الموضوع من جديد".
هذا وإن القاعدة المنصوص عليها في المادة 691 السابقة الذكر, لا تسري إلا إذا كان القرار الأول قد فصل في موضوع الطلب و قضى برفضه، أما إذا كان القرار الأول قد اكتفى بالفصل في شكل الطلب و قضى بعدم قبوله شكلا ,على أساس أنه مثلا قدم مباشرة إلى النائب العام لدى المجلس القضائي دون تقديمه إلى وكيل الجمهورية كما تنص على ذلك المدة 685 ق.إ.ج.
فيجوز للمعني بالأمر أن يصحح طلبه، بتقديمه إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامته و على غرفة الاتهام في هذه الحالة أن تفصل في موضوع الطلب لا أن تقرر عدم قبوله لعدم انقضاء مهلة سنتين على صدور القرار الأول، و هذا ما قضت به الفرقة الجنائية بالمحكمة العليا في قرارها الصادر في 07/01/1986 .
و بعد تفصيل هذا الشرط الثالث و الأخير لقبول طلب رد الاعتبار القضائي فإننا نطرح السؤال التالي:
هل يجوز في إطار التشريع الجزائري تكرار الحكم برد الاعتبار؟ أو بمعنى آخر هل يجوز رد اعتبار على رد اعتبار ؟ ، بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية و تحديدا المواد من 679 إلى 693 منه المنظمة لرد الاعتبار القضائي لا نجد مادة صريحة تحكم هذه الحالة.
فهل سكوت المشرع الجزائري عن التطرق لها معناه أنه أجاز تكرار الحكم برد الاعتبار؟ خاصة و أننا نعلم أنه لا بطلان و لا حظر إلا بنص قانوني ؟ .
بالرجوع إلى القانون المقارن و تحديدا قانون الإجراءات الجنائية المصري نجد المادة 547 منه التي تنص على مايلي: " لا يجوز الحكم برد اعتبار المحكوم عليه إلاّ مرة واحدة ".
ويعني ذلك أنه و طبقا للقانون المصري إذا رد اعتبار المحكوم عليه، ثم صدر عليه بعد ذلك حكم آخر فلا يجوز أن يرد إليه اعتباره و هذا بالنسبة لهذا الحكم الأخيروعلة ذلك أنّه إذا أدين المحكوم عليه بعد أن رد إليه اعتباره فقد أثبت بذلك على وجه نهائي- أنه غير جدير بالمزايا التي ينطوي عليها هذا النظام، ولا داعي لتكرار التسامح من جانب المجتمع إزاء شخص يكرر الاعتداء على حقوق المجتمع.
وفي الحقيقة فإن المادة 547 السالفة الذكر، التي جاء بها المشرع المصري تتفق مع فلسفة رد الاعتبار، الذي على الطالب أن يثبت اندماجه في المجتمع من جديد وبصفة قطعية لا رجوع فيها و عليه فإن الشخص الذي يرد اعتباره, ثم يصدر ضده حكم جديد بالإدانة, قد أثبت بصفة نهائية بأنه غير جدير بنظام رد الاعتبار وأنه غير أهل له وعليه فلا يجوز له تكرار طلبه برد الاعتبار، كما لا يجوز الحكم برد الاعتبار إليه مرة أخرى، وعلى المشرع الجزائري أن يتدخل و يتدارك الفراغ الموجود في القانون الجزائري وذلك بالنص صراحة على عدم جواز تكرار الحكم برد الاعتبار حتى لا يفسر عدم تطرقه لهذا الموضوع على أنه إجازة له,وهذا رغم مقتضيات المادة 682 من ق.إ.ج، التي تنص على رد الاعتبار القضائي للمحكوم عليهم الذين يكونون في حالة العود القانوني.
المطلب الثاني : إجراءات رد الاعتبار القضائي و آثاره
بعد أن تطرقنا في المطلب الأول للشروط المتعلقة برد الاعتبار القضائي، و بعد أن قمنا بتفصيلها و رأينا أنّ منها الشرط الزمني و الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة و الشرط المتعلق بالطلب.
نتطرق في هذا المطلب الثاني لإجراءات رد الاعتبار القضائي و كذلك الآثار المترتبة عنه.
الفرع الأول: إجراءات رد الاعتبار القضائي
بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري, و تحديد المواد686 إلى 693 منه، يمكننا تقسيم إجراءات رد الاعتبار القضائي إلى نوعين:
الإجراءات الأولية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي، و الإجراءات النهائية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي.
أولا: الإجراءات الأولية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي :
و هي الإجراءات المنصوص عليها في المواد 686 إلى 688 من ق.إ.ج.
و تبدأ هذه الإجراءات التي يقوم بها وكيل الجمهورية، بعد الطلب الذي يقدمه المحكوم عليه إلى وكيل الجمهورية و الذي يطلب فيه رد اعتباره قضاءا, و حسب نص المادة 685 من ق.إ.ج فيجب أن تتوفر في هذا الطلب الشروط التالية:
1- يجب أن يقدم المحكوم عليه طلب رد الاعتبار, إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص محل إقامته، و عليه إذا قدم المحكوم عليه طلب رد الاعتبار إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص أخرى, غير دائرة اختصاص محل إقامته فيكون هذا الطلب غير مقبول شكلا.
2 - على الطالب أن يذكر بدقة في هذا الطلب:
أ- تاريخ الحكم بالإدانة.
ب- الأماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ الإفراج عنه.
وهي نفس الشروط المنصوص عليها في المادة 790 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي.
غير أن هذه المادة تميز بين ما إذا كان المحكوم عليه مقيما في فرنسا أو مقيما في الخارج.
فإذا كان المحكوم عليه مقيما في فرنسا وقت تقديم الطلب، فإنه يقدم طلبه إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص محل إقامته.
أما إذا كان المحكوم عليه مقيم خارج فرنسا وقت تقديم الطلب فإنه يقدم إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص آخر محل إقامة له بفرنسا.
وإن ذلك يدفعنا لإثارة نقطة يمكن تصورها عمليا في الجزائر، وهي تلك المتعلقة بالأجانب الذين تصدر ضدهم أحكام بالإدانة في الجزائر، فهل يجوز لهم رد اعتبارهم في الجزائر باعتباره بلد الإدانة ؟ .
تنص المادة 676 من ق.إ.ج على أنه : " يجوز رد اعتبار كل شخص محكوم عليه لجناية أو جنحة من جهة قضائية بالجزائر".
إن المادة السالفة الذكر جاءت عامة، و عليه فإذا كان الشخص أجنبيا وصدر حكم بإدانته بجناية أو جنحة و كان هذا الحكم صادر عن جهة قضائية بالجزائر, فإنه يجوز له طلب رد اعتباره أمام الجهات القضائية الجزائرية.
وعليه نستنتج من هذا النص أنّ الأجنبي الذي صدرت ضده أحكام في الإقليم الجزائري، لا يسمح له القانون الجزائري بطلب رد الاعتبار في بلاده.
وفي حالة قيامه بهذا الطلب يصبح في نظر المشرع الجزائري باطلا، لأن هذه المسألة تمس بالسيادة.
وحسب مبدأ المعاملة بالمثل، فإن الجزائري الذي صدر ضده حكم يقضي بإدانته في الخارج، فإنه لا يجوز له طلب رد اعتباره, إلاّ أمام الجهات القضائية للدولة الأجنبية التي أدين فيها.
ونفس الأحكام السالفة الذكر، نصت عليها المادة 782 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي التي جاء فيها مايلي: " كل شخص أدين من طرف محكمة فرنسية بعقوبة جناية أو جنحة أو مخالفة، يمكن أن يرد له اعتباره".
أما في كندا فإن رد الاعتبار الذي يحصل في كندا، غير معترف به في الخارج وهذا في عدة دول ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، فالشخص إذا تمت إدانته في كندا و أراد الذهاب إلى و.م.أ، فعليه تقديم طلب الحصول على وثيقة تسمى في التشريع الأمريكي بـ: وثيقة تنازل مصلحة الهجرة و التجنس الأمريكية American Immigration and Naturalization Service Waiver
وهذه الوثيقة تتطلب إجراء استعلامات حول بطاقة السوابق القضائية للطالب, و هذا من طرف أعوان مصلحة الهجرة و التجنس الأمريكية، و في نهاية هذه الاستعلامات يمكن للطالب الحصول على وثيقة التنازل السالفة الذكر لدى مصالح السفارة الأمريكية بكندا، ليمكنه الدخول الو.م.أ.
غير أن طالب رد الاعتبار قد لا يقدم طلب إلى وكيل الجمهورية حسب نص المدة 685 السالفة الذكر، بل يقدمه مباشرة إلى النائب العام دون المرور عبر وكيل الجمهورية، فهل يجوز ذلك ؟ .
لقد أجابت عن ذلك المحكمة العليا في قرارها الذي جاء فيه: " إنّ مؤدي نص المادة 33 من قانون الإجراءات الجزائية هو أن النائب العام يمثل النيابة العامة أمام المجلس القضائي ومجموع المحاكم، ويباشر أعضاء النيابة العامة الدعوى العمومية تحت إشرافه، كما أن مؤدي نص المادة 35 من نفس القانون هو أنّ وكيل الجمهورية يمثل النائب العام لدى المحكمة المعين في نطاق دائرة اختصاصها، فإن ذلك كله يجسد مبدأ عدم قابلية النيابة للتجزئة.
إذا كان ثابتا من ملف الإجراءات أن الطاعن كان قد تقدم بطلب رد الاعتبار إلى النائب العام وأنه عند عرض هذا الطلب على غرفة الاتهام للبث فيه فإنها قررت عدم قبوله لعدم تقديمه إلى وكيل الجمهورية كما تنص على ذلك أحكام المادة 685 من قانون الإجراءات الجزائية وتقديمه مباشرة إلى النائب العام.
إن الطعن بالنقض ضد القرار المطعون فيه تأسيسا على الخطأ في تطبيق القانون يكون مقبولا وفي محله ولذلك يستوجب نقض القرار وإبطاله".
وعليه وتجسيدا لمبدأ عدم قابلية النيابة للتجزئة, فيجوز للمحكوم عليه أن يقدم طلبه مباشرة إلى النائب العام دون المرور عبر وكيل الجمهورية.
وبعد ذلك تبدأ الإجراءات الأولية للفصل في طلب رد الاعتبار والتي يقوم بها بداية وكيل الجمهورية الذي يجب عليه القيام بما يلي :
1- يجب على وكيل الجمهورية حسب المادة 686 من قانون الإجراءات الجزائية أن يقوم بإجراء تحقيق بمعرفة مصالح الشرطة أو الأمن في الجهات التي كان المحكوم عليه مقيما بها وأن يستطلع رأي القاضي تطبق العقوبات.
وعليه وحسب المادة السالفة الذكر فإن التحقيق الاجتماعي يعد ضروريا لتقدير اندماج المحكوم عليه من جديد في المجتمع, وأهليته للحصول على رد الاعتبار وهذا ما أشار إليه قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي: " إن إثبات التحقيق الاجتماعي بأن سلوك المتهم قد استقام ودفعه الرسوم المستحقة إلى الخزينة، يترتب عنه إصدار قرار رد الاعتبار القضائي من طرف غرفة الاتهام".
ويطرح السؤال بالنسبة للحصول على رأي قاضي تطبيق العقوبات حسب نفس المادة فهل هو إلزامي أم لا ؟.
بعد تقديم الطلب مشتملا على بيان هوية الطالب وتاريخ الحكم بإدانته والأماكن التي أقام بها من ذلك الحين.
يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيقي بمعرفة مصالح الشرطة أو الدرك الوطني ثم يستطلع رأي قاضي تطبيق العقوبات طبقا للأحكام المادة 686 قانون الإجراءات الجزائية غير أن سهو النيابة عن استطلاع رأي قاضي تطبيق العقوبات لا يترتب عليه النقض طالما أن غرفة الاتهام غير مقيدة برأيه وما دام أن قضاءها يرفض الطلب أو قبوله يجب أن يكون مسببا كافيا
2- بعد ذلك وحسب المادة 687 من قانون الإجراءات الجزائية يقوم وكيل الجمهورية بتشكيل ملف طلب الاعتبار القضائي والذي يتكون من:
أ- نسخة من الأحكام الصادرة بالعقوبة.
ب- مستخرج من سجل الإيداع بمؤسسات إعادة التربية التي قضى بها المحكوم عليه مدة عقوبته وكذلك رأي المدير أو الرئيس المشرف على مؤسسة إعادة التربية عن سلوكه في الحبس.
ج- القسيمة رقم 1 من صحيفة الحالة الجزائرية.
ثم ترسل هذه المستندات مشفوعة برأي إلى النائب العام.
غير أن الفقرة الأخيرة السالفة الذكر, تصطدم مع نفس الفقرة من النص الفرنسي التي تنص على القسيمة رقم 02 من صحيفة السوابق القضائية كجزء من هذا الملف وليس القسيمة رقم 01 فأيهما يطبق هنا، هل النص العربي أم النص الفرنسي ؟.
بغض النظر عن الدستور الذي ينص في مادته الثالثة على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، فإن النص الفرنسي هو الصحيح، ذلك أنّ القسيمة رقم 01 من صحيفة الحالة الجزائية هي الأصل، وأن القسيمة رقم 02 هي بيان كامل بكل القسائم الحاملة لرقم 01 والخاصة بالشخص نفسه وهذا حسب نص المادة 630 /1 ق.إ.ج ولا تسلم القسيمة رقم 02 حسب الفقرة الثانية من نفس المادة، سوى لأشخاص مذكورين على سبيل الحصر، ومن بينهم أعضاء النيابة، بمن فيهم وكيل الجمهورية هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن العمل من الناحية الميدانية هو أن القسيمة رقم 01من صحيفة الحالة الجزائية عندما يصدر حكم رد الاعتبار, يقوم أمين الضبط بحفظها- قبل إدخال نظام الإعلام الآلي- وذلك بإخراجها من الحافظة التي كانت موجودة فيها, دون ضمها للملف، وأنه عندما اطلعنا على ملف متعلق برد الاعتبار على مستوى محكمة تيارت، وجدنا أن الملف يحتوي على القسيمة رقم 2 لصحيفة السوابق القضائية وليس رقم 1، كل ذلك إضافة إلى أنّه في سنة 1966م -تاريخ صدور قانون الإجراءات الجزائية- كان النص الفرنسي هو النص الأصلي.
وعليه فإن وكيل الجمهورية يستعمل القسيمة رقم 02 من صحيفة السوابق القضائية وليس رقم 01.
هذا وتجب الإشارة إلى انه لا يجوز لوكيل الجمهورية ,أن يتخلى عن اختصاصه في تشكيل الملف إلى طالب رد الاعتبار القضائي، وهذا ما أكده القرار الصادر عن المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي: " إنّ غرفة الاتهام برفضها طلب الاعتبار المقدم على أساس عدم تقديم حكم محكمة الجنايات وكذلك الوضعية الجزائية من طرف الطالب قد خالفه أحكام المادة 687 من قانون الإجراءات الجزائية لأن وكيل الجمهورية المختص هو المكلف بتقديم الوثيقتين السابقتين".( )
3- بعد أن يقوم وكيل الجمهورية بتشكيل الملف المتعلق برد الاعتبار القضائي يقوم بعد ذلك بإرسال هذا الملف مشفوعا برايه إلى النائب العام.
4- يقوم النائب العام وحسب مقتضيات المادة 688 من ق.إ.ج برفع الطلب إلى غرفة الاتهام بالمجلس القضائي.
وعليه لا يجوز لوكيل الجمهورية أن يقوم برفع الملف المتعلق برد الاعتبار القضائي مباشرة إلى غرفة الاتهام دون المرور عبر النائب العام.
ونفس هذه الأحكام نصت عليها المادة 793 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي التي نصت على ما يلي: " تخطر غرفة الاتهام من طرف النائب العام لدى المجلس القضائي"
هذا ويجوز للطالب أن يقدم مباشرة إلى غرفة الاتهام, سائر المستندات المفيدة حسب الفقرة الثانية من المادة 688 ق.إ.ج دون أن يمر عبر وكيل الجمهورية الذي قدم له طلب رد الاعتبار لأول مرة.
ثانيا: الإجراءات النهائية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي.
لقد نص المشرع الجزائري على هذه الإجراءات في المواد 689 إلى 693 من قانون الإجراءات الجزائية، وهي الإجراءات التي تختص بها غرفة الاتهام.
حيث يتعين على غرفة الاتهام بعد إخطارها بالطلب المتعلق برد الاعتبار عن طريق النائب العام، أن تفصل في الطلب خلال ميعاد شهرين, وذلك بعد إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال الطرف الذي يعينه الأمر أو محاميه أو بعد استدعائه بصفة قانونية، وهذا ما نصت عليه المادة 689 ق.إ.ج.
والجهة القضائية المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار في فرنسا هي غرفة الاتهام على غرار الجزائر، وهذا ما نصت عليه المادة 783 و 794 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي.
أما في كند فيختص بالفصل في طلب رد الاعتبار لجنة خاصة تسمى باللجنة الوطنية للحريات المشروطة التي هي وحدها المخولة حسب القانون الكندي المتعلق بصحيفة السوابق القضائية بتحرير، منح، رفض، إلغاء رد الاعتبارأما في مصر فيختص بالفصل في طلب رد الاعتبار القضائي محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة المحكوم عليه بناءا على طلبه، حسبما جاء بنص المادة 536 من قانون الإجراءات الجنائية المصري وعليه يختص بالفصل في طلب رد الاعتبار في الجزائر غرفة الاتهام وهي غرفة من غرف المجلس القضائي، نظمها المشرع الجزائري في المواد 176 إلى 211 من قانون الإجراءات الجزائية.
حيث تتكون غرفة الاتهام من رئيس ومستشارين يعينون بقرار من وزير العدل لمدة ثلاثة سنوات، وإذا حصل لأحدهم مانع تعين إخبار مصالح الوزارة، وعلى الخصوص مديرية الشؤون الجزائية والعفو فورا، لكي يقوم الوزير بتعيين من يخلفه، إذ لا يسوغ لرئيس المجلس القضائي، إلا انتداب قضاة المحاكم الابتدائية بصفة مؤقتة
وعليه فإن غرفة الاتهام تفصل في طلب رد الاعتبار في ميعاد لا يجوز شهرين بعد إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال الطرف الذي يعنيه الأمر أو محاميه أو بعد استدعائه بصفة قانونية، أما في مصر فتنظر محكمة الجنايات في الطلب وتفصل فيه في غرفة المشورة دون تحديد أجل قانوني معين، بخلاف الجزائر التي يجب فيها على غرفة الاتهام أن تفصل في الطلب في ميعاد شهرين، وهذا ما نصت عليه المادة 544 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وحسب المادة 690 ق.إ.ج :"يجوز الطعن في حكم غرفة الاتهام لدى المحكمة العليا ضمن الكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون", وعليه فقرار غرفة الاتهام غير قابل للطعن فيه سوى بالنقض على غرار المشرع الفرنسي الذي نص على ذلك في المادة 795 ق.إ.ج.ف.
في حين نصت المادة 544/3 ق.إ.ج مصري على الآتي :" ولا يقبل الطعن في الحكم إلاّ بطريق النقض لخطأ في تطبيق القانون أو تأويله، وتتبع في الطعن الأوضاع والمواعيد المقررة للطعن بطريق النقض في الأحكام"
وعليه فالمشرع المصري وإن أجاز الطعن في الحكم الصادر برد الاعتبار بطريق النقض، إلاّ أنه ضيق من نطاقه بان سمح به حالة واحدة فقط، وهي الخطأ في تطبيق القانون أو تفسيره وهذا خلافا لمشرع الجزائري- وكذلك الفرنسي- الذي أجاز الطعن فيه بطريق النقض دون حصره في صورة معينة من الصور المنصوص عليها في المادة 500 ق.إ.ج.
أما في كندا فإن القرار الصادر عن اللجنة الوطنية للحريات المشروطة والفاصل في طلب رد الاعتبار غير قابل للطعن فيه بأي طعن، فقط على الطالب أن ينتظر مرور سنة كاملة من تاريخ الرفض ليقوم بتجديد طلبه
وإن الطعن بالنقض في قرار غرفة الاتهام حسب المادة 690 ق.إ.ج السالفة الذكر، قد يكون من طرف الطالب وهذا في حالة صدور قرار بالرفض وفي هذا الصدد نشير إلى قرار غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيارت الصادر بتاريخ 27/09/2004 والذي جاء فيه مايلي: " . . .حيث وبذلك لا يجوز تقديم طلبات الاعتبار قبل انقضاء مهلة 03 سنوات طبقا للمادة 681 من قانون الإجراءات الجزائية .
حيث أنه في هذه الحالة يجب عدم قبول الطلب شكلا . . . ".
كما قد يكون الطعن بالنقض من طرف النيابة العامة إذا صدر القرار بالقبول وكان مخالفا لطلبات النيابة العامة, التي أبدتها أمام غرفة الاتهام حسب المادة 689 ق.إ.ج وفي هذا الإطار نشير إلى قرار غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيارت الصادر بتاريخ 09/11/2004 والذي جاء فيه ما يلي: " .....إنّ السلطات المعنية بالأمر قد أحضرت الشهادات اللازمة وأدلت برأيها حسبما تنص عليه المادة 686 من قانون الإجراءات الجزائية.
حيث أنّ السيد النائب العام لم يتعرض للطلب المذكور أعلاه.
حيث أنه يجب الاستجابة لهذا الطلب......"
غير أنه إذا كانت القاعدة حسب القانون الجزائري هو أنّ غرفة الاتهام هي المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار، إلا أن هنالك استثناءا نصت عليه المادة 693 ق.إ.ج التي جاء فيها ما يلي :" في الحالة التي تصدر فيها المحكمة العليا حكما بالإدانة بعد رفع الأمر إليها كاملا، فإن هذه الجهة القضائية تكون وحدها المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار.
ويجري التحقيق حينئذ في الطلب بمعرفة النائب العام لدى المحكمة المذكورة. ",وعليه فإن المحكمة العليا يمكن أن تفصل في طلب رد الاعتبار حسب المادة السالفة الذكر.
ولكن السؤال المطروح: ما هي الحالة التي تصدر فيها المحكمة العليا، حكما بالإدانة بعد رفع الأمر إليها كاملا؟, مع العلم أنّ المحكمة العليا هي محكمة قانون وليست محكمة موضوع؟
بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية، لا نجد مادة محددة تنص صراحة على اختصاص المحكمة العليا بالفصل في موضوع الدعوى وإصدار حكم بالإدانة بناءا على ذلك.
فقط هنالك نص المادة 531/7 و8 من ق.إ.ج والمتعلقة بطلبات إعادة النظر والتي جاء فيها ما يلي: " لا يسمح بطلبات إعادة النظر إلا بالنسبة للقرارات الصادرة عن المجالس القضائية أو للأحكام الصادرة عن المحاكم إذ حازت قوة الشيء المقضي فيه وكانت تقضي بالإدانة في جناية أو جنحة.
وتفصل المحكمة العليا في الموضوع في دعوى إعادة النظر، ويقوم القاضي المقرر بجميع إجراءات التحقيق وعند الضرورة بطريق الإنابة القضائية.
وإذا قبلت المحكمة العليا الطلب قضت بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي تثبت عدم صحتها."
غير أنّه وفقا للفقرة الثامنة من نفس المادة، فإنّ المحكمة العليا وإن كانت تفصل في الموضوع، إلا أنها لا تصدر حكما بالإدانة كما تشترطه المادة 693 ق.إ.ج بل تصدر حكما ببطلان أحكام الإدانة وعليه فالحالة المنصوص عليها كاستثناء عن اختصاص غرفة الاتهام في نظر طلب رد الاعتبار القضائي والتي تختص بها المحكمة العليا حسب المادة 693 لا تنطبق على طلب إعادة النظر.
أم أنّ الحالة المنصوص عليها في المادة 693 ق.إ.ج هي عندما تنقض المحكمة العليا الحكم بدون إحالة؟ كما نصت على ذلك المادة 524/2 ق.إ.ج :" وإن لم يدع حكم المحكمة من النزاع شيئا يفصل فيه نقض الحكم المطعون فيه دون إحالة"
هذه المادة تقضي بان المحكمة العليا تصدر حكما بنقض الحكم المطعون فيه دون إحالة وبالتالي دون أن تفصل في الموضوع أو تصدر حكما بالإدانة, وعليه هذه المادة لا تخص الحالة المنصوص عليها في المادة 693 ق.إ.ج.
أم أن الحالة المنصوص عليها في المادة 693 ق.إ.ج تتعلق بامتياز التقاضي المنصوص عليه في المواد 573 إلى 581 ق.إ.ج, غير أنّه باستقراء المواد السالفة الذكر نجد أن المحكمة العليا تختص بالتحقيق في مثل هذه الحالات فقط دون أن تصدر حكما بالإدانة لأنه بعد انتهاء التحقيق فأنّها تقوم وحسب المواد 574 و 575 و 576 ق.إ.ج بإحالة القضية أمام الجهة القضائية المختصة الواقعة خارج دائرة اختصاص الجهة التي كان يمارس فيها المتهم مهامه دون أن تفصل فيها المحكمة العليا وتصدر حكما بالإدانة.
وعليه يمكننا القول أن هذه المادة لم تعد ذات جدوى، باعتبارها موجودة منذ تاريخ صدور قانون الإجراءات الجزائية أي منذ سنة 1966، أين كانت المحكمة العليا آنذاك تصدر أحكاما ما بالإدانة وعليه يعود لها الاختصاص في النظر في طلبات رد الاعتبار غير أنها لم تعد تصدر مثل هذه الأحكام بسبب مختلف التعديلات التي أدخلت على قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، مما يتعين معه القول بضرورة إلغاء هذه المادة( )
بالإضافة إلى ذلك، يرد في التشريع الجزائري استثناء آخر وارد على اختصاص غرفة الاتهام في الفصل في طلب الاعتبار القضائي، وهو الاستثناء المنصوص عليه في المادة 490 ق.إ.ج التي جاء نصها كما يلي:" إذا أعطى صاحب الشأن ضمانات أكيدة على انه صلح حالة، جاز لقسم الأحداث بعد انقضاء مهلة خمس سنوات اعتبارا من يوم انتهاء مدة تدبير الحماية أو التهذيب أن تقرر بناءا على عريضة مقدمة من صاحب الشأن أو من النيابة أو من تلقاء نفسها إلغاء القسيمة رقم 01 المنوه بها عن التدبير.
وتختص بالنظر في ذلك كل من المحكمة التي طرحت أمامها المتابعة أصلا أو محكمة الموطن الحالي لصاحب الشأن أو محل ميلاده.
ولا يخضع حكمها لأي طريق من طرق الطعن.
وإذا صدر الأمر بإلغاء أتلفت القسيمة رقم 1 المتعلقة بذلك التدبير"
وعليه فإن رد الاعتبار المتعلق بالأحداث تختص بالنظر فيه حسب المادة السالفة الذكر المحكمة التي طرحت أمامها المتابعة أصلا أو محكمة الموطن الحالي لصاحب الشأن أو محل ميلاده وليس غرفة الاتهام.
مع ملاحظة أن رد الاعتبار هذا ,يخص تدابير الحماية أو التربية التي يتخذها قاضي الأحداث لصالح الحدث حسب نص المادة 444 ق.إ.ج، وأنه يختلف عن رد الاعتبار الخاص بالبالغين من حيث شروطه وآثاره.
فبينما يترتب عن رد الاعتبار القضائي حسب المادة 692 ق.إ.ج التنويه عن الحكم الصادر برد الاعتبار على هامش الأحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية وان لا ينوه عن العقوبة في القسيمتين 02 و 03 من صحيفة السوابق القضائية, دون المساس بالقسيمة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية، يترتب عن رد الاعتبار القضائي الخاص بالحدث إتلاف القسيمة رقم 01 من صحيفة السوابق القضائية المتعلقة بذلك التدبير، وعليه فمصيرها هو الإتلاف المادي ,وليس الحفظ كما هو الحال بالنسبة للبالغ كما أن الحكم بالنسبة للحدث يصدر بالإلغاء ويكون بناء على أمر، وليس حكم برد الاعتبار كما هو الحال للبالغ هذا ويثير اختصاصا غرفة الاتهام في الفصل في طلب رد الاعتبار القضائي إشكالا عمليا وجدناه عند إجراء التدريب بمحكمة ومجلس قضاء تيارت يتعلق بما يمكن أن نسميه برد الاعتبار الإداري ويتلخص ذلك في حالة واقعية عرضت على وكيل الجمهورية، إذ تمت متابعة مجموعة من الأشخاص بتهمة السرقة, ومن بينهم طالب بكلية الحقوق وبعد إحالة القضية على قاضي التحقيق أصدر هذا الأخير أمرا بأن لا وجه للمتابعة.
وبعد أن تخرج هذا الطالب من كلية الحقوق وأراد المشاركة في بعض المسابقات للظفر بوظيفة، اصطدم بانّ مصالح الأمن لا زالت تحتفظ بملف القضية السابقة، بمعنى آخر فإن كل متقدم لوظيفة ما، تجرى حوله تحقيقات بما فيها الأمنية, وإن كان المعني بالأمر قد تحصل حتى على حكم بالبراءة وليس فقط أمر بان لا وجه للمتابعة، فإن مصالح الأمن (شرطة ودرك) لا تشير إلى ذلك، بل تكون خلاصة التحقيق الأمني "....بأنه معروف لدى مصالحنا ومتورط في القضية كذا..." , دون الإشارة للحكم بالبراءة أو برد الاعتبار, وعليه فما فائدة الحكم بالبراءة أو استفادة المحكوم عليه من رد الاعتبار، إذا كان الحكم بالبراءة أو الحكم برد الاعتبار لا يكون له أثر على ملفه الأمني المحفوظ لدى مصالح الأمن؟
ومن المختص برد الاعتبار الإداري في هذه الحالة، هل هي غرفة الاتهام؟ أم وكيل الجمهورية المختص طبقا للمادة 12/2 ق.إ.ج.
وعليه يجب على المشرع أن يتدخل وينص على هذه الحالة وكذلك الجهة القضائية المختصة برد الاعتبار الإداري.
كما أنّ الحديث عن اختصاص غرفة الاتهام بالفصل في طلب الاعتبار القضائي لا بد أن يؤدي بنا إلى الحديث بالضرورة عن رد الاعتبار العسكري والجهة المختصة به.
1- فالقاعدة العامة فيما يخص رد الاعتبار العسكري، أن تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية السالفة الذكر، سواء تعلق الأمر برد الاعتبار القانوني أو القضائي وهذا حسبما جاء في المادة 233/1 من قانون القضاء العسكري :" تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة برد الاعتبار القانوني أو القضائي على الأشخاص المحكوم عليهم من قبل المحاكم العسكرية".
على انه وبالرجوع للفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه نجدها تنص على ما يلي:" وتوجه عريضة رد الاعتبار إلى وكيل الدولة العسكري، الذي يرتب لها ملفا بالإجراءات يرفعه إلى المحكمة العسكرية التابعة لمحل إقامة مقدم العريضة"
وعليه حسب هذه الفقرة فإن طلب رد الاعتبار يقدم أمام وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي أدانت المحكوم عليه الذي يرتب لها ملفا بالإجراءات " مستخرج من الحكم الحالة الجزائيةّ", ويرفعه إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة العسكرية التابعة لمحل إقامة مقدم العريضة لتقوم هذه الأخيرة بمواصلة الإجراءات إلى غاية الفصل في الطلب من طرف المحكمة العسكرية المنعقدة بهيئة غرفة الاتهام.
وقد ذهبت المحكمة العليا في قرارها رقم 03 703 الصادر بتاريخ 24/04/1990 إلى أن عريضة رد الاعتبار يجب أن تودع لدى المحكمة العسكرية لمحل إقامة مقدمها استنادا إلى نص المادة 233 من قانون القضاء العسكري ، وهو التفسير الخاطئ لنص المادة 233 لسببين:
أ-أن المشرع لو قصد إيداع الطلب لدى وكيل الجمهورية لمحكمة محل الإقامة لاكتفى بالفقرة الأولى من نص المادة التي تحيل على قانون الإجراءات الجزائية ,التي تنص على تقديم الطلب لدى وكيل الجمهورية لمحل الإقامة.
ب- انه بالرجوع للفقرة الثانية نجدها مقسمة إلى شطرين، الشطر الأول يتكلم عن تقديم الطلب لوكيل الدولة العسكري، في حين الشطر الثاني يتكلم عن إحالة هذا الأخير- الطلب، أمام المحكمة العسكرية لمحل إقامة مقدم العريضة ويفهم من هذا السياق أن المحكمة العسكرية التي تتلقى الطلب ليست نفسها التي تفصل فيه.
2-أما المحكوم عليهم المجردون بموجب الأحكام الجزائية الصادرة عن جهات القضاء العسكري من الرتب والأوسمة, التي كانوا قد تحصلوا عليها خلال فترة التحاقهم بصفوف الجيش الوطني الشعبي، رد اعتبارهم إليهم لا يعطيهم الحق في استرجاع هذه الرتب والأوسمة مهما كانت رتبهم، ومع ذلك يجوز لهم في حال الالتحاق مرة ثانية بصفوف الجيش أن يكتسبوا رتبا وأوسمة جديدة ( المادة 234 قانون القضاء العسكري).
3- يخضع لأحكام رد الاعتبار العسكري كل شخص حكم عليه من جهة قضائية عسكرية:- العسكريون الذين لا يزالوا في الخدمة، العسكريون المتقاعدون، العسكريون المطرودون، شبه العسكريون، المدنيون في حالة إدانتهم لارتكابهم جرم يعود فيه الاختصاص للمحاكم العسكرية.
4-إذا طلب شخص رد اعتباره عسكريا, وكان طلبه يتضمن أحكام صادرة عن جهات قضائية عادية، إضافة لأحكام صادرة ضده عن الجهات العسكرية, فإن المحكمة العسكرية تمنحه رد الاعتبار العسكري إذا توفرت شروطه دون النظر في الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية العادية التي تبقى من اختصاص هذه الأخيرة.
5- المحكمة العسكرية المنعقدة بهيئة غرفة الاتهام ,لدى إصدارها لقرار رد الاعتبار توجه إرسالية إلى الجهات القضائية العادية " النيابة العامة"، حتى تقوم هذه الأخيرة بالتأشير برد الاعتبار على هامش صحيفة السوابق القضائية رقم 01.
الفرع الثاني: آثار رد الاعتبار القضائي
يؤدي القرار القاضي برد الاعتبار القضائي إلى محو آثار الحكم الذي شمله رد الاعتبار, وفي هذا الصدد تنص المادة 676/2 ق.إ.ج :"و يمحو رد الاعتبار في المستقبل كل آثار الإدانة العادلة وما نجم عنها من حرمان الأهليات".
وينوه عن هذا القرار على هامش الحكم القاضي بالعقوبة، كما ينوه عنه في البطاقة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية، في حين لا ينوه عن العقوبة التي شملها رد الاعتبار في القسيمتين 2 و 3 من صحيفة السوابق القضائية, وهذا ما نصت عليه المادة 692/1 ق.إ.ج، وحسب الفقرة الثانية من نفس المادة، فيجوز لمن يرد اعتباره أن يستلم بدون مصاريف نسخة من القرار الصادر برد الاعتبار ومستخرجا من صحيفة السوابق القضائية.
علما أنّ كل حكم صادر بالإدانة يكون موضوعا للبطاقة رقم 01 يحررها كاتب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم ويرسلها بمعرفة وكيل الجمهورية إلى مصلحة صحيفة السوابق القضائية للمجلس القضائي المولود في دائرته المحكم عليه (المادة 624 ق.إ.ج)
وفي هذا الإطار يستفاد من المادة 676 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية أن رد الاعتبار يمحي آثار الإدانة التي لحقت الشخص نتيجة الحكم الصادر عليه في جناية أو جنحة من طرف جهة قضائية جزائرية وهو نوعان : قضائي وقانوني.
وكلاهما لا يمحوان العقوبات المذكورة في البطاقة رقم 2 للسوابق القضائية خلافا للعفو العام أو الشامل الذي يزيل أثر الإدانة المذكور بالقسيمة رقم 1 زوالا تاما كما تنص على ذلك صراحة المادة 628/2 ق.إ.ج
قرار صادر في 09 جوان 1991 من القسم الثالث لغرفة الجنح والمخالفات في الطعن رقم 62960"
أما في فرنسا فمنذ تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب قانون 16/12/1994م الذي دخل حيزا النفاذ في 01/03/1994، لم يعد ينوه بالقرار القاضي برد الاعتبار في صحيفة السوابق القضائية، بل ينوه عنه على هامش الحكم القاضي بالعقوبة فحسب، بحيث أصبح رد الاعتبار يؤدي إلى سحب البطاقة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية ( المادة 798 ق.إ.ج)
أما في مصر فقد نصت المادة 546 ق.إ.ج على ما يلي :" ترسل النيابة العامة صورة من حكم رد الاعتبار إلى المحكمة التي صدر منها الحكم بالعقوبة للتأشير به على هامشه وتأمر بان يؤشر به في قلم السوابق".، وعليه فإن مصر وعلى غرار الجزائر وخلافا لفرنسا منذ سنة 1994م، الحكم الصادر فيها برد الاعتبار ينوه عنه في الحكم القاضي بالعقوبة وكذلك في صحيفة السوابق القضائية، وفي هذا الإطار نسجل القرار الصادر عن غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيارت بتاريخ 09/11/2004 والذي جاء في منطوقه ما يلي:".....فلهذه الأسباب ومن أجلها
- بعد الإطلاع على المادتين 184 و 185 من قانون الإجراءات الجزائية.
قررت غرفة الاتهام بحجرة المشورة /
في الشكل / بقبول الطلب شكلا
في الموضوع / القضاء برد الاعتبار للعارض بن شيخ سعيد من مواليد 30/11/1970 بدار البصري ابن ميلود ويوسف العالية، جزائري الجنسية والساكن بقرية عين مصباح تيارت والمحكوم عليه بعقوبة عام حبس نافذة عن تهمة إخفاء أشياء مسروقة والصادرة من طرف محكمة الجنايات بتيارت بتاريخ 25/11/1997.
-والإشارة إلى هذا القرار في بطاقة السوابق القضائية رقم 1 الممسوكة في مجلس قضاء تيارت والأمر بسحبها من البطاقة والإشارة غليه في هامش الأحكام والقرارات المشار إليها أعلاه..."
وفي الحقيقة فإن الآثار الناتجة عن رد الاعتبار القضائي هي آثار هامة يمكن تقسيمها إلى نوعين :
أولا: آثار رد الاعتبار القضائي بالنسبة للمحكوم عليه.
وهي الآثار المذكورة في المادة 692 ق.إ.ج السالفة الذكر، والمادة 676/2 ق.إ.ج فيترتب على الاعتبار القضائي محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل، وزوال ما يترتب عن ذلك من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق الوطنية، فلا يحتسب الحكم سابقة العود، ويعود للمحكوم عليه كل الحقوق والمزايا التي كان محروما منها بناءا على الحكم بالإدانة، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 90/04 الصادر في 06 فيفري 1990م المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل: "لا يمكن أن ينتخب كمساعدين وكأعضاء مكاتب مصالحة:
- الأشخاص المحكوم عليهم بارتكاب جناية أو الحبس بسبب ارتكاب جنحة والذين لم يرد إليهم اعتبار.
- المفلسون والذين لم يرد غليهم اعتبارهم"
وعليه فالمحكوم عليه الذي رد إليه اعتباره يجوز أن ينتخب كمساعد أو كعضو في مكاتب المصالحة.
ثانيا: آثار رد الاعتبار القضائي بالنسبة للغير.
لا يجوز الاحتجاج برد الاعتبار القضائي على الغير وهذا بالنسبة للحقوق التي تترتب لهم من الحكم الصادر بالإدانة وعلى الأخص فيما يتعلق بالرد والتعويضات، فجميع هذه الحقوق لا تسقط برد الاعتبار وإنما وفقا للقواعد المقررة في القانون المدني
فرد الاعتبار هو نظام جزائي لمحو الآثار الجزائية المترتبة عن الحكم دون ما يترتب للغير من حقوق، ونظرا لأنّ عقوبة الغرامة تتحول إلى دين في ذمة المحكوم عليه، فإنّ رد الاعتبار لا يعفى المحكوم عليه من جزاء الغرامة الذي لم يستطع الوفاء به.