3) إقفال التفلســـــــــــــة :
أ-إقفال الإجراءات لعدم كفاية الموجودات :
إذا لم تبقى في أموال المفلس ما يكفي لمتابعة إجراءات التفلسة و تغطية مصاريفها فإنه يتعذر الإستمرار في الإجراءات وفي هذه الحالة يجوز للمحكمة مصدرة حكم الإفلاس أن تحكم بإقفال التفليسة المادة 355 ق ت .
ب- شروط وآثار الإقفال لعدم كفاية الموجودات :
يشترط لقفل التفلسة على أساس عدم كفاية الموجودات ما يلي :
- يشترط لقفل التفلسة أن يصدر حكم قضائي بذلك من المحكمة مصدرة الحكم بالإفلاس .
- يجوز لكل ذي مصلحة كالمدين أو الوكيل المتصرف القضائي أوالدائن طلب الحكم بالإقفال وللمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها بموجب تقرير القاضي المنتدب .
- ألا تكون هناك أمور كافية لتغطية الإجراءات في التفلسة سواء سيولة نقدية أو أموالا منقولة أو عقارية ولا يقصد بعدم كفاية الأموال أن
تكون لا تكفي للوفاء بحقوق جماعة الدائنين إذ طالما أن وجدت أموال كافية للإنفاق على الإجراءات فإنها تتواصل ولو لم تبق ما يكفي للوفاء بحقوق الدائنين .
- يقدم طلب الإقفال في أي وقت طالما لم يحصل صلح أو اتحاد .
وينجم عن صدور حكم الإقفال الآثار التالية :
- الحكم بالإقفال لسداد الديون لا يضع حدا نهائيا لإجراءات التفلسة ، لا يمكن إعادة افتتاحها من جديد إلا عن طريق استصدار حكم بشهر
الإفلاس
- كما أنه لا يعد إقفال التفلسة لعدم كفاية الموجودات حلا نهائيا للتفليسة كما هو واضح في الصلح بل هو مجرد وقف مؤقت لعمليات التفليسة ولا ينبني عليه زوال آثار الحكم بالإفلاس فيستمر غل يد المدين ويحتفظ وكيل التفلسة بوظائفه وسلطاته .
- ويلتزم الوكيل المتصرف القضائي في وجود حكم إقفال التفليسة برد المستندات التي سلمت له من قبل الدائنين ويكون مسؤولا عنها لمدة
عام واحد من تاريخ هذا الحكم ويعود لكل واحد من الدائنين حق المداعات الفردية ضد المدين .
- لا يحوز الحكم الصادر بإقفال التفليسة لعدم كفاية الموجودات قوة الأمر المقضي فيه المادة 356 ق ت ج .
المطلب الثالث: آثار الإفــــــــــــــــــلاس
أولا: أثار الإفلاس بالنسبة لأموال المدين :
ينشا عن الإفلاس اثر آني ينطبق على الفترة اللاحقة لصدور الحكم و هو رفع اليد بأثر رجعي و يطلق عليها اسم فترة الريبة أو المدة المشبوهة
1) رفع اليد أو غل اليد: طبقا للمادة 244 ق ت ج و تقابلها المادة 501 من قانون التجارة اللبناني المادتين 14-15 من ق ت الفرنسي الجديد ، المادة 327 من القانون التجاري الأردني ، المادة 617 من القانون التجاري السوري.
فبمجرد الحكم بالإفلاس ترفع يد المفلس بقوة القانون عن إدارة أمواله دونما حاجة لنص صريح في الحكم بوجود رفع اليد إذ الغاية المتوخاة من رفع اليد هي حماية الدائنين من تصرفات المدين التي قد تؤدي إلى الإضرار بحقوقهم
ضف إلى إن رفع اليد لا يؤدي إلى فقد ملكية المفلس لأمواله و حقوقه بل تستمر هذه الملكية إلى إن يتم بيع الأموال لأغراض التصفية و ذلك خلافا للقانون الانجليزي الذي يعتبر أن الإفلاس يؤدي إلى انتقال ملكية أموال وحقوق المفلس إلى الدائنين عن طريق وكيل المتصرف القضائي الذي يتولى توزيعها فيما بينهم
وقد اختلفت الآراء في مفهوم الأساس القانوني الذي يستند إليه رفع اليد إذا اعتبره البعض حق عيني خاص لمصلحة جماعة الدائنين و البعض الآخر اعتبره تطبيقا للدعوى البوليصية الهادفة لعدم نفاذ تصرفات المفلس في حق جماعة الدائنين ، و ذهب رأي ثالث لاعتباره بمثابة حجز جماعي شامل لمصلحة جماعة الدائنين على كامل أموال المفلس (محسن شفيق , محكمة تجارة بيروت المختلطة) وذهب رأي رابع الى اعتبار رفع اليد نوعا خاصا من انعدام الأهلية مقررا ضد المفلس و ليس لمصلحته (إميل اتثيان)
إلا إنه مهما اختلفت الآراء في إسناد رفع اليد إلى أساس قانوني يبقى انه نظام خاص قد لا يستند بصورة كلية إلى أي من المبادئ القانونية المذكورة أعلاه ، أقره القانون في سبيل مصلحة الدائنين
آثار الإفلاس المتعلقة بشخص المدين :
أ) آثار مقررة لصالح المفلس : وهي قائمة على اعتبارات إنسانية وتتمثل في :
1/ تقرير إعانة للمفلس ولأسرته تكون بناء على طلب من وكيل التفلسة الى القاضي المنتدب الذي يقوم بتقريرها وتعيين مقدارها مع مراعاة مركز المدين الاجتماعي وعدد أفراد أسرته
2/ تقرير الصلح بين المفلس ودائنيه وهذا في حالة قبول الدائن للتسوية فيقوم القاضي المنتدب بإستدعاء الدائنين المقبولة ديونهم على أن تكون ديونهم تساوي ثلثي 2/3 من مجموع الديون المقبولة نهائيا أو وقتيا وإذا ما تم الاتفاق على الصلح وصادقت عليه المحكمة تتوقف مهام وكيل التفليسة ، ويسترد المفلس حريته وإدارة الأموال طبقا للمادة 317 ق ت ج .
إذ أن القانون يمنع المفلس من مباشرة أي تصرف قانوني كالبيع ، الهبة ، التنازل عن الحقوق ، أو إبرام الصفقات إذ لا يجوز له حتى الوفاء بما عليه من ديون وإذا وقع التصرف بعد شهر الإفلاس لا ينفذ في مواجهة الدائنين إلا أنه تبقى للمفلس حق مباشرة عدة أعمال منها دعاوى التعويض المتعلقة بالضرر الذي يصيب المفلس في شخصه و اعتباره فله أن يطلب إلغاء الحكم كما له الحق في طلب التعويض ويصبح للدائنين مصلحة في هذا التعويض وبالتالي يجب إدخال هذا المال في التفليسة بواسطة الوكيل المتصرف القضائي ممثل جماعة الدائنين مع الإشارة الى أن هذه الدعاوى يباشرها المفلس دون تدخل الوكيل كما أنه يباشر الأعمال والتصرفات بصفته وليا ووصيا كإدارته لأموال القصر ومن هم تحت ولايته ، دعاوى الأحوال الشخصية والحقوق المتعلقة بها كدعاوى الطلاق .
ب) آثار مقررة ضد المفلس :
نص عنها المشرع وهذا لغرض التشديد والقسوة على المفلس حتى تجعله يتصرف بإعتدال في أموره وتتمثل أساسا في :
نصت المادة 243 ق ت ج " يخضع المدين الذي أشهر إفلاسه إلى المحظورات وسقوط الحق المنصوص عليه في القانون وتبقى قائمة حتى رد الاعتبار ما لم توجد أحكام قانونية تخالف ذلك " ، وتقابلها المادة 105 ق ت فرنسي وتقضي المادة 369 من نفس القانون أن تطبق العقوبات المنصوص عنها في المادة 283 ق ت ج على الأشخاص الذين تثبت إدانتهم بالتفليسة بالتقصير وبالتدليس التي تحدد الحقوق التي يمكن أن تسقط عن المدين المفلس بالإضافة الى عقوبة السجن التي تتراوح بين شهرين الى سنتين وتتمثل الحقوق التي يمكن أن تسقط من المدين فيما يلي :
1) عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السياسية في الحزب والدولة وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة .
2) الحرمان من حق الإنتخابات والترشح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية والسياسية وكذا من حمل أي وسام .
3) عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبير أو شاهد .
4) عدم الأهلية لأن يكون وصياما لم تكن الوصية على أولاده .
5) الحرمان من الحق في حمل السلاح وفي التدريس .
آثار الإفلاس أثناء فترة الريبة :
أخطر الفترات وأشدها ضررا بحقوق دائني المفلس في هذه الفترة المدين يشعر قبل غيره باضطراب عمله و بسوء حالته التجارية و تزعزع مركزه المالي بدنو اجل إفلاسه . و ما للإفلاس من أثار و لتفادي وقوع الكارثة يسارع إلى إيفاء ديون بعض الدائنين الملحين و إنشاء ضمانات خاصة لهم و يطلق يده في التصرفات و إخفاء أمواله أو البيع الصوري أو يلجأ الى التبذير والإكثار من المضاربات وضياع ما تبقى من أمواله لعلمه أنه لن ينال شيئا من هذه الأموال لذلك هذه الفترة خصها المشرع بنوع من الحذر و الارتياب و افترض فيها سوء النية
الأساس القانوني لفترة الريبة :
الدعوى البوليانية أو دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين التي ظهرت منذ القدم في القانون الروماني و اتخذت هذه التسمية بالنسبة إلى القاضي الروماني (بولو) الذي اقرها على وجه يؤدي إلى إلزام الغير الذي يشترك مع المدين بالغش ، إما برد الشيء المأخوذ بدون حق أو بدفع مبلغ من المال يوازي قيمته وانتقلت إحكام هذه الدعوى إلى شرائع الفرنسية ثم إلى القوانين العربية كالقانون اللبناني ,المصري ,السوري ,الكويت
وفترة الريبة هي الفترة الممتدة من تاريخ التوقف من الدفع و تاريخ صدور حكم الإفلاس المادة 495/4 ق ت اللبناني 8 أشهر و تقابلها المادة 247 ق ت ألج
إذ نجد أن المشرع قد ميز بين التصرفات التي تصدر عن المدين خلال فترة الريبة وذلك تبعا لطبيعتها وللظروف التي أجريت فيها لذا وجب ذلك التفرقة بين نوعين من هذه التصرفات :
1/ البطلان النسبي :
إن التصرفات التي يبطلها المشرع وجوبيا تتمثل في التبرعات و الوفاء غير العادي والتأمينات الضامنة ، التصرفات التي تكشف عن تمييز ظاهر من المدين لأحد دائنيه لأن المشرع قصد من هذا البطلان الحماية المزدوجة فهو يحمي الدائنين جميعا من تصرفات المدين التي تضر بهم وليس أشد إلحاقا للضرر بهم من تبرع المدين خلال فترة الريبة وهو يحقق المساواة بين الدائنين أن يبطل كل تصرف يهدف به المدين إلى تمييز أحد الدائنين بوفاء غير عادي أو تأمين خاص خلال هذه الفترة .
والمشرع لم يترك الخيار إلى القاضي وإنما أوجب عليه الحكم بالبطلان ودون البحث في نية المتصرف إليه لأن طبيعة التصرف ذاته تتعارض مع الأهداف التي قصدها المشرع والبطلان الوجوبي أثره هو عدم نفاذ التصرف في حق جماعة الدائنين مع بقائه صحيحا بين طرفيه سواء كان موضوع التصرف تبرعا أو وفاء غير عادي .
2/ البطلان الجوازي :
تدل بذاتها ضارة بالدائنين أو على أنها تهدف إلى تمييز أحدهم إخلالا بقاعدة المساواة يجوز أن تكون هذه التصرفات قد تمت بين المدين وبين المتعامل معه بلا قصد وبلا حدوث ضرر فعلي يلحق جماعة الدائنين لذلك ترك المشرع أمر البطلان لتقدير القاضي ليوازن بين مصلحة كل منهما جديرة بالإعتبار وبالتالي قد يحكم القاضي بالبطلان وقد لا يحكم به فإذا قرر التصرف أصبح نافذا في مواجهة الدائنين ووجب عليهم الإلتزام به وإذا قضي ببطلانه أصبح غير نافذ في مواجهتهم وبالتالي فهو غير ملزم له .
آثار الإفلاس بالنسبة للدائنين:
إن رفع يد المدين عن إدارة أمواله لا يكفي لمعالجة تصفية التفليسة وتحقيق المساواة بين الدائنين ، لذلك لابد من تنظيم قانوني خاص يتضمن هذه المساواة ، لذا حرص المشرع على تحقيقها بالرغم من أن الدائنين لا يتساوون في المركز تجاه تفلسة المدين إذ أن هناك الدائنون العاديون الذين يقتسمون أموال التفلسة قسمة غرماء .
وهناك الدائنون أصحاب الرهون والتأمينات التي تضمن استيفاء حقوقهم بالأولوية لذلك نتناول:
جماعة الدائنين : التي تنشأ بقوة القانون وهي تتكون من جماعة الدائنين العاديين وهذه الديون تكون سابقة لإعلان الإفلاس ومن الدائنين أصحاب حقوق الإمتياز ونتطرق الى:
- الطبيعة القانونية لجماعة الدائنين : اختلفت الآراء في تحديد الطبيعة القانونية لجماعة الدائنين اعتبرها البعض شركةلأنها تتكون من عدة أشخاص تربطهم وحدة الأهداف والإشتراك في اقتسام الأموال و الخضوع للخسائر
إلأ أنه تم انتقاده إذ جماعة الدائنين لا تنشأ بالإتفاق وإنما بقوة القانون ورغما عن إرادة أعضائها ، ضف الى أن قسمة الغرماء تختلف عن إقتسام الأرباح فالأولى هي عبارة عن استرجاع ما أمكن من الحقوق المعرضة لخطر فقدانها ، بينما الأصل في اقتسام الأرباح يقوم على رغبة الشركاء وأملهم في الحصول على أموال تفوق رأس المال المدفوع .
واعتبرها البعض جمعية لأنها تهدف الى تحديد الخسائر وقد تم انتقاد هذا الرأي على أساس أن إرادة الأعضاء لا دخل لها .
أما بالنسبة للفقه والقضاء فقد إعتبرا أن لجماعة الدائنين الشخصية المعنوية المستقلة-ممثلة في الوكيل المتصرف القضائي ( موسوعة دالوز رقم 1468و1464 ) .
إلا أنه لا يمكننا التسليم بهذا الرأي لإختلاف جوهري بين المفهومين ذلك أنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية لعدم تمتعها بالذمة المالية المستقلة.
أمام هذه المفاهيم القانونية لا يسعنا القول إلا أن جماعة الدائنين هي عبارة عن هيئة خاصة وضع لها المشرع نظاما قانونيا خاصا يهدف الى التصفية الجماعية لأموال المدين ، بعد رفع يده عن إدارة أمواله.
- وقف الدعاوى والإجراءات الفردية : يقابلها في القانون اللبناني المادة 504 والمادة 429 ق ت الأردني والمادة 597 ق ت كويتي .
- معنى القاعدة وهدفها منذ صدور الحكم بالإفلاس ونشوء جماعة الدائنين يتوقف حق هؤلاء في مباشرة الدعاوى والإجراءات الفردية ضد المدين إذ هما أمران متلازمان إذ لو استمرت هذه الدعاوى لأدت الى التسابق والتنافس وعرقلة أعمال التصفية المادة 245 ق ت ج
المطلب الرابع : حلول التفلســـــــة
تنتهي التفلسة إما بعقد صلح بين المفلس و دائنيه و إما بإعلان حالة الاتحاد .
1 – الصلح الودي :
ليس من مصلحة الدائنين دائما شهر إفلاس المدين لما تتطلبه إجراءات التفليسة من وقت و ما تحتاجه من مصاريف قد تستنفذ قسما من موجودات التفلسة ، كما أن المدين قد لا يرى من مصلحته أن يصدر حكم بشهر إفلاسه إذ قد يؤدي هذا الحكم الى توقيفه عن نشاطه مدة كما يؤدي الى وقف تجارته ، إذ يسعى التاجر الذي اضطربت أمور تجارته و ساءت حالته الى الاتفاق مع الدائنين على منحه أجلا لوفاء ديونه ، فإذا توصل المدين مع الدائنون الى عقد مثل هذا الصلح سيتجنب الإفلاس و هذا الصلح مقبول و نافذ تطبيقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ، إذ يسمى بالصلح الودي ، إذ هو كسائر العقود يخضع في تكوينه للقواعد التي تخضع لها العقود العامة و يجب أن تكون موافقة الدائنين على العقد صريحة لا غموض فيها .
لا يشترط لصحة هذا العقد تصديقه من القضاء حتى أنه يجب على المحكمة فيما لو عرض عليها تصديق الصلح الودي أن ترد طلب التصديق ، و هنا الصلح الودي خلافا للصلح القضائي لا يلزم سوى الدائنين الذين قبلوه و لذلك يبقى الدائنون المخالفون محتفظين بحقوقهم كاملة اتجاه مدينهم و لا يحول دون ملاحقته و طلب شهر إفلاسه ، لذا يجب أن تتحقق موافقة جميع الدائنين له كي ينتج أثره لان الدائنين الذين تنازلوا بمقتضى هذا الصلح عن جزء من ديونهم ، فلا يعتبر تنازلهم ملزم لهم في حال تحريك دعوى الإفلاس ضد المدين و يستعيدون كامل حقوقهم تجاه مدينهم .
و إن التنازل الذي يجريه الدائنون عن قسم من ديونهم في عقد الصلح لا يعتبر من قبيل التبرع بل هو من عقد المعاوضة لذا يبقى على عاتق المدين .
يحق لكل دائن وافق على الصلح الودي أن يطلب نسخة بسبب عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد و عند صدور الحكم بالفسخ يعتبر العقد مفسوخا تجاه كافة الدائنين الذين وافقوا عليه خلافا للمبدأ القائل بنسبية الأحكام .
2 – الصلح القضائي :
قد أوجد المشرع حلا آخر للإفلاس و هو عقد الصلح بالصلح القضائي ، يتم بمعرفة القضاء و يجب أن تتوفر فيه بعض الشروط كما انه يخضع لتصديق محكمة التفلسة و هذا الصلح لا يمنح لجميع المفلسين على السواء بل خصه المشرع بالمفلس حسن النية ، و يشبه هذا الصلح الصلح الواقي من الإفلاس من حيث القواعد العامة التي تحكم كلا هذين الصلحين و لكنه يختلف عنه في أن الصلح القضائي إنما يتم بعد شهر الإفلاس فيعتبر حلا للتفليسة بينما ينعقد الصلح الواقي قبل الحكم بالإفلاس فيحول دون وقوعه دعوة هيئة المصالحة ، ألزم القانون القاضي المنتدب أن يوجه دعوة الى الدائنين للمداولة في أمر الصلح مع المفلس خلال 03 أيام التي تلي إغلاق و إقفال كشف جدول الديون أو خلال 03 أيام التي تلي قرار المحكمة القاضي بقبول الدائنين في المناقشات و يدعى الى هذا الاجتماع الدائنون الذين جرى تثبيت ديونهم نهائيا ، و الدائنون المقبولة ديونهم مؤقتا و تكون الدعوة من خلال إعلان ينشر في الصحف و باستدعاء شخصي لكل دائن بواسطة أمانة ضبط المحكمة و يحدد في الاستدعاء مكان و زمان انعقاد الاجتماع .
و الصلح هو عقد يبرم بين المفلس و دائنيه فلابد من دعوة المفلس لسماع تصريحاته و على المفلس أن يحضر بنفسه هذا الاجتماع ما لم يقدم عذرا مقبولا يكون من القاضي المنتدب ، فيحق له حال عدم تمكنه من حضور الاجتماع أن يرسل وكيل أو مندوب عنه و كذا الدائنون أن يحضروا الاجتماع بذاتهم أو وكلاء عنهم .
إذ يرأس الاجتماع القاضي المنتدب و يتلوا وكيل التفليسة ما تم بشأنها من إجراءات ثم يعطي حق الكلام للمفلس أو وكيله فيتقدم بالشروط التي يقترحها لعقد الصلح .
ثم تدون خلاصة المناقشة و الشروط التي قبلها المفلس بمحضر ضبط يخصص لهذه الغاية و تسجيل آراء كل دائن أو وكيله بقبول الشروط أو رفضها.
التصويت أو المصادقة على عقد الصلح :
الدائنون نوعان (عاديون ،وممتازون) يشترك مبدئيا في مناقشة شروط الصلح و في التصويت عليه الدائنون العاديون الذين ثبتت ديونهم بصفة نهائية أو مؤقتة و قد منع القانون أقرباء المفلس و الأشخاص الذين تنازل لهم المفلس من التصويت ( زواج. صهر- قريب إلى الدرجة الربعة ) كما يجوز لوكيل التفلسة إذا كان دائنا فيها أن يشترك في التصويت بعد الترخيص له من القاضي المنتدب .
و الدائنون الممتازون لهم أن يحضروا اجتماعات الصلح و أن يشتركوا في التصويت و لكن اشتراكهم يؤدي حتما الى سقوط حقهم ألامتيازي و قد اخذ المشرع هذا الموقف اتجاه الدائنين الممتازين كي لا يتساهل مع المفلس فيقبلون بالشروط التي يعرضها المفلس مادامت ديونهم مؤمنة فيؤدي هذا التساهل الى إيقاع الإضرار بالدائنين العاديين.
و يسقط حق الامتياز و الرهن سواء صوت الدائنون بالموافقة على الشروط المعروضة أو رفضوها و إذا وافق الدائنون على الصلح و لم تصادق عليه المحكمة فلا تعاد إلى الدائنين الممتازين حقوقهم التي أضاعوها .
و إذا كان للدائنين دينان احدهما عادي و الآخر مضمون بإمتياز استطاع الاشتراك في التصويت بالنسبة لدينه العادي فلا يفقد عندئذ رهنه أو امتيازه و لكن يجب عليه أن يصرح عن ذلك في محضر الضبط ، و اشتراط المشرع لحصول الصلح و تحققه توافر أغلبيتين ،أغلبية عددية و أغلبية نسبية الديون المادة 318 ق تجاري .
- نتائج التصويت:
1/_فقدان الأغلبيتين :
في هذه الحالة يعتبر عرض المفلس مرفوضا و يصبح الدائنين بقوة القانون في حالة اتحاد ، و في هذه الحالة لا يحق للدائنين طلب إعادة النظر أو الرجوع في قرارهم و لا يحق للمفلس عرض شروط جديدة.
2/- تحقق الأغلبيتين :
يعتبر الصلح مقبولا و يجب أن يتم التوقيع على الصلح في نفس الجلسة تحت طائلة البطلان و يعرض على المحكمة للتصديق .
3/- توافر إحدى الأغلبيتين :
تؤجل المداولة لاجتماع آخر يعقد بعد 8 أيام غير قابلة للتمديد و لا يلزم من حضر المداولة الأولى حضور الثانية طالما انه وقع على المحضر، تبقى قراراتهم صالحة نافذة إلا إذا حضر و شارك في التعديل في الاجتماع الثاني.
مضمون عقد الصلح :
يخضع عقد الصلح كسائر العقود لمبدأ حرية التعاقد فيجوز للطرفين وضع الشروط التي لا تخالف النظام العام و الهدف من الصلح هو مساعدة المفلس و يتضمن عقد الصلح الأمور التالية :
1/- منح آجال للمفلس:
إذ يبقى الدين المترتب في ذمة المفلس على حاله و يستفيد المفلس من هذه المهلة و لكن هذه المهلة ليست قضائية بل هي آجال ذات صفة تعاقدية شرطت لمصلحة الفريقين المتعاقدين و صادقت عليها المحكمة.
2/- التنازل عن جزء من الدين
كأن يتفق الدائنون في عقد الصلح على التنازل عن 30% من ديونهم و قبض الباقي من الدين خلال مدة.
و لا يعتبر التنازل الممنوح من الدائن للمدين في عقد الصلح من قبيل التبرع بل هو نوع من عقود المعاوضة لان الدائن لم يتنازل إلا ليؤمن وفاء ما بقي له من دين في ذمة المدين ، و لا يترتب على التنازل إبراء ذمة المدين نهائيا إلا إذا اشترطت ذلك في عقد الصلح بل ينقلب الجزء المتنازل عنه إلى التزام طبيعي و لذا لا يجوز للمفلس أن يطلب رد الاعتبار إلا إذا قام بوفاء جميع المبالغ المترتبة عليه.
- تصديق عقد الصلح
متى توافرت الاغلبيات و تم الصلح و جب عرضه على محكمة التفليسة للتصديق و قد اشترط المشرع وجوب التصديق على الصلح لسببين :
1/- لان هذا العقد خلافا للقاعدة العامة يسري مفعوله على كافة دائني المفلس العاديين ،القابلين و الرافضين.
2/- عودة المفلس إلى الحياة التجارية بعد قفل التفليسة بعقد الصلح قد يؤثر في التجارة و الائتمان التجاري فلا يمنح هذه التسهيلات غير حسن النية.
لا يجوز لمحكمة التفليسة أن تنظر من تلقاء نفسها أمر المصادقة على عقد الصلح أو رفضه ، إذ لابد من تقديم طلب لها وفقا للقاعدة العامة ، و غالبا ما يقوم بهذا العمل وكيل التفليسة ، و إذا تأخر الوكيل عن تقديم الطلب حق للمفلس أو ورثته في حالة وفاته ولكل دائن أن يطلب من المحكمة تصديق عقد الصلح .
و يحق للدائنين أن يعترضوا على عقد الصلح طالبين رفضه كما أن لممثل هيئة أصحاب القرض ذلك الحق ، و يجب أن يقدم الاعتراض إلى محكمة التفليسة والمفلس و يجب تكليفهما بالحضور إلى أول جلسة تعقدها المحكمة .
و يجب على المحكمة أن تنظر في القضية بعد انقضاء الأيام الثمانية الممنوحة للاعتراض و ليس للمفلس أن يعترض على عقد الصلح ، كما لا يجوز ذلك لوكيل التفليسة ، و لكن إذا كان وكيل التفليسة دائنا جاز له الاعتراض بهذه الصفة و يجب في هذه الحالة تعيين وكيل آخر محله ليدافع في الدعوى الاعتراضية .
و سواء جرى الاعتراض على عقد الصلح أو لم يجر ، فمن واجب محكمة التفليسة أن تدقق في العقد فتصدقه أو ترفضه بعد التسبيب ، و لكن ليس للمحكمة أن تعدل فيه كما ليس لها أن تضيف شروط جديدة يتقدم بها المفلس أثناء المرافعة .
أما الأسباب التي يحق للمحكمة أن تتذرع بها لرفض تصديق الصلح هي :
1- عدم مراعاة القواعد الإجرائية التي حددها القانون من دعوة الدائنون للإجتماع، وتوافر الأغلبيتين وتوقيع عقد الصلح في الجلسة نفسها التي جرى فيها التصويت.
2- وجود أسباب تتعلق بالنظام العام تحول دون التصديق: المفلس لا يستحق الشفقة، حكم يجرم الاحتيال إذا كان مسرفا في المصروف
3- إذا كانت شروط الصلح مجحفة بحقوق الدائنين ، تتنازل عن قدر كبير من ديونهم أو التأمينات الممنوحة في عقد الصلح غير كافية .
4- إذا كان عقد الصلح لا يتضمن نصا يجيز لرئيس المحكمة أن يعين مفوضا أو عدة مفوضين يكلفون بمراقبة تنفيذ عقد الصلح ، أو فك الرهن إذا أجازه الدائنون ، و بمراقبة تحويل الموجودات إلى نقود .
إذا رفضت المحكمة تصديق الصلح اعتبرت التفليسة بحالة اتحاد ، و إذا صدقته سرى مفعوله على جميع الدائنين العاديين ، سواء اشتركوا في عقد الصلح أو لم يشتركوا و سواء تحققت ديونهم أو لم تتحقق .
ثالثا : طرق الطعن بعقد الصلح :
إذا لم يعترض أحد من الدائنين على عقد الصلح و جرى تصديقه من قبل المحكمة فانه يصبح قطعيا بمجرد التصديق و إذا رفضت المحكمة التصديق فللمفلس الحق في استئناف الحكم الصادر عن المحكمة بالرفض و كذلك الطعن بالنقض.
و إذا وقع اعتراض على عقد الصلح من بعض الدائنين فانه يحق لهؤلاء إتباع طرق الطعن بالاستئناف و النقض في الحكم الصادر بالتصديق.
و إذا تراجع المستأنف عن استئنافه ، فهل يحق لمحكمة الاستئناف أن تسير في رؤية القضية فتصدق في الحكم المستأنف أو تفسخه و ترفض التصديق باعتبار أن هذا الموضوع يتعلق بالنظام العام ، أم يجب عليه ( المجلس ) شطب استدعاء الاستئناف ؟
هناك رأي يقول : يحق لمحكمة الاستئناف رؤية الاستئناف موضوعا رغم تراجع المستأنف عن استئنافه .
رابعا : الأسباب المسقطة للصلح :
إن عقد الصلح هو عقد ثنائي الطرف ، يتم بين المفلس و دائنيه و يلزم كلا من الطرفين بما تضمنه من شروط ، و لا يغير من طبيعة العقد تصديقه من المحكمة ، و لا يسقط إلا لأسباب معينة وردت في القانون و هي : البطلان ، الفسخ ، و شهر إفلاس من جديد .
Nullité du concordat 1- بطلان عقد الصلح :
يبطل العقد حسب القواعد العامة إذا لم تتوافر فيه الشروط الضرورية لصحة العقد ، مثل عدم الأهلية و الغلط و الإكراه
و لكن المشرع استثنى عقد الصلح من البطلان بسبب ما ذكر ، لان رقابة المحكمة على عقد الصلح ضمان كاف للدائنين بانتفاء هذه الأسباب .
و لم يجز القانون طلب بطلان العقد إلا إذا كانت دعوى الإبطال مبنية على تدليس ، اكتشف بعد التصديق و كان مصدره إخفاء مال المفلس أو المبالغة في الديون المطلوبة منه.
و هذان السببان هما من أسباب الإفلاس الاحتيالي ، و يثبت سبب البطلان بحكم يصدر على المفلس بالإفلاس الاحتيالي صادر عن القضاء الجزائي أو بادعاء البطلان أمام القاضي المدني .
و ترفع دعوى البطلان أمام المحكمة المدنية التي صادقت على عقد الصلح و يسقط حق الدائن بطلب البطلان بانقضاء خمس سنوات من يوم اكتشاف التدليس .
و متى حكم بالبطلان برئت ذمة كفلاء عقد الصلح ، فلا يجوز مطالبتهم بما تعهدوا به ، لان كفالتهم للمفلس كانت على أساس صدقه ، فظهور التدليس من قبل المفلس يعتبر مؤثرا في رضاهم ، فتبطل كفالتهم أيضا ما لم يثبت اشتراكهم في التدليس .
Résolution du concordat 2- فسخ عقد الصلح :
طبقا للمواد 340 و 341 تجاري ، إذا تخلف المفلس عن تنفيذ ما تعهد به بعقد الصلح فلم يوف الأقساط عند استحقاقها ، جاز للدائنين فسخ العقد .
و لا يتحقق الفسخ إلا بدعوى الفسخ يقيمها الدائنون ، فإذا اختاروا مطالبة المفلس بتنفيذ ما تعهد به ، فانه لا يحق للمحكمة أن تقرر الفسخ من تلقاء ذاتها .
تقام دعوى الفسخ أمام المحكمة المدنية التي صادقت على عقد الصلح و متى صدر الحكم بفسخ العقد سرت أحكامه على جميع الدائنين ، خلافا للقاعدة العامة القائلة بنسبية الأحكام القضائية و خلافا للبطلان ، لا يبرئ الفسخ ذمة الكفيل ، لأن الكفيل كان قد تعهد بتنفيذ العقد فهو مسؤول عن عدم تنفيذه ، كما أن الفسخ لا يمنع من قيام عقد صلح جديد مع المفلس .
و يجب أن نلاحظ بان النتائج القانونية الناتجة عن بطلان عقد الصلح و عن فسخه تتفق في كثير من الأمور و تختلف في أمور أخرى .
وجوه الشبه بين البطلان و الفسخ :
1- إن طلب البطلان أو الفسخ هو مهمة الدائنين العاديين و لا يشمل هذا الحق الدائنين الممتازين أو المرتهنين لان حقهم عندهم.
2- ليس للمفلس أن يطلب البطلان أو الفسخ كما لا يجوز لوكيل التفليسة التي انتهت مهمته .
3- تقام دعوى البطلان عند اختيار الطريق المدني أو بالفسخ أمام المحكمة التي صدقت عقد الصلح .
4- يسري مفعول الحكم القاضي بالبطلان أو الفسخ على عموم الدائنين خلافا للقاعدة العامة .
5- يقضي الحكم الصادر بالبطلان أو بالفسخ بفتح التفليسة من جديد.
وجوه الاختلاف بين البطلان و الفسخ :
1- إن سبب البطلان يعود الى عدم تحقيق ركن من أركان العقد ( الرضى، المحل السبب ) أما سبب الفسخ فيرجع الى سبب لاحق لعقد الصلح ( إخلال بالتزام تعاقدي ).
2- يجوز منح صلح جديد للمفلس في حالة الفسخ ، أما في حالة البطلان فلا يجوز منح صلح جديد و خاصة إذا كان سبب البطلان صدور حكم بالإفلاس الاحتيالي على المفلس .
3- تبرأ ذمة كفلاء عقد الصلح إذا تقرر بطلانه و تبقى ذممهم مشغولة تجاه الدائنين إذا تقرر الفسخ .
الفرع الرابع ; حالة الاتحاد
نصت المادة 349 تجاري على انه " بمجرد إشهار الإفلاس أو تحول التسوية القضائية يتكون اتحاد الدائنين …. ".
يستفاد من هذا النص أن التفليسة تصبح في حالة اتحاد في خمس حالات :
1- إذا لم يعرض المفلس صلحا على دائنيه .
2- أو رفض الدائنون عروض المفلس .
3- أو قضت المحكمة بعدم تصديق الصلح .
4- أو تقرر بطلان عقد الصلح بسبب الحكم على المفلس بجرم الإفلاس الاحتيالي أو أي حكم جزائي يتعلق بذمة المدين كالغش في الصلح.
5- أو تقرر فسخ عقد الصلح و لم تتوصل التفليسة الى عقد صلح جديد .
و متى أصبح الدائنون في حالة اتحاد وجب على القاضي المنتدب دعوتهم فورا لاستشارتهم فيما يتعلق :
- بأعمال الإدارة .
- إدارة أموال المفلس .
- إبقاء وكلاء التفليسة أو استبدالهم .
و يقبل في المناقشة : الدائنون العاديون و الدائنون الممتازون و الحائزون لرهن أو تأمين على عقار أو منقول .
و يستشار الدائنون فيما إذا كان من المستطاع إعطاء المفلس إعانة من مال التفليسة ، فيقترح الوكلاء مقدار الإعانة و يحددها القاضي بقرار منه .
و تستوجب حالة الاتحاد حتما تصفية الموجودات الخاصة بالمفلس و توزيع حاصل التصفية على الدائن .
و بعد الانتهاء من تصفية موجودات المفلس و توزيع حاصل التصفية على الدائنين يدعو القاضي المنتدب الدائنين لآخر اجتماع يعقدونه ، و في هذا الاجتماع يقدم وكلاء الاتحاد حسابا عن إدارتهم و يكون المفلس حاضر أو مدعوا للحضور .
و يبدي الدائنون في هذا الاجتماع رأيهم في مسألة عذر المفلس ، و ينظم محضر بذلك.
و بعد انقضاء هذا الاجتماع تعتبر حالة الاتحاد منحلة حتما .
و تنظر محكمة التفليسة في معذرة المفلس أو عدم معذرته بناء على تقرير يرفعه لها القاضي المنتدب ، عن صفات التفليسة و ظروفها ، و يربط بها قرار الدائنين المختص بمعذرة المفلس و للمحكمة حق التقدير في اعتبار المفلس معذور أو غير معذور ، و لكن القاضي ملزم بعدم اعتبار المفلس معذور مرتكب الإفلاس الاحتيالي و المحكوم عليه بالتزوير أو سرقة أو احتيال أو خيانة أمانة أو اختلاس أموال عامة .
و قرار القاضي بإعلان معذورية المفلس أو عدم معذوريته يخضع لكل ذي مصلحة ذلك أي الطعن يخضع لطرق الطعن القانونية و بعد إقفال التصفية ، تعود للمفلس حرية التصرف بالأموال التي يمتلكها في المستقبل و يحق لدائنيه ملاحقته بالدين الباقي لهم بذمته و القيام بإجراءات التنفيذ و لكن ليس لهم الحق في طلب شهر إفلاسه من جديد .
و يحق للمفلس أن يباشر تجارة جديدة .
المبحث الثاني: نجاعة نظام الإفلاس وبدائله في الأنظمة المقارنة
المطلب الأول :نجاعة نظام الإفلاس
إن المشرع الجزائري أولى عناية كبيرة بالعمليات التجارية التي تقوم بين التجار والتي أساسها الثقة والائتمان والسرعة .لهذا أوجد نظام الإفلاس الذي لطالما اقترن في النصوص القانونية رفقة نظام التسوية القضائية الذي يختلف عنه تماما .
نظام الإفلاس الذي يتميز بالسرعة في الإجراءات مع مراعاة ضرورة إيجاد التوازن بين جميع الأطراف بغية تحقيق حماية الدائنين والمساواة بينهم في استئناف ديونهم .
ضف الى أن المشرع الجزائري في مجمل نصوصه لم يتدراك بعض النقائص وخاصة منها المتعلقة بالتوقف عن الدفع ،اذ لم يضع الحد الأدنى مثلا لقيمة الدين المتوقف عن دفعه والصالح لان يكون سببا لرفع دعوى الإفلاس إذ أنه بمجرد توقف التاجر عن دفع ديونه ولو لضآلة وتفاهة قيمة الفاتورة أو الدين يشهر إفلاسه وما سيترتب عليه من أثار وخيمة على التاجر وتجارته.
كما أن المشرع الجزائري ومراعاة منه للتكييف مع التحولات الاقتصادية المصاحبة لتغيير الدولة لنظامها الاقتصادي من الاشتراكية إلى نظام اقتصاد السوق فعليها مراعاة هذا النظام والعمل على تغيير المواد الخاصة لنظام الإفلاس .ومحاولة تماشيها مع التغيرات الحاصلة بالعالم
وخاصة تشجيع التجار والاستثمارات ومنح فرص للتجار ومحاولة إنقاذ المؤسسة التجارية وتشجيعها على الاستمرار وليس بمجرد توقفها عن الدفع يعلن إفلاسها،
خاصة مع ولوج الشركات الأجنبية لميدان المنافسة هاته الأخيرة المتعودة على آليات السوق الحرة.
إذ يجب الاستعداد لهذا وبالضرورة سينعكس على القضاء وحتى على التجار لتجسيد ثقافة الإفلاس في الميدان وبإتباع منهج الدول الأخرى وإيجاد بدائل عن الإفلاس نجد مثلا القانون المصري الذي افرد بابا خاصا بالصلح الواقي من الإفلاس والقانون اللبناني هذا الأخير الذي نظم هذه الآلية بما يتماشى والمصلحة الإقتصادية بخلاف المشرع الجزائري الذي فعلا اشار الى نظام الصلح الواقي من الإفلاس إلا أنه تحت تسمية أخرى وهي التسوية القضائية الواردة في القانون التجاري على قاعدة المادة 226 ق ت ج والتي تنص على أنه " يقضى بالتسوية القضائية إن كان المدين قد قام بالإلتزامات المنصوص عليها في المواد 215 ، 216 ، 217 ، 218 ق ت ج" ، ولكن بالرجوع الى هذه المواد نجد أنه على التاجر أو كل شخص معنوي إذا توقف عن الدفع أن يدلي بإقرار في مدى خمسة عشر يوم قصد افتتاح إجراءات التسوية أو الإفلاس مع التأكيد على اقتران التسوية و الإفلاس في جل مواد الإفلاس بالرغم من الفوارق الكبيرة بينهما سواء في الشروط أو الآثار كما تم التنويه عليه آنفا لذلك سنتطرق الى هذا النظام وفق ما جاء به القانون اللبناني الذي اهتم به لاعتبارات عديدة راجين أن يقتدي بها المشرع الجزائري بالرغم من أنه قد عالج جل إجراءات التسوية القضائية إلا أنه أرفقها دائما بالإفلاس .
إلا أننا نجد أن المشرع الجزائري من خلال إستقرائنا للنصوص القانونية قد أخلط بين الصلح القضائي الذي يتم بعد شهر الإفلاس فيعتبر حلا له و التسوية القضائية التي تنعقد قبل حكم شهر الإفلاس فيحول دون وقوعه، لهذا سنتناول نظام الصلح الواقي من الإفلاس أو الصلح الإحتياطي في ظل القانون اللبناني الذي أفرد له بابا خاصا به .
الصلح الإحتياطي أو الواقي concordat préventif:
إن التاجر قد تطرأ على تجارته بالرغم من حرصه ظروف طارئة لا يستطيع مقاومتها تؤدي به الى التوقف عن دفع ديونه التجارية فيكون عندئذ من القسوة بما كان أن يعامل كغيره من التجار الذين توقفوا عن الدفع بسبب الغش أو التدليس وسوء إدارته و عدم تبصرهم والمجازفات الخطيرة التي يقومون بها التي تؤدي بهم الى إنهيار مشروعهم لذلك أكد المشرع وأبتدع نظام الصلح الواقي الذي يعد وسيلة أساسية لتفادي التوصل الى إعلان الإفلاس الذي له آثار وخيمة سواء على التاجر المفلس أو الدائنين.
ويهدف هذا النظام الى تحقيق مصلحة التاجر وإبعاده عن خطر الإفلاس وبالمقابل يبعد عن الدائنين إجراءات الإفلاس الطويلة والمعقدة التي تستلزم تكاليف باهضة وبالنتيجة يحقق المصلحة العامة المتمثلة في الحد من الإفلاسات المؤدية الى الإضرار بالائتمان في الحياة الإقتصادية والصلح الواقي من الإفلاس عرفته معظم القوانين الأجنبية كالقانون الفرنسي ، البلجيكي ، الإيطالي ، الألماني ، المصري ، الأردني ، الكويتي وغيرها من القوانين .
أما القانون اللبناني فقد أ فرد له بابا في الكتاب الخامس من قانون ( 1945 ) التجارة تحت عنوان الصلح الإحتياطي من المادة 459 إلى 488 و القانون الجزائري نص عليها و إجراءاتها في المادة 317 وما يليها .
ولإنعقاد الصلح الواقي لابد من توفر بعض الشروط منها الموضوعية خاصة بالتاجر وأخرى شكلية تتعلق بالإجراءات التي يجب القيام بها لإتمام الصلح .
الشروط الموضوعية للصلح الواقي : لابد أن يتوفر مايلي :
· صفة التاجر:
وقد تم الإشارة إليها في باب الإفلاس ، وقد نصت عليها المادة 459 ق ت اللبناني .
·اضطراب أعمال التاجر:
الذي يجب أن يكون متصف بالإستمرار لكي يكون سببا لطلب الصلح أما الاضطراب العابر يعتد به لأنه يؤدي إلى إضعاف الإئتمان بصورة مؤقتة وأجاز القانون تقديم طلب الصلح خلال عشرة أيام التي تلي التوقف عن الدفع، وهذا لحث المدين على الإسراع في إعلام دائنيه بحالته حفاظا على حقوقهم و إظهارا لحسن نيته ورغبة في إيفاء التزاماته واستمرار ممارسته التجارة أي أن مهلة عشرة أيام هي مهلة سقوط خلافا لبعض القوانين التي تعتبر الصلح يبقى مقبولا رغم تجاوز هذه المدة الى درجة أنه إذا أحد الدائنين تقدم بطلب إعلان إفلاس التاجر بعد توقفه عن الدفع فالتاجر الذي يتقدم بطلب الصلح له ذلك وتتوقف المحكمة عندئذ عن الفصل في طلب الإفلاس حتى البت في طلب الصلح.
·حسن نية التاجر وسوء الحظ :
هذا الشرط يفهم ضمنا بالنظر الى طبيعة الصلح الذي يعد مساعدة للتاجر الذي تعثرت تجارته بسبب ظروف خارجة عن إرادته أي أنها تنزل منزلة القوة القاهرة بالنسبة للتاجر فسوء حظه هو الخسارة التي مني بها لم تكن بسبب خطئه فحسن النية يعني أن يلتزم التاجر بالأمانة ويتبع الأصول التجارية ويسلك سلك الاستقامة و النزاهة ومنه فسوء الحظ و سوء النية لا يفترضان بل على المدين طالب الصلح أن يقيم الدليل عليهما لتحقيق شروط قبول طلبه والمحكمة سلطة واسعة في تقديرهما عن طريق الاستعانة بأحد الخبراء ، وقد قضت محكمة التجارة في بيروت في قضية البنك العقاري اللبناني 1967برد طلب الصلح الواقي لأن هذه الصفة لا تتوفر في القضية التي عرضت أمامها التي قام أعضاء مجلس إدارته بإساءة التصرف بالودائع بصورة واسعة لمصلحتهم الشخصية متجاهلين قرارات مجلس الإدارة والذي حصلت فيه زيادات رأس المال فيه بصورة وهمية .
الشروط الشكلية للصلح الواقي :
هي عبارة عن إجراءات قضائية تتسم بطابع السرعة والإقتصاد في النفقة وتغني المدين عن التماس طلب الصلح من جميع الدائنين فردا فردا، وتوفر الضمانات التي تؤدي الى طمأنة المدين والدائنين معا وهذه الإجراءات يتم إتباعها كالآتي:
- تقديم طلب الصلح الواقي : يعود هذا الحق للتاجر المدين فقط على أنه يمكن أن يقدم بواسطة وكيل عنه ، وفي حال وفاته يعود الحق لورثته خلافا لنظام الإفلاس الذي يقدم الطلب بشأنه من طرف التاجر أو من قبل الدائنين أو المحكمة إذ يعتبرها حقا شخصيا للتاجر
شكل الطلب والمستندات المؤيدة له : يجب أن يكون الطلب خطيا وأن تضم إليه المستندات المادة 46 قانون التجارة .
- دفاتره التجارية الإجبارية منظمة وفقا للأصول .
- قيده في السجل التجاري .
- بيان بأعمال الدائنين أي بيان مفصل عن أعماله و أسماء جميع دائنيه .
- المستندات الخاصة بالشركات إذا كان الأمر يخص الشركة .
ويتضمن طلب الصلح إيضاح الأسباب التي حملت التاجر على تقديم طلبه وبيان معدل التوزيع الذي ينوي عرضه على دائنيه أن لا يقل عن 50% من رأس ماله و أن يعين الضمانات التي يقدمها لدائنيه كالرهون و التأمينات .
مهلة تقديمه: يقدم كما سبق الإشارة قبل التوقف عن الدفع أو خلال الأيام العشرة التي تلي هذا التوقف .
المحكمة المختصة: هي المحكمة الإبتدائية الواقع في إختصاصها محل التاجر الرئيسي.
افتتاح إجراءات الصلح: عند تلقي رئيس المحكمة الطلب عليه تحديد أقرب موعد جلسة ممكن إذ الأحسن أن يفصل فيه على وجه الاستعجال وذلك لحالة المدين المرهقة لعدم وقوفه على حقيقة مصيره ومصير تجارته وخطورتها على الدائنين إذ يظل المدين خلالها متمتعا بحريته في التصرف بإدارة أمواله وتتمتع المحكمة بحرية واسعة للنظر في طلب الصلح وجديته و لا تدعو الدائنين للحضور إلا إذا قررت قبول الطلب أما المدين فتدعوه وتستمع إليه وتصدر المحكمة حكمها برفض الطلب أو قبوله ويتم ذلك في جلسة علنية .
رفض طلب الصلح الواقي: إذا تحققت بعض الشروط وفق المادة 461 ق ت:
- كما لو كان الطالب لم يودع الدفاتر والمستندات.
- إذا كان قد حكم عليه سابقا بالإفلاس الاحتيالي أو بالتزوير أو بالسرقة أو بالاختلاس في إدارة الأموال العامة.
- إذا لم يقدم ضمانات كافية للقيام بتوزيع المعدل المقترح.
قبول طلب الصلح: إذا رأت المحكمة أن الطلب قانوني وحريا بالقبول تصدر حكمها وتبتدئ مرحلة إبرام عقد الصلح وهو غير قابل للاستئناف 462 ق ت حرصا على السرعة واختصار الإجراءات ويتضمن الحكم:
تعيين القاضي المنتدب : يعين من بين قضاة المحكمة التي أصدرت الحكم بقبول الطلب ويترأس جمعية الصلح مع تعيين محل الاجتماع وتاريخه وساعته في خلال ثلاثين يوم على الأكثر إبتداءا من تاريخ قرار المحكمة كما يقوم بقفل دفاتر التاجر
- دعوة الدائنين للحضور أمام القاضي المنتدب: وهذا لمناقشة اقتراح الصلح الإحتياطي
- تعيين المفوض أو المراقب: يعين من غير الدائنين ويكون من بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في جدول وكلاء التفليسة ومراقبي الصلح الإحتياطي وتكون مهمته مراقبة إدارة المشروع التجاري والتثبت مما له وما عليه من الديون والتحقيق الذي يباشره المفوض يبدو مختصرا إذا تمت مقارنته مع التحقيق المنظم لحالة الإفلاس ويضع المراقب بلا إبطاء تقريرا مفصلا عن حالة المدين التجارية ويودع هذا التقرير أمانة المحكمة والغاية من التقرير تنوير جمعية الدائنين بالملاحظات والتعديلات والمقترحات وإمكانية نهوضه بأعباء تجارته في حال حصوله على الصلح وتقدير سلوكه في أعماله والثقة بتقديم التزاماته وبذلك يتمكن الدائنون من المنازعة في صحة ديون بعضهم البعض ومن تقدير ظروف المدين ووضعه المالي مما يؤدي الى الإقدام على التصويت بثقة ووضوح .
- نشر الحكم الصادر بقبول الصلح : ينشر الحكم بعناية الكاتب بواسطة إعلانات تلصق على باب المحكمة وتدرج الخلاصة في إحدى الجرائد الخاصة بالإعلانات القضائية والنشر يهدف لإعلام جميع الدائنين سواء الذين وردت أسماؤهم في البيان المرفق بإستدعاء وطلب الصلح أو الذين لم ترد أسماؤهم ، وللحكم أثر تجاه الجميع بدون إستثناء ، مع التأكيد أن الحكم هذا يؤدي الى تقييد حق التصرف في العقارات ويجب قيده في السجل التجاري لكي يكون حجة على الغير .
آثار طلب الصلح الواقي من الإفلاس:
- المتعلقة بمركز المدين:
لا يؤدي الى رفع يده عن إدارة أمواله والتصرف بها كما هو الحال بالنسبة للإفلاس ، بل يستمر المدين في ممارسة أعماله بشرط أن يتم تحت إشراف القاضي المنتدب والمراقب المادة 465 ق ت .
على الأقل المحافظة على قيمة المؤسسة إن لم يكن زيادة قيمتها ، كما يسهر على عدم قيام المدين بتصرفات يحضرها القانون وعلى وجوب إستحصاله على الترخيص المشترط للقيام ببعض النشاطات ويحق للقاضي المنتدب توجيه التعليمات المناسبة للمحافظة على أموال المدين .
والترخيص يكون في حالة الإقتراض ، إنشاء رهن أو تأمين عقاري أو إبرام عقود البيع وعليه الامتناع عن بعض التصرفات كالهبات والأعمال المجانية ، الكفالات بجميع أنواعها الأعمال والتصرفات المنطوية على غش ، لأن جزاء هذه التصرفات هو عدم جواز الإدلاء بالتصرفات على الدائنين من جهة وإعلان إفلاسه من جهة أخرى.
- الآثار المتعلقة بمركز الدائنين:
تقديم طلب الصلح لا يؤدي الى نشوء جماعة الدائنين كما هو الأمر في صدور الحكم بالإفلاس ، بل يستمرون في إقامة الدعاوى الفردية للمطالبة بحقوقهم إلا أن سيتأثر بتقديم طلب الصلح لأن تسوية حقوقهم يجب أن تتم أثناء إجراءات الصلح ويتم ذلك باجتماع الدائنين في جمعية لهذا الغرض.
- اجتماع الدائنين :
تنعقد برئاسة القاضي المنتدب ويشترك جميع الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل تاريخ الحكم بقبول طلب الصلح ، ويحضر كل دائن بصورة شخصية وعلى المدين أن يحضر بنفسه ولا يقبل التمثيل بواسطة وكيل خاص إلا إذا تعذر حضور المدين بوجه مطلق ، وتخلف المدين بدون مبرر عن حضور الاجتماع يؤدي الى إنفضاض الجمعية وإعلان إفلاس المدين فورا إذا كان في حالة توقف عن الدفع ، وإذا تخلف جميع الدائنون عن الحضور يعتبر عقد الصلح مستحيلا.
تفتتح جلسة الصلح بتلاوة تقرير المراقب ويقدم المدين مقترحاته النهائية وتتم المناقشات حول الديون ، بعدها يذكر ملخص في محضر وتظم إليه جميع المستندات وبعد الإنتهاء يجري التصويت على قبول الصلح أو رفضه ويشترك في التصويت الدائنون العاديون فقط أيا كان سبب دينهم ، أما الدائنون الممتازون والمرتهنون والمؤمنون لا يحق لهم الإشتراك لأن الصلح الواقي لا يسري عليهم ولا يؤثر على حقوقهم ، إذ يخشى من مبالغتهم في التساهل لحساب المدين ، ولكن إذا أرادوا الإشتراك يكون لهم ذلك شرط التنازل مسبقا عن حقهم في الضمان ولا بد من موافقة غالبية الدائنين على الصلح على الأقل ثلاثة أرباع الديون غير الممتازة .
- تجميد إجراءات التنفيذ :
لا يحق لأي دائن بيده سند سابق لتاريخ القرار أن يباشر أو يواصل معاملة تنفيذية ، أو أن يسجل رهنا عقاريا وأي فعل كان عمله باطلا المادة 464/1 ق ت .
- سقوط آجال الديون العادية ووقف سريان الفوائد
- وتتولى المحكمة مباشرة إجراءات التصديق تلقائيا دون أن تنتظر تقديم طلب من أصحاب الشأن لهذا الغرض خلافا لما هو الأمر عليه في حالة الإفلاس ، وإجراءات التصديق تكون مبنية على أساس قرار يتخذه القاضي المنتدب ، وجلسة تثبيت الصلح تكون في مهلة لا تتجاوز عشرون يوما من تاريخ قرار القاضي المنتدب المتخذ عند ختام جمعية الصلح ، وللمحكمة سلطات في تقدير الديون وأهميتها والتأكيد على تحقيق الأغلبية اللازمة ، وتتثبت من صحة الإجراءات ومطابقتها للقانون ويؤدي التصديق الى إنتهاء وظيفة المراقب والقاضي المنتدب .
- والحكم الصادر بالتصديق على الصلح أو برفضه يخضع للنشر بذات الطريقة التي يتم بها نشر حكم الإفلاس ، إلا أن هذا القانون لم يحدد الشخص الذي يقوم بإجراءات النشر خلافا لما هو الأمر في الإفلاس إلا أن الفقه اعتبر أن هذه الإجراءات تعود لكل ذي مصلحة
طرق الطعن بالحكم المتعلق بالصلح الواقي:
الإستئناف: المادة 480 " لا يقبل الإستئناف إلا من المدين نفسه أو من الدائنين المعترضين في خمسة عشر يوما.
الإعتراض: لم يرد نص في القانون على قبول الإعتراض ، والمادة 480 ق ت لم تلحظ طرق المراجعة غير العادية في مجال الصلح ولكن بالرغم من هذا نعود للقواعد العامة في حال توفر شروطها.
آثار الصلح الواقي: بالنسبة للمدين
1-استعادة المدين حريته في إدارة أمواله : وترتفع يدي القاضي المنتدب والمراقب عن الإدارة و الإشراف على أموال المدين .
2-التزام المدين بشروط الصلح : التزاما نهائيا أي بإيفاء الحصص المتفق عليها في الآجال المعينة في العقد ، في حال الإخلال في تنفيذ هذه الشروط فيطلب عندئذ أن يطلب فسخ الصلح ، وإعلان إفلاس المدين.
آثار الصلح بالنسبة للدائنين:
إن الأثر الهام الوحيد الذي ينتجه الصلح الواقي بالنسبة للدائنين هو سريانه على جميع الدائنين
عملا بالفقرة الأولى من المادة 481 ق ت " أن تثبيت الصلح الإحتياطي يجعله إجباريا على جميع الدائنين " حتى المتخلفون عن جلسة التصويت ويسري الصلح عن الدائنين العاديين فلا يسري على الدائنين الممتازين إلا إذا تنازلوا على امتيازهم ، ولا يسري كذلك على الدائنين الذين تنشأ حقوقهم بعد تقديم طلب الصلح نتيجة لتعاملهم ، مع المدين سواء في شؤون تجارية أم غير تجارية المادة 325 ق ت ج
انقضاء الصلح :
قد ينقضي بتنفيذ جميع شروطه ، كما ينقضي 482 ق ت أنه بناء على طلب أي دائن في خلال ثلاث سنوات إبتداءا من تاريخ نشر قرار التثبيت ، ويحق للمحكمة أن تبطل الصلح وأن تعلن إفلاس المدين إذا ثبت أنه بالغ احتياليا في تحديد الديون المترتبة عليه أو أخفى قسما لا يستهان به من موجوداته ، وللمحكمة السلطة الواسعة لتقدير أسباب الإبطال ويؤدي الصلح الواقي الى زواله واعتباره كأنه لم يكن كما يجوز للمحكمة أن تعلن إفلاس المدين أيضا بشرط توقفه عن الدفع المادة 340ق ت ج.
فسخ الصلح :
المادة 487 ق ت (المادة 340 ق ت ): لكل دائن الحق في فسخ الصلح في حال عدم تنفيذ جميع الموجبات الواردة في عقد الصلح ولكن ما يلفت هو مباشرة الدائن ملاحقة الكفلاء أولا في حال وجودهم وهذا ما يخالف القواعد العامة المنصوص عليها في القانون ، وهذا حرصا على المشرع على عدم تعريض المدين للإفلاس ، وفسخ الصلح يعيد المدين الى الحالة التي كان عليها سابقا فيفقد حق الاستفادة من الأجل أو التنازلات الحاصلة في الصلح ، والدائنون لا يلزمون برد الأنصبة التي أخذوها تنفيذا لعقد الصلح أنما عليهم أخذها بالحسبان في حال الإفلاس ، وينشأ عن الفسخ حرمان المدين التماس صلح واق جديد.
المطلب 2 : قوانين الإفلاس الأمريكي
في نظام الإفلاس الأمريكي تتميز بأنه لا ينظر الى الفشل في الأعمال التجارية نظرة سلبية ،خلافا لما يحصل في العديد من الدول خاصة نظامنا إذ قوانين الإفلاس الأمريكية مبنية على أساس تشجيع الأشخاص الذين يفشلون في العمل على مواصلة جهودهم المتعلقة بالمشاريع التجارية الخاصة "إذا فشل عامل في الولايات المتحدة الأمريكية كان بوسع الفرد أن يمضي في حياته دون أن يعيش في عار أو في فقر تام والقدرة على البدء من جديد هي ما يجعل بعض الأمريكيين مستعدين للمجازفة في العمل .مما يعود بالاقتصاد ككل ".
كما تقولها نتالي مارتن أستاذة ديكا سون في القانون بجامعة نيو مكسيكو عملت أخيرا كباحثة علمية مقيمة في معهد الإفلاس الأمريكي .
إذ الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير في استخدام التسليف من قبل الأفراد والأعمال لدعم اقتصادها. ضف إلى أن البلاد تطبق قوانين إفلاس متسامحة تحمي الأفراد والأعمال إذا أصبحوا عاجزين عن أداء ديونهم .وبذلك تدعم هذه القوانين النظام الرأسمالي ونمو الأعمال الصغيرة عن طريق تشجيع الناس على القيام بمجازفات في الأعمال ومختلف الصفقات.
والإفلاس بالنسبة للإفراد نوعان :أحد هذين النوعين الأشخاص الذين يعانون من متاعب مالية التحرر من تسديد معظم ديونهم التي يوجد لها ضمان إضافي وهذا النوع من الإفلاس لا يساعد الشخص على تسديد ديونه المضمونة ،حيث يكون المفترض قد تعهد من نوع ما من الضمان الإضافي كالممتلكات –مقال – نتالي مارتن.
والنوع الآخر وهو الذي يتيح للأشخاص الذين يواجهون متاعب مالية تسديد جزء من ديونهم عن طريق خطة دفع تستمر على مدى ثلاث الى خمس سنوات .وفي نهاية الفترة تشطب الديون الباقية .
وبالتالي تتيح القوانين الأمريكية الشركة المفلسة أن تواصل عملها بتنظيم ديونها بنفس الإدارة أي لا يتم تعيين وصي أو قيم لإدارتها .
ومنه فالفلسفة التي يقوم عليها الاقتصادي الأمريكي هي كلما ازداد النشاط في الاقتصاد كلما زاد الاقتصاد قوة .وتم تطوير الأنظمة المالية لتشجيع الناس على تأسيس الأعمال.
أملا في أن ينجحوا ويوظفوا ويدفعوا الضرائب ويحسنوا الاقتصاد ككل .مع الإدراك أن بعض الأعمال ستفشل خلال هذه العملية .إلا أننا نقيم كثقافة استعداد الشخص للمجازفة بوظيفته وماله (حتى بالمال المقترض) اغتناما للفرصة وتحقيق النجاح .
وتشجيع الاقتصاد الأمريكي عن طريق الاستخدام الواسع للتسليف يعود للقرن 18 م.
حين كان الاقتصاد الأمريكي يتنافس مع اقتصاديات أوروبية ،أكثر تقدما أينما الاقتصاد الأمريكي أسرع مما كان يتخيل وأصبح أكبر اقتصاد في العالم.
إذ كان الناس يدفعون ثمن السلع والامتدادات بعد مضي شهر أو حتى سنوات بعد منح التسليف وبالتالي أتاح فرص الشروع في الأعمال دون أن تكون بحوزتهم مبالغ مالية.
إلا أن لهذه السياسة جانب سلبي إذ فشلت بعض الأعمال ومع ذلك حافظت أمريكا على الروح الرأسمالية لان هدفها كان تشجيع الناس على المجازفة في العمل لتنشيط اقتصادها الحديث العهد.
وتطورت ثقافة قانونية للتسامح مع عدم تسديد الديون إلا أن هذا التسامح شكل بالمقابل صدمة للبعض بمن فيهم الفيلسوف الكيس دي توكويفيل الذي علق في أوائل القرن 19 التساهل الغريب الذي يتم مع الشركات المفلسة في الاتحاد الأمريكي مدعيا أن أمريكا تختلف ليس فقط من دول أوروبا بل أيضا على جميع الدول التجارية في عصرنا .
إذ أن الشخص المفلس معاملته تختلف غربا عن باقي التشريعات الأخرى حيث أنه إذا فشل الشخص في النجاح نشاط معين يمكنه المضي بحياته دون أن يعيش في عار أو فقروا هذا أكثر من نظرية جميلة .
مع الإشارة الى العديد من رجال الأعمال الأمريكيين الاكتر نجاحا في جهودهم المبكرة من بينهم ثري الكيشات جون هنري هاينري فورد رئيس شركة فورد للسيارات هؤلاء يعود سبب ترائهم الى أنهم منحوا الفرصة لمحاولة عمل جديد والفشل تم البداية من جديد .
إذ الأعمال الصغيرة في الو،م،أ هي القوة الدافعة للاقتصاد بخلاف البلدان الأخرى التي يصل فيها الأمر في الفشل المالي لاعتبارها وصمة عار تؤدي الى الانتحار كاليابان مثلا.
بالرغم من هذا وموقف جل الدول من الإفلاس إلا أن العديد منها كايطاليا والمملكة المتحدة وألمانيا بدأت في سن قوانين أكثر تسامحا لتشجيع المشاريع التجارية الخاصة ودعم اقتصاديات أكثر نشاطا اذ يعتقد المشرعون بأن وجود نظام الإفلاس أكثر تسامحا سيوفر أصولا ودعما اقتصاديا كبير ،وكذا موظفين في شركة مفلسة أكثر قيمة بسبب الدروس التي تعلمها من قبل ،وبالتالي فأساس نظام الإفلاس الأمريكي هو المجازفة والقدرة على البدء من جديد رغم الفشل .
المطلب الرابع : نظام المحافظة على المؤسسات التجارية في القانون الفرنسي
لقد ادرج هذا النظام كبديل لنظام الافلاس السائد منذ عصور و الذي اوجد بديل له نضرا للعيوب الكثيرة التي فيه و التي فيها مساس كبير بالنظام الاقتصادي و الاثار الوخيمة على السوق الاقتصادية
و قد صدر القانون رقم 845/2005 الصادر في 26/07/2005 و سمي بـ: la loi des sauvgarde d'entreprise ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 01/01/2006 وكان هدف هذا القانون هو الحفاظ على المؤسسة التجارية عوض إعلان إفلاسها وحماية حقوق الدائنين والعمل على إيجاد التوازن بينهما وقد خصصت 118 مادة تتعلق بالحفاظ على المؤسسة الإقتصادية وإنقاذها والعمل جاهدا على إستمرارها كما وضحت هذه المواد عدة إجراءات أو مراحل تمر بها حالة المؤسسة التجارية الى غاية تصفيتها نهائيا منها الإجراءات الإحتياطية كإجراء دق ناقوس الخطر قبل وقوع المؤسسة التجارية في إشكال التوقف عن الدفع – تعيين الوكيل الإتفاقي – إجراءات الإنقاذ كإعداد مخطط له ومشروع خاص به متضمن لأهداف عديدة كتصفية ديون المؤسسة والخوض في دفعها إجمالا يمكن القول أن فرنسا اهتمت كثيرا بوضعية المؤسسة التجارية المالية و الإقتصادية التي بمجرد توقفها عن الدفع تشكل خطرا بالنسبة للمؤسسات الأخرى التى لها معاملات معها وعلى النسيج الإقتصادي الذي هو مبني كالشطرنج.
خاتمـــة
في بحثنا هذا حاولنا تناول أهم النقاط التي تطرق إليها المشرع في تنظيمه للإفلاس أو التسوية القضائية كما جاءت في الباب المخصص لها مبرزين التطور التاريخي له, ماهيته وكيفية صياغته في حكم, وما يترتب عليه من آثار وطرق الطعن فيه. وارتأينا عدم التطرق إلى بعض الجوانب ذات الصلة بالجانب الإجرائي بغية تبيان مدى نجاعته ونجاح هذا النظام خاصة مع الغموض الملاحظ على بعض نصوصه القانونية بالإضافة إلى قلة الأحكام القضائية مع التنويه إلى أن هذه الندرة راجعة إلى النقص في ثقافة الإفلاس لدى التجار .
وقد استخلصنا أن للإفلاس اثر سلبي إذ يعتبر ميتا في وجهة نظر الحالة المدنية كما يعتبر ميتا اقتصاديا واجتماعيا لحين رد الاعتبار مع ضرورة إحداث تعديل في القانون التجاري لتبسيط قواعد التصفية الإجبارية والحد من شدة هذه الآثار إذ المعروف أن أهداف أي قانون الإفلاس هو إعادة تأهيل المشروعات المتعثرة ذات الجدوى حتى يستمر المشروع ويحقق أرباح مدة أخرى وقد تتطلب إعادة تأهيل إلغاء جزء من الديون وإعادة هيكلتها مع فترات لتسديد الديون أما في حالة المشروعات المتعثرة التي لا أمل فيها فتتم تصفيتها.
ومنه فنظام الإفلاس نفسه قد أصبح مشرفا على الإفلاس ولا بد من معالجته تشريعيا وبأقصى سرعة لتماشيه مع النظام الإقتصادي الحالي المبني على إقتصاد السوق وذلك بالتعاون مع الدول الأخرى وإتباع منهج التعديلات التي حصلت في القانون الفرنسي مثلا.
في الأخير توصلنا تقديم بعض التوصيات والمتمثلة في :
1) من خلال إطلاعنا على مواد القانون التجاري في الباب المخصص للإفلاس نجد دائما المشرع الجزائري يقوم بربط الإفلاس بالتسوية القضائية وهذا غير ممكن لأن لكل منهم أحكامه وإجراءاته الخاصة به فحبذا لو في التعديل القادم أن يتم تفريد باب خاص بالتسوية القضائية وباب آخر للإفلاس ، على غرار المشرع المصري واللبناني الذي وضع نظام الصلح الواقي .
2) المشرع الجزائري لم يفرد مواد خاصة بأحكام إفلاس الشركات بل أخضعها لنفس إجراءات الشخص الطبيعي التاجر وهذا على غرار المشرع الفرنسي .
3) بالنسبة للصلح القضائي قد نص عنه المشرع الجزائري لكن ربطه بشرط وهو خاص بالدائنين الممتازين إذ عند مصادقتهم عليه لهم أن يتنازلوا عن هذا الإمتياز ، حتى ولو لم تصادق عليه المحكمة فنجد هنا أنه لاتوجد أية فائدة للصلح مادام هذا الشرط مقيد له
صحيح ان المشرع الجزائري تكلم عن التسوية القضائية التي تمنح للتاجر المتوقف عن دفع ديونه إلا أنه اشار إليها أو بالأحرى أطلق عليها تسمية عقد الصلح في الإجراءات بالرجوع على المادة التي تشير إلى القضاء بالتسوية القضائية ***تبين بوضوح متى يستفيد التاجرمنها وهي قيامه بالإلتزامات الواردة في المواد 215 ,216, 217, 218 ق ت ج .
وبالتالي فلماذا لا يكون للتسوية القضائية باب خاص بها مبين لاجراءاتها وشروطها لأنها تطرح إشكالات كثيرة في فهم موادها .
01) القاضي د. إلياس ناصيف - الكامل في قانون التجارة –ج 4 عويدات للطباعة والنشر طبعة 1999.
02) أ.راشد فهيم –الإفلاس والصلح الواقي منه –المكتب الفني للإصدارات القانونية الطبعة الأولى 2000 .
03) أ.راشد راشد –الأوراق التجارية والإفلاس والتسوية القضائية للقانون التجاري الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون ، طبعة 1990 .
04) د.عباس حلمي – الإفلاس والتسوية القضائية –ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الثانية سنة 2000 .
05) د.أحمد محرز – نظام الإفلاس في القانون التجاري الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية 1980 .
06) د.مصطفى كمال طه –الأعمال التجارية والتجار والشركات التجارية – الدار الجامعية للنشر بيروت 1998 .
07) د.حسني المصري – الوجيز في الإفلاس – سنة 1991 .
08) مطبوعة أ. أبركان جميلة ، سنة 2006 -2007 .
09) د.عبد الحميد الشواربي – الإفلاس – منشأة المعارف ، الإسكندرية 1997 .
10) د.أحمد محمود خليل – الإفلاس التجاري والإعسار المدني – منشأة المعارف بالإسكندرية ، سنة 1994 .
11) القانون التجاري الجزائري ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ، الطبعة الثانية Code de Commerce Algérien Texte D'application Jurisprudence et Complémentaire - M. HOSIN MABROK – Houma Alger 2003 . (13
14) la loi des sauvegarde d'entreprise loi .26/05/2005.