logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





05-05-2018 11:18 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1154
المشاركات : 316
الجنس :
قوة السمعة : 180
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

الحبس المؤقت وفق القانون الجزائري المبحث الأول: ماهية الحبس المؤقت
المطلب الأول: مفهوم الحبس المؤقت و تمييزه عن غيره من الأنظمة الشبيهة به
المطلب الثاني: مضمون الحبس المؤقت
المبحث الثاني : إجراءات الحبس المؤقت
المطلب الأول: الجهات المختصة بإصدار أمر الحبس المؤقت
المطلب الثاني: مدة الحبس المؤقت
المطلب الثالث : الرقابة على شرعية الحبس المؤقت

مقدمة :
قديما عندما لم تكن قواعد إجراءات المحاكمة قد تبلورت و استقرت على ما هي عليه اليوم, كان المتهمون يودعون الحبس مدة طويلة دون محاكمتهم, فكان الصراع قائما بين السلطات الحاكمة و بين المواطنين بشأن جواز و عدم جواز حبس المواطن أو القبض عليه لمجرد الاشتباه فيه أو اتهامه بجرم معين.
و في خضم هذا الصراع نشأت مذاهب وسطية توازن بين احترام الحرية الفردية و احترام المجتمع, و إن الحرية الفردية يمكن تقييدها من أجل المصلحة العامة و من أجل حماية المجتمع و سلامة الدولة, لذلك يمكن القول بأن الحبس المؤقت موضوع حديثنا لم يكن إلا نتيجة لهذه الموازنة و بذلك أصبحت الإعلانات الخاصة بحقوق الإنسان و أغلب الدساتير و القوانين تتضمن مبادئ تمنع حبس المتهم قبل محاكمته إلا في حالات معينة, و من بينها المشرع الجزائري الذي وضع ضوابط و أحكام تحكم وضع المتهم رهن الحبس المؤقت باعتباره أهم و أخطر إجراء يمكن أن يمارسه قاضي التحقيق و ذلك في إطار السلطة التي منحها له القانون, و تتجلى خطورة هذا الإجراء في كونه يقيد حرية الفرد, ضف إلى ذلك أنه كثيرا ما يصيب الأبرياء و يشوه سمعة الأفراد, لذلك فإننا سوف ندرس في هذا المبحث التعريف ماهية الحبس المؤقت من خلال ما يلي:
- ماهية الحبس المؤقت.
- إجراءات الحبس المؤقت.
- التعويض على الحبس المؤقت غير المبرر.
المبحث الأول: ماهية الحبس المؤقت :
نتطرق في هذا المطلب إلى كل من مفهوم الحبس المؤقت و تمييزه عن الأنظمة الشبيهة به من جهة, و من جهة أخرى إلى مضمونه.
المطلب الأول: مفهوم الحبس المؤقت و تمييزه عن غيره من الأنظمة الشبيهة به:
أولا: مفهوم الحبـس المؤقـت :
1- تعريف الحبس المؤقت:
أ – لغــة :
يشتق الحبس من فعل حبس, و يقال: إحتبسه وحبسه أي أمسكه عن وجهه , كما ورد بأن الحبس ضد التخلية. والحبس كل ما يشد به مجرى الوادي في أي موضع حبيس وقيل الحبس حجارة أو خشب يبنى في مجرى الماء ليحبسه ليشرب القوم. والحبس في الكلام التوقف.
ومما سبق يتضح أن الحبس في اللغة بمعنى المنع[1], ثم أطلقت كلمة حبس على الموضع الذي يحبس فيه الشخـص .
ب - شرعــا :
لقد عرف فقهاء الشريعة الإسلامية الحبس بأنه تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه حيث شاء , سواء كان في بيت أو مسجد أو كان من توكيل نفس الغريم أو وكيل عليه , أو ملازمته ولهذا سماه النبي ( ص ) أسـرا [2] .
ويشمل هذا التعريف الحبس سواءا كان عقوبة أو إجراء تحقيـق[3].
كما أنهـم إختلفـوا فـي تسميـة الحبـس الاحتياطـي , منهم من أطلق عليه إسم حبـس إحتياط أو حبس إختبار , وبعضهم سماه حبـس كشـف وإستبـراء [4].
كمـا أنهم اختلفوا في مدته , فبعضهم قرر أنها شهر , والآخر ترك تحديدها لسلطة القاضي أو الوالـي حسـب الحالـة [5].
ج- فقهــــا :
يختلـف الفقه الجنائي في تعريفه للحبس المؤقت خاصة من حيث مداه ونطاقه وذلك إنطلاقا من السلطة التي يخولها القانون للقاضي المحقق في الأمر به, حيث يعرفه الدكتور محمود نجيب حسني بأنه: "هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط قررها القانون " [6] .
ويعرفه د. أحمد فتحي سرور بأنه: " هو إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي محاكمته "[7].
أما صادق المرصفاوي يقول: " هو إجراء من إجراءات التحقيق الجنائي يصدر عمن منحه المشرع هذا الحق ويتضمن أمرا لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به , ويبقى محبوسا مدة قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل دعوى حتى ينتهي إما بالإفراج عن المتهم أثناء التحقيق الابتدائي أو أثناء المحاكمة , وإما بصدور حكم في الدعوى ببراءة المتهم أو بالعقوبة وبدء تنفيذها "[8].
و عرفه عاطف النقيب بأنه:" هو تدبير مانع للحرية يقضي بوضع المدعى عليه في السجن لمدة غير محددة قد تمتد إلى بعد التحقيق: أي حتى مثوله أمام المحكمة أو صدور الحكم فيها قد ينتهي أثناء التحقيق أو بعده بإتخاد قرار بإخلاء السبيل."[9]
وعرفه عبد العزيز سعد بأنه:" هو إجراء يسمح لقضاة النيابة والتحقيق والحكم كل فيما يخصه بأن يأمر بأن يودع السجن لمدة محدودة كل متهم بجناية أو جنحة من جنح القانون العام لم يقدم ضمانات كافية لمثوله من جديد أمام القضاء " [10]
ويعرفه الدكتور أحسن بوسقيعة بأنه: " سلب حرية المتهم بإيداعه في السجن خلال مرحلة التحقيق التحضيري " [11].
أما الفقه الأوربي فقد عرف الحبس الاحتياطي عدة تعريفات منها:
الأستاذان مارل وفيتو بأنه:"حبس المتهم في دار التوقيف خلال فترة التحقيق الابتدائي كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي بصدور حكم نهائي في موضوع الدعوى " [12] .
و عرفه الأستاد كلارك بقوله: " إن الحبس الاحتياطي هو وسيلة إكراه تتضمن إيداع الشخص في السجن لحين الفصل في موضوع الدعوى الموجهة ضده "[13].
كما يعرفه الأستاذ مارك بأنه: " هو حبس المتهم خلال فترة التحقيق الابتدائي كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي بصدور حكم نهائي في الموضوع " [14].
د- قانــونا :
إن القانون الوضعي لم يتضمن تعريفا للحبس المؤقت, كما أن مختلف التشريعات جاءت بعدة مصطلحات عديدة من بينها "الحبس الاحتياطي", "الحبس المؤقت".
أما المشرع الجزائري فقد تبنى المصطلح الأول مقتديا بالتشريع الفرنسي و بموجب تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون رقم 01-08 المؤرخ في 26-06-2001 أصبح يطلق عليه مصطلح الحبس المؤقت, كما إعتبره إجراءا استثنائيا متأثـرا في ذلك بنص المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي[15] والتي أوردت نفس العبارة أول مرة سنة 1957.
و مما سبق يتضح أن مجمل التشريعات تتجنب تعريف الحبس المؤقت تاركة بذلك المجال للفقه للاجتهاد في هذه المسألة بوضع التعريفات المناسبة.
ويمكن تعريفه بأنه أمر من أوامـر التحقيق تصدره سلطة مختصة قانونا مفاده وضع المتهم في مؤسسة عقابية لبعض مدة التحقيق أو كلها أو حتى المحاكمة الهدف منه تأمين سير التحقيق وسلامتـه .
2- الطبيعـة القانونيـة للحبـس المؤقـت :
نظـرا لمـا للحبس المؤقت من مساس بكرامة الإنسان, ولما له من خطورة على ضمان احترام حريات الأفراد, فهو محل جدل كبير بين مؤيد ومعارض له , لما يحمل في طياته من تضارب بين المصلحة الفردية والجماعية , إذ يلحق بالمتهم ضررا بالغا في سمعته وشرفه و شخصه بسلبه حريته, وعلى الرغم من ذلك فإن مصلحة التحقيق تقتضيه من نواحي متعددة, وهذا يدفعنا للتساؤل عما إذا كان الحبس المؤقـت عقوبـة أم أنـه إجـراء من إجـراءات التحقيـق وكـذا لا بـد من معرفة مـدى توافقـه مـع قرينـة البـراءة, فمـا هـي الطبيعـة القانونيـة للحبـس المؤقـت؟.
إن الإجابـة علـى هـذا السـؤال تقودنـا إلى الحديـث عما يلـي:
أ- الحـبس المؤقـت وقرينـة البــراءة :
إن مضمون قرينة البراءة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات وهو عنوان الحقيقة , فهذه القرينة تفرض أن يعامل كل فرد متهم بجريمة معينة باعتباره بريئـا - مهما كانت جسامة الفعل المرتكب أو التهمة المنسوبة إليه - إلى حين صدور حكم قضائي من الجهـات القضائيـة المختصـة بالإدانـة[16].
وقد نادى الفقه بهذه القرينة نظرا لتلك التعسفـات التي كانت تمارس ضد الأشخاص الأبرياء, حيث كان الأصل في الإنسان الإدانة بدل البراءة وكان الأصل في التحقيـق القبـض والحبـس بـدل الحريـة[17].
وقد تعززت القيمة القانونية لهذه القرينة من خلال النص عليها صراحة في المادة 45 من الدستور الجزائري إذ جاء فيهـا:" كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون ".
و من ثمة أصبحت هذه القرينة مبدأ دستوريا يقتضي أن يخضع له كافة القوانين الإجرائية والموضوعية الأخرى, كما يفرض احترامه وعدم التعرض له بأي شكل من الأشكال. ويعاب على المشرع أنه لم يتعرض لقرينة البراءة في قانون الإجراءات الجزائية مكتفيـا بمـا ورد في الدستـور.
يعتبر مبدأ قرينة البراءة مبدأ عالمي تبنته مختلف الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان مؤكـدة علـى وجـوب إحترامـه [18].
كمـا أولـت الشريعـة الإسلاميـة إهتماما خاصـا بقرينـة البـراءة فقـررت أن الأصل في الإنسان براءة ذمته براءة كلية من القصاص والحدود والتعزيرات, ومن الأقوال كلها ومن الأفعال بأسرها, إذ وردت في القرآن الكريم العديد من الآيات الدالة على هذا المبدأ قوله تعالى: " من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل يضل عليها ولا تزر وازرة وزرى أخرى وما كنـا معذبيـن حتـى نبعـث رسـولا" [19].
وعليـه ينبغـي في الفقـه الإسلامـي أن يعامـل الفـرد المتهـم معاملـة الأبرياء ريثمـا يصـدر القـرار عليـه بالإدانـة, ويتضح ذلـك جليـا في جرائـم الحـدود لقولـه- صلى الله عليه و سلم - : " ادرؤوا الحدود بالشبهات ", كما يمتد إلى جرائم القصاص إذ قال الرسـول – صلى الله عليه و سلم- : " إن دماءكـم وأموالكـم وأعراضكـم وأشباركـم حرام عليكم " [20].
فقد إتفـق كل من القانون الوضعي والشريعة الإسلامية على أهمية هذه القرينة واعتبارها قاعدة أساسية وجب إحترامها حفاظا على سيـادة حقوق الإنسان من جهة , ومن جهة أخرى حفاظا على أمن المجتمع وطمأنينته في ألا يمس بريء في براءته إلا بمقتضى إجراءات محاكمة عادلة يحترم فيها مبدأ الأصل في الإنسان البراءة وحقوق الدفاع الأساسية الأخرى التي نص عليها القانون, وهذا ما جعل الفقه يصف هذه القرينة بأنهـا : " الإرث المشتـرك لكـل الأمـم المتحضـرة " [21].
ويترتب عن هذا المبدأ نتائج هامة :
أولها القاعدة التي تقضي بأن الشك يفسر لصالح المتهم, فهذا الشك يعني أنه على محكمة الموضوع إذا شكت في أدلة إدانة المتهم أن تسقطها من تلقـاء نفسهـا وتقضـي ببراءتـه على أساس أن البراءة هي الأصل العام, فالاتهـام وحده لا يخلو من الشك بطبيعته والشك لا يمحو اليقين والبراءة أصلية حقيقية متيقنة , فالإدانـة يجـب أن تبنـى علـى الجـزم واليقيـن لا علـى الإحتمـال والشك.
ثانيهــا أن المتهـم غيـر مكلـف بإثبـات براءته بل ينتقل عبئ الإثبات إلى سلطة الإتهام [22] التـي يجـب أن تقـدم الدليـل علـى ارتكابـه الجريمـة المنسوبـة إليه.
من الناحية الفقهية والقانونية يعتبر الحبس المؤقت متعارضا مع قرينة البراءة, إذ أساسه هو افتراض قرينة الجرم في الفرد بمجرد إشتباهه في إرتكابه جناية أو جنحة وتوقيع عقوبة عليه قبل أن تثبت إدانته بحكم قضائي, في حين أن نطاق قرينة البراءة هو أن الفرد بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات, إلا أن البعض يرى عدم وجود تعارض بينهما معتبرين قرينة البراءة مجرد وسيلة إثبات[23] وبذلـك أغفلـوا أنهـا تحكـم مسألة الحرية الفردية في نفس الوقت , فلا يجب إعفاء المتهم من عبء إثبات براءته فحسـب ولكـن يجـب حمايتـه مادام لم يثبـت إرتكابه لجريمة معاقبا عليهـا , بعقوبـة سالبـة للحريـة[24] .
وخلاصـة القـول, هناك تعارض بيـن كل من الحبـس المؤقـت وقرينـة البراءة على مستوى المبادئ القانونية القاعدية[25] وهـذا ما أدى بالبعـض إلى إعتباره نظاما بعيدا عن فكرة العدالة[26] لكـن يتطلب النظـام الاجتماعـي أحيانـا الحد من حرية الفرد لمصلحة آمنه مما يجعل من الحبس المؤقت أذى ضروري يتبيـن ذلك مـن خـلال وظائفـه .
ب - الحبـس المؤقـت والعقوبـة :
تعرف العقوبة بأنها الجزاء الذي يوقعه المجتمع بواسطة هيئاته القضائية على مرتكبي الجرائم لردعهم وردع غيرهم بما تباشره العقوبة أيضا من تهديـد وإرهاب فـي نفـوس الكافـة.
ولقـد تطـورت وظيفـة العقوبـة فلم يعـد الغرض منها مجرد الانتقام من الجاني أو دفعـه نحـو التكفيـر عن خطئـه, بل أصبحـت العقوبـة تهدف إلى تحقيق الردع الخـاص والـردع العـام[27] .
علـى الرغـم من إتحـاد الحبـس المؤقـت مع العقوبـة في طبيعتـه من حيـث سلب حرية المتهم مدة من الزمن إلا أن الحبس المؤقت ليس بعقوبة فهو لم يرد في نطاق العقوبات الأصلية أو التبعية أو التكميلية [28] و إنما هو إجراء من إجراءات التحقيق, بينـه وبين العقوبـة صلة تتمثـل في وجـوب خصم مدة الحبس المؤقـت من مـدة العقوبـة المحكـوم بهـا[29][30] .
ج - الحبـس المؤقـت وإجـراءات التحقيـق :
لم يرد في قانون الإجراءات الجزائية تعريف لإجراءات التحقيق وإنما اقتصر المشرع على الإشـارة إليهـا في أكثـر من موضـع حيـث نجـدها:
- إجراءات تهدف إلى كشف الحقيقة عن طريق جمع الأدلـة بالانتقـال والمعاينة وسمـاع الشهـود والتفتيـش.
- إجراءات تنصب على قيام سلطة التحقيق فيما يعرض عليها من طلبات أو دفوع من طرف الخصوم من جهة وعلى التصرفات القانونية في التحقيق من جهة أخرى.
- إجراءات تتعلق بالحرية الشخصية للمتهم مثل حبسه مؤقتـا وعليه فإن الحبس المؤقت يعد إجراء كغيره من إجراءات التحقيق التي تمس الحرية الشخصية للمتهم تصدره الجهة المختصة متى رأت ضرورة لذلك [31] , وقد إعتبره الفقه يندرج ضمن الإجـراءات الاحتياطيـة التي تتخـذ ضـد الشخـص المتهـم .
خلاصة القول أن الطبيعة القانونية للحبس المؤقت هي طبيعة إجرائية شرعت لمصلحة التحقيق ولا يتخذ إلا بصفة استثنائية طبقـا لما ورد في النصوص التشريعية وهذا لعدم المسـاس بالحريـات الفرديـة للأشخـاص.
ثانيا: تمييـز الحبـس المؤقـت عن الأنظمـة الشبيهـة بـه :
إن الحبـس المؤقـت بإعتبـاره إجـراء سالـب للحريـة يتشابه مع أنظمة أخرى كالحجز تحت المراقبة, الإعتقـال الإداري, السلطـة المخولة للولاة وسنتناول دراسـة كـل نظـام علـى حـدا.
1-الحبس المؤقت و نظام الحجز تحـت النظر:
لقد عرف الفقـه الحجز تحت النظر بأنه إجراء بوليسي بمقتضاه تخول الشرطة سلطة الإبقاء تحت تصرفها لمدة قصيرة تقتضيها - دواعي التحقيق التمهيدية - كل شخص دون أن يكون متهما في أماكن رسمية غالبا ما تكون مراكز الشرطة أو الدرك[32] .
ولقد نضمه المشرع ضمن المواد 50 و 51 من قانون الإجراءات الجزائية, حيث منح سلطة وضع المتهم في الحجز إلى ضباط الشرطة القضائية دون الأعوان والهدف من الحجز هو تجنب عرض الوقائع على سلطات التحقيق دون أدلة كافية وكذا إخراج الأشخـاص المشتبـه فيهـم خطـأ مـن الدعـوى.
كمـا بيـن القانـون الأشخـاص الذيـن يجـوز حجزهـم وهـم:
- الأشخـاص الذيـن يتقـرر عـدم مبارحتهـم مكـان الجريمـة.
- الأشخـاص الذين يبدو من الضروري التعرف على هويتهم أو التحقق من شخصيتهم.
- الأشخـاص الذين تتوافر لديهم معلومات عن الوقائع المرتكبة أو قامت ضدهم دلائل قويـة ومتماسكـة مـن شأنهـا التدليـل علـى إتهامهـم.
وقد حدد المشرع مدة الحجز تحت النظر بثمان وأربعين (48) ساعة قابلة للتجديد بأمـر من وكيل الجمهورية, وتضاعف جميع المواعيـد المبينـة في المـادة 51 مـن قانون الإجراءات الجزائية إذا ما تعلق الأمـر بالإعتـداء علـى أمـن الدولـة.
مما سبق نخلص أن الحجز تحت النظر هو صورة مصغرة للحبس المؤقت ولكنه في الحقيقة يختلف عنه من حيث الجهة الآمرة به و مدته وكذا الهـدف منـه.
2 – الحبس المؤقت و نظام الاعتقـــال الإداري :
يقصد بالإعتقال الإداري قيام سلطة قضائية بموجب نص تشريعي أو تنظيمي خاص بسلب حرية الشخص لمدة تحددها دون نسبة أي جريمة من الناحية القانونية للشخص محل الإعتقال [33] فهو عبارة عن قرار إداري يتم بموجبه حجز شخص ما في مكان معين ومنعه من الإنتقال أو الإتصال بغيره[34] .
الاعتقال يصدر في الظروف الإستثنائية التي يستحيل فيها على الدولة التصدي للأخطار الناجمة عنها بإجراءات سريعة وفعالة إذا أبقت على تطبيق القانون العادي , وتخول النصوص القانونية السلطة التنفيذية حجز الأشخاص دون تدخل من السلطة القضائية عندما تتطلب ضرورة الأحداث ذلك , وقد طبق هذا النظام إبان الثورة الجزائرية بموجب المرسوم المؤرخ في 17-03-1956 الذي ينص على:" إعتقال كل شخص يظهر من نشاطه خطورة على الأمن أو النظام العام " .
وكان وقتها يصدر قرارات الإعتقال المندوب الفرنسي العام في الجزائر خالية من أي تسبيب ويجوز تفويض الولاة ورؤساء الدوائر والقطاع العسكري إصدار مثل هذه القرارات التعسفية في بعض المناطق دون رقابة.
ويتميز الإعتقال عن الإجراءات الأخرى السالبة للحرية كالحبس المؤقت الذي يتعين في هذا الأخير تقديم المحجوز إلى القضاء, كما يكتسي الإعتقـال طابعـا عقابيـا وعليـه ينـزع منـه الطابـع الإحتياطـي.
3 – الحبس المؤقت و السلطــة المخولــة للولاة في حجز الأشخاص :
إن الـولاة لـم يخولهـم القانـون صفة مأموري الضبط القضائـي حتى لا يخضعهم إلى غرفة الإتهام إلا أنه يمكن لهم في حالات إستثنائية وبشروط معينة حددتها المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية مباشرة بعض أعمال الضبطية القضائية[35], من بينها توقيف الأشخـاص وحجـزهم ولهـذا يجـب:
- أن تقـع جنايـة أو جنحـة ضـد أمـن الدولـة.
- ألا يكـون قد وصـل إلى علـم الوالـي أن السلطـة القضائيـة قد أخطـرت بوقـوع الجنايـة أو الجنحـة.
- أن يتطلب الأمر تدخل الوالـي بسرعة وبصفة مستعجلة خشية تفاقم الوضع أو ضياع الأدلة أو هروب الجناة فإذا توفرت هذه الشروط جاز للوالي أن يتخذ بنفسه الإجراءات الضرورية لإثبات الجناية أو الجنحة المرتكبة ضد أمن الدولة أو أن يكلف أحد مأموري الضبط القضائي المختصين كتابيا, وعلى الوالي أن يخبر فورا وكيل الجمهورية بأنه استعمل الحق المخول له قانونا وأنه سيتحلى لصالح السلطة القضائية خلال ثمان وأربعين (48) ساعة التالية لبدء العمليات, ويرسل له أوراق القضية مع تقديم جميع الأشخاص الموقوفين[36] من هنا يظهر الفرق بين الحبس المؤقت والسلطة المخولـة للوالـي لضبـط وحجـز الأشخـاص .
المطلب الثاني: مضمون الحبس المؤقت :
نتطرق في هذا الفرع إلى كل من مبررات الحبس المؤقت و شروطه.
أولا- مبـررات الحبـس المؤقـت :
يقصد بمبررات الحبس المؤقت تلك الأسس التي تستند إليها الجهة المختصة بإصدار هذا الأمر, وهذا بوصفه إجراء شاد وخطير باعتباره يمس بقرينة البراءة التي يتمتع بها كل إنسان ما لم يصدر حكم نهائي يقضي بإدانته [37] فإن الفقه والتشريع المتعدد حاولوا وضع تبريرات وأهداف للحبس المؤقت حتى لا تبقى سلطة القضاء واسعة في هذا المجال وبذلك يصبح هذا الإجراء القاعدة العامة في التعامل القضائي عوض أن يكون الاستثناء كما وصفتـه التشريعـات الجنائيـة.
وقـد قـدم الفقـه ثـلاث مبـررات للحـبس المؤقـت هـي:
- الحبس المؤقت إجراء لتحقيق الأمن :
فهو يهدف أساسا إلى إعادة استتباب الأمن و تهدئة الرأي العام من جراء الاضطراب الذي أحدثتـه الجريمـة المرتكبـة كما أنه يحمـي المتهـم نفسـه من أي إنتقـام محتمـل وقوعه و بذلك يتفـادى سقـوط ضحايـا آخريـن, بالإضافة إلى أنه يمنع بعض المتهمين من العودة إلى إرتكاب الجريمة[38] خاصة المجرمين الخطيرين أو الذين لا ينتظر منهم الإصلاح.
و لقد تعرضت هذه الفكرة لعدة إنتقادات منها:
- لا يمكن لقاضي التحقيق إصدار أمر بالحبس المؤقت نظرا لخطورة المتهم أو عدم قابليته للإصلاح أو خوفا من ارتكابه جريمة جديدة, إذ يجب عليه أن يؤسس أمره على أسباب معقولة وفقا لما نصت عليه المادة 5 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان و حريته التي تجيز سلب حرية الشخص إذا توافرت أسباب معقولة بضرورة منعه من ارتكاب الجريمة[39]
- لا يمكن القيام بحبس الأبرياء إرضاء للرأي العام.
- الحبس المؤقت وسيلة للسير الحسن للتحقيق :
يعتبر الحبس المؤقت وسيلة للكشف عن الحقيقة و تحقيق العدالة إذ يمنع التواطؤ بين المتهم و شركائه , كما يقف حائلا دون تدمير الأدلة و الآثار الخاصة بالجريمة و منع التأثير على الشهود.[40]
- الحبـس المؤقـت إجراء يضمن تنفيذ العقوبة :
الحبس المؤقت يمنع المتهم من الهروب خوفا من تنفيذ العقوبة التي ستوقع عليه خاصة في الجرائم التي رصد لها القانون عقوبات مشددة, و هذا المبرر ما هو إلا إحياء لمفهوم قديم:" من لا يبدأ بالقبض سيفقد الجاني ".[41]
و يرى معارضوا الحبس المؤقت أنه لا يمكن تبريره في كل الأحوال كضمان لتنفيذ العقوبة كون تفكير المتهم في الهرب بدل تنفيذ العقوبة لا يعتبر قاعدة عامة خاصة بالنسبة للذي له محل إقامة ثابت و معروف, لأن الهرب يعني له هجر أسرته و أعماله و علاقاته و هذا يسبب له ضررا أكثر من تنفيذ العقوبة.
وقد عيب على المشرع عدم نصه على أهداف ومبررات الحبس المؤقت, رغم أنه إستقى معظم أحكام هذا الإجراء من القانون الفرنسي الذي تبنى هذه المبررات, وبتزايد الانتقادات في هذا الشأن تم تدارك هذا النقص بموجب القانون رقم 90 - 24 المؤرخ في 18 أوت 1990 المعـدل والمتمـم لقانـون الإجراءات الجزائية, إذ ينـص في المـادة 123:
"... فإنـه لا يمكـن أن يؤمـر بالحبـس الاحتياطـي أو أن يبقـى عليـه:
1- عندما يكون الحبس الاحتياطي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي توطأ بين المتهمين والشركاء والـذي قـد يـؤدي إلـى عرقلـة الكشـف عن الحقيقـة.
2- عندمـا يكـون هذا الحبـس ضروريـا لحمايـة المتهـم أو وضع حد للجريمة أو الوقايـة مـن حدوثهـا من جديـد.
3- عندمـا يخالـف المتهـم من تلقـاء نفسـه الواجبـات المترتبـة عن الإجراءات الرقابيـة القضائيـة المحـددة لهـا.
كمـا أن المشرع أضاف مبرر آخر على إثر تعديل نفس المادة بموجب القانون رقـــم 01 - 08 المـؤرخ فـي 26 يونيـو 2001 و هو:
" إذا لم يكـن للمتهـم موطـن مستقـر أو كـان لا يقدم ضمانات كافية للمثـول أمام العدالـة أو كانـت الأفعـال جـد خطيـرة."
إن مبررات الحبس المؤقت يجب أن لا ينظر إليها إلا في حدود ما تحققه للكشف عن الحقيقة[42], و في رأينا ما جاء به المشرع بموجب التعديل السالف الذكر غير كافي لحبس المتهم, لأنه يمكن اتخاذ إجراءات الرقابة القضائية عليه دون اللجوء إلى حبسه, الشيء الذي يمس بسمعته وكذا بحريته الفردية , حيث يمكن أن يكون للشخص أكثر من موطن كما هو الحال بالنسبة للتاجر , أما فيما يخص عدم تقديم المتهم لضمانات كافية للمثول أمام العدالة فالمشرع لم يحددها ولم يبين المقصود من الأفعال جد خطيرة [43] وبهذا نجد أن هناك ثغرة تركها المشرع رغم توسعه في وضعه لمبررات الحبس المؤقت وهذا سوف يؤدي إلى المبالغة في حبس كل المتهمين ويعتبر ذلك خرق لمبدأ قرينة البراءة والكشـف عن الحقيقـة وهـذه نتائـج عكسيـة لمـا يهـدف إليـه المشـرع ولن يحقـق الإصـلاح المنشـود و هذا ما يجعلنا نصل إلى نتيجة لا يكاد يختلف فيها اثنان و هي أنه إذا كانت هذه الحالات جاءت لتعطي للحبس المؤقت الصفة الاستثنائية إلا أنها تحمل في طياتها بذور فنائها.
ثانيا: شروط الوضع رهن الحبس المؤقت :
يصدر الأمر بالوضع رهن الحبس المؤقت وفق شروط موضوعية و أخرى شكلية:
1-الشروط الموضوعية للحبس المؤقت :
تعتبر الشروط الموضوعية من أهم الضمانات القانونية التي أقرها القانون لحماية المتهم المحبوس مؤقتا, و هذا في نطاق قرينة البراءة التي يتمتع بها طوال إجراءات التحقيق إلى غاية صدور حكم نهائي في موضوع الدعوى.
و لهذا فقد عمدت جل التشريعات إلى وضع ضوابط و قيود موضوعية من شأنها أن تحد من اللجوء إلى الحبس المؤقت, و القانون الجزائري كغيره من القوانين وضع ضوابط تتمثل في الشروط المنصوص عليها في المواد 118 و 123 من قانون الإجراءات الجزائية, و لهذا ستتركز دراستنا على هذه الشروط المتمثلة في:
أ- استجواب المتهم :
يعد استجواب المتهم إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى الوقوف على حقيقة التهمة و الوصول إما إلى اعتراف منه يؤيدها أو دفاع ينفيها[44].
و يخضع استجواب المتهم بحسب المرحلة التي يتم فيها إلى إجراءات خاصة سوف نوضحها على النحو الآتي:
- الاستجواب عند الحضور الأول الذي يجرى للمتهم عند مثوله لأول مرة, و يعتبر هذا الإجراء سماعا له و ليس استجوابا, لأن قاضي التحقيق عند مثول المتهم يتحقق من هويته و يحيطه علما بكافة الوقائع المنسوبة إليه دون مناقشتها و هذا ما نصت عليه المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية [45].
و عليه فإن سماع المتهم لأول مرة يخضع لإجراءات شكلية يتعين على قاضي التحقيق إتباعها و إلا وقع تحت طائلة البطلان طبقا لنص المادة 157 من قانون الإجراءات الجزائية, و تتمثل هذه الإجراءات فيما يلي :
1- إحاطة المتهم بالوقائع المنسوبة إليه, فيتحقق من هويته و يعلمه صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه.
أما إعلام المتهم بالوصف القانوني للوقائع فهو غير ملزم قانونا, إلا أن الدكتور أحسن بوسقيعة يرى أنه لا بأس من إعلام المتهم به و ذلك حسب ورودها في الطلب الافتتاحي لإجراء التحقيق.
2- تنبيه المتهم في حقه بعدم الإدلاء بأي تصريح, و يشار إلى هذا في المحضر.
- تنبيه المتهم بحقه في الاستعانة بمحامي للدفاع عنه أو يعين له محامي إذا ما طلب منه ذلك, و يشار إلى هذا في المحضر , و هنا نكون أما حالتين :
1-تنازل المتهم عن الاستعانة بمحامي, ففي هذه الحالة يجوز لقاضي التحقيق إثبات هذا التنازل بالمحضر, غير أنه يجوز للمتهم التراجع عنه.
2-طلب المتهم الاستعانة بمحامي سواء اختاره بنفسه أو طلب من قاضي التحقيق تعيينه, فهنا لا يجوز استجوابه في الموضوع إلا بحضور محاميه بعد استدعاءه قانونا[46].
-تنبيه المتهم بوجوب إخبار قاضي التحقيق بكل تغيير يطرأ على عنوانه كما ألزمه القانون بأن يختار موطنا له بدائرة اختصاص المحكمة.
و ما يمكن ملاحظته, أن دور قاضي التحقيق في مرحلة سماع المتهم عند الحضور الأول يكون سلبيا بحيث تقتصر مهمته على إحالة الكلمة للمتهم فقط و تدوين تصريحاته لا غير, إلا أنه عمليا لاحظنا أن كثيرا من قضاة التحقيق يستجوبونا المتهم عند الحضور الأول بدل سماعه, و تعتبر هذه الممارسات غير قانونية كونها تمس بحقوق الدفاع.
بالإضافة إلى أن المحضر الذي يسمع فيه المتهم عند الحضور الأول موضوع تحت اسم " محضر استجواب عند الحضور الأول " و هذه التسمية غير صحيحة فكان من الأحرى استعمال عبارة "سماع" بدل "استجواب" فيكون "محضر سماع المتهم عند الحضور الأول ".
و المشرع بإلزامه استجواب المتهم قبل إيداعه المؤسسة العقابية طبقا لنص المادة 118 من قانون الإجراءات الجزائية يريد بذلك أن يضمن حقوق المتهم و يحافظ على حريته من خلال تمكينه من الدفاع على نفسه و تقييد الأدلة القائمة ضده و استقصاء الحقيقة من المتهم قبل تقييد حريته.
إلا أن أي استجواب المتهم قبل إيداعه لا يجد صداه و لا مبتغاه, إذ أن قاضي التحقيق في بعض الأحيان يجد نفسه مجبرا على وضع المتهم رهن الحبس المؤقت كون هذا الأخير يفضل الصمت على الكلام, و المشرع بدوره كان ذكيا هنا إذ فرض على قاضي التحقيق إجراء آخر ألا و هو تسبيب أمره تسبيبا كافيا طبقا لنص المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية و هذا الشرط سوف ندرسه حينما نتطرق إلى الشروط الشكلية.
إذن فاستجواب المتهم قبل إيداعه المؤسسة العقابية يعد ضمانة من الضمانات التي نص عليها في المادة 118 من قانون الإجراءات الجزائية, و بالتالي فإن اتخاذ إجراء الحبس المؤقت قبل استجواب المتهم يعتبر خرقا لأحكام القانون , و المشرع لم يكتف فقط بهذا بل أنه وضع للاستجواب ضمانات نص عليها في المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية, و هذا بهدف حماية المتهم من أي تعسف باعتبار أن وضعه رهن الحبس المؤقت هو من أخطر الأوامر المقيدة للحرية الفردية.
ب- أن تكون الجريمة المنسوبة للمتهم جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس :
لكي يكون الحبس المؤقت صحيحا لا بد أن تكون الجريمة المتابع من أجلها المتهم جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس أو عقوبة أشد و هذا ما يستشف من نص المادتين 117 و 118 من قانون الإجراءات الجزائية [47] و من ثم فإن الحبس المؤقت غير جائز في الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط.
إذن يمكن القول أن المشرع أجاز الحبس المؤقت في جميع الجنح مهما كانت خطورتها ضئيلة كجريمة التسول و جرائم الضرب و الجرح الخطأ و جرائم الإهمال العائلي.
أما المخالفات فإنه لا يجوز إطلاقا وضع المتهم رهن الحبس المؤقت و هذا ما يستفاد من نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية.
و إذا كان الشخص قد وقع حبسه مؤقتا بأمر صادر من قاضي التحقيق اعتقادا منه أن الوقائع تشكل جنحة , ثم تبين له فيما بعد أنها مخالفة تعين عليه أن يصدر أمر برفع اليد عن المتهم المحبوس و الإفراج عنه, إلا أن هذه الحالة نادرا ما تقع كون أن التحقيق في مواد المخالفات استثناء طبقا لنص المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية.
ج- أن تكون التزامات الرقابة القضائية غير كافية :
تنص المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه "... لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية:
1-إدا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة.
2-عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين و الشركاء الذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة.
3-عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد.
4-عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها. "
و هذه الحالات تشكل الأسباب التي يجب أن يؤسس عليها وجوبا أمر الوضع رهن الحبس المؤقت أو أمر تجديده.
و ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد أن المشرع عندما عدل المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 01-08 قد أضاف حالات جديدة , كما أنه جعل الأمر بالوضع مسببا خلافا لما كان عليه في التشريع السابق.
و الحالات التي جاء بها التعديل هي :
- حالة ما إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر, فالمشرع لم يبين المقصود بالموطن المستقر إذا كان يشمل الإقليم الجزائري أو يقتصر فقط على دائرة الاختصاص القضائي.
- حالة ما إذا لم يقدم المتهم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة, فيثور التساؤل هنا حول مضمون هذه الضمانات و ما هي؟
- حالة خطورة الأفعال المنسوبة للمتهم, فالمشرع لم يوضح ما يعتبر من الأفعال الخطيرة فهل قاضي التحقيق هنا يعتمد على أساس التصنيف القانوني بالنظر إلى وصف الجريمة مثلا جنحة, جناية, أو التصنيف الموضوعي كون الأفعال تمس الأشخاص أو الأمن العام[48].
و ما يمكن ملاحظته على هذه الحالات أنها جاءت غير دقيقة كما أن صياغتها تتسم بالعمومية و عباراتها فضفاضة و مرنة هذا إن لم نقل غامضة في بعض الأحيان.
2-الشروط الشكلية لأمر الوضع رهن الحبس المؤقت :
نظرا للخطورة التي يكتسيها إجراء الوضع في الحبس المؤقت كونه يمس بالحرية الفردية للأشخاص فإنه يتعين إحاطته بجملة من الشروط الشكلية التي نص عليها القانون حتى لا تهدر قرينة البراءة.
و المتصفح لقانون الإجراءات الجزائية قبل تعديله يلاحظ أن قاضي التحقيق لم يكن ملزما بتسبيب أمر الوضع, إلا أن هذه الوضعية لم تدم طويلا كون المشرع تفطن و استدرك الأمر في التعديل الذي جاء في 2001 و جعل الوضع في الحبس المؤقت مرهون بصدور أمر مسبب و هنا تظهر جليا الصفة الاستثنائية للحبس المؤقت.
إذن فالمشرع ربط صدور أمر الوضع في الحبس المؤقت بالشروط التالية:
أ- تسبيب أمر الوضع رهن الحبس المؤقت:
إن تسبيب أمر الوضع رهن الحبس المؤقت يعد خطوة إيجابية نحوى تكريس أحكام المادة 123 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص: " يجب أن يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123 من هذا القانون....", إذ أنه قبل التعديل كان أمر الوضع في الحبس المؤقت مجردا من أي طابع قضائي بالرغم من أنه يمس بحقوق الأفراد و يمثل اعتداء على حريتهم, ففي ظل هذا النظام كان بإمكان وضع المتهم بالحبس المؤقت بسهولة فائقة ذلك أن أمر الوضع كان غير مسبب, و الغريب أنه إذا ترك قاضي التحقيق المتهم في الإفراج خلافا لطلبات النيابة العامة كان عليه تسبيب ذلك فهذا فتح المجال لكثير من قضاة التحقيق إلى سلك درب الحبس المؤقت فقلبت الآية و أصبحت القاعدة استثناء و الاستثناء قاعدة. [49]
بالإضافة إلى التسبيب فإن المشرع أضاف مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها أمر الوضع في الحبس المؤقت, و تتمثل فيما يلي:
-ذكر الهوية الكاملة للمتهم: الاسم, اللقب, و اسم و لقب والده و أمه, و تاريخ و مكان ولادته, العنوان الكامل لمسكنه أو محل إقامته بالإضافة إلى مهنته و حالته العائلية إذا أمكن.
-تحديد نوع الجريمة المنسوبة إلى المتهم و تعيين طبيعتها و وصفها القانوني وقت المتابعة أو الإحالة, و إذا كان المتهم متابع من أجل جرائم متعددة ذات أوصاف مختلفة ينبغي ذكرها جميعا بشكل يميز كل واحدة عن الأخرى.
-الإشارة بدقة إلى المواد القانونية المتعلقة بالجريمة المنسوبة إلى المتهم الموجودة في قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية.
-ذكر للجهة التي أصدرت الأمر بالوضع في الحبس المؤقت و توقيع القاضي الذي أصدره و الخاتم الرسمي لهذه الجهة.
-التأشير على الأوامر من قبل وكيل الجمهورية الذي يتولى إرسالها إلى القوة العمومية لتنفيذها.
و ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد أن هذه البيانات أو الشروط الشكلية التي يتعين أن يتضمنها الأمر بالوضع في الحبس المؤقت قد نصت عليها المادة 109 فقرة 2 و 4 من قانون الإجراءات الجزائية, غير أن السؤال الذي يمكن أن نطرحه ما هو أثر تخلف بيان أو أكثر من هذه البيانات إذا أغفلها قاضي التحقيق؟.
إن الفقرتين 2 و 4 من المادة 109 و المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية أوردت هذه البيانات و لكنها لم تشر إطلاقا على أنها بيانات جوهرية يجب مراعاتها تحت طائلة البطلان, و لكن بالرجوع لنص المادة 111 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية نجدها تنص على ما يلي: "....و يجب في هذه الحالة إيضاح جميع البيانات الجوهرية المبينة في أصل الأمر و بالأخص هوية المتهم و نوع التهمة و اسم و صفة رجل القضاء الذي أصدر الأمر......".
فحسب الدكتور عبد العزيز سعد فإنه في حالة تخلف أحد البيانات أو أكثر لا يستلزم ذلك بالضرورة بطلان أمر الوضع بطلانا مطلقا, و إنما ينجر عنه توقيف تنفيذه إلى غاية تدارك النقائص الواردة عليه و تكميله إذا كان ذلك ممكنا قبل الشروع في التنفيذ.
و عمليا وجدنا أن هذا الرأي هو السائد إذ أنه في حالة تخلف بيان أو أكثر فإن الأمر لا ينفذ و يرجع إلى قاضي التحقيق لتداركه.
ب- تبليغ أمر الوضع رهن الحبس المؤقت :
نصت المادة 123 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: ".......يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم و ينبهه بأن له ثلاثة (3) أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه.
يشار إلى هذا التبليغ في المحضر."
يستفاد من هذا النص أن قاضي التحقيق بعد قيامه باستجواب المتهم إذا توصل إلى ضرورة وضعه رهن الحبس المؤقت بناء على الأسباب الواردة بنص المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية, فإنه يقوم بعد إصداره لهذا الأمر بتبليغه شفاهة إلى المتهم و يشار إلى ذلك في محضر الاستجواب, كما ينبهه بأن له مهلة ثلاثة أيام لاستئنافه في حالة رفض بقائه رهن الحبس المؤقت وفقا لنص المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية.
ج- تنفيذ أمر الوضع رهن الحبس المؤقت :
لقد خطى المشرع خطوة إيجابية في تنفيذ الأمر بالحبس المؤقت و ذلك لتدعيم الحقوق و الضمانات, فربط تنفيذ أمر الوضع بإصدار قاضي التحقيق مذكرة إيداع المتهم في المؤسسة العقابية طبقا لنص المادة 118 فقرة 4 و المادة 123 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية.
إن إصدار مذكرة الإيداع يعتبر الإجراء القانوني الذي يتم بموجبه تنفيذ أمر الوضع رهن الحبس المؤقت، فبعد التعديل أصبحت هذه المذكرة لا تكفي لإيداع المتهم بالمؤسسة العقابية كما كان الشأن من قبل بل أصبح يتم وفق إجراءين متميزين:
- يكمن الأول في إصدار أمر الوضع في الحبس المؤقت.
- أما الثاني فيتمثل في إصدار قاضي التحقيق لمذكرة إيداع المتهم بمؤسسة عقابية تنفيذا للأمر الأول.
و ما تجدر الإشارة إليه أنه إثر تعديل 2001 فإن قانون الإجراءات الجزائية استعمل مصطلح مذكرة إيداع بدل أمر إيداع في نص المادة 118 فقرة4 من قانون الإجراءات الجزائية في حين أبقى عليه في باقي مواده الأخرى, و هي عبارة عن عمل إداري غير قابل للاستئناف.
و من أهم البيانات التي تحتوي عليها:
- ذكر الهوية الكاملة للمتهم.
- تحديد نوع الجريمة و المواد القانونية.
- ذكر تاريخ صدور المذكرة.
- اسم و لقب القاضي و توقيعه و الجهة المصدرة و خاتمها الرسمي.
آثار الأمر بالوضع رهن الحبس المؤقت :
إن آثار الأمر بالوضع رهن الحبس المؤقت لمدة تطول أو تقصر هي في الحقيقة آثار مذكرة الإيداع , لأن هذه الأخيرة تعتبر أداة لتنفيذ الأمر بالوضع , و يمكن تلخيصها فيما يلي:
- إن مذكرة الإيداع تسمح لضباط الشرطة القضائية و مساعديهم بالبحث عن المتهم, و تسليمه نسخة منها إذا لم تكن قد سلمت له من قبل ثم اقتياده إلى المؤسسة العقابية المذكورة به و تسليمه إلى مديرها مقابل شهادة استلام.
- إن مذكرة الإيداع تسمح بالاحتفاظ بالمتهم و إبقائه رهن الحبس المؤقت طوال المدة المحددة حسب نوع كل جريمة.
و كما سبق الإشارة إليه أن أمر الإيداع يعتبر من ضمن الأوامر القسرية التي يصدرها قاضي التحقيق و هذه الأوامر هي:
- الأمر بالضبط و الإحضار.
- الأمر بالقبض.
- أمر الإيداع الذي أصبح مذكرة الإيداع.
و السؤال المطروح هنا: هل أن أمري الضبط و الإحضار, و القبض اللذان قد يرتبان تقييد حرية المتهم يعتبران إحدى صور الحبس المؤقت أم لا؟
للاجابة عن هذا السؤال علينا أن نتطرق إلى كليهما:
1-الأمر بالضبط و الإحضار:
تنص المادة 110 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: " الأمر بالإحضار هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم و مثوله أمامه على الفور.....", و هنا يجب التمييز بين ثلاثة حالات:
- حالة ما إذا ضبط المتهم في دائرة اختصاص قاضي التحقيق مصدر الأمر:
نصت المادة 112 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه : " يجب أن يستجوب في الحال كل من سيق أمام قاضي التحقيق تنفيذا لأمر إحضار بمساعدة محاميه, فإذا تعذر استجوابه على الفور, قدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من القاضي المكلف بالتحقيق و في حالة غيابه فمن أي قاض آخر من قضاة هيئة القضاء أن يقوم باستجواب المتهم في الحال و إلا أخلي سبيله".
نلاحظ هنا أن أمر الإحضار ينتهي بمجرد اقتياد المتهم إلى المحكمة و بالتالي فلا يعد سند لاقتياده إلى المؤسسة العقابية, إلا أن ما ورد في نص المادة 113 من قانون الإجراءات الجزائية أنه:" كل متهم ضبط بمقتضى أمر إحضار و بقي بمؤسسة إعادة التربية أكثر من ثماني و أربعين ساعة دون أن يستجوب اعتبر محبوسا حبسا تعسفيا......" و هذا ما يجعلنا نقول بأن الأمر بالضبط و الإحضار يصلح بأن يكون سندا لبقاء المتهم محبوسا.[50]
- حالة ضبط المتهم خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق مصدر الأمر:
في هذه الحالة يقتاد المتهم فورا إلى وكيل الجمهورية الواقع في دائرة اختصاص مكان القبض, و على هذا الأخير استجوابه عن هويته و تلقي أقواله ثم إحالته إلى القاضي مصدر الأمر طبقا لنص المادة 114 من قانون الإجراءات الجزائية.
و للمتهم هنا حق المعارضة في إحالته و ذلك بإبداء حجج جدية تدحض التهمة , و في هذه الحالة يقتاد إلى المؤسسة العقابية و يبلغ بذلك في الحال و بأسرع الوسائل قاضي التحقيق المختص, و يرسل إليه محضر الإحضار و له أن يقرر ما إذا كان هناك محل للأمر بنقل المتهم.
و يرى الدكتور أحسن بوسقيعة أن المشرع الجزائري التزم الصمت حيال مهلة نقل المتهم إلى قاضي التحقيق المختص , في حين المشرع الفرنسي حددها بأربعة أيام من تاريخ التبليغ[51], و هذا يعتبر فراغ قانوني يتعين عليه استدراكه.
- حالة عدم العثور على المتهم :
يرسل أمر الضبط و الإحضار إلى محافظ الشرطة أو قائد فرقة الدرك و في حالة غيابهما إلى ضابط الشرطة , و رئيس قسم الأمن في البلدية التي يقيم بها المتهم طبقا لنص المادة 115 من قانون الإجراءات الجزائية, و السؤال المطروح: هل يمكن اعتبار المدة التي يبقى فيها المتهم في المؤسسة العقابية تنفيذا لأمر الضبط و الإحضار حبسا مؤقتا أم لا؟
2-الأمر بالقبض :
تنص المادة 119 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه : " الأمر بالقبض هو ذلك الأمر الذي يصدر إلى القوة العمومية للبحث عن المتهم و سوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجرى تسليمه و حبسه....".
و يستشف من نص المادة أن هذا الأمر يحمل في طياته أمر قبض و أمر إيداع, لأنه بمجرد إلقاء القبض على المتهم يقتاد مباشرة لإيداعه بالمؤسسة العقابية, و يتعين على قاضي التحقيق استجوابه خلال ثمانية و أربعين (48) ساعة من حبسه.
و يتخذ قاضي التحقيق هذا الأمر في حالتين:
- إذا كان المتهم هاربا.
- إذا كان المتهم مقيما خارج إقليم الجمهورية.
كما يشترط القانون لإصدار الأمر بالقبض أن يكون الفعل الإجرامي المنسوب للمتهم جناية أو من الجنح المعاقب عليها بالحبس طبقا لنص المادة 119 فقرة2 من قانون الإجراءات الجزائية.
و يثار التساؤل أيضا إذا ما كان الأمر بالقبض يعتبر صورة من صور الحبس المؤقت؟
و هل تدخل مدة ثمانية و أربعين (48) ساعة ضمن مدة الحبس المؤقت إذا ما قرر قاضي التحقيق حبسه؟.
المبحث الثاني: إجراءات الحبس المؤقت :
سوف نتعرض في هذا المطلب إلى كل من الجهات المختصة بإصدار الحبس المؤقت و مدنه و الرقابة على شرعيته.
المطلب الأول: الجهات المختصة بإصدار أمر الحبس المؤقت :
باعتبار أن الحبس المؤقت من أخطر إجراءات التحقيق و أكثرها مساسا بالحرية الشخصية وجب إحاطته بضمانات تحمي المتهم من العبث بحريته و تجعل استعماله في نطاق الحكمة التي شرع من أجلها, لذا فقد عهد سلطة إصدار هذا الأمر لجهة لها من كفاءتها و استقلالها و حسن تقديرها ما يؤهلها لاتخاذ هذا الإجراء و عدم إساءة استعماله, و إذا كان الأصل أن الجهة القائمة بالتحقيق هي التي تختص بإصدار الأمر بالحبس المؤقت إلا أن بعض الاتجاهات المختلفة قد أضافت جهات أخرى بقيت محل خلاف فيما بينها حول طبيعة الأمر بالحبس المؤقت التي تصدره, و هذا ما سنتطرق له فيما يلي:
أولا- جهات التحقيق :
الأصل أن السلطة القائمة بالتحقيق هي التي تملك سلطة إصدار أمر حبس المتهم مؤقتا و تتمثل في الآتي بيانه :
1-قاضي التحقيق :
يقوم بمهمة التحقيق قضاة تحقيق يعينون بموجب مرسوم رئاسي و تنتهي مهامهم بنفس الشكل حسب المادة 39 من قانون الإجراءات الجزائية[52].
و يصدر قاضي التحقيق أوامر قضائية تهدف كلها لحسن سير التحقيق من أجل الكشف عن الحقيقة, و من بينها أمر الحبس المؤقت الذي يعد أخطرها إذ يلجأ إليه بشكل استثنائي[53] و فق ضوابط و شروط محددة قانونا نظمها المشرع في نص المواد 123 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية.
و قد نصت المادة 109 من قانون الإجراءات الجزائية على أن قاضي التحقيق يجوز له إصدار أمر بإحضار المتهم أو بإيداعه السجن – الأصح الحبس- أو بإلقاء القبض عليه, فيكون كل من أمري الإحضار و القبض سابقين على صدور أمر الوضع رهن الحبس المؤقت كونهما يمكنان قاضي التحقيق من استجواب المتهم و اتخاذ ما يراه مناسبا في مواجهته أما مذكرة الإيداع فتكون إجراء لاحق له.
2-غرفة الاتهام :
توجد غرفة الاتهام على مستوى المجلس القضائي تقوم بمراقبة أعمال قاضي التحقيق, و قد تقوم بإصدار أوامر بإيداع المتهمين الحبس المؤقت أو القبض عليهم, غير أن ما يهمنا في دراساتنا هو التطرق لاختصاصات غرفة الاتهام المتعلقة بالحبس المؤقت باعتبارها واحدة من الجهات التي منحها القانون هذه الصلاحية في حالات معينة[54] و هي:
-حالة رفض قاضي التحقيق لطلبات النيابة العامة الرامية إلى الإيداع :
من سلطات غرفة الاتهام إصدار أمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت طبقا لنص المادة 192 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية:" إذا كانت غرفة الاتهام قد فصلت في استئناف مرفوع عن أمر صادر عن قاضي التحقيق في موضوع حبس المتهم مؤقتا فسواء أيدت القرار أم ألغته و أمرت بالإفراج عن المتهم أو باستمرار حبسه أو أصدرت أمرا بإيداعه السجن أو بالقبض عليه, فعلى النائب العام إعادة الملف بغير تمهل إلى قاضي التحقيق بعد العمل على تنفيذ الحكم".
و يثير نص هذه المادة صعوبات في التطبيق تتمثل في التعارض بين أوامر قاضي التحقيق و غرفة الاتهام , كأن يرفض قاضي التحقيق إيداع المتهم في حين تصدر غرفة الاتهام قرار بحبسه مع إعادة الملف إليه فيقوم بالإفراج عنه من جديد, الشيء الذي قد يكون مرة أخرى محل استئناف و موضوع إلغاء من طرف غرفة الاتهام مع إصدار مذكرة إيداع و هكذا دواليك [55], و في هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه إذا ألغت غرفة الاتهام قرار قاضي التحقيق فلها أن تتولى نظر النزاع اللاحق عن الحبس المؤقت متى أصدرت في هذا الموضوع قرارا مخالفا لأمر قاضي التحقيق, لكن يؤخذ على هذا الموقف أنه يتعارض مع نص المادة 207 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي و التي تقابلها المادة 192 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري التي تلزم النائب العام بإعادة الملف بغير تمهل إلى قاضي التحقيق بعد إصدار غرفة الاتهام لقرارها, كما أن المتهم يحرم من حقه في الاستئناف[56].
و ما دام قاضي التحقيق عالما لإمكانية رفض الإفراج مع قناعته بعدم جدوى الحبس المؤقت, عليه أن يبذل قصارى جهده في التحقيق مع الإسراع في إحالته للمحاكمة.[57]
- حالة ظهور أدلة جديدة :
لقد أشارت المادة 181 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إدا سبق لغرفة الاتهام أن أصدرت أمر بألا وجه للمتابعة ثم ظهرت أدلة جديدة بالمعنى الموضح بالمادة 175 من نفس القانون, فإنه يجوز للنائب العام أن يطلب من رئيس غرفة الاتهام إصدار أمر بالقبض على المتهم أو الأمر بإيداعه السجن – الأصح الحبس- ريثما تتمكن غرفة الاتهام من عقد جلسة لذلك [58] و هذا بشروط هي:
- أن يصدر قرار غرفة الاتهام بألا وجه للمتابعة ثم تظهر أدلة جديدة ضد نفس المتهم المستفيد من القرار السابق على نفس الوقائع.
- أن يقدم طلب الأمر بالقبض أو الإيداع من النائب العام شخصيا أو أحد مساعديه إلى رئيس غرفة الاتهام.
- أن يستند النائب العام في طلبه على وثائق تشتمل على أدلة هامة و جديدة.
فإذا توافرت هذه الشروط كان بالإمكان إصدار قرار باسم رئيس غرفة الاتهام بحبس المتهم أو القبض عليه, و ينفذ هذا القرار بذاته و منطوقه و ليس بواسطة أمر صادر عن قاضي التحقيق [59].
و السؤال المطروح هل عند إصدار رئيس غرفة الاتهام لأمر الحبس يخضع المتهم للقواعد المنصوص عليها في المواد 123 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية خاصة المتعلقة بمدة الحبس المؤقت أم يبقى محبوسا إلى غاية تاريخ المحاكمة ؟.
إن الأمر الصادر عن رئيس غرفة الاتهام في هذا الصدد لا يعتبر حبسا مؤقتا إذ أنه محدد بتاريخ انعقاد جلسة غرفة الاتهام و لا تطبق عليه أحكام المادة 123 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية و إنما نظمه المشرع و نص على شروطه في المادة 181 من هذا القانون.
- حالة الحكم بعدم الاختصاص :
نصت المادة 131 فقرة 2 و 3 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إذا استدعي المتهم للحضور بعد الإفراج عنه و لم يمثل أو إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري إعادة حبسه, فلقاضي التحقيق أو لجهة الحكم المرفوعة إليها الدعوى أن تصدر أمرا جديدا بإيداعه السجن – الأصح الحبس -.
و لغرفة الاتهام ذلك الحق نفسه في حالة عدم الاختصاص و ذلك ريثما ترفع الدعوى للجهة القضائية المختصة [60].
إن غرفة الاتهام باعتبارها تشكل جزءا من جهة التحقيق و تتمتع باختصاصات متعددة و متنوعة, يجوز لها أن تصدر أمرا بإيداع المتهم كلما كان قد سبق أن أفرج عنه و صدر عن جهة الحكم قرار بعدم الاختصاص, ثم طرأت بعد ذلك ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري إعادة حبسه ريثما تتقرر إحالة الدعوى إلى الجهة القضائية المختصة[61].
و هنا كذلك نتساءل عما إذا كان أمر الحبس الصادر في هذا الصدد خاضع للشروط و الأحكام المنصوص عليها في المواد 123 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية .
- حالة إجراء تحقيق تكميلي :
يجوز لغرفة الاتهام أن تأمر بإجراء تحقيقات تكميلية طبقا للمادة 187 من قانون الإجراءات الجزائية, و تكلف بتنفيذه أحد أعضائها أو أحد قضاة التحقيق و السؤال المطروح هو معرفة ما إذا كانت غرفة الاتهام تحتفظ لنفسها بسلطة إصدار أمر الحبس أم أنها تفوضها في ذات الوقت الذي تفوض فيه سلطة إجراء التحقيق التكميلي؟
و يذهب البعض للقول بأنه لا يمكن الفصل بين السلطتين أي أن التفويض يشمل إجراء التحقيق و الأمر بالحبس كون هذا الأخير هو في حد ذاته إجراءا تحقيقيا [62].
لكن السائد عمليا أن غرفة الاتهام عندما تأمر بإجراء تحقيق تكميلي تحدد مهام معينة يجب على قاضي التحقيق القيام بها , و يظل المتهم محبوسا مؤقتا لغاية قيام قاضي التحقيق بالمهمة المنوطة به دون أن يحدد القانون مدة معينة تحكم بقاء المتهم رهن الحبس المؤقت.
و ما يمكننا استخلاصه في هذا الصدد أن الحالة الوحيدة التي تصدر فيها غرفة الاتهام أمرا بالحبس المؤقت وفق الشروط و الإجراءات المحددة في المادة 123 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية هي عندما تفصل في استئناف أمر رفض إيداع المتهم الحبس المؤقت.
أما باقي الحالات و إن كانت النتيجة المترتبة عن إصدار تلك الأوامر هي إيداع المتهم الحبس لمدة محددة إلا أنه يختلف تماما في أحكامه و شروطه, و خاصة مدته عن أحكام الحبس المؤقت موضوع دراستنا.
3- قاضي الأحداث :
يعين في كل محكمة تقع بمقر المجلس القضائي بقرار من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات قاض أو قضاة يختارون لكفاءتهم و للعناية التي يولونها للأحداث, أما في المحاكم الأخرى فإن قضاة الأحداث يعينون بموجب أمر صادر عن رئيس المجلس القضائي بناءا على طلب النائب العام.
و قد نص قانون الإجراءات الجزائية على جملة من التدابير لحماية الأحداث الجانحين أثناء إجراءات التحقيق و بعدها, إذ بشأن وضع المتهم الحدث في مؤسسة عقابية, و حبسه مؤقتا تمهيدا لتقديمه للمحاكمة , نصت المادة 453 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يقوم قاضي الأحداث بإجراء كل التحريات اللازمة للوصول إلى الحقيقة, و للتعرف على شخصية الحدث و تقرير الوسائل الكافية لتهديبه, و له أن يصدر أي أمر لازم لذلك مع مراعاة قواعد القانون العام.
و قد نصت المادة 456 من نفس القانون على أنه:" لا يجوز وضع المجرم الذي لم ثلاث عشرة سنة كاملة في مؤسسة عقابية و لو بصفة مؤقتة.
و لا يجوز وضع المجرم من سن الثالثة عشر إلى الثامنة عشر مؤقتا بمؤسسة عقابية إلا إذا كان هذا التدبير ضروريا أو استحال أي إجراء آخر و في هذه الحالة يحجز الحدث بجناح خاص فإن لم يوجد ففي مكان خاص و يخضع بقدر الإمكان لنظام العزلة في الليل."
و ما يمكن استخلاصه من هاتين المادتين وجود مبادئ ثلاث و هي:
- منح القانون لقاضي الأحداث اتخاذ ما يراه مناسبا من الإجراءات و التدابير إذ يجوز له إصدار أمر بإحضار المتهم الحدث أو القبض عليه أو إيداعه الحبس المؤقت.
- الحدث الجانح الذي لم يبلغ سن الثالثة عشر (13) لا يمكن إطلاقا وضعه في مؤسسة عقابية مهما كان وصف الجريمة و لو كانت جريمة متلبس بها.
- إذا كان المتهم الحدث بلغ سن الثالثة عشر (13) و لم يبلغ سن الثامنة عشر (18) من عمره لا يمكن وضعه في الحبس المؤقت إلا عند الضرورة الملحة [63].
لكن بالمقابل نص قانون الإجراءات الجزائية في المادة 487 على جواز أن يأمر قاضي الأحداث إذا ما طرأت مسألة عارضة أو دعوى متعلقة بتغيير نظام الوضع و الحضانة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان وجود شخص الحدث تحت سلطته و له أن يأمر بقرار مسبب بنقل الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشرة (13) سنة إلى أحد السجون و حبسه فيه مؤقتا طبقا للأوضاع المقررة في المادة 456 من قانون الإجراءات الجزائية.
إن هذا النص يعد خرقا صارخا للقواعد المتعلقة بشروط و حالات وضع المتهم في الحبس المؤقت, و خروجا بينا عن اتجاه المشرع الرامي لحماية الأحداث كون هذه المادة تجيز وضع الحدث الذي بلغ الثالثة عشرة (13) سنة في الحبس المؤقت رغم عدم ارتكابه لأية جريمة بل فقط بسبب حدوث تغيير في نظام الوضع أو الحضانة و هي ظروف خارجة عن إرادة الحدث, كما أن هذه المادة لا تقيد سلطة قاضي الأحداث في إصدار أمر الحبس المؤقت بتوافر إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية.
لذا فإن ما جاء في نص المادة 487 من نفس القانون هو مخالف تماما لجميع الضمانات التي أقرها القانون للمتهم في مجال الحبس المؤقت, فإننا نستغرب وجود مثل هذا النص و عدم إلغائه في تعديل 2001 لذا نقترح حذفه.
4- القضاء العسكري :
نص القانون 71-28 المؤرخ في 22 /04/1971 المتضمن قانون القضاء العسكري على نظام الحبس المؤقت المتعلق بفئة العسكريين, والتي تتشابه في حالات كثيرة مع تلك المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية , وقد نصت المادة 84 من قانون القضاء العسكري في فقرتها الأولى على أن أوامر ومذكرات القبض على المتهم وإحضاره تبلغ إليه بواسطة أعوان القوة العمومية الذين يجب عليهم مراعاة أحكام قانون الإجراءات الجزائية .
ونصت الفقرة الثالثة على أن أوامر ومذكرات الإحضار والقبض على المتهم وإيداعه في الحبس المؤقت يتعين أن تنفذ ضمن الشروط المحددة في قانون الإجراءات الجزائية باستثناء ما يخالف ذلك مما جاء في هذا القانون.
ويفهم مما تقدم أن شروط الحبس المؤقت في قانون الإجراءات الجزائية هي نفسها التي تطبق في قانون القضاء العسكري مع مراعاة ما ورد في هذا الأخير خلافا لذلك.[64]
و من الأحكام المخالفة ما ورد في المادة 74 منه التي منحت لقاضي التحقيق العسكري سلطة حبس المتهم مؤقتا وإصدار أمر بإيداعه الحبس بعد التأكد من شخصيته وتبليغه بما نسب إليه تمهيدا لمحاكمته كلما إستوجبت الوقائع عقوبة جنحة أو مخالفة .[65]
ثانيا: جهة النيابة العامـة :
يخول القانون لوكيل الجمهورية سلطة حبس المتهم في الجنح المتلبس بها إذ نصت المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: "إذا لم يقدم مرتكب الجريمة المتلبس بها ضمانات كافية للحضور وكان الفعل معاقب عليه بعقوبة الحبس , ولم يكن قاضي التحقيق قد أخطر بالحادث , يصـدر وكيـل الجمهوريـة أمـر بحبس المتهم بعد استجوابه عن هويته و عن الأفعال المنسوبة إليه.
و يحيل وكل الجمهورية المتهم فورا على المحكمة طبقا لإجراءات الجنح المتلبس بها, وتحـدد جلسـة للنظـر فـي القضيـة في ميعـاد أقصـاه ثمانية أيـام إبتـداء من يوم صـدور أمـر الحبـس".
ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 117 من نفس القانون أنه:" يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمـر بإيداع المتهم بمؤسسة إعادة التربية ضمن الشروط المنصوص عليهـا في المـادة 59 إذا ما رأى أن مرتكـب الجنحـة لم يقـدم ضمانات كافية بحضوره مرة أخرى".
ومن هاتين المادتين يتبين لنا الحالات التي يمكن فيها لوكيل الجمهورية إصدار أمر بحبس المتهم وهما :
- حالة إلقاء القبض على المتهم بجريمة متلبس بها ولم يقدم ضمانات كافية للحضور.
- حالة أن الجنحة غير متلبس بها لكن المتهم لم يقدم ضمانات كافية للحضور أمام القضاء عندما يطلب منه المثول من جديد حسب المادة 117 من قانون الإجراءات الجزائية.
كمـا أن الأمر بحبس المتهم حسب المادتين 59 و 117 من هذا القانون هو إختياري يصدره وكيل الجمهورية إذا توافرت الشروط التالية :
- القاء القبض على المتهم وهو متلبس بجريمة ولم يقدم ضمانات كافية للحضور.
- الجريمة محل المتابعة ذات وصف جنحي معاقب عليها بالحبس.
- عدم إخطار قاضي التحقيق بالجريمة وطلب منه إجراء تحقيق.
- إستجواب وكيل الجمهورية للمتهم.
- تحديد جلسة لمحاكمة المتهم في مهلة لا تتجاوز 08 أيام.
- ألا تكون الجريمة المراد حبس المتهم بسببها من جنح الصحافة أو ذات صبغة سياسية طبقا للمادة 59 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية.
وفي حالة إنقضاء مهلة 08 أيام دون محاكمة المتهم يفقد أمر الحبس الصادر عن وكيل الجمهورية سنده القانوني ويتعين عليه هو ومدير المؤسسة العقابية الإفراج على المتهم في الحال وإلا إعتبر محبوسا حبسا تعسفيا.
أما مسألة تمديد مدة الحبس الذي يأمر به وكيل الجمهورية أو الطعن فيه, فإن قانون الإجراءات الجزائية لم يشر إليهما, مما يحملنا إلى القول أن مدة 08 أيام لا تقبل الطعن أو التجديد بحكم المادة 117 من قانون الإجراءات الجزائية وذلك لقصرها وعدم جدوى الطعن فيها لأن إجراءاته وآجاله قد تفوق مدة الحبس.[66]
وعلى عكس ما تقدم, هناك من يرى أنه لا يمكن للنيابة العامة إصدار أمر بالحبس المؤقت إذ يرى الدكتور محمد محدة أنه يجب التفرقة بين أمري الإيداع والحبس المؤقت, فالأول يمكن للنيابة العامة إتخاده تطبيقا للمادة 59 قانون الإجراءات الجزائية, ولكن ليس معنى ذلك أنها تستطيع أن تأمر بالحبس المؤقت المنصوص عليه في المادة 123 وما يليها من نفس القانون وإن إتحدا و تشابها في كونهما إجرائين من إجراءات التحقيق وأنهما سالبان للحرية, إلا أن أمر الحبس المؤقت يختلف عن أمر الإيداع في كون هذا الأخير خوله المشرع بصريح النص لوكيل الجمهورية بينما الحبس المؤقت لم يتكلم عنه مطلقا مما يجعله أخص من أمر الإيداع.
كما أن المشرع يشترط إحالة الدعوى للمحاكمة في مدة لا تتجاوز 08 أيام ولا توجد إمكانية لطلب الإفراج عكس الحال بالنسبة للحبس المؤقت .[67].
وعلى كل فإن وكيل الجمهورية عندما يودع المتهم الحبس في الجنح المتلبس بها أو إذا لم يقدم ضمانات للحضور, فهو يسلب حرية شخص مدة زمنية معينة لا يمكن أن تتجاوز 08 أيام, ويمكن مبدئيا أن نطلق عليها مصطلح "حبس مؤقت" لكن إذا قصدنا بها المعنى القانوني للحبس المؤقت المنصوص عليه في المواد 123 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية فإن هذا الأخير يختلف عنه تماما سواء من حيث الشروط أو من حيث المدة أو الجهة المصدرة.
ثالثا: قضاء الحكم :
نعني بها المحكمة الابتدائية ممثلة في القسم الجزائي حال نظرها في المخالفات و الجنح و كذا الغرفة الجزائية.
و تنتقل إلى جهة الحكم صلاحية إصدار أمر الحبس بعد انتهاء التحقيق و إحالة المتهم إليها قبل فصلها في القضية.
و هنا يطرح التساؤل حول الحالات التي تملك فيها جهات الحكم سواء في المحكمة أو المجلس القضائي صلاحية إصدار أمر الحبس؟ فهل أمر الحبس الذي تصدره هذه الجهة يعتبر حبسا مؤقتا أم لا؟
- حالة عدم حضور المتهم بعد الإفراج عنه :
إذا استدعي المتهم للحضور بعد الإفراج عنه و لم يمتثل أو إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري حبسه فلقاضي التحقيق أو جهة الحكم المرفوعة إليها الدعوى أن تصدر أمرا جديدا بإيداعه الحبس و هذا ما نصت عليه المادة 131 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية.
و المستفاد من هذه المادة أن سلطة إصدار أمر الحبس مخولة لجميع المحاكم سواء كانت محكمة ابتدائية أو مجلس قضائي أو محكمة جنائية و هذه السلطة مقيدة بشروط :
- أن يكون المتهم قد سبق حبسه ثم أفرج عنه مؤقتا.
- إذا استدعي المتهم للحضور و لم يمثل رغم تبليغه قانونا دون توافر عذر مقبول,.أو استدعي و حضر لكن اكتشف خلال المرافعات ظهور أدلة جديدة أو خطيرة سواء تعلقت بوصف الجريمة أو بوقائع كانت مخفية و غيرها.
- حالة الحكم بعام حبس في مواد الجنح :
يجوز للمحكمة في الحالة المشار إليها في المادة 358 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية إذا كان الأمر متعلقا بجنحة من جنح القانون العام و كانت العقوبة المقضي بها لا تقل عن سنة أن تأمر بقرار خاص مسبب بإيداع المتهم في الحبس أو القبض عليه.
و يظل أمر الإيداع منتجا لآثاره حتى و لو قضى المجلس بتخفيض العقوبة إلى أقل من سنة حبس ما لم تلغيه المحكمة في المعارضة أو المجلس في الاستئناف.
و نصت الفقرة 2 منها أنه في حالة المعارضة في الحكم تنظر القضية في 08 أيام على الأكثر من يوم المعارضة و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا و إذا اقتضى الأمر تأجيل الدعوى فعلى المحكمة سماع النيابة العامة دون الإخلال بحق المتهم بطلب الإفراج طبقا للمواد 128 و 129 و 130 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة الحكم بعدم الاختصاص :
لقد نص المشرع في المادتين 362 و 437 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إذا كانت الواقعة المطروحة على المحكمة أو المجلس القضائي في حالة الاستئناف توصف بأنها جنحة و تبين أنها من طبيعة تستأهل توقيع عقوبة جنائية قضت المحكمة أو المجلس بعدم الاختصاص و تحال الدعوى على النيابة العامة للتصرف فيها حسب ما تراه.
و يجوز أن يصدر في الحكم أو القرار نفسه أمر بإيداع المتهم الحبس أو القبض عليه و ذلك بعد سماع أقوال النيابة العامة [68]
- حالة الإخلال بنظام الجلسة :
تنص المادة 295 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:" إذا حدث بالجلسة أن أخل أحد الحاضرين بالنظام بأية طريقة كانت فللرئيس أن يأمر بإبعاده من قاعة الجلسة.
و إذا حدث في خلال تنفيذ هذا الأمر أن لم يمتثل له أو أحدث شغبا أصدر في الحال أمر بإيداعه السجن و حوكم....."و من النص السابق نرى أن المشرع خول لرئيس الجلسة إصدار أمر إيداع بالجلسة إذا توافرت الشروط المطلوبة و هي:
- وجود إخلال بالجلسة سواء بالصراخ أو غيرها من وسائل الإخلال.
- أن يكون هناك أمر بالإبعاد و الإخراج من قاعة الجلسة إذا لم يكن الشخص متهما.
-عدم الامتثال لأمر الإبعاد أو إحداث مشاغبة عند طلب التنفيذ[69].
و ما يمكن استخلاصه أن جهات الحكم عندما تصدر أمر بإيداع المتهم الحبس أو القبض عليه لا تتقيد بضرورة توافر شروط المادة 123 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية, بل تتأكد من توافر شروط خاصة بكل حالة تحكمها مواد معينة ليس لها علاقة مع موضوع الحبس المؤقت, مما يجعلنا نخلص إلى أن جهات الحكم لا تعتبر ضمن الجهات التي تصدر أمر الحبس المؤقت.
و بالتالي فإن من تملك صلاحية إصدار أمر الوضع في الحبس المؤقت محل دراستنا تقتصر في جهة واحدة هي جهة التحقيق ممثلة في قاضي التحقيق أصلا و غرفة الاتهام استثناءا في الحالة التي يرفع لها استئناف ضد الأمر الصادر عن هذا الأخير القاضي برفض أمر الوضع في الحبس المؤقت إلى غاية تاريخ محاكمته بموجب أمر خاص مسبب لضمان حضور المتهم في الجلسة و تنفيذه العقوبة, و هذا ما نصت عليه المواد 144 فقرة 2 و 179 من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثاني : مدة الحبس المؤقت :
إن معضلة الحبس المؤقت ليست فقط الإفراط في اللجوء إليه, فهي أيضا مشكلة مدته أي تحديد فترة سريانه مند تقريره من طرف قاضي التحقيق إلى غاية انتهائه بمثول المتهم أمام المحكمة المختصة أو بإصدار أمر بألا وجه للمتابعة, و ذلك بأشكال من شأنها ضمان الحريات الفردية و تكريس الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت من خلال إقامة مدة قصوى معقولة للفصل في موضوع الاتهام.
و هو ما سنتعرض له بدراسة مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح و الجنايات ثم كيفية حسابها و بدأ سريانها و انتهائها.
أولا: مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح و الجنايات :
تتحكم في مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة و العقوبة المقررة لها, و مدى توافر الشروط المقررة في المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية.
و قد عرفت المواد القانونية التي تحكم هذا الموضوع عدة تعديلات سببها سعي الدول التي تعمل بهذا النظام بما فيها الجزائر إلى تفادي طول مدة الحبس المؤقت, أخرها تعديل 2001[70].
فالأصل أن مدة الحبس المؤقت لا تتجاوز أربعة (4) أشهر حسب المادة 125 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية, و بصفة استثنائية يمكن أن تكون هذه المدة أقل أو أكثر من أربعة (4) أشهر, و في هذا الصدد يميز القانون بحسب طبيعة الجريمة و نوعها, و عليه نتساءل حول مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح و في مواد الجنايات؟
1-مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح :
إن مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح أربعة (4) أشهر, غير أن هذه المدة غير ثابتة في كل الجرائم بل تختلف بحسب جسامة الجريمة.
و بالتالي قد تقل عن هذه المدة فتكون عشرين (20) يوما في بعض الجرائم و تكون أربعة (4) أشهر غير قابلة للتمديد في جرائم أخرى.
و عليه نتناول في نقطتين :
- الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت عشرين (20) يوما.
- الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت أربعة (4) أشهر.
أ-الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت عشرين (20) يوما :
هذه الحالة نصت عليها المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص: " لا يجوز في مواد الجنح إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة في القانون هو الحبس أقل من سنتين أو يساويهما أن يحبس المتهم المستوطن بالجزائر حبسا مؤقتا أكثر من عشرين (20) يوما منذ مثوله أول مرة أمام قاضي التحقيق , إذا لم يكن قد حكم عليه من أجل جناية أو بعقوبة الحبس مدة أكثر من ثلاثة (3) أشهر بغير إيقاف التنفيذ لارتكابه جنحة من جنح القانون العام.".
و يستشف من نص المادة حتى تكون مدة الحبس المؤقت عشرين (20) يوما غير 'قابلة للتجديد يخلى سبيل المحبوس فيها تلقائيا بعد انقضائها، لا بد من توافر ثلاثة شروط مجتمعة و هي:
- أن يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس لمدة لا تفوق سنتين كما هو الحال بالنسبة لجنح الجرح الخطأ و القذف و السب العلني و الإهمال العائلي.
- أن يكون المتهم مقيما بالجزائر.
- أن لا يكون المتهم قد سبق الحكم عليه من أجل جناية أو جنحة من جنح القانون العام بعقوبة الحبس النافذ لمدة تفوق ثلاثة (3) أشهر.
ب-الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت أربعة (4 ) أشهر :
تنص المادة 125 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية : " في غير الأحوال المنصوص عليها بالمادة 124, لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس المؤقت أربعة (4) أشهر في مواد الجنح".
فتكون مدة الحبس المؤقت أربعة (4) أشهر غير قابلة للتمديد في الحالات الآتية:
-إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس لمدة تفوق سنتين و لا تزيد عن ثلاث (3) سنوات, المادة 125 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية كما هو الحال بالنسبة لجنح القتل الخطأ و عدم تسديد النفقة و خيانة الأمانة و التزوير في الوثائق الإدارية....
-إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس أقل من سنتين أو يساويهما و لم يتوافر شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية.
2-مدة الحبس المؤقت في مواد الجنايات :
تنص المادة 125-1 فقرة 1-2-3 من قانون الإجراءات الجزائية على أن :" مدة الحبس المؤقت في مواد الجنايات أربعة أشهر .."
و يستخلص من نص المادة أن لا يجوز حبس المتهم على ذمة التحقيق أكثر من أربعة أشهر, إلا أن هذه المدة يجوز تمديدها كما سيأتي.
ثانيا : تمديد الحبس المؤقت :
إن سلطة قاضي التحقيق في تمديد الحبس المؤقت ترتبط بحبس المتهم مدة أربعة (4) أشهر, لأن الحبس لمدة (20) يوما لا يجوز فيه التمديد بصفة مطلقة, و يجوز التمديد في الجنح و الجنايات وفق ما يقرره القانون.
و الملاحظ أن صلاحية تمديد الحبس المؤقت محكومة بطبيعة الجريمة موضوع التحقيق , فيما إذا كانت الجريمة تكون جنحة أو جناية و العقوبة المقررة لها على النحو الآتي بيانه:
1-التمديد في الجنح :
تنص المادة 125 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية : " عندما يكون الحد الأقصى للعقوبة المنصوص عليها في القانون يزيد عن ثلاث (3) سنوات حبسا و يتبين أنه من الضروري إبقاء المتهم محبوسا, يجوز لقاضي التحقيق بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب, أن يصدر أمرا مسببا بتمديد الحبس المؤقت للمتهم مرة واحدة فقط لأربعة (4) أشهر أخرى."
يجوز تمديد مدة الحبس المؤقت 4 أشهر أخرى مرة واحدة, بحيث تصل مدته إلى 8 أشهر إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا يزيد على 3 سنوات حبس كما هو الحال بالنسبة لجنح السرقة و الشيكات و النصب و الضرب و الجروح العمدية......إلخ.
في كل الأحوال يكون تمديد مدته بأمر مسبب تبعا لعناصر التحقيق و ذلك بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب[71] و عليه فإن الحبس المؤقت في الجنح المعاقب عليها بثلاث سنوات أو أقل لا يجوز فيها التمديد, إذ ينحصر في الجنح التي يعاقب عليها القانون بأكثر من ثلاث سنوات حبس.
2-التمديد في الجنايات :
يجوز تمديد مدة الحبس المؤقت في جرائم القانون العام, و في بعض الجرائم الخاصة كالآتي:
أ-في جرائم القانون العام :
الأصل: أن مدة الحبس المؤقت في الجنايات أربعة (4) أشهر و هو ما نصت عليه المادة 125-1 من قانون الإجراءات الجزائية.
استثناء: إذا اقتضت الضرورة يجوز لقاضي التحقيق و كذا لغرفة الاتهام بطلب من هذا الأخير تمديد الحبس المؤقت كما يلي :
قاضي التحقيق :
لقاضي التحقيق استنادا لعناصر الملف و بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب تمديد الحبس المؤقت بأمر مسبب و ذلك كالآتي :
1-الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت من خمس (5) إلى عشر (10) سنوات :
يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت مرتين , أربعة (4) أشهر في كل مرة و هذا ما نصت عليه المادة 125-1 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية, حيث تبلغ مدة الحبس المؤقت اثني عشر (12) شهرا.
2- الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام :
يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت ثلاث مرات أربعة (4) أشهر في كل مرة حسب نص المادة 125-1 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية, بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت ستة عشر (16) شهرا [72].
غرفة الاتهام :
يجوز لقاضي التحقيق عند انتهاء الآجال القصوى المخولة له قانونا لتمديد الحبس المؤقت أن يقدم طلب بذلك إلى غرفة الاتهام.
إذن نستنتج أن لغرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت بأربعة (4) أشهر أخرى غير قابلة للتجديد, وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 125 مكرر فقرة 2 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية و هي:
- أن يكون التمديد بناء على طلب مسبب من قاضي التحقيق في أجل شهر قبل انتهاء مدة الحبس المؤقت.
- أن يرسل الطلب مرفوقا بأوراق الملف إلى النيابة العامة.
- يتولى التائب العام تهيئة القضية خلال 5 أيام على الأكثر من إستيلام أوراقها, و يقدمها مع طلباته لغرفة الاتهام.
- أن تبث غرفة الاتهام في الطلب قبل انتهاء مدة الحبس الجاري.
ب- في بعض الجرائم الخاصة :
الأصل: أن مدة الحبس المؤقت في الجنايات أربعة (4) أشهر حسب نص المادة 125-1 من قانون الإجراءات الجزائية.
استثناء: إذا اقتضت الضرورة يجوز لقاضي التحقيق و كذا لغرفة الاتهام بطلب من هذا الأخير تمديد الحبس المؤقت وفق الشروط الآتية:
قاضي التحقيق :
لقاضي التحقيق استنادا لعناصر الملف و بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب تمديد الحبس المؤقت بأمر مسبب و ذلك على النحو التالي :
1-الجنايات الموصوفة بأفعال إرهابية و تخريبية :
تنص المادة 125 مكرر فقرة1 من قانون الإجراءات الجزائية : " عندما يتعلق الأمر بجنايات موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية, يجوز لقاضي التحقيق وفق الأشكال المبينة في المادة 125-1 أعلاه أن يمدد الحبس المؤقت خمس مرات"
و هذا النوع من الجنايات منصوص عليه في المواد من 87 مكرر إلى 87 مكرر 10 من قانون العقوبات بحيث يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت خمس مرات أربعة (4) أشهر في كل مرة بحيث أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى أربعة و عشرين (24) شهرا كحد أقصى.
و يلاحظ هنا أن المشرع لم يأخذ بمعيار العقوبة المقررة قانونا للجريمة لتحديد نسبة التمديد و إنما أخذ بطبيعة الجريمة فحسب , و هكذا يستوي أن تكون العقوبة المقررة قانونا للفعل الإعدام أو السجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات , و هي العقوبة المقررة لجنايات الإشادة بالأفعال الإرهابية و بيع أسلحة بيضاء و اشترائها و توزيعها و استيرادها و صنعها لأغراض مخالفة للقانون المنصوص و المعاقب عليها في المواد 87 مكرر 4 و مكرر5 و مكرر 7 من قانون العقوبات.[73]
2- الجنايات العابرة للحدود:
ما هي الجريمة العابرة للحدود؟ عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15-11-2001 التي صادقت عليها الجزائر بتحفظ في مجلس الوزراء المنعقد في 23-11-2001 الجنايات العابرة للحدود و تتمثل على وجه الخصوص فيما يلي:
- جنايات الاتجار و تهريب المخدرات.
- تبيض الأموال.
- تهريب الأسلحة الحربية و المواد النووية و المتفجرات و السيارات و الاتجار بها بصفة غير شرعية.
- الأعمال الإرهابية.
- إرشاء الموظفين.
- تنظيم الهجرة السرية[74].
و تنص المادة 125 مكرر فقرة 2 على أنه: " عندما يتعلق الأمر بجناية عابرة للحدود الوطنية, يجوز لقاضي التحقيق وفق الأشكال المبينة في المادة 125-1 أن يمدد الحبس المؤقت بإحدى عشرة (11) مرة".
إذن لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت إحدى عشر (11) مرة أربعة (4) أشهر في كل مرة , بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت كحد أقصى ثمانية و أربعين (48) شهرا أي أربعة سنوات
- غرفة الاتهام :
تنص المادة 125-1 فقرة 4 قانون الإجراءات الجزائية على : " كما يجوز لقاضي التحقيق في مادة الجنايات أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت في اجل شهر قبل انتهاء المدة القصوى للحبس ".
وتنص المادة 125 مكرر فقرة 4 على :" كما يجوز لقاضي التحقيق وفق نفس الأشكال المبينة في المادة 125-1 أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت في اجل شهر قبل انتهاء مدة هذا الحبس ، كما يمكن تجديد هذا الطلب مرتين (2) ".
يستشف من هذين النصين أن لغرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت مدة أربعة (4)اشهر أخرى قابلة للتجديد مرتين ليصل التمديد إلى اثنىعشر (12) شهرا وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين السابقتين.
وهكذا فإذا ما استجابت غرفة الاتهام إلى طلب قاضي التحقيق وقررت تمديد الحبس المؤقت فقد تصل مدته القصوى إلى ستة وثلاثين (36) شهرا، أي ثلاث سنوات في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية، وإلى ستين (60) شهرا أي 5 سنوات في الجنايات العابرة للحدود .
وفي كل الأحوال سواء تعلق الأمر بجنايات القانون العام أو الجنايات الخاصة ســـالفة الذكر، تفصل غرفة الإتهام طبقا لأحكام المواد 183 إلى 185 من قانون الإجراءات الجزائية .
ويتفق الفقه والقضاء في الحالات التي يجوز فيها تمديد الحبس المؤقت ، على أن يتم التمديد قبل انتهاء أجل أربعة (4) أشهر وإلا أفرج عن المتهم بقوة القانون [75].
ثالثا: كيفية حساب مدة الحبس المؤقت :
يثور التساؤل حول كيفية حساب مدة الحبس المؤقت خاصة وأن المشرع إلتزم الصمت بخصوص هذه المسألة.
فهل نطبق أحكام المادة 726 من قانون الإجراءات الجزائية في مجال الحبس المؤقت, وهي المادة التي وضعت قاعدة عامة لحساب المواعيد المنصوص عليها في هذا القانون بنصها على أن :" جميع المواعيد المنصوص عليها في هذا القانون مواعيد كاملة ولا يحسب فيها يوم بدايتها ولا يوم انقضائها وتحسب أيام الأعياد ضمن الميعاد.
وإذا كان اليوم الأخير من الميعاد ليس من أيام العمل كله أو بعضه فيمتد الميعاد إلى أول يوم عمل تال" .
فإذا بدأ الحبس المؤقت يوم 24 جانفي 1998 فإنه ينتهي يوم 26 ماي من نفس السنة وإذا كان هذا اليوم خميس فيمتد الميعاد إلى 28 ماي .
أم أنه يجب فصل حالة الحبس المؤقت عن باقي الحالات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية لاتصالها بالحريات الفردية, ومن ثمة إخضاع حساب مدة الحبس المؤقت لقاعدة خاصة أكثر تقييدا من القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 726 سالفة الذكر.
فتحسب المدة من اليوم إلى مثله من الشهر, لذلك إذا بدأ الحبس المؤقت يوم 24 جانفي 1998، فانه ينتهي على الساعة الصفر من يوم 23 ماي من نفس السنة [76].
وذهب الدكتور أحسن بوسقيعة في مؤلفه "التحقيق القضائي" إلى أنه إذا كانت المسألة لم تطرح حسب علمه على المحكمة العليا خصيصا بشأن الحبس المؤقت، فقد كان لها أن قضت بوجه عام أن :" جميع الأجال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية هي مواعيد كاملة لا يحسب فيها يوم بدايتها ولا يوم نهايتها..." مضيفة بأن القواعد المتعلقة بالآجال تعتبر من النظام العام ويترتب على مخالفتها البطلان[77].
وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي قد ذهب مذهبا مغايرا حيث استقر على أن أحكام المادة 801 من قانون الإجراءت الجزائية الفرنسي والتي تقابلها المادة 726 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري لا تطبق في مجال الحبس المؤقت الذي تحسب فيه المدة من يوم إلى مثله من الشهر[78].
رابعا: بدء سريان مدة الحبس المؤقت :
الإشكال الذي يطرح بمناسبة التعرض لمدة الحبس المؤقت يتعلق ببداية سريان مدته، فما هو تاريخ بدء حساب مدة الحبس المؤقت ؟ هل من يوم القبض على المتهم أو من يوم إيداعه الحبس ؟ أو من يوم مثوله أمام قاضي التحقيق ؟ .
تختلف الإجابة عن هذا التساؤل بحسب طريقة القبض على المتهم ، فإذا ما ضبط المتهم تطبيقا لأمر بالقبض يبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ تنفيذ هذا الأمر أي من تاريخ حبسه في مؤسسة عقابية .
أما إذا ضبط المتهم تنفيذا لأمر إحضار فيبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ تنفيذ هذا الأمر, وإنما من تاريخ مثول المتهم أمام قاضي التحقيق وإصدار أمر إيداعه بالمؤسسة العقابية.
وفي كل الحالات التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمر الإيداع يبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ صدوره [79].
خامسا : انتهاء مدة الحبس المؤقت :
إذا كانت القاعدة العامة تقضي بأن مدة الحبس المؤقت تدوم فترة التحقيق وهذا ضمانا لحسن سيره كما سبق وأن أشرنا, فهل هذا يعني أن مدة الحبس المؤقت تنتهي بالضرورة بانتهاء التحقيق أم أن هناك حالات خارج هذه القاعدة يمكن فيها انتهاءها؟.
المبدأ: أن مدة الحبس المؤقت تنتهي بانتهاء التحقيق[80].
استثناء: نص المشرع على استثناءين لهذا المبدأ ويتمثلان في:
-حالة الإفراج على المتهم قبل انتهاء التحقيق المنصوص عليها بالمادتين 126و 127 من قانون الإجراءات الجزائية.
-حالة استمرار الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق المنصوص عليها بالمواد 164، 165 و 166 من قانون الإجراءات الجزائية .
و نتعرض للحالتين بشيء من التفصيل :
1- حالة الإفراج عن المتهم قبل انتهاء التحقيق:
أقرت المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية لقاضي التحقيق الأمر بالإفراج عن المتهم إما من تلقاء نفسه بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية أو بطلب من هذا الأخير.
كما أجازت المادة 127 من نفس القانون الإفراج عن المتهم بطلب منه أو من محاميه وذلك في أية مرحلة من مراحل التحقيق ، و هذا ما سنتعرض له بالتفصيل في المبحث الثالث الخاص بالإفراج[81] .
2-حالة استمرار الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق :
نتعرض إلى استمرار الحبس المؤقت في مواد الجنح ثم في مواد الجنايات .
أ-استمرار الحبس المؤقت في مواد الجنح :
تنص المادة 165 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:" و إذا كان المتهم في حبس مؤقت ، يجب أن تنعقد الجلسة في أجل لا يتجاوز شهرا ."
إذن يمكن بعد انتهاء مدة الأربعة (4) أشهر أو الثمانية (8) أشهر القانونية أن يستمر الحبس المؤقت في مواد الجنح شهرا إضافيا.[82]
والسؤال الذي يطرح بهذا الصدد ما هو جزاء عدم احترام هذا الأجل ؟
الجواب تعرض له الدكتور أحسن بوسقيعة في مؤلفه السابق ذكره, حيث أشار إلى أن المشرع لم يرتب على عدم احترام هذا الأجل أية نتيجة ملموسة, مما يفقد هذا الحكم المشرع فاعليته.
و لضمان نجاعة أكبر لحكمه, كان على المشرع أن ينص صراحة في فقرة إضافية على انتهاء مفعول الحبس المؤقت بانقضاء مدة شهر من تاريخ صدور أمر الإحالة إلى المحكمة [83]
ب-في مواد الجنايات :
تنص المادة 166 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية : " ويحتفظ أمر الضبط أو القبض الصادر ضد المتهم بقوته التنفيذية لحين صدور قرار من غرفة الاتهام"[84]
وهنا يثور التساؤل حول ما إذا كان سيفرج عن المتهم عند بلوغ اجل الحد الأقصى لمدة الحبس المؤقت أم أنه يبقى فيه إلى غاية ما تقرره غرفة الاتهام إما بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات وإما إجراء تحقيق تكميلي؟
مع العلم أن أجل الحد الأقصى لمدة الحبس المؤقت في الجنايات هو كما يلي :
- في جنايات القانون العام المعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5 الى 10 سنوات: ستة عشر (16) شهرا .
- في جنايات القانون العام المعاقب عليها بعقوبة أشد : عشرون (20) شهرا .
- في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية : ستة وثلاثون (36) شهرا .
- في الجنايات العابرة للحدود : ستون (60) شهرا .
نجد الإجابة عن هذا الإشكال في نص المادة 197 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه : " عندما تخطر غرفة الاتهام وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 166 ويكون المتهم محبوسا ، تصدر غرفة الاتهام قرارها في الموضوع في اجل :
- شهرين (2) كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بالسجن المؤقت.
- أربعة (4) أشهر كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بالسجن المؤقت لمدة عشرين (20) سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام.
-ثمانية (8) أشهر كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية أو بجناية عابرة للحدود الوطنية.
وإذا لم يتم الفصل في الآجال المحددة أعلاه، وجب الإفراج عن المتهم تلقائيا ."
وقد ذهب الدكتور أحسن بوسقيعة في مؤلفه السابق ذكره إلى القول أنه, عملا بأحكام المادة 197 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية، لا يجوز بأي حال من الأحوال وتحت أية ذريعة كانت أن يبقى المتهم في الحبس المؤقت أكثر من :
- ثمانية عشر (18) شهرا (16+2 ) في جنايات القانون العام المعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات .
- أربعة و عشرون (24) شهرا (20+4 ) في جنايات القانون العام المعاقب عليها بعقوبة أشد .
- أربعة وأربعون (44) شهرا (36+8 )في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية.
- ثمانية وستون (68) شهرا (60+8) في الجنايات العابرة للحدود .
ويضيف قائلا أنه: مهما كان موقفنا إزاء المدد التي اعتمدها المشرع والتي أقل ما يقال عنها أنها طويلة [85] فإننا نثني عليه الوضوح في معالجة معضلة الحبس المؤقت أثناء الفترة الممتدة مابين صدور الأمر بإرسال مستندات القضية إلى النائب العام ومثول المتهم أمام المحكمة، وهي المسالة التي كان يكتنفها بعض الغموض ويطبعها شيئا من التناقض في ظل أحكام المادتين 125مكرر و 166 من قانون الإجراءات الجزائية قبل صدور القانون رقـــم 01-08وما جاء به من حلول في نص المادة 197 مكرر منه.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يخلى سبيل المتهم الموجود رهن الحبس المؤقت فور صدور حكم من المحكمة يقضي ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة رغم الاستئناف و الطعن بالنقض من قبل النيابة العامة؟
أجابت المادة 365 من نفس القانون بنصها على أنه:" يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع ايقاف التنفيذ أو بالغرامة، وذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر".
سادسا : خصم مدة الحبس المؤقت من العقوبة المقضي بها :
لم يرد قيد خصم مدة الحبس من العقوبة المقضي بها في الأحكام المنظمة للحبس المؤقت، إلا أن المادة 365 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه:"....وكذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس مؤقتا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفد مدة حبسه المؤقت مدة العقوبة المقضي بها عليه."
كما نصت المادة 12فقرة 2 من القانون رقم 72-02 المؤرخ في 10 أفريل 1972 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة تربية المساجين على أنه: " في حالة وجود حبس إحتباطي فيخفض بتمامه من مدة العقوبة وتحسب هذه المدة من يوم حبس المتهم المحكوم عليه ".
إذن يتضح مما يبق أنه يجب خصم المدة التي قضاها المتهم في الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها عليه.
التساؤال الذي يثار هنا ما حكم المدة التي يقضيها المتهم في المؤسسة العقابية بناء على أمر قاضي التحقيق بإحضاره أو القبض عليه أو الأمر بإيداعه فيها، فهل تخصم من المدة المحكوم بها أم لا؟
نلاحظ في هذه الحالة بالنسبة لتقييد حرية المشتبه فيه بالقبض عليه وتوقيفه تحت النظر بواسطة ضباط الشرطة القضائية طبقا للمادة 51 فقرة 1 و 4 و المادتين 65 و 141 من قانون الإجراءات الجزائية , فلا يمكن اعتباره حبس مؤقت تخصم مدته من العقوبة المحكوم بها ، لأنها إجراءات بوليسية ليست صادرة عن جهاز القضاء ، وإنما صادرة عن جهة شبه قضائية على عكس الأمر بالحبس المؤقت الذي يعد أمرا قضائيا وهو بذلك يستوجب خصم مدته من مدة العقوبة المحكوم بها[86].
المطلب الثالــث : الرقابة على شرعية الحبس المؤقت :
نظرا لكون الحبس المؤقت إجراء استثنائي يتسم بالخطورة لأنه يمس الحرية الفردية, فإن المشرع حدد الجهات الآمرة به وكذا مدته كما تم بيانه سابقا, وهذا من أجل فرض نوع من القيود على الجهة المختصة بإصداره ضمانا لحقوق الأفراد وحمايتهم من أي تعسف غير أنه في حالة إهدار هذه القيود إن صح التعبير, فيتعين إيجاد رقابة مخولة إلى جهة قضائية ينظمها القانون للوصول إلى أكثر فعالية في هذا الشأن.
وتتخذ الرقابة على شرعية الحبس المؤقت في التشريع الجزائري صورتين, فإما أن تكون رقابة غير قضائية أو تكون رقابة قضائية.
أولا : الرقابـة غيـر القضائيـة :
من البديهي أن الرقابة على شرعية الحبس المؤقت تبدأ برقابة قاضي التحقيق من تلقاء نفسه, فهو أول من يتأكد من مدى إستيفاء الشروط القانونية الموضوعية والشكلية لإصدار الأمر بالحبس المؤقت والآجال القانونية المحددة له, فإما أن يمدد مدة الحبس المؤقت أو يفرج عن المتهم المحبوس مؤقتـا, ولكنه يؤخذ على هذه الرقابة التلقائية أنها تقع في دوامة الروتين لأن قاضي التحقيق يميل غالبا إلى تجديد أمر الحبس المؤقت للمدة المنصوص عليها قانونا, وذلك بغاية تفادي التراجع عن قراره الأول[87].
بالإضافة إلى الرقابة التلقائية لقاضي التحقيق فهناك رقابة تمارس من قبل جهتين وثيقتي الصلة بمهامه وأعماله, ومع ذلك نجدهما مصنفتين ضمن الرقابة غير القضائية, وهاتان الجهتان هما : النيابة العامة ورئيس غرفة الاتهام.
1 - رقابـة النيابـة العامـة :
يعـد عمـل النيابـة العامة وثيـق الصلة بمهام قضاة التحقيق نظرا للترابط الكائن بينهم من حيث تحريك الدعوى العمومية ومباشرة التحقيق وفقا للإجراءات المنصوص عليهـا في المـادة 67 بالفقـرة الأولـى من قانـون الإجراءات الجزائيـة.
فالنيابـة العامـة تباشـر الدعوى العموميـة, إذ يسهـر النائـب العـام على تطبيـق القانـون أمام المجلس القضائـي ومجمـوع المحاكـم الكائنة في دائرة اختصاصـه[88] , كمـا يسـوغ لوزيـر العـدل إخطـار النائـب العـام بالجرائم المتعلقـة بقانـون العقوبـات[89].
وما يؤخذ على رقابة النيابة العامة بصفة عامة أنها تتجه نحو استمرار حبس المتهم مؤقتـا, وقد يرجع ذلك في بعض الأحيان إلى سعي القضاء الواقف لعدم مخالفة الأمر الذي يتخذه قاضي التحقيق.
كذلك بالرجوع إلى المادتين 170 و 172 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية فنلاحظ أن إستئناف وكيل الجمهورية يوقف تنفيذ أمر قاضي التحقيق بالإفراج عن المتهم, بحيث يبقى هذا الأخير في الحبس المؤقت إلى غاية الفصل فيه من طرف غرفة الاتهام, بينما استئناف المتهم لأمر الوضع في الحبس المؤقت ليس له أثر موقف, وهذا لا يخدم الطابع الإستثنائـي المكرس للحبس المؤقت في المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية[90].
2- رقابـة رئيـس غرفـة الاتهام :
لرئيس غرفة الاتهام سلطات واسعة تتمثل أهمها في الإشراف على سير التحقيق ومراقبة الحبس المؤقت , فطبقـا للمادة 203 من قانون الإجراءات الجزائية لرئيس غرفة الاتهام الإشراف على سير إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق لدائرة المجلس القضائي وعلى عدم تأخرها.
ومن أجل تحقيق هذا الغرض يسلم كل مكتب تحقيق لرئيس غرفة الإتهام في ظرف ثلاثة أشهر قائمتين:
- قائمة تتضمن جميع القضايا المتداولة مع بيان تاريخ آخر إجراء تحقيق تم تنفيذه.
- قائمة تخص القضايا المتعلقة بالمتهمين المحبوسين مؤقتـا.
وبناءا على هاتين القائمتين, فإنه يجوز لرئيس غرفة الإتهام أن يطلب من قاضي التحقيق جميع التوضيحات اللازمة, كما يحق له زيارة كل مؤسسة عقابية في دائرة المجلس للتحقق من وضعية المحبوس مؤقتـا, فإذا ظهر له أن الحبس المؤقت غير قانوني وجه لقاضي التحقيق المعني الملاحظات اللازمة طبقا للمادة 204 من قانون الإجراءات الجزائية, لكن ليس لرئيس غرفة الإتهام في هذا الشأن إعطاء تعليمات لتوجيه التحقيق والدليل على ذلك الأسلوب الذي اعتمده المشرع في تحرير المادة 203 من قانون الإجراءات الجزائية مستعملا مصطلحات مثل: المراقبة, الإشراف و بذل جهد[91].
و طبقا للمادة 205 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه يجوز لرئيس غرفة الاتهام أن يعقد غرفة الاتهام للفصل في أمر استمرار حبس المتهم مؤقتا.
و نظرا للسلطات الواسعة المخولة لرئيس غرفة الاتهام, فإن الرقابة التي يقوم بها يمكن أن تكون فعالة إذا استطاع التوفيق بين مهامه المتعددة, إلا أنه في حالة تراكم هذه الأعباء عليه و عدم تفرغه لفحص ملفات قضاة التحقيق و زيارة المؤسسات العقابية الكائنة في دائرة اختصاصه, فإنه يجوز له أن يفوض سلطته إلى قاض من قضاة الحكم التابعين لغرفة الاتهام أو إلى قاض آخر بالمجلس القضائي طبقا للفقرة الثانية من المادة 204 من قانون الإجراءات الجزائية.
لكن يبقى أن مراجعة الملفات و القائمتين المذكورتين سابقا ليست الوسيلة المثلى لضمان رقابة فعلية و فعالة, فقد تلحق بهاتين القائمتين أخطاء مادية أو قد تحرر من قبل أمين الضبط دون مراقبة من قاضي التحقيق, لذلك فإنه توجد بالإضافة إلى هذه الرقابة, رقابة قضائية سنتطرق إليها فيما يلي:
ثانيا : الرقابة القضائية :
إن الرقابة القضائية من الوسائل المستعملة للتخفيف من شدة إجراء الحبس المؤقت و التقليص من مساوئه حيث يقصد بها إسناد إلى جهة قضائية معينة ممارسة دور الرقابة على الإجراءات القضائية, و هذه الجهة تكون ممثلة إما بغرفة الاتهام أو المحكمة العليا.
1-رقابة غرفة الاتهام :
بالرجوع إلى نص المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية, يتبين لنا أن غرفة الاتهام باعتبارها قضاء تحقيق درجة ثانية, تقوم بالرقابة على شرعية الحبس المؤقت و ذلك باتخاذ قراراتها في أجل عشرين (20) يوما من تاريخ استئناف المتهم أو محاميه للأوامر المنصوص عليها في المادة 172 من نفس القانون و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا ما لم يتقرر إجراء تحقيق تكميلي.
إن القانون منح لغرفة الاتهام سلطات مختلفة للبت في موضوع الحبس المؤقت, فقبل تعديل المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون قم 01-08, كان المشرع يسمح للمتهم المحبوس مؤقتا أو محاميه باستئناف أمر تمديد الحبس المؤقت دون الأمر بالوضع رهن الحبس المؤقت ذاته, على خلاف النيابة العامة التي يحق لها استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام طبقا للمادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية, و هذا يعد إخلالا بمبدأ المساواة أمام القضاء و بالخصوص أمام قاضي التحقيق الذي يستعين بإجراءات تمس بالحرية الفردية, أما بعد تعديل المادة 172 من نفس القانون فإن المشرع منح للمتهم المحبوس مؤقتا أو محاميه حق استئناف أمر الوضع بالحبس المؤقت بالإضافة إلى أمر تمديده, و هذا تدعيما للضمانات الممنوحة لحماية المتهم, و بالتالي فإن غرفة الاتهام في موضوع الحبس المؤقت لها أن تراقب صحة الإجراءات المرفوعة إليها و ذلك بإبطال الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق و المخالفة للشروط القانونية للحبس المؤقت, لكن في حالة استئناف أمام هذه الغرفة أمر صحيح مسبب – و بعبارة أخرى أمر غير مخالف للشروط القانونية للحبس المؤقت – فإن غرفة الاتهام تقوم بدور قاضي التحقيق و تعيد فحص الملف بنفس العناصر و الوقائع المتوافرة دون التصدي للموضوع أو توجيه أمر لقاضي التحقيق بإصدار أمر بالحبس المؤقت أو إلغائه, حيث يبقى لهذا الأخير السيادة الكاملة في البحث عن الوقائع و أدلة الإثبات و إنما تقتصر مهام غرفة الاتهام في هذا الشأن على تأييد أو إلغاء أمر قاضي التحقيق [92].
و في هذا الصدد و بالرجوع إلى المادة 192 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه: " إذا كانت غرفة الاتهام قد فصلت في استئناف مرفوع عن أمر صادر من قاضي التحقيق في موضوع حبس المتهم مؤقتا فسواء أيدت القرار أم ألغته و أمرت بالإفراج عن المتهم أو باستمرار حبسه أو أصدرت أمرا بإيداعه السجن أو بالقبض عليه, فعلى النائب العام إعادة الملف بغير تمهل إلى قاضي التحقيق بعد العمل على تنفيذ الحكم.
و إذا حدث في أي موضوع آخر أن ألغت غرفة الاتهام أمر قاضي التحقيق فإن لها أن تتصدى للموضوع أو تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو إلى قاض غيره لمواصلة التحقيق ما لم يكن حكم الإلغاء قد أنهى التحقيق.
و إذا أيدت غرفة الاتهام أمر قاضي التحقيق المستأنف ترتب عليه أثره كاملا."
فإنه يتبين لنا أن غرفة الاتهام لا تتصدى للموضوع في حالة الفصل في استئناف الأمر المتعلق بالحبس المؤقت بينما, تتصدى له في حالة إلغائها لأمر قاضي التحقيق إذا لم يتعلق الاستئناف بالحبس المؤقت, و بالتالي نستخلص أن غرفة الاتهام هي الجهة الوحيدة المختصة بتعديل أوامر قاضي التحقيق في المسائل المتعلقة بالحبس المؤقت.
و تدعيما لرقابة غرفة الاتهام على شرعية الحبس المؤقت و لكي تكون لها أكثر فعالية يتعين عليها أن تراقب بصفة دقيقة التسبيب المستند إليه لتبرير الوضع في الحبس المؤقت أو تجديده من طرف قاضي التحقيق من أجل استبعاد التعليل السطحي الذي يكتفي بترديد العبارات المنصوص عليها في المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية[93].
2-رقابة المحكمة العليا :
طبقا للمادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه لا يجوز الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا في قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالحبس المؤقت, و بالتالي فإن الرقابة على شرعية الحبس المؤقت تفلت من رقابة المحكمة العليا كون المشرع نص على إجراء الحبس المؤقت دون أن يتيح لها وسيلة قانونية للقيام بالرقابة على شرعيته, فقبل صدور القانون رقم 01-08 كان قاضي التحقيق غير ملزم بتسبيب أمر الحبس المؤقت على خلاف الأمر بتمديده, و نظرا لعدم ورود نص قانوني يلزمه بذلك فهذا أخرجه من رقابة المحكمة العليا, و إن كان المشرع نص على ضرورة تسبيب الأمر بتمديد الحبس المؤقت من خلال المادة 125 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالقانون رقم 86-05, فإن هذه المادة غير كافية لمنح صلاحية الرقابة على الحبس المؤقت للمحكمة العليا لأنها لم تنص صراحة على ذلك, مما يجعلها غير ممكنة.
و عند صدور القانون رقم 01-08 فإن المادة 123 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية نصت صراحة على وجوب تأسيس أمر الوضع بالحبس المؤقت على أحد الأسباب المنصوص عليها بالمادة 123 من نفس القانون.
لكن المشرع لم يغير من موقفه بجعل قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالحبس المؤقت قابلة للطعن بالنقض, و بالتالي كرس عدم إمكانية قيام المحكمة العليا بالرقابة على شرعية الحبس المؤقت, و هذا ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي في القرار الصادر بتاريخ 30-01 -1968 من الغرفة الجنائية الثانية في طعن (ك) ضد النيابة العامة إذ جاء بهذا القرار: " إن الفقرة الأولى من المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية لا تجيز الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالحبس المؤقت لذلك يجب القضاء بعدم قبول الطعن المرفوع من طرف المتهم ضد قرار رفض طلبه الإفراج"[94].
و من خلال ما سبق يتبين لنا أن غرفة الاتهام هي الجهة المختصة بالقيام بالرقابة القضائية على شرعية الحبس المؤقت رغم مناداة بعض القضاة بإعطاء المحكمة العليا حق الرقابة على شرعية هذا الإجراء لمزيد من الضمانات من أجل الحد من اللجوء إليه دون مبرر جدي, و يكمن ذلك بتمكين كل من المتهم و النيابة العامة من الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالحبس المؤقت.
و رغم محاولة قضاة التحقيق من أجل عدم اللجوء إلى الحبس المؤقت بصفة آلية, فإنه لا يمكن تفادي نشوء حالات صدور أمر بألا وجه للمتابعة أو حكم بالبراءة بعد ما كان المتهم رهن الحبس المؤقت, و هنا تثور مسألة التعويض عن الحبس المؤقت التي سنتعرض إليها في المطلب الموالي.

look/images/icons/i1.gif الحبس المؤقت وفق القانون الجزائري
  05-05-2018 11:22 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1154
المشاركات : 316
الجنس :
قوة السمعة : 180
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص
خاتمة
المشرع الجزائري أكد على الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت من خلال اعتباره آخر إجراء يمكن اللجوء إليه، كما أنه قلص من مدد الحبس المؤقت، بالإضافة إلى ذلك قلص من صلاحية النيابة العامة في إيداع المتهم الحبس المؤقت، طبعا جميع هذه التعديلات تصب في مصلحة المتهم، وتعتبر بمثابة تدعيم لقرينة البراءة، إلا أنه ومع ذلك وسع من الحالات التي يمكن لقاضي التحقيق اللجوء بصددها لإجراء الحبس المؤقت، لذا كان ينبغي على المشرع التنبه لهذه المسألة والتقليص من هذه الحالات.


[1] ابن المنظور, لسان العرب , الجزء الأول, دار المتب العلمية, الطبعة الأولى , بيروت – لبنان سنة 1993, ص 223.
[2] ابن القيم الجوزية , الطرق الحكمية في السياسة الشرعية , مطبعة الإتحاد , دمشق – 1372هـ , ص 148.
[3] د. لخضر بوكحيل, الحبس الإحتياطي و المراقبة القضائية في التشريع الجزائري و المقارن, د.م.ج – الجزائر 1992, ص 5
[4] عبد الفتاح مراد , التحقيق الجنائي التطبيقي , المكتبات الكبرى – القاهرة 1995 , ص 419.
[5] د. أحمد فتحي بهنسي , العقوبة في الفقه الإسلامي , الطبعة الخامسة , دار الشروق 1983 , ص4
[6] د. عبد الله أوهايبية , شرح قانون الإجراءات الجزائية , طبع في 2003 – دار هومة , الجزائر.
[7] د. أحمد فتحي سرور, الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية, الطبعة السادسة, دار النهضة العربية , القاهرة, 1985, ص 123.
[8] د. ابراهيم حامد الطنطاوي , الحبس الإحتياطي , دراسة لنصوص التشريع المصري و الفرنسي و بعض التشريعات العربية.
[9] د. محمد محدة , ضمانات المتهم أثناء التحقيق , الجزء الثالث , الطبعة الأولى , 1991 – 1992 , دار الهدى – الجزائر.
[10] د. عبد العزيز السعد , إجراءات الحبس الإحتياطي و الإفراج المؤقت , المؤسسة الوطنية للكتاب , 1985 , ص 13 – 14.
[11] د. أحسن بوسقيعة , التحقيق القضائي , الطبعة الثانية ملقحة و متممة في ضوء قانون 26 يونيو 2001 , ص 135.
[12] leclerc ( f ) : la détention préventive en suisse . REV de SC crim et de droit pénal comparé 1975 p 63
[13]Roger Merle - A - vitre : traite de droit criminel - p.p . dalloz paris 3 ed 79 p 369
[14]Raymond Charles , liberté et détention , commentaire de la loi du 17 /07/70 p 07
[15] المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي و تقابلها المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
[16]د . محمد زكي أبو عامر : الإثبات في المواد الجنائية , محاولة فقهية وعلمية لإرساء نظرية عامة الفنية للطباعة والنشر , ص 52-53 .
[17] د سليمان بارش: شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري , دار الشهاب باتنة , الجزائر 1986 ص 32-33.
[18] مثاله: نص المادة 9 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789, المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 , نص الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950 .
[19] سورة الإسراء الآية 15
[20] د . أحمد فتحي سرور , المرجع السابق , ص 44 , 45 .
[21] Stefanie et Levasseur , droit pénal général et procédure , 9eme edition , tome 2 procédure pénale , Dalloz , paris 1975 .
[22] د ابراهيم حامد الطنطاوي , المرجع السابق , ص 7
[23] د ابراهيم حامد الطنطاوي , المرجع السابق , ص8.
[24] د . أحمد فتحي سرور , المرجع السابق.
[25] د . الأخضر بوكحيل , المرجع السابق ص 74.
[26] GARRAUD : OP cit T III P 128
[27] الردع الخاص : منع المجرم من العودة إلى إريكاب الجريمة مرة أخرى وذلك من خلال تقويم سلوك الجاني.
الردع العام : يتحقق من خلال ردع غير الجاني وإثنائه عن محاولة تقليد المجرم وهذا من خلال ما تحدثه العقوبة على الجاني من أثر في نفسية غيـره .
[28] انظر المواد 5, 6, 9 من قانون العقوبات.
[29] د . إبراهيم حامد الطنطاوي , المرجع السابق ص 09 - 10
[31] د عبد العزيز سعـد , المرجـع السابـق ص 21 - 22 .
[32] د .ا لأخضر بوكحيل , المرجع السابق ص 13 .
[33] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق ص 19 .
[34] د . إبراهيم حامد الطنطاوي , المرجع السابق ص 30 - 31 .
[35] جيلالـي بغـدادي , التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية , الطبعة الأولى , الديوان الوطني للأشغال التربويـة 1999 ص 45 .
[36] جيلا لي بغـدادي , المرجـع السابـق ص 46
[37] د. رؤوف عبيد, مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري, الطبعة السابعة عشر , دار الجبل للطباعة , مصر 1989, ص 476
[38] د. بوكحيل الأخضر, المرجع السابق, 82-83
[39] د. بو كحيل الأخضر , المرجع السابق, ص 84.
[40] Pierre Chambon , le juge d'instruction , théorie et pratique de la procédure , 4eme édition Dalloz delta , paris , 1997 p 250 .
د. بو كحيل الأخضر , المرجع السابق, ص 88-89-90-91-92. [41]
[42] أ. علي بولحية بن بو خميس, بدائل الحبس المؤقت , طبعة 2004, دار الهدى , الجزائر, ص 19.
[43] هل قصد الفمشرع بالأفعال جد خطيرة جنايات أم جنح أم أنه يقصد خطورة مرتكبها و سلوكه الإجرامي.
[44] د. احمد فتحي سرور, شرعية الإجراءات الجنائية, طبعة 1977
[45] أ. علي بولحية بن بوخميس , المرجع السابق.
[46] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 72.
[47] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 136.
[48] د. معراج جديدي , الوجيز في شرح الإجراءات الجزائية مع التعديلات الجديدة, 2002 , ص 104.
[49] المجلة الق(ضائية, عدد خاص 2002, مقال فاتح التيجاني بعنوان: الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت.
[50] د. أحسن بوسقيعة, المرجع السابق, ص 100-101.
[51] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 102
[52] د. معراج جديدي , المرجع السابق , ص 26.
[53] د. احمد شوقي الشلقاني , شرح قانون الإجراءات الجزائية, د.م.ج, ص 272.
[54] د. عبد العزيز سعد , المرجع السابق , ص 28-29.
[55] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق, ص 195-196
[56] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 197.
[57] د. محمد محده , المرجع السابق , ص 420..
[58] د. عبد العزيز سعد , المرجع السابق , ص 29..
[59] د. عبد العزيز سعد , المرجع السابق , ص 30..
[60] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 197.
[61] د. عبد العزيز سعد , المرجع السابق , ص 30-31.
[62] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 198.
[63] د. عبد العزيز سعد , المرجع السابق , ص 122-123.
[64] أحمد لعور و نبيل صقر, قانون الإجراءات الجزائية المكملة في القوانين العامة و القوانين الخاصة, دار الهلال للخدمة الإعلامية, طبعة 2004, ص 555.
[65] د. عبد العزيز سعد نفس المرجع , ص 120.
[66] د. عبد الغزيز سعد , المرجع السابق , ص 18-19.
[67] د. محمد محده , المرجع السابق , ص 417.
[68] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 201.
[69] د. محمد محدة , المرجع السابق , ص 423-424.
[70] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 138.
[71] د. أحسن بوسقيعة, المرجع السابق, ص 140.
[72] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 140-141.
[73] د. أحسن بوسقيعة, المرجع السابق, ص 142.
[74] المجلة القضائية , العدد الثاني 2001 , المحكمة العليا , قسم الوثائق.
[75] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 144.
[76] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص144-145 .
[77] د. أحسن بوسقيعة , 86 غ.ج , 13 ديسمبر 1983 , ملف 36081 , بغدادي جيلالي , المرجع السابق , ص 32.
[78] 87 CRIM , 16-11-1982 , N°261: 04-01-1984, IBID N°3, 03-06-1985, IBID 256.
[79] د. أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص 145.
[80] نصت المادة 179- 2 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي على أن أوامر التصرف التي يصدرها قاضي التحقيق عند الانتهاء من التحقيق تنهي الحبس المؤقت أو الرقابة القضائية.
[81] نصت المادة 147 و 148 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي على أنه ينتهي الحبس المؤقت بالإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا إما تلقائيا أو بطلب منه.
[82] نصت المادة 144 فقرة 2 و 179 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي على أنه يمكن أن يمتد الحبس المؤقت إلى غاية تاريخ المحاكمة بموجب أمر خاص و مسبب, لضمان حضور المتهم في جلسته و تنفيذه العقوبة.
[83] ذكر الدكتور أحسن بوسقيعة في مؤلفه " التحقيق القضائي " أنه:" و يختلف الأمر في القانون الفرنسي إذ نصت في المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها 2 و تقابلها المادة 165 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أن الحبس المؤقت ينتهي بانتهاء التحقيق ، غير أن نفس المادة أجازت في فقرتها الثالثة لقاضي التحقيق الأمر استثنائيا ببقاء المتهم رهن الحبس المؤقت إلى غاية مثوله أمام المحكمة وذلك بأمر مسبب ، وتضيف الفقرة 4 من نفس المادة أن الأمر بالحبس المؤقت المذكور يسري لمدة شهرين فحسب ، ومن ثم يفرج عن المتهم فورا عند بلوغ هذا الأجل ما لم تقض المحكمة عند مثول المتهم أمامها بخلاف ذلك ".
[84] تتكلم المادة 166 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية في النص العربي على أمر الضبط أو القبض ، و الأصح هو أمر القبض او الإيداع كما ورد ذلك في النص باللغة الفرنسية Mandat d’arrêt ou de dépôt وهو الأصل في الواقع.
[85] حدد المشرع الفرنسي بموجب قانون 30/12/1996 الحد الأقصى للحبس المؤقت في الجنايات بسنة ، ويجوز تمديده حسب طبيعة الجريمة إلى سنتين .
[86] د. محمد لعساكر , ملخص محاضرات , ص 82.
[87] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 261.
[88] المادة 29 و 33 من قانون الإجراءات الجزائية.
[89] المادة 30 من قانون الإجراءات الجزائية.
[90] المجلة القضائية , العدد الثاني , 2002 , المتضمنة الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت في التطبيق القضائي , ص 47.
[91] جيلالي بغدادي, المرجع السابق , ص 221
[92] د. الأخضر بوكحيل , المرجع السابق , ص 265 – 266.
[93] المجلة القضائية , العدد الثاني 2002 , ص 48.
[94] جيلالي بغدادي , الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية , الجزء الأول , ص 295.

look/images/icons/i1.gif الحبس المؤقت وفق القانون الجزائري
  22-05-2018 01:08 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 14-01-2012
رقم العضوية : 1
المشاركات : 850
الدولة : الجــــزائر
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 570
موقعي : زيارة موقعي
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب
موضوع مهم شكرا لك علي المساهمة

look/images/icons/i1.gif الحبس المؤقت وفق القانون الجزائري
  28-05-2021 11:32 صباحاً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2017
رقم العضوية : 15085
المشاركات : 115
الجنس :
الدعوات : 3
قوة السمعة : 10
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص
الحبس المؤقت وفق القانون الجزائري موضوع و بحث مهم شكرا لك

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الحبس ، المؤقت ، وفق ، القانون ، الجزائري ،









الساعة الآن 01:32 PM