شرح الحراسة القضائية وأسبابها
في القانون الجزائري.
أنواع الحراسة.
الحراسة الاتفاقية
الحراسة القضائية
الحراسة الإلزامية
الجهة المختصة في البث في موضوع الحراسة.
الجهة المختصة في رفع الحراسة
الحراسة وبعض العقود المشابهة
الحراسة والوديعة
الحراسة والوكالة
خاتمة.
مداخلة السيد : بكير كامل رئيس محكمة قسنطينة.
مقدمة :
لقد نظم المشرع الجزائري الحراسة القضائية بموجب التقنين المدني الصادر بموجب الأمر رقم 75- 58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق ل 1975/09/26 المتضمن القانون المدني الجزائري وكذا بموجب القانون رقم 09/08 المؤرخ في 18 صغر عام 1429 الموافق ل02/25/ 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
إذ رتبها من خلاله التقنين المدني الجزائري انطلاقا من نص المادة 602 إلى غاية نص المادة 611 منه.
كما رتبها من خلال أحكام ق ا م ا انطلاقا من نص المادة 697 إلى غاية نص المادة 699 فقرة 01- 02 وهي المواد التي تنص على الإجراءات الواجبة الإتباع في حراسة الأموال المحجوزة بالإضافة إلى بعض المواد المتفرقة الواردة بذات القانون مع الاشارة إلى أن النص الفرنسي ورد تحت مصطلح LESEQUESTRE بالنسبة للقانون المدني وتحت مصطلح LE GARDIENNAGE بالنسبة لقانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وأنه بالرجوع إلى أحكام القانونين المشار إليهما فان المشرع الجزائري لم يعط مفهوما محددا ولم يقدم تعريفا محكما لمفهوم مصطلح الحراسة واكتفى في ذلك بالإشارة فقط الى الحراسة الاتفاقية بين أطراف الخصومة وجوازية تدخل القضاء والامر بالحراسة وذلك من خلال نصي المادتين 602-603 من القانون المدني.
إذ تنص المادة 602 من القانون المدني بقولها :
" الحراسة الاتفاقية هو إيداع شيء متنازع فيه من طرف شخص أو عدة أشخاص بين أيدي شخص آخر يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق فيه ".
وتنص المادة 603 من نات القانون بقولها : " يجوز للقاضي أن يأمر الحراسة".
- أذا من خلال نص المادة 602- 603 من ق ٠م.ج يمكن نستخلص النقاط التالية:
وجود شيء متنازع فيه : وان المشرع الجزائري لم يقصر صفة المنازعة في العقار أو المنقول وان جاء بمفهوم العموم الأمر الذي يؤدي إلى احتمال ورود الحراسة على الأموال المنقولة وعلى الأموال العقارية على السواء.
1-إيداع ذات الشيء المتنازع حوله لدى الغير بموجب اتفاق أو بموجب حكم ويفهم من خلال ذلك أن هذا الغير يعد طرفا أجنبيا وحياديا عن الشيء المتنازع حوله، يتولى القيام بالمحافظة على المال المودع لديه وحراسته وذلك تنفيذا للاتفاق أو الحكم القائم بين الخصوم.
2-التزام هذا الغير برد الشيء المعهود له حراسته بعد انتهاء المنازعة وتسليمه للطرف الذي ثبت له الحق فيه.
إذا ومن خلال النقاط الثلاثة المشار إليها يمكن تعريف الحراسة بأنها: إجراء مسبق يتخذه الخصوم اتفاقا فيها بينهم أو بناء على أمر مض القضاء بتسليم الشيء المتنازع عليه إلى شخص ثالث أجنبي عنه يسمى حارسا يتولى حراسته تنفيذا لاتفاق القائم بين الخصوم أو الأمر الصادر عن الجهة القضائية المختصة مع التزامه برده إلى الطرف الذي يثبت له الحق فيه.
انواع الحراسة :
1 الحر اسة الاتفاقية :
نستخلص من خلال نص المادة 602 ق م بان الحراسة الاتفاقية تخضع إلى الإرادة المنفردة لطرفي الخصومة وذلك بوضع الشيء المتنازع حوله فيما بينهما لدى شخص ثالث يتولى حراسة هذا الشيء والحفاظ علبه بناء على ما جاء بالاتفاق القائم فيما بينهما مع التزامه في كل الأحوال برد الشيء محل الحراسة بعد انتهاء النزاع إلى الطرف الذي يثبت له الحق في ذات الشيء.
كما نستخلص من نص المادة 602 من القانون المدني بان الحراسة مرهونة بقيام النزاع حول الشيء محل الحراسة وفي حالة عدم وجود النزاع فان الحراسة في هذه الحالة تصبح وديعة ( عقد الوديعة 590 وما بعدها مض القانون المدني) وان متولي الحراسة يصبح خاضعا للالتزامات المنصوص عليها بموجب أحكام المواد 531- 592 وما بعدها من القانون المدني.
مع الاشارة الى أن الحارس الاتفاقي المعهود اليه تولي حراسة الشيء المتنازع حوله قد يكون ذلك باجر أو بدون أجر.
2 الحراسة القضائية :
وهو الإجراء الذي يتولاه القضاء خلافا للحراسة الاتفاقية التي تخضع لسلطان إرادة طرفي النزاع ويتم تنفيذها احتكاما إلى الاتفاق القائم فيما بينهما.
فإذا كان الحارس القضائي يتولى عمل الحراسة في الحراسة الاتفاقية تنفيذا للاتفاق القائم بين طرفي النزاع فانه في الحالة الثانية ( الحراسة القضائية)
يتولى تنفيذ ما ورد بالأمر القضائي الصادر عن الجهة القضائية دون سواها مع الإشارة إلى أن الأمر القاضي بالحراسة يتولى تحديد مهام الحارس القضائي بصفة دقيقة وأن القاضي الأمر بها هو من يتولى تحديد أتعاب الحارس القضائي إن كانت بمقابل فضلا عن تلقيه التقارير الدورية حول إجراء الحراسة والمداخيل او النفقات التي يكون الحارس القضائي قد حصلها او أنفقها على المال محل الحراسة.
لقد نصت المادة 603 بقولها : يجوز للقاضي أن يأمر بالحراسة.
وذلك لما :
1 إذا لم يتفق ذو الشأن على الحراسة.
2 إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمعت لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معها خطرا عاجلا من بقاء المال تحق يد حائزه.
3 في الأحوال الأخرى المنصوص عليها قانونا.
يفهم من خلال نعن المادة المشار إليها أعلاه أن القضاء يأمر بالحراسة القضائية بمجرد طلبها من قبل احد أطراف النزاع ذلك ان طلبها يفيد ضمنيا انه لا يوجد أي اتفاق بين طرفي النزاع وأن على القاضي في هذه الحالة أن يتولى التأكد من قيام عناصر الحراسة والامر بها حفاظا على سلامه الشيء المتنازع حوله وذلك بوضعه بين أيادي أمنة وتتولى تنفيذ النقاط القانونية المحدد بموجب الامر القاضي بالحراسة.
الا أن ما تجد الاشارة اليه أن الحارس القضائي في هذه الحالة قد يكون الطرفان المتخاصمان متفقين حوله او أن القاضي المختص يتولى بحسب سلطته التقديرية البث في موضوع الحراسة وتعيين حارس قضائي يراه ملائما وذلك بحسب طبيعة المال موضوع الحراسة.
3 الحر اسة الالزامية :
وهي الحراسة التي يتخذها المحضر القضائي عند قيامه بإجراءات الحجوز التنفيذية سواء على العقارات أو المنقولات وهي الحراسة المحددة بموجب أحكام ق .ا. م .ا ابتداء من نص المادة 697 الى غاية نص المادة 699.
اذ تنعن المادة 697 على أن المحضر القضائي بعد عملية الحجز يتولى تعيين المحجوز عليه حارسا على الأموال المحجوزة وعلى ثمارها إذا كانت في مسكنه أو في محله التجاري..... .ويتولى المحضر القضائي تعيين المحجوز عليه حارسا على الأموال المحجوزة ولا يعتد برفضه أما أذا كان غائبا فيتولى تعيين الطرف الحاجز حارسا عليها مؤقتا للمحافظة على الأموال المحجوزة وبعدها يتولى المحضر القضائي رفع الآمر فورا الى السيد رئيس المحكمة ليتولى البث في موضوع الحراسة بناء على أمر على عريضة وان يعهد بحراسة المال المحجوز عليه اما الى طرف يختاره الحاجز او المحضر القضائي أو تعيين الحاجز او المحجوز عليه حارسا عليه.
وفي كل الاحوال يتولى الطرف الحارس التوقيع على محضر الجرد الذي يقوم به المحضر القضائي مع تسليمه نسخة منه... واذا كان غائبا أثناء عملية الحجز يتولى المحضر القضائي عملية الجرد بحضوره ويعتبر ذلك بمثابة تبليغ بداية الحراسة.
الجهة القضائية المختصة في البث في موضوع الحراسة :
يفهم من خلال أحكام ق ا م ا أن السيد رئيس المحكمة حيث تواجد المال المتنازع حوله هو صاحب الاختصاص الأصيل في الأمر بالحراسة القضائية وذلك استنادا الى نصوص المواد 299- 697- 699 من ق ٠ا.م.ا و هي المواد التي تمنح الاختصاص لرئيس الجهة القضائية على اعتبار أنها مش بين التدابير الواجبة الاتخاذ بشان المال المتنازع عليه فضلا عن اكتساء ذات الاجراء الطابع الاستعجالي وفقا لنص المادة 299 من ق ٠ا.م.ا وذلك بقولها :
في جميع أحوال الاستعجال واذا اقتضى الأمر الفصل في اجراء متعلق بالحراسة القضائية أو باي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة يتم عرض القضية بعريضة افتتاحية امام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصاها الاشكال او التدبير المطلوب وينادي عليها في أقرب جلسة. ويستخلص من خلال احكام المواد المشار اليها أعلاه أن اجراء الحراسة يكون على صورتين :
اما بموجب دعوى استعجالية : وفقا لنص المادة 299 من ق ٠ا.م.ا.
او بناء على أمر على عريضة في حالة الحراسة الإلزامية المشار اليها اعلاه.
مبدئيا أن الجهة المختصة في البث في اجراء الحراسة القضائية هي الجهة المختصة دائما في رفعها أي ان السيد رئيس المحكمة هو صاحب الاختصاص المانع في اجراء الحراسة القضائية حسبما تمت الاشارة سلفا ويبقى وحده صاحب الاختصاص المانع في رفعها ويتم ذلك بالصورة التالية :
01) الحالة الأولى :
بطلب من الخصوم يجوز للخصوم المتنازعة حول المال محل الحراسة أن يتقدموا بعريضة امام السيد رئيس المحكمة طالبين انهاء الحراسة القضائية لعدم جدوى الابقاء عليها وذلك عند انتهاء النزاع حول المال المتنازع بشأنه سواء بحكم قضائي او بالصلح الاتفاقي أو بأية صورة كانت بينهم من خلالها انهاء النزاع وعدم جدوى الابقاء على اجراء الحراسة القضائية.
02 الحالة الثانية :
حالة طلب استرداد الاموال المحجوزة.
وهي الحالة التي نصت عليها المادة 716 ق .ا م .ا وذلك بقولها : اذا ادعى الغير ملكية منقولات محجوزة وقام برفع دعوى استردادها يوقف البيع وجوبا من قبل المحضر القضائي أو محافظ البيع ٠ وتنص المادة 717 من ق ٠ا.ا على أن ترفع دعوى الاسترداد المشار اليها اعلاه امام قاضي الاستعجال ضد الدائن الحاجز والمحجوز عليه بحضور المحضر القضائي أو محافظ البيه وتشمل العريضة على بيان واف لسندات الملكية وترفق بالوثائق المؤيدة لها. وانه يقع على قاضي الاستعجال الفصل في ذلك خلال اجل اقصاه (15 يوما) باسترداد المنقولات المحجوزة ورفع الحجز او رفع طلب الاسترداد ومواصلة التنفيذ.
وفي هذه الحالة فان قاضي الأمور المستعجلة عند نظر الدعوى وبسببها اذا تبين له ان المال موضوع الحجز الموضوع قيد الحراسة القضائية فله ان يأمر عند الامر برفع الحجز رفع اجراء الحراسة القضائية كذلك كونها اصبحت بدون موضوع.
3 الحالة الثالثة :
حالة رفع دعوى استحقاق العقار موضوع البيع مزادا.
وهي الحالة التي نصت عليها المادة 772 من ق ا.م .ا بقولها : يجوز لحائز عقار بسند ملكية
يجوز للغير الحائز لسند مليكة طلب بطلان اجراءات الحجز مع طلب استحقاقا العقار المحجوز كله أو بعضه.... وذلك بدعوى استعجالية ترفع ضد الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه بحضور المحضر القضائي.
ويتولى رئيس المحكمة الفصل في الدعوى خلال أجل أقصاه ( 30 يوما)
من تاريخ تسجيل الدعوى فغي هذه الحالة فان تراءى للسيد رئيس المحكمة بان العقار محل الحجز الموضوع للبيع مزادا ثابتة ملكيته بسند لفائدة المدعي فله أن يأمر بوقف البيع مع التصريح باستحقاق العقار موضوع البيع لفائدة المدعي وان كان ذات العقار موضوعا قيد الحراسة القضائية فله أن يأمر كذلك برفع الحراسة لعدم جوازها وتعارضها مع واقعة الاستحقاق ( ملكية العقار للغير).
ملاحظة :
هذه الحالة تتعلق أصلا بحالة الحجز على العقارات غير المشهرة وبيها مزادا وفقا لنص المادة 766 من ق. ام .ا وهي الحالة التي يجوز فيها للسيد رئيس المحكمة بصفته قاضي الامور المستعجلة البث في مضمون الحق على غرار نص المادة 194 من القانون التجاري عند الامر بتعيين خبير يتولى تقدير تعوي3ش الاستحقاق.
الحراسة وبعض العقود المشابهة :
01 / الحراسة والوديعة : الحراسة ليسق الا صورة خاصة من صور الوديعة، وهي الصورة الاعم انتشارا والاكثر وقوعا في العمل.
على أن هناك فروقا بين الحراسة والوديعة العادية أهمها ما يأتي :
أ- الحراسة :
1- الحراسة في الاصل تكون في الاشياء المتنازع عليها .
2- الحراسة تكون اتفاقية أو القضائية هى الغني يغلب وقوعها في العمل.
3- يغلب ان تقع الحراسة على العقار وان كان يجوز وقوعها على المنقول.
4- الحراسة تكون في الاصل بأجر مجز وان صح أن تكون بغير اجر.
5- في الحراسة يكلف الحارس بادارة المال الموضوع تحت حراسته.
6 -في الحراسة يلتزم الحارس في الاصل بالاستمرار في الحراسة الى أن تنتهي.
7- في الحراسة يرد الحارس المال لمن ينبثق له الحق فيه وهو غير معروف عند بدء الحراسة.
ب- الوديعة :
-1بخلاف الحراسة.
-2أما الوديعة فلا تكون الا اتفاقية اذ ان مصردها العقد.
-3اما الوديعة فيغلب وقوعها على المنقول و ان كان يجوز وقوعها على العقار.
-4اما الوديعة فتكون في الاصل بغير اجر وان صح ان تكون باجرزهيد.
-5اما في الوديعة فيقتصر المودع عنده على حفظ المال دون ادارته وان كان يصح ان يؤذن له في استعماله.
6- اما في الوديعة فيجوز في الاصل ان يرد المودع عنده الوديعة قبل انتهاء العقد الا اذا حدد للوديعة سبق بيانه.
7- اما في الوديعة فيرد المودع عنده المال الى المودع بمجرد ان يطلبه هذا الاخير الا اذا حدد للوديعة الذى سبق بيانه.
02 / الحراسة و الوكالة : تتميز كذلك عن الوكالة فروق اهمها ما يأتي :
أ - الحراسة :
1-في الحراسة يقوم الحارس بإدارة المال وليس له في الاصل ان يتصرف فيه.
2-وحتى اذا اقتصرت الوكالة على الادارة فالأصل في الحراسة ان يحفظ الحارس المال وادارته له تأتى تبعا للحفظ.
3-في الحراسة يتقاضى الحارس في الاصل اجرا مجزيا ومن ثم تكون الحراسة غالبا من عقود المضاربة.
4-واذا تقاضى كل من الحارس والوكيل اجرا فأجر الحارس لا يجوز تعديله.
5- الحارس في بدء الحراسة لا يعلم لمن يرد المال اذ هو ملتزم برده لمن يثبت له الحق فيه.
6- لا تنتهي الحراسة بموت من يثبت له الحق في المال بل تحل ورثته محله.
ب- الوكالة :
1- اما في الوكالة فالوكيل قد يوكل في الادارة وقد يوكل في التصرف وفي التبرع وفي سائر التصرفات القانونية.
2- اما في الوكالة فالأصل ان يدير الوكيل المال وحفظه اياه يأتي تبعا لإدارة.
3- اما في الوكالة فالأصل الا يتقاضى الوكيل اجيرا او يتقاضى اجرا لا يقصد من ورائه الربح فالوكالة ليست من عقود المضاربة.
4- أما اجر الوكيل فيجوز انقاصه او زيادته.
5- اما الوكيل فيعلم منذ البداية انه ملزم برد المال للموكل.
6- وتنتهي الوكالة في الاصل بموت الموكل.
خاتمة :
هذه بصورة موجزة أهم النقاط المتعقلة بالحراسة القضائية موضوع مداخلتنا هاته والتي جاء بها المشرع الجزائري وفقا لإحكام القانون المدني وكنا قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
ويبقى التساؤل مطروحا حول مصطلح النعي الفرنسي و مدى تماشي أي من المصطلحين مع مفهوم الحراسة القضائية وما العبرة من استعمال المشرع مصطلح GARDIENNAG في قانون الإجراءات المدنية والإدارية بدلا من مصطلح LE SEQUESTRE طالما أن هذا الأخير يعتبر الأقرب إلى المفهوم القانوني للحراسة القضائية.