مسؤولا عن فعله الشخصي عدم وجود مسؤول عن عديم التمييز
تعذر الحصول على تعوض من المسؤول عن عديم التمييز
مقدمة
لقد أغفل المشرع الجزائري عن ذكر مسؤولية عديم التمييز فلم يخصص له أي مادة تتكلم عن مسؤوليته بعد تعديله في 2005 حيث تتكلم فقط عن مسؤولية المميز في نص المادة 125 ق٠م٠ج على عكس المشرع المصري الذي نص صراحة على مسؤولية عديم التمييز في نص المادة 164 الفقرة الثانية من ق٠م٠م التي تنص على ما يلي: "...إذا وقع الضرر من شخص غير مميز ولم يكن هناك من هو مسؤول عنه أو تعذر الحصول على تعويض من المسؤول، جاز للقاضي أن يلزم من وقع منه الضرر بتعويض عادل مراعيا في ذلك مركز الخصم.
" وحسب هده المادة فإن حالات مسؤولية عديم التمييز تتمثل في :
عدم وجود مسؤول عن عديم التمييز :
الأصل أن يكون عديم التمييز موكولا إلى رعاية شخص يكفله فالصغير غير المميز يكون عادة في كفالة أبيه أو أمه أو جده أو أحد أقاربه، والمجنون يكون عادة في كفالة أحد من هؤلاء أو في كفالة أحد المستشفيات المعدة لعلاج الأمراض العقلية ، فمتولي الرقابة على غير المميز هو المسؤول عما يحدثه هذا الأخير من ضرر، فإن وجد كان هو المسؤول وحده نحوى المضرور و رجع المضرور عليه بالتعويص كاملا، أما إذا لم يجد فعندئذ يرجع المضرور بالتعويص على عديم التمييز نفسه ، إلى أن مسؤوليته في هذه الحالة استثنائية كما أنها مسؤولية مشروطة، أي أنه لا يوجد من يقوم على رعايته ورقابته كالأب أو من يقوم مقامه، كما أنها مسؤولية جوازيه فللقاضي أن يقضي بها ، وله أن يقرر عدم مسؤولية القاصر عديم التمييز خاصة إذا كان فقير لا مال عنده والمضرور في سعة من العيش، كما أنها مسؤولية احتياطية أي أن القاضي حالة عدم وجود شخص يمكن الرجوع عليه
كما أن مسؤولية عديم التمييز في هذه الحالة مسؤولية مخففة فهو لا يكون مسؤولا حتما عن تعويض ما أحدثه من ضرر تعويضا كاملا، ذلك لأن مسؤوليته لا تقوم على الخطأ بل تقوم على تحمل التبعة ، والقاضي يرعي في تقديره للتعويض مركز الخصوم من الغنى والفقر، فهو يقضي بتعويض كاملت إذا كان عديم التمييز موفور الثراء وكان المضرور فقير معدما واصيب بضرر جسيم بسبب العمل الذي صدر من عديم التمييز .
كما للقاضي أن يقضي ببعض التعويض إذا كان عديم التمييز ميسر العيش من غير وفر وكان المضرور بحاجة إلى التعويض وجب على القاضي في هذه الحالة أن يرق لعديم التمييز من ماله ما يكفيه للنفقة على نفسه، وقد لا يقضي بالتعويض أصلا لأن الحكم بالتعويض في هذه الحالة جو٠ازي وليس وجوبي إذا كان عديم التمييز فقير معدما خاصة إذا كان المضرور غنيا<sup>.</sup>
تعذر الحصول على تعوض من المسؤول عن عديم التمييز :
وتتحقق هذه الحالة إما لعدم تحقق مسؤولية متولي الرقابة، وإما باستحالة الحصول على التعويض من متولي الرقابة
في حالة عدم تحقق مسؤولية متولي الرقابة :
بما أن مسؤولية متولي الرقابة تقوم على أساس الخطأ المفترض افتراضا قابل لإثبات العكس، حيث بإمكان متولي الرقابة التخلص منها إذا أقام الدليل على أنه بذل ما كان ينبغي عليه بذله من واجب الرقابة وأنه قام بواجب التربية والرعاية الازمة ، إلى جانب هذا يمكن لمتولي الرقابة نفي علاقه السببية بين الخطأ المفترض من جانبه والضرر الذي لحق المضرور ، أي أن وقوع الضرر لا علاقه له بالخطأ المفرض من جانبه بل وقع لسبب أجنبي لا يد له فيه، أي غير متوقع سواء كان حادث فجائي أو قوة قاهرة أو عمل الغير، ففي هذه الحالة فإن الضرر الذي أصاب المضرور كان لابد من وقوعه حتي ولو اتخذ متولي الرقابة كلت الاحتياطات الازمه والمعقولة لمنعه، إلا أنه يجب على متولي الرقابة أن يقطع الصلة بين تقصير المفترض والضرر الذي أصاب المضرور .
أما إذا قام متولي الرقابة بخطأ سابق الذي حصل والذي لولاه لما حصل الضرر كسوء تربية الابن القاصر عديم التمييز فإنه في هذه الحالة يكون متولي الرقابة مسؤولا، وهذا ما قضت به محكمه النقص المصرية في هذه القضية : أن معلما بإحدى المدارس كان قد كلف تلميذا عمره سبع سنوات بمراقبة التلاميذ وكتابة اسم من يحدث ضجه منهم، فلما كتب اسم أحد التلاميذ تغيظ هذا منه وقذفه بسن ريشة أفقدت عينه اليمنى الإبصار، فقررت المحكمة مسؤولية المعلم ولا يجديه دفع المسؤولية عنه.
- ففي هذه الحالة هناك خطأ سابق على وقوع الحادث حين عهد للطفل الصغير بمراقبه التلاميذ في حالة :
استحالة الحصول على تعوض من متولي الرقابة :
إن المشرع حمايه للمضرور في التعويض و رعاية لمصلحته قرر مسؤولية محدث الضرر حتى ولو كان عديم التمييز لكنها مسؤولية استثنائية واحتياطية لأنه في الأصل ليس مسؤولا فهو في رقابة شخص آخر الذي يكون مسؤولا عنه، لأنه يكون من القسوة فيها ألا يعوض عديم التمييز إذا كان واسع الثراء .
ملاحضة
الفقه الاسلامي أقر بمسؤولية عديم التمييز واعتبره مسؤولا مسؤولية أصلية عن فعله الشخصي الذي ارتكبه حتى لا يسأل شخص آخر عن ضرر لا يد له في إحداثه ، ومن ثم فكل إنسان مسؤول عن عمله وخطئه الشخصي وعليه وحده يقع عبئ هذه المسؤولية وتحمل آثارها ونتائجها، لذلك نجد أن جمهور الفقه الإسلامي قد ذهب إلى القول بمسؤولية القاصر عما يصدر عنه من أفعال تسبب ضرر للغير ولا تقع أية مسؤولية على متولي الرقابة في هذه الحالة إلا على سبيل الاستثناء، كما لو قام القاصر عديم التمييز بهذا العمل بناء على أمر أو تسليط من الأب .
إذن القاصر يسأل مسؤولية مدنية كاملة جراء الضرر الذي يوقعه في الغير سواء كان مميز أو غير مميز على اعتبار أقه يتمتع بالصفة الإنسانية التي تعتبر الأساس الذي ينبني عليه وجود الذمة ولا يلزم الولي أو الوصي بدفع التعويض من ماله الخاص، انطلاقا من شخصية المسؤولية التي أثبتها القرآن الكريم كمبدأ ينفي إدانة الغير بذنب أو ضرر قام به الاخرون تطبيقا لعدالة السامية.
خاتمة
ما يمكن استخلاصه في الأخير هو أن المشرع الجزائري لم يتعرض أصلا للحالات التي يكون عديم التمييز مسؤولا بل اكتفى بنص المادة 125 ق.م،ج التي تقر فقط بمسؤوليه القاصر المميز أي يجب أن يتوفر التمييز في الشخص حتى يكون مسؤولا .
تم تحرير الموضوع بواسطة :Harrir Abdelghani
بتاريخ:06-06-2018 02:07 صباحاً