logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





23-06-2018 04:00 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-12-2014
رقم العضوية : 1381
المشاركات : 199
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 50
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

حجية الكتابة الالكترونية في القانون الجزائري
هل تعد الكتابة الالكترونية عقد رسمي؟

المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري على أنه :
"يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق، بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها".

لقد أسس المشرع من خلال هذا النص مبدأ التعادل الوظيفي L'équivalent fonctionnel بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الدعامة الورقية.
غير أنه لم يأخذ به على إطلاقه بل قيده بشرطين هما :
- إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي صدرت عنه هذه الكتابة.
- أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها.

الفقرة الأولى من المادة 323 مكرر 1 : مبدأ التعادل الوظيفي بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الورق.
لقد اعترفت المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني بالكتابة الإلكترونية في إثبات التصرفات والعقود من جهة، وجعلتها معادلة في حجيتها للوثيقة المخطوطة على دعامة ورقية، أي لهما نفس الأثر والفعالية من حيث حجية وصحة الإثبات، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد حول نوع الكتابة التي يمكن أن تعادل في حجيتها الكتابة في الشكل الإلكتروني؟، وبعنى آخر هل يمكن إثبات التصرفات والعقود التي يتطلب القانون في إثباتها الكتابة الرسمية بالكتابة في الشكل الإلكتروني؟.

إن موقع المادة 323 مكرر من القانون المدني المقابلة لنص المادة 1316-1 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بتعريف الكتابة الواردة ضمن الباب المخصص بإثبات الإلتزام وتحديدا في الفصل الأول الخاص بالإثبات بالكتابة قد أثار جدلا فقهيا، خاصة في فرنسا عما إذا كانت الكتابة في صورتها الحديثة في الشكل الإلكتروني، تعادل في حجيتها حجية الكتابة الرسمية، وبالتالي يمكن من خلالها إثبات عكس التصرفات والعقود المثبتة بكتابة رسمية.

فقد انقسم الفقه حول هذه المسألة إلى فريقين، ذهب جانب منه في تفسير أحكام هذه المادة إلى أن نطاقها يتسع ليشمل الكتابة التي تكون في الشكل الرسمي، نظرا لعمومية تعريف الكتابة الواردة بنص المـادة 1316 من القانون المدني الفرنسي، المقابلة للمادة 323 مكرر من القانون المدني، وموقعها ضمن قواعد الإثبات في مقدمة الفصل الخاص بالإثبات بالكتابة من جهة أخرى، وبالتالي بإمكانها معادلة الكتابة الرسمية في الإثـبـات.

بينما ذهب الفريق الثاني للقول بأن هذا التدخل التشريعي يجب أن يحصر مجال إعماله في العقود العرفية، وبالتالي فإن الكتابة التي تكون في الشكل الإلكتروني لا يمكن لها أن تكون إلا عرفية، كون المشرع أراد حماية رضا المتعاقدين لما اشترط إثبات بعض العقود بالكتابة الرسمية التي يشترط لصحتها حضور الضابط العمومي وتوقيعها، وهذا الأخير هو الذي يمنحها رسميتها، والذي لا يمكن حضوره إذا ما تعلق الأمر بالكتابة في الشكل الإلكتروني .

وإننا نميل إلى الرأي الثاني في عدم قابلية إثبات التصرفات والعقود التي يشترط فيها المشرع لإثباتها الكتابة الرسمية، كون المادة 324 منالقانون المدني تشترط حضور الضابط العمومي والحضور المادي لأطراف العقد أمامه لصحته، ويقول في هذا الشأن الأستاذ العياري " في الحقيقة يعود هذا الإحتراز إلى أن المشرع مازال محتفظا ببعض الخشية إزاء هذه المعاملات ولا يروم ضمن منظومة لم تستكمل بعد فترة التجربة" ، وتطبيقا لذلك فإن الأحكام المتعلقة بالكتابة العرفية هي التي تطبق على الكتابة التي تكون في الشكل الإلكتروني، لذا يمكن إثبات العقود والتصرفات القانونية التيتفوق قيمتها مائة ألف دينار بالكتابة المبرمة في الشكل الإلكتروني، تطبيقا لنص المادة 333 من القانون المدني من جهة، ولا يمكن معارضة الكتابة في الشكل الإلكتروني بشهادة الشهود تطبيقا من جهة أخرى، غير أن اليمين الحاسمة قد تقوض الدليل الثابت بالكتابة في الشكل العرفي.

الفقرة الثانية من المادة 323 مكرر 1 : شروط قبول الكتابة في الشكل الإلكتروني كدليل إثبات.
وضع المشرع شرطين لقبول الكتابة في الشكل الالكتروني للإثبات، وهما، امكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها، وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها، وسبب وضع المشرع لهذين الشرطينيرجع الى طبيعة المحيط الذي تتم فيه المعاملات الإلكترونية كونه محيط إفتراضي وليس محسوس virtuel et dématérialisé،مما يفرض عوائق ناتجة عن طبيعة المحيط نفسه وهي :
- صعوبة التعرف على هوية الطرف الآخر في العلاقات العقدية.
- اصطدام استخراج الكتابة في الشكل الإلكتروني من ذاكرة الحامل ببعض العوائق التقنية.
- امكانية تعرض الكتابة الإلكترونية للتغيير من دون أن يترك هذا التبديل أثرا محسوسا.

وسنتطرق للشرطين المذكورين أعلاه فيما يلي :
أولا : إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها.
إن التعاقد الإلكتروني، لاسيما الذي يتم عن طريق الأنترنيت يثير مسألة هامة تتعلق بإمكانية تأكد المتعاقد من هوية المتعاقد معه، أي توثقه من أن الشخص الذي يخاطبه هو فعلا ذلك الذي قدم له إسمه وعنوان بريده الإلكتروني، وغير ذلك من المعلومات، وقد يمتد هذا الإشكال في حالة المنازعة حول حجية هذا العقد، فما الذي يضمن للقاضي أن الوثيقة الإلكترونية المقدمة له كدليل إثبات صادرة أو متعلقة بذلك الشخص أو ذاك، وتعد هذه الإشكاليات من بين أهم الإشكاليات التي تواجه العقود الالكترونية.
في هذا المجال حاول المختصين إيجاد بعض الحلول التقنية لهذه الإشكالية باستعمال وسائل تعريف الشخصية عبر كلمة السر أو الأرقام السرية، و كذا وسائل التشفير أو ما يعرف بوسيلة المفتاح العام والمفتاح الخاص، ووسائل التعريف البيولوجية للمستخدم، كبصمات الأصابع المنقولة رقميا أو تناظريا وسمات الصوت أو حدقات العين أو غيرها.
وهي وسائل أريد منها ضمان تأكيد الإتصال من جهة وإثبات هوية الشخص الذي أصدر الوثيقة الإلكترونية من جهة أخرى، لكن تأكد بعد تجربتها أن لكل منها ثغرات أمنية ولذلك تعد غير كافية.

وهذا ما استدعى اللجوء إلى فكرة الشخص الوسيط بالعلاقة العقدية أو ما يسمى سلطات الموثوقية Autorités de certification أو Prestataire de service de certification électronique وهي عبارة عن شركات ناشطة في ميدان خدمات التقنية تقدم شهادات تتضمن تأكيدا بأن الطلب أو الجواب قد صدر من الموقع المعني وتحدد تاريخ صدور الطلب أو الجواب، وحتى تضمن هذه الجهات تأكيد شخصية المخاطب، تستعمل تقنيات التعرف على الشخص بدءا بكلمة السر وانتهاء بتقنيات التشفير.

وقد أخذت معظم التشريعات التي اعترفت بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني في الإثبات بهذه الوسيلة للتأكد من هوية الشخص الذي صدر منه الإيجاب او القبول، ومنها القانون الفرنسي الذي أنشأ ما يسمى بهيئة خدمات التصديق prestataire
de service de certification ، وكذلك القانون التونسي الذي أنشأ ما يسمى بجهات المصادقة وسماها الوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية .

وبالرجوع إلى القانون الجزائري، نجده لم يحدد إلى يومنا هذا كيفيات تطبيق هذا الشرط المقرر بالمادة 323 مكرر من القانون المدني المتعلق بكيفيات التأكد من هوية الشخص الذي صدرت منه الكتابة في الشكل الإلكتروني أو الوثيقة الإلكترونية، وفي انتظار صدور المرسوم التنفيذي الذي يحدد كيفيات تطبيق هذه المادة، فإن تطبيقها يبقى معلقا، كونه يصعب على القاضي التثبت من هوية من صدرت عنه الكتابة، لذا يبقى إنشاء مثل هذه الهيئات أفضل حل لهذا المشكل في الوقت الحاضر .

ثانيا : أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها.
مع تطور التقنيات الإلكترونية وتحركها المستمر أصبح من الصعب ضمان الوجود المستمر للوسائط الإلكترونية اللازمة لقراءة السند الإلكتروني المنظم منذ مدة وفقا لتقنيات قديمة، كما أن السندات الإلكترونية هي عمليا معرضة للتلف بعد مدة، حتى ولو حفظت في شروط ملائمة وهنا وجه الإختلاف بين السند المادى والسند الإلكتروني، فالأول يمكن إعادة إنشاؤه من الأصل عند تغيب الورقة، بينما التغيب يمحي السند الإلكتروني كليا، فمشكلة الحفظ تساوى فيها السند الإلكتروني والسند الرسمي، ولذلك أوجب المشرع ضرورة حفظ الوثيقة الإلكترونية من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد الذين يتعاملون بها أو من كان لهم حقوق ثابتة بها.

ويمكن حفظ الوثيقة الإلكترونية على حامل إلكتروني، ويسمى الوسيط أيضا، وهو وسيلة قابلة لتخزين وحفظ واسترجاع المعلومات بطريقة إلكترونية كأن تحفظ في ذاكرة الحاسب الآلي نفسه في أسطواناته الصلبة Disques Durs أو على الموقع في شبكة الأنترنيت أو على شبكة داخلية تخص صاحب الشأن، وقد تتمثل في قرص مدمج CD-ROM أو قرص مرن Disquette informatique، أو قرص فيديو رقمي DVD .

وفي كل الأحوال يجب أن يكون الحامل الإلكتروني من الوسائط المتاحة حاليا أو التي يكشف عنها العلم مستقبلا، فنص المادة 323 مكرر يحتمل توسيع مجال الدعائم الإلكترونية ووسائط جديدة تعد بمثابة الحامل الإلكتروني، كما سبقت الإشارة إلى ذلك عند تعريف الكتابة في الشكل الإلكتروني.

ويتعين حسب الفقه أن يتوافر في الحامل الإلكتروني الذي تحفظ عليه الوثيقة الإلكترونية خصائص معينة تتعلق بهذه الرسالة أو الوثيقة وهي :
- إمكانية الإطلاع على الوثيقة الإلكترونية طيلة مدة صلاحيتها وذلك أن هذه الوثيقة تماما كالوثيقة المكتوبة، لها فترة صلاحية،
وطالما فقدت هذه الصلاحية يكون من المتعذر استرجاع البيانات المدونة بها والإستفادة منها، وهذا ما يقتضي أن يكون للحامل صفة القابلية للاستمرار support durable .
- حفظ الوثيقة الإلكترونية في شكلها النهائي طوال مدة صلاحيتها، بحيث يمكن الرجوع دائما لهذا الشكل النهائي عند الحاجة إليها.
- يتعين كذلك حفظ المعلومات المتعلقة بالجهة التي صدرت عنها الوثيقة الإلكترونية سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وكذلك الجهة المرسلة إليها.
- حفظ المعلومات المتعلقة بتاريخ ومكان إرسال الوثيقة واستقبالها، وذلك لأن هذه المعلومات ترتب آثارا قانونية في حق طرفي الرسالة أو الوثيقة متى تعلقت بعقد من العقود الإلكترونية، إذ يمكن عن طريق هذه البيانات تحديد مكان وزمان انعقاد العقد، وما إذا كان طرفا العقد قد جمعهما مجلس عقد واحد أم لا، والتوصل إلى معلومات تتعلق بسداد الثمن أو الأجرة وكيفية ذلك ومكانه، ولاشك أن كل هذه الأمور من العناصر الجوهرية في التعاقد بالطريق الإلكتروني، لأن الهدف النهائي هو الحفاظ على حقوق الأطراف وحقوق كل من له علاقة بهذه الوثيقة.

وفي القانون المقارن نلاحظ أن المشرع التونسي قد فرض التزامات إضافية تتعلق بحفظ الوثيقة الإلكترونية وهي :
- التزام المرسل بحفظ الوثيقة الإلكترونية في ذات الشكل الذي أرسلها به، حتى تكون حجة عليه متى تعلق حق للغير بهذه الوثيقة، فإذا ادعى خلاف ذلك، كانت الصورة المسلمة إليه، حجة عليه وحجة للطرف الآخر الذي يتمسك ضده بهذه الوثيقة الإلكترونية.
ونشير في الأخير إلى أن تخزين أدلة الإثبات في الآلات و عبر المواقع المؤقتة التي يمكن أن لا تتمتع بصفة الدوام والاستقرار جعل الفقيه Caprioli يقترح إنشاء جهات ثالثة تضمن سلامة الوثائق الالكترونية من التبديد والتحريف أو يسمى بـ" Tiers Archiveur أو Service d’archivage " ،
فتخزين المعلومات في الكومبيوتر الخاص بأحد المتعاقدين يمكن أن يعرضها للتبديل أو التحريف كون هذا الجهاز يخضع لإرادة و إشراف وتوجيهات مستعمليه ، وإذا كان هذا الكمبيوتر يؤدي مهمته تنفيذا للتعليمات ولإيعاز الشخص الذي يخزنها فإنه يقال بأن هذه المعلومات التي سوف تقدم كدليل إثبات يمكن أن تكون من صنع هذا المستعمل، فهي إذن صادرة عنه وبالتالي لا يجوز له أن يحتج بها كدليل إثبات، تطبيقا لمبدأ عدم جواز إصطناع الشخص دليلا لنفسه، ومن هنا تظهر القيمة القانونية لوجود الوسيط لحفظ هذه الوثائق .

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
حجية ، الكتابة ، الالكترونية ، الجزائر ،









الساعة الآن 06:38 PM