النيابة العامة و الدعوي المدنية في الجزائر دور النيابة العامة في الدعوى المدنية الدعاوى المدنية التي تتدخل فيها النيابة العامة كطرف أصلي
دور النيابة العامة في الدعوى المدنية
تتجلى الوظيقة التقليدية للنيابة العامة في التثبت عن الجرائم وتحريك الدعوى العمومية، غير أن المشرع جعل دورها يمتد إلى بعض القضايا المدنية، وذلك للسهر على تطبيق القانون وحماية المصالح العامة، ويعتبر قانون الإجرءات المدنية والإدارية المؤطر الأساسي لمجالات تدخلها في القضايا المدنية،حيث تنص المادة 256 من ق. إ. م. إ على أنه :
« يمكن لممثل النيابة العامة أن يكون مدعيا كطرف أصلي أو يتدخل. كطرف منظم »
- وكذلك جاء في المادة 88 من نفس القانون على :
« يجوز لممثل النيابة العامة حضور إجرءات التحقيق في القضايا التي يتم إشعار بيه، وعند الاقتضاء، إبداء ملاحظاته»
ويظهر من نص المادتين المذكورتين أن المشرع سمح للنيابة العامة بالتدخل في الدعوى المدنية عن طرق إعطائها حق الادعاء كطرق أصلي أي حق رفع الدعوى المدنية وكذلك حق التدخل كطرق منظم.
وتتدخل النيابة العامة في الدعوى المدنية رغم أهميتها وضروره، إلا انه يطرح مجموعة من التساؤلات تتعلق أساسا بمجالات وحدود تدخلاتها، ودور النيابة العامة في الدعوى التي تمتلك حق التدخل فيها، وللاجابة على هذه الأسئلة نتطرق إلى دراسة الدعاوى المدنية التي منح فيها المشح للنيابة العامة حق التدخل فيها كطرق أصلي، وكذلك الدعاوى التي تتدخل فيها النيابة العامة كطرق منظم.
الدعاوى المدنية التي تتدخل فيها النيابة العامة كطرف أصلي :
تكون النيابة العامة طرفا أصليا عندما تتصرق قضائيا ضد شخص طبيعي أو معنوي، حيث تتخذ صفة المدعي أو المدعي عليها، وحق التصرف هذا يمنحه لها القانون في حالات خاصة ولأسباب خاصة، منها تدخلها في دعاوى الجنسية كذلك في دعاوى تجارية كما أن المشرع نص صراحة في التعديل الأخير لقانون الأسر على تدخل النيابة العامة كطرف أصلي في دعوى شؤون الأسرة كما نجد أن النيابة العامة تتصرق كطرف أصلي في دعاوى الحالة المدنية .
الفرع الأول النيابة العامة كطرف أصلي في دعوى الجنسية
إختلف الفقهاء حول مدى جواز رفع دعوى قضائية للإثبات تمتع الشخص من عدم تمتعه بالجنسية أمام القضاء المدني.
وتكون النيابة العامة طرف أصليا في دعاوى إثبات الجنسية، وهذا ما أخذت به المادة 38 من قانون الجنسية الجزئري إذ تنص علي أنه :
« لكل شخص الحق في إقامة دعوى يكون موضوعها استصدار حكم بتمتعه أو عدم تمتعه بالجنسية الجزائرية، ورفع المعني الدعوى ضد النيابة العامة مع عدم الإضرار بحق تدخل الغير، وللنيابة العامة وحدها الحق في أن ترفع ضد أي شخص كان دعوى يكون موضوعها الأصلي إثبات تمتع المدعي عليه بالجنسية الجزائرية أو عدم تمتعه بها، وهي ملزمة بإقامة الدعوى في حالة ما إذا طلبت منها ذلك إحدى السلطات العمومية »
الفرع الثاني النيابة العامة كطرق أصلي في الدعاوى التجارية
تقوم النيابة العامة بدور هام في القضايا التجارية خاصة في منازعات الإفلاس والتسوية القضائية فالإفلاس عبارة عن الحالة القانونية التي ينتهي إليها تاجر توقف عن دفع ديونه، أو هو طريق التطبيق الجماعي على أموال المدين التاجر الذي توقف عن سداد ديونه في ميعاد استحقاقها، وينقسم الإفلاس إلى نوعين الإفلاس بالتدليس والإفلاس بالتقصير.
الفرع الثالث : النيابة العامة كطرف أصلي في قضايا المتعلقة بشؤون الأسرة :
منح المشرع الجرئي لنيابة العامة صلاحيات في القضايا المتعلقة بشؤون الأسرة وهذه الصلاحيات تستقي أساسها من نص المادة 3 مكرر من قانون الاسرة والتي تنص على أنه :
" تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية لتطبيق هذا القانون "
ويترتب على هذا، حق النيابة العامة في رفع أية دعوى أمام القضاء، وتكون طرفا أصليا في كل الدعاوى، لها ما للخصم وعليها ما عليه، وهذه النتيجة تترتب منطقيا وآليا عند تطبيق نص المادة 3 مكرر .
ولكن الإشكال الذي يطفح في هذه الحالة أنه إذا رفعت الزوجة دعوى التطليق للضرر، فهل يتم توجيه هذا الطلب لكل من الزوج والنيابة العامة ؟ باعتبارها طرفا أصليا في الدعوى أم يقدم الطلب بإسمها وباسم النيابة العامة في مواجهة الزوج؟
ولقد فصلت المادة 438 من ق.إ. م. إ. في هذا الشأن بنصها على أن المدعي في دعوى الطلاق، ملزم بتبليغ المدعي عليه والنيابة العامة بعريضة الدعوى، وكذلك يطرح اشكالآخر وهو ضد من تتدخل النيابة العامة في دعوى الطلاق بصفتها طرفا أصليا، فهل تتدخل كخصم لزوج أم للزوجة أم خصم للزوجين؟ وما يمكن قوله فهذا الشأن أن تدخلت النيابة كطرق أصلي في مثل هذه الدعاوى يكون الغرض منه الحرص على تطبيق القانون، لأنها لا تملك ما تقدمه من طلبات ودفوع كأي خصم فيها إلا طلب تطبيق القانون .
بعكس دعاوى الطلاق والتطليق، فإن دور النيابة العامة يظهر أصيلا في ثلاث حالات في قانون الأسرة الجزائري والمتمثلة في الولاية على النفسى والمال، حماية ناقصي الأهلية، المفقود والغائب.
1-الولاية على النفس والمال :
لقد تناول قانون الإجراءات المدنية والإدارية الولاية بأحكام إجرئية تتضمن تتدخل النيابة العامة فها، ومن بين هذه الإجراءات إمكانية طلب النيابة العامة سماع الأب والأم وسماع كل شخص آخر ترى الفائدة من سماعه، سماع القاصر ما لم يكن سنه أو حالته لا تسمح بذلك، الأمر بإجراء تحقيق اجتماعي أو فحص طبي أو نفساني أو عقلي، كما سمح القانون للنيابة العامة الطعن بالاستئناف في الأمر الذي ينهي أو بوقف مؤقتا الولاية، وكذا الأمر الذي يتخذ لتعديل هذين الأمرن وذلك في أجل خمسة عشر بوما من يوم النطق بالأمر ويفصل في الاستئناف في غرعة المشوره بعد سماع ممثل النيابة العامة .
كما يمكن للنيابة العامة أن تطلب من القاضي تعديل كل تدبير مؤقت له علاقه بممارسة الولاية، كما يقوم القاضي بمرقبة الولاية من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب ممل النيابة العامة. 2- حماية البالغين ناقصي الأهلية يظهر تدخلت النيابة العامة في حماية البالفين ناقصي الأهلية في تعين المقدم وكذلك دعوى الحجر -تعيين مقدم :
تنص المادة 99 من قانون الأسرة على أن :
" المقدم هو من تعينه المحكمة في حالة عدم وجود ولي أو وصي على من كان فاقد الاهلية أو ناقصها بناء على طلب أحد أقاربه، أو ممن له مصلحة أومن النيابة العامة "
ويستنتج من نص هذه المادة أن تعيين المقدم يكون بناءا على طلب أحد أقارب القاصر، أو ممن له مصلحة أو من طرفا النيابة العامة.
-الحجر :
تنصن المادة 102 من قانون الأسرة :
"يكون الحجر بناء على طلب أحد ١لآقارب أو ممن له مصلحة، أومن النيابة العامة".
دعوى الحجر هي دعوى منع التصرف فإن ثبت بإقرر طلب الحجر أو من تحقيقات النيابة العامة أثناء بحث طلب الحجر انه قد تصرف في جميع ما يملكه قبل توقيع الحجر، أصبح طلب الحجر غير ذات الموضوع، وعلى صاحب المصلحة أن يرفع إلى القضاء المدني بدعوى بطلان تصرف المطلوب الحجر عليه،وفي حالة ما إذا جاء الحكم في دعوى الحجر دون إبداء النيابة العامة لرأيها فيه فان الحكم يكون باطلا وذلك بسبب بطلان الإجرءات التي بني عليها.
3- المفقود والغائب تنص المادة 114 من قانون الأسرة على أنه :
"يصدر الحكم بفقدان أو موت المفقود بناءا على طلب أحد الورثة أو من له مصلحة أو النيابة العامة"
أما الغائب، فحسب نص المادة 110 فهو الذي منعته ظروفا قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته، أو إدارة شؤونه بنفسه، مدة سنة وتسبب غيابه في ضرر للغير.
يفهم من نص المادة 114 من قانون الأسرة أن الفقدان يكون بحكم قضائي،وذلك بعد تقديم من له مصلحة للطلب، كما يجوز للنيابة العامة تقديم طلب الحكم بفقدان شخص. كما تنص المادة 32 من الأمر 06-01 المتضمن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية على :
"يصدر الحكم القاضي بوفاة المفقود بناءا على طلب من أحد ورثته أومن كل شخص ذي مصلحة في ذلك أومن النيابة العامة.
يفصل القاضي المختص ابتدائيا ونهائيا في أجل لا يتجاوز شهرين إبتداءأ من تاريخ رفع الدعوى."
الفرع الرابع : النيابة العامة كطرف أصلي في قضايا الحالة المدنية
تنظم الحالة المدنية للاشخاص في الجزائر بموجب الأمر رقم 70-20 المؤخ في 19 فبرير 1970 والذي عدل بالقانون رقم 14-08 مؤرخ في 13 شوال عام 1435 الموافق 9 غشت 2014، والحالة المدنية نظام يقوم علي تسجل وترسيم الوقائع المدنية الأساسية للأفرد من ولادة، وفاة، زواج وطلاق وضبط البيانات المتعلقة بها، من حيث نوعها، وتاريخها، ومكان وقوعها في سجلات الحالة المدنية، ونظر لتعلق أحكامها بالنظام العام فقد منح المشرع للنيابة العامة اختصاصات مختلفة منها ما هو رقابي وهمتها ما هو قضائي.
1-الاختصاص الرقابي للنيابة العامة :
لقد منح قانون الحالة المدنية للنيابة العامة دور مراقبة ضباط الحالة المدنية، فيمكن للنائب العام أو من يمثله الاطلاع على سجلات الحالة المدنية والتأكد من حسن إعدادها وتنظيمها، ويحرر محضر عن ذلك ويرسله إلي وزير العدل، فإن لاحظ النائب العام أو من يمثله أخطاء أو مخالفات في اسجلات او وثائق الحالة المدنية يمكنه تحريك دعوى ضد ضباط الحالة المدنية ويطالب بمعاقبته وتحميله المسؤولية المدنية أو الجزائية وذلك بحسب الخطأ.
2- الاختصاص القضائي للنيابة العامة :
لقد منح المشرع الجزائري لنيابة العامة في قانون الحالة المدنية دورا قضائيا، وذلك من خلال السماح لها برفع دعوى قضائية من أجل إبطال العقود الخاطئة، أو تصحيحها،فالبنسبة لإبطال العقود الخاطئة تنص المادة 48 من قانون الحالة المدنية على أنه :
"يجوز طلب الإبطال من قبل الأشخاص المعنيين أو من قبل النائب العام لداعي النظام العام ويسجل المقرر النهائي في سجلات الحالة المدنية ويشار إليه في الهامش العقد المقرر"
ويفهم من نص المادة أن إبطال العقود الخاطئة يكون بناءا على طلب صاحب المصلحة أو النائب العام وهذا راجع لكونه من النظام العام.
أما تصحيح عقود الحالة المدنية أو المقررات القضائية المتعلقة بها،فإنه يتم عن طريق طلب تصحيح النقائص المادية أو الأخطاء الغير المادية والبيانات المخالفة للحقيقة والذي يقدم سواء من طرف النائب العام أو من صاحب المصلحة إلي قاضي الحالة المدنية، الذي يقوم بالتحقيقات التي يرى وجوب القيام بها، ثم يصدر أمرر بتصحيح الوثيقة مجانا دون رسوم أو مصاريف ،
أما من الجانب العملي فالنائب العام لا يطلب دائما من رئيس المحكمة تصحيح الأخطاء الواردة في عقود الحالة المدنية بل ان هناك بعض الأخطاء تقوم مباشر النيابة العامة بتصحيحها (التصحيح الإداي) دون اللجوء إلي رئيس المحكمة، والنيابة العامة تعتمد علي معيار مدي تأثير الخطأ علي صحة العقد لتقرير في مدي طريقة التصحيح .
تم تحرير الموضوع بواسطة :Harrir Abdelghani
بتاريخ:05-07-2018 05:40 مساءً