بحث حول الاختصاصات القضائية
لمجلس الدولة الجزائري المبحث الاول : مجلس الدولة كقاضي أول وآخر درجة المطلب الاول : مجلس الدولة كقاضي إلغاء المطلب الثاني : مجلس الدولة كقاضي تفسیر و قاضي تقدیر المشروعیة المبحث الثاني : مجلس الدولة كقاضي استئناف وقاضي نقض المطلب الأول : مجلس الدولة كقاضي استئناف
المطلب الثاني : مجلس الدولة كقاضي نقض
خاتمة
مقدمة
مجلس الدولة باعتباره الجهة القضائية العليا في المنازعات الإدارية بالجزائر يتمتع باختصاص قضائي محدد، و يمارسه في تشكيلات قضائية متعددة .
كما تتميز القيمة القانونية لقواعد اختصاصه بذكرها في الدستور وخلاف اً للمحاكم الإدارية، لا بمارس مجلس الدولة إلاّ نوعاً واحداً من الاختصاص القضائي و هو الاختصاص النوعي فقط لكونه ينضر في القضايا الإدارية التي تطرح على مستوى الإقليم الوطني باعتباره أول واخر درجة للتقاضي ودرجة استئناف ودرجة نقض .
نظمت الاختصاصات القضائية لمجلس الدولة بموجب القانون العضوي رقم 98-01
المتعلق بقانون الاجراءات المدنية والإدارية - المتعلق بمجلس الدولة ، وبموجب القانون 08-09
يمكن تقسيم الاختصاص القضائي لمجلس الدولة الجزائري الى قسمتن، يتمثل القسم
الأول في اختصاصه في بعض المنازعات كقاضي أول واخر درجة (المبحث الاول)، و يتمثل القسم الثاني في اختصاصه كقاضي استئناف و نقض في بعض المنازعات الاخرى ( المبحث الثاني ).
المبحث الاول : مجلس الدولة كقاضي أول وآخر درجة
ينعقد الاختصاص القضائي لمجلس الدولة كقاضي أول وآخر درجة في المنازعات التي تثور أمامه، بشأن إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات والهيئات الادارية المركزية والمنظمات المهنية الوطنية فيختص مجلس الدولة كقاضي إلغاء القرارات الادارية الصادرة عن السلطة المركزية ( المطلب الاول) ، كما يختص كقاضي في دعوى تفسير ودعوى تقدير وفحص مشروعية القرارات الصادرة في هذه الاخيرة ( المطلب الثاني (
المطلب الاول : مجلس الدولة كقاضي إلغاء
لم يعرض المشرع الجزائري إلى تعريف دعوى الالغاء في أي نص قانوني واكتفى بتحديد الاختصاص القضائي فيها لكن الفقه عرفها بأنها
" هي الدعوى الادارية القضائية الموضوعية، والعينية التي يحركها ويرفعها ذوي الصفة والمصلحة القانونية أمام الجهات القضائية المختصة
وذلك من اجل المطالبة بالفاء القرارات الادارية غير المشروعة ".
ولقبول دعوى الالغاء أمام مجلس الدولة لا بد من توافر مجموعة من الشروط (الفرع الاول) ، كما بجب أن تنصب على إلغاء قرار اداري غير مشروع
نظراً لما يشوب أركانه من عيوب، والتي تمثل بدورها أسباب الالغاء (الفرع الثاني) .
الفرع الأول : شروط رفع دعوى الالغاء
يشترط لقبول دعوى الالغاء أمام مجلس الدولة توافر مجموعة من الشروط منها ما هو مشترك بين دعاوى الالغاء المرفوعة أمام هيئتي القضاء الاداري ( المحاكم الإدارية ومجلس الدولة )، فيشترط لقبول دعوى الالغاء أن یكون محل الطعن بالإلغاء هو قرار إداري (أولا ) ، كما توجد ھناك مجموعة من الشروط المتعلقة برافع الدعوى (ثانيا)، أما عن التظلم الاداري المسبق لم یعد شرطاً ضروريا لرفع دعوى الالغاء كقاعدة عامة ، وكاستثناء
یكون وجوبیاً في بعض الحالات (ثالثاً)، أما فیما یخص الاجراءات والمواعید ھناك شروط خاصة بھا یجب اتباعھا واحترامھا عند رفع دعوى الالغاء (رابعاً( أولاً : محل الطعن بالإلغاء
یجب أن یكون محل الطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة منصباً على قرار إداري.
فالقرار الاداري ھو محور وأساس دعوى الغاء القرارات الاداریة، وبدونھ لا یمكن تصور دعوى الالغاء، وعلیه فإنه مبدئیاً لقبول دعوى الالغاء یجب ان ینصب على قرار إداري فردي أو تنظیمي .
یمكن تعریف القرار الاداري بأنه :
"ذلك العمل القانوني الانفرادي الصادر عن سلطة إداریة والذي من شأنھ احداث أثر قانوني تحقیقاً للمنفعة العامة " وھذا یعتبر تعریفاً مستنبطاً من تعاریف الفقھ والقضاء 2،لأن القانون لم یعط تعریفاً شاملاً للقرار الاداري، وإنما اكتفى فقط بالنص على ما یجوز الطعن فیه أمام القضاء أو بتحدید نوعھ مثل القرارات الاداریة الفردیة أو التنظیمیة . یعرف القضاء القرار الاداري بأنه :
"العمل القانوني الانفرادي الصادر عن سلطة اداریة والذي من شأنھ احداث أثر قانوني تحقیقاً للمصلحة العامة "
وعلیه فإن القرار الاداري یتمیز بالخصائص الاتیة :
ا) القرار الاداري تصرف قانوني :
أي أنه عبارة عن تصرف صادر عن الادارة من أجل احداث أّثر قانوني، وعلیه فإنه یتم استبعاد الاعمال المادیة من نطاق دعوى الالغاء، ذلك لأنه لیس من شأن أعمال الادارة المادیة أن تحدث أثراً قانونیاً في ذاتھا، و من أمثلة ذلك، قیام الادارة بھدم عقار، أو أضرار أحدثتھا سیارة تابعة لجھة اداریة، حیث أن ھذه الاعمال لا تنشئ مراكز قانونیة جدیدة، و لا تلغي أو تعدّل مراكز قانونیة قائمة، بل أن ھذه الاعمال المادیة التي تقوم بھا احدى الجھات الاداریة إمّا أن تكون أعمالاً مقصودة مثل الاخطاء التي یرتكبھا العمال أثناء قیامھم بوظائفھم، و إمّا أن تصدر عن قصد من الادارة دون أن تتجه لإحداث أثر قانوني، مثل تلك الاعمال التي تأتي تنفیذاً للقوانین و القرارات الاداریة ويخرج منها أيضا الأعمال غير المادية التي تصدر عن الإدارة دون أن تقصد منها ترتيب آثار قانونية ، مثل الأعمال التمهيدية، أو التحضيرية، المنشورات و التعليمات المصلحية .
ب) القرار الاداري صادر عن سلطة إداریة :
جاء في المادة 09 من القانون العضوي 11- 13...." الصادرة عن السلطات الإداریة المركزیة والھیئات العمومیة الوطنیة والمنظمات المھنیة الوطنیة "....
إن مصدر القرارات الإداریة بصورة عامة ھو المرافق العامة سواء كانت أجھزة وھیاكل السلطة الإداریة أو الھیئات العامة القائمة في إطار السلطة التنفيذية مركزية كانت أو محلية أو حتى مرافق مصلحية، أي الأجھزة والتنظیمات القائمة في إطار السلطة التنفیذیة، وعلیھ فان الأمر یقتضي استبعاد مبدئیا الأعمال التشریعیة والأعمال القضائیة، وأعمال وتصرفات الھیئات والتنظیمات الخاصة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك من
قانون الإجراءات المدنیة والإداریة. فالقوانین الصادرة عن السلطة التشریعیة باعتبارھا أعمالا تشریعیة لیست قراراتداریة، و كذا الأحكام الصادرة عن السلطة القضائیة باعتبارھا أعمالا قضائیة كما أن مجلس الدولة غیر مختص بالطعون الموجھة ضد قرارات المجلس الدستوري، تلك القرارات و الأعمال الدستوریة التي یصدرھا في إطار ممارستھ لاختصاصه المنصوص علیه في الدستور طبقا للمواد 163 وما بعدھا، لأنھا لیست من قبیل القرارات الإداریة.
أما بالنسبة للھیئات والتنظیمات الخاصة باعتبارھا أشخاص قانون كالجمعیات والنقابات و الشركات المدنیة و التجاریة فالأصل انھ لا یمكنھا أن تصدر قرارات إداریة إلا من / إذا اتصل أو انصب نشاطھا على مرفق عام بمفھومه المادي و ذلك طبق للمادة 901 قانون الإجراءات المدنیة والإداریة.
إلا أن المشرع اعتبر أن بعض الأعمال الصادرة عن منظمات مهنية من قبيل و المتعلق – القرارات الإدارية مثل ما نصت عليه المادة 9 من القانون 98-01 الصادرة عن الهيئات والمنظمات العمومية و الوطنية، منها منظمات المحامين و الغرفة الوطنية للمحضرين والموثقين و منظمة الأطباء .
ج) القرار الاداري صادر بالإرادة المنفردة :
حتى یكون تصرف الادارة العامة قراراً إداریاً، یجب أن یصدر بالإرادة المنفردة للإدارة أثناء ممارسة صلاحیاتھا القانونیة . و عليه فالعقود التي تبرمها الإدارة طبقا للمرسوم الرئاسي 02250 - المؤرخ في - 24 جويلية 2002 و المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية المعدل و المتمم، و التي تتطلب وجود إرادتين متقابلتين ليست قرارات إدارية، إلا أن ذلك لا يعني صدور القرار الإداري عن إدارة واحدة ففي كثير من الأحيان يلزم القانون مروره بعدة إدارات مثل رخصة البناء و الهدم .
د) القرار الاداري قرار تنفیذي :
یشترط في القرار الاداري الذي یكون محلاً للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة أن یكون ذو طابع تنفیذي، فيكون من شأنه ترتيب آثار أو أدى بذاته بإحداث مركز قانوني جديد مثل قرار تعيين شخص في وظيفة معينة أو تعديله مثل ترقيته أو إلغائه مثل فصله، من خلال الامتيازات المعترف بها للإدارة في اتخاذ القرارات الإجبارية دون الحاجة للجوء للقضاء عكس الوضع الطبيعي و تنفذ بلا وساطة و هذا ما يطلق عليه" بمبدأ الامتياز و الأولوية". فالقرارات الإدارية تتمتع بالإلزامية مند صدورها لاحترامها الإجراءات القانونية التي تخضع لها وفق ما تنص عليه القوانين و التنظيمات، و كل من يدعي خلاف ذلك عليه إثباته ضد الإدارة التي تكون دائما في مركز المدعى عليه من خلال ما سبق نصل إلى أنه توجد أعمال تقوم بها الإدارة و لا تعد قرارات إدارية وفقا للقانون منها ما يلي : - الأعمال التحضيرية للقرارات الإدارية خاصة منها الآراء فقد اجتمع الفقه على عدم إمكانية الطعن فيها أمام القضاء بدعوى الإلغاء، و الأمر ذاته ينطبق على الاقتراحات والاستعلامات.
- التعليمات و المنشورات و الأنظمة الداخلية لأنها لا تحدث أثرا بذاتها، و إنما هدفها هو التسيير الداخلي لمصالح الإدارة و تفسير النصوص القانونية العامة مثل : قرار وزير التعليم العالي الخاص بالامتحانات أين تقوم مصالح الوزارة بتعميم منشور لاحق يفسر كيفية تطبيقه بشكل لا يغير محتواه .
أما المنشورات التنظيمية فتضع قواعد جديدة يمكن أن تلحق أذى بذاتها فتكون بذلك قرارات إدارية خاضعة للرقابة القضائية .
- الأعمال اللاحقة للقرارات الإدارية وهي الإجراءات التي تتخذها الإدارة بعد إصدار القرار الإداري لأجل تبليغه و نشره .
- الأعمال النموذجية وهي الوثائق التي وضعتها الإدارة لأجل توحيد عملها فإذا كانت لا تخلق حقوق وواجبات لا تعد قرارات إدارية.
- أعمال السيادة و تتوافر فيها كل خصائص القرار الإداري إلا أنها لا تخضع للرقابة
. القضائية (المراسيم الرئاسية التي يصدرها رئيس الجمهورية)
- الأوامر و ھي أعمال إداریة قابلة للطعن فیھا أمام مجلس الدولة قبل المصادقة علیھا من طرف البرلمان، وھي أعمال تشریعیة غیر قابلة للطعن فیھا أمام مجلس الدولة بعد المصادقة علیھا من طرف البرلمان مثلھا مثل باقي القوانین الصادرة عن السلطة التشریعیة.
- یعد الوزیر الأول الرئیس الإداري الأعلى في جھاز الحكومة و توجد مصالح و ھیئات رئاسة الحكومة التي قد تخولھا النصوص و الأنظمة اتخاذ تصرفات من قبیل القرارات (خاصة الأمین العام للحكومة ) تمس التسییر و التنظیم الداخلي لتلك المصالح ،فان الوزیر الاول تخوله المادة 4/85 من الدستور ممارسة السلطة التنظیمیة على غرار رئیس الجمھوریة و ذلك بإصدار قرارات تنظیمیة في شكل مراسیم تنفیذیة و التي یمكن الطعن فیھا أمام مجلس الدولة لیفصل فیھا ابتدائیا و نھائیا مالم تشكل عملا من أعمال السیادة أو الحكومة على النحو السالف الذكر بشأن المراسیم الرئاسیة.
وبهذا نخلص إلى أن الطابع التنفيذي للعمل الإداري هو إحدى رموز مظاهر السلطة العامة
ثانیاً : الشروط المتعلقة برافع الدعوى
وضع قانون الاجراءات المدنیة قاعدة عامة تسري على جمیع الدعاوى المدنیة والاداریة، ومنھا دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة، حینما نص في المادة 13 من قانون الإجراءات المدنیة والاداریة على ما یلي :
لا یجوز لأي شخص التقاضي ما لم تكن لھ صفة ولھ مصلحة قائمة أو محتملة یقرھا القانون.
یثیر القاضي تلقائیاً انعدام الصفة في المدعي أو المدعى علیھ كما یثیر تلقائیاً انعدام الإذن إذا ما اشترطھ القانون. ا) شرط المصلحة :
یعتبر من المبادئ الاساسیة في الاجراءات أنھ لا مصلحة بدون دعوى، ولا دعوى بدون مصلحة، وإذا انعدمت المصلحة لا تقوم الدعوى، والمصلحة ھي الفائدة التي یعنیھا الشخص الذي یحرك الدعوى الاداریة بالإلغاء من وراء مباشرة دعواه القضائیة . ب) شرط الصفة :
یندمج مدلول الصفة في شرط المصلحة في نطاق دعوى الالغاء، بحیث تتوافر الصفة كلما وجدت مصلحة شخصیة مباشرة لرافع الدعوى، والصفة تعني أن یكون للمدعي حق المطالبة بالحق بنفسھ أو عن طریق نائب أو وكیل لھ یكون بمثابة ممثل قانوني، إذ لا تقبل دعوى الإلغاء إلاّ إذا كان المدعي یدعي حقاً أو مركزاً قانونیاً لنفسه. ج شرط الأھلیة :
نصت المادة 459 من قانون الاجراءات المدنیة على :" لا یجوز لأحد أن یرفع دعوى أمام القضاء ما لم یكن حائزا لصفة وأھلیة التقاضي وله مصلحة في ذلك". فاعتبر قانون الاجراءات المدنیة السابق الاھلیة شرطا موضوعیا لرفع الدعوى لیأتي القانون الجدید 08-09 المتضمن قانون الاجراءات المدنیة والاداریة في مادته 13 ، ویكتفي بذكر الصفة والمصلحة كشروط موضوعیة لرفع الدعوى ویستبعد الأھلیة ، كونھا شرطا شكلیا قابلا للتصحیح.
فالمقصود بأھلیة التقاضي توّفر الصفة الإجرائیة لدى كل من یلجأ إلى القضاء بأن یكون بالغا سن الرشد القانوني 19 سنة كاملة ، غیر محجور علیه، أو له ممثل قانوني :ولي أو وصي أو مقدم أو كافل حسب الأحوال.
وإذا رفعت الدعوى من قاصر أو ناقص الأھلیة أو من شخص غیر مفوّض من قبل الشخص المعنوي ترتّب على ذلك عدم قبول الدعوى شكلا ، عملا بأحكام المواد 64 و 65 من القانون 08-09 بحیث یثیر القاضي تلقائیا انعدام الأھلیة ویجوز له أیضا إثارة انعدام لتفویض لممثل الشخص المعنوي فالقانون الجدید قد میّز بین الصفة الموضوعیة التي استحدثھا في المادة 13 منه واعتبرھا شرطا موضوعیا مرتبطا بالحق في التقاضي ورتّب على انتفائھا سواء في المدعي أو في المدعى علیه عدم القبول لانتفاء الصفة ، وبین الصفة الإجرائیة (التمثیل) واعتبرھا شرطا شكلیا قابلا للتصحیح ونصّ علیھا في المواد 64 و 65 من القانون الجدید - ورتّب على انتفاء الصفة الإجرائیة "الأھلیة أو التمثیل " عدم قبول الدعوى شكلا ومن ثمّ فقد أزال التباین والتداخل الذي كان مطروحا بشأن المادة 459 من قانون الإجراءات المدنیة السابق.
وبالنسبة لتمثیل الدولة ، الولایة ، البلدیة ، المؤسسات العمومیة ذات الصیغة الإداریة ،أمام القضاء الإداري فقد نصّ علیھا قانون الإجراءات المدنیة والإداریة الجدید في مادته 828 حیث یكون تباعا من طرف الوزیر ، الوالي ، رئیس المجلس الشعبي البلدي، ممثل الشخص المعنوي.
ثالثاً : الطعن الاداري المسبق
كان التظلم الاداري المسبق وجوبیاً من أجل تحریك الدعوى الاداریة في ظل قانون الاجراءات المدنیة الملغى، فكانت المادة 169 مكرر من قانون الاجراءات المدنیة تلزم بحرفیة النص بفرضھا على المتقاضي من أجل تحریك الدعوى، القیام باستصدار قرار إداري والتظلم الوجوبي معاً ، وھذا ما یساھم في تعقید وطول اجراءات التقاضي وتحطیم عزیمة المتقاضي. مع صدور قانون رقم 08-09المتضمن قانونالاجراءات المدنیة والاداریة، تخلّى المشرّع عن اجباریة رفع التظلم الاداري المسبق وجعله اختیاریاً ، أي تركه لتقدیر ذوي الشأن بالقیام به كمبدأ، وكاستثناء أبقى المشرع على التظلم الاداري اجباریاً في ظروف معینة وحالات محددة بموجب نصوص خاصة ، مثل ما ھو الحال في قانون الضرائب، و قانون العمران . یتضح لنا من استقراء نص المادة 830 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة المكرسة للتظلم الاختیاري بأن التظلم الاداري أصبح اختیاریاً في ظل قانون الاجراءات المدنیة والاداریة على خلاف ما كان علیھ في ظل قانون الاجراءات المدنیة الملغى الذي كان التظلم فیه اجباریاً . أي أن المشرع لم یسد باب امكانیة مراجعة الادارة لقرارھا كلیاً و كرس نظام التظلم الاداري الاختیاري معتمداً في ذلك على التظلم الاداري الولائي . - ان المشرع وحد بین دعاوى التعویض و الالغاء و میعاد تقدیم التظلم الولائي و جعله 4 أشھر. - ان المشرع قلص من المدة الزمنیة التي یعد سكوت الادارة فیھا رفضاَ للتظلم من 3 أشھر المقررة في المادة 279 من قانون الاجراءات المدنیة الملغى الى شھرین. ان المشرع أبقى على میعاد الشھرین لتقدیم الطعن القضائي یبدأ من تاریخ الرّد أو من تاریخ انتھاء مدة الشھرین الممنوحة للإدارة للرد .
رابعاً : الاجراءات والمواعید ا) الإجراءات :
تخضع دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة لمجموعة من الاجراءات الخاصة بھا، وھذه الاجراءات إلزامیة لقبول الدعوى شكلاً، وھي متعلقة بكیفیة رفع دعوى الالغاء من قبل الشخص العادي أو الشخص الاداري العام، فقد أوجبت المواد 904 إلى 906 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة كیفیة افتتاح الدعوى الاداریة أمام مجلس الدولة بإتباع الشروط الشكلیة التالیة : - 1 عریضة افتتاح الدعوى : تناولت تنظیمھا المادة 904 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة التي تنص : "تطبق أحكام المواد من 815 إلى 825 أعلاه المتعلقة بعرضة افتتاح الدعوى أمام مجلس الدولة". و لقد احالتنا المادة 816 فیما یخص البیانات الواجب توافرھا في العریضة الافتتاحیة للدعوى الاداریة أمام المحكمة الاداریة أو أمام مجلس الدولة الى المادة 15 من نفس القانون ، حیث تنص المادة 15 على : "یجب أن تتضمن عریضة افتتاح الدعوى، تحت طائلة عدم قبولھا شكلاً، البیانات الاتیة: الجھة القضائیة التي ترفع أمامھا الدعوى، اسم و لقب المدعي وموطنھ، اسم ولقب وموطن المدعى علیھ، فإن لم یكن له موطن معلوم، أو اخر موطن له، الاشارة الى تسمیة وطبیعة الشخص المعنوي و مقره الاجتماعي و صفة ممثله القانوني أو الاتفاقي، عرضاً موجزاً للوقائع و الطلبات و الوسائل التي تؤسس علیھا الدعوى، الاشارة عند الاقتضاء الى المستندات و الوثائق المؤیدة للدعوى" - یجب تقدیم عریضة مستوفیة الشروط بعدد الخصوم، على أن تتضمن الإشارة إلى معلومات تتعلق بالأطراف، و عرض موجز للوقائع و الطلبات، ذكر وجه من أوجه الطعن تؤكد عدم مشروعیة القرار الاداري ،أو وجود سبب من أسباب الالغاء)، مع ضرورة توقیعھا من محامي مقبول أمام مجلس الدولة، و ھو مبدأ مفروض، في حالة عدم التوقیع من طرف المحامي المقبول فإن العریضة مآلھا الرفض، و في حالة تقدیمھا من محامي غیر مقبول فیجب على العضو المقرر أن یدعو مقدم العریضة أن یسوي طعنھ . إلاّ أن ھناك إعفاءات 1 من توكیل المحامي، وذلك عندما یتعلق بالدولة أو الولایة أو البلدیة أو المؤسسات العمومیة ذات الصبغة الاداریة 2 مدعیة أو مدعى علیھا أو متدخلة
- 2 تقدیم نسخة من القرار الاداري المطعون فیه :
یجب على رافع الدعوى أن یقوم بتقدیم نسخة من القرار الاداري المطعون فیھ ویقوم بإرفاقھا مع العریضة
أماّ في حالة وجود مانع یعود إلى امتناع الادارة من تمكین المدعي من القرار المطعون فیھ، أمرھا القاضي بتقدیمھ في أول جلسة
و یستخلص النتائج القانونیة المترتبة على ھذا الامتناع.
- 3 تقدیم الایصال المثبت لدفع الرسم القضائي المسبق : یشترط تقدیم الایصال المثبت لدفع الرسم القضائي 1 طبقاً لقانون المالیة ، ویختلف المبلغ باختلاف درجة الھیئة القضائیة المختصة من جھة، وموضوع النزاع من جھة أخرى .
نصت على ھذا الشرط المادة 17 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة كما یلي :
" لا تقید العریضة إلا بعد دفع الرسوم المحددة قانونا، مالم ینص القانون على خلاف ذلك".
بعض الدعاوى قد تعفى من الرسم القضائي، بالفصل فیھا من قبل رئیس المحكمة الاداریة ، وبالنسبة لمجلس الدولة، فالمشرع لم ینص فیما إذا كانت تخضع للفصل فیھا من طرف رئیس المجلس او رئیس الغرفة أو القاضي المختص، أم أنھا غیر مطبقة أصلا.
ب) المواعید :
ترفع الدعوى الإداریة خلال مدة معینة وھذا ما حرص المشرع الجزائري على تطبیقھ بالنسبة لدعوى الالغاء، ویتمیز المیعاد بخصائص محدودة أشار الیھا قانون الاجراءات المدنیة والاداریة والمتعلقة بكیفیة حساب المیعاد .
- 1أجل رفع دعوى الإلغاء :
خلافاً للوضع في القانون الملغى، الذي كان یمیز بین میعاد رفع دعوى الالغاء امام المجالس القضائیة ومیعاد رفعھا أمام مجلس الدولة ، فإن قانون الاجراءات المدنیة والاداریة قد وحده، إذ حدده بأربعة أشھر سواءا أمام المحاكم الاداریة أو أمام مجلس الدولة، لكن في حالة القیام بالتظلم الاداري المسبق یتغیر المیعاد حیث نصت المادة 830 على ما یلي :
"یجوز للشخص المعني بالقرار الاداري، تقدیم تظلم إلى الجھة الاداریة مصدرة القرار في الاجل المنصوص علیھ في المادة 829 أعلاه.
یعد سكوت الجھة الاداریة المتظلم امامھا عن الرد خلال شھرین ( 02 ) بمثابة قرار بالرفض، ویبدأ ھذا الأجل من تاریخ تبلیغ التظلم، وفي حالة سكوت الجھة الاداریة، یستفید المتظلم في أجل شھرین لتقدیم طعنھ القضائي، الذي یسري من تاریخ انتھاء أجل شھرین المشار إلیھ في الفقرة أعلاه.
في حالة رد الجھة الاداریة خلال الأجل الممنوح لھا، یبدأ سریان أجل شھرین من تاریخ تبلیغ الرفض.
-یثبت إیداع التظلم امام الجھة الاداریة بكل الوسائل المكتوبة ویرفق مع العرضة"
-كما أن ھناك حالات خاصة أین تختلف فیھا المواعید أمام مجلس الدولة.
فالقرارات الصادرة مثلا عن الھیئات الاداریة المستقلة في المجال المصرفي نجد أن الطعون أمام مجلس الدولة ضد قرارات اللجنة المصرفیة عندما تمارس السلطة العقابیة یجب أن تقدم في أجل ستین یوماً من تاریخ التبلیغ، وبالتالي فمدة المیعاد طبقاً لھذا القانون یكون بالأیام ولیس بالأشھر.
- في مجال البورصة فإن قرارات الغرفة التأدیبیة بالنسبة للجنة مراقبة عملیات البورصة وتنظیمھا تكون قابلة للطعن أمام مجلس الدولة في أجل شھرین من تاریخ التبلیغ.
- كما یمكن الطعن أمام مجلس الدولة في أجل شھرین في القرارات الصادرة عن اللّجنة القاضیة بالرّفض الكلّي أو الجزئي للاعتماد لصالح الوسطاء في عملیة البورصة في مجال الاتصالات فإن قرارات مجلس سلطة ضبط البرید والاتصالات تكون قابلة للطعن أمام مجلس الدولة في أجل شھر واحد من تاریخ التبلیغ و في المجال المنجمي فإن قرارات مجلس إدارة كل من الوكالة الوطنیة للممتلكات المنجمیة والوكالة الوطنیة للبیولوجیا والمراقبة المنجمیة تكون قابلة للطعن أمام مجلس الدولة في أجل 30 یوماً من تاریخ تبلیغ القرار .
- أما في مجال الصحة العمومیة فإن قرارات المجلس الوطني للأخلاقیات الطبیة تكون قابلة للطعن أمام مجلس الدولة في أجل سنة من تاریخ التبلیغ .
بالنظر إلى مختلف الحالات التي تطرقنا إلیھا فنرى أن المواعید أمام مجلس الدولة متعددة ومتنوعة بتنوع الحالات .
2 خصائص شرط المیعاد :
یخضع شرط المیعاد في دعوى الالغاء للقواعد الأساسیة الاتیة :
- ھو من النظام العام، فیمكن للخصوم إثارته كما یمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه .
- یجب أن ترفع دعوى الالغاء أمام القاضي الاداري خلال مدة أربعة أشھر، مع مراعاة المادة 813 أعلاه التي تنص على ما یلي :
"لا یحتج بأجل الطعن المنصوص علیه في المادة 829 أعلاه، إلا إذا أشیر إلیه في تبلیغ القرار المطعون فیه".
3 تمدید المیعاد :
تحسب مدة الأربعة أشھر مع إمكانیة تمدیدھا في حالات قطع المیعاد .
حساب المدة : تحسب المدة التي یجب خلالھا رفع دعوى الالغاء كاملة وتامة طبقاً لقاعدة المیعاد الكامل فیتم الحساب إما بالأشھر أو بالأیام، ویختلف ذلك باختلاف القانون المنظم للھیئة الاداریة المصدرة للقرار محل الطعن بالإلغاء، فیخضع حساب المیعاد للقواعد التالیة: - 1بدایة المیعاد :
فالمیعاد إذاً یبدأ من احدى واقعتین مادیتین ھما النشر أو التبلیغ الشخصي بالإضافة إلى وسیلة العلم الیقیني بالقرار الاداري التي ھي من إنشاء اجتھاد القضاء في ظل قانون الاجراءات المدنیة الملغى رغم تناقض تطبیقاتھا وعدم استقرارھا كمبدأ في القضاء الاداري الجزائري ، كما یمكن أن یكون بدایة المیعاد أیضاً بسكوت الادارة لمدة معینة في القرارات الضمنیة بالرفض . تحسب المواعید كاملة و قد یتم الحساب بالأشھر أو الایام . فیبدأ الحساب الكامل من الیوم الموالي لتبلیغ القرار ویكون ذلك إماّ عن طریق التبلیغ الشخصي بالنسبة للقرارات الفردیة أو النشر بالنسبة للقرارات التنظیمیة أو الجماعیة.
- 2 نھایة المیعاد :
ینتھي حسابھ أیضاً في الیوم الموالي لنھایة المیعاد وذلك تطبیقاً دائماً لمبدأ حساب المدة كاملة. - 3 امتداد المیعاد :
یكون ھذا الامتداد في میعاد الطعن بالإلغاء في عدة حالات تتمثل في حالة انقطاع الآجال . -4حالات قطع المیعاد :
في حالات القطع یتم بدایة حساب مدة المیعاد بصورة كاملة ومن جدید، وتتمثل حالات القطع حسب ما نصت علیھ المادة 832 من قانون الاجراءات المدنیة و الإداریة فیما یلي : -حالة الطعن أمام جھة قضائیة إداریة غیر مختصة. -طلب المساعدة القضائیة. -وفاة المدعي أو تغیر أھلیتھ. -القوة القاھرة أو الحادث الفجائي. ففي كل ھذه الحالات ینقطع میعاد الطعن، ویبدأ میعاد جدید في السریان ویحسب كاملاً أمام مجلس الدولة، ففي حالة قطع المیعاد تؤدي إلى عدم احتساب الفترة الزمنیة السابقة، وتزول الأیام وكأنھا لم تكن جزءاً من تقدیر المیعاد، ویبدأ میعاد جدید بفترة جدیدة.
الفرع الثاني أسباب الإلغاء - أوجه إلغاء القرار الاداري أمام مجلس الدولة -
بعد أن یتحقق القاضي الاداري من شروط قبول دعوى الالغاء (الشروط الشكلیة ) والتي تعتبر لازمة لقبول الدعوى فإن القاضي الاداري بعد تحققه من الشروط الشكلیة ینتقل إلى موضوع الدعوى فینظر في مشروعیة القرار الاداري ویبحث عن أوجه عدم المشروعیة في القرار المطعون فیه، حتى یقضي بإلغائه إذا ثبت له أنه مشوب بعیب من العیوب المؤدیة لإلغاء القرار، وإلا حكم برفض الدعوى لعدم التأسیس ، ونجد من بین ھذه العیوب : أولاً : عیب عدم الاختصاص
و ھو عدم توافر القدرة القانونیة للشخص المصدر للقرار سواء من الناحیة الشخصیة أو الموضوعیة أو المكانیة أو الزمانیة، لأنھ في ھذه الحالة یكون ذلك القرار من حق شخص اخر اتخاذه ،وینقسم إلى عیب جسیم وعیب بسیط. ا) عیب عدم الاختصاص الجسیم : ھو العیب الذي یصل إلى حد اغتصاب السلطة أو اغتصاب الوظیفة وھذا یتحقق عند صدور قرار من فرد عادي لا ینتمي إطلاقاً إلى التسلسل الاداري بسبب عدم تعیینھ في الوظیفة الاداریة أو بسبب بطلان تعیینھ والمقررة في القانون عند اصدارھا للقرارات سواء كان ذلك بإغفالھا أو مخالفتھا جزئیاً أو عمداً بصدور قرار عزل موظف دون سماع دفوعھ أو عرضھ على اللجنة متساویة الأعضاء.
كما قد یظھر عیب عدم الاختصاص الجسیم باعتداء السلطة التنفیذیة (الادارة العامة ) على اختصاص السلطة التشریعیة أو السلطة القضائیة. ب) عیب عدم الاختصاص البسیط : یعتبر ھذا الشكل من عیب الاختصاص الاكثر شیوعاً، وھو یقع داخل السلطة التنفیذیة نفسھا بین ادارتھا وھیئاتھا وموظفیھا، أي حالة مجاوزة السلطة في نطاق الوظیفة الاداریة، بمعنى تعدي جھة اداریة على اختصاص جھة اداریة اخرى ، ویأخذ عدم الاختصاص البسیط الصور الرئیسیة الاتیة :
-1عیب عدم الاختصاص الموضوعي :
ھو اصدار قرار من ھیئة كان من اختصاص ھیئة اخرى، لان المھام تخضع للتوزیع من طرف المشرع على مختلف الھیئات والادارات، وعادة ما یظھر ذلك عندما تصدر ھیئة إداریة قراراً كان من المفروض ان یصدر من الھیئة الرئاسیة أو العكس، فیكون المسؤول الاداري ملزم بمراعاة اختصاصھ عند اصداره للقرارات الاداریة.
-2عیب عدم الاختصاص المكاني :
ھو ان یتجاوز مصدر القرار حدود المساحة المكانیة المحددة له قانوناً، كأن یصدر رئیس بلدیة معینة قراراً یمتدّ أثره الى بلدیات أخرى.
-3عیب عدم الاختصاص الزماني :
یكون ذلك إذا باشر الموظف اختصاصات وظیفته خارج حدود الاجل الذي قد یكون محدداً لممارستھا، أي في غیر المدة التي یتولى فیھا الوظیفة.
ثانیا : انعدام السبب
یقصد بالسبب الحالة القانونیة أو الواقعیة التي تسوغ اصدار ھذا القرار، فتكون سابقة على اتخاذ القرار
وتعتبر رقابة القضاء الاداري على سبب القرار الاداري من اھم الضمانات الاساسیة لاحترام الادارة لمبدأ المشروعیة في قراراتھا الاداریة،
حیث یجب ان تستند الى اسباب صحیحة وواقعیة تبرر اتخاذھا لھا، ویكون السبب عن طریق حالتین (الواقعیة والقانونیة)
فالحالة الواقعیة ھي عبارة عن أوضاع مادیة تنتج عن عوامل طبیعیة (زلزال، بركان، فیضان) أو بتدخل الانسان كالحریق والتي تكون وراء
اصدار القرار.
أما الحالة القانونیة فھي ان القرار ینبني على حالة قانونیة تتمثل في وجود وقیام مركز قانوني معین خاص أو عام، ومثال ذلك تقدیم الموظف
للاستقالة ھو سبب قرار الادارة بقبولھا وانھاء العلاقة الوظیفیة، فیقصد بعیب السبب انعدام الوقائع المادیة أو القانونیة أو وقوع خطأ في تقدیرھا وتكییفھا وتفسیرھا خلال صدور قرار اداري معین من قبل سلطة اداریة مختصة .
ثالثاً : عیب الشكل والاجراءات
یقصد بھذا العیب عدم التزام جھة الادارة بالقواعد الشكلیة أو الاجرائیة التي تتطلبھا القوانین واللوائح لإصدار القرار فالأصل ان الادارة عند قیامھا بإصدار القرارات الاداریة لا تلتزم بشكل أو اجراء معین، ما لم یقرر القانون خلاف ذلك، فتكون الادارة ملزمة بإصدار قراراتھا وفقاً للأشكال والاجراءات المحددة لھا، وتبدو اھمیة الشكل والاجراءات من اجل حمایة الحقوق و الحریات الاساسیة للأفراد، ماعدا ذلك فھي أساسیات غیر ملزمة إلاّ إذا نص القانون على خلاف ذلك.
فیقصد بالإجراءات، العملیات والخطوات المختلفة التي یمر بھا القرار الاداري منذ التحضیر له الى ما قبل صیاغتھ في الاطار أو القالب الّذي یظھر فیه، اما الشكل فھو القالب المادي الّذي یفرغ فیه القرار الاداري، أي المظھر الخارجي له، وقد یكون القرار إما كتابیاً أو شفویاً، صریحاً أو ضمنیاً.
رابعاً : عیب الانحراف في استعمال السلطة - اساءة استعمال السلطة -
یعتبر عیب إساءة استعمال السلطة أحد أوجھ الغاء القرار الاداري ویتحقق ھذا العیب عند مخالفة الادارة لركن الغایة في القرار الاداري، فالغایة أو الھدف من القرار لھ اھمیة كبیرة في القرارات الاداریة لأنھا تعتبر القید الّذي یجب ألاّ تتجاوزه السلطة الاداریة عند اصدار قراراتھا، ونكون بصدد الانحراف في استعمال السلطة، عندما تستعمل الادارة سلطتھا لتحقیق ھدف اجنبي، عن الھدف الّذي منحت من اجلھ تلك السلطة، وخلافاً للعیوب
الاخرى، فإن دور القاضي لا یقتصر على مواجھة بسیطة ما بین القرار المعیب ومتطلبات الشرعیة، بل یفترض البحث عن نوایا الادارة عن اتخاذھا القرار محل الطعن یشترط إذن أن یھدف القرار الى تحقیق غایة مشروعة.
المطلب الثاني : مجلس الدولة كقاضي تفسیر و قاضي تقدیر المشروعیة
منح مجلس الدولة الى جانب صلاحیتھ الاختصاص بإلغاء القرارات الاداریة اختصاصات اخرى والتي تتعلق بتفسیر القرارات الاداریة الغامضة، أو فحص مدى
مشروعیتھا وذلك لما تكون صادرة من ھیئات ادریة مركزیة والھیئات العمومیة الوطنیة والمنظمات المھنیة الوطنیة، حسب ما تنص علیه المادة 09 من القانون العضوي 98-01 والتي تقابلھا المادة 901 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، التي تناولت بالنص تكلیف مجلس الدولة مھمة القیام بتفسیر القرارات الاداریة المشوبة بالغموض ( الفرع الاول). اضافة الى اختصاصاته بفحص القرارات الصادرة من الادارات المركزیة أو الدولة أو
الولایة أو البلدیة أو احدى المؤسسات العمومیة ذات الصبغة الاداریة وتقدیر مدى مشروعیتھا (الفرع الثاني) في اطار ممارسته لاختصاصاته القضائیة كدرجة اولى وأخیرة.
الفرع الأول : دعوى التفسیر
تناولت المادة 901 الفقرة الاولى من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة اختصاص
مجلس الدولة بالنص التالي :
" یختص مجلس الدولة كدرجة أولى وأخیرة بالفصل في دعاوى الالغاء والتفسیر وتقدیر المشروعیة في القرارات الاداریة الصادرة عن السلطات الاداریة المركزیة. كما یختص بالفصل في القضایا المخولة له بموجب نصوص خاصة"
منه على ما یلي :
- كما نصت المادة 09 من القانون العضوي 98-01
" یفصل مجلس الدولة ابتدائی اً ونھائیاً في :
- الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظیمیة أو الفردیة الصادرة عن السلطات الإداریة المركزیة والھیئات العمومیة الوطنیة والمنظمات المھنیة الوطنیة.
- الطعون الخاصة بالتفسیر ومدى شرعیة القرارات التي تكون نزاعاتھا من اختصاص مجلس الدولة"
یلاحظ من خلال استقراء نص المادتین 901 من قانون الاجراءات المدنیة أن مجلس الدولة یختص بالنظر في - و الاداریة والمادة 09 من القانون العضوي 98-01 دعاوى التفسیر و لتحریكھا لا بد من توافر شروط خاصة(أولا ) ،كما أنھا تحرك بطریقتین مختلفتین (ثانیاً) ، وللقاضي سلطة تقدیریة فیھا (ثالثاً)
أولاً : شروط قبول دعوى التفسیر
لا تقبل دعوى التفسیر أمام مجلس الدولة الاّ بتوافر مجموعة من الشروط تتمثل فیما یلي : أ)-محل الطعن :
حسب ما نصت علیھ المادة 09 من القانون العضوي 98 01 ، والمادة -901 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، فان مجلس الدولة یختص بالدعاوى التفسیریة التي تنصب على القرارات الاداریة الفردیة أو التنظیمیة، الصادرة من السلطات الاداریة المركزیة والمنظمات المھنیة الوطنیة والھیئات العمومیة الوطنیة و لا یتعدى اختصاصه ھذا الى مجالات اخرى كتفسیر الصفقات العمومیة أو غیر ذلك من مواضیع الدعوى الاداریة. ب) الغموض والابھام :
بما ان دعوى التفسیر مھمتھا تفسیر القرار المطعون فیه، فانه من المنطقي ان یشترط غموض وابھام القرار المطعون فیه. ج) وجود نزاع جدي قائم وحال :
یجب ان یترتب على غموض القرار نزاع جدي بین طرفین أو اكثر، على ان یكون قائماً فعلیاً، ولم یتم حلّه بأيّ وسیلة بعد. د) الطاعن :
یشترط في دعوى التفسیر ما یشترط عموماً في أيّ دعوى، وذلك طبقاً للمادة 13 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة. هـ) المیعاد :
خلافاً لدعوى الالغاء أمام مجلس الدولة، فان دعوى التفسیر لا تتقید بمدة معینة، واستناداً الى الاجتھاد القضائي والفقه المقارن، تأسیسا على انھا تھدف الى توضیح قضائي لقرار اداري دون وجود نزاع یمس مباشرة حق طرف ثان.
ثانیاً : تحریك دعوى التفسیر أمام مجلس الدولة
یتم تحریك دعوى التفسیر أمام مجلس الدولة بطریقتین : ا) الطریق المباشر:
وھي الطریقة المعروفة في جمیع الدعاوى القضائیة (عادیة، اداریة) حیث ترفع مباشرة أمام الجھة القضائیة المختصة، حیث یكتفي ان تتحقق في الطاعن الصفة والمصلحة من اجل رفع دعوى تفسیر القرار الاداري أمام مجلس الدولة مباشرةً وابتداءً . ب) الطریق غیر المباشر :
حیث تقوم جھة القضاء العادي في حالة الدفع بالغموض والابھام في قرار اداري مرتبط ومھم بالنسبة للدعوى الاصلیة (مدنیة، جزائیة، تجاریة) المطروحة امامھا بمطالبة الاطراف بإحالة الامر على مجلس الدولة، وبالتالي یتوقف النظر والفصل في الدعوى الاصلیة الى حین اعطاء المعنى الحقیقي والواضح للقرار المطعون فیه بالتفسیر . ثالثاً : سلطة القاضي في دعوى التفسیر
تتحدد وتتقید سلطة مجلس الدولة في دعوى التفسیر، بإعطاء المعنى الحقیقي والصحیح للقرار المطعون فیه، برفع الغموض والابھام عنه، وھو ما یقتضي الالمام بعلم مصطلحات القانون وما یرتبط بھ من علوم اللغة، ومن ثمة فان قاضي التفسیر لیس من سلطته البحث عن مدى شرعیة القرار المطعون فیه، كما لیس له ان یلغیه لان الدعوى ھنا دعوى تفسیر ولیست دعوى الغاء و تتم عملیة التفسیر بموجب عمل قضائي (قرار في مجلس الدولة) حائز لقوة الشيء المقضي فیه یبلغ الاحالة، لتستأنف وتواصل عملیة النظر والفصل في القضیة الاصلیة، مع الالتزام بالخضوع لمنطوق قرار مجلس الدولة بشأن تفسیر القرار محل الاحالة. و یبلغ القرار القضائي بالتفسیر الى رافع الدعوى في حالة الطعن المباشر أو الجھة القضائیة في حالة الاحالة القضائیة .
الفرع الثاني دعوى تقدیر وفحص المشروعیة تنص الفقرة الثانیة من المادة 09 من القانون العضوي 98-01على ان : "مجلس الدولة یختص ابتدائیاً ونھائیاً بـ : الطعون الخاصة بمدى شرعیة القرارات التي تكون نزاعاتھا من اختصاص مجلس الدولة " أولاً : شروط قبول دعوى المشروعیة لا تقبل دعوى تقدیر المشروعیة أمام الجھات القضائیة الاداریة المختصة (مجلس الدولة) الاّ بتوافر مجموعة من الشروط وھي : ا) محل الطعن :
القاعدة العامة ان دعوى تقدیر المشروعیة التي ترفع أمام القضاء الاداري، انما تنصب فقط على القرارات التي تصلح ان تكون محلاً لدعوى الالغاء امامھ طبقاً للمادة 901 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، ویختص مجلس الدولة كدرجة اولى واخیرة بالطعون الخاصة بتقدیر مشروعیة القرارات الصادرة عن السلطات الاداریة المركزیة أو الھیئات العمومیة الوطنیة أو المنظمات المھنیة الوطنیة، طبقاً للفقرة الاولى من المادة 09 وكذا المادة 901 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة من القانون العضوي 98-01 ب) الطاعن :
یشترط في الطاعن في دعوى تقدیر المشروعیة ما یشترط عموماً في أي دعوى قضائیة ج) عریضة الدعوى :
تنطبق علیھا نفس الشروط المطلوبة في دعوى الالغاء 1 د) المیعاد :
كما ھو الحال بالنسبة لدعوى التفسیر، فان النصوص المتعلقة بدعوى تقدیر شرعیة القرارات لا یتقید رفعھا بمیعاد معین.
ثانیاً : تحریك الدعوى تحرك دعوى تقدیر وفحص المشروعیة بنفس الطرق التي تتحرك بھا دعوى التفسیر أمام مجلس الدولة والمتمثلة في الطریق المباشر والاحالة القضائیة. و بالنسبة للإحالة القضائیة، فانه یمنع أو یحظر على الھیئات القضائیة الفاصلة في المواد المدنیة تقدیر مشروعیة قرار اداري أثناء دعوى تدخل في اختصاصاتھا، مما یقتضي احالة الامر على القضاء الاداري المختص. - أما بالنسبة للمحاكم الجزائیة، فإنھا تتمتع عموماً بھذا الحق اعمالاً لقاعدة "قاضي الدعوى الرئیسیة ھو قاضي الطلب الفرعي" كما یستشف خاصة من المادة 459 من قانون العقوبات.
ثالثاً : سلطة القاضي في تقدیر وفحص المشروعیة تقتصر سلطة القاضي المختص في دعوى تقدیر المشروعیة فقط في الفصل في مدى مشروعیة أو عدم مشروعیة القرار الاداري المطعون فیھ، أي معرفة مدى صحة اركان القرار الاداري من حیث سلامتھا وخلوھا من العیوب، فلا یحق للقاضي المختص بدعوى الغاء القرار كما ھو الحال في دعوى الالغاء، ولا تحدید معنى واضح للقرار الغامض والمبھم، كما ھو الحال في دعوى التفسیر بعد معاینة وفحص القرار، یقوم القاضي المختص بالتصریح : - اما بمشروعیة القرار المطعون فیه، اذا كانت اركانه سلیمة ومطابقة للقانون. -أو التصریح بعدم المشروعیة، اذا كان القرار یشوبه عیب من العیوب و في ھذه الحالة یحكم بقرار قضائي نھائي حائز لقوة الشيء المقضي فیه بعدم مشروعیة القرار، ویبلغ الى ذوي الشأن.
المبحث الثاني : مجلس الدولة كقاضي استئناف وقاضي نقض نصت المادة 10 من القانون العضوي 98 01 المعدل والمتمم بالقانون 11 - 13 المؤرخ في 26 یولیو 2011 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظیمه و عمله: "یختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف الأحكام و الاوامر الصادرة عن الجھات القضائیة الاداریة و یختص أیضاً كجھة استئناف في القضایا المخولة لھ بموجب نصوص خاصة " المتعلق بالمحاكم - وھو ما نصت علیه المادة الثانیة من القانون العضوي رقم 98-02 الاداریة أنّ :
"أحكام المحاكم الاداریة قابلة للاستئناف أمام مجلس الدولة ما لم ینص القانون على خلافذلك" وتنص المادة 902 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة : "یختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف الاحكام والاوامر الصادرة عن المحاكم الاداریة كما یختص ایضاً كجھة استئناف بالقضایا المخولة لھ بموجب نصوص خاصة" عملاً بالمادة 903 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، التي تقابلھا المادة 11 من یختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في - القانون العضوي رقم 98-01 القرارات الصادرة في اخر درجة من الجھات القضائیة الاداریة، وفي الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة، غیر ان المادة 11 ادرجت كذلك الطعون بالنقض في قرارات مجلس المحاسبة، وھي تدخل ضمن الاختصاصات الصریحة لمجلس الدولة.
ومن ثم یظھر ان مجلس الدولة یعتبر كقاضي استئناف (المطلب الاول) وكقاضي نقض (المطلب الثاني)
المطلب الأول : مجلس الدولة كقاضي استئناف بالنظر الى المواد 949 الى 952 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة والتي نصت على القواعد الاساسیة المتعلقة بالطعن بالاستئناف و المادة 10 من القانون العضوي 01-98 السالف الذكر والتي نصت على مجال اختصاص مجلس الدولة كقاضي استئناف. و ھكذا، فقد وضعت النصوص السابقة قاعدة ومبدأ عاما تكون بمقتضاه جمیع الاحكام الصادرة ابتدائیا من المحاكم الاداریة، قابلة للطعن فیھا بالاستئناف أمام مجلس الدولة الا اذا نص القانون على خلاف ذلك ، اذ یمارس مجلس الدولة صلاحیاته كقاضي استئناف بالنسبة للأحكام القضائیة الابتدائیة. وانطلاقا مما سبق فان الطعن بالاستئناف أمام مجلس الدولة قد وضع شروطا لقبوله (الفرع الاول) ،وتترتب عنه اثار (الفرع الثاني(
الفرع الاول : شروط قبول الاستئناف لقبول الطعن بالاستئناف أمام مجلس الدولة، یجب توفر مجموعة من الشروط، حیث تخضع الاجراءات ذات الطابع - جاء في المادة 40 من القانون العضوي 9801- ما یلي: " القضائي أمام مجلس الدولة لأحكام قانون الاجراءات المدنیة" و من ھذا النص یتبن لنا ان قانون الاجراءات المدنیة والاداریة یسري على جمیع القضایا ذات الطابع القضائي المرفوعة أمام مجلس الدولة. و تتعلق ھذه الشروط أساساً برافع الطعن (أولا ) ،محل الاستئناف (ثانی اً)، الاجراءات (ثالثا)، وكذا المواعید (رابعاً)
اولاً : الشروط الواجب توافرھا في أطراف الاستئناف
یشترط في اطراف الخصومة في الطعن بالاستئناف أمام مجلس الدولة توافر الصفة،الاھلیة والمصلحة . ا) الصفة : ان الاستئناف یقتضي اتحاد اطراف الخصومتین الابتدائیة والاستئنافیة، وذلك ضماناً لمبدأ التقاضي على درجتین من جھة، ومن جھة اخرى مراعاة قاعدة نسبیة اثر الاحكام.
و علیه یجوز رفع الاستئناف من طرف المتدخل الاصلي أو المُدخل في الخصام في الدرجة الاولى. ب) الاھلیة :
لم یتناولھا قانون الإجراءات المدنیة والإداریة الا أن الفقرة الثانیة من المادة 335 من قانون الاجراءات المدنیة و الاداریة تنص على :" كما یحق للأشخاص الذین تم تمثیلھم على مستوى الدرجة الاولى، بسبب نقص الاھلیة، ممارسة الاستئناف اذا زال سبب ذلك" . ج) المصلحة :
یجب ان تكون ھناك مصلحة للمستأنف من حیث عدم تنازله بعدم قبوله بالحكم أو القرار محل الاستئناف، وان تكون ھناك مصلحة للمستأنف علیه من حیث عدم تنازله عن الحكم الصادر لمصلحته، حتى لا تصبح الدعوى لا اساس لھا والا انتفت المصلحة من الاستئناف.
ثانیاً : المحل
یجب توافر شروط في القرار المطعون فیھ بالاستئناف، تتمثل في ان یكون القرار : حكماً، ابتدائیاً، صادر اً عن المحاكم الاداریة. ا) ان یكون محل الاستئناف حكماً :
یشترط في محل الطعن بالاستئناف أمام مجلس الدولة ان یكون من القرارات أو الاحكام القضائیة، أي ان یكون عملاً قضائیاً. ب) ان یكون الحكم ابتدائیاً :
الحكم الابتدائي ھو الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الاولى، و الذي یكون قابلاً للطعن فیه بالاستئناف، على خلاف الحكم النھائي وبغض النظر عن
المحكمة الصادر عنھا فانه لا یقبل ذلك.
نصت المادة 949 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة على م یلي :"یجوز لكل طرف حضر الخصومة أو استدعي بصفة قانونیة، ولو لم یقدم أي دفاع، ان یرفع استئنافاً ضد الحكم أو الامر الصادر عن المحكمة الاداریة، ما لم ینص ھذا القانون على خلاف ذلك" .
اذن، یشترط في القرار الصادر عن المحاكم الاداریة، المطعون فیھ بالاستئناف أمام مجلس الدولة ان یكون حكماً ابتدائیاً.
و نصت المادة 952 منه على :" لا تكون الاحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع، قابلة للاستئناف الا مع الحكم الفاصل في موضوع الدعوى، ویتم الاستئناف بعریضة واحدة".
فیجب التمییز بین الحكم التحضیري غیر القابل للاستئناف، وھو الحكم الذي لا یتعرض للموضوع، حیث لا تبدي المحكمة رأیھا في موضوع النزاع قبل اصدار الحكم، مثل الحكم بتعیین الخبیر.
اما بالنسبة للحكم القطعي فھو الذي یفصل في اصل الحق حینما یقرر انه یعود الى احد الاطراف، الاّ ان الطابع القطعي للحكم لا یعني عدم قابلیته للطعن. ج) ان یكون صادراً عن المحكمة الاداریة :
یشترط لقبول الطعن بالاستئناف امام مجلس الدولة ان یكون القرار المطعون فیه صادراً عن المحاكم الاداریة الخاضعة لقانون 98-02
المتعلق بالمحاكم الاداری.
المادة العاشرة من القانون العضوي 98 01- المعدل والمتمم بالقانون 11 - 13 ان المؤرخ في 26 یولیو 2011 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظیمھ و عملھ حددت بدقة اختصاص مجلس الدولة كجھة استئناف، حیث جاء فیھا :
"یختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف الأحكام و الاوامر الصادرة عن الجھات القضائیة الاداریة. و یختص أیضاً كجھة استئناف في القضایا المخولة لھ بموجب نصوص خاصة "
نستخلص من ھذه المادة حكمین:
الحكم الاول : ان مجلس الدولة یختص بنظر الطعون بالاستئناف الموجھة فقط ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الاداریة، أي انه لا یمكن الطعن بالاستئناف امام مجلس الدولة في قرارات صادرة عن جھات قضائیة اخرى غیر المحاكم الاداریة.
الحكم الثاني : ان قرارات المحاكم الاداریة لا تكون جمیعھا قابلة للاستئناف، بل یمكن بمقتضى نصوص قانونیة منع استئناف بعض الأحكام .
و مع كل ھذا الوضوح، بالنظر لنص المادة 902 من قانون الاجراءات المدنیة والإداریة یتجاھل ھذه الحقائق عندما تضمن احكاماً تفید بإمكانیة الطعن بالاستئناف في كل الاحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم الاداریة، وباختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون بالاستئناف المرفوعة ضد قرارات صادرة عن جھات قضائیة اخرى غیر المحاكم الاداریة. و ھذا ما یتبین لنا من نص المادة:
"یختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف الاحكام والاوامر الصادرة عن المحاكم الاداریة، كما یختص ایضاً كجھة استئناف بالقضایا المخولة له بموجب نصوص خاصة".
ثالثاً : المیعاد
نصت المادة 950 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة:
"یحدد اجل استئناف الاحكام بشھرین ( 02 ) ویخفض ھذا الاجل الى( 15 )خمسة عشر یوماً بالنسبة للأوامر الاستعجالیة، ما لم توجد نصوص خاصة.
تسري ھذه الآجال من یوم التبلیغ الرسمي للأمر أو الحكم الى المعني، وتسري من تاریخ انقضاء اجل المعارضة اذا صدر غیابیاً.
تسري ھذه الآجال في مواجھة طالب التبلیغ". ا) مدة الاستئناف :
بالنظر الى نص المادة 950 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة المذكورة اعلاه، فان المشرع اجاز للخصوم رفع طعنھم بالاستئناف خلال فترة شھرین تحتسب من یوم تبلیغ قرار أو حكم المحكمة الى المعني. ب) كیفیة حساب المدة :
نصت المادة 405 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، على كیفیة حساب المیعاد:
"تحتسب كل الآجال المنصوص علیھا في ھذا القانون كاملة، ولا یحسب یوم التبلیغ، أو التبلیغ الرسمي ویوم انقضاء الاجل.
یعتد بأیام العطل الداخلیة ضمن ھذه الآجال عند حسابھا.
تعتبر ایام عطلة، بمفھوم ھذا القانون، أیام الاعیاد الرسمیة، وایام الراحة الاسبوعیة طبقاً للنصوص الجاري بھا العمل.
اذا كان الیوم الاخیر من الاجل لیس یوم عمل كلیاً أو جزئیاً، یمتد الاجل الى اول یوم عمل موالي".
اذ نجد عن قضاء مجلس الدولة :
حیث أن القرار المستأنف بلغ لفریق طبال قانونیاً بتاریخ 2000/02/22وان استئنافھم سجل في تاریخ 2000/03/25
وانه طبقاً لمقتضیات المادة 463 من قانون الاجراءات المدنیة فان كل الآجال كاملة .
وان تبلیغ القرار تم في2000/22/02 ، وكان بإمكان المستأنفین تقدیم استئنافھم الى غایة .2000/03/23 و انه وبما ان تاریخ 2000/03/23 و 2000/03/24 یصادفان یومي عطلة فان اخر یوم من الاجل لتقدیم الاستئناف ممدد الى غایة اول یوم عمل یلیه أي الى غایة 2000/03/25وان استئناف فریق طبال من ثمة مقبول"
ج) تمدید المیعاد :
حددت المادة 404 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة مدة تمدید الآجال في الطعون بالمعارضة، بالاستئناف، بالنقض وبالتماس اعادة النظر وحددتھا بشھرین بالنسبة للأشخاص المقیمین خارج الاقلیم الوطني.
رابعاً : الاجراءات "یجب ان تقدم العرائض والطعون ومذكرات الخصوم، تحت طائلة عدم القبول، من طرف محام معتمد لدى مجلس الدولة، باستثناء الاشخاص المذكورة في المادة 800 اعلاه" ھذا ما نصت علیه المادة 905 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة ترفع عریضة الطعن امام مجلس الدولة بعریضة مكتوبة، متوفرة على كل الشروط الشكلیة والاجرائیة الخاصة، وتستكمل عند الضرورة بمذكرة ایضاحیة، شارحة للمذكرة الاصلیة. ا) تقدیم عریضة :
كرس قانون الاجراءات المدنیة والاداریة في مادته التاسعة الكتابة كقاعدة تخضع له كل اجراءات التقاضي اذ جاء فیھا : "الاصل في اجراءات التقاضي ان تكون مكتوبة". كما یستخلص من مجمل النصوص القانونیة التي تحكم رفع الدعاوى امام مجلس الدولة، انھا اكدت على رفعھا بعرائض موقعة من طرف محام معتمد لدى مجلس الدولة، و مشتملة على البیانات المنصوص علیھا في المادة 15 من ھذا القانون، واجازت للمدعي تصحیح تلك التي لا تثیر أي وجه بإیداع مذكرة اضافیة. كما نصت المادة 816 من نفس القانون : "یجب لقبول العریضة شكلاً، البیانات المنصوص علیھا في المادة 15 من ھذا القانون". اذن شروط قبول العریضة تكون كالاتي : "یجب أن تتضمن عریضة افتتاح الدعوى، تحت طائلة عدم قبولھا شكلاً، البیانات الاتیة : الجھة القضائیة التي ترفع أمامھا الدعوى، اسم و لقب المدعي وموطنھ، اسم ولقب وموطن المدعى علیه، فإن لم یكن له موطن معلوم، فاخر موطن له، الاشارة الى تسمیة وطبیعة الشخص المعنوي و مقره الاجتماعي و صفة ممثله القانوني أو الاتفاقي، عرضاً موجزاً للوقائع و الطلبات و الوسائل التي تؤسس علیھا الدعوى، الاشارة عند الاقتضاء الى المستندات و الوثائق المؤیدة للدعوى". ب) تقدیم نسخة من الحكم المطعون فیه : بفعل ھذا الاجراء یتمكن مجلس الدولة من التعرف على الحكم المستأنف، فیتبین لقضاة الدرجة الثانیة فكرة اولیة عن مدى سلامة الحكم المستأنف، فیظھر من خلال ھذه النسخة وجه حسم النزاع بالإضافة للوقائع وكذلك الاوجه التي یبنى علیھا الطعن. ج) تقدیم الایصال المثبت لدفع الرسم القضائي : یفرض على رافع الطعن امام مجلس الدولة دفع رسم قضائي قیمتھ 5000 دج بالنسبة للنزاعات المتعلقة بالصفقات العمومیة و 1500 دج بالنسبة لباقي النزاعات، وھو رسم محدد حالیاً بمقتضى احكام المادة 213 من القانون رقم 06/2000المؤرخ في 23 /2000/12 المتضمن قانون المالیة لسنة 2001 المعدلة بموجب القانون رقم 21/04 المؤرخ في 2004/12/29 المتضمن قانون المالیة لسنة 2005 و یشكل ھذا الرسم مساھمة من المتقاضین في مقابل الخدمات التي یقدمھا لھم مرفق القضاء، ویختلف باختلاف الخصومات. ان التباین في قیمة الرسوم القضائیة قد یستند اما الى الطبیعة التجاریة والمالیة للقضیة، واما الى طبیعتھا المعقدة مقارنة مع غیرھا من القضایا لكن مثل ھذه الخلفیات تمس بمبدأ مجانیة القضاء، ومن الاجدر العودة الى رسم موحد بالنسبة لكل القضایا حتى لا یكزن عائقاً امام استعمال ھذا الطعن . و قد استحدث المشرع نظام المساعدة القضائیة للتقلیل من حدة ھذه الرسوم واعفاءطائفة من المواطنین المحتاجین من دفعھا، بمقتضى
الامر 71 /75 المؤرخ في1975/08/05 غیر انھ لا یمكن ان یستفید منھ المدعون في منازعات الصفقات العمومیة .
الفرع الثاني : آثار الاستئناف تمتاز اثار الاستئناف امام مجلس الدولة حسب قانون الاجراءات المدنیة والاداریة بما یلي: اولاً : الاثر غیر الموقف للأحكام الصادرة في المواد الاداریة ان المادة 908 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة تنص على انه :"الاستئناف امام مجلس الدولة لیس له اثر موقف". ان نص المادة ھو امتداد طبیعي للقاعدة المقررة في المواد الاداریة والقاضیة بعدم جواز مساس الطعون القضائیة بالقوة التنفیذیة للقرارات الاداریة. ثانیاً : الاثر الناقل للخصومة ان الاستئناف یؤدي الى نقل الخصومة برمّتھا من المحاكم الاداریة الى مجلس الدولة، واعادة طرحھا امامه من جدید، من حیث الواقع والقانون، فیتمتع عند نظرھا بنفس سلطات القاضي الابتدائي، لكن في حدود الطلبات التي تم تقدیمھا امام قاضي الدرجة الاولى، وتلك التي تم استئنافھا امامه. فیفصل مجلس الدولة بمقتضى الاثر الناقل للاستئناف في الطلبات والدفوع التي سبق تقدیمھا امام الجھات القضائیة الابتدائیة. و في الاخیر تجدر الاشارة الى ان الاستئناف امام مجلس الدولة ادى بالبعض الى القول ان النظام القضائي الاداري یتمیز بعدم اكتمال درجات التقاضي، وھذا بالنظر الى النظام القضائي العادي الذي یتمیز بوجود محاكم الدرجة الابتدائیة، ثم الدرجة الثانیة كجھة استئناف (أي المجلس القضائي ) ،و درجة للنقض تقوم به المحكمة العلیا، ھذا الذي یجعل درجات التقاضي كاملة.
المطلب الثاني : مجلس الدولة كقاضي نقض حددت المادة 11 من القانون العضوي 11-13 المتعلق بمجلس الدولة نطاق الطعن بالنقض امامه بنصھا على : "یختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في الاحكام الصادرة في اخر درجة عن الجھات القضائیة الاداریة ویختص ایضاً بالنظر في الطعون بالنقض المخول له بموجب نصوص خاصة " و تنص المادة 903 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة : "یختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في القرارات الصادرة في اخر درجة عن الجھات القضائیة الاداریة. یختص مجلس الدولة كذلك في الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة " . فالصیاغة العامة للمادة الاخیرة لم تجعلھا تقتصر على الطعون بالنقض المرفوعة ضد قرارات الجھات القضائیة الاداریة، وانما تشمل كل القرارات الصادرة عن باقي الجھات التي تجیز نصوصھا الطعن بالنقض في قراراتھا، منھا مجلس المحاسبة واللّجان الاداریة القضائیة التي تصدر قرارات قابلة للطعن بالنقض امام مجلس الدولة. و لقبول الطعن بالنقض امام مجلس الدولة لا بدّ من توفر شروط الطعن (الفرع الاول) ، كما انه ینبني على اوجه قانونیة ،وتكمن اثار الحكم في مدى سلطة مجلس الدولة النظر الطعن بالنقض ( الفرع الثاني )
الفرع الأول : شروط قبول الطعن بالنقض لقبول الطعن بالنقض امام مجلس الدولة یُستلزم توافر شروط في رافع الطعن (أولا (ومحل الطعن بالنقض (ثانیاً)، كما یجب احترام المواعید (ثالثاً)، ولا بد من اتباع اجراءات معینة (رابعاً).
اولاً : رافع الطعن كمختلف الطعون امام مجلس الدولة، فان الشروط الواجب توافرھا في الطاعن ھي تلك المنصوص علیھا في المادة 13 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، والمادة 40 من القانون المدني، الصفة الاھلیة والمصلحة، كما سبق وذكرنا. وعلیه فان الطعن بالنقض یقتضي ان یكون ھناك اتحاد في اطراف الخصومة، على النحو المتعلق بأطراف الاستئناف.
ثانیاً : المحل الطعن بالنقض امام مجلس الدولة - نصت المادة 11 من القانون العضوي 98-01 ان ینصب حول نوعین من القرارات: -القرارات الصادرة نھائیاً عن الجھات القضائیة الاداریة. -القرارات الصادرة عن مجلس المحاسبة، والتي اعتبرھا النص الجدید ضمن الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة. ا) القرارات الصادرة بصفة نھائیة عن الجھات القضائیة الاداریة :
لا ینصب الطعن بالنقض في المواد الاداریة الا على القرارات النھائیة الصادرة عن الجھات القضائیة، أو القرارات الصادرة عن الجھات الاخرى التي خول المشرع لمجلس الدولة اختصاص نظرھا بواسطة ھذا الطریق من طرق الطعن . -1ان یكون القرار قضائیاً : فلا یقبل الطعن بالنقض الا فیما یتعلق بالأعمال القضائیة الصادرة في صورة احكام قضائیة صادرة عن المحاكم الاداریة. -2ان یكون القرار نھائیاً وصادراً عن الجھات القضائیة الاداریة :ھذا الشرط قد ورد في المادة 11 من القانون العضوي رقم 98-01المعدل والمتمم بموجب القانون العضوي 11-13 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة، والتي جاء فیھا :
" یختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في الاحكام الصادرة في اخر درجة عن الجھات القضائیة الاداریة. و یختص أیضاً بالنظر في الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة" و بالنظر للمواد 349 ،350 ،903 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، نجد عبارة "اخر درجة" ،و ھذا للدلالة على القرارات القابلة للطعن فیھا بالنقض. ان الوصف النھائي للحكم ینصرف الى الحكم الذي یقبل الاستئناف، وعكسھ الحكم الابتدائي، في حین ان وصف "اخر درجة" ینصرف الى الجھة القضائیة عند اصدارھا لأحكام غیر قابلة للاستئناف، أي عند اصدارھا أحكاماً لم یمنح المشرع درجة قضائیة اخرى اختصاصَ نظرھا بواسطة ھذا الطریق من طرق الطعن. ان الاحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم الاداریة، فھي قابلة للاستئناف في جمیع الحالات الا اذا نص القانون على خلاف ذلك، وھذا ما اكدتھ المادة 10 من القانون 98-01 سالفة الذكر. اما بالنسبة لقرارات مجلس الدولة عندما یختص كقاضي اول واخر درجة والمختصةبھا ابتدائیاً ونھائیاً وفقاً لنص المادة 09 من القانون العضوي 01-98 سالفة الذكر غیر قابلة لأي طعن أي انھا غیر قابلة لا للطعن بالنقض ولا للطعن بالاستئناف، حیث جاء في احد قرارات مجلس الدولة : " وحیث انه من غیر المعقول وغیر المنطقي ان یقوم مجلس الدولة بالفصل في الطعن بالنقض المرفوع امامھ ضد قرار صادر عنه، ذلك ان المقرر قانونا، ان الطعن بالنقض یكون امام جھة قضائیة تعلو الجھة التي اصدرت القرار محل الطعن " وفیما یتعلق بالھیئات القائمة خارج السلطات القضائیة والتي عادة ما تتمتع باختصاصات اداریة وقضائیة، والمتمثلة في : لجان ھیئات ال تأدیب التابعة للمنظمات المھنیة المختصة بتأدیب اعضاء المھنة عند ارتكابھم اخطاء مھنیة، وذلك طبقاً لأنظمتھا الداخلیة وقوانینھا كالأطباء والمحامین...المجلس الأعلى للقضاء والتي یمكن الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عنه في مجال التأدیب، باعتباره جھة قضائیة اداریة تصدر احكاماً نھائیة. اللّجان الانتخابیة الولائیة وھي تعتبر ھیئات قضائیة واداریة، تعقد جلساتھا بالمجلس القضائي وتقوم بمراجعة وجمع النتائج النھائیة للانتخابات، وعادة ما تنشأ على مستوى كل ولایة بمناسبة الانتخابات الولائیة أو البلدیة، وتتشكل ھذه اللّجان من ثلاثة قضاة، وتقوم على اجراءات بسیطة وسریعة، كما انھا تفصل في النزاعات المتعلقة بالانتخابات المحلیة، وتصدر قراراتھا بصفة نھائیة، الامر الذي یقتضي فتح مجال لمراجعة قرارات ھذه اللجان امامه بموجب الطعن بالنقض.
ب) القرارات الصادرة عن مجلس المحاسبة :
ان المادة 170 الفقرة الاولى من الدستور تنص على: "یؤسس مجلس محاسبة یكلف بالرقابة البعدیة لأموال الدولة والجماعات الاقلیمیة والمرافق العمومیة" و بالنظر لاختصاصات مجلس المحاسبة ذات الطابع الاداري والقضائي، فقد نصتالمادة 03 من الامر 95-20 على ما یلي : "مجلس المحاسبة مؤسسة تتمتع باختصاص اداري وقضائي في ممارسة المھمة الموكلة الیه" . ان المشرع في المادة 03 لم یصف مجلس المحاسبة بجھة قضائیة كما وصف المحاكم الاداریة ومجلس الدولة مثلاً، بل استعمل للتعبیر مصطلح مؤسسة ذات اختصاص قضائي.. اذن فمجلس المحاسبة ھو ھیئة عمومیة ذات طابع قضائي أو ھیئة قضائیة غیر عادیة أو خاصة بحكم القانون.
اجراءات الطعن ضد قرارات مجلس المحاسبة :
یقوم رئیس الغرفة بأمر منه بتعیین مقرر یقوم بإجراء التحریات والمراجعات، ویعد المقرر تقریراً یتضمن ملاحظاتھ ویرسله بعد تقدیمه عبر كتابة الضبط الى الناظر العام الذي یصدر ملاحظاته واستنتاجاته، ثم یصدر امر تشكیلة المداولة من طرف رئیس الغرفة، وتقدم في الجلسة ملاحظات الناظر العام، ثم یتخذ القرار في بادئ الامر لإصدار قرار مؤقت في حالة وجود اخطاء من المخالف، وعندما لا یوجد أي شيء ضده یصدر قرار نھائي بالبراءة، والتبرئة تقدم مبدئیاً للأشخاص المحاسبین الذین سیحالون الى التقاعد، واما القرار المؤقت یرسل الى المعني لكي یجاوب على تغریمه مثلاً بغرامة، ثم تشكل تشكیلة ثانیة، وعلى ضوء اجوبة المحاسب یصدر قرار نھائي قابل للطعن امام مجلس المحاسبة، والقرار النھائي یكون بأغلبیة الاصوات مما یجعله خاضعاً لفكرة القرار المزدوج، وھذا القرار النھائي یتمتع بالصیغة التنفیذیة حسب المادة 84من الامر 95-20
تبرز الطبیعة القضائیة لمجلس المحاسبة، من خلال القرارات التي یصدرھا وطرق الطعن فیھا، فھو یظھر كقاضي اول درجة في القرارات التي تصدر عن تشكیلة كل الغرف وكقاضي استئناف في القرارات التي تصدر عن تشكیلة كل الغرف مجتمعة والتي تكون قابلة للطعن بالنقض امام مجلس الدولة، وھذا حسب المادة 11 من القانون العضوي 98-01 سالف الذكر.
- حدد الامر 95-20 طرق الطعن في القرارات التي یصدرھا مجلس المحاسبة : المراجعة : حسب المادة 102 من الامر 95 -20 ایمكن مراجعة القرار بطلب من العون لمتقاضي (المحاسب) أو السلطة السلمیة أو الوصیة له أو الناظر العام، كما یمكن مراجعته بصفة تلقائیة من طرف الغرفة التي اصدرت القرار .
الاستئناف : تكون قرارات مجلس المحاسبة قابلة للاستئناف في اجل اقصاه شھر واحد من تاریخ تبلیغ القرار وذلك حسب المادة 107 من الامر 95-20 ولا یقبل الاستئناف الا اذا قدم من طرف المتقاضي ( السلطة السلمیة او الوصیة، الناظر العام ). یترتب على الاستئناف توقیف تنفیذ القرار موضوع الطعن(المادة 107 فقرة 6) ویتم النظر في طلبات الاستئناف من طرف تشكیلة كل الغرف مجتمعة، ماعدا الغرفة التي اصدرت القرار، وتتخذ قراراتھا بالأغلبیة.
الطعن بالنقض : ان المادة 110 من الامر 95-20تنص على ان قرارات مجلس المحاسبة الصادرة عن تشكیلة كل الغرف مجتمعة، تكون قابلة للطعن بالنقض امام المحكمة العلیا، ولعل ھذه المادة تحتاج الى تعدیل لمسایرة التطورات التي عرفھا النظام القضائي الجزائريبعد صدور دستور 1996 وحتى تتطابق المادة 11 من القانون العضوي 98-01 المؤرخ في 1998/05/30 والتي تنص على انه یختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في القرارات الصادرة عن مجلس المحاسبة.
ثالثاً : المیعاد جاءت المادة 956 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة بنصھا على ما یلي: "یحدد اجل الطعن بالنقض بشھرین( 2) یسري من تاریخ التبلیغ الرسمي للقرار محل الطعن، مالم ینص القانون على خلاف ذلك". اذ تكون مدة الطعن شھران من تاریخ التبلیغ كقاعدة عامة، ویبدأ الحساب من الیوم الذي تصبح فیه المعارضة غیر مقبولة كاستثناء. ا) تمدید المیعاد :
تنص المادة 354 فقرة ثانیة من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة على : "یمدد اجل الطعن بالنقض الى ثلاثة( 03 ) اشھر، اذا تم التبلیغ الرسمي في موطنه الحقیقي أو المختار ". أي في حالة عدم التبلیغ الشخصي للحكم. وتنص المادة 355 من نفس القانون على انه لا یسري أجل الطعن بالنقض في الاحكام والقرارات الغیابیة، الا بعد انقضاء الاجل المقرر للمعارضة، والمقدر بشھر. ب) وقف المیعاد :
في حالة وفاة المحكوم علیه، لا یستأنف سریان الاجل الا بعد التبلیغ الرسمي للورثة، ویكون التبلیغ الرسمي صحیحاً اذا تم في مسكن المتوفى، وھذا طبقاً للمادة319 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة. كما انه لا یسري الاجل على شخص موضوع تحت نظام الولایة، الا من تاریخ التبلیغ الرسمي للحكم، الى ولیه أو وصیه أو المقدم علیه ، وھذا ما نصت علیھ المادة 317من نفس القانون. و نصت المادة 318 من نفس القانون انه في حالة وقوع تغییر لأھلیة المحكوم علیه، لا یسري الاجل الا بعد تبلیغ رسمي جدید الى الشخص الذي اصبحت لھ الصفة لاستلامه .
كما یتم وقف سریان المیعاد في حالة القوة القاھرة أو الحادث الفجائي، وفي حالة تقدیم طلب المساعدة القضائیة.
رابعاً : الاجراءات
ان الاجراءات المتبعة لقبول الطعن بالنقض لا تختلف عن تلك المتبعة للطعن بالاستئناف امام مجلس الدولة، والمنصوص علیھا في المادة 905 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة التي وضعت اصلاً للطعن بالنقض ثم تم سریانھا على الطعن بالاستئناف.
مع الاشارة الى ان اجراءات الطعن بالنقض قد تعرضنا الیھا سابقاً فیما یخص الطعن بالاستئناف.
الفرع الثاني : اوجه الطعن بالنقض وآثاره
ان الطعن بالنقض حسب القواعد العامة لا یؤدي الى طرح الخصومة برمتھا من حیث الواقع والقانون على الجھة القضائیة التي تنظره كما ھو علیه الحال بالنسبة للاستئناف.
ان الطعن بالنقض لا یطرح من النزاع الاّ الجوانب القانونیة، وھذا ما جعل محكمة النقض محكمة قانون، تقتصر سلطتھا على مجرد تقریر المبادئ القانونیة في النزاع، دون استخلاص وتقدیر الوقائع الصحیحة فیه.
ان الطعن بالنقض لا یمكن أن یؤسس الاّ على الاسباب المحددة مقدماً من طرف المشرع ولا یخرج علیھا في حدود ما تم ابداؤه أمام قضاة الموضوع من الطلبات والوسائل ما عدا ما تعلق منھا بالنظام العام.
و علیه فان الطعن بالنقض یتمیز بأوجه وأسباب عدیدة لقیامه، كما تمنح لمجلس الدولة سلطات عند نظره للطعن بالنقض.
اولاً : اوجه الطعن بالنقض
یجب ان ینبني كل طعن بالنقض على اوجه الطعن بالنقض القانونیة، اذ تنص المادة 40 من القانون رقم 98-01 على سریان قانون الاجراءات المدنیة والاداریة على الطعن بالنقض امام مجلس الدولة، وھذا معلم اخر من معالم اختلاط القضاء العادي والاداري في الجزائر
- وفي المجال الموضوعي تعرضت المادة 959 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة الى كیفیة تطبیق الاحكام المتعلقة بأوجه النقض المنصوص علیھا في المادة 358 من ھذا القانون امام مجلس الدولة.
و علیه تنص المادة 358 على :
"لا ینبني الطعن بالنقض الا على وجه واحد أو اكثر من الاوجھ الاتیة:
مخالفة قاعدة جوھریة في الاجراءات،
اغفال الاشكال الجوھریة للإجراءات،
عدم الاختصاص،
تجاوز السلطة،
مخالفة القانون الداخلي،
مخالفة القانون الاجنبي المتعلق بقانون الاسرة،
مخالفة الاتفاقیات الدولیة،
انعدام الاساس القانوني،
انعدام التسبیب،
قصور التسبیب،
تناقص التسبیب مع المنطوق،
تحریف المضمون الواضح والدقیق لوثیقة معتمدة في الحكم أو القرار،
تناقض احكام أو قرارات صادرة في اخر درجة، عندما تكون حجیة الشيء المقضي فیه قد اثیرت بدون جدوى وفي ھذه الحالة یوجه الطعن بالنقض ضد اخر حكم أو قرار من حیث التاریخ،
واذا تأكد ھذا التناقض، یفصل بتأكید الحكم أو القرار الاول، تناقض احكام غیر قابلة للطعن العادي. في ھذه الحالة یكون الطعن بالنقض مقبولاً، ولو كان احد الاحكام موضوع طعن بالنقض سابق انتھى بالرفض، وفي الحالة یرفع الطعن بالنقض حتى بعد فوات الاجل المنصوص علیه في المادة 354 اعلاه، ویجب توجیھه ضد الحكمین، واذا تأكد التناقض، تقضي المحكمة العلیا بإلغاء احد الحكمین أو الحكمین معاً،
وجود مقتضیات متناقضة ضمن منطوق الحكم أو القرار،
الحكم بما لم یطلب أو بأكثر مما طلب،
السھو عن الفصل في احد الطلبات،
اذا لم یدافع عن ناقصي الاھلیة،
ثانیاً : السلطات المخولة لمجلس الدولة عند نظره للطعن بالنقض
ان السلطات الاولیة لقاضي النقض في مجلس الدولة ھي النظر في الطعن بالنقض من الناحیة الشكلیة، فإما ان یفصل بالرفض في حالة عدم توافر شروط النقض سالفة الذكر أو بالقبول في الحالة العكسیة، وبعد النظر الفصل في شكل الطعن بالنقض ینص في الطعن من الناحیة الموضوعیة ان كان مؤسساً.
و اذا ما قبل الطعن شكلا وموضوعاً، نظراً لعدم التزام الجھات الاداریة بالقانون بمعناه الواسع، بمعنى ان القرار المطعون فیه والصادر عنھا مندرج ضمن وجھ أو اكثر من اوجه النقض سالفة الذكر، فان مجلس الدولة ینقض ذلك كلیاً أو جزئیاً، ویعمد الى الاحالة الا اذا كان قرار مجلس الدولة ینھي في حد ذاته النزاع.
و یكون قرار النقض ملزماً للجھة القضائیة التي احیلت الیھا القضیة بعد النقض فیما یخص المسائل القانونیة التي فصل فیھا مجلس الدولة، وذلك طبقاً لأحكام المادة 374 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة، وھو الامر نفسھ بالنسبة للمحكمة العلیا، وفي حالة ما اذا لم تمتثل جھة الاحالة لقرار مجلس الدولة، فیجوز له وبمناسبة النظر في طعن ثان البت في موضوع النزاع، ویكون قراره نھائیاً وقابلاً للتنفیذ كما ھو الحال بالنسبة الى المحكمة العلیا تماماً.
ارتأى مجلس الدولة من خلال القضایا المعروضة علیھ التنظیم غیر اللاّئق للإدارة التي تكلف غالباً في مجال المنازعات الاداریة موظفین غیر مؤھلین یجھلون الاجراءات الواجب اتباعھا، كما لاحظ ان الادارة غالباً ما تعمد الى عدم الدفاع عن نفسھا بحكم موقفھا القوي كسلطة عمومیة، الامر الذي یؤدي في الغالب الى صدور حكم ضدھا مما یؤثر على جانب الاموال العمومیة.
و من ھنا راح مجلس الدولة یقدم نصائح للإدارة العامة بان تبذل من الجھود ما یھدف الى الدفاع عن ممتلكات الدولة وان تصرف المھمة اكثر لجانب المنازعات الاداریة، وھذا من خلال التقریر السوي الاول، الذي رفعه المجلس لرئیس الجمھوریة طبقاً للمادة 06
من القانون العضوي 98-01 و بالاعتراف له بممارسة سلطة النظر في الطعون بالنقض یكون المشرع قد اسند لمجلس الدولة وظیفته الطبیعیة باعتباره جھة علیا للقضاء في المادة الاداریة یصوب ویقوم القرارات القضائیة ویمارس مھمة الاجتھاد بما یتماشى ومضمون المادة 152 من
دستور 1996 ، رغم ان دور مجلس الدولة باعتباره محكمة نقض لا زال یشوبه كثیر من الغموض.
خاتمة
من خلال ما سبق عرضه يتبين لنا ان مجلس الدولة يتمتع
- باختصاص قضائي متعدد ,يمارسه في تشكيلات قضائية متنوعة وذلك طبقا لقانون الإجراءات المدنية (المادة 40 من القانون 01/98 )
- كما يكون مجلس الدولة أحيانا محكمة أول وآخر درجة (قاضي اختصاص),
- وأحيانا أخرى جهة استئناف (قاضي استئناف)
- كما يختص بالطعون بالنقض ( قاضي ننقض )
يفصل مجلس الدولة كقاضي اختصاص ابتدائيا ونهائيا في المنازعات وفي الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو الفردية والطعون الخاصة بالتفسير ومدى شرعية القرارات التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة .
تتعلق شروط قبول دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة مما يلي :
محل الطعن بالإلغاء, الطاعن, الطعن الإداري المسبق,الإجراءات, الميعاد,انتفاء الدعوى الموازية ( الطعن المقابل. (