logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





25-03-2021 01:34 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-05-2013
رقم العضوية : 477
المشاركات : 225
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 30
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب

تقدير القاضي للآثار المالية الناتجة عن الطلاق
لاشك وأن الطلاق يرتب أضرار لأحد الزوجين ولومن باب خدش الشعور، هذا ما نص عليه المشرع الجزائري في عدة مواد من قانون الأسرة مثل المواد 52 ،53 مكرر، 55 من هذا القانون، وترك للقاضي سلطة تقدير الضرر والحكم للطرف المتضرر بتعويض عادل، وما دام الأشخاص يختلفون باختلاف البيئة والثقافة والتربية والمكانة فيمكن القول بأن معيار الضرر ومسبباته تتباين بدورها بتباين طبائع الأشخاص وعاداتهم وتقاليدهم وسننهم في الحياة، وعليه فالمعيار المعتمد هنا هو المعيار الشخصي وما دام كذلك فإن تقدير الضرر عنصر واقعي في الدعوى أي واقعة مادية، لذلك فتقدير القاضي للضرر يندرج ضمن تقديره للوقائع وتقدير الوقائع من طرفه يعتبر إحدى المراحل الأساسية للحكم القضائي.
والطلاق قد يكون بإرادة الزوجين أو بإرادة الزوج وحده، أو بإرادة الزوجة إذا توافرت لها الأسباب المقررة قانونا، وعليه فإن درجة الضرر الحاصلة لإحدى الزوجين من الطلاق تختلف بحسب الطرف الذي طلب إنهاء الرابطة الزوجية، وبحسب الأسباب التي دفعت إلى ذلك.
ففي حالة الطلاق بالتراضي: إذا اتجهت إرادة الطرفين إلى الطلاق واتفقا على ذلك بأن أدركا استحالة استمرار العشرة الزوجية بينهما فإن القاضي لا يملك سوى الإشهاد لهما على الاتفاق الحاصل بينهما، فإذا تنازلت المطلقة على حقها في التعويض فإنه يشير إلى ذلك في الحكم وقد يعرض عليها المطلق مبلغ مالي مقابل الطلاق بالتراضي فتقبل به وعليه ذكر ذلك في الحكم.
أما في حالة الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج فهل أن مجرد طلب الزوج للطلاق يجعل الطلاق تعسفيا ويترتب عليه إلزامه بدفع التعويض؟ إن العصمة الزوجية بيد الزوج وعليه فإذا طالب بالطلاق وأصر عليه رغم محاولة الصلح التي يجر يها القاضي والحكمين، فإن القاضي لا يملك سوى الإستجابة لطلبه ولكن انطلاقا من قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" وحتى لا تحس المرأة المطلقة أن هناك إجحاف في حقها وأن مصيرها لعبة في يد الرجل يتصرف فيه كيفما شاء، فإن المشرع قد منح لها الحق في طلب التعويض إذا ما أصابها ضرر من هذا الطلاق طبقا لنص المادة 52 من قانون الأسرة التي نصت على أنه: " إذا تبين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق حكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها "، فالرجل وإن كانت العصمة بيده فإنه لابد أن يبرز الدوافع التي أدت إلى مطالبته بالطلاق، فإن كانت المبررات جدية حسب تقدير القاضي المختص فإن طلاقه لا يعد تعسفيا، وبالتالي فالسؤال المطروح هو هل أن الزوجة تستحق التعويض عن الطلاق إذا كان مبررا من طرف الزوج؟.
بالرجوع إلى القاعدة العامة فإن التعويض يكون لجبر الضرر الحاصل للطرف المتضرر وانطلاقا من المادة 124 من القانون المدني الجزائري فإن كل من أحدث ضرر للغير بخطئه يلزم بالتعويض، واستنادا على المادة 124 مكرر التي تنص على التعسف في استعمال الحق، فإنه يجب إثبات الضرر والخطأ، لكن بالنسبة لقضايا الطلاق والضرر الناتج عنه فيلاحظ أن المعمول به في الغالب هو أن عنصر الضرر مفترض دون حاجة إلى إثباته متى كان الأساس الذي اعتمد عليه الزوج لطلب الطلاق غير جدي، أو منعدم تماما لأنه إذا انعدم التبرير أو كان غير كاف فإن ذلك يفهم منه أن الزوج تعسف في استعمال حقه في الطلاق.
لكن قد يكون طلب الزوج للطلاق بسبب من الزوجة التي امتنعت عن الرجوع إلى بيت الزوجية رغم صدور حكم قضائي بإلزامها بالرجوع، فمتى أثبت الزوج أن حكم الرجوع قد أصبح نهائيا وأنه سعى لتنفيذه إلا أنها امتنعت، فهنا يستجاب لطلبه المتضمن الطلاق ويكون ذلك بسعي منه وبتظليمها لنشوزها وفي هذه الحالة فإنها تحرم من حقها في التعويضات.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو هل أن التعويض ونفقة المتعة شيئان مختلفان أم أنهما شيء واحد؟.
لم يأت المشرع الجزائري ضمن نصوص قانون الأسرة بأي مادة قانونية تشير إلى ما يسمى بالمتعة بل أشارت فقط لحق المطلقة طلاقا تعسفيا في التعويض في نص المادة52 من قانون الأسرة، ونص في المادة 53 مكرر أيضا أنه يجوز للقاضي في حالة الحكم بالتطليق أن يحكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها.
وعن موقف الإجتهاد القضائي بخصوص نفقة المتعة فإن المحكمة العليا أصدرت قرار جاء فيه: " إذا كانت أحكام الشريعة الإسلامية تقرر للزوجة التي طلقها زوجها متعة تعطى لها تخفيفا عن ألم فراق زوجها لها وهي في حد ذاتها تعتبر تعويضا" .
فالمحكمة العليا قررت أن نفقة المتعة هي نفسها التعويض.
هناك إشكال أخرى وهو ما مدى استحقاق المطلقة قبل البناء للتعويض عن طلاقها، من المقرر شرعا وقانونا أن المطلقة قبل البناء تستحق نصف المهر، فهل يسمى هذا المهر تعويضا عندما يمنحه القاضي في حكمه؟ المشرع الجزائري لم يشر في قانون الأسرة إلى حقوق المطلقة بصفة عامة، وبما أن التعويض هو جبر للضرر الحاصل للمطلقة فإنه لا يعقل أن يأخذ نفس تسمية المهر ذلك أن المهر هو حق شرعي للزوجة، وبالرجوع إلى قرارات المحكمة العليا وجدنا القرار الصادر بتاريخ 23/04/1996 والذي جاء فيه: "... ولما ثبت –في قضية الحال- أن القضية تتعلق بزواج تام الأركان، إلا أن الزوج تأخر عن الدخول بزوجته لمدة 5 سنوات فإنه بذلك يعتبر تعسفا في حقها ويبرر التعويض الممنوح له..." .
وبالتالي نحن نرى أن المطلقة قبل البناء زيادة على نصف مهرها، لها الحق في الحصول على تعويض عن الأضرار التي قد تصيبها من جراء هذا الطلاق.
وتجدر الإشارة إلى أن المطلقة تحرم من التعويض إذا كان الطلاق بتظليمها، فإذا تأكد القاضي أنها هي المتسببة في الطلاق بتصرفاتها وإذا تبين له نشوزها، فإنها تحرم من التعويض، كذلك إذا كان الطلاق بواسطة الخلع فإنها لا تستحق أي تعويض، وهناك حالات تحرم فيها المرأة من التعويض وعلاوة على ذلك تلزم بدفع التعويض لزوجها في حالة الطلاق، ذلك أنه إذا ثبت نشوزها كان من حق الرجل المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 27/04/1993 والذي جاء فيه: " متى كان من المقرر قانونا أن يحكم القاضي بالطلاق و بالتعويض للطرف المتضرر عند نشوز أحد الزوجين فإن القضاء بغير ذالك يعد خرقا للقانون، ومن تم فإن عدم وجود أي سبب واضح يجعل من الزوجة في قضية الحال تلجأ إلى طلب التطليق بعد نشوزها فإن ذالك يعدد سببا كافيا لاعتبار الزوج متضررا من هذا الطلاق وعليه فإن قضاة الموضوع قد أخطأوا حين قرروا أن الضرر و التعويض عنه يكون للزوجة وحدها مما يستوجب نقض قرارهم " .
بالنسبة لتقدير التعويض المستحق للمطلقة فهو من صلاحيات القاضي الذي يفصل في قضية الطلاق وهو يخضع لسلطته التقديرية ولا يمكن تقييده أو حصره، وعلى القاضي أن يأخذ بعين الاعتبار بعض المعطيات وهي مدخول الرجل وظروف المعيشة وحتى عدد سنوات العشرة الزوجية التي قضياها معا، وبالرجوع إلى القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 18/06/1991 والذي جاء فيه: "إن تحديد مبالغ المتعة والتعويض ونفقة العدة ترجع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، غير أنهم ملزمون بذكر أسباب تحديدها".
وعليه فحتى وإن كان تقدير التعويض يخضع للسلطة التقديرية للقاضي إلا أنه ملزم بذكر أسباب تحديده.
وفي نهاية هذا المطلب ارتئينا معالجة نفقة العدة، فوجوب العدة على المطلقة يعتبر من الآثار المترتبة عن انحلال الرابطة الزوجية، و هي أجل ضربه الشارع لانقضاء ما بقي من آثار الزواج أو شبهته، وقد تناول المشرع موضوع العدة في المواد من 58 إلى 61 من قانون الأسرة وسنركز دراستنا حول آثار العدة وسلطة القاضي التقديرية في ذلك حيث نص المشرع في نص المادة 61 من قانون الأسرة بأنه: "لا تخرج الزوجة المطلقة ولا المتوفى عنها زوجها من السكن العائلي ما دامت في عدة طلاقها أو وفاة زوجها إلا في حالة الفاحشة المبينة ولها الحق في النفقة في عدة الطلاق".
ومن خلال استقراء نص هذه المادة نجد أن المشرع أعطى الحق لكل مطلقة أو متوفى عنها زوجها في النفقة من مال زوجها طيلة مدة عدتها، وذلك يعتبر من مبادئ العدل على أساس أن المعتدة في هذه المرحلة تكون محتبسة عن الزواج بأمر الشرع لمصلحة النظام العام ولمصلحة الرجل الذي تعتد لصيانة النسب إليه، ولذلك على المحكمة أن تحكم بها وتحددها وتشير إليها في نفس الحكم الذي تقضي فيه بالطلاق حتى وإن كان ذلك بتظليمها وذلك للعبرة المذكور أعلاه، وهذا ما أخذت به المحكمة العليا في قرارها الصادر في 22/10/1984 والذي جاء فيه "متى كان من المقرر شرعا أن نفقة العدة تظل واجبة للزوجة على زوجها سواء كانت ظالمة أو مظلومة، فإن القضاء بما يخالف أحكام هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام الشريعة الإسلامية" .
وحق نفقة العدة ربطه المشرع بمكوث الزوجة في بيت زوجها أي أن هذا الحق يسقط إذا تركت المطلقة مقر الزوجية ولم تقضي العدة فيه دون مبرر شرعي، وتعتبر وكأنها ناشز، وعلى القاضي أن يحكم بنفقة العدة سواء طلبتها الزوجة أو لم تطلبها وذلك لاعتبار أن النفقة هي حق ثابت شرعا من حقوق الزوجية ولا تسقط إلا إذا أسقطها الشارع في بعض الأحوال المحددة شرعا، أو تنازلت عنها الزوجة صراحة، وعلى القاضي كذلك أن يراعي حال الطرفين عند تحديده لمبلغ النفقة وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 18/06/1991 المذكور أعلاه.
ونستنتج من خلال استقراء نصوص المواد 58، 59، 60 من قانون الأسرة أنه على القاضي عند تقديره لقيمة نفقة العدة أن يأخذ بعين الاعتبار مدتها حسب ما هو مقرر شرعا وقانونا وألا يفوق في تقديرها مدة 10 أشهر من تاريخ الوفاة أو الطلاق على اعتبار أن المشرع اعتبرها أقصى مدة للحمل، أما المعتدة من وفاة فنجد أن المشرع لم ينص على حقها في نفقة العدة على اعتبار أنها لا تستحقها لكن هناك من يرى أن للمتوفى عنها زوجها الحق في نفقة عدة تأخذها من تركة زوجها.
بالنسبة لنفقة الإهمال التي يحكم بها القاضي يجب عليه أن يراعي في ذلك حال الطرفين في تقديرها والمدة التي بقيت خلالها الزوجة دون إنفاق بحيث تشمل النفقة الغذائية والكسوة وغيرها.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
تقدير ، القاضي ، للتعويض ، الطلاق ،









الساعة الآن 10:36 AM