logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





25-03-2021 04:13 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 455
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب

تحليل نص المادة 379 من القانون المدني
الجزائري الالتزام بضمان العيوب الخفية.
أولا التحليل الشكلي لنص المادة 379 ق م
ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 379 ق م.

أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 379 : { يكون البائع ملزما للضمان إذا لم يشتمل المبيع على الصفات التي تعهد بوجودها وقت التسليم إلى المشتري أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته، أو من الانتفاع به بحسب الغاية المقصودة منه حسبما هو مذكور بعقد البيع، أو حسبما يظهر من طبيعته أو استعماله. فيكون البائع ضامنا لهذه العيوب ولو لم يكن عالما بوجودها.
غير أن البائع لا يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم  بها وقت البيع، أو كان في استطاعته أن يطلع عليها لو انه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، الا إذا اثبت المشتري أن البائع أآد له خلو المبيع من تلك العيوب أو أنه أخفاها غشا عنه
}.



موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 379) في الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم .
و قد جاء في الكتاب الثاني منه عنوانه الالتزامات و العقود، من الباب السابع وعنوانه العقود المتعلقة بالملكية، الفصل الأول وعنوانه عقد البيع القسم الاول تحت عنوان أحكام عامة.


البناء المطبعي :
المشرع قد حاول إجمال المعنى في نص المادة 379 من القانون المدني حيث جعلها تتألف من فقرتين 2 .
الفقرة الاولي : يبدأ من " يكون البائع ملزما " وينتهي عند " عالما بوجودها " ،.
الفقرة الثانية : يبدأ من "غير أن " وينتهي عند "غشا عنه " ،.


البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت المادة 379 من القانون المدني محملة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع الالتزام بضمان العيوب الخفية و كمثال على ذلك نشير إلى :
"ملزما للضمان " ، " فيكون البائع ضامنا  " ، " فحص المبيع " .


البناء المنطقي :
المشرع إستهل نص المادة 379  بعبارة  " يكون البائع " وهنا يقصد الضمان الذي يجب علي البائع أن يوفره للمشتري حيث يجب علي الشئ المباع أن تتوفر فيه الصفات التي تعهد بها البائع للمشتري إضافة إلي ضمانه حتي للعيوب التي لايعلم بها في حالة ما إكتشفها المشتري.
علي العكس لايكون البائع ضامن للعيوب التي يكون المشتري علي علم بوجودها وقت الشراء إلا إذا إستطاع المشتري أن يثبت أن البائع أخفى العيوب غشا عنه .
نلاحظ أن المادة اعتمدت أسلوبا إخباريا .


ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 379 ق م يتضح أن المشرع إعتبر عقد البيع لا يقتصر في جوهره على مجرد النقل المادي لملكية الشيء إلى المشتري بل إلى ضرورة خلو هذا الشيء من العيوب و تمتعه بكافة المواصفات المشروطة والتي تعهد البائع بوجودها.
كما أن البائع لا يكون ضامن للعيوب التي يمكن للمشتري أن يكتشفها لو فحص المبيع بعناية الرجل العادي إلا إذا أخفي هذه العيوب بإستخدام الغش فهنا يكون مسؤول وضامن لشئ الذي باعه للمشتري.



تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 379 ق م يمكن  طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ما هوالعیب الذي یلتزم البائع بضمانه ؟ و ما هي شروطه ؟ و فیما تتمثل آثاره ؟


التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : تعريف وشروط العيب الخفي الموجب للضمان.
المطلب الأول :  تعريف العيب الخفي الموجب للضمان
المطلب الثاني : شروط العيب الخفي.
المبحث الثاني : دعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع.
المطلب الأول : الشروط الشكلية لدعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع.
المطلب الثاني : الشروط الموضوعية لدعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع.
المبحث الثالث : الآثار المترتبة عن قيام دعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع
المـطلب الأول : رد المبيع كأثر لدعوي ضمان العيب الخفي في عقد البيع.
المطلب الثاني : التعويض في دعوي ضمان العيب الخفي في عقد البيع
خاتمة.


مقدمة :
عقد البيع عقد ملزم للجانبين لانه ينشئ بمجرد انعقاد التزمات في ذمة البائع واخرى في ذمة المشتري وعليه بمجرد انعقاد البيع صحيحاً فإنه يرتب التزامات في ذمة كلٍ من البائع و المشتري، فالإضافة إلى التزام البائع أن ينقل ملكية الشيء المبيع إلى المشتري ، لا بد له أيضا من أن يسلمه له بشكل يسمح له بالحيازة عليه والانتفاع به بدون عوائق ،حيث لا فائدة من نقل حق ملكية المبيع و تسليمه للمشتري، إذا ما وجد في المبيع عيبا ينقص من قيمته أو منفعته، و على هذا الأساس يجب على البائع أن يضمن للمشتري الإنتفاع الكامل و المفيد بالمبيع، أو ما يطلق عليه بضمان العيوب الخفية ، ويرتب عقد البيع في ذمة البائع التزاما بضمان المبيع للمشتري ، وحيازته.

ومن ناحية اخري يجب ان يكون المبيع محققا للفائدة المقصودة من شرائه مما يستلزم ان يضمن البائع ان يكون المبيع صالحا للغرض الذي يبتغيه المشتري من شرائه وان لا يكون فيه من العيوب الخفية ما يحول دون استعماله فيما اعد له بحسب قصد المشتري ومن هنا يظهر ان الالتزام بالضمان الذي يقع على عاتق البائع يشمل أيضا ضمان العيوب الخفية.


المبحث الأول : تعريف وشروط العيب الخفي الموجب للضمان.
المطلب الأول :  تعريف العيب الخفي الموجب للضمان :
یقصد بالعیب تلك الآفة التي تصیب الشّيء المبیع فتنقص من قیمته الاقتصادیة و من منفعته، و یعتبر من قبیل العیب تخلّف الصّفة المتّفق علیها للمبیع في عقد البیع، كأن یقوم البائع ببیع أرض للمشتري على أساس أنها صالحة للزراعة ثم یتبیّن أنّ فیها أملاح تجعلها غیر صالحة لذلك.
وبذلك تعتبر العيوب الخفية الموجبة للضمان هي العيوب التي تنقض من قيمة المبيع أو تجعل المبيع غير صالح لاستعماله فيما أعد له.
وهذا ما أقره المشرع في نص المادة 379 فقرة 1 من القانون المدني الجزائري التي تلزم البائع بالضّمان إذا لم  یشتمل المبیع على الصّفات التي تعهّد بوجودها وقت التّسلیم إلى المشتري أو إذا كان بالمبیع عیب ینقص من قیمته أو من الانتفاع به.


تعريف العيب الخفي في الشريعة الإسلامية :
وردت كلمة عيب في القرآن الكريم مرة واحدة فقط وذلك في سورة الكهف الآية 78 في قوله عز وجل : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البهر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا.
لم يذكر كبار مفسري القرآن الكريم شيء عن تعريف العيب أو أحكامه عند تفسيرهم لهذه الآية.
أما في الفقه الإسلامي فقد أورد فقهاء الشريعة الإسلامية عدة تعاريف مختلفة للعيب، فعرفه ابن عابدين في حاشيته : بأنه ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة من الآفات العارضة لها.
عرفه أيضا الفقيه عبد الرحمان الجزيري بأنه : هو الذي تنقص به قيمة المبيع، أو يفوت به على المشتري عوض صحيح .


يتضح لنا من خلال كل هذه التعاريف، أن العيب الخفي الذي يثبت للمشتري الحق في الضمان، هو آفة يخلو منها أصل الفطرة السليمة للشيء و ينقص من قيمته.
لذا فإن العيب حسب هذا، هو عبارة عن آفة عارضة والآفة العارضة يمكن أن تكون إما في الخلقة والتكوين أو آفة طارئة.
فالحالة الأولي تكون مصاحبة لتكوين الشيء، فيحين الثانية تكون بعد تكوين الشيء لهذا فكلا الحالتين تعتبر آفة عارضة مما يجعلها تعتبر عيب، مادامت مما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة للشيء.
أما إذا كانت فطرة الشيء لا تخلو من آفة أو صفة تشوبها فإن هاته الآفة لا تعتبر عيبا، مثل المحصول الزراعي الذي تتباين فطرته السليمة بين الجودة والرداءة، فلا تعد رداءة هذا المحصول عيبا فيه لأن طبيعته السليمة تقتضي أن يكون فيه الجيد و الرديء .


تعريف العيب الخفي في الفقه و القضاء :
حاول الفقهاء المختصين في مجال القانون، وقضاة المحاكم تقديم تعريف خاص للعيب الخفي الموجب للضمان من خلال ما يلى :
أولا: بالنسبة للقضاء.
يعود أول تعريف جاء به القضاء للعيب الخفي، إلى سنة ألف وتسعة مئة وثمانية وأربعون حيث صدر عن محكمة النقض المصرية حكم عرفه على : أنه الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع.
لو تمعنا بعض الشيء في هذا التعرف لاتضح لنا جليا، أنه مستوحى من كتاب حاشية ابن عابدين الذي اعتبره : ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة من الآفات العارضة لها.

ثانيا : بالنسبة للفقه.
سعى الفقهاء المختصون في مجال القانون جاهدين لتقديم تعريفا للعيب الخفي، وذلك من خلال العديد من المحاولات.
فعرفه الدكتور خليل أحمد حسن قدادة بأنه : آفة تصيب الشيء المبيع فتنقص من قيمته الاقتصادية ومن منفعته كما عرفه الدكتور توفيق حسن فرج بقوله : أما العيب الخفي بحسب تعريف الفقه الإسلامي هو ما تخلو عنه الفطرة السليمة، أو هو حالة يخلو عنها الشيء عادة لا تظهر عند البيع بفحص المبيع، أو يكون من شأنها أن تنقص من قيمته نقصانا محسوسا، أو تؤثر على الانتفاع به .
أما الأستاذ مصطفى الزرقاء فقد عرفه على أنه : حالة يخلو عنها الشيء عادة وينقص وجودها من قيمته ونفعه .

تعريف العيب الخفي في القانون :
لم يعرف المشرع الجزائري العيب الخفي الموجب للضمان في عقد البيع الذي يلتزم به البائع اتجاه المشتري، بل اكتفى فقط بذكر شروطه وهذا ما يظهر جليا في نص المادة 379 ق م ج لا يمكننا أن نلوم المشرع الجزائري كون أنه لم يورد تعريفا خاص بالعيب الخفي الموجب للضمان، لأن معظم التشريعات الغربية وكذلك العربية لم تورد تعريفات للعيب الخفي بل إكتفت بذكر متي يكون وما يترتب عنه من آثار.


المطلب الثاني :  شـــــــــــروط العيب الخفي :
اشترط المشرع شروطا معينة في العيب الموجب للضمان حرصا منه على استقرار المعاملات ، وهذه الشروط مذكورة في نص المادة 379 ق م  وهى أن يكون العيب خفياً ، عدم علم المشترى بالعيب ، وأن يكون العيب قديماً ، وأن يكون مؤثراً .


الفرع الأول : أن يكون العيب مؤثراً :
والعيب المؤثر هو الذي يؤدي إلى نقص في قيمة المبيع ، أو نقص في منفعته بحسب الغاية المقصودة المستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له.
وهناك فارق بين النقص في القيمة وبين النقص في المنفعة .
فالنقص في القيمة يمكن التعرف عليه عن طريق تحديد قيمة المبيع في السوق.

أما النقص في المنفعة فإنه يتحدد على أساس الغرض الذي يهدف المشتري إلى استخدام المبيع فيه وبغض النظر عن قيمة المبيع في السوق ،وعلى ذلك فإن الغاية المقصودة من المبيع تستخلص مما هو مبين في العقد أو من طبيعة الشيء، أو من الغرض الذي أعد له ، ولا يضمن البائع العيب إلا إذا كان على قدر من الجسامة والأهمية، وتقدير جسامة العيب أمر متروك لقاضي الموضوع يفصل فيه بحسب المعايير السابقة ، وكلها موضوعية لا شخصية " ولا يضمن البائع عيباً جرى العارف على التسامح فيه " ومن أمثلة ذلك ما جرى به العرف من التسامح في بعض عيوب القمح من ناحية اشتماله على كمية قليلة من الأتربة فإذا تعذر استخلاص الغاية المقصودة مما اتفق عليه الطرفان صراحة أو ضمناً تعين الرجوع في تحديد هذه الغاية إلى طبيعة الشيء والغرض الذي خصص له هذا الشيء. فشراء قطعة أرض لزراعتها يستلزم أن تكون هذه الأرض صالحة للزراعة، وشراء منزل للسكنى يقتضي أن يكون هذا المنزل صالحاً لذلك، وشراء المحل التجاري يتطلب أن يكون عقد ايجار هذا المحل صحيحا .


الفرع الثاني : أن يكون العيب قديما :
قِدَم العيب هو من الشروط الواجب توافرها لكي يتحقق موجب الضمان على البائع، والمقصود بالعيب القديم، العيب السابق للبيع أو على وجه أصحّ، أي العيب الموجود قبل انتقال الملكية إلى المشتري أو عند انتقالها كحدّ أقصى (في الأشياء المِثلية يؤخَذ بوقت التسليم، أما في الأشياء العينية فيؤخَذ بوقت انعقاد البيع) .


أما إذا كان العيب ممّا لا يظهر إلاّ بعد انعقاد البيع وانتقال الملكية، فيكون الضمان واجباً على البائع، مثال ذلك أن يشتري أحدهم حيواناً فيه جرثومة لمرضٍ ما، ويتمكّن من إثبات وجودها في الحيوان قبل استلامه، و تجدر الإشارة إلى أنّه إذا كان انتشار المرض أو العيب يعود إلى خطأ وإهمال من المشتري، فعلى هذا الأخير أن يتحمّل وحده الضرر، فمَنْ يشتري مثلاً سيارة ويُلاحظ أنّ الحرارة تزداد في محرّكها عن المعدّل العادي، ومع ذلك لا يعمد إلى فحصه مُهملاً تزويده بالزيت، فيُعْطَب، لا يحقّ له المطالبة بالضمان، أما إذا كان الاستعمال السيّئ للشيء فقط عاملاً مُساعداً في ظهور العيب من دون التسبّب في نشوئه، فيبقى الضمان واجباً على عاتق البائع، وقد يرى القاضي توزيع المسؤولية بين البائع والمشتري إذا كان خطأ هذا الأخير قد شارك جزئياً في عملية إظهار العيب، إنّ عبء إثبات قِدَم العيب يقع على عاتق المشتري أما عبء إثبات خطأ المشتري في الاستعمال، فيبقى على عاتق البائع، (والإثبات في الحالتين ممكن بكافة الوسائل)، و بذلك يكون المشرع الجزائري قد ربط ووحد بين ضمان العيب و تبعة الهلاك، إذا العبرة فيهما بالتسليم.


إضافة إلى ذلك هناك نقطة تتطلب التوضيح، وهي حالة ما إذا لم يظهر العيب إلا بعد التسليم، فكيف نحمل المشترى هذه الخسارة ؟ في حين أن العيب أو الجرثومة كانت موجودة في المبيع قبل العقد أو قبل التسليم ؟ مثال على هذه الحالة : أن يباع حيوان به جرثومة المرض التي لم تظهر إلا بعد التسليم، و هنا يقع الضمان على عاتق البائع لأن جرثومة المرض موجودة في المبيع عند تسليمه للمشترى .


الفرع الثالث : أن يكون العيب خفيا :
و العيب الخفي هو العيب الذي يكون موجودا وقت المبيع و لكن ليس بوسع المشترى تبينه أو اكتشافه و لو فحص المبيع بعناية الرجل العادي، أن الشخص المتوسط الفطنة لا يستطيع أن يكتشفه إلا إذا فحص المبيع خبير ، أو محلل فني أو كيميائي أو الطبيب .


الفرع الرابع : عدم علم المشترى بالعيب :
فلو كان المشترى عالما بالعيب سقط الضمان و لو كان خفيا، لأن علمه بالعيب هذا يدل على رضائه بالمبيع، و العبرة بتاريخ العلم بالعيب في المبيع ـ العلم الحقيقي ـ و هو وقت التسليم أو وقت الفرز لأنه الوقت الذي يتاح فيه عمليا للمشترى الإطلاع على العيب،و بالتالي يقع على البائع عبء إثبات علم المشترى بالعيب أي القول بأن المشترى كان يعلم بوجود العيب وقت تسلم المبيع، و الإثبات واقعة مادية، يجوز إثباتها بكافة وسائل الإثبات، أما إذا لم يثبت ذلك، افترض أن المشترى غير عالم بالعيب، و بالتالي وجب على البائع الضمان.               


المبحث الثاني : دعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع.
لا يمكن للمشتري أن يرفع دعوى الضمان مباشرة، بل يجب عليه أن يتأكد أولا من حالة المبيع، فإذا وجده مشوب بعيب و توافرت في هذا الأخير الشروط السابقة الذكر يقوم، بعدها بإخطار البائع بهذا العيب، من أجل تسوية الوضع وديا و في حالة ما إذا باءت كل هذه المحاولات بالفشل، يلجأ الطرف المتضرر إلى رفع دعواه أمام الجهة القضائية المختصة في المواعيد القانونية المحددة له، سمى كل هذه الإجراءات السابقة لرفع الدعوى بمقدمات دعوى الضمان، بهذا يكتسب المشتري صفة الدائن والبائع صفة المدين، ولتوضيح ذلك أكثر قسمنا، هذا المبحث إلى مطلبين، الأول نتناول فيه الشروط الشكلية، و في الثاني الشروط الموضوعية التي خص بها المشرع الجزائري دعوى ضمان العيب الخفي.


المطلب الأول : الشروط الشكلية لدعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع :
لكى يحصل المشتري على حقه في الضمان، لابد أن يحترم مجموعة من الإجراءات تسبق هذه الدعوى التي خصها المشرع الجزائري بالطابع الإلزامي، بحيث لا يجوز للمشتري صاحب الحق التملص منها و إلا سقط حقه، تكون هذه الإجراءات سابقة لرفع دعوى ضمان العيب و عادة ما تتمثل، في تأكد المشتري من سلامة المبيع عند تسلمه، و إخطار البائع بالعيب في أجل معقول، ثم بعدها ينتقل إلى إجراءات مباشرة الدعوى من خلال تقديم عريضة افتتاح الدعوى التي يجب فيها أن يراعى المواعيد المحددة لها.

الفرع الأول: مقدمات دعوى ضمان العيب الخفي :
حتى يحافظ المشتري على حقه في الضمان، فإنه لابد من أن يلتزم بفحص الشيء المبيع عند استلامه و التأكد من خلوه من العيوب، فإذا عثر على واحد منها وجب عليه إخطار البائع به، لذا فإن المشتري يلتزم في هذه المرحلة بإجراءين الأول يتمثل في فحص المبيع عند استلامه، أما الثاني يكون بإخطار البائع عند وجود عيب في المبيع و توافرت فيه كل الشروط السابقة الذكر هذا ما سنوضحه كالتالي.

أولا : فحص المبيع.
تنص المادة 380 ق م ج على أنه : إذا تسلم المشتري المبيع، وجب عليه التحقق من حالته عندما يتمكن من ذلك، حسب قواعد طبقا قواعد التعامل الجارية، فإذا كتشف عيبا يضمنه البائع، وجب عليه أن يخبر هذا الأخير في أجل مقبول عادة، فإن لم يفعل اعتبر راضيا بالمبيع غير أنه إذا كان العيب مما لا يظهر بطريق الاستعمال العادي وجب على المشتري بمجرد ظهور العيب أن يخبر البائع بذلك والا اعتبر راضيا بالمبيع بما فيه من عيب.


يفهم من نص هذه المادة أنها ميزت بين حالتين، أولا الحالة التي يتم فيها اكتشاف العيب الخفي بالفحص العادي، الذي يكون بدرجة أقل من الخفاء بحن يمكن التفطن إليه لو تم فحصه بعناية الشخص العادي، أما الحالة الثانية فهي التي تتطلب فحصا غير عادي لأن العيب فيها قد بلغ درجة الخفاء لا يمكن التفطن إليه إلا بفحص خاص يقوم به خبير مختص .
يجب على المشتري في كلتا الحالتين، أن يقوم بفحص المبيع بمجرد استلامه له قصد التأكد سلامته من أي عيب و إلا سقط حقه في الضمان، والتسليم الذي يقصده المشرع في هذه الحالة هو التسليم الفعلي وليس الحكمي، لأن التسليم الفعلي هو الذي يمكن المشتري من القيام بهذا الفحص .


كما أنه لا يعتبر المشتري في كل الحالات قابلا للعيب بمجرد تسلمه للمبيع حتى، و إن كان هذا العيب ظاهرا و يمكن التنبه إليه بالفحص المعتاد، فمثلا : إذا اشترى شخص قماشا من تاجر فالغالب أن يكون هذا القماش مطويا، فإذا كان فيه عيب ظاهر أو في حكم الظاهر، لم يعتبر المشتري راضيا به بمجرد تسلمه القماش المطوي و إنما يكون ذلك إذا ذهب بالقماش إلى منزله أو متجره، و خلال المدة المألوفة في التعامل نشر القماش المطوي و فحصه فلم يجد عيبا، أو وجده عن طريق الفحص المعتاد فسكت ولم يخبر به البائع في مدة معقولة اعتبر راضيا بالعيب.
أما إذا كان العيب الذي أصاب الشيء المبيع من العيوب التي لا يمكن الكشف عنها بالفحص العادي، فإن المشتري لا يعتبر راضيا به إلا في حال ما إذا كشف عنه عن طريق الاستعانة بخبير، و لكن سكت هذا الأخير و لم يخطر البائع به بمجرد اكتشافه له.


امتنع المشرع الجزائري عن تحديد المدة التي يقوم فيها المشتري بفحص المبيع، بل ترك هذا الأمر لقاضي الموضوع، الذي عادة ما يراعي في ذلك طبيعة المبيع و طبيعة العيب، و ما جرى التعامل هذا ما أخذت به معظم التشريعات العربية بحيث هناك من يرى أن معاينة المبيع بعد التسليم هي أكثر دقة من المعاينة التي تكون عند إجراء عقد البيع، مثل لو كنا بصدد بيع أشياء معينة بالنوع التي يتم فيها البيع على أساس العينة فالعينة هنا ليست هي محل البيع ذاته، و إنما هي شيء يماثله فالمبيع لم تتحدد ذاتيته بعد، و المشتري لا يكتفى بفحص العينة بل له الحق في أن يفحص المبيع الذي هو من نوعها عندما يستلمه، لأنه قبل ذلك لم يفحص المبيع لأنه لم يكن موجودا بل فحص العينة، فالمشتري في هذه الحالة يكون قد فحص المبيع مرتين، عند إبرام العقد و عند تسلم المبيع.

ثانيا : إخطار البائع بالعيب.
لقد سبق لنا و أن ذكرنا بأنه حتى لا يسقط حق المشتري في الضمان فإنه زيادة على للمبيع فور تسلمه، يجب عليه إخطار البائع في حال ما إذا وجد عيب فيه بعد التعديل الأخير للقانون المدني استبدل المشرع الجزائري في هذه المادة كلمة "يخطر" "بـ يخبر"،
1- تعريف الإخطار :
الإخطار هو عمل إجرائي ينقل إلى البائع تذمر المشتري من كون المبيع يحتوي على عيب يجعله غير مطابق للمنافع المرجوة منه، وهو غالبا ما يكون مقدمة لدعوى قضائية، و الغاية منه هي تحاشي تفسير سكوت المشتري بأنه قبول ضمني للمبيع بما فيه من عيوب.
كما أنه لا ينبغي الخلط بين الإخطار و الإنذار، بحيث هذا الأخير يعتبر تكليف بالإيفاء بالالتزام، بينما الإخطار هو إعلام بعدم التنفيذ الذي عادة ما يتعلق بالكم، أو بالكيف للسلعة المبيعة.


2- كيفية الإخطار :
بالرغم من أن المشرع الجزائري حث المشتري على ضرورة إخطار البائع بالعيب بمجرد اكتشافه، إلا أنه لم يحدد الكيفية أو الوسيلة التي يجب أن يكون عليها هذا الإخطار، لذا غالبية الفقهاء على أنه يمكن أن يتم إما بورقة رسمية أو عرفية، أو بواسطة محضر قضائي، أو حتى شفويا ولو أن هذه الحالة الأخيرة يصعب إثباتها، و بما أن واقعة الإخطار واقعة مادية فإنه يجوز للمشتري إثبات ذلك بكافة وسائل الإثبات المتاحة طبقا للقواعد العامة.


فيما يخص مضمون الإخطار، فإنه يجب أن يكون واضحا لا يترك محلا للالتباس لذا يجب على المشتري، أن يستعمل فيه عبارات واضحة ومفهومة يذكر فيها وصفا كليا للعيب محل الإخطار مع تحديد نوعه و ذكر وسيلة اكتشافه.

3- مهلة الإخطار :
سبق لنا و أن ذكرنا أن المشرع الجزائري لم يحدد المدة التي يقوم فيها المشتري بإخطار البائع في حالة وجود العيب بالمبيع، مثله مثل جل التشريعات العربية ، باستثناء المشرع اللبناني الذي حددها بسبعة أيام التالية للاستلام إن كان المبيع من المنقولات غير الحيوانات أما إذا كان المبيع عقار أو حيوان فإنه لم يحدد مدة ذلك.


تركت هذه المسألة لسلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تحديد المدة، الذي عادة ما يعتمد في تحددها على طبيعة العيب و الشيء المبيع، و ما جرى التعامل عليه، إلا أنه هنالك حالات يثبت عدم التزام المشتري بهذه الإجراءات، إلا أن حقه فى الضمان لا يسقط و يكون ذلك فى حالة ما إذا استطاع هذا الأخير إثبات غش البائع و سوء نيتها .


الفرع الثاني : إجراءات رفع دعوى الضمان :
بعد أن ينتهي المشتري من عملية فحص المبيع و إخطار البائع بالعيب الموجود في الشيء المبيع و في حال عدم توصله لاتفاق مع البائع ، جاز له أن يرفع عليه دعوى الضمان حتى يحصل على علنه أن يحترم أولا مجموعة من الإجراءات قام بوضعها حقه، إلا أنه حتى يحصل على ذلك يجب المشرع الجزائري تحت طائلة البطلان التي تتمثل في ما يلي :
أولا : عريضة رفع الدعوى :
المعمول به في قانون الاجراءات المدنية و الادارية طبقا للمادة 14 منه فإن افتتاح الدعوى يشترط، إجراءين أساسيين، وهما تحرير عريضة مسجل فيها كل البيانات التي يشترطها القانون، و فقا لما جاءت به المادة 15 ق إم إ ج، ثم بعدها يتقدم صاحب الحق إلى المحكمة بهذه العريضة لإيداعها لدى مكتب الضبط.

ثانيا : ميعاد رفع الدعوى.
تنص المادة 383 ق م ج على أنه : تسقط بالتقادم دعوى الضمان بعد انقضاء سنة من يوم تسليم المبيع، حتى و لو لم يكتشف المشتري العيب إلا بعد انقضاء هذا الأجل، ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول.
غير أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بسنة التقادم، متى تبين أنه أخفى العيب غشا منه.
يتضح من نص هذه المادة : أن المدة المحددة التي يجوز فيها رفع دعوى الضمان هي سنة كاملة تستثنى منها حالتين، لا يجوز فيها للبائع التمسك بهذه المدة و هما :
- أولا الحالة التي يكون فيها قد تم اتفاق بين الطرفين على تمديد مدة الضمان،
- ثانيا في الحالة التي يثبت فيها المشتري أن البائع قد قام بإخفاء العيب الموجود بالمبيع عن طريق استعمال الغش،


لذا فإن كلا هاتين الحالتين لا تسري عليهما هاته المدة، أما في ما يخص بداية سريان مدة السنة فقد حددتها المادة من يوم تسليم المبيع، و من أجل توضيح أكثر لما سبق ذكره ارتأينا أن نقسم هذا الفرع إلى ثلاثة أجزاء ندرس في الأول المدة المحددة لرفع الدعوى، أما الثاني بداية سريانها، وفي الأخير نناقش الطبيعة القانونية لهذه المدة.



1- المدة المحددة لرفع الدعوى.
و صريحا بخصوص المدة القانونية التي يجب فيها على لقد جاء نص المادة السابقة واضحا المشتري رفع دعواه، بحيث حدد هذه المدة بسنة كاملة دون أن يميز في ذلك بين ما إذا كان المبيع المعيب عقارا أو منقولا.
أما بالنسبة للمشرع الفرنسي فهو الآخر لم يحدد المدة التي يجب فيها على المشتري رفع دعواه في حالة اكتشاف عيب في المبيع، طبقا لما ورد في نص المادة 1648 ق م ف، التي اعتبرت الوقت الذي يجب فيه إقامة الدعوى هو وقت قصيرا ، يحدد طبقا لطبيعة العيب و العرف المتبع في الجهة التي تم فيها البيع، و إذا لم يوجد عرف أو اتفاق بين الطرفين تعود السلطة التقديرية للقاضي في تحديده.

إلا أن معظم التشريعات تتفق على جعل مدة ممارسة دعوى الضمان قصيرة و ذلك يرجع إلى عدة أسباب نذكر منها ما يلى:
- إن مضي وقت طويل على العيب الخفي يجعل من إثباته أمرا عسيرا إن لم نقل مستحيلا.
- يساعد على تحقيق الاستقرار في التعامل و زرع الثقة بين المتعاقدين.
- مراده إلى انقضاء وقت كبير على استعمال المبيع دون ادعاء يعني أنه أدى كامل وظيفته الطبيعية وحاز على رضا المشتري، و إلا لكان ادعى بسرعة الضمان.


2- بداية سريان مدة الدعوى.
المشرع الجزائري قد اعتبر أن المدة التي يبدأ فيها سريان دعوى الضمان تبدأ من يوم تسليم المبيع، و التسليم المقصود في هذه الحالة هو التسليم الفعلي، الذي بموجبه تنتقل حيازة المبيع للمشتري، بحيث يتمكن هذا الأخير من فحصه و التأكد من سلامته، وليس التسليم الحكمي الذي يستبقي فيه البائع المبيع في يده لسبب آخر غير الملكية.
تلقى المشرع الجزائري العديد من الانتقادات في هذا الشأن ، بسبب تبنيه لنظام التقادم القصير في ما يخص دعوى الضمان، و ذلك مرده إلى أن المشتري لا يكتشف العيب إلا بعد مدة من استعمال المبيع و ليس فور تسلمه له.


هذا ما جعله يتدارك النقائص الموجودة في دعوى الضمان المنصوص عليها في القانون المدني، حينما أصدر المرسوم التنفيذي رقم  90-266 المتعلق بضمان المنتوجات و الخدمات، الذي نصت المادة 18 منه على أن بدا سريان أجل رفع الدعوى يكون من تاريخ الإنذار، وليس من يوم التسليم، الأمر الذي يعطي للمستهلك وقتا كافيا من أجل استعمال المنتوج، كما يمنحه مدة أطول لرفع دعوى الضمان قد تمتد لسنتين، هذا ما يعد ضمانة هامة للمستهلك مقارنة بما ورد في القانون المدني.


3- الطبيعة القانونية لمدة دعوى الضمان.
المدة المحددة لدعوى الضمان هي مدة سقوط و ليست مدة تقادم، لذا لا يمكن قطعها إذا وجد أسباب وقف التقادم طبقا للقواعد العامة، كما في حالة إقرار المدين إقرارا ضمنيا أو سبب من صريحا، أو في حالة المطالبة القضائية، و لا توقف هذه المدة بل تبقى مستمرة حتى تنقضي و ينتهي بانقضائها الحق في رفع الدعوى.
يجوز للمشتري كما سبق لنا و أن ذكرنا، أن يرفع دعواه و لو بانقضاء سنة عن ميعاد رفعها ، في حالة ما إذا ثبت غش البائع في إخفاء العيب الموجود بالمبيع، أو إذا أبرم اتفاق بينه وبين البائع يقضي بزيادة مدة الضمان، ففي كلتا الحالتين لا تسقط الدعوى بالتقادم بمجرد مضي سنة، بل تمتد أكثر من ذلك بحيث يمكن أن تصل إلى غاية خمس عشرة سنة من يوم كشف العيب .


أما في ما يخص مدى تأثير هلاك المبيع على سريان دعوى الضمان،إذا هلك المبيع بعد ثبوت وجود عيب خفي فيه، وقام المشتري بواجبه في فحص و إخطار البائع في الوقت المناسب بالعيب، فإن دعوى الضمان تبقى مستمرة و لا تسقط اتجاه البائع.


في ما يخص مسألة تحديد السبب في هلاك المبيع،جاء عاما و مطلقا  لذا فإنه مهما يكن السبب في حدوثه سواء أكان راجعا للبائع أو للمشتري، أو للغير أو لسبب أجنبي كالقوة القاهرة، فإن المهم في الأمر هو أن تتوفر شروط الضمان قبل هلاك المبيع مما يجعل دعوى الضمان مستمرة.


المطلب الثاني : الشروط الموضوعية لدعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع :
ينتج عن عقد البيع الذي يكون فيه المبيع مشوب بعيب خفي، التزام سلبي عادة ما يقع على شخص آخر و هو المشتري، بحيث تكون البائع، و في نفس الوقت يقابله نشوء حق إيجابي لمصلحة  العلاقة أثناء التعاقد بينها علاقة بيع و شراء، أما بعد تسليم المبيع و اكتشاف العيب الذي ينقص من قيمة المبيع أو يجعل منه غير صالح، تتحول هذه العلاقة لتصبح علاقة مديونية.
لذا سوف نعمل في هذا المطلب على تبيان من هو المدين بالضمان، و من الدائن به، لذا ارتأينا أن نقسمه إلى فرعين ندرس في كل واحد منها أحد طرفي العلاقة على حدا، من خلال مايلي:


الفـــــــــــــرع الأول : المدين بالضمان :
عادة ما يكون المدين في ضمان العيوب الخفية هو البائع، لأنه يعد بمثابة المسؤول الرئيسي عن العيوب التي تصيب الشيء المبيع ، بحيث لا يهم إن كان على علم بها أم لا و هذا الأمر عادي في دعوى الضمان، لكن ما يثير التساؤل في هذه الموضوع هو هل ينتقل هذا الدين إلى أطراف آخرين غير المدين.

أولا : الخلف العام للمدين.
لا ينتقل هذا الدين إلى الخلف العام للمدين، بل يبقى هذا الالتزام دينا في التركة، فإذا ما توفي البائع يرجع المشتري بضمان العيب الخفي على التركة و ليس على الورثة، طبقا لقاعدة لا تركة إلا  بسداد الديون ، ونفس الشيء بالنسبة لخلفه الخاص، فإذا تصرف المشتري الأول في المبيع إلى مشتري آخر و ظهر العيب فيه، فهنا لا يجوز للمضرور أن يرجع بالضمان على المشتري الأول، لأنه الخلف الخاص للبائع، و إنما عليه أن يرجع على البائع الأصلي.


ثانيا : دائن البائع.
يتحمل دائن البائع التزام البائع بضمان العيوب الخفية، على الوجه المقرر في القواعد العامة، ذلك لأن المشتري يصبح هو أيضا دائنا للبائع فيشارك سائر دائني البائع مشاركة الغرماء.
يكون كفيل البائع ملزما مثل البائع بالضمان و يجوز للمشتري أن يرجع عليه طبقا للقواعد العامة المقررة في الكفالة.
أما في حالة تعدد البائعين للمبيع المعيب، كأن يكون عينا شائعة فإن المشتري هنا لا يرجع على أي واحد منهم بالتعويض المستحق له، عن ضمان العيوب الخفية، إلا بقدر نصيبه في العين المبيعة ، و معنى هذا أن الالتزام بضمان العيوب هو التزام قابل للانقسام من ناحية المدين به.


عالج المشرع الفرنسي هذه المسألة من خلال أنه جعل البائع هو صاحب الالتزام بالضمان و المدين به، إلا أنه اعتبر صفة البائع تختلف بحسب نوعية النشاط الذي يمارسه هذا الأخير معتمدا، على معيار حسن النية الذي يميز به بين البائع العرضي و البائع المحترف.


فالبائع العرضي هو كل شخص يقوم ببيع شيء ما صدفة، دون أن تكون له نية في امتهان هذا العمل و عادة ما يكون هذا الأخير عديم الدراية بالأشياء التي يبيعها، بحيث يكون همه الوحيد هو الشراء من اجل البيع فقط.
من هذا المنطلق نجد أن البائع العرضي، أو البائع حسن النية و فقا للتشريع الفرنسي لا يلزم بتعويض المشتري عن الأضرار التي يحدثها المبيع بعيوبه، و يرجع السبب في ذلك إلى أن البائع العرضي يعتبر غير عالما بالعيب، كما أنه لا يبتغي من هذا البيع إجراء عمل تجاري، في حين أن المشتري الذي يتعامل معه هذا البائع غالبا ما يسعى من وراء عمله هذا إلى الكسب و الامتلاك.


أما في ما يخص البائع المحترف فهو عكس البائع العرضي، بحيث يكون على دراية بعيوب الشيء المبيع، أو يفترض فيه العلم بها و بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عنها و يخفيها عن المشتري و لا يصرح بها، لذا أطلق عليه المشرع الفرنسي تسمية البائع سيء النية في حال ما توافرت فيه هذه الصفات و بالتالي يخضع لنص المادة 1645 ق م ف.
نستنتج من خلال كل ما سبق أن المشرع الفرنسي قد ميز بين البائع العرضي و البائع المحترف وخص كل واحد منهما بأحكام خاصة به، على عكس المشرع الجزائري الذي لم يفرق بين البائع العرضي و البائع المحترف، حينما أصدر أحكام ضمان العيوب، في القانون المدني تحت باب عقد البيع كما أنه لم يخصص مواد تحكم العلاقة التي تربط هؤلاء بالمشتري .


الفــــــــــــــرع الثاني : الدائن بالضمان :
يكون في أغلب الأحيان الدائن في ضمان العيوب الخفية هو المشتري نفسه، إلا أنه هناك حالات أين ينتقل فيها هذا الضمان إلى أشخاص آخرين، بحيث يصبح لهم الحق في ممارسة دعوى الضمان ضد البائع ويكتسبون صفة الدائن هذا ما سوف نبينه في ما يلي :

أولا : الخلف العام للدائن.
ينتقل حق المشتري في ضمان العيوب الخفية إلى خلفه العام، بحيث يكتسب هؤلاء الورثة صفة الدائن بمجرد وفات مورثهم، هذا ما يمنحهم الحق في الرجوع بنفس دعوى الضمان التي كان لمورثهم أن يرجع بها على البائع، إلا أنه لا يجوز لأي من منهم أن يطالب البائع بالتعويض إلا بقدر نصيبه في العين المبيعة.


ثانيا : الخلف الخاص للدائن.
ينتقل هذا حق في الضمان أيضا إلى خلفه الخاص مما يسمح لهم باكتساب صفة الدائن، مثلا: لو باع المشتري الأول العين إلى مشتري ثاني فإن هذا الأخير يعد من خلفه الخاص، لذا يجوز له أن يرجع بدعوى سلفه الأول على البائع، لأن هذه الدعوى قد انتقلت مع المبيع من المشتري الأول إلى المشتري الثاني ، مما يخول للمشتري الثاني الاستفادة من الدعاوى الثلاث التالية:
1- الدعوى الشخصية : و هي الدعوى التي يرفعها المشتري الثاني ضد بائعه المباشر أي المشتري الأول، بحيث يستمد حقه بهذه الدعوى من عقد البيع الذي أبرم بينهما، ومدة التقادم تسري فيها من اليوم الذي تسلم فيه المشتري الثاني للشيء المبيع من المشتري الأول.
2- الدعوى غير المباشرة : و هي التي يرفعها المشتري الثاني باسم المشتري الأول على البائع، و يشترك معه فيها جميع دائني المشتري الأول، و يبدأ حساب مدة التقادم فيها من اليوم الذي تسلم فيه المشتري الأول المبيع من البائع.
3- الدعوى المباشرة : و هي دعوى المشتري نفسه ضد البائع، و قد نشأت من عقد البيع الأول الذي أبرم بين البائع و المشتري الأول، و انتقلت بعقد البيع الثاني من المشتري الأول إلى المشتري الثاني، و هذه الدعوى تختلف عن الدعوى غير المباشرة في أن المشتري الثاني لا يزاحم سائر دائني المشتري الأول، في حين تتشابه معها في مدة سريان التقادم كون أنها تسري من اليوم الذي تسلم فيه المشتري الأول المبيع من البائع.
كما تمتاز أيضا هذه الدعوى بأنها تبقى ثابتة للمشتري الثاني، حتى ولو لم يكن له الحق في الرجوع  بالضمان على المشتري الأول، كأن يكون هذا الأخير قد اشترط عدم الضمان.

ثالثا : دائن المشتري.
يستفيد دائن المشتري هو الأخر من ضمان البائع للعيب الموجود بالشيء المبيع عن طريق الدعوى الغير المباشرة، التي تخول لهذا الأخير الحق في أن يرفع باسم المشتري دعوى الضمان على البائع طبقا للقواعد المقررة.
نستنتج من كل ما سبق ن حق الرجوع بضمان العيوب الخفية يعتبر ملحقا من ملحقات المبيع، لذا ينتقل هذا الحق مع المبيع إلى من تنتقل إليه ملكية المبيع، بشرط ألا يكون صاحب هذا الحق عالما بعيوب المبيع.


المبحث الثالث : الآثار المترتبة عن قيام دعوى ضمان العيب الخفي في عقد البيع.
منح المشرع الجزائري في القانون المدني لصاحب الحق، دعوى الضمان التي تنتج عنها مجموعة  من الآثار المعينة يستفيد منها المشتري، بعد ظهور العيب في المبيع أو تخلف صفة من الصفات التي ضمنها البائع، و ذلك بعد أن يستوفي هذا الأخير كل الإجراءات الخاصة بدعوى الضمان من فحصه  للمبيع و إخطار البائع بالعيب.
فمتى توافرت هذه الشروط يكون للمشتري خيارين للاستفادة من حقه بالضمان، الأول يتمثل في حق المطالبة برد المبيع، إذا كان هذا العيب قد جعل من المبيع غير صالح للغرض الذي أعد له، أما الثاني يكون بالمطالبة بالتعويض متى كان العيب الذي أصاب المبيع غير جسيم. لذ ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتناول في الأول مسألة رد المبيع أما الثاني لدراسة مسألة التعويض.

المـــــطلب الأول : رد المبيع كأثر لدعوي ضمان العيب الخفي في عقد البيع :
نجد أنه قد ثار خلاف فقهي حول الطبيعة القانونية للرد هل هو إلغاء، أو فسخ أو ذو طبيعة خاصة.


الفرع الأول : الطبيعة القانونية للرد :
ثار خلاف فقهي حول تحديد الطبيعة القانونية الرد مما أدى إلى ظهور ثلاث اتجاهات فقهية، الاتجاه الأول يتمثل في بعض الشراح و الفقهاء الفرنسيين الذين يرون بأن الرد هو الفسخ، و الفسخ ما هو إلا إلغاء يؤدي إقراره إلى إزالة حقوق الغير المنشأة على المبيع بقوة القانون، فيسترجع البائع المبيع خالصا من الحقوق التي رتبها عليه المشتري بين تاريخ البيع و تاريخ اكتشاف العيب.
الاتجاه الثاني يرى أن الرد ليس إلغاء، لأن الفسخ لا يؤدي إلى إنهاء العقد بأثر رجعي و إنما ينتهي العقد بالنسبة إلى المستقبل فقط، فهو يفرض فقط بعض الالتزامات على عاتق كل من البائع و المشتري، دون أن يمس حقوق الغير المترتبة على المبيع، و إذا أراد المشتري طلب فسخ البيع فعليه أن يطهر المبيع أولا من الحقوق المترتبة عليه، قبل طلب الفسخ ورد المبيع و استرداد الثمن .
الاتجاه الثالث يرى أصحابه أن الرد لا هو إلغاء و لا فسخ، إنما هو ذو طبيعة خاصة يتم تحريكه بدعوى يمكن تسميتها دعوى رد المبيع، بحيث تختلف هذه الأخيرة عن دعوى الفسخ، و دعوى الالغاء .


أخذ المشرع الجزائري بالرأي الثالث في هذه المسألة، حيث أعطى الحق للمشتري في رد المبيع و استرداد قيمته، وليس ثمنه وبهذا لا نكون بصدد فسخ و لا إلغاء و إنما نكون، بصدد دعوى لها صبغة خاصة تستمدها من الحق الذي منحه القانون للمشتري و هو حق رد المبيع.
لأنه لو قلنا بأن حق المشتري في رد المبيع و استرداد قيمته يعد هذا فسخا للعقد، يجعلنا نقع في تناقض لأن الفسخ نكون بصدده لو أن البائع استرد المبيع و رد ثمنه الذي دفعه له المشتري، في حين دعوى الرد يلتزم البائع بموجبها برد قيمة المبيع للمشتري وقت ظهور العيب، وليس ثمنه الذي بيع به، و العقد في هذه الحالة لا يفسخ بل يبقى قائما و على أساسه يلتزم البائع برد قيمة المبيع للمشتري و يلتزم المشتري برد المبيع للبائع فنكون بصدد تنفيذ هذا العقد.


يعد حق طلب الرد من الحقوق التي منحها القانون للمشتري دون البائع، و متى توافرت شروط هذا الرد لا يكون للمحكمة إلا قبول هذا الطلب، كما أن القاضي لا يملك سلطة التقدير في ذلك، بل له الحق فقط من التأكد من توافر شروطه.


الفرع الثاني : الرد الكلي :
منح المشرع الجزائري للمشتري الحق في المطالبة برد المبيع كليا، إذا كان هذا الأخير قد أصابه عيبا جسيما جعل منه غير صالح للغرض الذي أعد من أجله، أو أنقص من قيمته نقصانا محسوسا، لو علمه المشتري لما أقدم على الشراء، لذا منح المشرع للمشتري دعوى الرد الكلى نظرا لما توفر له من حقوق، إلا أنها في مقابل ذلك تفرض عليه مجموعة من الالتزامات يجب عليه مراعاتها شأنه في ذلك شأن البائع، هذا ما سوف نعمل على توضحه من خلال إبراز التزامات كل واحد منهما على حدى.

أولا : ما يجب على المشتري رده.
01- رد المبيع المعيب :
لا بد على المشتري أن يرد للبائع المبيع المعيب كما استلمه، دون تغيير أو تبديل في حالته و مع توابعه التي كانت موجودة معه و تسلمها المشتري، بالإضافة إلى التوابع التي ألحقت بالمبيع بعد البيع و اندمجت به فصارت جزء منه، لكن هناك حالات قد يتعذر فيها على المشتري رد المبيع للبائع كما تسلمه و هي على النحو التالي :


إذا كان سبب التغيير فى الشيء مرده إلى العيب ذاته ففي هذه الحالة يعاد المبيع بالحالة التي هو حالة تغيير المبيع بسبب لا يرجع للعيب الذي أصابه، بل يرجع إلى المشتري فيتعذر عليه أن يرجع المبيع للبائع بالحالة الأولى التي كان عليها، كأن يرتب عليه حقوق عينية للغير ففي مثل هذه حالة  يجب علينا أن نميز بين أمرين :
- إذا رتب المشتري هذا الحق العيني بعد علمه بالعيب الموجود بالمبيع، فيعتبر في هذه الحالة المشتري قد قبل هذا العيب، و تنازل ضمنيا عن حقه في الرد.
- أما إذا حصل هذا التغيير قبل علم المشتري بالعيب ففي هذه الحالة قد ثار حولها جدل بين الفقهاء، فمنهم من يرى بأن حق المشتري في الرد يسقط، ومنهم من يرى أنه لا يسقط إذا طهره المشتري من هذه الحقوق التي رتبها عليه.


لكن بالرغم من هذا الخلاف بين الفقهاء فإنه يجب علينا مراعاة، ما انتفع به المشتري من المبيع خلال طول الفترة التي مرة بين العقد و اكتشاف العيب، و قد يصعب إزالة الآثار التي تترتب على الاستفادة من المبيع خلال تلك الفترة بأثر رجعي، مما يؤدي إلى القول بأن الرد هنا لا يزيل ما ترتب على المبيع من آثار، و ما تقرر عليه من حقوق للغير خلال تلك الفترة، و مؤدى ذلك أن المبيع يعود إلى البائع محملا بالحقوق التي قررها المشتري للغير، لذا فإنه في حال إذا لم يستطع المشتري من تخليص المبيع من الحقوق التي رتبها عليه قبل الرد، لا يكون له طلب الرد الكلي بل يكون له فقط حق المطالبة بالتعويض، جراء ما لحقه  من ضرر بسبب نقص قيمة المبيع أو من نفعه بسبب العيب .

02- رد الثمار : 
يلتزم المشتري إلى جانب رد المبيع، بأن يرد ثمار المبيع المعيب من تاريخ رد المبيع بالتراضي، أو من تاريخ الحكم بالرد أي أن الثمار تكون من حق البائع في الفترة اللاحقة على الرد.
كما يلتزم أيضا برد الثمار السابقة على هذا التاريخ، و تتمثل في الثمار التي جناها المشتري قبل الرد، و يدخل فيها كل ما أنتجه المبيع أو ما حصل عليه المشتري نفسه من مزايا و منافع عن طريق استعمال الشيء و، إلا يكون قد أثري على حساب الغير.


يرى القضاء الفرنسي في هذا الشأن أن فسخ بيع شاحنة يريب على عاتق المشتري، وجوب رد الأرباح التي جناها هذا الأخير من جراء تشغيل الشاحنة أكثر من مرة.
نستنتج من كل ما سبق أن المشتري يلتزم برد المبيع المعيب، و الثمار التي جناها منه على النحو الموضح أنفا في حالة تعيب المبيع كليا، و بعد أن انتهينا مما يجب على المشتري رده للبائع نأتي الآن إلى ما يحق استرداده من البائع في مقابل ذلك.

ثانيا : ما يجب على البائع إرجاعه للمشتري.
سبق لنا و أن ذكرنا أن المشرع الجزائري قد رتب على عاتق المشتري في حالة الرد الكلي التزام برد المبيع المعيب و ثماره، إلا أنه منحه في مقابل هذا جملة من الحقوق يلتزم بها البائع، هذا ما سوف نبينه في ما يلي:
01- التزامات البائع : 
تقع على عاتق البائع مجموعة من الالتزامات.
أ- التزامات البائع حسن النية.
في حالة تعيب المبيع بعيب جسيم و اختار المشتري رد هذا المبيع، و قام بكل التزاماته من رد المبيع و ثماره، فإن هذا يرتب على البائع مجموعة من الالتزامات في مقابل ذلك  وهي:
- رد قيمة المبيع :
اختلف الفقه حول قيمة المبيع التي يلتزم البائع بردها للمشتري، فمنهم من يرى أنها قيمة المبيع باعتباره سليما وقت ظهور العيب، و منهم من يرى أنها قيمة المبيع سليما وقت البيع. جاءت المادة 375 ق م ج لتعطي الحل لهذه المسألة، من خلال أنها ألزمت البائع في حالة الاستحقاق الكلي أن يرد للمشتري قيمة المبيع وقت الاستحقاق أي وقت نزع اليد، و بما أن المشرع نستنتج أن البائع يلتزم برد قيمة المبيع الجزائري قد أحالنا في حالة ضمان العيب إلى هذه المادة، فإننا في هذا الصدد قام المشرع الفرنسي بالتفريق بين البائع الحسن النية و البائع السيئ النية، وذلك من ناحية الالتزامات.

بحيث جاءت المادة 1636 ق م ف ننص ، على أن البائع حسن النية لا يلتزم إلا برد الثمن و النفقات التي صرفة بسبب المبيع، أما البائع السيئ النية فإنه بالإضافة إلى رد الثمن، يلتزم بالتعويض عن كل الأضرار التي لحقت بالمشتري المتوقعة و الغير متوقعة وذلك طبقا لما جاء به نص المادة 1645 ق م ف.


باعتباره سليما وقت ظهور العيب و ليس وقت البيع، عكس ما هو مقرر في القانون المدني الفرنسي الذي يلزم البائع وفقا لنص المادة 1645 ق م ف برد الثمن الذي دفعه المشتري، مقابل استرداد الشيء المبيع بحيث نكون بصدد فسخ للعقد.
أما بالنسبة للقانون المصري فقد ألزم البائع برد قيمة المبيع بالإضافة إلى الفوائد القانونية لهذه القيمة  و ذلك من وقت البيع.

- المصاريف :
إلتزام البائع برد المصاريف النافعة التي يمكنه أن يطلبها من صاحب المبيع، بالإضافة إلى المصاريف الكمالية إذا كان البائع سيء  النية.
لذا فإن البائع إلى جانب المصروفات الضرورية التي يقدمها للمشتري، يلتزم أيضا بتقديم المصروفات النافعة التي يكون قد أنفقها على المبيع، و التي تهدف إلى الزيادة في قيمة المبيع بسبب التحسينات التي يدخلها المشتري على المبيع، كغرس أشجار في مساحة أرضية، فمثل هذا يعود بالفائدة على البائع عندما يسترد الشيء المبيع المعيب، فعليه رد هذه المصروفات للمشتري و إلا يكون قد أثري على حساب الغير.

- المصروفات الخاصة بدعوى الضمان :
قد يضطر المشتري لرفع دعوى الضمان ضد البائع في حالة ظهور عيب بالمبيع، بعد فشل كل محاولات التسوية بالتراضي بينهما، هذا ما يضطر المشتري بعد أن يقوم بإخطار البائع بالعيب في الأوقات المحددة قانونا إلى رفع دعوى الضمان حتى يسترد حقه، لذا ألزم البائع برد كل النفقات التي تكبدها المشتري بخصوص دعوى الضمان، كأتعاب المحاماة و الرسوم القضائية و نفقات الانتقال إلى المحكمة .


- التعويضات :
زيادة على العناصر السابقة، فإنه يجوز للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بسبب الاستحقاق، ويطبق هذا النص أيضا في حالة ضمان عيوب المبيع.
- التعويض ينقسم إلى عنصرين أساسيين، العنصر :
1-الأول يشمل النفقات الناشئة عن عقد البيع،
2- الثاني فيشمل التعويضات التي يلتزم بها البائع بسبب الأضرار الناجمة عن عيوب المبيع.
تتمثل مصروفات العقد في النفقات التي أنفقها المشتري في الرسوم التي يقوم عادة بدفعها، و يدخل ضمنها مصاريف العقد، و الدمغة، و السمسرة، و التسجيل، ومصاريف إزالة الرهن، والتأمين، و بصفة عامة كل المصروفات التي تصاحب العقد عادة، و كل ما يتحمله المشتري في سبيل تنفيذ العقد و ما يعتبر نتيجة طبيعية مباشرة له .


أما بالنسبة للتعويضات بسبب الأضرار الناجمة عن عيوب المبيع، فطبقا لقواعد المسؤولية العقدية يلتزم المدين بالتعويض عن الضرر الذي يلحق الدائن سواء كان هذا المدين حسن النية أو سيئها.
- لم يميز المشرع الجزائري في مجال الالتزام بالتعويض على أساس دعوى الضمان العيب بين البائع السيئ النية و حسنها، لاسيما فيما نص عليه في المرسوم التنفيذي رقم 90 - 266 المتعلق بضمان المنتوجات و الخدمات، حيث تنص المادة 06 منه على ما يلى: يجب على المحترف في جميع الحالات أن يصلح الضرر الذي يصيب الأشخاص أو الأملاك بسب العيب.
بالرغم من أن النصوص الخاصة بضمان العيب أتت خالية من هذه التفرقة، إلا أن القواعد العامة  تفرق بينهما، فيقتصر حق المشتري في التعويض عن الضرر المتوقع فقط إذا كان البائع حسن النية، في حين أنه إذا كان سيئ النية فيمتد التعويض ليشمل حتى الضرر الغير متوقع.

ب- التزامات البائع سيئ النية :
إن التزامات البائع السيئ النية لم تحددها أحكام ضمان العيب، لذلك فإنه يلتزم طبقا لهذه الأحكام بما يلتزم به البائع حسن النية لأن النص عام، لكن طبقا للقواعد العامة يلتزم زيادة عما يلتزم به البائع حسن النية بالتعويض عن الضرر الغير المتوقعة، ومعيار تحديد سوء النية في التشريع الجزائري يكمن في علم البائع بالعيب و إخفائه غشا منه عن المشتري.
- نظم المشرع الجزائري مسؤولية المحترف بنصوص قانونية آمرة مما يوحي بأنها أوسع و أشد من مسؤولية البائع حسن النية، ومرد ذلك إلى المتغيرات الاقتصادية التي زادت من التزامات البائع، و من أجل ضمان حقوق المشتري فيما يخص الآثار التي تترتب على ظهور العيب و تخلف الصفة، فيما اشتراه من سلع وبضائع، فرض المشرع التزامات إضافية على المحترف، كتوجيه المشتري و إعطائه التعليمات اللازمة لاستخدام المبيع، تغليف البضاعة وخزنها وتثبيت تاريخ إنتاجها، توسيع خدمات ما بعد البيع.

الفـــــــــــــــــــرع الثاني: الرد الجزئي :
قد يثبت رد الجزء الذي لا يؤدي ثبوت ضمان العيب الخفي دوما إلى الرد الكلي للمبيع، و لكن أصابه العيب فقط دون الباقي، و يكون ذلك في حالة إذا كان العيب غير جسيم، أي لم يصل إلى الدرجة التي تجعل من المشتري يمتنع عن التعاقد لو علم به ، إلا أنه حتى يثبت للمشتري مثل هذا يمكن تجزئتها دون ضرر، هذا ما سنأتي الحق، يجب أن يكون المبيع المعيب شيئا أو أشياء متعددة لتبيانه أولا، ثم بعد أن ننتهي منه نبين ما هي الحقوق التي تثبت للمشتري إذا اختار الرد الجزئي .


أولا : حالات الرد الجزئي :
لم ينص المشرع الجزائري عن هذه الحالات في أحكام الضمان، إنما يمكن استنتاجها من القواعد العامة الخاصة بالفسخ الجزئي، و قياسا على هذه القاعدة يمكن للمشتري إذا تعيب المبيع في جزء منه، أن يرد الجزء المتعيب و هذا ما يعرف بالرد الجزئي.


فلما كانت الغاية الرئيسية من كل عقد هي الحصول على تنفيذه، إذ لا يعقل أن يتعاقد الأشخاص بمجرد التعاقد، فقد حرص المشرع الجزائري على تحقيق هذه الغاية بالرغم من وجود عيب في جزء من المبيع أي فسخ جزء من العقد، محققا الغاية منه بتنفيذه و لو جزئيا، و حتى يثبت للمشتري هذا الحق لابد من توافر شرط يرتكز على أساسه حق المشتري في الرد الجزئي، و هو أن يكون الشيء المبيع المعيب شيئا أو أشياء متعددة يمكن تجزئتها دون ضرر، ودون المساس بالغرض الذي أعد له المبيع.
قد يتحقق هذا الشرط و يكون محل البيع أشياء متعددة، و تكون كلها أصلية كما قد يكون بعضها أصلي و بعضها تبعي، لذا يجب تناول كل حالة على حدى لتحديد أثر الرد الجزئي على كل منهما و تحديد حق المشتري فيه.
-01 حالة ما إذا تناول البيع أشياء رئيسية تتساوى في أهميتها: ندرس في هذه الحالة فرضان :
الفرض الأول :
 إذا تناول البيع عدة أشياء مستقلة و منفصلة عن بعضها البعض و كان العيب في البعض منها، أو في أحدها دون الباقي، كان للمشتري الحق في رد الجزء المتعيب منها فقط، و يرجع في الغالب لمعرفة ما إذا كانت هذه الأشياء منفصلة أو مستقلة عن بعضها البعض إلى تفسير عبارات العقد و ما اشتمل عليه.
الفرض الثاني :
 كما قد يتناول البيع أشياء لا يمكن التفريق بينها، أي ما كان ليباع أحدهما دون الأخر ففي هذه الحالة لا يجوز الرد الجزئي لأنه يستحيل التفرقة بين هذه الأشياء دون حدوث ضرر أو تلف، و بالتالي نرجع هنا لحالة الرد الكلي.

-02 حالة ما إذا تناول البيع أشياء بعضها أصلي و الأخر تبعي : لدينا في هذه الحالة صورتان:
الصورة الأولى : 
إن كان العيب في الجزء الأصلي دون الفرعي في مثل هذه الحالة لا يتمتع المشتري بالرد الجزئي، بل يكون له الحق إما في الرد الكلي أو استبقاء المبيع كله مع حصوله على التعويض لأن الرد هنا لا يقتصر على الأصل فقط، بل يمتد إلى الفرع أيضا.
الصورة الثانية :
 إذا كان العيب في الفرع و الملحقات دون الأصل، ففي هذه الحالة لا يلتزم المشتري برد كل المبيع، و لا يجبر البائع على أخذه كله، إنما يقتصر الرد على الجزء المتعيب فقط، أي على الفرع دون الأصل، فمثلا إذا بيعت مزرعة مع الخيول التي كانت عليها، ثم بعدها تبين أن أحد هذه الخيول معيبا فإن الرد في هذه الحالة يرد على الحصان فقط و ليس على المزرعة بأكملها.


ثانيا : حق المشتري في حالة الرد الجزئي :
إذا تحقق الشرط و تعيب المبيع في جزء منه و اختار المشتري دعوى الرد الجزئي، كان له الحق في أن يسترد من البائع قيمة هذا الجزء عند ظهور العيب مع المصروفات و التعويض، و ينهصر حق المشتري في قدر قيمة المبيع في جزئه المعيب، و ينظر إلى قيمة المبيع سليما وقت ظهور العيب كما في حالة الرد الكلي.


أما في ما يخص التعويض الذي يستحقه المشتري بسبب العيب، فإنه يشمل كل العناصر التي يمكن أن يشملها في حالة الرد الكلي، فيدخل في الاعتبار ما لحقه من خسارة و ما فاته من كسب بسبب الرد الجزئي الناتج عن العيب في جزء من المبيع هذا ما يمكن أن يحصل عليه المشتري في مقابل رد المبيع و توابعه في حال ما إختار دعوى رد المبيع، سواء كان الرد كليا أو جزئيا كما تم شرحه و تفصيله، فيما بقى له اختيار ثاني يتمثل في استبقاء المبيع المعيب مع الحصول على تعويض.


المطلب الثاني  :  التعويض  في دعوي ضمان العيب الخفي في عقد البيع :
يحق للمشتري، أن يرد المبيع كليا أو جزئيا بحسب الحالة مع استرداد المبالغ المدفوعة ، إذا أثبت المشتري أن العيب الذي وجد في المبيع قد أثر فيه بحيث لو علم به لما أبرم العقد، و لكن مع ثبوت هذا الحق للمشتري فقد يختار اللجوء إلى وسيلة أخرى، و هي استبقاء المبيع في حال ما إذا كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ القدر المنصوص عليه في الحالة الأولى، لذا ليس له سوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب العيب عن طريق دعوى التعويض.
سنخصص هذا المطلب لدراسة دعوى التعويض، من خلال التركيز على مسألتين مهمتين نحاول أن نعالج في الأولى مفهوم التعويض، أما في الثانية فندرس فيها حالاته.

الفرع الأول : مفهوم دعوى التعويض :
المشرع الجزائري أخذ بالنص الخاص بالاستحقاق الجزئي و أصبح هو المطبق في حالة العيب الغير الجسيم، بحيث لا يكون للمشتري الحق في الرد، إنما له الحق في التعويض فقط أو في حالة العيب الجسيم و اختار المشتري استبقاء المبيع المعيب فيكون له التعويض فقط.
نستنتج من كل ما سبق أن المشرع الجزائري في حالة العيب غير الجسيم، أو في حالة ما إذا كان العيب جسيما و اختار المشتري استبقائه، منح له الحق في طلب التعويض، و التعويض المقصود هنا ليس إنقاص الثمن، بل هو التعويض المقدر في القواعد العامة.


الفرع الثاني : حالات دعوى التعويض :
حق المشتري في المطالبة بالتعويض يكون في حالتين :
أولا : الحالة القائمة على حق الخيار جسيم :
بحيث لو علم به المشتري لما أقدم على الشراء فيكون المبيع في هذه الحالة معيبا بعيب الشراء، فالأصل في هذه الحالة أن المشتري له الحق في رد المبيع للبائع و استرداد قيمته،  وله الحق أيضا في أن يعدل عن الرد و يطلب بالتعويض إذا اختار استبقاء المبيع المعيب.

ثانيا : حالة العيب اليسير :
هذه الحالة يكون فيها المبيع معيبا بعيب لم تبلغ فيه درجة التأثير فيه حد الجسامة، إذ لا يمكن للمشتري في هذه الحالة أن يطالب برد المبيع للبائع، بل يكون له الحق فقط في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب هذا العيب.
كما أن هنالك حالات أخري تندرج ضمن هذه الحالات هي:
1- ظهور عيب جديد في المبيع :
قد يظهر بالمبيع عيب جديد، مما يجعلنا نفرق بين حالة ظهوره  قبل التسليم فيكون المشتري مخيرا إما أن يرد المبيع، أو يحتفظ به مقابل تعويض له مع مراعاة في نظم القانون المدني المصري القديم هذه الحالات بنصوص قانونية خاصة بها، غير أن القانون المدني المصري الجديد أسقط هذه النصوص و أتي بنص عام يمكن تطبيقه في مثل هذه الحالات بالاستعانة بالقواعد العامة، و تبعه في ذلك المشرع الجزائري.
ذلك كله مدى أثر العيب كما سبق بيانه ، و حالة ظهور العيب بعد التسليم و فيها يبقى للمشتري الحق في طلب التعويض عن العيب القديم، لأن الجديد يمنع المشتري من المطالبة بالرد.


يرى الأستاذ أحمد عبد الرزاق السنهوري في هذا الصدد أنه إذا ظهر عيب جديد في المبيع، بعد التسليم و كان السبب في ظهوره يعود إلى سبب أجنبي، في هذه الحالة لا يمنع المشتري من رد المبيع وأخذ تعويض كامل.
لكن لو أخذنا بهذا الرأي فإننا سنقع في تناقض مع ما رأيناه في شروط العيب الخفي الموجب للضمان، التي سبق لنا و أن بينا فيها أن البائع لا يضمن إلا العيب الذي وجد أثناء العقد و قبل التسليم، أما الذي يظهر بعد التسليم فلا يضمنه و إنما يتحمله المشتري على أساس تبعة الهلاك.
عيب جديد سواء بسببه أو بسبب أجنبي الحق في طلب لذا يكون للمشتري في حالة ظهور التعويض فقط مع استبقاء المبيع.

2- تصرف المشتري في المبيع : 
يعتبر تصرف المشتري في الشيء المبيع من بين الظروف التي تطرأ عليه، و هو أمر بديهي لأن المشتري ما كان له أن يقدم على الشراء إلا بدافع التصرف و الانتفاع بالمبيع، و هذا ما قد يكون له أثر على دعوى الضمان مما يؤدي إلى احتمال فرضان:
إذا تصرف المشتري في الشيء المبيع، بعد اطلاعه أو علمه بالعيب الذي يشوبه، أعتبر هذا بمثابة تنازل ضمني للمشتري عن حقه في الضمان.


أما إذا كان تصرف المشتري في المبيع المعيب قبل أن يعلم بالعيب، أو احتفظ بحقه في الضمان قبل التصرف فيه، فإنه في هذه الحالة لا يكون له إلا الحق في الرجوع بالتعويض على البائع، في حين يسقط حقه في الرد، لأنه لا يملك المبيع و لا يستطيع أن يسترده ممن اشتراه لأنه ضامن للتعرض، و بما أن ضمان التعرض لا يجتمع بالاسترداد لذا لا يكون للمشتري إلا الحق في الرجوع على بائعه بالتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب هذا العيب، أما في حال ما إذا رجع المشتري الثاني على المشتري الأول بالضمان، فإنه في هذه الحالة يحق للمشتري الأول الرجوع على بائعه  بالضمان سواء بالرد الكلي أو الجزئي بحسب طبيعة العيب.

3- تحول المبيع المعيب :
إذا كان المبيع بيد المشتري و تحول إلى شيء آخر و كان هذا التحول يرجع سببه إلى المشتري، بعد اطلاعه على العيب فإنه في هذه الحالة يسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان، و لكن إن كان هذا التحول بفعله و قبل اطلاعه على العيب، كان لهذا المشتري الحق في الرجوع على البائع بالتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب العيب، و هذا القول يصدق حتى على الحالة التي يكون السبب فيها يرجع إلى العمل الأجنبي.


الفـــــــــرع الثالث : طلب التنفيذ العيني :
تعتبر هاته الحالات ، ( ظهور عيب جديد في المبيع و تصرف المشتري في المبيع وتحول المبيع المعيب ) من بين الحالات التي يمكن إدراجها ضمن حالات التعويض التي لا يكون فيها للمشتري إلا الحق في طلب التعويض لكن السؤال الذي يطرح نفسه عما إذا كان للمشتري الحق في طلب التنفيذ العيني، عن طريق إصلاح المبيع المعيب أو استبداله بآخر سليم ؟
لم ينص القانون المدني الجزائري بصدد التزام البائع بالضمان على حق المشتري بطلب التنفيذ العيني، و لكن أعتقد تطبيقا للقواعد العامة أنه يمكنه ذلك متى كان التنفيذ العيني ممكنا، و ليس هنالك ما يمنع المشتري من طلب إصلاح المبيع أو استبداله متى كان الأمر ممكنا، و لا يكلف البائع نفقات باهظة بشرط أن يتم في مدة معقولة.


تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع الجزائري، قد أورد حكما خاصا في القانون 03-09 المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش في المادة 13 منه التي تنص على ما يلي:
يستفيد كل مقتن لأي منتوج سواء كان جهاز أو أداة أو آلة أو عتاد أو مركبة أو أي مادة تجهيزية من الضمان بقوة القانون.
و يمتد هذا الضمان أيضا الى الخدمات.
على كل متدخل خلال فترة الضمان المحددة، في حالة ظهور عيب المنتوج، استبداله أو إرجاع  ثمنه، أو تصليح المنتوج أو تعديل الخدمة على نفقته......
تنص المادة 5 من المرسوم التنفيذي رقم 90- 266 المتعلق بضمان المنتوجات و الخدمات، على أنه :

تنفذ إلزامية الضمان بأحد الوجوه الثلاثة الآتية :
- إصلاح المنتوج
- استبداله
- رد ثمنه.
يفهم من هذه النصوص القانونية أن المشرع الجزائري أجاز للمستهلك طلب التنفيذ العيني، إما عن طريق استبدال المنتوج، أو إصلاحه على نفقة البائع كلما كان بصدد بيع يدخل في نطاق البيوع أو خدمة من الخدمات التي تخضع أو تدخل في إطار قانون حماية المستهلك، على العكس نصوص القانون المدني التي أغفلت ذكر مثل هذه الحالة.

خاتمة :
لا يقتصر عقد البيع في جوهره على مجرد النقل المادي لملكية الشيء إلى المشتري بل إلى ضرورة خلو هذا الشيء من العيوب و تمتعه بكافة المواصفات المشروطة , و من هنا برزت فكرة الضمان.إن ضمان العيب فكرة عرفتها الشرائع القديمة، غير إن بساطة المعاملات آنذاك، جعلت الأمر يتوقف عند حد ضمان العيب الخفي الجسيم , إلا أن سرعان ما تطور الوضع بظهور التطور الصناعي و ذلك ببروز مبيعات حديثة تتميز بنوع من الدقة و التعقيد و لذلك تم التفكير في حماية أكثر من العيوب خاصة بظهور مفهوم المستهلك و البائع المحترف .تدخل المشرعون فنظموا مسألة ضمان العيوب الخفية و هو ما يعرف بالضمان القانونـي و ادخلوها ضمن أحكام النظام العام و راحوا يلزمون البائع بضمان ما قد يصيب المبيع.

مثلما فعل المشرع الجزائري في المادة 379 من القانون المدني المقابلة للمادة 1641 مدني فرنسي و التي جاء فيها : " يكون البائع ملزما بالضمان اذا لم يشتمل المبيع على الصفات التي تعهد بوجودها وقت التسليم الى المشتري او اذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته , او من الانتفاع به بحسب الغاية المقصودة منه حسبما هو مذكور بعقد البيع , او حسبما يظهر من طبيعته أو استع لم يقف الأمر عند هذا الحد بل فتح المجال أمام الطرفين للزيادة في الضمان أو الإنقاص منه دون الاتفاق على إلغاءه كليا. 

المراجـع :
1- القوانين :
الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم.

2- الكتب :
- د/ خليل أحمد حسن قدادة : الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري: عقد البيع ديوان المطبوعات الجامعية، 2003.
- د/ علي فيلالي، "الالتزامات الفعل المستحق للتعويض"، الطبعة الثانية، موفر للنشر، الجزائر، 2007.
- د/ عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني ( الجزء الأول مصادر الالتزام)  دار نهضة مصر سنة 2011.
- د/ محمد شريف أحمد : مصادر الالتزام في القانون المدني، دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي، دار الثقافة للنشر و التوزيع لبنان، 1999.

3- مذكرة تخرج :
- الطالب شرقي علي , ضمان العيب الخفي في المبيع وفق القانون المدني الجزائري , مذكرة التخرج  لنيل شهادة الماستر في القانون تخصص عقود و مسؤولية,جامعة أكلي محند اولحاج البويرة الجزائر, سنة 2015.     

look/images/icons/winner_third_h4h.gif التعليق على المادة 379 من القانون المدني الجزائري
  16-04-2023 06:48 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 21-02-2019
رقم العضوية : 25779
المشاركات : 4
الجنس :
تاريخ الميلاد : 4-1-1980
قوة السمعة : 10
المستوي : دكتوراه
الوظــيفة : طالب
ممتاز

look/images/icons/thumbup.gif التعليق على المادة 379 من القانون المدني الجزائري
  16-04-2023 06:53 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 21-02-2019
رقم العضوية : 25779
المشاركات : 4
الجنس :
تاريخ الميلاد : 4-1-1980
قوة السمعة : 10
المستوي : دكتوراه
الوظــيفة : طالب
رمضان كريم

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
التعليق ، المادة ، القانون ، المدني ، الجزائري ،









الساعة الآن 07:08 AM