شرح اسباب رد القاضي في المواد
المدنية وفق القانون الجزائري
حالات رد القضاة المبنية على وجود صلة ببن القاضي و أحد الخصوم
حالات رد القضاة المتعلقة بموضوع النزاع
حالات رد القضاة المبنية على وجود عداوة بين القاضي وأحد الخصوم يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل
ميعاد تقديم طلب رد القاضي
نص المادة 241 ق إ م إ : يجوز رد قاضي الحكم ، ومساعد القاضي في الحالات الآتية :
1 إذا كان له أو لزوجه مصلحة شخصية في النزاع ،
2 إذا وجدت قرابة أو مصاهرة بينه أو بين زوجه وبين أحد الخصوم أو أحد المحامين أو وكلاء الخصوم ، حتى الدرجة الرابعة ،
3 إذا كان له أو لزوجه أو أصولهما أو فروعهما خصومة سابقة أو قائمة مع أحد الخصوم ،
4 إذا كان هو شخصيا أو زوجه أو أحد أصوله أو أحد فروعه ، دائنا أو مدينا لأحد الخصوم ،
5 إذا سبق له أن أدلى بشهادة في النزاع ،
6 إذا كان ممثلا قانونيا لأحد الخصوم في النزاع أو سبق له ذلك ،
7 إذا كان أحد الخصوم في خدمته ،
8 إذا كان بينه وبين أحد الخصوم علاقة صداقة حميمة ، أو عداوة بينة .
مقدمة :
القاضي هو شخص له ولاية القضاء يحكم وفقا للقانون بين المتنازعين ويرأس المحكمة.
من المبادئ التي تساعد على ضمان نزاهة القضاء و تسهم في تحقيق العدل بين الخصومة وتبعد القضاة عن مواطن الحرج و تبعث الثقة في نفوس المتقاضين، مبدأ تنحية القاضي عن نظر الخصومة و الحكم فيها، و هو ما يعبر عنه في القوانين بمبدأ رد القاضي، ولا شك أن هذا المبدأ من أهم المبادئ التي يعتمدها المشرع الجزائري لضمان الخصومة العادلة، فقد تحيط بالدعوى المطروحة على القاضي ظروف وملابسات يحتمل تأثيرها في نزاهته أو تسبب لديه حرج عند الفعل فيها، أو تثير الشك لدي الخصوم في الحياز القاضي لصالح خصم دون الآخر، و بذلك تحد المحاكمة عن هدفها المنشود، و تحوطا لذلك تبين الشرع هذا المبدأ في قانون الإجراءات المدنية بنصوص المواد من 241 إلى 247 حيث فصل المشرع في أسبابه وشروطه و كيفية ممارسته، وما يترتب عنه من أثار.
1- حالات رد القاضي المبنية على وجود صلة ببن القاضي و أحد الخصوم :
أ- وجود قرابة أو مصاهرة بين القاضي أو زوجه و أحد الخصوم :
إذا وجدت قرابة أو مصاهرة بين القاضي أو بين زوجه و أحد الخصوم أو أحد المحامين أو وكلاء الخصوم حتى الدرجة الرابعة يكون معرضا لطلب الرد لأنه يغلب على الظن فيها حمل القاضي إلى الميل لأحد الخصوم، وهذا يخل بما يجب أن يكون عليه القاضي من حيدة ونزاهة.
وتعتبر المصاهرة كسبب من أسباب عدم الصلاحية قائمة حتى ولو بعد المحلات الزواج الذي نتجت عنه المصاهرة بالطلاق أو الوفاة، وذلك لأن روابط المصاهرة تمتد حتى بعد الوفاة بو يجوز مباشرة الرد حتى في حالة الطلاق أو وفاة الزوج إذا كان على علاقة مصاهرة بأحد الخصوم .
ب) - وجود صلة خاصة بين القاضي وأحد الخصوم - و تضم هذه الحالة الصور التالية :
أولا- إذا كان القاضي ممثلا قانونيا لأحد الخصوم في التراع
إلا أننا نجد أن المشرع استعمل في الفقرة 6 من المادة 241 - قانون اجراءات مدنية و ادارية - لفظ " إذا كان ممثلا لأحد الخصوم في التاسع أو سبق له ذلك، وهي عبارة يمكن الاستغناء عنها لأنه لا يمكن للقاضي أن يكون ممثلا للخصم و في نفس الوقت يكون قاضي فاصلا في النزاع، فكان بإمكانه الإكتفاء بعبارة " إذا سبق له أن كان ممثلا قانونيا لأحد الخصوم في النزاع".
ثانيا- إذا وجد بين القاضي أو زوجه أو أصوله أو فروعه و أحد الخصوم علاقة تبعية
و بالأخص إذا ما كان دائنا او مدينا لأحد الخصوم أو يكون أحد الخصوم في خدمة القاضي.
2- حالات رد القاضي المتعلقة بموضوع النزاع :
أ)-وجود مصلحة في الدعوى للقائمة القاضي أو لزوجه :
وهذا ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 241 المشار إليها سلفا بنصها : " إذا كان له أو تزوجه مصلحة شخصية في النزا، "
ب) - سبق إبداء القاضي لرأي في الدعوى :
يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها، إذا ترافع فيها عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كان قد أدى بشهادة فيها، وقد صرح المشرع الجزائري بذلك في نصي الفقرتين 5 و6 من نفس المادة بنصها " إذا سبق له أن أدلي بشهادة في الترا"، "إذا كان ممثلا قانونيا لأحد الخصوم في الترا مع أو سبق له ذلك ".
3- حالات رد القضاة المبنية على وجود عداوة بين القاضي وأحد الخصوم يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل :
وجود خصام بين القاضي أو زوجه أو أصولهما أو فروعهما وأحد الخصوم :
والحكمة من جعل هذه الحالة من حالات الرد أن وجود خصومة بين هؤلاء الأشخاص الذين تربطهم بالقاضي رابطة قوية وبين أحد الخصوم من الممكن أن تؤثر على حياد القاضي ويشترط المشرع ضمنيا لتحقق هذه الحالة ما يلي:
أ-أن يكون طرفي الدعوى من أقارب القاضي المحددين في النص على سبيل الحصر :
من زوجة وأقارب على حدود النسبة المباشر – وهي ما كانت القرابة فيه منسوبة إلى الأب وإن علا والابن وإن نزل -
- بأن تتخذ الخصومة شكل دعوى أمام القضاء :
و يستوي أن تكون الدعوى سابقة على الدعوى محل الرد أو مزامنة لها واراد المشرع بذلك منع طلبات الرد الكيدية التي تعيق في أغلبها العمل القضائي.
ملاحظة : إذا توافرت حالة من الحالات الرد المتقدم ذكرها، في أي قاض من قضاة المحكمة أو المجلس و كان يعلم بتوفرها في حقه، فعليه طلب التنحي من تلقاء نفسه من رئيس الجهة التابع لها، هذا الأخير الذي يقرر بعد ذلك تنحيه من عدمه، وهذا ما صرح به المشرع في نصر 246 من قانون الإجراءات المدنية .
ميعاد تقديم طلب رد القاضي :
يقدم طلب الرد أثناء نظر الدعوى إلا أن المشرع اشترط أن يقدم قبل إقفال باب المرافعة، ويترتب على عدم تقديم أثناء نظر القضية سقوط حق الخصم في طلب رد القاضي وهذا ما نص عليه المشرع في نص المادة 242 قانون إجراءات مدنية بنصها: " يقدم طلب الرد.... بعد دفع الرسوم القضائية وقبل إقفال باب المرافعات"، كما يجوز تقديم طلب الرد في كل مراحل الخصومة سواء كانت مطروحة أمام المحكمة الابتدائية أو المجلس القضائي أو كانت مطروحة أمام المحكمة العليا وهذا ثابت من خلال نص المادة 242 قانون إجراءات مدنية. الفرع الثاني: شكل وبيانات و آثار طلب الرد.
خاتمة
إن المشرع الجزائري و حرصا منه على ضمان الخصومة العادلة، تبني في قانون الإجراءات المدنية من المواد 241 إلى 247، مبدا رد القاضي، وفصل في أسبابه و شروطه وإجراءاته وآثاره، ومن المفيد بما كان أن نلفت النظر في ختام هذا البحث إلى أهم النتائج والاقتراحات المقدمة في هذا الموضوع وهي كالآتي:
1-نرى أن المشرع الجزائري حدد على سبيل الحصر حالات تنحي ورد القاضي الجزائي، وهذا يتجلى فعلا عند قراءة المادة 241 قانون إجراءات مدنية، بحيث أجاز طنب رد أي قاض من قضاة إذا تحققت بشأنه حالة من الحالات السابقة، وبتالي قيد المشرع سلطة الجهة الفاصلة في الرد، فإذا تحققت أي من هذه الحالات فلا تملك الجهة التي لها حق نشر طلبة الرد سلطة تقديرية في الرد من عدمه.
2- من خلال نصوص الرد لم يشر المشرع إلى رد النيابة العامة من عدمه رغم أنه مؤخرا أصبح للنيابة دور فعال في القضايا المدنية فكان على المشرع التدخل بنص صريح و يمنح حق رد النيابة في بعض الدعاوى التي تكاد أن تكون خصما فيها، لأنها في مثل هذه القضايا إذا تجردت من الموضوعية قد تؤثر كثيرا في وجهة النظر عند الحكم، وهذا الضرر يكفي لتبرير ردها خاصة وأن النيابة تتمتع بخاصية عدم التجزئة، وبتالي لا يؤثر رد رجال النيابة في الإجراءات السابقة واللاحقة للرد.
- كذلك من بين أهم النقاط التي يجب الإشارة إليها، ما صرح به المشرع في نص المادة 247 قانون إجراءات مدنية، تبين أجير الجهة الفاصلة في طلب الرد أن توقيع غرامة مالية في حق طالب الرد، لا تقل عن 10000دج في حالة رفض طلبه.
ما يؤاخذ المشرع عليه من خلال ما سبق أنه أعطى حق الرد لنخصم بيد و حجتيه عنه باليد الأخرى، عندما هدده بفرض عقوبة الغرامة المائية في حالة رفض طلبه، وما يضعف موقف المشرع أكثر انعدام الأساس القانوني والفقهي الذي ارتكز عليه لتبرير فرض هذه العقوبة، فالقاعدة العامة تقتضي أن يقابل كل جرم عفوية، فما هو الجرم الذي اقترفه طالب الرد حتى ترفع عليه عقوبة الغرامة، فاستعمال الحق لا يمكن أن يؤدي إلى العقوبة، فكان على المشرع أن يلغي عقوبة الغرامة أو يستبدلها بدفع مبلغ كفالة بفقدها الطالب إذا رفض طلبه و يستعديها إذا تم قبوله، على أن تحدده الجهة المختصة بنظر الطلب هذا المبلغ، شريطة أن لا يتعدى الحد المعقول.
المصدر الاستاذ بوزيان بوشنتوف