التعليق على المادة 1 من القانون التجاري
تحليل نص المادة 1 من القانون التجاري
الجزائري اكتساب صفة التاجر.
أولا التحليل الشكلي لنص المادة 1 ق ت
ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 1 ق ت.
أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 1 قانون تجاري : { يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له ,مالم يقضي القانون بخلاف ذلك }.
موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 1) في الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون التجاري، المعدل والمتمم .
و قد جاء في ا لكتاب الأول بعنوان التجارة عموما ، من الباب الاول وعنوانه التجار.
البناء المطبعي :
المشرع قد حاول إجمال المعنى في نص المادة 1 من القانون التجاري حيث جعلها تتألف من فقرة واحدة .
تبدأ من " يعد تاجرا " وينتهي عند "بخلاف ذلك " ،.
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت المادة 1 من القانون التجاري محملة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع اكتساب صفة التاجر و كمثال على ذلك نشير إلى :
" يعد تاجرا " ، " عملا تجاريا " ، " القانون" وغيرها من المصطلحات التي تفيد اكتساب صفة التاجر.
البناء المنطقي :
نلاحظ نص المادة 1من القانون التجاري بدأت بعبارة " يعد تاجرا "وهنا يقصد الاشخاص الطبيعية أو المعنوية التي تباشر عملا تجاريا بعدها بين المشرع أن هاته الاعمال التي يباشرها سواءا الشخص الطبيعي أو المعنوي يجب أن تكون بالممارسة الاعتيادية وليس العارضة حتي يكتسب صفة التاجر ,وفي آخر المادة تطرق المشرع إلي شرط عدم مخالفة القانون .
- نلاحظ أن المشرع في المادة 1 من القانون التجاري اتبع أسلوبا إخباريا .
ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 1 من القانون التجاري يتضح أن المشرع قد بين أن شروط اكتساب صفة التاجر تتجلى خصوصا في امتهان الأعمال التجارية بالإضافة إلى الأهلية القانونية التي يشترطها القانون للقيام بها، ولا يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل يتعداه إلى سبل وطرق أخرى يكتسب بموجبها الشخص كان طبيعيا أو معنويا صفة التاجر تتمثل في مسك الدفاتر التجارية و القيد في السجل التجاري.
حيث أن المشرع الجزائري اعتبر الشخص الطبيعي والمعنوي تاجرا متى باشر أعماله التجارية واتخذها مهنة معتادة له.
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 1 من القانون التجاري يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ماهو الإطار المفاهيمي للتاجر ؟ و ماهي الالتزامات الواقعة عليه ؟
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : الإطار المفاهيمي للتاجر
المطلب الأول : تعريف التاجر
المطلب الثاني : شروط اكتساب صفة التاجر
المطلب الثالث : أشخاص مؤهلون لاكتساب صفة التاجر
المبحث الثاني : الالتزامات الواقعة على التاجر
المطلب الأول : التزام التاجر بمسك الدفاتر التجارية
المطلب الثاني : القيد في السجل التجاري
خاتمة
مقدمة
التاجر هو الشخص الذي تكون مهمته القيام بالأعمال التجارية يجوز أن يكون تاجرا، إما شخصا طبيعيا أو معنويا له أن يمارس أي نوع من الأنشطة التجارية، شريطة أن لا تكون منافية للنظام العام والأدب العامة، وأن لممارسة أي نشاط تجاري، اشترطت أغلب التشريعات في الشخص الذي يريد مزاولة التجارة اكتساب صفة التاجر، بحث أن لهذه الأخيرة أهمية بالغة، نتمثل في المركز القانوني الخاص لمن له تلك الصفة، أو الآثار القانونية التي تترتب عليها، إذ وضع المشرع قانونيا خاصا، لا يخضع له إلا من كان تاجرا من الناحية القانونية، وتشترك الأحكام التي يتضمنها هذا النظام، في أنها تسعى إلى دعم وتقوية الائتمان، التي نشأن نصوص القانون التجاري من أجل تحقيقه. أخضع المشرع الجزائري التاجر، للالتزامات المحددة في القانون التجاري المتمثلة في واجب القيد في السجل التجاري، بحكم اعتباره المرآة العاكسة لنشاطه، تدون فيه أسماء التجار، و الشركات، بالإضافة إلى الوقائع المتصلة بنشاطهم لتسهيل عملهم التجاري.
بالعودة لمراحل سابقة في التاريخ يتبين أن شعوب حوض البحر الابيض المتوسط كانت مهتمة بالتبادل التجاري فيما بينها ,إضافة لشعوب أخري عرف عنها البراعة في التجارة كالبابليون الذين تركوا مجموعة من القواعد الخاصة بالتجارة مدونة في أهم وأقدم وثيقة تشريعية في العالم وهو قانون حمورابي. وتبع البابلين شعب آخر أصاب سهما وافرا في التجارة هو الفنيقيون الذين كانوا يسكنوا السواحل الشرقية للبحر المتوسط، وقد بنوا أسطولا ضخما ومستودعان تجارية مهمة في مواقع مختلفة كقبرص ورودوس وكربت وأعقب أقول نجم الحضارة الفينيقية الإغريق الذين كانوا تجارا مهرة، واحتلوا مكان الفينقين في التجارة البحرية وما ساعدهم في ذلك موقع بلادهم الجغرافي والسياسي.
أما الرومان فلم يكن لهم اهتمام كبير في التجارة، كأنهم كانوا بعدونها مهنة وضعية لا تليق بالروماني الأصيل، ويجب أن تترك للأجانب والعبد.
إن العرب فإنه من المؤكد أن القبائل العربية، ولما سيما قبيلة قريش، كانت تتعاطى التجارة على نطاق واسع مع الامم و البلدان المجاورة، كما كان الحروب الصليبية أثر مهم في قيام حركة تجارية كبيرة بين شرق والغرب، لا سيما بين سكان المدن الإيطالية، كالبندقية وفلورنسة والمرافئ الإسلامية الواقعة على شواطئ الشرقية للبحر المتوسط.
وفي العصور الحديثة، أسهمت الكشوف الجغرافية والتوسع الاستعماري في نشوء الرأسمالية وظهرت الشركات الرأسمالية الكبيرة كشركتي الهند الشرقية والغربية، ويمكن القول، أنه منذ بداية عهد الثورة الصناعية ظهرت ضروب من الاستثمار الاقتصادي لا تقوى طاقة التاجر الفرد الواحد على النهوض لها، لما تتطلب من أموال وجهود، لذلك تضافر الأشخاص وقاموا بتجميع إمكانيتهم ليتسنى لهم القيام بها، وبسبب هذا التضافر انبعثت الشركات التجارية المتنوعة التي غزت مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، فأنجزت الكثير من المشاريع الصناعية والتجارية التي أسدت للبشرية خدمات جلي.
وتقوم التجارة عموما على الائتمان بين التجار، بالإضافة الشرعة في مختلف النشاطات والمعاملات التجارية، وهو من الأسباب التي أدت إلى وجود القانون التجاري حيث أصبح التاجر وهو الشخص الذي تكون مهنته القيام بالأعمال التجارية، يخضع لبعض الشروط المنصوص عليها فيه، فالأصل أن لكل شخص الحق في ممارسة أي نشاط تجاري لأن ذلك بعد من قبيل الحريات العامة، التي يتمتع بها كل إنسان.
ولأجل إضفاء، الصفة التجارية على الفرد الطبيعي، أستند المشرع الجزائري بباقي المشرعين، إلى نظرية الأعمال التجارية، التي متى قام بها الفرد الطبيعي، بشكل مستمر ضابط شامل للأعمال ومتكرر، ومنتظم، أكتسب هذه الصفة، وأمام العجز عن وضع التجارية، ومنه تعريفا جامعا ومانعا لها، لجأ المشرع الجزائري بالمشرع الفرنسي، إلى سرد مجموعة من الأعمال أعتبرها تجارية بقوة القانون.
ولقد سبق القول بأنه يجوز أن يكون تاجرا، إما شخصا طبيعيا أو معنويا، وعلى ذلك إلى جانب الأشخاص الطبيعيين، توجد الشركات التجارية، التي تكتسب هذه الصفة عند تأسيسها الأمر الذي أدى إلى إخضاع هذه الشركات إلى شروط شكلية دقيقة، يترتب على إغفالها البطلان.
ومن الثابت أن الصفة التجارية للشركات تجد مصدرها في موضوعها، أو في شكل من الأشكال المنصوص عليها حصرا في القانون التجاري.
وبما أن التجار يخضعون لنظام قانوني يختلف عن ذلك الذي يخضع له غير التجار، لذلك فان المسألة تحديد هذه الفئة من الأهمية، إذ تطبق عليها أحكاما خاصة بها، كمسك الدفاتر التجارية، والخضوع لنظام شهر الإفلاس...إلخ. لذلك كان، لا بد من تحديد شروط اكتساب صفة التاجر.
المبحث الأول : الإطار المفاهيمي للتاجر.
المطلب الأول : تعريف التاجر.
التاجر Commerçant هو الشخص الذي تكون مهنته القيام بالأعمال التجارية إن كلمة التاجر مشتقة من الكلمة اللاتينية mercari وتعني حركة المرور. ممكن أن يكون التاجر فرد او شركة يبيع خدمة أو سلع أو منتج معين، بحيث يقوم التاجر ببيع البضائع للعميل لتحقيق الربح بموجب القانون يمكن تعريف التاجر بأنه كل فرد او شركة يمارسون عمل تجاري على وجه الاحتراف بإسمهم الخاص ولحسابهم وتتوفر فيهم الأهلية التجارية وفق القانون.
وفقا لنص المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري يعتبر تاجرا كل من يشتغل بالأعمال التجارية و يتخذها حرفة معتادة له و يتبين من ذلك أنّ تعريف التاجر لا يرتبط بانتمائه إلى هيئة أو حرفة أو طائفة معينة ، و إنما يرتبط بالعمل الذي يباشره ذلك أنّ احتراف العمل التجاري هو أساس اكتساب هذه الصفة، وقد تم تصنيف التجار إلى فئتين :
الفئة الأولى.
تشمل الأشخاص الطبيعيين الذين تكون طبيعة عملهم ممارسة الأعمال التجارية.
والفئة الثانية.
تشمل الشركات التي يكون مضمونها تجاري وتقوم بأعمال تجارية .
ويتميز التاجرعن الشخص العادي من حيث القيد في السجل التجاري و مسك الدفاتر التجارية وكذلك خضوعهم لنظم الإفلاس.
المطلب الثاني : شروط اكتساب صفة التاجر.
شروط اكتساب صفة التاجر جاء في نص المادة الأولى من القانون التجاري على ما يلي : " بعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك
من خلال قراءة النص يتبين بأن المشرع اشترط ضرورة توافر شروط معينة لإلحاق صفة التاجر على الشخص وتتمثل في ممارسة العمل التجاري، إلى جانب اتخاذ العمل مهنة معتادة.
الفرع الأول : مباشرة الأعمال التجارية.
لا يمكن أن يخاطب تشكل ممارسة العمل التجاري أحد الشروط الأساسية لاكتساب الشخص صفة التاجر، بحيث هؤلاء بأحكام القانون التجاري، إلا إذا تبين أن التصرف ناتج عن عمل تحاري، بمعنى أن ممارسة العمل المدني بصورة مستمرة ومنتظمة لا يشكل شرطا للإسباغ الوصف التجاري على صاحب العملية.
ومادام أن الأعمال التجارية قد تم شرحها والتفصيل فيها ضمن الفصل الأول فيستحسن عدم تكرارها، فقط تجدر الإشارة إلى أن المقصود بمباشرة العمل التجاري كشرط لاكتساب صفة التاجر، يشمل فقط طائفة التعداد القانوني للأعمال التجارية الواردة في المادة الثانية، أي الأعمال التجارية بحسب الموضوع أما الأنواع الأخرى من الأعمال التجارية فهي مستبعدة، فمثلا نجد أن من شروط التبعية التجارية المنصوص عليها في المادة الرابعة أن يكون القائم بالعمل تاجرا.
الفرع الثاني : الحرفة أو المهنة كشرط لاكتساب صفة التاجر.
يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه وعليه تكتسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية :
- كل شراء للمنقولات لإعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها،
- كل شراء للعقارات لإعادة بيعها،
- و كل مقاولة لتأجير المنقولات أو العقارات،
- كل مقاولة للإنتاج أو التحويل أو الإصلاح،
- كل مقاولة للبناء أو الحفر أو لتمهيد الأرض،
- و كل مقاولة للتوريد أو الخدمات،
- كل مقاولة لاستغلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو منتوجات الأرض الأخرى،
- كل مقاولة لاستغلال النقل أو الانتقال،
- و كل مقاولة لاستغلال الملاهي العمومية أو الإنتاج الفكري،
- كل مقاولة للتأمينات،
- كل مقاولة لاستغلال المخازن العمومية،
- و كل مقاولة لبيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو الأشياء المستعملة بالتجزئة،
- كل عملية مصرفية أو عملية صرف أو سمسرة أو خاصة بالعمولة،
- كل عملية توسط لشراء وبيع العقارات أو المحلات التجارية والقيم العقارية،
- (الأمر رقم 27-96 المؤرخ في 9 ديسمبر 1996) كل مقاولة لصنع أو شراء أو بيع وإعادة بيع السفن للملاحة البحرية،
- كل شراء وبيع لعتاد أو مؤن للسفن،
- كل تأجير أو اقتراض أو قرض بحري بالمغامرة،
- و كل عقود التأمين والعقود الأخرى المتعلقة بالتجارة البحرية،
- كل الاتفاقيات والاتفاقات المتعلقة بأجور الطاقم وإيجارهم،
- كل الرحلات البحرية.
الفرع الثالث : إحتراف القيام بالأعمال التجارية.
هو الشرط الجوهري لاكتساب صفة التاجر، ويقصد بالاحتراف ممارسة الأعمال التجارية الأصلية بحيث يجعل منها وسيلته للعيش والارتزاق، والمقصود بالأعمال التجارية هنا الأعمال التجارية الأصلية، أما الأعمال التجارية بالتبعية فهي بالأصل أعمال مدنية واكتسبت الصفة التجارية لصدورها من تاجر، وعليه إذا قام الشخص بعمل تجاري بشكل متقطع غير منتظم فإنه لا يكتسب صفة التاجر.
حتى ولو كان هذا العمل الذي قام به خاضعاً لأحكام القانون التجاري. وعليه فإنه الشخص الذي يحترف العمل التجاري هو الشخص الذي يزاول ذلك العمل ويقوم به بصورة منتظمة ومستمرة بحيث تكون مهنته الرئيسية التي يرتزق منها. وجانب من الفقه يرى أنه حتى نكون أمام احتراف ينبغي توافر عناصره المتمثلة بالاعتياد والقصد والاستقلال.
المطلب الثالث : أشخاص مؤهلون لاكتساب صفة التاجر.
لما كانت الأهلية عنصر هام في بناء إرادة الشخص، بحيث تجعله يعبر عن إرادته وفق ما يرتبه عليه القانون من آثار وكونها خاصية مميزة لصفة الإنسان، فإنها تجعله يكتسب بها حقوق ويتحمل التزامات والمشرع وضع الأهلية الشخص الطبيعي التجارية، أحكاما بعضها يستلزم منا الرجوع للقواعد العامة الواردة في القانون المدني والبعض الآخر مجالها لقانون التجاري".
الفرع الأول : التاجر شخص طبيعي.
قد نصت المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري على: يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك.
لنا أنه لما يقتصر احتراف الأعمال التجارية على ومن خلال نص المادة الأشخاص الطبيعية مثل التجار الأفراد بل تحترفها أيضا الأشخاص المعنوية مثل الشركات.
كما نجد أيضا أن تعريف التاجر يرتبط بفكرة العمل التجاري الذي لم يعرفه المشرع الجزائري والذي عجز الفقه عن وضع العيار له، وإن كان الفقه الحديث يرى أن العمل التجاري لا يجوز أن يؤخذ من معناه الضيق ولكن يؤخذ بمعنى النشاط الاقتصادي وقد وضع ذلك التعريف الذي جاء به الأستاذ حسين النوري:" التاجر هو كل فرد يمارس الأعمال التجارية على وجه الاحتراف باسمه ولحسابه، تتوفر لديه الأهلية التجارية"
فالتاجر هو الشخص الذي تكون مهنته القيام بالأعمال التجارية، وهو كل من أشتغل بالمعاملات التجارية وأتخذها مهنة له، حيث أن التاجر هو الذي يقوم بعمل تجاري معين أو بأعمال تجارية معينة على وجه الاحتراف أي بصورة منتظمة ومستمرة وعلى وجه الاستقلال وأن يتخذ من القيام بهذه الأعمال وسيلة لكسب الرزق .
الفرع الثاني : التاجر شخص معنوي.
نجد أن المشرع الجزائري جعل من الأشخاص المعنوية (الشركات التجارية) عملا تجاريا بحسب الشكل وذلك ما نصت عليه المادة03 من القانون التجاري الجزائري حيث على أنه: "يعد عملا تجاريا بحسب شكله... الشركات التجارية..".
ومنه منحت الصفة التجارية لشركات معنية بحيث يعتبر أصحاب تلك الشركات تجارا، فالشركة في كل كيان ينتج من خلال عقد متبادل بمقتضاه يشترك شخصان أو عدة أشخاص في شيء بقصد أن يقتسموا ما ينتج عنه من ربح.
والشركة بهذا المفهوم هي تجميع للجهود وتركيز للأموال يساهم بهما عدد من الأشخاص في مزاولة نشاط اقتصادي يهدف إلى تحقيق الربح، ويعترف النظام القانوني بالشخصية المعنوية للشركات التي تتولد عن إبرام بعض صور العقود، ويلاحظ أن اصطلاح الشركة يهني قانونا كلا من العقد والشخص القانوني المتولد عن العقد، ذلك أن الصفة التجارية تلحق بالشخص القانوني القائم بالنشاط والذي يمكن مخاطبته بقواعد القانون التجاري.
أما الشركة التي لما يعترف لها بالشخصية المعنوية كشركة المحاصة فلا تكتسب الصدفة التجارية وغن كان الهدف منها مزاولة نشاط تجاري.
المبحث الثاني : الالتزامات الواقعة على التاجر.
المطلب الأول : التزام التاجر بمسك الدفاتر التجارية.
الدفاتر التجارية لها أهمية كبيرة من حيث الاثباث في المعاملات التجارية متى كانت منتظمة ومرتبة وتصلح كوسيلة في المنازعات التي تحصل بين التجار فهي تعد كوسيلة للمحاسبة وتحقيق لأغراض شتى منها تعد كقاعدة أساسية لجميع العمليات الاقتصادية والإحصائية. وتبين المحاسبة و الأرباح الصافية ومعلومات دقيقة تستند إليها مصلحة الضرائب.
الفرع الأول : انواع الدفاتر التجارية.
أولا : الدفاتر الاجبارية.
دفتر اليومية :
وهو أهم الدفاتر التجارية بحيث يسجل فيه التاجر جميع العمليات المالية التي يقوم بها، ويتم هذا التسجيل كما جاء في نص المادة(09) يوما بيوم والتفصيل.
ومن ثم يجب على التاجر أن يقيد في دفتره جميع العمليات التجارية التي يقوم بها من بيع وشراء أو اقتراض أو دفع أو قبض لأوراق نقدية أو تجارية أو غير ذلك...الخ.
أما من الناحية العملية لا يكفي قيد العمليات التجارية في دفتر واحد بل يستحسن الاستعانة بمسك دفاتر يومية مساعدة لاتباث تفاصيل عملياته التجارية فمثلا يخصص دفتر يومية للمشتريات والآخر للمبيعات وثالث للمصروفات ورابع لأوراق القبض وخامس لأوراق الدفع وبهذا لا يحتاج التاجر لإعادة قيد تفاصيل هذه العمليات في دفتر اليومية الأصلي وإنما يكتفي بتقييد جماعي لهذه العمليات دفتر الجرد :
وقد جاءت به نص المادة (10) من القانون التجاري بقولها :
يجب عليه أيضا أن يجري سنويا جردا لعناصر أصول وخصوم مقاولته وأن يقفل كافة حساباته بقصد إعداد الميزانية وحساب الخسائر و الأرباح، وتنسخ بعد ذلك هذه الميزانية وحساب الخسائر والأرباح في دفتر الجرد يؤخذ من هذا النص أن التاجر يلتزم في آخر كل سنة مالية بجرد الأموال منشأته وهي ما للتاجر من أموال منقولة أو ثابتة وتقويمها وحصر ماله من حقوق وما عليه من ديون وتدوين ذلك تفصيلا في دفتر الجرد.
فإذا كانت هذه التفاصيل مدونة في دفاتر أو قوائم مستقلة فعلى التاجر أن يكتفي بإثبات بيان إجمالي عنها في دفتر الجرد.
ويشترط القانون إجراء عملية الجرد مرة في السنة على الأقل. فتقيد فيه صورة من الميزانية العامة للتاجر.
والميزانية هي التعبير الرقمي المنظم طبقا لقواعد المحاسبة عن مركز التاجر الإيجابي والسلبي في نهاية السنة المالية وهي تتخذ شكل جدول مكون من جانبين :
أحدهما للأصول والآخر للخصوم.
يقصد بالأصول حقوق المشروع وتشمل الأموال الثابتة والمنقولة التي يمتلكها والديون التي له عند الغير.أما الخصوم فمعناها الديون التي علق المشروع عند الغير وكذلك رأس مال المشروع باعتباره دينا عليه لصاحبه ولدفتر الجرد دور هام في التعرف على المركز المالي للتاجر، كما يسمح للدائنين في حالة الإفلاس معرفة مالهم من حقوق وما عليه من التزامات.
ثانيا :الدفاتر الاختيارية.
جرت المادة أن يمسك التاجر علاوة على الدفاتر الإجبارية دفاتر أخرى هي اختيارية وهذا تبعا لطبيعة التجارة التي يمارسها وأهميتها ومن أهم هذه الدفاتر:
دفتر الاستاذ :
وهو من أهم الدفاتر التي جرت عادة التجار على إمساكها لأنه الدفتر الرئيسي الذي تصب فيه كل الدفاتر الاختيارية. ودفتر الاسناد ترتب فيه جميع العمليات التجارية حسب نوعها وبحسب أسماء العملاء لكل عميل ولكل نوع منها حساب، حساب البضائع وحساب الأوراق التجارية للقرض أو الأوراق التجارية للدفع إلى غير ذلك.
دفتر المسودة :
وتدون فيه العمليات التجارية بمجرد وقوعها بسرعة وبصورة مذكرات ثم تنقل بعد ذلك إلى دفتر اليومية بعناية وانتظام.
دفتر المخزن :
تدون فيه البضائع التي تدخل مخزن التاجر والتي تخرج منه.
دفتر الأوراق التجارية :
تقيد فيه تواريخ استحقاق الأوراق التجارية الواجب تحصيلها من الغير وتلك التي يتعين الفاء بقيمتها للغير.
دفتر الصندوق أو الخزانة :
يقيد فيه حركة النقود التي تدخل في الصندوق والتي تخرج منه وهو ذو أهمية بالنسبة للتاجر من حيث أنه يبين رصيده في آخر كل يوم.
دفتر المسندات والمراسلات :
يلتزم التاجر بالاحتفاظ بجميع المسندات والمراسلات والبرقيات التي تكون متصلة بنشاطه التجاري سواء صدرت منه أو من الغير ويقوم بترتيبها ترتيبا زمنيا أو تبعا للصفقة أو العملية التي يقوم بها على كل حال يجب على التاجر أن يحتفظ بها بطريقة منظمة لا يشوبها الغموض حتى يمكن الاعتماد عليها في الإثبات.
الفرع الثاني : كيفية مسك الدفاتر التجارية :
يجب على التاجر أن يمسك الدفاتر التجارية بطريقة تكفل بيان مركزه المالي بدقة وبيان ماله وما عليه من الديون المتعلقة بتجارته. ولن يتسنى له تحقيق هذا الغرض الا اذا كانت الدفاتر منتظمة وضمانا لهذا الانتظام. وضع القانون عدّة قواعد تهدف إلى كفالة صحة البيانات المدونة في هذه الدفاتر بقدر المستطاع عن طريق منع التلاعب المادي. وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 11من التقنين التجاري على الطريقة التي يلتزم التاجر بإمساك بها، وتتجلى هذه الطريقة في :
- ترقيم صفحات الدفترين أي (اليومية والجرد) قبل استعمالها، مع التوقيع عليهما من طرف المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر.
-عدم احتواء الدفترين على أي فراغ أو الكتابة في الهوامش أو تحسيرا. وترجع الحكمة في ذلك إلى منع التاجر من تعديل أو محو للبيانات الواردة في الدفتر حسب ما تمليه عليه مصلحته، وفي حالة ما اذا وقع أي خطأ
أثناء قيد إحدى العمليات فلا يجوز شطبها أو تصحيحها بين السطور، وإنما يجب تصحيحها بقيد جديد يؤرخ منذ تاريخ اكتشاف الخطأ.
مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية :
تنص المادة (10) من التقنين التجاري الجزائري على مدة الاحتفاظ بدفتري الجرد واليومية، وكذلك المراسلات والبرقيات والفواتير وغيرها من المستندات التي تتصل بالتجارة. وهذه المدة هي (10) سنوات تبدأ من تاريخ إرسالها أو تسليمها. ومدة العشر سنوات هي ليست مدة التقادم، وليست لها صلة بالتقادم أو بقاء الحقوق المقيدة في الدفاتر، وإنما هي عبارة عن حد زمني للالتزام بتقديم الدفاتر كدليل أمام القضاء.
فبعد مرور مدة (04) سنوات تقوم قرينة بسيطة على أن التاجر قد أعدم دفاتره وهذه القرينة مقررة لمصلحة التاجر، فيستطيع أن يقدم دفاتره لاتباث حق له بعد انقضاء (10) سنوات دون أن تنقص من قيمة الدفاتر في الاتباث.
كما يجوز لخصم التاجر إلزامه بتقديمها أمام القضاء إذا أتبت ذلك. مدّة الاحتفاظ بالدفاتر الأخرى: بما أن المشرع الجزائري لم يتعرض للدفاتر التجارية الأخرى التي يلتزم التاجر بإمساكها، فانه لم يتعرض أيضا لمدة الاحتفاظ بها. وقد جرت العادة على أن يحتفظ التاجر بهذه الدفاتر طوال المدّة الضرورية لتقادم الحقوق التابثة فيها.
الفرع الثالث : جزاء الإخلال بالدفاتر التجارية :
أولا : الجزاءات المدنية.
إن التاجر المهمل الذي لم يمسك الدفاتر التجارية أو لم يراع فيها الأوضاع المقررة قانونا يتعرض إلى عدة عقوبات.
- إذا لم يمسك الدفاتر التجارية بصفة منتظمة يتعرض لجزاء حرمانه من تقديم دفاتره للغير كدليل للإثبات أمام القضاء. ويكون هنا التاجر قد حرم نفسه من دليل مادي في متناول يده، لاسيما إذا كان خصمه تاجرا مثله، إذ يمكن الوقوف على الحقيقة بواسطة إجراء مقارنة بين دفتر كل منهما.
- أما لم يمسك دفاتر تجارية على الإطلاق أو مسكها بطريقة غير منتظمة، أجاز حرمانه من ميزة الصلح الواقي من الإفلاس. هذا ما نصت عليه المادة 226 (فقرة04) من القانون التجاري. بالاضافة إلى فرض مصلحة الضرائب، ضريبة تقدر بصفة جزافية.
ثانيا : الجزاءات الجزائية.
لم يكن المشرع يفرض عقوبة على التاجر الذي لا يمسك دفاتر التجارية أو يمسكها بطريقة غير منتظمة إلا في حالة الإفلاس. فإذا أفلس التاجر وتبين أنه لم يمسك دفاتر تجارية أو كانت هذه الأخيرة غير منتظمة جاز اعتباره متفلسا بالتقصير . فتطبق عليه العقوبات المنصوص عليها في المادة 383 من قانون العقوبات، وجريمة الإفلاس بالتقصير نصت عليها المادة 370 من القانون التجاري الجزائري.
في حالة الإفلاس التاجر إذا لم يكن قد أمسك أية حسابات مطابقة لعرف المهنة نظرا لأهميته التجارية. أما إذا أفلس التاجر ويتبين أنه قد أخفى دفاتره أو يبددها أو اختلسها، أعتبر مفلسا بالتدليس،
طبقا لنص المادة 374 من القانون التجاري :
يعد مرتكبا للتفليس بالتدليس كل تاجر في حالة توقف عن الدفع يكون قد أخفى حساباته أو يبدد أو اختلس كل أو بعض أصوله أو يكون بطريق التدليس قد أقر بمديونيته بمبالغ ليست في ذمته سواء كان هذا في محرراته بأوراق رسمية أو تعهدات عرفية أو في ميزانية.
زيادة على ذلك يعاقب التاجر المرتكب لجريمة الإفلاس بالتدليس بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 383 من قانون العقوبات وتنص على ما يلي :
كل من قضى بارتكابه جريمة الإفلاس في الحالات المنصوص عليها في قانون التجارة يعاقب:
عن الإفلاس البسيط بالحبس من شهرين إلى سنتين. عن الإفلاس بالتدليس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات. ويجوز علاوة على ذلك أن يقضى على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر .
وتطبق هذه العقوبة على الشركة في حالة توقف عن الدفع، إذ تعتبر مرتكبة لجريمة الإفلاس بالتقصير في حالة ما أمر القائمين بالإدارة بالإمساك حسابات الشركة بغير انتظام طبقا لنص المادة 378 من القانون التجاري. الذي جاء نصها كما يلي :
في حالة توقف الشركة عن الدفع، تطبق العقوبات الخاصة بالتفليس بالتقصير على القائمين بالإدارة والمديرين في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وبوجه عام، كل المفوضين من قبل الشركة يكونون بهذه الصفة وبسوء نية أمسكوا أو أمروا بإمساك حسابات الشركة بغير انتظام .
الفرع الرابع : حجية الدفاتر التجارية :
لقاعدة العامة لا يجوز للشخص أن ينشأ دليلا لنفسه، ولا يجيز بأن يقدم دليلا ضد نفسه غير أن ما تقتضيه التجارة في سرعة التعامل والدقة والائتمان في المجال التجاري، قد يؤدي في أغلب الأحيان إلى عدم وجود أدلة مهيأة مسبقا لطرفي التصرف القانوني الذي يعد من الأعمال التجارية، وبالتالي فقد أجاز القانون حرية الاتباث في المسائل التجارية. وتعد الدفاتر التجارية التي وضع القانون لها قواعد خاصة بكيفية تنظيمها وتدون
المعلومات فيها كقرائن للاتباث يجوز للقاضي الأخذ بها أو إهمالها، وبتالي يجب التفرقة في هذه الحالة بين حجية الدفاتر التجارية في الاتبات لمصلحة التاجر وحجيتها في الإثبات ضد التاجر وطريقة تقديم الدفاتر التجارية إلى القضاء. في هذه الحالة يجب التمييز بين ما إذا كان خصم التاجر تاجرا أو غير تاجر :
أولا : لمصلحة التاجر.
لأصل أنه لا يجوز للشخص أن يصطنع دليلا لنفسه، ولكن القانون التجاري خرج على هذا الأصل، إذ سمح للتاجر أن يمسك دفاتر تجارية يمكن له استعمالها كدليل اتبات لصالحه، وللتاجر الآخر الذي يحتج بالدفاتر اتبات عكس ما جاء فيها بجميع الطرق بما فيها البينة والقرائن. وتختلف حجية الدفاتر التجارية في الاتبات في حالة ما إذا كان التعامل بين تاجرين وبين تاجر وغير تاجر.
1- حجية الدفاتر التجارية بين تاجرين :
منع القانون للتاجر الحق في التمسك بدفاتره التجارية لأجل الاتباث في دعاوى التجار المتعلقة بمواد تجارية إذا كانت تلك الدفاتر منتظمة، وذلك ما جاء به نص المادة 13 من القانون التجاري بقولها :
يجوز للقاضي قبول الدفاتر التجارية المنتظمة كالاتباث بين التجار بالنسبة الأعمال التجارية.
ولكي تكون دفاتر التاجر حجة لمصلحته يجب أن تتوافر ثلاثة شروط :
أ- يجب أن يكون النزاع قائما بين تاجرين، أي بين شخصين يلتزمان بمسك الدفاتر التجارية حيث يسهل على القاضي التحقق من البيانات عن طريق مقارنة دفاتر كل من الخصمين، ولا صعوبة إذا تطابقت بياناتها، أما إذا اختلفت الدفاتر جاز للقاضي ترجيح دفاتر أحدهما إذا كانت منتظمة على دفاتر الطرف الآخر غير المنتظمة.
ب- يجب أن يكون النزاع متعلقا بعمل تجاري بالنسبة لكل من الخصمين، كما إذا باع التاجر بضاعة إلى تاجر آخر لأجل بيعها، أما في حالة ما إذا اشتراها هذا التاجر الآخر لاستعماله الخاص فلا يجوز الاحتجاج عليه بالدفاتر التجارية لأنها تعتبر عمل مدني.
ج - ويجب أن تكون الدفاتر التجارية التي يتمسك بها ويحتج بها على الغير منتظمة، والسبب في ذلك أن البيانات المدونة فيها تستوفي شروط الصحة والجدية. أما الدفاتر التجارية الغير المنتظمة فلا تكون حجة في الاتباث أمام القضاء غير أن القاضي يمكن أن يستأنس بها ويستنبط منها قرائن. تكمل عناصر الاتباث الأخرى في الدعوى.
2- حجية الدفاتر التجارية على غير التجار :
لا تصلح دفاتر التجار حجة على خصمه الغير التاجر لعدم مسك دفاتر من قبل الخصم غير التاجر، إلا أنه يجوز للقاضي الاستعانة بدفاتر التاجر لاستخراج قرائن يستند إليها في حكم الدعوى ويجوز للقاضي أن يكمله بتوجيه اليمين المتممة إلى أي من الطرفين، وذلك فيما يجوز اتباثه بالبينة، ولكن يجب توافر الشروط التالية :
- أن يتعلق النزاع ببضائع وردها التاجر لغير التاجر، كالمواد الغذائية فإذا ما تعلق الأمر بقرض قدمه التاجر لغير التاجر فلا يؤخذ بعين الاعتبار.
- أن يكون الدين محل النزاع مما يجوز اتباثه بالبينة، كأن تكون قيمة ما ورده التاجر لايتجاوز 1000دج، وهذا ما جاءت به نص المادة 333 من القانون المدني بقولها :
في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني يزيد قيمته عن 1000دج أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة في اتباث وجوده أو انقضائه مالم يوجد نص يقضي بغير ذلك. ويقدر الالتزام باعتبار قيمة وقت صدور التصرف ويجوز الاتباث بالبينة إذا كانت زيادة الالتزام على الألف دينار جزائري لم تأت إلا من ضم الملحقات إلى الأصل.
- متى قرر القاضي قبول الدفاتر في الاتباث. تعين عليه تكملته بتوجيه اليمين المتممة وهو أمر جوازي للقاضي فله كامل الحرية في تعيين من توجه إليه هذه اليمين من الطرفين.
ثانيا : ضد مصلحة التاجر :
للدفاتر التجارية حرية كاملة في الاتباث ضد التاجر صدرت منه سواء في ذلك، أكان الخصم الذي يتمسك بها تاجرا أو غير تاجرا وسواء أكان الدين تجاريا أم مدنيا وسواء أكانت الدفاتر منتظمة أو غير منتظمة وتفسر حجية الدفاتر على صاحبها، بأن البيانات الواردة فيها تعتبر بمثابة إقرار كتابي صادر من التاجر شخصيا ونتيجة لذلك يجب تطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة الإقرار متى كانت الدفاتر منتظمة، فعلى التاجر الخصم أن
يأخذها كاملة أو يرفضها كلية. فلا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها ماكان مناقضا لدعواه، فلو دوّن التاجر في دفتره مثلا أنه باع بضاعة إلى شخص ما وأن الثمن لم يدفع، فلا يجوز للمشتري أن يستند إلى هذا الدفتر لاتباث وقوع البيع ويرفض الدفتر ذاته فيما يتعلق باتباث أن واقعة الثمن لم يدفع، بل عليه أن يتمسك بما ورد في الدفتر كاملا أو أن يرفضه كلية ويقدم دليلا آخر .
وإذا كانت الدفاتر غير منتظمة جاز للقاضي أن يقدر مضمونها دون أن يتقيد في ذلك بقاعدة عدم جواز تجزئة الإقرار. وفي ذلك تنص المادة 330 من القانون المدني الجزائري على مايلي :
دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار غير أن هذه الدفاتر عندما تتضمن بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التاجر، يجوز للقاضي توجيه اليمين المتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون اتباثه بالبينة وتكون دفاتر التجار حجة على هؤلاء التجار، ولكن إذا كانت هذه الدفاتر منتظمة فلا يجوز لمن يريد استخلاص دليل لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها واستبعاد ما هو مناقض لدعواه.
المطلب الثاني : القيد في السجل التجاري :
تعود فكرة تنظيم التجار ووضع قائمة تدون فيها المعلومات المتعلقة بحالتهم، وطبيعة نشاطهم إلى النظام الطائفي، أو الطوائف الذي كان يسود عالم التجارة والتجار قبل زوال، وإلغاء هذا النظام على إثر الثورة الفرنسية بمقتضى مرسوم 17/06/1751 المدعى بقانون chapelier وكان يهدف منه في تلك الفترة التقليل من عدد التجار والوقوف في وجه المنافسة.
وفي نفس الوقت معرفة التجار سواء الجانب الشخصي سلوك ونزاهة، وطبيعة النشاط وحجمها وقدرة التاجر على الوفاء بالتزاماته، وتمكين الغير من المعرفة جيدة قبل التعامل من طرف هؤلاء التجار.
وتتجلى فكرة تنظيم التجار ووضعهم في قائمة وفق نظام حديث يطلق عليه بالسجل التجاري، وسنتعرض إلى المراحل المختلفة التي مر بها القيد في السجل التجاري.
1- الادارة المختصة بالسجل التجاري في نظر القانون التجاري الجزائري :
أوكل المشرع الجزائري مهمة السجل التجاري لجهة إدارية تتمثل في المركز الوطني للسجل التجاري، ولكن القضاء يشرف عليها ويقوم بمراقبتها- فضلا عن قيامه بالنظر في المنازعات الخاصة بها، وبهذا النهج الذي نهجه المشرع الجزائري، نجده يقف موقفا وسطا بين السجل التجاري الألماني الذي يرتب على عملية القيد الإشهار القانوني.
لأن المشرع الجزائري رتب نفس الأثر بدليل المادة 19 من قانون السجل التجاري رقم 90/ 22 المؤرخ في 27 محرم عام 1411 الموافق ل: 18 أوت 1990م المتعلق بالسجل التجاري، المعدل والمتمم بالأمر رقم 96/ 07 المؤرخ في 19 شعبان عام 1416 الموافق ل: 10يناير سنة 1996، والتي تنص على أن :
التسجيل في السجل التجاري، عقد رسمي يثبت كامل الأهلية القانونية لممارسة التجارة، ويترتب عليه الإشهار القانوني الإجباري.
بينما بين القانون الفرنسي الذي اعتبر السجل التجاري كأداة لإحصاء الاقتصادي في المجال التجاري، فأسند مهمته إلى جهاز إداري، ومثله فعل المشرع الجزائري إذ أسند هذه المهمة المركز الوطني للسجل التجاري، وهو عبارة عن مرفق إداري.
2- الملزمون بالقيد التجاري :
تناول القانون التجاري في المادتين 19و 20 الأشخاص الملزمون بالقيد في السجل التجاري، فنصت المادة 19 على ما يلي :
يلزم بالتسجيل في السجل التجاري كل شخص طبيعي له صفة التاجر في نظر القانون الجزائري، ويمارس أعماله التجارية داخل القطر الجزائري. كل شخص معنوي تاجر بالشكل، أو يكون موضوعه تجاريا ومقره في الجزائر، أو كان له مكتب أو فرع أو أي مؤسسة كانت.
أما المادة 20 فقد نصت على ما يلي يطبق هذا الإلزام خاصة على: - كل تاجر شخصا طبيعيا كان أو معنوي - كل مقاولة تجارية يكون مقرها في الخارج وتفتح في الجزائر وكالة أو فرعا أو أي مؤسسة أخرى. - كل ممثلية تجارية أجنبية تمارس على أن تحدد كيفيات التسجيل في السجل التجاري طبقا للتنظيم المعمول به. وجاءت المادة (04) الرابعة من المرسوم التنفيذي 97- 41 المؤرخ في 09 رمضان عام 1417 الموافق لـ : 8 يناير 1997 والمتعلق بشروط القيد في السجل التجاري، وهم الأشخاص الطبيعيون والأشخاص المعنوية وقصت بقولها :
يخضع لإلزامية القيد في السجل التجاري وفق ما ينص عليه التشريع المعمول به، ومع مراعاة الموانع المنصوص عليها فيه :
- كل تاجر، شخص طبيعي أو معنوي
- كل مؤسسة تجارية مقرها في الخارج وتفتح في الجزائر وكالة أو فرعا أو أي مؤسسة أخرى.
- كل ممثلية تجارية أو وكالة تجارية تابعة للدول أو الجماعات أو المؤسسات العمومية الأجنبية التي تمارس نشاطها على التراب الوطني.
- و كل مؤسسة حرفية وكل مؤسسة خدمات سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا. - كل مستأجر مسير محلا تجاريا.
- كل شخص معنوي تجاري بشكله أو بموضوعه التجاري، مقره في الجزائر أو يفتح بها وكالة أو فرعا أو أية مؤسسة أخرى.
- كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس نشاطا يخضع قانونا للقيد في السجل التجاري. إذن استنادا لهذه النصوص لا يتحقق القيد في السجل التجاري إلا إذا توافرت شروط معينة لممارسة مهنة التجارة، وتتمثل هذه الشروط فيما يلي :
لا يجوز لأي كان ممارسة نشاط تجاري إذا كان خاضعا لنظام خاص ينص على حالة تناف. على الذي يرى حالة التنافي إثبات ذلك. ترتب الأعمال الصادرة عن شخص في وضعية التنافي كل آثارها القانونية اتجاه الغير حسن النية الذين يمكنهم التمسك بها دون أن يكون للمعني حق الاستفادة منها لا يمكن وجود حالة تنافي بدون نص.
أما بالنسبة للشخص المعنوي فيحظر عليه الاتجار مثلا في موضوع يدخل في نشاط الدولة، أو يتخذ شكلا يحظره القانون. بينما سردت المادة 8 من القانون المتعلق بممارسة الأنشطة التجارية الصادر في 14 أوت 2004، الحالات التي يمنع فيها الأشخاص من ممارسة النشاط التجاري إذ قضت بما يلي :
دون الإخلال بأحكام قانون العقوبات، لا يمكن أن يسجل في السجل التجاري أو يمارس نشاطا تجاريا، الأشخاص المحكوم عليهم الذين لم يرد لهم الاعتبار لارتكابهم الجنايات والجنح الآتية: اختلاس الأموال ،الغدر،
الرشوة، السرقة والاحتيال، إخفاء الأشياء، خيانة الأمانة، الإفلاس، إصدار شيك بدون رصيد، التزوير واستعمال المزور، الإدلاء بتصريح كاذب من أجل التسجيل في السجل التجاري، تبييض الأموال، الغش الضريبي، الاتجار بالمخدرات، المتاجرة بمواد وسلع تلحق أضرارا جسيمة بصحة المستهلك.
أما بالنسبة للأشخاص المعنوية فيشترط القانون أن تمارس نشاطها على التراب الجزائري وهذا حتى لو كان مركزها الرئيسي في الخارج، ولا تزاول في الجزائر إلا نشاطا فرعيا أو ثانويا.
ونلاحظ في هذا الصدد تكاملا بين القوانين الجزائرية، فإذا كان القانون التجاري في المادة 19 منه وفي المادة 20 المعدلة بأمر رقم 96- 27 الصادر في ديسمبر 1996، بل أن المادة 4 من المرسوم التنفيذي المتعلق بشروط القيد في السجل التجاري أشارت على أنه يشترط على الشخص المعنوي القيد في السجل التجاري حتى ولو كان له مجرد مكتب أو فرع أو وكالة في الجزائر.
وهذا ما أكدته المادة 6 من القانون المتعلق بممارسة الأنشطة التجارية السالفة الذكر، كما أن المادة 50 من التقنين المدني فقرة 5 تؤكد ذلك بقولها: الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج، ولها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي في الجزائر.
3- آثار القيد في السجل التجاري :
إذا توافرت الشروط المذكورة أعلاه، وتم قيد التاجر في السجل التجاري الذي يرقمه ويؤشر عليه القاضي (المادة 2 من القانون المتعلق بممارسة الأنشطة التجارية الصادر في 14 أوت 20044) كما أن مستخرج السجل يعد سندا رسميا يؤهل كل شخص طبيعي معنوي لممارسة التجارة ومن ثم تترتب على ذلك آثارا قانونية إذ نجد المادة 211 من التقنين التجاري تنص على ما يلي :
كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين الجاري بها العمل، إلا إذا ثبت خلاف ذلك ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة.
وتنص المادة 188 من قانون السجل التجاري على ما يلي :
يثبت التسجيل في السجل التجاري الصفة القانونية للتاجر، ولا تنظر في حالة اعتراض أو نزاع إلا المحاكم المختصة، ويخول هذا التسجيل الحق في حرية ممارسة النشاط التجاري. وتوضح هاتان المادتان أن القيد في السجل التجاري يعتبر قرينة على ثبوت الصفة التجارية للشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي بحيث يتمتع ممارسة النشاط التجاري على التراب الجزائري بكل حرية.
لكن هذه القرينة أصبحت قاطعة لا يمكن دحضها أمام المحاكم المختصة لأن المادة 21 من القانون التجاري قد عدلت بموجب أمر 96- 27 الصادر في 09/02/1996 فحذفت العبارة ما قبل الأخيرة
(إلا إذا ثبت خلاف ذلك) وأصبح نص المادة 21 كالتالي :
كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين المعمول بها ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة.
وعلى هذا الأساس هل اكتساب صفة التاجر تستمد من امتهان الشخص للأعمال التجارية أو من قيده في السجل التجاري ؟
يترتب القيد الإشهار القانوني الإجباري، بحيث يكون للغير الإطلاع على وضعية التاجر ومركز مؤسسته، وملكية المحل ونوع النشاط الذي يستغله ... الخ. أما بالنسبة للشركات التجارية فيتمثل الشهر الإجباري في تمكين الغير من الإطلاع على محتوى العقود التأسيسية والتحويلات أو التعديلات التي أجريت على رأس المال والتصرفات القانونية التي أجريت على محلها من بيع ورهن الخ ... عند إجراء القيد يسلم التاجر سجلا يحتوي على رقم التسجيل، فالمادة 16 من قانون السجل التجاري تنص على ما يلي :
لا يسلم إلا سجل تجاري واحد لأي شخص طبيعي تاجر في مفهوم هذا القانون، ولا يمكن الإدارات أن تطلب من التاجر صورا أو نسخا من السجل التجاري إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة.
وإذا كانت هذه المادة تنص على ضرورة تسليم سجل التجاري واحد طيلة حياة التاجر، فإن رقم التسجيل يجب أن يذكر في جميع المستندات الخاصة بالتاجر وبتجارته وهذا ما تقضي به المادة 277 من القانون التجاري بقولها :
يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري أن يذكر عنوان فواتره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو على كل المراسلات الخاصة بمؤسسته والموقعة عليه منه باسمه، مقر المحكمة التي وقع فيها التسجيل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل عليه، وكل مخالفة لهذا الأحكام يعاقب عنها بغرامة قدرها 180 د ج.
يؤدي القيد في السجل التجاري إلى ميلاد الشخصية المعنوية للشركة وتمتعها بالأهلية القانونية هذا ما تنص عليه المادة 549 من القانون التجاري بقولها :
لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري، وقبل إتمام هذا الإجراء يكون الأشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد أموالهم، إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة، فتعتبر التعهدات بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها.
لا تتوقف التزامات صاحب المحل ويبقى مسؤولا عنها في مواجهة الغير حتى يتم فيدها في السجل التجاري هذا ما تقضي به المادة 23 من القانون التجاري بقولها :
لا يمكن للتاجر المسجل الذي يتنازل عن متجره أو يأجره، أن يحتج بإنهاء نشاطه التجاري للهرب من القيام بالمسؤولية الواقعة على عاتقه من جراء الالتزامات التي تعهد بها خلفه في استغلال المتجر، إلا ابتداء من اليوم الذي وقع فيه إما الشطب وإما الإشارة المطالبة، وإما الإشارة التي تتضمن وضع المتجر على وجه التأجير.
4- آثار عدم القيد في السجل التجاري :
تنص المادة 22 من القانون التجاري على ما يلي :
لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري، والذين لم يبادروا بتسجيل أنفسهم عند انقضاء مهلة شهرين أن يتمسكوا بصفتهم كتجار، لدى الغير أو لدى الإدارات العمومية إلا بعد تسجيلهم، غير أنه لا يمكن لهم الاستناد لعدم تسجيلهم في السجل بقصد تهربهم من المسؤوليات والواجبات الملازمة لهذه الصفة.
فحوى هذا النص، أن كل من يزاول النشاط التجاري، في خلال شهرين من تاريخ بدأ نشاطه، يلتزم بالقيد، فإن لم يفعل خلال هذه المهلة يحظر عليه التمسك بصفته كتاجر في مواجهة الغير، أي تسقط عنه الحقوق التي يتمتع بها باعتباره تاجرا، بينما المسؤوليات والواجبات الملازمة لهذه الصفة يتحملها التاجر، وهذا جزاء لإخلاله بالالتزام بالقيد في السجل التجاري.
كما لا يمكن للتاجر الاحتجاج ببعض البيانات الضرورية لمزاولة التجارة تجاه الغير إذا لم يقيدها في السجل التجاري إلا إذا ثبت أن الغير كان على علم بها. هذا ما قضت به المادتان 24 و 25 من القانون التجاري. فالمادة 24 نصت على ما يلي :
لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري، أن يحتجوا اتجاه الغير المتعاقدين معهم بسبب نشاطهم التجاري أو لدى الإدارات العامة، بالواقع موضوع الإشارة المشار إليها في
المادة 25 وما يليها، إلا إذا كانت هذه الوقائع قد أصبحت علنية قبل تاريخ العقد بموجب إشارة مدرجة في السجل ما لم يثبتوا بوسائل البينة المقبول في مادة تجارية أنه في وقت إبرام الاتفاق، كان أشخاص الغير من ذوي الشأن، مطلعين شخصيا على الوقائع المذكورة.
أما المادة 25 فقد نصت على ما يلي:
تسري أحكام المادة السابقة حتى فيما إذا كانت الوقائع موضوع نشر قانوني آخر وذلك :
في حالة الرجوع عن ترشيد التاجر القاصر تطبيقا لأحكام التشريع الخاص بالأسرة، وعند إلغاء الإذن المسلم للقاصر الخاص بممارسة التجارة في حالة صدور أحكام نهائية تقضي بالحجز على تاجر وبتعيين إما وصي
قضائي، وإما متصرف على أمواله. في حالة صدور أحكام نهائية تقضي ببطلان شركة تجارية أو بحلها. في حالة إنهاء أو إلغاء سلطات كل شخص ذي صفة ملزمة لمسؤولية تاجر أو شركة أو مؤسسة اشتراكية. في حالة صدور قرار من جمعية عامة لشركة مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة يتضمن الأمر باتخاذ قرار من الجمعية العامة في حالة خسارة 4/3 من مالية الشركة.
أما المادة 29 من القانون السجل التجاري فتنص على ما يلي:
لا يحتج على الغير بالعقود المنصوص عليها في المواد من 19 إلى 22 من هذا القانون إذا لم تكن موضوع إشهار قانوني إجباري، لكنها تلزم مع ذلك مسؤولية الأشخاص المعنيين المدنية والجنائية.
5- آثار عدم القيد في السجل التجاري :
تنص المادة 22 من القانون التجاري على ما يلي :
لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري، والذين لم يبادروا بتسجيل أنفسهم عند انقضاء مهلة شهرين أن يتمسكوا بصفتهم كتجار، لدى الغير أو لدى الإدارات العمومية إلا بعد تسجيلهم.
غير أنه لا يمكن لهم الاستناد لعدم تسجيلهم في السجل بقصد تهربهم من المسؤوليات والواجبات الملازمة لهذه الصفة فحوى هذا النص، أن كل من يزاول النشاط التجاري، في خلال شهرين من تاريخ بدأ نشاطه، يلتزم بالقيد، فإن لم يفعل خلال هذه المهلة يحظر عليه التمسك بصفته كتاجر في مواجهة الغير، أي تسقط عنه الحقوق التي يتمتع بها باعتباره تاجرا.
بينما المسؤوليات والواجبات الملازمة لهذه الصفة يتحملها التاجر، وهذا جزاء لإخلاله بالالتزام بالقيد في السجل التجاري. كما لا يمكن للتاجر الاحتجاج ببعض البيانات الضرورية لمزاولة التجارة تجاه الغير إذا لم يقيدها في السجل التجاري إلا إذا ثبت أن الغير كان على علم بها. هذا ما قضت به المادتان 24 و 25 من القانون التجاري.
فالمادة 24 نصت على ما يلي :
لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري، أن يحتجوا اتجاه الغير المتعاقدين معهم بسبب نشاطهم التجاري أو لدى الإدارات العامة، بالواقع موضوع الإشارة المشار إليها في المادة 25 وما يليها، إلا إذا كانت هذه الوقائع قد أصبحت علنية قبل تاريخ العقد بموجب إشارة مدرجة في السجل ما لم يثبتوا بوسائل البينة المقبول في مادة تجارية أنه في وقت إبرام الاتفاق، كان أشخاص الغير من ذوي الشأن، مطلعين شخصيا على الوقائع المذكورة.
أما المادة 25 فقد نصت على ما يلي :
تسري أحكام المادة السابقة حتى فيما إذا كانت الوقائع موضوع نشر قانوني آخر وذلك: في حالة الرجوع عن ترشيد التاجر القاصر تطبيقا لأحكام التشريع الخاص بالأسرة، وعند إلغاء الإذن المسلم للقاصر الخاص بممارسة التجارة في حالة صدور أحكام نهائية تقضي بالحجز على تاجر وبتعيين إما وصي قضائي، وإما متصرف على أمواله. في حالة صدور أحكام نهائية تقضي ببطلان شركة تجارية أو بحلها.
في حالة إنهاء أو إلغاء سلطات كل شخص ذي صفة ملزمة لمسؤولية تاجر أو شركة أو مؤسسة اشتراكية. في حالة صدور قرار من جمعية عامة لشركة مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة يتضمن الأمر باتخاذ قرار من الجمعية العامة في حالة خسارة 4/3 من مالية الشركة. أما المادة 29 من القانون السجل التجاري فتنص على ما يلي :
لا يحتج على الغير بالعقود المنصوص عليها في المواد من 19 إلى 22 من هذا القانون إذا لم تكن موضوع إشهار قانوني إجباري، لكنها تلزم مع ذلك مسؤولية الأشخاص المعنيين المدنية والجنائية.
6- جزاء عدم القيد في السجل التجاري :
رتب القانون جزاءات جنائية على عدم القيد في السجل التجاري تتمثل في الحبس الذي لا يقل عن 10 أيام ولا يزيد عن 3 سنوات، وفي غرامة مالية لا تقل عن 5000 د ج ولا تزيد عن 30.000 د ج هذا ما جاء في أحكام قانون السجل التجاري، حيث نصت المادة 26 على ما يلي :
يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 500 د ج و 20.000 د ج على عدم التسجيل في السجل التجاري، وفي حالة العودة، تضاعف الغرامة المالية المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه مع اقترانها بإجراء الحبس لمدة تتراوح بين عشرة أيام وستة أشهر، ويمكن القاضي أن يتخذ زيادة على ذلك إجراءات إضافية تمنع ممارسة التجارة.
والمادة 27 نصت على ما يلي :
يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 5000 د ج و20.000 د ج بالحبس لمدة تتراوح بين عشرة أيام وستة أشهر أو إحدى هاتين العقوبتين كل شخص تعمد بسوء نية تقديم تصريحات غير صحيحة أو أعطى بيانات غير كاملة قصد التسجيل في السجل التجاري. وفي حالة العودة تضاعف العقوبات السالفة الذكر، ويأمر القاضي المكلف بالسجل التجاري تلقائيا وعلى نفقة المخالف تسجيل هذه العقوبات في هامش السجل التجاري ونشرها في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية.
أما المادة 28 فتنص على ما يلي :
يعاقب مدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنين وبغرامة مالية تتراوح بين 10.000د ج و 30.000د ج كل من يزيف أو يزور شهادات التسجيل في السجل التجاري أو أية وثيقة تتعلق به قصد اكتساب حق أو صفة.
أما أحكام القانون التجاري، فقد نصت هي الأخرى على جزاءات جنائية تمثلت في الحبس والغرامة فنجد المادة 28 منه قد نصت على ما يلي :
كل شخص ملزم بأن يطلب تسجيل إشارة تكميلية أو تصحيحية أو شطب في السجل التجاري، ولم يستكمل الإجراءات المطلوبة منه في غضون 15 يوما من ضبط المخالفة دون عذر، يستدعي لدى المحكمة التي تنظر في المخالفة.
ويعاقب عن هذه الأخيرة بغرامة مالية قدرها من 400 د ج إلى 20000 د ج وبالحبس من 10 أيام إلى 6 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. وتأمر المحكمة التي تقضي بالغرامة المالية بتسجيل الإشارات أو الشطب الواجب إدراجه في السجل التجاري خلال مهلة معينة وعلى نفقة المعني أما المادة 29 فقد نصت على ما يلي :
كل من يقدم، عن سوء نية معلومات غير صحيحة أو غير كاملة بقصد الحصول على تسجيل أو شطب أو إشارة تكميلية أو تصحيحية في السجل التجاري، يعاقب بغرامة قدرها من 500 د ج إلى 20.000 د ج وبالحبس من 10 أيام إلى 6 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط إذن فإن مخالفة التاجر للالتزام بالقيد في السجل التجاري تترتب عليها جزاءات صارمة، ويرجع هذا لأهمية القيد الذي يرمي إلى إعلان الغير ودعم الائتمان في الميدان التجاري حتى لا يتعرض التاجر لمفاجآت قد تهز مركزه المالي، إذ يستند للبيانات الواردة في السجل التجاري بقصد القيام ببعض العمليات التجارية.
خاتمة :
من خلال تحليل المادة الاولي من القانون التجاري الجزائري نستنتج، أن شروط اكتساب صفة التاجر تتجلى خصوصا في امتهان الأعمال التجارية بالإضافة إلى الأهلية القانونية التي يشترطها القانون للقيام بها، ولا يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل يتعداه إلى سبل وطرق أخرى يكتسب بموجبها الشخص كان طبيعيا أو معنويا صفة التاجر تتمثل في مسك الدفاتر التجارية و القيد في السجل التجاري.
حيث أن المشرع الجزائري اعتبر الشخص الطبيعي والمعنوي تاجرا متى باشر أعماله التجارية واتخذها مهنة معتادة له، ذلك استنادا لنص المادة الأولى من القانون التجاري، والمعدلة بالأمر 96-27 الصادر في 9 ديسمبر 1996.
ولهذا يفهم بأن الشخص الذي يقوم بالأعمال التجارية، المنصوص عليها في المادة الثانية والثالثة على سبيل الاحتراف ولحسابه الخاص، وبصورة مستقلة يكتسب صفة التاجر، ويخضع لقواعد القانون التجاري، ويستفيد من الائتمان وتحمل الالتزامات.
إضافة إلى كل ذلك، يجب أن تتوفر فيه الأهلية القانونية لاحتراف التجارة، والتي نظمها المشرع بحكام خاصة في القانون التجاري، إلى جانب القواعد العامة في القانون المدني، ولم ينص القانون على أهلية الراشد، بل تعرض فقط الأهلية القاصر المرشد في المادة الخامسة، إلى أهلية المرأة المتزوجة في المادة السابعة والثامنة، والمشرع عندما اقر بوجوب منع الإذن للقاصر من أجل ممارسة التجارة من طرف الأب والأم، أو الوصي، أو مجلس العائلة، فإنه يكون قد وفر الحماية اللازمة لأموال القاصر، خاصة مع وجوب مصادقة على هذا الإذن للقاصر من المحكمة .
أما بخصوص أهلية الأجنبي، فإن المشرع وضع شروط وقيود لممارسة هذا الأخير للتجارة، في وقت كان من الضروري وضعها فإنه من غير المنطق الإبقاء عليها في وقت التفتح الاقتصادي، وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية.
وإذا قيمنا أهلية الشخص المعنوي، فإن المشرع لم يتعرض لها بشكل كبير، على اعتبار أن ممارسة التجارة من طرفه حديث العهد، كما أن ممارسة الشركات للتجارة، لا يعكس واقعها في ممارسة التجارة، ولا يمكن تصنيفها كشركات ضخمة إلى ما كانت الدولة كشريك فيها.
المراجـع :
1- القوانين :
- الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون التجاري، المعدل والمتمم.
- قانون رقم 90-22 مؤرخ في 27 محرم عام 1411 الموافق 18 غشت سنة 1990 ،يتعلق بالسجل التجاري
- و قانون رقم 04-08 مؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1425 الموافق 14 غشت سنة 2004، يتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية.
- قانون رقم 13-06 مؤرخ في 23 يوليو سنة 2013، يعدل و يتمم القانون رقم 04-08 المؤرخ في 14 غشت سنة 2004 و المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية.
2- الكتب :
- عمار عمورة، الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري، (الأعمال التجارية، التاجر، الشركات التجارية)، دار المعرفة للنشر، الجزائر، 2000.
- علي بن غائم، الوجيز في القانون التجاري وقانون الأعمال، مؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ، 2002.
- علي الفتاك، مبسوط القانون التجاري الجزائري في السجل التجاري (دراسة مقارنة)، ابن خلدون للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004.
- فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري (الأعمال التجارية، التاجر، الحرفي، الأنشطة التجارية المنظمة، السجل التجاري)، النشر الثاني، نشر والتوزيع ابن خلدون، الجزائر ، سنة 2003 .
- نادية فضيل ، القانون التجاري الجزائري (الأعمال التجارية، التاجر، المحل التجاري)، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة التاسعة، الجزائر 2007.
- سليمان بوذياب، مبادئ القانون التجاري- دراسة مقارنة- التجارة والتاجر، الدفاتر التجارية والسجل التجاري، المؤسسة التجارية والعقود الواردة عليها، النظرية العامة للشركات، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1995.
- سوزان علي حسن، الوجيز في القانون التجاري، (نظرية الأعمال التجارية، نظرية التاجر، الشركات التجارية)، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004.