شرح اهمية التمييز بين الاعمال التجارية والمدنية
أولا الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث الإثبات
ثانيا الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث الإختصاص
ثالثا الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث النفاذ والتضامن
رابعا الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث الإعذار ومهلة الوفاء
خامسا الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث حوالة الحق والخضوع لنظام شهر الإفلاس
سادسا الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث اكتساب صفة التاجر
الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية يتطلب التطرق إلى أهم المسائل الجوهرية التي يظهر فيها هذا الاختلاف والتي تتمثل بصفة أساسية فيما يلي، من حيث الإثبات، من حيث الاختصاص القضائي، من حيث الإعذار، من حيث مهلة الوفاء، من حيث حوالة الحق، من حيث الإفلاس، من حيث صفة التاجر.
أولا : الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث الإثبات :
الإثبات في المسائل المدنية محدد ومقيد، بينما الإثبات في المسائل التجارية حر ومطلق، ففي المسائل المدنية لا يجوز الإثبات بالبينة إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن 100 ألف دينار جزائري أو كانت قيمته غير محددة ( المادة 333 من القانون المدني)، كما لا يجوز الإثبات بالبينة ولو لم تزد القيمة عن 100 ألف دينار فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه مضمون عقد رسمي ( المادة 334 من القانون المدني)، كما أن المحررات العرفية لا تكون حجة على الغير إلا إذا كان لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا، أما الإثبات في المواد التجارية فلا يغرف مثل هذه القيود، حيث أجاز المشرع وحسب المادة 30 من القانون التجاري أن يثبت العقد التجاري إما بسندات رسمية أو عرفية أو فواتير مقبولة أو بالرسائل أو بالدفاتر التجارية للطرفين أو بالبينة أو أية وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها وذلك مهما كانت قيمة التصرف، كما يجوز الإحتجاج بالمحررات العرفية على غير أطرافها ولو لم يكن لها تاريخ ثابت، كما أنه وإن كان المبدأ يقتضي بأنه لا يجوز للشخص أن ينشئ دليلا لنفسه، فقد أجاز المشرع الجزائري لخصم التاجر أن يحتج بما ورد في الدفاتر التجارية للتاجر لإثبات حقه، والسبب في في الخروج عن القواعد العامة في الإثبات في المسلئل التجارية مرجعه إلى رغبة المشرع في تقوية الاعتبارات التي قررتها الثقة والائتمان والسرعة والمرونة التي تطبع الأعمال التجارية، غير أنه يوجد بعض الاستثناءات على مبدأ حرية الإثبات في العقود التجارية منها:
ما اشترطه المشرع في كتابة عقد الشركة كتابة رسمية ( أقرته المادة 418 من القانون المدني وكرسته المادة 545 من القانون التجاري).
كذلك فيما يتعلق برهن المحل التجاري وبيعه حسب ما كرسته المواد 79 و120 من القانون التجاري.
لكن الملاحظ أن قاعدة حرية الاثبات في المواد التجارية ليست من النظام العام وبالتالي يجوز الاتفاق بين الأطراف على أن يكون الاثبات بوسيلة محددة كالاثبات بالكتابة الرسمية.
ثانيا : الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث الإختصاص :
تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في المنازعات التجارية، هذا التخصص تمليه الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المعاملات التجارية التي تستلزم الفصل فيها على وجه السرعة وباتباع إجراءات بسيطة غير تلك التي تتبع أمام المحاكم المدنية وبالتالي نكون أمام محاكم تجارية متخصصة.
أما في الجزائر، فلم يؤخذ بنظام القضاء المتخصص إلا بعد صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية بموجب القانون 08-09 المؤرخ في 25 فبراير 2008، حيث منح الاختصاص للفصل في المنازعات التجارية إلى المحاكم العادية بصفة عامة وهو ما أكدته المادة 32 من هذا القانون في الفقرة الثالثة منها " تفصل المحكمة في جميع القضايا لا سيما المدنية والتجاري..."، كما نصا الفقرة الثانية من نفس المادة على : " يمكن أن تتشكل المحكمة من أقطاب متخصصة " ونصت الفقرة السادسة على "هذه الأقطاب المتخصصة والمنعقدة في بعض المحاكم تختص دون سواها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية والإفلاس والتسوية القضائية..."، والمادة 531 من نفس القانون حددت نوع المنازعات التي يختص القسم التجاري على مستوى المحكمة بالفصل فيها.
أما في المسائل المدنية والعقارية فقد أعطى المشرع الإختصاص فيها إلى أقسام أخرى كالقسم العقاري والقسم المدني.
ثالثا : الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث النفاذ والتضامن :
أ- من حيث النفاذ :
إذا كنا بصدد نزاع مدني بين شخصين، فالأصل أن الحكم الصادر حكم غير قابل للنفاذ المعجل إلا إذا طُلب ذلك من القاضي وحكم به، والقاضي لا يمنح هذا النفاذ المعجل إلا إذا رأى ضرورة لذلك، وإذا كان الأمر يتعلق بنزاع تجاري فالأصل أن الأحكام الصادرة في ذلك تكون معجلة النفاذ حتى ولو لم يطلب الأطراف ذلك وهذا حماية للإئتمان والسرعة في المعاملات التجارية والاستثناء هو صدور حكم غير معجل النفاذ وذلك حسب السلطة التقديرية للقاضي، ومن الأمثلة على النفاذ المعجل ما نصت عليه المادة 234 من القانون التجاري.
ب- من حيث التضامن :
تعد قاعدة التضامن بين المدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في المسائل التجارية، فاحترمها القضاء وطبقها وذلك تدعيما لعاملي الثقة والائتمان في المعاملات التجارية، أما في المعاملات المدنية، فلا وجود لقاعدة التضامن إلا إذا أقرها نص القانون أو اتفاق الأطراف، غير أن الملاحظ أنه يجوز في المسائل التجارية استبعاد قاعدة التضامن من أي تعامل ما لم ينص القانون على هذا التضامن بنص آمر يقضي بوجوب قيام التضامن بين المدينين.
رابعا : الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث الإعذار ومهلة الوفاء :
أ- من حيث الإعذار :
إن تنبيه الدائن للمدين بعد حلول آجال الوفاء بالدين مع تسجيل تأخره عن الوفاء يعوض بالإعذار، وفي هذه الحالة يحمله ما يترتب عن هذا التأخر خاصة المسؤولية عن كل ضرر ينشأ في المستقبل نتيجة التأخير في تسديد الدين، والإعذار في المعاملات المدنية لا بد وأن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أدوات القضاء ( المحضر القضائي)، أما في المسائل التجارية فقد جرى العرف على أنه يكفي الاعذار بخطاب عادي دون الحاجة إلى أي ورقة من أوراق القضاء وكل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها المعاملات التجارية.
ب- من حيث مهلة الوفاء:
إذا عجز المدين بدين مدني عن الوفاء به في الميعاد المحدد جاز للقضاء أن ينذره إلى أجل معقول لينفذ فيه التزامه إن استدعت حالته ذلك ولن يلحق الدائن من هذا التأجيل أي ضرر، أما في القانون التجاري فلا يمنح القاضي مثل هذه السلطة نظرا لما تتطلبه المعاملات التجارية وما تقوم عليه من سرعة وثقة تقتضي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في الميعاد المحدد وإلا كان ذلك سببا في إشهار إفلاسه.
خامسا : الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث حوالة الحق والخضوع لنظام شهر الإفلاس :
أ- من حيث حوالة الحق :
تقتضي المادة 241 من القانون المدني " لا يحتج بالحوالة من قبل المدين إلا إذا اُخبر بها بإعلان غير قضائي غير أن قبول المدين لا يجعلها نافذة قبل الغير إلا إذا كان هذا القبول ثابت بالتاريخ"، أما في القانون التجاري فإنه لا يشترط أي شيء من ذلك، لذلك تجوز حوالة الحقوق الثابتة في الأوراق التجارية بمجرد التوقيع عليها مما يفيد انتقالها، وبناء على ذلك يحصل تداول السفتجة والشيكات والسندات الإذنية من خلال التظهير أي بمجرد التوقيع عليها بما يفيد تحويلها أو حتى تسليمها إن كانت لحاملها.
ب- من حيث الخضوع لنظام شهر الإفلاس :
لا يجوز شهر إفلاس التاجر إلا إذا توقف عن دفع ديونه التجارية، أما إذا توقف عن دفع دينه المدني فلا يجوز شهر إفلاسه، وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني ان يطلب شهر إفلاس التاجر، إلا أنه يجب أن يثبت أن التاجر قد توقف عن دفع دينه التجاري، أما المدين العادي فإنه يخضع لأحكام القانون المدني في المواد من 177 إلى 202 والتي لا تتسم بالشدة والصرامة التي يتسم بها نظام الإفلاس، ففي المسائل المدنية لا يوجد غل يد المدين عن التصرف في أمواله ولا توجد تصفية جماعية ولا يوجد توزيع الثمن على الدائنين.
سادسا : الاختلاف بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية من حيث اكتساب صفة التاجر :
من حيث اكتساب صفة التاجر: التاجر و الشخص الذي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، ومن يصبح تاجرا يخضع لالتزامات التجار خاصة القيد في السجل التجاري، مسك الدفاتر التجارية، الخصوع لنظام شهر الإفلاس، الخضوع لنظام الضرائب...أما ممارسة الأعمال المدنية بشكل احترافي فلا يضفي صفة التاجر على القائم بها.