logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





24-03-2022 01:10 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 28-12-2014
رقم العضوية : 1558
المشاركات : 310
الجنس :
تاريخ الميلاد : 7-1-1985
الدعوات : 2
قوة السمعة : 140
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

شرح جريمة القيام بالتخابر مع دولة أجنبية
المادة 61 من قانون العقوبات نصت على صورة أخرى من صور الخيانة التجسس وهي التخابر { يرتكب جريمة الخيانة ويعاقب بالإعدام كل جزائري وكل عسكري أو بحار في خدمة الجزائر يقوم بأحد الأعمال الآتية :
-1 حمل السلاح ضد الجزائر،
-2 القيام بالتخابر مع دولة أجنبية بقصد حملها على القيام بأعمال عدوانية ضد الجزائر أو تقديم الوسائل اللازمة لذلك سواء بتسهيل دخول القوات الأجنبية إلى الأرض الجزائرية أو بزعزعة ولاء القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو بأية طريقة أخرى،....}


- بقصد بتخابر مع دولة اجنبية حملها على القيام بأعمال عدوانية ضد الجزائر أو تقديم الوسائل اللازمة لذلك سواء بتسهيل دخول القوات الأجنبية إلى الأرض الجزائرية أو بزعزعة ولاء القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو بأية طريقة أخرى.
الأصل أن علاقات الدول تقوم على مبدا عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها وعلى الاحترام المتبادل، وإن من حق الدول أن تتخذ ما تراه مناسبا لتحقيق أهدافها واستراتيجياتها ما يخدم شعوبها، ومنها ما يتطلب سرية مطلقة وكتمان حظر إفشاؤه، فيقع إيصال المعلومات ضمن مدلول التخابر مع دولة أجنبية عن طريق الوشاية سواء بمقابل أو بدونه.
وقد أضاف المشرع لفظ " بقصد حملها على العدوان على الجزائر" فيكون الدافع من هذا العمل دفع الدولة الاجنبية للاعتداء على الجزائر يستوي في ذلك أن يكون التخابر شفاهه أم كتابة، صريحا أم ضمنيا، مباشرا أم غير مباشر.
- كما لم يشترط المشرع الجزائري حدوث نتيجة للتخابر عن طريق العدوان، فيكفي فيه الاتصال بالدولة الاجنبية حتي و لو لم يرتب أثره.
ولكي تقع الخيانة مكتملة، وجب أن يتوافر لدى الجاني القصد، وهو اتجاه نيته إلى إتيان الفعل المادي المتمثل في التخابر قصد إيقاع عدوان على الجزائر .
كما جاء في النص تسهيل دخول قوات أجنبية إلى الأرض الجزائرية يعاقب عليه بالإعدام، أو أي عمل من شأنه زعزعة ولاء القوات البرية والجوية والبحرية، ومن هنا فقد ترك المشرع الباب مفتوحا لقاضي الموضوع لتحديد كل ما يراه من شأنه أن يزعزع هذا الولاء، أي الشعور بالانتماء والدفاع عن الجزائر لدى مختلف القوات.

إن القيام بالتخابر مع دولة أجنبية بقصد حملها على القيام بأعمال عدوانية ضد الجزائر ، وهذا التخابر يراد به أي سلوك مادي ذي مضمون نفسي يتمثل في الإتصال بالدولة الأجنبية أو بأحد من العاملين لمصلحتها لإبلاغها هذا المضمون بقصد إثارة عدوانها على الجزائر ، وليس بلازم فيه أن يكون سريا ، فالقانون لم يشترط فيه السرية وإن كانت تغلب عليه واقعيا ، ويصح أن تكون وسيلته المشافهة أو الكتابة .
وكون السعي أو التخابر قد تحقق بهدف إستعداء الدولة الأجنبية ضد الجزائر ، أمر يتوقف ثبوته على تحقيق بشأنه في كل واقعة على حدتها ، على أن الجريمة لا يشترط لوجودها أن يفلح الجاني بالفصل في استعداء الدولة الأجنبية ، بل لا يلزم لوجود الجريمة أن يكون سلوك الجاني قد شكل بالفعل خطر معادات الدولة الأجنبية للجزائر . فالجريمة تعتبر من جرائم الحدث غيرالمؤدى ، وحدثها نفسي هو أن يوجد الجاني صلة تفاهم بينه وبين دولة أجنبية بهدف أن تعاد على الجزائر ولو لم تترتب على تفاهمه معها لهذا الغرض أي أثر ذي بال في طريق الوصول إلى الغرض ذاته . وبهذه المثابة تدخل الجريمة في دائرة الجرائم الشكلية.

الركن المادي لجريمة التخابر مع دولة أجنبية :
الركن المادي للجريمة هو العمل الخارجي الذي تظهر به الجريمة إلى العالم الخارجي هو التخابر بهدف إستعداء الدولة الأجنبية ضد الجزائر سواء كان بفعل أم بقول بحسب ما يتطلبه المشرع في كل جريمة على حدة، ويتمثل هذا العمل في السلوك الذي يصدر عن الجاني والنتيجة المترتبة عن هذا السلوك، وعلاقة السببية بينهما، وهذا الركن هو أول الركنين اللذين ترتكز عليهما نظرية الجريمة.
وإذا تخلف كله أو بعضه كان مانعا من وحدة الجريمة.
عناصر الركن المادي لجريمة التخابر :
لا تتحقق الجريمة إلا بتوافر الركن مادي ، وبدونه لا يتصور قيامها وبالتالي لا تجوز -كقاعدة عامة- المعاقبة بدون القيام به، ويقوم الركن المادي على ثلاثة عناصر هي السلوك والنتيجة الإجرامية والعلاقة السببية بينهما، وهو ما سنتناوله بالتحليل على النحو التالي :
الفرع الأول : السلوك الإجرامي
القاعدة المتفق عليها بأنه لا جريمة بدون سلوك مادي، والذي عرفه بعض علماء القانون الجنائي بأنه حركة الجاني الاختيارية التي تحدث تأثيرا في العالم الخارجي أو في نفسية المجني عليه.
وينبني على هذا أن القانون لا يعاقب على مجرد النية الآثمة طالما بقيت في ذهن صاحبها ولم تترجم إلى سلوك مادي، وبالتالي يتخذ السلوك المادي صورتين:
1-الفعل الإجرامي
يطلق عليه الفقه (السلوك الايجابي)، ولكن معظم التشريعات المقارنة تستخدم مصطلح (الفعل)، وهو عبارة عن القيام بفعل ينهى القانون عن القيام به، أو يتمثل في حركة عضوية إرادية صادرة عن الجاني.
على أنه ينبغي أن يلاحظ أن الفعل ليس مجرد حركة عضوية أو عضلية يتمثل في ضغط أو تحريك أو كتابة أو غمزة عين، وإنما يجب أن تكون تلك الحركة إرادية، أي أن يكون الفاعل قد أرادها تحقيقا لغرض إجرامي معين، وهكذا فإننا نلاحظ أن الفعل الإيجابي يصبح متكونا من حركة عضوية أو عضلية بالإضافة إلى إرادة تلك الحركة.
وبالتالي يشترط في الحركة العضوية أن تصدر عن إرادة، وأهمية هذه الصفة الإرادية تؤدي إلى استبعاد كل حركة غير إرادية، فمن يدلي بمعلومات تتعلق بأسرار الدولة، أو ما يلحق الضرر بالدولة أو المقاومة وهو واقع تحت تأثير مادة مخدرة وضعت له من قبل العدو لا يرتكب فعلا إجراميا لتجرد حركته من الصفة الإرادية.
2- الترك الإجرامي
يطلق عليه الفقه (السلوك السلبي)، وبعض التشريعات تسميه الامتناع أو الجريمة السلبية أو جريمة الامتناع أو الترك.
وإن كان الأصل في قانون العقوبات أن ينهى عن إتيان فعل مجرم فإنه في بعض الأحيان -نادرا- يأمر بالقيام بعمل ويعاقب عن الامتناع عنه حماية لبعض المصالح والحقوق.
فالترك الإجرامي أو السلوك السلبي هو امتناع الشخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان المشرع ينتظره منه في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل، وأن يكون باستطاعة الممتنع إتيانه بإرادته.
ومن هذا التعريف نستخلص أن الترك الإجرامي مشروط بثلاثة عناصر لابد من توافرها لكي يؤدي إلى إحداث النتيجة المحظورة قانونا فيتساوى مع الفعل الإجرامي، وهي:
الإحجام عن فعل إيجابي معين: ليس الامتناع مجرد موقف سلبي أيا كان، أي إنه ليس إحجاما مجردا، وإنما هو موقف سلبي بالقياس إلى فعل إيجابي معين، ومن هذا الفعل الإيجابي يستمد الامتناع كيانه ثم خصائصه، وهذا الفعل يحدده القانون - صراحة أو ضمنا- بالنظر إلى ظروف معينة، ويعني ذلك أن الشارع يعد هذه الظروف مصدرا لتوقعه أن يقدم شخص على فعل إيجابي معين تقتضيه الحماية الواجبة للحقوق، فإن لم يأت هذا الفعل بالذات فهو ممتنع في نظر القانون.
الواجب القانوني : يستمد الامتناع أهميته القانونية من الأهمية التي يسبغها القانون على الفعل الإيجابي، فلا وجود للامتناع إلا إذا كان الفعل الإيجابي قد فرض فرضا قانونيا على من امتنع عنه.
الصفة الإرادية للامتناع : الفعل أو الامتناع كلاهما سلوك يستند إلى إرادة طبيعية في الإنسان، بيد أن الإرادة في الفعل إرادة دافعة حيث تدفع الحركة العضوية أو العضلية إلى دنيا الواقع، إذ بها في الامتناع إرادة مانعة لكونها تمنع الحركة من الظهور إلى العالم الخارجي.
ويتصور وقوع جريمة التخابر بالترك، فمن يرى شخصا يتخابر مع العدو ويفشي سرا من أسرار المقاومة أو الدولة أو أية أسرار أخرى متعلقة بالمصالح القومية، ولم يبلغ السلطات المختصة عنه فقد ارتكب الجريمة بسلوك سلبي يعاقب عليه القانون.
وكذلك من يترك أوراقا أو وثائق يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بالمقاومة أو بأية مصلحة قومية أخرى دون حفظها والحفاظ عليها، فيكون قد ارتكب حقيقة سلوكا سلبيا يعاقب عليه القانون، حيث إنه تهاون بالأوراق والوثائق المتعلقة بأمن الدولة والمقاومة ومصالح الدولة القومية الأخرى.
الفرع الثاني : النتيجة الإجرامية
انقسم الفقه في شأن تعريف النتيجة الإجرامية إلى اتجاهين: الأول قانوني، والآخر مادي؛ فأنصار الاتجاه القانوني للنتيجة يعرفونها بأنها العدوان الذي يصيب حقا أو مصلحة يحميها القانون سواء تمثل في ضرر فعلي يصيب الحق أم المصلحة محل الحماية أم في مجرد تعريض هذا المحل للخطر، وينتهي هذا الاتجاه الفقهي إلى القول بأن النتيجة شرط أو عنصر في كل جريمة، أما الاتجاه الآخر وهو الاتجاه المادي فيصور النتيجة على أنها تغيير يطرأ في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي، أي يعد النتيجة حقيقة مادية لها كيانها في العالم الخارجي، والنتيجة وفقا لهذا المعنى لا تكون عنصرا في جميع الجرائم.
فالنتيجة عنصر في الركن المادي لكل جريمة، وهي بمدلولها القانوني أي تحقق الاعتداء الذي يحميه القانون شرط ضروري لتوافر الركن المادي في كل جريمة، ولكن إذا نظرنا إلى النتيجة في مدلولها المادي فهو التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي.
وفي جريمة التخابر لا تدخل النتيجة الإجرامية ضمن مقوماتها، لهذا لا يشترط أن تكون المعاونة قد تمت بالفعل، لهذا فإن من يتخابر مع دولة معادية للحصول على أسرار الدفاع لتسليمها إليها بقصد معاونتها في عملياتها الحربية تقع منه هذه الجريمة بصورة تامة، بصرف النظر عن عدم تمكنه من تحقيق هذه المعاونة بسبب افتضاح أمره.
وأيضا يكتفي فعل السعي والتخابر مع الدولة المعادية أو ممن يعملون لمصلحتها للقول بوقوع جريمة التخابر بصفة تامة، فلا يشترط القيام بأعمال عدائية ضد البلاد.
الفرع الثالث : علاقة السببية
علاقة السببية تعني العلاقة التي تربط بين الفعل والنتيجة الإجرامية وتثبت أن ارتكاب الفعل هو الذي أدى إلى حدوث النتيجة، فقرر بذلك توافر شرط أساس لمسئولية مرتكب الفعل عن النتيجة.
ومن هنا تبدو الأهمية القانونية لها، فهي من عناصر الركن المادي في الجرائم المادية، وتحققها شرط أساس من شروط المسئولية الجزائية عنها.
فإذا أمكن إسناد النتيجة إلى السلوك، اكتمل الركن المادي للجريمة وتحققت بالتالي المسئولية الجزائية إذا اكتملت الأركان الأخرى للجريمة، أما إذا انتفت علاقة السببية بين السلوك والنتيجة بأن كان تحققها لا يرجع إلى سلوك الجاني؛ فلا يمكن أن تقوم مسئوليته عن الجريمة التامة.
وتبدو أهمية علاقة السببية أيضا في أنها الركيزة التي يقوم عليها مبدأ هام من مبادئ حقوق الإنسان وهو أن لا يسأل شخص إلا عن فعله الشخصي، فإذا انتفت علاقة السببية بين السلوك الإجرامي والنتيجة، فلا يسأل الشخص إلا عن سلوكه فقط (إذا كون في ذلك جريمة) دون النتيجة التي لم يتسبب سلوكه فيها.
وعليه، فإن توافر أو انتفاء علاقة السببية يكون في الجرائم التي يتطلب المشرع في أنموذجها تحقق نتيجة إجرامية مادية، يستوي بعد ذلك أن يكون تحقق النتيجة بسبب فعل من الجاني، أم بسبب ترك ترتب عليه النتيجة الإجرامية، أما إذا كانت الجريمة معنوية التي يكفي المشرع لقيامها ركنها المادي ارتكاب السلوك ذاته، فلا يكون هناك مجال للبحث في علاقة السببية.
ففي جريمة التخابر لا مجال لبحث العلاقة السببية كونها من الجرائم الشكلية، حيث إن علاقة السببية تفترض وجود عنصرين هما السلوك الإجرامي والنتيجة المادية، ولا وجود في جرائم التخابر إلى فعل السعي أو التخابر أو أي فعل آخر تقوم به الجريمة.

الركن المعنوي لجريمة التخابر مع دولة أجنبية : ( القصد الإجرامي لجريمة التخابر) :
ليست الجريمة ظاهرة مادية خالصة قوامها الفعل وآثاره الركن المادي، ولكنها كذلك كيان نفسي، فماديات الجريمة لا تنشئ مسئولية ولا تستوجب عقابا، ما لم يتوافر العنصران اللازمان لقيام المسئولية الجنائية، وهما حرية الاختيار والإدراك، وهذه عناصر نفسية يتطلبها كيان الجريمة، وتجتمع هذه العناصر في الركن المعنوي للجريمة.
وإذا كان الركن المادي يتكون من السلوك المحظور والنتيجة الجرمية والعلاقة السببية بينهما، فإن الركن المعنوي يتمثل في الأصول الإرادية لماديات الجريمة والسيطرة عليها، وهو وجهها الباطني والنفساني؛ فلا محل لمساءلة شخص عن جريمة ما لم تقم صلة أو علاقة بين مادياتها وإرادته.
ويأخذ الركن المعنوي للجريمة إحدى الصورتين، الأولى صورة القصد الجنائي، والأخرى صورة الخطأ غير المقصود، فهل يتصور في جريمة التخابر الخطأ غير المقصود؟، وسنتناولهما على النحو التالي:
الفرع الأول: ماهية القصد الإجرامي :
يمكن تعريف القصد الإجرامي بأنه : “ إرادة الفعل المكون للجريمة، وإرادة نتيجته التي يتمثل فيها الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، وإرادة كل واقعة تحدد دلالة الفعل الإجرامية وتعد جزءا من ماديات الجريمة ”.
ويعرفه بعض الفقهاء بأنه: “ القوة النفسية التي تقف وراء النشاط المجرم الذي استهدف به الفاعل إراديا الاعتداء على المصلحة المحمية من طرف الجاني ”.
ويشترط في قيام القصد الجرمي أن يوجه الجاني إرادته إلى ارتكاب الجريمة على النحو الذي به يحددها القانون، فتنصرف الإرادة إلى تحقيق جميع أركانها وعناصرها وشرائطها وظروفها، وقد يستفاد من ظاهر نص المادة أن إرادة الجريمة على النحو المشار إليه يكفي لقيام القصد الجرمي، إلا أن الحقيقة هي غير ذلك، إذ التحليل الدقيق يظهر أن الإرادة لا تتوافر عقلا، ولا يتاح لها أن تلعب دورها في بنيان القصد ما لم تكن مستندة إلى فكرة العلم، ومن ثم ساغ القول بأن القصد الجرمي يتطلب بأن يحيط علم الجاني أيضا بجميع أركانها وعناصرها وشراوطها وظروفها.
الفرع الثاني : عناصر القصد الإجرامي :
إن جوهر القصد الإجرامي وعنصره الأساس هو الإرادة المتجهة إلى تحقيق الواقعة أو الفعل الإجرامي، ولما كانت هذه الإرادة لا يقتصر توافرها لدى الفاعل إلا على ما يحيط به علمه من عناصر الفعل المكون للجريمة فإن العلم بهذه العناصر يعد على نحو ما عنصرا جديدا يضاف إلى الإرادة في بناء القصد الإجرامي، ويكون قوام هذا القصد في النهاية عنصرين هما: العلم بعناصر الفعل الإجرامي، واتجاه الإرادة إلى تحقيق هذا الفعل بعناصره، وسوف نتعرض لهذين العنصرين على النحو التالي:
- أولا : العلم :
العلم هو حالة ذهنية يكون عليها الجاني ساعة ارتكابه الجريمة، وتتمثل هذه الحالة في امتلاك الجاني القدر اللازم من المعلومات عن العناصر التي تكون الجريمة على الوجه الذي يحدده القانون.
ولا يعني العلم هنا إلمام الجاني إلماما تاما بكافة القواعد والأحكام والمبادئ القانونية الجزائية التي يجب أن يطلع عليها، ويضطلع بها أصحاب الخبرة والاختصاص؛ وإنما هي فقط إحاطة الفاعل علما بكيان النشاط الجرمي ومقوماته عندما يعتزم الإقدام عليه أو الإتيان به، أو أثناء ذلك على الأقل.
والقاعدة أنه لكي يتوافر العلم الذي يقوم به القصد الإجرامي إلى جانب الإرادة؛ يتعين أن يحيط الجاني علما بجميع العناصر القانونية للجريمة، فإذا انتفى العلم بأحدها بسبب الجهل أو الغلط انتفى القصد بدوره.
وبالتالي يتعين أن تتجه الإرادة والعلم إلى العناصر المتطلبة بالجريمة كما يحددها القانون، فما تتجه إليه الإرادة يتعين أن يحيط به العلم أولا، مما يستلزم أن ينصرف العلم إلى جميع العناصر القانونية في الجريمة.
العلم بالوقائع الذي يقوم به القصد الجنائي :
يلزم أن يحيط الجاني بالعناصر الواقعية الجوهرية اللازمة قانونا لقيام الجريمة، بالإضافة إلى الأركان الخاصة في الجريمة؛ فالقاعدة أن الجريمة تفترض وقائع متعددة، والأصل أن يحيط الجاني بجميع هذه الوقائع؛ لأن القصد الإجرامي يعني اتجاه الإرادة الواعية إلى الجريمة في كل أركانها وعناصرها.
وبما أننا قد استبعدنا الركن الشرعي من أركان الجريمة؛ فإنه لا يلزم انصراف علم الجاني للصفة غير المشروعة للفعل، فلا يعد العلم بها عنصرا في القصد، ولا يشترط بالتالي العلم بقانون العقوبات.
ولابد من علم الفاعل بحقيقة سلوكه، أي بأن يأتي عملا أو امتناعا يصلح لتحقيق العدوان على المصلحة أو الحق الذي يحميه القانون بالعقوبة على الجريمة.
فالعلم المتطلب لقيام القصد الجنائي في جرائم التخابر يجب أن يكون منصبا على الحق المعتدى عليه أو المصلحة المحمية، وبالتالي يجب أن يتوافر لدى الجاني العلم بالحق المعتدى عليه، وأن سلوكه سيترتب عليه تهديد ذلك الحق بالضرر المحظور، وذلك بمجرد أن يمس الخطر هذا الحق.
وذلك يعني أن الجاني يجب أن يعلم أن فعله يقع على أحد المصالح القومية أو التي تتعلق بعمل مصالح البلاد سواء الحكم أم النظام الداخلي أم المرافق العامة، أو من الناحية الاقتصادية أو العسكرية أو السياسية.
وإذا انتفى العلم بالواقعة الإجرامية، ينتفي بالتالي القصد الجنائي، وذلك لانتفاء أحد عنصريه وهو عنصر العلم، وينتفي العلم عن طريق الجهل أو الغلط في الوقائع الإجرامية والجهل بالشيء، وهو التخلف الكامل للعلم نفسه، أما الغلط فيه فهو التصوير غير الصحيح له أو الفكرة الخاطئة عنه، ويمكن أن ينقصنا العلم الصحيح بالشيء سواء لأنه ليس عندنا أي فكرة عنه، أم لأنه عندنا فكرة خاطئة عنه، ففي الحالة الأولى يكون الجهل، وفي الحالة الثانية يكون الغلط.
العلم بالعناصر المتصلة بالجاني :
الأصل أن يسدي المشرع حمايته إلى كل شخص، أي لا يتطلب في الجاني أو المجني عليه صفة معينة، ولكن قد يتطلب المشرع فيمن يرتكب بعض الجرائم أو المجني عليه أن يتصف بحالة قانونية أو فعلية معينة فإنه يتعين علمه بهذه الحالة، ففي هذه الجرائم لا يتوافر القصد إلا إذا أحاط علم الجاني بهذه الصفة.
ففي جرائم التخابر، يجب أن يعلم الجاني بهذه الصفة المعتبرة من القانون، وهي وقوع جرائم التخابر من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة.
العلم بزمان الجريمة ومكانها :
قد يحدث أن يشترط المشرع في بعض الجرائم أن لا تتكون قانونا إلا إذا ارتكبت في مكان محدد أو زمان معين أو وقعت من شخص له صفة معينة، فهنا يتعين لقيام القصد الجنائي لدى الجاني أن يكون قد علم بهذا المكان أو ذلك الزمان أو تلك الصفة.
العلم بالقانون :
يعني العلم بالقانون إدراك الجاني بأن الواقعة المعينة ترتدي صفة جرمية غير مشروعة ولا مباحة، وبالتالي محرمة ومجرمة بصورة عامة من قبل القانون الجزائي، دون أن يتطلب معرفة الوصف القانوني أو القواعد الأساسية أو النصوص المعنية .
بمعنى أنه في حالة التخابر يكتفي بعلم الفاعل أن السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية أو أخرى معادية عمل يقع تحت طائلة التجريم.
- ثانيا : الإرادة :
لا يكفي لتوافر القصد الإجرامي إحاطة علم الجاني بعناصر الفعل الإجرامي على التفصيل المتقدم، وإنما يلزم بالإضافة إلى ذلك أن تتجه إرادته إلى تحقيق هذا الفعل بعناصره، وإرادته أيضا في تحقيق النتيجة وذلك في الحالات التي يتطلب فيها القانون نتيجة معينة.
الإرادة هي العنصر الثاني للقصد الإجرامي، وهي المحرك نحو اتخاذ السلوك الإجرامي سلبيا كان هذا السلوك أم إيجابيا بالنسبة للجرائم ذات السلوك المجرد أو المحض، وهي المحرك نحو تحقيق النتيجة.
بالإضافة إلى السلوك الإجرامي بالنسبة للجرائم ذات النتيجة، فالإرادة كونها أحد عناصر القصد الإجرامي يجب أن تنصرف إلى كل من السلوك الإجرامي والنتيجة الإجرامية.
فيلزم أن تتجه إرادة الجاني في جريمة التخابر إلى فعل السعي أو التخابر أو دس الدسائس أو الاتصال مع دولة أجنبية أو معادية حتى يمكن القول بتوافر قصد السلوك في جريمة التخابر.
ونظرا لأن هناك جرائم يكتفي فيها المشرع بالسلوك الإجرامي فقط دون أن تتطلب نتيجة معينة، كما في جرائم التخابر، فإن القصد الجنائي يتوافر متى اتجهت الإرادة إلى تحقيق ذلك السلوك المكون لها.
إذن الإرادة اللازمة لقيام القصد الجنائي في جرائم التخابر، هي إرادة ذلك السلوك الإجرامي.

look/images/icons/i1.gif جريمة التخابر مع دولة أجنبية
  21-04-2022 08:46 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 21-04-2022
رقم العضوية : 29985
المشاركات : 3
الجنس :
تاريخ الميلاد : 26-11-1997
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب
هل يمكنك مساعدتي في تحليل المادة 69 من قانون العقوبات المتعلقة بجريمة تقديم معلومات عسكرية لم تجعلها السلطة الخاصة علنية

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
جريمة ، التخابر ، دولة ، أجنبية ،









الساعة الآن 06:53 AM