الاحكام الجزائية القابلة للاستئناف
نفرق بين نوعين الأحكام الصادر في الدعوى العمومية والأحكام الصادرة في الدعوى المدنية بالتبعية .
تكون قابلة للاستئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح إذا قضت بعقوبة حبس أو غرامة والأحكام بالبراءة، الأحكام الصادرة في مواد المخالفات القاضية بعقوبة الحبس بما في ذلك تلك المشمولة بوقف التنفيذ.
أولا : استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى العمومية :
في السابق لم يطلق المشرع الجزائري العنان لاستئناف كافة الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية الابتدائية بل أورد كأصل عام الأحكام القابلة للاستئناف ضمن نص المادة 416 ق إ ج ج المعدلة بموجب الأمر رقم 15-02 المؤرخ في 23 يوليو سنة 2015؛ والتي لحقها الإلغاء بناء على عدم دستوريتها بحيث تلقى المجلس الدستوري إحالتين من قبل المحكمة العليا حول مراقبة دستورية المادة 416 ق إ ج ج التي تتعارض مع المادة 160 من الدستور والتي تنص صراحة على أن القانون يضمن حق التقاضي على درجتين وهو ما دفع بالمجلس الدستوري" بإلغاء الأحكام التشريعية الواردة في نص ذات المادة والمتمثلة في الحكم الوارد في الفقرة الأولى (... إذا قضت بعقوبة حبس أو غرامة تتجاوز 20.000 دج) و ( ... و100.000دج بالنسبة للشخص المعنوي) وكذلك الحكم الوارد في الفقرة الثانية من ذات المادة (... القاضية بعقوبة الحبس بما في ذلك المشمولة بوقف التنفيذ) بحيث أصبحت المادة 416 تتيح الاستئناف للأحكام الصادرة في مواد الجنح والمخالفات؛ مما مفاده أن كل الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم الابتدائية باتت من الآن فصاعدا قابلة للاستئناف حتى ولو كانت غرامة .
بمعنى أنه يجوز الاستئناف في الأحكام الجزائية الحضورية والأحكام الغيابية باعتبار المعارضة كأن لم تكن إلى الحكم الغيابي، سواء كانت صادرة عن المحكمة في قسم الجنح والمخالفات؛ أو قسم الأحداث وهو ما تأكده المادة 90 من القانون 12-15 المتعلق بحماية الطفل؛ و كذلك الأحكام العسكرية الصادرة عن الجهات القضائية العسكرية؛ أو تلك الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات الابتدائية والملاحظ أنه قبل القانون 17-07 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية كان لا يمكن الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة في مادة الجنايات إلا بطرق الطعن غير العادية.
وهذا تطبيقا لما أقره المؤسس الدستوري في المادة 165 فقرة 3 من الدستور والتي تنص على :
(يضمن القانون التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية ويحدد كيفيات تطبيقها)؛ وهو بذلك أضفى على هذا المبدأ قيمة دستورية؛ ولم ينتظر بعد ذلك كثيرا وأفرغ هذا المبدأ من خلال القانون 17-07 السالف الذكر بحيث نص في المادة الاولى على :
( أن لكل شخص حكم عليه؛ الحق في أن تنظر في قضيته جهة قضائية عليا)؛ ومنه قضي في المادة 248 فقرة 3 ق إ ج ج على أنه تكون أحكام محكمة الجنايات الابتدائية قابلة للاستئناف أمام محكمة الجنايات الاستئنافية؛ وهو ما أكد عليه مرة أخرى في المادة 322 مكرر من ق إ ج ج وبذلك يكون المشرع الجزائري قد خطى خطوة كبيرة في تنظيمه لمحكمة الجنايات محاولا في ذلك فرض رقابة أكبر على السلطة التقديرية لقضاة محكمة الجنايات؛ بعد أن ظلت أحكام محكمة الجنايات لعقود من الزمن غير قابلة للاستئناف ودون تسبيب.
وبالنسبة لمسألة الجرائم المرتبطة، ففي حالة ارتباط مخالفة بجنحة، تقضي المحكمة هنا فيهما جميعا بحكم واحد قابل للاستئناف؛ وهو ما تؤكده صراحة المادة 360 ق إ ج ج ، أما في حالة الجنحة المرتبطة بجناية فالمشرع الجزائري لم يفصل فيهما صراحة؛ بيد أن الحل يظهر في كون أن العقوبة الأشد قابلة للاستئناف فلا مبرر للنظر في الجريمة الأقل شدة ؛ على عكس المشرع المصري الذي فصل في هذا الأمر بنص صريح طبقا للمادة 404 من قانون الإجراءات الجنائية.
الملاحظ أن المشرع الجزائري لم ينص ويفصل في مسألة الأحكام القضائية الفاصلة قبل الفصل في الموضوع؛ كالحكم بعدم الاختصاص؛ أو الحكم بعدم قبول الدعوى؛ فكان من الأجدر الفصل بنص صريح لا يدّع للشك؛ كما فعل المشرع المصري وفقاً للمادة 405 فقرة 3 قانون الإجراءات الجنائية؛ وهو ما نادى به جانب من الفقه الجزائري
ثانيا : استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية :
يجوز استئناف الأحكام الجزائية الفاصلة في الدعوى المدنية بالتبعية على اعتبار أن أساسها الضرر المتولد عن الخطأ الجزائي وفقا لما تقضي به المادة 02 من ق إ ج ج، لكن بالمقابل قصّر المشرع الجزائري استئناف هذه الأحكام على أطرافها وهما المتهم، والمدعي المدني، والمسؤول عن الحقوق المدنية وهذا طبقا للمادة 417 فقرة 2 ق إ ج ج.
بحيث يقتصر النقاش على موضوع الدعوى المدنية بالتبعية فقط سواء من ناحية كفاية أو عدم كفاية التعويض المحكوم به أو تجاوزه للقيمة الحقيقة له ، وكذا مختلف العناصر والوقائع المكونة لهذا الفعل.