بحث مميز حول التقويم التربوي
نقصد به تقدير مدى صلاحية أو ملاءمة شيء في ضوء غرض ذات صلة، أي أن التقويم يستهدف اتخاذ قرار حول ملائمة أو صلاحية العمل التربوي لتحقيق غرض أو أغراض تربوية.
.
مقدمة :
يمثل التقويم أحد الأركان الأساسية في العملية التعليمية والتعلمية، لما له من علاقة أساسية مع الأهداف والكفايات المسطرة قبل بداية الفعل التعليمي، والوسيلة التي تستعمل لقياس أثر ودرجة التعلم. وعلاوة على ما سبق ذكره، يعتبر التقويم المعيار الحقيقي لتشخيص مواطن القوة والضعف في نظامنا البيداغوجي، وتجاربنا الإصلاحية في مجال التربية والتعليم.
إن التقويم التربوي عملية مهمة وضرورية فيم مجال التابية عامة والتعليم خاصة، فعو لا يقتصر على الامتحانات ومراجعة أعمال التلاميذ فحسب، بل يتناول كل جزيئات العملية التربوية والتعليمية بما تشتمل عليه من مناهج وطرق تدريس وإعداد الكوادر والإدارة المدرسية والتعليمية والمباني والمرافق والوسائل والمعدات والامتحانات وما إلى ذلك.
وعملية التقويم التربوي لها أصول وأهداف وخصائص مما جعلها تصل إلى مجال التربية والتعليم لتنفع العاملون بهما.
مفهوم التقويم التربوي:
مما لاشك فيه أن للتقويم مفاهيم عدّة وكثيرة وسنقتصر على ذكر البعض منها :
قال تعال " لق خلقن الانسان في أحسن تقويم" (1) وهذا يعني ان الله سبحانه وتعالى صور الانسان بشكل حسن وميزه بالعقل والتفكير وأحسن خلقه بصورة قويمة أي سليمة دون اعوجاج أو خلل.
ويعرف التقويم من ناحية اللغة تقدير قيمة الشيء أو الحكم على قيمته وتصحيح أو تعديل ما أعوج. فإذا قال شخص ما أنه قوم الشيء فذلك يعني ثمنه و أعطاه قيمة معلومة. أما في مجال التربية: فالتقويم هو إصدار الأحكام على قيمة الأشياء أو الموضوعات أو الأفحار(2) وعملية التقويم هي عملية منهجية. ومنظمة ومخططة.
ويعرف التقويم التربوي : (بأنه عملية منظمة لجمع البيانات ثم تفسيرها وتقييمها وفي الأخير الححم عليما والشروع باتخاز اجراءات عملية في شأنها بهدف التغيير والتصوري (3).
ويعتبر التقويم التربوي أسلوبا علميا يُعنى بالتشخيص الدقيق لأي موضوع ومؤشرا له دلالته في تحديد مدى كفاءة جميع عناصر العملية التعليمية وفي مقدمتها الإدارة المدرسية باعتبارها المحك الرئيسي في إنجاح بقية العناصر الأخرى والتقويم هو استخدام وتحليل البيانات التي يوفرها القياس بغية اتخاذ قرارات تتعلق بإنجاح العملية التعليمية. (4)
ومما هو مستخلص من كل هذه التعاريف السابقة أن التقويم التربوي هو:
- عملية تعديل وإصلاح وهو عملية يتم من خلالها إظهار جوانب الضعف لعلاجها وجوانب القوة لتثمينها وتعزيزها في العملية التربوية، فهو بذلك عملية مستمرة تتشارك فيها كل عناصر العملية التعليمية بغية تحقيق الأهداف المرجوة.
التقويم التربوي والتقويم التعليمي :
يوجد اختلاف كبير بين مصطلح التربية والتعليم باعتبار أن التربية أعم وأشمل من التعليم وعليه فمصطلح التقويم التربوي éducationnelle évaluation يختلف عن مصطلح التقويم التعليمي instructional evaluation ويعمد الكثير من الأشخاص إلى عدم التفريق بين التربية والتعليم حيث ينظرون إلى هذين المصطلحين على أساس أنهما مترادفان وذلك بسبب عدم توخي الدقة في ترجمة المصطلحات الأجنبية إلى اللغة العربية فكلمة education تعني تربية وكلمة instruction تعني تعليم(5).
فأصل كلمة تربية هو الفعل ( ربى) ومضارعه ( يربي) بمعنى يهذب وينشئ ويؤدب، أما أصل كلمة تعليم هو الفعل (علم) ومضارعه (يعلم) والتربية تؤدي إلى تعليم وتعلم، والتعليم هو أحد أهم أساليب التربية، وأن عملية التعليم كما اشرنا آنفا هي جزء من عملية التربية (6).
ومن هذا المنطلق يتضح أن التقويم التربوي أعم وأشمل من التقويم التعليمي الذي هو جزء منه.
والتقويم التعليمي هو عملية الحكم على مدى تحقيق أهداف أي نظام أو مؤسسة تعليمية وهو عملية منهجية تقوم على أسس علمية تستهدف إصدار الحكم بدقة وموضوعية على مداخلات ومخرجات أي نظام تعليمي، وتحديد مواطن القوة والضعف واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لعلاج وإصلاح ما يتم تحديده من مواطن القصور.
العلاقة بين التقويم التربوي والتقييم والقياس :
سبقت الإشارة إلى أن عملية التقويم التربوي هي العملية التي يحكم بها على مدى نجاح العملية التربوية في تحقيق الأهداف المنشودة وهي عملية ترمي إلى معرفة مدى تحقيق التغييرات المرغوب بها في سلوك المتعلمين أو معرفة مدى تقدمهم نحو الأهداف التربوية المراد تحقيقها.
أما التقييم assement فهو تحديد قيمة الشيء وهو عملية إصدار حكم على قيمة الشيء أي أنه ينطوي على شق تشخيصي فقط، والتقييم في مجال التربية يعني تقدير قيمة أي عنصر من عناصر المنظومة التربوية، وإصدار الحكم على مدى جودة تلك المنظومة. فهو يتناول تثمين تحصيل المتعلم وإنجازه ثم الحكم عليه بالنجاح أو الفشل في ضوء معايير صادقة وموضوعية بينما تعكس عملية التقويم معنى الإصلاح والتعديل والتغيير، فتقييم نتائج الاختبار الشهري للمتعلمين بهدف التعرف على المهمات التعليمية التي أتقنوها والتي لم يتقنوها بعد، والعمل على دعم مواطن القوة وعلاج مواطن الضعف هي عملية تقويم بينما ينظر إلى تقدير المتعلمين في نهاية العام الدراسي وإعطائهم درجة تحدد مدى نجاحهم أو فشلهم و إلى تعيين دليل عددي أو كمي للشيء الذي يتفحصه، فالقياس إذن عملية كمية يعبر عن نتائجه بالأرقام. القرار الذي يقضي بترقيتهم أو إعادتهم إلى عملية تقييم (7).
أما القياس فهو العملية التي تحدد بواسطتها كمية ما يوجد في الشيء من الخاصية أو السمة التي تقاس، والقياس عملية يتوجه من يقوم بها إلى تعيين دليل عددي أو كمي للشيء الذي يتفحصه، فالقياس إذا عملية كمية يعبر عن نتائجه بالأرقام (8).
ويعنى القياس من مدى فاعلية استراتيجيات وأهداف الإدارة المدرسية بعناصرها المختلفة، وذلك من خلال استخدام وسائل وأدوات كالملاحظة والمقابلة والاختبارات والاستفتاءات والاستبيانات وقوائم المراجعة ومقاييس التقدير والسجلات وغيرها.
وهكذا نجد من خلال التعريفات المذكورة أن هناك علاقة وطيدة بين التقويم والتقييم والقياس وهناك فروق بين تلك المصطلحات حيث أن التقويم يشتمل على التقييم والقياس وهذا الأخير يقودنا إلى التقييم ومعنى هذا أن كل عملية من العمليات الثلاثة تقود إلى العملية التي تليها وتساعدها في إتمام مهامها بنجاح ودقة.
أهمية التقويم التربوي في العملية التعليمية :
لعل التقويم التربوي يعد مهماً وضروريا للإدارة والقيادات التربوية، فهو عملية مقصودة ومطلوبة يقوم من خلالها المعنيون بالإشراف والتطوير بالتأكد من نوعية المنهج وجودته وباقي جوانب العملية التعليمية وذلك بهدف التحسين والتطوير، وعملية التقويم تكشف لنا عن مدى حسن سير العملية التعليمية، كما أنها تمدنا بمؤشرات عن مدى إمكانية هذا التحسين ومن ثم يعتبر التقويم التربوي وتطوير أساليبه واحدا من المداخل الأساسية لتطوير التعليم، فهو الأسلوب العلمي الذي يتم من خلاله تشخيص دقيق للعملية التعليمية وتعديل مسارها. فهو جزء مكمل للعملية التعليمية وأحد المؤشرات الهامة للتعرف على مدى كفاءة المناهج وطرق التدريس وإعداد المعلم، إلى جانب التعرف على مدى كفاءة مدخلات العمليات التعليمية الأخرى في تحقيق الأهداف التربوية المرجوة (9).
ولعملية التقويم التربوي أهمية كبرى لأنها تقدم في نتائجها معلومات ضرورية لكل من المعلمين والمتعلمين و المسئولين الإداريين وأولياء الأمور وأعضاء البيئة المحلية ولكل المهتمين بالعملية التربوية ومتابعة تطورها. وتقدم عملية التقويم التربوي معلومات تتعلق بالمتعلم، ومعلومات تتعلق بالمعلم ومعلومات تتعلق بالمواد والبرامج التعليمية.
1- معلومات تتعلق بالمتعلم :
تفيد عملية التقويم في تزويد المتعلم بمعلومات تتعلق بمستوى أدائه وتعلمه وقدراته، فهي تمده بمعلومات عن مستوى انجازه والأهداف التي حققها والتي لم يحققها بعد والمعلومات والمهارات التي اكتسبها والتي لم يكتسبها بعد ومستوى المعلومات التي اكتسبها وغزارتها وتنوعها وهذا يعد من الحوافز التي تدفع المتعلم إلى التعلم والمثابرة وتساعد عملية التقويم المتعلم في معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف لديه مما يساعده في تعزيز نقاط القوة وتذليل نقاط الضعف، وتزويد عملية التقويم المتعلمين بمعلومات مفيدة وقيمة عن التخصصات التي سيسجلونها فيها والمهارات التي سيمارسونها والمواد التعليمية التي سيراجعونها، كما أنها تساعد في إرشادهم نحو البرامج التربوية المناسبة والمهن المستقبلية التي تتناسب مع ميولهم واستعداداتهم وقدراتهم، هذا إضافة إلى أن عملية التقويم تمد أولياء الأمور بمعلومات حول مستويات أبنائهم وقدراتهم واحتياجاتهم.
2- معلومات تتعلق بالمعلم :
تساعد عملية التقويم في إمداد المعلم بمعلومات حول مستوى تأهيله وأدائه ومهاراته وممارساته لطرق التدريس ومدى تمكنه من إثارة دافعية تلاميذه، والتفاعل معهم بشكل ايجابي وتنويعه في طرق التدريس وتشويق التلاميذ وشد انتباههم، ومدى قدرته على تنمية الاتجاهات الايجابية لدى تلاميذه. والتقويم التربوي يزود المعلم بالتغذية الراجعة عن نتيجة عمله ويبصره بنقاط ضعفه ونقاط قوته وبمدى قدرته على إدارة وقيادة الصف وتحقيق الانضباط داخل حجرة الدراسة وبمدى قدرته على التنويع في عملية تقويم أداء التلاميذ ومراعاة الفروق الفردية بينهم.
3-معلومات تتعلق بالمواد والبرامج التعليمية :
تساعد عملية التقويم التربوي بإمداد المعلمين والإداريين والقائمين على تصميم المناهج التعليمية وواضعيها بمعلومات قيمة عن مدى ملائمة المنهج وما هي الثغرات الموجودة فيه والتي تحتاج إلى إعادة نظر وتقدم البرامج العلاجية والمقترحات المفيدة لزيادة فاعلية المواد التعليمية والأنشطة والبرامج التعليمية المختلفة، وتقدم المقترحات المجدية باستخدام التقنيات الحديثة والاستفادة من المستحدثات التربوية المتطورة (10).
أهداف التقويم التربوي :
يهدف التقويم بشكل أساسي إلى إعادة النظر وتصحيح المسار من أجل التطوير والتحسين لنواتج ما يتم تقويمه.
ويتفرع من هذا الهدف الرئيسي أهداف فرعية خاصة بعملية التقويم هي :
1- معرفة مدى تحقق الأهداف المرسومة لبرنامج محدد.
2- الكشف عن مدى فاعلية المعلم في تقديم مادة التعلم.
3- التحقق من مدى ملائمة المنهج المدرسي للمرحلة العمرية والنمائية للتلاميذ.
4- إرسال تقارير لأولياء الأمور حول مدى تقدم أبنائهم.
5- توفير المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات مختلفة مثل: ترفيع التلاميذ، تصنيفهم في مجموعات، تشخيص جوانب الضعف والقوة، اختيار مجموعة من التلاميذ لتكليفهم بمهمات محددة.
6- معرفة جوانب القصور والمعوقات في المؤسسة المدرسية والقضاء على الظواهر السلبية، والعمل على تذليل الصعوبات بعد تشخيصها.
7- تحفيز إدارة المدرسة على بذل مزيد من العمل، وتحفيز المعلم على النمو المهني، والتلميذ المتعلم على التعلم.
8- الكشف عن حاجات التلاميذ وميولهم وقدراتهم واستعداداتهم ورغباتهم.
9- معرفة توجهات التلاميذ.
10- معرفة نوع العادات والمهارات التي تكونت لدى التلاميذ ومدى استفادتهم منها في حياتهم.
11- توجيه التلاميذ إلى أوجه النشاط المناسبة لقدراتهم وميولهم واستعداداتهم واتجاهاتهم.
12- معرفة مدى فهم التلاميذ لما درسوه من حقائق ومعلومات، ومدى قدرتهم على الاستفادة من هذه المعلومات في حياتهم.
13- تحديد متطلبات نمو المتعلمين الشخصي( عقليا ومهاريا ووجدانيا)
14- الحكم على مدى ثقافة أفراد المجتمع وتحديد مدى امتلاكهم للحد الأدنى من أساسيات العلم والتكنولوجيا واتجاهاتهم العلمية.
15- تمكين التربويين من ربط البرامج التعليمية للمراحل والمستويات التعليمية المختلفة رأسيا وأفقيا وتنظيم الخبرات التعليمية لهذه البرامج منطقيا بما يتناسب مع خصائص نمو المتعلمين (11).
أنواع التقويم التربوي وتصنيفاته :
للتقويم التربوي أنواع متعددة وذلك نتيجة لتعدد وكثرة أنواع الأساليب والأدوات المستخدمة في التقويم، ولقد صنفت هذه الأنواع إلى عدة تصنيفات:
1- تصنيف التقويم على أساس توقيت تطبيقه :
يصنف التقويم على أساس توقيت تطبيقه عبر مراحل العملية التعليمية إلى ثلاث مستويات :
التقويم التشخيصي أو المبدئي :
يهدف هذا المستوى من التقويم إلى تحديد المستوى المدخلي لكفاية التلاميذ عند بداية التعلم، وبعد استخراج نتائج التقويم يتمكن المعلم في ضوء تلك النتائج من تصنيف التلاميذ وتنظيم برامج مناسبة لكل مجموعة. ولا يقتصر التقويم التشخيصي على بداية عملية التعلم، فحسب بل يستمر باستمرار المواقف التعليمية. فالانتباه إلى أن بعض التلاميذ يعانون من مشكلات سمعية أو بصرية أو ذهنية تعرقل قدرتهم على التعلم أو تحد من قدرتهم، كما أن تحديد العوامل الجسمية والاجتماعية والنفسية التي تؤثر في مستوى التحصيل عند التلاميذ تدخل في نطاق هذا النمط من أنماط التقويم. والتقويم التشخيصي يهدف إلى تحديد قدرات واستعدادات التلاميذ لاكتساب خبرات تعليمية معينة، وهو يساعد في تصحيح مسار العملية التعليمية التعلمية أثناء حدوثها وليس بعد الانتهاء منها (12).
التقويم التكويني ( البنائي) Formative Evaluation :
هو ذلك التقويم الذي يتم أثناء عملية التعليم والتعلم، ويهدف لتقديم تغذية راجعة من خلال المعلومات التي يستند إليها في مراجعة مكونات البرامج التعليمية أثناء تنفيذها وتحسين الممارسات التربوية. ويقدم التقويم التكويني معلومات للمخططين والمنفذين لعملية التقويم حول كيفية تطوير وتحسين البرامج التعليمية وبشكل مستمر (13).
ويركز التقويم التكويني على ما أحرزه التلاميذ من تقدم، وما أخفقوا فيه خلال تعلم موضوع دراسي معين، فإذا فشل أغلبية التلاميذ في التقويم التكويني وجب إعادة النظر في طرق وأساليب التعليم، أما إذا فشل قلة منهم فيجب إعداد وصفات من شأنها تصحيح الأخطاء التعلمية الفردية (14).
التقويم الختامي Final Evaluation :
التقويم الختامي يهتم بدرجة أكبر بالنواتج الختامية، ويهدف لمعرفة مدى تحقيق برنامج تعليمي معين لأهدافه المحددة وذلك بعد الانتهاء من تنفيذه (15). فالتقويم الختامي يركز على التقويم الإجمالي لجودة وتأثير البرنامج ومدى تحقيقه للأهداف المرسومة له، وذلك لأغراض الإحتسابية ووضع سياسة المؤسسة المدرسية (16)، ويمكن القول هنا بأن التقويم الختامي بتقويم الأثر أو النواتج. والتقويم التكويني هو تقويم ختامي مرحلي يجري بعد تنفيذ كل مكونة من مكونات برنامج معين، بينما التقويم الختامي يتعلق بالبرنامج كله (17).
1-تصنيف التقويم على أساس وظيفته :
يصنف التقويم التربوي تبعاً للوظائف التي يقدمها في مجال التربية والتعليم إلى ما يلي:
2-التقويم التشخيصي : Diagnostic Evaluation :
يهدف هذا النوع من التقويم إلى الكشف عن مشكلات وصعوبات تنفيذ العملية التعليمية، ومن ثم تحديد أسبابها، وبناء على التشخيص يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاج أوجه القصور أو تذليل العقبات والصعوبات التي تواجه العملية التعليمية التعلمية. وهذا النوع من التقويم يحدث قبل التدريس ويركز على الاستعدادات والاهتمامات التي تناسب أنواع معينة من التدريس.
والتقويم التشخيصي يختلف عن التقويم البنائي في طبيعة الاختبارات المستخدمة في كل منها. فالاختبارات التشخيصية تصمم عادة لقياس مهارات وصفات أكثر عمومية مما تقيسه الاختبارات التكوينية.
ويرتبط التقويم التشخيصي بالتقويم البنائي حيث أن الأول عملية مستمرة تجري هى جنبا إلى جنب مع التقويم التكويني.
3-التقويم الانتقائي: Placment Evaluation :
يهدف هذا النوع إلى الانتقاء واختيار أفضل مدخلات وعمليات المؤسسة التعليمية، ومن ثم الحصول على أفضل مخرجات ونواتج تلك المؤسسة. ويساعد التقويم الانتقائي في اختيار أكثر العناصر البشرية كفاءة في مجال التدريس والإدارة، وفي اختيار أفضل المكونات المادية، وكذلك ما يتعلق باختيار الاستراتيجيات التعليمية التعلمية المناسبة.
4-التقويم البنائي : Formative Evaluation :
يهدف التقويم البنائي إلى تقديم التغذية الراجعة المستمرة عن جميع عناصر المنظومة التعليمية بجميع مراحلها وخطواتها، وبيان مؤشرات الضعف والقوم في كل منها، وإصلاح مواطن الضعف والقصور للوصول إلى مستوى الإتقان المطلوب.
ويساعد هذا النوع أيضاً في تحديد نقطة البداية لكل متعلم ويحقق الوظائف التالية :
أ- مراقبة تقدم المتعلم وتطوره أولاً بأول، لاكتشاف نواحي الضعف لديه وعلاجها فوراً ومواطن القوة وتعزيزها.
ب- إثارة دافعية التلميذ للتعلم، وذلك عن طريق تنويره وتبصيره بنتائج تعلمه.
ت- مراجعة المتعلم للدروس والمواد التي درسها لترسيخ المعلومات لديه
ث- توجيه تعلم التلاميذ في الاتجاه المرغوب فيه.
ج- تجاوز حدود المعرفة إلى الفهم لتسهيل انتقال أثر التعلم وذلك عن طريق تأثير التعلم الجيد السابق في التعلم اللاحق.
ح- تحفز المعلم على التخطيط الجيد للتدريس، وتحديد أهداف الدرس بصيغ سلوكية أو نتاجات تعليمية.
خ- مساعدة المعلم في تحسين أسلوب تدريسه أو إيجاد طرق تدريس بديلة.
د- وضع برامج للتعليم العلاجي وتحديد منطلقات دروس التقويم.
التقويم النهائي( التجميعي) Summative Evaluation :
يهدف هذا النوع من التقويم إلى الحكم على مخرجات منظومة التعليم، والتقويم التجميعي هو بمثابة تجميع لكافة المؤشرات التي تساعد في إصدار الحكم النهائي على أحد عناصر منظومة التعليم أو على المنظومة بكل جزئياتها.
ومن أبرز وظائف التقويم التجميعي ما يلي :
أ- تحديد مدى ما تحقق من الأهداف العامة الشاملة للمقرر التعليمي.
ب- تحديد مستويات المتعلمين.
ت- إجازة التمكن من مهارات ومعلومات وقدرات معينة.
ث- التنبؤ بالنجاح في المقررات اللاحقة ذات الصلة مما يفيد التلاميذ في التوجه والاختيار الأكاديمي.
ج- تحديد نقطة البداية في تدريس مقرر لاحق فالاختبارات النهائية تساعد المعلم في تحديد مستوى تلاميذ صفه.
ح- التغذية الراجعة للمتعلمين ومساعدتهم على معرفة مستوياتهم وقدراتهم.
خ- إجراء مقارنات بين نتائج التلاميذ في الشعب المختلفة داخل المدرسة.
د- الحكم على مدى ملائمة المناهج التعليمية والسياسات التربوية المتبعة وعلى مدى فاعلية أداء المعلمين.
ذ- الحكم على ما تحققه المدرسة من واجبات.
التقويم التتبعي :
ويهدف إلى تتبع مخرجات ونواتج العملية التعليمية، وتحديد مدى جودتها وعلى سبيل المثال تتبع مستوى أداء المعلمين في الميدان بعد تخرجهم من كليات إعداد المعلمين لمعرفة ما إذا كانت نوعية الخريجين مناسبة لسوق العمل.
التقويم العلاجي :
ويطلق على هذا النوع أيضا التقويم الإصلاحي، فهو يهدف إلى اتخاذ القرارات والاجراءات التي من شأنها الإصلاح والعلاج لنواحي الضعف والقصور في العملية التعليمية،أو للمشكلات التي تعترض أي نظام تعليمي أو أي جزء من مكوناته (18).
ونستنتج مما ذكر سابقا أن للتقويم أصناف كثيرة وذلك تبعا لأنواعه والأهداف التي وضعت من أجل تحقيقها.
خاتمة :
إن التقويم التربوي يقوم على أساس جيد وقاعدة متينة في جمع البيانات الدقيقة وخلوها من الأخطاء، كما يقود إلى اتخاد قرارات سليمة في مجال التطوير والتحسين وبناء البرامج المختلفة في حقل التربية والتعليم.
و هو أساس النظام التعليمي التربوي، فهو عملية لا تؤتي ثمارها إلا بالاستمرارية دون توقف، فهو علم له أصوله وأهدافه وخصائصه مما جعله يطرأ على الساحة التربوية والتعليمية معاً، لتزويد الدارسين بالمهارات والعلوم والنظريات اللازمة لعلم التقويم التربوي.
وعليهفهو مفهوم ليس مقتصر فقط على المتعلم بل هو مفهوم شامل يتناول العملية التعليمية التعلمية بكل جوانبها وأطرافها من متعلمین و معلمین و مناهج لذا فالتقويم التربوي هو عملية متكاملة تهدف إلى استخدام نتائج عملية التقويم لإصلاح و توجيه تصورات المتعلم نحو أهداف تعليمية ممنهجة تساعده على الاعتماد على نفسه لحل مشكلاته و هذا في عصر المسؤولية الفردية.
هوامش البحث :
1-القرآن الكريم برواية ورش عن نافع.
2-كاظم،علي مهدي ،القياس والتقويم في التعلم والتعليم، إربد : دار الكندي للنشر،( 2001)،ص:17
3-دروزة، افنان نظير،الأسئلة التعليمية والتقييم المدرسي، عمان : دار الشروق،(2005)،ص:15
4-الأغبري عبد الصمد ،الإدارة المدرسية، البعد التخطيطي والتنظيمي المعاصر، بيروت: دار النهضة العربية (2000)،ص:17
5-صبري ماهر اسماعيل ، من الوسائل التعليمية إلى تكنولوجيا التعليم، الرياض : مكتبة الشقري، (1999) ص:18.
6-يوسف، ماهر اسماعيل والرافعي، محب محمود، التقويم التربوي، الرياض: مكتبة الرشد (2001)،ص:18
7-د. رافدة الحريري: التقويم التربوي، دار المناهج للنشر والتوزيع 2008،ص:19
8-إبراهيم وآخرون: مبادئ القياس والتقييم في التربية، دارعمان للنشر والتوزيع، ص:21
9- شعلة، الجميل محمد عبد السميع ، التقويم التربوي للمنظومة التعليمية، القاهرة: دار الفكر العربي. (2000) ص:25.
10-دروزة، افنان نظير ،الأسئلة التعليمية والتقييم المدرسي، عمان: دار الشروق،2005 ص:25
11-الصمادي، عبد الله و الدرابيع ماهر، القياس والتقويم النفسي والتربوي، عمان: دار وائل للنشر. (2004) ص:28
12-خضر فخري رشيد ،التقويم التربوي، دبي : دار العلم للنشر،(2004) ص:49
13-الدوسري راشد حماد،القياس والتقويم التربوي الحديث، عمان : دار الفكر(2004) ص:49
14-الظاهر زكريا محمد وتمرجيان جاكلين عبد الهادي جودت عزت، مبادئ القياس والتقويم في التربية، عمان: مكتبة دار الثقافة للنشر. (1999) ص:49.
15-علام، صلاح الدين محمو التقويم التربوي المؤسسي القاهرة : دار الفكر العربي، د ( 2003) ص:49
16-الدوسري، راشد حماد ،القياس والتقويم التربوي الحديث، عمان : دار الفكر.(2004) ص:49
17-علام صلاح الدين محمود التقويم التربوي المؤسسي ، القاهرة : دار الفكر العربي. (2003) ص:49
18-سيد علي أحمد وسالم، أحمد محمد التقويم في المنظومة التربوية، الرياض، مكتبة الرشد،(2005) ص:53_52_51.
مراجع :
- د.المير بومدين حاحي غنية جامعة طاهري محمد بشار، الجزائر.
- الجميل محمد عبد السميع الجميل محمد عبد السميع شعلة، (2005) : التقويم التربوي للمنظومة التعليمية، اتجاهات وتطلعات، دار الفكر العربي، عمان، الأردن.
- سامي محمد ملحم، (2005): القياس والتقويم في التربية وعلم النفس، ط3، دار المسيرة للنشر والتوزيع، الأردن.
- عزيز سمارة وآخرون (1989) مبادئ القياس والتقويم في التربية، دار الفكر، عمان، الأردن.
- فريد حاجي (2005) : التدريس والتقويم بالكفاءات، سلسلة موعدك التربوي، العدد19، الجزائر.
- كمال عبد الله عبد الله قلي (2006): مدخل إلى علوم التربية وزارة التربية الوطنية، مديرية التكوين، الجزائر.
- مصطفى رجب، (2001) : القياس والتقويم التربوي، وزارة التربية السورية، مديرية الإعداد والتدريب، سوريا.
- نادر فهمي الزيود، (2005): مبادئ القياس والتقويم في التربية، ط3، دار الفكر للنشر والتوزيع، الأردن.
- يوسف ماهر، (2004) : التقويم التربوي وأسسه وإجراءاته، مكتبة الرشد، السعودية.