-
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام :
03-05-2019
رقم العضوية :
26163
المشاركات :
101
الجنس :
الدعوات :
1
قوة السمعة :
10
المستوي :
ليسانس
الوظــيفة :
إداري
-
الفصل الثاني : قمــــع جريمــــة اهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية تعد جريمة الإهانة المرتكبة في حق رؤساء الدول والبعثات الدولية من جرائم الاعتبار التي نظمها قانون العقوبات ، ومن جهة ثانية تعتبر من جرائم الإعلام في أغلب الحالات هذا ما أدى بالتشريعات الجزائية إلى تقرير نظام خاص ومتميز عن الأحكام العامة سواء من حيث المتابعة الجزائية أو من حيث الجزاء.
لذا سنتناول في هذا الفصل قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري وكذا في القانون المقارن.
وسوف نقسم هذه الدراسة إلى مبحثين:
المبحث الأول:قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري.
المبحث الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المقارن.
المبحث الأول : قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري
الأصل أن للنيابة في القانون الجزائري سلطة من حيث الملائمة غير أنه في بعض الجرائم قد توجد قيود على تحريك الدعوى العمومية كوجوب تقديم شكوى من الطرف المضرور أو الحصول على طلب من جهة معينة لكي تتمكن النيابة من تحريك الدعوى العمومية. فهل وضع المشرع الجزائري قيود على تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للجرائم محل الدراسة هذا من جهة ؟ ومن جهة أخرى نظرا لتعدد المتدخلين في حالة ارتكاب الجريمة بوسيلة من الوسائل الإعلامية، فمن يتم متابعته جزائيا؟
كما نتساءل حول ما إذا كانت هناك قواعد خاصة تحدد اختصاص الجهات القضائية الناظرة في الدعوى وكذا قواعد خاصة بتقادم الدعوى العمومية الناشئة عن هذه الجريمة في القانون الجزائري؟وما هو الجزاء المقرر لهذه الجرائم المتميزة؟
المطلب الأول : قمع جريمــة إهانـة رئيس الجمهوريــة
بموجب المادتين 144 مكرر و144 مكرر 1 المستحدثتين بالقانون رقم 01/09 المؤرخ في 26 يونيو2001 المعدل والمتمم لقانون العقوبات،وضع المشرع الجزائري قواعد خاصة للجزاء المقرر لجريمة إهانة رئيس الجمهورية كما أنه خرج عن الأحكام العامة المتعلقة بالمتابعة الجزائية لمرتكب الجريمة.
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
وضع المشرع قواعد خاصة للمتابعة الجزائية لمرتكب جريمة اهانة رئيس الجمهورية لذا سنتطرق لمسالة الشكوى و التقادم ثم الاختصاص و المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب الجريمة بواسطة نشرية .
اولا- الشكــوى :
قبل صدور قانون 2001 (1) المعدل والمتمم لقانون العقوبات لم تكن المادة 144 من قانون العقوبات التي تعاقب على اهانة القاضي والهيئات النظامية ، ولا المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري التي تعاقب على إهانة رؤساء الدول تستلزم شكوى المجني عليه للمتابعة من أجل إهانة رئيس الجمهورية، فالنيابة تتابع من تلقاء نفسها دون التقيد بالحصول على شكوى رئيس الجمهورية، وللنيابة سلطة الملائمة بين تحريك الدعوى العمومية وبين عدم تحريكها.
وبعد صدور قانون 2001 المعدل والمتمم لقانون العقوبات نصت المادتان 144 مكرر و144 مكرر1المستحدثتين بموجب هذا القانون صراحة على المتابعة التلقائية من أجل إهانة رئيس الجمهورية "تباشر النيابة العامة إجراءات المتابعة الجزائية تلقائيا".
فالأصل أن للنيابة سلطة من حيث الملائمة في اختيار الإجراء المناسب طبقا لنص المادة 36 مـن ق إ ج وبما في ذلك إجراء عدم المتابعة بإصدار أمر بحفظ الأوراق، لكن بموجب التعديل فان النيابة تفقد سلطة الملائمة في حالة ما إذا عرضت عليها قضية تتعلق بإهانة رئيس الجمهورية فتقوم بالمتابعة التلقائية ولا يحق لها إصدار أمر بالحفظ كما أنها لا تتقيد بشكوى المجني عليه ذلك أن المادة 144 مكرر و144 مكرر1 نصت صراحة على تلقائية المتابعة وهذا في الواقع يعد خروجا عن القواعد العامة التي تحكم الدعوى العمومية في النظام الجزائري الذي اعتنق مذهب الملائمة في المتابعة.
وفي حالة ما إذا تمت المتابعة بناء على شكوى المجني عليه فان سحب شكواه لا يوقف المتابعة لأن المشرع لم يعلق المتابعة على شكوى(1) وحسب وجهة نظرنا أن عدم اشتراط شكوى المجني عليه له ما يبرره كون أن المعتدى عليه هو فخامة رئيس الجمهورية و هو رئيس الدولة ورمز الدولة وسيادتها والاعتداء عليه إنما يمثل اعتداء على سيادة الدولة.
ثانيا- التقـــادم :
المشرع الجزائري لم ينص على مدة خاصة لتقادم الدعوى العمومية في جريمة إهانة رئيس الجمهورية وعليه فانه تطبق على هذه الجريمة الأحكام العامة للتقادم أي بمرور ثلاث سنوات كاملة طبقا للمادة 08 من قانون الاجراءات الجزائية باعتبار أن جريمة إهانة رئيس الجمهورية تشكل جنحة.
ثالثا-الإختصـاص :
إن مسألة الإختصاص تطرح إشكالات وخاصة بالنسبة للاختصاص المحلي فلا يوجد نص خاص يحدد الاختصاص المحلي في حالة ارتكاب جريمة إهانة رئيس الجمهورية و حسب وجهة نظرنا أنه في هذه الحالة يجب الرجوع إلى القواعد العامة للاختصاص المحلي ،إذ تنص المادة 329 من ق إ ج"تختص محليا بالنظر في الجنحة محكمة محل الجريمة أو محل إقامة أحد المتهمين أو شركائهم أو محل القبض عليـهم ولو كان القبض قد وقع لسبب آخر"وبالتالي ومن خلال هذه المادة فان المحكمة تختص بالجريمة التي ارتكبت في اختصاصها الإقليمي والتي يقع فيها محل إقامة أحد المتهمين وكذلك المحكمة التي يقع القبض على المتهم في دائرة اختصاصها،وان كانت هذه القواعد يمكن تطبيقها إذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس الجمهورية من قبل شخص طبيعي ولكن المشكل يثار عندما ترتكب الجريمة بواسطة نشرية تصدرها مؤسسة النشر والطباعة والتي لها فروع ومراسلون في عدة مناطق فمن هي المحكمة المختصة ؟.
لم يضع المشرع الجزائري نص صريح لا في قانون الإجراءات الجزائية، ولا في فانون الإعلام يحدد لنا الإختصاص المحلي في هذه الحالة، ويرى الدكتور أحسن بوسقيعة أن الإختصاص يكون لكل المحاكم التي توزع فيها الصحيفة وتكون الأسبقية للمحكمة الأولى التي بادرت المتابعة(2)، وفي غياب نص صريح فما علينا إلا تطبيق القواعد العامة السابقة الذكر.
أما فيما يتعلق الإختصاص النوعي فلم ينص قانون العقوبات ولا قانون الإعلام على 'قواعد خاصة بالإختصاص النوعي في حالة ما إذا ارتكبت هذه الجريمة بواسطة نشرية، وما دامت هذه الجريمة تحمل وصف الجنحة تختص بها المحكمة التي تنظر في الجنح طبقا لنص المادة 328 ق إ ج.
رابعا- المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب جريمة إهانة رئيس الجمهورية المرتكبة بواسطة نشرية :
نظرا لكثرة المتدخلين في عمليات التأليف والنشر و الطبع والتوزيع لذا فانه في حالة ما إذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس الجمهورية عن طريق نشرية فان المادة 144 مكرر1 ق.ع المستحدثة بموجب القانون01/09 تضمنت أحكاما خاصة للمتابعة الجزائية التي تتخذ ضد مرتكب الإهانة كاتب المقال وضد المسؤول عن النشرية مدير النشرية وعن المسؤول عن تحريرها رئيس التحرير وحتى ضد النشرية نفسها غير ان قانون الاعلام نص كذلك على المتابعة الجزائية للناشر وفئة اخرى من المتدخلين.
1. المتابعة الجزائية للكاتب والمدير :
من خلال قراءتنا لنص المادة 144 مكرر1 ق.ع اتضح لنا بأن المتابعة الجزائية تتخذ ضد مرتكب الإهانة وهو كاتب المقال المنشور، وضد المسؤول عن النشرية وهو مدير النشرية بإعتبارهما فاعلين أصلين قانونا بالنسبة للنشريات.
غير أن المادة 41 من قانون 90/07 المتضمن قانون الإعلام تنص على أنه " يتحمل المدير أو كاتب المقال أو الخبر مسؤولية أي مقال ينشر في نشرية دورية ".
ويقابلها النص الفرنسي :
« la responsabilité du directeur et de l’auteur de l’écrit ou de l’information »
يتبين لنا من خلال هاتين المادتين أن المدير والكاتب مسؤولين باعتبارهما فاعلين أصليين رغم أن المادة 41 باللغة العربية تنص أن المسؤولية يتحملها المدير أو الكاتب ولكننا نرجح النص الفرنسي لانه النص الاصلي .
وبالرجوع لنص المادة 42 و 43 من قانون الاعلام رقم 90/07 نلاحظ أنه لم يذكر الكاتب في كلا النصين،كما يبدو لنا أن المدير يعتبر شريك في نص المادة 43 .
إذ تنص المادة 42 على أنه "يتحمل مسؤولية المخالفات المرتكبة المكتوبـة والمنطوقــة أو المصورة المديرون والناشرون في أجهزة الإعلام"
أما المادة 43 "إذا أدين مرتكبو المخالفات المكتوبة أو المنطوقة أو المصورة يتابع مدير النشرية أو ناشرها باعتبارهما متواطئين"
ويقابلها في النص الفرنسي:
« le directeur de publication ou l’éditeur sont poursuivis comme complices »
فالمادة 43 منحت للمدير مكانة الشريك complice وفي النص العربـي اعتبرته متواطــئ ولا يوجد في الأحكام العامة لقانون العقوبات ما يعرف بالمتواطئ لذا فاننا نرجح النص الفرنسي في كل مــرة.
وبالتالي نلاحظ سوء صياغة هذه النصوص التي تجعل المدير فاعل أصلي بنص المادة 41 وشريك طبقا لنص المادة 43 فما هو النص الواجب التطبيق ؟
و حسب وجهة نظرنا انه نظرا لهذا التناقض فإننا نطبق المادة 144 مكرر من قانون العقوبات بإعتباره النص الأحدث والذي يعتبر المدير فاعل أصلي مثله كاتب المقال.
2. المتابعة الجزائية لرئيس التحرير :
نصت المادة 144 مكرر 1 ق ع على المتابعة الجزائية للمسؤول عن تحرير النشرية وهو "رئيس التحرير".
غيرأن قانون الإعلام لم ينص في المادة 41 منه على مسؤولية رئيس التحرير، وتعتبر مسؤولية رئيس التحرير مسؤولية مستحدثة خلافا لمسؤولية مدير النشرية التي تعتبر مقررة في قانون الإعلام الجزائري وكذا في القانون المقارن (1).
ويسأل رئيس التحرير بصفته فاعلا أصليا وأساس مسؤوليته مبناها صفته أو وظيفته في الجريدة كون أن له دور الإشراف وتبقى مسؤوليته قائمة سواء عرف الكاتب أو لم يعرف.
3. المتابعة الجزائية للناشر :
الناشر هو الشخص الذي يتولى نشر أي مطبوع، ولم تنص لا المادة 144 مكرر1 من قانون العقوبات ولا المادة 41 من قانون الإعلام على مسؤولية الناشر، ولكن المادتين 42 و43 من نفس القانون نصتا على متابعته.
ونلاحظ أن الناشر طبقا للمادة 43 يعتبر شريك"يتابع مدير النشرية أو ناشرها باعتبارهما متواطئان" أما المادة 42 والتي حددت الفاعلين الأصليين ورتبتهم اعتبرته فاعل أصلي.
وحسب وجهة نظرنا فانه من الأرجح اعتبار الناشر فاعل أصلي مادام قد ثبت أنه هو الذي قام بالنشر وحقق هذا الفعل بما استلزمه من طبع ففي حالة ما إذا لم يعرف كاتب المقال أو رئيس التحرير فالناشر هنا مسئول كفاعل أصلي على أساس نظرية المسئولية المفترضة والتي مفادها بان المسؤولية الجزائية موجودة بدون حاجة لاثباتها ، وانها تستغرق كل من ساهم في النشر حتى ولو لم يرقى دوره الى مستوى الفاعل في الجريمة وفقا للقواعد العامة في قانون العقوبات وذلك في حالة عدم معرفة المؤلف مثلا فتفترض مسؤولية الناشر كفاعل أصلي لا كشريك على اساس ان الجريمة لا يتصور تمامها وتنفيذها إلا بالـنشر الذي يباشره المدير او الناشر ونشير أن المادة 144 مكــرر1 ق.ع لم تنص على متابعة الناشر.
4. المتابعة الجزائية للمتدخلين المنصوص عليهم في المادة 42 من قانون الإعلام :
تنص المادة 43 أنه إذا أدين مرتكبو المخالفة المكتوبة:"يتابع في جميع الأحوال المتدخلون المنصوص عليهم في المادة 42 " وهم:
• الطابـع : وهو الأول في فئة المتدخلون بعد المسؤولين بصفة أساسية طبقا لقانون العقوبات وهم صاحب المقال أو الخبر، مدير النشرية ورئيس التحرير،حيث يتحمل الطابع المسئولية الجزائية إذا تعذرت مساءلة الأولين.
• الموزع : وهو من يتولى توزيع المطبوع وتقوم مسؤوليته إذا تعذرت معاقبة من سبقوا على سبيل التتابع طبقا لنص المادة 43 لعدم العلم بهم ومعرفتهم اسما أو صفة.
• البائـع : وهو من يمارس البيع في المطبوع موضوع الجريمة على سبيل التجارة، ويسأل في حالة تعذر معرفة صاحب المقال أو الخبر، أو مدير النشرية، رئيس التحرير، الطابع الموزع.
• ملصق الإعلانات الحائطية : وهو من يقوم بلصق المطبوع على الحوائط ويسأل اللاصق بصفته فاعل أصلي للجريمة التي تضمنها المطبوع الجاري لصقه وذلك عند تعذر معرفة الطبقة التي تعلوه(1).
وبالتالي فإن المسئولين في نظر القانون قد تم حصرهم وترتيبهم على نحو معين بحيث لا يسأل منـهم شخص ما دام يوجد غيره ممن قدمه القانون عليه في الترتيب ، وهذا ما تقوم عليه المسئولية المبنية على التتابع والتي أخذ بها قانون الإعلام الجزائري وبالتالي فانه استبعد نظرية المسؤولية المفترضة .
5. المتابعة الجزائية للنشرية :
نصت المادة 144مكرر1 ق. ع على المتابعة الجزائية ضد النشرية نفسها فنلاحظ أن المشرع الجزائري نص على المسئولية الجزائية للنشرية على الرغم من أنها لا تتمتع بالشخصية القانونية ومن ثمة فليس لها كيان قانوني، فالكيان القانوني هو مؤسسة الطباعة و النشر التي تصدر عنها الصحيفة والتي تعتبر شخص معنوي يمكن النص على مسئوليته الجزائية أما النشرية في حد ذاتها ليس لها كيان فلا يمكن مساءلتها ومتابعتها(2).
الفرع الثاني: الجــــــــــــــــــزاء
نص المشرع الجزائري على العقوبات المقررة لمرتكب جريمة اهانة رئيس الجمهورية كما نص ايضا على العقوبة المقررة في حالة العود .
أولا: العقوبات الأصلية
1. العقوبة الاصلية المقررة للشخص الطبيعي
قبل تعديل قانون العقوبات الجزائري بموجب قانون 01/09 لم تكن المادة 144 ق.ع تفرق من حيث الجزاء بيـن المجني عليهم فالعقوبة كانت الحبس من شهرين إلى سنتين وغرامة من 1000 دج إلى 500.000 دج(1).
كما ان المادة 97 من قانون 90/07 المتعلق بالاعلام تعاقب على اهانة رؤساء الدول بالحبس من شهر الى سنة و بغرامة مالية تتراوح ما بين 3000دج 300.000 دج او باحدى هاتين العقوبتين فقط ، وبعد تعديل قانون العقوبات بالقانون01/09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 والذي خصص بموجبه المادة 144 مكرر والمادة 144 مكرر1 ق ع لحماية رئيس الجمهورية من الإهانة أصبحت العقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى اثني عشرة شهراً وبغرامة من 50.000 دج إلى 250.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط وهذا ما نصت عليه المادة 144 مكرر ق ع .
ونلاحظ أن بموجب هذا التعديل الذي أدخل على نص المادة 144 ق.ع أصبحت إهانة رئيس الجمهورية أقل شأنا من إهانة قاض أو أي موظف عمومي آخر من حيث الجزاء، لأن عقوبة الحبس المقررة للإهانة الموجهة لرئيس الجمهورية هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى اثني عشرة شهراً في حين أن عقوبة الإهانة الموجهة إلى موظف أو أحد أفراد القوة العمومية هي الحبس من شهرين إلى سنتين(2).
2. العقوبة الاصلية المقررة للنشرية
نصت المادة 144 مكرر1 ق.ع على أنه تعاقب النشرية بغرامة من 500.000 دج إلى 2.500.000 دج ونلاحظ أن المشرع الجزائري قرر عقوبة الغرامة للنشرية وأن قيمة الغرامة أشد بكثيرمن قيمة الغرامة المقررة كعقوبة للأشخاص.
وبالتالي فإن المشرع الجزائري شدد العقوبة في حالة إرتكاب الجريمة عن طريق الصحافة وهذا ما يراه بعض الصحفيين إجحافا في حق الصحافة.
ثانيا : العقوبات التكميلية
نصت المادة 18 من قانون العقوبات أن نشر الحكم لا يمكن أن تحكم به المحكمة إلا في الحالات التي يحددها القانون، ونلاحظ انه إذا كانت المادة 144 ق.ع قد أجازت الأمر بنشر الحكم وتعليقه على نفقة المحكوم عليه على أن لا تتجاوز هذه المصاريف الحد الأقصى للغرامة المقررة لجريمة إهانة الأشخاص والهيئات المذكورين في المادة 144 مكرر ق.ع (3).
إلا أن المشرع لم ينص على نشر الحكم كعقوبة تكميلية إذا كانت الإهانة موجهة إلى رئيس الجمهورية في المادة 144 مكررق.ع.
ثالثا : العقوبة المقررة في حالة العود
تنص المادة 144 مكرر ق ع على أنه:"في حالة العود تضاعف عقوبات الحبس والغرامة المنصوص عليها في هذه المادة ".
بالرجوع إلى الأحكام العامة في قانون العقوبات والخاصة بالعود المنصوص عليها في المواد 54 إلى 58 منه يمكن تعريف العود بأنه ارتكاب جريمة جديدة بعد حكم نهائي عن جريمة سابقة.
وباعتبار أن جريمة إهانة رئيس الجمهورية تشكل جنحة فيمكن أن نستخلص شروط العود في هذه الجريمة:
1- أن يكون الحكم السابق صادر في جنحة إهانة رئيس الجمهورية.
2- أن تكون الجريمة الثانية جنحة مماثلة للجنحة الأولى تماثل حقيقي.
3- أن تقع الجريمة الجديدة قبل مضي خمس سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة الأولى أو سقوطها بالتقادم.
مع الإشارة إلى أن المادة 144 مكرر ق.ع لم تحدد مدة خاصة التي تفصل بين الحكم الأول البات والجريمة الثانية لذا فانه حسب وجهة نظرنا أننا نطبق الأحكام العامة في قانون العقوبات والمحددة بخمس سنوات.
ونشير إلى أن المادة 144 مكرر ق ع جاءت بحكم مميز كونها نصت على انه تضاعف عقوبة الحبس والغرامة خلافا للأحكام العامة للعود في قانون العقوبات.
المطلب الثاني : قمع جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية
نص المشرع الجزائري على اجراءات المتابعة الجزائية و الجزاء المقرر لمرتكب جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية في قانون 90/07 المتعلق بالإعلام
الفرع الأول : المتابعة الجزائية
نظرا لان جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية تمس العلاقات بين الدولة و الدول الأجنبية ، لذا فإننا سنعالج مسالة الطلب، ثم نتطرق إلى مسالة التقادم ، الاختصاص و المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب هذه الجريمة .
أولا- الطـــلب :
لا تشترط المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري طلب كتابي من وزير العدل للمتابعة من أجل جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية، فالنيابة تتابع من تلقاء نفسها دون التقيد بالحصول على الطلب وبالتالي فان للنيابة العامة وحدها سلطة الملائمة في اختيار الإجراء المناسـب دون تقيدها بطلـب وزير العدل ، فلها المتابعة أو عدم المتابعة بإصدار أمر بحفظ الأوراق. ونشير إلى أن المادة 97 لم تنص على مباشرة النيابة العامة لإجراءات المتابعة الجزائية التلقائية كما سبق وأن رأينا بالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية .
وهذا خلافا لبعض التشريعات المقارنة التي تشترط طلب كتابي من وزير العدل في هذه الجريمة كونها تمس العلاقات بين الدولة والدول الأجنبية ولتقدير المصلحة في تحريك الدعوى العمومية أو عدم تحريكها فإنها تترك لوزير العدل الذي يعتبر أدرى بما تقتضيه السياسة العامة للدولة في علاقتها مع الدولة التي ينتمي إليها الرئيس الأجنبي المجني عليه(1).
ثانيا- التقــادم :
تطبق على جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية بإعتبارها جنحة الأحكام العامة المقررة لتقادم الدعوى العمومية والمتمثلة في ثلاث سنوات كاملة طبقا للمادة 08 من قانون الإجراءات الجزائية.
ثالثا- الاختصـاص :
لم يحدد المشرع الجزائري لجريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية قواعد اختصاص خاصة بها فبالنسبة للاختصاص المحلي نطبق القواعد العامة للاختصاص المحلي طبقا المادة 329 ق إ ج و التي تعطي الاختصاص للمحكمة التي ارتكب في دائرة اختصاصها الجريمة أو مكان إقامة أحد المتهمين أو محل القبض عليهم.
أما الاختصاص النوعي فلم يضع المشرع الجزائري قواعد خاصة للاختصاص النوعي بشأن بعض الجرائم التي ترتكب عن طريق وسائل الإعلام خلافا لبعض التشريعات المقارنة التي تجعل الجنح التي تقع بواسطة الصحف من اختصاص محكمة الجنايات كما سنرى لاحقا، وبالتالي تتحدد الجهة القضائية المختصة للفصل في نوع الجريمة طبقا للقواعد المقررة في المادة 328 ق.ا.ج إذ تختص المحكمة الناظرة في الجنح وبالتالي لا تختص بها محكمة الجنايات.
رابعا-المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية
نشير الى أن جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية ترتكب بالوسائل الإعلامية طبقا للمادة 97 من قانون الإعلام وهذا ما يعني المتابعة الجزائية تكون ضد المدير والكاتب وذلك سواء أرتكبت الجريمة عن طريق نشرية أو بوسطة بث خبر عن طريق الوسائل السمعية البصرية، كما يسأل الناشر طبقا للمادة 41 من قانون الإعلام، والمتدخلون المنصوص عليهم في المادة 43 من قانون الإعلام كما حددتهم على التوالي الطابع، الموزع، البائع،أو الباث ، ملصق الإعلانات الحائطية وذلك على سبيل التتابع كما سبق و ان وضحنا ذلك عندما تطرقنا الى المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس الجمهورية بواسطة نشرية.
الفرع الثاني : الجـــــــزاء
قرر المشرع الجزائري في قانون الإعلام عقوبات أصلية وكذا عقوبات تكميلية جوازيه لمرتكب جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية كما قرر أيضا أحد تدابير الأمن العينية.
أولا : العقوبـات الأصليـة
تنص المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري على أن العقوبة المقررة لمرتكب جريمة إهانة رئيس دولة تتمثل في الحبس من شهر إلى سنة، وبغرامة مالية تتراوح ما بين 3000 دج و300.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
يعتبر قانون الاعلام جريمة اهانة رئيس دولة اجنبية جنحة، ولقد كانت المادة 122 من فانون 82/01 المتعلق بالاعلام الملغى تقرر نفس العقوبة لهذه الجنحة .
ثانيا : المصادرة
لقد نصت المادة 99 من قانون الإعلام الجزائري على انه يمكن للمحكمة أن تأمر في جميع الحالات الواردة في باب الأحكـام الجزائية من قانـون الأعلام بحـجز الأملاك، والمقصود بحـجز الأمــلاك في هذه المـادة هو"المصادرة" ذلك أن مصـطلح حجز الأملاك يقابلـها في النـص الفرنــسي للمـادة 99 « la confixation des biens » بمعنى مصادرة الأملاك و بالتالي فاننا نرجح النص الفرنسي لكونه النص الاصلي، ولقد استعمل المشرع الجزائري نفس المصطلح في النص الفرنسي للمادة 15 من قانون العقوبات التي تعرف المصادرة، بأنها الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال معين أو أكثر والتي تنصب على الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ الجريمة أو تلك التي تحصلت منها وكذلك الهبات والمنافع التي استعملت لمكافئة مرتكب الجريمة.
وبما ان المادة 97 جاءت تحت باب الاحكام الجزائية فانه اذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية يجوز للقاضي مصادرة الوسائل التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ هذه الجريمة والتي قد تكون جرائد أو مجلات،أو أشرطة فيديو، وتعتبر المصادرة عقوبة تكميلية جوازيه وللقاضي طبقا للمادة 99 من قانون الإعلام أن يأمر بها أولا.
وبموجب تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06 /23 (1) استحدثت المادة 15 مكرر 1 والتي نصـت على انه " في حالة الادانة لارتكاب جنحة او مخالفة يؤمر بمصادرة الاشياء ...وجوبا اذا كان القانون ينص صراحة على هذه العقوبة ..." فنلاحظ ان المادة 15 مكرر1 جعلت المصادرة وجوبية فنتساءل عن النص الواجب التطبيق ؟.
فهل نطبق المادة 99 من قانون الاعلام ونعتبر المصادرة عقوبة تكميلية جوازية ونطبق قاعدة الخاص يقيد العام او نطبق المادة 15 مكرر 1 ونعتبر المصادرة عقوبة وجوبية باعتبارها النص الأحدث؟
حسب وجهة نظرنا ان المادة 99 من قانون الاعلام نصت صراحة ان عقوبة المصادرة عقوبة جوازية وعليه فاننا نطبق قاعدة الخاص يقيد العام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القانون رقم 06 /23 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر سنة 2006 المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966، المتضمن قانون العقوبات.
ثالثا : إغلاق المؤسسات الإعلامية
يعتبر إغلاق المؤسسة تدبير من تدابير الأمن العينية التي نصت عليها المادة 20 من قانون العقوبات، ولقد أجازت المادة 26 أن يأمر بإغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحالات وبالشروط المنصوص عليها في القانون.
فالمادة 99 من قانون الإعلام الجزائري أجازت للقاضي أن يأمر بإغلاق المؤسسة الإعلامية نهائيا أو مؤقتا دون أن تحدد هذه المدة و حسب وجهة نظرنا انه تبقى للقاضي السلطة التقديرية لتحديد هذه المدة كون أن مدة الغلق المؤقت غير محددة.
و نشير الى انه بموجب تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06 /23 استحدثت المادة 16 مكرر01 التي نصت على انه " يترتب على عقوبة غلق المؤسسة منع المحكوم عليه من ان يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته أو يحكم بهذه العقوبة اما بصفة نهائية...أو لمدة لا تزيد عن خمس سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جنحة "
و بالتالي فاذا حكم القاضي بغلق المؤسسة الإعلامية فانه يترتب على ذلك منع المحكوم عليهم من ممارسة نشاطهم كما انه بموجب هذا التعديل تم تحديد مدة الغلق فطبقا لهذه المادة فانه لا يجوز للقاضي ان يحكم بمدة تتجاوز خمس سنوات لارتكاب جنحة اهانة رئيس دولة أجنبية .