-
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام :
30-03-2013
رقم العضوية :
157
المشاركات :
460
الجنس :
الدعوات :
12
قوة السمعة :
310
المستوي :
آخر
الوظــيفة :
كاتب
-
الركن الثاني: الركن المادي :
كما أسلفنا الذكر أن الركن المادي للجريمة عبارة عن المظهر الخارجي للنشاط الجاني والمتمثل في السلوك الإجرامي للجريمة إضافة إلى وجوب نشاط مادي معين ويختلف هذا النشاط من جريمة إلى أخرى حسب طبيعتها ونوعها وظروفها وعليه آنت عناصره في جريمة الرشوة على النحو التالي :
العنصر الأول : النشاط بمعنى السلوك المادي للموظف
وهو نشاط معين يبذله المرتشي والمتمثل في القبول أو الطلب أو هو تغيير صادر عن الإدارة المنفردة للموظف العام المختص يطلب فيه مقابلا لأداء عمله الوظيفي أو الامتناع عن أدائه وعليه فالاستجابة الصادرة من جانب صاحب المصلحة عن طريق الإعطاء للعطية تقابله اخذ لها من جانب الموظف العام أو عن طريق الوعد لإعطاء من جانب الراشي الذي يقابله قبول من طرف المرتشي.
وفي هاتين الحالتين تعتبر جريمة الرشوة قائمة على أساس الأخذ والقبول أما إذا لم تكن هناك استجابة من صاحب الحاجة على طلب الموظف فهناك رأيان رأي ذهب إلى اعتبار طلب الرشوة من جانب الموظف العام وعدم استجابة صاحب الحاجة إليه شروعا فيها باعتباره بدا في التنفيذ بالنسبة للأخذ والقبول والرأي الثاني وهو الراجح نظرا لمسايرته التشريع في تجريم الرشوة ويعتبر مجرد إيجاب الموظف.
هو عمل تنفيذي وذلك باعتبار أن الطلب يعد عنصرا أساسي من عناصر الركن المادي للرشوة متى وصل الطلب إلى علم صاحب الحاجة أو وسيلة وحتى ولو حالة أسباب غير إرادية في عدم وصوله أي (الطلب) فانه رغم ذلك يعتبر شروعا أو بدءا في تنفيذه وهو بذاته يشكل جريمة تامة في القانون.
أ-الطلب :
والشيء الملاحظ هنا أن الطلب لا يشترط فيه شكل خاص فقد يكون شفاهه أو كتابة أو صراحة أي اللفظ أو الكتابة أو الإشارة، وقد يكون الطلب ضمنا كان يفتح الموظف درج مكتبه أمام صاحب المصلحة بما يوحي رغبته في وضع مبلغ النقود فيه وقد يكون ذلك بإماءة لصاحب الحاجة باستعداده للتغاضي عن المخالفة الجمركية نظير ما يقدمه له من مال.
ومن الأمور التي لا تأثير لها أيضا على الطلب هو أن يكون الطلب للموظف نفسه أو غيره حيث يستوي ذلك في التجريم والعقاب بين الطلب الموظف العمومي الرشوة لنفسه أو لغيره ومن ثم فلا مصلحة للمتهم. كما لا يهم أن يكون الطلب محددا لقيمة الفائدة أو الوعد بها حيث يكفي أن يطلب الموظف ثمنا للعمل المراد منه تاركا تحديد قيمة هذا الثمن أو أشكاله لتقدير صاحب الحاجة.
ب-القبـول :
هو اتجاه إرادة الجاني أو المرتشي إلى الرضي بتلقي المقابل في المستقبل ايجابيا أو عرضا من صاحب الحاجة يعبر فيه عن إرادته بتعهده بتقديم الوعد إذا ما قضى له المصلحة فهو دفع مؤجل ولا يشترط في القبول أن يتم بصف معينة فقد يتحقق بالكلام والكتابة أو الإشارة صريحا أو ضمنيا أو بأي شيء آخر يدل عليه، وتقع جريمة الرشوة بمجرد تلاقي قبول الموظف مع إيجاب صاحب الحاجة.
سواء نفذ الراشي وعده أو يعدل عن التنفيذ بإرادته أو نتيجة لظروف خارجة عن إرادته، فالشرط إذن يجب أن يكون عرض الراشي جديا في ظاهره على الأقل فيجب أن يكون قبول الموظف جديا حتى إذا ما تلاقى مع الإيجاب الجدي لصاحب الحاجة يتحقق الاتفاق الذي تقوم به ماديات جريمة الرشوة ويكشف عن معنى الاتجار بالوظيفة العامة واستغلالها.
العرض التلقائي من جانب صاحب الحاجة
فيتظاهر الموظف العام بقبوله لمجرد تمكين السلطة العامة أو المراقبين مثلا من ضبطه متلبسا بجريمة عرض الرشوة وبما أن القبول هنا ليس جادا فبالتالي جريمة الرشوة غير قائمة من جانب الراشي. وفي هذا المجال نجد الحالة التي يقوم فيها عرض الرشوة من جنب احد ممثلي السلطة العامة وليكن احد أعوان الشرطة مثلا على الموظف بقصد الإيقاع به والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو مدى مشروعية هذا الإجراء وهل تتحقق مسؤولية المحرض؟
اختلفت الآراء والأحكام القضائية في هذا المجال فعلى سبيل المثال جاء في حكم المحكمة النقض المصرية (أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير ضبط الجريمة إذ لم يكن الراشي جادا في عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جديا في ظاهره وكان الموظف قد قبله على انه جدي مستهدفا العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو لمصلحة غير ).
مثال آخر استقر القضاء الأمريكي على عدم مساءلة الجاني الذي يرتكب جريمته بناء على تحريض الشرطة باعتبار أن الجريمة في هذه الحالة تكون ثمرة للنشاط القائمين على تنفيذ القانون ومن جهة أخرى فان تحريض رجال الشرطة للأفراد من اجل القبض عليهم أثناء أو بعد ارتكاب الجريمة يعتبر عملا غير مشروع لا يتفق مع واجبهم في الحرص على حسن تطبيق القانون ومن ثم تكون الإجراءات المتخذة في هذا المجال باطلة ولا يعتمد بها في إدانة المتهم.
المتفق عليه
بالنسبة لمسؤولية المحرض صوري إذا كان رجل شرطة فلا تقوم مسؤوليته بناء على قواعد الغلط في الإباحة لأنه مرخص له قانونا بالتحريض أو بالتدخل في الجرائم بقصد ضبطها والقبض على مرتكبها ومنه فان مشروعية فعل القصد الجنائي واثبات القبول جائز بكافة طرق الإثبات رغم كونه من أصعب صور لنشاط إثباتا باعتباره إرادة ومنه فالقاضي عليه أن يكون حذرا في إثبات القبول ولاسيما حين يكون ضمنيا فمجرد سكوت الموظف لا يعد قبولا.
لان السكوت حتى يدل على الرفض أو التردد وإنما يلزم في أن يكون هذا السكوت ملابسا ومحاطا بعدد من القرائن والأدلة التي توحي بإيجاد إرادة الموظف لقبول.
كذلك السكوت المصاحب لأداء العمل العادي للموظف بصرف النظر عن إرادة صاحب الحاجة وتجاهل عرضه فالقاضي عليه أن يستكشف الحقيقة في كل واقعة على حدي وعند الشك يكون تفسيره لما فيه مصلحة المتهم كذلك يجوز أن يكون القبول معلقا على شرط ومع ذلك تقع الجريمة تامة بصرف النظر عن الشرط ولا يؤثر في قيامها (الرشوة) رفض الراشي ما وعد به المرتشي أو رجوع هذا الأخير عن قبوله بسبب عدم إيفاء صاحب الحاجة بوعده.
جـ -الأخـذ :
هو التلقي وهي الصورة العادية لجريمة الرشوة حيث تسليم الشيء موضوع الرشوة من الراشي إلى المرتشي وعليه فلا يثور الشك في تجريم افعل الأخذ للهدية أو المنفعة وان كان قد سبقه طلب من الموظف وقبول من صاحب الحاجة ثم قام هذا الأخير بالتسليم الفعلي إلى الموظف المرتشي كما لا يوجد شك حول تجريم فعل الأخذ إذا كان لاحقا أو معاصرا لقبول الموظف للهدية أو المنفعة التي عرض عليه صاحب الحاجة.
وفي هذه الحالة يكون الموظف قد قبض فعلا ثمن اتجاره بوظيفته ولذا يطبق عليه الرشوة المعجلة وهي مادية ولا عبرة بمظهر الأخذ فقد يتخذ شكل التسليم إذا كانت الفائدة ذات طبيعة إذ تدخل الفائدة إلى حيازة المرتشي بإرادته بمجرد تسليمها وقد يتم الأخذ عن غير تسليم كان ترسل العطية عن طريق البريد فالجريمة تتحقق عندئذ بمجرد احتفاظ الموظف بها مع عمله بالغرض من إرسالها.
العنصر الثاني: محل نشاط الرشوة :
ويقصد بمحل النشاط في جريمة الرشوة هو الموضوع الذي ينصب عليه نشاط المرتشي ويكون في صورة هدية أو وعد أو منافع أو فوائد أخرى والفائدة في المحل الذي يرد عليه طلب المرتشي أو قبوله لها معنى واسع يشمل كل ما يشبع الحاجة والنفس أيا كان اسمها ونوعها وسواء كانت الحاجة مادية أو غير مادية ومع ذلك فان هناك قيود يفرضها المنطق القانوني وتقتضي بها طبائع الأشياء في تحديد تلك الفائدة وهذه الأخيرة لها معنى واسع لتشمل صورا عديدة فقد تكون نقودا أو أوراقا مالية أو سندات أو غيرها أو أشياء أخر له قيمة.
كما تأخذ شكل الحصول على وظيفة أو ترقية للموظف أو غيره أو تأخذ شكل بيع وشراء عقار اقل من ثمنه مثلا وليس هاما أن تكون الرشوة صريحة أو مقنعة ولا اعتداد بالشكل الذي تأخذه وكما يستوي أن تكون فائدة مادية والتي يمكن تقويمها عادة بالمال أو أن تكون الفائدة غير مادية وهي التي لا تقوم بالمال وإنما تكون خدمة يقدمها طالب الحاجة إلى المرتشي مقابل امتناع هذا الأخير عند القيام بعمل من أعمال وقيامه به في غير محله فالفائدة الغير مادية تؤدي هي أيضا إلى العقاب فالموظف يقوم بأداء عمل أو الامتناع عنه مقابل حصوله على مقابل غير مقوم بالمال متمثل في حصوله هو أو أحد أقاربه على وظيفة أو ترقية أو غير ذلك من صور الترقية.
حقيقة الرشوة
تتمثل في الهدف الذي اخذ من اجله المقابل لا في قيمة هذا المال أو تناسبه مع ما قام به الموظف من إخلال أو قيام أو امتناع عن أداء عمل وظيفي تابع له من اجل الحصول على هذا الأخير، فإذا كانت الهدية أو الوعد في نظر الموظف العام المرتشي مقابلا أو سببا في القيام أو الامتناع أو الإخلال بواجباته الوظيفية تحققت جريمة الرشوة مهما صغرت أو انخفضت قيمة الهدية أما إذا كانت الهدية أو الوعد ليست مقابلا أو سببا في قيام المرتشي بالعمل أو الامتناع أو الإخلال انتفت جريمة الرشوة مهما ارتفعت قيمة الهدية أو المقابل.
وعلى هذا الأساس ينتفي مقابل الرشوة إذا كان ما حصل عليه الموظف المرتشي مجرد سداد الدين خال فيشترط إذا أن تكون الفائدة التي يتلقاها الموظف غير مستحقة له والملاحظ هنا انه لا يشترط لتحقيق جريمة الرشوة أن تكون فائدة في ذاتها مشروعة بل تتحقق حتى إذا كانت الفائدة هي ذاتها غير مشروعة كالأشياء المسروقة والشيك بدون رصيد وغيرها. إضافة إلى هذا الحد انه لا يشترط تقديمها إلى المرتشي نفسه بحيث يمكن تقديمها إلى شخص أخر يعينه هو ويستوي كذلك تقديمها لشخص آخر لم يعينه المرتشي وان علم به فيما بعد ولم يعترض عليه وسواء أكانت له مصلحة في ذلك أو لا ولقاضي الموضوع سلطة في ذلك.
لقد وردت الأفعال التي يقوم عليها الركن المادي لهذه الجريمة في قانون العقوبات الجزائري بعبارة هدية أو وعد أو هبة أو أية منافع أخرى (فيعد مرتشيا كل من يطلب أو يقبل هدية أو وعد أو يتلقى هبة أو هدية أو أية منافع أخرى).
المادة 127 من قانون عقوبات جزائري
(…كل مستخدم أو مندوب باجر أو مرتب أو أية صورة كانت طلب أو قبول عطية أو وعد أو طلب أن يتلقى هبة أو هدية أو جعلا وخصما أو مكافأة بطريق مباشر أو عن طريق وسيط…).
فهاتان الفقرتان من المادتين السابقتين الذكر جاءت من السعة والعموم بحيث تضمنت جميع صور الاتجاه والعبث والإهلال بالوظيفة أو بأعمالها أو الشروع في ذلك، فلم يشترط القانون في جريمة الرشوة أن يتسلم الموظف المال أو الوعد أو الهدية بالفعل كما لا يشترط أيضا أن يوجد اتفاق سابق بين الراشي والوسيط والمرتشي فقد جعل القانون من مجرد القبول أو الطلب جريمة تامة لان من يعرض وظيفته لمن يدفع أكثر لا يقل خطورة وإجراما عمن يتم الصفقة بالفعل وفيما يتعلق بالمقابل أو الفائدة محل الرشوة.
والفقه الإسلامي يرى بان الأصوب في زماننا عدم القبول مطلقا لان الهدية تورد إذلال المهدي إليه في ذلك ضرر للقاضي ودخول الفساد عليه وقيل أن الهدية تطفئ نور الحكمة وقد قال أحد الفقهاء الإسلاميين إياك والهدية فإنها ذريعة الرشوة وكان النبي (ص) يقبل الهدية وهذا من خواصه لأنه معصوم مما يتقي على غيره منها ولما رد عمر بن عبد العزيز الهدية قيل له كان الرسول (ص) يقبلها قال (كانت له هدية ولنا رشوة لأنه كان يقترب إليه لنبوته لا لولايته ونحن يقترب لنا للولاية ).
العنصر الثالث : الغرض من نشاط الرشوة :
من استطلاعنا للعناصر السابقة للركن المادي في الرشوة نرى انه لا يكفي لقيامه أن يأخذ موظفا عموميا امن في حكمه فائدة غير مستحقة له أو أن يقبل وعدا بها لنفسه أو لغيره وإنما يلزم ويشترط أن يكون مقابل هذه الفائدة أداء عمل وممكن من الناحية الواقعية فان كان مستحيلا استحالة مطلقة فلا تقوم الجريمة فصاحب الحاجة حين ما قدم المنفعة او وعد بها إنما يستهدف غرضا معينا من الموظف ويتمثل هذا الغرض في قيام الموظف بالعمل الذي له فيه مصلحة، والأصل أن يحدد العمل الوظيفي بشكل عام.
وهو الذي يحدد تفصيلاته بناء على مصلحة صاحب الحاجة هذا ويستوي أن يكون العمل واحدا أو مجموعة الأعمال وان يكون قابلا للتحديد بحيث يكون للموظف سلطة على وظيفته يستطيع بها تحقيق مصلحة صاحب الحاجة فإذا ما انتفت هذه الشروط عن العمل الذي يريده الراشي انتفت بدورها فكرة الرشوة ذاتها لان العمل الذي ينتظره صاحب المصلحة يمثل المحل في الاتفاق.
ويكون إما في صورة أدار العمل أو الامتناع عنه وهي الصورة الأكثر غلبة لتحقيق الغرض من الرشوة، فان كان العمل يباشره الموظف أو يستطيع مباشرته بحكم وظيفته ويدخل في اختصاصه القانوني وسواء أكان هذا العمل حقا أو غير حق، عادلا أم ظالما فهي حالة قيام الموظف بعمل مخالف لواجبات وظيفته إلى الحالة التي ترتكب فيها الرشوة لأداء عمل تفتضيه واجبات الوظيفة.
تتحقق جريمة الرشوة إذا قبل الموظف وعدا من آخر أو أخذ منه هدية أو غيرها
ليقوم له بعمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا، فمثلا يعد مرتشيا ضابط البوليس أو الشرطة الذي يقبل وعدا أو عطاء ليحرر محضر عن جريمة توجب عليه وظيفته تحرير محضر عنها كذلك تتحقق الرشوة إذا قبل الموظف وعدا أو أخذ هدية أو غيرها للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته ولو ظهر له أنه غير حق وظلم.
مثلا كالامتناع عن تحرير محضر من طرف ضابط الشرطة بالإضافة إلى حالة ما إذا شرع الموظف بعمله وتقبل عطاء أو وعدا بالامتناع عن إتمامه وفي هذه الحالة نجد أنه يعفى من جريمة الرشوة وإذا وقع تحت تأثير الإكراه مثلا : إذا دفع الرشوة ليخلص من عمل ظالم قام به الموظف أو شرع في القيام به لا ينبغي بذلك شراء ذمة الموظف و إنما يريد الخلاص من شر محيق به ودفع مضرة لا يبررها القانون.
وفي اغلب الحالات يجتمع الامتناع والإخلال بواجبات الوظيفة
باعتبار أن امتناع الموظف عن عمل تفرضه عليه واجبات وظيفته هو إخلال واضح بها أو في صورة الإخلال بواجبات الوظيفة فأدى الموظف عملا وظيفيا أو امتنع عنه مخالفا بذلك القواعد التنظيمية التي تحكم النشاط الوظيفي وليس لهذا التعبير دلالة خاصة فهو مطلق من التقليد و يتسع مدلوله لا ستعاب كل عبث يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف وكل سلوك أو تصرف ينسب لهذه الأعمال يعد من واجبات أدائها على الوجه السوي.
الذي يكفل لها دائما أن تجري سنن قويمة وقد نص التشريع المصري على الوجه السوي الذي يكفل لها دائما أن تجري على سنن قويمة وقد نص التشريع المصري على أن المخالفة واجبات الوظيفة بعد من صور الرشوة مدلولا عامل وأوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين و اللوائح و التعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها وعليه فهو يشير إلى أمانة الوظيفة بصفة عامة وليس إلى عمل وظيفي محدد في ذاته أو في جنسه هي كذلك واجبات تستلهم من المصلحة العامة التي هي الهدف الوحيد الذي تتجه إليه أعمال الوظيفة وتطبيقا لذلك فإن الرشوة تقوم و يشدد عقابها إذا ما تقاضى الموظف المقابل هذا دون أن تنتفي عن العمل الوظيفي صفة التحديد التي سبق التطرق إليها و التي تطلبها فكرة الرشوة.
وكذلك في صورة يكون العمل متطابقا ومع تلك المقتضيات للوظيفة أو غير متطابق
ويرتكب الرشوة إذا تلقى المقابل كي يقوم بعمل يلزمه به القانون كما يرتكب الرشوة إذا تلقى المقابل كي يمتنع عن عمل يلزمه القانون بالامتناع عنه، فرجل الشرطة يرتكب الرشوة إذا طلب مالا كي يمتنع عن تحرير محضر سواء أكان ثمة موجب أم لا و الملاحظة التي يكمن إضافتها هنا هي الفرق بين عدم الاختصاص وعدم مطابقة العمل للقانون .
فالموظف قد يكون مختصا لكن عمل في حدود اختصاصه غير مطابق للقانون كالقاضي الذي أدان برئ أو برء شخصا لا يستحق ذلك و أهمية هذه التفرقة أن خروج العمل من اختصاص الموظف ينفي أحد أركان الرشوة في حين كونه غير مطابق للقانون لا يفقد الرشوة شيء من أركانها ومنها فغرض الرشوة على درجة من الأهمية لأنه يعتبر عنصرا أساسيا لتقرير وقوعها أو عدم وقوعها فمتى ثبت أن أداء الموظف للعمل أو امتناعه عنه كان نتيجة فائدة حصل عليها فإنه مرتكبا لجريمة الرشوة.
وقد حددت المادة 126 من قانون العقوبات الجزائري
في الفقرات 2-3-4 ، نوع العمل الذي يعتبر عرض للرشوة ويتمثل في :
- إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده
- اتخاذ قرار لصالح أحد الأطراف أو ضده
- التقرير كذبا بوجود أو إخفاء وجود مرض أو عاهة أو حمل أو إعطاء بيانات كاذبة عن مصدر مرض أو عاهة عن سبب الوفاة .
و نجد هذا التحديد لنوع العمل قد أتت به المادة على سبيل المثال لا الحصر، فيجب أخذه بالمدلول الواسع حتى تشمل أي عمل يقوم به الموظف مقابل فائدة غير مستحقة له.
الركن الثالث : الركن المعنوي :
الرشوة جريمة عمدية أو قصدية يتطلب قيامها توفر القصد الجنائي لدى المرتشي. أو ما يطلق عليه الفقهاء أحيانا بالنية الجرمية في الجريمة أو ركن الخطأ القصدي ونظرا لكون جريمة الرشوة. واحد فإن قصد الراشي والرائش يتجه إلى الاشتراك في الجريمة فحسب.
وأيا كانت التسمية للقصد الجنائي فإنه يستبعد نهائيا قيام الرشوة غير القصدية أو الرشوة. عن طرق الخطأ أو الإهمال والقصد الجنائي هو انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها. كما يتطلبها القانون فهو إذن بيت القصيد للمسؤولية الجنائية في هذه الجرائم و يتكون القصد من عناصر تتمثل في العلم و الإرادة.
ويتجسد القصد الجنائي في جريمة الرشوة و يتحقق بتوفر هذين العنصرين. و هما أولا إرادة تحقيق السلوك المادي الذي يتمثل في طلب الموظف أو قبول أو أخذه العطية أو الوعد بها. نظير أداء عمل من أعمال الوظيفة و ثانيا علم الموظف بكافة العناصر الواقعية (أركان الجريمة) التي يشملها النموذج القانوني. للجريمة حسب ما تستخلص من نص التجريم وعلم الجاني بتوفر أركان الجريمة كما يتطلبها القانون.
معناه إدراك الأمور على نحو صحيح مطابق للواقع
حيث يتعين أن يعلم الجاني بأن أركان الواقع الإجرامية متوفرة وأن القانون يعاقب عليها. و لذلك فإن القصد الجنائي ينتفي إذا تخلف عنصر العلم ومما تقدم فالجانب في جريمة الرشوة. عليه أن يعلم بتوافر أركان الجريمة جميعا فيجب أن يعلم الموظف المرتشي بالعناصر الواقعية أو المادية. التي تمنحه في الحقيقة صفة الموظف العام، وبالتالي فالشخص الذي لم يعلم بعد بصدور قرار تعيينه في الوظيفة العامة. وكذلك الموظف الذي يعتقد بأنه عزل من منصبه بقرار مزور.
يعتبر جاهلا بعنصر واقعي يتطلب نص تجريم الرشوة لقيام قصده الجنائي فان طلب مثل هذا الشخص. أو قبل أو حصل على فائدة ما نظير وعد بأداء ما لصاحب مصلحة لا يعد مرتشيا وإن كان من الجائز اعتباره مرتكبا لجريمة الاحتيال فيما لو توفرت شروطها. وبالإضافة إلى العلم بالعناصر الواقعية المكونة لصفة الموظف العام فلا بد من توفر علم هذا الأخير. بأن ما يطلبه أو يقبله أو يأخذه من فائدة أنما لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباته، فعلم الموظف بالارتباط الغائي بين موضوع الرشوة (المقابل) و بين سببها (العمل) . ضروري لقيام قصده الجنائي و إلا تخلفت نيته الإجرامية و انتفى قيام الجريمة قانونا في حقه.
و أمثلة انتفاء العلم بهذه الصلة الغائية متعددة :
فالموظف الذي يقبل هدية لنفسه أو لغيره ضنا منه أنها مرسلة إليه من أحد أقربائه أو أصدقائه ثم يكتشف فيما بعد أن مرسلها. ليس إلا أحد أصحاب المصلحة في أمر يخص عمله الوظيفي لا يمكن اعتباره مرتشيا لانتفاء ركن العلم لديه حتى و لو لم يقم برد الهدية. لان الرشوة كما سوف نرى أنها من الجرائم الوقتية التي يتم فيها تقدير قيان القصد الجنائي لحظة تحقيق السلوك المادي. و هو ما يعرف بمعاصرة القصد لماديات الجريمة كما لا قيام للقصد الجنائي لانتفاء ركن العلم إذا كان ما تلقاه الموظف. من فائدة يعد تنفيذا لعلاقة تعاقدية بين الموظف وصاحب الحاجة كالموظف الذي يحصل أول كل شهر. على قيمة إيجار شقة أو محل من أحد أصحاب المصلحة الوظيفة.
ومع ذلك يجب مراعاة
أن ما يحصل عليه الموظف من صاحب المصلحة بمقتضى علاقة قانونية متينة الصلة بالوظيفة. قد يخفي في طياته رشوة مقنعة كما لو إبتاع الموظف من صاحب المصلحة ملابس أو أية أشياء أخرى بثمن هزلي. أو يستأجر لديه منزلا بقيمة إيجارية بخسة أو الأمر متروك في كافة الأحوال لتقدير قضاة الموضوع .لاستخلاص قيام القصد الجنائي واستجلاء ركن العلم لدى الموظف حسب ما يتضح من الظروف و الملابسات.
إلا أن هذا يكفي لتوافر القصد الجنائي لاكتفاء بالعلم بتوفر أركان الجريمة كما يتطلبه القانون و إن ما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة فإذا إنتفت هذه الإرادة إنعدمت المسؤولية الجنائية وهذا الإنعدام سواء في الجرائم العمدية أم الجرائم الغير العمدية.
فيجب إذا أن تتجه إرادة الموظف إلى الطلب أو القبول وفقا للمعنى الذي سبق تحديده
وعليه لا تقوم جريمة الرشوة إلا إذا علم الموظف بأركانه وتظاهر أنه يريدها. للايقاع بالراشي بناء على ترتيب من جانب السلطات العامة أو من تلقاء نفسه وتطبيقا لذلك لا تتوفر الإرادة.
و تنتفي تبعا لذلك القصد الجنائي لدى الموظف في حين هذا لا يمنع من مسائلة صاحب الحاجة. عن جريمة عرض الرشوة بالإضافة إلى ذلك نجد أن القصد بعناصره السابقة جميعا. يجب أن يكون قائما وقت الطلب و الأخذ أو القبول مثلا كأن يكون الموظف الطالب يستهدف عرضا بريئا. فإذا بمن أجابه إلى طلب طلبه يطمع في مأرب من وراء وظيفته.
أو كان الموظف القابل أو الاخذ واضعا موضع الاعتبار غرضا بريئا فإذا بالغرض الحقيقي للعارض أو المعطي يتكشف. بعد إذن عدم البراءة فيه فإن الرشوة لا تعتبر متحققة مدام القصد الجنائي فيها و هو العلم باستهداف العمل الوظيفي غير متوفر . عند الموظف قبل تمام الركن المادي للجريمة أي قبل أن يصبح الطلب أو القبول أو الاخذ أمرا واقعا و مع التسليم جدلا. بان ثمة إلتزام برد العطية ينشأ بعد اكتشاف الغرض الغير بريء منها و أن ثمة مراعاة الواجب الوظيفي ينشأ في ذمة الموظف. رغم أنه استهلك العطية قبل اكتشاف ذلك الغرض.
فإن عدم الوفاء بهذا الالتزام ليس هو الذي يحقق جريمة الرشوة لأنه ليس الركن المادي المكون لها حسب نموذجها في قاعدة تجريمها فجريمة الرشوة من الإجرام الوقتية كما سبق الذكر ويثار التساؤل في الفقه حول ما إذا كان القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتمثل في مجرد القصد العام لدى الموظف أم لا بد من ضرورة توفر القصد الخاص .
ويرى معظم الفقه قيام القصد الجنائي لدى الموظف
وبالتالي توفر جريمة الرشوة قانونا استنادا إلى محض القصد العام لا الخاص فالموظف يرتكب الجريمة. كما هي واردة في النموذج القانوني بمجرد طلبه أو قبوله أو أخذه فائدة غير مستحقة ولو لم تتوافر لديه نية الاتجار بالوظيفة. بينما نرى جانب فقهي آخر إن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتطلب بالإضافة للقصد العام قصدا خاصا. مضمونة اتجاه نية الموظف الاتجار بأعمال الوظيفة أو إستغلالها فالقانون وفقا لهذا الرأي. لا يعاقب على مجرد تلقي الفائدة لذاته وإنما بإعتباره للعمل الوظيفي.
وبالتالي يخلص هذا الرأى إلى أنه إذا كانت نية الموظف متجهة حين أو وقت تلقي الفائدة إلى القيام بعمل أو الامتناع عن العمل الذي يدخل في دائرة إختصاصه أو يعتقد خطأ بدخوله والذي طلب منه كمقابل للفائدة تحققت لديه نية الاتجار أما إذا كانت نية الموظف متجهة حين تلتقي الفائدة إلى عدم تنفيذ ما طلبه منه عمل وظيفي كمتقابل الفائدة فلا تقوم عنه نية الإتجار.
فجريمة الرشوة إذا من جرائم القصد الخاص
التي يتطلب القانون بشأنها إلى جوار القصد العام نية الإتجار بأعمال الوظيفة. أو نية إستغلالها ويترتب على ذلك عدم قيام الجريمة قانونا إذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة المقدمة إليه. للعبث بأعمال وظيفته بتمكين السلطات من القبض على الراشي لإنتقاء نية الإتجار ونية الإستغلال عنده. و إنتفاء القصد الجنائي وبالتالي والحق فيما يبدوا أن الرشوة من جرائم القصد الخاص أما القصد العام . فلا يكفي وحده اقيام القصد الجنائي لدى الموظف المرتشي.
إذ هو يتمثل فحسب في مجرد توجيه إرادة الفاعل نحو إرتكاب السلوك المادي. مع علمه بالنتيجة المترتبة على هذا السلوك فالقصد العام على هذا النحو لا يكفي لإنعقاد جريمة الرشوة فلا يعتبر مرتشيا الموظف. الذي يطلب أو يقبل أو يأخذ فائدة ما متى كانت هذه الفائدة متينة الصلة بعمله الوظيفي. أي متى إنتفت لديه نية الإتجار بأن كان لا ينوي القيام بالعمل مقابل الرشوة.
المطلب الثاني : في إجرام الرائش و الراشي :
تناولنا في الجزء السالف الجريمة السلبية بمعنى إجرام الموظف المرتشي باعتبار إجرامه. هو الجرم الحقيقي في الرشوة بمعناها الدقيق فالجريمة إنما هي جريمة الموظف بصفة رئيسية باعتبار ما فبها من الأعمال الوظيفية. أما الراشي والرائش فقد يساهم كل منهما في وقوع الرشوة باعتبارهما شركاء فيها. فالرشوة الإيجابية هي التي تقع من صاحب الحاجة سواء في صورة استجابة لطلبات الموظف. أو في صورة التجائه إلى التعدي و التهديد و الوعد أو العطايا أو الهبات و غيرها.
الصفة المفترضة :
لا يشترط القانون في الراشي أن يكون ذا صفة خاصة كما هو الحال عليه بالنسبة للمرتشي. فهو أي إنسان يريد منفعة ما من الموظف ويسعى جاهدا لذلك الغرض بطرق غير مشروعة (الرشوة ). فقد يكون موظفا وقد يكون فردا عاديا ولا يشترط أن يكون الراشي هو صاحب المصلحة. بل يمكن أن تكون زوجته أو إبنه أو حتى شخص آخر، ومنه فالفاعل في هذه الجريمة هو مقدم الرشوة وهي تتحقق رغم عدد تحقق آخر. ومنه فالفاعل في هذه الجريمة هو مقدم الرشوة وهي تتحقق رغم عدد تحقق الوقائع المادية للرشوة السلبية.
والشيء الملاحظ هو أنه
في التشريعات التي تأخذ بنظام وحداوية الرشوة التي ترا في الراشي بأنه مجرد فاعل آخر. ولازم وضروري لقيام الرشوة كجريمة فاعل متعدد وعلى هذا الأساس فإن الراشي. لا يصبح فاعلا اخر في جريمة الرشوة إلا إذا تحققت الوقائع المادية للرشوة اصلا. من جانب الموظف العام وساهم الراشي فيها بفعل مادي وتوفر لديه القصد الجنائي هذه الحالة و حالة أخرى لا تقوم فيها الجريمة. من جانب الموظف وإنما من جانب صاحب الحاجة في صورة عرضه الرشوة على الموظف ولم يستجب له وهي تعرف بجريمة العرض الحائب للرشوة. ولقد إعتبر المشرع الجزائري الرشوة الإيجابية جريمة خاصة ومستقلة عن جريمة الموظف.
أما الرائش والذي كما قلنا الشخص الذي يتوسط المرتشي و الرائش
الذي أصبح دوره في الحياة العملية خطرا جدا لما له من تأثير مباشر. على عقد صفقات الرشوة وتقريب وجهات النظر بين الجنات كما وقد يتخذه الموظف العام ستارا له. يتعامل باسمه ولحسابه مع الراشين وعليه وطبقا للمبادئ العامة والإجتهادات الفقهية. يعتبر الوسيط شريكا لمن تعامل معه فهو شريك للمرتشي إذا تعامل معه وشريك للراشي إذا إقتصر تعامله معه.
فالرائش أو الوسيط هو كذلك لا يشترط فيه أي صفة خاصة فهو واحد من الناس يقوم بالتوسيط بين الموظف وصاحب الحاجة أو يعمل لحساب أحدهما إلا أنه أو القيام بفعل معنوي كتقريب وجهات النظر بينهما والقانون اللبناني نجد أنه المتدخل فيه يخضع للقواعد العامة حسب المادة 226 من القانون اللبناني.
المبحث الثالث : عقوبات جريمة الرشوة في قانون العقوبات الجزائري
لقد أخذ المشرع الجزائري بنظام ثنائية الرشوة على غرار القانون الفرنسي. باعتباره مصدرا تاريخيا له فقد حافظ على نفس الترتيب ونفس المحتوى أو مضمون المواد بل نجده أحيانا يقرر نفس العقوبة. المماثلة للمواد المنصوص عليها في قانون الفرنسي.
ولم يغير المشرع الجزائري منذ صدوره للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08 يونيو 1966والمتضمن قانون العقوبات. الجزائري الأحكام الواردة في المواد 126- 134ع جزائري والمتعلقة بعقوبة الرشوة في حين قام بتعديلات هامة. والمشرع الجزائري قد اصطلح على تسمية الجريمة الأولى السلبية. بالرشوة السلبية من جانب الموظف العام ومن في حكمه.
وأما الثانية ايجابية من جانب صاحب المصلحة
وقد اصطلح على تسميتها الرشوة الايجابية حيث أن الجريمتان مستقلتان عن بعضهما. في التجريم والعقاب اذ لا يعتبر سلوك الراشي اشتراكا في جريمة المرتشي وانما سلوك كل منهما مستقل في جريمته .
بحيث يتصور أن يكون لكل من الراشي والمرتشي شركاء في جريمته غير شركاء الآخر. كما يتصور كذلك أن تتوافر احدى الجريمتين دون الأخرى أو أن يكون لكل منهما صور شروع خاصة بها.
المطلب الأول : عقوبة الرشوة السلبية
بادئ بدء يجب علينا ملاحظة أن الشريعة الاسلامية تعتبر الرشوة من جرائم القزيز . وهي الجرائم التي لم يقرر لها الاسلام عقوبات مقدرة ومحددة كالحد والقصاص. بل يترك تقدير عقوبتها لولي الأمر أو القاضي المجتهد . يتقرر في شأنها عقوبة جنايات أو جنح أو مخالفات وذلك حسب كل زمان ومكان وحسب تغير وتبدل مصالح الناس وأحكامهم التي يسيرون عليها فيضع لها العقوبة المناسبة والرادعة . أما المشرع الجزائري فقد قسم العقوبات على جريمة الرشوة الى أصلية وتكميلية دون الاخلال بالعقوبات التأديبية التي توقع على الموطن في قطاع وظيفته .
الفرع الأول : العقوبات الأصلية
اذا ارتكب الموظف العام أم من في حكمه المذكورين في م 126 قانون العقوبات. جريمة الرشوة مستكملة لبنياتها القانوني على النحو الذي أوضحناه في ما سلف .
كل مستحق للعقوبة الأصلية التي قررتهعا المادة نفسها والمتمثلة. في الحبس من نستين الى عشر سنوات .
ونلاحظ أنم هذه العقوبة تفوق العقوبة التي قررها المشرع اللبناني. والمقدرة بالحبس من ثلاث أشهر الى ثلاث سنوات.
كما أنها تقل عن العقوبة التي قررها المشرع المصري والمتمثلة في الأشغال الشاقة المؤبدة. وتتساوى مع العقوبة المقررة في التنشريع الفرنسي .
1-تشديد العقوبة الأصلية
تشدد عقوبة الرشوة في ق العقوبات الجزائري بالنظر الى صفة الجاني أو الغرض من الرشوة. أو نتيجتها التشديد اذا كان الجاني قاضيا أو كاتب ضبط. فنظرا لخطورة دور القاضي شدد قانون العقوبات. العقوبة في م 126 مكرر 1 والمضافة بموجب القانون رقم 90-15 المؤرخ في 14 يوليو 1990 .
فهنا يعاقب القاضي بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 20 سنة وغرامة من 3000 الى 30.000 أما. اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط فيعاقب بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 10 سنوات. وغرامة من 3000 الى 30.000 م 126 مكرر 2.
أما في حالة ما اذا كان غرض الرشوة ارتكاب جناية
فقد نصت م 130 ق ع على أنه في حالة ما اذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو أداء فعل بصفة. القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على مرتكب الرشوة أو لاستغلال النفوذ.
واذا ارتكب موظف جريمة رشوة من أجل ارتكاب الجناية التي يعاقب عليها م 61 ق ع بالاعدام فتكون العقوبة الاعدام هذه هي التي تطبق على هذا الموظف. أما اذا ترتب على الرشوة الحكم بعقوبة جناية فقرر المشرع في م 131 من ق ع تشديد العقوبة على القاضي أو العضو المحلف أو عضوان. لهيئة قضائية الذي يرتكب جريمة الرشوة ويترتب على ذلك الحكم بعقوبة جناية ضد أحد المتهمين فيطبق العقوبة .المقررة لهذه الجناية على مرتكب الرشوة.
2-تخفيف العقوبة
لا تطبق العقوبة الأصلية المقررة على الموظف العام أو من في حكمه على مرتكب الرشوة. في القطاع الخاص وذلك لأن الرشوة في هذا القطاع نقل خطورة عن الرشوة في القطاع العام. فقرر لها المشرع في م 127 عقوبة الحبس من سنة الى 5 سنوات.
الفرع الثاني : العقوبات التكميلية :
الى جانب العقوبة الأصلية قرر المشرع عقوبات تكميلية هي الغرامة. والمصادرة والحرمان من الحقوق الوطنية.
1-الغرامة :
الغرامة عقوبة تكميلية وجوبية يقضي بها في جميع الأحوال ولهذه الغرامة. كما تقتضي م 126 من ق ع حد أدنى ثابت خمسمائة (500) دينار جزائري أيضا يقدر بـ خمسة آلاف (5000 ) دينار جزائري. وتطبق هذه الغرامة أيضا على المرتشي من القطاع الخاص . أما عن تشديد عقوبة الغرامة فحسب نص م 126 مكرر ا ق عقوبات تشدد الغرامة لتصبح 5000 دج .كحد أدنى و خمسون ألف (50.000) دينار جزائري كحد أقصىاذا كان مرتكب الرشوة قاضيا .
كما تشدد الغرامة لتصل الى قيمة ثلاثة آلاف 3000 دج كحد أدنى وثلاثون ألف 30.000 دج كحد أقصى. اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط. والملاحظة أن تشديد الغرامة متعلق بصفة الجاني وخطورة المهام المناطة. بكل من القاضي وكاتب الضبط وحسن فعل المشرع الجزائري رغم أن مقدار الغرامة المشدد لم يفرق بعد الى الحد الذي يردع المرتشين.
2-المصادرة :
وهي عقوبة تكميلية يجب على القاضي الحكم بها في جميع الأحوال. وتنص م 133 عقوبات بأنه << لا يقضي مطلقا بأن ترد الى الراشي الأشياء التي يسلمها أو تؤدي له قيمتها بل يجب أن يقضي. في الحكم بمصادرتها وباعتبارها حقا مكتسبا للخزينة >>.
وتقع المصادرة كعقوبة تكميلية على ما دفعه الراشي أو الوسيط الى المرتشي. من فائدة مادية تقبل الحكم بمصادرتها كالنقود أو المجوهرات أو غير ذلك.
وبصفة عامة تشتمل المصادرة كافة صور الأموال << أيا كان نوعها أو طبيعتها >> التي يكون الراشي قد سلمها الى المرتشي يسوي في ذلك أن يكون التسليم قد تم للموظف المرتشي نفسه. أم شخص آخر عينه لذلك أو اذا كان التسليم قد تم حقيقة أم بصورة رمزية , وجاء على ذلك فلا محل للمصادرة .
في الأحوال التالية :
- اذا كانت الرشوة محض فائدة يصعب تقويمها بالمال أو اذا كانت. ذات طبيعة مادية لكنها استهلكت أو هلكت.
- لا محل للمصادرة منطقا ان لم يكن ثمة شيء الى الموظف . كقبول الأخير بوعد عطية أو طلبه شيئا كذلك.
- لا مجال للمصادرة اذا كان الحكم بها يشكل اخلالا محقوق الغيرب حسني النية .
كأن يكون موضوع الرشوة سيارة مسروقة قدمت الى المراشي لا تصح مصادرتها .
بل يكون لمالكها حق استرادها حتى اعتبر من قبيل الغير حسن النية .
وهو يكون كذلك حتى كان أجنبيا عن مشروع الرشوة ولم يساهم فيه .
3-الحرمان من الحقوق الوطنية :
تنص المادة 134 عقوبات على أنه في حالة التي يقضي فيها بعقوبة جنحة فقط. بمقتضى احدى مواد هذا القسم فانه يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق. الواردة في م 14 من هذا القانون لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر.
فعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية في جريمة الرشوة هي عقوبة تكميلية. لعقوبة أصلية هي عقوبة الجنحة فقط فلا يمكن تطبيقها في الحالات التي يقضي فيها بعقوبة جناية.
واذا عدنا للمادة 14 نجدها تنص على أنه يجوز للمحكمة عند قضائها في الجنحة. وفي الحالات التي يحددها القانون أن تخطر على المحكوم عليه ممارسة حق أو أكثر من الحقوق. المشار اليها في م 08 لمدة لا تتجاوز 5 سنوات.
فالمادة 14 تحيلنا الى م 08 والتي تنص على أن :
الحرمان من الحقوق الوطنية ينحصر في : عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية. في الحزب حق الانتخابات والترشيح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية وفق حمل أي وسام.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة الايجابية
تنص م 129 عقوبات على أنه كل من يلجأ الى التعدي أو التهديد أو الى الوعد أو العطايا أو الهبات أو الهديا ...يعاقب بذات العقوبات المقررة في تلك المواد ضد المرتشي. المشرع الجزائري اذا قرر الرشوة الايجابية نفس العقوبة التي قررها للرشوة السلبية. لهذا سوف تتم الاشارة الى العقوبة بايجاز لسبق تناولها في جريمة الرشوة السلبية .
الفرع الأول : العقوبة الأصلية
اذا ارتكب صاحب المصلحة أو الراشي جريمة الرشوة الايجابية مستكملة لأركانها على النحو الذي أوضحناه سلفا . كان مستحقا للعقوبة الأصلية التي أشارت اليها م 129 عقوبات والتي هي عقوبة المرتشي نفسها .
وبالرجوع الى عقوبة المرتشي نفسها و وبالرجوع الى عقوبة المرتشي الأصلية. نجد م 126 تنص على أنها الحبس من سنتين الى عشر سنوات.
1- تشديد العقوبة الأصلية
تشدد العقوبة الأصلية للرشوة الايجابية للأسباب نفسها التي تشدد. بها العقوبة الأصلية للرشوة السلبية وهي :
أولا : اذا كان الراشي
قبل أو هدف الى رشوة قاضي أو كاتب ضبط فيعاقب بنفس العقوبة المقررة على القاضي المرتشي. وكاتب الضبط المرتشي بموجب م 126 مكرر وهي السجن من خمس سنوات الى عشرين سنة. اذا كان من عرضت عليه الرشوة أو من قبل الراشي عرضة للرشوة قاضيا أما اذا كان كاتب الضبط . فيعاقب الراشي بالسجن من خمس سنوات الى عشر سنوات.
ثانيا : اذا كان الغرض من الرشوة
هو أداء فعل بصيغة القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية. هي التي تطبق على الراشي وهذا ما قضت به م 130 ق ع .
ثالثا : اذا ترتب على الرشوة
القاضي أو العضو المحلف أو عضو هيئة قضائية صدور حكم بعقوبة جناية هذا أحد المتهمين. فان هذه العقوبة تطبق على الراشي أنظر م 131ق ع.
2- تخفيف العقوبة الأصلية
اذا هدف الراشي الى رشوة عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو راتب أو قبل عرض هذا الأخير. برشوة يعاقب بذات العقوبة على المرتشي وهي الحبس من سنة الى خمس سنوات .
الفرغ الثاني : العقوبات التكميلية :
هي ذاتها المطبقة على المرتشي وهي الغرامة والمصادرة الا أن العقوبة التأديبية. التي يتعرض لها الموظف المرتشي أو من قطاع عمله لا تلحق الراشي.
أ-الغرامة :
اذا كان المرتشي او من قبل الراشي عرضه للرشوة من الاشخاص المذكورين بالمادة 126 كانت المقدرة. على الراشي تتراوح بين خمسمائة 500 دينار جزائري و خمسة الاف 5000 دج .
تشديد عقوبة الغرامة : تشدد الغرامة لتصل الى خمسة الاف 5000 دينارج لحد ادنى و خمسين الاف 50000 دينار جزائري. لحد اقصى اذا كان من عرضت عليه الرشوة او من قبل الراشي عرضه للرشوة اعتبر من قبيل الغير حسن النية.
و هو يكون كذلك حتى قاضيا . واذا كان كاتب ضبط تشدد العقوبة ايضا لتصل الى قيمة ثلاث الاف 3000دج لحد اقصى.
ب-المصادرة :
نصت م 133 من ق العقوبات : لا يقضي مطلقا بان ترد الى الراشي الاشياء التي سلمها او تؤدى لها قيمتها بل يجب ان يقضى في الحكم بمصادرتها و اعتبارها حقا مكتسبا للخزينة. و ينطبق على المصادرة هنا ما قيل عنها عند الحديث عن عقوبة المرتشي .
ج-الحرمان من الحقوق الوطنية :
تنص م 134 ق ع في الحالة التي يقضي فيها بعقوبة جنحة فقط لمقتضى احدى مواد هاذا القسم. فانه يجوز علاوة على ذلك ان يحكم على الجاني بالحرمان من حق او اكثر من الحقوق الواردة في م 14من هاذا القانون. لمدة سنة على الاقل و خمس سنوات على الاكثر و يطبق في هاذا الشان ما قيل عن المرتشي .
المطلب الثالث : العقوبات التاديبية :
جريمة الرشوة هي جريمة جنائية و جريمة تاديبية في الوقت نفسه فقد نص عليها ق العقوبات. كما انها تمثل اخلالا بواجبات الوظيفة وينطوي عليه من سلوك مخالف للفعاليات الواجب مراعاتها .
وما تجدر الاشارة اليه ان الجرائم التاديبية لا يمكن حصرها. و تحديدها لكن لها ركنان سنلاحظ انهما ينطبقان على جريمة الرشوة
الركن المادي :
و يظهر في العمل الذي يرتكبه الموظف او الامتناع من جانبه عن اداء العمل الذي يدخل في اطار وظيفته و يجب ان يكون لهاذا السلوك. ظاهر ملموس لا مجرد تفكير و النوايا و الملاحظ ان هاذا الركن ينطبق على الركن المادي لجريمة الرشوة.
الركن المعنوي :
و يتمثل الادارة الائمة و ادراك الخطا او المخالفة و القصد بين (التعمد في احداث الفعل )و هو قصد عام. فيكفي ان يتم العمل الموجب للمسؤولية عن ادارة واعية يصرف النظر عما اذ كان الفاعل قد قصد ما ترتب على هذا العمل. من نتائج و بصرف النظر عما اذا كانت نيته اتجهت الي الاضرار والاساءة و هذا ينطبق على جريمة الرشوة .
العقوبة التاديبية :
لقد حصر المشرع الاداري العقوبات التاديبية و ترك السلطة المختصة لتوقيع الجزاء تقدير. ملائمة الجزاء المناسب على الفعل المكون للجريمة التأديبية و هذه العقوبات :
1- عقوبات من الدرجة الأولى :
كالانذار والتوبيخ.
2-عقوبات من الدرجة الثانية :
الشطب من قائمة الترقية , التنزيل من درجة الى ثلاث درجات النقل التلقائي. التنزيل في الرتبة الاحالة على التقاعد تلقائيا , العزل دون الغاء الحقوق في المعاش.
عقوبات الدرجة الأولى يتم اتخاذها بموجب قرار مسبب دون استشارة اللجنة متساوية الأعضاء. وعقوبات الدرجة الثانية : تتخذ بموجب قرار مسبب بعد أخذ اللجنة المذكورة .
أما العزل فلا يمكن أن يقرر البناء على رأي موافق من تلك اللجنة أي أن العزل. لا يتم الا اذا وافقت اللجنة متساوية الأعضاء عليه فاذا رفضت فلا يجوز عزل الموظف .
وقد أصدر الوزير المشرف على ادارة الوظيفة العامة
وزير الداخلية – القرار رقم 08 لسنة 1969 الصادر في 01 مايو 1969 تضمن بعض الأفعال التي ارتكبها الموظف لسلطته . اختلاس الأموال العامة , القيام بأعمال تجارية غير مشروعة . التزوير في الأوراق الرسمية الاحصول على الرشوة و أي فعل يكون جريمة جنائية بمفهوم قانون العقوبات.
فاذا كان الفعل الذي أوقف الموظف من أجله يكون جريمة جنائية تمتد مدة الوقف. الى أن يفصل القضاء في الموضوع. فاذا فصل بادانة الموظف بهذه الجريمة يتم عزله نهائيا عن العمل.
المطلب الرابع : عقوبة رشوة الوسيط و المستفيد
لم يخصص لها نصا ضمن أحكام الرشوة المصورة في م (126-134 ق ع ج) فجريمة الرشوة. تتحقق أيضا عن طريق أطراف أخرى الى جانب الراشي والمرتشي كالوسيط الذي يلعب. دور الرسول لأحد الأطراف أو للطرفين الاثنين معا.
من أجل تقريب وجهات نظر كل من الراشي والمرتشي فيقوم بهذا الدور. مقابل منفعة أو خدمة أو عمولة يتقاضاها باتفاق من يخدم مصلحته.
الفرع الأول : دفتر الشروط :
يعد الوسيط رسولا في جريمة الرشوة فيتدخل اما لصالح المرتشي أو الراشي. أو كلاهما معا ويطلق عليه لفظ " الرائش " أحيانا.
وقد ورد اسم الوسيط عرضا في م 127 مما يحملنا التساؤل :
جعل أغفل قانون العقوبات جريمة الوسيط في الرشوة ؟
علما أن دور الوسيط في الحياة العملية أصبح اليوم خطيرا جدا. لما له من تأثير مباشر على عقد صفقات الرشوة. وتقريب وجهات النظر بين الجناة كما وقد يتخذه الموظف العام. ستارا له يتعامل باسمه ولحسابه مع الراشين فاذا لم تسعفنا النصوص بهذا الشأن ولابد من تطبيق المبادئ العامة. فطبقا للمبادئ العامة والاجتهادات الفقهية يعتبر الوسيط شريكا لمن تعامل مع . فهو شريك للمرتشي اذا كان تعامله مع الراشي .
ولقد أحسن صنعا في ذلك اذ أن الوسيط
في الواقع ليس من عمل مستقل فهو شريك لمن كلفه بالوساطة. وبالتالي يخضع لأحكام الاشتراك طبقا للمادة 42 ع ج و 127 ع ج .
وفي نفس الوقت تطبيق لمسلك المشرع فيما يتعلق بالاشتراك كاحدى النتائج. المترتبة عن عدم أخذه بنظرية استعارة التجريم , فدور الوسيط في الواقع هو القيام بدور المساعدة أو المعاونة لأحد أطراف الجريمة. سواء كان الراشي أو المرتشي وبمعنى آخر يعد شريك بالمساعدة.
وقد عرفت الفقرة الثالثة من المادة 42 ع ج الشريك بالمساعدة بأنه كل من ساعد بكافة الطرق أو عاون أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية او المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك. ولم تحدد الفقرة الثالثة من م المذكورة طرق المساعدة وهذا يعني أنا تقع بأية طريقة من طرف المساعدة أو المعاونة.
ويترتب على ذلك ليصح تجريم الوسيط بعقوبة الرشوة أن يقوم :
بفعل ايجابي يتمثل في العمل على التوفيق بين الطرفين بغرض تنفيذ الرشوة. ويثور التساؤل حول ما اذا كان الوسيط رسولا صاحب الحاجة الى الموظف عارضا عليه العطية أو الهبة أو الهدية أو أية منفعة أخرى. ورفض الموظف هذا العرض بعد عملية التبليغ فما هو الأساس الذي بموجبه يتحدد به عقاب الوسيط في هذه الحالة ؟
لقد اختلفت وجهات نظر الفقهاء نظر الفقهاء في ذلك. وانقسموا الى قسمين فالبعض يعتبره فاعلا أصليا .
والبعض الآخر يرى أنه ماهو الا شريك بالمساعدة.
و أساس الاختلاف يمكن من حيث أن الوسيط لا يمكن. القول بأنه فاعل أصلي استنادا الى حجتين اثنين هما :
أ- أن جريمة الرشوة لم تقم في الوجود برفض الموظف قبول الهدية أو الهبة ...الخ.
ب-لايمكن القول بأنه فاعل أصلي في جريمة تحريض موظف على الرشوة لأن الفعل الوحيد المكون للجريمة. وهو عرض أو اعطاء الهدية أو العطية صدر من الراشي وانحصر دور الوسيط في تبليغ هذا العرض فحسب. وتأسيسا على ذلك اعتبر البعض عمل الوسيط اشتراكا في الجريمة بالمساعدة. ومن ثم يتعين عقابه وفقا للقواعد العامة في الاشتراك.
في حين اعتبر البعض الآخر عمل الوسيط فاعلا أصليا في هذه الحالة وتثور هذه المسألة في ظل قانون العقوبات الجزائري بصورة خاصة نظر المضمون م 42 فقرة 2 التي تقتصر على أن الشروع في الاشتراك معاقب عليه في حالة التحريض فقط دون الصور الأخرى بمعنى دون الاشتراك الوارد في الفقرة الثانية من م 42 ع ج ولم ينشأ المشرع الجزائري أن يفرق أثناء تقريره للعقوبة المقررة للوسيط ما اذا كان وسيط للمرتشي أو للراشي.
اذ أحال م 129 ع ج والمتعلقة بالرشوة الايجابية الى العقوبة الواردة في م 126 ع ج
لكن تختلف العقوبة المقررة للوسيط في جريمة الرشوة ما اذا كان توسط في رشوة. ضمن نطاق الوظيفة العامة أو ضمن نطاق الرشوة في القطاع الخاص .
ففي الحالة الأخيرة يعاقب بعقوبة جنحة مخففة (بخلاف الأولى ) وهي الحبس من سنة الى 5 سنوات وبغرامة من 500 الى 50.000دج . هذا فضلا عن عقةوبة المصادرة التي يجب الحكم بها طبقا للمادة 132 وبعقوبة تكميلية تتمثل بحرمانه من أحد الحقوق الواردة في م 14ع ج طبقا لنص م 134 ع ج.
الفرع الثاني : رشوة المستفيد :
جاء ق العقوبات الجزائري من النص على جريمة المستفيد من الرشوة على غرار جريمة الوسيط. ويستفاد من ذلك ان المشرع ترك أمر إجرامه الى القواعد العامة ويعد المستفيد. طبقا للقواعد العامة شريكا بالمساعدة أو المعاونة طبقا لنص فقرة 2 من م 42 ق ع .
وقد سبق أن أوضحنا قصور المادة 46 ع ج والى ما انتهينا اليه من تحليل فقرة 2 من م 42 ع ج . بأن الشروع في الاشتراك معاقب عليه الى جانب الشروع في التحريض الذي نص عليه قانون العقوبات صراحة.
ويتحقق الركن المادي في هذه الجريمة بمجرد أخذ الفائدة أو الدية التي قدمها الراشي اليه. بحيث يستوي أن يكون المرتشي قد عين المستفيد باتفاق مع الراشي , وهي الصورة الغالية عملا.
وتحقق جريمة رشوة المستفيد
دون الموظف كأخذ زوجة الموظف الفائدة وهو يجهل فعل زوجته أو يعلم به ولكنه لا يقره .
فان تلقت الزوجة الهدية عالمة بسببها ولم تخبر زوجها بذلك أو أخبرته فلم يوافق على تصرفها . فتعاقب الزوجة وحدها بعقوبة الرشوة في هذه الحالة في حين لا يعاقب زوجها لأنه لم يصدر منه أو يقع فعل الارتشاء. فلا يسند اليه أي تصرف اجرامي وعليه يمكن تصور قيام اجرام المستفيد مستقلا بمجرد تسلمه العطية أو الفائدة من الراشي مع علمه بالسبب.
ويتعين لقيام جريمة المستفيد توافر القصد الجنائي لديه. والقصد المطلوب هو القصد العام بحيث يكون المستفيد قد أخذ الفائدة عالما بالسبب الذي من أجله بذلت وهو شراء ذمة الأشخاص. الواردين في م 126 ع ج ومن في حكمهم على الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة.
وان اثبات هذا القصد مسألة موضوعية
متعلقة بالوقائع فان جهل المستفيد بالسبب الذي من أجله قدمت له الفائدة. أو العطية فلا يعاقب لو عوقب الموظف اذا كانت جميع أركان جريمته متوافرة. ونفس العقوبة المقررة للوسيط هي ذاتها مقررة له طبقا لنص م 44 ع ج فضلا عن المصادرة أن كان محل لذلك م 133 ع ج. والحرمان من التمتع بحق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 14 عملا بالمادة 134 ع ج.
خاتمة :
هناك عدة عوامل في جميع التشريعات علي اختلافها الجذري و النوعي ساعدت على انتشار الرشوة. بين الموظفين و من في حكمهم فالجانب الاقتصادي يلعب دورا رئيسيا في هذا الموضوع. ذلك أن ارتفاع تكاليف المعيشة و اضطرابه بالمقارنة. مع عدم زيادة أو تجميد مرتبات الموظفين أو أجور المستخدمين من العوامل الأساسية التي يلجا إليها هؤلاء إلى طلب أو أخذ الرشوة.
لكن هذا لا يعني أن أصحاب الدخول المحدودة هم أكثر الفئات التي ترتشي بل العكس صحيح على ما نعتقد في معظم الحالات و هو العامل النفسي كالطمع و حب المال. و تعتبر البيروقراطية و الروتين الإداري من الحوافز المشجعة التي تساعد على انتشار الرشوة . حيث يضفي عليها البيروقراطي صفة المشروعية .
إن تشديد و قسوة العقاب لمحاربة الرشوة لا يحد من انتشارها. بل الأمر لا يعدو عن كونه مسألة تنظيمية و اقتصادية و أخلاقية. تتطلب سياسة وقائية جماعية و عالمية أكثر للقضاء عليها.
المراجع :
- عبد الله سليمان، دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص- ط 2 سنة 1989 ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر.
- محمد صبحي نجم ، شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص سنة 2000.
- زكي أبو عامر و د. سليمان عبد المنعم ، قانون العقوبات القسم الخاص ط2 سنة 1999.
- أنور العمروسي و أمجد العمروسي ، جرائم الأموال العامة و جرائم الرشوة.
- اسحاق ابراهيم منصور، ممارسة السلطة و آثارها في قانون العقوبات.
- محمد زكي أبو عامر، د- عبد المنعم سليمان، قانون العقوبات الخاص.
- مذكرة تخرج الرشوة في القانون الجزائري، بن عائشة يسمينة، جامعة باتنة معهد الحقوق.