-
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام :
12-06-2021
رقم العضوية :
28091
المشاركات :
50
الجنس :
قوة السمعة :
10
-
المطلب الرابع : عقوبة رشوة الوسيط و المستفيد.
لم يخصص لها نصا ضمن أحكام الرشوة المصورة في م (126-134 ق ع ج) فجريمة الرشوة تتحقق أيضا عن طريق أطراف أخرى الى جانب الراشي والمرتشي كالوسيط الذي يلعب دور الرسول لأحد الأطراف أو للطرفين الاثنين معا. من أجل تقريب وجهات نظر كل من الراشي والمرتشي فيقوم بهذا الدور مقابل منفعة أو خدمة أو عمولة يتقاضاها باتفاق من يخدم مصلحته.
الفرع الأول : دفتر الشروط :
يعد الوسيط رسولا في جريمة الرشوة فيتدخل اما لصالح المرتشي أو الراشي أو كلاهما معا ويطلق عليه لفظ " الرائش " أحيانا.
وقد ورد اسم الوسيط عرضا في م 127 مما يحملنا التساؤل : جعل أغفل قانون العقوبات جريمة الوسيط في الرشوة ؟ علما أن دور الوسيط في الحياة في الحياة العملية أصبح اليوم خطيرا جدا لما له من تأثير مباشر على عقد صفقات الرشوة وتقريب وجهات النظر بين الجناة كما وقد يتخذه الموظف العام ستارا له يتعامل باسمه ولحسابه مع الراشين فاذا لم تسعفنا النصوص بهذا الشأن ولابد من تطبيق المبادئ العامة.
فطبقا للمبادئ العامة والاجتهادات الفقهية يعتبر الوسيط شريكا لمن تعامل مع , فهو شريك للمرتشي اذا كان تعامله مع الراشي .
ولقد أحسن صنعا في ذلك اذ أن الوسيط في الواقع ليس من عمل مستقل فهو شريك لمن كلفه بالوساطة وبالتالي يخضع لأحكام الاشتراك طبقا للمادة 42 ع ج و 127 ع ج . وفي نفس الوقت تطبيق لمسلك المشرع فيما يتعلق بالاشتراك كاحدى النتائج المترتبة عن عدم أخذه بنظرية استعارة التجريم , فدور الوسيط في الواقع هو القيام بدور المساعدة أو المعاونة لأحد أطراف الجريمة سواء كان الراشي أو المرتشي وبمعنى آخر يعد شريك بالمساعدة.
وقد عرفت الفقرة الثالثة من المادة 42 ع ج الشريك بالمساعدة بأنه كل من ساعد بكافة الطرق أو عاون أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية او المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك.
ولم تحدد الفقرة الثالثة من م المذكورة طرق المساعدة وهذا يعني أنا تقع بأية طريقة من طرف المساعدة أو المعاونة.
ويترتب على ذلك ليصح تجريم الوسيط بعقوبة الرشوة أن يقوم : بفعل ايجابي يتمثل في العمل على التوفيق بين الطرفين بغرض تنفيذ الرشوة.
ويثور التساؤل حول ما اذا كان الوسيط رسولا صاحب الحاجة الى الموظف عارضا عليه العطية أو الهبة أو الهدية أو أية منفعة أخرى ورفض الموظف هذا العرض بعد عملية التبليغ فما هو الأساس الذي بموجبه يتحدد به عقاب الوسيط في هذه الحالة ؟
لقد اختلفت وجهات نظر الفقهاء نظر الفقهاء في ذلك وانقسموا الى قسمين فالبعض يعتبره فاعلا أصليا . والبعض الآخر يرى أنه ماهو الا شريك بالمساعدة . وأساس الاختلاف يمكن من حيث أن الوسيط لا يمكن القول بأنه فاعل أصلي استنادا الى حجتين اثنين هما :
أ-أن جريمة الرشوة لم تقم في الوجود برفض الموظف قبول الهدية أو الهبة ...الخ.
ب-لايمكن القول بأنه فاعل أصلي في جريمة تحريض موظف على الرشوة لأن الفعل الوحيد المكون للجريمة وهو عرض أو اعطاء الهدية أو العطية صدر من الراشي وانحصر دور الوسيط في تبليغ هذا العرض فحسب.
وتأسيسا على ذلك اعتبر البعض عمل الوسيط اشتراكا في الجريمة بالمساعدة ومن ثم يتعين عقابه وفقا للقواعد العامة في الاشتراك . في حين اعتبر البعض الآخر عمل الوسيط فاعلا أصليا في هذه الحالة وتثور هذه المسألة في ظل قانون العقوبات الجزائري بصورة خاصة نظر المضمون م 42/2 التي تقتصر على أن الشروع في الاشتراك معاقب عليه في حالة التحريض فقط دون الصور الأخرى بمعنى دون الاشتراك الوارد في الفقرة الثانية من م 42 ع ج
ولم ينشأ المشرع الجزائري أن يفرق أثناء تقريره للعقوبة المقررة للوسيط ما اذا كان وسيط للمرتشي أو للراشي . اذ أحال م 129 ع ج والمتعلقة بالرشوة الايجابية الى العقوبة الواردة في م 126 ع ج
لكن تختلف العقوبة المقررة للوسيط في جريمة الرشوة ما اذا كان توسط في رشوة ضمن نطاق الوظيفة العامة أو ضمن نطاق الرشوة في القطاع الخاص . ففي الحالة الأخيرة يعاقب بعقوبة جنحة مخففة (بخلاف الأولى ) وهي الحبس من سنة الى 5 سنوات وبغرامة من 500 الى 50.000دج هذا فضلا عن عقةوبة المصادرة التي يجب الحكم بها طبقا للمادة 132 وبعقوبة تكميلية تتمثل بحرمانه من أحد الحقوق الواردة في م14ع ج طبقا لنص م 134 ع ج.
الفرع الثاني : رشوة المستفيد :
جاء ق العقوبات الجزائري من النص على جريمة المستفيد من الرشوة على غرار جريمة الوسيط ويستفاد من ذلك ان المشرع ترك أمر إجرامه الى القواعد العامة ويعد المستفيد طبقا للقواعد العامة شريكا بالمساعدة أو المعاونة طبقا لنص فقرة 2 من م 42 ق ع . وقد سبق أن أوضحنا قصور المادة 46 ع ج والى ما انتهينا اليه من تحليل فقرة 2 من م 42 ع ج , بأن الشروع في الاشتراك معاقب عليه الى جانب الشروع في التحريض الذي نص عليه قانون العقوبات صراحة.
ويتحقق الركن المادي في هذه الجريمة بمجرد أخذ الفائدة أو الدية التي قدمها الراشي اليه بحيث يستوي أن يكون المرتشي قد عين المستفيد باتفاق مع الراشي , وهي الصورة الغالية عملا.
وتحقق جريمة رشوة المستفيد دون الموظف كأخذ زوجة الموظف الفائدة وهو يجهل فعل زوجته أو يعلم به ولكنه لا يقره . فان تلقت الزوجة الهدية عالمة بسببها ولم تخبر زوجها بذلك أو أخبرته فلم يوافق على تصرفها . فتعاقب الزوجة وحدها بعقوبة الرشوة في هذه الحالة في حين لا يعاقب زوجها لأنه لم يصدر منه أو يقع فعل الارتشاء فلا يسند اليه أي تصرف اجرامي وعليه يمكن تصور قيام اجرام المستفيد مستقلا بمجرد تسلمه العطية أو الفائدة من الراشي مع علمه بالسبب.
ويتعين لقيام جريمة المستفيد توافر القصد الجنائي لديه .
والقصد المطلوب هو القصد العام بحيث يكون المستفيد قد أخذ الفائدة عالما بالسبب الذي من أجله بذلت وهو شراء ذمة الأشخاص الواردين في م 126 ع ج ومن في حكمهم على الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة.
وان اثبات هذا القصد مسألة موضوعية متعلقة بالوقائع فان جهل المستفيد بالسبب الذي من أجله قدمت له الفائدة أو العطية فلا يعاقب لو عوقب الموظف اذا كانت جميع أركان جريمته متوافرة.
ونفس العقوبة المقررة للوسيط هي ذاتها مقررة له طبقا لنص م 44 ع ج فضلا عن المصادرة أن كان محل لذلك م 133 ع ج والحرمان من التمتع بحق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 14 عملا بالمادة 134 ع ج.
خاتمة :
هناك عدة عوامل في جميع التشريعات علي اختلافها الجذري و النوعي ساعدت على انتشار الرشوة بين الموظفين و من في حكمهم فالجانب الاقتصادي يلعب دورا رئيسيا في هذا الموضوع ذلك أن ارتفاع تكاليف المعيشة و اضطرابه بالمقارنة مع عدم زيادة أو تجميد مرتبات الموظفين أو أجو ر المستخدمين من العوامل الأساسية التي يلجا إليها هؤلاء إلى طلب أو أخذ الرشوة.
لكن هذا لا يعني أن أصحاب الدخول المحدودة هم أكثر الفئات التي ترتشي بل العكس صحيح على ما نعتقد في معظم الحالات و هو العامل النفسي كالطمع و حب المال.
و تعتبر البيروقراطية و الروتين الإداري من الحوافز المشجعة التي تساعد على انتشار الرشوة . حيث يضفي عليها البيروقراطي صفة المشروعية .
إن تشديد و قسوة العقاب لمحاربة الرشوة لا يحد من انتشارها بل الأمر لا يعدو عن كونه مسألة تنظيمية و اقتصادية و أخلاقية. تتطلب سياسة وقائية جماعية و عالمية أكثر للقضاء عليها. .
الهوامش :
[1] د- زكي أبو عامر و د. سليمان عبد المنعم: قانون العقوبات القسم الخاص ط2 1999 ص 393- 394.
[2] د- محمد صبحي نجم: شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص سنة 2000، ص 08.
[3] د- زكي أبو عامر و د. سليمان عبد المنعم المرجع السابق، ص 395.
[4] مذكرة تخرج غير مطبوعة: الرشوة في القانون الجزائري بن عائشة يسمينة- جامعة باتنة معهد الحقوق ص 13.
[5] الرشوة في القانون الجزائري مذكرة التخرج المرجع السابق ص 11.
[6] د- أنور العمروسي و أمجد العمروسي : جرائم الأموال العامة و جرائم الرشوة ص 345 .
[7] د- محمد صبحي نجم: المرجع السابق، ص 17.
[8] د- محمد صبحي نجم: المرجع السابق ص 18.
[9] د- أنور العمروسي وأمجد العمروسي: المرجع السابق، ص 347.
[10] د- محمد صبحي نجم: المرجع السابق ص 17.
[11] د- عبد الله سليمان دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص- ط 2 سنة 1989 ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ص 85 -86- 87.
[12] د- عبد الله سليمان: المرجع السابق، ص 84.
[13] د- رمسيس بهمام: المرجع السابق، ص 43.
[14] د- رمسيس بهنام: المرجع السابق، ص 44.
[15] د أنور العمروسي، أمجد العمروسي: المرجع السابق، ص 251.
[16] د- محمد زكي أبو عامر: المرجع السابق، ص 31.
[17] محمد نجيب حسني شرح قانون العقوبات، ص 21.
[18] محمد نجيب حسني: المرجع السابق، ص 24.
[19] اسحاق ابراهيم منصور: ممارسة السلطة و آثارها في قانون العقوبات ص 67.
[20] محمد زكي أبو عامر، د- عبد المنعم سليمان قانون العقوبات الخاص ص 408.
[21] محمد الطالب يعقوبي قانون العقوبات ص 93.
[22] و محمد الطالب يعقوبي: قانون العقوبات، ص 98.
[23] د- عبد الله سليمان: شرح قانون العقوبات الجزائري، ط- 1989، ص 69.
[24] د. محمد زكي أبو عامر، د سليمان عبد المنعم، قانون العقوبات القسم الخاص، ص 413- 414 .
[25] د.محمد زكي أبو عامر، د. سليمان عبد المنعم، المرجع السابق، ص 418.
[26] د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، ص 53.
[27] د.محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ط 1978، ص 40-41.
[28] د محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ط 1978، ص 42.
[29] د. محمد زكي أبو عامر د سليمان عبد المنعم، المرجع السابق، ص 438-439
[30] د. محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ط 1984، ص 39
[31] د. محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ط 1984، ص 40
[32] د. محمد زكي أبو عامر، د. علي عبد القادر القهواجي شرح قانون العقوبات القسم الخاص، ص 367 .
[33] د. محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ط 1984، ص 43.
[34]د. محمد زكي أبو عامر، المرجع السابق، ط 1984، ص 43 إلى 46.
[35] المادة 126 من قانون العقوبات الجزائري (محمد الطالب يعقوبي)
[36] المادة 127 من قانون العقوبات الجزائري الخاص، ص 13.
[37] د. محمد صبحي نجم، شرح قانون العقوبات الجزائري الخاص ، ص13.
[38]د- محمد نجيب – حسني شرح قانون العقوبات – ص 49.
[39] د- محمد نجيب –المرجع نفسه – ص 50.
[40] - محمد زكي أبو عامر ، المرجع السابق – ص 49.
[41] محمد زكي أبو عامر ، المرجع السابق – ص 48.
[42] الرشوة في القانون الجزائري – ص 34.
[43] قانون العقوبات – محمد الطالب يعقوبي تعديل 1998.
[44] د- محمد زكي أبو عامر-د-سليمان عبد المنعم ، المرجع السابق – ص 401-402.
[45]د محمد زكي أبو عامر-د-سليمان عبد المنعم ، المرجع السابق – ص 403.
[46] محمد زكي أبو عامر-د-سليمان عبد المنعم ، المرجع السابق – ص455-456.
[47] محمد زكي أبو عامر-د-سليمان عبد المنعم ، المرجع السابق – ص 456.
[48] د- عبد الله سليمان ، المرجع السابق ، ص 76.