بحث شامل حول الصفقات العمومية و الجرئم المتعلقة بها في ظل قانون الفساد المبحث الأول : الصفقات العمومية في ظل المرسوم 02-250
لمطلب الأول: طرق إبرام الصفقات العمومية
المطلب الثاني: كيفيات اختيار المتعامل المتعاقد
المبحث الثانـي: معايير إبرام الصفقات العمومية في ظل قانون الفساد
المطلب الأول: الإعداد المسبق لشروط المشاركة والانتقاء وعلانية المعلومات المتعلقـة بالصفقـــــة المطلب الثاني : الموضوعية والدقة في اختيار المتعامل المتعاقد والحق في الطعــن في الاختيـــــار
المبحث الأول: جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العموميــــــة " جنحة المحابـاة" المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني: قمع الجريمة
المبحث الثاني: جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون للحصول على امتيازات غيــر مبررة في مجال الصفقات العمومية المطلب الأول:أركان الجريمة
المطلب الثاني: قمع الجريمة
المبحث الثالث: جريمتا الرشوة وأخذ فوائد بصفة غير قانونية في مجال الصفقـــات العموميــــة المطلب الأول:جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية
المطلب الثاني: جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية
الخاتمــة
تعد الصفقات العمومية، الأداة الإستراتيجية التي وضعها المشرع في أيدي السلطة العامة لانجاز العمليات المالية المتعلقة بإنجاز، تسيير وتجهيز المرافق العامة، إذ أن الإقتصاد الجزائري يعتمد بصفة أساسية على ضخ الأموال العامة من أجل تنشيط العجلة الإقتصادية وذلك بزيادة حجم النفقات العمومية، ومنه فنظام الصفقات يعد الوسيلة الأمثل لاستغلال وتسيير الأموال العامة.
وقد عرف هذا النظام عدة تطورات منذ الإستقلال إلى غاية يومنا هذا، فصدر الأمر رقم: 67/90 المؤرخ في: 17/06/1967 المتضمن قانون الصفقات العمومية، تلاه المرسوم رقم: 82/45 المؤرخ في: 10/04/1982 المتضمن تنظيم صفقات المتعامل العمومي، وعلى إثر التحول الاقتصادي الذي عرفته الجزائر مطلع التسعينيات بتخليها عن نظام الاقتصاد الموجه وتبنيها لنظام اقتصاد السوق، استلزم الأمر إعادة النظر في نظام الصفقات فصدر المرسوم التنفيذي رقم: 91/434 المؤرخ في: 09/11/1991 والمتعلق بتنظيم الصفقات العمومية، ونظرا للنقائص التي كانت تشوب هذا المرسوم بعد أكثر من 10 سنوات من العمل به من جهة، وتماشيا مع تطور المرحلة الإقتصادية الجديدة والقائمة على فتح المجال أمام المتعاملين الإقتصاديين سواء الوطنيين أو الأجانب للمساهمة في بناء الإقتصاد الوطني من جهة أخرى، صدر المرسوم الرئاسي 02/250 المؤرخ في: 24/06/2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم بموجب المرسوم الرئاسي 03/301 المؤرخ في: 11/09/2003 الذي ألغى المرسوم 91/434 وجاء لتكريس مبادئ المساواة والشفافية في إبرام الصفقات، إذ يحتوي على 153 مادة تشتمل على مجمل الإجراءات الواجب إتباعها في إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية.
وبما أن مجال الصفقات العمومية يشكل أهم مسار تتحرك فيه الأموال العامة فإنه بذلك يعد مجالا حيويا للفساد بكل صوره، وهو ما أدى إلى اهتمام المشرع بتجريم مختلف المخالفات المتعلقة بالصفقات العمومية، فبرز ذلك من خلال تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 01-09 الصادر بتاريخ 26 جوان 2001، الذي استحدث مجموعة من المواد تصت في مجملها على تجريم وقمع المخالفات التي ترتكب أثناء إبرام أو تنفيذ الصفقات العمومية.
غير أنه وتماشيا مع السياسة الدولية الرامية إلى مكافحة الجرائم المتعلقة بالفساد صدر في الجزائر القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، والذي جاء نتيجة لمصادقة الجزائر بتاريخ 19 أفريل 2004 بواسطة مرسوم رئاسي، على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك يوم 31/10/2003، وقد وضع هذا القانون نصوصا خاصة بتجريم المخالفات المرتكبة في مجال الصفقات العمومية، ملغيا بذلك نصوص قانون العقوبات التي تنص على نفس التجريم، كما وضع مجموعة من المعايير التي يجب أن تؤسس عليها الصفقات العمومية وذلك من خلال المادة 09 منه.
غير أن دراسة جانب التجريم وحده لا يكفي للوصول إلى التكييف القانوني السليم لهذا النوع من الجرائم، إذ يستلزم الأمر التطرق إلى أحكام الصفقات العمومية في ظل المرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية خاصة ما تعلق منها بمرحلة تحضير وإبرام الصفقة وبكيفية اختيار المتعامل المتعاقد مع الإدارة، وهذا لكون معظم الجرائم الخاصة بالصفقات التي جاء بها قانون الفساد تتم في هذه المرحلة.
ويكتسي موضوع الصفقات العمومية والجرائم المتعلقة بها أهمية بالغة تجعله جديرا بالإهتمام والدراسة نظرا للأسباب الآتية:
- كثرة القضايا المتعلقة بجرائم الصفقات المطروحة على القضاء الجزائي، وهذا لكونها تشكل مجالا خصبا للفساد.
- الطابع التقني الذي تتميز به الصفقات يثير إشكالات عديدة بالنسبة للقضاة.
- حداثة قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وقلة المراجع التي تفصل أحكامه.
- قلة الإجتهادات القضائية الصادرة بشأن جرائم الصفقات.
لهذه الأسباب فإن هذا الموضوع يطرح عدة تساؤلات تتمثل في:
كيف عالج المشرع الجزائري موضوع الصفقات العمومية؟ وماهي المعايير والأسس المعتمدة في إبرام الصفقة واختيار المتعامل المتعاقد؟ وماهي أحكام جرائم الصفقات التي جاء بها قانون مكافحة الفساد؟ وماهي الأساليب التي استحدثها هذا الأخير لقمع هذا النوع من الجرائم؟.
ولمحاولة الإجابة على مختلف هذه التساؤلات ودراسة هذا الموضوع اعتمدنا على أسلوب تحليلي بسيط، يرتكز على دراسة أهم الجوانب المتعلقة بإبرام الصفقة واختيار المتعامل المتعاقد وكذا مجمل المبادئ التي تقوم عليها الصفقة من خلال كل من المرسوم 02/250 وقانون الفساد هذا في فصل أول، بينما نتناول في الفصل الثاني دراسة الجرائم المتعلقة بمجال الصفقات العمومية في ظل قانون الفساد، وهذا وفقا للخطة الآتية:
الفصل الأول: الإطار القانوني للصفقات العمومية
يتحدد الإطار القانوني للصفقات العمومية في ظل التشريع الجزائري من خلال المرسوم الرئاسي 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم بموجب المرسوم الرئاسي 03-301 والذي يعد بمثابة الأساس القانوني للصفقات العمومية، حيث عرّف الصفقة العمومية من خلال المادة 03 منه بأنها عقد مكتوب في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم، قصد إنجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات والدراسات، لحساب المصلحة المتعاقدة.كما حدد مختلف الهيئات والمؤسسات العمومية التي تخضع في إبرام صفقاتها لإحكامه من خلال المادة 02 منه.
وحدد مختلف الإجراءات التي يجب إتباعها، والمبادئ التي يجب مراعاتها في مجال الصفقات العمومية عبر مختلف مراحلها، بدءا بمرحلة تحضير الصفقة إلى غاية الانتهاء من تنفيذها.وأهم هذه المراحل بالنسبة للدارس لموضوع الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية هي مرحلة إبرام الصفقة العمومية وكيفية اختيار المتعامل المتعاقد.نظرا لكون معظم القضايا المطروحة في ساحة القضاء تتعلق بهذه المرحلة، وما يمكن أن يقوم به الموظفون العموميون المكلفون بإبرام الصفقة من تجاوزات ومخالفات يعاقب عليها القانون.
إضافة إلى ذلك فقد جاء القانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته بمجموعة من المبادئ والمعايير التي يجب مراعاتها في مجال الصفقات العمومية وذلك من خلال المادة 09 منه، والمستمدة أصلا من المرسوم 02-250.والتي يجب هي أيضا الإلمام بها، من أجل الوصول إلى التكييف السليم لمختلف الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية والمنصوص عليها في قانون الفساد.
وعليه فسنتناول من خلال هذا الفصل أهم الإجراءات المتعلقة بالصفقات العمومية خاصة ماتعلق منها بطرق إبرام الصفقة وكيفيات اختيار المتعامل المتعاقد في مبحث أول، فيما سنتطرق من خلال مبحث ثان إلى المبادئ والمعايير التي يجب مراعاتها في مجال الصفقات العمومية والتي جاء بها قانون الفساد.
إن المرسوم الرئاسي 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم بموجب المرسوم الرئاسي 03-301 قد حدد من خلال المادة 02 منه مجموع الهيئات الإدارية العمومية التي تبرم صفقاتها وفقا لأحكامه وتتمثل هذه الهيئات في:-الإدارات العمومية -الهيئات الوطنية المستقلة-الولايات-البلديات-المؤسسات العمومية ذات الطابع الاداري-مراكز البحث والتنمية-المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي-المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني-المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف بإنجاز استثمارات عمومية بمساهمة نهائية لميزانية الدولة، وبذلك فان إجراءات إبرام الصفقات العمومية المحددة بموجب هذا المرسوم لاتخص إلا هذه الهيئات.
ونظرا لكون المرسوم 02-250 المتكون من 153 مادة قد حصر الإجراءات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية منذ مرحلة الإعداد لها إلى غاية مرحلة الانتهاء من تنفيذها، فقد إرتأينا أن نركز في دراستنا هذه على الإجراءات المتعلقة بطرق إبرام الصفقة وكيفيات اختيار المتعاقد باعتبارها تمثل المجال الخصب للجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية التي نص عليها قانون الفساد 06-01 وسنتناولها من خلال المطلبين الآتيين:
تنص المادة 20 من المرسوم 02-250 على: " تبرم الصفقة العمومية تبعا لإجراء المناقصة التي تعتبر القاعدة العامة أو إجراء التراضي"
وتبعا لذلك فإن إبرام الصفقات العمومية لايتم إلا بإحدى الطريقتين الآتيتين: إما بإجراء المناقصة التي تعد القاعدة العامة أو بإجراء التراضي الذي يعد الاستثناء، مع الإشارة هنا إلا أن هذين الاجرائين لايخصان إلا الصفقات التي يفوق مبلغها 06ملايين دج بالنسبة لصفقات الأشغال والتوريدات ومبلغ 04 ملايين دج بالنسبة لخدمات الدراسات والخدمات ، والعقود التي تساوي قيمتها هذه المبالغ أو تقل عنها تبرم عن طريق الاستشارة وفقا للفقرة الرابعة من المادة 05 من المرسوم 02-250 ولهذه التفرقة أهميتها سنتطرق لها لاحقا.
وسنتناول فيما يأتي طريقتي إبرام الصفقات العمومية وهما: المناقصة-التراضي.
عرفتها المادة 21 من المرسوم 02-250 بأنها إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة للعارض الذي يقدم أفضل عرض.
وتعد المناقصة الوسيلة الأساسية والقاعدة العامة لإبرام الصفقات العمومية كما تعد بمثابة دعوة للمنافسة ، وقد تخص متعهدين وطنيين فتكون بذلك مناقصة وطنية، كما قد تخص متعهدين دوليين إلى جانب الوطنيين فتكون مناقصة دولية.
والميزة الأساسية للمناقصة هي إعتمادها على الإشهار الذي يعد إجراءا إلزاميا، كما أنه بموجبها يتم تخصيص الصفقة للمتعهد الذي يقدم أفضل عرض.
وتأخذ المناقصة وفقا لنص المادة 23 من المرسوم 02-250 الأشكال الخمسة الآتية: وهي تلك التي يمكن من خلالها لأي متعهد أن يقدم عرضا، وهذا وفقا للمادة 24 من المرسوم 02-250، بمعنى أنه لايشترط للمشاركة فيها توفر مؤهلات معينة، فكل المتعاملين متساوون في الترشح للفوز بالصفقة.
ويخص هذا الإجراء عادة المشاريع التي لاتتطلب إمكانيات مادية وبشرية أو مالية كبيرة، كما أن هذا الإجراء يسمح بالحصول على عدد كبير من المتنافسين، مما يكرس مبدأ المنافسة.
نصت عليها المادة 25 من المرسوم 02-250، وهذا النوع لايسمح بالمشاركة فيه إلا للمترشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط والمؤهلات والتى يجب أن ينص عليها كل من دفتر الشروط والإعلان عن المناقصة، وعادة مايخص هذا الإجراء المشاريع الضخمة التي تتطلب إمكانيات مادية ومؤهلات تقنية عالية أو تتطلب السرعة في الانجاز.
نصت على هذا الإجراء المادة 26 من المرسوم 02-250، وهو الإجراء الذي يكون المترشحون المرخص لهم بتقديم عرض فيه هم المدعوون خصيصا للمنافسة، وهذا بعد انتقاء أولي، هذا الانتقاء الأولي نصت عليه المادة 32 من المرسوم، وبموجبه تقوم المصلحة المتعاقدة بإختيار المترشحين وفقا لقائمة تسمى بـ SHORT LISTE، تحدد فيها المصلحة المتعاقدة مجموع المتعاملين معها.وتتم دعوتهم للمنافسة بموجب رسالة توجه إليهم.
وجدير بالذكر أن المرسوم 02-250 لم يحدد عدد معين للمترشحين الذين يجب دعوتهم للمنافسة بخلاف الأمر في القانون الفرنسي الذي ينص على أن لايقل عدد المؤسسات المدعوة للمشاركة عن 05.
هو إجراء نصت عليه المادة 27 من المرسوم 02-250، ويسمح بتخصيص الصفقة للمتعهد الذي يقترح أحسن عرض، وتشمل العمليات البسيطة من النمط العادي ولا تخص إلا المترشحين الوطنيين أو الأجانب المقيمين بالجزائر.
عمليا هذا الإجراء قليلا ماتلجأ المصلحة المتعاقدة إليه، كون الاختيار فيه يكون على أساس السعر بينما عملية الاختيار المعتمدة من قبل الإدارة تكون على أساس التنقيط للعرضين التقني والمالي، ويختار المترشح الذي يقترح أحسن عرض.
وقد جاءت المادة 27 المذكورة آنفا بتناقض بين النصين العربي والفرنسي، فنجد في النص العربي عبارة "أحسن عرض le Mieux Disant"، بينما نجد في النص الفرنسي عبارة "Le moin Disant" والتي تعني الأقل عرض وليس الأحسن عرض.
هو إجراء يضع رجال الفن في منافسة قصد انجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية واقتصادية وجمالية أو فنية خاصة، وهو مقتضى نص المادة 28 من المرسوم 02-250 حيث يتقدم أهل الاختصاص للمنافسة بطرح أفكارهم على المصلحة المتعاقدة من أجل اختيار العرض الأكثر ملائمة للمشروع المراد انجازه.
ويتخذ هذا الإجراء عادة في الصفقات الخاصة بالدراسات والمتابعة لأشغال البناء ويتم الإعلان عن المنافسة وفقا لإجراءات إبرام الصفقات العمومية إذا كان مبلغ الصفقة يتجاوز قيمة 04 ملايين دج (المادة 05 من المرسوم 02-250) ويرتكز تقييم العروض أساسا على العرض التقني أو الفني نظرا لطبيعة العملية، كما يؤخذ في الحسبان العرض المالي رغم أن التقييم المالي لانجاز أشغال الدراسات يحدد تبعا للمبلغ الإجمالي للأشغال ووفق نسب متفاوتة .
عرّفت المادة 22 من المرسوم 02-250 إجراء التراضي بأنه إجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية إلى المنافسة.
وعليه فإذا كان إجراء المناقصة يقوم على أساس الإشهار ويعد كقاعدة عامة لإبرام الصفقات العمومية فإن إجراء التراضي يقوم على أساس المفاوضة والتراضي بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد.
ويأخذ التراضي شكلين أساسيين نصت عليهما الفقرة 02 من المادة 22 من المرسوم 02-250 وهما: التراضي بعد الاستشارة –التراضي البسيط.
لم يرد في المرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية تعريف محدد لإجراء التراضي بعد الاستشارة، غير أنه يمكن القول بأنه ذلك الإجراء الذي تبرم بموجبه المصلحة المتعاقدة الصفقة بعد استشارة مسبقة تسمح لها بدراسة وضعية السوق وإمكانيات المتعاملين الاقتصاديين المتقدمين لها.
ويتم تنظيم هذا الإجراء وفقا لنص الفقرة 02 من المادة 22 بجميع الوسائل المكتوبة الملائمة دون شكليات أخرى، وعمليا تتمثل هذه الوسائل المكتوبة في نشر إعلان يعلق على لوحة إعلانات المصلحة المتعاقدة، كما يمكن توزيعه على جميع المصالح التي يقصدها المتعاملون المهتمون بالأمر، يتضمن الإعلان: طبيعة المشروع وموضوعه، وطريقة منح الصفقة، والشروط المطلوب توفرها في المتعاملين، ومدة إيداع العروض، كما قد يتم الأمر عن طريق الاتصال بمجموعة من المتعاملين بموجب رسالة توجه إليهم، وتمكينهم من دفتر الشروط لاختيار أحسنهم عرضا.
واللجوء إلى إجراء التراضي بعد الاستشارة لايتم إلا في الحالات المحددة على سبيل الحصر في المادة 38 من المرسوم 02-250 وتتلخص فيما يأتي:
1. حالة عدم جدوى الدعوى إلى المنافسة.
2. حالة صفقات الدراسات واللوازم والخدمات الخاصة، التي تحدد قائمتها بموجب قرار مشترك بين وزير المالية والوزير المعني، والتي لاتستلزم طبيعتها اللجوء إلى إجراء المناقصة.
3. حالة العمليات المنجزة في إطار الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالتمويلات الامتيازية وتحويل الديون إلى مشاريع تنموية أو هبات عندما تنص اتفاقات التمويل هذه على ذلك.
أكثر هذه الحالات شيوعا في الواقع العملي هي الحالة الأولى المتعلقة بعدم جدوى المنافسة وهي لاتثير أي إشكال، فإذا تمت اجراءات الدعوة إلى المنافسة بطريقة قانونية
واتضح أنه لم يتقدم أي عارض أو أنه تقدم عارض وحيد مما يقضي على مبدأ المنافسة تعلن المناقصة غير مجدية ويلجأ إلى إجراء التراضي بعد الاستشارة.
غير أن الإشكال يثور بشأن الحالة الثانية لعدم وضوح المقصود من عبارة "التي لايستلزم طبيعتها اللجوء إلى المناقصة"، فكثيرا ماتلجأ المصلحة المتعاقدة إلى إبرام عقود بشأن أشغال أو خدمات لاتتعدى قيمتها المبلغ المحدد لإبرام الصفقة، إستنادا إلى هذه الحالة، رغم أن الأمر قد لايتعلق بالمبلغ، وعليه يبقى الأشكال مطروح.
إذا كان إجراء التراضي استثناءا عن القاعدة العامة في إبرام الصفقات العمومية، فإن إجراء التراضي البسيط يعد الاستثناء على الاستثناء، لأنه بموجبه تقوم المصلحة المتعاقدة بإبرام الصفقة العمومية مع متعامل وحيد بمجرد تطابق إرادتيهما على محلها وفقا لدفتر شروط معد مسبقا من طرف المصلحة المتعاقدة، دون اللجوء إلى أي نوع من أنواع الإشهار أو الدعوة إلى المنافسة.
غير أن هذا الإجراء لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات المحددة على سبيل الحصر في المادة 37 من المرسوم 02-250 والتي تتخلص فيما يأتي:
1. حالة إحتكار متعامل وحيد لتنفيذ الخدمات المطلوبة من المصلحة المتعاقدة أو احتكار الطريقة التكنولوجية التي اختارتها المصلحة المتعاقدة.
2. في حالة الاستعجال الملح المعلل بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار قد تجسد في الميدان، ولايسعة التكيف مع آجال المناقصة، بشرط أنه لم يكن في وسع المصلحة المتعاقدة التنبؤ بالظروف المسببة لحالات الاستعجال، وان لاتكون نتيجة ممارسات احتيالية من طرفها.
3. حالة تموين مستعجل مخصص لضمان سير الاقتصاد أو توفير حاجات السكان الأساسية.
4. عندما يتعلق الأمر بمشروع ذي أولوية أو ذي أهمية وطنية، وفي هذه الحالة يخضع اللجوء إلى هذا النوع الاستثنائي لإبرام الصفقات للموافقة المسبقة لمجلس الوزراء. ويخضع تقرير حالة من هذه الحالات لتبرير اللجوء إلى إجراء التراضي البسيط في إبرام الصفقة إلى السلطة التقديرية للمصلحة المتعاقدة التي يجب عليها تبرير اختيارها عند كل مراقبة تمارسها عليها أية سلطة مختصة .
كما أنه يعود للقاضي سلطة تقدير ما إذا كان الحال يستوجب إبرام الصفقة وفقا لهذا الإجراء أم لا، ويمكن له أن يتبين ذلك من خلال الملف المطروح أمامه أو من خلال ظروف إبرام الصفقة مع الأخذ بعين الاعتبار أنه إجراء استثنائي، كما يؤخذ أيضا في الاعتبار أن اختيار هذا الإجراء وبالرغم مما يوفره من حرية المفاوضة بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد إلا أنه قد ينطوي أحيانا على تعسف الإدارة في عملية الاختيار أو يؤدي إلى تعطيل مبدأ الشفافية والمساواة بين المتعاملين المترشحين.
إن معرفة الكيفية أو الطريقة التي يتم بها اختيار المتعامل المتعاقد في مجال الصفقات العمومية تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لرجال القضاء، سواء القضاء الاداري باعتباره الجهة المختصة بالنظر في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية، أو القضاء الجزائي باعتبار أن مخالفة إجراءات إبرام الصفقات العمومية، تعد جرائم يعاقب عليها كل من قانون العقوبات وقانون الفساد 06-01 إذا كان الغرض منها منح امتيازات غير مبررة للغير أو الحصول على فائدة منها.
واختيار المتعامل المتعاقد يجب أن يستند وفقا لنص المادة 47 من المرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية على جملة من المعايير تتمثل في:
1. الأصل الجزائري أو الأجنبي للمنتوج.
2. الضمانات التقنية والمالية.
3. السعر والنوعية وآجال التنفيذ.
4. التكامل مع الاقتصاد الوطني وأهمية الحصص أو المواد المعالجة ثانويا في السوق الجزائرية.
5. شروط التمويل التي تمنحها المؤسسات الأجنبية والضمانات التجارية وشروط دعم المنتوجات (الخدمة بعد البيع والصيانة والتكوين).
6. اختيار مكاتب الدراسات بعد المنافسة الذي يجب أن يستند أساسا إلى الطابع التقني للاقتراحات.
بالإضافة إلى أنه بإمكان المصلحة المتعاقدة أن تأخذ في عين الاعتبار معايير أخرى تتناسب وطبيعة الصفقة المراد إبرامها شرط إدراجها في دفتر شروط المناقصة.
وفي سبيل تجسيد هذه المعايير، تعمل المصلحة المتعاقدة قبل الدعوة إلى المنافسة على تحضير دفتر شروط يحتوي على جميع المعلومات المتعلقة بالصفقة، من حيث موضوعها وطبيعة الأشغال أو الخدمات المراد انجازها، وكيفية إبرامها، والتعليمات الموجهة للمترشحين كما يجب أن يتضمن إجباريا المعايير المعتمدة في اختيار المتعامل المتعاقد والمشار إليها آنفا.
وعادة مايتم اعتماد أسلوب التنقيط في اختيار المتعامل المتعاقد لاختيار أحسن عرض، فتعمد المصلحة المتعاقدة إلى وضع سلم تنقيط خاص بالعرضين التقني والمالي ويكون تنقيط العرض التقني على أساس الإمكانيات المادية والبشرية والمؤهلات التقنية التي يمتلكها المترشح بينما يكون تنقيط العرض المالي على أساس السعر الذي يقترحه المترشح، مع الأخذ بعين الاعتبار مدة الانجاز، وبحساب مجموع النقاط المحصل عليها يرتب المترشحون فيختار أحسنهم عرضا لتنفيذ الصفقة مع مراعاة حالة الاحتكار أو الهيمنة التي قد يفرضها أحد المترشحين في حالة الصفقات المجزئة.
كما أن المصلحة المتعاقدة تحدد نقطة إقصائية ترفض بموجبها العروض التي لم تتحصل عليها (بالنسبة للعروض التقنية) وللمصلحة المتعاقدة الحرية في تحديد هذه النقطة الإقصائية والتي تتماشى وطبيعة أو نوعية المشروع أو الأشغال أو الخدمات المراد انجازها.
ويتم النص على سلم التنقيط والنقطة الإقصائية إجباريا في دفتر الشروط وهذا لإضفاء الشفافية على عملية اختيار المتعامل المتعاقد.
وما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد أنه وفي حالة المشاريع التي لاتتطلب تقنيات تكنولوجية عالية أو خاصة، فإن السعر أو العرض المالي المقترح من قبل المترشحين يلعب دورا هاما في عملية منح الصفقة، خاصة إذا كانت العروض التقنية المقترحة والإمكانيات والمؤهلات التي يمتلكها المترشحون متقاربة، وبإمكان أي منهم انجاز المشروع أو الصفقة.
وعموما فللمصلحة المتعاقدة الحرية في اختيار المتعامل المتعاقد مع مراعاة الأحكام المتعلقة برقابة الصفقات .
وبالنسبة لرقابة الصفقات العمومية فقد نص عليها المرسوم 02-250 في الباب الخامس منه وهي 03 أنواع: رقابة داخلية تقوم بها لجنتي فتح الأظرفة وتقييم العروض، ورقابة خارجية تقوم بها لجنة الوزارة واللجنة الوطنية للصفقات العمومية، ورقابة الوصاية التى تقوم بها اللجنة الولائية للصفقات العمومية واللجنة البلدية للصفقات العمومية.ونظرا لكون أهم أنواع الرقابة، هي الرقابة الداخلية، على اعتبار أنها تتم أثناء مرحلة إبرام الصفقة، وكذلك لأن جل القضايا المطروحة على القضاء تتعلق بهذه المرحلة، وجب التطرق ولو باختصار إلى مهام الهيئات التي تقوم بهذه الرقابة وهما لجنتا فتح الأظرفة وتقييم العروض.
تنص المادة 107 من المرسوم 02-250 على أن تحدث لدى كل مصلحة متعاقدة لجنة لفتح الأظرفة يرأسها مسؤول المصلحة المتعاقدة أو من ينوب عنه وهو الذي يحدد تشكيلتها، والتي تتكون عادة من إطارات أو تقنيين من مختلف المصالح الإدارية الموجودة على المستوى المحلي.
تتمثل أهم المهام التي تقوم بها هذه اللجنة في إثبات صحة العروض وترتيبها كما تعد وصفا مختصرا للوثائق التي يتكون منها العرض، وتعد محضرا بذلك يوقعه الأطراف الحاضرون، كما يدخل أيضا في إطار المهام المنوطة بها إعداد محضر بعدم جدوى المناقصة وذلك في حالة عدم استقبال أي عرض.
وتجتمع هذه اللجنة عل مرحلتين، يتم في الأولى فتح العروض التقنية وفي المرحلة الثانية يتم فتح الأظرفة الخاصة بالعروض المالية وهذا تماشيا مع ما أقره المرسوم 02-250 من ضرورة الفصل بين العروض التقنية والعروض المالية.
تنص المادة 111 من المرسوم 02-250 على أن تحدث لدى كل مصلحة متعاقدة لجنة لتقويم العروض، يعين فيها مسؤول المصلحة المتعاقدة أعضائها اللذين يكونون مؤهلين نظرا لكفاءتهم في تحليل العروض وبدائل العروض عن الاقتضاء، ويرأس اللجنة مسؤول المصلحة المتعاقدة أو من ينوب عنه.
تقوم هذه اللجنة في مرحلة أولى بتقييم العروض التقنية، فتقصي العروض غير المطابقة لموضوع الصفقة ولمحتوى دفتر الشروط، منها على سبيل المثال العروض التي لم تتحصل على النقطة الاقصائية المطلوبة، وتعمل على تحليل العروض التقنية المتبقية، وتقوم في مرحلة ثانية بدراسة العروض المالية، ويتم انتقاء العرض الذي يستجيب للشروط المذكورة في دفتر الشروط، كما يمكن لأعضاء اللجنة أن يقترحوا على المصلحة المتعاقدة، رفض العرض المقبول إذا كان يتسبب في اختلال المنافسة في القطاع المعني أو يرتب هيمنة المتعامل المقبول على السوق.
وفي سبيل تحقيق هذه المهام المذكورة، تقوم المصلحة المتعاقدة بالإعداد المسبق لجدول خاص بالمتعهدين المتقدمين للمنافسة يحتوي على ترتيبهم تبعا لمجموع النقاط المحصل عليها بعد دراسة كل العروض المقدمة.
وجدير بالإشارة في هذا الشأن إلى أنه وبالرغم من أن أعضاء اللجنتين لا يقتصر دورهم إلا على تقديم اقتراحات للمصلحة المتعاقدة بشأن اختيار المتعامل المتعاقد أو الإعلان عن عدم الجدوى وليست لهم الصلاحية في اختيار المتعامل باعتبار اللجنة هيئة مراقبة، وكذا باعتبار أن المصلحة المتعاقدة هي المسؤولة عن إبرام الصفقة، إلا أننا نجدهم يستدعون إلى القضاء كمتهمين في القضايا المتعلقة بالصفقات العمومية.
إذا كان المرسوم الرئاسي 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم، قد وضع مجموعة من الإجراءات القانونية التي يجب مراعاتها أثناء المراحل التي تمر بها عملية إبرام الصفقة العمومية اعتبارا من بداية التحضير لها إلى غاية الانتهاء من تنفيذها مكرسا بذلك مجموعة من المبادئ المتعلقة باحترام قواعد المنافسة والشفافية وحسن اختيار المتعامل المتعاقد مع الإدارة، فإن القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته وقبل تجريمه للمخالفات المتعلقة بعدم احترام إجراءات إبرام الصفقات، نص في المادة 09 منه على جملة من المعايير التي يجب مراعاتها في مجال الصفقات العمومية، وهي مستمدة أصلا من المرسوم 02-250 المتعلق بالصفقات.
وتنص هده المادة في الفقرة 01 منها على :" يجب أن تؤسس الإجراءات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية على قواعد الشفافية والمنافسة الشريفة وعلى معايير موضوعية ".
هذه المعايير يجب أن تكرس مجموعة من المبادئ جاءت في الفقرة 02 من نفس المادة ونتحدث عنها من خلال مطلبين، نخصص أولهما لمبدأي: الإعداد المسبق لشروط المشاركة وعلانية المعلومات المتعلقة بالصفقة، ونخصص المطلب الثاني لمبدأي الموضوعية والدقة في اختيار المتعامل المتعاقد والحق في ممارسة الطعن.
باعتبار الصفقة العمومية عقد من عقود الإذعان، فإن الإدارة تقوم قبل الإعلان عن النداء للمنافسة بإعداد الشروط والأحكام المتعلقة بالصفقة بإرادتها المنفردة وفقا لما يسمى بدفتر الشروط. والذي يعد بمثابة عقد ملزم للإدارة وللمتعامل المتعاقد في حالة منحه الصفقة.
ودفتر الشروط هو عبارة عن وثيقة تتضمن مجموعة من البنود تتعلق ب: - موضوع الصفقة-طريقة منحها-الوثائق المكونة لها والمطلوبة من المترشحين-الأسس التي يتم الاعتماد عليها في اختيار المتعامل المتعاقد، ومعايير الاختيار، مثل كيفية التنقيط بالنسبة للعرضين التقني والمالي، إضافة إلى الأحكام المتعلقة بتنفيذ الصفقة والشروط التقنية التي تضعها الإدارة من أجل حسن تنفيذ الصفقة، وعموما يتضمن دفتر الشروط جميع الشروط التي تبرم وتنفذ وفقها الصفقة .
ويعتبر دفتر الشروط أساس تكوين الصفقة، والذي يجب على الإدارة إعداده بالدقة اللازمة قبل كل نداء للمنافسة، ويتم إعداده حتى بالنسبة لأسلوب التراضي وتطبيقا لنص المادة 118 من المرسوم 02-250 فإن مشاريع دفاتر الشروط تخضع لدراسة لجان الصفقات المختصة وهي: اللجنة الوزارية للصفقات العمومية –اللجنة الولائية واللجنة البلدية كل حسب اختصاصها.
ووفقا للمادة 09 من المرسوم 02-250 فإن دفاتر الشروط تشتمل على: تعد جزءا أساسيا في العقود الإدارية، تتضمن بنودا تنطبق على كافة عقود الإدارات العامة، وتحدد الأحكام الإدارية العامة المتعلقة بكل نوع من أنواع الصفقات، كما تهدف لبيان الأحكام الملزمة لكل طرف، كما تحدد الاختيار العام للإدارة من بين مختلف الكيفيات التنظيمية .
هي تلك الدفاتر التي تحدد الترتيبات التقنية المطبقة على كل الصفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال واللوازم والدراسات أو الخدمات، والخاصة بكل وزارة من الوزارات اومصلحة من المصالح مثل:دفاتر عقد الأشغال.
بالنسبة لدفتر البنود الإدارية العامة ودفتر التعليمات المشتركة فإن المادة 50 من المرسوم 02-250 تقضي بضرورة الإشارة إليهما في كل صفقة، إضافة إلى التشريع والتنظيم المعمول بهما والى هذا المرسوم.
وهي الدفاتر التي تتضمن الشروط المطبقة الخاصة بكل صفقة بالتفصيل.
والأحكام التي تتضمنها هذه الدفاتر ملزمة للإدارة، ولايمكن مناقشتها أو التفاوض بشأنها.
وعموما فان الصفقات التي تبرمها الإدارة، يجب أن يسبقها إعداد لدفتر شروط بالكيفيات الموضحة آنفا، وهذا من أجل الحفاظ على المال العام والمصلحة العامة.
الفرع الثاني: علانية المعلومات المتعلقة بالصفقة:
يتجسد مبدأ علانية المعلومات المتعلقة بالصفقة، من خلال عملية الإشهار التي تقوم بها المصلحة المتعاقدة، وكذا بتمكين المتعهدين المترشحين للصفقة من دفتر الشروط الخاص بها.
ويكون إجراء الإشهار بالإعلان عن الدعوة للمنافسة في الصحف، ويعد اللجوء إلى الإشهار الصحفي ملزما للإدارة في حالة إبرام الصفقة عن طريق المناقصة بجميع أنواعها ، وهذا بخلاف الأمر في حالة إبرام الصفقة عن طريق إجراء التراضي بنوعيه التي لايشترط فيها الإعلان الصحفي.
ويحتوي إعلان المناقصة وفقا للمادة 40 من المرسوم 02-250 على البيانات الآتية
- العنوان التجاري، وعنوان المصلحة المتعاقدة، والذي يكون عادة مكان سحب دفتر الشروط الخاص بالمناقصة.
- كيفية المناقصة (مفتوحة، محدودة، وطنية أو دولية) لأنه على ضوئها يتحدد قبول تعهدات المترشحين وفقا لمؤهلاتهم التقنية والمالية.
- موضوع العملية، والذي يجب أن يذكر بدقة وبالتفصيل حتى يتسنى للمترشحين معرفة نوعية الأشغال أو الخدمات المطلوبة.
- الوثائق التي تطلبها المصلحة المتعاقدة من المترشحين، والتي تكون عادة الملف التقني والوثائق الخاصة بالضمانات مثل الوثيقة الخاصة بكفالة التعهد.
- تاريخ آخر أجل لإيداع العروض، وكذا مكان إيداعها.
- التقديم في ظرف مزدوج.
- ثمن الوثائق عند الاقتضاء، ويقصد بها ثمن تكلفة دفتر الشروط عادة.
ويتم نشر هذا الإعلان في جريدتين يوميتين وطنيتين على الأقل واحدة باللغة العربية وأخرى بلغة أجنبية ويتم الأمر عمليا عن طريق الوكالة الوطنية للنشر والإشهار ANEP، التي تتكفل بعملية النشر في الصحف الوطنية.كما يتم النشر إجباريا في النشرة الرسمية للمتعامل العمومي BOMOP .
بالنسبة للصفقات الدولية يجب نشر الإعلانات المتعلقة بها حتى باللغة الانجليزية بالإضافة إلى نشر الإعلان باللغتين العربية والفرنسية، وهذا تطبيقا لتعليمة رئيس الحكومة رقم 08 المؤرخة في 26 ديسمبر 2006.
وتعد هاتين الوسيلتين الوحيدتين لنشر الإعلان عن المناقصة طبقا للمرسوم 02-250 بينما نجد في التشريع الفرنسي ان الإعلان عن المناقصة يمكن أن يتم عن طريق الأقراص المضغوطة (CD) أو عن طريق البريد الالكتروني .
في الجزائر صدرت تعليمة وزارية عن وزير السكن، تلزم جميع الإدارات والمصالح التابعة لوزارة السكن بنشر إعلاناتها في الموقع الالكتروني للوزارة وذلك موازاة مع النشر في الصحف.
بعد عملية النشر تضع المصلحة المتعاقدة تحت تصرف المترشحين دفتر الشروط الخاص بالصفقة المراد انجازها من أجل تمكينهم من سحبه والاطلاع عليه، وإيداع عروضهم في المهلة المحددة في الإعلان، والتي ترك المشرع أمر تحديدها للإدارة مع مراعاة طبيعة الصفقة والمدة التقديرية اللازمة لإيداع العروض، مع إمكانية تمديد المهلة إلى وقت إضافي إذا ارتأت المصلحة المتعاقدة ذلك.
ويدخل أيضا ضمن الإجراءات التي يجب نشرها في الصحف، الإعلان عن المنح المؤقت للصفقة، والذي يجب أن يكون بنفس اجراءات الإعلان عن المناقصة، وهذا قصد تمكين المترشحين من معرفة المتعامل الذي منحت له الصفقة، وكذا ممارسة الطعن في عملية المنح.
ومما سبق يمكن القول أن الحرص على تطبيق مبدأ علانية المعلومات المتعلقة بالصفقة مرده هو الحصول عل أكبر عدد من المنافسين تحقيقا لمبدأ المنافسة، وكذا منح الفرصة لجميع المتعاملين للاطلاع على شروط المنافسة وتمكينهم من ممارسة حق الطعن المقرر قانونا.
تعد الصفقات العمومية الوسيلة القانونية التي أتاحها المشرع للإدارة لانجاز المشاريع العامة وتسيير المال العام تحقيقا للمصلحة العامة، لذا كان لزاما على الإدارة البحث عن أنجع الطرق المتاحة، وإيجاد أحسن السبل لضمان نجاعة مشاريعها من جهة، وللحفاظ على المال العام من جهة أخرى، ولايتم ذلك إلا بتحري الدقة والموضوعية في اختيار المتعامل المتعاقد المناسب لانجاز الصفقة.ولتحقيق ذلك ترك المشرع للمصلحة المتعاقدة الحرية في اختيار الشريك المناسب لإبرام الصفقة ، فتقوم بدراسة كافة العروض التي يتقدم بها المتعهدون، وتفكَوّن لنفسها فكرة عن المتعهد الأقدر والأنسب لتنفيذ الصفقة، من حيث الإمكانيات المادية والبشرية التي يقترحها والضمانات التي يقدمها. كما يجب على المصلحة المتعاقدة الأخذ في عين الاعتبار سيرة المتعامل المتعاقد وخبرته في انجاز المشاريع والخدمات المراد القيام بها، وذلك من خلال شهادة التأهيل التي يقدمها، وكذا من خلال معاملاته السابقة معها أو مع مصالح أخرى، لتقدير مدى جديته واحترامه لمقاييس ومدة انجاز هذه الصفقات.ويجب النص على كل ذلك في دفتر الشروط المعد من قبل المصلحة المتعاقدة.
غير أنه وأمام هذه الحرية الممنوحة للمصلحة المتعاقدة في اختيار المتعامل المتعاقد، نجد المشرع قد قيد هذه الحرية من خلال نصه في المادة 36 من المرسوم 02-250 على أن المصلحة المتعاقدة ملزمة بتبرير اختيارها عند كل رقابة تمارسها أية سلطة مختصة، وتبرير عملية الاختيار يتم عمليا عن طريق إعداد المصلحة المتعاقدة لملف كامل يخص الصفقة بجميع الإجراءات المتخذة بشأنها من يوم الإعلان عنها إلى غاية المنح المؤقت وترفقه بوثيقة تسمى "بطاقة التقديم "Fiche De Présentations تتضمن ملخص عن كل الإجراءات التي سبقت المنح المؤقت، وتبرر من خلالها عملية الاختيار بعد ترتيب المترشحين كل حسب إمكانياته وعدد النقاط المحصل عليها، ويرسل هذا الملف إلى اللجنة المختصة الوطنية أو الولائية أو البلدية للصفقات العمومية من أجل التأشير عليه.
وتعليل المصلحة المتعاقدة لاختيارها لايكون أمام السلطات الإدارية المختصة فقط بل يتعداه إلى الجهات القضائية، فبالنسبة للقضاء الاداري باعتباره الجهة المختصة بفض النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية، تلزم الإدارة بتوضيح جميع المعايير التي بنت على أساسها عملية الاختيار، وهذا تفاديا لصدور أحكام من شأنها تعطيل المشاريع العامة أو تلزم الإدارة بدفع تعويضات مالية نتيجة أخطائها، أما بالنسبة للقضاء الجزائي باعتباره الجهة المختصة بالنظر في مختلف المخالفات المرتكبة في إطار الصفقات العمومية والتي يجرمها قانون العقوبات وقانون الفساد، فالمصلحة المتعاقدة ملزمة بتبرير قانونية الإجراءات التي تمت بموجبها الصفقة، وكذا تعليل اختيارها للمتعامل المتعاقد حتى لايقع مسؤولوها تحت طائلة الجرائم التي نص عليها القانون الجزائي والتي سنتطرق لها لاحقا.
تكريسا لمبدأ الشفافية في مجال الصفقات العمومية أقر المشرع الجزائري للأعوان الاقتصاديين المتعاملين مع الإدارة الحق في الطعن في إجراءات إبرام الصفقة وطريقة منحها، فنجد المادة 09 من القانون 06-01 المتعلق بمكافحة الفساد المذكورة آنفا، نصت على هذا المبدأ من ضمن المبادئ التي يجب مراعاتها في مجال الصفقات العمومية، كما أن المرسوم 02-250 نص في المادة 101 منه على طريقة ممارسة الحق في الطعن في منح الصفقة مبينا الإجراءات والمهل التي يجب مراعاتها في إبداء الطعن وفي رد السلطة المختصة عليه، وهذا بالإضافة إلى حق الطعن المنصوص عليه في التشريع المعمول به والمتمثل في الطعن القضائي في إجراءات إبرام الصفقات العمومية.
وطبقا لذلك فإن الطعن هو وسيلة وضعها المشرع في متناول كل متعهد يحتج على الاختيار الذي قامت به المصلحة المتعاقدة في إطار الإعلان عن المناقصة، والذي تتم إجراءاته في البداية أمام اللجنة المختصة بنظر الطعون والتي تتحدد بمبلغ الصفقة، كما هو وارد في المرسوم 02-250، وهي إما اللجنة الوطنية للصفقات العمومية أو الولائية أو البلدية إذ يلزم كل طاعن بتقديم طعنه في ظرف 10 أيام من تاريخ صدور الإعلان عن المنح المؤقت للصفقة في الجرائد، وعلى اللجنة الفصل فيه في ظرف 15 يوما ابتدءا من انقضاء الـ 10 أيام المخصصة للطعن ولايمكن للمصلحة المتعاقدة عرض مشروع الصفقة على لجنة الصفقات المختصة للتأشير عليه إلا بعد انقضاء مهلة 30 يوما ابتدءا من تاريخ الإعلان عن المنح المؤقت للصفقة في الصحف وعليه فيعتبر هذا الطعن بمثابة طعن إداري في عملية منح الصفقة العمومية لأنه يتم أمام لجان ذات طبيعة إدارية.
زيادة على دلك يمكن لكل متعهد مترشح للصفقة أن يحتج على طريقة اختيار المصلحة المتعاقدة للمتعامل المتعاقد معها في إطار الصفقة المراد إبرامها عن طريق الطعن القضائي، ويتم الأمر برفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري باعتباره الجهة المختصة قانونا في فض النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية.
ولا يعد الطعن المسبق أمام لجان الصفقات إجراء إلزامي قبل اللجوء إلى القضاء، إذ يمكن للمتعهد الطعن مباشرة أمام القضاء دون اللجوء إلى اللجان المختصة، وهذا ماذهب إليه مجلس الدولة في قراره الصادر بتاريخ 07-06-2005 الذي جاء فيه:
" حيث أن المستأنفة تمسكت بأن القرار المعاد يجب إلغاؤه ذلك لأن قضاة الدرجة الأولى يأخذوا بعين الاعتبار كون أن المستأنف عليه لم يرفع الطعن المسبق الإلزامي المنصوص عليه في المادتين 100-101 من المرسوم 91/434 المؤرخ في 09-11-1991 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية حيث أن هذه الأحكام تم تعديلها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 02/250 المؤرخ في 24/07/2002، ويمكن للمتعاقد قبل رفعه الدعوى قضائيا، تقديم طعن أمام اللجنة الوطنية للصفقات العمومية طبقا لأحكام المادة الجديدة ولكنه مجرد اختيار وليس إلزاما" .
الصفقات العمومية و الجرئم المتعلقة بها في ظل قانون الفساد
الفصل الثاني: الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية في ظل قانون الفساد في إطار مكافحة جرائم الفساد، نص المشرع الجزائري من خلال القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته على مختلف الجرائم المتعلقة بالفساد، وقد جاء ذلك بالباب الرابع من هذا القانون والمعنون ب" التجريم والعقاب وأساليب التحري".
ولما كانت الصفقات العمومية تشكل أهم مسار تتحرك فيه الأموال العامة والوسيلة القانونية التي وضعها المشرع في يد الإدارة العمومية من أجل تسيير هذه الأموال فإنها تعد بذلك المجال الخصب للفساد بكل صوره.
وتبعا لذلك فقد نص قانون مكافحة الفساد على مختلف صور الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية من خلال كل من: المادة 26 فقرتين 1و2 التي جاءت تحت عنوان "الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية" –المادة 27 التي جاءت تحت عنوان " الرشوة في مجال الصفقات العمومية" إضافة إلى مانصت عليه المادة 35 والمتعلقة بجريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية والتي تعد صورة من صور الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية. وهي نفس المواد والجرائم التي كان يشملها قانون العقوبات من خلال المواد: 123-124-125-128 مكرر 01 والتي ألغيت بموجب المادة 71 من قانون مكافحة الفساد، وهذا مع الأخذ بعين الاعتبار الأحكام المستحدثة بموجب هذا القانون والمتعلقة بتحديد مفهوم الموظف العمومي الذي يأخذ صفة الجاني في أغلب جرائم الفساد، وكذا تحديد أساليب المتابعة والتحري للكشف عن هذه الجرائم على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي.
ولدراسة مختلف صور الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية في ظل قانون الفساد، تتناول من خلال هذا الفصل، 03 مباحث، نخصص الأول لجريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، ونخصص المبحث الثاني لدراسة جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون من أجل الحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، كما نخصص المبحث الثالث لجريمتي الرشوة في مجال الصفقات العمومية, واخذ فوائد بصفة غير قانونية نظرا للتقارب الموجود بين هاتين الجريمتين.
المبحث الأول: جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية "جنحة المحاباة" : نصت على هاته الجريمة المادة 26فقرة01 من القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته التي تنص على:" يعاقب بالحبس من سنتين (2) إلى (10) سنوات وبغرامة من 200000إلى 1000000دج كل موظف عمومي يقوم بإبرام عقد أو يؤشر أو يراجع عقدا أو اتفاقية أو صفقة أو ملحقا مخالفا بذلك الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير" وهي المادة التي حلت محل المادة 128 مكرر فقرة 1 من قانون العقوبات الملغاة بموجب قانون الفساد.
ويطلق على هذه الجريمة كذلك اسم: جنحة المحاباة délit de favoritisme، وستتناول دراستها وفقا لمطلبين نخصص الأول لأركان الجريمة والثاني لقمع الجريمة.
المطلب الأول : أركان الجريمة تقوم جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية على 03 أركان هي: -صفة الجاني-الركن المادي-الركن المعنوي، وسنتطرق لكل ركن على حدى من خلال النقاط الآتية: الفرع الأول: صفة الجاني: يفترض أن يكون الجاني في جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية وفقا لنص المادة 26 فترة 01 من قانون الفساد المذكورة أعلاه، موظفا عموميا، وهذه الصفة تمثل الركن المفترض في هذه الجريمة وفي باقي جرائم الفساد التي يقوم بها الموظفون العموميون، لذلك سنوضح تعريف الموظف العمومي وفقا لقانون الفساد في هذه الجريمة مع الإحالة إليه في باقي الجرائم التي سنتطرق لها والتي تكون فيها صفة الجاني موظفا عموميا.
عرّف قانون مكافحة الفساد من خلال المادة 02 فقرة ب منه الموظف العمومي بـ:
1- كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، سواء أكان معينا أو منتخبا، دائما أو مؤقتا، مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر، بصرف النظر عن رتبته أو أقدميته.
2- كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا، وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر، ويساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها، أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية.
3- كل شخص آخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
وهذا التعريف مستمد من المادة 02 فقرة 01 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك يوم 31 أكتوبر 2003.والتي صادقت عليها الجزائر بتحفظ بموجب المرسوم الرئاسي رقم 04-128 المؤرخ 19 أفريل 2004 ويختلف تماما عن تعريف الموظف العمومي الذي جاء به الأمر 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، والذي نص على تعريفه في المادة 04 فقرة 01 منه وتنص على: " يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة، ورسم في رتبة في السلم الإداري "
وبهذا التعريف يكون قانون مكافحة الفساد قد حدد مختلف الفئات التي تدخل ضمن مفهوم الموظف العمومي ويمكن تقسيمها إلى 04 فئات، نتناول كل منها بشيء من التفصيل على اعتبار أن صفة الجاني تعد ركنا في جنحة المحاباة، كما أن التكييف القانوني السليم لهذه الجريمة ولغيرها من جرائم الفساد يتوقف بداية على تحديد صفة الجاني إن كان موظفا أم لا في نظر قانون الفساد.
الفئة الأولى: كل شخص يشغل منصبا تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا: تشمل هذه الفئة الأشخاص ذوو المناصب التنفيذية أو الإدارية أو القضائية سواء كانوا معينين أو منتخبين، دائمين أو مؤقتين، يعملون بأجر أو بدونه، وبصرف النظر عن أقدميتهم أو رتبتهم.
1 / الشخص الذي يشغل منصبا تنفيذيا: ويقصد به أعضاء السلطة التنفيذية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذي يكون منتخبا.
- رئيس الحكومة والذي يعينه رئيس الجمهورية.
- الوزراء الذين يشكلون أعضاء الطاقم الحكومي، ويعينهم رئيس الجمهورية بناءا على اقتراح من رئيس الحكومة.
2 / الشخص الذي يشغل منصبا إداريا: ويقصد به كل شخص يعمل في إدارة من الإدارات العمومية سواء بصفة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بدون أجر وبغض النظر عن رتبته أو أقدميته، وتقسم وفقا لذلك هذه الفئة إلى قسمين:
- من يشغل منصب إداري بصفة دائمة.
- من يشغل منصب إداري بصفة مؤقتة.
أ/ من يشغل منصب إداري بصفة دائمة:
ويمثل كل شخص يحمل صفة موظف عمومي بمفهوم المادة 04 فقرة 01 من الأمر 06-03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التي تنص على:" يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة، ورسم في رتبة في السلم الإداري" وهو التعريف المكرس في القانون الإداري .
ويستخلص من خلاله أنه لكي يحمل الشخص صفة الموظف يشترط توافر 04 عناصر هي:
1- أن يكون معينا في وظيفة عمومية سواء كان التعيين بموجب قرار وزاري أو مرسوم رئاسي.
2- أن يقوم بعمل دائم.
3- أن يكون مرسما برتبة في السلم الإداري.
4- أن يمارس نشاط في مؤسسة أو إدارة عمومية.
ويقصد بالمؤسسات أو الإدارات العمومية، مجموع الهيئات المذكورة بالمادة02 فقرة 02 من قانون الوظيفة العمومية وهي:
- المؤسسات العمومية
- الإدارات المركزية في الدولة والمصالح غير المركزية التابعة لها.
- الجماعات الإقليمية.
- المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
- المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني.
- المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي.
- كل مؤسسة عمومية يمكن أن يخضع مستخدموها لأحكام هذا القانون الأساسي.
وقد استثنت هذه المادة في الفقرة 03 منها فئات القضاة والمستخدمون العسكريون والمدنيون للدفاع الوطني ومستخدموا البرلمان.
ب/ من يشغل منصبا إداريا بصفة مؤقتة:
ويقصد به كل شخص يشغل منصب في أدارة أو مؤسسة عمومية من تلك المذكورة آنفا ولا تتوفر فيه صفة الموظف بالمفهوم المذكور في قانون الوظيفة العمومية مثل:الأعوان المتعاقدون أو المؤقتون.
3 / الشخص الذي يشغل منصبا قضائيا: ويقصد به القاضي بالمعنى الوارد في القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في: 06/09/2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء الذي قسم القضاة إلى فئتين:
-فئة القضاة التابعون للقضاء العادي وهم: قضاة الحكم والنيابة للمحكمة العليا أو المجالس القضائية أو المحاكم، وكذا القضاة العاملون في الإدارة المركزية لوزارة العدل.
-فئة القضاة التابعون للقضاء الإداري وهم: قضاة مجلس الدولة والمحاكم الإدارية ويستثنى من هؤلاء، قضاة مجلس المحاسبة، قضاة المجلس الدستوري وقضاة مجلس المنافسة.
كما يضاف إلى من يشغلون منصبا قضائيا كل من: المحلفون المساعدون في محكمة الجنايات ، المساعدون في القسم الاجتماعي وفي قسم الأحداث، باعتبارهم يشاركون في الأحكام التي تصدر عن الجهات القضائية.
الفئة الثانية: كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو منتخبا في أحد المجالس الشعبيةالمحلية: -بالنسبة لمن يشغل منصبا تشريعيا، فهم أعضاء المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة سواء كانوا من الثلثين المنتخبين أو من الثلث المعين من قبل رئيس الجمهورية .
-أما بالنسبة للمنتخبين في المجالس الشعبية المحلية، فهم أعضاء المجالس الشعبية البلدية المنتخبين أو أعضاء المجالس الشعبية الولائية المنتخبين.
الفئة الثالثة: كل شخص يتولى وظيفة أو وكالة في هيئة أو مؤسسة عمومية أو ذات رأسمال مختلط أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية:
ويتعلق الأمر بكل من يسند إليه منصب مسؤولية عن طريق الوكالة، كأعضاء مجلس الإدارة في المؤسسات العمومية الاقتصادية. أو عن طريق الوظيفة، مثل الموظفون بمفهوم القانون الأساسي للوظيفة العمومية، ويساهم بهذه الصفة في خدمة إحدى الهيئات أو المؤسسات المذكورة وهي: 1/ الهيئات والمؤسسات العمومية: الهيئة العمومية: وهي كل شخص معنوي عام غير الدولة والجماعات المحلية، يتولى تسيير مرفق عام مثل:
-المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري EPA.
-المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري EPIC.
وتجدر الإشارة إلى ان القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية يعتبر العاملين في المؤسسات العمومية والمعينين بصفة دائمة والمرسمين في رتبة في السلم الإداري موظفين، وعلى هذا الأساس فهم يدخلون في فئة من يشغل وظيفة إدارية .
كما يدخل ضمن مجموع الهيئات العمومية، السلطات الإدارية المستقلة والمنشأة بموجب قوانين خاصة مثل: مجلس المنافسة، سلطات الضبط للبريد والمواصلات، الكهرباء والغاز...
المؤسسة العمومية: وتتمثل أساسا في المؤسسات العمومية الاقتصادية والمنظمة بموجب الأمر 01-04 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها والذي عرّف المؤسسات العمومية الاقتصادية بأنها شركات تجارية تحوز فيها الدولة أو أي شخص معنوي آخر خاضع للقانون العام، أغلبية رأس المال الاجتماعي مباشرة أو بصفة غير مباشرة، وهي تخضع للقانون العام، ومن أمثلتها: مؤسسة سوناطراك، مؤسسة سونلغاز.... 2/ المؤسسات ذات الرأسمال المختلط: ويتعلق الأمر بالمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تخضع في إنشائها وتنظيمها وسيرها للأشكال التي تخضع لها شركات المساهمة، والتي فتحت الدولة رأسمالها الاجتماعي أمام الخواص عن طريق بيع بعض الأسهم، أو التنازل عن بعض رأسمالها للخواص ومن أمثلتها: مجمع الرياض –مجمع صيدال- ميتال ستيل للحديد والصلب..... 3/ المؤسسات الأخرى التي تقدم خدمة عموميـــة: ويقصد بها المؤسسات التابعة للخواص والتي تحوز على عقد امتياز من أجل تسيير مرفق عام والإشراف عليه، وبالتالي تقديم خدمة عمومية في قطاع من القطاعات العامة في الدولة.
وهي تقوم على 03 معالم:
- أن تقدم المؤسسة خدمة عمومية.
- أن تتمتع بامتيازات السلطة العامة.
- أن يكون للإدارة الحق في مراجعة كيفية تطبيق مهمتها.
ومن أمثلة هذه المؤسسات في الجزائر: مؤسسة NET COM لرفع قمامة المنازل،مؤسسة التطهير SIAAL، مؤسسات النقل العمومي...
الفئة الرابعة: كل شخص يأخذ حكم الموظف: هذه الفئة تشمل في مفهوم قانون الفساد، كل شخص آخر معرّف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وينطبق ذلك على المستخدمين العسكريين والمدنيين في الدفاع الوطني والضباط العموميون.
ولتحديد هذه الفئات يجب الرجوع إلى القوانين الخاصة التي تحكم كل فئة من أجل استخلاص مدى توافر خصائص الموظف العمومي.
فبالنسبة للمستخدمين العسكريين والمدنيين في الدفاع الوطني فهم مستثنون من تطبيق أحكام الأمر 06-03 المتعلق بالقانون العام للوظيفة العمومية بموجب المادة 02 فقرة 03 منه، ويحكمهم الأمر رقم 06-02 المتضمن القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين.
أما بالنسبة للضباط العموميون فيقصد بهم كل من:
- الموثقين و يحكمهم القانون رقم 06-02 المؤرخ في 20-02-2006 المتضمن تنظيم مهنة الموثق.
- المحضرين القضائيين و يحكمهم القانون رقم 06-03 المؤرخ في 20-02-2006 المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي.
- محافظو البيع بالمزايدة ويحكمهم الأمر رقم 96-02 المؤرخ في 10-01-1996 المتضمن تنظيم مهنة محافظ البيع بالمزايدة.
- المترجمين الرسميين ويحكمهم الأمر رقم 95-13 المؤرخ في 11-03-1995 المتضمن تنظيم مهنة المترجم-الترجمان الرسمي-
وهؤلاء لايدخلون في مفهوم الموظف العمومي سواء في ذلك الوارد في قانون مكافحة الفساد من خلال المادة 02-ب- الفقرتين 01-02 منه، أو في المادة 04 من قانون الوظيفة العمومية، وهم يتولون وظائفهم بتفويض من قبل السلطة العمومية، ويحصّلون الحقوق والرسوم المختلفة لحساب الخزينة العمومية، الأمر الذي يؤهلهم لكي يدرجوا ضمن فئة من في حكم الموظف العمومي .
هذه هي مجمل الفئات التي حددتها المادة 02-ب من قانون مكافحة الفساد، والتي يتحدد بموجبها مفهوم الموظف العمومي، ويلاحظ أنه يشمل كل شخص يتمتع بنصيب من الاختصاص في خدمة الدولة أو إحدى المؤسسات أو الهيئات التابعة لها أو يساهم في تسيير مرفق عام يقدم خدمة عمومية.
ويجب أن تتوافر صفة الموظف العمومي بالمفهوم السابق الذكر في الشخص لكي يمكن نسبة الجريمة إليه، فكل موظف يقوم بإبرام صفقة أو اتفاقية أو عقد أو يؤشر عليه أو يراجعه مخالفا بذلك الأحكام التشريعية أو التنظيمية المعمول بها بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير يتعرض للمساءلة الجزائية، وكذا الحال بالنسبة لكل موظف يقوم بفعل من الأفعال المجرمة في باقي الجرائم المتعلقة بالفساد.
الفرع الثانى: الركن المادي: يتحقق الركن المادي لجريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية بقيام الجاني بإبرام عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق أو مراجعته أو تأشيره مخالفةً للإجراءات التشريعية والتنظيمية المعمول بها، بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم الركن المادي لهذه الجريمة إلى عنصرين أساسيين هما: السلوك الإجرامي-الغرض منه. 1/ السلوك الإجرامي: يتمثل السلوك المجرم في جنحة المحاباة في قيام الجاني وهو الموظف العمومي على حسب ماهو معرف بنص المادة 02-ب من قانون مكافحة الفساد على النحو السابق بيانه، بإبرام أي عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق أو مراجعته أو تأشيره مخالفةً للتشريعات والتنظيمات المعمول بها. - العمليات التي ينصب عليها الركن المادي للجريمة: وهي: العقد-الاتفاقية-الصفقة-الملحق-التأشير على العقد-مراجعة العقد.
- العقد: ويمثل بمفهومه العام كل اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص آخر أو عدة أشخاص، بمنح أو فعل أو الامتناع عن فعل شيء ما .
غير أن المقصود من عبارة العقد في المادة 26-01 من قانون مكافحة الفساد، هو تلك العقود التي تبرمها الدولة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات التابعة لها مع أشخاص معنوية عامة أو خاصة، أو مع شخص طبيعي بدون استعمال امتيازات السلطة العامة كما هو محدد في القانون الإداري، ويتعلق الأمر بالعقود التجارية التي تبرمها المؤسسات والهيئات الإدارية، مثل: العقد الذي تبرمه الإدارة مع مصلح عجلات السيارة، أو مع الميكانيكي من أجل تصليح السيارات التابعة لها.
- الاتفاقية: وتأخذ نفس مفهوم العقد، غير أنه عمليا، يطلق مصطلح اتفاقية على العقود التي تبرمها الدولة أوالمؤسسات أو الهيئات الإدارية التابعة لها، مع شخص آخر معنوي أو طبيعي خاص أو عام، والمتعلقة بإنجاز أشغال أو خدمات لصالحها، عندما لايرقى المبلغ المخصص لها إلى مبلغ الصفقة كما هو محدد بالمادة 05 فقرة 01 من المرسوم
02-250 وتتم هاته الاتفاقية تقريبا بنفس إجراءات إبرام الصفقة إلا ماتعلق منها بطريقة الإبرام أو المراقبة أو الإشهار الصحفي، كما هو مبين في الفصل الأول من هذا البحث.
- الصفقة: وفقا للمرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم، تعرف الصفقة بأنها تلك العقود التي تبرمها المؤسسات والهيئات العمومية المحددة بالمادة 02 منه والمتعلقة باقتناء خدمات أو إنجاز خدمات الدراسات أو انجاز أشغال أو اقتناء مواد في حدود المبالغ المحددة بموجب المادة 05 فقرة 01 من المرسوم وهي 000000 4دج بالنسبة لخدمات الدراسات واقتناء الخدمات، و06 ملايين دج بالنسبة لخدمات الأشغال والتوريدات والذي تتم إجراءاته طبقا لما هو محدد في المرسوم، والتي سبق التطرق إلى أهمها من خلال الفصل الأول من هذا البحث.
أما بالنسبة لمفهوم الصفقة كما هو وارد في قانون مكافحة الفساد فإنه يتسع ليشمل كافة العقود التي يبرمها الموظف العمومي كما هو معرف بالمادة 02-ب من قانون مكافحة الفساد والتي يدخل ضمنها الصفقات بمفهوم المرسوم 02-250 التي يبرمها موظفو الهيئات المذكورة بالمادة 02 منه كما تضم أيضا العقود التي يبرمها موظفو المؤسسات العمومية الاقتصادية والمستثناة من المرسوم 02-250 كما تشمل أيضا العقود التي يبرمها الأشخاص الذين يتولون وظيفة أو وكالة في مؤسسة خاصة تقدم خدمة عمومية.
- الملحق: L'AVNANT هو وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة يبرم بين نفس أطراف الصفقة الأصلية، ويتم اللجوء إليه في جميع الحالات إذا كان هدفه زيادة الخدمات أو تقليلها أو تعديل بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة الأصلية، ويمكن أن تغطي الخدمات موضوع الملحق عمليات جديدة تدخل في موضوع الصفقة الإجمالي بشرط أن لا يعدل موضوع الصفقة جوهريا .
ولا يخضع إجراء إبرام الملحق إلى نفس إجراءات إبرام الصفقة كما هي محددة بالمرسوم 02-250 خاصة ماتعلق منها بالرقابة إلا إذا تجاوز مبلغ الملحق النسب المحددة بالمادة 93 من نفس المرسوم وهي: 20% من مبلغ الصفقة الأصلية بالنسبة للصفقات التي تدخل في اختصاصات لجنة الصفقات التابعة للمصلحة المتعاقدة، ونسبة 10% بالنسبة للصفقات التي هي من اختصاصات اللجنة الوطنية للصفقات العمومية.
- مراجعة العقد أو الصفقة: بالنسبة لمراجعة العقد بمفهومه السابق الذكر فإنه يخضع لإرادة الطرفين، الإدارة والطرف الآخر المتعاقد معها.
أما بالنسبة لمراجعة الصفقة فإن إمكانية مراجعة أحد بنودها أو السعر المتفق عليه بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد، يتم النص عليها في دفتر الشروط من خلال أحد بنوده الذي يبين إمكانية المراجعة من عدمها، كما يبين الأسباب التي قد تؤدي إلى مراجعة بنود الصفقة أو مراجعة السعر أو تحيينه.
وقد ترك المرسوم 02-250 للمصلحة المتعاقدة تحديد هذا الأمر من خلال دفتر الشروط غير أنه نص في المادة 53 منه على حالتين لتحيين الأسعار أومراجعتها وهما:
1-عندما تكون المدة الفاصلة بين التاريخ المحدد لإيداع العروض، وتاريخ الأمر ببدأ تنفيذ الخدمة يفوق مدة صلاحية العرض (تحدد عادة بـ 120 يوما).
2-عند إنقضاء أجل صلاحية الأسعار المنصوص عليها في التعهد الذي يفصل بين تاريخ إمضاء الصفقة من قبل المتعامل المتعاقد المتعهد، وتاريخ التبليغ ببدء تقديم الخدمة، بالنسبة للصفقات التي تبرم وفقا لإجراء التراضي.
هذا بالإضافة إلى حالة ثالثة منصوص عليها بالمادة 54 من المرسوم 02-250 وتتعلق بإمكانية بتحيين الأسعار في حالة التأخر في تنفيذ الصفقة إذا لم يتسبب المتعامل المتعاقد في هذا التأخير، وهذا عندما تكون أسعار الصفقة ثابتة وغير قابلة للمراجعة أو التحيين.
- التأشير على العقد أو الصفقة: التأشير يقصد به في قانون مكافحة الفساد، الإمضاء أو المصادقة فبالنسبة للعقود والاتفاقيات التي تبرمها المؤسسات والهيئات المشار إليها آنفا، فإن أمر التأشير عليها يتم بإمضاء مسؤولها على العقد أو الاتفاقية كشرط لاستكمال عنصر الرضاء قبل الشروع في تنفيذ العقد أو الصفقة.
أما بالنسبة للصفقة والتي تخضع لرقابة اللجنة الوطنية أو الولائية أو البلدية للصفقات العمومية حسب ماهو محدد بالمرسوم 02-250 والمذكورة في الفصل الأول من هذا البحث، فإن التأشير عليها يتم من قبل رئيس إحدى هذه اللجان، وهو بمثابة تتويج للرقابة التي تمارسها هذه اللجان حول مدى قانونية الإجراءات المعمول بها في إبرامها ، فإذا تم التأشير على الصفقة تمضيها المصلحة المتعاقدة رفقة المتعامل المتعاقد، ويسلم لهذا الأخير أمر ببدء الأشغال (ODS) أما إذا رفض التأشير عليها فإن إجراءاتها تعاد من جديد وفقا لسبب رفض التأشير الصادر عن اللجنة المختصة.
ويستخلص مما سبق أن مفهوم الصفقة في ظل قانون الفساد أوسع من ذلك المنصوص عليه في المرسوم 02-250المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية، وهذا مايعد من أهم مميزات قانون مكافحة الفساد.
- مخالفة التشريعات أو التنظيمات المعمول بها في إبرام هاته العقود: تتطلب جريمة منح امتيازات غير مبررة، وفقا للمادة 26-01 من قانون الفساد لتحقيق ركنها المادي أن يقوم الجاني بإبرام أو مراجعة أو التأشير على عقد من العقود المشار إليها آنفا مخالفةً للتشريعات والتنظيمات المعمول بها.
ويقصد بالتشريعات جميع القوانين والأوامر التي تمر على الهيئة التشريعية المتمثلة في البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبى الوطني ومجلس الأمة) وتتم المصادقة عليها.
أما التنظيمات فهي تلك النصوص المنظمة للمؤسسات والهيئات العمومية التي يشرف عليها موظفون عموميون والتي تمارس مهامها بموجبها بما فيها إبرام العقود.
فبالنسبة للصفقات العمومية والتي يحكمها المرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية فقد تضمن هذا الأخير إجراءات إبرام الصفقة وحدد المؤسسات والهيئات العمومية المعنية بهذه الإجراءات من خلال المادة 02 منه، ويشكل الإخلال بها عنصرا مكونا للركن المادي لجنحة المحاباة أما العقود التي تتضمن عمليات خاصة بالصفقات العمومية كما هي محددة بالمرسوم، والتي لاتتجاوز قيمتها المبلغ المحدد لإبرامها على شكل صفقة فإن الإدارة تبرمها على شكل اتفاقية، ولا يتطلب فيها مراعاة جميع الإجراءات المنصوص عليها في المرسوم 02-250، ولكن يجب أن تؤسس على قواعد المنافسة والشفافية والنزاهة حفاظا على المال العام.
أما باقي العقود التي يبرمها الموظف العمومي حسب ماهو معرف بالمادة 02-ب- من قانون مكافحة الفساد، والتي تشمل الهيئات غير المعنية بإجراءات الصفقة وهي المؤسسات العمومية الاقتصادية والمؤسسات ذات الرأسمال المختلط والمؤسسات الخاصة التي تقدم خدمة عامة، فتخضع عملية إبرامها ومراجعتها والتأشير عليها وتعديلها للإجراءات المحددة في القوانين الخاصة بهذه المؤسسات أو في لوائحها التنظيمية، ويشكل الإخلال بها عنصرا مكونا للركن المادي لجنحة المحاباة .
2/ الغرض من السلوك الإجرامي: لا يكفي لتحقيق الركن المادي لجريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية قيام الموظف العمومي بإبرام عقد أو صفقة أو اتفاقية أو ملحق أو مراجعتها أو التأشير عليها مخالفة للتشريعات والتنظيمات المعمول بها، وإنما يشترط أن يكون الغرض من هذا العمل هو إفادة الغير بامتيازات غير مبررة، كما يشترط أن يكون الغير هو المستفيد من هذه الامتيازات وليس الجاني، والا عدّ الفعل رشوة’ وهي جريمة قائمة بحد ذاتها في مجال الصفقات العمومية سنتطرق لها لاحقا.
وعليه فلا تقوم الجريمة بمجرد مخالفة الأحكام القانونية واللوائح التنظيمية، والتي تعد من الأخطاء المهنية التي يحاسب عليها الموظف من قبل السلطة المكلفة بالرقابة أو السلطة الوصية، وإنما يشترط زيادة على ذلك أن يكون الهدف من مخالفة هذه النصوص هو تبجيل ومحاباة أحد المتنافسين على غيره، مثل: تعمد زيادة تنقيط العروض التقنية والمالية بالنسبة لأحد المتنافسين على الصفقة بصفة غير مستحقة.
وبعنصر الغرض يتضح أن الغاية من تجريم هذا الفعل هو ضمان مبدأ المساواة بين المترشحين للفوز بالصفقة أو العقد، وإراساءا لمبدأ الشفافية في مجال إبرام الصفقات العمومية، وهي المبادئ التي تقوم عليها الصفقات العمومية سواء في المرسوم 02-250 أو المادة 09 من ق الفساد.
وتجدر الإشارة إلى أنه على القاضي إبراز العنصرين المكونين للركن المادي لهاته الجريمة وذلك بتبيين الإجراء المخالف للقانون، وربطه بمن رست عليه الصفقة مبرزا العلاقة بين الإجراء المخالف وإجراء منح الصفقة لأحد المترشحين، ويتضح له ذلك من خلال ملف الصفقة المدرج بملف القضية.
الفرع الثالث: الركن المعنوي: جنحة المحاباة هي جريمة عمديه تتطلب توافر القصد الجنائي العام المتمثل في العلم والإرادة، كما تتطلب توافر القصد الجنائي الخاص وهو إعطاء امتيازات للغير مع العلم أنها غير مبررة.
ويمكن التأكد من توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة من خلال تكرار العملية والوعي التام للجاني بمخالفة القواعد الإجرائية أو من استحالة عدم العلم بها بحكم الوظيفة التي يشغلها.
ولا يؤخذ بعين الاعتبار الباعث إلى مخالفة الأحكام التشريعية أو التنظيمية فتقوم الجريمة حتى ولو كان من أعطى امتيازات غير مبررة لايبحث عن فائدته الخاصة وإنما عند فائدة مؤسسة عمومية، كما لايؤثر فى قيامها مدى استقامة ونزاهة الموظف خلال حياته المهنية.
ومثلما هو الحال بالنسبة للركن المادي، فعلى القاضي إبراز الركن المعنوي للجريمة، وتبيان مدى علاقة الأفعال المرتكبة بالنية الجرمية للمتهم، سواء بالنسبة لقضاة الحكم أو قضاة التحقيق.
المطلب الثاني: قمع الجريمة
تخضع جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، كغيرها من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد لأحكام خاصة جاء بها هذا الأخير في سبيل قمع مختلف جرائم الفساد، وتتعلق هذه الأحكام بإجراءات المتابعة والجزاء. الفرع الأول: المتابعة: كباقي جرائم الفساد، تتم المتابعة بالنسبة لجنحة المحاباة وفقا لما هو منصوص عليه في قانون الإجراءات الجزائية، غير أن قانون مكافحة الفساد نص على أحكام مميزة
بشأن أساليب التحري للكشف عن هذه الجرائم والتعاون الدولي وتجميد الأموال وحجزها وانقضاء الدعوى العمومية. 1/ أساليب التحري الخاصة: تنص المادة 56 فقرة 01 من قانون مكافحة الفساد على مايلى:"من أجل تسهيل عملية جمع الأدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع أساليب تحر خاصة كالترصد الالكتروني والاختراق، على النحو المناسب وبإذن من السلطة القضائية المختصة".
وعليه فهذا النص يشمل جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد، وتتمثل أساليب التحري من خلاله في: -التسليم المراقب-الترصد الالكتروني-الاختراق.
التسليم المراقب: هو الأسلوب الوحيد الذي عرّفه قانون الفساد، وذلك من خلال المادة 02 فقرة- ك- منه والتي تعرّف أسلوب التسليم المراقب بأنه الإجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من الإقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة وتحت مراقبتها، بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية الأشخاص الضالعين في ارتكابه.
الترصد الالكتروني: لم يتطرق المشرع الجزائري إلى تعريفه لا من خلال قانون الإجراءات الجزائية ولا من خلال قانون الفساد غير أنه بالرجوع إلى القانون المقارن، نجد المشرع الفرنسي قد أدرجه في قانون الإجراءات الجزائية، ويقتضي هذا الأسلوب اللجوء إلى إستعمال جهاز إرسال يكون سوارا الكترونيا في غالب الأحيان يسمح بترصد حركة المعني بالأمر والأماكن التي يتردد عليها .
الاختراق: لم ينص قانون الفساد على تعريفه، غير أن قانون الإجراءات الجزائية وعلى إثر تعديله من خلال القانون رقم 06-22 بتاريخ 20/12/2006 تطرق إليه كأسلوب من أساليب التحري والتحقيقات تحت تسمية "التسرب" يلجأ إليه في كشف بعض الجرائم منها تلك المتعلقة بالفساد، وعرّفه من خلال المادة 65 مكرر 12 فقرة 01 والتي تنص على "يقصد بالتسرب قيام ضابط أوعون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية مراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف".
غير أن اللجوء إلى أسلوب من أساليب التحري هذه في كشف جرائم الفساد يتوقف على إذن من السلطة القضائية المختصة المتمثلة في وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق.
2/ التعاون الدولي واسترداد الموجودات: نص قانون الفساد على التعاون الدولي في مجال مكافحة جرائم الفساد ومنها جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، في الباب الخامس منه في المواد من 57 إلى 70 والتي تنص في مجملها على التعاون القضائي وتقديم المعلومات بشأن العائدات الجرمية والتعامل مع المصارف والمؤسسات المالية واسترداد الممتلكات في مجال المصادرة.
3/ تجميد الأموال وحجزها: وفقا للمادة 51 فقرة 01 من قانون مكافحة الفساد يمكن للقاضي أوالسلطة المختصة والمتمثلة أساسا في مصالح الشرطة القضائية، الحكم أو الأمر بتجميد وحجز العائدات والأموال غير المشروعة الناتجة عن ارتكاب جريمة أو أكثر منصوص عليها في قانون الفساد، بما فيها جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية.
4/ تقادم الدعوى العمومية: يطبق على مسألة تقادم الدعوى العمومية بالنسبة لجنحة المحاباة نص المادة 54 فقرة 01-02 من قانون مكافحة الفساد، وهو كذلك نص عام يطبق على جميع جرائم الفساد. وتقضي الفقرة الأولى من هذه المادة بعدم تقادم الدعوى العمومية في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن.
بينما تنص الفقرة الثانية على الإحالة إلى أحكام قانون الإجراءات الجزائية في حالة عدم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وعليه وبما أن جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية تأخذ وصف الجنحة، فإنه يطبق على مسألة التقادم في هذه الحالة نص المادة 08 ق إ ج التي تقضي بأن التقادم فى مواد الجنح يكون بمرور 03 سنوات كاملة.
الفرع الثاني: الجـزاء: نتطرق من خلال عنصر الجزاء إلى العقوبات المقررة للشخص الطبيعي، والشخص المعنوي، ومسألتي الشروع والمشاركة ومسألة الأفعال المبررة، إضافة إلى مسألة الإثبات المتعلقة بجنحة المحاباة. 1/- العقوبات المقررة للشخص الطبيعي:
العقوبات الأصلية: تنص المادة 26 فقرة 01 من قانون مكافحة الفساد على الجزاء المقرر لمن يرتكب جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية وهو الحبس من سنتين إلى 10 سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 200.000 دج إلى 1000.000دج.
أ- تشديد العقوبة: تنص المادة 48 من قانون الفساد على تشديد عقوبة الحبس، لتصبح مدتها من 10 سنوات إلى 20 سنة، دون تشديد الغرامة، إذا ارتكب الجريمة أحد الأشخاص المذكورين في هذه المادة- وهو نص يطبق على جميع جرائم الفساد- وهم:
- القاضي بمفهومه الواسع (MAJISTRAT)، وبالتالي فهو يشمل جميع قضاة القضاء العادي والإداري، وقضاة مجلس المحاسبة ومجلس المنافسة والمجلس الدستوري.
- الموظف الذى يمارس وظيفة عليا في الدولة، ويقصد به كل موظف سام يعين بموجب مرسوم رئاسي.
- الضباط العموميون، وهم المحضرين القضائيين، الموثقين، محافظي البيع بالمزايدة، والمترجمين الرسميين.
- أعضاء الهيئة، ويقصد بهم أعضاء هيئة مكافحة الفساد المعرّفة بنص المادة 02 فقرة –م- من قانون الفساد.
- ضباط وأعون الشرطة القضائية، وهم كل من يجوز على صفة الضبطية القضائية من أعوان أو ضباط حسبما هو وارد في المادتين 15-19 ق إ ج.
- من يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية، وهم الأشخاص المذكورة في المادتين 21 و 27 ق إ ج والذين يخول لهم صلاحيات الشرطة القضائية كل في مجال اختصاصه.
- موظفوا أمانة الضبط، ويتعلق الأمر بأمناء الضبط الرئيسيون، ورؤساء أقسام الضبط، وأمناء الضبط المساعدين العاملين في مختلف الجهات القضائية وكذا العاملين في مصالح أمانة الضبط في المؤسسات العقابية.
ب- الإعفاء من العقوبة: يستفيد من الأعذار المعفية من العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات وفقا لنص الفقرة 01 من المادة 49 من قانون مكافحة الفساد، كل من ارتكب أو شارك في جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وقام قبل مباشرة اجراءات المتابعة بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية أو الجهات المعنية عن الجريمة وساعد على معرفة مرتكبيها.
جـ- التخفيض من العقوبة: تخفض العقوبة بالنسبة لجرائم الفساد بما فيها جنحة المحاباة، وفقا للفقرة 02 من المادة 49 من قانون الفساد إلى النصف، لكل شخص إرتكب أو شارك في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والذي بعد مباشرة إجراءات المتابعة ساعد في القبض على شخص أو أكثر من الأشخاص الضالعين في ارتكابها.
د- تقادم العقوبة: ينص على تقادم عقوبة الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد بوجه عام بما فيها جنحة المحاباة نص المادة 54 فقرتين 01-02، إذ تقضي بأن لا تتقادم العقوبة في حالة تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن.
أما في غير هذه الحالة فتطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية، وبما أن جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية تشكل جنحة، فينطبق عليها في هذه الحالة نص المادة 614 من ق إ ج التي تنص على أن تقادم العقوبة في مواد الجنح يكون بمضي 05 سنوات، ابتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائيا، غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المحكوم بها تزيد عن 05 سنوات كما هو جائز حصوله في جنحة المحاباة فإن مدة التقادم تكون مساوية لهذه المدة المحكوم بها.
العقوبات التكميلية: تقضي المادة 05 من قانون مكافحة الفساد بإمكانية معاقبة الجاني في حالة إدانته بجريمة أو أكثر من جرائم الفساد بوجه عام بإحدى العقوبات التكميلية المنصوص عليها فى قانون العقوبات والذي نص عليها في المادة 09 منه، ومن هذه العقوبات:
- المنع من الإقامة.
- تحديد الإقامة.
- الحرمان من ممارسة الحقوق المدنية والوطنية.
- سحب جواز السفر.
- نشر أو تعليق حكم الإدانة.
مصادرة العائدات والأموال غير المشروعة: تنص الفقرة 02 من المادة 51 من قانون الفساد على مايلى: " في حالة الإدانة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، تأمر الجهة القضائية بمصادرة العائدات والأموال غير المشروعة، وذلك مع مراعاة حالات استرجاع الأرصدة أو حقوق الغير حسن النية ".
يستنتج من هذا النص أن الحكم بمصادرة العائدات أو الأموال غير المشروعة سواء في جريمة منح امتيازات غير مبررة أو غيرها من جرائم الفساد، إلزامي بالنسبة للقاضي، وعبارة " تأمر " المستعملة في النص تدل على ذلك، هذا بالرغم من أن المصادرة عقوبة تكميلية.
إبطال العقود والصفقات والبراءات والامتيازات والتراخيص: جاء قانون الفساد بحكم جديد لم يعرفه التشريع الجزائي الجزائري من قبل، وذلك من خلال المادة 55 منه والتي جاءت تحت عنوان " آثار الفساد " ومفادها مايلى: " كل عقد أو صفقة أو براءة أو امتياز أو ترخيص متحصل عليه من ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يمكن التصريح ببطلانه وانعدام آثاره من قبل الجهة القضائية التي تنظر في الدعوى مع مراعاة حقوق الغير حسن النية ".
فبالنسبة للجرائم المتعلقة بالصفقات خاصة، وباقي جرائم الفساد عامة، إذا تم إدانة الجاني بإحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون الفساد، جاز للقاضي إبطال هاته الصفقات أو العقود أو الامتيازات، وتصبح في حكم العدم، بالرغم من أن إبطال العقود هو من اختصاص جهات القضاء المدني.
وعليه فالقاضي ملزم بعد الحكم بالإدانة بجريمة منح امتيازات غير مبررة للغير في مجال الصفقات العمومية، بتبيين الامتيازات الممنوحة وعدم شرعيتها، ليحكم بإبطال هذه العقود والامتيازات في نفس الحكم وفي الشق الجزائي لا المدني.
2/- العقوبات المقررة للشخص المعنوي: أحالت المادة 53 من قانون مكافحة الفساد بخصوص مسؤولية الشخص المعنوي عن ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص فيه على أحكام قانون العقوبات.
ففيما يتعلق بعقوبة الشخص المعنوي تنص المادة 18 مكرر من ق ع على أن تطبق على الشخص المعنوي في مواد الجنايات والجنح غرامة تساوي من مرة (01) إلى خمس (05) مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، وبالإسقاط على عقوبة جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، تصبح عقوبة الغرامة فيها بالنسبة للشخص المعنوي تساوي من 1000.000 دج وهو الحد الأقصى للغرامة إلى 5000.000 دج.
كما نصت نفس المادة على العقوبات التكميلية التي توقع على الشخص المعنوي، فنصت على تطبيق واحدة أو أكثر من العقوبات الآتية:
• حل الشخص المعنوي.
• غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.
• الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 05 سنوات.
• المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز 05 سنوات.
• مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها.
• نشر وتعليق حكم الإدانة.
3/- المشاركة والشروع: تقضي المادة 52 من قانون مكافحة الفساد على الإحالة على قانون العقوبات، فيما يتعلق بالشروع أو المشاركة في مختلف جرائم الفساد.
المشاركة: بما أن صفة الجاني هي ركن قائم بذاته في جنحة المحاباة كما رأينا سابقا. فإن مسألة الشريك تأخذ إحدى الاحتمالات الآتية:
- إما أن يكون الشريك موظفا عموميا حسب ما هو معرف بالمادة 02-ب- من قانون مكافحة الفساد، فيأخذ حكم الفاعل الأصلي وتطبق عليه نفس العقوبة المقررة للفاعل.
- وإما أن لا يكون الشريك موظفا، فتطبق في هذه الحالة القواعد العامة للمشاركة المنصوص عليها في قانون العقوبات ، وبالرجوع إلى المادة 44 منه نجد ها تعاقب الشريك بنفس عقوبة الفاعل الأصلي سواء في الجنايات أو الجنح كما هو الحال في جنحة المحاباة، وذلك بصرف النظر عن صفة الشريك.
الشروع: يمكن تصور الشروع في جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، ومن ذلك ما قضي به في فرنسا بأن إلغاء الصفقة أثر الملاحظات التي أبدتها مصالح الولاية بمناسبة مراقبة شرعية الصفقة، لا يؤثر في شيء في توافر نية ارتكاب الجريمة باعتبار أن تنفيذ الصفقة لم يتوقف بإدارة صاحب المشروع، وإنما توقف بفضل يقظة الإدارة .
وهو نفس الوضع الذي يمكن حدوثه في الجزائر، فيمكن تصور الشروع في جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، إذا أقدم الجاني على تبجيل احد المتنافسين المترشحين للصفقة على غيره، غير أن لجنة الصفقات سواء الوطنية أو الولائية أو البلدية امتنعت عن تأشيرها وتم إلغائها، فالجريمة هنا قائمة لأن إلغائها تم بصفة خارجة عند إرادة الجاني مما يعد شروعا طبقا لقانون العقوبات.
وتجدر الإشارة إلى إن نص المادة 52 فقرة 02 يقضي بتطبيق نفس عقوبة الجريمة على الشروع وهذا وفقا للقواعد العامة.
4/- مسألة الأفعال المبررة: غالبا ما يتحجج المتهمين في جنحة المحاباة بأفعال مبررة لتجنب المساءلة والإفلات من العقاب ومنذ أمثلتها:
- عادة ما يتحجج المتهمين خاصة أثناء مرحلة التحقيق في جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية بأن قرار منح الصفقة قد اتخذ من قبل إعضاء لجنة تقييم العروض بغرض إبعاد المسؤولية عنهم، غير أن المرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية واضح في هذا المجال، إذ يقضي بأن أعضاء اللجنة المذكورة، يقدمون اقتراحات إلى مسؤول المصلحة المتعاقدة فيما يخص اختيار المتعامل المتعاقد، ويبقى رئيس المصلحة المتعاقدة وحده المسؤول عن منح الصفقة.
- كما قد يتذرع الجانى بتوافر حالة الضرورة لتبرير اختيار إجراء التراضي في إبرام الصفقة دون مراعاة إجراءات إبرامها عند طريق المناقصة، لذلك على القاضي تقدير مدى توافر حالة الضرورة أو الخطر الملح التي تبرر اللجوء إلى إجراء التراضي.
وبالنسبة للقضاء المقارن فقد قضي في فرنسا بمناسبة معالجة القضايا المتعلقة بجنحة المحاباة باستبعاد ما أثاره رئيس البلدية الذي ادعى بأنه غير مسؤول، إذ اقتصر دوره على التوقيع على عمل اتخذ نائبه القرار بشأنه، على أساس أنه يتعين على رئيس البلدية مراقبة كل ما يوقع عليه.
5/- مسألة الإثبات: بالرغم من أن قانون الفساد جاء بمجموعة من أساليب التحري والتحقيق للكشف عن الجرائم المنصوص عليها فيه والمذكورة آنفا، إلا أنها قد لاتكون كافية لكشف جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية نظرا لخصوصية هذه الجريمة والتي ترتكب في الخفاء وباستعمال وسائل احتيالية من طرف الجناة بغرض التهرب من تحمل المسؤولية.
لذلك يستوجب من أجل إثبات هذه الجريمة، الاطلاع الكافي على ملف القضية والتفحص الدقيق لملف الصفقة أو الاتفاقية، خاصة ما تعلق منها بإمكانيات المتحصل عليها المادية والبشرية والسعر المقترح مع مقارنة ذلك مع ما قدمه باقي المترشحين، هذا إلى جانب تحديد العلاقة الموجودة بين الموظف المتهم، والمترشح الفائز بالصفقة ويكون ذلك بالاستعانة بتصريحات الشهود ومسؤولي السلطات الوصية على الموظف لمعرفة مدى شرعية الإجراءات المتخذة بشأن منح الصفقة وطريقة اختيار المتعامل المتعاقد.
المبحث الثاني: جريمة إستغلال نفوذ الأعوان العموميون للحصول على امتيازات غيرمبررة في مجال الصفقات العمومية:
نصت على هذه الجريمة المادة 26 فقرة 02 من قانون مكافحة الفساد ، والتي تقضي ب:" كل تاجر أو صناعي أو حرفي أو مقاول من القطاع الخاص، أو بصفة عامة كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم ولو بصفة عرضية بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات العمومية الاقتصادية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ويستفيد من سلطة أو تأثير أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقونها عادة أو من أجل التعديل لصالحهم في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التموين"
وقد كانت هذه الجريمة مدرجة بنص المادة 128 مكرر فقرة 02 من قانون العقوبات الملغاة بموجب قانون الفساد.
ولدراسة هذه الجريمة من حيث أركانها والجزاء المقرر لها تتناول المطلبين الآتيتين:
المطلب الأول: أركان الجريمة تقوم جريمة إستغلال نفوذ الأعوان العموميون للحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية على 03 أركان هي: -صفة الجانى -الركن المادي -الركن المعنوي. الفرع الأول: صفة الجاني: تقتضي المادة 26 فقرة 02 من قانون مكافحة الفساد، أن يكون الجاني في هذه الجريمة إما تاجرا أو صناعي أو حرفي أو مقاول من القطاع الخاص، وبصفة عامة كل شخص طبيعي أو معنوي من القطاع الخاص.
ويطلق على هؤلاء تسمية: الأعوان الاقتصاديون كما يطلق عليهم اسم: المتعامل المتعاقد في حالة إبرام صفقة عمومية أو اتفاقية وفقا لأحكام المرسوم 02-250 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية .
ويتضح من خلال المادة أن المشرع حصر في بداية الأمر صفة الجاني في التاجر أو الصناعي أو المقاول أو الحرفي، ثم عمّمها على كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بإبرام صفقة أو عقد مع إحدى الهيئات المذكورة في المادة.
والمقصود بالشخص الطبيعي، كل شخص يبرم عقد مع المؤسسات والهيئات العمومية، ويحوز على صفة تاجر أو حرفي، سواء بتملكه سجل تجارى أو بطاقة الحرفي، وعادة ما يتم التعاقد معهم بشأن إنجاز بعض الاشغال أو تقديم خدمات بسيطة مثل ما يتعلق بأشغال الترميم أو إقتناء تجهيزات بسيطة للإدارة أو يكون متعامل ثانوي sous Tritant في صفقة عمومية، وفقا لأحكام المرسوم 02-250 .
أما الشخص المعنوي فيتمثل عموما في شركات الخدمات والتجهيز ومقاولات الأشغال والذين يحوزن على سجل تجاري ولهم إمكانيات ومؤهلات مالية ومادية تسمح لهم بإبرام صفقات أو عقود مع المؤسسات والهيئات العمومية.
وتجدر الإشارة إلى أن صفة الجاني الذي يمكن مساءلته في جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون من أجل الحصول على امتيازات غير مبررة، تقتضي أن يكون شخص طبيعي أو معنوي من القطاع الخاص دون الأشخاص المعنوية من القطاع العام.
الفرع الثاني: الركن المادي: يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بإبرام الجاني عقدا أو صفقة مع الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات العمومية الاقتصادية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ويستفيد من سلطة أو تأثير أعوان هذه الهيئات للحصول على امتيازات غير مبررة.
وعليه فالركن المادي يقوم على عنصرين هما: السلوك الإجرامي و الغرض منه.
وقبل التطرق إلى هذين العنصرين يجب الإشارة إلى اللبس الذي أحدثته الصياغة غير الدقيقة لنص المادة 26 فقرة 02 من قانون الفساد باللغتين العربية والفرنسية حيث ورد فيهما: " كل تاجر .... يستفيد من تأثير أو سلطة أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقونها عادة أو من أجل التعديل لصالحهم في نوعية المواد...." والأصح هو أن تكون الصياغة كما يأتي: " كل تاجر..... ويستفيد من تأثير أو سلطة أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقها عادة أو من أجل التعديل لصالحه في نوعية المواد..." فالهاء هنا تعود على التاجر أو الصناعي أو الحرفي أو المقاول أو كل شخص طبيعي أو معنوي وليس على أعوان الدولة والهيئات التابعة لها .
1/- السلوك الإجرامي: يتمثل السلوك الإجرامي في جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون للحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية حسب نص المادة 26 فقرة 02 في استغلال الجاني لسلطة أو تأثير أو نفوذ أعوان الدولة أو المؤسسات و الهيئات التابعة لها بمناسبة إبرام صفقة أو عقد مع هذه المؤسسات أو الهيئات.
ويقصد بأعوان الدولة من خلال هذه المادة كل من يشتغل في هذه المؤسسات وتكون له سلطة أو تأثير في إبرام العقود أو الصفقات أو يساهم في الإعداد لها وتحضيرها، وتشمل: -مديري هذه المؤسسات أو الهيئات، رؤساء المصالح ورؤساء المكاتب والمهندسين والتقنيين والأعوان الإداريون بمختلف رتبهم.
وبالنسبة للصفقات العمومية فإن يوجد عادة في كل هيئة إدارية أو مؤسسة تابعة للقطاع العام مصلحة أو مكتب خاص بالصفقات العمومية يشرف عليه رئيس المصلحة أو المكتب ويتكون من مهندسين وتقنيين وأعوان إداريون توكل لهم مهمة تحضير إجراءات الصفقة أو أي عقد تبرمه هذه الإدارة، مثل: -تحضير الإعلان عن النداء للمنافسة - تحضير اجتماعات لجنتي فتح الأظرفة وتقييم العروض وإرسال لاستدعاء إلى أعضائها -مراجعة دفتر الشروط -إعداد الدراسات الخاصة بالعروض المقدمة وترتيبها.... وهذا تحت أشراف مدير الهيئة أو المؤسسة.
وغالبا ما يكون هؤلاء الأعوان، هم من لهم صلة مباشرة بالصفقة أو العقد ولهم سلطة أو تأثير في إبرامها كونهم يتوفرون على جميع المعطيات الخاصة بالصفقة خاصة ما تعلق منها بإمكانيات المتنافسين عليها.
وتجدر الإشارة إلى انه لا يشترط أن يكون النفوذ حقيقيا، فالجريمة تقع حتى ولو كان النفوذ مزعوما سواء كان الجاني عالما بزعمه أو يعتقد خطأ بصحته.
2/- الغرض من استغلال نفوذ الأعوان العموميون: تشترط المادة 26-02 لكي يتحقق الركن المادي للجريمة، أن يستغل الجاني نفوذ أو سلطة أو تأثير أعوان الدولة أو الهيئات التابعة لها، من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقها عادة أو التعديل لصالحه في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التموين.
الزيادة في الأسعار: مثال ذلك الأسعار المتعلقة بعقود انجاز الأشغال والتي تحسب على أساس سعر الوحدة وفقا لدفتر الشروط المعد مسبقا، فيتقدم صاحب شركة مقاولة باقتراح أسعار أعلى من تلك المعمول بها في السوق الوطنية مستغلا في ذلك علاقته بمدير المؤسسة أو الهيئة الإدارية أو أحد الأعوان فيها.
التعديل في نوعية المواد: ويتعلق الأمر بتعديل نوعية المواد التي تطلبها الإدارة من حيث الجودة والنوعية ( في مجال الصفقات العمومية نوعية المواد المطلوبة يتم النص عليها في دفتر الشروط) فيعمد الجاني إلى تقديم مواد أقل جودة وبنفس الأسعار مستغلا في ذلك سلطة أو تأثير أعوان الإدارة.
التعديل في نوعية الخدمات: والأمر يتعلق هنا بصفقات وعقود الخدمات، إذ يقوم الجاني بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو إحدى المؤسسات أو الهيئات التابعة لها والمذكورة بالمادة 26-02 تخص نوعية معينة من الخدمات مثل: أعمال الصيانة الدورية لأجهزة الكمبيوتر كل شهرين فيقلص الجاني من هذه المدة لتصبح مرة واحدة كل 04 أشهر مستغلا في ذلك علاقته مع أحد أعوان هذه المؤسسات.
التعديل في آجال التسليم أو التموين: آجال التسليم أو التموين تخص عقود وصفقات اقتناء اللوازم، وعادة ما يتم النص عليها في دفتر الشروط الخاص بها، وإذا أخل المتعامل المتعاقد بالتزاماته أو تأخر في تسليم ماهو مطلوب منه تفرض عليه غرامات التأخير، فيقوم الجاني بتأخير أجل التسليم أو التموين دون فرض غرامات عليه، مستغلا في ذلك سلطة أو تأثير مسؤول الهيئة أو المؤسسة الذي تربط به علاقة صداقة مثلا. كذلك الأمر بالنسبة لصفقات إنجاز الأشغال حيث يقترح المتعامل المتعاقد مدة لانجاز هذه الأشغال يتم النص عليها في الصفقة فيعمد إلى التأخر في إنجازها دون أسباب جدية.
الفرع الثالث: الركن المعنوي: جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون، جريمة عمديه يشترط فيها توافر القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص.
يتمثل القصد الجنائي العام في العلم والإرادة، أي علم الجاني بسلطة وتأثير الأعوان العموميون في إبرام الصفقة أو العقد، وإتجاه إرادته إلى استغلال هذه السلطة أو هذا النفوذ لفائدته، ويتمثل القصد الجنائي الخاص في نية الجاني الحصول على امتيازات غير مبررة.
وكغيرها من الجرائم، على القاضي أن يبين في الحكم أركان جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون من صفة الجاني، وسلطة أو تأثير العون العمومي بالنظر إلى المنصب الذي يشغله وعلاقته بالجاني، وكذا تبيين الركن المعنوي وتوافر القصد الجنائي لدى الجاني من أجل إدانته.
المطلب الثاني: قمع الجريمة تعاقب المادة 26 من قانون مكافحة الفساد مرتكب جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون للحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات وبغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج، هذا بالنسبة للشخص الطبيعي.
أما بالنسبة لعقوبة الشخص المعنوي، فبإحالة المادة 53 من قانون الفساد على أحكام قانون العقوبات، فإن المادة 18 مكرر منه تنص على أن تكون عقوبة الشخص المعنوي مساوية ل: من مرة(01) إلى خمس(05) مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، وبالتالي تصبح عقوبة الشخص المعنوي بالنسبة لجريمة استغلال نفوذ الأعوان العمومية غرامة من 1000.000دج إلى 5000.000دج.
وتطبق على هذه الجريمة نفس الأحكام المطبقة على جنحة المحاباة و المتعلقة بتشديد العقوبة و الإعفاء أو التخفيض منها، و مصادرة العائدات الإجرامية و إبطال العقود و الصفقات و المشاركة و الشروع و تقادم الدعوى العمومية و تقادم العقوبة، و المذكورة في المبحث الأول من هذا الفصل، بإعتبار أن أحكامها جاءت في نصوص في قانون الفساد تطبق على جميع جرائم الفساد.
كما تطبق عليها أيضا الأحكام المتعلقة بإجراءات و أساليب المتابعة و التحري. مسألة إثبات الجريمة: يتوقف إثبات هذه الجريمة على إثبات العلاقة الموجودة بين الجاني و عون الدولة الذي استغل فيه الجاني سلطته و تأثيره من أجل إبرام العقد أو الصفقة، لأن مسألة إثبات عنصر الركن المادي المتمثل في الغرض من استغلال نفوذ الأعوان العموميون و المتعلق بالزيادة في الأسعار أو التعديل في نوعية الخدمات أو المواد يمكن أن يتم عن طريق الخبرة.
لذلك يتوجب على القاضي سواء في مرحلة التحقيق أو مرحلة المحاكمة الإطلاع على ملف القضية و دراسته بدقة و مراقبة تصريحات المتهم و الشهود إن وجدوا لمحاولة استخلاص أركان الجريمة و بالتالي الحكم بإدانة الجاني.
المبحث الثالث: جريمتا الرشوة و أخذ فوائد بصفة غير قانونية في مجال الصفقات العمومية:
المطلب الأول: جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية نصت على هذه الجريمة المادة 27 من القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد و ومكافحته و التي تنص على: " يعاقب بالحبس من عشر(10) سنوات إلى عشرين(20) سنة و بغرامة من 1000.000 دج إلى 2000.000 دج كل موظف عمومي يقبض أو يحاول أن يقبض لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة، أجرة أو منفعة مهما يكن نوعها بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد أبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق بإسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري أو المؤسسات العمومية الاقتصادية"
و يطلق على هذه الجريمة كذلك تسمية قبض العمولات من الصفقات العمومية، و هي الجريمة التي كان ينص عليها قانون العقوبات من خلال المادة 128 مكرر 01 منه والملغاة بموجب قانون الفساد و تعتبر من جرائم المتاجرة بالوظيفة.
تشترك هذه الجريمة مع جريمة رشوة الموظفين العموميون في صورة الرشوة السلبية المنصوص عليها بالمادة 25 فقرة 02 من نفس القانون في بعض أحكامها و تختلف عنها في البعض الآخر، و من خلال تناولنا لأركان هذه الجريمة و الجزاء المقرر لها في الفرعين الآتيين سنجري مقارنة بسيطة بينها.
الفرع الأول: أركان الجريمة: كغيرها من جرائم الفساد تقوم جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية على 03 أركان هي:- صفه الجانى( الركن المفترض)-الركن المادى- الركن المعنوى. أولا/ صفة الجاني: تقضي المادة 27 من قانون الفساد المذكورة أعلاه أن يكون الجاني في جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية موظفا عموميا حسب ما هو معرف بالمادة 02-ب- من قانون الفساد و ذلك على النحو الذي سبق بيانه في جنحة المحاباة التي تطرقنا إليها في المبحث الأول من هذا الفصل.
وهي نفس الصفة التي يشترط توافرها في جريمة رشوة الموظفين العموميين في صورة الرشوة السلبية. ثانيا/ الركن المادي: يقوم الركن المادي لهذه الجريمة وفقا للمادة 27 على قيام الجاني بقبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة مهما كان نوعها، سواء لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة، و ذلك بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق بإسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية الاقتصادية.
وعليه فالركن المادي يقوم على عنصرين هما:
- السلوك الإجرامي.
- المناسبة. 1/- السلوك الإجرامي: يتمثل في قيام الجاني بقبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة مهما يكن نوعها لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
الأجرة أو المنفعة: لم يحدد المشرع طبيعتهما، غير أنه يمكن القول بأن الأجرة يقصد بها الأجر الذي يمكن أن يتقاضاها أي شخص نتيجة قيامه بعمل معين، ويتمثل عادة فى مبلغ من المال.
أما بالنسبة للمنفعة فهي تمثل الفائدة التي يجنيها الشخص من قيامه بعمل ما.
ويتحقق الفعل مهما كان نوع الأجرة أو المنفعة التي يقبضها الجاني أو يحاول قبضها سواء كانت مادية أو معنوية، محددة أو غير محددة، فقد تكون الأجرة أو المنفعة شيئا ماديا كحصول الجاني على سيارة أو نقود أو شيك...، كما قد تكون معنوية كإجراء دعاية للجاني بغرض فوزه في الانتخابات التي ترشح لها، أو تساهم في ترقيته إلى منصب أعلى من حيث المسؤولية.
وتتفق في ذلك هذه الجريمة مع جريمة رشوة الموظفين العموميين في صورة الرشوة السلبية التي تشترط فيها المادة 25 فقرة 02 طلب أو قبول الجاني لمزية، والتي تأخذ مفهوم الهبة أو الهدية أو أية منافع أخرى مادية كانت أو معنوية، صريحة أو ضمنيه، محددة أو غير محددة، بل و يدخل ضمنها حتى الأجر أو المنفعة.
المستفيد: يستوي الأمر من خلال المادة 27 في أن يستفيد الجاني من الأجرة أو المنفعة (العمولة) لنفسه أو لشخص غيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
فإذا كان الأصل أن يستفيد الجاني من الأجر أو المنفعة لنفسه فإنه من الممكن أن يستفيد منها غيره مثل: أصوله أو فروعه أو أي شخص آخر يعينه، و حتى و إن تسلمها شخص لم يعينه الجاني و علم هذا الأخير بالأمر و لم يبدي اعتراضه، تقوم الجريمة.
وتشترك في ذلك هذه الجريمة مع جريمة الرشوة السلبية التي تقوم على طلب أو قبول الجاني للمزية سواء لنفسه أو لغيره.
2/- المناسبة: يكتمل تحقق الركن المادي لجريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية بقبض أو محاولة قبض الجاني لأجرة أو فائدة بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق باسم الدولة أو الجماعات المحلية أو إحدى المؤسسات العمومية المذكورة في نص المادة 27.
وعملية تحضير الصفقات أو العقود أو الملاحق أو إجراء المفاوضات بشأنها يقوم بها عادة الموظفون الذين لهم صلة مباشرة بهذه العمليات و ذلك وفقا لما سبق التطرق إليه من خلال جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون.
وتجدر الإشارة إلى أن إجراء المفاوضات بشأن صفقة أو عقد أو ملحق، يكون عادة في الصفقات أو العقود التي تبرم وفقا لإجراء التراضي.
وبذلك تكون مناسبة قبض العمولة في هذه الجريمة محددة في تحضير أو إجراء مفاوضات بشأن إبرام صفقة أو عقد أو ملحق، بخلاف الأمر في جريمة الرشوة السلبية التي يكون فيها مقابل الحصول على مزية هو أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل هو من واجبات الجاني مهما كان نوعه.
ثالثا: الركن المعنوي: يشترط لقيام جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية توافر القصد الجنائي العام لدى الجاني و يتمثل في العلم و الإدارة، و يتحقق باتجاه إرادة الجاني إلى قبض أو محاولة قبض الأجرة أو المنفعة مع علمه بأنها غير مبررة و غير مشروعة.
الفرع الثاني: قمع الجريمة: تعاقب المادة 27 من قانون مكافحة الفساد مرتكب جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية بالحبس من عشرة (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة و بغرامة من
1000.000 دج إلى 2000.000 دج، هذا فيما يتعلق بعقوبة الشخص الطبيعي.
أما بالنسبة للشخص المعنوي فبإحالة المادة 53 من قانون الفساد فيما يخص العقوبة المقررة له على أحكام قانون العقوبات، فإن المادة 18 مكرر منه تنص على أن تكون عقوبة الشخص المعنوي في مواد الجنايات و الجنح بغرامة تساوي من مرة (01) إلى خمس (05) مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي، و بما أن جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية تأخذ وصف الجنحة فإن عقوبة الشخص المعنوي فيها تكون غرامة من 2000.000 دج إلى 10.000.000دج.
وتمثل هذه الأحكام العقوبات الأصلية لجريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية المقررة للشخص الطبيعي أو المعنوي، ويلاحظ عليها أنها تمثل أقصى عقوبات الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد سواء بالنسبة لعقوبة الحبس أو الغرامة، إذ أصبحت عقوبة الحبس المقدرة ب: من 10 سنوات إلى 20 سنة مساوية للعقوبة المقررة لباقي جرائم الفساد في حالة تطبيق الظروف المشددة المنصوص عليها بالمادة 48 منه، كما أن عقوبة الغرامة في هذه الجريمة رفعت إلى الضعف سواء في حدها الأدنى أو الأقصى مقارنة بباقي عقوبات الغرامة المقررة لجرائم الفساد الأخرى.
وبذلك تختلف الجزاءات المقررة لهذه الجريمة عند تلك المقررة لجريمة الرشوة السلبية التي يعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى 10سنوات وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000دج بالنسبة للشخص الطبيعي وتطبيق عليها نفس الأحكام فيما يتعلق بعقوبة الشخص المعنوي.
وما يستنتج من ذلك أن المشرع إعتبر فعل قبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة في مجال الصفقات العمومية ظرفا مشددا.
وتطبق على جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية نفس الأحكام المطبقة على جنحة المحاباة فيما يتعلق بالإعفاء أو التخفيض من العقوبة، والعقوبات التكميلية، ومصادرة العائدات الجرمية، والمشاركة، وإبطال العقود والصفقات، وكذا الأحكام المتعلقة بإجراءات المتابعة والتحري.
وتجدرالإشارة إلى إن المادة 27 نصت على محاولة قبض الأجر أو المنفعة من قبل الجاني وعبارة المحاولة هنا تعنى الطلب لهذه الأجرة أو المنفعة بشكل مباشر أو غير مباشر، أو اتخاذ موقف يدل على أن الجاني سعى للحصول على المنفعة أو الأجر . وبذلك يكون المشرع قد نص بشأن هذه الجريمة على الجريمة التامة، والشروع في ارتكاب ركنها المادي بنفس النص، وهذا خلافا لباقي النصوص المتعلقة بجرائم الفساد، وعموما يطبق عليها أحكام الشروع المذكورة في المادة 52 من قانون الفساد لأنه نص يطبق على جميع جرائم الفساد، وذلك على النحو السابق ذكره في جنحة المحاباة.
الرد: تنص الفقرة 03 من المادة 51 من قانون الفساد على:" وتحكم الجهة القضائية برد ما تم اختلاسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو ربح، ولو إنتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره، سواء بقيت تلك الأموال على حالها أو وقع تحويلها إلى مكاسب أخرى"
وعليه ففي حالة الحكم بإدانة الجاني بجريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية يحكم القاضي برد ما تم قبضة من عمولة نظير تقديمه للخدمة سواء كان في يد الجاني أو في يد أحد الأشخاص المذكورين في المادة 51 فقرة 03.
ويفهم من سياق النص أن الرد إلزامي حتى وان خلا من عبارة "يجب".
تقادم الدعوى العمومية: تنص المادة 54 في فقرتيها 1و2 من قانون مكافحة الفساد، على أن لا تتقادم الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في هذه القانون في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير هذه الحالة تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية.
وبما أن جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية تلحق بجريمة رشوة الموظفين العموميين نظرا لكون المشرع أعطى لكليهما صفة الرشوة، فيطبق عليهما نص المادة 08 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي تقضي ب :" لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات والجنح الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية وتلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والرشوة واختلاس الأموال العمومية"
وعليه فان الدعوى العمومية في جنحة الرشوة في مجال الصفقات العمومية غير قابلة للتقادم .
تقادم العقوبة: كما هو الحال بالنسبة لتقادم الدعوى العمومية، فإن نص المادة 54 فقرة 1و2 من قانون الفساد تنص على عدم تقادم العقوبة إذا تم تحويل العائدات الجرمية إلى الخارج، وتطبق أحكام ق إ ج في غيرها من الحالات.
وبالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية نجده ينص من خلال المادة 612 مكرر على :" لاتتقادم العقوبات المحكوم بها فى الجنايات والجنح الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وتلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والرشوة".
وعليه فان العقوبة المحكوم بها في حالة الإدانة بجرم الرشوة في مجال الصفقات العمومية لا تخضع للتقادم.
للإشارة فإن نص المادة 128 مكرر-1- من قانون العقوبات الملغاة بموجب قانون الفساد كانت تصف جريمة قبض العمولات من الصفقات العمومية بوصف الجناية، وتعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5 سنوات إلى 20سنة وبغرامة من 100.000دج إلى 5000.000دج.
المطلب الثاني : جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية نصت على هذه الجريمة المادة 35 من قانون مكافحة الفساد التي تقضي ب:" يعاقب بالحبس من سنتين (02) إلى عشر (10) سنوات وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000دج كل موظف عمومي يأخذ أو يتلقى إما مباشرة وإما بعقد صوري، وإما عن طريق شخص آخر فوائد من العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاولات أو المؤسسات التي يكون وقت إرتكاب الفعل مديرا لها أو مشرفا عليها بصفة كلية أو جزئية، وكذلك من يكون مكلفا بتصفية أمر ما ويأخذ منه فوائد أيا كانت".
وقد حلت هذه المادة محل المادة 123 من قانون العقوبات، الملغاة بموجب قانون الفساد، ويطلق عليها في التشريع الفرنسي مصطلح:" جنحة التدخل" كما يطلق عليها في إطار الشريع المصري مصطلح " جريمة التربح".
وتكمن هذه الجريمة في تدخل الموظف في الأعمال التي أحيلت عليه إدارتها أو رقابتها، وهو ما يؤدي إلى إستغلال الموظف للوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها . وعليه تعد هذه الجريمة من جرائم المتاجرة بالوظيفة، كما أنها تعد مظهر من مظاهر الرشوة، وهي أقرب كذلك إلى الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية لأنها تعد صورة من صورها.
وسنتطرق في دراستها إلى فرعين تخصص الأول لأركان الجريمة والثاني لقمعها.
الفرع الأول: أركان الجريمة: تقوم هذه الجريمة على 03 أركان هي : -صفة الجاني (الركن المفترض) -الركن المادي –الركن المعنوي. أولا/ صفة الجاني: تشترط المادة 35 من قانون الفساد المذكورة آنفا أن تتوفر في الجاني صفة الموظف العمومي، لكنها حصرت الأمر في الموظف الذي يدير أو يشرف بصفة كلية أو جزئية على العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاولات، أو الموظف الذي يكون مكلفا بإصدار إذن بالدفع في عملية، أو يكون مكلفا بتصفية أمر ما.
وعليه فإن صفة الجاني في هذه الجريمة تشمل الموظف العمومي كما هو معرف بنص المادة 02-ب- من قانون الفساد على النحو السابق بيانه في جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية.
غير أن الأمر محصور في الفئتين الآتيتين: الموظف الذي يدير أو يشرف بحكم وظيفته على العقود أو المناقصات أو المزايدات أو المقاولات التي تبرمها المؤسسة أو الهيئة التابع لها: وتشمل هذه الفئة كل موظف يتولى مسؤولية الإشراف أو الإرادة على هذه العقود أو العمليات المذكورة، وتمنحه هذه المسؤولية سلطة فعلية بشأن هذه العمليات التي يتلقى أو يأخذ منها فوائد بصفة غير مشروعة، وذلك في أية مرحلة كانت عليها العملية، سواء أثناء تحضير العقد أو المناقصة أو المزايدة أو أثناء مرحلة التنفيذ.
ويتعلق الأمر أساسا بمدير الهيئة أو المؤسسة أو رئيس المصلحة أو رئيس المكتب أو أي مهندس أو تقني أو عون إداري له دور يقوم به في هذه العمليات.
الموظف الذي يكون مكلفا بإصدار إذن بالدفع في عملية ما أو مكلفا بتصفية أمرما: ويعني به كل موظف يمنح له منصب المسؤولية الذي يتولاه سلطة إصدار إذن بالدفع، وهو بمعنى آخر الأمر بالصرف على مستوى المؤسسة أو الهيئة التي يعمل بها، ويأخذ بمقتضى عمله هذا فائدة غير مشروعة، وينحصر الأمر في مدير الهيئة أو المؤسسة الذي يكون عادة هو الآمر بالصرف أو من ينوب عنه إذا خوله القانون ذلك صراحة، كما يدخل فى هذه الفئة كذلك رؤساء مصالح المحاسبة أو المراقبين الماليين.
ولايهم مصدر إختصاص الموظف بالعمل الذي انتفع منه، فقد يتحدد إختصاصه بناءا على قانون أو لائحة أو قرار أو تكليف من رئيس مختص .
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المادة 124 ق ع الملغاة بموجب قانون الفساد كانت تقضي بتجريم فعل أخذ فوائد بصفة غير قانونية حتى بعد انتهاء الموظف العمومي من الخدمة بأية طريقة كانت، وهذا خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ انتهاء توليه أعمال وظيفته، حيث يحظر عليه خلال هذه الفترة تلقي فائدة من عملية من العمليات التي أشرف عليها أو كانت له سلطة عليها.
ثانيا/ الركن المادي: يقوم الركن المادي لجريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية على إقدام الجاني على أخذ أو تلقي فائدة من عمل من أعمال وظيفته، تكون له فيها سلطة الإدارة أو الاشراف سواء كانت الفائدة له أو لغيره، وسواء كان ذلك بحق أو بغير وجه حق.
وقد عددت المادة 35 العمليات التي يحظر فيها على الموظف أخذ أو تلقي منها فائدة وهي:
- العقود (les Actes)
- المناقصات(les soumissions)
- المزايدات(les adjudications)
- المقاولات(les Entreprises).
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن النص باللغة العربية، قد أضاف عبارة " أو المؤسسات" كعملية من العمليات المذكورة، ولم يذكر ذلك في النص باللغة الفرنسية، ولا تجد هذه الإضافة في حقيقة الأمر أي تبرير على إعتبار أن المؤسسات لاتعد عملية من العمليات التي يمكن أن يقوم بها الموظف، وربما يكون الأمر سوء ترجمة فقط فمصطلح مؤسسات يلتقي في ترجمته إلى اللغة الفرنسية مع مصطلح مقاولات، واللذان يأخذ نفس الترجمة وهي:"les Entreprises".
ومن ثمة فان السلوك المجرم في هذه الجريمة يأخذ إحدى الصورتين : إما أن يأخذ الجاني فائدة أو يتلقى فائدة من عملية من العمليات المذكورة والتي يديرها أو يشرف عليها، تضاف لهما صورة ثالثة ذكرها المشرع في نص المادة 35 باللغة الفرنسية ولم تذكر في النص باللغة العربية، وهي صورة الاحتفاظ بالفائدة.
أخذ فائدة: كأن يحصل الجاني (الموظف) على منفعة من المشروع أو العقد أو الصفقة المزمع إبرامها، ولاتهم في ذلك طبيعة الفائدة فقد تكون مادية أو معنوية، كما لاتهم الطريقة التي تتحقق بها الفائدة، فقد يتفق الجاني مع أحد المرشحين للعقد أو المناقصة أو المزايدة على السعي له لأن يكون هو الفائز بها مقابل الحصول على مبلغ مالي أو أسهم في شركة، أو تمكين أحد أصدقائه أو أقاربه من انجاز جزء من الأشغال المدرجة في العقد أو الصفقة، ويحدث هذا الآمر عادة في عقود انجاز الأشغال التي تجزأ فيها الأشغال.
تلقي فائدة: ومعناها أن يتسلم الجاني هذه الفائدة بالفعل، ولايهم وقت التسليم سواء كان أثناء تحضير العملية التي يتلقى بمناسبتها الفائدة أو أثناء تنفيذها، وسواء تم التسليم لشخص الجاني أو لغيره .
الإحتفاظ بالفائدة: كأن تكون الفائدة المحتفظ بها قد تم الحصول عليها في الوقت الذي كان فيه الموظف يدير العملية أو يشرف عليها أو مكلف بالأمر بالدفع فيها أو مكلفا بالتصفية.
وتجريم هذه الصورة من شأنه تأخير بدء حساب التقادم فيبدأ حسابه من يوم انتهاء الفعل المجرم وليس من يوم إقتراف الجريمة.
ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة وفقا لنص المادة 35 سواء أخذ أو تلقي الجاني الفائدة بصفة مباشرة كحصوله على مبلغ مالي أو حصوله على بعض الأسهم في الشركة، أو عند طريق عقد صوري كأن يتعاقد مع المؤسسة أو الهيئة التي يشرف عليها أو يديرها باسم وهمي لتزويدها باحتياجاتها من سلعة ما يستوردها من مؤسسة تجارية هي في الحقيقة مملوكة له.
كما يمكن أن يأخذ الجاني أو يتلقى الفائدة عن طريق شخص آخر، قد يكون شريكه أو أي شخص يتفق معه لإرساء العقد أو المزايدة أو المناقصة عليه.
وقد يحدث أيضا أن تكون الفائدة التي يأخذها الجاني مقابل امتناعه عن مطالبة المتعامل المتعاقد في صفقة أو عقد، بالقيام بعمل كان عليه أن يؤديه أو صرف النظر عن أحد شروط العقد الذي يربطه بالمؤسسة المكلف بالإشراف عليها أو إدارتها.
وتقوم عله تجريم فعل اخذ فوائد بصفة غير قانونية في حقيقة الأمر، على أساس أن إختصاص الموظف العمومي يفرض عليه السهر على المصلحة العامة ومباشرة الرقابة على من يتعاقدون مع الدولة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العمومية التابعة لها، أو يؤدون عملا لحسابها، فإذا ربط بين العمل المنوط به وبين مصلحة الخاصة أو المصلحة الخاصة لشخص آخر فإنه لايستطيع أن يؤدي واجبه في الرقابة الذي يفرضه عليه إختصاصه، وإنما سيحابي مصلحته الخاصة عن المصلحة العامة.
وليس من عناصر هذه الجريمة أن ينال الدولة أو إحدى المؤسسات أو الهيئات التابعة لها ضرر وإن كان هذا هو الوضع الغالب، كما أن استفادة الجاني غير مرتبطة بالحصول على ربح، فتتحقق الجريمة حتى وإن لم يحصل على ربح.
كما لا يهم إن نفذت الصفقة أو العقد أو الاتفاقية لذي تم على أساسه أخذ الفائدة أم لم تنفذ، كأن ترفض السلطة المختصة بالرقابة التأشير على الصفقة، فتقوم الجريمة بالرغم من أن العمل المطلوب من الجاني لم يتحقق، وهذا لأسباب خارجة عن إرادته، وقد قضى في فرنسا بمناسبة هذه الحالة بأن هذا الفعل لا يعد شروعا وإنما يشكل جريمة تامة.
ثالثا/ الركن المعنوي: جريمة اخذ فوائد بصفة غير قانونية هي جريمة عمديه، لذا يشترط لقيام الركن المعنوي فيها توافر قصد جنائي عام لدى الجاني والمتمثل في العلم والإرادة.
فتقتضى هذه الجريمة أن يكون الجاني وقت ارتكاب الجريمة عالما بأنه موظف، و أنه مختص بالإدارة و الإشراف على الأعمال التي أقحم عليها المصلحة الخاصة لنفسه أو غيره، وعالما بأن من شأن فعله تحقيق فائدة أو ربح، و عالما بأنه في حالة تحقيق هذه الفائدة أن ذلك بدون حق.
كما تقتضي هذه الجريمة أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل، فإذا جهل أن إختصاصه يتضمن هذا الفعل ينقضي القصد لديه.
الفرع الثاني: قمع الجريمة: تنص المادة 35 من قانون مكافحة الفساد على أن يعاقب مرتكب جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية بالحبس من سنتين (02) إلى عشر سنوات(10) وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000 دج.
وبالنسبة لعقوبة الشخص المعنوي فتنص المادة 53 من قانون الفساد على تطبيق أحكام قانون العقوبات بشأنها، و تنص المادة 18 مكرر منه على أن يطبق على الشخص المعنوي عقوبة الغرامة تساوي من مرة واحدة إلى خمس مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، و عليه تصبح عقوبة الشخص المعنوي هي الغرامة من: 1000.000دج إلى 5000.000دج.
وتطبق على هذه الجريمة كافة الأحكام المطبقة على جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية و المتعلقة بالظروف المشددة للعقوبة و الإعفاء أو التخفيض منها، و العقوبات التكميلية و مصادرة عائدات الجريمة و المشاركة و الشروع و إبطال العقود و الصفقات، و كذا الأحكام المتعلقة بإجراءات المتابعة و التحري.
كما تطبق عليها أيضا أحكام الرد المشار إليها من خلال جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية.
تلازم جنحة أخذ فوائد بصفة غير قانونية مع جنحة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية: قد يحدث و أن يتابع الجاني بجريمتي أخذ فوائد بصفة غير قانونية و جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، غير أنه قضي في فرنسا بالمتابعة بجنحة المحاباة فحسب، و من أمثلة ذلك، قضي بإدانة رئيس البلدية من أجل جنحة المحاباة في قضية بوشرت فيها المتابعة من أجل جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية، بالرغم من أن الصفقة قد خصصت لحرفيين كانوا أعضاء في المجلس البلدي، و ذلك إثر مخالفات تتمثل أساسا في اللجوء إلى مناقضة ضيقة المجال غير مبررة و تعديل العروض بعد فتح الأظرفة.
كما أدين بجنحة المحاباة دون سواها، رئيس البلدية الذي منح بطريقة تعسفية صفقات إلى مؤسسات يديرها ابنه و من بينها واحدة كانت ملكه، بالرغم من أن الأمر يتعلق بأخذ فوائد بصفة غير قانونية كما سبق بيانه.
الخاتمــــة: من خلال هذه الدراسة الوجيزة والمتواضعة لموضوع الصفقات العمومية والجرائم المتعلقة بها في ظل قانون الفساد، نخلص إلى القول بأن هذه الجرائم لها ميزة خاصة تميزها عن غيرها من الجرائم، إذ لا يكفي فيها معرفة النص القانوني المجرم وأركان كل جريمة للوصول إلى كشف السلوك المجرم وتوجيه الاتهام للجناة، بل أن الأمر يتعداه إلى ضرورة الإلمام بمختلف التقنيات والإجراءات القانونية اللازمة لإبرام وتنفيذ صفقات وعقود المؤسسات والهيئات الإدارية العامة، وهذا بغرض الوصول إلى التكييف القانوني السليم لهذه الجرائم وتحديد المسؤولية الجزائية للجناة، خاصة وأن معظم هذه الجرائم صعبة الإثبات في الواقع العلمي، بالنظر إلى مايقوم به أعوان الإدارة من وسائل احتيالية للتستر على جرائمهم، مستغلين في ذلك نقص إلمام القضاة بمختلف إجراءات إبرام الصفقات، وهذا بالرغم مما أقره قانون الفساد من أساليب للتحري والمتابعة.
وباعتبار تحضير الصفقة أو العقد والقيام بمختلف إجراءاتها، يتطلب تدخل عدة أشخاص وهم في الأصل أعوان الإدارة الذين يعهد إليهم هذا الأمر، فإن إثبات جرائم الصفقات وتحديد المسؤولية الجزائية لكل طرف، يتوقف في نظرنا على ضرورة توافر عدة صفات في كل قاضي يحال إليه ملف متعلق بجريمة من هذه الجرائم سواء أثناء مرحلة التحقيق أو أثناء مرحلة المحاكمة وهي:
- يجب أن يكون ملما الماما كافيا بمختلف أحكام وإجراءات إبرام وتنفيذ الصفقة أو العقد، خاصة ما تعلق منها بالإجراءات الواجب مراعاتها أثناء مرحلة تحضير وإبرام الصفقة أو العقد، وهذا لكون معظم جرائم الصفقات التي جاء بها قانون الفساد تتم في هذه المرحلة.
- ضرورة معرفة كل الوثائق التي يتكون منها ملف الصفقة أو العقد المبرم، والتي يجب طلبها في حالة عدم إدراجها في الملف، وأهمها: -دفتر الشروط-محاضر فتح الأظرفة وتقييم العروض-تقرير المصلحة المتعاقدة بشأن عملية اختيار المتعامل المتعاقد، والذي يحتوي على الأساس المعتمد في عملية الاختيار.
-ضرورة الاطلاع الكافي والدقيق على هذه الوثائق، لأن ذلك من شأنه بالإضافة إلى استجواب كل من له علاقة بالصفقة أو العقد، أن يوصل إلى إثبات وقوع الجريمة من عدمها، والأمر هنا يتعلق أساسا بجريمة منح امتيازات غير مبررة للغير، واستغلال نفوذ الأعوان العموميون بغرض الحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية.
ولا يتأتى ذلك إلا بضرورة مواصلة التكوين في مجال قانون الأعمال بصفة عامة ومجال الصفقات العمومية بصفة خاصة، والذي بدأت فيه وزارة العدل منذ مدة، وكذا ضرورة الإسراع بتجسيد فكرة الأقطاب القضائية، والتي تتخصص بمعالجة قضايا الفساد بما فيها القضايا المتعلقة بجرائم الصفقات التي جاء بها القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
غير أن نقص الاجتهاد القضائي الخاص بهذا النوع من الجرائم، وكذا قلة المراجع المهتمة بتفصيل وشرح قانون الفساد نظرا لحداثة صدوره، بالإضافة إلى حجم العمل الكبير الذي يواجه القضاة ميدانيا، من شأنه أن يقع حجرة عثرة في معالجة هذا النوع من الجرائم، رغم أن الأمر يتعلق بتسيير المال العام، وما يثيره ذلك من صدى إعلامي كبير وتأثير على الرأي العام.
المـراجع: المؤلفات باللغة العربية: - الدكتور: أحسن بوسقيعة-الوجيز في القانون الجزائي الخاص-الجزء الثاني-الطبعة الثانية-دار هومة.
- الدكتور: محمد صبحي نجم-شرح قانون العقوبات الجزائري- القسم الخاص-الطبعة الثانية 1990-ديوان المطبوعات الجامعية-الجزائر.
- عبد الله سليمان -دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري-القسم الخاص-ديوان المطبوعات الجامعية الجزائري.
- أنور العمروسي، أمجد العمروسي-جرائم الأموال العامة وجرائم الرشوة-الطبعة الثانية. .
- محمود نصر-الوسيط في الجرائم المضرة بالمصلحة العامة-2004-منشأة المعارف بالإسكندرية.
- قدوج حمامة-عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري-الطبعة الثانية 2006-ديوان المطبوعات الجامعية-بن عكنون-الجزائر.
- عزت عبد القادر المحامي-المناقصات والمزايدات في ضوء أحكام القانون 89 لسنة 1998-دار الكتب القانونية-مصر-المحلة الكبرى 2001.
المؤلفات باللغة الفرنسية: - LAURENT RICHER-DROITS DES CONTRATS ADMINISTRATIFS- 4ème
EDITION L.C.D.J
- N-DELMAS MATTY-DROIT PENAL DES AFFAIRES – TOM 02-1990.
المجلات القضائية: - مجلة مجلس الدولة العدد 07-لسنة 2005.
- نشرة القضاة-العدد 60-وزارة العدل.
* المحاضرات والمذكرات:
- محاضرات في مادة الصفقات العمومية، ألقيت على طلبة المدرسة العليا للقضاء، الدفعة16- 2006-2007، من تقديم الأستاذ: بوزيان منصورة.
- محاضرات في مادة الصفقات العمومية، ألقيت على طلبة المدرسة العليا للقضاء، الدفعة 15 -2005-2006، من تقديم الأستاذ: بن ناجي الشريف.
- مداخلات الملتقى الوطني الأول حول الجرائم المالية في ظل التحولات الاقتصادية والتشريعية-جامعة 08 ماي 45 قالمة-يومي 24-25 أفريل 2007.
- مذكرة التخرج لنيل إجازة القضاء بعنوان-النظام القانوني للصفقات العمومية في ظل المرسوم 02/250-دراسة نظرية تحليلية مقارنة- إعداد الطالب القاضي: هلال مراد 2002-2003.
- مذكرة نهاية التكوين لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء بعنوان: النظام القانوني لصفقات المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري في ظل المرسوم 02-250-إعداد الطالب القاضي: خنوش فارس-2005، 2006.
- مقال للسيد: مراد هلال، وكيل الجمهورية المساعد بمحكمة تيميمون بعنوان: الوقاية من الفساد ومكافحته في التشريع الجزائري والدولي-نشرة القضاة العدد 60.
القوانين والمراسيم: - القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فبراير سنة 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
- الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم إلى غاية القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر سنة 2006.
- الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، المعدل والمتمم إلى غاية القانون رقم 06-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006.
- المرسوم التنفيذي رقم 91-434 المؤرخ في 09 ديسمبر 1991 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية.
- المرسوم الرئاسي رقم 02-250 المؤرخ في 24 جويلية 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم بالرسوم الرئاسي رقم 03-301 المؤرخ في 11 سبتمبر 2003.