logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





08-12-2014 01:57 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1156
المشاركات : 303
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 260
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : كاتب

السلام عليـــــكم
محكمة الجنايات في القانون الجزائري

الفصل الأول:الإجــراءات الأولــية قبل المحــاكمة و كيفية انعقاد المحاكمة
المبحث الأول : الإجراءات الأولية قبل المحاكمة
المطلب الأول :الإجراءات الخاصة بالتهم
الفرع الأول : تبليغ قرار الإحالة و إرسال الملف و نقل المتهم
الفرع الثاني : إستجواب المتهم
الفرع الثالث : اختيار أو تعيين محامي
المطلب الثاني : أعداد قائمة الشهود و المحلفين
الفرع الأول : إعداد قائمة الشهود
الفرع الثاني : إعداد قائمة المحلفين
المطلب الثالث : القيام بالإجراءات التكميلية ( الإجراءات ، الاستثنائية )
الفرع الأول : التحقيق التكميلي
الفرع الثاني : ضم الإجراءات.
الفرع الثالث : تأجيل القضية إلى دورة أخرى.
المبحث الثاني : كيفية الطعن في صحة الإجراءات التحضيرية
المطلب الأول : تخلف احد الإجراءات المطلوبة
المطلب الثاني : كيفية الدفع بعدم صحة الإجراءات
المطلب الثالث: آثار الطعن في صحة الإجراءات
المبحث الثالث: كيفية انعقاد و تشكيل محكمة الجنايات
المطلب الأول: تشكيل محكمة الجنايات
المطلب الثاني : ممارسة المتهم لحق الرد
المطلب الثالث : اختصاص محكمة الجنايات
الفصل الثاني : مــراحــــــــــــــــــــــل إجـــــــــــــــــــراءات المحـــــــــــــاكمــــــــــــــــــة
المبحث الأول: نظام سير المحاكمة و القيام بالمرافعات
المطلب الأول: نظام سير المحاكمة
المطلب الثاني : مرحلة القيام بالمرافعات
المطلب الثالث : إجراءات ما بعد إنهاء المرافعات
الفرع الأول: إقفال باب المرافعة.
الفرع الثاني: إجراءات المداولة بشلن الدعوى الجزائية.
المبحث الثاني: كيفية النطق بالحكم في الدعوى الجزائية
المطلب الأول: إحضار المتهم و تلاوة الأسئلة و الأجوبة
المطلب الثاني: النطق بالحكم في الدعوى العمومية
المطلب الثالث: إقامة الدعوى المدنية و الفصل فيها
المبحث الثالث: طريقة الطعن في الحكم
المطلب الأول: الأوجه التي يبنى عليها الطعن بالنقص
المطلب الثاني: شكل و إجراءات الطعن بالنقص
المطلب الثالث: الفصل في الطعن
الفرع الأول: القرارات غير الفاصلة في موضوع الطعن بالنقص.
الفرع الثاني: القرارات الفاصلة في الموضوع.
خـاتـمـــة
مختصر الإجراءات أمام محكمة الجنايات

مقدمـــــة:
عند دراستنا لقانون الإجراءات الجزئية في الجزائر نجده هو الآخر لم يسلم كغيره من بقية القوانين الأخرى من التأثر بالنظم القانونية الغربية، و ذلك للأسباب التاريخية المعروفة و نلاحظ ذلك من خلال الإجراءات المتعلقة بمحكمة الجنايات. حيث أنها لم تكن نابعة من عقول جزائرية، بل هي امتداد لأفكار غربية.
إلا أن الجزائريين أضافوا شيئا إيجابيا وهو ما يعرف بالاجتهاد القضائي الجزائري.
و كيف ما كان الحال، فإن الإجراءات الجنائية تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصلحة المتهم في ضمان حريته و حق المجتمع في الدفاع عن نفسه.
و ليتحقق هذا الهدف فقد أتاح المشرع الجزائري أبوابا عدة بداية من مرحلة جمع الأدلة لتأتي بعدها مرحلة الاتهام ثم التحقيق و أخيرا مرحلة المحاكمة، هذه المرحلة التي يعد أهم مراحل الدعوى العمومية ومن خلالها يتم النطق بالحكم سواء بالإدانة أو البراءة.
و بما أن العقوبات في مواد الجنايات تعتبر أشد العقوبات لأنها تطبق على مرتكبي أخطر الجرائم و أشدها جسامة لذلك خصصت محكمة الجنايات للفصل في مثل هذه القضايا.
إن الدارس لموضوع محكمة الجنايات في التشريع الجزائري يواجه صعوبة في الإحاطة بكل قواعد الإجراءات التي تخضع لها هذه المحكمة و ذلك نظرا لخطورة و أهمية هذه المحكمة و العقوبات التي قد تسلط على المتهم في حالة الحكم عليه بالإدانة كما تظهر الأهمية البالغة في إجراءات سير هذه الدعوى أمام هذه المحكمة و تميزها عن إجراءات الجهات القضائية الجزائية الأخرى شكلا و مضمونا.
كما يفترض أن الشرع قد منح فيها ضمانات أكبر للمتهم الماثل أمام هذه المحكمة.
و سوف نستعرض كل ما يتعلق بمحكمة الجنايات استنادا إلى الاجتهاد القضائي الجزائري. و طبقا لمواد قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة بمحكمة الجنايات.

و حاولنا في هذا البحث دراسة كيفية انعقاد محكمة الجنايات؟ و ما هي الإجراءات اللازمة لسير الدعوى أمام محاكم الجنايات؟
وللإجابة على هذه الأسئلة تطرقنا أولا إلى الإجراءات الأولية قبل المحاكمة و فيها بينا ضمانات المتهم في هذه المرحلة و كيفية الطعن في صحة هذه الإجراءات بالإضافة إلى كيفية انعقاد محكمة الجنايات.
ثم تناولنا في المرحلة الثانية مراحل إجراءات المحاكمة أمام محكمة الجنايات بدءا بمرحلة سير المحاكمة و القيام بالمرافعات ثم مرحلة العودة إلى الجلسة و النطق بالحكم و أخيرا تطرقنا إلى طريقة الطعن في الحكم.

الفصل الأول الإجراءات الأولية قبل المحاكمة و كيفية انعقاد المحاكمة

المبحث الأول الاجراءت الأولية قبل المحاكمة
المطلب الأول الإجراءات الخاصة بالمتهم
بعد صدور قرار غرفة الاتهام بإحالة المتهم و القضية أمام محكمة الجنايات هناك إجراءات خاصة بالمتهم المتمثلة في تبليغ قرار الإحالة و نقل المتهم و الملف و أدلة الإثبات بالإضافة إلى القيام باستجواب المتهم مع منحه حق اختيار و تعيين محامي للدفاع عليه و هذا ما سنتطرق إليه كما يلي:
الفرع الأول: تبليغ قرارالإحالة و نقل المتهم و الملف و أدلة الإثبات
أ- تبليغ قرار الإحالة للمتهم : يبلغ المتهم شخصيا بقر ار الإ حالة بواسطة مدير السجن ة و يترك له نسخة من القرار و ان لم يكن المتهم محبوسا فان التبليغ سيكون وفقا للشروط المنصوص عليها في المواد من 439 الى 481 من قانون الإجراءات الجزائية.
و المفهوم من هذا أن قرار إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات للفصل في موضوع التهمة المنسوبة يجب أن يبلغ إليه بواسطة إدارة السجن إذا كان في الحبس الإحتياطي أو محتزا على ذمة التحقيق و يقوم هذا الإجراء كتاب الضبط على مستوى الموْسسة العقابية تحت إشراف كل من النائب العام أو مدير الموْسسة العقابية حيث يتم تحرير مصضر التبليغ يوقعه كل من المبلغ و المبلغ به.
أما اذا لم يكن المتهم محبوسا بالموْسسة العقابيةفإن تبليغ قرار الإحالة إليه يكون عبر طريق التبليغ العادية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية في نص المادة 439 منه.
كل ذلك قصد تمكين المتهم من الإطلاع عليه و إعداد دفوعه أو الطعن فيه اذا رأى أنه معيب ’أو به أخطاْء في الواقع ’ أما اذا لم يبلغ إطلاقا فمن حقه أن يثير ذالك أمام محكمة الجنايات بحجة تجاوز قاعدة جوهرية و علء هذا الأ ساس فإن عدم التبليع يمكن أ ن يحتج به أمام محكمة الجنايات كواحد من الدفوع العارضة المتعلقة بالإجراءات التحضيرية
و ذلك قبلا بداية المرافعات و تحت ذريعة عدم القبول استنادا إلى ما نصت عليه المادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية .
ب نقل المتهم:
بعد تبليغ المتهم بقرار الإحالة الذي أصبح نهائيا لعدم الطعن فيه أو فوات أجل الطعن ’ أو لرفض الطعن من المحكمة العليا’ ينقل المتهم المحبوس إلى مقر انعقاد جلسة محكمة الجنايات من طرف وكيل الجمهورية للمحكمة التي أجرى فيها التحقيق دون أن يحدد المشرع أي أجل معين لنقل المتهم’ و لكن التأخير في ذلك قد يوْدي إلى تأجيل القضية إذا ترتب عنه المساس بحقوق الدفاع دون أن يشكل ذلك سببا للبطلان.
وإذا كان المتهم المتابع بجناية في حالة إفراج أو لم يكن قد حبس موْقتا أثناء سير التحقيق ’ فيجب أن يقدم نفسه للسجن بمقر محكمة الجناياتفي موعده لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة.
أما إذا لم يتقدم المتهم الحر أو الهارب في اليوم المحدد أمام رئيس المحكمة لاستجوابه بغير عذر مشروع رغم تكليفه بالحضور تكليفا صحيحا بالطريق الإداري بمعرفة قلم كتاب المحكمة الجنائية’ فينفذ ضده الأمر بالقبض الجسدي و تتخذ إجراءات التخلف عن الحضور طبقا للمادتين 269 و 317 قانون الإجراءات الجزائية.
و إذاألغت المحكمة العليا قرار محكمة الجنايات و أحالت القضية و الأطراف على محكمة جنايات أخرى ’ فيجب نقل المتهم إلى الموْسسة العقابية التي تقع فيها محكمة الجنايات التي أحيلت عليها القضية في أجل كافي لتمكينه من تحضير دفاعه.
ج نقل الملف و أدلة الإقناع
تنص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه بعد النطق بقرار غرفة الإتهام القاضي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات يرسل النائب العام ملف الدعوى و أدلة الإقناع إلى كتابة ضبط مقر محكمة الجنايات و الملاحظة التي يمكن أن أبديها بشأن صياغة هذه المادة
هو أنه كان من المفروض أن تنص على نقل الملف و أدلة الإقناع إلى كتابة الضبط عندما يصبح قرار الإحالة نهائي كما أنها لم تحدد أجلا لذلك ’ و أعتقد أنه من المستحسن تحديد هذا الأجل لتسهيل مهمة الدفاع .

الفرع الثاني استجواب المتهم
تنص المادتين 270 و 271 من قانون الإجراءات الجزائية أن رئيس محكمة الجنايات أو أحد مساعديه من القضاة المفوضين يقوم باستجواب المتهم قبل افتتاح المناقشات بثمانية أيام على الأقل و هذه المهلة شرعت لتمكين المتهم من تحضير دفاعه لذا فإن عدم احترامها يترتب عنه بطلان الإجراءات اللاحقة.
كما يترتب البطلان كذلك إذا كان التاريخ المذكور في محضر الاستجواب لا يسمح من التأكيد من ذلك في وثائق أخرى و تضيف الفقرة الأخيرة من المادة 271 قانون الإجراءات الجزائية أنه يجوز للمتهم و وكيله التنازل عن هذه المهلة ’ لكن محكمة النقض الفرنسية اشترطت أن يكون هذا التنازل صريحا لكي يكون صحيحا و أن يكون من المتهم و محاميه معا و أن يثبت من أي ورقة من أوراق الملف كمحضر الاستجواب مثلا أو محضر تشكيل المحلفين و المرافعات.
و يعتبر الاستجواب تلأولي للمتهم الذي يتم في غياب الدفاع من أهم الإجراءات السابقة لمناقشتها في محكمة الجنايات ’ لأنه بفضله يتأكد رئيس الجلسة ما إذا كانت القضية مهيأة للفصل فيها أم لا و انطلاقا منه يبدأ المتهم في ممارسة حقوق دفاعه و لقد اعتبرته المحكمة العليا من الإجراءات الجوهرية غير أنها قررت أنه إذا أجري فلا يعاد من جديد إذا أجلت القضية إلى دورة أخرى أو أن القاضي الذي قام به عوض مثلا.

و تجري الاستجواب الأولي عادة في كتابة ضبط الموْسسة الهقابية لمقر مكجمة الجنايات دون أن يترتب أي بطلان إذا أجري في مكان آخر غير مقر محكمة الجنايات ما دام أن قانون الإجراءات الجزئية لم يحدد المكان الذي يجري فيه.
و إذا كان المتهم غير محبوس فان المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية تنص أنه يستدعي إداريا إلى كتابة ضبط محكمة الجنايات لاستجوابه و إذا لم يمثل في اليوم المحدد بغير عذر مشروع ينفذ ضده الأمر بالقبض الجسدي.
و من الإشكالات الهملية التي غالبا ما تطرح على محكمة الجنايات في هذه المسألة غياب المتهم المتابع بالجنح و المخالفات المرتبطة بالجناية و الذي تم استدعاوْه لإجراء الاستجواب الأولي بالمشرع لم ينص على الإجراءات التي تطبق في هذه الحالة خاصة أن تصدر حكم غيابي ضده و رأى أنه من المستحسن في هذه الحالة فصل ملفه عن ملف المتهم المتابع بجناية لتتم محاكمة هذا الأخير و منح محكمة الجنايات صلاحية الحكم ضده غيابيا .
و يتمثل موضوع الاستجواب حسب ما نصت عليه المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية و ينصب على ثلاث نقاط تتمثل فيما يلي يستجوب الرئيس المتهم عن هويته و يتأكد من أن المتهم قد بلغ بقرار الإحالة و يدعوه لاختيار محامي أو يعين له محامي تلقائيا.

1- هوية المتهم
يجب على الرئيس أن يتأكد من الهوية الكاملة للمتهم الاسم اللقب تاريخ و مكان الميلاد المهنة الموطن حالته العائلية و الجنسية و إذا ظهرت مسألة عارضة حول هوية المتهم يمكن للرئيس أن يأمر بإجراء تحقيق تكميلي في هذه المسألة و لكن لا يجوز للرئيس أن يستجوب المتهم عن موضوع القضية لأن الاستجواب الأولي لا يعتبر إجراء من إجراءات
التحقيق، و إذا رأى أنه من الضروري إجراء استجواب جديد للمتهم فلا يمكن له القيام به إلا في إطار التحقيق التكميلي .

2- تبليغ قرار الإحلة
يتحقق الرئيس ما إذا كان المتهم قد بلغ بقرار الإحالة فان لم يكن قدبلغ به يسلم له نسخة من هذا القرار.
- محضر الاستجواب
و تنص على تحرير هذا المحضر المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية و هو يعد الوثيقة الوحيدة التي تثبت القيام بإجراء الاستجواب الأولي و الإجراءات الأخرى المنصوص عليها في المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية .
و يعتبر إجراء جوهري كالاستجواب نفسه ’ و عجم تحريره يترتب عنه البطلان و يوقع عليه الرئيس و الكاتب و المتهم ’ و المترجم عند الاقتضاء ’ و إذا لم يكن في استطاعة المتهم التوقيع أو امتنع عنه ذكر ذلك في المحضر ’ و اذا تضمن هذا المحضر تحشيرا بين السطور أو شطب أو تخريج فيها فإنه يجب المصادقة إليها من طرف الرئيس و الكاتب و المتهم و من المترجم أيضاإن كان ثمة محل لذلك و بغير هذه المصادفة تعتبر هذه التشطيبات أو التخريجات ملغاة ’ و كذلك الشأن في المحضر الذي لم يوقع عليه توقيعا صحيحا تطبيقا لأحكام المادة 95 من قانو ن الإجراءات الجزائية.
و تجدر الإشارة أن الرئيس ملزم بالاستجواب الأولي للمتهم مرة واحدة و لا يقوم باستجواب جديد إذا أجلت القضية إلى دورة أخرى أو عوض القاضي الذي قام به أو بعد إحالة القضية بعد النقض لكن إعادة هذا الاستجواب لا يرتب عنه أي بطلان .

الفرع الثالث اختار أو تعيين محامي
يعتبر هذا الحق أول حق من حقوق المتهم فهو الذي يملك حق اختيار محامي أو عدة محامين بكل حرية في أي وقت قبل أو أثناء الاستجواب الأولي أو حتى بعده كما يمكنه أن بغير المحامي متى شاء و لكن يجب أن يكون له محامي واحد على الأقل و هو حق لا يمكن له التنازل عنه لأنه يعتبر حقا دستوريا و هذا ما جاء به دستور 1996 في مادته 151 و يعين المحامي بطريقتين فإنما أن يكون اختياره من طرف المتهم أو يكون تعيينه تلقائيا.
1- اختاره من طرف المتهم:
تنص المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أن الرئيس يطلب من المتهم اختيار محام للدفاع عنه ’ و إذا تم هذا الاختيار يذكر المتهم اسم المحامي أو المحامين الذين اختارهم لتسجيلهم في المحضر دون أن يشترط المشرع شروط معينة في المحامي الذي سوف يساعد المتهم أمام محكمة الجنايات ’ و المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية تسمح للمتهم حتى أن يعهد بالدفاع عنه لأحد أقاربه أو أصدقائه بصفة استثنائية بعد ترخيصه من الرئيس الذي له السلطة التقديرية في ذلك.
2 -التعين التلقائي :
تنص الماد ة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إذا لم يختار المتهم محاميا عين له الرئيس من تلقاء نفسه محاميا و كذا إذا لم يرخص الرئيس المتهم بالاستعانة بأحد أصدقائه أو أقاربه للدفاع عنه و اختيار الرئيس للمحامي و لا يمكن للمتهم أن يلزم الرئيس أن يعين له محامي معين لكن هذا التعيين يصبح كأن لم يكن إذا اختار المتهم محامي فيما بعد.
و إذا أجاب المتهم أثناء الاستجواب أنه اختار محامي و رفض الإدلاء باسمه فان الرئيس يعين له محامي تلقائيا و إذا دافع عنه هذا المحامي أثناء محاكمته دون أن يظهر من أوراق الملف
أن المتهم قد ذكر اسمه فيما بعد فإن تمسك المتهم بغياب المحامي الذي اختاره غير موْسس.
كما أن تكون هناك حرية اتصال بين المتهم و محاميه و هذا ما نصت عليه المادة 272 من قانون الإجراءات الجزائية على أن للمتهم أن يتصل بحرية بمحاميه و كل عرقلة تحد من هذه الحرية يترتب عنها بطلان الإجراءات و بالإضافة إلى أن المادة 272 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أن المحامي المتهم أن يطلع على جميع أوراق ملف الدعوى في مكان وجودها دون أن
يترتب على ذلك تأخر في سير الإجراءات و ان الملف يوضع تحت تصرف المحامي قبل الجلسة بخمسة أيام على الأقل.

المطلب الثاني: إعداد قائمة الشهود و كيفية مشاركة المحلفين
الفرع الأول : إعداد قائمة الشهود
تعتبر شهادة الشهود من أهم أدلة الإثبات أمام محكمة الجنايات ’ بغض النظر عن الجهة التي سيدلون بشهادتهم لصالحها و تكون الشهادة بما سمعوا و رأوا ’ و ذلك نفيا أو اثباتا لواقعة معينة.
و عليه فإذا كانت رغبة النيابة العامة في تقديم عدد من الشهود لأجل تدعيم إتهامها و تقوية حجتها أو كان للضحية المدعى المدني عدد من الشهود ير يد تقديمهم للمحكمة لسماعهم قصد إثبات ضرره الناتد عن الأفعال الجرمية الناجمة عن المتهم ’ فيقدم كلا من الطرفين قائمى شهوده إلى المتهم في مدة لا تقل عن ثلاثة أيام قبل افتتاح جلسة المرافعات .
و في حالة تعدد الشهود وجب تقديم إلى كل واحد منهم قائمة خاصة به.
و في حالة عدم احترام المهلة المسموح بها المقدرة بثلاثة أيام قبل بدأ جلسة المرافعات بإمكان المتهم و محاميه اثارة هذه النقطة أمام محكمة الجنايات قبل مباشرة إجراءات المرافعات في الموضوع تحت طائلة عدم القبول.
غير أنه و في عدم الدفع ببطلان هذا الإجراء أو عدم مراعاة تورطه وفيا للمادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه لا يمكن إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا و يجعله وجها من أوجه الطعن بالنقض.

الفرع الثاني: كيفية مشاركة المحلفين
تعتبر الجزائر من البلدان العربية التي قلدت الأسلوب الفرنسي الأنقلوسكسوني في الأخذ بنظام المحلفين و اشتراك من أشخاص من عامة الناس و أفراد الشعب في المساهمة مع القضاة المحترفين في ممارسة العمل القضائي و إصدار الأحكام بشأن الجرائم التي توصف قانونا بأنها جنايات ’ و ذلك عند توفر شروط معينة و تبعا لإجراءات محددة.

أولا : شروط اختيار المحلفين
لقد تناولت المادة 261 قانون الإجراءات الجزائية معظم الشروط التي يتطلب القانون توفرها في الشخص ليكون مع قائمة المحلفين و تتمثل فيمايلي
1- أن يكون المحلف المختار من ذوي الجنسية الجزائرية ’ و ذلك لأن عمل الملف يشكل عملا من أعمال القضاة ’ و العمل القضائي يتعلق بالسيادة لا يسمح بممارسته لغير الجزائريين.
2 أن يكون المحلف قد بلغ ثلاثين سنة من عمره على الأقل عند تاريخ إجراء عملية القرعة لإعداد جدول المحلفين للسنة القضائية الحالية أو المستقبلية.
3- أن يكون من الذين يعرفون القراءة و الكتابة باللغة التي تستعملها المحكمة لأن تقرير الإدانة و العقوبة في محكمة الجنايات يكون كتابيا و بالتصويت السري بإستعمال أداة نعم أو لا و من لا يعرف كتابة هذه العبارة لا يصلح لان يكون مساعدا محلفا و لا لان يمارس العمل القضائي في محكمة الجنايات.
4- أن يكون أيضا ممن يتمتعون بالحقوق المدنية و الوطنية و العئلية بحيث لم يكن قد صدر حكم يمنعه من ممارسة هذه الحقوق أو يقضي بإسقاط سلطته الأبوية عن أولاده تبعالإدانته و الحكم عليه لجريمة من جرائم قانون العقوبات.
5- أن لا يكون في حالة من حالات فقد الأهلية أو التعارض المنصوص عليها في المادة 262 263 من قانون الإجراءات الجزائية.

ثانيا : إعداد قائمة المحلفين.
تنص المادة 264 265 من قانون الإجراءات الجزائية على كيفية تسجيل مواطني مدينة مقر محكمة الجنايات في قائمة الكشف السنوية للمحلفين التي تجري عليها القرعة لاستخراج محلفي الدورة.
أ - إعداد القائمة السنوية
تعد قائمتين سنويتين الأولى تتضمن المحلفون الأصليون و الثانية المحلفون الإضافيون.
و تنص المادة 264 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه يعد سنويا في دائرة اختصاص كل محكمة جنايات كشف للمحلفين خلال الثلاثي الأخير من كل عام للعام الذي يليه من طرف اللجنة المنصوص عليها في المرسوم رقم 10990 الموْرخ في 1990417المتكونة من:
* رئيس المجلس القضائي أو ممثله رئيس.
* قاضي حكم أو من النيابة في كل محكمة مقر محكمة مقر محكمة الجنايات يعينه رئيس المجلس باقتراح من رئيس المحكمة.
* رئيس المجلس الشعبي البلدي مقر محكمة الجنايات أوممثله .
و تجتمع اللجنة بمقر المجلس القضائي بدعوى من رئيسها بخمسة عشر يوما على الأقل قبل يوم اجتماعها’ و قرارها يعتبر إجراء إداري غير قابل لأي طعن.
- قائمة المحلفين الأصليين:
عدد المحلفين الذين يسجلون في هذه القائمة يبلغ 36 محلف في كل دائرة اختصاص محكمة الجنايات طبقا للمادة 264 2ف من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالأمر رقم 10/95 الموْرخ في في 25/02/1995.
- قائمة المحلفين الإضافيين:
بالإضافة الى قائمة المحلفين الأصليين تعد اللجنة قائمة المحلفين الإضافيين الذين يبلغ عددهم 12 محلف يوْخذون من بين مواطني المدينة التي يقع بها مقر محكمة الجنايات طبقا للمادة 265من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالأمر رقم 95/10الموْرخ في 25/02/ 1995.
و نلاحظ هنا أن المشرع لم يبين كيفية اختيار محلفي القائمة السنوية فيمكن بالتالي لأعضاء اللجنة المذكورة أعلاه اختيار من يريدون أن يكون محلفا و يعزل المحلف الذي لا يرغب فيه.

ب- إعداد قائمة محلفي الدورة
تنص المادة 266من قانون الإجراءات الجزائية على أنه قبل إفتتاح دورة محكمة الجنايات بعشر أيام على الأقل يحسب رئيس المجلس القضائي بطريق القرعة عن الكشف السنوي في جلسة علنية أسماء الثني عشر 12 من المساعدين المحلفين الذين يتألف منهم جدول المحلفين لتلك الدورة كما يسحب اسم المحلفين الإضافيين 2 من الكشف الخاص بهم بعد تعديل هذه المادة بموجب الأمر 9510 الموْرخ في 25021995’ و يبلغ النائب العام كل محلف بنسخة من جدول الدورة الخاصة به قبل افتتاح الدورة بثمانية أيام على الأقل طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 267 من قانون الإجراءات الجزائية.

ج- تشكيل محلفي الحكم
تنعقد محكمة الجنايات في اليوم المحدد لكل قضية و تستحضر المتهم أمامها ’ و يقوم الرئيس بصدد كل قضية لإجراء القرعة على المحلفين 2 المستدعيين للجلوس بجانب
قضاة المحكمة من بين المحلفين من صندوق القرعة أن يقوم المتهم برد ثلاثة من المحلفين و النيابة برد إثنتين و لا يسمح للمدعى المدني بالسوْال عن الحقوق المدنية أو بالرد لأن المحلفين لا يشتركون في الفصل في الدعوى المدنية .

المطلب الثالث القيام بالإجراءات التكميلية :
بالإضافة إلى التحقيق التكميلي الذي يقوم به رئيس المحكمة أو بتفويض منه إلى أحد القضاة هناك كذلك إجراءات استثنائية منها ضم القضايا أو تأجيل القضية إلى دورة أخرى.
- ضم القضايا
إذا كانت الإجراءات العادية تتطلب أن يصدر عن غرفة الإتهام قرار إحالة واحدة عن جناية واحدة أو عدة جنايات مرتبطة ضد متهم واحد أو ضد متهمين أصليين و شركا ْ فإنه قد يحصل أن تنشأ حالة غير عادية فيصدر عن غرفة الاتهام أكثر من قرار إحالة واحدة ضد متهمين شركا ْ في جناية واحدة ’ أو أن تصدر قرارات إحالة متعددة عن جنايات مختلفة ضد متهمواحد ’ و من أجل اختصار الإجراءات و تحقيق حكم عادل منحت المادة 277من قانون الإجراءات الجزائية إلى رئيس محكمة الجنايات سلطة إصدار أمر بضمها إلى بعضها و الفصل فيها في جلسة واحدة و بحكم واحد و كأنها قضية واحدة سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب من النائب العام أو من المتهم.

- تأجيل القضية إلى دورة أخرى
إذا رأى رئيس المحكمة أن قضية ما غير جاهزة و غير مهيأة للفصل فيها بالحالة التي هي عليها لأي سبب من الأسباب فإنه يجوز له سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب النائب العام أن يأمر بتأجيل قضايا يراها غير جاهزة للفصل فيها خلال الدورة المقيدة
بجدولها إلى دورة أخرى لاحقة أو إلى اخر الدورى نفسها و هذا ما نصت عليه المادة 278 من قانون الإجراءات الجزائية .


المبحث الثاني كيفية الطعن في صحة الإجراءات التحضيرية
المطلب الأول تخلف أحد الإجراءات المطلوبة.
إن إغفال بعض الإجراءات التحضيرية قد يؤدي إلى التأثير في الحكم الصادر من حيث عدالته كما قد يؤدي إلى التأثير على سير المحاكمة بصفة عامة، فبإغفال هذه الإجراءات قد يمس حق من حقوق المتهم سواء في إعداد دفوعه مثل تبليغ قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام في آجاله المحددة أو تعلق الأمر بتبليغه قائمة المحلفين و قائمة الشهود أو استجوابه قبل جلسة المرافعات و تعيين محامي للدفاع عنه، فإن إغفال أي إجراء من الإجراءات التحضيرية كتابيا عن طريق إيداع مذكرة واحدة قبل الشروع في مناقشة الموضوع و إلا كان الدفع غير مقبول.

المطلب الثاني: كيفية الدفع بعدم صحة الإجراءات
- إذا رأى المتهم أن إجراء من الإجراءات التحضيرية غير صحيح و أراد ممارسة حقه في الدفع بعدم صحة هذه الإجراءات وجب عليه تقديم مذكرة كتابية واحدة قبل البدء في مناقشة الموضوع، تتضمن نوع الإجراء المعين و الضرر الذي لحقه جراء هذا العيب في الإجراء.
- و يشترط في ممارسة المتهم أو محاميه لحقه في الطعن بعدم صحة إحدى هذه الإجراءات أن يقدم طلبه مباشرة عند افتتاح الجلسة، و قبل الشروع في مناقشة القضية، أما إذا شرع في مناقشة الموضوع أصبح الطلب دون جدوى و في حالة تقديم الدف في آجاله المحددة وجب على المحكمة الفصل فيه خلال الجلسة نفسها بعد استطلاع رأي النيابة العامة، على أن يكون للمحلفين رأي في المناقشة و لا في اتخاذ القرار و ينبغي على المحكمة عدم الخلط بين هذا الفصل و الموضوع الأساسي محل الدعوى، شأنها في ذلك شأن الدعاوي المتعلقة بالاختصاص أو بالتقادم أو بانتفاء وجه الدعوى، حيث في هذه الحالات و ما يشابهها لا يجوز للمحكمة أن تضم الدفع إلى الموضوع بل يتعين عليها الفصل فيه بحكم خاص مسبب.

المطلب الثالث: آثار الطعن في صحة الإجراءات.
إذا توفرت كل الشروط المطلوبة بالدفع في صحة الإجراءات التحضيرية السالف ذكرها و كان سليما يتوجب على المحكمة قبوله، فإذا قبلته و ظل المتهم أو محاميه متمسكا به قررت الفصل في موضوع الدعوى في جلسة لاحقة يمكن قبلها تصحيح الإجراء محل النزاع ثم العودة إلى متابعة إجراءات المحاكمة بقصد الفصل في الموضوع.
- أما إذا كان الطلب غير سليم لسبب من الأسباب كأن يثار بعد الدخول في مناقشة الموضوع الأصلي، أو لم يتعلق أساسا بالإجراءات التحضيرية، و قررت عدم القبول كان لازما عليها إصدار حكما مسببا بذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة، ثم تبدأ مباشرة في المرافعات بشأن الموضوع الأصلي.
- هذا و نشير في الأخير إلى أن الإجراءات التحضيرية هي إجراءات جوهرية و أساسية، قد يؤدي تجاوزها قصدا أو سهوا إلى تأجيل الموضوع محل النظر، إذ يتوقف الفصل في الموضوع الأصلي على الفصل في الدفع بعدم صحة الإجراءات التحضيرية، و تختص محكمة الجنايات بالفصل فيها في إطار قاعدة قاضي الدعوى قاضي الدفع.
- و من خلال استقرائنا للمادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية و كذا المادة291 من نفس القانون أنها لم تتضمن أي دور للنيابة العامة فيما يخص الإجراءات التحضيرية إلا أنها المعنية بالنسبة إلى تبليغ قائمة الشهود و الخبراء و المحلفين.
لذلك فإن دورها عند المنازعة في صحة الإجراءات سيكون دورا أساسيا فيما يتعلق بإثبات صحة أو عدم صحة مراعاة الإجراءات التحضيرية لأن عبء الإثبات سيكون على عاتقها.
و بناءا على ذلك يتعين أخذ رأيها قبل اتخاذ أي قرار من القرارات المتعلقة بالدفع المثار من المتهم أو محاميه بخصوص عدم صحة إجراءات التبليغ الخاصة بالخبراء أو المحلفين أو الشهود.

المبحث الثالث: كيفية انعقاد محكمة الجنايات
بموجب قرار الإحالة من غرفة الاتهام و بعد القيام بالإجراءات التحضيرية سابقة الذكر تعقد محكمة الجنايات جلستها بمقر المجلس القضائي، غير أنه يجوز لها أن تنعقد بأي مكان آخر من دائرة الاختصاص و ذلك بقرار من وزير العدل، و يشمل اختصاصها الإقليمي كل دائرة اختصاص المجلس القضائي و ذلك طبقا لنص المادة 252 من قانون الإجراءات الجزائية.
- و محكمة الجنايات لا تنعقد بصفة دائمة و إنما في دورات انعقاد كل ثلاثة أشهر و يجوز لرئيس المجلس القضائي تقرير انعقاد دورة إضافية أو أكثر إذا تطلب ذلك أهمية القضايا المعروضة.

المطلب الأول: تشكيل محكمة الجنايات
في إطار تشكيل هيئة محكمة الجنايات التي ستتولى الفصل في القضايا الجزائية المرفوعة إليها بموجب قرار نهائي صادر من غرفة الاتهام يجب مراعاة توفر عدة عناصر أساسية هي: عنصر رئيس المحكمة و عنصر قضاة الحكم المعنيين والمحلفين و عنصر وجود ممثل النيابة العامة بالجلسة، و عنصر كتابة الضبط لذلك فإننا سنحاول أن نتحدث باختصار عن كل واحدة من هذه العناصر وفقا للترتيب التالي:
- رئيس محكمة الجنايات:
يعتبر رئيس محكمة الجنايات الشخصية الأساسية و هو يشكل العضو الفعال و المؤثر في مجريات المحاكمة، نظرا لأنه هو المكلف وحده بإعداد و تلاوة الأسئلة و بالسهر على أمن الجلسة، و على إدارتها و تسييرها و نظرا لأنه هو الذي يقوم باستجواب المتهم و ينظم سماع الشهود و يمنح الكلمة لمن يستحقها وفقا للترتيب القانوني.
و نظرا لأهمية رئيس محكمة الجنايات فإن تعيينه لهذه المهمة يكون بموجب أمر تنظيمي يصدره رئيس المجلس القضائي لرئاسة جلسات الدورة كلها أو بعضها، و يشترط فيه أن يكون برتبة رئيس غرفة على الأقل و يكون هذا التعيين عادة ضمن الأمر الذي يتضمن

تاريخافتتاح الدورة إما رئيس المجلس نفسه فإنه يجز له أن يترأس محكمة الجنايات لجلسة أو أكثر دون وجوب إصدار أمر بتعيين نفسه و خاصة إذا أراد أن يترأس جلسة محددة لقضية معينة بسبب أهميتها أو بسبب ظروفها الخاصة.
و من سلطات رئيس محكمة الجنايات خلال الفترة ما بين صدور قرار الإحالة عن غرفة الاتهام و بين انعقاد جلسة المحاكمة، فإن قانون الإجراءات الجزائية قد منح رئيس محكمة الجنايات بموجب المادة 276 قانون الإجراءات الجزائية صلاحية اتخاذ إجراءات التحقيق حيث نصت هذه المادة على أنه يجوز لرئيس محكمة الجنايات إذا رأى من خلال الإطلاع على ملف الدعوى أن التحقيق غير واف، أو اكتشف عناصر جديدة بعد صدور قرار الإحالة أن يأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق. و عندما تنعقد جلسة المحاكمة فإن هذه السلطة تنتقل إلى هيئة المحكمة.
و من صلاحيات رئيس محكمة الجنايات حسب المادة 233 من قانون الإجراءات الجزائية أن له وحده سلطة و حق توجيه الأسئلة الموجهة من أطراف الدعوى و محاميهم إلى المتهمين و الشهود و الخبراء، كما يحق لرئيس المحكمة أن يمنع الدفاع و الأطراف المدنية من توجيه الأسئلة مباشرة إلى شاهد أو خبير أو مدعى مدني دون استئذانه، غير أنه لا يجوز لرئيس المحكمة أن يظهر أو يعلن عن رأيه الشخصي حول قيمة شهادة شاهد أو تصريح خبير.

- القضاة المعنيون و المحلفون:
لقد نصت المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية قبل تعديلها أن محكمة الجنايات تتشكل من هيئة قضائية قوامها سبعة أعضاء، و يمثل النيابة أمامها النائب العام لدى المجلس القضائي أو أحد معاونيه الذي يندب لذلك، و يعاون المحكمة كاتب جلسة.

أما الهيئة القضائية لهذه المحكمة التي تتكون من سبعة أعضاء منهم ثلاثة من رجال القضاء و أربعة من المحلفين، و الأعضاء الفضائيون الثلاثة أحدهم رئيسا يختار من بين رجال القضاء بالمجلس و الاثنان الآخران يختاران من قضاة المجلس القضائي أو قضاة المحاكم فيه بصفتهما قاضيين مساعدين للرئيس، و يعين القضاة الثلاثة بقرار من رئيس المجلس القضائي، أما الأربعة المحلفون فيختارون بطريقة القرعة (259 قانون الإجراءات الجزائية) من بين المحلفين المقيدين بجدول المحلفين للدورة و البالغ عددهم 18 محلفا.
و لكن بعد تعديل المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية سنة 1995. بموجب الأمر رقم 95-10 أصبحت هيئة الحكم تتشكل من ثلاثة قضاة محترفين برئاسة قاضي يكون برتبة رئيس غرفة على الأقل و عضوية قاضيين اثنين برتبة مستشار بالمجلس القاضي على الأقل و من محلفين اثنين يتم اختيارهم من عامة الناس عن طريق القرعة.
و يعين القضاة بأمر من رئيس المجلس الذي يجب عليه أن يعين أيضا و بنفس الأمر أو بأمر منفصل قاضيا احتياطيا أو أكثر لحضور جلسة المرافعات و استكمال تشكيلة هيئة المحكمة في حالة وجود مانع واحد أو أكثر من أعضائها الأصليين.

- عنصر النيابة العامة:
جاء في المادة 256 من قانون الإجراءات الجزائية ما ينص على أن يقوم النائب العام لدى المجلس القضائي أو مساعده بمهام النيابة العامة، و هذا يعني أن تمثل النيابة العامة أمام محكمة الجنايات أمر أساسي و جوهري و من النظام العام لا غنى عنه مطلقا. و يمكن أن يقوم بهذه المهمة إما النائب العام نفسه شخصيا أو ينتدب لذلك أحد نوابه أو مساعديه من قضاة النيابة سواء أكانوا قضاة على مستوى المجلس أو على مستوى المحاكم و ذلك لحضور جلسات الدورة كلها أو لتأمين حضور جلسة واحدة أو أكثر من جلسات المحكمة خلال نفس الدورة، و بقصد المرافعة باسم النيابة العامة في قضية معينة أو عدة قضايا. و لهذا
يتحتم على ممثل النيابة أن يتحمل مسوْولية كاملة سواء فيما يتعلق بعبء الإثبات الذي يقع على كاهله أو بحماية حق المجتمع الذي يمثله و إذا لم يكن مطلعا على الملف و عالما بالقانون فإنه سيجد نفسه أمام قضاة الحكم و أمام الدفاع في موقف الخصم الضعيف الذي لا يستطيع دحض قرنية البراءة التي يتمتع بها المتهم بموجب العقل و بموجب الدستور في المادة 45 منه .
غير أن ما نلاحظه اليوم في المجال الواقعي و العملي هو أن ملف الدعوى لا يسلم إلى ممثل النيابة إلا قبل أيام معدودات من يوم الجلسة. و أن ممثل النيابة العامة لا يتمكن أحانا من الإطلاع على الملف و الإحاطة بمضمونه كما يجب و سيجد نفسه مضطرا إلى أن يقوم بمرافعة مرتجلة و شمولية و نادرا ما يتناول فيها وقائع الجناية و ملابستها .

- عنصر كتابة الضبط :
لقد أشارت المادة 257 من الإجراءات الجزائية إلى أن يعاون المحكمة بالجلسة كاتب ضبط و هذا يعني أن وجود كاتب الضبط ضمن هيئة محكمة الجنايات يكون عنصرا أساسيا و جوهريا لتشكيل المحكمة من جهة ’ و لمساعدة القضاة في تنظيم سير الإجراءات’ و ضبط الجلسات ’ و تنظيم أوراق ملف الدعوى من جهة أخرى بالإضافة إلى تتدوين ما يجري في الجلسة من إجراءات و ما يقدم إلى المحكمة من دفوع و طلبات و لذلك يتعين أن يتذكر اسمه إلى جانب أسماء قضاة الحكم و النيابة في مقدمة كل من الحكم الفاصل في الدعوى العامة و الحكم الفاصل في الدعوى المدنية و إلا كان الحكم معيبا و ناقصا و لكن إذا كان توقيع كاتب الضبط على حكم محكمة الجنايات إلى جانب توقيع رئيس المحكمة أمرا واجبا فان توقيعه على ورقة الأسئلة غير مطلوب.
لكن إذا كان وجود كاتب الضبط ضروريا في تشكيل هيئة المحكمة و أن عمله بها عمل أساسي و لاسيما فيما يتعلق بإثبات سير الجلسة و تدوين إجراءات المحاكمة بالإضافة إلى
تلاوة قرار الإحالة و تحضير محضر المرافعات فإننا كثيرا ما نلاحظ أن هذا الكاتب كاتب مستجد لا يعرف جيدا مهامه و صلاحياته كموثق لما يجري بالجلسة و كشاهد على صحة أو عدم صحة و تمام أو نقص الإجراءات و نلاحظ أحيانا أنه يكون منشغلا بأمور أخرى لا علاقة لها بسير الجلسة و المرافعات و لا يدون أي شيء ذي قيمة قانونية مما يمكن أن يرجع إليه عند الحاجة إلا إذا تلقى إشارة الأمر أو إشارة الرضاء من رئيس الجلسة و خاصة فيما يتعلق بالدفوع و المذكرات الختامية و بطلبات الإشهاد التي يقدمها المحامون عادة مما يتطلب تكوين كتاب الضبط لمحاكم الجنايات تكوينا خاصا لضمان حسن سير المرافعات و لضمان حسن تدوين الإجراءات و الدفوع و الطلبات أثناء سير الجلسات.

المطلب الثاني: ممارسة المتهم لحق الرد
- بالنسبة لرد المحلفين
و هو رد تنحيهم عن المساهمة في هيئة الحكم بمحكمة الجنايات يمكن القول أن القانون في المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية منح و أعطى المتهم واحدة من أهم ضمانات الدفاع أمام محكمة الجنايات بحيث أعطاه حق طلب رد و تنحية ثلاثة من المحلفين عند استخراج أسمائهم من صندوق القرعة. بعد المناداة على محلفي جلسة الحكم مباشرة على أن يمارس هذا الحق مباشرة أو بواسطة محاميه. و قد جرت العادة على أن يتولى المحامون ممارسة هذا الحق نيابة عن موكلهم ’ و إذا كان القانون لا يطلب من المتهم أو محاميه بيان أسباب رد المحلفين ’ فإن الأسباب الحقيقية لرد المحلفين كثيرا ما تكون مبنية على عدم كفاءتهم أو إنعدام حنانيتهم و أحيانا تكون مبنية على المجهول بحيث يستعمل حق الرد لمجرد الرد.
و لمكين المحكمة العليا من ممارسة رقابة تطبيق هذا الإجراء الجوهري أوجب القانون بيان سير عملية القرعة على محلفي جلسة الحكم ضمن محضر المرافعات’ و في محضر خاص بإجراء القرعة .و رتب جزاء البطلان لكل إجراء و رد ذكره في هذا المحضر بشكل مخالف للقانون.
و عليه فمتى وردت بيانات متعارضة في محضر إجراء القرعة تتعلق بإختيار محلفي الحكم فإن ذلك سيوْدي إلى بطلان هذا المحضر و ينتج عنه عيب التناقض الذي يستوجب نقضه.

- بالنسبة لرد القضاة
أي قضاة هيئة محكمة الجنايات فإننا عثرنا على نص المادة 554من قانون الإجراءات الجزائية الذي جاء عاما و شاملا لكل قضاة الحكم.حيث جاء فيه أنه يجوز طلب رد أي قاضي من قضاة الحكم لأسباب و حالات و رد ذكرها حصرا ضمن تسعة بنود ، إذ أنه إذا توفرت لدى المتهم و محاميه أو أي خصم في الدعوى أحد أو بعض الأسباب أو الحالات المشار إليها في المادة 554 فإنه يجوز له تقديم طلب يرد القاضي المطلوب رده على أن يكون هذا الطلب كتابيا قبل الشروع في مناقشة الموضوع ، و يجب تحت طائلة البطلان أن يتضمن الطلب اسم و لقب وصفة القاضي موضوع الطلب ، و أن يشتمل على الأوجه و الأسباب القانونية المبررة للطلب.
كما يجب أن يكون مرفقا بكل الوثائق و المستندات المدعمة للطلب، و أن يوقع عليه من الطالب شخصيا و يوجه إلى رئيس المجلس القضائي مباشرة.
و مما يتميز به رد المحلفين عن رد القضاة هو أن الأول يكون شفاهة أثناء إجراء عملية القرعة و أن الثاني لا يكون إلا كتابة و قبل الشروع في مناقشة موضوع التهمة.
و من جهة أخرى فإن رد المحلفين لا يتطلب أن يكون مسببا في خلاف طلب رد القضاة فإنه يجب أن يكون مسببا بأن يشتمل على سبب أو حالة واحدة أو أكثر من الأسباب و الحالات المنصوص عليها القانون.

المطلب الثالث اختصاص محكمة الجنايات
يقصد بالاختصاص صلاحية المحكمة بنظر النزاع المعروض عليها من حيث الأشخاص و الوقائع ’ و قواعد الاختصاص من النظام العام و مخالفتها يوْدي إلى البطلان ’ و بالتالي فإنه يتعين على الجهة القضائية المطروح عليها الدعوى ’ كما يجوز إثارته تلقائيا’ و هذا ما قررته المحكمة العليا في العديد من قراراتها ’ فقد قضت مثلا أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجزائية هي من النظام العام فإنه يتعين على الجهة القضائية المطروحة عليها الدعوى أن تتأكد من اختصاصها قبل الشروع في نظرها و قضت أيضا أن الدفع بعدم الاختصاص يجوز التمسك به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى و تقضي به المحاكم و لو تلقائيا.
- هذا و حسب المادة 248 من قانون الإجراءات الجزائية فإن محكمة الجنايات تعتبر الجهة القضائية المختصة بالنظر و الفصل في الأفعال الموصوفة جنايات و الجنح و المخالفات المرتبطة بها و المحالة إليها من غرفة الاتهام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .
- و تطبيقا لهذه المادة قضت المحكمة العليا بما يلي أن القواعد المتعلقة باختصاص الجهات القضائية من حيث نوع الجريمة هي من النظام العام و أن عدم مراعاتها يترتب عليها النقض لأن المشرع الجزائري قسم الجرائم إلى المخالفات و جنح و خص كل جهة بالنظر في نوع معين منها ’ لذلك يعتبر مخالفا للقانون و يستوجب البطلان قرار غرفة الاستئناف الجزائية الفاصل في جناية اختلاس الأموال العمومية لأن المادة 248 من قانون الإجراءات الجزائية حولت القسم الاقتصادي لمحكمة الجنايات الاختصاص المانع للنظر فيها.

- و نصت المادة 249 من ذات القانون على أن لمحكمة الجنايات كامل الولاية في الحكم جزائيا على الأشخاص البالغين ... و تطبيقا لهذه المادة قضت المحكمة العليا بمايلي:
من المستقر قضاء أن محكمة الجنايات لها كامل الولاية في الحكم جزائيا على الأشخاص البالغين سن الرشد الجنائي و المحالين إليها بقرار من غرفة الاتهام ظبقا لمقتضيات المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية لذلك يجب عليها أن تستنفذ و لايتها بالنسبة لجميع الأفعال المحالة إليها من طرف غرفة الاتهام متى تبين لها من المرافعات أن هذه الوقائع تقتضي وصفا قانونيا مخالفا لما ورد في قرار الإحالة.



الفصل الثاني مراحل إجراء المحاكمة
المبحث الأول: نظام سير المحاكمة و القيام بالمرافعات
تعرف محكمة الجنايات عند رجال القانون بأنها محكمة إجراءات، ذلك لان هيئة المحكمة من قضاة و نيابة ملزمون بالإطلاع الواسع بوقائع القضية، و على معرفة تامة بالقواعد الإجرائية التي تفرض عليهم احترام حقوق هيئة الدفاع، كل هذا من أجل ضمان سلامة الأحكام الصادرة عن المحكمة و إنصافها.
و عليه سنتناول في هذا الفصل و بشكل بسيط أهم القواعد الإجرائية التي يجب مراعاتها خلال جلسة المحاكمة و المرافعات.
المطلب الأول: نظام سير المحاكمة.
تنعقد محكمة الجنايات في المكان و اليوم و الساعة المعينين لافتتاح الدورة و تفتح بدخول الرئيس و القاضيين المحترفين قاعة الجلسات و الجلوس في المكان المخصص لهما فيما يجلس ممثل النيابة العامة على يمين المحكمة و كاتب الضبط على يسارها ثم يعلن الرئيس افتتاح الجلسة و يساق المتهم طليقا من كل قيد إلى المكان المخصص لهذا الغرض بالقاعة و يكون حضور محامي المتهم وجوبيا المادة 292 من قانون الإجراءات الجزائية و إذا لم يحضر المتهم رغم إعلانه قانونيا و دون سبب مشروع وجه إليه الرئيس بواسطة القوة العمومية إنذارا بالحضور فإذا رفض، جاز للرئيس أن يأمر إما بإحضاره جبرا عنه... أو باتخاذ إجراءات المرافعات بصرف النظر عن تخلفه و في هذه الحالة الأخيرة تعتبر جميع الأحكام المنطوق بها في غيبته حضوريا و يبلغ بها مع الحكم الصادر في الموضوع (م 294 من قانون الإجراءات الجزائية) و بعد أخذ المتهم لمكانه في القاعة، يطلب الرئيس من كاتب الجلسة أن ينادي على المحلفين المستدعين المقيدين في القائمة المعدة لهذا الفرض وفقا للمادة 266 من قانون الإجراءات الجزائية و يفصل الرئيس و القضاة أعضاء المحكمة في أمر المحلفين المتخلفين عن الحضور وفقا للمادة 280 الفقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية و إذا تبين و جود من بين المحلفين الحاضرين من لم يستوف الشروط التي تتطلبها المادة 261 من قانون الإجراءات الجزائية أو من يكونوا في حالة عدم الأهلية أو التعارض...،

أمر الرئيس و القضاة أعضاء المحكمة بشطب أسمائهم من الكشف، المادة 281 من قانون الإجراءات الجزائية و يكون الفصل في تلك المسائل بحكم مسبب بعد سماع أقوال النيابة.
ثم يبلغ الرئيس المتهم بأنه ستجري القرعة لسحب أسماء المحلفين الذين سيشكلون المحكمة و يخطره أن له أو لمحاميه الحق في رد ثلاثة محلفين عند استخراج الأسماء من صندوق القرعة و للنيابة العامة الحق في رد المحلفين و في حالة تعدد المتهمين يتم الاتفاق بينهم أو بين محاميهم لمباشرة حقهم في الرد و في حالة اتفاقهم يباشرون منفردين حق الرد حسب الترتيب المعين في القرعة دون أن يمكنهم مباشرة أكثر من رد واحد دفعة واحدة، و دون أن يتعدى عدد المردودين ما هو مقرر لمتهم واحد و بعد ذلك يوجه للرئيس الدعوى للمحلفين المختارين من القرعة للجلوس في الأماكن المعدة لهم و يعلن عن اكتمال تشكيلة المحكمة (3قضاة و محلفين) بعد أن يدعوا المحلفين الاثنين للوقوف لحلف اليمين أمام المحكمة و بعد رفع اليد اليمنى و قراءة صيغة اليمين عليهم المنصوص عليها في المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية و بعد ذلك تقدر المحكمة متابعة إجراءات المحاكمة.
و يجوز لها أن تعقدها سرية إذا ما كان في علانيتها خطر على النظام العام و الآداب (المادة 285 من قانون الإجراءات الجزائية) كما تقرر ما إذا تتم متابعة إجراءات المحاكمة أو تأمر بتأجيلها إن تبين أنها غير مهيأة للفصل فيها. (المادة 303 من قانون الإجراءات الجزائية).

و بعد ذلك إن تقرر متابعة إجراءاتها فيجب مواصلتها إلى أن تنتهي القضية بحكم المادة 285 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية ثم يطلب رئيس المحكمة من كاتب الجلسة أن ينادي على المدعي المدني و الشهود و يخطرهم بالانسحاب إلى القاعة المخصصة لهم (المادة 298 من قانون الإجراءات الجزائية) ثم يطلب الرئيس من كاتب
الجلسة تلاوة قرار الإحالة و بعد تلاوة قرار الإحالة يبدأ في استجواب المتهم و إذا أراد المتهم أو الدفاع عنه إبداء أوجه المنازعة في صحة الإجراءات التحضيرية فعليه أن يودع مذكرة وحيدة قبل المرافعة في الموضوع و إلا قضى بعدم قبولها.
وتفصل فيها المحكمة بدون مشاركة المحلفين بعد سماع ممثل النيابة العامة ( المادة 298 من قانون الإجراءات الجزائية) و بعد استجواب المتهم يقدم أدلة الإثبات إن وجدت فيما توجه أسئلة المساعدين من القضاة و المحلفين عن طريق الرئيس ثم يفتح المجال للنيابة العامة بتوجيه الأسئلة مباشرة على المتهم كما يجوز لمحامي المتهم توجيه الأسئلة إليه أو إلى باقي المتهمين عن طريق الرئيس (المادة 287 من قانون الإجراءات الجزائية).
و بعد انتهاء مرحلة استجواب المتهم، يأمر الرئيس بإحضار الشهود واحدا بعد الآخر لسماع أقوالهم بعد أدائهم اليمين القانونية و بينما يجوز لممثل النيابة العامة توجيه الأسئلة مباشرة للشهود، يجوز للمتهم و المدعي المدني أو محاميهم توجيه الأسئلة لهم بواسطة الرئيس (المادة 288/ف1 من قانون الإجراءات الجزائية) و بعد ذلك يتم عرض تقارير الخبراء فإن كان الخبير حاضرا كلفه الرئيس بعرض نتائج أبحاثه و فتح المجال بعد ذلك للأطراف و محاميهم لتوجيه الأسئلة للخبير ثم يتلو الرئيس نتائج الخبرة العقلية و البحث الاجتماعي للمتهم و يتم سماع المدعي المدني و محاميه (م.304/ف1 من قانون الإجراءات الجزائية). و بعد إتمام الإجراءات تفتح المرافعات.

المطلب الثاني: مرحلة القيام بالمرافعات.
وفقا لأحكام المادة 304 قانون الإجراءات الجزائية فإنه متى انتهى التحقيق بالجلسة سمعت أقوال الطرف أو محاميه. و تبدي النيابة طلباتها و يعرض المحامي و المتهم أوجه الدفاع، و يسمح للمدعى المدني و النيابة العامة بالرد، و لكن الكلمة الأخيرة للمتهم و محاميه دائما.
- واضح من هذه المادة أنها رتبت المرافعات ترتيبا حصريا يجب إتباعه، و هذا الترتيب جاء وفق ما يلي:
- استجواب المتهم:
يعرض رئيس الجلسة ملخصا عن وقائع التهمة على المتهم بعد التحقيق من هويته ثم يستمع إلى تصريحاته عن الأوضاع و الظروف التي وقعت فيها الجريمة و الوسائل المستعملة في ارتكابها يتخلل هذا التصريح استجواب لرئيس المحكمة من حين لآخر كما يتبين من الدوافع و الأسباب التي أدت به إلى ارتكابها مستشهدا بأدلة الإثبات المقدمة ضده و الحجج التي تثبت إسنادها إليه.
حيث ليس بإمكان أي أحد سواء من هيئة المحكمة أو هيئة الدفاع أن يقاطع رئيس المحكمة عن الاستجواب و التحقيق مع المتهم، و على عكس ذلك فإنه عند انتهاء الرئيس من إجراء تحقيقه و استجوابه للمتهم، يجوز لهيئة الدفاع أو ممثل النيابة العامة طرح ما يشاءون من الأسئلة الجدية و المفيدة قصد إخبار الحقيقة أو لحماية مصالح أطراف الدعوى على أن تمر أسئلة هيئة الدفاع و المحلفون و قضاة المحكمة على رئيس الجلسة و التي يحيلها بدوره إلى المتهم، و يجب أن تتضمن إعادة الأسئلة التي سبق لرئيس المحكمة أن تطرق إليها عند استجواب المتهم. بينما بإمكان و كيل النيابة العامة فقد خوله القانون حرية توجيه السؤال مباشرة إلى المتهم.

- سماع شهادة الشهود و تصريح الخبراء:
بعد الانتهاء من سماع تصريحات المتهم و التحقيق معه فيما يخص الوقائع الجرمية في ظروف ارتكابها و ملابساتها، يأمر رئيس محكمة الجنايات كاتب الضبط بالمناداة على الشهود قصد إحضارهم إلى الجلسة واحدا واحدا و ذلك لسماع أقوالهم حول الوقائع المنسوبة للمتهم أو المتهمين و يتعين على الرئيس معرفة درجة القرابة أو علاقة التبعية بين الشاهد و المتهم، ثم يطلب منه أداء اليمين القانونية فيقسم بالله أن لا يقول إلا الحق دون خوف أو حقد.

و بعد ذلك يطلب منه رئيس المحكمة الإدلاء بشهادته أمام هيئة المحكمة حسب ما رأى أو سمع عن وقائع الجريمة و حسب علمه بعلاقة الجريمة و المتهم من حيث الإسناد، و عن كيفية وقوعها و ما استعمله المتهم من وسائل في تحقيق النتيجة، و يلتزم كل من النيابة العامة و القضاة و الدفاع بعدم مقاطعة الشاهد أثناء الإدلاء بشهادته كما لهم الحق في توجيه ما يرونه من الأسئلة التي من شأنها أن تزيد القضية وضوحا.
كما لهم أن يعقبوا على أقوال الشاهد إذا كان فيها ما يتناقض من أقوال، و يبقى الرئيس دائما هو الذي يستقبل الأسئلة ثم يحيلها إلى المتهم إلا الأسئلة التي تطرحها النيابة العامة على الشاهد فتكون مباشرة حيث استثناها القانون عن بقية الأطراف و مهما يكن فإن السلطة التقديرية للرئيس تمنحه تقييم الأسئلة من حيث اللزوم و الجدية فيحيل بعضها، كما له أن يلفت انتباه وكيل النيابة العامة إذا ما أراد هذا الأخير أن يمارس نوعا من الضغوط على الشاهد، أو يطرح أسئلة بعيدة عن الموضوع.
و تجدر الإشارة أن الشهود الذين لهم علاقة بالمتهم لا يوجه لهم اليمين بل تسمع أقوالهم على سبيل الاستدلال.

- سماع أقوال الضحية:
عادة ما يكون الاستماع إلى الضحية قبل السماع للشهود في محكمة الجنايات. حيث يدلي بتصريحاته المتعلقة بالوقائع، بالمكان و الزمان و الكيفية التي وقعت بها النيابة و يتم هذا بحضور المتهم و ممثل النيابة، اللذان يسمح لهما بطرح بعض الأسئلة المتعلقة بالقضية عن طريق رئيس المحكمة الذي تبقى له سلطة تقييم الأسئلة من حيث قبولها أو رفضها و تصريحات الضحية غالبا ما تكون مدعمة لادعاءات النيابة العامة من حيث توجيه الاتهام و إثبات الجريمة ضد المتهم.

- و نلاحظ أن الضحية عند سماع أقواله لم يفصل في صفته القانونية، هل هو شاهد أو بصفته مدعيا مدنيا. خاصة و أنه يصبح طرفا في الدعوى المدنية التي تخصص لها جلسة منفصلة عن جلسة الفصل في الدعوى الجزائية.
و جرت العادة على منح المحكمة للضحية فرصة التعرض إلى عناصر الدعوى العمومية قبل سماع الشهود، ثم تمنحه صفة الإدعاء مدنيا قبل مرافعة النيابة العامة، لذلك سيظل اللبس بشأن صفة الضحية قائما فيما إذا سوف يقبل ادعاؤه مدنيا رغم أنه سبق و أن قدم شهادته ضد المتهم، خاصة و أن سبق للضحية أن أعلن لقاضي التحقيق أنه يرغب في الإدعاء مدنيا في طلب التعويض الذي يزعم أنه لحقه جراء الضرر الناتج عن الجريمة فهل يجوز للمحكمة ساع شهادته خلال جلسة مناقشة الدعوى العمومية.
و هنا التعارض قائم مع نص المادة 243 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن الشخص الذي يدعي مدنيا لا يجوز سماعه كشاهد.

- سماع مرافعة النيابة العامة:
يختلف دور النيابة العامة في محكمة الجنايات عن دورها أمام محكمة الجنح و المخالفات اختلافا كبيرا. ذلك بسبب كثرة الإجراءات و تعددها في محكمة الجنايات، و أن حكم المحكمة فيها لا يسبب لأنه مبني على الاقتناع الذاتي للقضاة و المحلفين و يعتبر دور النيابة العامة مهم جدا، لأن القانون خول لها مسؤولية تحريك الدعوى العمومية، و كذا تمثيل المجتمع و الدفاع عن مصالحه و مكاسبه، أضف إلى ذلك أن القانون حمل ممثل النيابة تقديم أدلة الإثبات و أدلة نسب التهمة إلى المتهم، و يقابلها في ذلك القرينة الدستورية القائلة بأن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، لذلك و من أجل تجنب وضعه في موضع حرج و في موقف الخصم الضعيف الذي لا يستطيع إثبات وجوده وجب عليه الإطلاع الجيد على ملف القضية ومتابعة سير إجراءات الدعوى، و التأكيد من قوة وسائل الإثبات و صحتها.

و تعطى الكلمة لممثل النيابة العامة بعد استجواب المتهم و بعد سماع شهادة الشهود و تكون المرافعة بشأن الدعوى العامة من حيث توافر أركانها العامة المادية و المعنوية و القانونية، و تحاول دائما دعم الأدلة و استغلال كل ما يمكن أن يثقل كاهل المتهم سواء من شهادة الشهود أو أقوال المدعى المدني أو من أدلة الإثبات الموجودة بالملف و محاضر التحقيق و ينتهي تدخل النيابة العامة باقتراح العقوبة وفقا لمواد القانون و العقوبات المتابع بها المتهم، و في حالة تعدد المتهمين في قضية واحدة تطلب تطبيق العقوبة لكل واحد منهم حسب ما نسب إليه من أفعال.

- سماع دفاع المتهم:
دفاع المتهم أمام محكمة الجنايات هو أمر وجوبي و لا يجوز محاكمة الجاني دون محام يقف إلى جانبه يساعده و يتولى الدفاع عنه و لهذا فإن القانون قد كلف رئيس محكمة الجنايات بموجب المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أن يقوم باستجواب المتهم قبل جلسة المرافعة بثمانية أيام على الأقل و أن يطلب منه اختيار محامي لمساعدته في الدفاع عن نفسه ضد التهمة الموجهة إليه، و إن لم يختر بسبب فقره أو عجزه فانه يجب على رئيس المحكمة أن يعين له محاميا من تلقاء نفسه ’ غالبا ما يتم اختيار المحامي من المحامين المقيمين بمقر محكمة الجنايات حتى يسهل عليه الاتصال بالمتهم في الوقت المناسب و يسهل عليه الإطلاع على الملف خلال الوقت المناسب و يسهل عليه الإطلاع على الملف خلال الوقت الكافي’ و ذلك أن إصدار حكم اثر إجراءات محاكمة لم يحضرها محامي تجعله حكما باطلا و يمكن نقضه و إلغاوْه.
-أما ما يبعث على الحسرة و الأسف فهو أنه و إن كان لا يجوز انكار ما يقدمه بعض المحامين من مجهودات للدفاع عن المتهم و لمساعدة المحكمة على إظهار الحقيقة تستحق الشكر فان هناك منهم من لا يكلف نفسه عناء الاتصال بالمتهم و لا الإطلاع على ملف الدعوى إلا قبل يوم واحد أو يومين أو قبل ساعات فقط من ساعة افتتاح الجلسة و هنا على ما نعتقد لا يحقق الهدف من ضمان ممارسة حق الدفاع بل و يتنافى مع الضمير المهني

للمحامي و لا يتناسب مع الثقة التي وضعها المشرع في المحامي حينما أوجب ألا يحاكم الجاني إلا بحضور المحامي المختار من قبل المحكمة أو المتطوع.

- سماع تعليقات النيابة و الدفاع:
لقد نصت المادة 304 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالقانون رقم 82-03 على أنه متى انتهى التحقيق بالجلسة سمعت أقوال المدعى المدني أو محاميه و تقدم النيابة العامة طلباتها ثم يعرض المحامي و المتهم أوجه الدفاع ’ و يسمح للمدعى المدني و النيابة بالرد و لكن للمتهم و محاميه دائما الكلمة الأخيرة.
و من تحليل أحكام هذه المادة نستطيع أن نفهم أن نفهم أن القانون رتب إجراءات المرافعة بحيث قرار الشروع باستجواب المتهم و التحقيق معه و متى انتهى التحقيق يأتي دور المدعى المدني و محاميه إن وجد فيدلي بتصريحاته و طلباته ثم يأتي دور النيابة العامة فترافع في موضوع الدعوى الجزائية.
و أخيرا يأتي دور محامي المتهم فيقدم مرافعاته و دفوعه ’ و لكن و قبل إعطاء الكلمة للمتهم باعتبار أن الكلمة الأخيرة تكون دائما بحكم القانون فإنه يجوز لكل من المدعى المدني و ممثل النيابة العامة أن يعقب على كلام محامي المتهم و أن يرد أو يعلق على ما اثاره أثناء مرافعته كما يجوز للنيابة أن يعقب على كلام محامي المتهم و أن يرد أو يعلق على اثاره أثناء مرافعته كما يجوز للنيابة أن تتناول الكلمة للتعقيب على ما ورد في دفاع المحامي ’ مع الملاحظة أن كل ذلك يسمح تحت رقابة رئيس المحكمة الذي يتمتع بسلطة تسيير الجلسة و بصلاحية منع الرد و التعقيب على التعقيب كلما كان ذلك غير مجدي.

- سماع المتهم و محاميه في كلمة أخيرة:
لقد حددت المادة 304 السالف ذكرها بأن يكون المتهم هو آخر المتدخلين و هو صاحب الكلمة الأخيرة و الغرض المشرع من ذلك هو نيته في ضمان حق المتهم في ممارسة حق دفاعه و تأتي كلمة المتهم أو المتهمين واحدا تلو الآخر بطلب من الرئيس، هل لديك
ما تضيف لدفاعك؟ فيجيب كل واحد على هذا السؤال حسب معرفته و مدى التأثير الذي تركته المرافعة و إجراء المحاكمة في نفسه.
و نشير أن تجاهل المحكمة لحق المتهم في الكلمة الأخيرة لسبب أو لآخر كأن تكون مثلا ناتجة عن استفزازات الضحية، أو الدوافع الوحشية للمتهم التي جعلته يقوم بالجريمة من شأنها تعرض قرار المحكمة بصفة عامة للنقض و مثال على ذلك ما صدر عن المحكمة العليا في القضية رقم 63270 حيث نقض بموجبه حكما صادرا عن محكمة الجنايات بمجلس الشلف جاء فيه ــ حيث أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى أن الكلمة الأخيرة كانت للمتهم ــ. حيث أن هذا الإغفال يشكل خرقا لقاعدة جوهرية و مسا بحقوق الدفاع فإن ذلك ينجر عنه النقض.

المطلب الثالث: إجراءات ما بعد انتهاء المرافعات.
إن التحضير للفصل في الدعوى يتطلب إجراءات تقوم بها المحكمة قبل الانتقال إلى غرفة المداولة بالإضافة إلى الإجراءات التي تتم أثناء فترة المداولة و تتعلق بإعادة مناقشة الوقائع و مدى مطابقة النصوص المطبقة بشأنها تمهيدا للفصل فيها:
الفرع الأول : إقفال باب المرافعة.
يقرر الرئيس إقفال باب المرافعات , و يقوم هو شخصيا أو يكلف أحد من القضاة بقراءة الأسئلة التي ستطرح للمناقشة و التصويت في قاعة مداولة محكمة الجنايات و لا يطرح هنا في الجلسة السوْل المتعلق بالظروف المخففة و إلا كان قد أظهر اتجاه نيته بإدانة المتهم .
و تستخرج هذه الأسئلة من منطوق قرار الإحالة و يمكن أن يقدم الرئيس أسئلة احتياطية يطرحها هو تلقائيا أو بطلب من النيابة أو من الدفاع و ذلك بعد مناقشتها.
- و تتم صياغة الأسئلة حسب ما هو مبين من أحكام المادة 305 قانون الإجراءات الجزائية لكل واقعة سوْا ل و لكل ظرف مشدد سوْالا و لكل عذر قانوني وقع التمسك به سوْ الا مستقلا و متميزا .

و إذا كان الظرف المشدد غير مأخوذا من قرار الإحالة و جب على المحكمة طرحه مسبقا للمناقشة و سماع الدفاع و طلبات النيابة حتى و لو انسحبت المحكمة للمداولة و مهما يكن من أمر فإنه لا ينبغي أن يتضمن السوْال الواحد واقعتين أو ظرفين متميزين و لا يمكن أن يتصف بالغموض إذ يتعذر على أعضاء المحكمة فهمه و الإجابة عليه بالنفي بالإيجاب.
و بعد قراءة الأسئلة يتلو الرئيس قبل مغادرة قاعة الجلسة التعليمة الموجهة لأعضاء المحكمة من المحلفين و القضاة المهنيين و المنصوص عليها في أحكام المادة 307 قانون الإجراءات الجزائية باعتبار أن أعضاء محكمة الجنايات يوْسسون حكمهم على اقتناعاتهم الشخصية.
و على اثر ذلك يأمر الرئيس العون المكلف بالمحافظة على النظام بإخراج المتهم من قاعة الجلسات و بحراسة المنافذ الموْدية إلى غرفة المداولات و منع كل واحد الدخول إلا بإذن من الرئيس و يعلن هذا الأخير عن رفع الجلسة و انسحاب المحكمة للمداولة.

الفرع الثاني : إجراءات المداولة بشأن الدعوى الجزائية
قبل انسحاب المحكمة إلى المداولة يأمر الرئيس ينقل الملف لوضعه تحت تصرف أعضائها حيث يخول لهم القانون الإطلاع على كل وثيقة أو أي دليل آخر بأوراق القضية و يتداول أعضاء المحكمة في كل واقعة و يصوتون بالاقتراع السري على كل سوْال بالنفي أو الإيجاب و بنفس الطريقة عن كل سوْال يتعلق بالظروف المشددة و تصدر جميع الأحكام بالأغلبية حسب أحكام المادة 309 ف2 قانون الإجراءات الجزائية فإذا قررت هذه الأغلبية بأن المتهم غير مدان لعدم ثبوت ركن من أركان الجريمة أو لانقضاء الدعوى العمومية لسبب من الأسباب فيكون الحكم بالبراءة أو بإعفاء المتهم من العقاب إذا كان هناك عذر قانوني.
و في حالة ثبوت الإدانة من خلال الإجابة على الأسئلة تتداول المحكمة من جديد و بنفس الطرقة في تحديد العقوبة و ذلك بعد طرح الرئيس السوْال حول الظروف المخففة و الإجابة عليه بالإيجاب يكون لها دور فعال ي تحديد العقوبة لصالح المتهم.

المبحث الثاني : كيفية النطق في الحكم في الدعوى الجزائية .
المطلب الأول : إحضار المتهم و تلاوة الأسئلة و الأجوبة.
بعد الانتهاء من إجراءات المداولات و الاتفاق على الحكم المناسب و تدوينه في ورقة الأسئلة تعود هيئة المحكمة إلى قاعة الجلسات, و بعد جلوسهم في المنصة الخاصة بهم يأمر رئيس المحكمة استمرار الجلسة كما يأمر المكلف بحفظ النظام و بإحضار المتهم إلى قاعة الجلسات , و عندما يعود يخبره بأنه سوف يبدأ بتلاوة الأجوبة عن الأسئلة التي توصلت إليها المحكمة بعد المداولات , ثم يبدأ في تلاوة الأسئلة و الأجوبة التي اقترحت لها.

المطلب الثاني : النطق بالحكم في الدعوى العمومية.
بعد المداولة في الجانب الجزائي تستأنف الجلسة و يتلوا الرئيس بصورة علانية الإجابات عن جميع الأسئلة التي طرحت على هيئة المحكمة التي تمت عليها الإجابة بالأغلبية بنعم أولا ثم يصرح بالعقوبة مع ذكر النصوص القانونية في حالة الإدانة أو بالبراءة , و في هذه الأخيرة يجب أن تكون الأسئلة المطروحة و الإجابة المعطاة عنها سائغة منطقيا و مقبولة قانونيا بحيث إذا أجاب أعضاء المحكمة بالنفي و بأغلبية الأصوات على الأسئلة التي طرحت عليهم و قضوا ببراءة المتهم فلا يصبح للنيابة العامة أن تطعن بالنقض في حكمهم على أساس أن الوقائع ثابتة لأن ذلك يعتبر مجادلة في الموضوع و في اقتناع المحكمة , و يفرج عن المتهم في الحين ما لم يكن محبوسا لسبب آخر , و ينبه المتهم المحكوم عليه أن له مدة ثمانية أيام للطعن في الحكم الصادر ضده و هذا ما نصت عليه المادة 313 قانون الإجراءات الجزائية .
و تنتهي بذلك الدعوى العمومية و ترفع الجلسة .
و بعد أن تفصل المحكمة في الدعوى العمومية بإدانة المتهم يطلب الرئيس من المحلفين الانسحاب من التشكيلة طبقا لما جاء في المادة 316 قانون الإجراءات الجزائية.
فإذا ثبت أن المحكمة فصلت في مسألة مدنية بحضور المساعدين المحلفين فإن حكم المحكمة باطلا. و تفتح الجلسة للنظر في الطلبات المدنية.

المطلب الثالث: إقامة الدعوى المدنية و الفصل فيها.
لقد جاء في المادة 316 قانون الإجراءات الجزائية أنه بعد أن تفضل المحكمة في الدعوى العمومية تفصل دون اشتراك المحلفين في طلبات التعويض المدني المقدمة سواء من المدعي المدني ضد المتهم أو من المتهم المحكوم ضد المدعي المدني، و تسمع أقوال النيابة العامة و أطراف الدعوى. و من تحليل هذا النص يتضح لنا أن محكمة الجنايات بعد أن تفرغ من إجراء الفصل في الدعوى الجزائية و النطق بالحكم تعلن انتهاء جلسة الدعوى العامة فتسرح المحلفين ثم تعلن عن افتتاح جلسة الدعوى المدنية و تحيل الكلمة مباشرة إلى الضحية المدعى مدنيا أو إلى ممثله أو محاميه بعد أن يكون قد سبق له و تأسس طرفا مدنيا أثناء نظر الدعوى العامة و قبل أن تشرع النيابة العمة في مرافعاتها بشأن الموضوع، و سينحصر دور المدعى المدني هنا في إثبات الضرر و قيمته.
و إثبات الوقائع الجرمية المنسوبة إلى المتهم ثم إثبات كون هذا الضرر ناتجا مباشرة على الأفعال الجرمية موضوع المتابعة . و من ثمة تحيل الكلمة إلى المدعى عليه مدنيا سواء كان هو المتهم نفسه باعتباره مسئولا عن فعله الشخصي الخاطئ الذي يلحق الضرر بالغير وفقا للمادة 124 من القانون المدني، أو كان غيره باعتباره مسئولا مدنيا عن أفعال الغير وفقا لأحكام المادة 136 من القانون المدني ، باستثناء التعويض عن الضرر الناتج عن حوادث السيارات فإنه تحكمه القواعد الخاصة المنصوص عليها في الأمر رقم 74-15 المتعلقة بإجبارية التأمين على المركبات و مكملاته و تعديلاته.
ثم بعد سماع كل من المدعي و المدعى عليه مدنيا أو محاميهما تعطى الكلمة إلى النيابة العامة لتقديم ملاحظاتها و طلباتها إن كانت لها طلبات.
و إذا كانت النيابة قد أثارت أمورا يمكن أن تضر بمصالح المدعي المدني فإنه يجوز للمحكمة أن تسمح للمدعي المدني أو محاميه بالتعقيب على أقوال النيابة و كذلك الحال بالنسبة للمسئول المدني المدعى عليه.

- كما نصت الفقرة الثانية من المادة 316 السالف ذكرها على أن يجوز للمدعي المدني في حالة البراءة كما في حالة الإعفاء من العقاب أن يطلب تعويض الضرر الناشئ عن خطأ المتهم الذي يخلص من الواقع موضوع الاتهام فإن الفقرة السابقة لها قد نصت على أنه بعد أن تفصل المحكمة في الدعوى العامة تفصل في طلبات التعويض المقدمة من المتهم المحكوم ببراءته ضد لمدعي المدني. و معنى ذلك أنه إذا كانت المحكمة قد قضت بإدانة المتهم و الحكم عليه فمن الطبيعي أن تفصل في موضوع الدعوى المدنية و تجيب سلبا أو إيجابا عن طلبات المدعى المدني ولا تحكم بعدم الاختصاص سواء كان حكمها بالبراءة أو بالإدانة أو بالإعفاء من العقاب، و لكن إذا كانت محكمة الجنايات قد قضت ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه و زعم هذا المتهم بأنه قد تضرر من الاتهام الذي مارسه المدعى المدني ضده فإن من حق المتهم أن يطلب تعويضا عن هذا الضرر، و من واجب المحكمة أن تفصل فيه سلبا أو إيجابا. و يكفيها فقط أن يثبت لديها توفر الضرر و توفر العلاقة السببية بينه و بين إجراءات الإدعاء المدني.
- و بعد النطق بالحكم في الدعوى المدنية تقوم المحكمة بتنبيه المتهم المدعى عليه مدنيا في حالة الحكم عليه بالتعويض بأن له الحق في الطعن بالنقص في هذا الحكم خلال أجل مدته ثمانية أيام كاملة من يوم النطق به. و في الختام يعلن الرئيس إنهاء الإجراءات و رفع الجلسة.

المبحث الثالث : طريقة الطعن في الحكم.
النقض طريق غير عادي, و هو لا يجوز في أي حكم بل في بعض الأحكام الصادرة نهائيا من المحاكم العادية, و لا يقصد منه تحديد نظر النزاع أمام محكمة النقض, بل إلغاء الحكم المطعون فيه بسبب مخالفته للقانون, تجيز الطعن , فقد جاءت حالات النقض على سبيل الحصر من 495 إلى 530 من قانون الإجراءات الجزائية. الجزائري و استنادا إلى نص المادة 495 2ف من قانون الإجراءات الجزائية نجد أن المحاكم و المجالس القضائية الصادرة في آخر درجة أو المحكوم فيها بقرار مستقل في الاختصاص يجوز الطعن فيها بالنقض, من هذا يتضح جليا أن طريقة الطعن في أحكام محكمة الجنايات هو النقض.
المطلب الأول : الأوجه التي يبنى عليها الطعن بالنقض.
هذه الأوجه حددتها المادة 500 من قانون الإجراءات الجزائية المتمثلة في عدم الاختصاص و تجاوز السلطة, و مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات, بالإضافة إلى انعدام الأساس القانوني للحكم, و إغفال الفصل في وجه طلب أو في أحد طلبات النيابة العامة, تناقض القرارات الصادرة من جهات قضائية مختلفة في آخر درجة أو التناقض فيما قضى به الحكم نفسه أو القرار, مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه, و انعدام الأساس القانوني.و سنتعرض لأوجه النقض بنوع من التفصيل.
- عدم الاختصاص :
يدخل عدم الاختصاص ضمن أهم الأوجه التي يمكن أن يثار بشأنها الطعن بالنقض و ذلك لكونها تعتبر من النظام العام و من ثم يجوز التمسك به لأول مرة أمام المحكمة العليا.
و المقصود بعدم الاختصاص بمفهومه الواسع أن القرار المطعون فيه صادر من جهة قضائية ليست لها سلطة إصداره أو قضى بعدم الاختصاص في حين أن القانون خول له حق الفصل في الدعوى.
فالاختصاص معناه مباشرة سلطة القضاة لنظر دعوى معينة في الحدود التي يرسمها القانون لذلك يتعين على الجهة المعروضة عليها الدعوى أن تحترم قواعد الاختصاص التي وضعها المشرع لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة و بحسن سير العدالة.

- تجاوز السلطة :
من القواعد العامة أن القرارات و الأحكام يجب أن تكون متصلة بالوقائع التي رفعت بها الدعوى و إلا تتعداها و يتحقق تجاوز السلطة عندما تباشر جهة الحكم إجراءات غير مخول لها مباشرتها كأن تصم نفسها للنيابة العامة في ملاحقة المتهم , لأن في تجاوز السلطة خرق للآثار القانونية المتعلقة بطرق الطعن كقرار غرفة الاتهام الذي يتصدى للموضوع مع أن المسألة المعروضة عليه تتعلق بالحبس الاحتياطي فقط.

- مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات :
ترتبط القواعد الجوهرية بحسن سير الجهاز القضائي و هي مصلحة عامة للمجتمع و تحدث هذه المخالفة سواء أثناء مرحلة المحاكمة و نجد من ذلك قواعد تنظيم المحاكم و الاختصاص أو ما يتعلق بمصلحة الخصوم كالتكليف بالحضور أو إبلاغ الأوامر إذا كان مبدأ سلطان الإرادة هو الذي يحكم التصرفات القانونية و أن الشكل فيها هو الاستثناء فالأمر إذا كان مبدأ سلطان الإرادة هو الذي يحكم التصرفات القانونية و أن الشكل فيها هو الاستثناء فالأمر بخلاف ذلك بالنسبة للإجراءات الجنائية التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع بتوقيع الجزاء على المجرم و تحقيق المصلحة للمتهم, و المجني عليه في ضمان حقوقهم و تأمين مقاضاة عادلة.

- الانعدام أو القصور في التسبيب :
يعتبر التعليل أو تسبيب الأحكام من المسائل الجوهرية إذ ينبغي على القضاة تبيان الحجج التي يبنى عليها الحكم بعد التحليل على وجه الدقة الأدلة و الوقائع و الوصف القانوني لها و ينبغي على القاضي أن يبين الوسائل التي توصل بها إلى ثبوت أوعدم ثبوت الوقائع التي من أجلها أصدر حكمه لفائدة أو ضد المحكوم عليه باعتبار أن تسبب الأحكام يعد من المكونات الأساسية للحكم أو القرار الصادر عن أي جهة قضائية.

- الإغفال عن الفصل في طلبات الأطراف :
يلزم القانون القضاة على مختلف المستويات الرد عن دفوع و طلبات أطراف الخصومة سواء بحكم خاص أو بمناقشتها و الإجابة عليها مع الحكم النهائي و كل سهو أو إغفال أو امتناع يعرض الحكم للبطلان.

- التناقض بين القرارات :
تنص المادة 500-6 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه تناقض القرارات الصادرة من جهات قضائية مختلفة في آخر درجة أو التناقض فيما قضى به الحكم نفسه أو القرار و من أمثلة ذلك إصدار قاضي التحقيق أمر نهائيا بانتقاء وجه الدعوى لفائدة شخص معين ثم بعد عرض الملف على غرفة الإتهام توجه من جديد اتهاما لنفس الشخص و على نفس الوقائع, و قد يستخلص التناقض في حكم واحد أو قرار واحد عندما تتعارض الحيثيات مع الأدلة الموجودة بملف الدعوى أو عندما تتناقض الأسباب التي تبنى عليها الحكم فيما بينها.

- مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه :
و تتمثل حالة مخالفة القانون عندما يحكم القاضي بعقوبة غير قانونية أو عندما يطبق نصا على الوقائع تم إلغاوْه أو عندما يتصدى إلى حكم أصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به.

- إنعدام الأساس القانوني :
تكون حالة انعدام الأساس القانوني وجها من وجوه الطعن بالنقض و يتحقق ذلك عندما يحكم القاضي حكما مبنيا على أساس وقائع مخالفة لما هو ثابت من مستندات و أوراق القضية . أو على افتراضات مخالفة للقانون قرار صادر يوم 21 ديسمبر 1982 من الغرفة الجنائية الأول في الطعن رقم 30286 و من صوره كذلك ألا يتضمن قرار
الإحالة إلى محكمة الجنايات الاتهامات الموجهة إلى المتهمين و النصوص القانونية المطبقة عليها (قرار صادر يوم 7 مايو1985 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 37941 المجلة القضائية العدد 1 سنة 1990 صفحة 238) و من صوره في الأخير أن يستند القاضي في حكمه على أدلة غير مشروعة لم يتم الحصول عليها وفق قواعد الأخلاق و في هذا المعنى قضي بأنه لا يجوز الاستناد إلى دليل استمد من إجراء باطل لأن ما بني على الباطل فهو باطل.
كما أنه حدد ميعاد الطعن بالنقض الذي هو عادة ثمانية (08) أيام بالنسبة للنيابة و أطراف الدعوى، وإذا كان اليوم الأخير عطلة امتد الميعاد إلى أول يوم من العمل، و يسري هذا الميعاد من يوم النطق بالحكم بالنسبة لمن حضر في هذا اليوم من أطراف الدعوى أو بالنسبة لمن حضر نائبا عنهم.
- و يسري الميعاد من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه في حالة الحضور الاعتباري طبقا للمادة 345-347-350 من قانون الإجراءات الجزائية.
- و في الحالات الأخرى و بالأخص بالنسبة للأحكام الغيابية فإن هذه المهلة لا تسري إلا من اليوم الذي تكون فيه المعرضة غير مقبولة (المادة 498/2 من قانون الإجراءات الجزائية).
- و طبيعي أن المقصود بالمادة 498/2 من قانون الإجراءات الجزائية الأحكام الغيابية الصادرة من المجلس القضائي فإذا فوت أصحاب الشأن ميعاد المعارضة فيها أو قضى معارضتهم باعتبارها كأن لم تكن أصبح الحكم الصادر من المجلس القضائي نهائيا، و يبدأ ميعاد الطعن فيه بالنقض من تاريخ انقضاء المعارضة أو من تاريخ الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن.
- أما الأحكام الغيابية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى فالقاعدة العامة أنه لا يجوز الطعن بالنقض في حكم، إذا كان يجوز الطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف و لا يمكن الجمع بين الطعن بالنقض و بين الطعن بطريق عادي لأنه طريق غير عادي في الأحكام الجنائية.
- و يسري حكم المادة 498 من قانون الإجراءات الجزائية على طعن النيابة إذا ما حكم بالإدانة وإذا كان أحد أطراف الدعوى مقيما بالخارج فتزداد مهلة الثمانية أيام إلى شهر.

المطلب الثاني: شكل و إجراءات الطعن بالنقض.
حتى يكون الطعن المقدم من طرف الطاعن مقبولا من المحكمة العليا يجب على الطاعن إتباع خطوات معينة قبل نظر المحكمة العليا طعنه بداية بتقرير الطعن و إيداع هذا التقرير في المواعيد المحددة قانونا ثم دفع الرسم القضائي إلا إذا كان معفى منها وصولا إلى إيداع مذكرة الأسباب لتنظر بعد ذلك هيئة المحكمة العليا في الطعن في جلسة علنية و سنحاول تتبع الخطوات التالية:
التقرير بالطعن في النقض:
نظمه المشرع في المادة 504 قانون الإجراءات الجزائية بأن يتم الطعن بتقرير في قلم كتاب الجهة التي أصدرت القرار المطعون فيه من قبل صاحب الحق بنفسه أو بواسطة وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع شريطة أن يرفق التوكل الخاص بمحضر التقرير و عليه فإن التقرير بالطعن يمكن أن يتم شفهيا كما يمكن أن يتم كتابة و متى حصل ذلك حرر كاتب الضبط محضرا بذلك يشتمل على اسم الطرف الطاعن و اسم وصفة المصرح به و على بيان القرار المطعون فيه و الجهة التي أصدرته و تاريخ النطق به أو تبليغه، و توقيع المصرح بالطعن أو بالإشارة أنه لا يستطيع ذلك و توقيع الكاتب الذي تلقى التصريح.
- بالنسبة للنيابة العامة فيحصل طعنها من قبل النائب العام لدى المجلس القضائي شخصيا أو من أحد مساعديه عن طريق التصريح برغبته في رفع الطعن أما الكاتب المختص الذي يقوم في الحال بتدوين رغبته في محضر، أو إذا تم التصريح بالطعن من قبل محام أو الوكيل الخاص المفوض بحق رفع الطعن، وقع المحضر من قبل المصرح به. وإذا كان المتهم يقيم خارج البلاد فإنه يجوز له أن يرفع الطعن بواسطة رسالة أو برقية يوجهها إلى كتابة الضبط التابعة للمجلس الصادر عنه القرار المطعون فيه.
غير أن طعنه هذا لا يكون له أثر إلا وقع التصديق عليه من قبل محام مقبول لدى المحكمة العليا في أجل الشهر المقرر بموجب المادة 498 قانون الإجراءات الجزائية.
و إذا كان المتهم محبوسا فإنه يجوز له رفع الطعن إما بواسطة محام أو وكيل خاص لرفع الطعن بدلا عنه، وإما بالتقدم إلى كاتب مختص يتلقى الطعون الموجودة بمؤسسة إعادة التربية المحبوس بها و يصرح أمامه برغبته في رفع الطعن فيقوم هذا الأخير بتسجيل تصريحه وإما بتوجيه رسالة إلى كتابة الضبط بالمحكمة العليا يعلن فيها عن رغبته في الطعن تحت إشراف رئيس السجن الذي يتعين عليه في هذه الحالة أن يصادق على تاريخ تسليم الرسالة إليه.

- دفع الرسم القضائي:
لقد أوجب المشرع على الطاعن أن يسدد وقت رفع الطعن رسما قضائيا، و بامتناع الطاعن عن دفعها فإن كان طعنه غير مقبول شكلا عند التقرير به ما لم ينص القانون صراحة على ذلك و قد اهتم المشرع من خلال الماد 506-507-508 قانون الإجراءات الجزائية بتحديد الأطراف الملزمين بتسديد الرسم القضائي، و الوقت الذي يجب أن يحصل فيه الدفع.
و منه فالأطراف الملزمة بتسديد الرسم القضائي هم المتهم و المدعى المدني ما لم يقع إعفاؤهما من الدفع من طرف مكتب المساعدة القضائية المشكل من النائب العام رئيسا و مستشارا و ممثل عن إدارة الضرائب المختلفة و محامي لدى المحكمة العليا.
- و يتم السداد إما برئاسة كاتب الضبط التابع للمحكمة العليا و إما بمكتب التسجيل الموجود لدى الجهة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.

- إيداع مذكرة الطعن:
أخضعت المادة 505 من قانون الإجراءات الجزائية الطعن بالنقض أيضا إلى إجراء شكلي آخر هو تقديم مذكر من طرف كل طاعن بالنقض أيضا إلى جراء شكلي آخر هو تقديم مذكرة من طرف كل طاعن بالنقض في ظرف شهر من تاريخ تبليغ الإنذار الموجه إليه من قبل المستشار المقرر و إلا كان طعنه غير مقبول شكلا.
- و يجوز للمقرر أن يمدد بأمر هذا الأجل لمدة شهر آخر على الأكثر ما لم يكن الطعن مرفوعا ضد قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام تفاديا لتعطيل الفصل في الدعوى أو ضد أحكام المحاكم و قرارات المجالس القضائية المقضي بها بقرار مستقل في الاختصاص هذا و أن النيابة العامة لدى المجالس القضائية غير ملزمة قانونا بتقديم مذكرة الطعن طالما أن الطلبات تغني عن تقديم هذه المذكرة (المادة 510 من قانون الإجراءات الجزائية).
- و قد حددت المواد 505 و 511 من قانون الإجراءات الجزائية البيانات الواجب توفرها في مذكرة الطعن بأن يجب أن تكون ممضاة من طرف محام معتمد لدى المحكمة العليا أولا و بأن تضمن البيانات المنصوص عليها في المادة 511 قانون الإجراءات الجزائية ثانيا كاشتمالها على اسم و لقب وصفة الخصم الحاضر أو الممثل و موطنه الحقيقي و المختار إذ لزم الأمر و نفس البيانات بالنسبة للخصوم المطعون ضدهم و على عرض ملخص للوقائع و على أوجه الطعن المثارة و النصوص القانونية التي تعد سندا للطعن و من جهة ثالثة يجب أن تكون مصحوبة بعدد من النسخ بقدر ما يوجد في الدعوى من أطراف حتى يتمكن كاتب الضبط من تبليغها إلى المطعون ضدهم من جهة و يستطيع هوْلاء من الرد عليهم في مذكرات جواب من جهة أخرى.

المطلب الثالث : الفصل في الطعن.
إذ ما طعن الطاعن بالنقض فان مصير تظلمه لا يتعدى أحد الأمور التالية :
- إما أن يكون طعنه غير جائز قانونا أولا يستوفي الشروط الشكلية المطلوبة فتقضي المحكمة العليا بعدم قبوله.
- و إما أن يكون طعنه جائز قانونا مقبولا شكلا و موضوعا و في هذه الحالة يحكم المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه.
- كما قد يتراجع الطاعن عن طعنه قبل أن يقع الفصل فيه من المحكمة العليا و عندئذ يتعين على محكمة النقض بدون موضوع قبل الفصل فيه لسبب يجعل حدا لسير الدعوى و عندئذ يقرر المجلس الأعلى بألا وجه للحكم في الطعن.
و على هذا يمكن تقسيم قرارات المحكمة العليا إلى نوعين رئيسيين و هما : قرارات غير فاصلة في موضوع الطعن بالنقض و قرارات فاصلة فيه.

الفرع الأول : القرارات غير الفاصلة في موضوع الطعن بالنقض
تنقسم هذه القرارات إلى قرارات عدم جواز الطعن و قرارات عدم قبوله شكلا و قرارات التنازل عن الطعن و أخيرا القرارات بأن لا وجه للفصل في الطعن.
- الحكم بعدم جواز الطعن :
قبل النظر في الطعن و قبوله شكلا و موضوعا يجب أن يكون الطعن جائزا قانونا و لكي يكون مقبولا يجب أن يتوفر على الحالات القانونية المحددة بنص القانون و التي تستوجب الطعن فيها بالنقض و دون هذه الحالات فالطعن يكون غير مقبول و يتجلى ذلك في ثلاث صور أولى ها ته الصور أن يكون الطاعن لا يحق له أن يطعن بالنقض لانعدام الصفة فيه كأن لا يكون طرفا في القرار المطعون فيه.
- أو عدم توفر أهلية التقاضي فيه كأن يكون قاصرا و الصورة الثانية إذا كان القرار المطعون فيه غير قابل للطعن فيه بالنقص كقرار قاضي بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات أو المخالفات ما لم يكن قد فصل في اختصاص أو تضمن مقتضيات في استطاعة القاضي أن يعدها. و الصورة الثالثة و الأخيرة إذا لم يكن للطاعن مصلحة في الطعن كالمتهم الذي يوْسس طعنه على أنه كان محالا على المحكمة من أجل ارتكابه ثلاث جرائم و أنه لم يدان إلا من أجل جريمتين فقط.
- الحكم بعدم قبول الطعن شكلا :
يظهر لنا هذا الحكم في حالة ما لم تستوفي الطعون المقدمة الشروط التي نص عليها المشرع لقبول الطعن بالنقض حيث تكو أحكام الرفض في عدة صور تتضمنها قرارات المحكمة العليا و أولى هذه الصور في حالة ما إذا رفع الطعن خارج الميعاد القانوني أي بعد مرور ثمانية أيام كاملة من تاريخ تبليغ بقرار غرفة الإ تهام المطعون فيه طبقا لأحكام المادتين 498 و 726 قانون الإجراءات الجزائية.
و الصورة الثانية إذا لم يتم رفعه لدى كتابة الضبط للجهة التي أصدرت الحكم المطعون فيه من طرف الطاعن شخصيا أو من محاميه ما لم يكن محبوسا أو مقيما خارج الوطن طبقا لنص المادة 504 قانون الإجراءات الجزائية.
الصورة الثالثة فهي إذ لم يسدد الطاعن الرسم القضائي وفقا لأحكام المادة 506 قانون الإجراءات الجزائية و في الوقت المحدد قانونا أي عند التصريح بالطعن ما لم يكن قد طلب المساعدة القضائية.
و أما الصورة الرابعة في حالة ما إذا لم يدع الطاعن غير النيابة العامة مذكرة للطعن بواسطة محامي مقبول لدى المحكمة العليا رغم إنذاره برسالة مضمونة و هذا طبقا لنص المادة 505 قانون الإجراءات الجزائية.
و الصورة الخامسة إذا لم يبلغ طعن المدعى المدني من كاتب الضبط إلى النيابة العامة و باقي الأطراف بطلب من المدعى المدني طبقا لنص المادة 507 قانون الإجراءات الجزائية
أو لم تبلع النيابة العامة طعنها للمتهم بموجب المادة 510/ف2 قانون الإجراءات الجزائية و إذا تعدد الطاعنون و تم إيداع المذكرة من بعضهم دون البعض الآخر قضت المحكمة العليا بقرار واحد بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لمن أغفل عن وضع المذكرة و بالرفض أو بالنقض حسب الأحوال بالنسبة للآخرين.
وضع المذكرة و بالرفض أو النقض حسب الأحوال بالنسبة للآخرين.

2 – التنازل عن الطعن :
سبق و أن أسلفنا الذكر إلى أن حق الطعن بالنقض في الأحكام و القرارات الجزائية الجائز فيها الطعن بنص القانون يدخل ضمن الحقوق المتعلقة بالنظام العام لأنها كذلك و بناءا على هذه القاعدة فانه يمنع على أعضاء النيابة التنازل عن الطعن بالنقض بعد رفعه انطلاقا من فكرة أساسية و هي أن الدعوى العمومية ملك للمجتمع فهي تمارس هذا الحق و تباشر الدعوى باسمه فإذا رضيت بالحكم و القرار امتنعت عن الطعن فيه بالنقض و إذا رفعه فلا يجوز أن يتنازل عنه بعد ذلك.
- أما فيما يخص المدعى المدني و بالرجوع إلى نص المادة 2 قانون الإجراءات الجزائية فان دعوى التعويض للضرر ملكه وحده فله أن يرفعها أو يمتنع عن رفعها و في رفعها و في حال ما إذا باشر هذه الدعوى يمكن أن يتنازل عنها مادامت المحكمة العليا لم تفصل في الطعن و ذلك لعدم وجود علاقة بين دعواه الشخصية و النظام العام.
- كما للمتهم أن يحرر عريضة من أجل التنازل عن الطعن المرفوع من أجل وضع حد لسير قضيته و بالتالي إمكانية النظر في التخفيف من العقوبة المشمولة بقرار العفو الصادر من السيد رئيس الجمهورية.

3 – الحكم بألا وجه للفصل في الطعن :
هناك بعض الحالات التي تكون سببا لإنقضاء الدعوى العمومية قبل أن تنظر فيها المحكمة العليا مما يتعين على هذه الأخيرة أن تصدر قرار بألا وجه للفصل في الطعن بالنقض. و من صور الحكم بألا وجه للفصل في الطعن بالنقض.
و من صور الحكم بألا وجه للفصل في الطعن أن يقع أثناء التحقيق في الطعن إلغاء النص القانوني المنطق على الواقعة.
- أو صدور قانون يقضي بالعفو الشامل بالنسبة لبعض الجرائم و من صدوره أخيرا انقضاء الدعوى بسحب الشكوى في الجرائم التي يكون شرطا لازما للمتابعة ذلك طبقا للمادة 6 ف3 قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الثاني : القرارات الفاصلة في الموضوع
متى تثبت لهيئة المحكمة أن الطعن جائزا قانونا و مقبولا شكلا فإنها تنتقل للنظر في الموضوع و ذلك بمناقشة الأوجه المثارة فتقضي إما برفض أو بالنقض و هذا ما سنراه.
1 – الحكم برفض الطعن :
يحدث الحكم برفض الطعن إذا ما رأت المحكمة العليا أن الطعن لا ينطوي على أحد الأوجه و الأسباب المذكورة في المادة 500 قانون الإجراءات الجزائية فإذا رأت المحكمة العليا أن الشروط الواجب توافرها في الحكم المطعون فيه شكلا متوفرة في غياب أوجه و أسباب الطعن فإنها تقضي بقبول الطعن شكلا و رفضه موضوعا و تقضي المحكمة العليا أن الشروط الواجب توافرها في الحكم المطعون فيه شكلا متوفرة في غياب أوجه و أسباب الطعن فإنها تقضي بقبول الطعن شكلا و رفضه موضوعا و تقضي المحكمة العليا هذا الرفض إذا تأكد لديها أحد الحالات التالية إما لعدم وضوحها أو مخالفتها للواقع أو لتعلقها بالموضوع و إما لعدم وضوحها و مخالفتها للواقع أو لتعلقها بالموضوع و إما لإنعدام مصلحة الطاعن في إشارتها أو لعدم اتصالها به و عدم عرضها مسبقا على قضاة الموضوع و ستعرض لهذه الأوجه بشيء من التفصيل.
أ/ الوجه الغير المنصوص عليه في المادة 500 ق.إ.ج.
الخروج عن الحالات التي حصرها المشرع يؤدي إلى رفض الطعن كالوجه المستمد من تشويه الوقائع و هذا مالم تنص عليه المادة 500 قانون الإجراءات الجزائية.
ب/ الوجه الغير واضح :
يجب أن يتوفر الوجه المثار من قبل الطاعن على غاية من الوضوح و الدقة مبينا ذلك النص القانوني الذي وقع خرقه أو الإجراء الجوهري الذي تم إغفاله أو لم تقع مراعاته.
-أما إذا كان الوجه في نوع من الغموض و الإتهام فانه لا يعتد به و يتعين رفضه و يعتبر غير واضح و بالتالي يجب الرفض المبني على انعكاس بين تسبيب القرار المطعون فيه و النصوص الواردة فيه باعتبار أن الألفاظ العامة المتحفظة من غرفة الإتهام فيما يخص الوقائع لا تسمح للمجلس الأعلى بممارسة رقابته على تصفية الوقائع و نسبتها إلى المتهم.
ج/ الوجه المخالف للواقع :
ما ثبت من خلال ما يرد في القرار المطعون فيه من بيانات أن ما يقدمه الطاعن من إدعاء في مخالفة القانون أو الإغفال عن إجراء جوهري غير صحيح.
أو في حال ما إذا كان ما يدعيه الطاعن مخالف لما ورد في نص لقرار المطعون.
د/ الوجه المتعلق بالموضوع :
باعتبار أن المحكمة العليا هي محكمة قانون و لا تشكل درجة ثالثة في التقاضي فإنه يتعين أن تكون الأوجه و الأدلة الثابتة ضده موكلة لاجتهاد قضاة الموضوع.
فاعتراف أو إنكار المتهم للواقعة المنسوبة إليه جدل يتعلق بالموضوع فلا يخضع لرقابة المحكمة العليا , كما أنه و من جهة أخرى تعتبر شهادة الشهود من أدلة الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع حسب اقتناعه الشخصي ما لم يرد نص خلاف ذلك.
هــ/ الوجه المرفوض لانعدام مصلحة الطاعن أو لعدم اتصاله به :
سبق و أن أسلفنا الذكر أن المصلحة شرط ضروري لقبول الطعن بالنقض إذ يجب أن يكون للطاعن مصلحة في إثارته و بانعدامها يتعين رفض الطعن إضافة إلى ذلك فان الوجه المثار يجب أن يمس الطاعن شخصيا و أن تكون القاعدة التي يدعي خرقها قد قررت لمصلحته لا للدفاع عن حقوق غيره.

2 – الحكم بالنقض :
إذا استوفى الطعن أ ضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا شكلا و إذا تضمنت أسبابه وجها أو أكثر من أوجه الطعن الواردة في المادة 500 قانون الإجراءات الجزائية فإن ذلك يؤدي إلى نقص الحكم المطعون فيه.
فإذا كان الطعن جائزا و مقبولا شكلا و لم يتم التنازل عنه و رأت المحكمة العليا أن أحد من الأوجه المثارة من طرف الطاعن مؤسسا فإنها تحكم بنقض القرار المطعون فيه سواء كان ذلك لعدم وضوحها أو لخطأ في التكييف أو لتضمنه بيانات جوهرية متناقضة و كل هذه الحالات تأتي تجسيدا للحكم بالنقض في القرار المطعون فيه.
- و قد نصت المادة 523 قانون الإجراءات الجزائية إذا قبل الطعن قضت المحكمة العليا ببطلان الحكم المطعون فيه كليا أو جزئيا و أحالت الدعوى أمام الجهة التي أصدرت الحكم المنقوض فمن خلال هذا النص نجد أن المحكمة العليا تقضي ببطلان الحكم المطعون فيه كليا أو جزئيا أو تحيل الدعوى إما إلى الجهة مصدرة الحكم نفسها مشكلة تشكيلا آخر أو إلى جهة قضائية أخرى من نفس الدرحة.
فالنقض يكون إما كليا بحيث ينصب على جميع تراتيب لقرار المطعون فيه و إما جزئيا بحيث لا يبطل إلا الجزء المعيب فيه.
و القاعدة العامة أن الطعن بالنقض متصل بشخص الطاعن صاحب الوجه المثار في الطعن دون غيره أن مبادىء العدالة و المنطق تقتضي بأن يستفيد من النقض جميع المتهمين الطاعنين إذا كانت الوقائع واحدة أو مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة.
و خارج هاته الحالة فان النقض لا يمتد لغير الطاعن لأن القرار المطعون فيه يصبح قد اكتسب بالنسبة إليه قوة الشيء المقضي فيه.
هذا و يمكن للمحكمة العليا و بعد نقضها الحكم لأي وجه من أوجه الطعن أن تقرر توسيع آثار هذا النقض إلى إلغاء قرار الإحالة في وقت واحد و بموجب قرار واحد و إحالة القضية إلى غرفة الاتهام و ليس إلى محكمة الجنايات مصدرة الحكم و ذلك لإعادة النظر مشكلة تشكيلا جديدا ليصدر قرار إحالة ثاني يكون قد استوفى شروط صحته ذلك أنه لا يمكن تصور الاستناد إلى قرار الإحالة خاطئ و مخالف للقانون ليصدر أساسه حكم جنائي منصف.

خـــاتــمــــــة :
لقد أجمع أهل الاختصاص في ميدان القانون من قضاة و محامون أن محكمة الجنايات هي محكمة إجراءات بالمعنى الكامل. إذ يتطلب من هيئة المحكمة أن يكونوا ملمين إلماما كبيرا بالقواعد الجزائية التي تضمن احترام حقوق المتهم و مراعاة تطبيق القانون تطبيقا سليما بقصد الخروج بأحكام عادلة.
بعد أن انتهينا من دراسة موضوع محكمة الجنايات هذه المحكمة التي سبق و أن ذكرت أخطر و أهم محكمة نظرا للعقوبات التي تسلط على المتهم في حالة الحكم عليه بالإدانة , و من خلال تشكيل محكمة الجنايات و الإجراءات في المحكمة سواء الإجراءات التحضيرية قبل المحاكمة أو الإجراءات بعد المحاكمة وجدت أن أهم ما يميز محكمة الجنايات و أن أحكامها ينظر إليها على أساس القناعة الشخصية و هذا ليس الهدف منه إقصاء الدليل أو القرينة القانونية (البسيطة , أو التي لا تقبل إثبات العكس) , و إنما وسع دائرة الحكم بالإقناع إذ و رغم وجود أي من الدلائل أو القرائن فهدفه الأخير بشأنها الوصول إلى الحقيقة من خلال مناداة الضمير للتشكيلة و هو ما يعرف بصيغة الإجابة المنفردة على كل سؤال لكل واقعة متابع بها المتهم.
كما ظهر لنا جليا أن هناك بعض النقائض التي تتعلق هذه المحكمة و أهم هذه النقائص تتمثل في أن الضمانات التي منحها المشرع للمتهم في هذه المحكمة غير كافية، مقارنة بالضمانات التي منحها للمتهم الماثل أمام محكمتي الجنح و المخالفات التي تصدر عقوبات أقل بكثير من عقوبات محكمة الجنايات، إذ كان من المفروض أن يمنح المشرع ضمانات أكبر أو على الأقل تساوي ضمانات المتهم في محكمتي الجنح و المخالفات.
و نختتم دراستي لهذا الموضوع ببعض الاقتراحات و التي تستوجب تدخل المشرع الجزائري و التي من خلالها تتضح النقائص و هي كما يلي:
- تعديل المادة 248 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالأمر رقم 95-10 إذ أن المشرع في هذه المادة فرق بين الجرائم الموصوفة بالجناية و الجرائم الموصوفة بأنها أفعال إرهابية أو تخريبية، مع أنه بين بأنها أفعال موصوفة بجناية في قانون العقوبات فلماذا في هذه المادة خرجها المشرع الجزائري من وصف الجنايات.
- كما يجب العناية بتكوين القضاة حيث أن تخصصهم أصبح مهما و ذلك ليسهل على القاضي فهم كل المشاكل داخل فرع معين من فروع القضاء.
- أما فيما يخص مشاركة المحلفين في تشكيل هيئة محكمة الجنايات فإني أرى أنه لم يبقى من الضروري بهذا النظام في الجزائر خاصة أننا نقلناه على القانون الفرنسي، الذي جاء لظروف تاريخية و سياسية مختلفة عن ظروفنا.
- بالإضافة إلى أن شروط القراءة والكتابة فقط في المحلفين لا يضمن حقوق المتهم أمام أخطر محكمة.
- أما بالنسبة لأحكام محكمة الجنايات فنجد أنه ينظر إليها بالاقتناع الشخصي لأعضاء المحكمة و هذا ما يتعارض مع المادة 144 من الدستور الجزائري التي تنص على وجوب تسبيب الأحكام القضائية، كما يتناقض مع المادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن "الأسباب هي أساس الحكم" فلماذا منح المشرع هذا الحق للمتهم المماثل أمام محكمتي الجنح و المخالفات و لم يمنحه للمتهم الماثل أما م محكمة الجنايات.
- كما يجب ذكر أن العقوبة في الجنايات هي الأكبر على الإطلاق رأى جمع كبير من رجال القضاء و الفقهاء بضرورة حق الاستئناف لحكم محكمة الجنايات، حتى يتسنى إخضاع مبدأ العقوبة إلى التدرج و ليس كما هو معمول به حاليا نهائية الحكم.


مختصر الإجراءات أمام محكمة الجنايات
- الإجراءات التحضيرية قبل الجلسة بثمانية أيام :
01 – استجواب المتهم حول هويته.
02 – التأكيد من تبليغه بقرار غرفة الاتهام.
03 – اختيار محامي أو تعيين محامي تلقائيا.
04 – إعداد المحضر حول الإجراءات السالفة الذكر و توقعه من الرئيس و الكاتب و المتهم.

- الإجراءات المتبعة في الجلسة :
01 – الدخول إلى قاعة الجلسات.
02 – إدخال المتهم إلى قاعة الجلسات .
03 – المناداة على المحلفين الرسميين و المحلفين الإضافيين.
04 – سحب القرعة لاختيار محلفين (2) اللذان يشكلان في محكمة الجنايات مع حق المتهم في رد ثلاث محلفين و النيابة في رد محلفين اثنين.
05 – أداء اليمين بالنسبة للمحلفين , و تتشكل المحكمة بعد هذه اليمين بصفة رسمية.
06 – تقرير علانية الجلسة أو سريتها.
07 – المناداة على الشهود و الفصل في مسألة الشهود الغائبين.
08 – وضع الشهود في القاعة المخصص لهم.
09 – قراءة قرار غرفة الاتهام.
10 – تقديم محامي المتهم الدفوع الرامية إلى منازعة الإجراءات التحضيرية بمقال واحد و تفصل محكمة الجنايات في هذه الدفوع دون المحلفين.
11 – استجواب المتهم .
12 – طرح الأسئلة من النيابة العامة و محامي الأطراف.
13 – سماع الشهود بعد أداء اليمين و إعفائهم.
14- سماع الخبير عند الاقتضاء و تقديم الأطراف لملاحظاتهم.
15- إعطاء الكلمة إلى الطرف المدني.
16- مرافعة النيابة العامة.
17- مرافعة دفاع المتهم.
18- غلق باب المناقشة و قراءة الأسئلة.
19- قراءة التعليمة الواردة في المادة 307 من ق.إ.ج.
20- إخراج المتهم من قاعة الجلسات و أمر المكلف بالأمن بحراسة قاعدة المداولات و نقل مستندات الملف.
21- انسحاب محكمة الجنايات للمداولة، و بعد المداولة تستأنف الجلسة.
22- إحضار المتهم.
23- قراءة الأجوبة عن الأسئلة المطروحة و النطق بالحكم.
24- إخبار المتهم المحكوم عليه بحقه في الطعن بالنقض ضد الحكم في مهلة ثمانية أيام.
25- رفع الجلسة.
26- انسحاب المحلفين للفصل في الدعوة المدنية من القضاء وحدهم.
27- تقديم الطرف المدني طلباته، إعطاء النيابة العامة رأيها، ثم دفاع المتهم.
28- التصريح بالحكم المدني بعد المداولة و إنذار المحكوم عليه بحقه في الطعن بالنقض ضد الحكم في مهل ثمانية أيام.

- قائمة المراجع
- النصوص القانونية:
- قانون الإجراءات الجزائية، وفقا للتعديلات الأخيرة: 22.06 في 20/12/2006.
- القانون المدني قانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
- المؤلفات:
- الدكتور عبد العزيز سعد (أصول الإجراءات أمام محكمة الجنايات) الديوان الوطني الأشغال التربوية 2004.
- أحمد شوقي الشلقاني (مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري)، ديوان المطبوعات الجامعية – بن عكنون- الجزائر 1995.
- الدكتور مروك نصر الدين (محاضرات في الإثبات الجنائي) ج1 دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع- الجزائر- ط 2003.
- محمد حزيط (مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري) دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع- الجزائر- ط1 2006.
- معراج جديدي (الوجيز في الإجراءات الجزائية مع التعديلات – الجزائر 2004).
- جيلالي بغدادي الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ج1 ط1 الديوان الوطني ااأشغال التربوية 2002.
- محمد صبحي محمد نجم (شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري- ديوان المطبوعات الجامعية ط3 1992.
- سليمان بارش (شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري) دار الشهاب للطباعة و النشر- باتنة 1986.
- جيلالي بغدادي- التحقيق- دراسة مقارنة نظرية و تطبيقه – ط1 الديوان الوطني للأشغال التربوية 1999.
- نظير فرج مينا – الموجز في الإجراءات الجزائية الجزائري- ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر- ط2 1992.
الرسائل الجــــامعيـــة:
- عبد السلام الهاشمي (الضمانات المتهم أمام محكمة الجنايات) كلية الحقوق و العلوم الإدارية- بن عكنون- الجزائر2006.

تم تحرير الموضوع بواسطة :Harrir Abdelghani بتاريخ:30-05-2018 01:43 صباحاً

look/images/icons/i1.gif محكمة الجنايات
  30-05-2018 01:44 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 14-01-2012
رقم العضوية : 1
المشاركات : 850
الدولة : الجــــزائر
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 570
موقعي : زيارة موقعي
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب
عمل مميز شكرا لك

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
محكمة ، الجنايات ،









الساعة الآن 06:54 AM