واقع المحضر القضائي في الجزائر مهمة المحضر القضائي لا تقتصر على تبليغ الأحكام القضائية بين المتقاضين فحسب، وإنما تمتد طوال مراحل الخصومة، عن طريق تبليغ الأحكام، موعد الجلسات، كما يقوم بمهمة تبليغ الأحكام الابتدائية وإلى غاية صدور القرارات النهائية، وبالتالي انتهاء الخصومة.
وبعد قيام المحضر القضائي بتبليغ الأحكام القضائية للمتقاضيين، يجد نفسه أمام مهمة أخرى لا تقل صعوبة عن الأولى ، وهي مهمة تنفيذ الأحكام القضائية، حيث يواجه المحضر عراقيل عدة مع بعض ،حالت في الكثير من المرات دون تنفيذها في آجالها المحددة، وكل هذا يحدث في الوقت الذي يتم فيه استرجاع ثقة المواطن في تنفيذ الأحكام القضائية.
مهمة تنفيذ الأحكام القضائية قد تتم بطريقة ودية نتيجة تفهم المعنيين لمهمة المتقاضي، وهذا لا ينفي مواجهة المحضر بعض الصعوبات بسبب عصيان المعنيين وعدم الامتثال للأوامر أثناء التنفيذ، وفي هذه الحالة هو ملزم باستعمال القوة العمومية لإخلاء السكنات والقطع الأرضية محل النزاع، كما يخول له القانون القيام بحجز الممتلكات. وفي هذا السياق، أكد محمد شريف إلغاء الاتفاقية الدولية للإكراه البدني وحصرها فقط في الشق الجزائي حسب المادة 77 التي تلغي الحبس من أجل التزامات تعاقدية بين الأطراف.
رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين يقول مهنتنا من أخطر الوظائف الحرة :
إن مهنة المحضر القضائي محفوفة بالمخاطر، بل تعد من أصعب وأخطر المهن الحرة على الإطلاق في الجزائر، بالنظر إلى طبيعة الأشخاص الذين يتعامل معهم المحضر من أجل تنفيذ أو تبليغ الأحكام القضائية، وهو ما يدفع به في بعض الحالات إلى الاستعانة بالقوة العمومية لحماية نفسه، وكذا لإلزام المعنيين بضرورة تنفيذ الأحكام التي تصدرها العدالة، موضحا بأن الأمور تصبح أكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بإخلاء الممتلكات، ففي هذه الحالة يكون الموثق في وضعية المجازف؛ لأن الطرف الخصم ينظر إليه وكأنه جاء ليعتدي على حقه.
ويقول رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين في هذا الصدد بأن مهنة المحضر صعبة جدا، "لأننا نبارز من أجل إعادة الحقوق لأصحابها"، "لذلك نحن نميل أكثر إلى تبني أسلوب الإقناع من أجل الوصول إلى الغاية المرجوة، دون أن نعرض أنفسنا إلى المخاطر".
- وفي تفسيره لسبب جنوح بعض المواطنين إلى تبني أسلوب العنف في تعاملهم مع المحضرين القضائيين، قال السيد محمد شريف بأن ذلك مرده في الأساس إلى جهل الناس للمهنة في حد ذاتها، وعدم إدراكهم للدور الكبير الذي يؤديه المحضر من ضمان توازن ميزان العدالة.
مجالات تدخل المحضرين القضائيين
إن الدور الذي يقوم به المحضر القضائي يساهم بكثير في اختصار الإجراءات القانونية التي عادة ما تستغرق فترة زمنية طويلة بين إصدار الأحكام الابتدائية إلى غاية صدور القرارات النهائية، أما فيما يخص المجالات التي يخول له القانون التدخل فيها تتمثل أساسا في التحصيل الودي للديون، تفادي نزاعات الصكوك من غير رصيد، تحصيل إجراءات المساكن، توزيع النفقات الشهرية، كما يخول له القانون المشاركة في اللقاءات التي تعقدها الجمعيات لتثبيت الوقائع وتفاديا للنزاعات.
---------------------------------------- الاعتداءات
وفيما يتعلق بطبيعة الاعتداءات التي يتعرض لها المحضر بصورة عامة أثناء قيامه بتنفيذ الأحكام القضائية، يفيد المصدر ذاته بأن الكثير منها بلغت درجة الخطورة، ووصلت إلى حد الترصد له ومحاولة قتله، ناهيك عن الضرب السب والشتم والقذف، ومنهم من تعرض لحرق ممتلكاته والاختطاف والإهانة. وتدخل هذه الممارسات في نظر رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين في خانة الضغوطات التي يتعرض لها المحضر، والتي تعيقه في بعض الأحيان على أداء رسالته النبيلة.
- وقد كان من بين ضحايا الإختطاف محضر قضائي ينشط على مستوى بلدية الحمامات بالعاصمة، الذي اتهم من طرف متقاضين بارتكاب جريمة قتل في حق شخصين، إمراة ورجل، وهي كلها ممارسات تندرج ضمن الفاتورة التي يدفعها المحضر من أجل أن تأخذ العدالة مجراها.
- إلى جانب محاولة اختطاف أخرى سلم منها محضر قضائي آخر ينشط على مستوى ولاية بسكرة، كما تحولت الكثير من عمليات التنفيذ إلى اعتداء بالخناجر وبمختلف أنواع الأسلحة البيضاء، ما جعل المحضرين يعتبرون أنفسهم وكأنهم يعملون في ساحة ملغمة يصعب الخروج منها بسلامة.
- وكانت معاناة المحضر القضائي أكبر خلال العشرية السوداء، حينما كان يقوم بتبليغ أو تنفيذ الأحكام في مناطق جبلية كان ينعدم فيها الأمن، فأيادي الإرهاب طالت أيضا سلك المحضرين الذي فقد ثلاثة من أفراده، منهم من وجد مذبوحا بصورة بشعة ومرميا على حافة الجبال.
كل هذه الظروف رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين يجزم بأن مهنة المحضر القضائي هي مهنة التحدي، قائلا بأن بلوغ مرحلة لا تستعمل فيها القوة العمومية في تنفيذ الأحكام، معناه أن مهنة المحضر أصبحت أكثر وضوحا، وهنا يبرز في تقديره دور الإعلام في تفسير رسالة المحضرين بصفة عامة.
وكحماية له، أدرج قانون العقوبات المعدل جملة من الإجراءات لحماية المحضر داخل وخارج مكتبه، من خلال منعه من التفتيش في ساعات معينة، وأن يتم ذلك في ساعات معينة، إلى جانب معالجة الاعتداءات التي يعرض لها في حالات تلبس، أي عدم تأخر العدالة في إصدار الأحكام ضد الأشخاص الذين يعتدون جسديا أو معنويا على المحضر، حتى يكونوا عبرة للآخرين.
- 99 بالمائة من المحضرين المتابعين قضائيا تحصلوا على البراءة تم مؤخرا الفصل في قضاياهم، بإقرار العدالة حكم البراءة في حقهم، وإطلاق سراح الموقوفين منهم
- وقد بلغ عدد الموقوفين إلى وقت بعيد 40 محضرا قضائيا تم إيداعهم الحبس الاحتياطي، حسب درجات الخطأ، لكن مازالت إجراءات المحاكمة مستمرة، إلى جانب الفصل في مسألة 15 محضرا قضائيا كانوا متابعين قضائيا. وقال المتحدث أن هذا النوع من السلوك يؤكد كيد العديد من الأطراف الذين يسعون دوما لعرقلة أساليب تنفيذ الأحكام القضائية باللجوء لأساليب الغش والتزوير لكسب الأحكام والكيد للمحضرين القضائيين الذي يستحيل بحسبه ارتكابهم لمخالفات قانونية أو جرائم ماداموا رجال قانون، سواء كن ذلك بقصد أو عن غير قصد. ونتيجة لمثل هذه السلوكات، عانى العديد منهم الويلات بعد حرمانهم أعواما من مناصبهم، وانجر عن ذلك أيضا حرمان مجموعة من الموظفين الشاغلين معهم من مناصبهم وإحالتهم على البطالة.
- المحضر القضائي يلجأ لجلسات الصلح لاسترجاع هذه الحقوق
- 95 بالمائة من الغرامات المالية الصادرة عن المحاكم لا تطبق
كشف رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين أن الدولة تضيّع فوق 95 بالمائة من الغرامات التي تحكم بها المحاكم، حيث لا تتعدى نسبة الغرامات المحصلة ال5 بالمائة، ما يؤكد أن أموالا كبيرة تضيع على خزانة الدولة من جراء ضعف طرق التحصيل.
ولاسترجاع الديون المستحقة للدولة وللأفراد أخذ المحضرون القضائيون على عاتقهم مهمة تحصيل الديون المستحقة للدائنين لدى المدينين، إضافة إلى تحصيل الغرامات التي تحكم بها المحاكم، والتي كانت لا تجد من يتابع تنفيذها وتحصيل مبالغها، ما جعل 95 بالمائة منها يضيع على خزانة الدولة.
ومعلوم أن المحاكم تلجأ بصفة شبه دائمة إلى فرض الغرامات المالية على المتقاضين كعقوبة إضافية على الأحكام الأخرى، فتكون العقوبة غالبا حكما مضافا إليه غرامة مالية، إلى جانب الغرامات التي تفرض على المواطنين عند قيامهم بالمخالفات، لكن هذه الغرامات ورغم أنها تمثل مبالغ كبيرة إلا أنها لا تحصل لصالح الخزينة العمومية بسبب عدم وجود من يتابعها.
وحسبما ما أكد فإن الدولة لم تتمكن من تحصيل أكثر من 5 بالمائة من مجموع المبالغ المفروضة على الأشخاص والمؤسسات كغرامات، بسبب ثقل الإجراءات فيما سبق، لكن منذ تكفل المحضرين القضائيين بهذه المهمة، تتجه الأمور نحو الأحسن حيث أصبح بإمكان المؤسسات العمومية والهيئات طلب خدمة المحضر القضائي لتحصيل تلك الغرامات التي يرفض المعنيون بها دفعها مثلما يفرضه القانون.
ومن بين الوسائل التي أصبح يعتمدها المحضر القضائي لتحصيل الديون والغرامات، اللجوء إلى الصلح وإصلاح ذات البين التي تكون في فائدة طرفي الخصومة، فبدل أن يتم اللجوء إلى القضاء الذي يأخذ وقتا تطول فيه الإجراءات، يعقد المحضر الصلح مع أطراف الخصومة ويتم الاتفاق على إعادة جدولة الدين أو دفع الغرامة على أقساط إذا كانت مستحقة للدولة، بدل حبس المدين وتضييع الحق على أصحابه نظرا لعسر دفع هذا الأخير لما عليه من مبالغ.
تنفيذ الأحكام بالقوة الجبرية للحالات المستعصية فقط :
تراجع استعمال القوة الجبرية في تنفيذ الأحكام القضائية بصفة كبيرة في السنوات الأخيرة، والسبب راجع إلى تطور مفهوم مهنة المحضر ودوره في عملية التقاضي، حيث لا يلجأ للقوة العمومية إلا عندما تكون الحالة مستعصية حيث استبدلت هذه الوسيلة بالإقناع والحوار.
فعندما يتعلق الأمر بتنفيذ حكم قضائي أو تبليغ في مادة الجزائي يلجأ المحضر القضائي إلى استعمال الخبرة والحنكة والحوار والإقناع بدلا من التفكير في القوة العمومية، حيث يكون المحضر كشخص قادر على التحاور والتفاهم مع المنفذ عليه وحتى المنفذ له، بينما يستعمل خبرته القانونية والإقناع والشرح عندما يبلغ في الجزائي ليقنع المعني بضرورة استغلال حقوقه التي يمنحه إياها القانون.
- وتحول استعمال القوة الجبرية في بعض الأحيان إلى حماية المحضر من اعتداءات المواطنين بدلا من استعمالها ضدهم، حيث أصبح يقتصر تنفيذ الأحكام بالقوة والقهر على الحالات الطارئة.
- تنفيذ 90 بالمائة من الأحكام المدنية و80 بالمائة من التبليغات الجزائية
إلزام المحضرين بمقر لا تقل مساحته عن 62 مترا مربعا :
كشف السيد رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين عن إمهال كافة المحضرين القضائيين إلى غاية شهر ديسمبر المقبل، من أجل أن يتماشوا مع المقاييس التي نص عليها القانون الأساسي للمحضرين القضائيين الصادر مؤخرا، والمتعلقة خاصة بمساحة المكتب وضرورة تزويده بوسائل العمل اللازمة.
حيث إن القانون الأساسي ينص على ضرورة أن لا تقل مساحة المكتب الذي ينشط فيه المحضر عن 62 مترا مربعا، وأن يتوفر على كافة وسائل العمل، مصرا على أن ما ينص عليه القانون يجب أن يسري على الجميع، لذلك تم توجيه تعليمة إلى كافة المحضرين القضائيين كي يتطابق نشاطهم مع المقاييس المطلوبة.
مشروع المدرسة الوطنية لأعوان القضاء ما يزال حيز الدراسة :
كشف مسؤول الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين ، أن مشروع إنشاء المدرسة الوطنية لأعوان القضاء ما يزال قيد الدراسة، حيث تم عن طريق التفاوض مع وزارة العدل الموافقة على إنشائها بتمويل من الوزارة والتأطير تتكفل به الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين.
وقال الأستاذ إن الغرفة قامت لحد الآن بتأطير 30 محضرا قضائيا تحصلوا على الشهادة على مستوى المدرسة الوطنية للمحضرين القضائيين بفرنسا في انتظار تحويلهم للمدرسة الوطنية لأعوان القضاء. [/b]