بحث حول مصادر الإلتزام المبحث تعريف مصدر الالتزام و الترتيب التقليدي لمصادر الالتزامالمطلب الأول تعريف مصدر الالتزام
المطلب الثاني : الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في القانون الروماني
المطلب الثالث : الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في القانون البيزنطي .
المطلب الرابع : الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في القانون الفرنسي القديم
المطلب الخامس : نقد التقسيم التقليدي لمصادر الالتزام
المبحث الثاني : الترتيب الحديث لمصادر الالتزام
المطلب الأول : مصادر الالتزام في التقنين المدني الفرنسي
المطلب الثاني : مصادر الالتزام في التقنين المدني المصري
المطلب الثالث : مصادر الالتزام في التقنين المدني الجزائري
المبحث الثالث : مصادر الالتزام الإرادية
المطلب الأول : العقد
المطلب الثاني :الإرادة المنفردة
المبحث الرابع : مصادر الالتزام غير الإرادية
المطلب الأول : العمل غير المشروع
المطلب الثاني : الإثراء بلا سبب
المطلب الثالث : القانون
خاتمة
مــقدمة :
من المسلم به أن الالتزام هو سلطة لشخص على شخص آخر محلها القيام بعمل أو الامتناع عن عمل يكون ذو قيمة مالية أو أدبية بمقتضاها يلتزم شخص نحو شخص آخر موجود أو سوف يوجد،فالالتزامات متعددة قد تكون التزامات إرادية أي نابعة من إرادة الشخص كالعقد مثلا أو التزامات بإعطاء أو ببذل عناية أو أن تكون غير إرادية أي أنها غير نابعة من إرادته, لكن ما يهمنا في بحثنا هذا هو ليس معرفة أنواعها بل نحن بصدد معرفة أساس هذه الالتزامات أو من أين تنشا أو من أين تأتي؟ و ربما بطريقة أخرى ما هو مصدرها؟ أو بالأحرى هل مصادر الالتزام مصادر ثابتة منذ القدم؟ أم أنها تطورت و تغيرت من فترة إلى فترة أخرى ؟ و ما هي أهم المراحل التي مرت بها تلك المصادر ؟
المبحث الأول : تعريف مصدر الالتزام و الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام
سوف نتناول في هذا المبحث معرفة المقصود من كلمة مصدر الالتزام و معرفة أيهما اسبق السبب المنشئ للالتزام أم الالتزام نفسه ثم نتناول الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في كل من التقنين الروماني ،و القانون البيزنطي ثم القانون الفرنسي القديم، بعد ذلك نتعرض لنقد هذا التقسيم. المطلب الأول : تعريف مصدر الالتزام
يقصد به السبب المنشئ للالتزام فلولاه لما وجد هذا الالتزام أو هو تلك الواقعة التي تنشئ الالتزام سواء أكانت واقعة إرادية نابعة من إرادة الشخص أو غير إرادية،فالتزام المشتري بدفع الثمن مصدره عقد البيع،و التزام المحدث للضرر بالتعويض مصدره العمل غير المشروع الذي قام به إما قصدا أو عن غير قصد لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هل سبب الالتزام هو من ينشئ الالتزام؟أم أن الالتزام هو الأسبق؟ في الحقيقة إن كل التزام يسبقه مبدأ حسن النية و من هنا يمكننا القول إن نية التعاقد تنشئ قبل نشوء الالتزام النهائي و من هنا فان سبب الالتزام ينشئ قبل نشوء الالتزام نفسه.)1)
المطلب الثاني : الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في القانون الروماني
في العهد المدرسي أرجعت الالتزامات إلى نوعين من المصادر الجريمة وقد حصرت في جرائم محددة عندهم. ثم العقد ويشتمل على عقود معينة على سبيل الحصر ثم إلى مصادر أخرى للالتزامات غير المنشأة لا من الجريمة ولا من العقد حيث أرجعها القانون الروماني في هذا العصر إلى أسباب مختلفة. )2)
ثم جاء كل من الفقيه جاييس ومن وراءه الفقيه جستنيان فيروا أن بعض الالتزامات تنشأ من أعمال غير مشروعة إلى جانب الالتزامات المنشأة من الجرائم المحددة المعروفة أي أن اعتبر
-------------
( 1 )بالحاج العربي : النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري،الجزء الأول،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2005،ص36.
( 2 )عبد الرزاق أحمد السنهوري:الوسيط في شرح القانون المدني الجديد [نظرية الالتزام بوجه عام،مصادر الالتزام]،الطبعة الثالثة،منشورات الحلبي الحقوقية،لبنان،1998،ص123.
أن هذه الالتزامات تنشأ من جريمة ليس من حيث المصدر بل من حيث الأثر، فبالإضافة إلى وجود جرائم معروفة هناك أعمال أخرى غير مشروعة قد تصيب غير بالضرر فيرى جاييس أن المدين ملزم بها كما لو أنه يلتزم بجريمة، أيضا يرى أن توضع الالتزامات المنشأة من أعمال مشروعة إلى جانب الالتزامات المنشأة من العقود المعروفة (البيع، الإيجار،القرض....) و ألحق بهم أعمال أخرى مشروعة كعمل فضولي و مركز الشخص في أسرته و ما يترتب على هذه الوقائع من التزامات.)1)
المطلب الثالث : الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في القانون البيزنطي .
لقد أخذ التقنين البيزنطي بنفس التقسيم الذي أخذ به القانون الروماني أي بالتقسيم الذي أتى به كل من الفقيه الروماني جاييس و الفقيه جاستيان و التي هي كل من: العقد، شبه العقد، الجريمة، شبه الجريمة . أما العقد
فهو توافق إرادتين على إنشاء التزام. ففي عقد البيع بمقتضاه يتفق البائع والمشتري على إنشاء التزامات فالبائع ملزم بنقل الملكية بضمان التعرض والمشتري ملزم بدفع الثمن. أما شبه العقد
فهو عمل اختياري مشروع ينشأ عنه التزام نحو الغير كمثل ذلك الإنسان الفضولي الذي يقم بعمل القصد منه مصلحة الغير دون تعاقد معه فيلتزم بمواصلة العمل الذي بدأه ومصدر الالتزام هنا هو العمل الاختياري المشروع وقد ينشأ في المقابل التزام آخر على عاتق رب العمل بأن يرد ما أنفقه ذلك الفضولي من مصروفات ضرورية ونافعة. الجريمة:
عمل ضار يقوم به الفاعل متعمدا الإضرار بالغير، كالإتلاف العمدي لأملاك شخص آخر فينشأ على عاتق الفاعل التزام بمقتضاه يعوض المال الذي أتلفه.
---------
(1)عبد الرزاق أحمد السنهوري: المرجع السابق،ص132،133.
شبه الجريمة :
عمل ضار يصيب الغير كالجريمة لكنه يختلف عنها في عنصر النية (أي نية الإضرار بالغير) بل يكون نتيجة إهمال أو عدم احتياط، فيلتزم بتعويض الضرر كما في الجريمة. )1)
المطلب الرابع : الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام في القانون الفرنسي القديم .
إن مصادر الالتزام عندهم هي العقد وملحق العقد، جريمة وملحق الجريمة، ومصادر أخرى متفرقة. فلقد أسبقوا المصادر الأربعة التي عرفت عند جاييسن وجاستيان وزادوا عليها المصادر المتفرقة التي جعلوها مستقلة عن ملحق العقد وملحق الجريمة لينسبوا إليها الالتزامات التي لا يمكن إرجاعها إلى المصادر الأربعة الأولى.
أماالفقيه بارتول فيرى أن ملحق العقد ليس مبني على إرادة حقيقية أو مفترضة بل على إرادة وهمية خلقها القانون فهذه هي الخطوة الأولى في تقريب ملحق العقد من العقد ثم الخطوة الثانية حيث أصبح ملحق العقد يتضمن إرادة مفترضة تقربه من العقد الذي يتضمن إرادة حقيقية وهكذا ابتعدنا عن النظرية الرومانية التي ترى أن ملحق العقد هو العمل المشروع الذي ليس بعقد, أما في النظرية الفرنسية فهو عمل مشروع يقرب من العقد فكل من العقد وملحق العقد مبني على إرادة حقيقية في العقد ومفترضة في ملحق العقد ومن ثم التصقت صفة العقد على ملحق العقد وأصبح شبه عقد. )2)
هذا هو الترتيب التقليدي لمصادر الالتزام إلا أن كل هذه النظريات لم تسلم من النقد
المطلب الخامس : نقد التقسيم التقليدي لمصادر الالتزام . نقد الأستاذ بلانيول : إن تقسيم العمل غير المشروع باعتباره مصدرا للالتزام إلى جريمة وشبه الجريمة سواء بوجود التعمد أو انعدامها، لا أهمية له من حيث النشوء ولا من حيث الأثر فكلاهما ينشأ التزاما والتعويض يدفع
-----------------
(1) عبد الرزاق أحمد السنهوري: المرجع السابق،ص131،132.
(2) عبد الرزاق أحمد السنهوري: المرجع السابق،ص134،13 5 .
كاملا في الحالتين. أما شبه العقد فيعتبره تعبير مضلل حيث أن أصحاب التقسيم التقليدي يعتبرون شبه العقد قريب من العقد في كونه عمل إرادي وبعيد عن الجريمة وشبه الجريمة في أنه عمل مشروع وفي الواقع العكس تماما فشبه العقد بعيد عن العقد لأنه غير إرادي وقريب من الجريمة وشبه الجريمة لأنه غير مشروع.
وحيث أن شبه العقد هو عمل غير مشروع فيظهر في التعمق في تحليل الالتزام المنشأ من شبه العقد فالعمل عادة الذي ينشأ منه شبه العقد هو عمل مشروع ولكنه ليس هو الذي ينشأ الالتزام؛ فسبب الالتزام يتصل بشخص المدين لا بشخص الدائن.
فحسب هذا الفقيه أن شبه العقد ليس لا بالعمل الإرادي ولا بالعمل المشروع ولقد جاء بترتيب آخر فيذهب إلى أن للالتزام مصدرين إثنين وهما العقد والقانون ويرد كل من شبه العقد والجريمة وشبه الجريمة كلها إلى القانون مرجعا ذلك أن كل الالتزامات الناشئة عن شبه العقد والجريمة وما شابهها ما هي إلا التزامات جزئية قامت بسبب الإخلال بالالتزامات القانونية. )1)
-----------------------
(1) عبد الرزاق أحمد السنهوري: المرجع السابق،ص135،13 6
المبحث الثاني : الترتيب الحديث لمصادر الالتزام .
سوف نتناول في هذا المبحث التقسيم الحديث لمصادر الالتزام في كل من القانون الفرنسي، القانون المصري ثم في الأخير في القانون الجزائري. المطلب الأول : مصادر الالتزام في التقنين المدني الفرنسي الحديث .
لقد جاء الفقيه الفرنسي بوتيــــه فجعل مصادر الالتزام خمسة: العقد وشبه العقد، الجريمة وشبه الجريمة ثم القانون. إما عن تقنين نابليون فقد اخذ بالترتيب الذي جاء به بوتيه فارجع مصادر الالتزام إلى خمسة مصادر وهي العقد وشبه العقد، الجريمة وشبه الجريمة ثم القانون حيث أن المادة 1101 مدني فرنسي عرفت العقد ،أما عن شبه العقد فقد عرفته المادة 1371 ،أما عن الجريمة و شبه الجريمة فقد عرفتهما كل من المادة 1382،1383 على التولي. )1) المطلب الثاني : مصادر الالتزام في التقنين المدني المصري .
لقد اقر التقنين المصري كمثله من التفنينات الأخرى الحديثة أن مصادر الالتزام خمسة وهي العقد ,الإرادة المنفردة, العمل غير المشروع[العمل الضار], الإثراء بلا سبب [العمل النافع], والقانون ويلاحظ أن هذا الترتيب يشترك مع الترتيب القديم في مصدرين وهما العقد والقانون أما الجريمة وشبه الجريمة فتجتمعان في العمل غير المشروع وشبه العقد يقابله في الترتيب الحديث الإثراء بلا سبب ولقد زاد هذا الترتيب الحديث الإرادة المنفردة مصدرا للالتزام .مرجعين المصادر إلى أصلين هما التصرف القانوني و الواقعة القانونية أما الأول هو اتجاه الإرادة إلى إحداث اثر قانوني معين سواء كان صادر من تطابق إرادتين اي عن طريق العقد أو صادر من جانب واحد إي بالإرادة المنفردة ،و إما الواقعة القانونية و هي التي يرتب عليها القانون اثرا، إلا انه يجدر الإشارة أن
-------------------
(1) محمد صبري السعدي: الواضح في شرح القانون المدني[النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام العقد و الإرادة المنفردة]، دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، 2009 ، ص 32 ، 33 .
هذا التقسيم لم يرد في نص خاص بل يستخلص من التبويب الذي اتخذه هذا التقنين في فصول متعاقبة. 1
المطلب الثالث : مصادر الالتزام في التقنين المدني الجزائري .
لم يورد التقنين المدني الجزائري مصادر الالتزام في نص خاص لكنه قسم الباب الأول من الكتاب الثاني إلى خمسة فصول تضمنت :
1-القانون في المادة 53 من القانون المدني.
2- العقد من المادة 54 إلى غاية 123.
3-الإرادة المنفردة في الفصل الثاني مكرر في المادة 123 مكررو المادة 123 مكرر1.لكن هذا بعد تعديل 2005 حيث انه قبل ذلك لم يفرد التشريع الجزائري فصل مستقل للإرادة المنفردة كمصدر للالتزام بل كانت ضمن آثار العقد المادة 115.
4 -و في الفصل الثالث الفعل المستحق للتعويض حيث يشتمل المواد 124 إلى غاية 140.
5 -وأخيرا الفصل الرابع المعنون بشبه العقود الذي ينقسم إلى ثلاث أقسام:ففي القسم الأول الإثراء بلا سبب في المادتين 141 و 142 و القسم الثاني الدفع غيرالمستحق من المادة 143 إلى غاية المادة 149 ثم القسم الثالث المعنون بالفاضلة من المادة 150 إلى المادة 159.
و بهذا يمكن استخلاص من هذا التبويب أن مصادر الالتزام حسب المشرع الجزائري في القانون المدني هي : القانون، العقد، الإرادة المنفردة، العمل المستحق للتعويض و شبه العقود. )2)
----------------
(1) محمد صبري السعدي: المرجع السابق،ص36،37.
(2)محمد صبري السعدي: المرجع السابق،ص34،35.
المبحث الثالث : مصادر الالتزام الإرادية .
ستناول في هذا المبحث كل من العقد و الإرادة المنفردة أو ما يعرف بالتصرف القانوني. المطلب الأول: العقد .
و يقصد به توافق إرادتين على إنشاء التزام أو على نقله.فقد عرفه القانون المدني في المادة 54 منه على انه "اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنع أو فعل أو عدم فعل شيء ما" إلا انه من خلال المادة يلاحظ أن المشرع الجزائري قد جمع بين تعريف العقد و تعريف الالتزام،فالالتزام هو رابطة أو علاقة تنشأ عن العقد،أما العقد فهو اتفاق يقوم بين شخصين أو أكثر على إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها.فكل اتفاق لا يؤدي إلى إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها لا يعتبر عقدا. 1
المطلب الثاني : الإرادة المنفردة .
يقصد بها إرادة شخص واحد فهي إذن تختلف عن العقد الذي يقوم على تطابق إرادتين لشخصين.حيث أن الإرادة المنفردة تعتبر تصرف قانوني من طرف واحد يمكنها من إحداث أثار قانونية متعددة كإنشاء الأشخاص الاعتباريين أو الوقف أو المؤسسات الخاصة كما أنها قادرة على إنشاء حق عيني كما في الوصية أو أن تنهي حق عيني كالنزول عن حق ارتفاق أو رهن ،بل هي قادرة على تصحيح عقد قابل للإبطال كما في الإجازة أو أن تجعل العقد يسري في حق الغير في حالة الإقرار أو تؤدي إلى إلغاء عقد معين كما في الوكالة ،العارية و الوديعة...أيضا إنها تؤدي إلى إسقاط حق شخصي أو إنهاء الالتزام كالإبراء الذي يؤدي إلى انقضاء الدين فحسب المادة 305 من القانون المدني الجزائري:"ينقضي الالتزام إذا برأ الدائن مدينه اختياريا و يتم الإبراء متى وصل إلى علم المدين و لكن يصبح باطلا إذا رفضه المدين" و تستطيع كذلك أن تنشئ حقا شخصيا أو التزاما في ذمة صاحبها في حالات الإيجاب الملزم المادة 63: "إذا عين أجل للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى انقضاء هذا
-----------------
(1)محمد صبري السعدي: المرجع السابق،ص39 .
الأجل" و الوعد بالجائزة حسب المادة 123 مكرر من القانون المدني الجزائري :"من وعد الجمهور بجائزة يعطيها عن عمل معين،يلزم بإعطائها امن قام بالعمل،و لو قام به دون نظر إلى الوعد بالجائزة أو دون علم به". 1
-----------------
(1) خليل أحمد حسن قدادة: الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري [مصادر الالتزام]،الجزء الأول، الطبعة الثانية،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2005،ص17،18.
المبحث الرابع : مصادر الالتزام غير الإرادية .
في هذا المبحث سنتطرق إلى معرفة مصادر الالتزام غير الإرادية و التي هي كل من العمل غير المشروع أو ما يعرف بالعمل الضار و الإثراء
بلا سبب ثم في الأخير للقانون كمصدر غير إرادي من مصادر الالتزام.
المطلب الأول : العمل غير المشروع .
و يقصد به أيضا العمل الضار فقد يحدث الشخص ضررا لشخص أخر نتيجة تقصير منه مما يوجب عليه التعويض و حيث يستوي في ذلل كان يكون الفعل الضار قد صدر من الشخص عمدا أو عن غير عمد في هذه الحالة يطلق عليها بالمسؤولية عن الأعمال الشخصية لكن قد يسال الشخص أيضا عن الأفعال الضارة التي تصدر من اللذين تربطهم به رابطة تبعية كالقصر أو ذوى العاهات و يطلق على هذه الحالة المسؤولية عن عمل الغير،هناك أيضا المسؤولية الناشئة عن الأشياء،فإذا كان الشخص متوليا حراسة شيء من الأشياء و كانت له قدرة الاستعمال و التسيير و الرقابة لهذا الشيء فإنه يكون مسؤولا عن كل الأضرار. 2
المطلب الثاني : الإثراء بلا سبب .
هو حصول أي شخص ولو كان غير مميّز على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر. لذا يلتزم، في حدود ما كسبه تعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال كسبه فيما بعد.
وعلى هذا، فالإثراء بلا سبب يعدُّ واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر الالتزام، و للإثراء بلا سبب ثلاثة أركان و هي: إثراء المدين، افتقار الدائن و انعدام السبب القانوني تنشئ واقعة الإثراء التي نجمت عن الافتقار حقاً للمفتقر بإقامة دعوى التعويض، فالتعويض هو جزاء الإثراء بلا سبب. ولهذه الدعوى طرفان:
------------------
( 2 )أمجد محمد منصور: النظرية العامة للالتزام [مصادر الالتزام]،دار الثقافة للنشر و التوزيع،الأردن، 2006 ص243ـ250.
المدعي : وهو الدائن أي المفتقر الذي يحق له إقامة الدعوى للمطالبة بالتعويض ولا يشترط فيه أن يكون صاحب أهلية. والمدعى عليه : وهو المدين أي المثري، ولا يشترط فيه أيضاً توافر الأهلية. وباستطاعته أن يدفع هذه الدعوى بأحد أمرين: إما إنكار الدعوى ذاتها لفقد أحد أركانها مثلاً، وإما لأن التزامه قد انقضى بالوفاء مثلاً أو ب التقادم . وتتقادم دعوى التعويض عن الإثراء بلا سبب بإحدى حالتين: إما بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه أن المفتقر بحقه في التعويض أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم نشوء الحق بالتعويض.
و لقاعدة الإثراء بلا سبب تطبيقات كثيرة. وأهم هذه التطبيقات: الفُضالة، ودفع غير المستحق.
1 الفُضالة : وهي كما عرفها القانون المدني في المادة 150 منه "أن يتولى شخص عن غير قصد القيام بالشأن عاجل لحساب شخص آخر من دون أن يكون متزماً بذلك". وهي عند الفقهاء المسلمين: القيام بعمل ما لشخص من دون إذن شرعي منه أو وكالة للفضولي عنه.
2دفع غير المستحق : يتم دفع غير المستحق في الحالتين التاليتين: الحالة الأولى :
الوفاء بدين غير مستحق، كأن يقوم شخص بوفاء دين لم يكن مترتباً بذمته بالأصل، أو أن يكون موجوداً لكنه غير مستحق، أو أن يكون مستحقاً لكنه انقضى قبل الوفاء به، أو أن يكون قد قام بالوفاء عن غلط أو إكراه أو نقص في الأهلية. الحالة الثانية:
الوفاء بدين كان مستحقاً عند الوفاء، لكنه أصبح غير مستحق بعد ذلك، كالذي يدفع الدين ثم يبطل العقد الذي تم الوفاء على أساسه.
ويترتب دفع غير المستحق التزاماً في ذمة الموفى له بأن يرد ما أخذه بدون حق إلى الموفي. 1 ) )
المطلب الثالث : القانون .
إن كل التزام لابد من أن ترد إلى القانون،لأنه انعكاس لما هو موجود في المجتمع،إي أن القانون يعد مصدرا غير مباشر لكل التزام سواء كان ناجم عن العقد أو الإرادة المنفردة أو عن العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب إلى أنه هناك أنواعا من الالتزامات يرتبها القانون مباشرة و يسهر على معالجتها بنصوص خاصة و يرجع إلى هذه النصوص لمعرفة أحكام هذه الالتزامات فهذه هي الالتزامات القانونية التي يكون مصدرها المباشر هو القانون ،فحسب المادة 53 من القانون المدني الجزائري:"تسري على الالتزامات الناجمة مباشرة عن القانون دون غيرها من النصوص القانونية التي قررها. و هذا ما تتجه إليه آراء الفقهاء في معظمها،إذ تعتبر القانون مصدرا مباشرا لترتيب الالتزامات في حالات خاصة حيث يكون القانون مصدرا المباشر و الأخير في نفس الوقت. 2
---------------------
(1)أمجد محمد منصور: مرجع سابق،ص323_380.
(2) أمجد محمد منصور: مرجع سابق،ص391،392.
خاتمة :
مما سبق لاحظنا أن مصادر الالتزام هي ذلك السبب المؤدي إلى وجود الالتزام فلولا وجوده لما وجد ذلك الالتزام و
قد عرفنا أيضا أن تلك المصادر قد مرت بعدة مراحل فكل تقنين من التقنينات السابق ذكرها رأت للالتزام و مصادره
نظرة و ذلك على حسب الفترة و الظروف المحيطة بتلك الفترات إلى انه يجدر بنا أن نقول أن أساس تقسيم مصادر
الالتزام راجع للقانون الروماني الذي كان له الفضل الكبير في ظهورها.إلا انه أيضا يمكننا القول أن هذه المصادر
قابلة للتغيير و التطور فقد تنشئ لنا مصادر أخرى و هذا وفق لتعقد الحياة الاجتماعية و تطورها.
و في الأخير يجدر بنا أن نوضح القصور الذي صدفناه في هذا البحث فأولا بسبب ضيق الوقت و ثانيا
لتشعب الموضوع و ثالثا لعدم تمكننا من الاستعانة بعدد كاف من المراجع المتخصصة في هذا المجال.
مراجع :
1الأمر رقم 75ـ58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني،
المعدل إلى غاية القانون رقم 07ـ05 المؤرخ في 13 مايو 2007.
2أمجد محمد منصور: النظرية العامة للالتزام [مصادر الالتزام]، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الأردن،2006.
3بالحاج العربي:النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري، الجزء الأول، الطبعة الرابعة،ديوان
المطبوعات الجامعية، الجزائر،2005.
4عبد الرزاق أحمد السنهوري:الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (نظرية الالتزام بوجه عام ،مصادر الالتزام)،
المجلد الأول،الطبعة الثالثة،منشورات الحلبي الحقوقية،لبنان،1998.
5 محمد صبري السعدي : الواضح في شرح القانون المدني(النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، العقد و الإرادة المنفردة)،
الطبعة الرابعة، دار الهدى، الجزائر، 2009 .[/b]