logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





15-01-2016 06:51 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 455
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب

شرح أركان القياس
الركن لغة : جانب الشيء الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي إلى عز ومنعة، كما يطلق على جزء من أجزاء ماهية الشيء التي لا توجد إلا بوجوده.

إصطلاحاً : يطلق على ما كان داخلاً في حقيقة الشيء وماهيته، وهو بذلك يتفق مع المعنى اللغوي نحو أركان الصلاة والوضوء، وهو بذلك يفارق الشرط الذي هو خارج عن الماهية.

- وعليه فأركان القياس هي أجزاؤه التي يقوم عليها، وقد ذكر جمهور الأصوليين أن القياس يقوم على أربعة أركان هي :
1-الأصل : ويسمى المقيس عليه وهو الواقعة التي ورد النص ببيان حكمها.
2-الفرع : ويسمى المقيس وهو الواقعة التي يراد معرفة حكمها ولم يرد فيها نص.
3-العلة : وهي الوصف الجامع بين الأصل والفرع والذي بني عليه حكم الأصل وبه يعرف الحكم في الفرع.
4-حكم الأصل : وهو الحكم الشرعي الذي ورد به نص من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ويراد تعديته إلى الفرع.

ولم يذكر الأصوليون حكم الفرع من أركان القياس لأنه ثمرة القياس ونتيجته، لأن ظهوره للمجتهد متأخر عن حكم الأصـل ، وثمرة الشيء لا يصح أن تكون من أركانه إذ لو عد من أركانه لتوقف القياس عليه فيلزم الدور.

وقد ذكروا لصحة القياس شروطاً في كل من هذه الأركان وقع التنازع البين في اشتراطهم لصحة العلة ويليها الأصل.
وأعرض لكل ركن فيما يلي مع الإشارة إلى هذا الخلاف وما يترجح لي في الظاهر.

الركن الأول: الأصــــــــــــل :
يطلق الأصل في اللغة على معان:
الأول : ما يبنى عليه غيره وذلك كمعرفة الله فإنها أصل في معرفة رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث أن معرفة الرسول تبنى على معرفة المرسل ولا يتصور معرفة الرسالة قبل معرفة المرسل.

والثاني : ما يكون مستغنياً عن غيره، أي ما يعرف بنفسه من غير افتقار إلى غيره، وإن لم يبنى عليه غيره، وذلك كتحريم الربا في النقدين، فإنه أصل وإن لم يبن عليه غيره.

وبناء على هذا التنوع في المعنى اللغوي اختلف الأصوليون في مسمى الأصل في القياس هل هو متفرع من المعنى الأول أو الثاني؟.
فهل الأصل في القياس هو دليل الحكم المشبه به؟
لأنه هو الذي يبنى عليه الحكم، والأصل ما يبنى عليه غيره، وكذا القول بأن القياس مشتمل على أصلين يبنى على هذا أيضاً.
أو يقال هو المقيس عليه، وهو المحل المشبه به؟ لأنه ما يكون مستغنياً عن غيره؟

وبكل قال بعض الأصوليين، والخلاف لا ينبني عليه كبير اختلاف في التناول العملي للقياس والله أعلم.

وأما تعريف الأصل في الاصطلاح فهو يطلق عندهم على أربعة معان :
الأول: يطلق الأصل ويراد به الدليل، وهذا مثل قولهم أصل هذه المسألة الكتاب والسنة، أي دليل المسألة الكتاب والسنة، ومنه أيضاً أصول الفقه أي أدلته.
الثاني : يطلق الأصل ويراد به الراجح كقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة أي الراجح عند السامع الحقيقية لا المجاز.
الثالث : يطلق الأصل ويراد به القاعدة المستمرة، كقولهم إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، أي على خلاف القاعدة المستمرة.
الرابع : يطلق الأصل ويراد به المحل المشبه به ويقاس عليه الفرع بالعلة الجامعة بينهما، وهذا المراد عند ذكره في مباحث القياس.


الركن الثاني : الفــــــــــــرع :
يطلق الفرع في اللغة مقابلاً للأصل، فإن كان الأصل ما يبنى عليه غيره فالفرع ما ينبني على غيره، وإن كان الأصل هو المستغني عن غيره، فالفرع ما افتقر إلى غيره .
وبناء على هذا النزاع اختلف الأصوليون في مسمى الفرع على مذهبين :
المذهب الأول : مذهب الفقهاء الذين يرون أن الفرع هو المحل المشبه أي الواقعة التي لم ينص على حكمها كالنبيذ في المثال السابق، فإنه فرع القياس على الأصل وهو الخمر في التحريم بجامع الإسكار في كل منهما.

المذهب الثاني : وهو مذهب المتكلمين أن الفرع هو حكم المشبه أو المقيس وهو في المثال السابق حرمة النبيذ، أي هو الحكم المطلوب إثباته بالقياس على الأصل.

والإمام الآمدي بين وجه الخلاف في ذلك ورجح مذهب المتكلمين فقال: فمن قال بأن الأصل هو الحكم في الخمر قال الفرع هو الحكم في النبيذ، ومن قال بأن الأصل هو المحل قال الفرع هو المحل وهو النبيذ، وإن كان الأولى أن يكون الفرع هو الحكم المتفرع على القياس، والمحل أصل الحكم المفرع على القياس فتسمية الخمر أصلاً أولى من تسمية النبيذ فرعاً، من حيث أن الخمر أصل للتحريم الذي هو الأصل، بخلاف النبيذ فإنه أصل للفرع لا أنه فرع له.

ويبدو أن الخلاف في هذه المسألة أيضاً لفظي لا يترتب عليه كبير شيء.

قال ابن برهان : وقد اختلفوا في حقيقة الفرع فمن ذهب إلى أن الأصل هو البر ذهب إلى أن الفرع هو الأرز، ومن ذهب إلى أن الأصل هو الحكم في البر ذهب إلى أن الفرع هو الحكم في الأرز والخلاف لفظي لا فائدة فيه من جهة المعنى .

وقد بين الشيخ عيسى منون أن الخلاف في مسمى الأصل ومسمى الفرع خلاف لفظي فقال: وهذا الخلاف لا طائل تحته ولا يترتب عليه فائدة وإنما اصطلح كل فريق على ما يسمى أصلاً وما يسمى فرعاً مع مراعاة الجميع وجه انطباق معنى الأصلية والفرعية بحسب الأصل على ما أراد منهما في هذا المقام.


الركن الثالث: العلـــــــــــــة :
العلة في اللغة تطلق على المرض والداء، وتطلق على الداعي على فعل الشيء أو الامتناع عنه أو السبب في فعله وتطلق على معاودة الشرب.
فأما إطلاقها على الداء والمرض فلأنها اسم لما يتغير به حال الشيء بحصوله فيه فيقال للمرض علة لأن الجسم يتغير إذا مرض ويتأثر بذلك.

جاء في المعجم الوسيط : عل الإنسان علة، مرض فهو معلول.
وفي الصحاح للجوهري : والعلة المرض، وحدث يشغل صاحبه عن وجهه كأن تلك العلة صارت شغلاً ثانياً منعه شغله الأول، وإعتل أي مرض فهو عليل.
وفي المصباح المنير: والعلة المرض الشاغل والجمع علل .

وهذا المعنى قد أخذ به ابن قدامة في تعريف العلة لغة حيث قال: "وسميت علة لأنها غيرت حال المحل أخذاً من علة المريض لأنها اقتضت تغير حاله".
ولكل واحد من هذه المعاني اللغوية من الداء والداعي والعلل أخذ بعض الأصوليين ورجح أن المعنى الاصطلاحي مبني عليه.

فالقول الأول :
وهو أن العلة بمعنى تغير الحال والتأثير فيه هو ما اختاره ابن قدامة .
وأما القول الثاني :
فقد رجحه السمرقندي بعد أن رد على الأقوال الأخرى .
وأما القول الثالث :
فقد رجحه ابن بدران فقال: والتعليل الثاني أنها مأخوذة من العَلل بعد النهل وهو معاودة الشرب مرة بعد مرة لأن المجتهد يعاود النظر في استخراجها مرة بعد مرة وعندي أن هذا التعليل أقرب من الأول .

وأما تعريف العلة في الأصول :
فقد اختلفت مذاهب العلماء في ذلك، وهو أمر يرجع في الظاهر إلى الخلاف الاعتقادي والذي أضفى بظلاله على أصول الفقه في كثير من المباحث كما هو معلوم ومنها حد العلة وذلك لأن العلة تتعلق بمسألة (الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى)، ولذا يحسن عرض شيء من ذلك قبل الولوج في تعريف الحكمة اصطلاحاً فمن قال: إن أفعاله تعالى لا تعلل كما ذهب إلى هذا الأشاعرة وجمهور المتكلمين قالوا بأن العلة أمارة أو علامة على الحكم دون أي تأثير ومن قال بتعليل أفعاله وأحكامه عرفها بالواجب أي أثبت لها التأثير.

يقول الأستاذ النشار :
أما عن مذاهب المسلمين في العلة فإنهم انقسموا فيها إلى قسمين المعتزلة والأشاعرة؛ أما المعتزلة فيرون أن العلة وصف ذاتي لا يتوقف على جعل جاعل فهي مؤثرة بذاتها ويعبر المعتزلة عنها تارة بالمؤثر وطوراً بالموجب، أما الأشاعرة فلم يقبلوا العلة على هذه الصورة ولكن يعرفونها بأنها الموجبة للحكم بجعل الشارع، وباختصار نستطيع أن نقول إن المعتزلة قبلوا مبدأ العلية على الإطلاق في أبحاثهم العقلية والأصولية، أما الأشاعرة فإنهم أنكروا التعليل على إطلاق في مباحثهم العقلية، أما في مباحثهم الأصولية فإنهم أباحوا التعليل باعتبارهم للعلة بمعنى الباعث على فعل المكلف.

فهؤلاء الأشاعرة والمتكلمون الذين أنكروا التعليل في مباحث علم الكلام اضطروا إلى إثباته في علم أصول الفقه وبالذات في باب القياس لأن التعليل أساس القياس.

وأما ابن حزم فقد أنكر تعليل أفعال الله تعالى وبالتالي أحكامه جملة وتفصيلاً ونسب هذا القول أيضاً إلى داود الظاهري وجميع الظاهرية حيث قال: قال أبو سليمان وجميع أصحابه رضي الله عنهم لا يفعل الله شيئاً من الأحكام وغيرها لعلة أصلاً بوجه من الوجوه، فإذا نص الله تعالى أو رسوله ? على أن أمر كذا لسبب كذا أو من أجل كذا، أو لأن كان كذا وكذا، فإن ذلك كله ندري أنه جعله أسباباً لتلك الأشياء في تلك المواضع التي جاء النص بها فيها، ولا توجب تلك الأسباب شيئاً من تلك الأحكام في غير تلك المواضع ألبتة .

وعقب إبن حزم على ذلك بقوله : وهذا هو ديننا الذي ندين لله تعالى به، وندعو عباد الله تعالى إليه ونقطع على أنه الحق عند الله تعالى.
إلا أن ابن حزم يختلف عن المتكلمين الذين أنكروا تعليل الأحكام في المباحث الكلامية الفلسفية وأثبتوه في مسائل القياس في أصول الفقه لأنهم يقولون بالقياس، أما ابن حزم فقد نفى تعليل أحكام الله تعالى وأفعاله جملة وتفصيلاً لأنه لا يقول بالقياس بل يقول بنفيه.

وقد توسط بين المذهبين جمهور الفقهاء والأصوليين من الحنفية وغيرهم فقالوا بجواز تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه ولكن لا على سبيل الوجوب كما قالت المعتزلة بل هو تفضل وإحسان منه سبحانه وتعالى، فإن أحكام الله تعالى مبنية على مصالح العباد الدنيوية والأخروية.

ونسب الإمام الشاطبي هذا القول إلى جمهور الفقهاء المتأخرين أما ابن النجار فأضاف بأن هذا القول هو اختيار بعض الحنابلة كالطوفي وابن تيمية وابن القيم، بل هو قول السلف قاطبة .

والمقصود من الكلام هو في تعليل أحكام الله تعالى وأفعاله لا في أفعال المكلف حتى يقال إنها باعثة للمكلف، وبالتالي فليس الصواب إلا إثبات الحكمة في أفعال الله تعالى مطلقاً، والحقيقة أن هذه المسألة من مباحث علم الكلام وعدم تعليل أفعال الله تعالى هو قول عموم الأشاعرة والمتكلمين.

ولذا فالراجح هو إثبات الحكمة والتعليل في أفعال الله وأحكامه كما ذهب إليه السلف وجمهور المتأخرين، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع، يقول الإمام الشاطبي: والمعتمد أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراء لا ينازع فيه الرازي ولا غيره .

وهذا الإجماع منصرف أساساً إلى السلف من جهة وإلى الفقهاء والأصوليين من جهة أخرى ومن هنا فإن خرق بعض المتكلمين في زمن متأخر لهذا الإجماع لا يقدح فيه، بل الإجماع قادح فيما ابتدعوه من نظريات ومقولات جدلية.

وبهذا يتضح لنا أن هذه المسألة (تعليل النصوص) هي أساس الخلاف في تعريف العلة وإثبات القياس.

يقول الشيخ محمد أبو زهرة : إن تعليل النصوص هو أساس الخلاف بين مثبتي القياس ونفاته، فنفاته نفوا التعليل فقصروا النصوص على العبارة، ومثبتوه أثبتوا التعليل، فاعتبروا القياس إعمالاً للنص.
وقال في موضع آخر: إن أساس القياس هو تعليل النصوص، فمن قرر تعليلها فقد قرر القياس.
وهذا ما أكده ابن حزم بنفسه حيث قال : ذهب القائلون بالقياس من المتحذلقين المتأخرين منهم إلى القول بالعلل.

وعلى هذا فإن نفي ابن حزم للقياس على أساس أنه ينفي التعليل، ولا يقول به، والتعليل أساس القياس، فمن نفى التعليل فقد نفى القياس.

تعريف العلة اصطلاحاً :
اختلف أنظار العلماء في وضع (حد) العلة بناء على ما سبق من خلافهم في مبحث (تعليل أفعال الرب سبحانه) ويمكن أن نجمل أهم الآراء في ذلك في أربعة تعريفات :
التعريف الأول أنها "المعرف للحكم": واختار هذا التعريف جمهور الأصوليين وهو قول أبي بكر الصيرفي وأبي زيد الدبوسي من الحنفية، وحكاه سليم الرازي عن بعض الفقهاء.وهذا هو الذي اختاره الرازي في المحصول قال: وأما أصحابنا فإنهم يفسرونه بالعرف.

كما ذهب إلى هذا التعريف الإمام البيضاوي في المنهاج والإسنوي في شرح المنهاج كما اختاره ابن السبكي في جمع الجوامع ونسبه إلى أهل الحق.
ويبدو أن هذا هو اختيار بعض الحنابلة.

التعريف الثاني : وهو أن العلة "المؤثر بذاته"، وتارة يعبرون عنها بالموجب بذاته في الحكم، وهذا التعريف منسوب إلى المعتزلة.
والمراد بالتأثير الإيجاد فيكون الوصف مؤثراً أو موجباً للحكم، أي يوجد به بذاته، أي بذات الوصف وطبيعته أي يخلق الله له معنى مؤثراً، فإن النار مؤثرة في الإحراق بذاتها أي بطبعها.

يقول صدر الشريعة : اعلم أن البعض عرفوا العلة بالمؤثر، والمراد بالمؤثر ما به وجود الشيء كالشمس للضوء والنار للإحراق، وهو للمعتزلة لأنهم جعلوا النار علة للإحراق بذاتها.
ولذلك فقد رد العلماء عليهم وبينوا بطلان مذهبهم في التحسين والتقبيح العقلي ووجوب الأصلح على الله تعالى.

التعريف الثالث : وهو أن العلة هي "المؤثر في الحكم بجعل الشارع لا لذاته" أي الوصف المؤثر في الحكم بجعل الشارع لا لذاته.
وهذا التعريف منسوب للإمام الغزالي.

وهذا ما صرح به الإمام الغزالي في أكثر من موضع حيث قال: والعلة في الأصل عبارة عما يتأثر المحل بوجوده ولذلك سمي المرض علة وهي في اصطلاح الفقهاء على هذا المذاق، وهو صادر من تصور الأشاعرة ومنهم الغزالي للتعليل في أفعال الله تعالى كما تقدم.

والمراد بالمؤثر عند الإمام الغزالي أي المستلزم للحكم، أي الذي يلزم من وجوده تحقق الحكم، فالحكم تابع للوصف في الوجود وبهذا القيد تخرج العلامة فإنها معرفة وليست مؤثرة في الحكم.

التعريف الرابع : وهو أن العلة هي "الباعث على الحكم" أي الوصف الباعث على الحكم وهذا التعريف للإمام الآمدي حيث قال: العلة في الأصل بمعنى الباعث أي مشتملة على حكمة صالحة لأن تكون مقصودة للشارع من شرع الحكم.

واختار هذا ابن الحاجب أيضاً قال : أن تكون بمعنى الباعث أي مشتملة على حكمة مقصودة للشارع من شرع الحكم.

وأخذ بهذا التعريف بعض الحنفية منهم الكمال ابن الهمام حيث قال : هي ما شرع الحكم عنده من جلب مصلحة أو تكميلها أو دفع مفسدة أو تقليلها.
وهذا أيضاً ما ارتضاه صدر الشريعة بأنها الباعث لا على سبيل الإيجاب وفسر الباعث بأنه المشتمل على حكمة مقصودة للشارع من شرع الحكم من جلب نفع أو دفع ضرر.

من الواضح أن هذا التعريف أيضاً غلبت عليه المسحة الأشعرية، وقد سبق مناقشة ذلك.

وبالنظر في التعريفات السابقة نجد أن التعريف الأول هو أقربها وذلك أن المعتزلة بنوا تعريفهم على ما زعموه من التحسين والتقبيح العقليين وأما بقية التعريفات فلا تخل من مسحة أشعرية، فالغزالي فسرها بالموجب أو المؤثر بجعل الله تعالى لأنه يرى أن العلة تستلزم الحكم استلزاماً عادياً بجعل الله تعالى لأنه متى وجد السبب وجد المسبب ومن فسرها بالباعث على الحكم يرى أنها مشتملة على حكمة صالحة أن تكون مقصودة للشارع إلا أنهم يزيدون في الحد ما غلب عليهم ومن أن الحكمة لا تقوم بالرب حذر تسلسل الحوادث وحلولها بالرب تعالى مما ينفونه إلا أن التعريف الأول هو ما يصح أن يقال له (تعريف عملي) باعتبار أن الحكم يضاف إليها فيقال: وجب القصاص بالقتل، وذلك بغض النظر عن الدخول في أفعال الرب وأفعال العبد ونحو ذلك.

ولذا اخترته أن يكون راجحاً، علماً أن وجود هذا الخلل في تعريفاتهم للعلة يؤيد مذهب أهل السنة في إثبات الحكمة والتعليل في أفعال الرب تعالى في ذلك أدلة كثيرة ونقول عديدة والله أعلم.

أما أبو محمد بن حزم فعرف العلة بقوله: "اسم لكل صفة تجلب أمراً ما إيجاباً ضرورياً"، وبين ذلك ثم بين معنى ذلك بقوله: إن العلة لا تفارق المعلول البتة، ككون النار علة للإحراق، والثلج علة للتبريد، الذي لا يوجد أحدهما دون الثاني أصلاً، وليس أحدهما قبل الثاني أصلاً ولا بعده.

وما ذكره ابن حزم فهو تفسير للعلة العقلية، ويبدو أنه لا يفرق بين العلة العقلية والعلة الشرعية وبالتالي فإنه لا يقول بتعليل الأحكام، ويحارب من يقول بالتعليل، ويحمل ما يرد مما ظاهره تعليل الحكم في النص على السبب.


الركن الرابع : حكم الأصل :
وهو الحكم الشرعي الذي ورد به نص من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ويراد تعديته إلى الفرع، وهو حرمة الخمر الذي يراد إثباته للنبيذ مثلاً .

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
أركان ، القياس ،









الساعة الآن 11:22 PM