بحث الظــروف و أثرها على الجزاء
في القانون الجزائري
مقدمة
المبحث الأول : الظروف المخففة
المطلب الأول: مجال تطبيق الظروف المخففة
المطلب الثاني : أثر الظروف المخففة على الجزاء
المبحث الثاني : الظروف المشددة
المطلب الأول : الظروف المشددة الخاصة
المطلب الثاني: الظروف المشددة العامة (العــــود(
المطلب الثالث: الفترة الأمنية
خاتمة
مقدمة
تثير الدعوى أمام المحكمة مزيجا بين القانون و الواقع ، وإن اختيار القاعدة القانونية الصالحة للتطبيق لا يتم بمعزل عن تشخيص أولي للوقائع ، كما أن دراسة الوقائع لا يم بدوره بدون اعتبارات قانونية ، ومن ثم فإن مهمة القاضي عند دراسة الوقائع تتلخص في البحث عن التطابق بين النموذج القانوني للجريمة كما رسمها المشرع بمختلف تفصيلاتها الممكنة ،و الوقائع الحية الموكول له أمر البت فيها بكل ما فيها من خصوصيات و مميزات.
ولعل هذه الأخيرة هي التي جعلت المشرع يقرر للقاضي بعض الحرية في تطبيق العقوبة عندما ينطبق النموذج القانوني مع الوقائع إذا ثبت توفر ظروف خاصة بالجريمة ،أو بشخص مرتكبها فيكون للقاضي السلطة في اختيار العقوبة المناسبة سواء بالتخفيف من العقوبة المقررة قانونا، أو بتشديدها تبعا لطبيعة الظروف اللصيقة بالجريمة أو بشخص مرتكبها ،وهذه الأخيرة يمكن تصنيفها إلى نوعين فهناك ظروف مخففة ،و أخرى مشددة ولكل نوع أثر على الجزاء حسب ما يقتضيه القانون ،وهو الذي سنتولى تفصيله في مبحثين مستقلين.
المبحث الأول : الظروف المخففة
الظروف المخففة هي أسباب للتخفيف تخول القاضي في نطاق قواعد حددها القانون الحكم بعقوبة أخف من تلك المقررة قانونا ، وقد اختلفت التشريعات التي تنص على الظروف المخففة تبعا لتعيينها للحد الأدنى من العقوبة بين تشريعات تكتفي بالنص على هذه الظروف وتحديد أثرها دون تعيينها بالذات ، وترك هذه المهمة للقاضي يستخلصها من ظروف القضية دون إلزامه ببيانها وهو المنهج الذي اتبعه قانون العقوبات الجزائري لسنة 1966 الذي استقاه من قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1810 ، وبين تشريعات أخرى عملت على تعداد الظروف المخففة في صلب القانون ،وهو المنهج الذي يحمل الكثير من التشابه مع الأعذار القانونية المخففة ولعل الفرق الوحيد بينهما هي صفة الإلزام في تطبيق حكم الأعذار ، وصفة الاختيارية في الأخذ بالظروف كما اتجهت بعض التشريعات 3 الأخرى إلى نظام وسط يذكر فيه المشرع بعض العينات من الظروف ويسمح للقاضي بالبحث عن الظروف الأخرى4 وإن قانون العقوبات الجزائري قبل تعديله بموجب قانون 06/23 المؤرخ في 20/12/2006 أعطى للقاضي حرية كبيرة وفتح أمامه مجال واسع في تقدير العقوبة ،و بصدور قانون 06/23 حد المشرع من هذه الحرية ووضع قيود للقاضي في تطبيقها ،كما أنه سد الفراغ الذي كان يطبع التشريع الجزائري فيما يخص تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي .
المطلب الأول: مجال تطبيق الظروف المخففة:
لم يعرف مجال تطبيق الظروف المخففة تغييرا يذكر بعد تعديل قانون العقوبات في 2006 إذ بقي يخضع لنفس المبادئ و الأحكام و المتمثلة في :
الفرع الأول: المبدأ في تطبيق الظروف المخففة:
يجوز للجهات القضائية إفادة المتهم بالظروف المخففة تبعا لسلطتهم التقديرية إذا توفرت في المتهم شروط معينة دون أن تخضع في ذلك لرقابة المحكمة العليا ويترتب على هذا المبدأ النتائج التالية :
-تطبق الظروف المخففة على كافة الجرائم سواء كانت جنايات أو جنحا أو مخالفات.
-يجوز تطبيق الظروف المخففة على كافة الجناة سواء كانوا مواطنين جزائريين أو أجانب بالغين أو قصر، مبتدئين أو عائدين.
-يجوز لكل جهات الحكم بمنح الظروف المخففة سواء كانت من القانون العام أو استثنائية كالمحاكم العسكرية مثلا .
غير أن تطبيق الظروف المخففة على النحو الذي سبق ذكره ليس مطلقا، فنجد المشرع يتدخل أحيانا ويستبعد تطبيق الظروف المخففة في حالات معينة بنص صريح ،و أحيانا أخرى نجده يفرض قيود على تطبيقها ، كما تدخل القضاء واستبعد تطبيق الظروف المخففة على جرائم الشيك وهو الأمر الذي سيأتي تفصيله فيما يأتي :
الفرع الثاني : الاستثناءات الواردة على مبدأ تطبيق الظروف المخففة
وتتمثل في استبعاد تطبيقها بنص صريح أو تقيد تطبيقها ،أو استبعادها من طرف القضاء.
أولا- الحالات التي استبعد فيها المشرع صراحة تطبيق الظروف المخففة :
ويتعلق الأمر بحالات معينة في نوعين من الجرائم هما جرائم المخدرات و المؤثرات العقلية وجرائم التهريب
1-بالنسبة لجرائم المخدرات و المؤثرات العقلية :
نصت المادة 26 من قانــون 04-18 المؤرخ في 25-12-2004 2 على أنه :
لا تطبق أحكام المادة 53 ق ع على الجرائم المنصوص عليها في المواد من 12 إلى 23 من هذا القانون :
1-إذا استخدم الجاني العنف أو الأسلحة.
2-إذا كان الجاني يمارس وظيفة عمومية ،وارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته ،ويتعلق الأمر أساسا بأعوان الشرطة و الدرك الوطني و أعوان الجمارك .
3-إذا ارتكب الجريمة ممتهن في الصحة كالصيدلي أو شخص مكلف بمكافحة المخدرات أو استعمالها.
4-إذا تسببت المخدرات أو المؤثرات العقلية المسلمة في وفاة شخص أو عدة أشخاص أو إحداث عاهة مستديمة.
5-إذا أضاف مرتكب الجريمة للمخدرات مواد من شأنها أن تزيد في خطورتها.
2- بالنسبة لجرائم التهريب:
نصت المادة 22 من الأمر 05-06 المؤرخ في 23-08-2005 على استبعاد تطبيق الظروف المخففة المنصوص عليها في المادة 53 ق ع على الشخص المدان لارتكابه أحد الأفعال المجرمة في هذا الأمر:
1-إذا كان الجاني محرضا على الجريمة.
2-إذا كان يمارس وظيفة عمومية أو مهمة ذات صلة بالنشاط المجرم ،وارتكب الجريمة أثناء وظيفتـــه أو بمناسبتها.
3-إذا استخدم العنف أو السلاح في ارتكاب الجريمة
إضافة إلى هاتين الحالتين فهناك حالات أخرى نص المشرع فيها صراحة على استبعاد تطبيق الظروف المخففة ويتعلق الأمر بـ :
الجرائم الجمركية :
حيث نصت الفقرة الرابعة من المادة 281 من قانون الجمارك على أنه يمكن لجهات الحكم إفادة المخالفين بالظروف المخففة ، ففيما يتعلق بعقوبة الحبس تخفض وفقا لأحكام المادة 53 ق ع ، أما فيما يخص العقوبات الجبائية يجوز إعفاء المخالفين من مصادرة وسائل النقل ، غير أن هذا الحكم لا يطبق في حالات أعمال التهريب المتعلقة بالبضائع المحظورة
عند الاستيراد أو التصدير حسب مفهوم الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون، كما أنه لا يطبق في حالة العود .
و في هذا المجال جاء قرار المحكمة العليا بتاريخ : 05/01/1993 ملف رقم : 101972 بمبدأ مفاده أنه لا يجوز التخفيض من الحقوق و العقوبات المنصوص عليها في قانون الجمارك ،و على هذا الأساس تم نقض القرار في جانبه المتعلق بالدعوى الجبائية ،والذي خفض من الغرامة المالية المحكوم بها
ـ الجرائم الضريبية :
ويتعلق الأمر بالغرامة المقررة جزاء لهذه الجرائم بموجب المادة 303/4 من قانون الضرائب المباشرة و 548 من قانون الضرائب غير المباشرة على أساس أن مثل هذه الجزاءات ذات طابع جبائي تختلط فيها العقوبة بالتعويض .
ـ جرائم الصرف :
حيث نصت المادة الأولى مكرر المستحدثة بموجب الأمر رقم 03-01 المؤرخ في 19-02-2003 على غرامة لا يمكن أن تقل عن ضعف قيمة محل الجريمة تكون جزاءا للجريمة المرتكبة في طرف الشخص الطبيعي.
فمن خلال صياغة النص يبدوا أن نية المشرع هي استبعاد تطبيق الظروف المخففة ،وهي نفس الصياغة التي اعتمدها في نص المادة 374 بخصوص جرائم الشيك ،وقد استقر القضاء الجزائري على عدم جواز تطبيق الظروف المخففة على الغرامة المقررة جزاءا لها.
إضافة إلى أن عرض أسباب الأمــر 03/01 جاء فيه أن من أسباب التعديل تبني نظام عقابي رادع يستبعد فيه تطبيق الظروف المخففة على العقوبات الماليـــــة.
ثانيا- الحالات التي فرض المشرع فيها قيود على تطبيق الظروف المخففة:
وضع المشرع الجزائري حدود لا يجوز للقاضي النزول عنها عند تطبيق الظروف المخففة في :
1-القانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية ، حيث حددت المادة 28 منه حد أدنى للعقوبة لا يجوز النزول عنه عند تطبيق الظروف المخففة ،و ذلك على الشكل الآتي :
- عشرون (20) سنة سجنا ، عندما تكون العقوبة المقررة هي السجن المؤبد.
العقوبة المقررة في كل الحالات
السؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا يقصد المشرع بثلثي العقوبة هل يقصد بها ثلثا الحد الأدنى أم ثلثا الحد الأقصى أم ثلثا الحد الأدنى و الأقصى معا؟
2 - كما وضع قانون العقوبات قيودا على تطبيق الظروف المخففة في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ،حيث نجد المادة 87 مكرر 8 منه تنص على أنه : لا يمكن في كل الحالات أن تكون عقوبات السجن المؤقتة الصادرة تطبيقا لأحكام هذا الأمر أقل من:
-عشرون (20) سنة سجنا مؤقتا عندما تكون العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤبد.
-نصف ½ العقوبة . عندما تكون العقوبة المقررة هي السجن المؤقت.
3ومن جهة أخرى نجد قانون 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 المعدل والمتمم لقانون العقوبات قد وضع قيود في منح الظروف المخففة ،و ذلك بتحديده لمستويات خاصة بالمحكوم عليهم المسبوقين قضائيا لا يجوز النزول عنها
3-الحالات التي استبعد فيها القضاء تطبيق الظروف المخففة :
ويتعلق الأمر هنا بالغرامة المقررة جزاء لجريمة إصدار شيك بدون رصيد أو برصيد غير كاف المنصوص عليها بالمادة 374 ق العقوبات التي تنص على أنه :
"يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن قيمة الشيك أو عن قيمة النقص في الرصيد"
فمن خلال صياغة النص يفهم أن المشرع قد وضع حد أدنى للغرامة ،وهي قيمة الشيك أو قيمة النقص في الرصيد لا يجوز النزول عنها.
وعلى هذا الأساس فقد استقر قضاء المحكمة العليا على أن الغرامة المقررة في المادة 374 ق ع المقررة جزاء لجريمة إصدار شيك بدون رصيد لا تخضع لظروف التخفيف المنصوص عليها في المادة 53 ق ع.
- وهكذا جاء في القرار الصادر بتاريخ 23/02/1998 ملف رقم 155912.
أنه من الثابت قانونا أن القاضي في جرائم إصدار شيك بدون رصيد ملوم عند الحكم بالإدانة مع الغرامة أن لا يقل مبلغ الغرامة عن قيمة الشيك ،أو قيمة النقص في الرصيد مع بقاء حرية التقدير للقاضي فيما يتعلق بالعقوبة الأصلية المتمثلة في الحبس تطبيقا لأحكام المادة 53 ق ع و 592 من ق إ ج
وأن قضاة المجلس عندما قضوا بخلاف ذلك وقرروا تخفيض المبلغ المحكوم به فإن قرارهم يعرض للنقض.
- كما اعتبر القرار الصادر بتاريخ 22/03/1999، ملف :200286
و القرار الصادر بتاريخ : 27/04/1999 ، ملف : 205627 ، أنه في حالة الإدانة تشكل الغرامة المالية المقررة في حد ذاتها عقوبة إجبارية لا تخضع لعامل الظروف المخففة و الترتيبات المنصوص عليها في المادة 53 ق ع .
غير أن المادة 540 ق 05-02 المؤرخ في 06/02/2005 المعدل و المتمم للقانون التجاري في صياغتها الجديدة نصت على أنه : " لا تسري المادة 53 من قانون العقوبات على مختلف الجرائم المنصوص عليها في المادتين 538،539 إلا فيما يخص إصدار أو قبول شيك بدون رصيد"، و التي يستفاد منها أن أحكام المادة 53 ق ع تسري على صورتي :
إصدار شيك بدون رصيد وقبول شيك بدون رصيد وهذا الحكم ينطبق على الحبس و الغرامة على حد السواء.
أما باقي صور جرائم الشيك وهي
-سحب الرصيد بعد إصدار الشيك.
-منع المسحوب عليه من صرف الشيك
-قبول أو تظهير شيك بدون رصيد أو برصيد غير كاف
-إصدار شيك وجعله كضمان وقبوله وتظهيره.
-تقليد أو تزوير شيك وقبوله وهو مقلد أو مزور ، و بمفهوم المخالفة لأحكام المادة 540 من القانون التجاري فإن أحكام المادة 53 ق ع لا تطبق على هذه الصور فيما يخص عقوبة الغرامة ويبقى التخفيف جائز بالنسبة لعقوبة الحبس.
المطلب الثاني : أثر الظروف المخففة على الجزاء
لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في إثبات توافر الظروف المخففة ،ومتى أحست المحكمة بتوافر هذه الظروف أعملت آثارها، والتي تختلف حسب ما إذا كان الجاني شخص طبيعي أو معنوي ولقد انصب تعديل قانون العقوبات المؤرخ في 20/12/2006 على المواد المتعلقة بظروف التخفيف فبالإضافة إلى تعديل المادة 53 ق ع أدرجت مواد أخرى و هي المواد من 53 مكرر إلى 53 مكرر 8 وكلها تتعلق بكيفية تطبيق ظروف التخفيف.
الفرع الأول : آثار منح الظروف المخففة على الشخص الطبيعي
يميز المشرع في هذا الصدد بين الجنايات و الجنح و المخالفات على النحو الآتي بيانه
أولا : في مواد الجنايات
بعد تعديل قانون العقوبات بموجب قانون 06-23 أصبح المشرع يميز بين المتهم المسبوق قضائيـا و غير المسبوق قضائيا ، و تختلف آثار منح الظروف المخففة بحسب العقوبة المقررة قانونا للجناية ، و السوابق القضائية للمحكوم عليه على النحو التالي.
1- إذا كان المتهم غير مسبوق قضائيا
نصت على هذه الحالة المادة 53 من ق ع التي أعيدت صياغتها إلى أربع فقرات ،و التي تنص على أنه إذا قضي بإدانة الشخص الطبيعي وتقرر إفادته بظروف مخففة يجوز تخفيض العقوبة المنصوص عليها قانونا إلى
- عشر (10) سنوات سجنا إذا كانت العقوبة المقررة هي الإعدام.
-خمس (5) سنوات سجنا ، إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤبد.
-ثلاث (3) سنوات حبسا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة.
-سنة واحدة حبسا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من خمس (5) إلى عشر سنوات .
ملاحظة : إن المادة 53 ق ع قبل تعديلها كانت تخص الحالة التي تكون فيها العقوبة هي السجن المؤقت بحكم واحد ،و تطبق عليها نفس القاعدة و هي النزول بالعقوبة إلى ثلاث سنوات حبسا .
ومن التطبيقات العملية لنص المادة 53 ق ع، يمكن الاستشهاد بالحكمين الجنائيين الصادرين عن إحدى المجالس القضائية محاولين التعليق على أهم ما جاء فيهما.
- فالحكم الصادر بتاريخ: 04/06/2008 فهرس 00016/08 الذي قضى بثلاث سنوات حبس على المتهم المدان بجناية هتك العرض ضد قاصر لم تكمل السادسة عشر والتي يقرر لها القانون عقوبة السجن المؤقت من عشر )10( إلى عشرين) 20(سنة قد أصاب فيما قضى به.
-غير أن الحكم الصادر بتاريخ :31/05/2008 و الذي قضي بثلاث سنوات سجن نافذة وغرامة قدرها خمسون ألف دينار (50.000.00دج). على المتهم الذي ثبتت إدانته بجناية تكوين جمعية أشرار والسرقة المقترنة بظروف التعدد والتسلق والليل طبقا للمواد 176،177 و 353/ 2، 3 ، 4 قد أصاب فيما قضى به فيما يخص العقوبة السالبة للحرية مع ملاحظة أنه يجب النطق بعبارة حبس بدل من سجن لأن العقوبة جنحية.
أما فيما يخص الشق المتعلق بالغرامة فإن الحكم لم يكن صائبا لأنه و بالرجوع إلى المـــادة 53 مكرر 2 فإنها تنص على أنه : "لا يجوز في مادة الجنايات النطق بالغرامة وحدها، ويحكم بها دائما في إطار الحدين المنصوص عليهما في القانون سواء كانت مقررة أصلا أم لا"
وبما أن الغرامة المقررة لجناية تكوين جمعية أشرار تتراوح بين 500.000.00 و 2000.000.00 ،وتلك المقررة للسرقة بتوافر ظرفين من الظروف المنصوص عليها في المادة 353 ق ع تتراوح ما بين 1000.000.00 إلى 2000.000.00 دج فإن الحكم القاضي بغرامة تقدر بـ 50.000.00دج خروجا عن الحدين المقررين قانونا يكون قد أخطأ فيما قضى به.
-غير أنه يعاب على هذين الحكمين أنهما لم يشيرا ما إذا كان المتهم مسبوق قضائيا ،أوغير مسبوق قضائيا، لأن آثار منح ظروف التخفيف تختلف من حالة إلى أخرى.
2- إذا كان المتهم مسبوق قضائيا:هنا نميز بين المتهم العائد والمسبوق.
2-1 بالنسبة للمتهم العائد:
وهي الحالة المستحدثة إثر تعديل قانون العقوبات في 2006 والمنصوص عليها في المادة 53 مكرر ق ع، فإذا كان المتهم في حالة عود وطبقت عليه أحكام العود – وهي أمر جوازي للقاضي - فالقاعدة أن تطبيق الظروف المخففة ينصب على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا ،أي على العقوبة الناتجة بعد تطبيق أحكام العود وهنا نتصــور 3 إفتراضــــات :
أ- إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة إثر تطبيق أحكام العود هي الإعدام، فعند تطبيق الظروف المخففة لا يجوز تخفيض العقوبة إلى أقل من 10 سنوات.
مثال : إذا صدر حكم على متهم بخمس (5) سنوات سجن لارتكابه جناية السرقة بتوافر ظرفين أو أكثر المنصوص عليها في المادة 353 ق ع ، والمعاقب عليها بالسجن من 10 إلى 20 سنة ويرتكب بعد انقضاء العقوبة أو الإفراج عنه جناية القتل العمد ، فإن الحد الأقصى المقرر لهذه الجريمة بعد تطبيق أحكام العود يصبح الإعدام طبقا للمادة 54 مكرر ق ع، فإذا تقرر إفادة المتهم بظروف التخفيف فإنه لا يجوز النزول عن 10 سنوات سجن على أساس أن العقوبة المقررة بعد تطبيق العود ، وليس على أساس العقوبة المقررة أصلا للجريمة.
ب - إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة، إثر تطبيق أحكام العود هي السجن المؤبد فعند تطبيق الظروف المخففة لا يجوز تخفيض العقوبة إلى أقل من 5 سنوات.
مثال: إذا أدين شخص من أجل السرقة الموصوفة المنصوص عليها بالمادة 353 ق ع ، والمعاقب عليها بالسجن من 10 إلى 20 سنة ،وحكم عليه بعقوبة 5 سنوات سجن ،وبعد انقضاء العقوبة أو الإفراج يعود لارتكاب نفس الجناية ،أو جناية هتك عرض فبعد تطبيق أحكام العود تصبح العقوبة المقررة هي المؤبد.
فإذا تقرر إفادته بظروف التخفيف فإنه لا يجوز النزول بالعقوبة إلى أقل من 5 سنوات سجنا على أساس العقوبة المقررة له بعد تطبيق العود وليس على أساس العقوبة المقررة أصلا للجريمة .
ج - إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة إثر تطبيق أحكام العود هي السجن المؤقت من 5 إلى 20 سنة ، فعند تطبيق الظروف المخففة لا يجوز تخفيض العقوبة إلى أقل من 3 سنوات ،وهي الفرضية المنصوص عليها في المادة 53 مكرر/2 ق ع.
مثال : إذا أدين شخص من أجل جنحة الضرب والجرح العمدي بالسلاح الأبيض المنصوص عليها بالمادة 266 ق ع ، والمعاقب عليها بالحبس من سنتين (2) إلى عشر (10) سنوات ،وحكم عليه بـ 6 سنوات حبس ثم يعود ويرتكب جناية الضرب والجرح العمدي المفضي إلى عاهة مستديمة المنصوص عليها بالمادة 3/264 ق ع، والمعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات فإن العقوبة المقررة بعد تطبيق أحكام العود تصبح السجن من 5 إلى 20 سنة سجن.
فإذا تقرر إفادة المتهم بظروف التخفيف فإنه لا يجوز النزول بالعقوبة إلى أقل من 3 سنوات حبسا على أساس العقوبة المقررة بعد تطبيق العود وليس على أساس العقوبة المقررة أصلا للجريمة.
2-2بالنسبة للمتهم المسبوق قضائيا :
عرفت المادة 53 مكرر5 من قانون 06-23 المسبوق قضائيا بأنه كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام، ونصت المادة 53 مكرر1 ق ع على آثار منح الظروف المخففة على هذه الحالة ، والتي تنطوي على كل فرضيتين:
أ- إذا كانت الغرامة غير مقررة أصلا للجريمة :
كما في جريمة القتل ،والتي عقوبتها السجن المؤبد، في هذه الحالة يجوز الحكم على الجاني الذي استفاد بعقوبة سالبة للحرية مخففة بغرامة يختلف مقدارها باختلاف العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة على النحو التالي:
أ-1/ إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام ،يجوز الحكم بغرامة تتراوح ما بين 1000.000,00 دج و 2000.000,00 دج.
أ-2/ إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤبد يجوز الحكم بغرامة بيــــن 500.000,00دج و 1000.000,00 دج.
أ-3/ إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت يجوز الحكم بغرامة مـــــن 100.000 دج إلى 1000.000 دج.
ب- إذا كانت الغرامة مقررة أصلا للجريمة :
في هذه الحالة يستوجب المشرع الحكم بالغرامة مع العقوبة السالبة للحرية دون النزول عن الحد الأدنى المقرر لها.
مثال : إذا كانت الجريمة معاقب عليها بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات وبغرامة من 500.000 دج إلى 1000.000 دج يجوز النزول بالعقوبة السالبة للحرية إلى سنة حبس وبالغرامة إلى 500.000 دج، باعتبارها الحد الأدنى الذي لا يجوز النزول عنه.
ملاحظة : في جميع الأحوال سواء كانت الغرامة مقررة أصلا أم لا نصت المادة 53 مكرر2 ق ع على عدم جواز النطق بالغرامة وحدها في مواد الجنايات، كما نصت على أن الحكم بها يكون دائما في إطار الحدين المنصوص عليهما في القانون.
أما فيما يخص العقوبات التكميلية فقد نصت المادة 53 مكرر3 على أن الحكم بالحبس كعقوبة مخففة من أجل جناية لا يحول دون الحكم بحرمان الشخص المدان من مباشرة حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في المادة 9 مكرر1 ق ع، كما يجوز كذلك الحكم بالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12 و13 من قانون العقوبات.
ثانيا : في مواد الجنـح
إن تطبيق الظروف المخففة في مواد الجنح في ظل القانون القديم كان يسمح للقاضي بالنزول بعقوبة الحبس ليوم واحد والغرامة إلى خمس (5) دنانير كما يجوز الحكم بإحداهما أو استبدال الحبس بغرامة لا تقل عن 20دج كما أنه لم يكن يميز بين المتهم المسبوق و غير المسبوق الأمر الذي أفقد العقوبة وظيفتها الردعية ، وقد نصت على آثار منح الظروف المخففة في مواد الجنح المادة 53 مكرر4 من ق ع ،وتختلف هذه الآثار بحسب السوابق القضائية للمحكوم عليه ،والعقوبة المقررة قانونا، وعليه يجب التمييز بين حالتين:
1- إذا كان المحكوم عليه غير مسبوق قضائيا:
نصت على هذه الحالة المادة 53 مكرر 4/1، 2 من قانون العقوبات وهنا يمكن أن نتصور أربعة فرضيات:
أ- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة :
المادة 53 مكرر4 فقرة أولى ق ع في هذه الفرضية نكون أمام 3 خيارات:
أ-1/ إما الحكم بالحبس والغرامة معا، وفي هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين والغرامة إلى 20.000 دج[19]
وعليه فإن القرار الصادر بتاريخ: 24/03/2008 عن إحدى المجالس القضائية فهرس: 01637/08 الذي قضى على المتهم المدان بجنحة الضرب والجرح العمدي على قاصر طبقا للمادة 269 من ق ع بثلاثة أشهر حبس نافذ وغرامة قدرها 5000 دج نافذة قد أخطأ في تطبيق القانون عندما نطق بغرامة أقل من 20.000 دج الحد الأدنى المنصوص عليه قانونا.
أ-2/ وإما الحكم بعقوبة الحبس فقط وفي هذه الحالة لا يجوز أن تقل العقوبة المحكوم بها عن الحد الأدنى المقرر قانونا.
أ-3/ وإما الحكم بالغرامة فقط على أن لا تقل العقوبة المحكوم بها في هذه الحالة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة. [20]
وعليه فإن القرار الصادر بتاريخ: 10/11/2008 فهرس: 01670/08 عن نفس المجلس والذي عدّل الحكم الصادر بتاريخ: 27/05/2008 الذي قضى على المتهم بستة أشهر حبس موقوف النفاذ ،وعشرون ألف دينار جزائري غرامة نافذة بعد إدانته بجنحة الضرب والجرح العمدي طبقا للمادة 264 ق ع ليقضي من جديد بحذف عقوبة الحبس المحكوم بها والإبقاء على الغرامة المقدرة بـ 20.000 دج قد أخطأ فيما قضى به عندما نزل عن الحد الأدنى للغرامة والمحدد بموجب المادة 264 بـ 100.000 دج وقضى بها وحدها دون الحبس.
ملاحظة : بالنسبة لجنحة السب المنصوص عليها بالمادة 299 ق ع، والمعاقب عليها بالحبس من شهر إلـى 3 أشهر وغرامة من 10.000 دج إلى 25.000 دج فالملاحظة أن المشرع قد قرر لهذه الجنحة عقوبة يقل حدها الأدنى سواء بالنسبة للحبس أو بالنسبة للغرامة عن الحد الأدنى المقرر قانونا عند تطبيق الظروف المخففة بموجب المادة 53 مكرر4 ويبقى التساؤل مطروح هل يلتزم القاضي بتطبيق حكم المادة 53 مكرر4، أم يجوز له النزول إلى الحد الأدنى للحبس والغرامة ؟
ب - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة:
وفي هذه الفرضية أيضا نكون أمام 3 خيارات وهي :
ب-1/ إما الحكم بالحبس والغرامة معا مع جواز النزول بعقوبة الحبس إلى شهرين والغرامة إلـــى 20.000 دج.
ب-2/ وإما الحكم بالحبس فقط مع جواز النزول بالعقوبة إلى شهرين وإن كان الحد الأدنى أكثر من ذلـك.
ب-3/ وإما الحكم بالغرامة فقط مع جواز النزول بها إلى 20.000 دج وإن كان الحد الأدنى يفوق ذلــك.
ج - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط :
في هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين كما يجوز استبدال عقوبة الحبس بالغرامة على أن لا تقل عن 20.000 دج وأن لا تتجاوز 500.000 دج.
ومن هذا القبيل جنحة عدم تسليم طفل المنصوص عليها بالمادة 327 ق ع والمعاقب عليها بالحبس فقط من سنتين إلى خمس سنوات، وجنحة التجمهر المنصوص عليها بالمادة 98 الفقرة 1 وغيرها....
د - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة فقط:
في هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى 20.000 دج مثل جنحة انتحال إسم الغير المنصوص عليها في المادة 247 ق ع والمعاقب عليها بغرامة بين 20.000 دج و100.000 دج.
2ـ إذا كان المحكوم عليه مسبوق قضائيا:
وتشمل أيضا حالة المتهم العائد وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 53 مكرر 4 الفقرة الأخيرة والتي تميز لنا بين الجنحة المرتكبة عمدا وبين تلك المرتكبة بغير عمد:
2ـ 1/ بالنسبة للجنحة المرتكبة عمدا: يمكن أن نتصور 4 احتمالات:
أ- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة :
ففي هذه الحالة يجب الحكم بالعقوبتين معا، ولا يجوز تخفيضهما عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
مثال: إذا ثبتت إدانة المتهم بجنحة الضرب والجرح العمدي بسلاح أبيض المنصوص عليها بالمادة 266 من ق ع ، والمعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات (10) وبغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج. ، وكان المتهم مسبوق قضائيا ، وكانت الجنحة مرتكبة عمدا ففي حالة إفادته بظروف التخفيف يتعين على القاضي الحكم بالحبس والغرامة معا ،ولا يجوز له النزول عن عامين حبس و 200.000 دج غرامة.
ب-إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة أو إحداهما:
في هذه الحالة لا يجوز تخفيض عقوبة الحبس ولا عقوبة الغرامة إلى أقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
ج-إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط:
في هذه الحالة لا يجوز النزول عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة ، كما لا يجوز استبدال عقوبة الحبس بالغرامة.
د- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة فقط :
لا يجوز النزول إلى أقل من الحد الأدنى للغرامة المقررة قانونا للجريمة المرتكبـــــــــــة.
2ـ2/ إذا كانت الجنحة المرتكبة غير عمديه:
لم ينص المشرع صراحة على هذه الحالة وإنما تعتبر استنتاج بمفهوم المخالفة للحالة الأولى، وهذه الحالة تخضع من حيث تطبيق الظروف المخففة لنفس القواعد المطبقة على المتهم غير مسبوق قضائيا والمنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 53 مكرر4 ق ع
ثالثــــــــــــــــا: في مواد المخالفات
تختلف آثار منح الظروف المخففة في مواد المخالفات بحسب السوابق القضائية للمحكوم عليه وبحسب العقوبة المقررة قانونا على النحو التالي :
1- إذا لم يكن المتهم في حالة العود:
وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 53 مكرر6 المستحدثة بموجب قانون 06/23، وهناك احتمالين :
1-1إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة :
في هذه الحالة يجوز للقاضي الحكم بالعقوبتين معا كما يجوز له الحكم بالحبس فقط أو بالغرامة فقط وفي جميع الحالات لا يجوز له النزول عن الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفة المرتكبة.
1-2إذا كانت العقوبة المقررة هي الحبس أو الغرامة:
في هذه الحالة يجوز تخفيض العقوبة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا ،ولا يجوز النزول عنه.
وعليه فإن القرار الصادر بتاريخ : 10/11/2008 الصادر عن إحدى المجالس والمؤيد للحكم الصادر بتاريخ: 31/05/2008 الذي قضى على المتهم المدان بمخالفة الضرب والجرح العمدي طبقا للمادة 442 ق ع ،والمعاقب عليها بالحبس من 10 أيام على الأقل إلى شهرين على الأكثر وبغرامة من 8000 دج إلى 16.000 دج ،أو بإحدى هاتين العقوبتين ، قد أخطأ في تطبيق القانون عندما قرر عقاب المتهم بغرامة تقل عن الحد الأدنى المقرر قانونا ،وقرر غرامة قدرها 500 دج.
و تجدر الإشارة إلى أنه قبل تعديل قانون العقوبات في 2006 لم يكن المشرع يميز بالنسبة لتطبيق الظروف المخففة بين الجنح و المخالفات بحيث كانت تطبق عليها القواعد ذاتها المقررة للجنح .
قبل تعديل قانون العقوبات في 2006 كانت مسألة تطبيق الظروف المخففة تطرح إشكالين .
يتعلق الأول بحالة منح الظروف المخففة في مواد الجنح ،إذا كانت العقوبة المقررة هي الحبس و الغرامة ، فهل يجوز للقاضي الحكم بالحبس فقط ، أو الغرامة فقط ،أم يجب الحكم بهما معا ؟
و الثاني يتعلق بهل يقتضي تطبيق الظروف المخففة النزول بالعقوبة إلى مايقل عن الحد الأدنى أم أنه يكفي النزول عن الحد الأقصى ؟
أجاب قانون 06ـ23 على هذين الاشكالين ، ومنح للقاضي الحكم بالحبس فقط ،أو الغرامة فقط ،وإن كانت العقوبة المقررة هي الحبس و الغرامة .
كما أنه نص على أنه يكفي النزول عن الحد الأقصى للقول أن المتهم قد استفاد من ظروف التخفيف ، وهي نفس المبادئ التي استقر عليها القضاء الفرنسي في مجموعة من قراراته .
و يثور التساؤل حول ما إذا كان من الجائز الجمع بين العذر القانوني المخفف ، والظرف القضائي المخفف ؟ و إن كان من الجائز ذلك فبأيهما نبدأ ؟
على خلاف القانون المصري فقد استقر القضاء الفرنسي على أنه في حالة اجتماع ظرف مخفف مع عذر صغر السن يتعين تطبيق الظرف المخفف أولا ثم العذر المخفف.
أما القانون الجزائري فلم ينص على هذه الحالة كما أن القضاء الجزائري اجتهاده منعدم في هذه الحالة .
الفرع الثاني : آثار منح الظروف المخففة على الشخص المعنوي
لقد أقر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إثر تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم: 04-15 المؤرخ في 10/11/2004 وكرسها في المادة 51 مكرر منه غير أنه لم يتطرق لمسألة تطبيق الظروف المخففة عليه إن كان من الجائز إفادته بها أم لا. غير أن قانون 06-23 المعدل لقانون العقوبات قد سدّ هذا الفراغ حيث استحدثت المادة 53 مكرر7 ق ع والتي أجازت تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي، وحصرتها في الغرامة فقط وهي تميز بين فرضيتين :
1-إذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا:
نحن نعلم أن العقوبة الأصلية للشخص المعنوي تتمثل في الغرامة ، والتي حددتها المادة 18 مكرر في مواد الجنايات والجنح ، و18 مكرر1 بالنسبة للمخالفات بما يساوي مرة (1) إلى خمس (5) مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة عندما يرتكبها الشخص الطبيعي، كما نصت المادة 18 مكرر2 على الحالة التي لا ينص فيها المشرع على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي.
وعليه فإذا تقرر إفادة الشخص المعنوي بظروف التخفيف يجوز النزول بالغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
مثال: إذا أدين الشخص المعنوي بجنحة السرقة المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 350 من قانون العقوبات بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة ما بين 100.000 دج و500.000 دج فإذا تقرر إفادته بالظروف المخففة يجوز تخفيض الغرامة إلى 100.000 دج.
2- إذا كان الشخص المعنوي مسبوق قضائيا:
عرفت المادة 53 مكرر8 ق ع المقصود بالمسبوق قضائيا على أنه كل شخص معنوي محكوم عليه نهائيا بغرامة مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جريمة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة في حالة العود.
في هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة عندما يرتكبها شخص طبيعي.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري استبعد تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي في بعض الجرائم، منها جريمة تبييض الأموال المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 389 مكرر7 التي نصت على أن الغرامة لا يمكن أن تقل عن أربعة (4) أضعاف الحد الأقصى المقرر قانونا للشخص الطبيعي، كذلك جريمة الصرف وذلك بموجب المادة 5 من الأمر المؤرخ فـي 9-7-1996 المعدل في 19-02-2003 والتي نصت على أن الغرامة لا يمكنها أن تقل عن أربعة أضعاف قيمة البضاعة محل الغش.
ففي المثال السابق إذا تقرر إفادة الشخص المعنوي المدان بجنحة السرقة بظروف التخفيف يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى 500.000 دج.
3- الحالة التي لا ينص فيها على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي :
نصت المادة 18 مكرر2 ق ع على هذه الحالة ، سواء في الجنايات ،أوفي الجنح وقامت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي طبقا لأحكام المادة 51 مكرر، فإن الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي يكون كالتالي:
2000.000 -دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
1000.000 -دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت.
500.000 -دج بالنسبة للجنح .
والملاحظ أن المشرع في المادة 18 مكرر2 قد وضع الحد الأقصى فقط الذي يحتسب لتقدير عقوبة الشخص المعنوي، غير أن هذه الحدود لا يمكن للقاضي الاعتماد عليها إذا قرر إفادة الشخص المعنوي بظروف التخفيف ،إلا إذا كان هذا الأخير مسبوق قضائيا، أين يجوز للقاضي تخفيض الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقدرة للشخص الطبيعي،وهو الحد الذي بينته المادة 18 مكرر2 ق ع .
أما في حالة ما إذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا ،وتقرر إفادته بظروف التخفيف فإن المشرع يسمح بتخفيض الغرامة إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي ،غير أن المادة 18 مكرر2 لم تبين لنا هذا الحد وعليه فإننا نكون أمام فراغ قانوني يستوجب معالجته.
المبحث الثاني : الظروف المشددة:
كل فعل يعتبر جريمة في نظر القانون الجنائي يمكن أن يكون مصطحبا بظروف من شأنها تشديد الفعل في ذاته أو إجرام مرتكبه، وهذه الظروف تؤثر على العقوبة ،وتجيز للقاضي برفع مقدارها إلى ما يجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة مجردة عن الظروف المشددة ولما كان الأمر كذلك فقد تدخل المشرع بصفة مباشرة ،وحدد مقدما هذه الوقائع والملابسات التي يعتبر اقترانها بالفعل الإجرامي سببا لتشديد العقاب ، كما أنها قد تؤثر على وصف الجريمة فتحولها من جنحة إلى جناية، إذا ترتب عليها استبدال عقوبة الحبس بالسجن وقانون العقوبات الجزائري على غرار باقي القوانين لم يضع نظرية عامة ينظم فيها هذه الظروف، وإنما أشار إليها في أحكام متفرقة عند نصه على بعض الجرائم، فقد نص على ظروف مادية تلتصق بالجريمة فتزيد من جسامتها.
وعلى ظروف شخصية تنم عن خطورة فاعلها، وهو ما يعرف بالظروف المشددة الخاصة، كما نص على ظرف تسري أحكامه على كل جريمة يلحق بها أو على طائفة معينة من الجرائم و يسمى بالظرف المشدد العام،أو ما يعرف بالعود، كما جاء قانون 06-23 المعدل والمتمم لقانون العقوبات بظرف مشدد آخر يعرف بالفترة الأمنية المنصوص عليها في المادة 60 مكرر و60 مكرر1 ق ع ، وسنتولى فيما يأتي تعريف هذه الظروف وتفصيل أحكامها:
المطلب الأول : الظروف المشددة الخاصة
وهي تلك الظروف المنصوص عليها في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات بحيث تلحق كلاّ منها بجريمة واحدة بذاتها حدّدها القانون ،أو عدد محدود من الجرائم فلا يتعدى حكمها هذه الجريمة أو تلك الجرائم.
وتعتبر الظروف المشددة الخاصة وقائع تبعية تتصل بالعناصر المادية أو الأدبية التي تتكون منها الجريمة فتزيد من تجريم الفعل، أو تجريم مرتكبيه، ويمكن فصلها عن الجريمة التي تصاحبها دون أن تغير من طبيعتها، والظروف المشددة الخاصة نوعان ظروف واقعية وظروف شخصية.
الفرع الأول: الظروف المشددة الواقعية (أو المادية)
وهي تلك التي تتصل بالوقائع الخارجية التي رافقت الجريمة فتجعلها أشد خطرا مما هي عليه لو تجردت من هذا الظرف، وقوامها الفعل ، النتيجة ، والعلاقة السببية . فقد تتعلق بالفعل الإجرامي في حد ذاته ،وقد تتعلق بالنتيجة الإجرامية فتفترض ازدياد جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل.
أولا: الظروف الواقعية المتعلقة بالفعل الإجرامي (السلوك(
تتعدد هذه الظروف، إذ يتعلق بعضها بالوسيلة المستعملة ،أو بطريقة التنفيذ الجريمة ،أو بزمـان أو مكان ارتكاب الفعل الإجرامي .
1-الظروف التي تلحق بالوسيلة:
وهي كل ما يمكن أن يلجأ إليه الجاني ويستعمله لتحقيق إرادته الجنائية، وهكذا فقد نص المشرع الجزائري في حالات معينة على الوسيلة المستعملة واعتبرها ظرفا مشددا، ومن هذا القبيل نجد:
1-1التسميم :
وهو الفعل المنصوص عليه في المادة 260 من ق ع ،والتي عرفته بأنه اعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كان استعمال أو إعطاء هذه المواد ومهما كانت النتائج التي تؤدي إليها، وعقوبتها الإعدام (م 261ق ع ) ، وذلك مهما كانت نتيجتها أي سواء تحققت الوفاة أم لا، والحكمة من ذلك أن القتل بالتسميم يتم عن غدر وخيانة فلا يترك للمجني عليه مجالا للدفاع عن نفسه كما أنها تمتاز بسهولة التنفيذ وصعوبة الإثبات.
وتتميز جريمة التسميم عن باقي الجرائم بالوسيلة المستعملة ،فيجب أن يكون قد حصل بمواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كانت كيفية استعمال تلك المواد ،وهذه الأخيرة لم يحددها المشرع فقد تكون حيوانية أو نباتية أو معدنية وعلى القاضي أن يبين في الحكم ما إذا كانت المادة سامة أو غير سامة وله أن يستعين في ذلك بالخبراء.
والتسميم قد يكون مستحيلا إما بسبب طبيعة المادة أو بسبب الكمية المستعملة
ففي الحالة الأولى كأن تكون المادة غير سامة، ويعتقد الجاني أنها قاتلة فلا جريمة هنا لأن المشرع يشترط أن تؤدي إلى القتل، فإذا كانت المادة مضرة بالصحة فقط فالجريمة جنحة (م 275 ق ع (
أما في الحالة الثانية فالمادة سامة ،ولكن إعطائها بكمية قليلة حال دون تحقيق الغرض المقصود فالجريمة هنا ثابتة،ويعاقب الجاني على الشروع في القتل بالتسميم.
1-2 السرقة بالكسر أو بالتسلق أو باستعمال مفاتيح مصطنعة :
عرف المشرع الجزائري السرقة في المادة 350 ق ع فكل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارق، فالجنحة هنا بسيطة، لكن قد يستعمل الجاني وسائل معينة تساعده وتسهل له اقتراف الفعل الإجرامي من هذه الوسائل ما نصت عليه المادة 354 ق ع وهي :
ـ السرقة بالكسر :
عرفه المشرع الجزائري في المادة 356 ق ععلى أنهفتح أيجهاز من أجهزة الأقفال بالقوة ،أو الشروع في ذلك سواء بكسره ، أو بإتلافه أو بأية طريقة أخرى ،بحيث يسمح لأي شخص بالدخول إلى مكان مغلق ، أو بالاستيلاء على أي شيء يوجد في مكان مقفول أو في أثاث أو وعاء مغلق .
-السرقة بالتسلق:
نصت على هذا الظرف المادة 357 وعرفته على أنه الدخول إلى المنازل أو المباني أو الأحواش أو حظائر الدواجن أو أية أبنية أو بساتين أو حدائق أو أماكن مسورة ،وذلك بطريق تسور الحيطان أو الأبواب أو السقوف أو أية أسوار أخرى.
-السرقة باستعمال مفاتيح مصطنعة :
والمفاتيح المصطنعة عرفتها المادة 358 ق ع على أنها كافة الكلاليب والعقف والمفاتيح الصالحة لفتح جميع الأقفال والمفاتيح المقلدة أو المزورة أو المزيفة أو التي لم يعدها صاحبها لفتح الأقفال الثابتة أو الأقفال غير الثابتة أو أية أجهزة للإغلاق والتي استعملها الجاني لفتحها بها، كما يعتبر مفتاحا مصطنعا المفتاح الحقيقي الذي احتجزه الجاني دون حق.
- 3-1حمل السلاح :
وهو الظرف المنصوص عليه بالمادة 351 ق ع ، وقد تعرض المشرع لمفهوم السلاح في المادة 93/2 ق ع بأنه كافة الآلات والأدوات والأجهزة القاطعة والنافذة والراضة، كما يضيف في الفقرة الثالثة من نفس المادة بعض الوسائل التي لا تعتبر سلاحا إلا إذا استعملت للقتل أو الضرب أو الجرح ومنها: السكاكين ومقصاة الجيب والعصي العادية أو أية أشياء أخرى.
غير أن ظرف حمل السلاح يتحقق في حالة حمل سلاح بطبيعته سواء استعمله الجاني أو لم يستعمله، بل حتى وإن لم يحمله بمناسبة السرقة، وأبعد من ذلك فقد قضي في فرنسا أن ظرف حمل السلاح ينطبق على سلاح مصطنع، وفي نفس الاتجاه قضي في الجزائر بتطبيق حكم المادة 51 من قانون العقوبات على لعبة بلاستيكية لها شكل ولون السلاح الحقيقي.
وهكذا قضت محكمة النقض المصرية أن جناية السرقة تتحقق قانونا بالنسبة إلى ظرف حمل السلاح كلما كان أحد المتهمين حاملا سلاحا ظاهرا أومخبأ أيا كان سبب حمله لهذا السلاح ، وسواء كان الجاني يحمل السلاح عرضا بحكم وظيفته أو عمدا بقصد السرقة.
وعليه فإن السرقة إذا كانت بسيطة بدون الظروف السابق ذكرها فإن المشرع يعتبرها جنحة ويعاقب عليها بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات وغرامة من 100.000 دج إلى 500.000 دج.
أما إذا اقترن ارتكاب الفعل المادي المكون لها بأحد الظروف السابقة ،فان المشرع اعتبرها جنحة مشددة عقوبتها، الحبس من خمس (5) إلى عشر (10) سنوات وغرامة من 500.000 دج إلى 1000.000 دج.
أما إذا كان الظرف المقترن بالفعل المادي للسرقة هو حمل السلاح فإنه يغير من وصفها من جنحة إلى جناية عقوبتها السجن المؤبد (المادة 351 من قانون العقوبات) بعدما كانت عقوبتها قبل تعديل قانون العقوبات في 2006 الإعدام.
ويعتبر حمل السلاح ظرفا مشددا أيضا في جريمة الضرب والجرح العمدي فالأصل أن الجريمة إذا لم يترتب عنها عجز كلي عن العمل لمدة تتجاوز 15 يوما فهي مخالفة عقوبتها الحبس من عشرة (10) أيام على الأقل إلى شهرين على الأكثر وبغرامة من 8000 دج إلى 16.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط (المادة 442/1 ق ع) ، لكن إذا تمت أعمال العنف المشار إليها مع حمل سلاح ولو لم تتجاوز مدة العجز 15 يوما فالجريمة يتغير وصفها من مخالفة إلى جنحة عقوبتها الحبس من سنتين (2) إلى (10) عشر سنوات، وبغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج.
: ثانيا الظروف التي تلحق طريقة تنفيذ الجريمة :
اهتم المشرع بطريقة تنفيذ الجريمة واعتبرها ظرفا مشددا في بعض الحالات نذكر منها:
-ما جاءت به المادة 262 ق ع فيما يخص جريمة القتل بالتعذيب أو ارتكاب أعمال وحشية أخــــرى و عقوبتها الإعدام.
-جريمة تعذيب المختطف المنصوص عليها في المادة 293 ق ع أو إذا كانت عملية الاختطاف أو محاولة الاختطاف تمت بالعنف أو بالتهديد أو بالغش المادة 293 مكرر ق ع فإن الجريمة تشدد عقوبتها. فالاختطاف مجردا من هذه الظروف يعاقب عليه المشرع في المادة 291 ق ع بالسجن المؤقت من خمسة (5) إلى عشر (10) سنوات.
أما إذا اقترن بالظرف المنصوص عليه بالمادة 293 فتصبح العقوبة السجن المؤبد.
و إذا اقترن بالظرف المنصوص عليه بالمادة 293 مكرر فالعقوبة السجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة وبغرامة من 1000.000 دج إلى 2000.000 دج.
-جريمة السرقة باستعمال العنف أو التهديد به المنصوص عليها في المادة 353 ق ع.
فإذا اجتمع هذا الظرف مع ظرف آخر من الظروف المنصوص عليها بنفس المادة فالجريمة هنا يتغير وصفها إلى جناية عقوبتها السجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة وبغرامة من 1000.000 دج إلى 2000.000 دج.
أما إذا كان ظرف العنف والتهديد وحده ، فالجريمة جنحة مشدّدة عقوبتها الحبس من سنتين إلى عشر سنوات وغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج.
-جريمة الفعل المخل بالحياء بالعنف المنصوص عليها في المادة 335/1 ق ع فالمشرع اعتبر العنف ظرفا مشددا للعقوبة ويغير أيضا من وصف الجريمة فالجريمة بدون عنف تعاقب عليها المادة 333 ق ع بالسجن من شهرين إلى سنتين وغرامة من 20.000 دج إلى 100.000 دج . أما إذا توفر ظرف العنف فالجريمة تصبح جناية عقوبتها السجن المؤقت من خمسة (5) إلى عشر (10) سنوات
: ثالثامكان ارتكاب الجريمة :
لا يهتم القانون في الواقع بمكان ارتكاب الجريمة ،بحيث لا يعتبره من عناصر السلوك الإجرامي التي تخضع للعقاب بحسب الأصل، غير أنه تدخل في حالات معينة وجعل من مكان ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا للعقاب ومن هذا القبيل:
-ما نصت عليه المادة 352 ق ع، والتي تعتبر ارتكاب السرقة في الطرق العمومية أو في المركبات المستعملة لنقل المسافرين أو المراسلات أو الأمتعة أو داخل نطاق السكك الحديدية والمحطات والموانئ والمطارات وأرصفة الشحن أو التفريع، جنحة مشددة عقوبتها من خمس إلى عشر سنوات حبس و غرامة من 500.000 إلى 1000.000 دج .
-أيضا ما نصت عليه المادة 353 ق ع فالسرقة التي تتم في المنازل أو المساكن أو الغرف أو الدور سواء كانت مسكونة أو مستعملة للسكن أو في توابعها، وتوافر ظرف آخر على الأقل من الظروف المنصوص عليها بذات المادة فالسرقة تصبح جناية عقوبتها السجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة وبغرامة من 1000.000 دج إلى 2000.000 دج.
رابعا- زمان ارتكاب الجريمة:
أعتبر المشرع زمان ارتكاب الفعل الإجرامي ظرفا مشددا في بعض الجرائم منها:
4-1جريمة السرقة التي ترتكب ليلا ،وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 354 ق ع ويقصد بالليل الفترة الممتدة بين غروب الشمس وشروقها ،ولا يلزم أن تكون السرقة قد تمت ليلا، بل يكفي أن يبدأ الجاني في اتخاذ الأفعال التنفيذية ليلا ولو تمت نهارا.
وقد اعتبرها المشرع جنحة مشددة عقوبتها الحبس من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات وبغرامة من 500.000 دج إلى 1000.000 دج.
4-2السرقة التي ترتكب أثناء حريق أو بعد انفجار أو انهيار أو زلزال أو فيضان أو غرق أو تمرد أو فتنة أو أي اضطراب آخر.
فظرف الزمان في هذه الحالة يغير من وصف الجريمة إلى جناية عقوبتها السجن المؤبــــــــد (المادة 351 مكرر ق ع).
الظروف التي تلحق بالنتيجة
عندما يحدد المشرع واقعة إجرامية معينة فإنه يتصورها بنتيجة معينة ،ولذا فإنه يرتب لها عقابا يتناسب مع النتيجة التي تصورها، ولكن قد يحدث بعد قيام الواقعة الإجرامية أن تتحقق نتيجة أخرى هي أشد من النتيجة التي حددها النص ابتداء مما يستوجب معه تشديد العقوبة، و تعد النتيجة الثانية التي تتحقق بمثابة ظرف مشدد يلحق بنموذج الجريمة الأساسي .
وأمثلة ذلك عديدة نذكر منها :
- الضرب والجرح العمدي المفضي إلى عاهة مستديمة أو إلى الموت دون قصد إحداثها.
لم يعرف المشرع الجزائري العاهة المستديمة ،وإنما نص بأن المقصود منها فقد منفعة عضو من أعضاء الجسم فقدا كليا أو جزئيا ، سواء بفصل العضو أو تعطيل وظيفته أو مقاومته على أن يكون ذلك بصفة مستديمة لا يرجى شفاء منها، ومن أمثلتها بتر أحد الأعضاء أو الحرمان من استعماله. فقد البصر أو إبصار إحدى العينين، فأعمال العنف تختلف عقوباتها بحسب خطورة النتائج التي أسفرت عنها:
فالأصل أنها مخالفة إذا لم ينتج عنها مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما، وعقوبتها الحبس من 10 أيام إلى شهرين وغرامة من 8000 دج إلى 16.000 دج (442 ق ع(
-أما إذ نتج عنها عجز عن العمل لمدة تتجاوز 15 يوما تصبح الجريمة جنحة عقوبتها الحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من 100.000 دج 500.000 دج المادة 264 ق ع.
-وإذا نتج عن أعمال العنف عاهة مستديمة فالجريمة تصبح جناية عقوبتها السجن المؤقت من خمس (5) إلى عشر (10) سنوات (م 264/3 ق ع (
-أما إذا أفضى الضرب أو الجرح إلى الوفاة دون قصد إحداثها ، فالجريمة تصبح جناية عقوبتها السجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة.
غير أنه يشترط للقول بأن النتيجة الإجرامية تشكل ظرفا مشددا توفر العلاقة السببية بين أعمال العنف وبين النتيجة ، وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في العديد من قراراتها منها القرار الصادر بتاريخ: 15/11/1982 ملف: 27373
الذي جاء فيه أنه يشترط لتطبيق المادة 264 الفقرة الثالثة ق ع حصول ضرب وجرح عمدي وإصابة المجني عليه بعاهة مستديمة، وقيام رابطة سببية بين الإيذاء والعاهة الناتجة عنه.
-ونفس الاتجاه ذهب إليه القرار الصادر عن الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا بتاريخ: 06/02/2001 ملف: 238944
يقتضي تطبيق نص المادة 264 الفقرة الثالثة تحديد عناصر الجريمة المؤدية إلى فقدان البصر وإبراز العلاقة السببية بين الإصابة التي تعرض لها الضحية وفقد إبصار العين ،وإلا يعد ذلك قصورا في التسبيب ومخالفة للقانون.
-كما تنص المادة 396 ق.ع على أن وضع النار عمدا في الأموال المحددة في المادة يعتبر جناية عقوبتها السجن المؤقت من عشر إلى عشرين سنة غير أنه ، إذا أدى هذا الحريق العمدي إلى موت شخص أو عدة أشخاص فالعقوبة تصبح الإعدام .
أما إذا تسبب الحريق في إحداث جرح أو عاهة مستديمة فتكون العقوبة السجن المؤبد.
الفرع الثاني: الظروف المشددة الشخصية
وهي ظروف ذاتية تتصل بالصفة الشخصية للفاعل أو الشريك ومن شأنها تغليظ إذناب من تتصل به، وهي نوعان ظروف تتعلق بشخص الجاني، وظروف تتعلق بالمجني عليه.
أولا: صفة الجاني:
تعتبر صفة الجاني ظرفا مشددا في بعض الجرائم، نذكر منها:
1- إذا كان الجاني في جريمة السرقة مستخدما أو خادما باجر سواء وقعت السرقة في منزل مخدومه أو في المنزل الذي كان يصطحبه فيه، ولو وقعت ضد من لا يستخدمونه (المادة 353/6 ق ع)
2- إذا كان السارق عاملا أو عاملا تحت التدريب في منزل مخدومه أو مصنعه أو مخزنه ،أو إذا كان يعمل عادة في المسكن الذي ارتكبت فيه السرقة (المادة 353/7 ق ع (
فإذا توفرت صفة الجاني على النحو السابق ذكره واجتمعت على الأقل مع ظرف من الظروف المنصوص عليها بنفس المادة ،فالسرقة تتحول إلى جناية عقوبتها السجن المؤقت من 10 إلى عشرين سنة ،وغرامة من 1000.000 دج إلى 2000.000 دج.
3-إذا كان الجاني قاضيا أو موظفا يمارس وظيفة عليا في الدولة أو ضابطا عموميا أو عضوا في الهيئة أو ضابطا أو عون شرطة قضائية أو ممن يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية أو موظف أمانة ضبط ، وارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الفساد فيعاقب بالحبس من عشرة (10) إلى عشرين (20) سنة، وبنفس الغرامة المقررة للجريمة المرتكبة.
في حين العقوبة الأصلية لجرائم الفساد مستقلة عن هذا الظرف تكون عادة الحبس من سنتين (02) إلى عشر (10) سنوات وغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج.
4-في الجرائم الأخلاقية إذا كان الجاني من أصول من وقع عليه الفعل المخل بالحياء أو هتك العرض ،أو كان من فئة من لهم سلطة عليه أو كان من معلميه، أو ممن يخدمونه بأجر، أو كان خادما بأجر لدى الأشخاص المبينين أعلاه أو كان موظفا أو من رجال الدين فالعقوبة تكون:
-السجن المؤقت من عشرة (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة إذا ارتكب الفعل المخل بالحياء ضد قاصر لم يكمل السادسة عشرة ذكرا كان أو أنثى بغير عنف أو شرع في ذلك. علما أن العقوبة مجردة من هذا الظرف هي الحبس من خمسة (05) إلى عشرة (10) سنــــوات (المادة 334/1 ق ع (
- السجن المؤبد في الحالات التالية :
ـ إذا ارتكب الفعل المخل بالحياء ضد إنسان ذكر كان أو أنثى باستعمال العنف أو شرع في ذلك، والتي عقوبتها حسب المادة (335/1 ق ع ) السجن المؤقت من خمسة إلى عشر سنوات.
ـ إذا وقعت الجريمة على قاصر لم يكمل السادسة عشرة سنة و التي عقوبتها السجن المؤقت من عشرة إلى (10) إلى عشرين (20) سنة (المادة 335/2 من قانون العقوبات(
- إذا كان الفعل يشكل جناية هتك العرض التي عقوبتها السجن المؤقت من خمسة (05) إلى عشر (10) سنوات (المادة 1/366 من قانون العقوبات(
-إذا وقع هتك العرض ضد قاصرة لم تكمل السادسة عشرة، والتي عقوبتها السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة (المادة 2/336 من قانون العقوبات).
ويتكرر هذا الظرف المرتبط بصفة الجاني في حالات كثيرة ونكتفي بما ذكرناه.
ثانيا: صفة المجني عليه :
هناك بعض الفئات الاجتماعية التي خصها المشرع بحماية خاصة نظرا لاعتبارات واقعية واجتماعية وجعل الاعتداء عليها يشكل ظرفا مشددا للعقاب، ومن بين هذه الحالات:
1-قتل الأصول :
وعرفته المادة 258 ق ع على أنه إزهاق روح الأب أو الأم أو أحد الأصول الشرعيين ،والعبرة بالرابطة الشرعية بين القاتل و الضحية فلا يعتد بغيرها كما في حالتي التبني والكفالة.
وتعاقب المادة 261 ق ع على قتل الأصول بالإعدام ،ولا يستفيد فيها الجاني من الأعذار المخففة، غير أنه يمكن أن يستفيد من الظروف القضائية المخففة .
2-الاعتداء على القصر:
نظرا لكون الأحداث القاصرين قليلي الحيلة في مواجهة غدر واعتداء الآخرين، فقد خصها المشرع بحماية خاصة أوجبتها الاعتبارات الاجتماعية وجعل الاعتداء عليها يشكل ظرفا مشددا للعقاب.
ـ فنجد المواد من 269 إلى 272 من ق ع تنص على عقوبة أشد من تلك المقررة قانونا عندما يكون الضحية بالغ وذلك بالنسبة للجاني الذي يرتكب جريمة الضرب والجرح العمدي ضد قاصر لم يتجاوز 16 سنة ويختلف تشديد العقوبة باختلاف النتيجة المترتبة على أعمال العنف المرتكبة ضده.
كما نجد المواد 334، 335/2، 336/2 ق ع تشدد عقوبة الجاني الذي يرتكب إحدى الجرائم الأخلاقية المنصوص عليها في هذه المواد وكانت الضحية قاصر (ة) لم يتجاوز السادسة عشر (16) سنة .
ـ كما أن المادة 259 من قانون العقوبات تعاقب بالإعدام كل من قتل طفلا حديث العهد بالولادة ما عدا إذا كانت الجانية أمه فإنها تستفيد من عذر مخفف وتكون عقوبتها السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
3-بالنسبة لجريمة السرقة المنصوص عليها في المادة 350 ق ع
فإن عقوبتها تشدد وتصبح الحبس من سنتين (02) إلى عشر (10) سنوات، والغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج إذا سهل ارتكابها ضعف الضحية الناتج عن سنها أو مرضها أو إعاقتها أو عجزها البدني أو الذهني أو بسبب حالة الحمل، سواء كانت هذه الظروف ظاهرة أو معلومة لدى الفاعل ،أو لم تكن كذلك.
وهذه الحالة مستحدثة بموجب قانون 06-23 المعدل والمتمم لقانون العقوبات.
ثالثا: الإرادة الجنائيـة للجاني :
وهي النشاط النفسي الذي يصدر عن وعي وإدراك ويتجه إلى تحقيق غرض معين عن طريق وسيلة معينة ، وقد تقترن الإرادة الجنائية للجاني بظروف معينة من شانها أن تزيد في خطورة الفعل وتؤدي لا محالة إلى تشديد العقوبة على مرتكبه، وأهم هذه الظروف ما نص عليه المشرع الجزائري في المادتين 256، 257 ق ع ، الخاصتين بظرفي سبق الإصرار والترصد.
1سبق الإصرار:
عرفته المادة 256 ق ع على انه عقد العزم قبل ارتكاب الفعل على الاعتداء على شخص معيــن أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته، وحتى لو كانت هذه النية متوقفة على أي ظرف أو شرط كان . إذن فسبق الإصرار يقتضي:
- التصميم السابق ، أي وجود فترة من الزمن تمضي بين العزم على ارتكاب الجريمة وبين تنفيذها، كما يقتضي تفكير وتدبير من الجاني فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبر في عواقبه ثم أقدم عليه، ولا يشترط أن تكون النية المبيتة على الاعتداء محدودة، بل يصح أن تكون غير محدودة، كما أن الغلط في شخص المجني عليه أو في شخصيته لا اعتبار له، إذ يعتبر القتل مقترنا بسبق الإصرار وإن أصاب القاتل شخصا غير الذي صمم على قتله.
2الترصـد :
عرفته المادة 257 ق ع على أنه انتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر، وذلك لإزهاق روحه أو للاعتداء عليه.
وقد عرفته محكمة النقض المصرية على أنه تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد بغير استخفاء أو في مكان خاص بالجاني نفسه.
- كما لا يمنع من قيام الظرف عدم تحديد المجني عليه سلفا أو خطأ في شخصه أو في شخصيته.
وتوفر هذا الظرف ينبئ عن خطورة في الجاني فهو وسيلتة لارتكاب جريمته في غفلة من المجني عليه وعلى غير استعداد منه للدفاع عن نفسه، وهو يدل أيضا على نذالة الجاني وإمعانه في ضمان نجاح فعلته ، وجميع هذه العوامل جعلت غالبية الشراع يشددون العقاب في حالة توفر هذا الظرف.
وتجدر الإشارة إلى أن ظرفي الإصرار والترصد ظرفين مستقلين إذ يكفي لتطبيق العقوبة المشددة وجود أحدهما دون الآخر، كما أن توافر أحد الظرفين لا يعني بالضرورة قيام الآخر، وإن كان من الصعب أن نتصور الترصد بدون سبق إصرار لأنه يأتي بعد عقد العزم في روية وهدوء على ارتكاب الجريمة وإعداد العدة لتنفيذها، وهو المبدأ الذي تضمنه القرار الصادر بتاريخ 24/05/2006 ملف رقم: 368373 عن المحكمة العليا إذ جاء فيه أنه:
-لا ترصد بدون سبق إصرار.
- وقد يكون هناك سبق إصرار بدون ترصد.
وقد ثار الخلاف حول طبيعة هذين الظرفين فهناك من يقول أنهما ظرفان شخصيان، وهناك من يقول أنهما ظرفان موضوعيان، كما أن المحكمة العليا لم يكن لها رأي مستقل، ففي قرارها الصادر بتاريخ 29 أفريل 2003 اعتبرتهما ظرفان شخصيان وفي قرار آخر صادر بتاريخ 13/10/2004 اعتبرتهما ظرفان موضوعيان.
وقد اتجه غالبية الفقه إلى اعتبار سبق الإصرار والترصد ظرفان موضوعيان لأنهما يؤثران في الإجرام ويغيران من وصف الجريمة، وهو الرأي الذي نؤيده.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري جعل من سبق الإصرار والترصد ظرفان خاصان بجرائم العنف دون غيرهما من الجرائم.
-ففي جناية القتل العمد المنصوص عليها في المادة 254 ق ع يعاقب القاتل طبقا للمادة (263/03 ق ع) بالسجن المؤبد، أما إذا اقترن القتل العمد بسبق الإصرار أو الترصد الفعل المنصوص عليه في المادة 255 ق ع فيعاقب الجاني بالإعدام طبقا للمادة 261 ق ع .
أما في أعمال العنف الأخرى فإن العقوبة تشدد على النحو التالي:
-إذا نتج عن الضرب والجرح العمدي مرض أو عجز كلي عن العمل لمدة لا تتجاوز 15 يوما فإن الجريمة مخالفة (المادة 442 ق ع) عقوبتها الحبس من 10 أيام إلى شهرين وغرامة من 8.000 دج إلى 16.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا اقترن الضرب والجرح بسبق الإصرار أوالترصد فإن الجريمة تصبح جنحة عقوبتها الحبس من عامين إلى عشرة (10) سنوات وبغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج (م 266/1 ق ع(
-إذا نتج عن أعمال العنف مرض أو عجز كلي عن العمل لمدة تتجاوز 15 يوما فالجريمة جنحة عقوبتها الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 100.000 دج إلـــى 500.000 دج (م 264/1 ق ع)، وإذا اقترن الضرب والجرح بسبق الإصرار والترصد فالجريمة جناية عقوبتها السجن المؤقت من خمس (05) سنوات إلى عشرة (10) سنوات (م 265/1ق ع)
-إذا ترتب عن أعمال العنف فقد البصر أو فقد إبصار إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة أخرى فالجريمة جناية عقوبتها السجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات (م 264/3ق ع(
أما إذا اقترنت بسبق الإصرار أوالترصد فالعقوبة تكون السجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنــــة ( المادة 265 ق ع)
-وأخيرا إذا أفضى الضرب أو الجرح العمدي إلى الوفاة دون قصد إحداثها فيعاقب الجاني بالسجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنة (م 264/ الأخيرة ق ع)
أما إذا وجد سبق إصرار أو ترصد فالعقوبة تكون السجن المؤبد (المادة265 ق ع ).
إضافة إلى هذه الظروف هناك أيضا ما نص عليه المشرع الجزائري بالنسبة لجريمة القتل العمدي التي تقترن بجناية وهو الفعل المنصوص عليه في المادة 263 ق ع ، فإذا سبق القتل أو صاحب أو تلا جناية أخرى مهما كان نوعها فإن المادة 1/263 ق ع تعاقب على القتل بالإعدام.
أما إذا ارتبط القتل بجنحة الفعل المنصوص عليه في المادة 2/263 ق ع ، ولا يهم نوع هذه الجنحة، كما لا يشترط أن تكون تامة، غير أنه يشترط أن تكون الجنحة المرتبطة بالقتل مما يعاقب عليها القانون، كما يشترط أن يكون الغرض من القتل إما إعداد أو تسهيل أو تنفيذ الجنحة أو تسهيل فرار مرتكبيها أو الشركاء فيها أو ضمان تخلصهم من عقوبتها (المادة 2/263 ق ع ) فإذا توفرت هذه الشروط فإن عقوبة القتل تكون الإعدام.