توفير مسكن لممارسة الحضانة
الأستاذ عامر يوسف
محامي لدى المجلس
الكائن مكتبه في شارع...... بومرداس في، 2017
إلى السيد : ر ن
4 شارع البريد مركز ..... الرويبة
الموضوع : إعذار من أجل توفير مسكن لممارسة الحضانة
السيد .............. المحترم،
يشرفني أن أحيطكم علما أني كلفت للدفاع عن حقوق السيدة .......، لذا أعلمكم بما يلي:
- حيث أنه و بموجب قرار نهائي ممهور بالصيغة التنفيذية، الصادر عن مجلس قضاء الجزائر، غرفة شؤون الأسرة، في القضية رقم ......، بتاريخ ............ القاضي بما يلي: " يوفر للمستأنف عليها سكن لممارسة الحضانة و في حالة تعذر ذلك دفع مبلغ بدل الإيجار على أساس 9000 دج شهريا من تاريخ تحرير محضر عدم توفير مسكن و يستمر إلى غاية سقوطه شرعا أو صدور حكم مخالفا".
- لـــــــــــــــــذا،
فالعارضة تتوجه إليكم بهذا الإعذار ملتمسة تمكينها من مسكن لممارسة الحضانة خلال 10 أيام من تاريخ تسلمكم لهذا الإعذار و ذلك بالإتصال بمكتب المحضر القضائي المبلغ لهذه الرسالة لتمكينه بردكم عن الإعذار الحالي سواء بتوفير مسكن أو رفضكم،
- و في حالة إنتهاء المدة الممنوحة لكم و لم نتلقى منكم أي رد سوف يحرر المحضر القضائي محضر عدم توفير مسكن لتبدأ حساب بدل الإيجار الواجب الدفع بموجب القرار المذكور أعلاه.
و في إنتظار ردكم السريع، تقبلوا منا فائق اٌلإحترام و التقد
عن الطالبة/ وكيلها الأستاذ عامر يوسف
---------------------------------------------
شــــــــــــــــــــرح
نصت عليه المادة 72 منه أي أن السكن الزوجي يبقى بعيدا عن النقاش ما عدا إذا قرر الأب السماح للحاضنة البقاء به لممارسة الحضانة و يتدبر هو أمره لكن ما جاء به قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد في مادته 2/323 عندما يؤمر بالنفاذ المعجل أدخل المشرع حالة جديدة هي مسكن الزوجية لمن تقررت له الحضانة و بالتالي أصبح الزوج ملزما على التخلي عنه بقوة القانون لصالح طليقته الحاضنة لأبنائه و بصيغة النفاذ المعجل مما يجعل نقول أن القانون وسع من الحماية المقررة للمحضون في أقصى صورها و هذا حفاظا على عدم تشرد الأطفال و أن الأم في أغلب الحالات طرف ضعيف لا تملك الإمكانيات كي توفر لأبنائها ما يحتاجونه من نفقة بمشمولاتها المذكورة بالمادة78 من قانون الأسرة ( مأكل و ملبس و مسكن و علاج إلخ...غير أن الملاحظ لم يتفطن لهذه النقطة من يمارسون المهنة من محامين بالدرجة الأولى بإعتبار أن القاضي لا يمكن له الحكم بما ما لم يطلب منه و أن تطبيقها قد يساعد في التقليل من قضايا الطلاق نوعا ما إذا تفطن الأزواج لذلك .
-مسألة تعريف السكن الزوجي:
لم يتطرق المشرع الجزائري لتعريف المسكن الزوجي غير أنه بالرجوع للمادة 05 من المرسوم 144/88 المؤرخ في 26/07/1988 المتضمن المصادقة على الإتفاقية الجزائرية الفرنسية المتعلقة بأطفال الزواج المختلط عرفته على أنه مكان الحياة العائلية المشتركة ، غير أنه نرى حسب رأينا الشخصي عدم دقة التعريف الذي قد يطرح عدة إشكالات عملية فهناك أكثر من إحتمال وجود عدة سكنات للزوجين و لو أنها نادرة و قليلة نظرا لإنخفاض المستوى المعيشي للمواطن الجزائري بصفة عامة والموظف بصفة خاصة نظرا لمحدودية دخله و من ثم لزم وضع تحديد دقيق للسكن الزوجي خصوصا على ضوء الجديد الذي جاء به المشرع في المادة 323 ق إ م إ بإعتبار أن تطبيقاته ستطرح لا محالة عدة إشكالات عملية
-أما المسألة التي يمكن أن تثار ما الطبيعة القانونية للسكن المقصودة بالمادة المذكورة ؟ نعلم أن السكنات ليست في معظمها ملكية خالصة لشاغليها فهناك السكنات المؤجرة من الخواص و من الهيئات العمومية أو حتى مسلمة من طرف الهيئة المستخدمة أو ما يطلق عليها السكن الوظيفي فالنص جاء مطلقا و بالتالي العمل و الإجتهاد القضائي كفيل بالجواب على هذه النقطة .
- كثيرا ما يثار إشكالا بمناسبة تطبيق نص المادة 72 من قانون الأسرة هل يقضى بالسكن فقط ثم عند عدم التنفيذ تطالب الحاضنة بالبدل أم يجوز لها المطالبة بهما في وقت واحد ؟
المعروف أنه في حالة الطلاق يلزم الأب توفير سكن للحضانة أو تسديد بدل إيجار شهري إن تعذر ذلك حسب ما نصت عليه المادة 72 من قانون الأسرة و عليه الصياغة اللغوية للنص المذكور وضعت توفير السكن ضمن شرط توفر ظرف زماني هو فك الرابطة الزوجية يكون الأصل والإستثناء تسديد بدل إيجار وهذا ما عبرت عنه عبارة " إن تعذر ذلك " الشرطية و من ثم يتعين التقيد بالأصل و عند إستحالة تنفيذه يتم اللجوء للإستثناء البدل تطبيقا للقاعدة الفقهية "الحاجة توجب الإنتقال إلى البدل عند تعذر الأصل"
و عليه لا يمنع النص المذكور الحكم بالسكن و البدل في آن واحد غير أنه أثناء التنفيذ يتم تنفيذ شق السكن كمرحلة أولى و في حالة عدم التنفيذ يتم الإنتقال للبدل و من ثم يتعين التقيد بالأصل و عند إستحالة تنفيذه يتم اللجوء للإستثناء البدل و أن يكون السكن متواجدا بنفس بلد إقامة أهل الحاضنة عملا بقاعدة " الضرر يزال" أو حسب إختيار الحاضنة لكن بتحفظ حماية للمكلف من عدم تعسفها في حقه و بشروطه الشرعية و من ثم التمعن في طبيعة هذا الإلتزام يكون تخييريا و الإلتزام التخييري هو ما شمل محله أشياء متعددة تبرأ ذمة المدين براءة تامة إذا أدى واحد منها و يكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدان على غير ذلك حسب ما نصت عليه المادة 213 من القانون المدني
وعليه الإلتزام المنصوص عليه بمقتضى المادة 72 من قانون الأسرة المتعلق بسكن المحضون يمكن إستبداله ببدل إيجار إن تعذر عليه تنفيذ الأصل و هو السكن الذي لا يمكن في كل جميع الظروف الزمانية و المكانية توفيره وأن غاية المشرع بإقران السكن مع البدل هو تحفيز الأب على التنفيذ الفوري بإعتبار قيمة البدل تحتسب من تاريخ إنتهاء مهلة التكليف بالوفاء لتنفيذ إلتزام توفير سكن الحضانة مما يشكل بالنسبة للمكلّف تقريبا إن صح القول كغرامة تهديدية يحفزه على إيجاد سكن للمحضون في حين لوحظ أنه في جميع القضايا التي تعرض على القضاء و يتم الحكم بتوفير سكن فقط دون البدل يتماطل الأب في تنفيذه
فتضطر الحاضنة الأم الرجوع مرة ثانية للمحكمة و المطالبة بالبدل و بالتالي طبقا لنظرية الإلتزام إن تعدد المحل يكون المدين مخيرا لكن التخيير هذا مقيد طبقا لقانون الأسرة السكن بالدرجة الأولى ثم البدل بالدرجة الثانية إلا إذا وقع صلح أو إتفاق بين الأبوين على تسديد بدل إيجار مباشرة هذا من جهة و من جهة أخرى في مسائل الحالة و شؤون الأسرة و القصر على الخصوص يتعين الحفاظ على مصلحتهم بالدرجة الأولى و من ثم يستوجب تبسيط و تسهيل إجراءات التنفيذ المتعلقة بهم بإعتبار المماطلة الإجرائية ترجع عليهم بالضرر حتى لا تضطر الحاضنة إعادة طرح النزاع مرة ثانية على القضاء للحكم ببدل الإيجار
وعليه طلب الحاضنة للبدل لا يكون سابقا لأوانه كما يدفع به كثيرا المكلفون بالنفقة بمفهومها الواسع على المحضون بإعتباره ضرورة ملحة تطبيقا للقاعدة الفقهية "الحوائج الأصلية للإنسان لا تعد مالا فاضلا" فحاجة الإنسان الأصلية من نفقة سكن و ملبس يحتاج إليها لدفع الحر و البرد لا يطبق عليها أحكام الحاجة الزائدة و هي تتغير بتغير الزمان و البيئة يكون تقديرها للقاضي الفاصل في مسائل الحالة و أن من مقاصد الشريعة الحفاظ على خمس أشياء : الدين ، العقل ، النفس ، المال و النسب و بذلك توفير الأب للسكن أو البدل هو حفاظا على النسب و النفس و من ثم تكون نفقة السكنى من الضروريات الشرعية و مقصدا شرعيا ينبغي مراعاته من قبل المكلفين و القاضي.