محكمة الرويبة
قسم شؤون الأسرة
قضية رقم : ......
لجلسة ............
عريضة من أجل المصادقة
على حكم أجنبي (طبقا للمادة 607 من ق.إ.م.إ)
لفائـدة : م ب المختار موطنه لدى مكتب محاميه، الأستاذ سوالمي جمال، محامي لدى المجلس
03، شارع ----------الجزائر...............................مدعــي
ضـد : جوليا سيلفيا الساكنة بشارع ............... فرنسا.........مدعى عليها
بحضور : السيد وكيل الجمهورية
///////////////////////////////////////
ليطب لهيئة المحكمة الموقرة
- حيث أنه بتاريخ .....تم عقد قران كل من العارض و المدعى عليها ببروكسل ...................(وثيقة رقم1).
- حيث أنه بتاريخ ...تم إعلان الطلاق بين العارض و المدعى عليها بموجب حكم قضائي صادر عن المحكمة الإبتدائية الأولى ببروكسل .....(وثيقة رقم 2).
- حيث تم تسجيل هذا الطلاق على هامش عقد زواجهما بسجلات الحالة المدنية ببروكسل............. ( وثيقة رقم3).
- حيث أن هذا الطلاق لم يتم تسجيله على هامش عقد ميلاد العارض.................................... ( وثيقة رقم4).
- حيث أن العارض يلجأ إلى هيئة المحكمة الموقرة من أجل إستصدار حكم قضائي يقضي بالمصادقة على هذا الحكم الأجنبي حتى يكون هذا الطلاق نافذا في جميع الأراضي الجزائرية و ذلك طبقا لأحكام المادة 607 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
لهــــذه الأسبــــاب
- الإشهاد بوقوع زواج بين السيد ........ و السيدة ........... سيلفيا.
- الإشهاد بوقوع طلاق مؤشر عليه على هامش عقد زواج السيد ... و السيدة ... سيلفيا بسجلات الحالة المدنية لبروكسل.
و عليــه:
- المصادقة على عقد الزواج الواقع بين السيد شلي طاهر و السيدة أبردورف سلفي.
- المصادقة على الحكم الأجنبي الذي قضى بالطلاق و الأمر بتسجيله على هامش عقد ميلاده لدى مصالح الحلة المدنية ببلدية ........... طبقا لأحكام المادة 607 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
تحت جميع التحفظات
عن العارض/وكيله الأستاذ....
-------------------------------------------------------
شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرح
الشروط المتعلقة بطبيعة الحكم الأجنبي المطلوب تنفيذه أمام القاضي الجزائري
أولا ـ أن يكون الحكم أجنبيا :
يعدّ الحكم أجنبيا إذا كان صادرا باسم سيادة دولة أجنبية، مثلما تصدر الأحكام الوطنية في الجزائر باسم الشعب، بغض النظر عن جنسية القضاة الذين يفصلون في الخصومة، ودون الاهتمام بالمكان الذي صدر فيه.
وبسبب فقدان شرط «الأجنبي» رفض القضاء الفرنسي إصدار الأمر بتنفيذ الحكم الروسي الصادر من المحكمة القنصلية الروسية، التي أسّسها المهاجرون الروس في القسطنطينية بعد قيام الثورة الروسية، مستندا في ذلك إلى أن هذا الحكم لم يصدر باسم سيادة دولة أجنبية.
ولم تتضمن اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي أي إشارة إلى مصطلح «الأجنبي»، ولكنها أشارت إلى الأحكام الصادرة من دولة متعاقدة ـ أي منضمّة للاتفاقية ـ والقابلة للتنفيذ في دولة متعاقدة أخرى. وفي هذا الصدد تقضي المادة 25 الفقرة ب منها بأنه: «... يعترف كل من الأطراف المتعاقدة بالأحكام الصادرة عن محاكم أي طرف متعاقد آخر...». والطرف المتعاقد الآخر هو دولة أجنبية بطبيعة الحال.
كما يعد أجنبيا الحكم الصادر عن الهيآت الدولية التي لها سلطة القضاء والمنظمة تنظيما دقيقا، مثل: محكمة العدل الدولية الدائمة؛ ويعامل هو الآخر معاملة الحكم الأجنبي من حيث وجوب شموله بالأمر بالتنفيذ.
ومن ذلك، فالحكم القضائي ينطبق عليه وصف الأجنبي بالنسبة للقاضي الجزائري إذا صدر عن محكمة غير جزائرية وباسم سيادة أجنبية.
ثانيا ـ أن يكون الحكم الأجنبي قضائيا :
إن تحديد كون الحكم الأجنبي قضائيا يعتبر من مسائل التكييف التي ثار حولها خلاف فقهي، في كونها تخضع لقانون دولة القاضي الوطني أم لقانون الدولة الأجنبية ؟
وانطلاقا من هذا الخلاف نتساءل: على أي أساس يقوم القاضي الجزائري بتكييف الحكم الأجنبي على أنه قضائي؟ هل يكيّفه وفق القانون الجزائري؟ أم يكيفه وفقا لقانون دولة القاضي الأجنبي الذي أصدر الحكم ؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل تنطلق من ضرورة إدراك أن تنفيذ الحكم الأجنبي يتجاوز نطاق إنشاء الحق، أي عدم الحاجة لاستصدار حكم قضائي وطني، وأنه قد أصبحت له القدرة على النفاذ الدولي للحق، أي قدرته على توليد آثار في الخارج.
بمعنى أنه عندما نكون بصدد تنفيذ الأحكام الأجنبية فإننا نكون في ميدان النفاد الوطني للحق (الحكم الصادر في الخارج) وليس في ميدان إنشاء الحق (استصدار حكم وطني).
ومن المنطلق السابق ذكره، يكون من الأفضل أن يقوم القاضي الجزائري بتكييف الحكم الأجنبي على أنه قضائي أم لا وفقا لقانون القاضي الذي أصدره، وإلا انتهى إلى نتائج غير مقبولة ومخالفة لروح الأمر بالتنفيذ. فمثلا: إذا كيّف القاضي الجزائري الحكم الأجنبي وفقا لقانونه هو فبالإمكان عدم اعتبار الوثيقة المتضمنة «تطليقا بالإرادة المنفردة للزوج بناء على طلبه ودون حضور زوجته» حكما قضائيا؛ على الرغم من أن هذه الوثيقة تعتبرها الكثير من الدول الإسلامية حكما قضائيا، ومرتبا لآثاره بعد حصوله على الأمر بالتنفيذ.
هذا فيما يتعلق بالقانون الواجب الاستناد إليه في تكييف الحكم؛ فماذا عن الجهة التي أصدرت الحكم، هل لها اعتبار في تكييف الحكم كونه قضائيا أم لا ؟
الرأي أنه إذا قام القاضي الجزائري بتكييف الحكم الأجنبي على أنه قضائي ـ حسب المعيار السابق ـ فلا يؤثر بعد ذلك كون الجهة القضائية الأجنبية التي أصدرته، أصدرته بمقتضى وظيفتها القضائية أو بمقتضى وظيفتها الولائية ؛ فالمهم ثبوت أنه حكم قضائي.
وهذا ما يدل عليه ظاهر نص المادة 25 الفقرة أ من اتفاقية الرياض التي عرفت الحكم بأنه: «كل قرار ـ أيا كانت تسميته ـ يصدر بناء على إجراءات قضائية أو ولائية من محاكم أو أي جهة مختصة لدى أحد الأطراف المتعاقدة».
فظاهر النص يدل على أنه ليس من الضروري أن تكون الإجراءات المتبعة لإصدار القرار هي إجراءات قضائية، إذ من الممكن أن تكون ولائية، المهم في كل ذلك أن تكون الجهة التي أصدرت القرار مختصة، ووفقا لقانون البلد الذي تتبع له؛ وتؤكد الفقرة ب من المادة 25 نفسها ذلك، بنصها صراحة على أن الاعتراف ـ وبالتالي التنفيذ ـ لدى أحد الأطراف المتعاقدة إنما يكون للأحكام الصادرة عن«... محاكم أي طرف متعاقد أخر...»، أي أن ذلك مقصور على الأحكام القضائية دون غيرها، سواء بمعناها القانوني المألوف أم بمقتضى الوظيفة الولائية للجهة القضائية.
وأكدت الاتفاقية الثنائية المتعلقة بتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين المبرمة بين الجزائر وفرنسا عام 1964م ذلك في مادتها الأولى، بنصها على: «أن القرارات الصادرة حسب الاختصاص القضائي والاختصاص الولائي... عن المحاكم المنعقدة في الجزائر أو فرنسا...».
ثالثا ـ أن يكون الحكم القضائي الأجنبي صادرا في مواد القانون الخاص :
يعدّ الحكم القضائي الأجنبي في مواد القانون الخاص متى صدر في منازعة مدنية أو تجارية، أما مواد القانون الجنائي أو الإداري أو المالي فالأحكام القضائية الأجنبية الصادرة فيها تخضع ـ كأصل عام ـ لمبدأ الإقليمية البحتة، ولا يتعدى أثرها حدود الدولة التي صدر الحكم باسمها.وهي بذلك لا تتمتع بأي أثر في الخارج، وخاصة الأمر بالتنفيذ.
وهذا بخلاف ما أوردته اتفاقية الرياض التي وإن استبعدت القضايا الجزائية من نطاق تطبيقها، إلا أنها نصت في المادة 25 الفقرة ب على أن تنفيذ الأحكام يشمل القضايا الإدارية وقضايا الأحوال الشخصية، بالإضافة إلى المسائل المدنية والتجارية، والتي استثنت منها الاتفاقية (الرياض) الأحكام الصادرة في قضايا الإفلاس والضرائب والرسوم (المادة 25 الفقرة ت). والسبب في استثنائها ربما لكونها تتعلق بسيادة الدولة على إقليمها ومواطنيها بالنسبة للضرائب والرسوم؛ مع ملاحظة أن هذا الاستثناء قائم سواء كان الحكم صدر لمصلحة الجهة المختصة بجبي الضريبة أو الرسوم، أو صدر ضدها.
أما اتفاقية تنفيذ الأحكام بين الجزائر وفرنسا ـ السابقة الذكر ـ فقد نصت على شرط أن يكون الحكم في مواد القانون الخاص، وهذا في المادة الأولى كما يلي: «إن القرارات الصادرة حسب الاختصاص القضائي والاختصاص الولائي في الأمور المدنية و التجارية ....».
ومن المعلوم أن التنظيم القضائي يختلف من دولة إلى أخرى، فقد تعهد دولة بمنازعات القانون الخاص إلى محاكم تختلف عن تلك المختصة بالمنازعات الجنائية أو الإدارية، وقد تختص بهذين النوعين في دولة أخرى محكمة واحدة؛ كما أن الحكم الجنائي أو الإداري قد يتضمن الفصل في مسألة من مسائل القانون الخاص أو يرتب أثارا في مادة من مواده.
فالعبرة في كل ذلك عند تحديد طبيعة الحكم الأجنبي ـ من حيث كونه من مواد القانون الخاص أم لا ـ إنما هي بطبيعة المسألة التي فصل فيها، وليست العبرة بنوع القضاء الذي صدر عنه.
وعلى ذلك، فالحكم بتعويض مدني في دعوى جنائية يعتبر حكما مدنيا رغم صدوره عن محكمة جنائية؛ وعلى العكس فإن الحكم بالغرامة لا يعدّ حكما مدنيا حتى لو كان صادرا عن محكمة مدنية. وبالتالي يرتب الحكم الأول أثره في الخارج بعد شموله بالأمر بالتنفيذ، بينما لا يرتب الحكم الثاني أثره في الخارج لأنه يتضمن معنى العقوبة رغم صدوره عن محكمة مدنية.
ويطبق هذا المبدأ في اتفاقية الرياض العربية، حسب نص المادة 25 الفقرة ب منها: «... يعترف كل من الأطراف المتعاقدة بالأحكام الصادرة عن محاكم أي طرف متعاقد أخر في القضايا المدنية بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالحقوق المدنية الصادرة عن محاكم جزائية».
وتحديد طبيعة المسألة ـ كونها من مواد القانون الخاص أم لا ـ إنما هو تكييف يخضع لقانون بلد القاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ، فإن اعتبرها من مواد القانون الخاص رتب على الحكم الأجنبي أثره في دولته، وذلك بأن يشمله بالأمر بالتنفيذ؛ وإذا لم يعتبرها من مواد القانون الخاص رفض القاضي طلب الأمر بتنفيذه، فلم يرتب بذلك الحكم الأجنبي أثره في دولته.
رابعا ـ أن يكون الحكم الأجنبي حائزا لقوة الشيء المقضي به :
أكدت اتفاقية الرياض ـ السالفة الذكر ـ هذا الشرط في المادة 25 الفقرة أ كما يلي: «... يعترف كل من الأطراف المتعاقدة بالأحكام الصادرة عن محاكم أي طرف متعاقد أخر…، الحائزة لقوة الأمر المقضي به وينفذها في إقليمه…».
كما أكدته أيضا اتفاقية تنفيذ الأحكام بين الجزائر وفرنسا ـ السابقة الذكر ـ بصريح نص المادة الأولى الفقرة جـ منها: «جـ ـ أن يكون القرار، بمقتضى قانون الدولة التي صدر فيها قد حاز قوة القضية المقضية وأصبح قابلا للتنفيذ».
بل وزادته تأكيدا، بنصها على إلزامية قيام السلطة المختصة بالتحقيق فيما إذا كان القرار المطلوب تنفيذه مستوفيا الشروط المنصوص عليها في المادة1، الخاصة باكتسابه بحكم القانون قوة القضية المقضية، كما قررت أنه لا يستجاب لطلب التنفيذ إذا كان القرار المطلوب تنفيذه موضوع طعن لدى محكمة النقض والإبرام.
وهذا ما أخذ به القانون المصري كذلك، إذ يشترط نهائية الحكم الأجنبي طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته، حسب الفقرة الثالثة من المادة 298 من قانون المرافعات المصري.
ويؤيد الفقه المصري سلامة هذا الشرط بكونه يكفل الاستقرار اللازم في المعاملات، ذلك أن الحكم غير النهائي معرض للإلغاء، ومن ثمَّ ففي منع تنفيذه قبل حيازته لقوة الشيء المقضي به ما يكفل تلافي المفاجآت المترتبة على إلغائه.
ويستثني الفقه المصري من هذا الشرط الأحكام غير القطعية إذا كانت تتعلق بسير الدعوى لدى المحكمة، كالحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو بندب خبير، فإنه يكون من الجائز تنفيذها عن طريق الإنابة القضائية؛ كذلك يجوز تنفيذ الأحكام المؤقتة لأنها ـ وإن كانت غير قطعية لا تحوز قوة الأمر المقضي به ـ تهدف إلى مجرد اتخاذ إجراء تحفظي أو مؤقت لحماية مصلحة الخصوم ولحفظ أموالهم حتى يتم الفصل في موضوع النزاع.
وبالاستناد إلى القانون الجزائري الذي نجده يستلزم لإمكانية التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الجزائرية أن تكون نهائية حائزة لقوة الشيء المقضي به؛ فمن باب أولى أن يراعي القاضي الجزائري هذا الشرط في مواجهة الأحكام القضائية الأجنبية، وإلا صارت هذه الأخيرة في وضع أكثر تميّزا عن الأحكام القضائية الجزائرية.
وفي نهاية هذا الفرع لابد من الإشارة إلى أن تمتع الحكم المراد تنفيذه بخاصيتي الأجنبية والقضائية، وكونه صادرا في مود القانون الخاص، وحائزا لقوة الشيء المقضي به، لا يعدّ أمرا كافيا من أجل أن يصدر القاضي الجزائري أمرا بتنفيذه؛ فهناك شروط أخرى لا تتعلق بطبيعة الحكم الأجنبي يجب توافرها من أجل إصدار هذا الأمر، وهذا ما سأعرضه في الفرع الثاني.