المبحث الأول : تعريف التاجر
المطلب الأول: تعريف الفقهاء للتاجر
التاجر Le Commerçant هو الشخص الذي تكون مهنته القيام بالأعمال التجارية. وقد جعل المشرعون من التجار فئتين: الفئة الأولى تشمل الأشخاص الطبيعيين الذين تكون مهنتهم ممارسة الأعمال التجارية، والفئة الثانية تشمل الشركات التي يكون موضوعها تجارياً.
تعريف آخر: هو كل من أشتغل بالمعاملات التجارية واتخذها مهنة له .
تعريف آخر: التاجر هو ذلك الشخص الذي يقوم بعمل تجاري معين أو بأعمال
تجارية معينة على وجه الاحتراف أي بصورة منتظمة ومستمرة وعلى وجه الاستقلال وأن يتخذ القيام بهذه الأعمال كوسيلة لكسب الرزق .
ملاحظة :
الاحتراف : و يقصد به توجيه النشاط الإنساني بصفة منتظمة ومستمرة لمزاولة عمل معين يرتكز على عنصرين " الانتظام , الاستمرار "
الاعتياد: و معناه تكرار العمل من وقت لآخر دون وصول لدرجة الاستمرار والانتظام.
المطلب الثاني : تعريف التاجر حسب المشرع الجزائري
عرفته المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري حيث نصت على ما يلي :
( يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا و يتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك.)
من خلال التعريفات السابقة نستنتج الشروط الأساسية لاكتساب صفة التاجر.
المبحث الثاني : شروط اكتساب صفة التاجر
المطلب الأول : أن تكون مباشرة الأعمال التجارية على وجه الاعتياد.
أي وجب على التاجر أن يكون له علاقات متواصلة ومنتظمة مع الزبائن لذا يجب أن يكون القيام بالأعمال التجارية متكررا ومستمرا .
المطلب الثاني: أن تكون مباشرة الأعمال التجارية على وجه الاستقلال
وأن يحتمل بنفسه كافة المخاطر وعلى هذا الأساس يجب لاكتساب صفة التجارة أن يقوم الشخص بالأعمال التجارية باسمه الشخصي ولحسابه الخاص على وجه الاستقلال .
و الأمر رقم : 75/59 المتضمن القانون التجاري لم يذكر صراحة في مادته الأولى هذا الشرط أي قيام الشخص بالأعمال التجارية لحسابه الخاص وباسمه الشخصي .
إلا أن الأحكام الحالية تسمح بإبراز هذه الشروط بكامل الوضوح.
فقد بينت هذه المادة أن التاجر هو كل شخص يمتهن أعمالا تجارية باسمه ولحسابه الخاص وبالتالي يكون هنا التكامل بين المادتين :
الأولى من القانون التجاري الجزائري والثانية من القانون رقم : 90/22 وذلك بوجوب ممارسة الأعمال التجارية على وجه الاستقلال وهو ما يعتبر من الأشياء الطبيعية المنطقية وتطبيق هذا الشرط يسمح بتمييز التاجر عن ذوي الأجور الذين هم تحت تبعية التجار.
المطلب الثالث : الأهلية التجارية
تم منع عديم الأهلية من مخاطر المعاملات التجارية لذلك فإنه لا يتحمل أية عقوبة إذا قام بعمليات تجارية كما يجوز له طلب بطلان العقد الذي أبرم في ذلك الوقت .
ومن خلال إطلاعنا على الأحكام العامة للقانون المدني3 نجد أن أشخاص عديمي الأهلية : القاصر السفيه, ضعيف العقل المعتوه أو المجنون , كما يعتبر عديم الأهلية كل شخص يحكم عليه بعقوبة جنائية خطيرة وذلك بحكم القانون .
المبحث الثالث : التزامات التاجر
قد نص القانون التجاري الجزائري على التزام التاجر بمسك الدفاتر التجارية و كذلك القيد بالسجل التجاري و علاوة على هذه الالتزامات فإنّ التاجر ملزم بعدم القيام بأعمال تعد منافسة غير مشروعة حماية للتجارة و سمعة التاجر.
هذا و يخضع التاجر في معظم التشريعات لضرائب خاصة هي الضرائب على الأرباح التجارية و الصناعية كما أنه يتمتع بمزايا خاصة مقصورة على طائفة التجار مثل الترشيح و الانتخابات للغرف التجارية.
المطلب الأول : الالتزامات بمسك الدفاتر التجارية
أهمية الدفاتر التجارية :
1 ) الدفاتر التجارية المنظمة تعطي صورة صادقة لنشاط التاجر.
2 ) الدفاتر التجارية وسيلة للإثبات أمام القضاء.
3 ) الدفاتر التجارية وسيلة عادلة لربط الضرائب .
4 ) الدفاتر التجارية وسيلة أمان ضمن الإفلاس بالتقصير.
الأشخاص الملزمون بمسك الدفاتر التجارية :
تقضي المادة 9 تجاري بأنه على كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر إمساك الدفاتر التجارية.
أنواع الدفاتر التجارية :
الدفاتر التجارية عبارة عن سجلات يقيد فيها التاجر عملياته التجارية إيراداته ، مصروفاته ، حقوقه،التزاماته ، و من هذه السجلات يتضح مركزه المالي و ظروف تجارته ، و قد فرضت القوانين التجارية في الدول المختلفة التزاما على التجار بموجبه يلتزمون بمسك الدفاتر التجارية ، إلاّ أنّ التشريعات تختلف في أمر تعيين الدفاتر التي يجب على التجار مسكها ، فتكتفي بعض القوانين بإلزام التاجر بمسك دفاتر كافية للدلالة على حالة تجارته دون أن تعين أنواع هذه الدفاتر ، و تفرض قوانين أخرى حدا أدنى من الدفاتر الإجبارية التي يلزم بها كل تاجر و تترك له حرية إضافة ما يشاء من الدفاتر الأخرى حسب حجم تجارته.
1 ) ـ الدفاتر الإجبارية :
تقضي المادة 9 تجاري بأنه على كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر أن يمسك دفتر لليومية يقيد فيه يوما بيوم عمليات المقاولة أو أن يراجع على الأقل نتائج هذه العمليات شهريا بشرط أن يحتفظ في هذه الحالة بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة تلك العمليات يوميا.
كما تقضي المادة 10 تجاري بأنه يجب عليه أيضا أن يجري سنويا جرد العناصر أصول و خصوم مقاولته و أن يقفل كافة حساباته بقصد إعداد الميزانية و حساب الخسائر و الأرباح و تنسخ هذه الميزانية و حساب الخسائر و الأرباح في دفتر الجرد و يتضح من هذين النصين أنّ المشرع الجزائري أوجب على كل تاجر أن يمسك دفترين على الأقل هما دفتر اليومية و دفتر الجرد.
أ ) ـ دفتر اليومية :
يعتبر دفتر اليومية من أهم الدفاتر التجارية و أكثرها بيانا لحقيقة المركز المالي للمشروع بسبب طبيعته التي فرضها المشرع و اعتباره سجلا يوميا حيث أجبر التاجر بقيد عمليات مشروعة يوما بيوم من بيع أو شراء أو افتراض أو دفع أو قبض سواء لأوراق نقدية أو أوراق تجارية أو استلام بضائع عينية إلى غير ذلك من الأعمال المتعلقة بتجارته.
الدفاتر اليومية المساعدة :
قد يستعمل التاجر دفاتر يومية مساعدة تستلزمها طبيعة تجارية و أهميتها مثل دفتر يومية مساعد للمشتريات و آخر للمبيعات و آخر لأوراق الدفع و القبض و هكذا و يكتفي في هذه الحالة بقيد إجمالي لهذه العمليات في دفتر اليومية الأصلي في فترات منظمة ( شهريا ) من واقع هذه الدفاتر و قد افترض المشرع وجود الدفاتر اليومية المساعدة في المادة 9 تجاري و على ذلك لا يتطلب المشرع في حالة وجودها أن يستوف التاجر الشروط الشكلية و الموضوعية لهذه الدفاتر و إنما يكتفي فقط باستيفائها بالنسبة لدفتر اليومية إلاّ أنّ المشرع يتطلب ضرورة المحافظة على هذه الدفاتر المساعدة ليمكن الإطلاع عليها كلما لزم الأمر.
ب ) ـ دفتر الجرد :
تقيد في دفتر الجرد تفاصيل البضاعة الموجودة لدى التاجر آخر سنته المالية و كذلك يقيد بدفتر الجرد الميزانية العامة للتاجر التي توضح مركزه الإيجابي و السلبي في نهاية السنة و هي تشمل على خانتين إحداهما مفردات الأصول و هي الأموال الثابتة و المنقولة و حقوق التاجر قبل الغير و الأخرى مفردات الخصوم لبيان الديون التي في ذمة التاجر للغير و هي ديون المشروع للغير علاوة على رأس المال باعتباره أول دين عليه.
3 ) ـ الدفاتر التجارية :
رأينا أنّ المشرع الجزائري فرض التزام التاجر بمسك دفتري اليومية و الجرد دون أن ينص على غيرها ، غير أنّ طبيعة التعامل التجاري و حاجات التجارة و أهميتها تقتضي مسك دفاتر إضافية نذكر منها على سبيل المثال :
1) دفتر الخزانة : الذي يوضح المبالغ التي تدخل الخزانة و التي تخرج منها .
2) دفتر المشتريات و المبيعات : و تقيد به المشتريات و المبيعات أولا بأول .
3) دفتر الأوراق التجارية الذي يقيد به مواعيد استحقاق السفتجات و السندات الأذنية سواء المسحوبة عليه أو لصالحه
4) دفتر المخزن : الذي يوضح حركة خروج و دخول البضائع للمخزن .
5) ملف صور المراسلات : الذي يحتفظ فيه التاجر بصورة طبق الأصل من جميع المراسلات و البرقيات التي يرسلها لأعمال تجارته و كذلك ما يرد من مراسلات و برقيات و غيرها.
من المستندات التي تتعلق بتجارته :
تنظيم الدفاتر التجارية و الجزاء المترتب على عدم إمساكها أو انتظامها :
للدفاتر التجارية أهمية بالغة و بخاصة في مواد الإثبات التجاري لذلك أخضع المشرع التجاري الدفاتر التجارية لتنظيم خاص يكفل انتظامها و ضمان صحة ما يرد بها من بيانات ، فأوجب المادة 11 تجاري أن يكون دفتري اليومية و الجرد خاليين من أي فراغ ، أو كتابة في الهوامش أو أي تحشير و الفرض من ذلك ضمان سلامة ما ورد في الدفتر من بيانات و ذلك بعدم تغيير البيانات الأصلية للدفتر بطريق التحشير بين السطور و منع الإضافة إليه في فراغ يترك بين السطور أو بكتابة بالهوامش.
و أوجبت ذات المادة أن ترقم صفحات كل من الدفترين و ذلك قبل استعمالها و يوقع عليها من طرف قاض المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر ، صونا لتلك الدفاتر و إبقائها على حالتها دون إزالة صفحات منها أو استبدال بعضها بغيرها أو استبدال الدفتر بدفتر مصطنع بدله .
و تقضي المادة 12 تجاري على أنه يجب أن تحتفظ الدفاتر و المستندات لمدة 10 سنوات كما يجب أن ترتب و تحفظ المراسلات الواردة و نسخ الرسالات الموجهة طيلة نفس المدة و الدفاتر التي يلتزم الأفراد بمسكها و التي لا تراعي فيها الأوضاع المقررة لا يمكن تقديمها للقضاء و لا يكون لها قوة الإثبات أمامه لصالح من يمسكونها كما يعتبر التاجر المفلس مفلسا بالتدليس في حالة عدم مسكه للدفاتر التجارية أو مسك لدفاتر غير منتظمة ، و يتضح من هذا أنّ المشرع كفل احترام قواعده بشأن الدفاتر التجارية فرتب على عدم مسكها أو مخالفة قواعد لانتظامها جزاءات مدنية و أخرى جنائية.
أولا: الجزاءات المدنية :
1) حرمان التاجر من تقديم دفاتره غير المنتظمة و عدم الاعتداد بها أمام القضاء في الإثبات لصالحه بما ورد فيها.
2) خضوع التاجر للتقدير الجزافي الذي غالبا ما يكون في غير صالحه.
3) عدم إمكان إجراء التسوية القضائية التي تمكن التاجر من العودة على رأس تجارته.
ثانيا: الجزاءات الجنائية:
تقض المادة 370 تجاري وما بعدها على أنه يعد التاجر مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير في حالة توقفه عن الدفع ولم يكن قد مسك حسابات مطابقة لعرف المهنة.
كما أنه يجوز أن يعتبر مرتكبا للتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن الدفع إذا كانت حساباته ناقصة أو غير ممسوكة بانتظام . كما يعد مرتكبا للتفليس بالتدليس كل تاجر في حالة توقف عن الدفع يكون قد أخفى حساباته أو بدد أو أختلس كل أو بعض أصوله أو يكون بطريقة التدليس قد أقر بمديونيته بمبالغ ليست في ذمته سواء كان ذلك في محررات رسمية أو تعهدات عرفية أو في ميزانيته كذلك في حالة توقف شركة عند الدفع تطبق العقوبات الخاصة بالتفليس بالتقصير على القائمين أو المصففين في الشركة وبوجه عام كل المفوضين من قبل الشركة يكونون بهذه الصفة وبسوء نية قد أمسكوا أو أمروا بإمساك حسابات الشركة بغير انتظام .
وتطبق العقوبات الجنائية المنصوص عليها في المادة 383 من قانون العقوبات على الأشخاص الذين تثبت إدانتهم بالتفليس بالتقصير أو التدليس، وتقضي تلك المادة بأن كل من قضى بارتكابه جريمة الإفلاس في الحالات المنصوص عليها في قانون التجارة يعاقب عن الإفلاس البسيط بالحبس من شهرين إلى سنتين وعن الإفلاس بالتدليس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ويجوز علاوة على ذلك أن يقضي على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر.
طرق الرجوع إلى الدفاتر التجارية :
يمكن الرجوع إلى الدفاتر بإحدى طريقتين الأولى وهي تقديم الدفاتر للقاضي لاستخراج البيان أو الجزاء الذي يتعلق به النزاع والثانية وهي الإطلاع على الدفاتر والقوائم الجرد بمعرفة الخصم وتكون في حالات معينة حددتها المادة 15 وهي قضايا الإرث وقسمة الشركة وحالة الإفلاس.
1) التقديم :
أجاز القانون ( م 16 تجاري )للقاضي ولو من تلقاء نفسه أن يأمر بتقديم الدفاتر التجارية أثناء قيام نزاع و ذلك بفرض استخلاص ما يتعلق منها النزاع وعلى هذا فانه يجوز إعطاء أمر للتاجر بتقديم دفاتره سواء أكان خصمه تاجرا أم غير تاجر وسواء كانت الدعوى مرفوعة أمام محكمة تجارية ويقصد بالتقديم أن يقدم التجار دفاتره للقاضي بنفسه أو يعين خبير متخصص للبحث فيما يطلبه القاضي ، ويحصل عملا اطلاع المحكمة أو الخبير على دفاتر التاجر بحضور هذا الأخير ولا يجوز اطلاع الخصم بنفسه على دفاتر التاجر نظرا لأسرار التجارة والمحافظة على بيانات التاجر ودرءا لكل ما يؤدي إلى منافسة غير مشروعة فإذا كانت الدفاتر المطلوبة في مكان بعيد عن مركز المحكمة المختصة بنظر النزاع أجاز المشرع للقاضي أن يوجه إنابة قضائية للمحكمة التي توجد بها الدفاتر أو يعين قاضيا للاطلاع عليها وتحرير محضر بمحتواها وإرساله إلى المحكمة المختصة بالدعوى فإذا حصلت المحكمة على البيانات المطلوبة فلها أن تأخذ بها أولا تأخذ ولخصم التاجر أن يناقشها وله أن يحتج بعدم انتظامها أو عدم صحة ما ورد بها بتقديم الدليل على ذلك.
2) الاطلاع :
على خلاف ما رينا في التقديم نجد أن الاطلاع يقصد به إجبار التاجر على تسليم دفاتره والتخلي عنها للقضاء ليسلمها بدوره إلى الخصم ليطلع عليها ليبحث فيها بأكملها عن الأدلة التي تؤيد طلباته، من ذلك يتضح أن الإطلاع أكثر خطورة من التقديم بسبب أن الإطلاع يترتب عليه حتما إذاعة أسرار التاجر لذلك لم يجزه القانون إلا في حالات معينة حددتها المادة 17 وهي قضايا الإرث وقسمته الشركة وحالة الإفلاس.
إستخدام الدفاتر التجارية في الإثبات :
1) حجية الدفاتر التجارية في الإثبات لمصلحة التاجر ضد تاجر :
نصت المادة 13 تجاري على أنه يجوز للقاضي قبول الدفاتر التجارية المنتظمة كإثبات بين التجار بالنسبة للأعمال التجارية . يتضح من ذلك أن الدفاتر التجارية يمكن أن تكون دليلا كاملا للإثبات يستطيع التاجر التمسك بها لمصلحته خلافا للقواعد القانونية العامة التي لا تجيز للشخص أن يصطنع دليلا لنفسه على أنه يشترط لاعتبار الدفاتر التجارية دليلا كاملا في هذه الحالة وفقا لنص المادة 13 المشار إليها أن يكون النزاع بين تاجرين وأن يتعلق النزاع بعمل تجاري وأخيرا أن تكون دفاتر التاجر الذي يريد التمسك بها منتظمة.
ولا يجد القاضي صعوبة في حالة تطابق الدفاتر التجارية لما ورد فيها أما إذا لم يجد القاضي هذا التطابق فله مطلق الحرية في الأخذ بما يراه فله في حالة انتظام دفاتر أحد الخصوم وعدم انتظام دفاتر الآخر أو عدم تقديمه إياها أن يأخذ بما يراه فله في حالة انتظام دفاتر أحد الخصوم وعدم انتظام دفاتر الآخر أو عدم تقديمه إياها أن يأخذ بما جاء بالدفاتر المنتظمة و يلاحظ أن توافر هذه الشروط جميعا لا يجعل للدفاتر بالضرورة حجية كاملة لصاحبه، ذلك أن الأخذ بحجية ما دون بالدفاتر التجارية إنما هو جوازي للقاضي بحيث يستطيع عدم الأخذ بما جاء فيها، كما أن لخصم التاجر أن يدحض هذه الأدلة و يثبت عكسها بكافة طرق الإثبات وذلك طبقا لقاعدة حرية الإثبات في المواد التجارية كما يلاحظ من جهة أخرى أن عدم انتظام الدفاتر التجارية لا يعدمها من كل قيمة فالقاضي له مطلق الحرية أن يستند إلى ما جاء بها لصالح التاجر واتخاذها قرينة يمكن تكملتها بقرائن أخرى.
2 ) حجية الدفاتر التجارية في الإثبات لمصلحة التاجر ضد غير التاجر :
الأصل أنه لا يجوز للشخص تاجر أو غير تاجر أن يصطنع دليلا لنفسه فالشخص لا يلزم غيره بأدلة صنعها بنفسه ولصالحه وقد رأينا في الحالة السابقة أن المشرع خرج على هذا الأصل اذا ما كان النزاع بين تاجرين وبتوافر شروط معينة ويبرر الخروج عن القاعدة العامة في الحالة السابقة أن كلا الخصمين على قدم المساواة ويحتفظ كل منهم بدفاتر تجارية، أما إذا كان خصم التاجر شخصيا غير تاجر فان الأمر يقتضي الرجوع إلى القواعد العامة وهي عدم إمكان الشخص الإفادة من دليل صنعه لنفسه وعلى ذلك نصت المادة 330 مدني أنّ دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار إلا أن المشرع أورد استثناء على هذه القاعدة أملته الضرورات العملية في الحياة فنص على أنّ البيانات المثبتة بالدفاتر التجارية عما ورد التجار تصلح أساسا يجيز للقاضي أن يوجه اليمين المتممة إلى من الطرفين وذلك فيما يجوز إثباته بالبينة.
3) الدفاتر التجارية حجة في الإثبات ضد التاجر :
تصلح الدفاتر التجارية حجة كاملة في الإثبات ضد التاجر الذي قام بتحريرها وأساس ذلك هو أن ما ورد بالدفاتر التجارية ضد صاحبها إنما هو بمثابة إقرار بصرف النظر عن طبيعة العملية أو صفة القائم بها وسواء كانت الدفاتر منتظمة أو غير منتظمة على أنه إذا كانت الدفاتر منتظمة وأراد خصم التاجر التمسك بما ورد بالدفاتر التجارية فعليه عدم تجزئة ما ورد بها بيانات أما إذا كانت دفاتر التاجر غير منتظمة جاز للقاضي تجزئة الإقرار وعدم التقيد بقاعدة عدم التجزئة ذلك أن عدم انتظام الدفاتر التجارية قرينة على عدم صحة ما ورد فيها كله أو بعضه وللقاضي مطلق الحرية في الأخذ أو عدم الأخذ بها ويجوز دائما للتاجر أن يثبت عكس ما جاء بدفاتره بكافة طرق الإثبات إذ أن ما ورد بدفاتره ليس إقرارا بالمعنى الفني لأنه لم يعد ليكون أداة للإثبات بحسب أصله وإنما مجرد قرينة يجوز دحضها أيا كانت طبيعة النزاع.
مدى حجية الدفاتر التجارية غير المنتظمة :
لا تكون الدفاتر التجارية حجة أمام المحاكم ما لم تكن مستوفية للإجراءات السالف ذكرها أي ما لم تكن منتظمة ويفهم هذا من نص المادة 13 تجاري والمشرع على حق في عدم إعطاء الدفاتر الغير منتظمة أهمية في الإثبات أمام المحاكم وذلك لحث التجار على الاهتمام بتنظيمها حتى تكون لها حجية أمام المحاكم كما أن القضاء كثيرا ما يهمل الدفاتر غير المنتظمة في الإثبات.
على أن الأخذ بهذا التفسير على إطلاقه يتنافى مع مقتضيات الواقع ويجعل القاضي مقيد بعدم الأخذ بالدفاتر غير المنتظمة كدليل في الإثبات حتى في الحالات التي قد يقتنع فيها بصحة ما جاء بها أو فائدتها في النزاع المعروض. والواقع أنه يمكن استخدام الدفاتر التجارية غير المنتظمة في الإثبات أمام القضاء ضد التاجر الذي يمسكها فخصم التاجر يستطيع الإسناد إلى دفاتر التاجر ولو كانت غير منتظمة طالما في ذلك مصلحة بوصفها نوعا من الإقرار والقبول بغير ذلك يؤدي إلى نتائج غير منطقية هي أن الدفاتر التجارية المنتظمة تصلح دليلا ضد صاحبها على عكس الدفاتر غير المنتظمة التي لا تصلح كدليل وفقا للتفسير الحرفي لنصوص القانون ضد التاجر.
مما قد يترتب عليه تعتمد التاجر الإهمال في تنظيم دفاتره، هذا إلى أن ذلك يؤدي إلى إفادة التاجر من تقصيره ومن جهة أخرى قد يستخدم التاجر دفاتره غير المنتظمة كدليل لصالحه كما هو الحال في المنازعات بين التجار حيث يتمتع القاضي بمطلق الحرية في قبول أي دليل حتى ولو كانت دفاتره غير منتظمة كقرينة بسيطة تقبل إثبات العكس أو تؤيدها أدلة أخرى وإذا عرض القاضي دفاتر أخرى أكثر انتظاما من الأولى فعلى القاضي تفضيل هذه الأخيرة.
المطلب الثاني: الالتزام بالقيد في السجل التجاري
وظائف السجل التجاري :
1 )الوظيفة الاستعلامية للسجل.
2 ) الوظيفة الإحصائية للسجل.
3 ) الوظيفة الاقتصادية للسجل.
4 ) الوظيفة القانونية للسجل.
موقف التشريعات من نظام السجل التجاري :
يؤدي السجل عدة وظائف غاية في الأهمية من الناحية العلمية، حيث يقدم للدولة و الأفراد خدمات لا يستهان بها من الناحية الاستعلامية والإحصائية والاقتصادية وكأداة للشهر القانوني في المواد التجاري وتأخذ بنظام يحقق معظم هذه المزايا كما هو الحال وفقا للتشريع الألماني، على أن معظم الدول رغم ذلك لا تأخذ بنظام للسجل يكفل تحقيق جميع هذه الوظائف السابقة ذكرها بل تأخذ منها بقدر متفاوت مما يحقق بعض هذه الوظائف دون غيرها كما هو الحال وفقا للتشريع الفرنسي والمصري والجزائري.
السجل التجاري الجزائري :
شروط القيد بالسجل التجاري :
1 ) أن يكون طالب القيد تاجرا.
2 ) أن يكون لطالب القيد محل تجاري في الجزائر.
ميعاد القيد ووجوب ذكر المحكمة ورقم القيد على المراسلات :
على التاجر أن يتقدم بطلب القيد بالسجل التجاري خلال شهرين من تاريخ افتتاح المحل التجاري أو من تاريخ تملكه ويقدم الطلب الى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المحل التجاري.
ويجب على كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري أن يذكر في عنوان فواتيره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو كل المراسلات الخاصة بمؤسسته والموقعة منه أو باسمه مقر المحكمة التي وقع فيها التسجيل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل عليه.
قيد التعديلات الطارئة على وضعية التاجر المسجل :
يجب على التاجر أو ورثته حسب الأحوال أن يطلبوا قيد التعديل الطارئ على وضعية التاجر بشطب القيد في حالة ترك التجار لتجارته أو في حالة وفاته. و الأصل أن طلب التعديل أو الشطب يقدم من المعني بالأمر نفسه أو من ورثته في حالة وفاته فإذا لم يتقدم المعني بالأمر بنفسه أو الورثة بهذا الطلب كان لكل شخص له مصلحة في ذلك ان يقوم بهذا الإجراء فإذا لم يتم قيد التعديل فانه لا يمكن الاحتجاج به سواء تجاه الغير أو لدى الإدارات العمومية.
آثار التسجيل بالسجل التجاري وعدمه :
1 ) اكتساب صفة التاجر
2 ) لا يمكن للتاجر المسجل الذي يتنازل عن متجره أن يحتج بإنهاء، نشاطه التجاري للتهرب من القيام بالمسؤلية التي هي عليه من جراء الالتزامات التي تعهد بها خلفه في استغلال المتجر إلا ابتداء من اليوم الذي وقع فيه الشطب.
3 ) لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للسجل في السجل التجاري أن يحتجوا إتجاه الغير المتعاقدين معهم بسبب نشاطهم التجاري أو لدى الإدارات العمومية في الحالات المذكورة في المادة 25 تجاري إلا إذا كان قد تم قيد هذه الحالات في السجل التجاري.
4 ) نصت المادة 548 تجاري على أنه يجب أن تودع العقود التأسيسية والعقود المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري وإلا كانت باطلة كما نصت المادة 549 تجاري على أنه لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها بالسجل التجاري.
تقدير نظام السجل التجاري الجزائري :
أخذ المشرع الجزائري فيما يتعلق بالسجل التجاري بالأحكام التي انتهى إليها المشرع الفرنسي وعلى ذلك يكون نظام السجل التجاري الجزائري شأنه في ذلك شأن السجل التجاري الفرنسي في مركز وسط بين النظام الإداري ونظام الشهر القانوني، إذا أن السجل التجاري الجزائري ليس الأداة الوحيدة التي تضمن كافة ما يشهر عن التجارة والتجار في الجزائر.
الجزاء على مخالفة أحكام السجل التجاري :
الجزاءات المدنية :
1) لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري والذين لم يبادروا بتسجيل أنفسهم عند انقضاء مهلة الشهرين أن يتمسكوا بصفتهم كتجار لدى الغير أو لدى الإدارات العمومية إلا بعد تسجيلهم كما لا يمكن لهم الاستناد لعدم تسجيلهم في السجل بقصد تهربهم من المسؤوليات و الواجبات الملازمة لهذه الصفة.
2 ) لا يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يحتجوا تجاه الغير أو لدى الإدارات العمومية بالحالات المذكورة في المادة 25 تجاري السابق الإشارة إليها ما لم يثبتوا أنه في وقت الاتفاق كان أشخاص الغير مطلعين شخصيا على الوقائع المذكورة.
3 ) يظل التاجر مسؤولا عن التزاماته في حالة التنازل عن المحل التجاري أو في حالة توقفه عن نشاطه التجاري ولا تخلى مسئوليته من تاريخ القيد بالتعديل في السجل التجاري.
الجزاءات الجنائية :
1 ) نصت المادة 27 تجاري على أن كل شخص طبيعي أو معنوي في السجل التجاري لا يذكر في كل المراسلات الخاصة بمؤسسته والموقعة منه أو باسمه مقر المحكمة التي وقّع فيها التسجيل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل عليه يعاقب بغرامة قدرها من 180 إلى 360 دينار.
2 ) نصت المادة 28 تجاري على أن كل شخص ملزم بأن يطلب تسجيل إشارة تكميلية أو تعديلية أو شطب في السجل التجاري ولم يستكمل الإجراءات المطلوبة يعاقب بغرامة من 400 إلى 20.000 دينار.
وتأمر المحكمة التي تقضي بالغرامة بتسجيل الإشارات أو الشطب الواجب في السجل التجاري خلال مهلة معينة وعلى نفقة المعني.
3 ) كل من يقدم عن سوء نية معلومات غير صحيحة أو غير كاملة بقصد الحصول على تسجيل أو شطب أو إشارة تكميلية أو تصحيحية في السجل التجاري يعاقب بغرامة قدرها من 500 إلى 20.000 دينار وبالحبس من 10 أيام إلى 6 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
خاتمة
من خلال ماسبق ذكره نستطيع القول أن التاجر هو ذلك الشخص الذي يقوم بعمل تجاري معين أو بأعمال تجارية معينة على وجه الاحتراف أي بصورة منتظمة ومستمرة وعلى وجه الاستقلال وأن يتخذ القيام بهذه الأعمال كوسيلة لكسب الرزق .
·المقصود بالأعمال التجارية هنا ليس الأعمال التجارية بالتبعية ذلك لأنه لاكتساب الطابع التجاري بالتبعية يشترط في الشخص أن يكون تاجرا قبل ممارستها .
إجازة إثبات القيام بالأعمال التجارية (الاحتراف )وذلك باستعمال كل وسائل بما فيها القرائن مما يجعل لقضاة الموضوع.